رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامسكل شيئ حدث بأقل من دقائق، وكأن خطوتها خارج المنزل كانت تمامًا كخطوتها خارج إطار الدنيا بأكملها!تم نقل تمارا إلى أقرب مستشفى بواسطة الإسعاف، كان عز ممسك بيدها ودموعها يكتمها بغزارة وهو يهمس:-ماتسيبينيش، اوعي تسبيني، أنا هتكسر لو جرالك حاجة يا تمارا!أبعده المسعف قليلاً وهو يقول بجدية:-لو سمحت ابعد شوية عشان نشوف شغلنا بقااومأ عز مسرعًا ثم ابتعد مسافة واضحة ليباشر المسعف عمله...وصلا المستشفى بعد قليل، وتم نقل تمارا لغرفة الطوارئ..بينما وقف عز امام الغرفة وكأنه يستجدي القدر أن يخفف قبضته عن عنق تلك المسكينة!أخرج هاتفه يتصل بحسن الذي اجاب بعد دقيقة تقريبًا:-عز بنفسه بيتصل بيا، لا دا كدة في مصيبة-فعلاً في مصيبة يا جدي-خير يا عز حصل أية؟-تمارا...-مالها تمارا؟ انطق يا عز مالها!-تمارا في حد ضربها بالرصاص واحنا في مستشفى ، دلوقتي-انا جاي حالاً.أغلق عز الهاتف وهو يمسح على شعره عدة مرات بقوة حتى كاد يختلعه من جذروه، يختلعه كما يشعر بروحه تٌختلع من بين ثنايا ذاك الجسد!ظل يضرب على الحائط بيداه وهو يردد بصوت مبحوح يفوح ألمًا:-أنا السبب، أنا اللي خليتها تسيب الخيل وتخرج، انا السبب، ياااااااااااااارب!كان كلاً من فهد و كلارا ينتظرا نتيجة التحاليل التي أجروها عند طبيب خاص...الصمت يعم الأجواء مشحون بتوتر، وخبايا شعور يحلق بين جوارحهم بلا هوادة!واخيرًا اتاهم الطبيب يجلس أمامهم بهدوء ليسأله فهد مسرعًا:-دكتور، مراتي؟ابتسم الطبيب بجدية قائلاً:-لا حضرتك زوجتك مافيهاش أي حاجة، ومفيش اثار لأي مرض عندها او حتى عند حضرتك!صدمة...تفجر الان داخل احشاؤوه سوادًا حكمته الصدمة التي غرقته كاملاً في تلك اللحظات!من المفترض السعادة، او التهليل او لربما الإنطلاق مرفرفًا بجناحًا أعتقد دومًا أنه فُصل عنه بقسوة الظروف...نظر له يسأله متلعثمًا وقد تناثرت الحروف كقدره الذي اصبح شظايا مفرقة:-ازاي يا دكتور أنا، عملت تحاليل قبل كدة في مستشفى، والاعراض آآقاطعه الطبيب برسمية:.-الأعراض اللي عند حضرتك لڤيروس، لكنه مش الإيدز خالص، أكيد حصل سوء فهم واكيد حضرتك مكنتش بتابع مع دكتور متخصصهز رأسه نافيًا وهو يهمس بشرود:-الحقيقة لا، أنا اول ما اخدت نتيجة التحاليل والدكتور قالي عن اللي فالتحاليل اخدت بعضي ومشيت وقررت اعيش اللي باقي من عمري لأهلي ومارحتش تاني وماعرفتش حداخبره الطبيب بجدية شابتها الاسف:.-أحيانًا بتحصل لخبطة في التحاليل وممكن تكون اتبدلت مع مريض تاني، والكلام دا بيحصل خصوصا في المستشفيات الحكومياومأ فهد موافقًا، ويا ليته لم يذهب لتلك المشفى الحكومية!والا لم يكن يقع ذلك الخطأ، الذي لا يمكن إصلاحه...!نهض وهو يمسك بيد كلارا:-عن اذنك ومتشكر اوي يا دكتور.وصلا إلى منزلهم، وما إن وصلوا حتى دلفت كلارا نحو غرفتها مباشرةً دون كلمة...تتزاحم الكلمات، والمشاعر، والحروف المعجنة بالدمار، ويبقى العقل شريد يحاول ترتيب وأصلاح ما لا يمكن إصلاحه!بدأت تخرج ملابسها من الدولاب لتضعه في الحقيبة مسرعة بعشوائية...ركض فهد يقف أمامها مسرعًا ممسكًا بيدها وهو يسألها مستنكرًا ما تفعله:-أنتِ بتعملي أية يا كلارا؟!ظلت تضع الملابس ثم أجابت بحدة:.-بلم هدومي زي ما أنت شايف، أنا مش هقعد معاك لحظة واحدة يا فهدسحبها من يدها بقوة حتى اصطدمت بصدره، مطارق من القلق طرقت قلبها المزموم بانفعال!ثم همس امام وجهها مباشرةً:-أنتِ مش هتمشي من هنا يا كلارا..أبتسامة ساخرة أخترقت عبوس وجهها الأبيض، لتردف:-لا والله! وأنا من امتى فارقة معاك يا فهد؟ أنت نسيت إن جوازنا مؤقت ولا اية!؟ابتلع ريقه بتوتر، ثم أحاط وجهها بيداه وهو يهمس بحبور:.-كنت خايف، كنت خايف نتعلق ببعض وانا عارف اني مسيري هاموت، مكنتش عايز أوجعك او اوجع اي حد، عشان كدة وافقت على جوازنا، خدت جواز اختي مبرر لعقلي، لكن قلبي ماكنش محتاج مبررات وكان عارف كويس أنا وافقت لية أتجوزكودون أن تحيد بعيناها سألته هامسة:-لية!ومن دون تردد رد:.-عشان بحبك، بحبك اوووي يا كلارا، لا انا بعشق مش بحبك بس، كنت هتجنن لما تبقي ادامي ومش قادر اقربلك، كنت بتقطع في كل مرة اقولك فيها اني مش بعتبرك زوجة او ازعلكاومأت موافقة وقد إستطاعت قتل تعبيراتها التي أزاحها العقل عن مستوى الشعور لتصبح تعبير بالاحتواء والاكتفاء!ثم همست له وهي تبتعد:-لا يا فهد، أنت أهنتني كتير وكان عندك حق، أحنا انتهينا يا فهدوضع يده على شفتاها فجأة، ثم زجرها بغيظ رصعه الحدة:.-هششش، لو مش مقتنعة بالزوق يبقي هتقعدي بالعافية يا كلارا وهقفل الباب بالمفتاح ووريني هتخرجي ازايثم استدار ليخرج وبالفعل أغلق باب المنزل ليضع المفتاح في جيبه..بينما إتسعت ابتسامة كلارا ما إن خرج وقد لونها الخبث الأنثوي داخلها...اغلقت باب غرفتها بهدوء، ثم بدأت تخرج ملابسًا للعرائس كقمصان النوم!اتجهت نحو المرحاض لتبدل ملابسها بهدوء لا ينم عن خير ابدًا..انتهت ثم وضعت مساحيق تجميل خفيفة تبرز ملامحها الرقيقة...فتحت باب غرفتها وخرجت منها تسير ببطئ متعمد امامه ومفاتنها متضحة من ذلك القميص القصير، جدًا!بينما إنزلقت عيناه تتابعها بتوتر وهو يبتلع ريقه، بينما اتجهت هي نحو المطبخ دون أن تعيره اهتمام، لقد إندلعت الحرب، الحرب التي اتخذت لون الدماء!فهمس هو بحنق:-اهي بدأت، ربنا يستر على اللي جاي!دلف إلي المطبخ خلفها، شعرت به هي فاستطردت متساءلة بجدية ساخرة:.-هتعمل أية مع العروسة يا عريس؟!تنهد بقوة، اجابته الان سترصد حصاد حياتهم القادمة..حياتهم التي يغطيها غبار الماضي!هز رأسه ثم اجابها بهدوء:-مضطر أكمل لحد ما اشوف صرفة لان ميتفعش أصغر أمي قدام الناستركت القهوة من يدها ثم نظرت له بحدة صارخة:-ماشي يا فهد، يبقي حالاً تطلقنيأحتضنها من الخلف بنعومة وهو يهمس مشاكسًا:-تعالي بس نتفاهم يا حبيبيابعدته عنها بعنف وهي تهتف بغل:.-انسى، أنا مش هاقعد على زمتك لحظة لو اتجوزت يا فهداقترب منها فجأة حتى إلتصق بها وهمس:-بحبك..ظلت تعود للخلف ببطئ فاقترب هو أكثر وهو يكرر:-وبعشقك...واخيرًا لامس ذقنه النامية بوجهها الناعم وصوته طربًا لشعور كلاهما الحارق:-ومش قادر أبعد عنك!كان صوت تنفسها عالي وهي مغمضة العينين، فشابك أصابعه بأصابعها ثم رفع يده الاخرى يحيط خصرها ببطئ قبل أن يرفع ذقنها بيده:-بتحبيني.هزت رأسها نافية فقبل رقبتها ببطئ مسير سارق لأعصاب تحكم بها العقل، ثم اردف بنفس الهمس:-بتحبيني!وكأنها مخدرة تمامًا قالت:-بحبك..لم ينتظر أكثر ليحملها مسرعًا ويسير بها نحو غرفته سابقًا، وغرفتهما سويًا!ليضعها برقة وهو معها يتوق لها أكثر من أي شيئ...شعور انه محلق في أفق العشق، انه طائر نال مفتاح حريته الذي يتراقص قلبه تحت ظله...!شعور مختلف، مختلف تمامًا عن سعادة اجتاحته بالكامل يومًا!خرج الطبيب اخيرًا من غرفة العمليات ليقترب من عز متنهدًا بهدوء فيما سارع عز وحسن بسؤاله بلهفة:-طمني يا دكتور؟اومأ الطبيب برأسه هادئًا:-هي تمام نوعًا ما، الرصاصة جت في الكتف وطلعناها، والحمدلله هي ماسببتش ضرر مستديم، هاتقعد كام يوم تحت المراقبة، وبعدها تخرج معاكم بأذن الله وطبعا مش محتاج اتكلم عن الرعاية ليهااومأ حسن موافقًا بابتسامة فرحة:-شكرا جدا يا دكتورقال بابتسامة مقابلة:.-بالشفا ان شاء اللهثم غادر بهدوء ليتنهدا الاثنان بارتياح عميق...وبعد مرور ثلاث أسابيع...كانت تمارا في غرفتها تجلس كالقرفضاء تتقازفها الافكار من واحدة لاخرى..كالكىة التي تتغير وجهاتها متلاطمة بين ذلك وذاك!دلف عز عليها فجأة فنهضت لتجلس على فراشها برفق متألم..ثم سألته بهدوء جاد:-خير يا عز؟!نظر لوجهها الشاحب، عيناها التي تخفي أمطارًا مفاجأة في فصل الشتاء القاسي، عيناها تلك قصة اخرى عنوانها مفقود حتى الان...!ومن دون تردد كان يقول:-تتجوزيني؟حدقت به مصدومة، لتجده يكمل بصوت أجش:-انا عرفت ان جدي طلقك ومفيش عدة عشان هو ملمسكيش!قال أخر كلماته بنبرة خاصة تزاحمت بلهيب محموم رسم لها لوحة صغيرة من مرقد عشق وتملك داخله...لتنزل هي رأسها ارضًا بحياء، ليرفع وجهها يتحسسه بنعومة وهو يخبرها:-اما تبقي مراتي، معايا دايما هاعرف أحميكي، وهاوصل للي قتل مامتك وكان عايز يقتلك يا تماراسألته دون تعبير واضح:-يعني أنت عايز تتجوزني عشان كدة؟اومأ مؤكدًا بصمت، لتتنهد هي مجيبة:-موافقة يا عزابتسم عز بخفوت لينهض مسرعًا ينادي على حسن والشيخ:-اتفضل يا مولانا، اتفضل يا جدي حسنثم دلف بعدهم اثنان من اصدقاء عز كشهود..كانت تمارا مصدومة تحدق فيهم بدهشة، كيف وثق في موافقتها لتلك الدرجة؟!وبالفعل تم كل شيئ سريعًا..لم تفق من شرودها الا على صوت الشيخ يقول بحنو ؛-بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في الخيرتلقت التهاني من الجميع بصمت، كانت تشعر أنها وردة وسط غابة!غابة ما إن تُريك الطريق للخروج حتى يحل عليك الظلام هكذا...!رحل الجميع، واقترب عز منها، جلس جوارها تمامًا ثم امسك يدها متنهدًا بعمق:-احساس مختلف، وجميل، احساس جميل اوي يا تمارا! إنك، مراتي دا آآ دا كان حلم!ابتلعت ريقها بتوتر، ثم سحبت يدها وهي تذكره:-أحنا اتجوزنا عشان حاجة معينة يا عزاومأ موافقًا دون رد، رغم الحاجز الذي بقي بينهم، الا انه يعد في المرحلة الاخيرة من اجتياح ذاك الطريق!قطع صوت هاتفه صمتهم، فأخرج هاتفه ليرى اسم تولينآآهٍ من تلك التي ادخلها حياته هكذا فأهملها وكأنها ركن من أثاث متعفن!أجاب بهدوء:-الوووصمت دقيقتان تقريبًا ثم أغلق الخط لينهض مغمغمًا:-انا نازل شوية وراجعاومأت دون رد، بينما غادر هو متجهًا لاسفل...مرت دقائق ولم يعود فأثارها الفضول كذئب يوديها نحو الهاوية!نهضت بهدوء وهي تتأوه من الألم ولكن تحاملت على نفسها فاتجهت نحو الاسفل، وما إن هبطت حتى رأت صديقته المدعوة تولين تحيط رقبته وتقبله برقة راغبة، وهو صامت، هادئ يحيطها بذراعيه!مسحت دمعة هاربة كادت تفر من قهرها النفسي ثم ابتلعت تلك الغصة المريرة وصمتت...!
رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل السادسدقيقة وتعالت شهقتها رغمًا عنها تحررت عن أسر الصمت، إلتفت لها كلاهما منصدمين من وجودها تحديدًا الان!توتر عز ولم يدري ماذا يفعل، وكأن شظايا تفرقت بين ثنايا روحه!اسرع يقترب منها حتى أصبح امامها فهمس متعلثمًا:-تمارا، آآ أنا...اشباه ابتسامة سخيفة ارتسمت على ثغرها الوردي وهي ترص حروفًا متقلبة وسط الجمود بمهارة:-أسفة على المقاطعة بس كنت جاية أجيب كوباية مياه، لو كنت قولتلي مكنتش قاطعتكم!هز رأسه نافيًا، وبدا كغريق يحاول التوضيح:-لأ إنتِ مش فاهمة دي تولين آآولكن هذه المرة تدخلت تولين التي قالت بنبرة خبيثة تقازفها المكر:-طلعتي بتفهمي والله يا تمارا، امال بيقولوا عليكِ قليلة ذوق لية!؟نظرت لها تمارا بصمت دقيقة تحكم تلك الوحوش التي كادت تقتلها في اللحظة والتو...وبحركة مباغتة دفعتها بيدها بقوة لتسقط تولين على الأرض متأوهه، مما جعل تمارا تهتف بانتصار خبيث:.-سوري يا توتو! بس بأكدلك إني بفهم كويس اويإحتقن وجه تولين وقد رُسمت ألوانًا مختلفة من الحقد طفت على وجهها قبل أن تصرخ فيها:-أنتِ مجنونة أنتِ ازاي تعملي كدة! شايف يا عز؟زفر عز بقوة وهو يخبرها آمرًا:-روحي إنتِ يا تولينحاولت الاعتراض والغيظ دفين داخلها:-يعني آآ...ولكنه قاطعها بحدة سيف خُصص لقص أطراف الحروف المتناقضة حد الخسارة:-قولت روحي يا تولين، روحي يلااومأت تولين موافقة ثم همست بعصبية:.-ماشي يا عز مااااشيوبالفعل خلال دقيقتان كانت تغادر، أمسك عز يد تمارا وهو يسألها بحدة غطت على قلقه نوعًا ما:-أنتِ اية اللي نزلك من اوضتك؟! أنتِ مجنونة ولا مضحية بحياتك!نفضت يده عنها وهي تردف ساخرة:-سوري قطعت خلوتكم!ضغطت على يدها بقوة ثم أكمل متنهدًا بخبث حاد كطرف التيار:.-اسمعي يا تمارا، أنا هاتجوز تولين! وأما اني اختلي بيها ولا لا دي حاجة بتاعتي بس ريحي نفسك لان عاجلاً او آجلاً هانكون في خلوة فعلا ومش هاتقطعيها!كزت على أسنانه بقوة حتى اصدرت صريرًا عاليًا حادًا ثم قالت:-في داهية، أنا اصلاً مش فارقه معاياجذبها من يدها بقوة حتى إلتصقت به، ثم همس امام وجهها بحدة متساءلاً:-مش فارقة معاكِ؟!اغمضت عيناها بقوة متجاهلة صوت الألم الذي يرن داخلها، ثم اومأت مؤكدة وهي تخبره:.-ايوة، وعمرك ما هتفرق معايا، لاني بكرهك يا عز!سحبها من يدها بقوة ثم اتجه للأعلى، دلف بها إلى الغرفة ثم اغلق الباب بعده ليجذبها من خصرها له بقوة فتأوهت بصوت عالي من الألم الذي احاط بخصرها، ولكنه لم يعيره انتباه وهو يمسك فكها يضغط عليه مغمغمًا:-هيجي يوم هتفرق معاكِ، هتفرق أوي يا تمارا وهتبقي ملكي!تنفست بتوتر وهي تعترض بخفوت:-بس احنا متجوزيت عشان حاجة معينة يا عز.نظر في عيناها مباشرةً وبدا كالمغيب وهو يهمس:-ومين قالك كدة، أنا متجوزك عشان بحبك، وعايزك!عادت للخلف ببطء وهو ظل يتقدم منها، والمسافة بينهما تتراهن!حتى مد يده يملس على وجنتاها برقة متناهية، ثم بدأ يتشدق ب:-لو تعرفي اد أية بحبك، لو تعرفي إني بحبك من ساعة ما شوفتك في القسم قبل ما تيجي هنا، عمرك ما هتقولي كدةأبعدت يده عنها عنوةً وقالت:-وفر حبك لواحدة تانية انا مش محتاجاه، حبك دا ابتدى يخنقني..!أمسكها من كتفيها دون شعور بكم الآه التي احاطت بها في تلك الثواني كالظل، ثم استطرد بخشونة صلبة:-طالما كدة، يبقى هيفضل يخنقك، بس برضه مش هاسيبك لحد غيري يا تمارا!ثم دفعها بقوة حتى اصطدمت بالحائط صارخة ليغادر هو...سقطت على الارض تبكي من كتفها الذي بدأت الدماء تنزف منه بغزارة، وتأوهاتها تعلو شيئً فشيئ حتى عادت تنخفض تمامًا وهي تهفو بأسمه:-ع عز، الحقني!ثم بلحظات فقدت وعيها من قوة شعورها بالألم الذي بدأت طعناته المسددة لروحها تزداد...!منذ اخر مرة لم يقترب يوسف من رودين، كان منعزل عنها تمامًا وكأنه يمنع وحش روحه الذي ربته الأيام عنها بصعوبة!كان يقف في غرفته يسير يمينًا ويسارًا وهو يتذكر حديث صاحب ذلك العمل عن روديناسمع يا يوسف، انا سبتها لك كتير، لكن مش هينفع اكتر، أنت لازم تسبها بقا عشان تشتغل وتعمل بحق لقمتها فالايام اللي فاتت واللي جايه !ولكنه رفض...لا يعلم ما الذي جعله يرفض ولكنه رفض، لن يتركها..هكذا قرر دون مبرر، دون تفكير ودون تدخل العقل في تلك المحاسبة ايضًا...!وكأن شمسًا قوية تعج الروح بشيئً خفيٌا..!اتجه للخارج فوجدها في المرحاض وصوت تأوهاتها يعلو، تنهد بقوة قبل أن يقترب منها مغمغمًا:-مالك؟!امسكت ببطنها التي تؤلمها ولم تجيب، فاقترب منها ليمسكها من كتفها بهدوء وهو يهمس:-قومي معاياأبعدت يداه عنها بقوة رغم الوهن الذي يُقيد ثورتها، ثم قالت بازدراء:.-أبعد عني ملكش دعوة بيا، ومتحاولش تلمسني لاني بقرف من مجرد لمستك دي!جعلها تنهض بالقوة، ولم يدري لمَ قال بصوت أجش:-أنا مادتهمش الفيديو!دفعته بقوة وهي تصرخ بهيسترية:-ابعد عني، في جهنم أنت وفيديوهاتك يا زبااااالةاقترب منها فجأة حتى إلتصق بها ثم أمسك رأسها بيداه ليُقبلها فجأة بعنف، حاولت دفعه عنها ولكنه كان متشبثًا بخصرها بقوة لا تستطع كسرها هي!كانت قبلته شرسة وعنيفة، ومتطلبة في آنٍ واحد، الي أن شعر بدموعها بين شفتاه، عندها تركها لاهثًا!استغلت هي الفرصة فدفعته بكل قوتها لتركض من امامه مسرعة ولحسن حظها نسى يوم الباب مفتوحًا!ظلت تركض بكل قوتها، وما إن هبطت الي الشارع حتى اسرعت اكثر..ركضت مسافة معقولة، وكانت تلهث بعنف، وطرقات قلبها تزداد توترًا حتى فجأة اصطدمت بصدره امامها فشهقت مصدومة..بينما حاوط هو خصرها بعنف مرددًا من بين لهاثه:.-انسي انك تهربي مني! أنا من النهاردة قدرك، قدرك اللي مش ممكن تغيريه، ومش هاتعرفي تهربي منه ابدًا يا رودين!في غرفة تمارا...انتهى الطبيب من علاج جرحها الذي أوقف نزيفه بعد فترة..!كانت تبكي بصمت تام إلى أن انتهى فأخرج مرهم واوشك على إن يضعه لها، فأسرع عز يهز رأسه نافيًا:-لا يا دكتور انا هحطه لها، شكرا لتعبكابتسم الطبيب بأحراج ثم بدأ يلملم اشياءه ليغادر...انتهى ثم وقف امامه ليخبره بهدوء جاد:-ادهنلها المرهم دا يوميًا عشان الجرح يلم بسرعة ومترهقهاشاومأ عز بإيجاب:-ان شاء الله! متشكر يا دكتور.ثم غادر الطبيب بهدوء ليغلق عز بعده الباب ثم اقترب من تمارا المتمددة، جلس لجوارها ثم همس متوجسًا:-تمارا، أنتِ كويسة!اومأت دون رد، بدأ يبعد التيشرت ببطئ فأمسكت هي يده بحياء تهمس:-لأ لو سمحتتحسس يدها ببطئ حاني هامسًا في المقابل:-هششش، لازم ادهنهولك اهدي.وبالفعل استرخت ببطئ ليبدأ هو برفع التيشرت حتى يظهر جسدها الأبيض، تحسس مكان الجرح بإصبعه برقة ثم هبطت ليقبل مكانه بشفتاه بخفة، ثانية ونهض ليبدأ بوضع المرهم لها وهي صامتة تبكي من الألم...انتهى وغطى جسدها مرة اخرى، ليتمدد لجوارها بخفة، مسح دموعها في حنو ثم بدأ يقربها منه حتى أصبحت بين أحضانه، تشبثت بياقة قميصه وهي تهمس متألمة:-عز، مش قادرة أنا موجوعة اووي!قبل جبينها بعمق، وبنبرة لفحها شعوره بالذنب قال:-أسف، اسف يا حبيبتي أني اتسببت لك بوجع!ثم كاد ينهض لتمسك هي به بيدها السليمة مغمغمة:-لأ! خليك، ماتقومشابتسم هو بصمت، فيما دفنت هي رأسها بأحضانه كالقط الذي يخشى شيئ ما...ليقبل هو وجنتها بهمس:-مش هقوم، ارتاحيدفنها جيدًا بين أحضانه وذراعاه محبطة بخصرها بتملك، لتغمض هي عيناها ببطئ، فيما ظل هو يهمس بإصرار:.-هيجي اليوم اللي هتكوني فيه في حضني بمزاجك وبكامل رغبتك يا تمارا!صباحًا، كان عز يصعد بصينية الافطار لتمارا في الاعلى...طرق الباب بهدوء ولكن لم يأتيه الرد، فعاد يطرقه مرة اخرى وايضًا لم يسمع صوتها، فتح الباب ببطئ ليسقط قلبه صريع الرؤية!رأها لا ترتدي التيشرت الخاص بها وإنما أخر قصير جدًا دون أكمام، تحاول ارتداء ذاك التيشرت ولكن فشلت، وما إن رأته حتى دارت جسدها شاهقة بخجل:-أنت بتعمل أية اطلع بره يا عز.كان مستوى الضخ بين دماؤوه أعلى من اي شيئ، وهج من نوع اخر اشتعل بين محاجر عينيه!ولهفة خفية من الرغبة بها لوحت في سماء حلكة ليل مظلمة حد الخفاء...اقترب منها ببطئ حتى اصبح خلفها تمامًا، مد يده يتحسس مكان جرحها ببطئ شديد هامسًا بتساؤل:-لسة واجعك؟!هزت رأسها نافية بتوتر:-لأ، المسكن آآ، عمل مفعولهوكعادته مثل أمس تفرقت شفتاه تقبل مكان جرحها فاقشعر بدنها من ملمس شفتاه على جسدها...كانت مشاعره كالحقل الذي اُشعل اللهب فيه بلا رحمة!ولكن لم يبتعد مثل أمس بل تفرقت قبلاته على باقي رقبتها الي اخرها...حاولت التحرك ولكن يداه كسلاسل تجلبك لمرقدًا فارغ حد الجنون دون هيبة تغطيه!جذبها من خصرها حتى إلتصقت به ولم تتركها قبلاته بل ازدادت اشتعالاً، استدارت له فأصبحت في مقابلته وما إن كادت تعترض حتى فاجئها بقبلة عاصفة دمرت تماسكها الواهي...الي أن ابتعد اخيرًا يهمس بصوت لاهث:.-بحبك، بحبك اووي يا تمارا لدرجة مش بقدر اتحكم في نفسي ادامك!تنهدت بقوة ثم دفعته بقوة عنها وهي تلهث، ثم تابعت:-ابعد عني يا عز، مينفعش اي حاجة تحصل بينا!ابتلع ريقه بصعوبة، ثم تنهد تنهيدة تحمل في طياتها الكثير والكثير ليخبرها ؛-تعالي، السايس جهز لنا الخيل تحتاومأت موافقة بصمت، ليخرج من الغرفة واضعًا يده على صدره يحاول تهدأة انفاسه المحترقة عبثًا...!بعد قليل خرجت له تمارا ترتدي بنطال جينز وتيشرت ذو اكمام خفيف وتركت شعرها يتطاير مع الهواء...وما إن رآها حتى أشار لها بهدوء حاني:-يلا؟اومأت بإيجاب:-يلا يا عزوبالفعل خلال دقائق كانوا قد وصلا، ساعدها حتى تصعد على الخيل ثم فجأة صعد ليصبح خلفها عليه...شهقت هي بتوتر هامسة:-أنت بتعمل أية انزل يا عز!ولكنه هز رأسه نفيًا وبإصرار تشدق:-تؤ تؤ، مأقدرش اسيبك تركبيه لوحدك وأنتِ كدة.ثم احتضنها ببطئ من الخلف ليزداد توترها، بدأوا يسيروا به وبعد فترة سألها بهدوء:-بتحبي الخيل؟اومأت مؤكدة وهي تبتسم تتذكر:-كنت بركبه مع بابا زمان وانا صغيرة اوي، دي الحاجة الوحيدة اللي فكراها وهو عايشابتسم هو الاخر وشدد من احتضانه لها، ليتشنج جسدها من قربه فسألها بخفوت:-مالك يا تمارا؟! بترتعشي لية!وبعد صمت أجابت بصوت مرتجف شابه التوتر والشرود:.-بقيت بحس بالامان وانا، وانا في حضنك، واحساسي دا بقى قلقني اوووي!كان فهد مع والدته وشقيقته في منزل العروس الجديدةفهد، الذنب يتآكله حيًا كالوحش المفترس!الان ستتم الخطبة وعقد قرآنه على تلك العروس التي اختارتها والدته، لقد اقنعت والدته اهلها أن تكن الخطبة وكتب الكتاب في يومًا واحدًا وليتعجلوا قليلاً!وكان فهد مُجبر على الموافقة من أجل والدته التي اقسمت بمقاطعته إن رفض..وبالفعل تم عقد قرآنهم بنجاح وصدحت الزغاريد تغطي سكون الارواح المشحون بالتوتر...الي أن جاء وقت الاختلاء للحديث مع زوجته قليلاً..جلس امامها وبعد فترة سألها بهدوء:-ازيك يا هند؟اجابت بابتسامة خجلة:-تمام، وآآ أنت؟اومأ برأسه بإيجاز ثم سألها:-طبعًا أحنا اتعرفنا قبل كدة لكن برضه منعرفش بعض اوي، وأكيد أنتِ عارفه إن كتب الكتاب عشان نزيد القرب مش اكتراومأت مؤكدة:-ايوة، عارفهظلا يتحدثا في امور مختلفة وغالبًا فهد يجيب ب ايوة، نعم، صح، ماشي على مضض!ولكنها لم تعير ذلك اهتمام وامسكت بيده بين كفيها تهمس بهدوء فاتر:-ان شاء الله ربنا يقدرني وابقى خير زوجة ليك...!هكذا انتهت مقابلتهم، وعاد إلى منزله بعد إلحاحه امام اصرار والدته على العودة معها، وما إن رآى كلارا التي كانت تجلس على الأريكة تسند رأسها، وقد كانت معدة الطعام على المنضدة بشكل لطيف، ترتدي ملابس مثيرة تظهر اكثر مما تخفي!تضاخم شعوره بالذنب نحوها فأسرع يقترب منها هامسًا:-كلارا، قومي يا حبيبي أنتِ قاعدة هنا لية!رفعت رأسها له لترد بغضب جلي:-كنت مستنية حضرتك لكن الظاهر انك مشغول اوي مع اهلك.قبل جبينها مرددًا بأسف:-حقك عليا يا حبيبي انشغلت عشان بقالي كتير ماشفتهمش بساومأت ثم نهضت تنوي لملمة كل الطعام وهي تكمل بغيظ دفين:-وأكيد كلت معاهم، فمش هتاكلعض على شفتاه اسفًا، بينما اكملت هي حتى انتهت لتتجه لغرفتها، ركض هو خلفها يناديها بهدوء:-كلارا، استني بسواخيرًا امسك بها ليحيط وجهها بين يداه قائلاً لها:-اسف يا حبيبي، خلاص بقااومأت موافقة بصمت، ليغمز لها بعبث:-بس أية الجمال دا.نظرت له ولم تجب، فمال عليها يقبل قرب شفتاها وهو يهمس:-وحشتيني على فكرةولكنها دفعته عنها بهدوء وهي تقول:-فهد، انا عايزة أنام لو سمحت عشان تعبتوبالفعل ازاحته من امامها لتتجه نحو الفراش تغطي نفسها به وتنام بهدوء...فيما ظل هو يمسح شعره بقوة وهو يردد داخليًا:-اهو بدأنا من اولها!تأفف اكثر من مرة ثم اتجه الي المرحاض يبدل ملابسه متجهًا للنوم استعدادًا لمقابلة تلك الفتاة هند في الغد!..بعد مرور أسبوعان...دلف عز إلى المنزل مغتاظًا يصرخ بكل من يقابله، كان صوت نفسه عاليًا، جلس على الأريكة يكاد يختلع خصلاته السوداء...تقدمت منه تمارا تسأله مستفسرة:-مالك يا عز؟ضغط بكفه على الأريكة بقوة قبل أن يخبرها بصوت أجش:-القاتل، القاتل اللي بدور عليه، ارتكب جريمة تاني!ثم نهض يصرخ بهيسترية غاضبة:-مش عارف امسكه بقالي شهور! انا بقيت فااااااشلوضعت يدها على كتفه تهمس له في حنو:.-اهدى يا عز، اكيد هاتمسكه مع الوقت لو ركزت في الادلةرفع كتفيه ساخرًا يستطرد:-المشكلة ان مفيش ادلة وراه!جاء حسن على صوته يسألهم مستفسرًا:-في أية يا عزهز رأسه نافيًا بهدوء:-مفيشثم انصرف متجهًا لغرفته...مر يومان آخران...وفي الليلة الثالثة تحديدًا على المائدة، كانوا يجلسون جميعهم يتناولون عشاءهم، حتى دلفت تولين فجأة بعد أن فتحت لها الخادمة لتهتف:-عز، عزنهض متعجبًا من مجيئها فسألها:-مالك؟بدأت تذرف دموعها بشدة ثم بدأت تقول من بين شهقاتها المتقطعة:-خلاص، اللي قولتلك عليه حصل، احنا لازم نتجوز يا عز، النهارده يا عز!نظر لها صامتًا، ثم تنهدت وهو يومئ موافقًا:-تمام..ثم نظر ل حسن يقول بجدية:.-اتصل بالمأذون لو سمحت يا جدي خليه يجي دلوقتي...!
رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل السابعكانت تمارا في غرفتها، ترتدي ملابسها على عجالة غير مبالية بألم كتفها، كلما تذكرت جملة ذاك الشيخ يردد ل تولين.بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في الخيروكأن شيئ ما داخلها يحترق، وكأن بركة من الدماء الملتهبة تفجرت داخلها للتو!إنتهت ثم رفعت هاتفها تتصل ب كلارا التي ردت بعد دقيقة تقريبًا تقول:-الووو تمارا!-ايوة انا، هو أنتِ فاضية النهاردة، عايزة اشوفك في نفس الكباريه!-م آآ بصراحة مش عارفه فهد هيقول أية-خلاص تمام، مع السلامة-استني بس يابنتي-سلام بقا هبقى اكلمك تاني.ثم أغلقت الخط، إنتهت من هندمة نفسها ثم أسرعت تغادر المنزل بهدوء تام...تمارا تجلس في الملهى الليلي المعتاد، أمامها بعض المشروبات المفقدة للتوازن العقلي!مدت يدها وكادت تشرب بنشوة دون تردد إلا أن صوت النادل أوقفها وهو يصرخ بفزع:-البوليييس!ولكنها لم تتحرك إنشًا واحدًا، وكأن تلك السيرة لم تعد تفزعها بالفطرة!حلقات خلف حلقات دارت كفجوة متشبعة روحها، فلن تهزها نقطة في بحر الظلمة...!نظرت بطرف عيناها للضابط الذي تقدم منها يهتف في جدية حازمة:-مدام تمارا، أتفضلي معانا.تأففت بضيق وبالفعل نهضت معه قبل أن تلقي نظرة سريعة على فتيات الليل الملتفين بغطاء خفيف مع بعض الشباب الفاسدين...!ثم نهضت باتزان تهتف بضجر:-أتفضل...سارت معه تركب سيارة الشرطة متجهين نحو القسم والغيظ يتآكلها بلا رحمة...!سحبها الضابط نحو احد المكاتب، فدلفت قبله ليخرج هو مرة اخرى ويغلق الباب خلفه، عقدت ما بين حاجبيها متعجبة وهي تهمس:-مجنون دا ولا أية!قاطعها الذي خرج من المرحاض لتوه يرد بصوت تزاحم فيه الخبث والجدية:-لا خالص، دا بيفهم جداً عشان كدة خرج وسابنا لوحدنا...!تاهت الصدمة بين جدران حروفها وهي تهمس متجمدة مكانها:-عز! هو أنت اللي عملت كدة؟ أنت اللي خليته يقبض عليا مخصوص صح!؟اومأ مؤكدًا ببرود:-أيوة أنا يا تمارا، صديق كان بيقدملي خدمةأقتربت منه لتضربه على صدره الذي ظهر من ازرار القميص المفتوحة، وصراخها المزمجر يتعالى بحقد:.-أنت عايز مني أية؟! مش عايز تسبني في حالي ليييية؟!وصوتًا داخله يصرخ بالمقابلليتني استطيع، ليتني احرق ذلك القلب فلا يجد عشقك مأوى له !أمسك يداها ليهمس:-اهدي الاولجزت على أسنانها غيظًا، بينما رتب هو حروفه التي تنكرت بالجمود وقال:-أنا بعرفك إن مش كل مرة هتسلم الجرة، المرة الجاية حيكون بوليس قبض عليكِ بجد، وبعدين أنتِ مش خايفة لا الراجل يحاول يقتلك تاني؟!لم ترد عليه، ربما كلماته الجادة المقنعة استندت امام فراغ الاجابة...فأمسكها من ذراعيها وهو يهزها بعصبية:-وبعدين انا مش قولتلك مفيش زفت تاني برضه بتروحيه!امتعضت قسماتها بانفعال حقيقي وهي تصرخ:-ملكش دعوة أنا حرهعندما يصرخ داخلك قهرًا، يصرخ انينًا لحنه العشق داخلك، عندما تتفاقم جسور الصبر، فلا تظن أن عشقك حاميًا!نظر لها نظرة ارعبتها لوهلة، ثم ضغط على ذراعها بقوة وهو ينادي على العسكري:-ابراااهيم!اتى المدعو ابراهيم ليشير له عز قائلاً بصوت آمر:-خدها على حجز إنفرادياومأ ابراهيم موافقًا، بينما إتسعت حدقتا عينا تمارا ذهولاً من جبروت ذلك الرجل الذي تخطى كل الحدود فوصل الآفاق، ثم ظلت تزمجر فيه:-أنت مجنون، مريض نفسي والله، سبيني اوعى أنا معملتش حاجةولكنه لم يأبه لها اطلاقًا...رحلت مع ابراهيم، وعز يحاول تلطيف ذاك اللهيب الذي أشعل ثنايا قلبه بالرفضهتتأدب بس وهاخدها وامشي، شوية مش هيحصل لها حاجة !عند كلارا كانت قد إنتهت من إعداد العشاء، تنهدت وهي تنظر للسفرة ثم ابتسمت برضا!شعرت بيد فهد تحاوطها من الخلف فابتسمت ببطئ ولكنها أحكمت نبرتها اللاذعة وهي تهمس:-نعم يا فهد عاوز أية؟أجابها مشاكسًا وهو يتحسس رقبتها العارية بإصبعه:-يعني مش عارفة أنا عاوز أية!إلتفتت له قائلة بنبرة جادة:-اخدت الدواء اللي كتبهولك الدكتور الاول؟!اومأ مؤكدًا كالطفل الصغير، بينما ابتسمت هي في حنو على تلك العلاقة التي أنبعت جذورًا من الحنان الدفين بينهما...!أمسكته من يده تسير نحو السفرة وهي تردد بثقة:-عايزاك بقا تقعد تدوق المكرونة الاسباكيتي دي بطريقتي وقولي رأيك؟نالت المعكرونة نظرة خبيثة منه قبل أن تتسع ابتسامته وهو يخبرها:-طب أية رأيك ناكلها بس على طريقتي انا؟!عقد ما بين حاجبيها بتعجب وهمست:-هو الاكل له طرق ولا أية!اومأ مؤكدًا، وبلحظة كان يجلس على الكرسي بهدوء ثم جذبها لتجلس على قدميه..شهقت هي بتوتر مرددة:-أية اللي أنت بتعمله دا بس!؟أمسك بالملعقة وهو يأخذ بعضًا منها ثم يضعها في فاهها هاتفًا بمكر:-كلي إنتِ بس يا حبيبتي وانا هادوق اهووكانت تحدق به متعجبة ولكنها أكلتها بالفعل، وما إن همت بالتحدث حتى وجدته يلتهم شفتاها في قبلة عاصفة!يتذوق شفتاها التي تحمل طعم الطعام، يتفنن في تذوقها بتمهل متلف للأعصاب!واخيرًا ابتعد عنها بعد دقائق هامسًا وصوت لهاثه عالي:-طعمها جميل، اوي يا حبيبيجيشًا حاملاً الحمرة الواضح توزع بين مقتطفات ملامحها، ثم ضربته على كتفه وهي تردف بخجل:-حد قالك أنك قليل الادب قبل كدة؟!ضحك ملأ شدقيه وهو يومئ مؤكدًا:-يوه، كتيييير يا لورتيابتسمت بخجل، وقبل أن يقترب منها مرة اخرى كانت تخبره مسرعة:-تؤ تؤ، قوم بقا يا فهد عشان عاوزة أوريك حاجةسألها مستفسرًا:-حاجة أية!؟نهضت بخفة وهي تبدأ بحمل بعض الاطباق، ثم قالت:-هتشوف دلوقتي قوم بس عقبال ما ادخل الاطباق ونبقى ناكل كمان شويةاومأ موافقًا ثم اتجه نحو الداخل، اما هي بمجرد أن انتهت كادت تدلف إلى الداخل ولكن لمحت هاتفه -صامت- ويعلن عن وصول رسالة...اقتربت منه تمسكه، ولكن وجدته مغلق ب -رمز سري- حاولت أكثر من مرة ولكن فشلت، وفجأة خطر لها رؤيته وهو يفتحه ذات مرة دون قصد.فظلت تحاول عدة مرات إلى أن فتحته بالفعل، بدت وكأنها تفتح أبواب جهنم على ربيع حياتهم!وما إن رأت محتوى الرسالة حتى شهقت بصوت مكتومفهد أنت مابتردش عليا لية! أنا عايزة اشوفك على فكرة ضروري احنا لسة ماشتريناش باقي حاجة الشقة !فجوة تعمقت السقوط داخل روحها، وكأن الضربة أتتها من المنتصف فطرقت تماسك الباقية!وكأن تلك الروح كُتب عليها الموت والبعث مرة اخرى للأنتقام، الانتقام فقط!امسكت بالهاتف مرة اخرى لتقوم بعمل الرسالة ك -غير مقروءة- ثم اعادت الهاتف كما كان وكأن شيئً لم يكن...!حاولت رسم ضحكة سخيفة على شفتاها وهي تتوعده بالأنتقام المميت ثم دلفت له!ولكنها توجهت نحو الفراش مباشرةً، متجاهلة كل كلامه بأنها متعبة!صباح اليوم التالي...فتح عيناه ليجد الفراش خالي تمامًا، إنتفض مفزوع ينادي عليها ولكن لا من مجيب، أمسك بورقة وجدها على الكمودين يفتحها، فبدت وكأنها تسدد له لكمات متتالية!أنا مشيت، ماتحاولش تدور عليا، أنا زهقت منك ومابقتش طيقاك، أنا كنت بجرب الحلم، ايوة حلمك اني ابقى مراتك دايما، لكن لاقيته هو كمان كتير اوي عليك!صرخة عميقة واهتياج شقت السكون منه:-كلارااااااااااا.رودين تقريبًا كانت تُعاني من الأنهيار الصامت...وما أصبعه إنهيار يجعل داخلك براكين تُفجر ودوي عالي، وخارجيًا مكتوم بقهر يجعل الصدى يؤذيك أنت مرة اخرى!كانت داخل الغرفة التي حبسها بها يوسف..دلف هو فجأة يفتح الباب لتعود هي للخلف تلقائيًا وجسدها يرتجف بخوف، وصل أمامها فمد يده يربت على كتفها هادئًا:-هششش اهدي، أنا جاي اقولك تعالي كُلي معايا بسهزت رأسها نافية بصمت، فزمجر هو بعصبية ظاهرية:.-رودييييين! ماتستفزنيشابتلعت ريقها بقلق ثم نهضت معه رغمًا عنها، اتجها نحو السفرة سويًا وكان يوسف قد طلب طعام جاهز...بدأ يأكل وهو ينظر لها بشرود، لا يدري ما الذي جعله يظل محتفظًا بها رغم انه نال ما أراد!تنهد بصمت ثم قال بعد فترة:-أنتِ عارفة إنهم عايزين ياخدوكِ تشتغلي معاهم بالعافية؟!توقفت عن مضغ الطعام وظلت تسعل من الكلمة التي توقفت كحجر في حلقها...!ثم ظلت تهمس بخوف:-وآآ، وأنت هتسبني؟!بدا لسؤالها وجهتان، احدهما وردية من امرأة تحتمي به وتريد العيش معه!والاخرى سوداء حالكة تحمل نوعًا واضحًا من الاتهام...!ولكنه ابتلع ريقه وهو يجيبها بخفوت:-لأ، لو كنت عاوز أسيبك ليهم كنت سبتك من بدري بدل ما شغلي متعطل عشانك!وقبل أن تسأل كان الباب يُطرق بعنف، طرقات طرقت الرعب في قلبها ايضًا، فأشار لها يوسف وهو ينهض:-اوعي تيجي الا اما انا اجياومأت موافقة بسرعة، فنهض هو يفتح الباب وهو يتساءل:-ايوة مين.وما إن فتح الباب حتى وجد من يضربه على رأسه بعصا بعنف ليسقط هو متأوهًا يفقد وعيه ببطئ...دلفا راكضين نحو رودين التي ما إن رأتهم حتى ظلت تصرخ بنحيب:-انتوا عايزين مني أية ابعدوا عنيلم يرد الا واحدًا منهم بصوت أجش:-هانوديكِ لمكانك الصحوبالطبع لم تستطع منعهم، كانت تبكي بأنهيار، ألم تتخلص من واحدًا ليأتيها هؤلاء!؟كمموا فاهها بمخدر لتسقطت مغشية عليها بين ذراع احدهم...وبعد مدة كانا قد وصلا بها إلى مقر عملهم المشؤوم...بدأت تفتح عيناها ببطئ ليقابلها الضوء بقوة، تنفست بعمق وهي تحاول تنظيم أنفاسها...وما إن اتزنت الرؤية عندها وجدت شخصًا ما يرتدي بنطال وعاري الصدر يقترب منها ببطئ، نهضت فزعة تهمس:-حرام عليك أنت عايز مني أية!؟غمز لها مستطردًا بوقاحة:-واحد مع واحدة حلوة زيك مقفولة عليهم اوضة واحدة هيكون عاوز منها أية!؟ظلت تصرخ بانفعال هيستيري:.-لالالالالالا مستحيل ابعد عنيولكنه على العكس همس لها بسماجة:-اصرخي قد ما تقدري، هنا محدش هيقول تلت التلاتة كام!شعرت تمارا فجأة بالباب يُفتح وشخصًا يرتدي زي ضابط شرطة يقترب منها ببطئ هادئ...هبت منتصبة تجلس وهي تسأله بقلق لم تستطع اخفاءه:-أنت مين وعايز أية مني؟!ابتسم هو بسماجة مرددًا وكأنه يستنكر:-أنتِ بقا تمارالوت شفتاها بغيظ مرددة بنفس النبرة:-ايوة انا بقا تماراثم سألته بحدة:-أنت مين يا كابتن؟!ضحك هو باستمتاع من مشاجرتها كالقطة الشرسة، ثم غمز لها بطرف عيناه هامسًا:-بس طلع عز ذوقه تحفة.اتسعت حدقتاها من وقاحته العلنية التي رنت كالطبول بين ثنايا قلبها...ثم قالت بشراسة:-أنت قليل الذوق والادب وماتربتشوضع إصبعه على شفتاها وهو يردف بصوت أجش:-تؤ تؤ، عيب كدة يا قطتي، كدة ازعل منك وانا زعلي وحشثم ارتفعت يده لتتحسس وجنتاها الحمراء من الغضب بطريقة أثارت القشعريرة المزدردة بجوارحها...ثم قال بخبث:.-أنا سمعت إنك بتروحي كبارية وكدة، ف أية رأيك اخدك معايا وهاديكِ أكتر من اللي بتاخديه في الكباريه وهتطلعي مبسوطة ومتكيفة كمان!شهقت بعنف وهي تزيح يده عنها، ولكن قبل أن تنهض وجدته يسحبها له بقوة حتى اصطدمت بصدره فبدأ يحاول تقبيلها وهي تبتعد نافرة منه...دقيقة ورأت عز يتقدم ينوي الدخول لها فدفعته بكل قوتها لتنهض راكضة له وقد بدأت تبكي:-عز.ومن دون مقدمات كانت ترتمي بين احضانه شاهقة ببكاء حاد، ولكن فجأة سحبها ذاك من ذراعها بقوة وهو يردد لعز ببرود خشن:-هو دخول الحمام زي خروجه، البت دي مش هتمشي من هنا قبل ما اخد منها اللي انا عاوزه!أحمرت عينا عز بغضب اعمى بدا في لونه طابعًا من طبائع جهنم و...