رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والعشرون
بدأت ترنيم تسير بخطى مضطربة نحو مصدر صوت قدم صقر ولكن على بُعد مسافة جيدة... فاقد البصر لا يُبصر، ولكن حواسه المتبقية تصبح أقوى وكأنها النور الذي يدله في كهف الظلام الذي يعيش به!.. دلف صقر الى غرفة ما لتسمع ترنيم صوت الباب يُغلق... اقتربت اكثر حتى وقفت امام الباب ثم بدأت تُنصت للحوار الدائر...
بمجرد أن دلف صقر وجد نيرمين ترتدي قميص نوم كان أكثر من مقزز من وجهة نظره، ابتسامتها التي تفوح بالخبث والحقد كانت كخلفية لما يبطن داخلها...! فأشار لها مرددًا بنبرة مزدردة: -خشي إلبسي حاجة عدلة بدل الجرف دا! إنتِ كدا مش بتغريني خالص وضعت يداها على خصرها الممتلئ وراحت تهتز وهي تقول بغيظ كان كالسم المنتشر بين حروفها: -دا قرف؟ مش احلى من اللي الهانم مرتك بتلبسه!
وفجأة كان اقترب منها يجذبها من خصلاتها الخشنة ويضغط عليها وهو يتابع بحدة خدشت سور ثباتها الواهي: -إلا ترنيم، سيرتها ماتجيش على لسانك الو** تاني دي لو لبست حاجة من الشارع هتبجى أحلى منك يا مره يا سوّ! احترقت عينا نيرمين بالغل الذي يغلغل فطرتها واصبحت تزمجر بحنق: -أنت هنا عشان تتخانق معايا عشان الست هانم ولا عشان تنفذ اللي اتفجنا عليه؟! جاس على الأريكة ببرود يضع قدم فوق الاخرى ثم قال بصوت ثليجي:.
-جاي عشان الاتنين! ثم ضم يداه معًا، وبصوت صلب مليء بالثقة، مبعوث من ملك يهابه الجميع وليس العكس قال: -اسمعيني كويس، أنا مش زاني ولا عمري هزني وخصوصًا عشانك إنتِ، ثانيًا مستحيل أتجوزك تاني، ثالثًا لو خلفت من تسعين واحدة حتى، ولاد ترنيم هما اللي هياخدوا كل حبي وحناني وفلوسي وكل حاجة! فياريت ماتعشميش نفسك بزيادة.
ثم صمت يراقب تعبيرات وجهها التي كانت كالوحة متفرعة الالوان من الصدمة للحقد للجمود، ثم أكمل باستمتاع: -ولو طاوعتك من البداية ف دا عشان الراجل الغلبان ملهوش دعوة باللعبة ال*** بتاعتك دي! ثم نهض فجأة لترتج هي للخلف بسرعة ليمسكها من ذراعها مغمغمًا بعصبية جعلت كيانها يرتج بقلق: -أنا محدش يلوي دراعي، ومش هنفذ واعلى ما ف خيلك إركبيه! عندما سمعت ترنيم اخر حرف...
بدأ عصر جديد يهفو على سطح روحها، بدأت الثقة تُبعث من جديد داخلها! وما بعد البعث الا حياة أبدية...! سارت بسرعة متجهة نحو غرفتها تستند على الجدران من حولها حتى كادت تصطدم بشخص ما فاعتذرت بسرعة، دلفت للغرفة التي تركت بابها مفتوحًا لتغلقه متنهدة بصوت عالي... سبحان من يسلب من داخلك شعورًا ما ليخلق نطفة بديلة لمشاعر اخرى! وضعت يداها على قلبها وهي تهمس محدثة نفسها ؛.
-استحالة يكون خاني، في حاجة غلط، هو بيحبني بجد! ضيقت عيناها تفكر لمدة دقيقتان تقريبًا، ثم استندت حتى وصلت للفراش فأمسكت بهاتفها لتتصل بصقر الذي أجاب بعد دقيقة تقريبًا بصوت أجش: -ايوة يا ترنيم؟ اجابته بصوت يضخ بالتعب والارهاق المصطنع: -صقر إلحقني انا تعبانه اوووي وبطني بتتقطع مش قادرة! سمعت شهقته المفزوعة بوضوح قبل ان يخبرها: -دجيجتين وهتلاجيني جدامك ثواني بس اهدي إنتِ.
وبالفعل أغلقت الهاتف لتتمدد على الفراش بسرعة وتغطي نفسها... وبالفعل خلال ثواني سمعت صوته يهتف بقلق جم: -مالك يا ترنيمتي إيه اللي حصلك مالها بطنك؟ أمسكت ببطنها وهي تردف ببكاء مثلته بمهارة كمهنة مدروسة: -مش عارفه يا صقر وجعاني جدًا قال بصوت مرتعد مرتبك: -طب اعمل إيه هتولدي يعني؟ بس هتولدي ازاي إنتِ لسه ف الخامس! طب اطلبلك الدكتور؟ ثم أمسك وجهها يسألها كالطفل الصغير: -طب أطلبلك دكتور إيه!
عندها زمجرت فيه بجنون: -تطلبلي دكتور إيه!؟ هو انا بقولك نفسي ف كريب! زمت شفتاها الصغيرة لتهمس بصوت يتدفق منه الغيظ: -أنا سخنه خدني حطني تحت دش ساقع يلا ثم رفعتله يداها ببساطة ليستطرد هو مفكرًا ببلاهه: -سخنه إيه إنتِ مش كنتي بتقولي بطني؟ جزت على أسنانها بغيظ حقيقي... سيشلها حتمًا... ستصاب بشلل قبل أن ترى أطفالها! تعاركت مشاعرها وهي تقول له بابتسامة مغتاظة وداخلها يصرخ:.
-انا بقولك أنا سخنه أنت ايش دراك أنت؟ حتى التعب هتختارهولي! دا مش اسلوب دا ورب الكعبه... اومأ موافقًا بسرعة ثم حملها بين ذراعيه متجهًا بها نحو المرحاض ليضعها في البانيو برفق متمتمًا: -هتبقي تمام، اهدي بس همست له بابتسامة خبيثة: -انا هادية جدًا اهدى أنت الاول يا حبيبي! اومأ بسرعة دون ان ينظر لها فكان منشغل بتشغيل المياه التي اخذت تتدفق عليهم سويًا فلم يأبه هو لابتلاله بل كان يحتضن ترنيم برفق...
لوحة من الجمال رُسمت لهم.. لوحة تشع بريقًا من نوع اخر.. بريقًا من حب مدفون... وإن مر عليه ألف زمن وتعالت فوقه الاتربة لا يطير مع مهب الريح!.. لتهمس جوار اذنه كما يفعل معها دومًا: -صقر أنا بحبك، أنت احلى حاجة حصلت لي، أنت أبو ولادي وحبيبي ونصي التاني اللي مقدرش اعيش من غيره، أنت سندي، أنت ضهري، أنت كل حاجة حلوة ف دنيتي! كم دقة تعالت بين ضلوعه بقوة إهتز لها؟!..
كم عمق سقط فيه متخبطًا بين مشاعره المختلطة بتلك الكلمات الهادئة الصغيرة!؟.. لا يدري، ولكن ما يدريه أنه أمسك وجهها بين يداه وقد تناسى كل شيء بين بحور عيناها ليهمس بصوت هائم: -ياريت تتعبي على طول كدا يا ترنيمتي وكأنها مصدومة ردت: -إيه! سارع يصحح كلامه بضحكة صغيرة: -جصدي يعني التعب بيخليكِ تقولي كلام حلو كدا ف دا في مصلحتي نهضت هي ببطء بملابسها المبتلة ليتشدق هو بهدوء: -لا لسه أستني اجعدي.
ولكنها لم تجيب، أمسكت وجهه بين يداها ثم هبطت برفق لعضلات صدره وببطء شديد كانت تُقبل بداية صدره العاري من اسفل قميصه المفتوحة ازراره.. اهتزت عضلات صدره بعنف من فعلتها تأثرًا وتأهبًا، لتتابع هي قبلاتها التي كانت كفراشات رقيقة وحارة تُطبع عليه.. فوضع هو يده عن رقبتها من الخلف ليجذبها له وبلحظة كان يلتهم شفتاها، يغرق بهما وفيهما... يتلذذ للمرة التي لا يذكر عددها بطعمهما، وتأن هي بصوت انثوي خفيض..
توهجت الحرارة اكثر فأكثر بينهما، فلم يكن منه إلا أن قال بخبث: -كدا حرارتك هتولع مش هتعلى بس يا ترنيمتي! همهمت مغمضة العينين: -انا اصلًا مش سخنه! أنا كنت عاوزاك تيجي بس البعيد مابيفهمش إتسعت حدقتا عيناه ومكر ترنيمته الصغيرة يُجمد عقله!.. بلحظة كان يرفعها بذراعه له ويداه تتحسس مفاتنها ليخرجها معه الى الغرفة، وضعها على الفراش ليخلع قميصه بسرعة مرددًا بعبث: -طب أنا جيت اهو..
ثم مال عليها حتى لاصق جبينه بجبينها مكملًا بصوت ملتهب: -بس هتبجي غير صالحة للاستعمال الآدمي يا ترنيمتي!..
وسط النهار الحار وعند عودة جسار من عمله كانت الاصوات العالية تخترق اذناه تنم عن معركة ليست دامية ولكنها تنبء بحدث متقلب!.. دلف جسار الى المطبخ على الاصوات العالية التي تعج المنزل... ليسمع صوت نور تصرخ بحدة: -يا طنط أنا مش هعمله أنا مش خدامة هنا! رفعت والدته حاجبها الايسر بغيظ ثم قالت: -لا يا حبيبتي مش خدامة بس واجبك ك ست ف البيت دا تأففت نور اكثر من مرة ثم طوقت يداها هامسة ببرود:.
-طب انا مش هعمله واعلى ما ف خيلك اركبيه عندها تدخل جسار مزمجرًا بحدة مُخيفة: -نوووور! كفاية أوي كدا أتماديتي اوي لوت شفتاها باستفزاز... لا تدري ما ماهية الامر، ولكن عندما تغوص بين أعماقه تجد المشكلات كالكرة المُلتفة عدة مرات حول نفسها حتى لم يصبح لها نهاية مُحددة!.. نظرت لجسار بحدة لتتابع بصوت أجش: -أنا اللي تماديت ولا أنتم الي بقيتوا ناس مستفزه ثم سمتت برهه لتردف وكأنها تبصق في وجهه: -ومقرفين اوي!
مع نهاية اخر حرف لم يكن من جسار الا أن صفعها بقوة حتى أدمت شفتاها، ليمسكها من ذراعيه مستطردًا بخشونة ماجت بين جذورها القسوة: -فوقي بقا فوقي كفاية! أمسكته من يده لتسحبه بسرعة نحو غرفتها ثم أغلقت الباب... بدأت تمزق ملابسها وهي تردد بصورة غير طبيعية بالمرة: -أنت إتجوزتني عشان كدا صح، يلا انا مستعدة ثم إلتصقت به تنوي تقبيله ولكنه أبعدها عنه بعنف لتتلقى الصفعة التالية منه على التوالي و...
إنهارت فجر ارضًا... تحطمت كل حياتها، لم يبق حجر على حجر كما يقولون! تبدلت جميع الاحوال ولم يبقى الا تبدل المشاعر لتنتهي تلك المأساة بنقطة سوداء وحيدة...! راحت تلطم خديها بعنف وهي تصرخ بصوت مبحوح: -أنتوا بتعملوا فيا كدا لية حرام عليكم بتأذوني من كل الجهات لية؟ أسرع ليث يركض لها لتضربه على صدره بعنف وهي تزمجر بجنون: -إتجوزتها لية؟ رد عليا هي احسن مني ف إيه! همس بصوت خفيض مستنكرًا:.
-مش إنتِ اللي عاوزة كدا؟ احتضنته مسرعة وهي تردد بلا وعي: -ايوة قولت كدا لكن مش عايزاك تعمل كدا، غصب عني كنت خايفه عليك كان لازم اعمل كدا ضيق ما بين حاجبيه يسألها مستفسرًا والفضول يكاد ينحره نحرًا: -خايفة عليا لية؟ إحكيلي يا فجر صدقيني انا اقدر احمي نفسي حدقت بعيناه التي تحمل وعدًا حقيقيًا دائمًا وابدًا...
تتلاقى وتحتضن ذاك الحنان الذي يلتف حولها كدرع واقي لا تخترقه الظروف، وبدأت تقص عليه ما حدث بصوت مبحوح: -لما خرجت والحريق دا اشتغل لقيت عمرو قدامي، اتوترت اكتر وبقيت اصرخ اكتر. لاقيته بيقولي إني لو مابعدتش عنك ف اقرب فرصة وطلقتني هيموتك، وهو اصلا حطلك حاجة زي قنبلة ف الساعه اللي بتلبسها وقفلها على ايدك عشان متعرفش تفكها، ولما انت جيت شوفت ايدك لاقيتك فعلًا لابسها وبتحاوب تفكها معرفتش!
رفع لها يده ليصرخ فيها بعصبية مفرطة: -فكيتها! إنتِ حتى مافكرتيش تسألي نفسك ازاي انا مش هستغرب إن الساعه مابتتقلعش ومش هحاول افكها؟ وهو استغل حتة إنك جبانة ومش هتحكيلي حاجة عشان كدا سهلتي عليه كل حاجة ضمت يداها لوجهها معًا ودخلت في نوبة بكاء طويلة وعالية تُنتج فيها الشهقات كنسمات الهواء!.. ليشير هو لتلك الفتاة التي تشاهدهم بصمت مكملًا ؛.
-ودي مش مراتي انا ماتجوزتش. دي واحدة كدا طلبت مساعدتها وادتها فلوس وهي حتى مش فاهمة احنا بنقول إيه لانها مش مصرية ولا عربية اصلًا! أشار للفتاة بالخروج لتنسحب بخفة دون كلمة... فيما ظل يتشدق هو والغضب يحرقه كفتيل مؤلم حد الجنون اشتعل بين احشاؤه:.
-مش واثقه فيا ابدًا عشان تحكيلي حاجة ولا واثقه إني اقدر احميكِ واحمي نفسي، دايمًا بتستسهلي الحل اللي يوجعنا احنا الاتنين المهم إنه صح من وجهة نظرك! دايمًا بتوجعيني بكلامك وترجعي تقولي دا لمصلحتك، بتتقهري لما مديت ايدي عليكِ ف مرة لكن مافكرتيش ف كلامك ولا مرة، مافكرتيش إنك بتجرحي رجولتي لما تمشي حياتنا حسب شخص مريض لمجرد إنك خايفه منه تنهد تنهيدة طويلة وعميقة تحمل في طياتها الكثير والكثير...
وغبار الروح يزداد لا يقل! ظل يهز رأسه نافيًا ويحاول تنظيم حروفه وهو يهمس بصوت مُرهق ؛ -انا تعبت، ماعدش فيا حيل اشد الحبل من طرفي أنا بس! راحت تحتضنه مسرعة وهي تهمس من وسط حلقات شهقاتها الغير متصلة: -انا اسفه أنت معاك حق بس انا بحبك اوي والله، انا غبية لاني مفكرتش كويس بس ماتبعدش عني أبعدها عنه وهو يردد دون تعبير واضح: -احنا هننزل القاهرة كفاية كدا، دا نكد مش شهر عسل! ظلت دموعها تهبط دون توقف...
ليتركها هو متجهًا للمرحاض يغسل وجهه، لتقف هي خلفه تمسح دموعها برفق.. وفجأة وجدت أشخاص يدلفون مسرعين ولكن قبل أن تعطي رد فعل كان احدهم ينوي إطلاق النار على ليث الذي إلتفت لهم، فوقفت مسرعة امامه لتنطلق الرصاصة من فاه مسدس ذلك الرجل الذي زمجر فيهم بتشفي: -دا جزاة اللي يأذي اللي اكبر منه!
حدث كل شيء بأقل من لحظات، ركضوا للخارج مرة اخرى قبل إلتفاف جميع من بالفندق نحو صراخ ليث الذي كان يراقب سقوط فجر رويدًا رويدًا غارقة بين دماءها...! كانت والدة جسار تجلس امام الشرفة سارحة في الملكوت تنظر للسماء بأعين دامعة وتهمس بصوت يكاد يسمع: -يارب ساعدني للي فيه الخير يارب، أنا خايفه على ابني من الشعوذة وشغل الشياطين دا ثم هبطت دموعها وهي تكمل:.
-انا عارفه إن حسام غلط لما فكر يعمل السحر والجنان دا استغفر الله لكن عمل كدا من حبه ليها وخوفه إنها تسيبه انا متأكدة ثم إحتدت عيناها مستطردة: -بس مش هسيب ابني التاني يتأذي عشان واحدة! همنعه حتى لو وصلت لحل مايعجبهوش ولا يعجبها! حياة ابني اهم من اي حاجة...!
إستيقظ كلًا من ترنيم وصقر على صوت دقات الباب التي ازعجت نومتهم القصيرة... فتلك الليلة كانت من أجمل الليالي التي علقت بالذاكرة كالعادة لتصبح نقطة تُسطر عشقهم الابدي...!، نهض صقر يرتدي ملابسه بسرعة ليرمي اسدال الصلاة لترنيم التي سرعان ما ارتدته... ثم إتجه للباب يفتحه ليجد الشرطة في وجهه، إنقبض قلبه تلقائيًا وهو يسأل الضابط باللغة الالمانية: -ماذا حدث؟ ومن أنتم؟ اجابه الضابط بهدوء جاد:.
-الشرطة، هل أنت صقر محمود الحلاوي؟ اومأ صقر مؤكدًا ليجد الضابط يكمل بخشونة: -أنت متهم في قضية إغتصاب!
رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع والعشرون
الصدمة سقطت عليهم كرصاصات مُميتة!.. تنهد صقر عدة مرات بقلق ومن ثم خرج صوته كالملكوم وسط حرب انهكت قواه: -هل يمكنني أن اتصل بشقيق زوجتي ليأتي؟ ومحامي لي نظر له الضابط بهدوء متمتمًا يطمئنه: -أنت لن تُسجن يا سيد، أنت برئ حتى تُثبت ادانتك، نحن نجلبك لأخذ افادتك لا اكثر! اومأ صقر موافقًا بسرعة، والاطمئنان تسرب من بين حروفهم كجاسوس له يخبره أن القادم افضل...! مع ذلك قال الضابط باحترام وهو يتراجع:.
-وايضًا أنت لم تهرب ولم تكن في موقع الحادث، لذلك سأتركك مدة عشر دقائق لتتصل بمن تحب وستجدني في نهاية ذلك الطابق أنتظرك.. اومأ صقر ممتنًا له: -اشكرك، سألحق بكم وبالفعل غادروا ببطء لينتظروه في نهاية الطابق، ليغلق هو الباب متنهدًا والشحنات السالبة أثقلت صدره... يا جبل ما يهزك ريح، ولكن تُنحفك إعصارات معاكسة فتسقط بدل الاهتزاز!.. اسرع يقترب منها وهو يقول بحذر: -إنتِ مصدقة إني ماعملتش كدا صح؟
أمسكت يداه برفق لترفعها لشفتاها وتطبع قبلة خفيفة متمتمة بابتسامة كانت كأشراق الشمس وسط كوكب مظلم: -أكيد، روح بس ارجعلي بسرعه عشان نعمل العملية الفقر دي بقا ونرجع بلدنا! صوت عميق داخله هتف مهللًا الست الحنينة رزق !.. قبل جبينها بحنان ليهمس: -متقلقيش، اصلًا الموضوع تافه بس هي غبية لم تُعلق ترنيم على ما قاله ولم تسأله من يقصد، وهو الاخر تركها دون كلمة اخرى ليمسك هاتفه متصلًا بجسار الذي أجاب على الفور:.
-ايوة يا صقر؟ -جسار خلال 24 ساعة ألاقيك قدامي هنا! سأله بقلق: -في حاجة ولا إيه ترنيم كويسة؟ اومأ صقر مهدئًا اياه: -تمام هو موضوع تافه بس للاحتياط الله اعلم اية اللي هيحصل، أنا رايح القسم وهاخدها معايا لحد ما أنت تيجي وتاخدها لو الموضوع طول يعني! -تمام تمام انا هحجز وهتلاقيني عندك قريب اديني بس عنوان القسم والفندق اللي قاعدين فيه.
وبالفعل أملاه صقر العنوان ليغلق متنهدًا بقوة، ثم سرعان ما كان يُخرج لترنيم ملابسها ويعاونها على إرتدائها... إنتهوا بالفعل خلال عشر دقائق ليخرجا معًا وهي تستند عليه بهدوء.. نظر صقر للضابط ليقول مستأذنًا والاحراج كاد يتآكله: -اعتذر منك، هل يمكنني أخذ زوجتي معي ولتجلس في اي مكان جواري ولكن لا استطع تركها ثم اشار لعينا ترنيم مكملًا بصوت يغزوه الألم لذاك الوضع: -كما ترى هي لن تستطع وحدها.
اومأ له الضابط متفهمًا: -أتفهمك يا سيد، تفضل معنا غادرا معهم بهدوء تام متجهين نحو قسم الشرطة...
وصل ليث مع سيارة الأسعاف الى اقرب مستشفى ناقلين فجر التي كانت فاقدة الوعي... كلمة منهار كانت قليلة عليه... قليلة لتعبر عن كم الفوضى التي تموج داخله الان!.. عن هلع روحه التي تركت مقرها لتنزوي جوار تلك المعشوقة.. وعن القلب الذي اشتعلت فيه نيران، نيران مؤلمة حد الجنون تجعل قلبه يكاد يتوقف عن نبضه!.. دخلت فجر الى غرفة الطوارئ لينتظر امامها متنهدًا والثقل يكاد يُدمي قلبه..
أخرج هاتفه بسرعة ليتصل ب صقر فهو كان ومازال صديقه... ولكن اسفًا لم يجد ردًا على إتصالاته المتعددة فتأفف بضيق هامسًا: -استغفر الله العظيم استغفر الله العظيم.
مرت ساعات قليلة ولكنها طويلة جدًا على قلب ليث المؤرق!.. كان يحبس دموعه بصعوبة في إنتظار خروج ذلك الطبيب... واخيرًا خرج يمسح عرقه المتصبب بكثرة على وجهه ليسأله ليث بلهفة: -طمني يا دكتور؟! تنهد الطبيب يهدئه ؛ -الحمدلله الاصابة مش خطيرة لان اللي صوب عليها صوب بشكل عشوائي والرصاصة ماستقرش جنب الاجهزة الحيوية، احنا خرجناها وان شاء الله تقعد معانا كام يوم وهتبقى تمام.
اغمض عيناه مسرعًا يحمد الله الف مرة وقد عاد بريق عيناه مرة اخرى لمستقره، ليشكر الطبيب ممتنًا: -متشكر اوي يا دكتور -الشكر لله، هتتنقل اوضة عادية بعد شوية، عن اذنك غادر الطبيب ليجلس ليث مغمض العينين يحاول تهدئة أنفاسه الثائرة... وفجأة وجد احد الاشخاص من ضمن من هجموا عليهم بالفندق يتقدم منه فاتسعت حدقتا عينا ليث و...
كانت نور تُودع جسار الذي كان يعد حقائبه بصمت... منذ ما جرى وسقوطها مغشية عليها بين ذراعيه لم يحادثها مطلقًا، يتعاملان بصمت! والى الان عقله يرفض تصديق تلك الخرافات!.. أغلق حقيبته لينظر لها فوجد دموعها تغطي طبقة عيناها البنية وتهمس بصوت مبحوح: -خدني معاك بالله عليك يا جسار! تنهد عدة مرات بعمق... كاد يفقد عقله امام تلك الفتاة.. ساعة تحب قربه وتحادثه بلطف وساعة يجن جنونها وتبدأ بأهانته!..
الحلقات المتقلبة عكرت صفو حياتهم فلم يعد قادرًا على الغوص فيها... أمسك وجهها بين يداه هامسًا بصوت هادئ: -اهدي يا حبيبتي، الشيخ هيجي يقعد معاكِ شوية بس ويقرألك شوية قرآن ويمشي، مفيش حاجة تخوف يعني؟ وبعدين مفيش اي حاجة دا زي اطمئنان على البيت كله مش إنتِ بس، ولولا إن اختي محتاجاني اكتر دلوقتي كنت هبقى معاكِ... احتضنته مسرعة وهي تردد بصوت مبحوح: -مش عارفه إيه اللي بيحصل لكن انا مخنوقة اووووي.
بدأ يربت على شعرها بحنان والشك يغزوه اكثر فأكثر... ابتعدت هي ببطء تحدق في عيناه، لتقترب منه ببطء شديد لتطبع قبلة رقيقة على شفتاه، ولكن لم تبتعد بل ضمته لها وهي تقبله بنفسها ولاول مرة...! كان متجمد في البداية تحت تأثير لمستها التي جعلته كالحجر اسفلها، ولكن في الدقيقة التالية كان هو من يتولى تلك القبلة التي تعمقت اكثر فأكثر، اصبحت عدة قبلات مجنونة يلتهم فيها شفتاها ويداه تضمها له بقوة..
كان يتضور جوعًا لها ورغبته بها التي يكبتها منذ حين تؤلمه... ابتعد اخيرًا يلهث بصوت عالي ليقول: -انا لازم امشي ليبتعد بسرعة قبل ان تقول شيء اخر، خرجت خلفه وكانت والدته تنتظره لتتابع بقلق: -ابقى طمني عليك اول ما توصل وخلي بالك من اختك اومأ مؤكدًا لها بابتسامة حنونة ليحتضنها مودعًا اياها بابتسامة صافية...
مر الوقت وغادر جسار، وفجأة وجدت نور والدته تقف امامها ملوحة لها بأوراق وتهتف بجدية:.
-امضي على ورق الطلاق يا نور، إنتِ ماينفعش تكملي مع جسار لانك هتأذيه، انا روحت لواحد فاهم وقالي إن حسام هو اللي عمل الحاجات المشعوذة دي ربنا ينجينا وإنه صعب يوقفها وكدا إنتِ هتأذي جسار لو قربتي منه، انا معرفش بس بقيت متأكدة إن حسام مات بسبب السحر والجنان دا، ومش مستعدة اخسر ابني التاني! امضي وانا هجوزه واحدة كويسة هتخليه مرتاح...!
وبعد التحقيقات مع صقر و نيرمين التي ما إن رآها صقر صُدم... فقد كانت ملابسها ممزقة وتوجد بعض الخدوش على جسدها وتذرف الدموع بلا توقف... هيئتها جعلته يضحك ساخرًا من قلبه، فلو كان غير متزن لكان بدأ يشك في نفسه! كان جالسًا في المكتب الذي تتم فيه التحقيقات يسمع الضابط وهو يقول بالألمانية: -نحن في انتظار الفحص الطبي يا سيد، وحينها سينكشف الصادق من الكاذب لا تقلق.
بدأت نيرمين تفرك يداها بقلق حقيقي، قبل أن تزج نفسها في تلك الكارثة لم تكن تدري بموضوع الفحص الطبي ذاك!.. عفوًا عزيزي القارئ فالجهل لا دين له... او ربما القدر دائمًا يُحيك خيوط حياتك حسب تقديراته هو لا انت... دلف العسكري يهتف بصوت اجش: -زوجته تريد رؤيته سيدي اماء الضابط موافقًا بهدوء: -يمكنك رؤيتها في المكتب المجاور، وعند نتيجة الفحص سيجلبك العسكري.
اومأ صقر موافقًا لينهض مع العسكري متجهًا نحو ذلك المكتب، ليتركه ويغادر.. وبمجرد أن اصبح صقر امامها حتى احتضنها مسرعًا يغرقها بين احضانه.. ساعات لم يراها ولكن ما يطمئنه انها بين قبضة الشرطة فلن يستطع اي شخص أن يمسها!.. دفن وجهه عند رقبته ورائحتها تتغلل مسامه، يغمض عيناه مستمتعًا بقربها الذي يُلهب روحه... ليسمعها تهمس بصوت شبه باكِ: -كنت خايفة اوووي امسك وجهها بين يداه وبصوت خشن كان يردف:.
-متخافيش يا ترنيمتي، طول ما حسي في الدنيا مينفعش تخافي..! وقبل أن ترد كان يُقبلها برقة في البداية ثم تحولت لعنف وكأنه يخرج كل غضبه بتلك القبلة... كانت تأن بصوت خفيض فلانت قبلته تلقائيًا ولكن ازدادت شغفًا ورغبةً... حاوطها عند الحائط يُشبعها تقبيلًا وكأنه اخر شيء يفعله بحياته!.. يلتهم شفتاها بنهم على أمل ان يُسد جوعه وشوقه الدائم لها...
وفجأة طُرق الباب ليبتعد عنها لاعنًا من طرقه، ليدلف العسكري مغمغمًا بجدية: -هيا يا سيد لقد ظهرت نتيجة الفحص سأله صقر بلهفة: -هل هي جيدة؟ امتعض وجه العسكري مما جعل قلب صقر ينتفض بقلق حقيقي، ثم قال: -يؤسفني قول ذلك ولكن...
رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن والعشرون
حتى الان كانت للصدمة تأثير جبار على ترنيم التي تبدل حالها للسكون التام.. كانوا في طريقهم للفندق وهي تتذكر جملة ذاك العسكري اللعين الذي اوقع بقلوبهم بين شباك قاسية يؤسفني قول ذلك ولكن من كانت زوجتك ومن وثقت بها يومًا اتضح أنها مجرد كاذبة تدعي ما لم يحدث..! ارتياح غائر حاوط جذور ارواحهم، نالوا ما كانوا يسعوا له!.. ولكن أي ارتياح وجلد الثعابين الناعم من حولهم يلتف حتى كاد يقتلهم!..
دلفوا الى الغرفة بعدما عادوا من المستشفى لاجراء التحاليل اللازمة، توجه صقر نحو المرحاض ليتحمم مباشرةً، يود الغرق اسفل تلك المياة الباردة ليغسل روحه التي وكأن كهرباء صعقتها عدة مرات!.. يسعى للهدوء التام ولكن وكأنه مسعى طال طريقه كثيرًا... خرج بعدما جفف نفسه يلف نفسه بالمنشفة على جزءه السفلي فقط، لتسلب لبه صورة ترنيم وهي تمشط خصلاتها برقة شاردة في تلك المرآة وكأنها تراها!..
فراغ عميق استحوذ على جزء كبير من جوارحها، ولكنه سيملأه حتمًا!.. سيكسر قاعدة الحزن التي باتت تُطبق على اكبر نظام لحياتهم.. اقترب منها ببطء ليحتضنها من الخلف ويداه تتسرب لأسفل ذلك القميص الخفيف الذي ترتديه.. شهقت بنعومة هامسة: -صقر خضتني! كان يُحرك رأسه بخفة بحيث تتلمس شفتاه رقبتها وصوته الاجش يردد: -جننتي صقر، سحرتيه وهتموتيه من جمالك ف يوم يا ترنيمة عذابي!
ابتسمت باصفرار وهي تحاول الفكاك منه، فخرج صوتها هادئًا به لفحة بروظ وهي تسأله: -جسار لسة ماوصلش؟ هز رأسه نافيًا وصوته هائم بسابع ارض: -لأ لسة، عقبال ما لجي (لاقى) طيارة وخلص اجراءاته وكدة اومأت موافقة عدة مرات، شعرت بشفتاه الساخنة التي تُفتح وتغلق ببطء مثير على كتفها الابيض فاغمضت عيناها متنهدة بقوة... لازال ضغط تلك الساعات يكاد يُفقدها عقلها!..
ومن ثم سمعت همسته التي اختلطت بأنفاسه التي لفحت جانب وجهها: -وحشتيني لم ترد عليه كالعادة، بل حاولت الفرار كقط مرتعد وهي تتشدق بجدية: -انا تعبانة وعايزة انام شوية لحد ما جسار يوصل -لا، وانا عايزك! كانت حروفه ثقيلة مخمودة برغبته المشتعلة.. وطار عقله منه... بالأساس لم يكن بكامل قواه، صدمة ما حدث أستنزفت قواه المُرهقة فلم يجد سواها ليتناسى ما حدث!.. ليهرب من جحور ضغطه النفسي..
كانت شفتاه تلتهم شفتاها وقد حاوط رقبتها من الخلف بيداه، تحاول هي ابعاد شفتاها عنه ولكنه لم يعطها الفرصة كانت كالعطش وسط صحراء لم يصدق متى وجد بئر يروي عطشه منه! فكانت تهمس من بين صوتها المكتوم: -لا، سيبني أحاطها بين ذراعاه عندما حاولت الابتعاد، فآنت هي بألم عندما ضغط بأسنانه على شفتاها لتثير رغبته بها وجنونه الذي انفجر للتو... فظلت تهمس بحروف متقطعة: -صقر أبعد كفاية، سبني!
ولكن لا من مجيب، وعندما وجدت يداه تعرف طريقها جيدًا على جسدها وتزداد لمساته جرأة دفعته بقوة وهي تلهث بعنف، وتهتف دون وعي: -قولتلك ابعد عني أنت إيه! هو أنا مابوحشكش الا عشان حقوقك ورغبتك بس؟! وهو الاخر كان كالملسوع بكلماته فلم يكن منه الا أن صفعها بعنف وهو يصرخ بعصبية: -اخرررسي ثم بدأ بسرعة دون حرف اخر يسحب ملابسه معاودًا الدلوف للمرحاض مرة اخرى... عذرًا... فالطبع يغلب التطبع..
رغم كل مميزات صقر يظل به جانب مظلم قاسي وعنيف بعض الشيء...! إرتمت هي على الفراش تتنفس بصوت عالي، تحبس تلك الدموع بصعوبة...
كانت متمددة على الفراش حينما خرج من المرحاض... دموعها تهطل بصمت تام وما إن سمعت صوته مسحتها بسرعة لتعطي لمعة الجمود لوجهها، وفجأة وجدته يتمدد خلفها ليضمها له برقة! إنتفضت كمن لدغها ثعبان سام تبعده عنها بقوة، لتسمع زمجرته الخشنة وهو يردد: -ترنيم إنتِ اللي بتخرجيني عن شعوري وإنتِ عارفة إني عصبي وعندما لم يجد رد منها هتف باستسلام: -انا اسف يا ترنيمتي، حجك عليّا!
لم تقترب منه ايضًا فزفر بقوة وهو يضمها له رغم كل محاولاتها للفرار!..
كانت نور تراقب حماتها وهي تكمل حديثها محاولة تفريغ الشفقة داخلها تجاه جسار والصمت يلفحها: -أنا متأكدة إنك بتحبي جسار بس عشان بتحبيه مش هترضيله الاذى، هو لو كان مكانك كان هيعمل نفس الحل عقدت نور ذراعيها وهي تتشدق بسرعة مستنكرة: -وهو ده حل يا طنط؟ أمسكت ذراعيها بلين، وبحروف تقطر حنانًا مزيفًا يخفي قلقها الجم قالت:.
-حبيبتي أنا عارفة إنك هتتعبي وهو كمان هيتعب، لكن تعب ساعة ولا تعب الف ساعة، حسام مش موجود معانا عشان نلومه ونقوله لية بتؤمن بالسحر والشعوذة وبتعمل سحر لواحدة عشان تربطها بيك العمر كله حتى بعد موتك! صمت نور كان مُقلق حد الجنون بالنسبة ل والدة جسار التي اخذت تفرك يداها بتوتر مراقبة نور التي همست بخفة: -ابغي اقولك موافقة بس استحي ثم سرعان ما أمالت رأسها للأسفل بطريقة غريبة وعيناها تحدج ب حماتها بقوة...
ثم حاولت زج الخشونة بصوتها وهي تغمغم: -ملكيش دعوة بيا انا محدش يقولي أعمل ايه! إتسعت حدقتا عيناها وبدأت اطرافها ترتجف وهي تتمتم بفزع: -اعوذ بالله من الشيطان الرچيم، انصررررف انصررررف لم يتغير وضع نور وهي تقترب منها ببطء فازداد هلع حماتها وهي تمسك بطرف ملابسها وتهمس بخوف: -لا تأذونا ولا نأذيكم، اعوذ بالله من الشيطان الرچيم ثم ركضت مسرعة وهي تصرخ بصورة مضحكة:.
-معلش يا نور انا كنت خايفة على ابني بس والله... وعندما وجدت نور تقترب منها على نفس الوضعية التي يتخذها -من تلبسهم جني- اصبحت تردد بلا توقف وهي تلوح لها بيدها: -خديه خديه مش عايزاه هو كدا كدا ابن كلب واطي مابيسمعش كلامي ثم أغمضت عيناها مكملة بارتعاد: -بس سيبيني ف حالي الله لا يسيئك انا غلبانة والله عندها ابتعدت نور ببطء لتعود وتدلف للغرفة بسكون تام... كانت ممثلة بارعة وبجدارة..
ولكن كم ألمها هذا التمثيل بحق.. غار في اعماقها حتى شعرت بكم ألم اخترق مسامها مسببًا شلل لمشاعر ملكومة داخلها!.. جلست على الفراش تتنهد بثقل وهي تنظر لأعلى هامسة وقد تعمقها الحزن: -يااااارب انا تعبت!..
أمسك ليث في تلابيب ذلك الرجل الذي ما إن اقترب منه حتى رفع يداه علامة على استسلامه الفوري... ليلكمه ليث بعنف وصراخه يدوي في المستشفى: -وليك عين تيجي هنا يابن الكلب يا*** دفعه الرجل بقوة وصوت لهاثه عالي، ليهتف بجدية حاول ان تبدو هادئة: -مش انا اللي ضربت النار على مراتك، دا واحد زميلي متهور وكمان، آآ فقاطعه ليث بزمجرة خشنة تشعرك وكأنك على ابواب جهنم:.
-زميلك! هو اخد جايزة الالعاب الاولمبية ياروح امك؟ دي شروع ف قتل -عمر بيه اتقتل، وهو كان مقهور عليه عشان كان دراعه اليمين وفكر انك انت اللي قتلته عشان كان بيجري ورا مراتك، فلما ضرب مراتك كان مجرد إنتقام مش اكتر، لكن عرف غلطه وانا جيت استسمحك نيابةً عنه وعرفت ان مراتك بخير ومستعدين لأي تعويض ألقى كلماته بوجهه كالقنبلة الموقوتة وليث كقتيل يحاول الاستنشاق تحت انفاق القبور!.. أ يحزن ام يرتاح؟!
لم يكن يتخيل أن تنظيم حياته وجوارحه كاللوغاريتمات تحتاج لذكاء فذ لتنفيذها!.. أمسكه بعنف وهو يتشدق مستنكرًا: -تعويض!؟ دا انا هخليك تدور على تعويض لحياتك يابن ال*** ثم صرخ بعلو صوته الحاد: -فين الامن اللي هنا؟ اطلبوا البوليس حاول الرجل دفعه والفرار، حاول التملص من بين قبضتاه... ولكن إصرار ليث كان كالبنيان من حديد لا يقبل الإنكسار... وبالفعل اتى افراد الامن مسرعين يهتف اولهم: -خير يا استاذ؟
اجاب ليث بصوت لاهث من فرط إنفعاله: -الحيوان دا هو اللي ضرب على مراتي نار، أمسكوه لحد ما البوليس يجي اومأ الرجل وبالفعل بدأوا يقيدوه ليصرخ الرجل بجنون منفعل: -انا ماضربتش حد بالنار سيبوني اوعوا كدا ابعدوا عني.. ولكن لا حياة لمن تنادي، ابتعدوا عن ليث الذي كان يتنهد عدة مرات ثم توجه للغرفة التي نُقلت لها فجره ...