رواية معشوق الروح للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثامن
أصطدمت به وهى تهرول لتحظو بحياتها التى ستفتك على يد الغول، رفعت عيناها لتتفاجئ به فخرج صوته بهدوء: مش تخلى بالك؟ صاحت بغضب: أفندم! إبتعد طارق عنها ثم قال بتعجب: على فكرة أنتِ الا خبطى فيا مش العكس! رفعت يدها على خصرها بغضب أشد: ودا يديك الحق أنك تلطش بالكلام مع خلق الله.
جحظت عيناه على تلك الفتاة التى تحمل الجنون بشكلاٍ يرأه لأول مرة حتى أنها أستمرت بالحديث فأسرع بالتحدث قائلا بلهفة لينال الحرية: أنا أرتكبت خطأ فاحش وبعتذر جدااً ومتكفل بأى تعويضات مادية ومعدنية أنفجرت ضاحكة بعدما إستمعت له قائلة بعد صعوبة للحديث: لا حلوة بس حضرتك عارف أنت بتكلم مين؟ أعاد خصلات شعره للخلف بحيرة من أمره: فى الحقيقة لا بس أحب أعرف.
تلفتت للخلف بتراقب ثم قالت بصوتٍ منخفض: أنا سكرتيرة الغوريلا الا جوا دا كبت ضحكاته قائلا بجدية مصطنعه: يا راجل أشارت برأسها بتأكيد فسترسل حديثه بزهول: بس أنا على حد علمى أنه أسمه غول! لوت فمها بضيق: غول ولا غوريلا كلهم وحوش بالنهاية أجابها بتأكيد: معاكِ حق والله أعتدلت بجلستها قائلة بوعى: مقولتليش بقا أنت مين؟ إبتسم إبتسامة واسعة: أخو الغوريلا أو الغول مش هتفرق على رأيك.
شعرت بصدمة ليس لها مثيل فجذبت الملف وتوجهت لمكتبها على الفور، إبتسم طارق بسخرية وأكمل طريقه للداخل..
بمنزل محمود جلست على طاولة الطعام بملل من عدم وجود أحداً بالمنزل فأخرجت هاتفها تلهو به بملل شديد ولكنها شعرت بأن هناك شيئاً ما يحدث بالخارج، جذبت حجابها وتوجهت لباب الشقة تستمع ما يحدث..
تراجعت للخلف وهى ترى رجال يطوفون بالمكان ويقترب أحداهما من الباب بأشارة من الأخر فيحاول فتحه بدون صوت ملحوظ، أرتعبت ليان وركضت لشباك المنزل تحاول الصراخ ولكن تفاجئت بهم بالداخل فصرخت بقوة وركضت لغرفتها التى أغلقت بابها بأحكام ولكن امام طرقهم المبرح لن يصمد طويلا فأخرجت هاتفها من جيب البيجامة تطلب أخيها بسرعة كبيرة والصرخ يعلو شيئاً فشيء لعل من يستمع لها يكون النجأة لها مما ترأه.
بمكتب مالك تعالت ضحكاته قائلا بعدم تصديق: قالك كدا معقول؟! زفر محمود بغضب: بتضحك؟! كبت ضحكاته قائلا بسخرية: أمال عايزنى أعملك أيه من أول يوم وحضرتك بتعيط طب بعد كدا هتعمل أيه؟! جحظت عيناه برعب: هى فيها بعد كدا لا دانا أرجع شغلى أحسن أعتدل مالك بجلسته قائلا بجدية مصطنعه: جبان يا حودة كاد أن يعنفه ولكن قطعهم دلوف سيف للداخل قائلا بأبتسامة هادئة: صباح الخير إبتسم مالك قائلا بسخرية: صباحو تأخير.
أرتمى بجسده على المقعد قائلا بتعب: مكنتش جاي من الأساس بس أفتكرت الميتنج ثم أكمل بتعجب لرؤية محمود: مش تعرفنا يا مالك رفع محمود يديه قائلا بأبتسامة واسعه: مفيش داعى مالك يعرفنى معاك محمود لطفى دكتور جامعى وكنت زميل الأستاذ دا هو ويزيد طول فترة الدراسة رسم سيف البسمة بترحاب: وأنا سيف إبن خالة يزيد ومسؤال عن الشركات. رمقهم بسخرية: نجبلكم شجرة وأتنين ليمون عشان تعرفوا تتكلموا براحتكم.
أستدر الجميع ناحية الصوت ليتفاجئوا بيزيد أمامهم ونظرات الغضب تحتل عيناه، أسرع سيف بالخروج قائلا بأبتسامة واسعه: أشوفك بعدين يا حودة محمود بغضب: حودة وهتسبنى هنا! خدنى معاك وأتابعه محمود للخارج فجلس يزيد على المقعد المقابل لمالك قائلا بغموض: كنت عايز أقولك على حاجة يا مالك أستقام بجلسته قائلا بلهفة ؛ حاجة أيه دي؟! زفر وهو يلقى بثقل جسده على المقعد: طارق عايز يتجوز البنت دي مالك بتفهم: حقه يا يزيد.
رمقه بصدمة: نعم! أكمل مالك بهدوء: زي ما سمعت حقه يطلب الطلب دا وحقها أنها ترفض ومتنساش أنها متعرفش الحقيقة يعنى فى أعتقادها أنه طارق مش كويس خرج صوته الساخر: وأنت عايزنا بقا نشرحلها أنه ميقصدش والكلام دا! أسرع بالحديث قائلا بهدوء: لا بس على الاقل تعرف وليها حرية الأختيار صاح بغضب: تختار أيه أنت مجنون؟! دا جواز مش لعبه هتنازل بيها له أنا مش عارف أفكر خالص حاسس أنى بمتاهة.
أجابه مالك بهدوء: طب بس أهدا وكل شيء هيتحل. زفر وهو يحاول التحكم بزمام أموره، فصدح بالغرفة صوتٍ لهاتف غير مؤلوف فتطلع مالك لجواره قائلا بستغراب: محمود نسى الفون يزيد بسخرية: مش بقولك غبي أروح أشوف شغلى أفضل.
تعالت ضحكات يزيد فجذب الهاتف يتفحصه بأهتمام لتعلو دقات قلبه حينما رأي أسمها ينير شاشة الهاتف، لم يشعر بأنامله وهى تتحرك بحرية على حروف الأسم المختوم بحروف نبض القلب، بسمته إرتسمت بتلقائية وهو يتذكر خجلها، فتح الهاتف وقربه من آذنيه على أمل سماع صوتها ولكنه فزع حينما إستمع لصراخها المكبوت ببكاء حاد: ألحقنى يا محموووود.
ثم صاحت بنوبة من الصراخ حينما تحطم الباب ليظهر أمامها رجلين بطول مريب وجسد يبث الرعب بالأبدان، تراجعت للخلف ببكاء ورعبٍ شديد وهى تصيح بقوة: أنتوا مين؟ وعايزين منى أيه؟! أقترب منها أحدهما وهو يجذبها بهدوء: أما تيجى معانا هتعرفي دفشته بعيداً عنها قائلة برعب بعدما جذبت الزجاج المحطم نتيجة لقوتهم: لو قربت منى هقتلك أنقبض قلب الراجل قائلا برعب لرفيقه: أرجع حسام بيه عايزها سليمة.
هنا كانت الرسالة واضحة لها لتعلم بأنه من بعث هؤلاء اللعناء ليقتص منها، فعلمت النقطة التى ستستغلها للخروج من هنا كما كانت تعتقد، رفعت الزجاج على رقبتها قائلة بغضب: أخرجوا من هنا حالا والا هقتل نفسي هنا وأدمكم.
تراجع الراجل بخوف من رب عمله، أما على الجانب الأخر كان يضع الهاتف بصدمة على آذنيه ويهرول سريعاً لسيارته يجتاز المسافات بسرعة ليس لها مثيل، بقاء الهاتف على قيد الأتصال هو من جعله على فيد الحياة، علاقته بها تثير جدله بقوة فيشعر بأنه على وشك خسارة قلبه الذي يصارع بنبض ليس له مثيل...
وصلت تقى للشركة بعد ساعة كامله قضتها بالتفكير وأنهتها بقرارها بأستكمال العمل.. دلفت لمكتب يزيد أولا بعد أن أوصلتها بسمة والغضب يشكل وجهها... جلست على المقعد قائلة بفرحة: بجد يا يزيد سيف قالك كدا؟! إبتسم لسعادتها الكبيرة بأبسط الأشياء وأكمل بتأكيد: أيوا يا بنتى والله وطلب أنك تكونى فى القسم بتاعه يعنى أعتبري نفسك شغالة معاه طافت أحلامها قائلة بفرحة: طب أروح أنا بقا.
أوقفها قائلا بثباته الدائم: أعتقد التقل أفضل من كدا أستدارت بغضب ليكمل عمله ببرود كأن لم يكن، فقاطع كلماتها المتعصبة دلوف طارق قائلا بندم: أنا راجع البيت يا يزيد وأوعدك أنى عمري ما هشتكى من حاجة أبداً رددت تقى بستغراب لرؤيته: طارق! رمقها بحزن: أيوا طارق ياختى الا كان طاير من السعادة عشان هيشتغل هنا بس بعد الا شوفته والحسابات المميته دي غيرت رأيئ فهروح على الجامعه بقا سلامو عليكم.
وتوجه للخروج ولكنه تخشب محله حينما هوى الرعد المخيف قائلا بأنقباض: طاررق إبتسمت تقى وغادرت سريعاً بعدما رددت بهمسٍ له: ربنا معاك يا خفيف رمقها بغضب فأسرعت بالفرار..
تراجعت للخلف بزعر وهو يقترب منها بمحاولة مخادعة للحديث ليستغل زميله الفرصة ويستدير من الناحية الأخرى فيتمكن من السيطرة عليها، وبالفعل ما حدث كما هو مخطط أنتشل منها الزجاج وهى تصرخ بقوة أفتكت بقلب مالك الذي أسرع بالسيارة كالطوفان المميت أو كمن يتحدا الرعد والعواصف لينجو بحياته المرتبطة بدقات القلب وعلاقة الروح، جذبوها بقوة بعدما كمموا فمها وقيدوا حركاتها ثم حملها أحداهما للسيارة التى تنتظرهم بالأسفل...
تحركت السيارة سريعاً عن المكان الممتلأ بالأناس الفقراء فأغلبهم من ألتزم الصمت خوفاً من مظهرهم الخارجى ومنهم من حاول التداخل ليكيل لهم المستعمرات البشرية ضربات قاتلة جعلتهم عبرة لمن أرد أنقاذ تلك الفتاة...
كانت تتمدد بالخلف أرضاً والسيارة تتطوف بقوة ولكنها توقفت حينما أعلنت إشارات المرور ذاك أو ربما أتصال الأرواح من دق بقلبها فجعلها تشعر بأنه قريبٍ منها، نعم هو بالسيارة المقابلة لها يتأمل الطريق بغضب شديد كاد أن يكسر الطريق ولكن مرور الأطفال من منعه من ذاك أو ربما لقاء عابر مخطط له، صارعت لتتحمل على جسدها بعد محاولات عديدة من من يجلس جوارها تمكنت من رؤيته يجلس بالسيارة المعاكسة لها، لجوارها راجل الشرطة ولكن لم يعنيها سوى من وقعت عيناه عليه، رفعت يدها المقيدتان تضرب الزجاج بقوة فجذبها الرجل سريعاً، حاولت العودة للزجاج الشارع لروحها ولكن لم تتمكن من ذلك لقوته الجسمانية فأثارت ضجة بالسيارة..
شعر مالك بأن هناك أمراً غامض بين ضربات قلبه وتلك السيارة السوداء، كان بحرباً ليس لها مثيل أيتبع أحساس القلب وهوس الروح أما يذهب للمنزل سريعاً، تحركت السيارات حينما تعدلت أشارة المرور ومازال يضرب المقبض بغضب إلى أن أتبع قلبه وأبدل مسار السيارة بقوة كادت أن تفتك به بحادث ليس له مثيل ولكن لم يعنيه سوى أنقاذ من سلبت القلب وآسرت الروح بلجام العشق الغامض..
بدأ الشكوك تزواره بأنها بالسيارة بعد أن نخفت السيارة بأماكن مجهولة، أخرج مالك هاتفه ثم شرع بالاتصال برفيقه فالأمر غامض للغاية..
بالشركة دلفت تقى لمكتبه قائلة بأبتسامة هادئة: صباح الخير إبتسم سيف قائلا بسحراً لا يمتلكه سواه ؛ صباح النور يا تقى تعالى وبالفعل دلفت لتجلس بالقرب منه، أخرج سيف مهامها قائلا بهدوء: دا أول ملف ليكِ ورينى بقا همتك أنا هشوفه بعد ما تخلصى خالص أشارت برأسها وهى تتفحصه بهدوء وتنفذ ما علمها إياه.. أما بمكتب بسمة.
كانت تجلس بالخارج حينما تلقت أتصالا هاتفياً قلب حياتها، وقفت قائلة بصدمة: أيه؟! أنت بتقول أيه؟! ثم صرخت بقوة: لاااا مستحيل لااااااا وسقطت أرضاً تبكى بقوة وتصرخ بقوة أكبر... بغرفة يزيد كان بالداخل مع مجموعة من الموظفين حينما إستمع لصراخها فهرول للخارج سريعاً ليجدها تبكى بقوة وضعف شديد، انحنى ليكون على مستواها قائلا بلهفة وخوف: فى أيه يا بسمة؟ مااالك!
رفعت عيناها الزرقاء بدموع ولون يشبه الهلاك، تتأمله بصمتٍ وحزن دافين، دموعها تنسدل بصمت وعيناها تتأمل عين الغول الفاقد بذاك الوقت للقبه المقزز ليصبح بئرٍ من الحنان والخوف القاتل على معشوقته، على من ملكت قلبه من الوهلة الأولى..
دمعاتها تزداد شيئاً فشيء، هموم العالم ألقى على مسماعها منذ قليل، قيود وعادات وجع وآنين ألقته حينما وقعت بأحضانه فاقدة الوعى، أحتضانها بخوف شديد ثم حملها للداخل والرعب يلعب دوره الحاسم على قسمات وجهها..
حاول أفاقتها ولكن لم يستطيع فأتى الطبيب ليخبره بأنها بصدمة عصبية مريرة ولن يتمكن من أفاقتها حتى لا تزداد حالتها سوء فالأفضل لها فاقدان الوعى، تعجب يزيد من مطلبه الغريب ولكنه سينفذ أي شيء ليجعلها آمنة فحملها للقصر كما أخبره الطبيب بعدما فشل فى معرفة عنوان لأهلها.. ربما دلوفها لحياته ولقصره ليس مخطط له وربما مستنقع أحزانها لديه رابط أو شيئاً خفى يجمعها به...
بسيارة مالك حاول الوصول ليزيد ولكن هاتفه خارج التغطية فترك رسالة له مع تتبع للمكان الذي هو بع.. توقفت السيارات أمام مكانٍ يراه مالك لأول مرة فهبط منها الرجال وهى معهم تخطو بخوف شديد ودموع غزيرة جعلت قلبه ينقبض بقوة..
مكانٍ مظلم مخيف للغاية، عتمته ليست المخيفة بل رائحته الكريهة المعبأة بالخمر الشيء المغيب للروح والجسد المحرم من الله عز وجل ويستبيحه ذاك الحقير من يجلس بمنتصف الغرفة الواسعه التى تمتلأ بعدد مهول من الزجاجات الفارغة وفراش ضخم للغاية وكوماد صغير بجواره ومقعد واحد من يجلس عليه، شعرت بأنقطاع الاحبال الصوتيه لديها فقالت بعد معانأة للحديث: أنت جايبنى المكان دا ليه؟!
تعالت ضحكاته وهو يقترب منها ويحرر قيود يدها بقوة جعلتها تصرخ ألماً من قوة ربط الحبال فرفع يديه يكيل لرجاله اللكمات قائلا بغضب: أنتوا عاملين فيها كدا ليه؟! بكت ليان وهى تتأمل جنونه وعدم إتزانه رائحة فمه نقلت لها صورة مقززة عما يتناوله.. رفع يديه على وجهها قائلا بصوتٍ مخيف: متخافيش يا لين أنا جايبك نتسلى شوية أبعدت يديه عنها قائلة بصراخ: متلمسنيش.
تعالت ضحكاته والرعب يتوالى بقلبها والدموع تعرف كيف الطريق على وجه الآنين.
بقصر نعمان وضعها يزيد بحرصٍ شديد على الفراش وعيناه بالحزن تفترش وجهها، رفع يديه يزيح دموعها بخنجر يزداد بطعن قلبه فخرج صوته المنهزم لأول مرة: أيه الا حصلك يا بسمة؟ ازدادت دموعها فعلم بأنها تستمع إليه ليكمل وهو يجفف دموعها بأنامل يديه الحنونه: لو أعرف مالك بس؟! ثم تمسك بيدها قائلا بحزن: مش هسيبك صدقينى أنتِ هنا معايا أزدادت دمعاتها فزداد حزنه ليعلم الآن انه لم يخطئ فهو بحالة عشق مريبة..
دلفت أمل للداخل ومعها شاهندة التى أتت على الفور حينما بعث لهم يزيد مع الخدم، تأملتها امل بأهتمام ثم قالت بحزن: مش دي البنت الا كانت معاك؟ أشار برأسه بحزن فأقتربت منها شاهندة قائلة بستغراب: مالها يا يزيد! قص عليهم يزيد ما حدث فأقتربت منها امل ورفعت يدها على رأسها تقرأ آيات من القرآن بحزن..
تأملها يزيد بصمت فأستمع لآيات الله التى ترتلها أمل بصوتٍ عذب، صدحت رسالة مالك فأخرج يزيد هاتفه لينصدم بقوة منا رأه فقال بسرعة وهو يتوجه للخروج: منار فين يا شاهندة؟ أجابته بستغراب: فى الجامعه غادر سريعاً وهو يحمد الله بأن وجد وسيلة للاتصال بمحمود بعدما نسى هاتفه...
بالجامعة تفاجئت منار بعدد مهول من الأتصالات من يزيد فأخرجت هاتفها بقلق: أيوا يا آبيه صوته المتلهف: محمود فين يا منار؟ اجابته بستغراب: معرفش هو مش علينا النهارده أكمل حديثه بسرعة كبيرة: شوفيه فين فى مكتبه ولا بأى مدرج وإعطيه الفون حالا أجابته بخوف: فى أيه يا آبيه؟ صاح بغضب: مش وقته.
وبالفعل هرولت منار تبحث عنه بالجامعه إلى أن وجدته بمكتبه فدلفت وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة: دكتور محمود كويس أنى لقيت حضرتك وقف يتأملها بستغراب وخوف: فى أيه! أنتِ كويسه؟ أشارت برأسها وهى تناوله الهاتف قائلة بصوت متقطع ؛ آبيه يزيد عايزك ضروري ألتقط منها الهاتف ليستمع من يزيد ما حدث مع شقيقته وأخبره أن المكان الموجودة به على الهاتف الخاص بيزيد وحدد له المكان الذي سيلتقى به ليذهبوا لمالك.
ما أن إستمع محمود لما يقوله يزيد حتى أطبق على يديه بقوة وغضب شديد بث الرعب بقلب منار فركض سريعاً للمكان الذي أخبره به يزيد..
إبتعدت للخلف وهى تبكى بقوة قائلة بصوت مرتجف: أنت فاكر أنى كنت هسمح لحيوان زيك يبقا زوجى بعد الا شوفته! تعالت ضحكاته قائلا بعين لامعة بشيء يصعب وصفه: أديكى هتبقى مرأتى بس من غير ورق.
صدمت من حديثه وحاولت الركض ولكن هيهات جذبها بقوة للفراش فصرخت بقوة حينما حاول التهاجم عليها ولكنها صعقت حينما طاح بعيداً عنها فتطلعت لمن يقف أمامها كالسد المنيع، جسده كفيل بحجب النور عنها، حاولت رؤية وجهه لتتأكد بأنه هو ولكن وجهه مقابل لمن يحاول النهوض.. أقترب منه مالك وعيناه تشع شرارت من جحيم يكيل له لكمات قاتلة قائلا بصوت كالرعد: حيوان فاكر نفسك مين!
أغمضت عيناها بآمان وسعادة حقيقة لوجوده ولكنها فزعت حينما دلف جميع الرجال للداخل بعدما أستمعوا صوت صراخه.. ألتفوا حول مالك كالمدرعات القاتلة وهى تحتضن الكوماد بخوف شديد تشعر به لأول مرة.. أخرج أحدهما السكين وأقترب منه فرفع يديه ليغرسها بصدره فصرخت بقوة لأول مرة بأسمه، مااااالك، أسمٍ ترنح بين شفتايها.
أمسك معصم الرجل بقوة ولكنه أستدار بوجهه لها بلهفة وسعادة لسماع أسمه ورؤية الخوف على وجهها والدمع المتدفق من سحر عيناها.. أستغل أحداهما إنشغاله بحوريته وهوى على وجهه بلكمة فشهقت خوفاً، أعادته اللكمة لأرض المعركة فحاربهم بقوة حتى تزايد العدد عليه ليجد رفيقه ينضم إليه حتى محمود جذب حسام بغضب ليس له مثيل الغضب جعله كفيف عن الرحمة لذاك اللعين فأنهى علية بلكمة فقدته واعيه..
اقترب من شقيقته بسرعة كبيرة فاحتضنها بخوف واقترب من مالك ومازالت باحضانه تنظر له بتعجب لوجده السريع بالمكان وشعورها بنبض القلب المريب.. رفع محمود عيناه لمالك ويزيد قائلا بأمتنان ؛ مش عارف اشكركم أزاي؟ اجابه يزيد الذي يتأمل نظرات مالك وليان بأبتسامة مكر: عيب يا محمود احنا معملناش غير الواجب وهنكمله لما الشرطة تعتقل الحيوان دا ودي بقا مهمتى.
إبتسم محمود لدهاء يزيد وبالفعل خرج يزيد بتحدث مع الشرطة وقام محمود بتقيدهم جميعاً، لتبقى ليان أمام اعين عشق الروح، العينان متعلقة ببعضهم البعض والأرواح تشتعل كالجمر من الآنين والأشتياق لتتوحد بأيام قادمة لتشكل احداث نارية.
رواية معشوق الروح للكاتبة آية محمد رفعت الفصل التاسع
تلاقت العينان بلقاء طويل تقف على بعد قليل منه وعيناها تتأمله بستغراب وزهول.. أقترب منها مالك قائلا بصوتٍ هادئ: أنتِ كويسة؟ أكتفت بالأشارة له ونظراتها تؤكد بأنها بدرجات الجنون، ظل كما هو يتأمل عيناها بصمت، ما تفكر به يصل له بنظراتها..
أفاق من دوامته على صوت الشرطة، دلف عدد من الضباط للداخل فرفعت يدها بخوف على ذراعه تشدد من ضغطها بقوة وهى ترى أحدهما يقترب منها وقفت خلف ظهر مالك برعب حقيقي ونظرات محمود ويزيد تطوفها بستغراب فمن المؤكد لخوفها الأحتماء خلف ظهر شقيقها ولكنها أحتمت بمالك بدون تعمد ربما نداء روحى لطوفان العشق..
رفع مالك يديه على يدها المدودة على ذراعيه فلفظ قلبها بآلحان صعبت بوصفها حتى هو حاول الحديث كثيراً ولكن لم يستطيع فحاله ليس أقل منها.. أقترب منها الشرطى قائلا بتفهم: متخافيش هما 5دقايق بس هنأخد أقوالك وهتمشى مع جوزك صدحت الكلمة بالمكان فتطلع محمود بصدمة ليزيد المبتسم يمكر فرفع يده على كتفيه قائلا بخبث: شكلنا هنبقى نسايب يا حودة.
ملامحه تحمل الجدية فلأول مرة يرى شقيقته تحتمى بأحداً ما مثلما تفعل مع مالك، شعر بأن هناك رابط ما يجمعهم.. جذبها مالك من خلف ظهره لتقف أمام الشرطى تقص بدموع ما حدث منذ الوهلة الأولى إلى أن تدخل مالك لينقذها منه.. أنهى الشرطى الأجراءات اللازمة نظراً لحالتها المرتباكة ثم غادر محمود وليان بسيارة يزيد ومالك يتابعهم...
بالشركة أنهت تقى الملف ثم قدمته على المكتب قائلة بخوف: كدا يا سيف؟ أنهى سيف أتصاله ثم رفع أنظاره على الملف بتفحص دام لأكثر من أربعون دقيقة قائلا بملامح ثابته: لا طبعاً مش بالطريقة دي عندك تعديلات كتيرة تطلعت له بحزن فترك مقعده وجلس جوارها يحدد لها بعض النقاط الهامة ثم جذب جاكيته وتوجه لقاعة الأجتماعات تاركها تعدل ما تركه لها...
هبط محمود وليان أمام المنزل وغادر يزيد ومالك المبتسم بسعادة كلما تذكر حمايتها به.. صعدت ليان للأعلى والدموع لتذكر ما حدث تلون وجهها وعيناها بالأحمر القاتم، دلف محمود للداخل ليتفاجئ بولدته تجلس أرضاً، منهارة من البكاء بعدما علمت من الناس هنا ما حدث لليان...
تلون الأمل بشعاع نور حينما رأتها تدخل هى وإبنها المنزل سالمة فهرولت إليها سريعاً بلهفة وسعادة أمتزجت بالدموع: الحمد لله أنك بخير يا حبيبتي، ثم أخرجتها من أحضانها قائلة بغضب: قوليلي ايه الا حصل ومين الناس دي؟ جلس محمود على الأريكة قائلا بغضب عاصف: بعتهم الحيوان دا بس خلاص يزيد عمل معاه الصح ولبسه قضايا تخليه يعفن ميت سنة فى السجن أجابته بستغراب يزيد كان معاكم؟!
خلع جاكيته قائلا بتأكيد: أيوا والا أنقذ ليان إبن عمه مالك من غيره مكناش هنعرف مكانها ولا أي حاجة أحتضنتها فاتن بخوف، فقالت بأمتنان: ربنا يجزيهم خير يارب ويبارك فيهم.. ثم توجهت للمطبخ قائلة بتماسك مخادع: هعملكم حاجة تروق أعصابكم منهم لله حسبي الله ونعم الوكيل فيهم.
وبالفعل تركتهم وتوجهت للمطبخ تعد لها شيئاً يعيد توازنها، أما محمود فأقترب منها قائلا بحزن: خلاص يا ليان مش هيكون له وجود بحياتك أنسيه وأنسى أي حاحة ليها علاقة بيه رفعت عيناها الممتلأة بالدموع ليخرج صوتها المتقطع بصدمة: أنا أزاي كنت هعيش مع البنى أدم دا؟! رفع يديه يجفف دموعها قائلا بحزن: خلاص يا ليان احمدى ربنا أنك كشفتيه بنفسك.
رفعت عيناها تتأمله بأبتسامة بسيطة تجاهد للخروج قائلة بسخرية: أنا مسمعتش كلامك قبل كدا يا محمود وأختارته هو اختارت الحيوان دااا تعالت شهقات بكائها الحارف فأحتضنها محمود بقوة قائلا بآلم: خلاص بقا يا لين وبعدين يا ستى هو خاد وجبه وزيادة أروحله السجن أقتله وأخلص إبتسمت على حديثه المرح فأخرجها من أحضانه قائلا بأبتسامة جذابه: أيوا كدا أضحكى، ثم أكمل بتذكر: هو أنتِ تعرفي مالك؟!
طافت ذكرياتها بخيال أكد لمحمود بأن ما يجمعهم ليس رؤية واحدة لا هناك شيئاً ما مفقود، سماع أسمه كان كفيل بجعلها رائحة الأمان تتسلل لها، سماع إسمه جعلها تشعر بعاصفة تلتف حولها فتجعلها كالهائمة بعالم من الأساطير.. رفع محمود يده على ذراعيها بتعجب فعادت لأرض الواقع قائلة بصوت منهزم: مش عارفه أعتدل بجلسته قائلا بسخرية: أزاى هو يا أه يا لا!
أستندت بجسدها على الأريكة لتقص بهيام قصتها الغامضة مع مالك نعمان... كان محمود بحالة من الهدوء والصدمة بآنٍ واحد فخرج صوته أخيراً: سبحان الله أنا مش مصدق الا سمعته دا! والأغرب بالنسبالي ليه مالك مقاليش؟! أجابته بستغراب هى الأخرى: معرفش يا محمود كل الا أقدر أقولهولك أنى لما بشوفه بحس أنى أعرفه من سنين أنا كنت بشوفه كل يوم بأحلامى مش عارفه كل الا بيتبرع لحد بالدم بيحصله كدا!
قاطعها قائلا بزهول: لا طبعاً عموماً أرتاحى فى أوضتى على ما أرتب الاوضة بتاعتك إبتسمت بفخر بأخيها ودلفت لغرفته لتعبها الشديد..
بقصر نعمان صعد مالك لغرفته بفرحة تكسو وجهه، يحمل ذراعيه كأنها كنزاً ثمين، نسمات تلونهم بطيف لمساتها فجعلت قلبه بين صراعٍ ليس لها طريق للطواف... ألقى بنفسه على الفراش بأهمال يتذكر نظراتها، عشق إسمه حينما نطقته هى، يالله أهذا هو العشق كما يقال، إذاً مالك نعمان أسر بالعشق الروحى.
صعد يزيد لغرفته مسرعا ليجدها غائبة عن الوعى مثلما تركها، استند بجسده العملاق على الباب بحزن لرؤيتها هكذا، لمعت عين أمل ببريق جديد لرؤية الحب يتوج عين يزيد فخرج صوتها الساكن: متقلقش يابنى أنا وشاهندة هنفضل جانبها أشار برأسه وغادر لغرفة مالك... ولج للداخل فوجده يفترش الفراش بشرود فألقى بنفسه جواره وضعاً يديه خلف رأسه يخطف النظرات له ببسمة سخرية: كنت فاكر أنك مجنون بس حالياً بقينا إتنين.
أستدار مالك بوجهه ليجده يتمدد جواره، أعتدل بنومته قائلا بستغراب: أنت بتعمل أيه هنا؟ جذب الغطاء قائلا بسخرية: زي ما حضرتك شايف جذب الغطاء من على وجهه قائلا بغضب: مأنا شايف وكل حاجة بس عندى فضول أعرف منك لو مش هتعجبك وضع وسادة خلف ظهره قائلا بهدوء معاكس: شكلى هحكيلك على الأ حصل النهاردة وضع مالك خلف ظهره وسادة هو الأخر: قول.
وبالفعل قص يزيد ما حدث لمالك المنصدم مما يستمع إليه فقال بزهول: بس مينفعش يا يزيد أكيد أهلها قلقنين عليها جداً زفر بغضب: أعمل أيه يعنى أنا أول مرة معرفش أوصل لملف مؤظف عندى بالشركة ومكنش فى وقت أعاقب المسؤال عن الكلام دا اجابه بتفهم: طب هى هتفوق أمته؟ حل الحزن على ملامح وجهه: معرفش الدكتور بيديها أدوية تخليها فاقدة الوعى مالك بتفكير: طب أيه الا وصلها للحالة دي؟!
أجابه بغضب: قولتلك معرفش أنا خرجت من المكتب لقيت حالتها كدا : ربنا يستر قالها مالك وهو ينهض عن الفراش ويتوجه لخزانته..
بالشركة تعجب سيف من أختفاء مالك ويزيد من المقر فعلم منهم ما حدث فأخبره يزيد أن عليه تحمل مسؤليات الشركات اليوم لعدم إستطاعتهم بالحضور.. دلف لمكتبه بصدمة تفوقه أضعاف حينما رأى عدد مهوى من الملفات والمؤظفين ليخبره أحداهما بأن العمل على هذا العدد هام جداً جلس على مقعد قائلا بصدمة: منهم لله أيه كل دا! تعالت ضحكات تقى وهى ترى تعبيرات وجهه المضحكة...
رمقها بنظرات مميته وجذب أحدهما ليشرع بالعمل بغضب شديد، جذبت مقعد ووضعته جوار المقعد الرئيسي الخاص به قائلة بجدية: قولى أساعدك أزاي؟ رفع عيناه قائلا بأبتسامة ساحرة: حابه تساعدينى بجد! أشارت برأسها فناولها الملف قائلا بهدوء: رجعى الملفات دي وأقرأيها كويس وأنا هوقع وراكِ من غير مراجعة أشارت برأسها وشرعت بتنفيذ ما طلبه منها..
بمنزل محمود إستندت برأسها على الوسادة تتذكر ما حدث بستغراب، تذكرت كيف وقف أمامها كالمدرع البشري لحمايتها، كيف تطلع لها بعشق حينما صاحت بأسمه، على نبض قلبها بقوة وهى تتذكر كيف أحتمت به. رددت إسمه مجدداً بصوتٍ خافت لعلها تلتمس ما حدث لها منذ قليل ليعود خفقان القلب بقوة كأنه مقبرة مميته وإسمه من أعاده على قيد الحياة، أحتضنت وسادتها بأبتسامة هادئة حينما تذكرت كلمات الشرطى بأنه زوجها..
بغرفة شاهندة حينما أطمئنت على بسمة ولجت لغرفتها بوقت متأخر للغاية فتمددت على الفراش بأهمال وذراعيها تبحث عن الهاتف فوجدته أسفل الوسادة، حملت شاهندة الهاتف بين يديها لأول مرة وهى تتفحصه بعينٍ تبعث للقلب شعاع فجعلته يحفر صورته بقلبها، خشيت أن ترضى فضولها فتغضب ربها فأسرعت بوضع الهاتف بالكوماد ثم تمددت وهى تتذكر كيف أصطدم بها وحديثها المضحك بعض الشيء ربما لا تعلم بأنه نصفها الأخر...
دلف للداخل بخطى مسابقة بهلاك الموت، طالته طاغية وقابضة للأنفاس، سكونه مريب لمن حوله وعلى رأس اللائحة هى، أسرعت بالحديث بعدما جلس أمام عيناها ونظراته كالعاصفة الهادئه قائلة بستغراب: مالك؟! وضع قدماً فوق الأخري قائلا بصوت ثابت معتاد: مفيش وصلى رسالة أنك عايزانى فجيت أشوف خير؟ تركت نوال مقعدها وجلست على المقعد المقابل له تشعل سجارة بأرتباك وخوف: أنا عايزة أشوف وصلت لفين فى موضوع شاهندة.
حل الصمت ملامح وجهه وهو يدرس خوفها قائلا بسكون مريب: ودا يهمك فى أيه؟! أنتِ عايزانى أدخل العيلة دي ودا الا بعمله : لا مش عايزاك تدخل العيلة دي قالتها بسرعة كبيرة سرعت الشك بعقل فراس ولكنه هادئ الطباع ليتحدث بثبات ليس له مثيل: ليه؟! أسرعت بالحديث: من غير ليه أنا قررت أقتل مالك بس قبل ما دا يحصل لازم أحرق قلبه وقلب يزيد الا معرفتش أعمله بطارق هعمله مع نقاط ضعف عيلة نعمان بحالها.
ضيق عيناه بعدم فهم فأكملت هى بفرحة: الخطة المرادي مش هيكون ليها مثيل ولا هتفشل زي الا حصلت مع طارق وأضطر أقتل البنت زي ما عملت تطلع لها بستغراب فتعالت ضحكاتها قائلة بغرور: أمال فاكرنى هجازف بنفسي لما يستخدم العيال دول ويخليهم يبلغوا عنى ويشهدوا ضدي الا حصل للبنت وعيلتها خلاص يخليهم يترعبوا لميت سنة قدام، ثم أخرجت الصور ووضعتهم على المكتب قائلة بعينٍ كالجمر: والمرادى الا جاي صعب أوي.
تطلع فراس لصورة منار وشاهندة بين يديها بشيئاً من الغموض بداخله قسمٍ كالطوفان يتدميرها فربما هو العاصفة المدمرة لها لعلمه ما نقاط ضعفها ودراسته لشخصيتها الوضيعة، وربما وضعته على أول الطريق ليجد عائلته الحقيقية.
بالمكتب مرت الساعات وبدأ النهار بالسطوع ومازال سيف يعمل بتعبٍ شديد فأغلق أخر ملف بين يديه والرؤيا تجاهد للوضوح... أستدار بوجهه ليجدها غافلة على الملف الأخير فأبتسم بسخرية على تصميمها بالمساعدة.. أقترب منها سيف قائلا بصوت منخفض حتى لا يفزعها: تقى ما أن لفظ إسمها حتى إبتسمت بتلقائية مرددت بهمس كأنها تراه بحلمها: سيف.
ضيق عيناه بستغراب وتأمل بسمتها، فأعاد النداء من جديد ليجدها تبتسم فتأكد من أنها تراه بأحلامها.. جذبها سيف قائلا بهدوء: تقى فوقى لم تستجيب له وأعتدلت بنومها بلا مبالة، زفر بغضب فكيف له بحملها للسيارة فهى ليست تحل له، فعلها من قبل حينما كانت فاقدة الوعى ولكن الآن ليس من مخرج...
خطرت على باله فكرة فأقترب منها وأسند ظهرها على المقعد ثم ضغط على الزر ليتمدد بشكل منتظم، خلع جاكيته ثم داثرها جيداً وتمدد هو الأخر على الأريكة بنهاية المكتب وعيناه هائمة بها. لم يذق النوم من التفكير... . سطعت الشمس بأشعتها المتوهجة فاليوم هو المحفل للجميع... بقصر نعمان...
إستيقظ يزيد من نومه المقلق فنهض عن الفراش بعدما داثر مالك جيداً قم توجه لغرفته بخوفٍ شديد ليجدها إستعادت وعيها والأغرب أنها تجلس على الفراش بصمتٍ مميت حتى عيناها لا تتحرك تنظر للأمام بسكون.. دلف للداخل سريعاً ثم جلس أمام عيناها قائلا بسعادة لرؤيتها: بسمة.
نقلت نظرات عيناها إليه وهى تتأمله بصمت حذف بدمعاتها المتلاحقة التى مزقت قلبه بأنتصار، رفع يديه يزيح دموعها قائلا بحزن: قوليلي أيه الا حصل ووصلك لكد؟! تطلعت ليديه الممدوة على وجهها ثم أعادت النظر لعيناه بنفس السكون والصمت فقط عيناها من تزف الآلم كيف ستخبره بأن من دق له القلب هو من تسبب بجرحها هكذا؟! جفف دموعها قائلا بآلم: مش عايزة تقوليلي مالك؟!
رفعت عيناها من عليه وتطلعت أمامها بسكون مزق ما تبقى بقلبه، رفع يديه على خصلات شعره ليتحكم بغضبه فتلك المرة لابد أن يتماسك بالهدوء، توجه لخزانته فجذب ما يناسبه وتوجه لحمام الغرفة ليخرج بعد قليل بطالته الوسيمة للغاية بالحلى السوداء فكأنها صنعت خصيصاً لأجله، ثم صفف شعره بعناية وهو يخطف نظراته لها بالمرآة...
أستدار يزيد والحزن يحتل وجهه لرؤيتها هكذا لم يعتاد على أن يرأها بطياف الحزن فكانت بسمتها معتادة على وجهها أين حوريته المشاكسه الذى وقع بغرامها منذ الوهلة الأولى... أقترب منها ثم جلس على مقربة منها قائلا بحزن: السكوت مش هيفيدك بحاجة يا بسمة أنتِ مش عارفه أنا بتعذب أزاي وأنا شايفك كدا رفعت عيناها له بغموض فأكمل بثبات: أنتِ ليه مش قادرة تصدقى أنك تهمينى أوى لأنى بحس أنك روحى.
سقطت الدموع كالسيل من عيناها فجذبها لتقف أمام عيناه قائلا بغضب: قوليلي مالك وحالا يا بسمة مش هقدر أنتظر أكتر من كدا خرج صوتها أخيراً بدموع ليس لها مثيل، خرج والآنين يصاحبه فيجعله هلع للقلوب خرج بجمر من الأحزان قائلة بصوت منخفض وقدماها لم تعد تحملها: أهلى ماتوا يا يزيد صدم مما أستمع إليه فصرخت بجنون: معتش ليا حد أهلى أتقتلوا كلهم ماتوا بسببك أنت أيوا أنت السبب.
تعالت صرخاتها فدلفت شاهندة للداخل ومنار وهرول مالك هو الأخر وهى تصرخ به بجنون: أنت السبب أنت وعيلتك دمرتوناااا كلنا كان بصدمة ليس لها مثيل وهو يستمع لها حتى مالك تخشب محله وهو يستمع لها، أما طارق فتطلع للجميع بعدم فهم. أقتربت منها أمل قائلة بدموع: ليه كدا يا حبيبتى أيه الا دخل يزيد فى الا حصل لعيلتك؟! كفت عن البكاء وأقتربت لتكون على مستواها: أهلى ماتوا بسببه هو أنا معتش ليا حد.
ثم وقفت تطلع لمن بالغرفة بأبتسامة من وسط الدموع: بس ليا واحد بس ممكن أروحله أه أكيد مش هيرمنى بره شاهندة بهدوء لمعرفة حالتها النفسية: أهدى يا بسمة إبتسمت قائلة بسخرية: بالعكس أول مرة أكون هادية كدا أنا لازم أخرج من هنا وأروحله جذبها يزيد بقوة وغضب قد فشل بالتحكم به ؛ تروحى فين ولمين؟ تطلعت لعيناه بصمت وإبتسامة مجهولة للجميع ثم قالت بسعادة: هروح لجوزي.
تخشبت يديه على ذراعها مردداً بصوتٍ صادم: جوزك! إبتسمت قائلة بتأييد: أيوا يا يزيد بيه أنا متجوزة صاح بغضبٍ قاتل: أيه الجنان داا! زادت بسمتها والدمع يخالف لها: دا مش جنان دى الحقيقة أنا متجوزة صفعها بقوة لتهوى على الفراش غير محتمل لما تتفوه به، لا هى ملكٍ له هى الحب الأول والأخير بحياته، كيف تخبره بأنها لأخر! تدخل مالك على الفور حينما شل حركة يزيد قائلا بغضب: أنت أتجننت يا يزيد.
حاول أن يتباعد عنه ولكن لم يستطيع فتدخل طارق هو الأخر وجذبوه خارج الغرفة وتبقى صوت بكائها الحارق بالغرفة، أقتربت منها أمل بدموع: معلش يا بنتى أعذريه رفعت عيناها والدم يسيل من فمها من قوة يزيد الزائدة: أعذره! أعذره على أيه ولا أيه؟ لم تفهم أمل ما تقصده بسمة، كلماتها تحمل مغزى لأوجاع كبيرة، دموعها تنسدل بخليط من الضعف والقوة، اقتربت منها منار قائلة بهدوء: خدى أدويتك وهتبقى كويسة أن شاء الله.
أنصاعت لها بسمة وتناولت الدواء لحاجتها له، لتغط بنوماً عميق بفعل المهدئ.. داثرتها شاهندة بحزن فالجميع أحبها بصدق لطبيعتها العفوية ربما لا يعلمون بأنها سلاحٍ ذو حدين...
بغرفة مالك دفشه بقوة كبيرة وغضب أكبر: أنت مجنون تمد ايدك عليها؟! شدد خصلات شعره بجنون: أزاي تكون لغيرى أزاااي؟ طارق بحزن: أهدا يا يزيد أكيد يعنى مجتش فرصة تقولك أنها متجوزه رفع قدماه بقوة فسقطت الطاولة متناثرة لجزيئات من الزجاج المحطم كحال قلبه ليصيح بقوة: هى ملكى ومش لغيرى حتى لو أضطريت أقتل الحيوان دا صاح مالك بغضب: شايف نفسك سفاح أو كافر هتغضب ربنا!، ثم أنك متزوج يعنى مش شايف فرق يعنى.
صدم طارق مما أستمع إليه فصاح بغضب وهو يتامل طارق: أتجوزتها عشان أداري جريمة الأستاذ وأنت عارف كدا كويس أقترب منه مالك ذو العقل المذهب: زي ما حضرتك أتجبرت تتجوز واحدة جايز هى كمان كانت مجبورة على كدا توقف يزيد بتفكير ليكمل مالك: قولتلك ألف مرة يا يزيد سيطر على أعصابك قبل ما تفقد كل الا حواليك وأولهم البنت الوحيدة الا حضرتك حبتها القرار دلوقتى يرجع ليك أنت ثم أستدار لطارق قائلا بهدوء: يالا يا طارق.
وبالفعل تركوا الغرفة ليزيد حتى يسترجع عقله..
بالقاعة دلف مالك للداخل قائلا بهدوء: عامله ايه دلوقتى؟ أقتربت منه امل بستخدام المقعد المتحرك: منار أديتها الادوية ونامت، ثم أكملت بقلق: طمني على يزيد أشار برأسه بمعنى أنه بخير ثم تطلع لشاهندة قائلا بغموض: علاقتك ببسمة قوية يا شاهندة أجابته بحيرة: أنا كلمتها كذا مرة من أول مرة دخلت القصر وكنت جانبها وهى مريضة أجابت منار بدلا عنها: أيوا يا مالك هى بترتاح لشاهى.
أكتفى بأشارة رأسه قائلا بثبات: خاليكم جانبها لحد ما تتحسن وبعدين نشوف حكايتها ايه؟ امل بأرتباك: ليه قالت ان يزيد له علاقة فى موت أهلها! أشار برأسه بعدم فهم: مش عارف يا ماما لما تفوق أكيد هتتكلم أنا هروح أشوف محمود وهرجع على طول إبتسمت بسمة بسيطة: ماشي يا حبيبي خالى بالك من نفسك قبل يدها قائلا بسعادة: حاضر يا حبيبتي.
وتوجه مالك لغرفته البديلة بالمكتب ليبدل ثيابه، أما شاهندة فصعدت لتكون جوار بسمة وأمل أقتربت من طارق لتعلم ما سبب حزنه فتفاجئت بأنه علم بأمر زواج يزيد وتضحيته لأجله.. بغرفة المكتب ولجت منار خلف مالك تبحث عنه فأشار لها بعدما أرتدي قميصه: أنا هنا أستدارت قائلة بخضة: فزعتنى يا مالك أقترب منها مقبلا رأسها: حقك عليا إبتسمت على حنان أخيها الملازم له ثم قالت بأرتباك: هو أنت رايح لمحمود أقصد دكتور محمود.
ضيق عيناه بغموض فأكملت بتوتر: أصل إمبارح أبيه يزيد كلمنى وطلب منى أعطيه الفون فمن شكله كدا كان بين أن فى حاجة كبيرة خرج صوته ومازالت ملامح الغموض تحتل وجهه: كان فى مشكله مع ليان أخته وأتحلت الحمد لله أجابته بلهفة: مشكلة ايه؟! صفف شعره وهو يقص لها بأختصار ما حدث فقالت بحزن: لا حولة ولا قوة الا بالله العلى العظيم طب هى عامله أيه دلوقتى؟
جذب جاكيته قائلا بهدوء: مش عارف بس هروح دلوقتى أطمن من محمود وأشوفهم لو محتاجين حاجه أسرعت بالحديث: ينفع اجى معاك تطلع لها بتفكير ثم قال بعد مدة طالت بالصمت: أوك بس أنجزى هرولت لغرفتها بسعادة ملموسة لمالك...
بغرفة مالك أسند يزيد رأسه على المقعد بحزنٍ شديد يخاطب نفسه بخطاب طويل محفور بالآنين.
ياترى دا عقابك ليا يارب! تمن الا عملته فى البنت البريئة دى، خاليتنى احب بسمة فى أيام وأتعلق بيها بسرعة عشان أنكسر، يارب أنت الوحيد الا عالم أنى بحبها أوى متجرحنيش فيها يارب عارف أنى غلطت بس كنت بحاول أنقذ عيلتى من الا جاي سمعة أخواتى البنات كانت ممكن تتلوث بسبب الا طارق عمله، يارب أنا خلاص حاسس أنى مش عارف أفكر ولا عارف أنا عايز أيه كل الا بطلبه منك أنك متبعدنيش عنها لأى سبب من الأسباب ...
زفر بقوة بعدما أنهى حديثه بينه وبين ذاته وخرج من غرفة مالك لغرفته ليرى شاهندة تجلس جوارها وتعتنى بها جيداً حتى أنها أغلقت الضوء وتركتها تغوص بنوماً عميق..
بالمكتب.. أفاقت من نومها لتجد أنها مازالت بالمكتب، أعتدلت بجلستها وهى تتأمل المكان بعين تبحث عن معشوقها، حملت جاكيته بين أحضانها بسعادة وتوجهت إليه بخطى مضطربه لتجلس أرضاً تتأمله بأبتسامة عشق محفور بقلبها...
تخشبت محلها حينما فتح عيناه كأنه من تصنع بأنه غافل ليرى ماذا ستفعل؟ شهقت خجلا واستقامت بوقفتها حتى تغادر الغرفة ولكنه تمسك بمعصمها بقوة جعلت وجهها يتلون بلون الأحمر القاتم، جذبها لتقف أمام عيناه قائلا بصوته الرجولى: لسه بتحبينى يا تقى؟ أستدارت لتكون أمام وجهه مباشرة قائلة بصوتٍ متقطع ودموع تلحقها: لسه! أنت بتسألنى معقول؟!
تحلت بالصمت وهى تتأمل عيناه فكادت أن تصبح هاشة للغاية، حاولت تخليص يدها لتهرول سريعاً من أمام عيناه وبالفعل إستطاعت فتوجهت للخروج والبكاء يحيل على وجهها، تخشبت محلها وتوقف قلبها عن الخفق حينما قال بصوت جادي: تتجوزينى يا تقى؟
تخشبت محلها وقدماها تتثاقل شيئاً فشيء لا تعلم كيف أستدارت ولما الدموع لم تتركها حتى بفرحتها العظيمة التى هى بها الآن، تمردت قدماها وحواجز قلبها وهرولت سريعاً لتقف أمامه مشيرة برأسها سريعاً بالموافقة فأبتسم سيف على طفولتها ثم رفع يديه يزيح دموعها ونظراته تتفحص عيناها بشعور جديد يدلف لقلبه فجعله كالمغيب ولكن هيهات رضاء الرحمن اعظم من أي شعور يطوف به فمازالت ليست زوجة له...
ليخرج منها قائلا بجدية مصطنعة: بس عندي شرط : أيه هو؟! قالتها بخوفٍ شديد ليكمل هو بغضب: تتعلمى الطبيخ تعالت ضحكاتها ليشرد هو بها فقالت من وسط سيل الضحكات: هتعلم منك بعد الجواز تلون وجهه بالغضب قائلا بثبات مريب: بره يا تقى قالت بزعل طفولي: ليه بس؟ أشار بعيناه على الباب: قولتلك بره حملت حقيبتها وهرولت للخارج قبل أن يقتلها بيديه..
خرجت سريعاً لتلتقى بشريف فأقترب منها قائلا بفرحة: الحمد لله دى لسه عايشة يبقى أكيد الواد سيف حي يرزق أجابته بستغراب: بتكلم نفسك يا شريف! صاح بغضب: أه ياختى أترسمى بقا أنتِ والأستاذ سيف فين من إمبارح تلفونتكم مقفولة وأمك عامله كل شوية ترن عليا تقوليش مخلفكم وناسيكم قولتلها ممكن يكونوا هربوا مع بعض وهيتجوزوا قالت... قاطعته قائلة بهيام: هنتجوز انا وسيف.
صاح بغرور: والله قولتلها كدا مصدقتنيش المهم ياختى تخدى بعضك كدا وتروحى تقوليلها بنفسك عشان أنا قرفت من العيلة دي وأولهم ولاد خالتك عن أذنك وتركها شريف وغارد ونظراته الغاضبه تلحق بالجميع.
بمنزل محمود دلفت فاتن للداخل بالعصائر قائلة بسعادة: نورتونا يابنى والله إبتسمت منار قائلة برقة: دا نور حضرتك يا طنط جلست جوارها بعدما قدمت لها المشروب قائلة بأمتنان لمالك: مش عارفه أشكرك أزاي يا مالك على الا عملته لليان أعتدل بجلسته قائلا بغضب مصطنع: أيه الكلام دا تشكرينى على أيه أنا عملت الواجب أجابته بسعادة: ربنا يحفظك يا حبيبي ويسعد قلبك يارب أجابها بهيام لدعائها: يارب.
قاطعتهم منار بتعجب: هى فين ليان؟ إبتسمت قائلة بهدوء: زمانها جايه يا حبيبتى كمان كلمت محمود وزمانه على وصول أشارت برأسها بخجل وما هى الا ثوانى معدودة حتى دلفت ليان وعيناها تفترش الأرض من الخجل..
رقصت دقات قلبه على ألحان عيناها، أقتربت لتجلس على مقربة من منار بعد أن رحبت بها بسعادة، حرصت على التهرب من نظراته ولكن لم تستطيع فقلبها يتتوق لرؤياه، تعلقت العينان ببعضهم البعض فكانت بصراع مجهول لا يعلمه سوى عاشق الروح...
تبادلت منار الحديث مع فاتن براحة نفسية كبيرة والأخرى تتمنى بأن تكون زوجة لأبنها، قامت فاتن وتوجهت للمطبخ لتعد لهم القهوة فتابعتها منار لتعاونها على ذلك، لم تشعر ليان بأنها بالغرفة معه بمفردها.. قطعت سيل النظرات بكلماتها المرتبكة: أنت مين؟!، وليه كل ما بقع فى مشكلة بلقيك جامبي!. إبتسم قائلا بجانب وسامته: هتصدقينى لو قولتلك أنى معرفش أيه الا بيجمعنى بيكِ.
ثم صمت قليلا ليعود لموجه الحديث: الا أعرفه أنك ملكى يا ليان وهفضل على طول كدا فى وشك لحد ما توافقى على جوازنا إبتسمت قائلة بخجل: هتجوزك أزاي وأنا معرفش عنك حاجه! أقترب منها بعشقٍ جارف مردداً بهمس: أنا الا قلبي أول ما تبعدى عنه بيتوقف عن النبض، أنا الا بحس الدنيا كلها ولا حاجة قصاد نظرة من عينكِ، أنا الا بحس أن قلبي مش ملكِ ملكك أنتِ وبس، لو الحب أتسطر بكلام فالعشق هو الجمل الا بتكمله.
تلون وجهها بلون يصعب وصفه حتى أنها رسمت بسمة خفيفة للغاية. بالخارج أغلق محمود الباب ثم كاد أن يتوجه لغرفة الضيوف ولكنه إستمع صوت ضحكات والدته، ولج للمطبخ ليجدها ترتدي المريول وتعاونها على إعداد القهوة بطريقتها المميزة... خرج صوته وعيناه هائمة بها: مساء الخير تلفتت فاتن بأبتسامة واسعه: أنت جيت يا حبيبي مالك منتظرك جوا رفع عيناه من عليها بصعوبة قائلا بأبتسامة هادئة: عن أذنكم : أتفضل.
قالتها بخجل وعين تفترش الأرض، دلف للداخل قائلا بأبتسامة واسعه: أيه المفاجأة الحلوة دي إكتفى مالك بأبتسامة هادئة قائلا بسخرية: واضح أنها مفاجأة قولت أجى أطمن عليك جلس جواره قائلا بمرح: والله أنا بخير بشوفتك يا مالك يا خويا.
تعالت ضحكات مالك ليأسر قلب ليان، أنضموا لهم فانن ومنار ليكمل مالك بهدوء ونظراته عليها: بما أنك وصلت وكلنا مجتمعين فأنا حابب أطلب أيد ليان من سيادتك عارف ان الوقت مش مناسب بس أنا من وجهة نظري مفيش أنسب منه تطلعت له ليان بصدمة وفرحة بآنٍ واحد حتى فاتن لن تجد لأبنتها شابٍ بأخلاقه أما منار فكانت بصدمة من طلب اخيها ولكنها سعيدة للغاية لأنه وجد من تآلقت على قلبه..
طال صمت محمود فكان محور لشك الجميع وخوف البعض فرفع قدماً فوق الأخرى يرتشف القهوة بتلذذ ليخرج صوته بعدما سلطوا جميعاً الانظار عليه: بس أنا عندى شرط يا مالك ومن غيره للأسف الجوازة مش هتم ضيق عيناه الساحرة بتراقب ليرى ماذا هناك؟، حتى الجميع تراقبوا حديثه بصدمة، فرفع عيناه على منار ليعلم الجميع شرطه، صدمت منار من نظراته الفتاكة عليها وعلم مالك مغزى طلبه والجميع فأبتسم قائلا بمكر: أنا كنت شاكك فيك.
فاتن بسعادة: ياريت والله انا مرتاحة لمنار اوى محمود بهيام: مش انتِ لوحدك يا حاجة والله جذب مالك راسه قائلا بتحذير: خاليك معايا عشان مزعلكش محمود بصدمة ؛ يعنى أيه مش هتوافق! رفع قدميه فوق الأخرى مثله قائلا بهدوء: معنديش مانع بس دا طبعاً يديك الحق أنك تشرفنى فى البيت زي مانا عملت بالاصول ومتنساش لسه رأى أخوها الكبير.
إبتسم بسعادة: مدام معندكش مانع يبقى موافق على جوازك من ليان وأهو يبقى خطوبتين فى يوم واحد، وأستدار لوالدته قائلا بفرحة: ولا ايه يا حاجة عالت الزغريد من فاتن بسعادة ثم قالت بضحكات متتالية ؛ طب غيروا الموضوع البنات بقوا شبه الطماطم الحمرة تعالت ضحكات الجميع وليان ومنار بحالة لا يرثي لها...
بغرفة يزيد أفاقة من نومها بنظراتها المنكسره فخطت لصورته الممتلأة للحائط تطلع له بحزن ودموع كانها تلومه على ما فعله بها، سمحت لنفسها تفحص أغراضه حتى وقع بيدها السلاح الخاص به، تلونت عيناها بجمرات وآنين الماضى لتري لهيب أكبر من اطفائه بذاتها..
بمكتب نوال صاحت بسعادة: برافو عليك أستغل خروج منار وشاهندة فى اليوم دا ونفذ خطتنا وزي ما قولتلك عايزة فيديوهات كامله للأغتصاب على اليتيوب وعايزهم يشوفوا الموت بس ميمتوش حمل الراجل المال بسعادة: بس كدا تحت امرك الخطة هتتنفذ بكرا فى معادنا أعادت رأسها على المقعد بسعادة: ورونى بقا هتنقذوا شرفكم أزاي!
ثم تعالت ضحكاتها فربما لا تعلم قوة الورقة الثلاثة او البطل الخفى صاحب القوة الكامنه التى لم ترى منها سوى القليل..
بالقصر هبط يزيد وجلس معهم بالأسفل فأقترب منه طارق بدمع يلمع بعيناه: عملت كدا عشانى يا يزيد! يزيد بغضب: طارق بلاش كلام فى الموضوع دا شاهندة بحزن: يزيد معاه حق يا طارق الا حصل حصل أمل بدموع: كفايا بقا كلام فى الا فات أنا خلاص تعبت أستدار الجميع بتعجب لرؤية بسمة تقف أمامهم. ، وقف طارق ويزيد الذي أقترب منها بقلق: أيه الا نزلك يا بسمة!
إبتعدت عنه وأقتربت لتقف أمام طارق تحت نظرات أستغراب من الجميع... تأملته قليلا بصمت ونظرات الحقد والكره تشكل على وجهها فصرخ الجميع حينما أخرجت السلاح من خلف ظهرها لتضعه أمام أعين طارق بغضب لم يتمكن احداً من كبته لتصيح بعصبية: كنت فاكر أنك هتفلت بعملتك الوسخة!
صدم الجميع حتى يزيد فربما حكم أنها من فعل بها اخيه الماسأة لا يعلم بأنها مجهولا أخر سيكشف ليقلب مملكته رأساً على عقب لتكون الجمرات النارية مشتعلة بفضلها... لنرى الآن مجهول بسمة او مجهولها المصنوع من يدها هى لتدلف تلك العائلة وتكون زوجة ليزيد نعمان!
رواية معشوق الروح للكاتبة آية محمد رفعت الفصل العاشر
صدمة أجتزت الأواصر وعلى رأسهم يزيد متخشب محله بواقع يرفض تصديقه... دلف مالك من الخارج ومعه شقيقته ليتصنم محله حينما رأى بسمة تصوب بسلاحها على طارق، صرخت منار بخوف شديد فتقدم مالك منها سريعاً لتصرخ به قائلة بتحذير: الا هيقرب هقتله تراجع مالك للخلف قائلا بهدوء معاكس عما به: الا بتعمليه دا غلط يا بسمة.
إبتسمت بسخرية وعيناها تمتلأ بالدموع: غلط! والا عمله الحيوان دا مش غلط؟! تستركم عليه لمجرد أن عندكم سلطة مش غلط؟! مالك بستغراب: أنتِ بتتكلمى عن ايه؟ رفع يزيد عيناه بصدمة تعلو شيئاً فشيء فأقتربت منه ومازال السلاح بيدها لتنظر له بنظرة لم يفهما احداً: خايف؟!
تعالت ضحكاتها قائلة بسخرية: يزيد نعمان مهزوز وخايف من شكوكه أنه يطلع معندوش رجولة مع البنت الا حبها وأغتصابها أخوه أو الا من عليها بأسمه المكتوب جانب أسمها أغمض عيناه بألم شديد ألم يفوقه أضعافٍ مضاعفة لا يقوى على تحمله لا يقوى على تقبل حقيقة أنها زوجته.. صدمة الجميع كانت بنفس المطاف وعلى رأسهم طارق المتخشب بمحله لا ليست تلك الفتاة التى أرتكب بها ذلك! هناك خطبٍ ما..
رفعت عيناها له قائلة بغضب ليس له مثيل: أيوا أنا الا متعمدة أكسرك زي ما أنت كسرتنى غرورك والكبرياء الا عندك ولا حاجة... ثم تقدمت لتقف أمامه مباشرة قائلة بتحدى: أنا فى مملكتك ووسط عيلتك الا بنيتها وبقولك أدامهم كلهم أن الجرح الا هنا محدش هيعرف يشفيه خلي صاحبك يحاول أو أملاكك جايز تشتري راحة بالك بالفلوس .
يزيد نعمان الا الكل بيعمله ألف حساب وحساب أتحطم على أيد واحدة ست! دخولى حياتك من البداية كان متخطط له ولحد هنا مرسوم بقلمى ودلوقتى لازم أخد حقى وحق أختى الا أخوك دمرها ودمرنا كلنا من غير رحمة أمل بدموع ؛ لا يا بنتى متظلمهوش.
صاحت بسخرية: مظلمهوش بعد كل الا عمله مظلمهوش أنا وأختى كان عندنا أمل واحد بس اننا منمدش أيدنا لحد عشان فلوس أشتغلت انا وهي ليل نهار عشان منحسسش أبونا بعجزه ومكنش فيه فى يومنا غير الحمد والشكر لنعم ربنا حتى لو كانت بسيطة لحد اليوم الا حصلها كدا.
أسترسلت حديثها بسيل من الدموع: اتكسرت واتمنت الموت وأنا كنت جامبها برسم أنى قوية شهور وأيام دخلت فيهم الشركة وكنت بحاول أوصل ليزيد نعمان على أمل أنى أشوفه وأحكيله الا أخوه عماله معاها على الا سمعته من الناس أنه عادل ومش بيرضى بالظلم أتحملنا كتير وأولهم حملها الا بان عليها شهر ورا شهر والناس بتسأل وتشمت طلعوا كلام فى سمعتنا أحنا الاتنين وأتحملنا لحد ما أتفاجئت أن العادل زي ما الناس بتقول بيعرض أنه يتجوزها على الورق.
دمعات، دمعات الجميع تهبط بصمت وآلم على معأنأة تلك الفتاة وعائلتها، صوت بكاء طارق يعلو القاعة غير خائفٍ من السلاح المسلط عليه ولكن لسماع معاناة تلك الفتاة التى قضى عليها بدون رحمة أو إنسانيه، حاول يزيد التحدث ولكن مما إستمع إليه شل لسانه وتبقى هناك سؤالا مجهول آن كانت تلك الفتاة شقيقة من فعل بها ذلك إذا من زوجته؟!
أكملت والدموع تنهمر بقوة على وجهها: لأول مرة أشوف فيها أبويا مكسور عمره ما كسره الفقر زي ما كسره الا حصل أختى كانت جثة ولا بتأكل ولا بتشرب ومكنش أدامى أختيار تانى عشان أدخل العيلة دي وأنتقم منكم مضيت على العقد وأنا وأثقة أنك مش هتهتم تشوف الأسم وتفرق بين بسمة وبسملة أهم حاجه أن سمعتك خلاص بقيت فى السليم ونسيت أنى عمري ما هسيب حق أختى الصغيرة الا حضرتك قررت تخلص منها خالص فقتلتها هى وأبويا.
نظراته غلفت بالحزن لظنه به هكذا ولكن ليس بيده شيئاً حتى الحديث لا يقوى عليه من الصدمات القاتلة الذي تلقاها... رفعت السلاح على صدر طارق قائلة بفرحة: بس خلاص حق بسملة هيرجع وبموتك يا حقير. أقترب منها مالك قائلا بحزن شديد: بسمة أرجوكِ تسمعينى يزيد معملش كدا عشان أخوه كمان طارق برئ تطلعت له بسخرية فأكمل قائلا بعين تحمل الصدق: صدقينى طارق وأختك ضحية خلافات بينا وبين واحدة كان دا إنتقامها مننا.
أقتربت من طارق قائلة بغضب: لو فاكر أنى هنخدع تبقى غلط.
أقترب منها مالك وسط الضغط المرتفع بالقاعة ببكاء امل ومنار وشاهندة: ورحمة أبويا أبداً الا عملت كدا كان تفكيرها بأن أختك تبلغ عن طارق ويتفضح وسمعتنا تبقى فى الأرض أنا مش بقول أنه معملش كدا لا طارق فعلا عمل كدا بس كان مغيب والموضوع أحنا لسه مكتشفينه بدليل أن نوال نفذت هجومها على عيلتك بالوقت دا عشان كانت خايفه أن الشباب الا حاطوا لطارق الحباية يعترفوا عليها فالا حصل كان تهديد ليهم.
صرخت بقوة: كدب كدب ورفعت سلاحها بأحكام عليه وهو يقف أمامها بأستسلام، أشار له يزيد بالتراجع فتراجع للخلف وتقدم منها بخطى بطيئة للغاية لا تتناسب مع يزيد نعمان... وقف أمام عيناها بصمت وهى تتأمله هى الأخرى بسكون إلى ان قطعه حينما رفع يديه قائلا وعيناه ترسم بالعشق: هاتى السلاح يا بسمة أشارت برأسها بمعنى لا فأقترب اكثر قائلا بحزن شديد على ما مرأت به ؛ أنا أكتر واحد حاسس بيكِ.
إبتسمت قائلة بسخرية: هتحس أزاى وأنا ناري مش هتبرد على أهلى. قاطعها بأنكسار: هحس عشان أنا كمان فاقدتهم والسبب هو نفس الشخص عشان كدا بوعدك أن حقك هيرجعلك وهتشوفى بنفسك يا بسمة بس عشان خاطري بلاش تقتلى طارق هو مالوش ذنب فى الا حصل دا مش بقول كدا عشان هو أخويا بالعكس انتِ عندي أغلى من الكل يا بسمة.
أخفضت عيناها بدموع كثيفة من تعمدت جرحه ترى الصدق بعيناه، اردت أن تحتضنه وتخبره بأنها تعشقه مثلما يعشقها ولكن من داخلها محطمه تماماً على فراق شقيقتها ووالدها.. تعالت شهقات بكائها فجذبها يزيد لأحضانه بقوة فألقت بأحزانها وهمومها بدموع ليس لها مثيل حتى فقدت الوعى بين يديه ليحملها بصمت للأعلى فما بين يديه هى الآن زوجته.. أما طارق فجلس أرضاً يبكى بقوة فكيف له الآن بطلب السماح من جثة لقت حتفها!
تطلع مالك للفتيات قائلا بحذم: كل واحدة على أوضتها أنصاعوا له وصعدوا لغرفتهم سريعاً فأقترب منه مالك بحزن على حاله ليتحدث هو بصعوبة: أنا السبب يا مالك أنا السبب فى كل دا رفع يديه على كتفيه قائلا بثبات معتاد: ممكن تهدأ شوية الا حصل دا كان غصب عنك وبعدين بسمة مجروحه والا عملته كان معاها حق فيه أدعى ربنا بأنه ينصرك وأترجاه يسامحك إستمع له بصمت ثم صعد لغرفته ليلجئ إلى الحى القيوم.
بغرفة يزيد.
وضعها بفراشه والصدمة مازالت تحتل ملامح وجهه كيف أستطاعت ان تخدعه كل تلك المدة! أيعنى أن قلبها خالى من عشقه؟! لا لم يحتمل تلك الحقيقة، جلس على الفراش يتأملها بصمت وغموض، كلماتها تترنح بأنحاء الغرفة فأخرجت الوحش الثائر من عرينه، ليترك الغرفة ويتوجه للصالة الرياضيه بسرعة كبيرة..
بمنزل سيف تمدد على الفراش بتفكير بالخطوة التى يفكر بها، زواجه منها صائب أم قرار واجب التفكير به..
زفر بغضب من عدم توصله لطريق يريح ذهنه المتطرف ليجد بأن عشقها سيجعل قلبه يعود للحياة مجدداً ليحلم من جديد..
بمنزل ليان كانت تحتضن الوسادة بخجل شديد كلما تتذكر كلماته، طالت ذكرياتها مع سحر عيناه وحديثه عن الزواج منها...
أصبح الوقت متأخر للغاية ولم يعلم النوم طريقه إليها، تشتاق لسماع صوته فأغلقت عيناها بقوة كأن روحها تناجيه ففتحت عيناها بفزع وهى تبحث بأنحاء الغرفة عن ما رأته حينما أغلقت عيناه فوجدت الغرفة فارغة فأغلقت عيناها لتجده يقف أمامها بأبتسامته الساحرة.. على الجانب الأخر.
كان يجلس على المقعد بشرود بها، الهواء الطلق يحرك خصلات شعره الطويل بدلل ليتساقط على عيناه الساحرة، عيناه مغلقتان بقوة، حركات جسده تحرك المقعد المستجاب لحركاته بعنف، توقف عن الحركة بصدمة حينما إستمع لصوت ليان تناديه بقوة ففتح عيناه ليجد الغرفة فارغة فأغلق عيناه ليستمع لصوتها ليعلم الآن بأن تلك الحورية قادته للجنون... .
مر الليل بظلمات قاسيه على الجميع بقصر نعمان وسطعت شمس يوماً قضاه يزيد بالرياضة الشاقة... ولج لغرفته ليتفاجئ بها فارغة فجن جنونه وهو يبحث عنها كالذي فقد آكسير الحياة.. قلب القصر راساً على عقب ليعلم من الحرس بأنها غادرت فى الصباح الباكر صاح بغضب ليس له مثيل: وأنتوا أغبية ازاي تسبوها تخرج من هنا أخبره رئيس الحرس بخوف بدا بصوته: حضرتك معندناش تعليمات بأنها متخرجش من هنا.
قبض قبضة يديه بقوة وهو يصعد لسيارته ويخطو بها للخارج بسرعة كبيرة لعله يلحق بمن خطفت قلبه ربما تعمدت ذلك وربما لم تتعمد وربما ستدفع تذكرة غالية الثمن لأجل ما أرتكبته.
بشقة فراس كان يتمدد على الفراش بجسده القوى يتابع التلفاز بشرود بخطته للقضاء على نوال فصدح هاتفه برسالة قلبت مزاجه للحدة التنفيذ بعد ساعة قبض قلبه لن يحتمل رؤيتها هكذا يا ويلت هذا القلب أعشق تلك الفتاة!
بقصر نعمان.
كالعادة لديهم كل خميس زيارة قبر والدهم بالصباح الباكر ليقضوا باقى اليوم بالمسجد جوار المقابر، خرجت منار وشاهندة لمصيرهم المأساوى فصعدوا بالسيارة الذي يعتليها السائق كالعادة.. تحركت السيارة بطريقها للمقابر والفتيات تجلسن بالخلف... منار بخجل: بس بقا يا شاهندة الله أجابته بأبتسامة سخرية: بس ايه ياختى! بقا أنتِ يطلع منك كل دا لا ويعتبر أتخطبتى وأنا أخر من يعلم يابت!
أجابتها بسخرية ؛ وأنا يعنى كنت هقولك أيه؟! بس بصراحه أنا كنت برتاح لمحمود جداً وبحس من نحيته بشيء غريب أحتضنتها شاهندة بسعادة حقيقة: ربنا يفرح قلبك ويسعدك يا حبيبتي يارب شددت من احتضانها بفرحة: ويسعد قلبك يا شاهندة لأنك تستهلى بجد إبتعدت عنها بسخرية: هيسعدنى فين ياختى طول مأنتِ ورايا تعالت ضحكاتها وهى تكيل لها الضربات بالحقيبة قائلة بضيق مصطنع: كدا ماااشي يا حيوانه.
تعالت الضحكات ليقطعها صوت الضربات النارية لتتحاول ضحكاتهم لصراخ قوى حينما أصيب السائق بطلق ناري برأسه لتقف السيارة بعدما أصطدمت بالحقول والمزارع الفارغة.. بكت الفتيات حينما أقتربت من السيارة سيارة سوداء وبداخله أربع رجال يرتدون الحلى السوداء الرسمية ويبدوا أنهم حرس لشخصية هامة للغاية.
أرتجفت شاهندة من الخوف فحاولت منار فتح باب السيارة المجاور لها وبالفعل بعد معاناة تمكنت من ذلك لتجذب من تجلس بخوف شديد بقوة للخارج.. ركضوا سريعاً ليتخفوا من أمامهم فهبط اللعناء ليكملوا طريقهم ركضٍ خلفهم لعدم تمكن السيارات من الدلوف.. بكت شاهندة بألم حينما جرحت قدماها بشدة فلم تستطيع الركض فقالت ببكاء: اااه رجلى يا منار مش قادرة.
أجابتها الأخرى ببكاء حارق: معلشى يا شاهندة أستحملى لازم نخرج من هنا الناس دي شكلها عارفة هى بتعمل أيه وبالفعل تحملت شاهندة عليها وبدأت تخطو بضعف معها على امل الخروج من الحقول أو الوصول لأحداً ما أو منزل يحتموا به من هؤلاء الشياطين.. طال الطريق بالركض والآلآم تتزايد على وجه شاهندة إلى أن جلست أرضاً قائلة بأبتسامة رضا لمن تصرخ عليها بالركض لوصولهم إليهم: مش قادرة يا منار أهربي أنتِ متقلقيش عليا.
صاحت ببكاء: مقلقش أيه؟أنتِ مجنونه مش ممكن اسيبك هنا مصيرنا واحد وهنواجه مع بعض بكت الفتيات بقوة فلعنت منار غبائها لترك الحقيبة والهاتف بالسيارة فربما كانت ستلجئ ليزيد او لمالك ولكن الآن بمن ستلجئ سوى لله؟!. أقترب منهم الرجال فتراجعوا بخوف وبكاء شديد ليجذبهم أحدهما قائلا بنظرة مقززة: لا تستهل البهدلة دي كلها.
صرخت منار بغضب وهى تحاول تخليص نفسها من بين يديه والاخر يحمل الكاميرا ليسجل لحظات تشبه الهلاك بالجحيم لتلك الفتيات... صرخت شاهندة بقوة حينما أقترب منها إثتين منهم والأخر يحمل الكاميرا والاخير يتمسك بمنار فدورها لم يحين بعد.. جذبو حجابها فصرخت بقوة مزقت قلبه منار التى تحاول تخليص نفسها منه قائلة بصراخ: سبوها يا كلاب.
وصاحت بالصراخ لعل أحداً ما يستمع صراخها ولكن هيهات فالمكان الذي به كان بتخطيط منهم بالتفيذ هنا. زحفت شاهندة للخلف بضعف ودماء منثدرة من قدماها فحملها الأخر لتقف امام عيناه قائلا بضحكة مقززة: أيه يا حلوة أنجزى لسه معانا غيرك.
بكت منار بضعف لعدم أستطاعتها على مساعدتها فألقى الرجل بشاهندة على الأخر وألقى بها عليه كأنها دورة او رمية تدعس تحت الأقدام، ضحكاتهم زرعت لها جو من الدمار فألقوا بها أخيراً لتصبح بين يديه، نعم هو من خلق ليكون حماً لها وخلقت هى لأجله، بكت بقوة وهى تشدد بيدها على قميصه الذي حل ليصبح عاري الصدري من قوى تماسكها به كأنها تتراجاه بأن لا يتركها بين يدى هؤلاء اللعناء.
تطلع لها فراس بصدمة لجرح قلبه لرؤياها هكذا دماء جسدها المنثدر جعلته كالجمر الناري.. أنحنى معاها أرضاً وهى تفقد الوعى تدريجياً، وضع يديه على وجهها برجفة لأول مرة يشعر بها.. أسرعت الأخرى بالحديث قائلة بدموع: ساعدنا أرجوووك. رفع رأسه على الصوت الذي حطم ما تبقى خلايا قلبه ربما لا يعلم بأنها شقيقته شقيقة القلب ورفيقه الدم تأملها فراس بهدوء كأنه يدرس ملامحها المسابقة له..
تعالت ضحكات الرجال بشماته لأن فراس من المؤكد مع الحلف الخاص بهم... خلع قميصه فتعالت ضحكاتهم اكثر لظنهم بأنه من سيعتدى عليها ولكنهم تفاجئوا بأنه وضعه أسفل راسها حتى لا تنجرح.. ثم وقف وعيناه تتحرك كالصقر الهائج ليصبح جواد بلا حاجز لم يكيل لأحد الضربات ولكن كان يتسبب بالضرب المميت فى الحل ككسر حنجرة وذراع وقدم فهو يعادل جيشٍ بأكمله..
ركضت منار لشاهندة بخوف فوجدتها تفتح عيناها بضعف شديد وتغلقها بتعب أشد فبكت بكاء مرير ما هى الا ثوانى معدودة حتى أنهى فراس معركته بشراسة وأنتصار ساحق، فأقترب منهم بخطاه الثابت ونظراته الغامضة تجاه شاهندة مسكت منار معصمه قائلة برجاء: ساعدنى أرجوك بنت عمى بتضيع منى هى عندها أزمة والا حصل دا أكيد زود الا عندها ارجوك ساعدنى اوديها أي مستشفى.
أنقبض قلبه فحملها يين ذراعيه قائلا بهدوء مخالف لخوفه الشديد عليها: متخافيش وحملها لسيارته التى تبعد عن المكان بقليل فأتبعته منار ببكاء شديد.. تخطى الطريق بسرعة ليس لها مثيل يخطف نظراته لمن تقطن جواره بالمقعد الامامى فتفاجئ بأشارات المرور لتقف السيارة.. منار بالخلف تبكى بقوة وعدم إستيعاب لما حدث رفع يديه على وجه شاهندة يلامس أطراف وجهها بحزن وخوف شديد ينقل كلماته ببطئ: مش هسمح لحد يأذيكِ.
ثم أسرع لمخالفة الاشارة ولم يعنيه الشرطى الذي أسرع خلفه حياتها هى الأهم له.. وصل للمشفى بأقل من دقائق فحملها للداخل فأسرع الممرضات بأنتشالها من بين ذراعيه ابي تركها الا حينما رمقها بنظرة كأنها بها الآمان جلس على المقعد بتعجب لحاله لم يعبئ بنظرات الممرضات المقززة له حتى قميصه تركه بالمكان اللعين، حتى برودة الجو لم تعنيه ولم يشعر بها أقتربت منه منار ببكاء: ممكن تلفونك لو سمحت : أكيد.
قالها فراس وهو يخرجه من جيب سرواله فأخذته منه بتوتر وأرتباك ليهوى أرضاً من شدة أرتباكها.. بكت بقوة وهى تسقط ارضاً ليعاونها فراس سريعاً قائلا بتفاهم: قوليلي الرقم وأنا هطلبه كانت فكرة سديدة لها فقدم لها الهاتف لتستمع لصوت مالك فقالت ببكاء متقطع افاق شيئاً ما عند فراس حينما قالت بضعف: مااالك.
ربما لأسمه شيئاً ما وربما وجود فراس بداية لكشف مجهول سيجمع أخوة فرقوا لأكثر من تسعة وعشرون عاماً وربما بداية لهلاك نوال نعمان وبداية لأساطير عشق لم تحدث من قبل ولكنها فقط بعمالقة العشق الأربعة.