
كان عمر في طريق عودته للفيلا، كان يتجاهل رنين هاتفه فهو يعلم هوية المُتصل، فمن غير رضوى!
سلك الشارع الذي توجد فيها الفيلا، اضاق عينيه حين لمح شخص يقف خارج الفيلا بجوار البوابة وحين قلت المسافة ادرك انها رضوى، تأفف بإنزعاج، ألن تتركه!؛ اوقف السيارة جانباً وترجل فتقدمت منه وهي تتذمر
<a name=\'more\'></a>
- مبتردش عليا لية؟
توقف امامها ونظراته كالجليد لها، قال ببرود
- لاني ببساطة مش عايز ارد، ومش عايز ضغط منك، لوسمحتِ.
احمر وجهها بغضب وهي تختف بإنفعال اثر عدم استيعابها لموقفه
- انت بجد عمر؟ عمر اللي كان بيبعتلي رسايل كتير ويقول ارجع؟ هو دة انت؟
اجابها بهدوء استفزها، هدوء لا يتماشى مع الوضع الذي هما فيه
- لا، عمر اللي كان بيبعتلك رسايل كان لسة معمي بحُبِك اما عمر اللي واقف قدامك دلوقتي فاق وفتح عينه، وقلبه دق لواحدة تانية
اتسعت مقلتيها بصدمة، هزت رأسها برفض وهي تكرر ما قاله بسخرية مصدومة.
- نعم! دق لواحدة تانية!
اضاقت عينيها وهي تتقدم خطوة منه اثناء تخمينها لواحدة فقط خطرت على بالها
- ميرنا؟
وضع كفيه في جيوب بنطاله وهو يخبرها
- واحدة متعرفهاش
اخفضت رأسها وهي تفكر بجنون، لقد تم أخذ مكانها بهذه السهولة؟، عادت لترفع رأسها لكن بخشونة كقولها
- هنسيهالك، هخليك ترجعلي
حدق في عينيها للحظات قبل ان يسألها
- قوليلي السبب الحقيقي في رجوعك
اجابته بتلقائية وثقة
- انت، عشان بحبك
رفع زاوية فمه وهو يُعدِل إجابتها بوضوح.
- بتحبيني ولا بتحبي محفظتي؟
رفعت حاجبيها وهي تستنكر سؤاله
- اية السؤال دة؟ بعقلك تسألني سؤال زي دة؟
- طبعاً بعقلي، قولتلك فوقت من غبائي
كان قوله حاد، عينيه قاسية، حين يتذكر ضعفه امامها يُجن، كيف كان بذلك الغباء؟
حاولت رضوى التحكم في إنفعالاتها قليلاً، قالت وهي ترفع رأسها بثقة وتفاخر
- اكيد اللي عجبتك نسخة مني
ابتسم بثقة تفوقها وقول سحقها.
- بالعكس، عجبتني عشان مختلفة عنك ١٨٠درجة، هو انا هقع في نفس الغلطة مرتين؟
اشارت على نفسها بإصبعها بألم وهي تسأله بحزن
- انا غلطة يا عمر؟
لم يعد يتأثر بها بأي شكل، يا سبحان من يغير القلوب، أكد لها بقسوة
- اكبر غلطة في حياتي
احتدت نظراتها واشتعلت بغضب بجانب دموعها التي لمعت بهما، تمتمت بتوعد
- هخليها غلطة بحق.
انهت رضوى قولها لتقترب منه بعدها، لفت ذراعها حول رقبته بإحكام وطبقت شفتيها على خاصته بوقاحة ودون خجل!
صُدِم عمر من تصرفها الغير اخلاقي، حتى انه لم يُدرك الامر إلا بعد لحظات ودفعها بقوة عنه حتى كادت تسقط، مسح شفتيه بظهر كفه بتقزز، رمقها بإزدراء كقوله
- من امتى وانتِ رخيصة كدة؟
ثم تخطاها مُصطدماً بكتفها تاركاً اياها خلفه، زاد نفوره منها بعد فعلتها، عاد ليصعد سيارته وينطلق بها بعيداً.
بينما فرت دمعة من بين جفنها بقهر، لقد انتهى أمرهما، تتأكد من هذا الان.
- امتى هتيجي تتقدم لبنتي؟
- نعم!
هتف بها إياد بذهول، ماذا يقول هذا الرجل الكبير؟، بينما اكمل والدها
- ولا هتفضل ماشي معاها من ورايا؟
اتسعت مقلتي إياد قليلاً وهو يُسرع ليصحح حُكم والدها الخاطيء
- شكل حضرتك فاهم الدنيا غلط، انا وبنت حضرتك...
قاطعه بحزم
- مش عايز توضيح، عايز رد
زمجرت ملك بحرج شديد
- بابا
- اسكتي انتِ.
صرخ بها والدها وهو يحذرها بنظراته، ثم اكمل حديثه بهدوء مع إياد الذي يحاول ان يسعف نفسه ويخرج من هذا الموقف الغريب الذي وقع فيه.
- بنتي متربية وأول مرة اشوفها واقفة مع راجل بأي صفة كانت، ومدام شوفتها بتكلمك يبقى في حاجة اكيد
تسرع إياد في الحُكم على والدها، فصارحه بإعترافه
- انا فعلا مُعجب ببنت حضرتك..
لم يسمح له والدها بإكمال جملته فقد قاطعه مُقترحاً، وكأنه كان ينتظر ذلك الاعتراف.
- بسسس، يبقى تعال اطلب ايديها مني
ضحك إياد بداخله بذهول، هل ما استنتجه صحيح! هل يحاول والدها شبكها معه بأي طريقة؟، هل هذا مقلب؟ أهناك أي كاميرا خفية هنا؟ شك للحظة في ذلك.
تنفس بعمق قبل ان يطلب منه بتهذيب
- ممكن حضرتك تسمعني؟
وكأنه لم يتحدث، فقد نقل والد ملك نظراته للأخيرة وهو يخبرها
- بكرة تروحي تقدمي استقالتك، خلاص مفيش شعل، بيت جوزك اولى بيكِ
لم يتحمل إياد اكثر من ذلك، نهض وهو يهتف بعدم إستيعاب.
- انت بتقول اية؟
صُبت الأعين عليه ومن الضجيج الذي احدثه، فنظر له والدها من الأسفل وأخبره بمكر
- انا عارف انك غني وعارف شركة ابوك تكون اية وعارف كل حاجة عنك، وانت عريس لُقطة لبنتي وانا مش هضيعك
نقل إياد نظراته بين ملك التي لم تجرأ على رفع رأسها من إحراجها ووالدها، استقام وهو يتنفس بإنفعال..
- ممكن نخرج نتكلم برة؟
نهض والدها والابتسامة التي على شفتيه تتسع بطريقة سمجة مع قوله الخبيث.
- لا هستناك على اخر الاسبوع في البيت، نتكلم هناك احسن
ثم أمر ملك
- يلا قومي
نهضت بخضوع وسارت خلف والدها لخارج المقهى وهي تكاد ان تبكي بقهر من الموقف الذي وضعها فيه والدها.
بينما ظل إياد واقفاً وقد اصابته الصدمة مرة اخرى.
خرجت يارا من البقعة المُظلمة التي اختبأت فيها بعد ما رأته، خرجت بعد ان رأت مُغادرة سيارة عمر وعودة رضوى لأدراجها، سارت للفيلا وهي تشعر بالضيق الشديد مما رأت، حتى انها لم تستطع إكمال رؤية تلك الوقاحة لذا اختبأت.
اخذت تُحدِث نفسها بإنفعال..
- ازاي تعمل كدة؟ هي فاكرة انها في بلد اجنبية؟، وهو ازاي سمحلها تعمل كدة؟
توقفت عن السير وهي ترد على نفسها
- اكيد ضعف عشان لسة بيحبها..
عادت لتكمل سيرها وهي تفكر.
- بس رد فعله كان بيدل على عكس كدة
عبرت بوابة الفيلا وهي توبخ نفسها
- وانتِ مالك يا يارا؟ يعمل اللي يعمله، يرجعلها ولا يبعد عنها حاجة متخصكيش..
حاولت إقناع نفسها بأنها لا تهتم، واجبرت نفسها على الحياد عن التفكير به، ولم تنجح، حتى انها وجدت نفسها تخبر سهام بِما حدث!، فأنقلبت الاجواء في الفيلا خاصةً بعد ان علِم إبراهيم.
اتصل عمر ب إياد ليذهب اليه ويتحدث معه بشأن ما حدث، فهو غاضب من فعلتها، لكنه حين ذهب لشقة الاخير اكتشف ان حال صديقه لا يقل عنه سوءً، لذا أجل الحديث في موضوعه ليفهم ما حدث ل إياد الذي كان يسرد له ما حدث بإنفعال وهو يجوب الغرفة ذهاباً وإياباً.
- ايوة انا فعلاً مُعجب بيها بس مش لدرجة اني اتقدملها
حاول عمر تهدأة إياد بقوله
- طب اهدى كدة وهنفكر سوا
لم يسمعه، بل اكمل بثورة.
- دة بيدبسني فيها عشان الفلوس؟، انت مُتخيل!
توقف لينظر ل عمر بهلع وهو يشاركه تفكيره المُخيف
- لو ابويا دخل في الموضوع تبقى كارثة، هيجوزهالي لو الموضوع هدد سمعته، وانا مش ضامن ابوها هيعمل اية وهيوصله اية
- على كدة قول انت ل ابوك قبل ما يوصله ابو ملك
جلس إياد وهو يتنفس بإنفعال، قال وهو يضم كفيه لبعضهما وهو يرفض إقتراح عمر
- لا لا، انا هحاول اتصرف
- ازاي؟
سأله عمر بفضول، فصرخ إياد مُجيباً اياه بضياع.
- مش عارف، مش عارفة، بس هفكر في حل، اكيد هوصل لحل اكيد
تعالى رنين هاتف عمر وكان والده، أجاب بهدوء
- ايوة يا بابا
دوى صوت والده الجهوري الغاضب
- تعال البيت حالاً، متتأخرش
- في اية؟
ابعد الهاتف عن اذنه حين اغلق والده الخط دون اي رد، فنهض وهو يشعر بالقلق، قال بتعجل وهو يتجه لباب الشقة
- نكمل كلامنا بعدين
سأله إياد وهو يعقد حاجبيه
- حصل اية؟
- لما اعرف هقولك.
في فيلا إبراهيم السويفي
كانت يارا جالسة على كُرسي في زاوية الصالون، توبخ نفسها على إندفاعها وإخبار سهام بِما حدث، كم تُريد قص لسانها المتهور هذا، فهو السبب في هذه الفوضى.
رفعت حدقتيها للباب حين سمعت قول إبراهيم الحاد
- اخيراً شرفت يا أستاذ
تابعت اقتراب عمر بحدقتين مُحرجتين، وحين تقابلت عينيها بخاصته أخفضتها سريعاً.
- في اية يا بابا؟ حصل اية؟
القت سهام بقولها المُعاتب
- احنا ربيناك على كدة يا عمر!
نقل بصره لوالدته مُتسائلاً
- لية حصل اية؟
أمره إبراهيم لكن بنبرة مُتحفظة
- تعال هنتكلم في المكتب، لوحدنا
- حاضر
لحق به عمر والشك يراوده.
دخلا المكتب وفور إغلاق عمر للباب تحدث إبراهيم بهدوء
- وصل لي كلام انك عملت تصرف غير اخلاقي بالمرة مع رضوى، ولا قدام الفيلا
ضم عمر قبضته، تمنى ألا يعلم احدهم بذلك فهو موقف مُخجل، لكنه تحدث بهدوء ووضح لوالده ما حدث، وأضاف
- وعمري ما هعمل تصرف مُعيب زي دة ولا أقبله.
هز إبراهيم رأسه بتفهم ثم قال بإستغراب وتفكير
- مصدقك بس، بس سلمى قالت عكس كدة، قالت انك انت اللي بدأت
تسارعت انفاس عمر وهو يسأل بضيق
- سلمى اللي شافتنا؟
- ايوة، وقالت ل سهام وسهام قالتلي
ثم اقترب أبراهيم من عمر وربت على كتفه وهو يُطمئنه
- متقلقش انا مصدقك، انا متأكد من تربيتي وواثق فيك.
منحه عمر إبتسامة سريعة قبل ان يستأذن، حين فتح الباب وجد سهام واقفة ويبدو من وضعها انها كانت تحاول التنصت، لم يهتم وتخطاها صاعداً لغرفته بوجه مُتجهم، بينما دخلت سهام ل إبراهيم ليخبرها بِما حدث بينه وبين عمر.
صعدت يارا خلف عمر بعد ان شعرت بغضبه حين لمحته، وقفت امام باب غرفته بتوتر وتردد شديد بين الدخول والإعتذار وبين تركه يهدأ والحديث في وقت لاحق.
لم تكن تعرف انه يقف هو أيضاً خلف الباب ويعلم انها تقف في الناحية الأخرى، كما انه مُتردد في فتحه قبل ان تطرق هي الباب وتدخل، انه مُحرج من مواجهتها وغاضب أيضاً منها لأنها أخبرت والديه لكن السبب الأساسي لغضبه هو انها رأته في وضع كهذا، وأن لديها فكرة خاطئة عنه.
اتخذ قراره، فهو يُريد ان يوضح ويصحح فكرتها الخاطئة، مد كفه ليُمسك المقبض ويبرمه بعزم فظهرت في محيط رؤياه، حدقا ببعضهما البعض بصمت ألجم لسانهما للحظة، تحرك مُتيحاً لها الطريق لتدخل فقطعت إتصال اعينهما وهي تدلف للداخل، اغلق الباب واستدار ليُبادر في قول شيء لكنها سبقته بإعتذارها
- مكنش قصدي اني أقولهم واعملك مشاكل والله، فأنا اسفة بجد
تقدم منها ليقف امامها مُباشرةً ناظراً لها من فوق، اعتذر يحرج.
- انا اللي اسف عشان شوفتي حاجة زي دي، وعايز اوضح حاجة ان مش انا اللي بدأت، واني بهدلتها على اللي ع...
قاطعته بقول مُناقض للرد الذي بداخلها
- مش لازم توضح حاجة، دي حياتك الشخصية وانت حُر فيها
شعر بالإحباط من ردها، فخرج قوله التالي دون سبب او تفكير منه
- في واحدة تانية شاغلة تفكيري وقلبي.
حزنت بعد قوله دون سبب واضح لها، تراجعت خطوة للخلف دون ان تتجرأ لترفع بصرها له، تخطته سريعا وهي تقول بسخرية جاهدت لأول مرة في إتقانها
- فاكرني اختك بجد عشان تقولي!
وغادرت صافقة الباب خلفها، دلفت لغرفتها وهي تلهث بغضب، لا تعلم ماذا اصابها! لِم حزنت؟ لماذا هي غريبة هذه الفترة؟ ستُجن.
في منزل ملك
جلست والدة ملك بجوار الاخيرة التي كانت تبكي بحرقة، قالت بشفقة
- حرام عليكِ نفسك، من اول ما جيتي وانتِ حابسة نفسك وبتعيطي كدة
رفعت ملك رأسها لتنظر لوالدتها بعينيها الحمراوتين، قالت ببكاء
- انا تعبت من بابا وتصرفاته المحرجة دي، بيحسسني اني رخيصة
امسكت والدتها بكفها بحنان وهي تخبرها بهدوء
- انتِ عارفة ان ابوكِ عايز مصلحتك، ممكن بيتصرف بطريقة غلط بس نيته مش وحشة.
استطرت وهي تمسح على شعر بنتها
- ابوكِ عايزك تعيشي حياة احسن من عيشتنا، عايزك تعيشي مرتاحة عشان انتِ شقيانة من صغرك
اعترضت ملك بقهر
- مش بالأسلوب دة، كدة بيبن للغير انه باعيني، انه طماع باصص للفلوس، كدة هو مش بيعززني يا ماما..
اعتدلت جالسة وهي تتحدث بإنفعال
- دة هدد إياد، خلى عنده فكرة غلط عني، دة حتى لو وافق على الهبل اللي بابا قاله هيبصلي ازاي؟ انا هتعامل معاه ازاي وهبصله ازاي؟
اخفضت كتفيها بإنكسار وهي تتمتم
- اهو هيجوزني من واحد غني ولو هو كويس بس شاف طريقة عرض بابا ليا هيبصلي ويعاملني برخص
وافقتها والدتها على أقوالها السابقة
- معاكِ حق في كل كلمة قولتيها وانا هتكلم مع ابوكِ
عادت لتستلقي على السرير وهي تخبر والدتها بوهن
- ملهوش لازمة الكلام معاه، لانه مش هيتغير ابداً.
صباح اليوم التالي
لم تخرج ملك من غرفتها بعد ان منعها والدها من الذهاب للعمل، لم تجادله حينها وعادت لمخبئها، أصبحت تشُك في نية والدها.
انها تسمع نداء والدتها التي تدعوها لتناول الإفطار لكنها تتجاهله، لن تتناول شيء معهم، ستقاطع والدها حتى يتوقف عن تلك التصرفات.
رفعت هاتفها أمام رؤياها، تنظر للرسالة التي كتبتها ل إياد ليلة امس.
- اسفة جدا على الحصل النهاردة واعتبره انه محصلش، انا هتعامل مع بابا وهحاول امنعه من انه يعمل اي حاجة ممكن تجبرك على عرضه، انا اسفة تاني للموقف اللي اتحطيت انت فيه بس والله العظيم مكنتش اعرف انه هيعمل كدة، اسفة بجد
لم يرد، لقد رأى رسالتها ولم يرد عليها، تتفهم موقفه، تتوقع الان انه يندم على مُقابلته لها، ربما اصبح يبغضها.
في فيلا أبراهيم السويفي
- يومين وهنطلع دهب
قول سهام سبب الذهول لكلاً من عمر و يارا اللذان هتفا في نفس الوقت
- نعم!
بينما اضافت سهام بحزم
- ومش هقبل اي حجج منكم، انا وابوكم قررنا وحجزنا والموضوع منتهي
دفع عمر الكُرسي وهو ينهض، قال بإنزعاج
- بجد بتهزروا
وغادر، بينما اخفضت يارا نظرها لطبقها دون ان تُعلِق.
فجر اليوم الثالث، في المطار
كانت يارا تسير بجوار سهام لتُساندها بينما سبقهم عمر لإنهاء الإجراءات، وكان إبراهيم يجُر الحقائب لحين عودة عمر.
لم تذهب يارا برغبتها، لقد حاولت التحجج بالكثير لكن سهام أصرت على قرارها بطريقة مُزعجة، حتى عمر لم يستطع إقناعها بإلغاء السفرية.
عاد عمر بعد فترة وجيزة وتحركا ليصعدا الطيارة، توترت يارا لعِلمها انها ستركب طيارة، لم تركبها من قبل لذا تشعر بالتوتر والخوف والحماس أيضاً.
كادت ان تجلس بجوار سهام لكن إبراهيم امرها بأن تجلس بجانب عمر.
جلست ووضعت حزام الأمان حولها وهي تنظر بتفحص حولها وأثناء ذلك كان قد اتى عمر وجلس بجوارها، منحته نظرة سريعة قبل ان تُشيح برأسها ناحية النافذة، لقد كانت تتجنبه اليومين الماضيين دون سبب واضح، وهو لم يحاول معها، وهذا زاد من ضيقها.
- هتفضلي كدة كتير؟
جذب انتباهها بسؤاله المُفاجئ، عادت لتنظر له وهي تتمتم
- مش فاهمة؟
- باين جدا انِك ماخدة جنب مني
أنكرت ذلك، وكانت كاذبة
- لا خالص، اخد جنب منك لية؟
- اسألي نفسك.
صمتت، فعلق مُغيراً مجرى الحديث
- كويس عرفتي تقفلي الحزام
- مش مسألة رياضة هو
ضحك على ردها الساخر وساد الصمت، بعد لحظات سألته يارا
- بِما انك طيار، المفروض اعمل اية لو الطيارة وقعت؟
اجابها ببساطة دون ان ينظر لها
- بِما اني طيار مش هسمح انه يحصلك حاجة، متقلقيش
ابتسمت بنزق وهي تقول بحنق
- متعملش فيها بطل دلوقتي، جاوبني على سؤالي
ثم اردفت مُحذرة اياه
- تعرف لو حصلي حاجة امي مش هتسيبك
ضحك وأومأ برأسه بصمت.
مع انطلاق الطيارة، تمسكت بذراع كرسيها بقوة واعادت ظهرها بقوة للخلف واخذت تردد الادعية والاذكار، بينما نظر لها عمر بإستمتاع، أراد ان يمسك بكفها لكنه تراجع عن تلك الفكرة، نظر للناحية الأخرى وما لبث ان عاد لينظر لها حين شعر بكفها يُمسك بكفه بقوة، سمعها وهي تتمتم بخفوت دون ان تفتح عينيها
- هستلفها ثواني وارجعهالك
ابتسم برضا وسعادة وهو يتأملها بحدقتين لامعتين.
ظُهر اليوم
في منزل ملك
خرجت ملك من غرفتها لتتجه للمرحاض، جذبها صوت والديها في الغرفة، كادت ان تُكمِل طريقها لولا سماعها لكلمة عريس بوضوح، تقدمت من غرفتها لتستمع لحديثهما بوضوح.
- يعني اتصل بيك؟، قال انه جاي النهاردة؟
- ايوة، روحي قولي ل بنتك بقى ان العريس جاي يتقدملها زي ما اتفقنا.
اتسعت مقلتي ملك بعد رد والدها، استنتجت سريعاً ان الحديث عن إياد، هل وافق حقاً؟ ماذا فعل والدها حتى يوافق؟، اقتحمت الغرفة وقد انفجرت اسألتها على والديها
- مين دة؟ مين اللي وافق؟ إياد؟
- ايوة هو، فأجهزي
تقدمت من والدها وهي تسأله بشك
- لية؟ لية وافق؟ وصلت لأبوه؟ هددته؟
اجابها والدها بصدق
- معملتش حاجة، لقيته بيتصل بيا إمبارح وبيقولي انه هيجي النهاردة، حتى مش عارف جاب رقمي منين.
اخذ صدرها يعلو ويهبط من سرعة تنفسها الذي سببه كبتها لغضبها الذي يشتعل بداخلها، رمقت والدها بشك، لا تُصدق ما يقوله، طلبت منه وهي تضم قبضتها
- عايزة موبايلي لوسمحت
لقد اخذ هاتفها منها منذ يومين، قال وهو يجلس على طرف السرير
- هدهولِك بليل، بعد ما توافقي على عريسك
انه يُصِر على فقدانها لأعصابها، وستمنحه هذه الفرصة بسهولة هذه المرة، حيث صرخت بثورة
- مش هوافق على حد، سامعني، مش هوافق، مش هتجبرني.
اسرعت والدتها لتمسكها وتُخرجها، فهتفت قبل ان تخرج تماماً من الغرفة
- انت بتعمل كدة عشان مصلحتك مش مصلحتي
توقفت حين رد عليها بصراحة
- عشان مصلحتنا احنا الاتنين، بس نسبة مصلحتك اكبر من مصلحتي
عادت والدتها لتسحبها من جديد وتذهب بها لغرفتها، فدخلت ملك غرفتها وأغلقتها قبل ان تدخل والدتها اليها.
وصلا للشالية المحجوز لهم، كان يطل على البحر مُباشرةً، وكم سعدت يارا بذلك لذا سبقتهم للبحر بينما أصعد عمر الحقائب للغرف، وساند إبراهيم سهام حتى وصلت لغرفتها لترتاح.
كانت واقفة على الرمال تشاهد البحر وتقلباته بإستمتاع، مع نسيمه البارد رغم حضور أشعة الشمس، مرت فترة وجيزة دون ان تتجرأ على الاقتراب من الماء، كانت تكتفي بتلامس الماء لقدمها فقط.
- لية واقفة مكانك؟ ولا بتخافي؟
سمعت قول عمر من خلفها، استدارت له وقالت بعناد
- طبعاً لا، اخاف اية انت كمان
خلع سترته وهو يتقدم منها فعادت لتلويه ظهرها دون ان تتوقع ما سيفعله بها.
تسارعت خطواته حتى وصل لها وحملها في لحظة بين ذراعيه فصرخت بذعر وزاد صراخها حين اتجه بها للمياة.
- لا لا، بخااااف، لاااا.
انقطع صوتها حين القاها في البحر، اخذت تضرب الماء بذراعيها لتخرج، لا تستطيع الخروج، انها تختنق هنا في الماء، صوت ضحكاته واضحة بالنسبة لها، توعدت له إذ خرجت حية ستقتله على فعلته.
مد ذراعه والتقطها بسهولة من خصرها ليُخرج نصف جسدها من الماء، فتمسكت به بلهفة، بزقت الماء واخذت تلهث وهي تمسح وجهها بكفها المُرتجف، فتحت عينيها وحين قابلت وجهه صرخت به
- كنت هموت، كنت هموت يا حقير
ازدادت ضحكاته وهو يستخف بها.
- دة احنا على اول البحر، اومال لو كنت رميتك في العميق كان هيحصل اية؟
ضربته بقبضتها الأخرى وهي تقول بقهر
- بتضحك يا حقير! بتضحك!
رفع حاجبيه وهو يقول بعبث
- مش قولتِ مش بتخافي؟
لفت ذراعيها بإحكام حول رقبته وهي تعترف بخوف
- لا بخاف، بخاف اوي كمان
ثم طلبت منه برجاء
- خرجني لوسمحت، بسرعة
نظر لحدقتيها وقال بإستمتاع مُغيظاً اياها
- قوليلي لوسمحت يا سيد عمر
زمجرت وهي تضرب الماء بقدميها
- عمررر
قال بإصرار
- قولي وهخرجك.
عضت على شفتيها بحنق قبل ان تفرقهما وتقول بنزق
- خرجني يا سيد عمر، لوسمحت
إبتسم برضا وهو يتمتم
- كان لازم اصورك فيديو
تهكم وهو يخرج بها من البحر
- شكلك ناوية تموتيني مخنوق
خففت إحكام ذراعيها قليلاً وهي تهمس
- هعملها بس استنى اخرج من هنا
سمعها بوضوح فضحك بإستمتاع.
فور وصوله للشط كان قد القاها بعيداً عنه و فر هارباً منها، فضحكت رغماً عنها من موقفه.
مساءً
كانت يارا ووالدي عمر جالسين امام الشالية، يستمتعون بهذا المنظر المُريح للأعصاب، رغم خوفها من النزول في المياة إلا انها تستمتع جداً بمشاهدة البحر والجلوس امامه.
وجهت سهام حديثها ل يارا
- وكنتِ عايزة تفوتي المُتعة دي يا سلمى!
نظرت لها يارا ولم ترد، اكتفت بالإبتسام، بينما تذكرت انها كذبت على والدتها وأخبرتها انها لن تستطيع ان تأتي لزيارتها خلال الايام المُقبلة لأنشغالها مع سهام المريضة، فلم تُعارض، تشعر بالضيق لانها تكذب على والدتها لكنها ما كانت لترضى إذ اخبرتها الحقيقة.
- اية دة؟ اية اللي جاب دي هنا؟
قول سهام جذبها من شرودها، التفتت لتنظر للبقعة التي تنظر لها سهام، فأتسعت مقلتيها قليلاً وهي ترى رضوى تقترب منهم، وليست بمفردها، بل مروان معها، هذا ما ينقصها، اكثر اثنين لا تتقبلهما يقتربان منها الان.
في منزل ملك
وصل إياد واستقبله والدها بإبتسامة واسعة تكاد تصل لأذنيه، بادر والدها في الحديث
- يعني جيت قبل الموعد
هذا الرجل الذي يجلس امامه يستفزه لأبعد حد، قال إياد وقد تخلى عن الرسمية
- انت عارف جي لية النهاردة، ففين ملك عشان نخلص؟
اعترض والدها
- بس مسمعتش طلباتي وموافقتش عليها لسة
- واية طلباتك؟
ابتسم والدها وقال بكل بساطة
- طلباتي بسيطة، عايز فيلا لبنتي، بإسمها، ومؤخر ٢٠٠ الف
- ٢٠٠ ألف؟
- ايوة، عشان اطمن على بنتي
ضحك إياد على رد والدها الذي اعتبره سخيف، أهذا والد يبدو عليه انه يهتم بأبنته؟
- تطمن عليها!، اتأثرت
سخرية إياد جعلت والد ملك يغضب
- ولد!، احترم نفسك
تجاهله، سأله بهدوء
- فين العروسة؟ مش هقابلها؟
- يا ام ملك، نادي ملك
ساد الصمت لدقائق قبل ان تصرخ والدتها
- ألحق يا ابو ملك ألحق
فز واقفاً بعد نداء الاخيرة، اسرع لها، توقف في منتصف الرواق حين وصل له قولها الباكي.
- ملك هربت يا ابو ملك، ملك مش موجودة.
- هو انتِ ورانا ورانا!
قالتها سهام بتبرم وصوت واضح وصل ل رضوى التي وقفت أمامهم مع إبتسامتها السمجة، تجاهلت رضوى قول سهام ورحبت بهم بهدوء، فلم يرد عليها احد سوا إبراهيم الذي دعاهم
- تعالو اقعدوا واقفين لية؟
- فين عمر؟
سألت عنه فور جلوسها، فأجابتها سهام بعدوانية
- وانتِ مالك فين عمر؟
- ازيك يا طنط سهام
قالها مروان وهو يجلس، فأبتسمت سهام وهي تُرحب به بحبور
- عامل اية يا حبيبي واخبارك؟
- الحمدالله كويس.
- جيت ازاي؟، عمر كان قايلك ولا اية؟
- لا، عرفت من إياد وجيت، عاملها مُفاجأة ل عمر
مالت قليلاً وهي تسأله بضيق
- ولية مجيتش لوحدك؟
اجابها بصراحة وهو يبتسم
- هي اللي شجعتني اجي اصلاً
عاتبته بسؤالها
- وانت مش عارف ان عمر عايز يخلص منها؟
مثّل مروان الذهول وهو يهمس
- اية؟ اول مرة اعرف، فاكر انه لسة مستنيها وبيحبها
تنفست سهام بإنزعاج وهي تعود بظهرها للخلف ونظراتها الكارهه موجهة ل رضوى الجالسة تتحدث مع إبراهيم.
بينما وجه مروان تركيزه ل يارا التي كانت تُشيح بوجهها بعيداً ويبدو عليها عدم الارتياح.
- عاملة اية يا سلمى؟
حركت رأسها لتنظر له، ردت بإقتضاب دون ان تبتسم
- الحمدالله
- مبسوط اني شوفتك
ابعدت بصرها عنه دون ان ترد، لكنها تشتعل بغيظ بداخلها، لماذا يجب تخريب لحظاتها الهادئة بهذه الطريقة؟، نهضت لتذهب لداخل الشالية، فقد اصبح الجو خانق في الخارج.
صعدت درجات السلم بغضب، في حين كان عمر يهبط من الأعلى والذي اوقفها في المنتصف حين لاحظ تجهم ملامح وجهها، سألها بريبة
- في اية؟ في حاجة حصلت؟
توقفت رغماً عنها ونظرت له بإقتضاب، ردت بعد ثواني وقد حاولت ان تتحكم بإنفعالاتها.
- رضوى ومروان برة
ارتفعا حاجبيه بذهول وهو يُردد
- نعم!، رضوى! ومروان كمان؟، اية اللي جابهم؟
- روح اسألهم
ردت بجفاء ثم تخطته لتكمل صعودها، بينما اسرع هو للاسفل.
- بتعملي اية هنا يا رضوى؟
هتف بها عمر وهو يتقدم منهم، فنهضت رضوى وهي تبتسم بهدوء وتُرحب به مُتجاهلة سؤاله
- عمر حبيبي، اخيراً جيت!، وحشتني
واتت ان تُعانقه لكنه دفعها عنه قبل ان تلمسه، كرر سؤاله بحدة
- سألتِك بتعملي اية هنا؟
اجابته ببساطة استفزته
- جيت اقضي معاكم وقت، معاك بذات
- انتِ بتستهبلي؟
هتف إبراهيم بحزم
- عمر، عيب اللي بتعمله دة
- بابا...
قاطعه إبراهيم بحدة
- كدة بترحب بالضيوف؟، مش عيب؟
تدخلت سهام بغضب
- دي ع..
ابتلعت بقية حروفها حين رمقها إبراهيم بنظرة اصمتتها، ثم قال بحزم
- رضوى ضيفة دلوقتي ومينفعش نعامل الضيف وحش
ثم نظر لها وسألها
- حاجزة في فندق او حاجة ولا لا؟
- الصراحة لا، مكنش في وقت عشان احجز
- خلاص مش مشكلة، تبقي تنامي في نفس أوضة سلمى
ونقل نظراته ل مروان واكمل
- وانت يا مروان هتشارك عمر اوضته
غادر عمر وهو غير راضي عما قاله إبراهيم، لكنه لم يعترض حتى لا ينهل عليه والده بدرس اخلاقي أمامهم.
- ملك هربت يا ابو ملك، ملك مش موجودة
وقف إياد على قدميه مُحدقاً في الباب بعد سماع قول والدة ملك، تابع والدها وهو يركض لخارج المنزل ليبحث عنها، ثم نقل نظراته لوالدتها التي اتت وجلست على الأريكة وهي تضرب على صدرها بحسرة بجانب نحيبها الذي اختلط مع قولها
- روحتي فين يابنتي، روحتي فين ياحبيبتي بس، روحتي فين يا ملك!
ما هذا الهراء الذي يعيشه الان؟، يشعر انه يشاهد فيلم في السينما..
تدارك نفسه، تنحنح من مكانه ببطء ثم تسارعت خطواته للخارج ليبحث عنها هو أيضاً، توقف عندما وصل للاسفل ليفكر، اين يستطيع ان يجدها؟ لا يعرف هذه المنطقة ولا يعرف شوارعها، اكمل سيره ليخرج للشارع العمومي حيث ترك سيارته هناك، ضغط على زر فتح القفل الإلكتروني من جهازه لكنه لم يستجب!، ادخل المفتاح في القِفل ففُتِح او اعتقد ذلك، صعدها واغلق الباب، وضع كفه على المقود ليُديره لكن عُطر غريب اخترق انفه وجذب انتباهه، استدار بتلقائية وهو يستنشق تلك الرائحة مُحاولاً معرفة صاحبها، انها مألوفة.
تصلبت عضلة في فكه حين لمح جسد ضئيل مُستلقي في ارضية المقعد الخلفي، مد ذراعه بخفة ليلتقط العصا الموجودة بجوار كرسيه بينما عينيه تحاول الوصول الى وجهه، اتسعت مقلتيه بدهشة حين تعرف عليها، انها ملك!
- ملك؟
رفعت رأسها وإبتسمت، بينما سألها وهو مازال مُندهش
- بتعملي اية هنا؟، دخلتي العربية ازاي؟، ومستخبية في الحتة الصغيرة دي ازاي؟
طلبت منه برجاء وبصوت مُختنق
- ممكن تمشي من هنا؟ وبعدها هجاوبك
سألها بغباء.
- لية؟
- عشان محدش يشوفني
- متقلقيش محدش هيشوفك، انتِ بس اللي بتشوفي من الازاز دة
اومأت برأسها وهمت للنهوض لكنها عانت قليلاً، فقد حُشِر جسدها، التقطت انفاسها بقوة حين جلست على المقعد، عادت لتسأله من بين انفاسها المُتسارعة
- بيدوروا عليا؟
قابل سؤالها بسؤال منه
- دخلتي العربية ازاي وانتِ ممعكيش المفتاح؟
- عادي، بالبنسة...
- اشتغلتي حرامية قبل كدة ولا اية؟
خرج قوله منه بتلقائية، فضحكت ووضحت.
- يارا علمتني، عشان مفتاح الاوضة بتاعتي ضايع فهي علمتني ازاي افتحه فبقيت اعرف افتح اي قِفل
هز رأسه بتعجب، ثم عاد لينظر لها ويسألها
- هربتي لية؟
- عشان امنع الهبل اللي بيحصل، وكمان كنت عايزة اتكلم معاك بس بابا ماخد مني الموبايل
اردفت مُستفسرة
- لية مسمعتش كلامي وجيت؟ قولتلك انا هتصرف
اقتربت بجسدها للأمام لتصبح اقرب وهي تسأله بقلق
- بابا هددك؟ كلم والدك او حاجة عشان كدة جيت؟
قابل حدقتيها القلقة المُرهقة بنظرات عميقة وهو يُجيبها
- جيت عشان عايز اجي
هتفت بعدم فهم
- نعم!
وضح لها ببساطة
- مش مشكلة لو جربت اخطبك، في الاخر كنت مُعجب بيكِ واهي فرصة اتقرب منك
همست بصدمة وقد اتسعت مقلتيها
- انت بتتكلم بجد؟
- دة منظر واحد بيهزر!
نقل بصره للطريق مُتحدثاً بصراحة.
- صراحة كنت مضايق من اسلوب والدك ومازلت لانه باصصلي على اني صندوق دهب يكسب منه، عموماً مش هسمحله يستغلني، بس بعد ما فكرت قولت مش هخسر حاجة لما اجرب..
كلامه أشعرها بالإهانة، لذا قالت بتحامل وقد احمر وجهها
- هو انت لية محسسني اني فار تجارب!
سألها بعتاب
- لية بتفهميني غلط؟
كأنه لم يقل شيء، اردفت ملك بإزدراء
- وغير كدة مش حرام عليك تلعب بأتنين؟
ضم قبضته وهو يقول بنفاذ صبر.
- رجعنا تاني للاتنين!، قولتلك انك فاهمة غلط و...
قاطعته بحزم
- لوسمحت مش عايزة اسمع حاجة، عايزة اقولك كلمتين بس قبل ما ارجع، اني مش هوافق عليك وهعمل اي حاجة عشان اشيل الموضوع من دماغ بابا ودة مش صعب عليا لاني عملته كتير قبل كدة
بعد ان انهت قوله وضعت كفها على مقبض الباب لتخرج لكن قوله الحائر اوقفها
- ولية رافضة؟ ما انتِ كسبانة في الموضوع، يعني لو بصينا من الناحية دي مش لاقي سبب انك ترفضي واحد زيي؟
اجابته ببساطة دون ان تنظر له
- عشان انا مش ببص للفلوس زي عيلتي، عايزة واحد يحترمني والمعروف يبقى مابينا وبس
- ما انا هحترمِك
لوت شفتيها بسخرية وهي تمتم بحزن
- معتقدش انك هتعمل كدة بعد الحصل
وترجلت دون ان تنتظر لسماع رده، بينما ظل مُحدقاً في مكانها الخالي، شقت الابتسامة شفتيه ببطء، يعتقد انه يفهمها، يفهم تصرفها وسعيد به، انها ليست كوالدها وهذا يجعله يتمسك بها وبالتجربة.
اسرع ليترجل ويلحق بها، كانت قد وصلت هي لمبنى منزلها بينما هو مازال بعيداً.
حين صعد كانت والدتها توبخها، قطع هو ذلك بقوله الذي صاحبه بإبتسامة بسيطة
- مش هنقرا الفاتحة؟
عودته سببت الصدمة لكليهما، انتبهت والدتها لصمتها فأسرعت لترحب به وقد تهللت أساريرها رغم الدموع التي ملأت وجنتيها، أخذته للصالون ودعته للجلوس ثم اخرجت هاتفها لتتصل بزوجها.
بينما ظلت ملك تنظر له من بعيد، تهز قدمها بعنف وهي تعض شفتيها دون وعي، تفكر بغيظ، لماذا يُصِر على حدث مُخجِل كهذا؟ ألا يفكر بها وان ذلك صعب عليها!
اشاحت بوجهها حين سالت دموعها على وجنتيها دون إدراك منها، تباً لماذا تبكي الان؟ ما ينقصها الان نظرة الشفقة منه.
نهضت مُتجهة للمرحاض، دخلته وفتحت صنبور المياة لتغسل وجهها عدة مرات، بعد ان جففته بالمنشفة نظرت لصورتها المُنعكسة على المرآة بفتور، تشعر بالتعب، انها تُحارب دون فائدة، وليس لديها الطاقة لتُكمِل لذا ستترك الامر، فاليحدث ما يحدث، سيتحمل هو نتيجة قراره، ألم يوافق على هذه المهزلة؟ فاليتحمل إذاً، اما هي ستظل جالسة تنتظر وتشاهد الى اين ستوصلها الامواج.
بعد ان خرجت من المرحاض ووصلت للصالون كانت قد وجدت والدها جالس مقابل إياد، انتقلت نظراته الحادة والمتوعدة لها، قال بنبرة هادئة مُقتضبة
- تعالي يلا عشان نقرا الفاتحة
نقلت بصرها ل إياد فتقابلت مع خاصته للحظات، تنهدت بإستياء وهي تُخفض رأسها لتتقدم وتجلس بجوار والدتها، بعد ان انتهيا من قراءة الفاتحة قالت والدتها
- ندي للعريس والعروسة فرصة يتكلموا، ولا اية يا ابو ملك؟
نهض والدها على مضض وسار للخارج مع زوجته.
قال إياد بجانب ابتسامة جذابة على شفتيه
- مبروك يا عروسة
حركت حدقتيها بضيق اليه ولم ترد، فمد كفه ليلتقط كفها، اتت ان تسحبه لكنه منعها بتشديد قبضته، قال بتسلط خفيف
- المفروض تعامليني كويس، كفاية جفاء بقى
ردت بشراسة
- دة أسلوبي ومش هيتغير
ثم سحبت كفها بعنف، بينما قال بهدوء
- مش اسلوبك، دي شخصية انتِ بتحاولي تتقمصيها
- متحاولش تتفلسف وتعمل نفسك عارفني.
- مش بتفلسف، بس من تعاملي معاكِ ومن التناقض اللي شايفه في شخصيتك بيسهل عليا أتنبأ بأنتِ تبقي مين
لوت شفتيها وهي تستنكر قوله
- تناقض؟
برر لها معنى ما قاله
- شوية قوية، شوية ضعيفة، شوية باردة وصريحة وشوية خجولة، بس المشاعر الأضعف بتبان انها طبيعتك اكتر
ما قاله حقيقة، لكنها لا تضعه تحت مسمى التناقض فهي تتصرف حسب الموقف الذي امامها، نعم شخصيتها خجولة وضعيفة لكن في بعض الأحيان تخرج من الصندوق، فهي مُضطرة.
عاد والدها لينضم لهم مرة اخرى، فنهض إياد بعدها بخمس دقائق مُستأدناً دون ان يلمس ما قدموه له من شراب وقطعة حلوى.
اعتدلت يارا لوضع الجلوس بعد ان سمعت طرقات احدهم على الباب، هتفت سامحة للطارق بالدخول، ارتفعا حاجبيها حين ظهرت رضوى امامها، استفسرت ببطء
- في حاجة؟
اجابتها رضوى بود وهي تُغلِق الباب خلفها
- هشاركك اوضتك، لو مش هضايقك يعني
- لية!، مش حاجزة فندق؟
- الوقت مأسعفنيش
واضافت بحماس ونبرة منخفضة
- بلس عمو ابراهيم عرض عليا اني اشاركك اوضتك وانا مش هفوت فرصة زي دي اكيد.
سألتها يارا لتتأكد من مقصدها من كلمة (فرصة)
- عشان تبقي قريبة من عمر يعني؟
- طبعاً
ثم جلست بجوارها وأمسكت بكفها لتتودد لها
- عايزاكِ تساعديني بموضوع عمر، ممكن!
رفضت يارا سريعاً ودون تفكير حتى
- لا طبعاً
وبررت ذلك ب..
- مش بحب أتدخل في حياته الشخصية
- بس انتِ اخته واكيد بيطلب رأيك في..
قاطعتها يارا لتنهي الحديث معها
- لسة في حرج مابينا ومخدناش على بعض اوي
- اممم فهمت
نهضت يارا وهي تُخبرها
- هقوم انام.
- تعالي نقعد نتكلم شوية
رفضت عرضها وهي تستلقي على الفراش
- بكرة عشان نعسانة اوي.
بينما في غرفة سهام و إبراهيم، اتخذ الاخير مكانه بجوار زوجته، اتت الاخيرة بقولها الشارد
- يااه، بقالنا كام سنة منمناش على سرير واحد؟
رد إبراهيم
- كتير، بعد سنة من لما ضاعت سلمى
صححت له بنبرة حزينة مُعاتبة
- قصدك لما عرفت بخيانتك
تجهم وجهه لذِكرها لهذا الامر، ألم تمر الايام؟ لماذا لا تنسى؟، قال بضيق
- ملهاش لازمة السيرة دي.
إبتسمت سهام بحسرة ولم ترد، بينما ضم إبراهيم قبضته بقوة، اغلق المصباح المجاور للسرير ووضع رأسه على الوسادة مُتذكراً اسوء لحظات حياته، فأظلمت حدقتيه بندم وهو ينظر لنقطة قريبة اعتقد انها بعيدة ليُريح ضميره.
أشرقت شمس يوم جديد
انتفض مروان من نومته حين سُكِب الماء البارد على وجهه من قِبل عمر، قال الاخير بكبت
- اصحى يا حلو اصحى، متحاسبناش لسة
صرخ به مروان بغضب وهو يمسح وجهه من الماء
- انت بتستهبل يا عمر؟ حد يصحي حد كدة؟
- ايوة انا
التقط الوسادة والقاها بعنف على عمر، لكنه تفادها، اتجه للباب وهو يخبره
- خمس دقايق وهرجعلك، عايزك تهرب زي امبارح ها!
ثم غادر الغرفة، في حين خروجه كانت رضوى تخرج من الغرفة المقابلة، قابلته بإبتسامة واسعة وهي تترك مقبض الباب وتقترب منه، فأسرع ليهبط درجات السلم قبل ان تصل له وتتحدث معه، فتوقفت لتنظر له من الأعلى بحنق، حدثت نفسها
- مش هتقدر تتهرب من كتير
ثم هبطت درجات السلم لتذهب للخارج وتشاركهم فطورهم في الهواء الطلق.
- حجزت يخت لبكرة.
اخبرهم إبراهيم بذلك، كانت قد وصلت رضوى وسمعت قوله فقفزت بسعادة ثم طوقت ذراعيها حول رقبة عمر الجالس امامها
- فاكر يا عمر ذكرياتنا مع اليخت؟
رفعت يارا حدقتيها لتنظر لها بكره دفين، وقد تلاشى شعورها وتبدل للرضا حين ابعد ذراعيها عنه بخشونة مُتجاهلاً اياها، فجلست رضوى خائبة.
- سلومة هتنزلي البحر النهاردة؟
سألتها سهام، فأجابت يارا رافضة
- لا مش بحب انزل المية
- لية؟
اسرع عمر ليُجيبها بإستهزاء
- عشان خوافة.
قذفته بنظرات حانقة، فأقترحت سهام
- انزلي مع عمر وهو هيمسكك، متخافيش المية حلوة وهتستمتعي بيها
- موافق جداً
شعرت بحماسه وهو يوافق، رفضت بحزم
- لا شكراً مش عايزة، لما اعوز هقولك
- انا عايزة، وهنزل معاك
خرجت رضوى بقولها الذي رأته سهام ان هذه وقاحة منها، فأحرجتها بقسوة
- وهو حد وجهلك كلام؟
- احسن احسن
قالتها يارا لنفسها حين أحرجتها سهام، تشعر بالغيظ من هذه الرضوى لذا هي تستحق كل ما تقذفه سهام عليها.
نهض عمر وخلع سترته قائلاً
- هنزل المية، هتنزلي معايا يا سلمى؟
- لا
- هستناكِ لما تغيري رأيك
- مش هغيره
تدخلت سهام بحزم
- خلاص مترخمش على اختك يا عمر
- ماشي
قالها بتذمر وهو يرمق يارا بنظرات استفزازية لم تفهم سببها، استدارت وتابعته وهو يبتعد، احمر وجهها حين استدار فجأة وغمز لها من بعيد، فعادت لتنظر لطبقها بتوتر.
- صباح الخير
قالها مروان وهو يجلس في مقعد عمر، رد عليه الجميع ماعدا يارا التي لم تسمعه من الاساس.
نظر إياد من النافذة المجاورة حين لمح قدوم ملك مع والدتها، كانت مُتجهمة الوجه ومن طريقة جر والدتها لها يُبين له انها أُجبِرت على المجيء، لكن إذ لم تأتي هي لتختار الخاتم من سيأتي بدالها!
توقفا الاثنين امام سيارته، اتت ملك ان تفتح الباب الخلفي لكن والدتها منعتها قائلة
- اقعدي قدام، جمب عريسك
رفضت يارا قائلة بتذمر وكبت
- قومتوني بدري وجيباني غصب عني وعايزاني اركب جمبه كمان؟
كررت والدتها قولها وكأن ابنتها لم تتحدث
- اقعدي قدام، جمب عريسك
تأففت ملك وخضعت لرغبة والدتها، فصعدت بجوار إياد صافقة الباب خلفها بعنف، القت نظرة سريعة عليه فوجدته يبتسم، انه يستفزها، قبل ان تعنفه كان قد نقل بصره لوالدتها التي جلست في المقعد الخلفي وحيته بود
- صباح الخير يابني
- صباح النور يا طنط، عاملة اية النهاردة؟
- الحمدالله
- عندِك مكان مُحدد عايزة تشتري منه الدبلة؟
اجابت ملك بتبرم
- اي نيلة.
قال مُعاكساً اياها بخبث
- كنت بسأل طنط
رمقته بغيظ فمنحها إبتسامته السمجة، بينما اجابت والدتها
- ودينا المكان اللي تعرفه انت يابني
- خلاص عنيا
اكملا الطريق وهما يتحدثان عن امور عدة و ملك لا تشاركهم، وصلا ودخلا محل الذهب، جلست والدتها على المقعد بصمت لتمنحهم حرية الاختيار.
- اتفضلوا
اخبر إياد الصائغ عن طلبه
- ورينا التوينز اللي عندك
- حاضر
ووضع أمامهم عدة أشكال، نظر إياد ل ملك وقال
- اختاري اللي يعجبك.
وجهت ملك حديثها للصائغ
- عايزة أرخص حاجة لوسمحت
رفع الصائغ حاجبيه بذهول ثم ابتسم وهو يومأ برأسه، بينما مال إياد برأسه بالقرب منها مُعترضاً
- لية أرخص حاجة؟
نظرت له بطرف عينيها مُجيبة اياه
- عشان لما نسيب بعض بعد اسبوعين متخسرش كتير
عقد حاجبيه بحيرة مُعلقاً
- نسيب بعض لية؟ واشمعنى اسبوعين؟
- مش انت قولت انك هتجرب! واكيد تجربتك العظيمة مش هتطول يعني.
اخذها جانباً بعيداً عن نظرات الصائغ الفضولية، قال مُستنكراً قولها
- يعني عشان بجرب يبقى انا مش ماخد الموضوع على محمل الجد؟
- ايوة، معتقدش انك ماخده على محمل الجد
- ولية بتقولي كدة؟ اية الوصلك الفكرة دي؟
تنفست بقوة قبل ان تواجهه بتحامل عما كان يدور برأسها منذ ان صعدت سيارته، فرغم انها غير راضية عن هذه الخطبة إلا ان ما تفكر به من حقها الحصول عليه، من حقها الحصول على الاحترام.
- طب تقدر تقول لي فين اهلك؟ مامتك او باباك؟، ولا انا مش قد المقام عشان يجيوا ويقدروني؟
كانت فظة، وشعرت بالندم الشديد لأسلوبها بعد ان اجابها بهدوء وقد اشاح بنظراته عنها وكأنه سيخفي الألم والحزن اللذان لمعا في حدقتيه.
- والدتي مُتفية
همست بأسف
- البقاء لله
بينما تابع...
- وعلاقتي مع بابا علاقة شغل ومناسبات وبس
عاد لينظر لها وليأسرها بصدق حدقيه بجانب قوله الذي لامس قلبها.
- فياريت متاخديش الموضوع بسوء ظن، انا بقدرك وبحترمك، فمتفكريش كتير، مش هعاملك وحش عشان اسلوب والدك أو حاجة، عايزك تديني فرصة وبس
- حاضر هديك فرصة
خرجت منها دون وعي، رمشت اكثر من مرة لتدرك بعدها انها وافقت على طلبه، حركت حدقتيها بتوتر داخل مقلتيها وقالت بتعجل وهي تكاد تتخطاه لتعود للصائغ
- يلا يلا عشان نشتري الدبلة ونخلص.
التقط كفها قبل ان تبتعد وسار بها للصائغ، ازدردت ريقها بإضطراب، تشعر بدقات قلبها تتسارع، فأدركت سريعاً ان قلبها يخونها، سيقع في حب إياد رغماً عنها، فحركاته التي تراها رومانسية ورجولية تضعفها.
في دهب
ابعدت يارا الهاتف عن اذنها بنفاذ صبر، لماذا هاتف ملك مُغلق؟، مرت عدة ايام وهي لا تستطيع الوصول اليها، حتى انها لم تذهب لوالدتها كوثر، فشعرت بالقلق، وبدأ عقلها في رسم سيناريوهات تزيد من قلقها.
بحثت عن رقم إياد واتصلت به بعد تردد، قد يعرف اي شيء عنها لكنه لا يُجيب ايضا!
وضعت الهاتف في جيب بنطالها بخشونة وسارت على الرمال لتذهب ل عمر القابع في البحر يسبح بمهارة وتسأله إذ اخبره صديقه عن اي شيء يخص صديقتها، لكن مروان أعاق طريقها، قال بطريقته السمجة
- مُتجاهلاني خالص لية يا قطة؟
ردت بتهكم لاذع
- ومن امتى بعبرك اصلاً!
طأطأ مُدعياً الحزن وهو يعاتبها
- تؤتؤ، بتعامليني بقسوة لية! دة انا حتى مُعجب.
تأففت وهي ترمقه ببغض قبل ان تتخطاه، فأسرع ليمسك برسغها ليجبرها للنظر له مرة اخرى، قالت بغضب وهي تجز على أسنانها
- سيب ايدي
قال بفحيح وقد اظلمت حدقيته بطريقة مُخيفة
- طريقتك معايا بدأت تستفزني
- ما تستفزك اعمل اية يعني!
ردت بشجاعة دون ان تهتز من تغيره المُريب، حاولت ان تسحب ذراعها لكنه كان يضغط اكثر على رسغها حتى أصبحت تتألم.
بينما خرج عمر سريعاً من الماء حين رأى ما يحدث من بعيد، سب مروان وتوعد له لأنه مُصِر على إثارة غضبه.
جذبها مروان لتقترب خطوة وهو يطلب منها بخشونة
- أتكلمي معايا زي ما بتتكلمي مع عمر واديني فرصة و...
قاطعه عمر بوضع قبضته على قبضة مروان بعنف، قال
- ابعد ايديك عنها
ابتسم مروان بإستفزاز وهو يترك رسغها ويدفع كف عمر من عليه بغير رفق، دلكت يارا رسغها بألم بينما اردف عمر بغضب مكبوت.
- مش قولتلك اكتر من مرة ابعد عنها؟
رد عليه بعناد ونظرات مُتحدية
- وانا قولتلك انها عجباني وهقرب منها
- لا انت مجنون
قالتها يارا بخفوت وهي ترمقه بإزدراء، بينما حذره عمر بنبرة حادة خشنة
- امشي قدامي وإلا انا مش مسؤول عن اللي هيحصل
سخر مروان
- هتضربني مثلاً!، متنساش ان ابوك وأمك ورانا
- لا يا حلو مش ورانا، دول بُعاد وهقدر اضربك بسهولة
اتسعت إبتسامة مروان الاستفزازية وهو يحثه
- طب يلا
اتت رضوى من خلفهم مُتسائلة.
- في اية؟
لم يُجيبها احد، بينما قال عمر لاخر مرة
- تعال ورايا ومش هكرر كلامي
انهى جملته وتحرك مُتجهاً للشالية، فسار الاخر خلفه وهو لا ينوي على خير.
خرجت ملك مع والدتها من المحل و إياد خلفهما، مدت كفها لتفتح باب السيارة فدوى صوت إنذار، استدارت ونظرت ل إياد بإستغراب، فأجابها بعبث قبل ان تسأل
- طلع في حرامية كتير ولازم أأمن عربيتي
فهمت ما يقصده، فرمقته وهي تدافع عن نفسها
- انا مش حرامية
قال ببراءة مُصطنعة
- وحد كلمك؟
ثم صعد لمقعده، فإبتسمت قبل ان تتخذ مكانها بجواره.
- تحبي نروح ناكل فين؟
طرح سؤاله على ملك، وقبل ان تُجيب الاخير قالت والدتها.
- روحني انا يابني وروحوا انتوا
- هروّح معاكِ
قالتها ملك فأعترض إياد
- لا انتِ هتيجي معايا، ومفيش اعتراض
شعرت بسعادة خبيثة بداخلها من تمسكه، فلم تعترض مرة اخرى.
ركضت يارا للشالية لتلحق بهم، اوقفتها سهام
- في اية؟ بتجري لية؟
كذبت يارا وهي تلهث
- لا مفيش، عايزة اقول حاجة ل عمر بس
- آة، هو لسة داخل مع مروان
- ماشي، عايزة اجيبلك حاجة من جوة؟
- لا يا حبيبتي تسلمي
أكملت يارا طريقها للداخل، اتجهت مُباشرةً للأعلى حيث غرفة عمر، تباطأت خطواتها حين سمعت صوتهما المرتفع، اقتربت حتى توقفت عند الباب ليصبح سماع ما يقولانه واضح لها.
حيث كان يقول مروان.
- انت مش اخوها ولا ليك الحق انك تقولي مقربش منها، انت غريب عليها زيي بظبط، ففوق من الدور اللي انت عايش فيه
اتى رد عمر
- فكك بقى من الكلام اللي انت بتقوله كل مرة دة، واسمعني كويس لاني بعيده للمرة التالتة ودي اخر مرة هحذرك فيها
- ما تقول بصراحة يا عمر، انت مضايق لية مني ومن فكرة اني اقرب من يارا؟
واضاف مروان بمكر شديد
- ليكون عينك عليها!
اتسعت مقلتي يارا وتسارعت انفاسها، قربت اذنها اكثر من الباب مُنتظرة سماع رد عمر بترقب!