[/p] جاءت التكاليف الشرعية للإسلام كاملة وموافقة للفطرة البشرية، خاصة تلك الأحكام التي تتعلق بالمرأة، والغاية من جعلها بتلك لصورة هو السعي لتحقيق الخير، ومما يدل على ذلك قول الله تعالى في كتابه الكريم: “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا”، ومن الأمور التكليفية: الصلاة، والطهارة، والصيام، والستر، وغض البصر، وعدم إحداث البدع في الدين، وغير ذلك من التكاليف الشرعية، وبذلك يتحقق للأمة الإسلامية النصر والعزة. <a name=\'more\'></a> [p]
ويذكر أن النساء في الجاهلية كن من المتاع الذي يتوارثه النّاس، وعندما جاء الإسلام صارت المرأة من الوَرثة، كما أنّ المشركين كانوا يئدون البنات؛ خوفاً من لحوق العار بهم، ودليل ذلك قول الله تعالى: “وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ”، فالإسلام أكرم المرأة وجعل لها منزلة ومكانة كبيرة، ومما يدلّ على ذلك؛ أنّ الله سبحانه وتعالى خلقها من ذات أصل الرجل، فكان خلق المرأة جزءًا من خلق آدم عليه السلام، ودليل ذلك قول الله تعالى: “هُوَ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنها زَوجَها لِيَسكُنَ إِلَيها”.
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: “استوصُوا بالنساءِ، فإنَّ المرأةَ خُلقتْ من ضِلعٍ، وإنَّ أعوجَ شيءٍ في الضِّلعِ أعلاه، فإن ذهبتَ تقيمُه كسرتَه، وإن تركتَه لم يزلْ أعوجَ، فاستوصُوا بالنِّساءِ”، وأمر النبي – صلى الله عليه وسلم – الرجال باختلافهم سواءً كانوا آباءًا أم أزواجًا أم إخوة بالعمل بما جاء بالوصية، وأمر الرجال بالرفق بالنساء، وعشرتهن بإحسان، ثمّ بيّن الرسول -عليه الصلاة والسلام- طبيعة خلق الله للنساء؛ حثّاً للرجال للعمل بما أوصى به، فالله -تعالى- خلق حواء من ضلع آدم، واستخدم الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لفظ الضلع؛ للدلالة على الاعوجاج، أيّ أنّ خلق المرأة كان فيه اعوجاجاً، حتى يبيّن الرسول أنّ التعامل مع المرأة مبني على الصبر، والحلم، والمداراة، وأكثر جزءٍ في المرأة يتحقق فيه الاعوجاج لسانها، كما أنّه لا سبيل إلى استقامة المرأة، وقد يؤدي العمل على استقامتها إلى فراقها، وعدم التعامل معها، والسبيل الوحيد للتعامل مع المرأة هو الرفق واللين.
ويذكر أن وصية الرسول -عليه الصلاة والسلام- وردت بالنساء؛ بسبب ضعف المرأة، وحاجتها لمن يدبّر أمورها ويقوم عليها، فالنساء فيهن ضعفاً، ولكن الضعف الذي فيهن لا يعدّ ضعفاً مذموماً، فإنّ فيه جانباً ليس من قصد المرأة واختيارها، وفيه جانبٌ آخرٌ مرغوبٌ ومحمودٌ، وأمّا الجانب غير المقصود: هو الضعف في الجسم، والبنية، والقوة، وأمّا جانب الضعف المحمود: هو ضعف القلب والمشاعر، بحيث تكون مشاعرها وعواطفها رقيقةً، إلّا أنّ المطلوب منها عدم الإفراط في المشاعر والأحاسيس.
اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بالنساء، وخص لهم مكانة رفيعة، فالاهتمام بالمرأة كان وهي أمًا وما يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم عندما سأله رجلٌ بأحقية الناس في الصحبة، فأجابه رسول الله: (أُمُّك، قال: ثم من؟ قال: ثم أُمُّك، قال: ثم من؟ قال: ثم أُمُّك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك)، كما أنّ الاهتمام كان بالمرأة وهي بنتاً، حيث كان للرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أربع بناتٍ من زوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وهن: أم كلثومٍ، ورقيةٌ، وزينبٌ، وفاطمةٌ، فكان الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عند ولادة بناته يُسرّ ويفرح فرحاً كبيراً، كما أنّه عند ولادة فاطمة توسّم فيها البركة، والخير، واليمن؛ فلقّبها بالزهراء، وكان يطلق عليها أم أبيها مع أنّها كانت الابنة الرابعة، وفي ذلك درسٌ من -الرسول صلّى الله عليه وسلّم- على عِظم وأهمية شكر الله تعالى، وإظهار الفرح والسرور بقدوم البنات، والحرص على تربيتهن تربيةً صالحةً، وعلى تزويجهن من صاحب الدين، والتقوى.
كما أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لم يقطع بناته بعد زواجهن، فكان يزورهن، ويُدخل إلى قلوبهن الفرح والسرور، وكان يداوم على ذلك رغم كل ظروفه.
كما أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- اهتم بالمرأة وهي زوجةً، وجعل من المعايير التي تدل على خير الرجل؛ حسن معاملته لزوجته، ودليل ذلك ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي”.
ومما يدل على ذلك أيضًا قول السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم: “ما كان النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يَصنعُ في أهلِهِ؟ قالتْ: كان في مِهْنَةِ أهلهِ، فإذا حضرتِ الصلاةُ قامَ إلى الصلاةِ”.