رواية لمن يهوى القلب الجزء الثاني (بعنوان: مذاق الحب والألم) بقلم فاطمة حمدي الفصل الثانيازدردت ريقها بصعوبة قبيل أن تمنحه الرد حيث قالت:-أنا لسة بفكر..رد عليها بنبرة محتدمة:-لسة بتفكري؟!, هو أنا كل ما هسألك هتقوليلي بفكر؟, قولي بقى إنك لسة بتفكري في الباشا بسلامته اللي رماكي زي الكلبة!رفعت وجهها إليه بصدمة جراء كلمته الأخيرة، ثم قالت في شراسة:-أنا مسمحلكش تقول كدا، مين إداك الحق تتكلم معايا بالطريقة دي؟, مش عشان بشتغل عندك هتقول اللي على مزاجك وأنا هسكت!, حدودك معايا متتعدهاش من فضلك!ضحك بتهكم مع قوله:-الله! دا القطة طلع لها ضوافر أهي وبقت بتخربش، عيشتك في القصور نسيتك أصلك!-أنت زودتها أوي بجد، كلمة كمان وهسيبلك الدنيا دي وأمشي شغلك دا ميلزمنيش ,أوعى تكون مفكر إنك هتبيع وتشتري فيا!سالم والشرر الغاضب يتطاير من عينيه:-طب وريني يا حلوة مين هيشغلك وهتعيشي منين!, دا كلاب السكك كلها هتنهش في لحمك..أدمعت عينيها بتأثر من كلماته اللاذعة، لكنها تراجعت في خطواتها قائلة بقوة:-ربنا موجود وهيحميني من الناس اللي أمثالك إللي هي كلاب السكك يا سالم!أنهت جملتها وبرحت المكان فورًا، فخرج سالم خلفها وراح يجذبها بشراسة من حجابها فترنحت بين يديه وتألمت بشدة، صرخت وهي تستقبل أول صفعة منه لكنه لم يكد يهوى بكفه على وجهها حتى وجد من يمنعه بقوة، ويتلقى سالم الصفعة بدلاً منها، فواحدًا كبل يديه والآخر وقف حماية لها هي، برقت عيني سالم وهو يقول بذهول:-أنتوا مين؟قال أحدهما:-مايخصكش!, لو إيدك اتمدت عليها هنقطعها،المرة دي تحذير، المرة الجاية هنقطع ايدك احنا مبنهددش، إحنا بنفذ بس، لو عايز تجرب أعمل اللي عملته دا وكرره..تركه الآخر بعد أن رمقه بنظرة نارية واصطحبها معه قائلا:-اتفضلي معانا يا أستاذة!سارت ملك معهما بخطوات متوترة، ثم قال أحدهما بمهنية:-احنا موجودين هنا حماية ليكي من أي حد، مش عاوزين حضرتك تقلقي خالص.سرعان ما علمت ملك أن هذان الاثنان من حراسة أدهم الخاصة، لتقول بتشتت:-مش عاوزة حاجة منكم وقولوا للي باعتكم إني مش عاوزة مساعدته، أنا معايا ربنا وبس!تركتهما وذهبت على ذلك، وقلبها يتفتت من شدة الألم، انسابت دموعها وهي تتجه نحو البناية في إنهيار تام..تلقى أدهم مكالمة من أحدهما، فأجاب على الفور و:أدهم باقتضاب:-هي قالت كدا؟!أكد له الآخر حيث قال:-أيوة يا باشا..أدهم وقد زفر بعنف قائلا بغيظ:-خليكوا زي ما انتوا وعنيكوا عليها، فاهم؟-تمام يا أدهم بيه.أغلق أدهم الهاتف وألقاه على الأريكة ليجلس بعدها في غضب، أتت تمــارا من خلفه وهي تنظر له بحدة فيما تردف:-كنت بتكلم مين يا أدهم؟أجابها محتمدا:-شغل يا تمارا!تمارا متهكمة عليه كعادتها:-شغل!, إزاي؟ أنت بتقول عينكوا عليها صح ولا أنا متهيألي؟بادلها سخريتها تلك حين قال:-مش متهيألك وصح!-أنت لسة باقي عليها؟ بتحبها هي وأنا إيه بالنسبالك أنا إيه ؟أغمض أدهم عينيه بضيق شديد واستأنف:-يا الله!-بتحبها يا أدهم؟نهض أدهم بشكل عنيف عن مجلسه خارجا من الغرفة، لكنها لحقت به فورًا وهي تقول برجاءٍ:-أدهم ..بليز خلاص خلاص. آسفة!عانقته بقوة وبكت بحزن مع قولها:-مش هحاول أضايقك تاني ولا أتدخل في خصوصياتك وبليز خلينا كويسين مع بعض عاملني كويس يا أدهم عشان خاطري،أنا اتخليت عن كل حاجة عشان خاطرك ...وختمت جملتها قائلة بنفس النبرة المترجية تلك:-احضني!عانقها متنهدًا بينما يشعر بثقلٍ شديد على صدره كجبال العالم أجمع!دخلت إلى الشقة بخطوات بطيئة وهي تتأبط في ذراعه،بينما تنظر له بتذمر طفولي وهي تردف متعمدة إثارة غضبه:-مكنتش عاوزة أرجع معاك،هو بالعافية؟أدخلها وأغلق الباب وتجاهلها عمدًا،. هو يعلم أنها تريد استفزازه،يفهمها جيداً كنفسها بل أكثر..لذا توجه إلى الغرفة وخلع عنه سترته بانهاك،. اتجهت خلفه وهي تقول بغيظ:-أنت مش بترد عليا ليه ؟, هو أنا بكلم نفسي يا علي ؟علي وقد قال بهدوء:-لما تبقي تقولي كلام كويس زي الناس أبقى ارد عليه!-كويس زي الناس؟, ليه هو أنا مجنونة؟-أيوة ..-إيه؟, أنا مجنونة يا علي ؟اقترب منها وكرر كلمته ببطء:-أيـوة ..لكمته بقبضة يدها في كتفه بلا وعي منها واستدارت خارجة من الغرفة إلى الغرفة الثانية وهي تهمهم بكلمات لم يفهمها لكنها أخبرته بمدى غضبها، لا بأس سيعالج ما حل بها على الرحب والسعة..!ضحك ببساطة وأخذ يبدل ثيابه وكلما يتذكر لكمتها يضحك أكثر!بينما جلست ميرال على سرير الغرفة الثانية وهي تقول:-بقى أنا مجنونة؟, مش هكلمه أبدا حتى لو اتحايل عليا!سمعت خطواته بعد ذلك تقترب من الغرفة فالتفتت مولية ظهرها نحو الباب، لكنها خيب ظنها حيث دخل إلى الحمام!زفرت بضيق وظلت بمكانها متابعة:-ماشي يا علي!"بعد مرور نصف ساعة"خرجت من الغرفة إلى غرفتهما فوجدته يهاتف أحدا ما، فقالت بعصبية:-عاوزة أغير هدومي، من فضلك إطلع أتكلم برا!تحرك خارجا من الغرفة دون جدال فأزاد غضبها الشديد، كزت على شفتيها وصفقت الباب بعنف فضحك علـي وهو ينهي مكالمته، بعد قليل فتحت باب الغرفة بعد أن أبدلت ثيابها وانتظرت على أمل أنه سيأتي ويدخل الغرفة مجددا لكنها وجدته يقوم بتشغيل التلفزيون ويقلب في القنوات باهتمام، خرجت بذهول إليه وسألته بغيظ:-ممكن أعرف أنت بتعمل إيه ؟-سلامة الشوف بتفرج على التلفزيون!-إطفيه لو سمحت عشان أنا تعبانة وعندي صداع والصوت مش هيريحني أنا عاوزة أنام!نظر لها بنصف عين وأخبرها:-هوطيه حاضر ..قالت بتصميم:-اطفيه راعي إني تعبانة!-حاضر أهو طفيته عشان تعرفي تنامي وترتاحي، يلا بقى إدخلي نامي!نظرت له بحزن وقالت:-طيب أنا تعبانة!-يعني أعمل إيه؟, نامي وهتبقي كويسة ..يلا!دخلت إلى الغرفة مجددا وهي تبكي بحقٍ، أشفق عليها علـي لكنه أصر على موقفه منها !"بعد مرور ربع ساعة"خرجت من الغرفة مرة أخرى وهي تجفف دموعها وتتجه نحوه ثم تجلس جواره قائلة باستسلام:-أنا آسفة!علي وقد قال باهتمام:-على؟-إسلوبي معاك!-وإيه كمان؟ردت بطفولية:-وعشان ضربتك ..بونية في كتفك!-وإيه تاني ؟فكرت قليلا لتقول باعتراف:-وعشان طلبت منك ننفصل!رد عليها أخيراً:-كويس إنك عارفة غلطاتك!, فيه ست عاقلة تتصرف بطريقتك؟حركت رأسها نافية بصمت، فعاد يسألها بحزم رفيق:-يبقى ليه بتتصرفي بالطريقة دي ؟نظرت له بدموع وقالت قبيل أن تلقي بنفسها داخل أحضانه:-عشان مجنونة..فضحك بخفوت وهو يضمها إليه ويغمرها بحنانه قائلاً:-أحلى مجنونة في العالم!نظرت له وقالت:-يعني مش زعلان مني خلاص؟-زعلان طبعا ولازم توعديني إنك متقوليش الكلام اللي قولتيه دا تاني !-حاضر يا علي كل اللي أنت عاوزه ..-وعد ؟-آه وعدمساءً..عاد حازم إلى البيت كعادة كل يوم ولكن هذه الليلة.. كانت ليلةً خاصة جدا له ..ينوي مصالحتها والاعتذار أخيرًا عن ما صدر منه من سلوكيات أرهقتها وجعلتها كزهرةٍ ذابلة...زهرة؟!كانت في ذات يوم قد أخبرته أنها تعشق الزهور ..وهو قد تذكر اليوم واشترى باقة من الزهور خصيصاً لها، يبتسم باتساع وهو يفتح الباب بالمفتاح ويدخل مخبئا باقة الزهور خلف ظهره ويتعجل في خطواته مناديا عليها برفق ..ولكن ...لا رد ..يكرر النداء ولا رد أيضًا.. ساندرا لم تكن هنا!رحلت ...!شعر بالقلق وراح ينظر إلى تلك الورقة المطوية الموضوع فوق الكومود والموضوع فوقها شريط الحبوب المخدر الخاص به ..ازدرد ريقه بصعوبة والتقطت الورقة ليفتحها ويقرأ محتواها.. الذي كان:"حبي ليك خلاك تقسى عليا، اتحديت العالم عشان خاطرك ..وخاطري أنا انت كسرته ودوست عليه جامد أوي يا حازم.. أنا مشيت يا حازم ومش راجعة وخلي المخدرات والحشيش ينفعوك "انقبض قلبه في ألم وسقطت باقة الزهور من يده، وجلس في ضياع يحاول السيطرة على أعصابه الثائرة الآن !فهل فات آوان الاعتذار ؟!بعد منتصف الليل ..نهض أدهم بهدوء عن نومته وخرج من البيت باختناق ..كل شيء بات فوق طاقة تحمله كل شيء!لولا وجود طفله الذي جعل كل الصعاب تهون لتفتت من شدة الشوق والحزن ...قرر مهاتفتها مجددا لعلها تجيب عليه هذه المرة ..يشعر أنها ستجيب على اتصاله ..مؤكدا أن لديها من القول ما سترويه عليه ..وقد كان ظنه صحيح ..ها هي ترد عليه في اقتضاب تام ..لكنه لم يهتم بذلك ..فصوتها الحبيب روى ظمئ قلبه!وبعث الحياة لقلبه المتألم بصمت ...-ملك ..أخيرا رديتي عليا! وحشتيني يا نور عنيا يا حبيبتي ...ألقى عليها كلماته دفعة واحدة خوفا من أن تغلق مجددا، كلمات خرجت من الصميم ولم تخرج لغيرها!لم تهتم بكلماته أو هكذا أظهرت!, لتقول بحدة:-أنت عاوز إيه ؟, بتتصل ليه ؟ أنا رديت عليك المرة دي بس عشان أقولك إبعد عني ومش عاوزة أي حد من طرفك سامع؟رد عليها بجمود رغم هدوء صوته:-اتغيرتي يا ملك!, مهما تقولي أنا مش هسمع منك،أنا بعدت عنك عشان مش قادر أعيش من غيرك وأنتي قريبة مني كدا بس أنا وأنا بعيد بموت ..والله بموت ايه يا ملك قلبك الأسود دا ليه مش قادرة تنسي؟-بص أنا مش هكتر معاك في الكلام لو قربت مني من قريب أو بعيد تاني أنا ...قاطعها محتدًا:-هتعملي إيه ؟ ملك فوقي بقى وحطي عقلك في راسك أنا ناوي أرجع ومش هسيبك !ضحكت ساخرة مع قولها:-مش بمزاجك!, أنا خلااااص مبقتش بحبك أفهم بقى! وكمان أنا هتجوز قريب فأنسى!رفع حاجبه قائلا بشراسة:-تتجوزي؟