رواية لمن يهوى القلب الجزء الثاني (بعنوان: مذاق الحب والألم) بقلم فاطمة حمدي الفصل الثالث عشراستيقظت ميـرال في الصباح والتفتت على الجانب الآخر فوجدت "علي" قد استيقظ هو أيضًا، ومضى ينظر لها مبتسما وهو يقول بحنو:-صباح الفُل.بادلته الابتسامة كذلك ..بينما تقول بلُطف وهي تتثائب:-صباح الورد يا حبيبي ..أنت صاحي من بدري؟اعتدل جالسًا ببطء وهو يرد عليها:-يعني يا ريمو .. أنتِ عاملة إيه النهاردة؟, حاسة إنك كويسة؟أومأت برأسها متابعة بهدوء:-أيوة يا علي الحمدلله كويسة ..ها هنروح للدكتور إمتى بقى؟نهض عن الفراش قائلاً:-لما تفطري كدا وتفوقي لسة بدري ..أومأت ميرال برأسها وقالت بإيجاب؛-ماشي يا لولي ..أنا هدخل الحمام بقى ..انطلقت إلى باب الغرفة بينما يستوقفها حازمًا:-خدي تعالي هنا من لولك دا؟ضحكت بشدة وهي تشير إليه:-أنت ..رد عليها بجدية مصطنعة:-أوعي تنطقيها تاني أنـا بالطول والعرض اللي أنتِ شيفاه دا يتقالي لولي دي عيبة في حقي دي يا ست ريمو ..ضحكت وهي تقول ببساطة:-بس أنا عاوزة أدلعك مش عارفه أقولك إيه غير لولي ..-لأ مش عاوز دلع طالما فيها لولي دي-خلاص يا قلبي متزعلش مش هقولك كدا تاني ..وانصرفت وهي تضحك بعفوية بينما ابتسم هو وتوجه إلى الخارج حيث صالة المنزل والتي كانت تضم والدته وشقيقته چنا ..ليقول بصوت بدى لهما حادًا:-صباح الخير..ردت سميرة بهدوئها المعهود:-صباح النور يا حبيبي ...مالك يا علي؟نظر علي إلى شقيقته بصمت ...لا يعلم من أين يبدأ ...ستظن بميرال زوجته السوء إذا تحدث معها بشأن ما فعلت ! وتزداد كراهية لها ...ليقول بجمود:-سايبة بيتك ليه يا چنا؟ردت چنا:-عادي ..في خلاف بسيط بيني وبين ماهر ..-إيه اللي حصل؟هكذا سأل ..ليتفاجئ بردها الفج:-مش هينفع أقولك دلوقتي عشان مراتك هنا ومش عاوزاها تسمع اللي هقوله ..فقال لها بصبر:-طب ليه؟, هي ميرال وحشة أوي كدا؟ مش قادر أفهم ليه معاملتك ليها دي ؟ قوليلي على سبب واحد يمكن أنا مش واخد بالي من اللي أنتِ واخدة بالك منه !-مافيش حاجة هو أنا كنت عملت لها إيه؟ ولا هي زي العادة جريت توقع بينا ..علي تابع بعصبية شديدة:-توقع بينا ! ليه؟ وهتستفاد إيه عشان توقع بينا؟ أنا مش مصدقك مش مصدق الطريقة اللي بتتكلمي بيها والحالة اللي أنتِ فيها دي .. أنتِ چنا ولا واحدة قاعدة على المصطبة,؟ دي لا طريقتك ولا دا اسلوبك إيه اللي حصل ؟چنا ببكاء وهي تنظر إلى والدتها:-شايفة يا ماما علي بيقولي إيه ؟علي بانفعال كبير؛-مالكيش دعوة بماما وردي يا هانم عليا وقوليلي إيه الأسلوب الزفت بتاعك دا ؟! في إيه بالظبط؟!-كل دا عشان خاطر مراتك يا علي ! مراتك دلوقتي هي حبيبتك وأختك الشريرة ؟!-الشريرة دي أنتِ اللي عاوزة تكوني كدا وبتسعي لكدا ..ومش عارف ليه ولا لاقي ليكي أي مبرر أصلا !نهضت چنـا فجأة متجهة إلى الداخل دون أن تجيب عليه حيث كانت تبكي جراء حديثه معها، بينما لم يحرك علي ساكنا ولم يجد لها أي عذر !عادت بعد بضعة دقائق فحسب وهي تجفف دموعها بمنديل ورقي وتقول بحزن:-لو مضايقاك للدرجة دي يا علي أنا ممكن أعتذرلك وأعتذر لميرال بس مش هكون مرتاحة هعمل كدا بس عشان أنت متزعلش ..-وأنا مش عاوز إعتذار أنا عاوز أشوفك كويسة ..من جواكي يا چنا ..فقالت مجددًا بحدة:-القلوب والحب دا حاجة بتاعة ربنا وأنا مش قادرة أحب ميرال فليه تلومني وتزعل مني ؟صُدم علي قليلا من ردها هذا ...لكنه قال بهدوء صارم:-تمام مش هلومك تاني بس متزعليهاش ولا تجرحيها بكلامك مرة تانية وطالما مش بتحبيها لسانك ميجيش على لسانها يا چنا مفهوم ؟-مفهوم ويكون أحسن برضوه !سمع علي بعد ذلك صرخة عالية أطلقتها ميـرال بعدما سمع صوت ارتطام شديد على الأرض، ركض في فزع إليها ليجدها ملقاه على عتبة الغرفة تتلوى بألم وتبكي بشدة ..لم يستعب علي ماذا يحدث فانحنى عليها يحاول حملها لكنه سقط عليها دون قصد منه حيث تغرقت الأرض بالزيت !اتسعت عينيه عندما وجد خطوط رفيعة من الدماء تجري على ساقيها وصراخها يتعالى يكاد يصم إذنيه ..فهتف بهلع وهو يراها تغيب عن الوعي وصوت صراخها يسكت مرة واحدة:-ميراااال ميرال ..في إيه ميرال ...كان يردد بخوف شديد ونهض متحاملا على نفسه متفاديا كمية الزيت المنزلقة على الأرض ..بينما أسرعت والدته تمسح الزيت بمنشفة من على الأرض وهي تبكي ..وقد علمت وفسرت الموقف تماما كما فسرهُ علي !وضع علي زوجته المغيبة والغارقة في دمائها على الفراش ريثما يرتدي ملابسه في لمح البصر..دخلت چنا إلى الغرفة وهي ترتعش خوفا ..رغم أن هذه فعلتها لكن منظر ميرال ..كان مشهدها يحاكي مشهد الأموات فارتعدت أوصالها وهي تقول ببكاء:-ع ..ع علي !التفت علي إليها وصفعها بقوة جعلها ترتد للخلف وأخبرها وهو يقول بينما يحمل زوجته مرة أخرى ويخرج من الغرفة:-لا أنتِ أختي ولا أعرفك من اللحظة دي !أسرع خارجا من الشقة هابطا الدرج بكل ما يمتلك من سرعة ومن ثم إلى سيارته لينتقل بها إلى أقرب مستشفى وهو يكاد يسابق الزمن بجنون بينما ينظر إلى وجه زوجته المسكينة وقلبه يعتصر ألمًا ..وفي الأعلى تلقت چنا صفعة أخرى من يد أمها وظلت تصرخ عليها مرددة:-أنتِ مين ؟ لا يمكن تكوني بنتي ..منك لله ..افرضي جرالها حاجة ؟! افرضي ماتت ؟! هتكوني قتلتيها عارفة يعني إيه ؟ اخص عليكي وعلى تربيتك يا خيبة املي فيكي يابنتي يا خيبة أملي ..-يا ماما ..آقالت چنا لكنها لم تستطع الإكمال وقالت لها بحدة عارمة:-أنتِ تمشي من هنا على بيت جوزك أنا مش طايقة أبص في وشك ..غوري من وشي السعادي غوري ..انهارت الأم جالسة على الأريكة وهي تبكي بحسرة ..ولم تختلف حالة چنا حيث بكت مثلها وأسرعت تلملم أشيائها بالفعل وتذهب إلى زوجها مرة أخرى !ظل حازم يسير جيئةً وذهابًا بالصغيرة نور التي راحت تصرخ بين يديه يحاول تهدئتها بينما كانت سانـدرا تحاول الجلوس كي تستطيع ارضاعها بالكاد... راح يرفع لها الوسادة كي تسند ظهرها عليها ومن ثم يناولها الطفلة وتقوم بارضاعها ...بينما يقول وهو يجلس جوارها بهدوء ويمسح على جبينها المتعرق:-إن شاء الله هتبقي كويسة يا حبيبتي.. فترة وهتعدي ..اومأت برأسها قائلة وهي تتحامل على نفسها:-إن شاء الله يا حازم ..بس الولادة صعبة أوي الجرح تاعبني جدا حاسة إنه مش هيخف ..-لأ يا حبيبي هتخفي وهتبقي زي الفل إن شاء الله ..ابتسمت له رغم إرهاقها بينما تقول بعفوية:-مكنتش أعرف إنك حنين أوي كدا يا حازم ..ماكنتش بتقولي يا حبيبتي ولا كنت بتهتم بيا كدا ..ثم ضحكت متابعة:-كنت على طول تقولي أنا جعان إعمليلي أكل ..وتزعق وتشخط إنما دلوقتي كأنك واحد تاني !-أيوة وأنتي اللي عملتي فيا كدا عشان مكنتش حاسس بقيمتك .. ربنا يخليكي ليا يا ساندرا ..-ويخليك ليا يارب ..ثم تابع هامسًا:-قوليلي الحلبة بالعسل دي بتتعمل إزاي؟ضحكت بألم مع قولها:-ليه؟!-عشان أعملك ..أمي نايمة ومش عاوز أصحيها ..يلا قوليلي ..فتابعت ضاحكة مرة أخرى:-معرفش عمري ما عملتها بس تقريبا بتغلي الحلبة وبعدين تحط عليها العسل بس كدا..-طيب هقوم أجرب وربنا يستر .. !كعادة رغــدة كل يومٍ تشاجرت مع سعدية ونجاة زوجات زوجها سعيد ..والذي لم ينصفها يوما واحدا منذ أن وطئت قدميها هذا المنزل ..باتت تبكي قهرا وبدل الدمع تكاد تبكي دم !والآن أدركت أنها كانت مخطئة تمامًا ومازالت تتذكر صوت شقيقها حازم حين أخبرها:-هترجعيلي بتعيطي بس ساعتها مش هقبلك يا رغدة-ازدادت بكاء فوق بكاؤها ..فسمعت صوت قرع الباب لتنهض متوجهة إليه وهي تمسح دموعها بسرعة ..فتجد فتاة شابة في نفس عمرها تقريبًا ..ترمقها بازدراء نظرات ثاقبة شديدة كمدفعٍ رشاش !...أرسلتها والدتها "سعدية" لتقوم بمهمة كبيرة ..ومن معها أشقائها واولاد نجاة أيضًا ..جيشًا من الكبار والصغار أتوا لمهمة ..خصيصا لـ رغدة !لم تنكر أنها ارتعبت من الموقف ...لكنها كعادتها قالت:-أنتوا جايين هنا ليه ؟,. امشوا غوروا عند أمكم !لتقول الفتاة وهي تشمر عن ساعديها:-هنمشي يا حلوة بس مش قبل ما نديكي الأمانة !ولم تكد تتكلم رغدة حتى هوت الفتاة بصفعة على صدغها وتدخلت أخرى تجذبها من خصلات شعرها بعنف والصغار يحاولون توقيعها بينما هي تصرخ والامرأتان سعدية ونجاة تضحكان بتشفي ..فتستغيث رغدة ..لكن لم أحد يغيثها !أسرعت السيدة سميرة في رواق المستشفى حيث كان يقف علي يستند على الجدار ورأسه للأعلى،أسرعت نحوه وهي تلهث بشدة بينما تقول بلهفة:-علي ..طمني ميرال عاملة إيه يا حبيبي ؟نظر لها بضيق بينما يقول بألم:-في العمليات ..بينزلوا اللي فاضل من الجنين ..الأم بآسى:-ربنا يعوضكم خير يا علي ..علي وهو ينظر إلى قميصه الملطخ بدماء زوجته:-المهم ميرال تكون كويسة دي أهم حاجة عندي إدعلها يا ماما أرجوكي أنا هموت لو حصلها حاجة-هتقوم بالسلامة يا حبيبي والله هتقوم إن شاء الله ..تعالى إقعد استريح ..علي وهو يجاهد ليبقى صامدًا:-معلش يا ماما استريحي أنتِ !هزت الأم رأسها بصمت وظلت واقفة جواره تربت على كتفه وتنظر إلى دماء زوجته بذهول وتنساب دموعها لا إراديًا ...كان أدهم يصعد درج القصر ليتوجه إلى غرفته ..بينما تقابل مع زوجته "تمـارا" وهي تهبط الدرج وتقول برقة تتكلفها:-إيه يا بيبي إنت مش رايح الشغل النهاردة ولا إيه ؟!رد أدهم بضيق كعادته معها:-لأ ..لتقول تمارا بسخرية:-هنرجع للجدول تاني ولا إيه يا بيبي ؟ أنا يوم و ...ملك يوم !أدهم بابتسامة استفزتها:-لأ يا بيبي ...ملك كل الأيام !ولم تكد تمارا تتكلم حتى علا صراخ ملك من الأعلى وهي تهتف بألم:-أدهم إلحقنييييي ...لم يلبث أدهم وركض مسرعًا إليها في قلق شديد ...بينما ضحكت تمارا بتهكم وهي تقول بخفوت:-البقاء لله مقدمًا يا بيبي ..وقد أجرت اتصالا سريعا عبر هاتفها متحدثة:-تمت العملية بنجاح ..يا شادي ..بينما في الأعلى كانت تصرخ ملك بشدة وهي تتلوى على الأرض وتمسك بطنها ودموعها آخذة في ازدياد ..هرول أدهم ناحيتها وانحنى يسألها بلهفة:-في إيه يا ملك في إيه !-بطنننني بتتقطع يا أدهممم الحفني أبوس ايدك .. هموووت ..هكذا صرخت باستغاثة وشفتيها تتحول للون الأزرق .. بينما يهتف أدهم وهو يحملها بسرعة:-يا نهار أســود!
رواية لمن يهوى القلب الجزء الثاني (بعنوان: مذاق الحب والألم) بقلم فاطمة حمدي الفصل الرابع عشرانتظر أدهم كثيرًا في رواق المستشفى بأعصابٍ تحترق وهو يسير جيئة وذهابًا وهو يردد بفؤاد قلق:-يارب عديها على خير واشفيها يارب ..مرّت ساعة كاملة على خروج الطبيب من الغرفة وهو يقول بلهجة مهنية:-خير يا فندم الحمدلله المدام كويسة جدًا عملنا لها غسيل معدة وهي بخير ..بس لازم ترتاح راحة تامة ..تنهد أدهم بارتياح وردد:-ألف حمد وشكر لله ..ثم ولج بعد ذلك إلى الغرفة التي تضم زوجته النائمة بارهاقٍ تام وقد شحب لون وجهها تماما، ليقول برفق:-حمدلله على السلامة يا ملوكة ..كانت مرهقة للغاية لم تقو حتى على الرد، ليتابع مبتسما؛-كنت هموت وراكي لو جرالك حاجة ..بينما يستكمل:-طبعًا تمارا اللي عملت العملة دي والله ما أنا سايبها وآخر يوم لها في القصر النهاردة المتخلفة دي ..!ازدردت ملك ريقها بصعوبة وتكلمت بخفوت:-إنسانة بشعة ..بشعة ...-هجبلك حقك منها يا حبيبتي بس ارتاحي ومتفكريش كتير الحمدلله عدت على خير ..أصدر هاتفه رنين ..فنظر لها وقال على عجل:-دي ماما ..أكيد عاوزة تطمن عليكي ..أنهى كلامه وأجاب على الفور:-أيوة يا ماما ..فأسرعت چيهان تهتف ببكاء:-الحقني يا أدهم ميرال في المستشفى ..فنهض أدهم قائلا بهلع:-إيه ميراال!-أنا رايحة في الطريق حصلني على هناك أرجوك مستشفى ******أغلقت الخط بينما قالت ملك بقلق:-في إيه يا أدهم؟!-ميرال في المستشفى ..مش عارف أعمل إيه أسيبك إزاي دلوقتي!-لا حول ولا قوة إلا بالله ..إيه اللي بيحصل بس ! روح يا أدهم أنا اتحسنت وبتحسن روح لميرال ومتقلقش عليا ..فما كان منه إلا أن قال باستسلام:-هوصي الممرضات عليكي وهطمن عليكي بالتلفيون يا حبيبتي سلام ..بعد مرور ساعة من الزمن ..قد انتقلت "ميـرال" من غرفة العمليات إلى غرفة أخرى ...وفي لهفة كبيرة هرول إليها "علي" وهو لا يعلم كيف سيواسيها في محنتها تلك ..لكنه صُدم حين نظر إلى وجهها الباكي.. وملامحها الشاحبة الأليمة ..فكانت الدموع كأنهارٍ تجري على خديها بحزن شديد ..نزف قلبه وجعًا وهو يقترب منها ويجلس جوارها ..ثم ينحني عليها مقبلًا رأسها بصمت ويربت على وجنتها برفق ..ثم يمسح دموعها ولم يتحرر من صمته بعد ..فقط ينظر لها باعتذار ..نظراته كانت تعتذر لها فلم تستطع شفتاه النطق ..وبادرت هي تقول بألم واختناق من بين دموعها:-ليه يحصلي كدا يا علي ..ليه كدا ليه ..فهدئها قائلا برفق:-إرادة ربنا يا حبيبتي.. لازم نقول الحمدلله..تعالت شهقاتها وهي تخبره بمرارة:-ربنا رزقني وكنت هبقى أم بس چنا السبب ..چنا اللي بتكرهني بدون سبب ..عمري ما هسامحها يا علي عمري ..ازداد بكاؤها المرير ليزداد ضمه لها وهو يحاول رفعها إلى حضنه ولو يستطع إدخالها إلى قلبه لأدخلها !قال لها بصوت مختنق:-طب إهدي بس يا حبيبتي.. إهدي ..اللي حصل حصل وإن شاء الله ربنا هيعوضنا تاني أكيد ..تمسكت به ..وعانقته بحزن ..بينما تهمس له بغضب:-وممكن ميحصلش حمل تاني ..وممكن أعيش طول عمري بتألم كدا ..وهعيش طول عمري يا علي حمل عليك ..وحمل تقيل أوي ..كاد يتكلم لكنها قاطعته وهي تتشبث به أكثر:-متتكلمش يا علي متقولش حاجة ..دي حقيقة يمكن تكون دلوقتي متقبل وضعي بس بعد كدا هتزهق وهيبقى معاك حق هو فيه حد يستحمل كل دا ؟أنا فعلا مكانش لازم أتجوز يا علي ..أبعدها عنه قليلا حتى يتمكن من رؤيتها... فيما يقول بغضب دفين:-أنا راضي ..والله راضي ليه مصرة تحسسي نفسك الإحساس دا؟ كفاية كلام في الموضوع دا وكمان مش وقته دلوقتي يا ميرال ..تخفي وتقومي على رجليكي وبعدها إبقي إعملي اللي أنتِ عاوزاه ...فُتح الباب بعد ثوان وولجت منه السيدة چيهان التي راحت تهتف في تلهف:-ميرال حبيبتي.. ميرال.اندفعت إليها وجلست جوارها بعدما نهض علي عن مجلسه جوارها، وراحت تربت على رأسها بقلق ..لتقول ميرال بانهاك:-متقلقيش يا ماما ..أنا كويسة يا حبيبتي..-كويسة إزاي؟ .. أنتِ مش شايفة اللي فيكي يا ميرال ؟!ثم التفتت إلى علي وقد نهضت بعنف:-إزاي بنتي يحصل فيها كدا ؟, أتفاجئ إنها حامل وسقطت على ايديكم في البيت أنت والست والدتك ؟ أنت إيه فاكر إني رميتها ليك؟كاد علي أن يتكلم بغضب ..لكن ميرال التي تكلمت وهي تمسك بطنها من الألم:-ماما !, إيه اللي بتقوليه دا ؟علي معملش معايا غير كل خير يا ماما من فضلك بلاش كدا ..تنهد علي بصبر ..بينما واصلت چيهان:-والدته قالتلي برا إنك اتزحلقتي في الزيت.. ممكن أفهم الزيت دا جه منين؟!نظر علي إلى والدته التي دخلت الآن بارتباك ..ولم يرد عليها وصمت بحيرة ..بينما قالت سميرة بارتباك هي الأخرى:-الزيت وقع غصب عني على الأرض يا مدام چيهان ولما ميرال دخلت المطبخ مكنتش لحقت أمسحه وحصل اللي حصل ..نظرت الأم إلى ابنتها باشفاق ..بينما يلج أدهم في هذه اللحظة وهو يلهث بعنف ..تقدم من شقيقته وهو يسألها من بين أنفاسه اللاهثة:-ميرال حبيبتي.. أنتِ كويسة؟أومأت ميرال برأسها وأخبرته:-كويسة يا أدهم ..بينما تقص عليه والدته كل شيء بعصبية تامة وتختم كلامها بـ:-ميرال هتيجي معانا لازم ترتاح بعيد شوية ..وتكلم أدهم صارمًا بشدة:-هي دي الأمانة اللي أخدتها يا علي ؟, هو دا وعدك بإنك تحافظ عليها ؟!تحرر علي من صمته وقال بصرامة مماثلة:-الكلام دا موجه ليا أنا؟ بأي حق حضرتك بتوجهه ليا ؟! ميرال من يوم بقت على ذمتي وهي في عنيا وقلبي وأظن أي حاجة بتصيب الإنسان دي بتبقى قضاء وقدر ..أنت بتتهمني بإيه دلوقتي؟!-بتهمك إن حد حاول يسقطها يا أستاذ علي ! وحكاية الزيت اللي وقع من الست الوالدة دي حكاية هبلة .. !أردفت ميرال في هذا الحين قائلة:-أدهم !بينما يلتفت لها بغضب وتقول هي بحدة:-ماتتكلمش مع علي بالأسلوب دا وعلي مش غلطان في أي حاجة بيقولها ..علي أكتر واحد حافظ عليا ولو سمحت يا أدهم مش هسمحلك تكلمه بالطريقة دي، أنت طول الوقت مشغول بمشاكلك مش بتسأل عني وعن حالي إلا قليل جدا وماما مؤخراً كمان مبقتش تهتم بيا زي الأول ..الناس كلها مشغولة إلا علي مشغول بيا وعمره ما زعلني في حاجة ..بعد كل دا بتلومه على إيه ؟تستكمل أدهم بضيق:-مش معنى إني انشغلت عنك شوية يبقى تكلميني كدا يا ميرال !, أنا أخوكي ومن حقي أطمن عليكي وأعرف أنتي عايشة إزاي ولو قصرت معاكي ميمنعش إني سندك وضهرك ..وأخوكي اللي بيخاف عليكي وهحميكي لآخر نفس فيا ..ليتكلم علي في عصبية شديدة:-تحميها من مين ؟! دي مراتي ..أنا اللي أحميها من العالم كله ..لو سمحت متقولش كلام أنت مش عارفه ...تدخلت السيدة چيهان في الحوار قائلة:-خلاص يا أدهم ..خلاص يا علي ..أنهوا الحديث دا دلوقتي.. ميرال قالتلك الخلاصة يا أدهم أي كلام بعد اللي قالته مالوش لازمة ..بس بعد إذنك يا علي أنا هاخدها عندي كام يوم تسترد صحتها على الأقل عندي وأعوض تقصيري اللي فات معاها ..هسيبك تتفاهم مع ميرال وهنستنى كلنا برا ..يلا يا أدهم ...يلا يا حاجة سميرة ...بالفعل خرج الثلاثة وبقي علي بصحبة ميرال وحدهما، اقترب منها مجددا ورفع نصفها العلوي بذراعه وإلى حضنه مباشرة، استنشق رائحتها بعمق وأغمض عيناه، يخشى أن تبتعد عنه، هم لا يعلمون ما مدى هوسه بها ..لا يفقهون شيئا !وجودها معه جنة وبعدها نار ..ومرضها لم يكن عائقا لحبه قط ..ليتها تعلم ذلك ليت الجميع يعلم !كانت ميرال تبادله العناق رغم أنها تتألم من وضعيتها وقبضته عليها ..إلا أنها استسلمت له ..بينما تهمس:-علي ...-هتروحي معايا في بيتنا ومش هسيبك أبدا تروحي معاهم إنتي سامعة؟هكذا بادر بقوله المُتملك ..لتتأوه بين يديه قائلة بتعب:-علي أنت عارف أنت إيه عندي ..بس ..-بس إيه يا ميرال؟لتقول وقد اغرورقت عينيها بالعبرات:-أنا هروح معاهم يا علي ...في مكانٍ عام ..تقابلت تمارا مرة أخرى مع شـادي ..بينما تمد يدها له بورقة مطوية وتخبره بجدية:-شيك بـ ٢ مليون جنيه ..وبكدا أكون نفذت طلبك ومش عاوزة أشوف وشك تاني ..شادي متهكما:-بس دا قليل على اللي عملته !-قليل دا إيه؟ ..بلاش طمع يابيبي وبلاش تبص لفوق أكتر من كدا عشان متقعش على جذور رقبتك .. !ضاقت عيني شادي بوعيد ..وقال:-ماشي يا قلب البيبي ..مقبول منك ..انصرفت تمارا قبيل أن ترمقه بسخرية وتقول:-من غير سلام ..ضحك شادي وهو ينظر إلى الوصل الذي بيده وقال بشراسة:-مغفلة يا تمارا ..فاكرة إن السم مفعولة قوي وعدوتك هتموت ...ههه كل الحكاية شوية مغص وبغسيل معدة هتبقى فُل الفُل ! وأنتي بقى وشرفك ..دورك جاي !طرقات قوية على باب منزل السيدة فوزية ..فتحت في سرعة فإذا بإبنتها رغدة في حالة يرثى لها ..ندبات متفرقة في وجهها وذراعها يبدو أنها كُسرت جراء ما فعلوه هؤلاء بها ..وبكاؤها المرير الذي ازداد وهي ترتمي بين أحضانها وتردد بحسرة:-الحقيني يا ماما ..
رواية لمن يهوى القلب الجزء الثاني (بعنوان: مذاق الحب والألم) بقلم فاطمة حمدي الفصل الخامس عشركان حازم يصعد الدرج إذ أنه استمع إلى صوت بكاء يأتي من شقة والدته ..وهو قد ميز الصوت على الفور ..إنه صوت شقيقته رغدة !ترى ماذا بها ..وأي سوء مسها؟!مؤكد أنها تتألم ..وهو يعلم ما الذي يؤلمها جيدًا ..أكمل حازم صعود الدرج ولم يكترث كثيرًا لصوتها الباكِ ذاك !لكن الذي استوقفه صوت والدته وهي تهتف بإسمه ..لتريه ماذا حدث لشقيقته ..اضطر حازم لأن يلتفت ويواجه والدته بعينيه ..لتسحبه معها إلى داخل الشقة وتهتف ببكاء مرير:-تعالى يا حازم شوف جوز أختك عمل فيها إيه !!!!تحول بصر حازم إلى رغدة الباكية بندم وصُدم !, تصارعت أنفاسه بشكل عنيف وقد اتسعت حدقتاه بذهول ..كيف تجرأ سعيد !كيف فعل ما فعله بها ..!!!لم يتحرر من صمته المهيب ..لتقول رغـدة وهي تنهض مقتربة منه بحذر:-حازم ..لكن ما أحزنها هو نفوره منها وابتعاده السريع عن خطواتها التي تقترب منه ..وكف يده الذي أوقفها بصرامة ..تسمرت في مكانها ..وابتلعت غصة مريرة بحلقها ..وراحت تقول بألم:-أرجوك يا حازم سامحني ..وصمتت قليلًا قبيل أن تتابع برجاء:-وساعدني متسبنيش يا حازم ..التفت حـازم وأولاها ظهره ما إن أنهت جملتها وقال بتهكم شديد:-زي ما وحَلتي نفسك معاه لوحدك ..خرجي نفسك من نفس الوحلة برضوه لوحدك! ..أنا قطعت صفحتك من يوم ما خرجتي من البيت دا وهسد وداني عن عياطك ووجعك دا وكأني مش شايفك هكمل ..زي ما عملتي !ولم يترك لهما المجال لإضافة كلمة أخرى فقط خرج من الشقة وصعد إلى شقته تاركًا شقيقته تبكي بألم ..فتح بالمفتاح ودخل وهو يزفر أنفاسه يحاول طرد هذا الغضب من صدره ..كانت ساندرا تستند على ظهر السرير وقد نيمت إبنتها بصعوبة ..فأشارت لحازم حتى يأخذها منها ويضعها على الفراش ..بالفعل حملها برفق وابتسم لها بحب وراح يضعها على الفراش قبيل أن يمنحها قبلة حنونة...ومن ثم جلس جوار زوجته وهو يربت على كتفها ويسألها باهتمام:-حاسة إنك بتتحسني يا ساندرا؟فأجبت بنبرة خافتة:-الحمد لله أحسن من الأول يا حازم ..ثم تابعت تسأله بقلق:-مالك يا حازم؟, شكلك مش مبسوط في حاجة؟-لأ يا حبيبتي مافيش حاجة .. ماتشغليش بالك وركزي أنتِ في صحتك عشان تقومي على حيلك كدا .. أعملك حلبة بالعسل؟فضحكت بارهاق وهي تقول:-يوه يا حازم كل شوية حلبة بعسل ..لأ زهقت ..حازم بنبرة جادة:-أمي قالت إنها هتساعدك وتقويكي ..-أيوة بس أنت عملتلي النهاردة كتير يا حزوم ..كفاية!ابتسم لها بصفاء ..واقترب منها ..ثم ربت على وجنتها وقال:-يااه بقالك كتير مدلعتنيش كدا ..حقيقي وحشتيني ووحشتني حتى تكشيرتك اللي كنتي بتصدريها لي دي لما أعمل اللي ميعجبكيش .. أنتِ عملتي فيا إيه؟ابتسمت بخجل وهي تحتضن نظراته بعينيها وتلتهم ملامحه الرجولية ..بينما تقول له بصدق:-لما كنت بكشر في وشك كانت بالنسبة لي حرب ..كنت حاسة إني بحاربك بكل قوتي عشان تتخلى عن الحاجات دي ..خصوصا يعني إننا وضعنا الإجتماعي مش متوافق وناس كتير كانت بتتحداني إني هسيبك من أول شهر جواز عشان عدم التوافق دا ..بس أنا يا حازم كنت حاسة إن فيه حاجات كتيرة هتعوض عدم التوافق دا وهنخلق لنفسنا مجتمع جديد ..مجتمع بتاعنا أنا وأنت بس ..مد يده يلتقط يدها بين راحتيه ويخبرها ما في قلبه؛-بحبك يا ساندرا وبحب كل حاجة فيكي ..أوعدك بحياة مختلفة دي الحياة اللي أنتِ بتتمنيها وهحاول أحسن مستوايا المادي عشانك ...-لأ يا حازم أنا مش عاوزة ماديات ..أنا عاوزة الحياة اللي أنا ملقتهاش عند أهلي ..عاوزة البساطة والتدين وحب الخير ..عاوزة الرفق وإننا قلبنا يبقى على بعض ..نخاف على بعض ..عاوزاك تسمعني وتطبطب عليا وتقولي كلام حلو ..مش عاوزاك تديني فلوس ولا تطحن نفسك عشان نبقى أغنية ..أنا راضية حتى بعيش حاف صدقني يا حازم ..منحها حازم قلبة عميقة على جبينها عقب حديثها الذي روى قلبه العاشق لها ..واحتضنها آخذًا رأسها على صدره بحنو ..ثم ربت على رأسها مرورًا بظهرها في رفق ..وراح يقول لها:-حاضر ..بس أنتِ ادعيلي يا حبيبتي..ادعيلي أعدي المحنة دي على خير وربنا يكرمني واتعافى من كل دا ..أنا بقاوم آلامي دلوقتي عشانك وعشان بنتي وعارف إن ربنا هيقف معايا ..-إن شاء الله يا حبيبي.. ربنا هيكرمك ومش هتحس بأوجاعك دي وأنا بس أقف على رجليا وهعملك كل اللي أقدر عليه وهكون جنبك ..ضمها بحنان إليه أكثر ..وهمس لها بامتنان:-ربنا ميحرمنيش منك يا غالية ..نهض "علي" عن مجلسه وابتعد عن ميـرال عندما يأس في إقناعها بأن تعود معه إلى بيتهما ..اتجه إلى نافذة الغرفة باختناق شديد وهو يردد بعصبية مفرطة:-واضح إنك مصممة تروحي مع أهلك بطريقة أنا مش قادر أفهمها ..!وتكلمت هي بمرارة:-أنا آسفة يا علي ..بس دا حل كويس أنا محتاجة أعيد حساباتي من أول وجديد ..علي أنا فعلا مأقدرش أعيش من غيرك بس أنا هظلمك معايا جدا ..التفت ينظر لها ساخرًا وقد قال:-بلاش تناقض بقى !, وكفاية كلام ملوش لازمة ..منين عاوزة تبعدي ومنين مش قادرة تعيشي من غيري .. أنتِ بتضحكي عليا ولا على نفسك يا ميرال !انهمرت الدموع من عينيها وتابعت بحزن:-الله يسامحك يا علي ..أنا مش متناقضة ولا بضحك عليك ربنا وحده يعلم بحبك قد إيه.. بس أنا تعبت مش قادرة أشوفك حيران ومتبهدل معايا مرة يغم عليا ومرة مأقدرش أقف على رجلي ومرة مأسمعش كلامك وألغبط في الأكل وتزعل وعارفة إنك خايف عليا بس أنا كنت غلطانة يوم ما اتجوزتك وشيلتك الشيلة دي كلها ..فرد عليها علي بنفس العصبية:-خلاص ؟, خلصتي كل اللي عندك ؟! ...تمام ..روحي مع أهلك وأعملي كل اللي يريحك ..أنا تعبت أوضحلك موقفي من ناحيتك وتعبت أقولك إنك مش حمل عليا ..تعبت حقيقي ..روحي معاهم طالما هتبقي مبسوطة كدا ... سلام يا ميرال !اتجه ناحية الباب بخطوات عنيفة وفتحه خارجًا منه بغضب شديد، لتنهض السيدة چيهان مقتربة منه قائلة:-الدكتور بيقول لازم تخرج آخر اليوم ..هز علي رأسه بضيق وقال بجدية تامة وحاول كبح غضبه:-تمام ..أنا لازم أمشي دلوقتي وميرال حابة تروح مع حضرتك..ثم تابع وهو ينظر إلى والدته:-يلا يا ماما من فضلك ..نهضت والدته على الفور وقالت بجدية:-سلام عليكم يا مدام چيهان ..كلمة بس قبل ما أمشي ..إبني علي مقصرش مع بنتك لحظة وكان حاططها جوا عنيه ..وكلمة لحضرتك يا أدهم... اسمحلي أقولك أدهم من غير ألقاب أنت زي إبني برضوه، علي صان الأمانة كويس أوي وكانت كأنها جوهرة بالنسباله .. أتمنى حضرتك تسأل ميرال وتعرف علاقتهم كانت إزاي قبل ما تزعق في إبني كدا !اصطحبت الأم ولدها معها وسارا معا ..يستندا على بعضهما ..بينما تقول الأم بجدية:-كان لازم أقول كدا ..دا أنا اللي يجي عليك أكله بسناني يا علي ..بينما دخلا چيهان وأدهم إلى الغرفة مجددًا وراحت چيهان تجلس جوارها ..فبكت ميرال وارتمت بحضنها وتعالت شهقاتها العنيفة، بينما تردد من بين الشهقات:-علي يا ماما ..علي مشي !!فبادر أدهم يتكلم بذهول:-مش أنتِ اللي عاوزة كدا يا بنتي!لم ترد ميرال إنما قالت بانهيار:-أنا كدا هموت من غيره ..لتقول الأم بصبر:-يا حبيبتي ما أنتِ اللي اختارتي دا ..وياستي ريحي كام يوم وبعدين ترجعيله إيه المشكلة في كدا بس!-أنا مش عاوزة أرجع .. طالما مش قادرة أسعده ..هو بيعمل كل حاجة تسعدني وأنا مبعملش حاجة ولا في إيدي حاجة أعملها ..-طب إهدي يا حبيبتي ممكن تهدي شوية ..كانت هذه جملة أدهم الذي مسح على شعرها برفق ليتابع:-أنتِ محتاجة بس تريحي أعصابك عشان تقدري تفكري كويس بس أنتِ إهدي كدا ..كانت چيهان تربت على رأسها باستمرار ..فهدأت ميرال وسكت صوتها ارهاقا ..وأغمضت عينيها باستسلام تحاول الهروب إلى النوم ..أضافت السيدة چيهان بقلق:-طمني عن ملك يا أدهم عملت إيه معاها أنا آسفة نسيت أسألك وطلبتك كدا بسرعة بس لما عرفت اللي حصل لميرال مكنتش شايفة قدامي ..-كويسة يا ماما الحمدلله.. أنا لازم أمشي وأروح لها دلوقتي.. عشان سايبها لوحدها وبليل هجيلك عشان أخدك أنتي وميرال..-ماشي يا حبيبي مع السلامة ..بعد آذان الظهر ...حيث أنهى حازم صلاته وخرج من المسجد وهو يتحامل على نفسه ..حيث أن آلام عظامه تزداد جراء توقفه عن تناول الحبوب المخدرة ..لكنه يعافر ليبقى صامدًا لا يهزمه الريح ...توجه ماشيًا إلى محل ذاك المدعو سعيد ..وعلى وجهه غضب شديد وقد برزت عرق عنقه من فرط غيظه ..كان يجلس سعيد أمام المحل في الخارج يحتسي الشاي وهو يتجول هاتفه بإبهامه ..وحين شعر بحركة جواره رفع رأسه ليجد حازم ينظر له من علو ..ويقول بصرامة قاسية:-لولا إنك راجل كبير وصحتك على قدك وأخاف تموت في إيدي كنت عملت فيك زي ما عملت في رغدة بالظبط أنت فاهم ؟نظر له بعدم فهم ونهض يواجهه حيث قال:-في إيه ...أنا مش فاهم حاجه يا حازم؟-هنستعبط ؟!أختي رجعالي ومضروبة ومتبهدلة أخر بهدلة وتقولي في إيه ؟؟؟ أنت هتهزر معايا ؟!-والله ما لمستها ..معقول اللي بتقوله !!ثم صمت لبرهة وقال بعدها عندما راح عقله إلى أبنائه:-اااه !! صدقني ...قاطعه حازم صارما بشدة:-لأ تصدقني ولا أصدقك ..ورقة طلاقها توصلها بالذوق كدا من غير شوشره وحقوقها على داير مليم، وتروح لحالك بعيد ودا أحسن ليك، غير كدا قسما بالله أنا لا هعمل حساب جيرة ولا راجل كبير ولا كلام فاضي وهتشوف حازم هيعمل فيك إيه .. معاك اسبوع ٱن ما طلقتها وبعت حقوقها ودي كدا متبقاش تلوم إلا نفسك ..واستدار حازم ماشيًا تاركًا إياه في حالة عجيبة من الذهول والغضب .....ظلت چنا جالسة ما يقارب الأربع ساعات أمام باب شقتها ..حيث أنها نست مفتاحها قبيل أن تذهب إلى والدتها وطرقت الباب كثيرًا لكن يبدو أن ماهر لم يكن بالداخل ..تورمت عيناها بفعل بكاءها الشديد وباتت في حالة يُرثى لها ..لا تعرف كيف وصل قلبها إلى هذه المرحلة من القسوة ..فهي كادت تقتل ..كلا هي بالفعل قتلت روح داخل أحشاء والدته بمنتهى القسوة ..هزت رأسها يمنى ويسرى بعدم تصديق وبكت قهرًا ...وبعد مرور عدة دقائق كان يصعد ماهر عبر الدرج ..نظر لها بقسوة ولم يبد منه رد فعل سعيد لعودتها إليه ..إنما قال بجمود قاس:-إيه اللي جابك؟, مش خرجتي بإرادتك ولميتي حاجتك ؟؟؟نهضت چنا بجسد يرتجف وطأطأت رأسها بخزي مع قولها:-أنا آسفة.. دخلني واعمل فيا اللي أنت عاوزه ..وفي تلك اللحظة تحرر من قسوته قليلا وفتح لها الباب ليشير لها بيده ..فتدخل ويدخل خلفها ثم يغلق الباب....أخذ يمسد على شعرها بصمت وهو ينظر إلى عمق عينيها ببسمةٍ حانية ..قبل أن تسأله وهي تبادلة تلك البسمة:-مالك يا أدهم ؟, ساكت ليه كدا ؟تابع يرد عليها:-قلقان ..-إزاي؟-مش عارف يا ملك بجد ..قلقان وعندي إحساس فظيع اليومين دول ..حاسس بحاجات كتير كدا مع بعض لدرجة إني بقوم بليل أفكر في مصير أحمد ومصيرك لو حصلي حاجة !تابعت ملك بحدة:-يا أدهم حرام عليك ليه كدا؟ بعد الشر عنك ...-كله مقدر ومكتوب يا ملك .. و ..قطع حديثه رنين هاتفه المحمول.. ليجيب على المتصل:-ألو ..مين؟فيأتيه الرد من الآخر:-معاك واحد عاوز يفتح عينك على حاجات تهمك يا أدهم بيه ..-نعم ؟!-زي ما بقولك يا باشا ،اسمعني بس وفتح ودنك كدا معايا ..مراتك اسمها تمارا مظبوط كدا؟اعتدل أدهم في جلسته وقال بعصبية:-أنت مين ؟؟؟-اسمع بس ...مراتك لمؤاخذة يا بيه ملبساك العمة ولمؤاخذة إبنك دا من واحد تاني ولو مش مصدقني اعمل تحليل وهتعرف كل حاجة ..مراتك ماشية على كيفها أوي ...أدهـم وكل خلية بجسده ترتعش من فرط غضبه:-أنت بتخرف تقول إيه يا حيوان أنت ..آأغلق الطرف الآخر الهاتف ولم يمهله الفرصة ...فنهض أدهم متسع العينين وقد سقط الهاتف من يده ..صدمة.. ذهول ...رصاصة عنيفة كأنها اخترقت صدره وقلبه ...تجمدت ملامحه وهو يردد اسمها بصدمة عارمة:-مش إبني !!!!وهتفت ملك بقلق بالغ:؛-يا أدهم في إيه ؟؟؟ولم يدر أدهم بنفسه إلا وهو يندفع خارج الغرفة وخارج المستشفى بأكملها وهي يكاد يسابق الزمن للوصول إلى "تمـــارا"