logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .






look/images/icons/i1.gif رواية مملكة الأسد
  02-04-2022 04:45 مساءً   [10]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية مملكة الأسد للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الحادي عشر

أخذت تسير جيئةً وذهابًا وهي تفرك كلتا يديها ببعضهما في قلق، إلى أن رأته قادم إليها وهو يسألها بثبات:
جلنار، ماذا حدث؟
فأجابت عليه بضيق:
لقد غضب مني تيم، وعاتبني وأنا لن أتحمل غضبه مني، هذا أخي يا أوار، ماذا أفعل؟
تنهد أوار بضيقٍ وهو يهتف بحدة:
ماذا فعلتِ ليغضب؟
فقالت بخفوت:
عاملتها بجفاء.
أنتِ مخطئة جلنار ولم أتفق معك على ذلك..
ولكن يا أوار...
قاطعها بصرامة:
هذا هو الحل صدقيني جلنار...

اسمعينا جيدًا يا جلنار!
كانت هذه العبارة ل روكسانا التي جاءت من خلف أخيها تهتف هي الأخرى بعدائية:
أوار محق فيما يقول، وهذا الحل الأمثل لطرد هذه اللئيمة من القصر وخروجها من حياة أخيك تماماً.
صمتت جلنار وهي توزع نظراتها عليهما في خوف، بينما يُواصل أوار بخبث:
القرار يرجع أخيرا لكِ حبيبتي، أنا أود أن أبدأ معك حياتي دون أي نزاع وخروج هذه من حياتكم سيفرق كثيراً..
بينما تردف روكسانا:
هل اتفقنا جلنار؟

هزت رأسها مرغمة وقالت:
اتفقنا..

تحت أشعة الشمس الذهبية كانت تمشي بين الأشجار والحدائق تشب على قدميها وتقطف حبات المانجو..
تأكل منها بنهم وتلذذ بينما تلطخ وجهها وثيابها كعادتها، لكنها لا تهتم، لقد تحدث معها الملك البارحة، أن تكون متزنة أكثر من ذلك، أن لا تكون عفوية إلى هذا الحد، لقد أصبحت حرمه، أصبحت الملكة فنار فلتتعامل على هذا الأساس..
كانت عيني قسمت ترقبانها عبر النافذة والغيظ يشتعل بها كالنيران، ماذا تفعل؟
أهذه زوجة ابنها؟

لا تُصدق، لا تصدق، لقد خذلها وجاء بهذه البلهاء زوجة له وجعلها ملكة!
بينما شعرت ب تيجان يقف خلفها وهو يهمس بشراسة:
هل رأيت الفضائح يا قسمت؟
رأيت، وسأموت، حتماً سأموت
لا، بل هي، ستموت
نظرت له بصدمة وهي تقول
هل مازلت تنوي قتلها؟
فقال والشر يتطاير من عينيه:
نعم، سأقتلها ونستريح..
ماذا، ستفعل يا تيجان؟
تابع وقد صر على أسنانه بقوة:.

سأحفر لها حفرة، ستقع بها وستموت، كأن قدميها انزلقتا وهي تركض كعادتها، لا تخافي لن يعرف تيم شيئا أنا قد رتبت كل شيء
احذر يا تيجان، ان علم تيم سيحدث ما لم تتوقعه!

مازالت فنار تمشي بين الحدائق تلعب مع الفراشات التي تتراقص فوق الأزهار بحرية، كانت الابتسامة ملء شدقيها وهي تقفز بلا وعي منها غافلة عن عيني تيم المتابعتين لحركاتها، أثارت غضبه وغيظه لكنه لم يستطع منع ضحكته الخافتة، لا يعرف ماذا تفعل به، انها تضحكه بشدة دائما حتى وهو غاضبا منها ويريد قتلها من تصرفاتها المجنونة..
أخذ يقترب منها ببطء، وهي مازالت تلهو مع الفراشات..
ما هذا؟

تجمدت أوصالها وكأنها تصلبت مكانها عقب أن سمعت صوته الجهوري الذي بدا وكأنه رعد يدوي في أذنيها، أغمضت عيناها بشدة وهي تلتفت له وتقول بلا مقدمات:
أنا آسفة، لن أفعل هذا الهراء مجددًا
اقترب منها أكثر وراح يمسح على ثغرها بإبهامه بواقي المانجو التي أكلتها، بينما يقول باقتضابٍ:
إذن أنتِ تعلمين أن هذا هراء!، ماذا قلت بالأمس فنار، هل هذه تصرفات ملكة؟
ابتلعت ريقها وهي تجيب بأدب:
لا..

لماذا فنار، لماذا لم تسمعي كلامي؟!
سأسمع، أعدك سأسمع دائماً
مضى يتأمل ملامحها بعينين براقتين تتوهجين عشقا جارفا، كم يحبها تلك السمراء، كم تأسر قلبه النابض..
حسنا، سأصدقك، هيا أريني كيف تسير الملكة!
ابتسمت بثقة وسارت أمامه قبيل أن ترفع رأسها وذقنها كما علمها، وتقوم بفرد ظهرها وكتفيها كما علمها أيضًا، وتسير هكذا القدم اليمنى أولا ثم اليسرى..

سار خلفها وهو يكتم ضحكته بينما هي تسير ببطء حتى لا تسقط، إلى أن اصطدمت بشيء ما، فاضطرت لأن تنظر أرضا لتجده رعد!
اتسعت عيناها وانتفضت خائفة وركضت خلف ظهر زوجها لتحتمي به، لكنه ضحك بيأس وهو يجذبها من ذراعها ويجبرها على الوقوف بجانب الأسد، ثم يهتف بنفاد صبر:
هل كنت أحدث نفسي فنار، لا تخافي هل تفهمين؟
راح الأسد يتمرغ بها ويدور حول ساقيها بينما هي متسعة العينين بذعر وتهمس بتلعثم:
س سيدي، إنه يلتصق بي!

انفجر ضاحكا وهو يخبرها ببساطة:
هذا يعني أنه أحبك فنار، لذلك هو يتمرغ ويلتصق بكِ هكذا، لا تخافي وتعاوني معه
بدأت تهدأ تدريجياً مع تشجيعه لها واطمئنانه، وبدأ الائتلاف يكتمل بينها وبين الأسد، تجرأت ومسحت على ظهره، ما إن يزأر تبتعد، ثم تقترب وتبتعد، إلى أن استطاعت التعامل معه بحب، وابتسامة..
ابتسم تيم وهو يقول بجدية:
هكذا أفضل أليس كذلك يا قهوتي؟
أومأت برأسها في ارتياح ثم قالت:
نعم، نعم سيدي، أحببته.

سأتركك معه وأذهب إلى حجرة عملي لأنهي بعض الأعمال
ترددت وهي تقول بخوف قليلًا:
سآتي معك، سي...
ابقي مع رعد..
أومأت في طاعةٍ، بينما مال إليها قبل أن يسير وهمس بأذنها:
كفى تدليلا فنارتي..
ثم همس بشيء اخر في اذنها الأخرى جعلها تحمر خجلًا وتركها على ذلك ورحل، ابتسمت بسعادة وكادت تقفز لكنها وقفت مكانها وهي تهمس إلى نفسها بحزم:
هذه أفعال ملكة؟
ثم نظرت إلى رعد وقالت بتوتر:.

حسنا يا رعد، أنت لست جائع، صحيح؟، إياك أن تشعر بالجوع الآن!
استدارت لتسير ببطء وابتعد عنها رعد ليتجول هو الآخر بالحدائق، ظلت تنادي عليه تارة وتتركه تارة وقد صاحبته تماما ووجدته رائعا كصاحبه الملك...

ساعة، قد مرت..
انزلقت احد قدماها في حفرة لا تعلم من أين ظهرت الآن، وسقط على وجهها فاصطدمت جبهتها بالأرض بقوة، حتى أنها أصدرت صوتا عاليا، صرخت صرخة واحدة وبعدها تغيبت عن الوعي تماما...
تجمهرت الخادمات في غضون ثوانِ وتصاعد الخبر إلى أن وصل للملك الذي انتفض صارخاً باسمها الحبيب..
أسرع في خطواته ووجدها ملقاه والدماء تسيل من رأسها، لوهلة شعر أنه قد فقدها، هي تبدو الآن كالأموات...

اتسعت عيناه ذعرا وانحنى ليحملها بينما يصرخ بالجميع قائلًا..
الطبيب، الطبيب..
في أقل من دقائق كان الطبيب يفعل لها اللازم وهو يجاورها في الفراش يحتضنها بعنف وهو يدعو أن تفيق، بينما تقف أمه وتتعجب، ويقف تيجان يتمنى أن تنجح خطته الدنيئة و بشار كذلك..
قال الطبيب بحذر وهو يحاول معالجتها:
جلالة الملك، هل تسمح بالابتعاد قليلاً ريثما أنهي تطهير الجرح
لم يتحرك تيم وسأله بعصبية:
هل ستسيتقظ أم ماذا؟..

أومأ الطبيب بجدية وهو يطمئنه:
نعم سيدي، ستتعافى بإذن الله، لا تقلق..
أكمل الطبيب عمله برفق وهو يحاول ألا يطلب من تيم أن يبتعد مجددًا، فما أن يبتعد انشا يعود ويقترب منها متلهفا..
لقد تعجب الجميع، لقد تعجب الجميع من خوف الملك تيم، لم يره أحد من قبل في مثل هذا الوضع، لكنهم لا يعلمون أنه هذا الحب، وأنه الملك عندما يعشق..

انتهى الطبيب أخيرًا بعد أن اضمد الجرح ولف رأسها بلفافة بيضاء وأعطاها مسكن لتلك الآلآم، فسأله تيم بصرامة:
لم تستيقظ؟!
فقال الطبيب:
لأني قد أعطيتها مهدئ سيدي، لا تقلق هي بخير لابد أن ترتاح فقط وستفيق بعد مرور ساعتين على الأقل، لكن هي بخير.
هز رأسه موافقًا وأشار له بأن ينصرف وكذلك أشار للبقية بأن يتبعوه..
أخذ يمسح على وجنتها وهو يهمس لها بود:
ماذا حدث يا فنار، ستنهضين حبيبتي لا تخافي.

ختم بقبلة فوق وجنتها، ثم اندس جوارها وهو يضمها إليه وقد هدأ حينما شعر بأنفاسها تنتظم إلى حد كبير، مسح على وجهها برفقٍ وهو يهمس لها قائلًا:
لن أحيا يوما بدونك يا سمرائي، هيا افتحي عينيكِ الجميلتين وانظري إليّ، هيا حبيبتي.

عصفت به أعصار الغضب وبات في حالة هياج، لقد فشلت الخطة، ولم تمت فنار!
الحكاية ساعتان، وستنهض كما كانت، مجرد جرح برأسها..
كيف، كيف، كيف؟!
هكذا صرخ باهتياج وهو يضرب الحائط بقبضته، بينما ضحك بشار وهو يتهكم في قوله:
كنت تصفني دائما بالغباء يا أبي، أنظر ماذا فعلت، هاهاها!
ما إن أنهى حديثه حتى هوى تيجان على صدغه بصفعة مدوية وهو يصرخ بشراسة:
اخرس، اخرس لا تتكلم وإلا دفنك حيا!
اهدأ يا تيجان !

همست قسمت تحاول تهدئته بينما تردف بضيق:
ربما لو ماتت لكان انكشفت الخطة خاصتك، لكن الآن دعنا نحمد الله أن تيم لم يعرف شيئا وهذا الأهم.
زفر تيجان وقد صاح بصوتٍ أجش:
لا يهمني كل هذا، هذه الفتاة هي هدفي، هذه ستسحوذ على الأملاك ونحن لن نأخذ شيء ولن يكون لنا نصيب، افهمي إذن يا قسمت!

تململت فنار من سباتها وأخذت تأن بضعف وهي تهز رأسها ببطء، يمنة ويسرة، أما هو فانتفض قلبه ينبض بفرحة عارمة ومال عليها محدثا إياها بلهفة:
فنار، حمدا لله على سلامتك حبيبتي
راحت تنظر له تحاول استيعاب أي شيء، ماذا حدث، تتذكر أنها كانت تلهو مع رعد بالحدائق وبعدها لم تشعر بشيء، هل حاول رعد أكلها..؟ هل شعر بالجوع فجأة وانقض عليها أم ماذا؟!
لم تتردد كثيرا في قول سؤالها، وهي تتفوه بضعف:.

سيدي، ماذا حدث، هل حاول رعد أن يأكلني أم ماذا!
لقد عادت، سمرائه اللذيذة، عادت لتجعل الضحكة ترتسم على معالم وجهه، قهقه ضاحكا بشدة وهو يهمس من بين ضحكاته الرجولية العالية:
لم يمسك رعد يا صغيرتي، أنتِ كنتِ تلعبين وسقطي هكذا على رأسك، ألم أقل لكِ يا فنارتي لا تفعلي؟!
قالت بعد عدة ثوانِ من الصمت بصوتٍ مرهق:
سيدي، كنت لا ألعب أقسم لك، كنت أسير خلف رعد فقط وفجأة انزلقت قدمي لا أعلم كيف!

أغلق عينيه وهو يستنشق رائحة الورد، رائحتها المنعشة، ثم ابتسم وقال بهدوء:
لا يهم، المهم أنكِ بخير، يا قهوتي
ابتسمت بتعب وقالت متنهدة بعمق:
رأسي يؤلمني..
سيزول الآن، ما إن ينتشر مفعول المسكن جيدًا
تساءلت فنار بقلق:
هل علمت أمي بما حدث؟!
لا، لم تعلم، إن كنتِ تريدين اخبارها، سأدعوها فوراً
لا. لا سيدي هذا أفضل، أنا بخير الآن
حسنا يا صغيرتي
فُتح الباب فجأة وأطلت جلنار برأسها وهي تبتسم بعذوبةٍ ثم قالت برقة:.

هل أدخل أخي؟
قال قبيل أن يبادلها الابتسامة:
بالطبع...
دخلت ثم أغلقت الباب خلفها واقتربت وهي تقول بخجل:
حمدا لله على سلامتك يا فنار
ابتسمت فنار ببراءة مع قولها:
سلمك الله..
نظرت جلنار إلى شقيقها وهي تقول برفقٍ:
أنا آسفة تيم، لم أقصد معاملة سيئة ل فنار، كان مزاجي سيء فقط ولم أكن أعلم أنها ستغضب مني وأنت أيضًا
واصل تيم بهدوءٍ:
لا بأس جلنار، لا بأس
تابعت جلنار:
آسفة فنار، لم أقصد أن أجرحك
ابتسمت بعفوية وأخبرتها:.

لا عليكِ حبيبتي.
جلنار وقد استأنفت بوداعة:
سأحضر لكِ عصيرا طازجا حتى يمدك بالطاقة..
انصرفت جلنار خارجة من الغرفة، بينما تابعت فنار بارتياح:
إنها طيبة وجميلة، يا ليت من بالقصر يا سيدي مثلها.
مال عليها مجددًا وهو يهمس بحرارة:
ما أجملك!
ضحكت بالكاد وهي تشعر بألم رأسها، فصمتت بحذر، فنهض قائلًا وهو يتنهد بامتداد:
لا ترهقي نفسك..
إلى أين سيدي؟!
أنا قادم يا قهوتي..

برح الغرفة ما إن أنهى جملته، خرج يسير بثباتٍ وهو يضغط شفتيه بقسوة متجها إلى غرفة والدته...
كانت هناك تجلس بصحبة تيجان الذي كان مازال يحدثها بشأن، فنار، حيث كان يقول بغيظ:
سأحرقها حرق المرة القادمة.
هذا إن كان هناك مرة قادمة..!
هكذا صدح صوت الملك تيم وعيناه ظللت عليهما القسوة ونظراته كانت مخيفة بعثت الرعب بأوصال تيجان الذي نهض فاغرا فاه وعيناه تتسعان بصدمة..
بينما يتابع تيم جازا على أسنانه:.

يا أحقر خلق الله!
ابتلع تيجان ريقه الذي جف الآن وقال بتلعثم:
ماذا، ماذا تقول يا تيم..
اخرس ولا تسمعني صوتك النجس هذا..
اقتربت قسمت حينذاك وهي تقول بتوتر:
ماذا هناك يا تيم..؟ ما بك وما...
أشار لها بسبابته محذراً:
وأنتِ يا أمي تتأمرين معه على زوجتي؟، ماذا فعلت لتحاولان قتلها؟.
لا لا أنت خطأت الفهم يا ابني
ضحك ساخرًا وقد قال بشراسة قاسية:.

خطأت الفهم؟، تلك الحفرة من أين وجدت؟ لم تكن صدفة قط يا أمي، من حفر الحفرة هو زوجك الحقير النجس
ثم تابع وعيناه تلمعان بغموض:
ولكن لا بأس هم يقولون أن من حفر حفرة لأخيه وقع فيها، أليس صحيح يا تيجان؟!
ارتعب تيجان من نظرته الغامضة وقال في ارتباك:
ماذا تقصد؟!
ستعرف حالا!
ثم هتف مناديا بصوته الجهوري:
سليمان!
راح سليمان يركض وهو يقول في أدب:
أمرك سيدي.
أأتني بالرجال!

أومأ سليمان برأسه في طاعة وانصرف يفعل كما أُمر، بينما هتف تيجان باحتجاج:
أنا لن أخاف منك وأنت لن تستطيع فعل شيء!
وهتف بشار خائفا:
ماذا ستفعل بأبي؟
وتقول قسمت بريبة:
تكلم يا تيم ماذا ستفعل؟!
لكنه لم يتكلم، ظل ساكنا بجمود، إلى أن حضر سليمان ومعه رجال الملك الذين هم أشبه بالوحوش..
وتكاثروا على تيجان فأخذوه عنوة إلى الخارج، بينما تصرخ قسمت بابنها، و بشار ينادي أباه..
و تيم لا يصغى لهما!

وصلوا به إلى نفس ذات الحفرة وهو مازال يصرخ بهم في حسرة قائلًا:
اتركوني، اتركوني!
بينما كتف تيم ساعديه وقال مبتسما بتهكم:
كنت تريد قتل، زوجتي يا تيجان..!
ثم اقترب منه أكثر وهو يهمس بفحيح:
أتعلم؟، سأدفنك حيا يا قذر
ثم صاح آمرا رجاله بقسوة:
ألقوه بالحفرة وأردموا فوقه الرمال...


look/images/icons/i1.gif رواية مملكة الأسد
  02-04-2022 04:47 مساءً   [11]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية مملكة الأسد للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثاني عشر

لا يا تيم، لا يا إبني، بالله لا تفعل بالله.
كانت تصرخ وأخذت دموعها تزداد بكثافة ألهبت وجنتيها كما ألهبت فُؤادها، تترجاهُ لكنه لا يسمع، يريد الانتقام ممن أذى زوجته وكان يريد قتلها..
كان مركزا ناظريه عليه، يرسل له لهيب من نار عبر نظراته، ولم ينتبه لوالدته إلا حينما ركعت تحاول تقبيل قدمه حتى يعفو عن زوجها...
حينها انحنى وصرخ بها غير مصدقا:
أمي..! ماذا تفعلين، انهضي.

جذبها لتقف على قدميها، ثم مسكها من ذراعيها وهزها برفقٍ مع قوله:
كيف يا أمي ك...
قاطعته باكية بحرقة:
اتركه لأجل خاطري يا تيم، لا تحرق قلبي عليه بتوسل إليك.
نظر لها بصدمة، صدمة عارمة وهو يضغط على أسنانه بينما يهتف بغضب:
كان يريد قتل فنار يا أمي؟!
أنا، أنا من كنت أريد قتلها ليس هو، اتركه واقتلني أنا.
هز رأسه بتهكم وهو يقول:
تتهمين ذاتك لأجله؟!
ثم حدجه بنظرة قاسية وهو يواصل مستهزءًا:.

يا ليته يستحق هذه التضحية!
وصدح صوته مرة أخرى بحدةٍ:
أخرجوه من الحفرة، إلى السجن الإنفرادي.
ولم ينتظر كلمة أخرى من والدته التي كادت تتوسله مرة أخرى بشأن السجن الانفرادي هذا، إلا أنه لم يمنحها الفرصة وانصرف في غضب جم..
خرج تيجان من الحفرة وهو يتنفس الصعداء أنه لم يمت، لقد خرج منها سليما لم يمسه شيء، ولكن مازال التوعد يحتل عينيه، مازال الكره يغلفهما، ويردد في نفسه:
صبرًا يا تيم، صبرًا.

انتهت فنار من شراب العصير الطازج الذي أحضرته جلنار لها وأصرت أن تتناوله، حينها ابتسمت بنعومة وهي تردد بهدوءٍ:
لقد عاهدت نفسي يا فنار أن أفعل لكِ يوميا كوبا كهذا، تعويضا عما حدث وتقديراً مني لكِ أيضاً، أتمنى تكوني الآن راضية عن معاملتي لكِ
ابتسمت فنار بعفوية وقالت بلا تردد:
أنتِ طيبة جلنار، جزاكِ الله عني خيرا.
منحتها ابتسامة كذلك ومضت تقول برقة:
شكرا حبيبتي، سأتركك الآن لترتاحي.

انصرفت وتركتها بينما تحاملت فنار على نفسها ونهضت من رقادها ببطء وهي تتأوه، حاولت الوقف فشعرت بعدم الاتزان، فجلست مجددًا، ثم زفرت بحنق قائلة:
كيف سأعد القهوة الآن لسيدي؟
وجدته يلج من باب الغرفة وهو يزفر حانقا والغضب بات واضحا فوق قسمات وجههُ الجامدة، خشيت قليلًا من هيئته الصارمة خاصة وهو يسألها بحزم:
لماذا قمتِ؟!
تلجلجت وهي تجيب عليه بخفوت:
لقد، لقد، لقد شعرت بالملل من رقادي يا سيدي.

ملل ماذا؟، أنتِ مريضة ومجروحة هل تفهمين يا فنار؟
هزت رأسها قائلة بخجل:
نعم، المعذرة سيدي لا أريدك تغضب مني.
لست غاضبًا!
ماذا بك؟!
نظر لها وهو يسحبها من يدها إليه بعد أن جلس جوارها وضمها إلى صدره، بينما يقول برفقٍ وقد لانت ملامحه:
لا شيء.
نظرت له بتردد وهي تتابع:
لقد سمعت ضجيج بالخارج، ولكن خفت أن أخرج حتى لا تغضب.
كنت قتلتك!

قالها بجدية مصطنعة وهو يضغط بيده فوق كتفها، فابتسمت بخوف وصمتت، فضحك بشدة على ملامح وجهها الوجلة ومضى يقول بحنان:
أمزح معك يا قهوتي، أتخافين مني لهذه الدرجة؟!
ثم واصل معاتبا:
تخافين ممن عشقك بل ولم يعرف للعشق سبيلا إلا على يدك!
ابتسمت باتساع، فيما تقول بسعادة:
لا أخاف
كشر عن جبينه، ثم قال مراوغا:
أنتِ تكذبين يا فنارتي..
آآ، أخاف قليلًا!
قولي الصدق!
نعم أخاف.
كثيرا؟!
تنهدت بارتباك ثم أجابت:.

أنت الملك، كيف لا أخاف؟، الجميع يخشاك وبشدة!
مال عليها، يهمس بوله:
ولكن أنتِ زوجتي، صحيح؟!
نعم
وهل هناك زوجة تخاف زوجها؟!
واصل دون أن ينتظر منها إجابة:
الزوجة تحب زوجها، تحترمه، تقدره، وهو أيضاً، ولا مجال للخوف بينهما
أومأت برأسها في صمت، فقال مبتسما:
هل كلامي صحيح؟!
نعم، وهل يقول الملك ما لا يصح؟!
غمز لها وقال مشاكسا:
ولمَ لا يا غزالتي، من الوارد.

اشتعلت خجلًا من غزله ونظراته الوالهة، بينما قال في رفق وهو يتحسس جبينها:
أنتِ بخير؟
نعم، هل تريد قهوة؟
عقد ما بين حاجباه، ثم قال:
نامي الآن، أنتِ متعبة، سأأمر الخادمة بإعدادها
فقالت وهي تتحامل على نفسها:
لا، أنا سأعدها يا سيدي، بسعد بذلك
ولكن...
قاطعته باصرار:.

أرجوك، نهضت ببطء دون كلمة أخرى وراحت تشعل الموقد الصغير وتبدأ باعداد القهوة بمحبة خالصة، أما هو فقد استلقى مكان نومتها وهو ينعم بدفئ رقادها ورائحتها التي صاحبت الوسادة، أغمض عينيه مستمتعا بكل شيء حوله، رائحتها، حركاتها، ابتسامتها البريئة، وقلبها!
واهٍ من قلب السمراء..
سيدي ماذا حدث، ولماذا كان هذا الضجيج؟!
راحت تسأله، فأخذته من شروده قليلًا فنظر لها وهو يجيبها بجدية:.

كنت أريد تأديب تيجان الحقير، ولكن أمي وقفت عقبة في ذلك
تعجبت وسألته:
لماذا، ماذا فعل؟!
تصفية حسابات يا قهوتي، انتبهي لما تفعلين
مطت شفتيها ببراءة وأولته ظهرها وهي تهتم باعداد القهوة، ثم راودها الفضول مجددًا وهي تسأله:
كيف كنت ستأدبه؟!
لاحقا سأخبرك...

أختك، بخير.
همس سليمان الذي وقف أمام دار السيدة حليمة بعد أن جلب لهما كافة الطلبات ومستلزمات الدار بأمر من الملك، بينما قالت أيريس وهي تكتم بكاؤها:
كيف وقعت؟!
كانت تركض فسقطت، لا تخبري السيدة حليمة لانها لا تريد اخبارها هذه رغبتها
أومأت برأسها موافقة وخانتها الدمعات فهبطت بلا توقف، فاقترب سليمان وقال بلهجة حازمة يشوبها بعض الحنان:
قلت، انها بخير فلما تبكين الآن؟!

مسحت العبرات سريعا وهي تردد باختناق:
لا شيء، هل بإمكاني أن أزورها وأطمئن عليها؟!
بالتأكيد، هيا تعالي معي
تحرجت منه ونظرت أرضا لعدة ثوانِ، لتتفاجأ بصرامته وهو يقول بقسوة:
لا أريد السير معك ولكن أريد حمايتك، وهذا ليس لأجلك بل لأجل الملك تيم، فهو يأمرني بالاعتناء بكما، لا تظني أنك شيء هام
اتسعت عيناها بدهشة وحدجته بحدة، ثم عادت تنظر إلى الأرض مجددًا بلا كلام، اغتاظ من ردة فعلها فقال متعمداً جرحها:.

ممتازة أنتِ في دور المسكينة!
شعرت أنها تنهار، تلك لم تكن المرة الأولى التي يقوم باهانتها فيها، ماذا يريد؟، ولما يتعمد جرحها بقسوة...
غليت الدماء بعروقها ولم تشعر إلا وهي ترد:
أنت عديم الذوق والانسانية، ماذا تظن نفسك؟، سأشتكيك للملك وهذا حقي، وسلطتك لن تشفع لك..
كز على أسنانه بقوة وقال مجددًا في قسوة عارمة:
ولمَ لم تشكِ من اهانك ودهس كرامتك بقدمه وذلك؟
صرخت به وكل خلية بجسدها ترتعش:
ليس شأنك..!

شعورا غريبا يجتاحه يود صفعها واحتضانها ثم صفعها مجددًا، هذه غبية تحب من لا يحبها، ومن يحبها لم تحبه، غبية حقا، لو استطاع خنقها لخنقها، حمقاء هي، حمقاء لم ترَه..
تركها وانصرف قبل أن يتهور ويفعل ما لا يحمد عقباه، بينما هبطت هي على ركبتيها تردد من بين حسرتها:
انه مُحق...

مرحبا روكسانا
هتفت جلنار بترحيب وهي تُصافح الأخيرة بحرارة، بينما تهمس روكسانا مبتسمة:
مرحبا يا صديقتي..
وجالت عيناها بحثا في الحديقة تتمنى رؤيته، حتى تُشبع عينيها من جمال طلته...
وما هي إلا لحظات ووجدته يطل بالفعل إلى الحديقة، ولكن كانت الصدمة، وأي صدمة هذه!
لقد كان يحمل فنار بذارع واحدة، يهمس لها بشيء في اذنها، وهي تتعلق بعنقه كطفلة في حضن آباها، كان مشهد أثار غضبها وظهر الشر بوضوح على ملامحها..

هذا سخف!
همست بها وهي تهز ساقها بعنف، بينما همست جلنار هي الأخرى:
لا تقلقي، لقد فعلت ما اتفقنا عليه..
متى أراها خارج القصر وبعيدة عن تيم..!
ثم تابعت بوميض شرس:
تعالي معه لأصافحه..
...
وهناك، أجبرها تيم على الجلوس فوق ساقيه، رفضت فنار بخجل شديد، إلا أنه صمم بحزم..
فجلست مجبرة وما أن رأتهما قادمتين نحوهما حاولت النهوض، ولكنه أبى تركها وثبتها بيديه..
احمر وجهها بقوة وبدأ قلبها يطرق كالطبول من وضعها..

اشتعلت نظرات روكسانا بالحقد وكادت تصفعها، كادت لكنها لم تستطع..
تماسكت ومدت يدها تُصافحه، قائلة:
أهلا تيم.
نظر إلى يدها الممدودة، ثم قال هادئاً:
عذرًا، لا أصافح النساء
ماذا؟!
كما سمعتي
أرجعت يدها ومضت تضغط على نواجذها وهي تنظر إلى جلنار، التي قالت بتوتر:
تعالي معي روكسانا
سارت معها بعد أن رمقته بنظرة واعدة، أما هو فعاد ينظر إلى طفلته، داعب أنفها بأنامله، فأخبرته بارتجافة:
أحرجتني، سيدي.
كيف؟!

لا يصح أن أجلس هكذا، ماذا ستقول عني الآن؟!
ضحك مقهقها وهو يقول من بين ضحكاته:
ستقول أنني أحبك، فقط!
ولكن أنت جرحتها لمَ لم تصافحها؟
رفع حاجبا وقال بحزم:
لا أصافح النساء، ما ذنبي أنا يا فنار؟!
نظرت له بإعجاب وسألته بفضول:
أنت لم تصافح أي امرأة من قبل؟
ضحك بخفوت وأجابها:
نعم..
ابتسمت ونظرت إلى الأرض بينما تخبره:.

صراحةً، يوميا أكتشف فيك صفات لم تتوفر لدى أي أحد. أنا أمي دعت لي من أعماق قلبها وكانت أبواب السماء مفتوحة مؤكداً
تأملها بعينيه، ثم تابع بهدوءٍ:
وماذا أيضا؟
تحب الحق ولا تظلم أحدا..
وماذا؟
ضحكت بعفوية وتابعت:
رائع
أخذ شهيقًا عميقا بالقرب منها، لتمتلئ رئتيه برائحة الورد، وما لبث أن همس مستمتعا:
ما أجملك!

أشاحت فنار بوجهها إلى الجهة الأخرى هاربة من نظراته، وجدت أيريس مقبلة عليها وهي تلتقط أنفاسها، نهضت وركضت نحوها وعانقتها بقوة، بينما قالت الأخيرة:
فنار، حبيبتي، ماذا أصابك؟
أنا بخير، لا تقلقي يا أيريس
راحت تضع يدها برفق على رأسها المجروح، ثم عادت تسألها بحزن:
كيف حدث حبيبتي، ولم لم تخبرني أنا وأمي
ربتت على كتفها وهي تقول باطمئنان:
اهدئي حبيبتي، خفت عليكما، ولأنني اصبحت بخير لم اخبركما بما حدث.

حمدا لله على سلامتك
تعالي، اجلسي
نظرت أيريس إلى الملك بحرج وعادت تنظر إلى الأرض، ابتسم تيم بخفة وقال بجدية:
فنار، اصطحبيها معك إلى الداخل
لا، لا أريد، سأجلس هنا بالحديقة
قالت أيريس وقد بدا الخوف يطغى على ملامحها، فعاد يردد الملك بحزم:
هيا فنار، إلى الداخل!
جذبتها فنار من يدها وقالت بهدوءٍ:
لا تخافي أيريس، الملك هنا لا أحد يستطيع أن يؤذيك أبدا..

بالفعل اتجهتا إلى الداخل، وجلس تيم بصحبة رعد الذي تمرغ به بود...
ما إن دخلتا حتى صدح صوت روكسانا الهاذئ بهما وهي تقول:
أرى أن القصر أصبح شبيهاً بالأسواق يا جلنار، لا ينقصه سوى بائعة التوت ويصبح سوقا بحق
اشتعلت فنار غضبا وغيظا، إلا حليمة، ليس من حق أحد أن يُجرّح بأمها، مهما كان !
ولم تشعر بنفسها، إلا وهي ترد عليها باستهزاء مماثل:
وأنا أرى أنه امتلئ بالقمامة الآن، ولابد أن أقوم بتنظيفه، هيا إلى الخارج!


look/images/icons/i1.gif رواية مملكة الأسد
  02-04-2022 04:51 مساءً   [12]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية مملكة الأسد للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث عشر

اشتعلت ملامح الأخيرة بوهجٍ شرس وأخذ الغضب يتصاعد لديها وهي تنهض عن مجلسها غير مصدقة لما قيل لها الآن..!
ومن مَنْ؟
إبنة بائعة التوت كما يقولون !
اقتربت منها وهي تضغط على نواجذها بوحشية، وما لبثت أن تحررت من صمتها القاتل وهي تهتف بوجهها:
ماذا؟، ماذا تقولين أيتها السمراء اللعينة؟
لاذ ب فنار العناد وتضاعف، وسارت تقول بتحدٍ صارخ:.

يبدو أنكِ لا تسمعي جيدا، لقد قلت هيا إلى الخارج، وأنا لست لعينة، بل أنتِ واللعنة عليكِ وحدك!
اتسعت عيناها بدهشة، بغضب وحقد وقد انفجرت شفتيها، هذه الملكة روكسانا! الجميع ينحني لها إجلالا، من تلك، من ؟!
فنار، الملكة فنار حرم الملك شخصياً، الآن فقط شعرت بهذا، شعرت أنها الملكة وفي حماية حاكم المملكة، لا خوف، لن تخاف..
هيا غادري القصر، أنا الملكة فنار زوجة الملك تيم وأقول لكِ إلى الخارج!

هتفت فنار وهي تشير لها ناحية الباب، فهتفت جلنار بضيقٍ شديد:
فنار؟ ماذا تفعلين؟ هل جننت؟!
فقالت بهدوءٍ:
هذا حقي، هذه أهانتني وأهانت أمي الطيبة، تتحدث وكأنها صاحبة القصر ولم تراعي انها مجرد ضيفة فحسب، بل وضيفة ثقيلة!
أنتِ حشرة!
هتفت روكسانا وهي تشير لها بسبابتها، بينما تواصل بشر:
ولديكِ عقدة نقص، معك حق فأين كنتِ وكيف الآن!
الحشرة هي أنتِ، كلمة أخرى وسترين ماذا ستفعل بكِ الملكة فنار...

راحت جلنار تهدئ من حدة الموقف، فقالت وهي تسحب روكسانا معها:
روكسانا تعالي معي، سأقول لأخي تيم وسوف يقوم بتأديبها
راح تيم يدخل من باب القصر في نفس الحين، وقال في صرامة متسائلا:
ماذا جلنار؟، ماذا ستقولين لي؟
أسرعت جلنار إليه وهي تقول بعصبية:
تيم تعال، فنار زوجتك أزادتها وأهانت روكسانا، تعال وعَلمها كيف يكون استقبال الضيوف، يبدو أنها تجهله كما تجهل الكثير.
نظر تيم إلى زوجته الغاضبة، وقال متسائلًا:.

ماذا فعلت فنار؟
أجابت روكسانا وهي تقترب منه قاصدة:
انها تصفني أنا بالقمامة يا جلالة الملك، أنا الملكة روكسانا!
عقد تيم حاجباه وراح ينظر مجددًا إلى زوجته بدهشة قائلًا:
مستحيل فنار تقول هذا، لأنها على خلق وتحترم ذاتها قبل أن تحترم الآخرين
هذا يعني أنني كاذبة يا جلالة الملك؟!
ماذا فعلتِ لها أولا؟!
قالت روكسانا في غضب:
لم أفعل شيئاً وأمامك جلنار اسألها يا تيم.

تحركت فنار من مكانها واتجهت إلى زوجها ثم التصقت به قائلًا بنعومةٍ:
اسمه، جلالة الملك تيم، لا يحق لكِ أن تناديه ب تيم هكذا دون ألقاب، لا تنسي ذاتك!
ثم تابعت وهي تنظر له بشغفٍ:
أنا فقط من أقول له تيم، لأنه زوجي، وحبيبي
رفع تيم حاجبيه بدهشة شديدة، ثم وضع كفه فوق جبينها ربما تكن حرارتها مرتفعة، وتهذي !
ابتسمت له فنار وقبلت كف يده برقة ثم قالت وهي تحاول اغاظتها أكثر:
حبيبي، أنا بخير، لقد زال ألم رأسي.

لم يستطع منع ضحكة خافتة خرجت من فاه وهو يدرك جيدًا أنها تثير غضب روكسانا بتصرفها الذي راق له وبشدة..
ثم قال وهو يربت على رأسها بحنوٍ:
حمدا لله على سلامتك يا قهوتي
لم تستطع روكسانا الصمود أكثر من ذلك أمامهما، فهتفت بغضب عارم:
سأرحل جلنار ولن أدخل هذا القصر مرة أخرى لطالما كان الحاكم ظالم ويمنح لزوجته الحق في ايذاء مشاعر الغير، اللعنة
نظر لها تيم وقال صارما:
لقد سألت ماذا فعلتِ لها كي تصفك بالقمامة.

فأجابت فنار بدلا منها عليه:
لقد قالت أن القصر أشبه بالأسواق ولا ينقصه سوى بائعة التوت ويصبح سوقا بحق، هل يرضيك هذا يا حبيبي؟
لم يبد على تيم أنه تأثر بكلمتها الأخيرة، رغم اشتعال النيران بداخله بسبب هذه الكلمة الرائعة التي بعثرت كيانه من الداخل، اهٍ لو كان وحده معها الآن..
ورغم صموده كان غرقان في عسل عينيها الواسعتين، ولم ينتبه إلا حينما نادته جلنار باستغراب:
تيم ما بك..؟

انتبه وازدرد ريقه وهو يقول بجدية:
معك، دعنا ننهي هذا الخلاف الآن، أنتِ أهانتيها وهي كذلك واعتقد أن لا أحد منكما مظلوم.
أومأت فنار برأسها وهي تحرك كتفيها بدلالٍ:
أعتقد كذلك يا حبيبي، أنا لا أريد منها شيء
سينهار حتما من دلالها المفاجئ هذا، ماذا بها؟! انها تنوي قتله الآن وهي تدلل وتكرر كلمة حبيبي، لم تتفوه بها من قبل وجاءت الآن لتفاجئه بها وتضخ معها قنبلة من الحب والشغف..

حاول ألا ينظر إليها وإلا حملها وانصرف وليذهب الجميع إلى الجحيم..
أما عن روكسانا فقد شعرت أنه من الجيد ألا تفسد علاقتها بالقصر الآن، فلديها المزيد من الخطط التي ستفسد عليهما الحياة، فلتصبر إذن..
لذا قالت بهدوءٍ حازم:
وأنا لا أريد منها شيء، وإن تطاولت عليكِ بدون قصد فسامحيني فنار، المعذرة.
هزت فنار رأسها موافقة وقالت:
حسناً روكسانا، لا عليكِ
سأذهب الآن، إلى اللقاء.

انصرفت روكسانا وتبعتها جلنار، بينما وقفت فنار وهي تزدرد ريقها الجاف تحاول ألا تنظر إلى ذاك الوحش العاشق الواقف أمامها، تنحنحت بخرج وجذبت أيريس معها قائلة بتلعثم:
بعد إذنك سيدي سأجلس مع أيريس بالغرفة.
ولم تنتظر أي إجابة منه ومضت بأيريس إلى الحجرة في خطوات متعجلة..
سيدي؟ الآن سيدي فنار؟!
همس تيم لنفسه وهو يضحك باستمتاع، بينما يقول متوعدا:
صبرا فنارتي، صبرا حياتي...

آه قلبي آه
همست فنار وهي تضع يدها على خافقها، بينما تواصل بخجل:
أنا ماذا فعلت يا أيريس ماذا فعلت بنفسي
ضحكت أيريس بشدة وهي تقول من بين ضحكاتها:
أنتِ كنتِ نجمة يا فنار، لا أصدق ما فعلتيه الآن، لقد كنت منبهرة بكِ جداً
لأول مرة أتكلم بهذه الطريقة يا أيريس، والأصعب هو، هو
هو ماذا فنار؟
تابعت بخفوت:
لا أعلم كيف سأنظر إلى سيدي بعد الآن!، أنا، أنا سأموت من الخجل يا أيريس.
ردت أيريس بتعجب:.

لماذا؟، وكيف تقولين له إلى الآن يا سيدي، إنه زوجك!
ابتلعت ريقها وأجابت:
لا أستطيع أن أناديه باسمه دون لقب، لم أجرؤ يا أيريس، ولا أعرف كيف قلت له حبيبي أمامكن منذ قليل.
أنتِ تمزحين فنار؟ هذا زوجك ما بكِ؟
أنا أخجل منه كثيرا يا أيريس وإلى الان لا اصدق أنه زوجي!
ضحكت أيريس وتابعت:
ولكنك تحبينه، صحيح؟
احمرت خجلًا وتنهدت تنهيدًا ممدودًا وواصلت:
أحبه فوق حب المحبين حبا
يا الله، الله يسعدك يا أختي.

تابعت فنار وهي تربت على كتفها:
أتمنى أن يرزقك الله بزوج مثل الملك تيم يا أيريس يحبك ولا يهتم بمن تكوني أنتِ ولكن يهتم بقلبك ورحك وطيبتك
ابتسمت أيريس بحزن مع قولها:
بإذن الله، سأذهب أنا حتى لا تقلق أمي، الحمد لله إني اطمئنيت عليكِ
ولكن لم أكتف من جلستنا يا أيريس أبقي معي
سأقول لأمي واستأذنها لأأتي إليكِ غدا ولكن الآن قد تأخر الوقت وستقلق وأنا أريد النوم دون صفعات منها
ضحكت فنار بشدة وهي تقول بمرح:.

اشتاقت لها هذه الأم الصارمة، قبليها من خديها وقولي لها فنار تحبك
أمرك يا ملكتي
عانقتها فنار بقوة وهي تربط على ظهرها وخرجتا معا، ثم إلى الحديقة، فيما قالت فنار:
في أمان الله يا أختي
ابتسمت لها وانصرفت، فتنهدت فنار وما لبثت أن شهقت حينما شعرت بشيء يحوم حولها، إنه رعد..
التقطت أنفاسها وارتجفت وهي تهمس:
لقد أرعبتني يا رعد
ثم تابعت وهي تتلفت حولها:
أين سيدك؟

مطت شفتيها بعفوية واستدارت لتعود إلى الحجرة، بينما ركض رعد إلى صاحبه الذي كان يجلس بعيدا ينهي بعض أعماله...

تعثرت أيريس بقدميها وهي تسير بين الأشجار وكادت تسقط لولا ذراعي سليمان الذي جاء في وقته، وثم صدح صوته الأجش:
انتبهي لنفسك.
التقت عيناهما في نظرة شغف غريبة على كلاهما، نظرة دافئة رغم صرامته ونفورها..
شكرا لك
همست بها وهي تبتعد عنه، فعاد يتكلم بحزم:
ماذا كنتِ تفعلين هنا؟
أجابت باختصار:
كنت أزور أختي
هز رأسه بهدوءٍ وتابع:
تحبين أن أوصلك إلى الدار؟
رفضت بحسم:
لا، ابتعد عن طريقي.

أفسح لها الطريق، فسارت سريعاً من أمامه، وقف ينظر إلى طيفها وهو يردد:
مازالت تحب من أهانها، ولكن أنا لمَ أحبها؟، لابد أن أبتعد..
سليمان..
سمع هتاف الملك فجأة وهو ينادي عليه، فاستدار ماشيا بخطواتٍ سريعة متجها إليه وما إن وصل إليه حتى قال في أدب:
أمرك سيدي
قال تيم وهو يضع ساقا فوق الأخرى بتريث:
ماذا كنت تفعل مع الفتاة؟
تنحنح سليمان وهو يجيب عليه:
لا شيء كادت تسقط فساعدتها.

سليمان، كن صادقا مع، تعلم أني أعتبرك صديق وأحبك...
تنهد سليمان قائلًا:
أعلم سيدي
أردف تيم بابتسامة ؛
أتحبها؟
زاغت أنظاره وارتبك قائلًا:
ماذا تقول سيدي!
أقول الحقيقة يا سليمان، أنت تعلم أن لا شيء يخفى علي، نظراتك تشهد عليك، أنت تحب هذه الفتاة ولكنك لا تعرف من أي اتجاه تتجه وتخبرها بذلك، هل صحيح؟!
رمش بعينيه وقال:
صحيح سيدي كيف عرفت؟!
ضحك تيم مع قوله:.

أنت حاد في التعامل عامةً يا سليمان ولكن عليك أن تفهم أن كل شخص في حياتك وله معاملة تختلف عن الاخر، خاصة ان أحببت أنثى، عليك أن تلتزم بالرفق معها، لأنهن لا يأتين إلا بالرفق، أما الحدة والغضب لا جدوى منهما، أفهمت؟
نعم، ماذا أفعل إذن؟ كيف أخبرها بحبي؟
هكذا بدون مقدمات، أخبرها وإن وجدت القبول اطلبها من أمها، لا تضيع الوقت
ابتسم سليمان برضى وقال:
حسناً
نهض تيم وقال بنبرة هادئة:.

خذ رعد معك وأوصله إلى بيته يا سليمان، سأذهب إلى حجرتي..
أومأ سليمان برأسه وانصرف بصحبة رعد، بينما سار تيم متجها إلى حجرته هو وسمرائه..
ما إن وصل إليها حتى فتح لتصدمه رائحة القهوة المنتشرة في الغرفة، أغلق الباب جيدًا وهو يستمتع برائحة القهوة التي امتزجت برائحة الورد المنبعثة من سمرائه..
ما هذا؟، هي تنوي قتله فعلا وإلا ما إرتدت هذه المنامة الحريرية البيضاء ولا رفعت شعرها هكذا ذيل حصان، ولا تكحلت هكذا!

ما أجملها..!
أغمض عينيه يستوعب ما هو فيه، ثم أعاد فتحهما قائلًا بهمس:
مساء الخير، فنار!
ابتسمت له بتوترٍ وابتعدت كأنها تهرب وهي ترد عليه:
مساء الخير، سيدي
ضاقت عينيه بغموض وهو يقترب منها، تبتعد ويقترب، بينما يقول بعتاب:
لقد كنتِ تقولين كلمة أججت مشاعري كلها، ما هي؟
توترت بشدة ثم همست بتلعثم:
أي كلمة هذه؟
ستقوليها الآن فنار..!
سيدي
فنااااار
تخضبت وجنتاها بحُمرة الخجل وعضت شفتاها بضعف، ثم واصلت بخفوت:.

ك، كنت أقول، أنك
ماذا؟، قولي؟
صبرا
هتف مشاكسا:
لن أصبر
واصلت بهمس:
قلت أنك آآ، ح، حبيبي
تنهد بعمق وهو يحتضن وجهها بين كفيه فيما يقول بحب:
ولمَ لم تقوليها إلا أمام روكسانا، وما هذا الدلال يا قهوتي
ابتسمت بخجل ونظرت أرضا، رفع وجهها بأنامله وحدق بعينيها بينما يقول بمراوغة:
أجيبي
فقالت بتردد وهي تضع يديها على يديه الممسكة بوجهها:.

لأني علمت من الخادمات هنا أنها تحبك وكانت تريد الزواج منك وأنت رفضت وأشعر أنها تريد أخذك مني، بصراحة شعرت بالغيرة تندلع بقلبي
أنا سعيد فنار، سعيد للغاية
همس لها وهو يمنحها قبلة فوق جبينها، ثم واصل مبتسما:
ما أجملك يا قهوتي
تملصت من بين يديه في سرعة وراحت تجذب قدح القهوة وتقدمه له بحنان، وبنبرة دافئة أردفت:
أعددت القهوة لك..
شكراً لكِ يا صغيرتي
طُرق الباب فجأة، فزفر تيم بحنق وهو يهتف:
من الطارق الآن، آ...

قاطعه صوت شقيقته وهي تهتف بهدوءٍ:
هذه أنا يا تيم
توجه تيم إلى الباب وفتح، لتدخل جلنار وهي تمسك بكوب العصير، ثم تقول بابتسامة ناعمة:
عذرًا تيم، ولكن أردت أن أمنح فنار العصير الذي وعدتها بأن أعده بنفسي يوميا لها..

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 3 من 7 < 1 2 3 4 5 6 7 >




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 2072 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1523 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1546 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 1396 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 2604 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، مملكة ، الأسد ،











الساعة الآن 01:23 PM