رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل العشرونغضب اعمى سيطر عليه و لاول مره تراه هى في هذه الحاله، فارس الهادئ، المتزن و المرح يملك بداخله اكوام من الغضب سيطرت و بوضوح في سرعه سيارته التى كانت تطير الان بهم في اتجاه مجهول و هى بجواره تبكى.ألم، محتمل،حزن، ربما،و لكن المؤكد هو شعور الخوف و القلق الذى لامس قلبها.تخسر نفسها لا فارق، تحزن هى لا بأس و لكن ان يصيبه هو مكروه هذا ما لا تتحمله ابدا.زفره حاره تبعها بالتوقف بالسياره على جانب الطريق المجاور لمياه النيل و دون كلمه ترجل من السياره يستنشق هوءا نظيفا لربما هدأت اعصابه قليلا.بهدوء تبعته لتقف بجواره بصمت قليلا قبل ان تشرد بذهنها مبتسمه ابتسامه حزينه: فاكر اول مره قولت لي انك بتحبنى؟استدار ليقف معاكسا لها هى تنظر للماء و هو ينظر اليها و قد اصابته عدوى ابتسامتها البريئه و همهم موافقا فاتسعت ابتسامتها و اردفت: مكنتش وقتها فاهمه يعنى ايه؟ كل اللى كنت متأكده منه انى بحب افضل معاك، العب معاك، اسمعك، اشوفك بتضحك، بحب تكون اول واحد يقولى كل سنه و انتِ طيبه في عيد ميلادى و مابحبش ابدا اشوفك بتلعب مع حد غيرى.اتسعت ابتسامته متذكرا مشاجره صغيره بينها و بين فتاه حاولت الاقتراب منهم للعب فقط و لكنها اقامت القيامه، حادت عينها عن المياه ناظره اليه لتراقب ابتسامته و تمتمت: كانت كل حاجه حلوه و كنا دائما مبسوطين.اومأ موافقا اياها و هى تذكره بأسعد و اقرب الذكريات لقلبه، اشاحت بوجهها عنه ناظره للمياه مجددا و تجهم وجهها رويدا و هى تردف بنبره لم يطمئن لها: بس كنا عيال يا فارس.اعتدل قليلا في وقفته ينصت لها منتظرا كماله حديثها و قد كان ما خافه عندما اكملت: و كبرنا، فهمت كلامك، اهتمامك، مشاعرك و فهمت احساسى و مشاعرى، كنت بالنسبه ليا الامير اللى كل سندريلا بتتمناه، عرفت يعنى ايه بحبك و يعنى ايه افضل طول الليل افتكر كل ذكرياتنا سوا، و اتمنى يبقى لينا ذكريات جديده، بس..قطعت كلماتها و هى تستدير ليقابلها نظرته المستفسره لتمنحه عينها من مخاوف قلبها القليل اقترب منها ممسكا بيدها فابتسمت و لمعه عينها بدموعها تزداد هامسه: انا خايفه، خايفه قوى يا فارس، اه الكل قالى الموضوع مش سهل، هيبقى في مشاكل، هتتعبى، بس مكنتش اعرف ان الموضوع هيوصل لتهديد بقتل يا فارس، انا مش هقدر اتحمل اى اذى فيك، مش هقدر.ابتسم ضاغطا يدها بقوه صائحا بتعجب كم برائتها: انتِ صدقتيهم! جدى و جدك ميقدروش يعلموا كده يا حنين، الاتنين كانوا زى الاخوات، قريبين من بعض جدا و لولا المشاكل الاخيره صدقينى كانوا هما اول اتنين هيقترحوا جوازنا و يقفوا معانا.قاطعته: بس في مشاكل دلوقت يا فارس، في مشاكل بعدت العيلتين عن بعض و مش يوم او اتنين دى سنين، سنين كل واحد فيهم بيفكر ازاى يأذى التانى، كانوا لكن دلوقت لا.ثم اضافت بحسم رغم نبرتها التى خانتها لتخرج متهدجه: مش كل حلم بيبقى حقيقه يا فارس.ضيق عينه متسائلا و يحاول عدم توقع الاجابه و التى ان كانت كما يظن ستكون قاصمه: قصدك ايه يا حنين؟نظرت لوجهه لحظات ثم اخفضت عينها عنه هامسه و قلبها يصفعها الاف الصفعات و لكن عقلها يوافقها: تعتقد ان الحل فعلا اننا نطلق يا فارس!عاش من شافك يا ابنى، ايه الغيبه دى كلها! بقى الشغل ياخدك مننا كده.عاتبت بها ليلى عندما ذهب اكرم لزيارتهم، فابتسم مصافحا اياها بود حقيقى: غصب عنى و الله، الشغل واخد كل وقتى و يا دوب بلاقى وقت انام، بس انا بكلم جنه دائما و ببعت سلامى للكل.ربتت على كتفه ضاحكه: بيوصل يا بشمهندس بس ماينفعش بسلام من بعيد كده ابقى خلينا نشوفك.ثم جذبت يده للداخل متمتمه بحب و هى ترى به اخيها الصغير و خاصه انه جمع من ملامحه الكثير: عامل ايه و شغلك، طمنى عليك؟و استفاضه في الحديث، و كلا منهما يرى في الاخر شخص افتقده، حتى نهضت قائله: البنات في الحديقه بره اخرج لهم.سبقته و لحق بها، و بمجرد ان دلف غطى فمه بيديه ضاحكا، يستمع لتلك المشاجره بين شذى و سلمى و التى صرخت بالصغيره و هى تجذب الكره من يدها: انتِ بتغشى، امشى مش هتلعبى معايا.لتجذبها شذى بعنف و هى تجيبها بغضب: هلعب يا سلمى، انتِ اللى مابتعرفيش تلعبى اصلا، سيبى الكوره.لتعترض سلمى بكلمات اخرى يتخللها بعض التوبيخ و تجيبها شذى و التى نجحت في جذب الكره من يدها لتتراجع خطوتين دافعه سلمى بها، لتصرخ سلمى بغضب ممسكه بالكره راكضه خلف شذى يمينا و يسارا ثم بحركه مفاجئه دفعت بالكره لتتفاداها شذى مسرعه لتكون الاصابه اسفل الحزام لذلك الذى مات ضحكا عليهما ليصرخ عاليا قبل ان يكتم تأوهه فهو يقف امام ثلاث فتيات و طفله بالاضافه لعمته التى صدعت ضحكتها و هى تواسيه كاتمه فمها مرغمه، بينما حرقت عيناه سلمى بنظراته و خاصه عندما انفجرت ضحكا تبعتها مها و جنه التى نهضت مسرعه مقتربه منه تطمئن و لكن لم تستطع التحكم في ضحكاتها فنالت نظره غاضبه اسكتتها مرغمه ايضا.مسدت ليلى ظهره بابتسامه خفيفه و هى تمتم: تعيش و تاخد غيرها يا حبيبى.ليتنفض ناظرا اليها صائحا و كم كان ينازع نفسه لكى لا يعبر عن ألمه امامهم: ربنا ما يقدر.وضعت سلمى يدها على وجهها تمنع ضحكتها بأعجوبه و لكنها جمعت كل تمردها و شجاعتها مقتربه منه متمتمه بترفع رغم خطئها: انا ا...قاطعها و هو يكاد يتقدم ليطبق على عنقها: انتِ مجنونه.لتشع عينها غضبا و هى تحدق به بغيظ هاتفه: انت ازاى تت..قاطعتها هذه المره شذى ضاحكه بملأ صوتها و هى تهتف باستفزاز: شوفتِ يا سلمى هانم، مش انا لوحدى اللى شايفاكِ مجنونه.و كادت صفعتها تلامس وجه شذى لولا ركض الصغيره لتختبئ خلف والدتها حتى قالت جنه لفض الامر فسلمى لن تصمت و اكرم في وضع لن يجعله يصمت: خلاص يا جماعه حصل خير،ثم ضحكت رغما عنها متسائله و هى تنظر لاكرم متمتمه: انت كويس!ليرمقها بغيظ شديد لتنفجر ضاحكه مجددا بينما تتركهم سلمى لتتبعها مها و التى جاهدت لتكتم ضحكتها اثناء مرورها بجوار اكرم ملقيه التحيه بعينها التى لمعت بضحكتها رغما عنها مما دفع جنه للاستمرار بضحكها حتى رحل الجميع.جلس و جلست جنه بجواره فهدر بها: ايه بنت المجانين دى، كل مره مصيبه؟ربتت على ركبته بدفء ثم ضحكت مجددا لتنال لكزه بكتفها جعلتها تتأسف صامته قبل ان يسألها: و مين الملونه دى؟ابتسمت مجيبه اياه: مها، بنت عمه عاصم و اخته في الرضاعه.ثم ترددت قليلا قبل ان تضيف بحذر: هو بشمهندس مازن متكلمش معاك في اى حاجه؟ليتسائل بهدوء لتردف: يعنى عن حد هيشتغل عندك في الشركه و كده!نفى بهدوء مجددا فأخذت نفسا عميقا و قررت اخباره لكى لا يتفاجئ غدا: اصل سلمى، يعنى، المفروض هتيجى، يعنى تشتغل في الشركه، معاك، ق..ليقاطعها بسرعه لتغلق هى عينها ضاحكه من عصبيته: نعم، نعم، هتيجى فين! هو انا فاتحها مستشفى مجانين!ضحكت قليلا قبل ان تهتف مهدئه اياه: اهدى يا اكرم،فصاح هو: اهدى ايه، دى كانت هتقطع لى الخلف، ثم هتيجى تشتغل اييه، اراجوز؟لتتعالى ضحكاتها مره اخرى قبل ان توضح مادحه: سلمى مهندسه ديكور يا اكرم، و استاذه و رئيسه قسم في الرسم و التصميم، ممتازه بجد.ليجيبها ساخرا: دى مهندسه عبط، استاذه هبل و رئيسه قسم في الجنان، و الله ما انا عارف بتفكر منين؟و عاتبته جنه مانعه اياه من الاسترسال هاتفه: مايصحش كده، ثم ان هى و مها هيجوا و انت تشوف ورقهم و تحدد اذا كنت هتقبل او لا؟و اجابه قصيره: لا.لتنظر اليه بطرف عينها متمتمه بخبث: خليك حقانى يا بشمهندس.و تسائل هو: هى مها كمان مهندسه ديكور؟و اجابت بطريقته: لا، معمارى.و ماطل بابتسامه: خلاص انا هوظف مها و سلمى لا.و اكملت هى مسيره اقناع شقيقها الثلاثينى الصغير بجدال مرح، ثم حديث طويل عن الماضى و ذكرياتهم معا، حديث اطول عن سنوات عمره بالخارج و كيف كانت، ثم دار الحديث اليها، لتحاول شرح ما يضيق صدرها و يؤرقها لتنال بالمقابل نصائح شتى، لحياتها، بيتها و زوجها و انه امر لو تعلمون عظيم.انتِ عاوزه تطلقى يا حنين؟تمتم بها عاصم بجديه و هو يجلس بجوارها بعدما اخبرته والدته بما صار، امالت وجهها عنه تخفى اثر صفعه جدها و نفت برأسها باكيه، و عقلها باقٍ مع ذلك الذى جن جنونه فور ان عبرت عن مخاوفها و لكنه لم يحدثها، يعاتبها او حتى يوبخها فقط جذبها بعنف للسياره و اعادها لبيتها دون كلمه، هى مدركه انها اخطأت و لكنها حقا لا تعرف ما يجب عليها فعله.استدار عاصم لوالدته متحدثا بهدوء: خلاص يا ست الكل، حنين رافضه يبقى الموضوع منتهى.اخذت والدته نفسا عميقا تخبره عن قلقها و ان كبير العائله لن يمرر الامر بهذا الهدوء و لكن كالعاده تجاهل عاصم الامر موضحا ببساطه: اولا فارس مش صغير و قبل ما يتقدم لحنين عارف كويس ان الموضوع مش هيمر ببساطه، ثانيا بنتك اختارت و اعتقد انها ناضجه كفايه تتحمل اختيارها، ثالثا مع كامل احترامى لجدى بس انا مش هسمح لحد يغصب اختى على حاجه طول ما انا عايش و بتنفس.اغلقت حنين عينها تحاول التمسك بما يمنحه لها من امان و لكنها بالاخير تعرف عقليه جدها الاكبر و حزم قراراته فهمست ببكاء: انا خايفه قوى يا عاصم، خايفه على فارس قوى.ثم استدارت مسرعه لتلقى برأسها على صدره تحتمى به، و لم تغفل عينه عن الكدمه التى غطت وجنتها فأطبق بيده عليها تاركا اياها تعبر بدموعها عن خوفها، حزنها و وجعها مما يصير و خاصه مع من مثلها، تحب الهدوء، تعيش ببرائه و تبحث دائما عن السكينه و راحه البال، مسد ظهرها بهدوء يقاوم غضبه الذى سيطر عليه ليتمم مطمئنا اياها اكثر: فارس راجل يا حنين و انا لو عندى شك انه مش هيقدر يقف معاكِ و في ظهرك دائما مكنتش وافقت على الجوازه دى، ثم انا و بابا كمان مش هنسمح بأى حاجه تأذيكِ.انهى كلمته و هو يبعدها عنه ممسكا اسفل ذقنها يُدير وجهها اليه ليرى بوضوح كدمتها و الجرح الصغير الذى اصاب جانب شفتيها لتغلى الدماء بعروقه اكثر، فعاصم اقسى من القسوه على نفسه ان يرى اذى بأحدى شقيقتيه و خاصه حنين تلك التى لا تستطيع المطالبه بما تريد حتى و ان كان حقا لها متسائلا و هو يضغط اسنانه بعنف و كان سؤاله اقرب لاجابه منه لسؤال: جدى، صح!اه يا عاصم، جدك.اخذ نفسا عميقا و هو يستدير لينظر لجده الذى غطت وجهه ملامح الغضب ايضا و هذا من اسوء ما يكون فعاصم لن يتراجع و كبير العائله بالطبع لن يهدأ.لحظات جلس بها امين على الاريكه مقابلا لعاصم الذى اختبئت حنين في جسده اكثر لينظر اليها آمرا اليها بالصعود لغرفتها و سرعان ما فعلت فاستدار عاصم لجده مشبكا اصابعه بكل ما يملك من هدوء الان مجاهدا لينفذ تقاليد العائله من احترام و تقدير و طاعه لكبير العائله و لكنه يعرف جيدا انه لن يفعل: حنين بالذات عمرها ما اتضربت لا من بابا و لا منى، كانت اكثر واحده بتقول حاضر و نعم، مكنتش بتكسر كلمه لحد حتى لاختها و بتراعى خاطر اللى قدمها كويس قوى،.صمت لحظه ثم اردف: اجى النهارده الاقى وشها بالمنظر ده و علشان ايه! علشان..قاطعه جده و يا ليته لم يفعل فلقد ضغط على اخر اعصاب عاصم المتزنه: علشان جليله الربايه و انا هربيها من اول و جديد.ضرب عاصم بيده على الطاوله امامه ناهضا من مكانه بغضب اعمى جعل قلب والدته يهوى ارضا: الكلام ده عندكم في الصعيد لكن هنا اختى برقبه الكل و اقسم بعزه و جلال الله لو حد فكر بس يرفع ايده في وشها تانى لكون جايب عاليها واطيها، ماشى يا كبير العيله.احتدت عين امين لا يصدق كيف ارتفع صوت حفيده امامه و الاسوء عليه و الاكثر سوءا انه تهديدا و قبل ان ينطق كان عاصم قد غادر صاعدا للاعلى بينما هاج و ماج و جن جنونه بالاسفل يصرخ بليلى و التى تحملت الامر بثبات تردد الحمد ان زوجها ليس هنا و الا لساءت الامور اكثر.ثوانى كان داخل الغرفه التى اجتمعت بها الفتيات، امرا قاطعا بالاستعداد لجميعهم، تعجب و استنكار منهم، استفهام، فتوضيح سريع ان الغايه استعاده اتزانه ما دام جده ها هنا، الابتعاد عن هذا التوتر، و الترفيه و الوسيله المكان الامثل مزرعه العائله .القليل من الوقت و كان جميعهم بالاسفل و صادف خروجه دخول والده فأخبره مسرعا و رحل ليتلقى والده بسببه محاضره طويله، غاضبه، ممله و معتاده من كبير العائله.طريق طويل، غضبه يقتله و لكن حذر بقيادته، جذب النوم الجميع ليبقى هو و جنته التى كانت تراقبه من وقت لاخر تطمئن انه هدأ قليلا، حتى قررت التحدث متسائله باحراج: ممكن اطلب منك طلب؟اومأ سامحا لها و اه لو تعرف ان اقصى ما يرغبه الان هو حديث معها يخرجه من براثن افكاره فيما يتعلق بموضوع شقيقته المعقد، فمالت في مقعدها تنظر له طالبه بحذر: انا عاوزه الدبله بتاعتى.ابتسامه جانبيه ساخره جعلتها تدرك انه سيتهكم و قد كان: و دول بيطلعوا الساعه كام؟اردفت و كأنه لم يسخر: انا عارفه انه مكنش ينفع اشيلها من ايدى اصلا، فأنا دلوقتى عاوزاها ممكن؟ليعاجلها: ليه خير؟صمتت قليلا و قبل ان تجيبه اكمل هو و هو يمنحها خيارات محدوده ليصل لامرا ما سيتعبها يعرف و لكن سيريحه كثيرا: علشان انتِ متجوزه و لازم تلبسيها، ولا علشان انتِ عاوزه، ولا علشان منى و عليها اسمى!و الكره في ملعبها الان، اجابه بسيطه و لكن في طياتها معانى شتى.اجابه طال تفكيرها فيها و زاد انفعاله انتظارا.و عندما قرر الصراخ بها لتجيب وصله همسها المتردد: كلهم.و كانت اجابه غير مرضيه بالنسبه اليه فكانت رد الفعل غير مرضى بالنسبه اليها ايضا عندما رفع يده يجذب السلسال الذى يرتديه لترى دبلتها معلقه به بجوار ID الخاص به ليدفعها بلامبالاه اليها.فتعجبت حركته و كادت تسأله ألن يلبسها اياها و كأنه فهم و اجابها بعدم اكتراث على سؤالها الصامت: انا عملتها مره و مش هكررها تانى، فا لو مستنيه انى البسها ليكِ تانى بلاش تستنى على الفاضى.و استداره وجه، انعقاد حاجبين و زفره ساخطه كانت كافيه لتوضيح انتهاء الحديث في هذا الامر.استندت برأسها على حافه المقعد تتابع الطريق من النافذه و الهواء يداعب وجهها بخفه.حياتها قبل بضعه اشهر كانت مجرد بئر اسود، كلما حاولت الخروج منه فشلت و بقاءها داخل ظلمته مرهق.رغبتها في المجازفه كانت منعدمه، قدرتها على التحرك كانت مستحيله و مجرد التفكير في احتمال اناره ظلمته بشعاااع نور و لو بسيطا كانت غير ممكنه تماما.و لكنها منذ وضعت قدمها بمنزل عمتها، معرفه ابناء عمومتها، التعلق بهم، حبهم لها و بالمثل لهم و بالاخير زواجها، منحها اكثر من مجرد بصيص امل، انار ما يقرب من ثلاثه اربعاع بئرها، منحها القدره على الشعور، التحرك، التصرف و تنفيذ ما ترغب به و لكن...و ما بعد لكن ما اسوءه!مازال هناك خوف مجهول المصدر، فكره ان يتضرر احدهم بسببها تؤرق ليلها، خاطر انها لعنه كانت و مازالت و ستظل يبدد امنها، احتمال خسارتها لاى منهم يمزق قلبها.تحاول تجاهل مخاوفها، التغلب على حيرتها، الثقه بحدوث الافضل و الشعور بكل ما يجب عليها الشعور به بأحلى و انقى و اجمل ما فيه، تحاول و جاهده و لكن..و ما بعد لكن ما اقساه!تبوء محاولتها بالفشل دائما، اعتادت على عمتها و بناتها، اعتادت على رعايتها لشذى و لا تضجر من ذلك، اعتادت على حياتها الجديده و لكن لم تعتاد بعد عليه هو عاصم ، على مشاعرها المتخبطه بين كل امر و ناقضه، لم تعتاد على احساسها الحالى بالامان امام حصونه السوداء، لم تعتاد على روحها الساكنه عندما تضم اصابعه اصابعها بقوه حانيه، لم تعتاد على تعلقها به و تخاف ان تعتاد.ما اسوء انتقالها في مشاعرها معه من خوف مضنى لأمان تام، من هروب دائم منه لاختباء و احتماء به، من كره حقيقى لحب جديد.حقا ما اسوءه!منزل ريفى بسيط يتكون من عده غرف للنوم، غرفه استقبال متوسطه المساحه، مطبخ، مرحاض و شرفه كبيره حول المنزل بأكمله، يقع في منتصف ارض زراعيه كبيره في مكان لا يضم من المبانى السكانيه الكثير، لا يوجد ضجيج المدينه، و لا ازدحام السيارات و صوت الابواق المثير للاعصاب.ترجل الجميع، استمتاع لحظى باختلاف الهواء و نقاءه، ثم ترحيب من عمال المزرعه و خاصه سيلم و الذى بدا انه مقرب من عاصم بشكل كبير، مزاح و حديث رجولى، ثم امر من عاصم برحيل الجميع ليظل بمفرده ها هنا مع شقيقاته لتعرف الراحه و السكون طريقا لهم.جلس عاصم في الشرفه ينظر لذلك المكان الصغير بجوار المنزل و الذى يضم اعز و اقرب اصدقاءه لقلبه، لتقاطع مها خلوته مشيره بحماس على نفس المكان الذى كان يتابعه منذ قليل يلا نروحليبتسم غامزا اياها بشغف قبل ان يحتضن كفها لينهض معها، لتراهم جنه فتتسائل لتوضح سلمى بهدوء: اكيد هتركب الفرسة، مها بتحب الخيل جدا زى عاصم بالظبط و دا طقس لازم تعمله كل مره نيجى هنا.ابتسامه غريبه زينت شفتيها مع شعور بالغيره يداعب روحها لتقول دون تفكير: عاوزه اتفرج عليهم.فجذبتها سلمى للشرفه المطله على اسطبل الخيل الصغير، تتابعهم و بعينها نظره متمنيه ان تكون محلها، لا تحسدها و لا تضجر منها و لكن فقط تتمنى لو تكون على طبيعتها دون قلق، دون تفكير، دون خوف بين يديه، لتكون معه عندما يضحك كالان، ان تكون بجواره لتضحك هى مثلما تفعل مها، فقط تتمنى.فرسة بيضاء ذات خصلات طويله، تصهل بقوه مرحبه بهم، تخفض عنقها اسفل يدى مها التى ضحكت بقوه محتضنه عنقها باشتياق واضح، ثم جوله مرحه من الصعود على ظهرها، الركض معها، الغبار المتناثر من خطواتها، ضحكه عاصم الواسعه و التى نادرا ما رأتها جنه لتتسائل بهدوء ينافى الطبول الراغبه التى تقرع بقلبها: انتم بتيجوا هنا كتير؟ابتسمت سلمى عاقده ذراعيها امام صدرها تتابع جو الالفه بين اخيها و مها لتمتم موضحه: احنا لا، لكن عاصم بيجى كتير، بيحب المكان هنا جدا و دائما يقول انه بيرتاح لما يقضى وقت هنا.لتهمس جنه بتأكيد: واضح.ثم استدارت ناظره اليها متسائله بحذر: حنين نامت؟لتجيبها سلمى بلامبالاه: اكيد مانمتش بس قافله على نفسها ومش عاوزه تقعد مع حد.لتشملها جنه بنظرات ادركت سلمى على الفور معناها فابتسمت موضحه سؤال جنه قبل ان تفعل: ايه عاوزه تسألينى اذا كنت زعلانه علشانها و لا فرحانه؟نظرت جنه ارضا قليلا قبل ان ترفع عينها بنظره وضحت انها بالفعل ترغب باجابه صريحه لهذا السؤال.صمت لحظات ثم تنهدت سلمى بقوه مجيبه بشموخ تتعجبه بنفسها في مثل هذا الامر الذى اعتقدت انه سيفرحها و لكن كان العكس: مضايقه منها جدا يا جنه، مش عارفه ازاى ضعيفه و مستسلمه لهم كده، نفسى تقف و تتكلم و تواجه مش بس تقفل على روحها و تعيط.صمتت جنه منتظره بقيه الحديث فاضافت سلمى بدون خجل: فارس انسان ممتاز، سواء شكل، عقل، اسلوب او شخصيه، لو حنين فضلت بسكوتها ده كأن الموضوع هيتحل لوحده صدقينى مش هيحصل اللى هى عاوزاه ابدا.فتسائلت جنه و هى تطالعها بتفحص: يعنى افهم من كده انه معدش فارق معاكِ؟لتضحك سلمى بصخب متمتمه بعجرفه و تمردها المعتاد يسيطر عليها: طبعا، من يوم ما بقى جوز اختى مبقاش فارق معايا خالص.حدقت بها جنه قليلا لتشاغب سلمى بغمزه: انتِ مالك قلبتِ على عاصم كده!،ثم دفعتها لتنظر بالاسفل هامسه: ركزى مع جوزك يا شابه.ابتسامه بسيطه تابعها مرور بعض الوقت تراقبهم حتى كادت مها تسقط عن ظهر الفرسة ليحتضنها عاصم قبل ان تسقط ارضا ليضحك بملأ صوته قبل ان تتعلق هى بعنقه تضرب كتفه لضحكه عليها لتهمس جنه بغيره اصابتها رغما عنها: اللى يشوفهم مايقولش اخوات.لتجيبها سلمى ضاحكه مدركه غيرتها: مها لو مكنتش اخته في الرضاعه انا ابصم بالعشره انه كان هيتجوزها وش، قريبه منه جدا يمكن اكتر مننا.لتتسائل جنه و غيرتها تقودها: هو انا ماينفعش انزل عندهم.لتعاجلها سلمى بمكر: مش هتخافى.و بغيظ اردفت جنه: هو موجود.لحظات اخرى و كانت تقف امام السياج الخارجى للاسطبل، تراقبهم عن قرب ليفاجأها الاحساس الذى شمل روحها بضحكته الصاخبه صوتا و صوره، لتهبط مها عن الفرسة معطيه ظهرها لجنه مشيره بابتسامه خبيثه هسيبك مع جنتك لوحدك، و على فكره انا اخدت بالى انك عينك عليها فوق من ساعتها و غمزه مشاكسه قابلها هو بدفعه بسيطه لها مبتسما، لتمر هى بجوار جنه ضاحكه مقبله اياها.اشاره منه اليها بالتقدم، لتتقدم ببطئ و هو يتسائل: بتخافى منهم؟لتجيبه بحذر و هى تنظر للفرسة المُمسك بلجامها: عمرى ما قربت منهم.طمأنها بنظرته فاقتربت اكثر تنظر لعين الفرسة الكبيره باعجاب فمد عاصم يده لها و بعد تردد امسكت بها ليضعها هو بهدوء على عنق الفرسه متمتما: اسمها فجر ، بحسها شبه مها في جمالها،ثم نظر اليها و هى تبتعد بخوف بجسدها ليردف مبتسما: بيحبوا الاهتمام و اهم حاجه تحس بحبك ليها.لتهدأ رويدا رويدا و هى تداعب عنق فجر بانبهار لتجربه مثل هذا الامر لاول مره و هى تتسائل: ليه اسمها فجر ؟و اجابه بسيطه: اتولدت مع اذان الفجر.ثم اضاف: تحبى تشوفى الحصان بتاعى!نظرت اليه قليلا و اومأت موافقه فجذب فجر ليدخلها و تحرك متمتما: استنى بره.تعجبت ابتسامته و نظرته الماكره و لكنها استجابت لما قاله و بعد خروجها بثوانى ارتفع صوت صهيل ارعبها، ضربات قويه ارضا، ثم غبار كثيف يتبع خروج ذلك الجامح الذى اخذ يصهل بعنف رافعا قدمه لاعلى قبل ان يحرك رأسه يمينا و يسارا ليتوقف بعدها.حصان اسود، بخصلات قصيره و عينان واسعه بلون الليل تشبه حصون زوجها العزيز، حصانه مثله تماما، قوى، جامح، يفرض سيطرته، حضوره الطاغى و خطواته الواثقه.ظلت تتابع حركته العشوائيه قليلا حتى وصلها صوت عاصم بهمسه مشاغبه: اوعى تكونى خايفه؟رمشت عده مرات و لن تنكر بالطبع خافت و لكنها وجدت نفسها تسأله بفضول: اسمه ايه؟ابتسم و هو يقترب منه يداعب انفه بود ليصهل حصانه باستمتاع و هو يجاوبها: اسودضيقت عينها و ابتسامه ادراك ترتسم على وجهها و بفضول اكبر تسائلت رغم توقعها للاجابه: ليه اسود ! علشان لونه؟نفى برأسه قبل ان يقول: لانه اسود في غضبه، حبه، صبره، عناده و جموحه، اسود في كل حاجه مش بس لونه.و قبل ان تتسائل عن امر اخر، بحركه سريعه صار فوقه ليدور حولها عده مرات بسرعه حتى كادت تختنق من الغبار الذى يخلفه.راقبته قليلا لتتفاجئ به يتوقف امامها مباشره لتتراجع خطوتين مسرعه للخلف ليبتسم هو مادا يده اليها متمتما بغمزه مستمتعه: تحبى تجربى؟لتتراجع اكثر نافيه برأسها بقوه صارخه بها ايضا: لا، لا طبعا.ليهبط عن جواده مقتربا منها ممسكا يدها بهدوء هامسا بشغب و حقا يشعر برغبه ليخوض مثل هذه التجربه معها و اه لو تعلم انها الوحيده التى ستعتلى اسود غيره: ماتبقيش جبانه، تعالى و انا معاكِ متخافيش.عادت تنفى و لن تنكر خوفها ابدا و ادرك هو ذلك من ابريقها العسلى الغارق بخوفه و جذبها ليدها من بين يديه ببعض القوه و لكنه تمسك بها جيدا ليجذبها اليه اكثر لتنظر اليه تحاول اثناءه عن الامر و لكنه اصر و لا مفر من الامر، و رويدا استسلمت.تحرك بها تجاه اسود الذى بمجرد ان صهل صرخت هى تركض بعيدا ليقهقه عاصم و هو يركض سريعا خلفها ممسكا بمعصمها ليوقفها، ليقربها مره اخرى فتقاوم قليلا قبل ان تستسلم مجددا و هذه المره جمعت كل ما تملك من شجاعه لتجاريه حتى لامست بالفعل انف الحصان لتتراجع قليلا و لكن يد عاصم التى اطبقت على يدها تداعب خصلات حصانه جعلتها تستمتع بالامرين معا - احساس مثل هذه التجربه و وجودها معه، يدها بين يده و صدره يحتوى ظهرها ليطمأنها - بدأت ابتسامتها تتسع تدريجيا حتى انطلقت ضحكاتها و اسود يلاعبهم برأسه حتى ما عادت تخاف صهيله بل باتت تستمتع به و اندمجت ضحكاتهم سويا بهذا الشكل للمره الاولى.و حقا حقا ما اجملها اول مره!تركها تداعبه قليلا في حين هيأ هو حصانه جيدا ليستقبل جنته اعلاه و بالطبع الكثير من الاعتراض، عده محاولات للهروب و تراجع تراجع حتى استسلمت لاصراره مره اخرى و ربما لانها لا ترغب بنهايه هذه اللحظه.لتبدأ معاناه صعودها على ظهر حصانه، يدفع جسدها بينما هى تفقد التوازن و تسقط، تتعالى ضحكاته صخبا لتتزمر هى، يحاول مجددا لتسقط مجددا لترتفع ضحكتها هى هذه المره حتى استقرت اخيرا ليتنفس هو الصعداء ممازحا لتجيبه هى بضحكه اكثر سعاده.بدأ يُحرك اسود بخطوات بطيئه لكى لا يرهبها، نبضات قلبها الصاخبه و ضحكتها المتقطعه جعلتها تدرك مدى سعادتها، تاره تنظر امامها و تاره اخرى تنظر له لتملى نظرها منه بابتسامته الهادئه تلك و هو يشاغبها من وقت لاخر.و على حين غفله ترك اسود و تراجع خطوه ليتبين رد فعلها و الذى كان غير متوقعا عندما صرخت منحنيه بجسدها على عنق اسود تتمسك به بقوه، لينفجر هو ضحكا لتعقد هى حاجبيها متردده و تخاف السقوط، ترغب في التطلع عليه و لكن خوفها غلبها لتنادى اسمه عده مرات تستغيث به، ليتقدم منها مسرعا ليمتطى حصانه لتعتدل هى بتعجب و هى تشعر بيديه على طول ذراعيها حتى احتضن يدها ليجعلها تُمسك باللجام مقتربا منها حتى لاصقها تماما لتبتلع هى ريقها ببطء لتختبر حقا ما معنى قربه، ما تأثيره و ما مخاطره عليها، قلبها، روحها و عقلها.لحظات تجمدت فيها تماما قبل ان تصرخ عاليا و اسود يتحرك بسرعه جنونيه بهما، لتستند بظهرها على صدره مرتعبه لتضغط يده على يديها اكثر و هو يقترب بوجهه مستندا على كتفها ممازحا لتضحك ضحكه جمعت من الخوف ما جمعت من الفرحه.لتصرخ بعدها استمتاعا و خوفها يتلاشى تدريجيا و كيف يكون و هو معها، يحتويها، يحميها و الافضل من هذا كله يمازحها بل و يضحك ايضا.تمنت و لكنها نالت اكثر مما تمنته بكثير.ليسجل التاريخ هذه اللحظه لجنه كأسعد لحظات حياتها بلا منازع.فلا تندمج ضحكاتهما فقط، بل يحتضن قلبه قلبها، تُأزر انفاسه انفاسها و يضم جسده جسدها.فتناغمت نبضاتهما معا لتتراقص فرحتهما على سيفونيه صادقه عزفها حب كلا منهما دون اى حسابات كانت لتدمر اجمل ما في الامر.و لكن الى متى!بدأت خطوات اسود تتباطئ رويدا حتى توقف تماما ليهبط عاصم عنه دون انتظار.و لاول مره بتاريخه كان هو يهرب، يهرب من مشاعره التى اشعرته انه سيضعف امامها، و ما اقسى رغبته في ضمها مجددا، الاستمتاع برائحتها، متابعه ضحكتها و الشعور بحبها الواضح له رغم مخاوفها و لكن كبرياؤه وقف حائل بينه و بين رغبته التى تركها تحرق داخله حرقا.لتسأله عينها عن السبب و قد لون وجهها الحزن مجددا.و الاجابه جاءت واضحه في حصونه السوداء التى شملت ابريقها العسلى مخبرا اياها ان ابن الحصرى يصدق، يؤمن، يقتنع ب نعم اريد حقا او لا اريد حقا لكن محتمل ، جائز و ربما لا محل لها من الاعراب عنده.كان واضحا جدا معها و ينتظر منها الوضوح ايضا.و انتهت اللحظه التى بدأت بضحكتهم بخوفها يتملكها، تفكيرها بالماضى و عقده، لتتركه و ترحل باتجاه المنزل دون ان تنظر خلفها، ليتحرك هو ب أسود دون النظر ايضا، حقه او لا، لا يعرف و لكنه ابدا لن يترك لها قلبه الا اذا بادلته بقلبها...نقطه و انتهى الامر.هناك من يحلم بالنجاح، و هناك من يستيقظ باكرا لتحقيقه.ابراهيم الفقىتوقفت بالسياره امام الشركه تنظر الاولى بتفائل و لكن الرهبه كانت سيده الموقف بينما الاخرى بتمردها و جموحها تنظر اليها كأنها اولى و ابسط الخطوات باتجاه هدف حياتها.بقوه صاحت: انزلى استنينى هركن و اجيلك.اومأت مها موافقه و ترجلت تقف امام باب الشركه الزجاجى بانتظار مجئ سلمى، و اثناء اندماجها في تخيل مقابلتها توقف رجلين امامها ليقول الاول: حضرتك محتاجه مساعده؟نظرت لوجهه بحذر قبل ان تتراجع خطوه نافيه برأسها ليتقدم الاخر هذه الخطوه متحدثا بسذاجه: لا و الله ما ينفع نسيبك واقفه كده.لتتراجع مجددا و قد بدأ عجزها يؤلمها و ضعفها يظهر جليا في لمعه عينها المتوتره لتنفى برأسها مجددا و كم ودت الصراخ بهم و لكن من اين لها بصوت لتفعل.ليهمس الاول بوقاحه و قد راقه جمالها الاوروبى: انتِ اكيد مش مصريه، صح؟رجفت عينها بقله حيله و هى تبتعد بخطواتها عنهم عل و عسى يتركوها و شأنها و لكن تمادى الاثنين بالاقتراب ليهتف الثانى بغمزه: انتِ قلقانه ليه كده احنا بندردش بس،.ثم اضاف بنظره جريئه اوجعت قلبها: ثم ان يعنى القمر...في ايه بيحصل هنا؟قالها محمود و هو يقترب لتشعر مها لوهله بأمان اكتنف روحها لتتراجع مختبئه خلف كتفه قليلا ليجيب الرجل الاول: ابدا يا حوده كنا بنحاول نساعد الانسه،ثم نظر لمها بطرف عينه متسائلا بمكر: مش انسه برده؟ليدفع محمود كتفه بغضب هاتفا بحده: اصطبح و قول يا صبح يا محمد و اتفضل.ليضحك الاخر مجيبا و هو يتجاوز محمود ليقف خلف مها ضاحكا: و الله يا محمود كان بودى امشى بس الوضع هنا مغرى قوى.و هم محمود بالاجابه غاضبا و لكن عاجله الاول متسائلا بنبره جعلت قلب مها يتمزق اربا: انا نفسى افهم بس هى مابتردش ليه؟ انتِ خرسا و لا حاجه!لتفقد هى امانها رويدا لتبتعد عن محمود ايضا لتشير بيدها في عجز لتجعل افواه من امامها تكاد تقبل الارض دهشه و اولهم محمود الذى عجز عن الرد تماما ليضيف احدهم بسخريه: سبحان الله فعلا الحلو مابيكملش.و ضحكه ساخره جعلت دموعها تهرب من مقلتيها مرغمه لتشهق بعدها و هى ترى ذلك الرجل ارضا اثر لكمه غاضبه اصابت وجهه لتستدير بفزع لترى مازن خلفها يصرخ بعنف بالرجلين امامها ليتحرك كلا منهما لداخل الشركه في نفس الوقت التى اقبلت سلمى عليهما لترى مها في شبه حاله انهيار و محمود متصلب امامها يطالعها بعقده حاجب مندهش اصابت بدايه احساسها باعجابه في مقتل.اشار مازن لمها في احراج بالدخول بينما تسائلت سلمى عن سبب بكائها بلهفه و لم تجد اجابه سوا بكاء اكثر.دقائق مرت كادت سلمى تجن بها في رغبه منها لمعرفه ما حدث، تحرك محمود باتجاه مكتبه دون ان يلقى بنظره عليها مجددا، لحق الموظفان مازن ليتقلى كلا منهما باستياء خبر فصله عن العمل، مجئ اكرم الذى تفاجئ بمها في مدخل الشركه تحاول التوقف عن البكاء و لكن عاجزه لم تستطع.تقدم منهما يتسائل بهدوء ناظرا لمها موجها سؤاله لسلمى: خير يا سلمى في حاجه حصلت؟توترت مها اثر نظرته التى سُلطت عليها بتعجب بينما اصدرت سلمى صوتا يعبر عن ضيقها لتدخله في الامر و لكنها اجابت بنبره حملت له من ضيقها الكثير: لا ابدا يا بشمهندس محصلش.نظرت مها ارضا تحاول تمالك ما تبقى من اعصابها ثم رفعت رأسها ليطالعها وجه اكرم فابتسمت بارتباك فأدرك هو انها لا ترغب في حديثه فتمتم و هو يتحرك امامهم: اتفضلوا معايا.مر الوقت بعدها ببطء على تلك التى فقدت كل ثقتها بنفسها،لم يكن امر العمل بجديد عليها و لكن هنا الوضع يختلف،.منذ ان وطأت قدمها ارض مصر الحبيبه و هى تواجه عجزها بعنف، كل ما يحدث يجبرها على تصديق حقيقه انها خُلقت بنقص و الذى سيظل دائما حاجزا بينها و بين كل ما تحلم به.فليس للناقصات امثالها حق في الكمال حتى و ان كان جمالها كمال من نوع اخر.ملفك يا انسه مها!رمشت عده مرات قبل ان تستجيب لطلبه و هى تشير بتلقائيه على امرا ما هو لم يفهمه و لكن ما خمنه انها مازالت حزينه لذلك لا تتحدث، و لكن فور ان قامت سلمى بالتوضيح لتشير مها مجددا لتعاود سلمى التوضيح جعله يحدق بمها قليلا قبل ان يستوعب سريعا انها بكماء و على غير المتوقع في مثل هذا الموقف وجد نفسه يتجاوز الامر لكى لا يحرجها يقرأ ملفها بتركيز ليبهره حقا و وضح ذلك بضحكه حقيقه و نبره حملت من انبهاره الكثير: ممتاز، ممتاز، ممتاز، واضح انك ماسبتيش فرصه بدون ما تستغليها، اصرار معدش موجود انا متأكد ان وجودك في الشركه هيفيدها كتير.و تعجب تبدل حالها لحال اخر، لمعه عينها بسعادتها، ابتسامتها الواسعه، حماسها و هى تشير انا بحب مجال دراستي جدا و فعلا مكنتش بسيب فرصه غير لما استفيد منها، اخدت كورسات كتير و زرت مواقع اشوف الشغل بيمشى ازاى، هوس.تابع حركه يدها بجهل و لكن حافظ على ابتسامه اخبرتها انه ربما يفهمها و خاصه عندما حاولت سلمى توضيح ما قالت و لكن اوقفها اكرم بيده و اجاب متمنيا الا يخطئ: واضح انك بتحبى مجال درستك، و ده اهم حاجه عندى هنا، اهلا بيكِ في الشركه و اتمنى الاقى الحماس ده في الشغل.ابتسمت سلمى و هى ترى سعاده مها و بداخلها حقا كانت شاكره لاكرم لتقبله الامر دون ابداء رد فعل تجرح مها و لكن فور ان استدار لها مبتسما ابتسامه جانبيه مشاكسه احتدت عينها و لمعت بعنفوانها و هو يطالبها بملفها لتمنحه اياه بثقه، ليتفحصه قليلا و لن ينكر انبهاره به ايضا و لكن جزاءاً للضرب تحت الحزام قرر رد الضربه فتمتم بعدم اكتراث: مش بطال.لترفع احدى حاجبيها و قد بدأ تمردها يظهر جليا و هى تردد خلفه: مش بطال!، دا اللى ربنا قدرك عليه؟لتحتد عينه بالمقابل مجيبا: اسلوب كلامك غير لائق في مكان عمل يا بشمهندسه،ثم اضاف و هو يتابع ملفها مجددا و قد جذبته تصاميمها و لمساتها المميزه: اعتقد ان ممكن تضيفى للشركه لكن الاكيد ان الشركه هتضيف لكِ كتير.و مع نبرته المتحديه تحدته بنظراتها متمتمه بثقه اثارت اعجابه و ان لم يبدى الامر: هيبقى شكل الشركه و صاحب الشركه وحش قوى لو كانت اضافتى اكثر.فلتت ضحكه من مها و هى ترى روح كلا منهما تلمع بالتمرد و فور ان استدار الاثنين لها اختفت ابتسامتها تدريجيا معتذره بنظراتها.شرح مفصل لبعض الامور، تفاصيل العمل الدقيقه، المطلوب منهما و المتاح لهما، ثم توقيع عقود و هنيئا لهما ببدايه عمل جديد و ربما حياه جديده.من يقرأ الماضى بطريقه خاطئه سوف يرى الحاضر و المستقبل بطريقه خاطئه ايضا، و لذلك لابد ان نعرف ما حصل كى نتجنب وقوع الاخطاء مره اخرى، و من الغباء ان يدفع الانسان ثمن الخطأ الواحد مرتين.عبد الرحمن منيف.ارتفع رنين الهاتف يقطع تركيزه و هو يطالع عده ملفات امامه، زفره ضيق، ثم اجابه ليصله صوت عجوز يتحدث باللهجه الصعيديه الخالصه، حوار سريع ادرك منه ان المتصل جده لامه يخبره عن رغبته العاجله في مقابلته، يخبره عن معرفته لاسرار تتعلق بماضى عائلته، و يوضح ندمه لانه ساعد في ظلم والدته لتحتد عين اكرم غضبا و فضول.ثم حديث عن شقيقته جنه، يطمئن عليها، يحذره و يأمره بحمايتها، يخبره ان هناك احد ما يتربص بهم و خاصه بشقيقته، مما جعل اكرم يتخذ قراره بضروره معرفه ما صار.و دون التحدث بتفاصيل كثيره اغلق الاتصال على وعد باللقاء في اقرب وقت يتاح لاكرم السفر فيه.ليتركه يتوه في دوامه من الحيره بين رغبته في معرفه اجابات علامات الاستفهام الخاصه بالماضى و بين رفضه للوقوع في بئر الماضى و هدم ما يبنيه الحاضر بل و ربما ينهى المستقبل قبل بدايته.و لكن كل الاسئله بذهنه الان مرتبطه ارتباطا وثيقا بالماضى و ما صار به، سبب نفى والدته و والده، ما الظلم الذى عانت منه والدته، ما الحق الذى تخلى عنه والده، من السبب، و ما السبب، و الاسوء ما سر تلك التحذيرات المكثفه بشأن شقيقته، و الاجابه على كل هذا يبدأ برحله سفر للصعيد و التى حتما سيقوم بها مهما كلفه الامر.يجلس عاصم بمكتبه و امامه رجل في اواخر الثلاثينات يعطيه من التفاصيل ما طلبه، اعاد عاصم حق جنه كاملا و لكنه ما زال يشعر ان هناك نقص ما، و لذلك لن يتخلى عن الامر حتى يصل لمراده و ها هو يفعل.طرقات على الباب تبعها دخول فارس، و بعدها بدقائق رحل الرجل تاركا اياهم يتحدثون بجديه في العمل و الامور العالقه و رغم ما يعانيه فارس و ما يقلقه لم يتحدث كلمه واحده خارج اطار العمل.صدع رنين الهاتف الداخلى لتخبره السكرتيره عن حضور كاميليا شاهين و بطلتها المعتاده دلفت بابتسامه لن يستطيع احد انكار جاذبيها، استند عاصم على المقعد يتابع خطواتها الواثقه و جلوسها الارستقراطى لترمى بنظره جريئه باتجاه كلا منهما استقبلها عاصم بضحكه جانبيه مدركه و كذلك فارس ثم تجاهل كلا منهما الامر.شبكت اصابعها على المكتب امامها متحدثه برعونه: اخيرا يا سياده النقيب عرفنا نتقابل.ليتحرك بضحكه خبيثه مستندا على المكتب هو الاخر متسائلا برفعه حاجب: كنتِ مستنيه بقالك كتير بقى!اومأت موافقه لتضحك بثبات و رقه تليق بها متمتمه: فارس قالى انك كنت مشغول و طبعا مينفعش الاجتماع من غيرك.عقد فارس حاجبيه تعجبا من لهجتها الوديه و محوها للالقاب سريعا و لكنه تجاهل الامر و تسائل: انا بقول نشوف الصفقه.مر بعض الوقت في نقاش جدى و حاسم يتضمن ما تحمله الصفقه من شروط حتى انتهت كاميليا فهتفت بجديه متحديه: اظن ان شروطى مناسبه جدا، يا ترى بقى هتقدروا عليها و لا ايه؟ثم اضافت بخبث: انا عارفه ان دي اول مره تندمج الشركتين سوا بعد المشاكل بينهم،ضيق فارس عينه يتابع حديثها بينما اتسعت ابتسامه عاصم و هى تعتدل في جلستها مرجعه ظهرها للخلف مردفه: بس كمان عارفه انكم سوا هتعملوا شغل ممتاز،.ليعاجلها عاصم باستهزاء: واضح انك عارفه عننا كتير.لتنطلق ضحكتها بدلال متمتمه بفخر: انا business woman و طبيعي قبل ما اخد اى خطوه ادرسها كويس و خصوصا لو بتعامل مع قراصنه السوق، و لا ايه؟ليبتسم فارس هذه المره مرددا و هو يشملها بنظره سريعه من اعلى لاسفل: خالفتِ توقعى خالص يا انسه كاميليا حقيقى كنت فاكر الموضوع لعب عيال.لتشمله بنظرتها الجريئه و الواثقه قبل ان تجيبه بمثل ما قال: انا كمان كنت فاكره انكم لسه شباب طايش بس لقيت غير كده خالص خصوصا بعد ما عرفت بموضوع جوازكم.ليداعب عاصم جانب فمه باستمتاع مع ليه شفاه ساخره: واضح ان يومين الاجازه كانوا بحث مكثف عننا.استدارت ناظره له و اتسعت ابتسامتها الجذابه مجيبه: انا الاخبار هي اللي بتجيلي مش انا اللي بدور عليها،.تبادلت نظرات التحدي معهم ثم نهضت قائله بجديه: فكروا في العرض كويس اقتنعتوا بيه يبقى هنتفق، ماقتنعتوش يبقى تمام غيركم هيقتنع، عن اذنكم.و نظره اخيره لكلاهما ثم تهادت بخطواتها للخارج مغلقه الباب خلفها بهدوء، ليعلق فارس بزفره: واضح انها مش سهله.فردد عاصم و مازال محافظا على ابتسامته: عجبتنى.ليعقد فارس ما بين حاجبيه متسائلا في حذر: دا اللى هو ازاى!و جاءت اجابه عاصم توضح مدى تعلق روحه بالتحديات القويه: واضح انها شايفه نفسها قوى بس كمان واضح انها ذكيه ف لو درست الموضوع و دخل دماغي هتبقي خطوه كويسه و لو مدخلش هستمتع جدا بكسر ثقتها الزايده دى.حرك فارس رأسه يمينا و يسارا بمعنى لا فائده صائحا: هتفضل طول عمرك كده شغلك كله بالتحدي و الند بالند.غمزه عاصم مجيبا: و ماتستناش منى اتغير علشان مش هيحصل.ضحك كلاهما ثم تنهد فارس جالسا بيأس على المقعد امامه زافرا بضيق هامسا: اختك عاوزه تطلق.استند عاصم على المقعد متنهدا هو الاخر ليردف فارس: مش فاهمه انى مهما حصل مش هسيبها.قاطعه عاصم متسائلا بتعجب: ليه!، طالما هى عاوزه و طلبت و جبانه و مش عاوزه تتحمل مسئوليه.لوهله تعجب فارس حديث عاصم عن شقيقته و لكنه ما لبث ان ادرك ان عاصم يتحدث عن جنته فابتسم مجيبا اياه: علشان بحبها، و مش هطلب منها تتحمل فوق طاقتها خصوصا انى عارف ان حنين طول عمرها ماشيه جنب الحيط و في حالها و مبتحبش المشاكل و لا بتعرف تتعامل معاها.ثم صمت لحظات و اضاف: و اعتقد انك لازم تصبر زيى، مراتك تستحق منك مجهود اكبر.احتدت عين عاصم و هو ينفعل صائحا: مجهود اكبر! اسكت يا فارس اسكت و النبى.و لكن فارس لم يستجيب بل اكمل: طالما بتحبها استحملها، و انا و انت عارفين انها عانت بما فيه الكفايه، الصبر يا عاصم.اشاح بيده في تجاهل و لكن قلبه لم يفعل، فمن اين له بالصبر الان؟تبعثرت نبضات قلبه، شُتت عقله، و استولت بجداره على كامل تفكيره لتجعله يتسائل،؟هل كل حب به وجع ام هذا حبه فقط!هل كل قلب يُغرم يتمزق مرارا ام ذلك لقلبه فقط!هل كل انثى تُعشق تكن السقم ام هكذا هي انثاه فقط!حب، ضحكه ساخره.ليته لم يُحب.
رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل الحادي والعشرونلست اخاف من امرأه شريره لان شرها يجعلنى احتشد لها بكل اسلحتى، اما المرأه الفاضله فانى اخافها و ارتعد منها لان فضيلتها تجعلنى القى بكل سلاحى و اضع روحى بين كفيها بلا تحفظ.مصطفى محمودعاطفتها تجاهه دائما تغلبها، مشاعرها غالبا ما تجرفها في التعامل معه، فتجد نفسها تتقبل و تعتاد و تحاول معه آلاف المرات مؤمنه تماما انه سيتغير، قلبها يخبرها انه حتما سيتغير.حادت بعينها عنه بعدما كانت تتأمل ملامحه التى ابدا لن تمل منها لتتابع ضحكته العاليه و هو يتابع احد البرامج الكوميديه معها، تعد كوب من العصير تعطيه اليه فيبتسم لها شاكرا قبل ان يعاود اندماجه بالعرض امامه حتى استفزته احد مشاهد الدراما الكوميديه ليغرق في نوبه ضحك طويله قبل ان يبدأ في سب الممثل امامه بألقاب تعتبر خادشه للحياء و خاصه لهبه التى لم تعتاد سماعها.لتنتفض ناظره اليه باستياء واضح ان ينطق بهكذا كلمات لتصيح ببعض الحده رغما عنها: معتز، ايه اللى انت بتقوله ده، مينفعش كده.لينظر اليها بطرف عينه و لم يمنح لحدتها اهميه و هو يجيبها بعدم اكتراث: ليه يا حبيبتى، هى عيب و لا حاجه!لتعتدل غاضبه من لامبالاته هاتفه بنبره اشد حده و حملت بعد الاشمئزاز في طياتها: لا مش عيب، دى قله ادب يا معتز.و ببطء استدار لها متمتما بتسائل: قله ادب! ما ياما قولتها قبل كده و البنات كانت بتسمعها عادى.و ضغط و بقوه على عرق تحملها لتصيح و هى تغرقه ببحر غضبها الذى تحاول دائما التحكم فيه، ستتحمل ان له ماضٍ عكر لكنها ابدا لن تتحمل ان يذكره في حاضرها بل و يتفتخر بالامر كأنه انجاز: الكلام دا كان قبل كده، لكن انا مش زى البنات اللى انت عرفتهم يا معتز، و ياريت تاخد بالك كويس انك بتتكلم مع مراتك مش واحده قاعد معاها في الشارع.و ارتفاع صوتها، حدتها و طريقه حديثها اثارت غضبه ليعتدل بجديه هو الاخر صائحا: بصى بقى انا زهقت من دول الابله و التلميذ ده، هبه هانم شايفه كل حاجه بعملها غلط و هى بس اللى صح، كفايه بقى انا قرفت،ثم اشاح بيده بحده مضيفا: انا كده يا هبه، عجبك اهلا و سهلا مش عجبك اشربى من مايه البحر،ثم نهض دافعا بجهاز التحكم جانبا ضاربا الطاوله امامه بعنف: لازم كل مره بنضحك تقلبيها نكد كده، عيشه تقرف.زفرت بعنف و هى تستمع لصوت باب غرفتهم يُغلق بقوه، لتبتسم بتهكم فان كان هذا وضعها في الاسبوع الاول من زواجهم فكيف سيكون بعد عده سنوات،صدق شقيقها عندما اخبرها انها ستعانى، صدق عندما حذرها من حياتها معه، صدق و لكنها ابدا لن تستلم.لم تعتاد الخضوع للامر الواقع و لن تفعل تحديدا هذه المره،.يصرخ عليها، ستتحمل، يغضب منها، ستعذره، و لكنها ابدا لن تتركه لشيطان نفسه و لن تسمح له بالعيش بقيه عمره في استهتاره هذا.القى جسده على الفراش دفعه واحده يتنهد بقوه، هى محقه ما قاله لم يكن بلائق ابدا امامها، اعتاد الامر و لكن لعاداته حدود ها هنا، امرأته مميزه و لابد ان يحترم هذا.لماذا صرخ؟ ربما لانه يرى في شخصيتها قوه يحاول التغلب عليها بصراخه.لماذا تركها؟ ربما لانه اذ جلس دقيقتين امام امواجها الهادره بحبه سيوافق على كل ما تقول.لماذا يعاتب نفسه الان؟ ربما لانه يدرك انها الان تفكر حزينه فيما آلت اليه امورها و خاصه في اول ايام زواجها.ضرب رأسه بعنف يتعجب افكاره بل يتعجب مبدأ انه يفكر و الاسوء انه يفكر بأخر بل بأخرى، و ربما تشتته الغريب بسببها هو ما يجعله يخرج عن الحدود قليلا.تقوم بكل ما أراده يوما، اهتمامها بما يحب، حفاظها على خصوصيته، اعتنائها به و بأشيائه، دلالها، انوثتها التى تتركها له متى شاء، عقلها و عزيمتها في اصلاحه و حبها الذى توقع ان يقل ليجده دائما في زياده.ماذا يتمنى هو في حياته و معه امرأه تغنيه عن العالم اجمع!صدع رنين جرس المنزل ليتنهد بضيق لقد ملّ حقا من كثره الزيارات، و سرعان ما وجدها تركض للغرفه لتصيح بعفويه: شوف مين؟!و مرواغه منه تمتم باعتراض: ما تشوفى انتِ.نظرت لنفسها من اعلى لاسفل لتدفعه لينظر معها مدركا انها ليست بوضع يسمح لها بالظهور امام احد و لكنها اضافت بجديه بعدما ادركت استيعابه لهذا الامر: و بعدين طول ما انت موجود اعتقد المفروض انت تقابل الضيوف.زفر موافقا و نهض يتركها تستعد لزياره اخرى، و بمجرد ان فتح الباب دلفت والدته بغضب تتهكم بصوت عالى: ايه سنه على ما تفتح الباب!دفعته متجاوزه اياه دون السؤال عنه، الترحيب به، تقبيله، احتضانه او حتى جمله بسيطه مضمونها كيف الحال و اردفت: كنت نايم و لا ايه يا عين امك؟و بنظره خاطفه على غرفه النوم اضافت: و فين السنيوره مراتك و لا ملهاش نفس تقابلنى!ليجيبها بضجر و قد سأم طريقتها الهجوميه حقا: و هى يعنى كانت تعرف انك جايه؟لتنظر اليه بنظره احتقار و هى تقلل منه هاتفه: دافع عنها يا اخويا دافع، ما هى قدرت تلمك في جيبها.ليستهزء هو الاخر بضيق: دا على اساس انى شويه لب و لا باكو لبان...ثم تنهد و اضاف: خير يا امى، جايه ليه الساعه دى؟ايه يا معتز السؤال دا، ماما تنور البيت في اى وقت.قالتها هبه بابتسامه واسعه و هى تدلف مرحبه بحماتها المصون و التى فاجأتها برد فعلها الغير متوقع: ايوه طبعا انا اجى في اى وقت دا بيتي قبل ما يكون بيتك.فابتسمت هى بتكلف و قد عجزت عن الرد امام جبروت المعامله لتفاجأها بطلب اخر او بالاحرى امر اخر: انتِ واقفه ليه كده ادخلى حضرى العشا انا جعانه.اتسعت عين هبه لبرهه و قبل ان تنطق اقترب معتز منها يضم كتفها اليه مبتسما: معلش يا ماما، احنا خارجين هنتعشى بره.لتشملهم نجلاء بنظره من اعلى لاسفل و قد بدأ طبعها السادى بالسيطره عليها و خاصه و هى ترى لمعه السعاده في عين كلا منهما و تمتمت بسخط: ليه يا حبيبى هو انت فاكر نفسك هتفضل عايش في العسل طول العمر.ليرتدى معتز قناع استهتاره رغم ان يده التى ضغطت كتف هبه اكثر وضحت لها كم تعانى روحه و هتف بضحكه لامباليه: هو انا لسه عشت في العسل دا شهر العسل بتاعنا هيبدأ لسه، من دلوقتى.عقدت ما بين حاجبيها بغضب صائحه به و قد اخذت وضعيه الهجوم مجددا: افهم من كده انك بتطردنى يا معتز!دفعت هبه يده عنها و اقتربت منها خطوه و اجابت مسرعه كأنها تعتذر: لا طبعا يا ماما زي ما تحبي انتِ.ثم نظرت لمعتز معتذره بهدوء لكسر كلمته و تمتمت: خلينا نأجل احنا خروجنا يا معتز، الايام قدامنا كتير.و ابتسامه بتكلف مره اخرى و تركتهم دالفه للمطبخ و قد بلغ تحملها اقصاه بينما ضحكت نجلاء: اهو ده اخرها خدامه تخدمك و تخدمني و بس.و هنا صاح هو بها رغم حرصه على الا يصل صوته لزوجته بالداخل: هبه مراتى، لا هى خدامه ليكِ و لا حتى ليا، و واجب عليا انا و انتِ نشيلها على دماغنا من فوق.لتصيح مقابله و لم تهتم هى بأن يصل صوتها او لا و قد افقدها عقلها ان تجده يجابهها هكذا: في ايه يا معتز هى البت دي عامله لك سحر، دول هما يومين ثلاثه اللي قضتهم معاها!ليُجيب هو الاخر و قد فقد حرصه و لسبب لا يدرى مصدره اصابه غضب جعله لا يتقبل كلمه بحقها: اسمها هبه يا ماما و انا مش هسمح ابدا بأى تجاوز في حقها و طول ما انتِ في البيت هنا يا ماما لازم تحترمى صاحبته،.ثم بأعلي ما يملك من صوت صاح باسمها: هبه تعالى.لتأتيه مسرعه و قد وصلها صوتهم العالى و تبينت بعض كلماتهم و لكنها ادعت عكس ذلك لتجد معتز يطالعها بحده متمتما: ماما افتكرت ان عندها مشوار ضرورى و هتمشي ماتتعبيش نفسك علشان هنخرج، مش كده يا ماما برده؟!احتدت عينها و هى ترمقه بنظره متوعده و قد دفعها بقوته الجديده دفعا تجاه غضبها عليه و نهضت هاتفه بحده تعجبت هبه ان تراها في عين أم: ماشى يا عريس افرح براحتك خالص.و بمجرد ان خرجت استدار معتز ناظرا لهبه باعتذار يحتضن وجهها بكفيه و قبل ان يتحدث رفعت هى ذراعيها تحتضنه بقوه ليس لانها تريد و لكن لانها مدركه انه في أمس الحاجه اليها الان و ان اخفى هذا.و بالفعل تنهيده بسيطه فارقت شفتيه قبل ان يدفن وجهه في تجويف عنقها لحظات ثم مسد رأسها بحنان و هو اكثر من يفتقده و ابتعد مقبلا جبينها فأنارت ضحكتها وجهها ليبتسم لها تلقائيا فغمزته بخبث متسائله: اوعى تكون ضحكت عليا و مش هتخرجنى!فأمسك بيدها و اجلسها و جلس بجوارها ليعطيها وعدا خرج بعد اقتناع تام منه ان تلك حقا هبه حياته الذى لن يبخسها حقها ابدا: هنخرج و مش النهارده بس لا، هنسافر نقضى شهر العسل بتاعنا في المكان اللى تحبيه.ثم اضاف بمكر و ان كان يمازحها: اعتقد اننا محتاجين يومين بعيد عن الناس كلها، انا و انت و بس يا جميل.لتضحك بملأ صوتها و قد هدرت امواجها بسعادتها باهتمامه و هتفت: و انا معاك مكان ما تودينى، كفايه انك جنبى.لينظر اليها قليلا قبل ان يتمتم بشعور حقيقى بالذنب: انا اسف.لتنفى برأسها اعتذاره تخبره انه ليس بحاجه ان يفعل ابدا و لكنه اضاف موضحا: انا اسف لانى زعقت فيكِ، لانى غلط و كابرت و صرخت عليكِ.لتمسك يده مسرعه تقبل باطنها بحب خالص لتهمس بعشقها السرمدى: انا مابقدرش ازعل منك يا معتز، انا عارفه انى بضغط عليك بس انا و الله مش بقصد اضايقك انا بس حابه نبقى احسن سوا، انا و انت، احنا الاتنين محتاجين نتغير.ثم ضحكت بحماس مضيفه: ايه رأيك نتفق اتفاق!همهم مستمعا لها و هو ينظر لعينها الضاحكه بتيه غريب لتردف هى: انا كنت مؤدبه قوى يا معتز لدرجه ممله، كنت دايما ساكته و مبهزرش كتير و عمليه زياده عن اللزوم و الخ الخ، و من الواضح ان انت كنت العكس، كنت قليل الادب قوى قوى يعنى،ليقاطعها مقهقها بملأ صوته لتشاركه ضحكته قليلا قبل ان تتزمر هاتفه: سيبنى اكمل.وضع يده على فمه و اومأ برأسه موافقا مشيرا لها بيده لتُردف ففعلت: كنت بتتكلم كتير و تضحك و تهزر طبعا و تكلم دي و دي و مش عملى اطلاقا و ال..ليقاطعها مجددا مقلدا صوتها: و الخ الخ، تبعها بضحكه طويله مستمتعا بعفويتها في الحديث بعيدا عن نصائحها بأسلوب عملى بحت.ضم كتفها لصدره الذى اخذت تضربه عده مرات بنزق لتستند بالاخير عليه ليردف هو ما ارادت قوله: انتِ بقى عاوزه نبقى مكس، انتِ تخلينى محترم شويه، و انا اساعدك تنحرفى شويه،و بأوضاعها الغريبه و تقلباتها الغير معتاده فاجأته بترك عفويتها لتتلبس دور الميوعه مستنده بكفها على صدره رافعه رأسها اليه بدلال لتهمس بنبره مغويه: بالظبط كده انا عاوزه انحرف.احتضنها بقوه اكبر و قد لامست وتر رجولته ببراعه ليهمس بالمقابل مستفزا اياها اكثر: و انا اللي كنت فاكرك مؤدبه طلع عندك استعداد للانحراف بس محتاجه اللى يوجهك،لتضيف بخبث و قد اتقنت دورها باحترافيه لتدهشه اكثر: و اعتقد مش هلاقى افضل منك يوجهنى.ليقترب ببطء كهجوم اسد على فريسته و الفريسه الان غزاله جامحه: دا انتِ جيتِ في ملعبى.ضحكه خفيه، نظره راغبه ثم لقاء شفاه وضح ما يريد كلاهما قوله بصمت، و رغم قوه و جموح مشاعرهم الظاهره كان كلا منهما يخاف القادم.هو سعيد معها و هذا يقلقه، احترامها اللامتناهى له، ودها، حنانها، اعتزازها به و اشعارها له انه اغلى و انجح و افضل من بحياتها.احساسه الدائم بحبها، و خوفها عليه، كل هذا جديد عليه، لا يعرفه و لم يختبره من قبل و يخاف ان يفقده، و عقدته تربكه فماذا ان تعلق بها و فقدها!ماذا ان اعتاد على وجودها و تركته!ماذا ان احبها و تخلت عنه!ماذا ان فعلت كما فعل اقرب الاقربين اليه من قبل!و بينما هى كانت تستقبل جرعات خوفه متكامله كان هو يستقبل من حنانها و احتوائها ما أثار قلقه اكثر رغم رغبتها في منحه طمأنينه وجودها بجواره للابد.على الرغم من قلقها هى الاخرى، الى متى سيستمع اليها!الى متى سيتقبل تحكماتها و نصائحها و رغبتها باصلاح احواله!و كل يوم تكشتف ان اخراجه من ظلام افكاره ليس بأمرا يسيرا.و الان حضن طويل اطمئن فيه كلاهما غير واعٍ بما سيحدث غدا.اجتمعت الفتيات بمنزل المزرعه كلا منهما شارده في امر حياتها، و كلٌ يبكى على ليلاه و هذا وضع لا تتحمله سلمى ابدا، فصاحت بغيظ: وحدووووووووووه.فردد الجميع خلفها بابتسامه: لا اله الا الله.فجلست بحماس تحاول جذب انتباه الجميع و بالفعل اعتدلت الفتيات بانتباه لها: بما ان عاصم مش موجود، و احنا بنات في بعضينا ايه رأيكم ننحرف بسرعه قبل ما يرجع و يعلقنا؟و كان اول من استجاب لها شذى التى نهضت موافقه بحماس و فور ان فعلت نهضت سلمى هى الاخرى تجبر البقيه على النهوض،دقائق بعدها في الغرفه، اعتراض و اجبار، كسوف و مشاكسه ثم النتيجه، خمسه فتيات في ثوب الانحراف، تنظر كلا منهما لما ترتديه الاخرى باحراج و ضحكه.جلسن بصمت مجددا قبل ان تطلق سلمى ماردها المجنون متغاضيه عن حزن كلا منهن بما فيهم هى، ثم حمحمت قليلا لجذب الانتباه قبل ان تمتم بصوت اجش مقلده المغنيه الاصليه: بتناديني تاني ليه!لتنظر كلا منهما للاخرى بابتسامه بلهاء لتكن حنين اول من تدفع بحزنها جانبا في لحظه هوجاء تردف: انتِ عاوزه مني ايه!لتتبعهم مها و تسحب مقعد خشبى جانبى و تبدأ بالطرق عليه بنغمه الاغنيه لتعود سلمى للبدايه مجددا: بتناديني تاني ليه!لتقول حنين مجددا: انتِ عاوزه مني ايه!ثم تتوقف كلتاهما موجهه نظرها لجنه التى حدقت بما يرتدوه من ملابس شبه فاضحه، يفعلوه ثم اتسعت ابتسامتها تدريجيا لتشاركهم بحماس: ما انتِ خلاص حبيتِ غيرى!لتتعالى نبره سلمى تكمل: روحي للي حبتيه!دلفت سياره عاصم للمزرعه و بجواره فارس الذى قرر انهاء الخلاف بينه و بين حنينه و عقابها على ما قالت بل و عتابها على كيف اهداها تفكيرها لامرا كهذا، ترجل عاصم فعاجله فارس: هستنى هنا، شوف الوضع فوق انت و ابعت لى حنين.اومأ عاصم موافقا و تحرك للاعلى غير مدرك اطلاقا لما ستراه عينه بل و تسمعه اذنه بعد قليل، و بمجرد ان تجاوز الباب الداخلى استمع لطرقات عشوائيه و صوت نشاذ بل و ضحكات ماجنه فتقدم بهدوء و فضول لتتسع عينه بدهشه حقيقيه محملقا بما تفعله شقيقاته المبجلات و الاكثر عجبا زوجته الخجول، و الان يبدو كأنه دلف لمنزل عاهرات بالخطأ و يا ليته خطأ.انتهت فقره الضحك الهستيرى التى اصابتهم جميعا لتعاود سلمى الغناء مجددا و تُناسق مها معها بالطرق: انسي غدرك و القسيه! و لا حبي اللي راح ضحيه!اسرعت مها بوتيره الطرق لتندفع شذى للمنتصف تحرك خصرها بدلال مع حركات عشوائيه بيدها و خصلاتها تتطاير معها لتنفجر الفتيات ضحكا بينما يفرغ عاصم فاه بصدمه و هو يرى الجانب المختل منهم ليستند على حرف الباب يتابعهم،.ليتحشرج صوت حنين بالضحك قبل ان تردف: و لا الغريب اللي بدلتيه عليا، و لا الشوال اللي حبتيه عليا، هنبهدل في بعضينا ليه، يلا روحى للى حبتيه.تراجعت مها عن الطرق السريع و توقفت شذى عن الرقص لتردف جنه بهدوء و ابتسامتها تنير وجهها: ياسلام منك يا سلام، خلتيني ماعرفش أنام، يا سلام منك يا سلام، خلتينى ماعرفش انام،.لتُحرك سلمى كتفها مأزره و تزداد سرعه مها في الطرق مجددا لتتمايل شذى مره اخرى و تصفق حنين برنين لتردف جنه بضحكه صاخبه: دورتيني ورا الايام، دورتينى ورا الايام، قال عينك في عينه و بتلاغيه، شوف البت،و صمتت تضحك بانفعال بينما اندفعت سلمى لجوار شذى تتمايل معها برعونه و هى تردف بغنج زائد: يلااا، روحى للى حبيته، روحى.اللهم صلى على النبى، قلبتوا البيت كباريه!صاح بها عاصم لتنتفض الفتيات بجزع و كلا منهما تحاول اخفاء ما يمكن اخفاؤه و بدأت كلا منهما تختبئ خلف الاخرى و بالتأكيد كانت مها في مواجهته و جنه في الخلف.ليعاود هو صياحه بحده اكبر: ايه اللى انتم بتهببوه ده!ثم اشار بسبابته على ملابسهم من اعلى لاسفل بسخط متهكما: و ايه اللى عملينه في نفسكم ده!و حاد بعينه عنهم لشذى ليردف: دا منظر طفله في ابتدائى!ليشيح بيده منهيا كلامه اخيرا بغضب: دا انتم تفتحوا بيت دعاره بقى.تراجعت مها بهدوء من امامه لتقف خلف سلمى و التى كانت تليها في طابور التأديب لتحمحم سلمى محاوله التحدث و لكنها تعرف انه لن يسمعها و خاصه انه مازال متخذا موقفا منها لعدم مشورته بأمر العمل و لكنها جمعت كل تمردها لتهتف مقابله: يا عاصم احن...ليرفع سبابته في وجهها لتبتر كلمتها ليستخف بهم مجددا: عاصم ايه بقى يا مهندسه يا محترمه، لما المتعلمين يعملوا كده الجهله يعملوا ايه!و هنا شعرت جنه بدلو ماء بارد يُسكب عليها، و لنقصها اعتقدت انه يقصدها باهانته فتحركت متقدمه منه لتعقد ذراعيها امام صدرها واقفه امامه هاتفه بحزن: تقصد اللى زيى، صح!نظر اليها من اعلى لاسفل ليضغط باطن وجنته يحاول تمالك ما اصابه و اشار اليه بعينه هامسا: ايه اللى انتِ لبساه ده؟و اختفت لمعه الحزن ليحل محلها اتساع عين باستيعاب، احمرار وجنتيها بخجل قاسى، و سرعه في الاداء هربا من امامه و لكن يده كانت لها بالمرصاد ليوقفها بابتسامه جانبيه مشاغبه، لترتجف اجفانها بتوتر بالغ، بينما نظر هو لحنين يخبرها: جوزك مستنى تحت.ثم لا تعرف ماذا حدث لتجد نفسها في غرفته و يغلق هو بابها عليهم، هو الان معها، بمفردهم، هو و هى، هو في اقصى درجات استمتاعه و هى شبه عاريه،.قميص اسود قصير، خصلاتها البندقيه مرفوعه بعشوائيه بمشبك صغير، كحل لامع يحاوط ابريقها العسلى ليمنحه لمعان خاص لقلبه، و شفتاها ملونه بلمعه شيكولاته منحتها جاذبيه مهلكه و لكن ما جذب انتباهه حقا سلساله الفضى الذى زين عنقها ليستقر قمره بين عظمتى الترقوه ليجعله يعض شفتيه بعنف متمنيا و ما اجمل امنتيه و ما اصعبها!و مع صمته، تأمله، و تعبيرات وجهه كادت تفقد وعيها خجلا و هى تحاول ضم جسدها بيدها مرتبكه مما زادها فتنه بعينه ليقترب منها بجديه متمتما: انا مش قولت قبل كده انى مش هسمح ليكِ تقللى من نفسك تانى لاى سبب!،ثم اضاف متذكرا الوضع الذى رآهم به: ثم انك كان المفروض تمنعيهم مش تعملى زيهم.لتكن اجابتها متردده رغم انها محقه و هو يحاوطها باستماته داخل حصونه السوداء التى لمعت بوضوح معبره عن مشاعره: احنا معملناش حاجه غلط، و انت مكنتش موجود، كنا بنضحك و بنهزر و بنحاول نبعد شويه عن جو الزعل اللى في حياتنا، لكن لو فرحتنا تضايقك دى فيها كلام تانى.اقترب منها خطوه اخرى يزيد من حصاره لها ليجيب بصدق مشاعره الان: انا مش عاوز اى حاجه غير فرحتكم،.و بحركه مفاجئه تملك خصرها لتشهق و هو يصدمها بصدره لترفع عينها تقابل حصونه المتطلبه و انفاسه تندمج بأنفاسها ليهمس بعدها: انتِ جاهله فعلا،.لترمش عينها بتيه و يدها تتمسك بقميصه لااراديا لترتفع يده تلامس قلب سلساله على عنقها لتغلق هى عينها و نبضاتها تكاد تتوقف من فرط ما يعتل قلبها الان من شعور من اروع ما يكون و اقسى ما يكون لتحط شفتاه محل يده قبل ان يستند بذقنه على كتفها ليهمس و نبرته تحمل بحه رجوليه بعثرت انوثتها: جاهله بيا انا يا جنتى.و ابتعد في حركه سريعه يبغى السكون بين شفتيها و لكن كان للطارق رأى اخر لتنتفض هى بين ذراعيه مبتعده عنه تلتقط انفاسها التى احتكرها بأنفاسه بينما هو تأفأف بصوت عاالى و هو يتحرك بغضب تجاه الباب ليفتحه صارخا: اييه؟ليجد حنين تناظره بتعجب قبل ان توضح بهدوء: فارس عازمنى على الغدا قولت اقولك علشان متقلقش.احتضن وجهها بكفيه صائحا و هو يكز على اسنانه: مش هقلق يا حنين، دى تانى مره يا حبيبتى، تانى مره.لتعقد حاجبيها ببلاهه متعجبه و قبل ان تتسائل دفعها عاصم لتغادر هاتفا: امشى يا حنين، امشى.و بمجرد ان استدار عاصم تحركت جنه مسرعه تنادى باسم حنين لترمقه بنظره خاطفه قبل ان تتركه يتلوى بنار لهفته للقاء حار معها ليدفع هو الباب خلفها بعنف.عيناكي وحدهما هما شراعيتيو مراكبي و صديقتي و مساريإن كان لي وطنا فوجهك موطنيأو كان لي دارا فحبك دارييا أنتِ يا سلطانتي و مليكتييا كوكبي البحرية يا عشتاريأنى احبكِ دون أي تحفظاأعيش فيكِ ولادتي و دماريأني اقترفتكِ عامدا متعمداوان كنتِ عارايا لروعة عاريماذا أخاف و من أخاف.نزار قبانىهتفضلى ساكته كده!تمتم بها فارس و هو يحدق بتلك التى نكست وجهها ندما على ما تفوهت به و رأه هو بوضوح ليقرر اعفائها من العقاب و لكن لابد من العتاب و عندما لم تجيبه اردف: ممكن تقولى اسفه، متزعلش منى، انت عندى بالدنيا و حقك عليا،ثم مال عليها بعبث مكملا: بحبك..رفعت عينها اليه ليرسل اليها غمزه سريعه قبل ان يهمس: يمكن افكر اسامحك.لتعاجله و قد اوشكت دموعها على التساقط: فارس اانا..ليقطع حديثها متحدثا هو بجديه و صدق: انتِ حبيبتى يا حنين، و لاخر نفس فيا هفضل جنبك و مفيش قوه تقدر تبعدنى عنك، عاوزك تفهمى ده كويس.فرت دموعها و ندمها يكاد يفتك بها فضغط يدها بكفه يمنعها ثم اضاف ممازحا: بسببك اضطريت اعمل زعلان و مكلمكيش طول اليوم، ينفع كده!نفت برأسها ليبتسم مغيرا مجرى الحديث، يسألها عن احوالها، ماذا فعلت، يشاكسها و ينول ضحكتها اخيرا، و يمطرها بكلمات غزل اخجلتها حتى نهض قائلا: استنينى ثوانى.و قبل ان تتسائل تركها و رحل ليعود بعدها بدقائق و بيده ورقه ما، جلس جوارها يراوغها قليلا قبل ان يُعطيها اياها، تفتحها ببطء لتجدها رسمه لفنان مشهور تضم اب و ام و طفلين،.ترتدى العائله زى واحد بنفس اللون، الام جالسه و ينام الاب على فخذها يد تعبث بخصلاته و يد تحاوط صغيرها الذى احاط عنقها من الخلف ليميل برأسه مقبلا وجنتها، و تجلس صغيرتها على صدر والدها، و عينه معلقه بنظره عشق خالصه بزوجته لتقابله هى بأخرى مثلها.ضحكت حنين بسعاده فهو لامس احب الاشياء لقلبها و قبل ان تعلق اشار هو على الرجل متمتما بفخر: دا انا.لتتسع ضحكتها قبل ان يشير على الزوجه مضيفا: و دى انتِ.تعلقت عينها بوجهه و هو يبتسم بحماس موضحا بابتسامه مشاكسه: و دول، محمد و عائشه.عقدت حاجبيها لحظه قبل ان تبتسم بعشق ممسكه بيده الذى كان يجوب بها الرسمه، ليضم كفها بكفه متمتما: انتِ كنتِ حلم عمرى، بس انا حلمى مش هيكمل غير بطفل منك يا حنين.لتنظر للصوره قليلا ثم تعيش معه في خياله بمستقبلهم معا مكمله: طفل نصه انا و نصه انت.و صمت كلاهما لحظات ليحلو بينهم الصمت و كلا منهما مدركا ان الاخر يفكر به و يعيش في خياله معه ليعود فارس يفكر بصوت مسموع: بنوته شبهك، اشم فيها رائحتك، اشوفك في لمعه عينها، تلبس زيك، و احبها قدك،مع اتساع ابتسامتها اضاف: و راجل يبقى ظهرك في غيابى، يغير عليكِ، يهتم بيكِ، و يحبك..صمت لحظه مما جعلها ترفع رأسها اليه لتلمع رماديه عينها بسخاء حبها له لتهدر كل خلاياه بحبها قبل ان يعبر عنها صريحه: بس انا متأكد انه عمره ما هيحبك قدى.و هل هناك شعور اجمل من معرفه ماذا يعنيه وجودك بحياه احدهم!ارادت التصريح عن مشاعرها، ارادت الافصاح عن كم ما تحمله له من حب.كانت تعتقد ان التعبيرعن حبها له امرا يسيرا و لكن يشهد لسانها ان الحروف على طرفه تتبعثر و كل كلمات اللغه تتراجع عندما تحاول فقط ان تصف كلمه عشق واحده.و مع صمتها اردف و هو يرى بعينها ما عجز لسانها عن قوله، يشعر بأنفاسها و يكاد يرى اضطراب نبضاتها: نفسى اشوف معاكِ عيلتى الصغيره دى، عيله بيكِ و معاكِ و ليكِ.و انهى كلامه بطلب هو كل ما تتمناه نفسه: اوعدينى يا حنين ماتفكريش تبعدى عنى تانى ابدا، اوعدينى تفضلى معايا و نبنى حياتنا و بيتنا سوا، اوعدينى نحقق احلامنا يا حنين.و بكل ذره حب وعدته وعد لن تخلفه ابدا و ان كلفها الامر حياتها، ليطمئن كلا منهما بوعد الاخر، و يتكأ كلا منهما على كتف الاخر و حب كلاهما اكبر من اى شئ و كل شئ، و لكن هل للقدر رأى آخر؟!مهما تجاوز الجميع حزنك، بل و مهما وقف الجميع خلفك كان او معك يبقى حضن الام و حديثها طمأنينه من نوع اخر.جلست على فراشه تطوى ملابسه و ترتبها و ان جئنا للحق فهى كانت تنتظره، تجاوزت الساعه منتصف الليل و مازال لم يأتى، نام والده و كذلك شقيقه و بقيت هى بانتظاره قلقه.حتى غفت مكانها رغما عنها و لم تفق سوى على يده يحرك كتفها بهدوء، نهضت بفزع و بمجرد ان رأته اعتدلت جالسه لتُمسك بيده تجلسه امامها و قبل ان تفعل شيئا تمدد هو على الفراش ملقيا رأسه على صدرها لتضمه بقوه مدركه ان صغيرها المدلل فقد شيئا كان يرغبه بقوه، لتتسائل بهمس حانى: مالك يا حبيبى! ايه اللى مضايقك كده؟و كعادته يترك اقنعته امام حنانها رفع يده مشيرا على قلبه متمتما بحزن: هنا، في هنا وجع يا ماما.لتدرك والدته ان الامر مسأله قلب فابتسمت بهدوء لكى لا تثير غضبه او ربما اعتقاده انها تسخر منه و اخذت تعبث بخصلاته متحدثه كصديقه لا كأم: و هى فين؟اغلق عينه يلتهم كل جرعات حنانها و اجابها ساخطا: اتجوزت.لتتسع ابتسامتها و هى تجذب خصلاته بلطف مازحه: و هو انت هتسمع كلام شاديه و لا ايه!فتح عينه محملقا بها قليلا يسألها بنظراته و عقده ما بين حاجبيه عن مقصدها لتغنى ضاحكه: ان راح منك يا عين هيروح من قلبى فين..ليضحك بصخب غير متوقعا رد هكذا من والدته ليردف موضحا احساس قلبه حقا: دا القلب يحب مره ميحبش مرتين.لتأتيه اجابتها سريعه و هى تضربه بخفه على موضع قلبه: هيحب يا مازن.لتختفى ضحكته تدريجيا و هى تكمل: مش كل حاسه بنحسها حقيقه، اوقات بنحس اننا متعلقين بأشخاص و بعد فتره بنفهم انه كان مجرد اعجاب، انبهار بشخصيه او ردود افعال و كلام منمق، لكن ده ميبررش ابدا انك تتعب قلبك كده يا حبيبى.صمتت قليلا تحاول اتخاذ القرار المناسب فيما تفكر بفعله و قبل ان تتراجع او تتردد هتفت: ساعد نفسك و انسى يا مازن.ليتهكم هو بضحه هازئه: انسى ازاى؟و تأتى المفاجأه منها قويه: تتجوز.لينهض بحركه سريعه محدقا بها ببلاهه قليلا ثم ان يردد خلفها بعدم استيعاب: اتجوز!لتضم كفه بود موضحه مجددا: الحياه مابتقفش عند حد، انت راجل الف مين تتمناك، ناجح في حياتك و تقدر تفتح بيت، ليه متديش لقلبك فرصه تانيه؟و صمتت تاركه اياه يفكر و قد كان يفعل بالفعل، والدته محقه،حياته لن تقف لمجرد انه تمنى احداهن و فقدها،.محقه والدته و لن يفكر اكثر فابتسم مانحا اياه الجواب مباشره مما دفعها للدهشه قليلا: انا موافق يا ماما، شوفى العروسه اللى تعجبك و انا موافق.حدقت به تتبين صدقه و عندما تأكدت تهللت اساريرها و قد توقعت ان الامر اكثر صعوبه و لكنها و جدت العكس تماما و رغم علمها انه يهرب، لم يفكر و لم يزن الامر بل و متأكده انه مازال لا يستوعب حقا ما هى مسئوليه الزواج، قررت ان تخاطر لاجل ما ترغب بفعله فحمحمت قائله بحذر: العروسه موجوده.ليرفع احدى حاجبيه من سرعتها في الاختيار و كأنها كانت تنتظر موافقته ليدرك انها كانت ترتب للامر منذ زمن فتسائل و قد اعتدل يناظرها بتمعن: مين!و اجابتها صريحه: بنت خالك، حياه.ليصمت قليلا يتذكرها فمنذ ان سافر لينهى دراسته في الخارج و لم يراها يتذكر انها كانت طفوليه مندفعه و اطلق عليها دائما لقب المصيبه فعبر عن دهشته بضحكه صغيره متمتما: بس حياه لسه صغيره!لتربت والدته على كتفه مبتسمه لابتسامته موضحه بغمزه: مش صغيره و لا حاجه حياه عندها 22 سنه.و مر بعض الوقت لتسرد له تفاصيل عن دراستها و شخصيتها و احلامها الذى وقف والدها امامها ليهتف مازن في النهايه مستسلما لرغبه والدته فهى او غيرها لا فارق فلن تمثل احداهن اى فارق بعد هبه او ربما هكذا كان يظن.و بعد مرور يومين في هدوء بعيدا عن كل ما يحدث، عادوا للمنزل ليعود كلا منهما لحياته مضطرا لمواجهه ما يمر بها.استيقظت جنه من غفوتها القصيره على صوت طرقات على باب غرفتها لتنهض مسرعه لتجد عاصم مستندا على الباب بابتسامه جانبيه تزين شفتيه و قبل ان تسأله او يبرر جذب يدها ليتحرك معها باتجاه غرفه المكتبه ليدفعها و يدلف خلفها.استدارت ناظره اليه بتعجب لتتسع ابتسامته مع البلاهه التى كست ملامحها ليتحدث بهدوء مشيرا على المكان من حوله: من النهارده تقدرى تدخلى المكتبه وقت ما تحبى و تقرأى براحتك بس اهم حاجه تحافظى على الكتب، اتفقنا!لحظات تحاول فيها استيعاب ما قال لتسترجع سريعا ما قال من قبل بعد ان رأها هنا اول مره لتعقد ذراعيها امام صدرها ناظره اليه متسائله بعتاب: و دا علشان مابقتش خدامه.ليحاوطها بحصونه السوداء قليلا قبل ان يقترب منها خطوه منحيا بجذعه امامها ليتخبط ابريقها العسلى و تتراجع عن استكمال حديثها متمتمه بتهرب: اتفقنا.فاعتدل واضعا يديه بجيب بنطاله و قد اعجبه تراجعها، ماذا يفعل فطبيعه ابن الحصرى المربكه لن تتغير، حوار قصير و توضيح سريع عن ترتيبه لكتبه، ثم تركها و خرج مانحا اياها فرصه التحرك كيفما تشاء و لاول مره يترك لاحدهم فرصه العبث بأغراضه و للعجب مستمتعا بهذا.و مهما حاولت وصف مدى سعادتها الان و قد عادت لعادتها السابقه و التى لا يوجد في حياتها ما يضاهيها اهميه لن تستطيع، بحماس كبير انطلقت تبحث عما يجذب انتباهها و قد فعلت، ابتسامه لا تفارق وجهها، المقعد امام مكتبه، لتبدأ في قرائتها، قبل ان تنتبه لمجلد منمق موضوع على جانب المكتب يعلوه اسم عاصم بخط مزخرف لتحاول تجاهله و لكن فضولها كان له الغلبه.نظرات متوتره لباب الغرفه المغلق، تردد و رجفه يد ثم تتابع الصفحات امام عينها لتقرأ ما يكمن بقلب زوجها الذى اتقن الاخفاء، كلمات خطتها يده عن مكنون نفسه، احرف تعبر عن وجود شخص اخر خلف الواجهه القاسيه له، شخص اخر يهتم، يفكر، و الاسوء يعشق.لتستقر يدها على احد الصفحات و تمر عينها على كلماته،.شعور ان تجد روح اخرى تُكمل ما فيك من نواقص، شعور ان تعشق وجودها داخلك و ان كان يؤلم، شعور اختبره للمره الاولى بمثل هذا العنف و هذه اللذهلتتسع عينها متعجبه ان تكن تلك كلماته هو لتداعب يدها الصفحات مجددا لتستقر على اخرى لتتحرك عينها بنهم متابعه سطورها،.معى و بين يدى بل و كُتبت على اسمى و لكنها بعيده بأميال، اقتربت ما اقتربت و حاولت قدر ما حاولت و لكن كلما اتفائل الوصول اجدنى راكضا خلف سراب، فحقا كم واعر هو الطريق لقلبك.سأتذكر دائما انكِ الاستثناء الوحيد بحياتى، لم اشهد مثلك قط، و لم يصل احد لاقصى العمق بداخلى سواكِ، و انى مهما رأيت و مهما حاولت لن اجدك في غيرك بل سأكون غبيا ان حاولت ذلك، سأظل احبك دائما في داخلى، ربما علاقتى معك سيئه و ربما يحاوطها فشل و لكنى سأظل احبك حتى و ان كنت لا اعرف كيف افعل، اعتذر كثيرا لانى لا اعرف حتى كيف احبك.و اخرى و اخرى و هى تتعجب كم ما اظهره من مشاعر مدركه تماما انه لا يحق لها قرائتها و لكن فضولها منعها ادراك ذلك و رغم شكها من اسلوبه و تلميحاته انها هى المقصوده كذبت، حتى رصدت عينها تلك الكلمات و التى كانت اكثر من واضحه لقلبها،جنه،جنتى الصغيره، لا يوجد عاقل يرفض دخول الجنه و لكن ما بال من رفضت الجنه دخوله!حُرمت علىّ و كأنها مسجد مقدس و انا سكير، و ان جاءنا للحق فأنا سكير بحبها و مدنس بخطايا عشقى لها،و هى انقى من ان يلطخها قاسى، متحجر القلب مثلى بخطيئه حبه و ان كنت صادقا و الله يشهد انى صادقااغلقت المجلد بأصابع مرتجفه و عينها تلمع بدموع تعجبها، خوفها بل تجاوز الحد لفزعها.ماذا تشعر تجاهه، لا تعلم تحديدا!ما الذى يرغبه قلبها، ايضا لا تعلم!و لكن ما تعرفه جيدا انها تحتاجه كما لا يفعل احد.نهضت عن مكتبه هاربه لغرفتها و قلبها يختبر انتفاضه و نبضات يعرفها لاول مره،انتفاضه احيت كل هواجسها دفعه واحده و متى ستُخمد، ايضا لا تدرى!فوجئ مازن في اليوم التالى بوالدته تخبره ان ميعاد عقد قرانه قد حُدد، ليثور متعجبا و خاصه ان ميعاده قريبا بل قريبا جدا فما الذى يعينه اسبوع من الوقت.و بعد محاوله نقاش مع العائله وجد والدته متمسكه بالامر كما لم تفعل في اى امور حياتهم و والده يوافقها باستماته و امام كلمه كبير العائله خضع مازن للامر الواقع، لزواج بعد اسبوع واحد على فتاه لم يقابلها منذ سنوات.جلس فارس بجوار اخيه الذى صُدم من مدى سرعه الامر الغير معقوله و ربت على كتفه متسائلا: بتهرب بجوازه يا مازن، هى دى بقى حياتك اللى مش عاوز حد يتدخل فيها؟ليستهزأ مازن دافعا يد فارس عنه: و هو انا كنت اعرف منين انى هتنيل بالسرعه دى!ليعاجله فارس بشبه غضب فهو مدرك تماما لسبب تخبط شقيقه: و لما انت مش عارف كنت بتوافق على الجواز ليه اساسا! ثم ان ماما قالتلك و وضحت كويس قوى ان الموضوع هيتم بسرعه.لينهض مازن بعنف صائحا: سرعه عن سرعه تفرق، انا كنت متوقع الموضوع هياخد سنه او اتنين.لينهض فارس بالمقابل واقفا في مواجهته متكلما بتحذير او ربما تنبيه: واضح ان بابا اخد قراره في الموضوع ده، استعد يا بشمهندس بس خد بالك كويس قوى انك ممكن تظلم نفسك و تظلمها.و تركه و رحل و هو يتعجب قرار والديه المفاجئ بل و بهذه السرعه، رغم ان العلاقات بين العائلتين ليست بمثل هذه المتانه فهو لا يعرف في اى عمر هى ابنه خاله و الان و بعد اسبوع واحد ستكون زوجه شقيقه، يا لسخريه القدر.موافقه.صرحت بها سلمى بعد تفكير طويل، ليكون امر زواجها كأى انثى عاديه.رأها احدهم، اعجب بها، قرر ان تشاركه حياته، تقدم لطلب يدها، رحبت عائلتها، بمجرد عودتها من المزرعه فاتحتها والدتها في الامر، منحوها فرصه التفكير كم ما تريد من ايام و لكنها اختصرت الامر عليهم و عليها و وافقت.استشارت قلبها رفض و اخبرها ان له ساكن اخر و ان لم يكن يناسبه، و عندما استمعت لعقلها اقنعها ان الزواج الان هو الحل الانسب فقالت قرارها رغم عدم معرفتها من المتقدم لها حتى.اقتحمت حنين و جنه الغرفه بغضب بعدما تركت سلمى الجميع بالاسفل عقب ابداءها الموافقه لتصرخ حنين بها مستنكره: اللى بتعمليه ده غلط، ازاى توافقى على انسان انتِ ماتعرفيهوش!لتجيبها سلمى بهدوء نسبى يكمن خلفه براكين ثائره مصدرها قلبها: انا موافقتش على حد، انا وافقت على المبدأ، اقابله و اعرفه و ان حصل نصيب ايه المشكله!و لان حنين مدركه لحقيقه ما تفعله شقيقتها و ان اخفت عن الجميع عاودت مهاجمتها لتمنع سلمى من تمردها و اندفعها و خاصه في مثل هذا الامر: ادى لنفسك فرصه تفكرى يا سلمى، دا جواز، لازم تكونى مستعده و بلاش قرارك يتبنى على حاجه تانيه و انتِ اكيد فاهمه قصدى كويس، انتِ حتى مسألتيش هو مين او اسمه ايه؟ليؤلمها غرورها فتستدير لشقيقتها الصغرى بانفعال و قد اشتعل عرق عنفوانها لتصرخ بلامبالاه بما تقوله: فاهمه يا دكتوره، بس اللى مش فاهماه انتِ عاوزه ايه! عاوزانى ارفض العريس و افضل احب فارس يعنى،.اتسعت عين حنين بدهشه من مدى جرأتها بينما اردفت سلمى و قد ضغطت حنين على عقد صمتها فانفرط بعشوائيه اصابت كلتاهما في مقتل: ردى عاوزانى ارفض و افضل عايشه على امل ان في يوم ابقى مراته، اتفرج عليكم بتتجوزوا و اتخيل نفسى مكانك، و لا اعيش باحساس انك سرقتيه منى، عاوزانى اعمل ايه!، اخرب عليكِ و احاول اغرى جوزك مثلا، عاوزانى افكر و ارفض الجواز ليه يا حنين!و صمت اطبق عليهم لا يُسمع سوى صوت انفاسهم المتسارعه، سلمى كالعاده تندم على اندفعها و لكنها لن تتراجع بخجل، و حنين تحدق بها بصدمه زلزلت كيانها و شعورها فاق شعور بالغيره، شعور أنّ له قلبها، فيما تتابع جنه الحوار و شهقه خاطفه فارقت شفتيها فور استماعها لحديث سلمى الذى تجاوز كل حدود المسموح لتضيف سلمى بعدها و كأنها لم تبعثر الاجواء منذ لحظات: انا دلوقتى بشتغل، وصلت لسن مناسب، و هتجوز زى اى بنت عاديه مش لازم اعيش قصه حب يعنى، عاوزه افهم بقى فين المشكله!و لم يكن ثلاثتهم فقط المنصدم بل فُتح الباب بعنف لتدلف ليلى بغضب حارق اخبرهم انها استمعت لكل كلمه قيلت لتغلق سلمى عينها و قد زاد خجلها و ان حاولت اخفاءه و قبل ان تجد الفرصه لرفع رأسها لمواجهه نقاش اخر اكثر حده شهقت و يد ليلى تسقط بعنف قاسٍ على وجهها فجحظت عينها بصدمه بينما ركضت حنين من الغرفه بعدما تساقطت دموعها عجزا فيما ارتبكت جنه لحظات قبل ان تنسحب بهدوء هى الاخرى مدركه ان ليلى ستتولى الامر بأفضل ما يكون.و بقت ليلى على غضبها بل و اطلقت حمم مشتعله لتحرق قلب سلمى علها تدرك مدى كبر ما تفوهت به: كنت فاكره انى عرفت أربى بناتى بس من الواضح انى كنت غلطانه.ثم امسكت بيدها لتجعلها تنظر لها و قد تملكها جنون الخوف على ما قد يحل بأطفالها: انتِ يا سلمى، انتِ تتكلمى بالاسلوب الوقح ده و عن مين عن اختك و جوزها، انتِ يا كبيره يا عاقله!و عندما تملك سلمى تمردها و لمعت عينها لا تدرى حقا ان كان وجعا او عنفوانا كادت تطلقه في وجه والدتها و لكن لم تمنحها ليلى الفرصه و اضافت مسرعه: مش عاوزه اسمع نفسك،.لتكتم سلمى احرفها و هى مدركه تمام الادراك ان والدتها محقه و خاصه عندما اضافت: المفروض انك تقفى في ضهرها، تقويها و تساعديها تقدر تواجه المشاكل اللى هتحصل في حياتها، المفروض انتِ تبقى اقرب واحده ليها علشان وقت ما تحتاج لحد تلجأ ليكِ، تقدرى تقوليلى اختك لو احتاجتك دلوقتى هتثق فيكِ ازاى يا سلمى!و ازدادت لذوعه كلماتها مردفه: هتثق فيكِ ازاى و هى عارفه انك بتتمنى حياتها تتخرب!نظرت اليها سلمى بذهول قبل ان تصرخ نافيه: انتِ بتتكلمى ازاى يا ماما، انا عمرى ما اتمنيت ان بيت اختى يتخرب بس...لتعاجلها ليلى و قد شعرت بانهاك روحها من غضبها الذى لم يستطع مهما حاولت اخفاء خوفها عليهم: بس ايه يا سلمى، هتقوليلى حب و غصب عنى و القلب و ما يريد،لتشيح بيدها بعدها مع صمت سلمى صارخه: دا جوز اختك يا سلمى، فاهمه يعنى ايه!نظرت سلمى اليها لترى بوضوح لمعه الدموع التى طغت عينها لتخبرها ان والدتها تخاف الفجوه التى تبنيها مشاعرها بينهما!تخشى سد الكره و البغض الذى انشأ رواسخه بين قلب الاختين، بل و تخشى انه ربما تتمنى كلا منهما السوء للاخرى.و مع ما رأت من ظنون بعين والدتها للمره الاولى تهون نفسها عليها لتتساقط دموعها تباعا ليس ألما لوجع قلبها، و لا يأسا لفقدانها، و لا حسره على ما حدث و لكن لما تشعر به والدتها، لما تظن والدتها انها فاعلته، هانت عليها نفسها لانها ب لحظه حطمت كل جدران الثقه بينها و بين شقيقتها.لتحتضنها ليلى بقوه و قد رق قلبها لتضرب كتفها ببعض العنف هاتفه بحنان: بتتعبى قلبك ليه يا سلمى!و لم تجد سلمى بد من الصمت ففعلت و ظلت ساكنه للحظات حضن والدتها،ذلك الحضن الذى تستمد منه قوتها مهما كانت هى ذاتها قويه، تستمد منه دعم قلبها، روحها و نفسها، ذلك الحضن الذى تشعر فيه امها بألمها دون حديث.فوالدتها بحر مشاعر فياضه تغرق به و ما اجمله من غرق، فهي السند و القوه لهم وقت حزنهم رغم انه اكثر اوقاتها ضعفا، فحضنها الثرى مع ابتسامه شفيتها ترسم مثلها على شفتى صغيرتها.ابتعدت سلمى عنها بعد دقائق و قد اخذت قرارها النهائى معبره عنه ببعض الخجل و ان اخفت معظمه: انا بتمنى لحنين السعاده من قلبى يا ماما، زعلانه عليها هى و فارس، نفسى الامور تتصلح و حياتهم تستقر بس غصب عنى بفتكر اللى كنت بتمناه انا دائما،لتقاطعها والدتها بحذر متسائله: علشان كده كنت بترفضى العرسان، و لنفس السبب برده وافقتِ المره دى!اومأت سلمى موافقه فربتت ليلى على ركبتها بود و اضافت بحزم: و ناويه على ايه دلوقت!اخذت نفسا عميقا تفكر لحظات ثم هتفت بثقه و قد عاودها تمردها و قوتها: انا موافقه اقابل العريس يا ماما، و اللى فيه الخير يقدمه ربنا.لتبتسم ليلى لتمنحها بعضا من الراحه لتتابع حديثها: مش هتسألينى مين؟فهزت كتفيها بلا معنى فأجابت ليلى: دكتور امجد.مين امجد ده!صدرت منها بتعجب صريح فابتسمت ليلى و هى تجيبها موضحه، دكتور مخ و اعصاب، يعمل مع والدتها بالمشفى، يكبرها بعده اعوام، ناجح و مثابر و محب لعمله، رأها يوم دلفت لمكتب والدتها بلا استئذان، اثارت اعجابه، تحدث مع والدتها، طلبت منه بعض الوقت حتى تستقر ابنتها فيما ستفعله بحياتها، حادثت زوجها و ابنها الاكبر، تحريات مكثفه عنه، سمعه طيبه، سيره حسنه و اخلاق عاليه، فعرض عليها و الان عليها الموافقه.تعجبت سلمى، و لكن احساس الانثى بمثل هذا الامر اسعد قلبها هى ايضا و كان ذلك الاثبات الاول انها لا تحب فارس، فضول اثارها لرؤيته و هذا كان الاثبات الثانى، فموافقه نالتها والدتها و في القريب العاجل سيتم الاتفاق و في مثل هذه الامور خير البر عاجله .أحبك، لا ادرى حدود محبتى، طباعى اعاصير، عواطفى سيل و اعرف انى مُتعب يا صديقتى، و اعرف انى اهوج، و اننى طفل، احب بأعصابى، أحب بريشى، احب بكلى، لا اعتدال و لا عقل.نزار قبانى.غادرت غرفه المكتب دون ان تنتظره، لم يستطع التحدث معها فيما قرأته، لم يستطع الاستمتاع بلهفتها في لحظات عدم ادراكها، و يتعجب خروجها السريع، و اثناء تفكيره بهذا في شرفه غرفته لمحها تجلس بجوار حنين و يبدو انها تواسيها، بكاء الاخيره، احتضان جنه لها، حديث بينهم، فنهوض منه، اسراع اليهم فتهرب من شقيقته مبرره انها تبكى قلقا لمستقبلها، ليشاركهم بعدها حوار مرح، انتزع منها ضحكتها فيه، مطمئنا اياها انه معها دائما، ثم قبض بيده على معصم جنته متحركا بها لاعلى ليغلق بالاخير باب غرفتها عليهم، يتسائل رحليها السريع، ويرى بوضوح تهربها، انكارها، و تلعثمها، يحاوطها كعادته و تتهرب كعادتها ثم انسحب هو من هذا الحوار هادفا لاخر و لكن وجوده معها بمفردهم مع نظراتها البلهاء نسى ما ارادها فيه و قرر خوض حوار اخر، فاقترب منها ليجذب يدها مقربا اياها منه بشغف تجاوز حده من الكتمان ليحتويها بين ذراعيه هاويا بطواعيه في ابريقها العسلى لتشهق هى قبل ان تضطرب انفاسها حتى كادت تشعر باختناق ادار رأسها قليلا بل كثيرا لتستمع بعدها لصوته و كم بدا لها بعيدا: كفايه قوى لحد كده، انتِ مراتى بمزاجك او غصب عنك.و قبل ان يلاحظ عدم اتزانها هوى بشفتيه على خاصتها لينتهى انتظاره و معه انتهى شحن قواها و خاصه مع دفع جسده لجسدها حتى سقطت على الفراش و هو بجوارها يخبرها بقبلته عن مقدار ما يكنه لها من مشاعر، عن انتظاره و لهفته، و يا ليتها كانت تعى.ابتعد، يحدثها لا تجيب، يحركها لا تجيب فجمده جمودها، رد فعل سريع و غريب و حقا ادهشه و لانه لا يدرك ما مرت به من ضغوطات اليوم، اهمالها طعامها منذ ان خرجت من غرفته، شجار شقيقتيه، و بالنهايه اقتحامه القوى افقدها توازنها.حاول مرات و مرات حتى استجابت لضرباته الخفيفه على وجهها لتهمس بدهشه فور استيقاظها: ايه اللى حصل؟ليطالعها بخبث قليلا لتتذكر رويدا اخر ما سمعته منه و رغم تهاويها الا انها كانت شبه مدركه لما فعله فاندفعت الدماء لرأسها فجأه و خاصه و هو يعبث معها مستندا على مرفقيه بجوارها: كل مره بتهربى بس انه يغمى عليكِ، جديده قوى دى.اخفت وجهها بكفيها لتجده يمتلك كفها جاذبا اياها لتقف لتتلاشى رؤيتها لحظيا فور وقوفها لتجد يده لها بالمرصاد قبل ان يتجنب التحدث فيما صار بينهم قبل قليل عائدا لاصل موضوعه: انا هسافر،.رفعت رأسها اليه لحظه لتتسائل بعدها بجديه قلقه: هتسافر! بس انت لسه اجازه يومين؟ثم ابتعدت خطوه للخلف تناظره بتفحص ثم انهمرت اسئلتها متتاليه: هتسافر فين؟ و بعدين الوقت اتأخر هتسافر ازاى بالليل كده!، و هتيجى امتى! و ليه دلوقت! و ب...ليقربها هو الخطوه التى ابتعدتها لتفاجئه هى بعقد ذراعيها حول خصره تضم اياه ليبتسم بهدوء فأحيانا كثيره يشعر انها تعامله كوالدها، فربت على خصلاتها مطمئنا اياها فلقد بات يلاحظ ذعرها الغريب كما ابتعد عنها: مش هتأخر، مشوار ضرورى لازم اخلصه، متقلقيش عليا.ابتعدت ناظره اليه و حقا كم قلقت على خروجه بمثل هذا الليل و لكنها مدركه تماما انها لن تثنيه فطلبت بتوسل لتربت على قلبها بمواساه: ابقى طمنى عليك كل شويه.اومأ موافقا قبل ان يطبع قبله على جبينها تاركا اياها بعدها متجها لوجهته، بينما هى تدخل في حاله من الحيره مجددا بين قلب يرغب و عقل يخاف،و مع كل دقيقه معه حيرتها تزداد ما بين حلم تخشى اكتماله و واقع تهابه،اقترب منها اليوم، همس بشئ او ربما فعل شئ و كم تلعن حظها الانعر الذى منعها معايشه هذا و الاحساس به،و ها هى تعترف انها ناقصه بدونه،.و لهنا و كفى، هربت بما يكفى، جرحت بما يكفى و الان لابد ان تعشق بما يكفى بل و يفيض.بيقولوا مشاكل على اراضيهم في البلد و الا ايه اللى هيخليهم يسافروا الصعيد بالسرعه دى!تمتم بها فارس جالسا مع شقيقه في شرفه غرفته يتسامرون كما اعتادوا دائما و ان اختلف مجرى التسامر قليلا، ثم اعتدل ممعنا النظر فيه لبرهه قبل ان يتحدث بجديه: سيبك من جدك بقى و قولى ناوى على ايه مع حياه!ابتسم مازن فالجميع يرى منه جانبه المرح و لكن لم يعتاده احد عاقلا، صريحا و مدرك متى و اين و كيف يتصرف و كأنه طفل صغير و لكن لا بأس فليروا الان اذا: حياه امانه يا فارس، انا عارف انى مش هحبها بس عمرى ما هظلمها لانها هتبقى مراتى يعنى جزء منى و واجب عليا اشيلها في عنيا.ابتسامه واسعه، ثم ضمه يد اخبره بها عن فخره به ثم اردف: طالما ناوى تبدأ حياتك صح انا متأكد انك مش هتندم، و الله اعلم يمكن تقدر تسكن قلبك و تنسيك اى وهم عيشته لنفسك.ليقهقه مازن ساخطا مما قاله مازحا ببعض الجديه: لا يا عم، جبرت انا مش هدور على حب تانى.ليربت فارس على كتفه ثم يشرد مبتسما ليدرك مازن جيدا انه شرد في تلك التى ملكت قلبه ليتحدث فارس بعدها بهدوء حالم: مش احنا اللى بندور عليه يا مازن، هو بيجى لوحده و يوم ما يقرر يدخل قلبك هيدخل بدون استئذان،ثم استدار غامزا اياه بعبث مضيفا: و اللى واهم نفسه زى سيادتك كده مش بس هيحب لا دا بيعشق و بجنون.ليتبع مازن فضوله متسائلا بانصات قوى لسماع الاجابه: ليه بتحبها قوى كده يا فارس؟ شايف ايه في مراتك يخليك متعلق بيها بالشكل ده؟ليرفع فارس يده امام عينه ناظرا لدبلته التي تحمل اسمها و قد اتسعت ابتسامته مجيبا اياه دون تفكير ليجعل احساسه المتكلم لا لسانه: لانها معنى الحب، ربنا خلقها علشان تتحب و خلقنى علشان احبها.و دون ان يدرى فارس، فتح بصيص امل جديد امام عين شقيقه المدلل.ما يكنه لهبه بقلبه ما هو الا افتتان بها، امرأه قويه، مثابره، فاتنه، و شخصيتها تجذب الانظار اليها و كما اطلق عليها من قبل هى اشبه بالمرأه الحديديه .ربما يتمنى في الكثير من الاوقات رؤيتها، ربما تزعجه نبضاته كلما جالت بخاطره، و ربما تتحشرج انفاسه لدى مصادفته لامواج عينها و لكن تلك النظره بعين شقيقه لم تسكن عينه بعد، تلك النبره التى يتحدث بها لم يختبرها بعد و تلك الابتسامه الساذجه التى كست وجهه لم تداعب شفتيه بعد و لكن لربما تفعل يوما مااا و ربما تكون حياه هى حياه قلبه من جديد، و من يدرى!تتبع الماضى ليس بأمرا جيد و لكن ابن الحصرى قرر ان يفعل اى كانت النتيجه و اى كان العائد عليه، سيفهم كل شئ، يسعى لربت كل ما حدث و يحدث، و سيفعل و حتى يفعل لن يستكين.نفسا عميقا ثم طرقات سريعه على الباب اامامه لحظات ثم خرج عبد المنعم له، تعجب ثم ترحيب، حوار طويل و اسئله كثيره، ليفهم بوضوح سبب زواج خاله، كيف انقطع الاتصال بهم بعد سفرهم، ماذا كان ماجد عليه، ليتوقف عاصم قليلا قبل ان يتسائل و قد سيطرت عليه مهنته عندما استمع لاحداث االحادث: و ازاى حادثه زى دى ميتعملش فيها محضر؟ليجيبه بتوضيح للملابسات: اتعمل محضر بس مكنش في طرف تانى في القضيه علشان التحقيقات تكمل؟ليعتدل عاصم بتركيز متسائلا بحرص و كل كلمه تمر اولا على فلاتر عقليته الاجراميه: يعنى ايه مفيش طرف تانى! و سواق العربيه التانيه فين و ازاى متحققش معاه؟ليشيح عبد المنعم بيده في جديه و قد اثار هذا الامر تفكيره سابقا: مكنش فيه حد في موقع الحادثه غير خالك و جنه و لما عملت تحريات عن رقم العربيه التانيه عرفنا انها مسروقه في نفس اليوم يعنى اللى كان سايقها وقت الحادثه مش صاحبها و طبعا ثم استدعاء صاحبها و اتحقق معاه و اثبتوا انه ملوش علاقه بالموضوع.مال عليه مضيقا عينه مستفسرا: ازاى مفيش حد تانى وانت بتقول ان العربيتين اتدمروا يعنى المفروض يكون على الاقل اتصاب؟ثم تنازل عن الحصول عن اجابه تساؤله لينال اجابه لاخر: طيب و فحص العربيه اثبت ايه!ليتنهد عبد المنعم بضيق مرددا: عربيه خالك مكنش فيها فرامل،ليقاطعه عاصم بعنف و هو ينهض من مكانه غاضبا: كمان يعنى واضح بنسبه 100% انها مدبره و برده مفيش اى اجراءات قانونيه؟ليهتف عبد المنعم بالمقابل و هو يعبر عن عجزه ذاك الوقت ليفعل اى شئ: ازاى هيبقى في محضر و مفيش لا مشتكى و لا متهم! مراه خالك اتنازلت و الظابط اللى كان مسئول عن الحادثه قال ان قضيه و غيره دلوقت ملوش لازمه و هى وافقته كنت عاوزنى اعمل ايه وقتها؟لتحتد عين عاصم و هو يؤكد ظنونه بحديثه هذا، لم تكن الحادثه عن طريق الخطأ، لم تكن صدفه بل كانت مدبره و بذكاء شديد.و لكنه لن يسمح بمرور الامر مرور الكرام فتمتم بثقه و قد اخذ قراره بالتقدم عله يصل لنتيجه ترضيه بالاخير: عاوز رقم الظابط اللى كان مسئول عن الحادثه.و وافق عبد المنعم على السعى معه وراء حقيقه هذا الامر و لعل ما اُخفىّ بجداره قبل عده اعوام يظهر الان جليا واضحا ليسترد كل زى حق حقه.
رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل الثاني والعشرونسأقول لكِ احبكعندما أبرأ من حاله الفصام التى تمزقنى،و أعود شخصا واحدا،سأقولها عندما تتصالح المدينه و الصحراء بداخلى.نزار قبانى.في قليل من الاوقات يشعر المرء انه في اقصى حالاته سعاده، تضحك عيناه دائما و تبتسم شفتيه تلقائيا و تتسارع نبضاته عنفوانا بمرح،لحظات يتمنى ان تدوم ما دام حيا، لحظات نتعرف فيها على انفسنا حقيقه، تلك النفس التى لا تعشق الصمت بل لم تكن تجد وقتا للكلام، تلك النفس التى لا تعرف الدموع و لكنها لم تجد بديلا لها، تلك النفس التى لا تخاف الحب و لكنها لم تراه او تتعرف عليه.و ان سألوه الان عن سبب سعادته فلن يتريث ثانيه واحده ليفكر بل ستنطق كل خلاياه باسم فلته،فلته التى كرست حياتها، اهتمامها، حبها و شغفها له.ود لو كان يستطيع حبها، لو كان يستطيع منحها حقها عليه، في ان تكون الاولى، في ان تكون الوحيده، في ان تكون هى فقط بقلبه و حياته.اقترب بخطوات هادئه كعادته ليحاوط خصرها من الخلف في تلك الضمه التى تعنى لها الحياه و ما فيها، ضمه تخبرها انها وصلت لاعماق قلبه و ان لم يقول فما تشعر به بين يديه و من قلبه كفيل بالربت على قلبها.همس بأذنها بكلمات غزل صريحه لتتعالى ضحكتها تزعزع تماسكه، داعب خصرها بيده لتتلوى هاربه قبل ان تستكين اخيرا و هو يمرر يده على طول ذراعها حتى امسك بيدها ليساعدها بتحضير طعامهم و هى هكذا بين ذراعيه و في قلبه و ان انكر.لحظات عبثيه، مزاحات، ضحكات و مشاغبات يعشقها هو و تستمتع بها هى، حتى انتهت فأدراها لتنظر اليه ليعبر عن التساؤل الذى يشغل تفكيره منذ ان ابتعد بها عن الكل في هذا المكان الساحرى، بعيدا عن الاجواء المزدحمه فقط امامهم البحر بصوته، و هو و هى فقط، لتمنحه كل ما بها، و لا تنتظر منه مقابلا سوى اعتنائه بقلبها و لو قليلا ليتعجب امرأه بقوتها و استقلالها ان تكون بين ذراعيه و في حبه بمثل هذا الضعف: مبسوطه معايا يا هبه!لينير كل وجهها ابتسامه منحته اجابتها قبل ان تنطق بها و امواجها تهدر بصدق شعورها: مفيش في العالم كله واحده اسعد منى.لتضرب ضميره بسوط حاد بكم محبتها المخلصه له ليهمس بشبه اعتذار رغم خروجه كتساؤل: نفسك تسمعيها منى، صح؟و سرعان ما فهمت ما يرمى اليه لتقبل وجنته بضحكه واسعه: و انت حاسس بيها.ليرتسم على وجهه عده علامات استفهام لتتسع ضحكتها اكثر مضيفه اخر ما توقع ان يسمعه لتثبت له انها حقا استثناء عن كل من عرفهم سابقا حتى تلك التى لامست قلبه و مازال ضميره يؤنبه للتخلى عنها: الكلمه ملهاش اى معنى عندى لكن احساسك بيها هو اللى يهمنى.ثم رست بكفها على موضع قلبه ليحتضنها بنبضاته الثائره لتزداد ابتسامتها و قد تيقنت انها بالفعل ملكت احساسه: و لما تحتاج مساعده، اسأله و هو هيقولك.نظر لموضع كفها ليردد بلا تفكير و قد دفعه شعوره للتحدث و ربما يعرف معنى هذا الاندفاع للمره الاولى: هو عارف و متأكد ان مكانتك عنده كبيره قوى يا فله.و هى ايضا تعرف، و قلبها يعرف و احساسها راضيا بما اقتنته،فمن عاشت عمرها تدعو باسمه صار زوجها،من كان يرتجف القلب فور رؤيته اليوم تناظره و تحدق به اينما شاءت و وقتما شاءت،من كان يشاركها احلامها عنوه اليوم يشاركها حياتها،.و هى متقينه تمام اليقين ان من احبه قلبها دائما يوما ما سيعشقها قلبه،راهنت و لم تعتاد ابدا الخساره.أحببتك جدا لدرجه انى ما زلت احاول فاشله قياس مساحه هذه ال جداغاده السمانو في طوفان حزنها، صدمتها لكلام شقيقتها، غيرتها و ثوره قلبها، تشتت عقلها، كان صوته، وجوده، مزاحه و حنيته هو كل ما تحتاجه الان.فعندما ارتفع رنين هاتفها مخبرا اياها انه ربما يشعر بها، حاولت ابداء صوتها في رونقه الطبيعى و لكن لم تستطع بالقدر المطلوب او ربما استطاعت و بمجرد ان فتحت الخط وصلها صوته: قلبى يحدثنى بأنك متلفى، روحك فداك، عرفتِ أم لم تعرفى، لم اقضى حق هواك و ان كنت الذى، لم اقضى فيه أسى و مثلى من يفى، ما للنوى ذنب و من اهوى معى ان غاب عن انسان عنى فهو فىّ.لتبتسم تلقائيا مدركه انه سيخبرها مجددا عن ديوان شعر اشتراه شقيقه و ها هو يقرأ لها منه و قد كان و هو يخبرها بنبرته التى كان لها تأثير السحر على حزنها: بقرأ شعر بسببك يا حنين، انتِ و مازن بوظتوا اخلاقى.لتزداد ضحكتها اتساعا و مازالت صامته ثم اكتنف روحها حبها له لتقول بمزاح: بتحبنى بقى، قدرك و نصيبك.ليقهقه بالمقابل بصخب جعلها تغلق عينها تتشرب ضحكته بقلبها ليرتوى و هو يشاكسها بعبث: ايه يا بنتى الثقه دى!، اللى قالك كده ضحك عليكِ.لتعود لصمتها مجددا و كلمات شقيقتها ترن بأذنها حتى كادت تصرخ من فرط وجعها، تجاوزت الامر طوال الفتره الماضيه، كانت تتناسى الامر و لكن ايقظته شقيقتها الان كأسوء من سابقه.و عندما طال صمتها عقد هو حاجبيه متسائلا بحرص: مالك يا حنين؟و لانه ابعد من يكون عن معرفه ما بها حاولت اخفاء الامر لتنجح بجداره و هو تجيبه بتوتر يدرك هو جيدا اصابتها به قبيل امتحاناتها: انت عارف عندى امتحان بعد يومين و قلقانه.و كعادته يحاول تهدأتها، طمأنتها، و التخفيف عنها و الهروب بها من خضم توترها لاتساع مزاحه لينال بالاخير ضحكتها و هى تصرخ به: بس بقى يا فارس، و اقفل.ليعاتبها بحزن مصطنع رغم ابتسامته التى ظهرت جليه في صوته: في وشى كده.لتعاود ضحكتها الرنانه و هى تردف دون انتباه لما تفوهت به: اقفل يا فارس، اقفل يا حبيبى.و رغم انها ليست عاده ان يتصيد كلامها لكن هذه المره تختلف ليردد هو خلفها بتسائل ماكر: يا ايه؟لتعقد حاجبيها لحظه تحاول استيعاب ما قالت لتضرب جبينها بعدها مدركه انها تفوهت بما كانت تكويه بنار انتظاره، ليلقى على مسامعها سؤاله مره اخرى لتقرر منحه اياه بخبث و سرعه: يا حبيبى.و قبل ان تنتهى الكلمه اتبعها على مسامعه صوت صفاره اغلاق الخط ليبعد الهاتف عن اذنه يطالعه بذهول لحظات قبل ان تتسع ابتسامته رويدا رويدا حتى قهقه بسعاده و تعجب من موقفها في ان واحد مستندا بيده على حرف الفراش محاولا تقليد صوتها مرددا: يا حبيبى.ليضع يده على قلبه بعدها ملقيا جسده على الفراش ضاحكا صارخا بصوت مضطهد و حقا هو كذلك: هتجنن امى.رغم حطام قلبك، يوما ما سيزهر الحب فيه و يرممه.فيودور دوستويفسكى.و على سور شرفتها تستند بمرفقيها تتابع عينها بوابه المنزل منذ متى لا تدرى حقا، و لكن تنتظر و ستظل حتى تطمئن لعودته و لم يطل انتظارها و دلف هو، لتركض على اطراف اصابعها لباب المنزل تستقبله، عقده حاجب منه، مع عبرات الاطمئنان منها، و قبل ان يسألها عن سبب استيقاظها وجدها تتأبط ذراعه متحركه معه باتجاه الدرج مضيفه باهتمام: صلى الفجر على ما اجهز لك حاجه تاكلها.ليتوقف ناظرا اليها مجيبا بارهاق شديد بادٍ بوضوح اشد على وجهه: انا صليت في المسجد قبل ما اجى، و صراحه جعان نوم مش لازم اكل دلوقت.و مع ملامحه الفاصله نهائيا لشحنها لم تماطل كثيرا و لكن لا بأس من القليل: طيب اجيب لك بلح بس.و مع اصرارها على اطعامه شيئا ما فهو منذ رحل بالامس لم يأكل شيئا وافق و سبقها للاعلى، احضرت تمرات و ماء و في طريقها لغرفته لمحت الضوء بغرفتها فاتجهت اليه لتجده قد ابدل ملابسه و استلقى بفراشها لتجلس بجواره واضعه التمرات بينهما مبتسمه بود هاتفه: يالا كُل.و ماذا ان كان مرهقا هل سيتخلى ابن الحصرى عن عبثه معها، لا و الله لا يحدث فردد بنفى قطعيا: هو انتِ فاكره انى ممكن ابهدل ايدى و اضطر اقوم اغسلها و انا اساسا مش قادر اتحرك، لا انسى، اتصرفى و اكلينى يا اما سبينى انام.و امام طفوليته و التى تراها للمره الاولى و معها فقط فلم ترى تدلله هذا من قبل مع اى كان، اتسعت عينها بصدمه لحظيه فأعطاها ظهره هاتفا: خلاص على ما تفكرى هنام انا.لتضع يدها على كتفه تعيده مسطحا امامها و ترتفع شفتيها بابتسامه منتشيه بسعاده و بدأت تنزع من كل تمره نواتها و هو يراقبها باستمتاع و هل هناك الذ من ذاك الشعور بالنسبه اليه، حتى انتهت لتحدق بنظرته العابثه قليلا قبل ان تتسع ابتسامتها قائله: اتفضل.ليرفع احدى حاجبيه مجيبا و مازال عبثه مستمرا: انا قولت اكلينى.لتتسع عينها اكثر مع ابتسامه لم تستطع منعها و هى في قمه اندهاشها ان الجالس امامها هو ذاته من كان يُرهبها يوما، فأعطاها ظهره مجددا يصيح و هو يشيح بيده: اووووه، هنفضل طول الليل نفكر بقى.لتعيده مره اخرى و هى تحملق به بعدم استيعاب ثم بدأت باطعامه و هو يشاكسها بغلق فمه، بغمزه عابثه، بضحكه او بكلمه تخجلها حتى انهت التمرات و مع الاخيره و قبل ان تسحب يدها عن فمه طالها بأسنانه لتشهق بألم ممسكه باصبعها ليلتقط هو كوب الماء يرتشفه كاملا ليضحك عليها و هو يعطيها ظهره لينام متجاهلا تأوهاتها و تأفأفها، نهضت للمرحاض دقائق ثم عادت لتجده يغط في نوم عميق لتجلس بجواره تداعب خصلاته بهدوء شديد و رغم انه لم يكن قد نام بعد، حركه يدها مع ترديدها لايات قرآنيه بنبره شبه هامسه سرقه النوم رغم رغبته العارمه فألا يفعل.رُب صدفه خير من الف ميعاد، طالما كانت ترددها والدته كلما صادف حياتهم شيئا جيدا،.و رُب صدفته بمقابلتها أخير امور حياته، منذ رأها يوم زفاف شقيقته و شقيقها و هى لا تفارقه، لن ينكر انه انبهر بجمالها الاوروبى في بادئ الامر و لكن ان يتصاعد الامر بداخله لان يقرأ عوضا عن كتاب عشر و يتابع بدلا من مقطعا عشرون و يبحث عن عشرات المواقع حتى يستطيع تعلم لغتها، ليستطيع التواصل معها، اذا فالامر ليس مجرد اعجاب بجمال نادر بل يرغب هو فيما هو اكثر.وقف ينتظرها ببدايه الممر الذى يقع به مكتبها في الشركه كما يفعل كل يوم، تأخرت اليوم 3 دقائق عن موعدها و لكنه سينتظرها و ان تأخرت يوما كاملا،يدندن بكلمات اغنيه هادئه حتى رأها تتقدم باتجاهه بوجه معتم و من ثم رأته ليشرق وجهها بابتسامه بسيطه و هو يقول بابتسامه واسعه: صباح الخير.و بهدوء محافظه على دفء و بساطه ابتسامتها اجابته ثم تركته متجهه لمكتبها، ليتابعها هو ثم يضرب قلبه مستغفرا راحلا و هو مدركا انه لن يتوب عن ذنب انتظارها، رؤيتها و الاستمتاع بضحكتها.نادى على انسه سلمى من مكتبها.تمتم بها اكرم و هو يتحدث مع سكرتيرته عبر الهاتف الداخلى و فورا و بعد دقائق معدوده وقفت سلمى امامه منتظره ما سيخبرها به، ليتابع هو هدوئها الغريب كليا على شخصها فترك عباءه المدير جانبا ليتحدث بود كأخ كبير متسائلا عن سبب تغيرها المفاجئ هذا فهو يُفضل كثيرا طبعها العنفوانى: مالك يا سلمى؟و لسابق معاملته معها بعناد يفوق عنادها و تمرد يعادل او يتجاوز تمردها اجابت بضيق فهى ابعد ما يكون عن التحدث بتملق الان: احنا في الشركه يا بشمهندس و انا جايه هنا اشتغل، ممكن تقولى حضرتك عاوزنى في ايه؟نظر لوجهها قليلا ثم فتح ملف امامه مشيرا على المقعد لتجلس ففعلت و اخذ يوضح هو تفاصيل عملها الجديد و الذى ستعمل عليه مباشره حتى انتهى من شرح ما يتوجب عليها فعله فأغلق الملف و قبل ان تنهض تسائل مجددا: مالك يا سلمى؟لترفع عينها بغضب اليه كأنها تجبره على الصمت و عدم سؤالها و لكن يبدو انها لم تتعرف على اكرم بعد رغم ما صار بينهما من مواقف، ليحتوى هو نظرتها باحترافيه و عقلانيه مردفا بابتسامه هادئه روضت غضبها: احنا اه في الشركه و جايين هنا نشتغل بس غصب عني و عنك انتِ بنت عمتي قبل اي حاجه، يعني اختي، يعني لما اشوفك مضايقه من حقى اسألك عن السبب، فاهمه يا سلمى!و امام دفء حديثه، اهتمامه و صحه ما قاله لم تعاند او تجادل وأومأت موافقه متحدثه بهدوء: متشكره على اهتمامك يا بشمهندس.ليبتسم ضاغطا على باطن وجنته مضيفا: اكرم بس يا سلمى.لتتحدث مجددا برسميه: معلش احنا في مكان شغل و بعدين المقامات محفوظه و مهما كان مقدرش انسي انك هنا مديري و انا موظفه.ليزفر بنفاذ صبر هاتفا ببعض الجديه و قد سأم من هدوئها هذا: اسمعي انا مابحبش التعقيد، انتِ هنا في شركتك و بلاش كلام كبير علشان انا ابسط من كده بكتير، اتفقنا.و اجابتها اماءه بسيطه مجددا لتستأذن بعدها تاركه اياه ليبتسم هو و احساسه بالمسئوليه تجاهها كونها فرد من عائلته يمنحه شعور رائعا، فكم كانت والدته محقه باقناعه بالعوده و يا ليته عاد منذ زمن.فتح عينه يظن انه سيبدأ صباحه ككل يوما و لكن خاب ظنه عندما نهض عن فراشها ليجدها تقف اعلى مقعد صغير تحمل احدى المفكات بيدها و الاخر خلف اذنها تعبث بذلك المصباح الصغير فوق طاوله زينتها ليستند على الفراش بمرفقيه يتابعها قليلا قبل ان ينهض ملقيا تحيه الصباح واقفا امامها رافعا احدى حاجبيه بتعجب متمتما: بتعملى ايه!لتشهق بحده و هى تكاد ترتد للخلف اثر مفاجأته لها ليثبتها بيده لتعتدل واقفه مجددا تحنى رأسها تجيبه: اللمبه اتحرقت فبحاول اغيرها.عقد ذراعيه امام صدره و ابتسامه جانبيه ترتسم على وجهه مردفا بسخريه: في حاجه اسمها كهربائى اعتقد بيشتغل في الحاجات دى!لترفع يدها معترضه امام وجهه هاتفه بجديه متفاخره: لاااا، كهربائى ايه؟، انا شاطره جدا في الحاجات دى،.لتضحك بسخافه تظهر مدى سذاجتها مضيفه بتعالٍ غامزه اياه بمشاكسه: اصل انا متعوده.اتسعت ضحكته و هو يتابع ملامح وجهها الضاحكه، رفع يده يحاوط خصرها ثم حملها ليضعها ارضا لتقف امامه و اوشكت على الاعتراض ليتركها و لكنه جذب ذاك المفك خلف اذنها ليضعه امام وجهها متسائلا بضحكه مستمتعه: و دا بيعمل ايه هنا؟و بتلقائيه اجابته كأنه سؤال بديهى لا يحتاج لتفكير و تساؤل: علشان افك المسمار.ليدفع كتفها بظهر يده يبعدها ساخرا: طب وسعى كده.لحظات و انتهى من تغير ذلك المصباح و لكن أيُمرر الامر ببساطه لا ليست من عاداته فكتم ضحكه كادت تفارق شفتيه و هو يخبرها باشعال الضوء و بمجرد ان ضغطت ذلك الزر حتى صرخ هو متأوها و سقط جالسا على المقعد متألما لتتسع عينها بفزع مقتربه منه تمسد ظهره بخوف و هى تتسائل بحذر: انت، انت كويس؟و مع رؤيته للهفتها تمتم بخبث بصوت طفوليا: اتكهربت، كنت هموت.و كان وقع الكلمه على سمعها كبيرا اكبر مما توقع هو ليجدها تضم رأسه لصدرها بقوه و يدها تتمسك بملابسه بارتجافه بسيطه مع ترديدها بالحمد بسرعه ليتنهد بهدوء مرخيا اجفانه بين ذراعيها قليلا قبل ان يبتعد عنها لتميل على وجهها متمتمه باهتمام حقيقى: حاسس بحاجه؟و احال خبثه لجديه و اشار لقلبه مجيبا اياها: هنا، في حاجه مش مظبوطه.لتعقد حاجبيها تضيف بتعجب قلق: قلبك بيوجعك!و هنا انطلقت ضحكته تزيل عقده حاجبيها قلقا و تأتى محلها بعقده تفكير، ادراك ثم غضب و هو يصرخ هاتفا: اااه، يا وجع قلبك يا عاصم.لتضع يدها على خصرها تناظره قليلا قبل ان تكز اسنانها هامسه: انت بتضحك على ايه؟لينهض واقفا، ينهدم ملابسه، ثم يميل عليها بغمزه مشاغبه و بنبره رجوليه لعوبه قال: هو اللى يعرف جنه مراتى يعرف ميضحكش! دا انتِ تاخدى جائزه افضل مهرج في بيتنا.لتفرغ فاها قبل ان تصرخ بغيظ و هى ترمقه بنظره مشتعله: انا مهرج يا عاصم!و الاجابه قبله عابثه على وجنتها متمتما: احلى مهرج شوفته في حياتى،ثم وضع المفك خلف اذنها مجددا مضيفا بضحكه واسعه و هو يداعب وجنتها بخصلاتها:واحلى كهربائى شوفته و هشوفه طول حياتى.و قهقه بعدها تاركا اياها تجذب المفك بحده مغتاظه تضرب بقدمها الارض ضجرا من تصرفاته الغير عاديه اطلاقا، قبل ان تهدأ قليلا ليبدأ غضبها بالتلاشى و تجد ابتسامتها طريقا لشفتيها و هى تراقب الباب بعد خروجه و قد ايقنت انها تستحق فرصه كهذه، فرصه لتضحك، لتسعد و لينير هو عالمها،كانت شمس حياتها غائبه و الان فقط اشرقت، اشرقت به، معه و له، نقطه.ان كنت شجاعا بما يكفى لتقول وداعا فستكافئك الحياه بمرحبا جديده.باولو كويلوو قالت هى وداعا خالصه لمشاعر سكنتها او ربما هكذا تعتقد، ضجه من حولها، ترتدى ملابس رقيقه، تحاشت التعامل مع شقيقتها، في انتظار العريس المنتظر و الذى لا تعرف عنه سوى بضعه تفاصيل لا طائل منها، انتظار و انتظار ثم حان وقت المقابله.تسير بتردد، عين الجميع متعلقه بها، تحمل بعض كاسات المشروب بيدها، و لغرابه الجميع تورد وجنتيها مفصحا عن خجلها و الذى نادرا ما يحدث، ترحيب و استقبال حافل، حديث عابر و مزاح، تشعر انها بالكاد تسمعهم من فرط توترها و الذى كاد يصيبها بالجنون فما بالها تفعل الان، لم تنظر لاحد و لا قابليه لها لتفعل فعانقت نظراتها االاقدام امامها صامته.طيب نسيب امجد يقعد مع عروسته لوحدهم شويه.و الكلمه المعتاده و الذى صرح بها والد امجد بضحكه استفزتها اكثر، و عقلها تتلاعب به الكلمات و الافكار عما ستقوله او ربما ستسمعه بالجلوس معه، لحظات و كانت بالفعل بجواره ليصلها صوته الهادئ: ازيك يا بشمهندسه؟و اجابته بهدوء حتى كاد يبتسم متذكرا دخولها كالاعصار الغير مسبق بانذار على اجتماعهم في المشفى و اضاف: اعتقد كفايه بص للارض كده و بصى لى يمكن معجبكيش!رفعت رأسها لتجوب بعينها الغرفه يمينا و يسارا دون ان تنظر اليه و حقا لم تكن تدرى لماذا تتجنب رؤيته حتى هتف بصوت عالى: بصى لى يا سلمى.و هنا اتسعت عينها و لمعت بتمردها و غرورها المعتاد لتستدير له ببعض الحده، و قبل ان تتحدث تجمدت ملامحها و هى تحملق به، لم يكن وسيما، فقط بشره برونزية، ذقن منمقه، خصلات قصيره مرتبه، و عينان بلون السماء في اقصى درجاتها صفاءا، كلا لم يكن وسيما ابدا.و مع تحديقها به قضم شفتيه بابتسامه جانبيه متمتما بعبث: واضح كده انى عجبتك!حمحمت بخجل و هى تخفض عينها عنه مجددا ليهتف بنفاذ صبر: يا صبر، يا بنتى بصى لى.لترفع عينها اليه مجددا و قد استفزتها نبرته العاليه و حديثه الغير رسمى لتصيح و قد حاولت بشده تمالك انفاسها المتسارعه و نبضاتها المتوتره: ايه الاسلوب دا حضرتك انا..ليرفع يديه كمن يستسلم موقفا اياها مانعا جدال بينهما ضاحكا: اوبا احنا هنبدأها خناق،.ثم اضاف بضحكه اوسع مع رفعه حاجب مشاكسه: لا مليش في العنف انا.لتبتسم هى و قد اخفض معيار غضبها للعجب و مع ابتسامتها تمتم هو و قد عاد لهدوءه الجدى: طالما ابتسمتِ نبدأ من الاول بقى.تعريف سريع عن نفسه كانت قد قامت والدتها به من قبل ثم اضاف بتوضيح اكثر عن حياته: مدام مروه تبقى مراه ابويا مش والدتى، والدتى توفت من فتره طويله، و عايش معاهم بس لو لينا نصيب و اتجوزنا هيبقى لينا بيتنا الخاص بعيدا عن بيت العيله.و كالعاده و لانها تحب تفاصيل التفاصيل تمسكت بأكثر تفصيل لم يتحدث عنه هو و تسائلت بفضول لم تقتله: علاقتك بمدام مروه عامله ايه؟ليبتسم و لم تتغير ملامحه من البشاشه لتطفلها و لكنه الجمها بهدوء شديد تعجبته: اوعدك لو في نصيب هجاوب على كل اسألتك.و مع صدمه ملامحها لرفضه المنمق اتسعت ابتسامته و هو يردف: كلمينى عن نفسك بقى.و بدأت هى بسرد تفاصيل يعرفها اى من يتقدم لخطبتها ليضيق عينه متمتما: انا عارف كل ده، عرفينى عليكِ اكثر بتفاصيل اكثر.لترفع احدى حاجبيها بتحدى لتبيعه كلامه: اوعدك لو في نصيب هعرفك عنى تفاصيل اكثر.ليضحك عاليا و قد راقه عنادها لتتابع هى ضحكته قليلا مبتسمه حتى قال مستنتجا: واضح انك عناديه،لتنفى بغيظ ليردف: و شكلك مابتتقبليش النقد،لتتسع عينها لتنفى مره اخرى بغيظ اشد ليضيف مجددا: و تقريبا سهل الواحد يستفزك.توقفت عن النفى المبالغ فيه لتتطالعه بتعجب من التعامل معها كأنها قطعه نحو مطالب هو باستخراج معطياتها لتضحك بعدها وقد داعب انوثتها تصرفه و الفارق لحظه لتجده قد توقف عن الضحك ملتقطا جديته من جديد متسائلا: عرفت من مامتك انك بتشتغلى، بتحبى شغلك؟لتعبس هى قبل ان تجيب باندفاع: اكيد و جدا كمان.ليلاحقها: لو في نصيب، هتشتغلى بعد الجواز!اومأت موافقه بتأكيد شديد ليشبك هو اصابعه مردفا: ليه بتحبى شغلك!نظرت اليه لحظات لتجده يحاوطها بنظراته الهادئه منتظرا اجابتها لتأخذ نفسا عميقا متحدثه بصدق توضح شغفها بعملها: انا مش بس بحب شغلى، انا بحب مجال دراستى، شغفى بالرسم و التصميم، مدركه تماما انى موهوبه و مميزه و لو عاوزه اوصل لحاجه هوصلها، هبنى لنفسى كيان خاص، اه هبقى مسئوله من راجل بعد جوازى بس دا ميمنعش ان يبقى ليا كيان مستقل، علشاني اولا، علشانه ثانيا، علشان ولادى ثالثا، بحب شغلى لانه بيخلينى فخوره بنفسى.اومأ برأسه باحترام لرأيها و اعجابا بثقتها بنفسها و بمجهودها و تحدث بتأكيد: لو في نصيب، انا عمرى ما ههد طموحك، و اتمنى اقدر اساعدك و انا متأكد انى هبقى دائما فخور بيكِ، بس بشرط ان شغلك ميأثرش على بيتك، ميشغلكيش عنى، و مايخلكيش تقصرى في حق ولادنا.و بحماس كبير مع شعورها بحديثه عن حياتهما معا اضافت مسرعه: بس انا كمان عندى شرط،.اومأ معبرا عن استماعه اليها: انا عارفه ان الدكاتره وقتهم مش في ايديهم بس انا مش عاوزه شغلك يأثر على وجودك في البيت، و زى ما انت مش عاوزنى اقصر في حقك انت كمان متقصرش في حقى.و حاوطها هو بسماء عينه الواسعه بغمزه عابثه: بما انك مقولتيش لو في نصيب ، اعتبر ان دى موافقه مبدأيه؟!حدقت به تستوعب قبل ان تبتسم بخجل مشيحه بوجهها عنه ليهمس بضحكه: واضح كمان ان الواحد سهل يكسفك.و اجابتها الاخيره ضحكه رأها الجميع، سأل الوالد و على استحياء طلبت وقت تفكر و ان كانت قد اتخذت قرارها.ممكن ندخل؟قالتها جنه بضحكه و هى تدلف للغرفه مع حنين لتستقبلهم سلمى بابتسامه واسعه، و فور رؤيتها لحنين بملامحها العابسه تذكرت على الفور ما حدث، ما فعلت و ما قالت، و عندما حاولت الاعتذار اوقفتها حنين بصرامه قائله: مش كل مره الاعتذار هيمحى كلامك يا سلمى.صمتت تتلقى منها كلماتها اللاذعه و هى مدركه تماما انها محقه في غضبها حتى عقدت حنين حاجبيها بابتسامه جانبيه ساخره متسائله و هى لا تنتظر الاجابه: هسألك سؤال واحد يا سلمى،تأهبت سلمى باستعداد حتى اردفت حنين: انتِ دلوقت بتقولى انك بتحبى فارس، مش عارفه تنسيه و دائما بتفكرى فيه، صح!و عندما حاولت الدفاع عن نفسها، الاعتذار او حتى الاندفاع للهروب من هكذا موقف اوقفتها حنين بيدها و اكملت: ممكن تقوليلى فكرتِ فيه كام مره و انتِ قاعده من عريسك!، زعلتِ لانك بتتكلمى مع واحد تانى عنك و عن حياتكم سوا!، فكرتِ ان اختك خطفت منك الراجل اللى كان نفسك فيه!، فكرتِ في فارس و انك مش عاوزه تخسريه؟و كان وقع الاسئله على سلمى كدلو ماء مثلج جعلها تحملق بحنين ذاهله و اجابتها على كل هذه الاسئله سلبيه، لم تفكر فيه و لم تحزن و لم يخطر للحظه واحده على عقلها، بل على النقيض تماما، جالسه مع امجد في قمه سعادتها، فرحت بمداعبته لانوثتها، تحمست لحياه تجمعها به فمن اين لفارس ان يكون بين كتله مشاعرها تلك؟!لتضحك حنين باستهزاء: فكرى يا سلمى، فكرى و جاوبى لنفسك مش لازم ليا.و تركتها و خرجت لتربت جنه على كتفها بابتسامه مأزره و خرجت، لتدرك سلمى ان ما كنته من مشاعر لفارس ما كان سوى رغبه منها بتكوينها، ما احسته برؤيته كان لانها ارادت ان تشعر به، ما تمنته بجواره كان لانها اختارت ان تتمنى، و في الحب الحقيقى لا يوجد رغبه، اراده او اختيار و كان هذا الاثبات الثالث و المؤكد بان مشاعرها تجاه فارس لم تكن حقيقيه بل مؤقته و متى ما رغبت، ارادت و اختارت سوف تتخلى عنها كما كونتها.ضجه، فستان زفاف، تصفيق و الحان صاخبه، اجتمعت عائله مازن هناك لاجل عقد القران على ابنه خاله، عقد قران فقط في حضره الجميع و لا حفل زفاف بعد هذا لماذا لان والدها لا يريد.و جلست العروس بغرفتها تعبر عن مدى حزنها لما يفعله ابيها، لتواسيها والدتها و تخبرها ان هذا امر محتم بعدما صار منها او معها لا فارق.تتزوج، شخص لا تعرفه جيدا و لا تتذكر حتى ملامحه و لكن والدها وافق و انتهى الامر.طرقات على باب الغرفه، والدها و معه المأذون الذى اخذ توقيعها على عقد القران، يزداد الجمع حولها تهنيئا ثم يقل تدريجيا حتى لم يبقى سوى حنين و والدتها، لتحاول حنين اضفاء نوعا من المرح بكلمات عابثه لتضحك حياه و ان كانت لا تريد.طرق استئذانا ثم طل مازن برأسه منتظرا سماحهم له بالدخول لتنهض حنين واقفه امامه مانعه دخوله ترتكز بذراعيها على خصرها هاتفه بشغب: تدفع كام و ادخلك!ليستند هو على الجدار بجواره مفكرا قليلا قبل ان يغمزها بمشاكسه متمتما: هنادى لك فارس.لتضحك بملأ صوتها مضيفه بمرح اكبر: و هيعمل ايه فارس بقى؟ليهمس لها ضاحكا: شوفى انتِ بقى، و على فكره كان مستنيكِ في الاوضه التانيه.لتتحرك من امامه مسرعه تتجاوزه هاتفه: طب مش تقول من بدرى.ليتابعها بضحكه واسعه ثم يتقدم بهدوء لداخل الغرفه لترحب به والده زوجته قبل ان تتركهم راحله لتبدأ ابتسامته بالتلاشى رويدا قبل ان يلقى بقنبلته الموقوته و التى احرقته و حان الوقت لتحرقها معه: جوزك الاولانى طلقك ليه؟- جوزك الاولانى طلقك ليه؟رفعت عينها اليه بذهول من بدايه حديثه معها بقسوه هكذا و مع صمتها و الذى قدره هو مضيفا: اظن من حقي اسمع منك، رغم انه كان المفروض اعرف قبل ما اجى مش جوزك المصون اقصد طليقك هو اللي يعرفنى و لما اواجه خالى ماينكرش.امتلئت عينها بدموعها خزيا لتهمس بأسى ساخر: شادى اللى قالك!ليعقد حاجبيه بسخريه اكبر: هو اسمه شادي!و مع سخريته و نظراته القاسيه تساقطت دموعها رغما عنها لا خزيا هذا المره و لكن خوفا ف رق قلبه لها آخذا نفسا عميقا مردفا بهدوء نسبى: اسمعى يا حياه، انا مايخصنيش اللي اتقال لا من سي شادي ده و لا من والدك انا عايز اسمع منك انتِ.اغمضت عينها لحظات ثم رفعت يدها تزيل دموعها ناظره اليه بتوجس متسائله: هتصدقني و لا هتتهمني زي الكل!اقترب بمقعده منها لينظر بعمق عينها قائلا بصدق: انا لو هتهم مكنتش سألت، خصوصا بعد ما اكتشفت ان مراتى كانت مطلقه من طليقها مش منها و لا من اهلى.ارتجفت اصابعها لتهمس برجاء فلا طاقه لها على انهيار ها هنا او ربما ضربا مبرحا من يد اخرى: ممكن لما نوصل بيتك.اومأ موافقا و هو يتذكر ما حدث اثناء مجيئه لهنا، عندما اوشك على الوصول للمنزل فوجئ بشخص لا يعرفه يقف امام سيارته ليضغط على المكابح بسرعه مهوله كادت تفقده السيطره و قبل ان يترجل ليرى اوقفته والدته ليتعجب منعها له و لكنه اصر و ترجل ليجد مفاجأه تنتظره و حقا كانت اخر ما يتوقع.كلمات قصيره في جمله واحده جعلت دماؤه تغلى ربه الصون و العفاف اللي رايح تتجوزها مُستعمله و مش من جوزها لا دي كانت ملكيه عامه.كان رده لكمه ليمنعه فارس من الاسترسال و عندما وصل لمنزل خاله علم ببقيه المفاجأه اولا زواجها السابق و الذى لا يعرف عنه شيئا و ثانيا مسأله الخوض في شرفها.ثار فارس على والديه لاخفائهم مثل هذا الامر و الذى كان سيعرفه مازن ان آجلا او عاجلا و للعجب كان مازن من هدأه و وافق على اتمام الزواج و قرر تحمل مسئوليه الامر كامله.لا تعرف كيف مضى الوقت لتجد نفسها معه امام باب منزلهم الجديد،.صمت شملهم طوال الطريق، ملامحه لا تمنحها اى تخمين لما سيفعله، هدوءه يخيفها و لكنها متيقنه انه لن يسمح لها بالصمت و سيجبرها حتما على الافصاح عن كل شئ فأبسط حقوقه الان هو ان يعرف ماضى تلك التى اصبحت زوجته.دلفت و مع كل خطوه تتسائل، ما ذنبها لتعيش ما تعيشه الان؟ماذا فعلت لتُطعن بمثل ذاك السكين البارد الذى اودعه الجميع بجسدها كلا على حده؟تعرف انه سيسألها عن الحقيقه و سينتظرها كامله و هي لن تكذب، و هو لن يرحم، و ان كان لا ذنب لها فلقد صدق الجميع ما قيل فيها فمن هو ليختلف عنهم؟رفعت عينها تحدق بالمكان حولها، منزلها الجديد او ربما سجن جديد اخرجها من سجنها القديم بقيد الابوه لقيد الزوج و الذى ربما سيكون اشد قسوه.اغلقت عينها تتنهد بعمق و عندما افترق جفنيها رأته امامها يطالبها بالجلوس و بمجرد ان اقترب منها خطوه تراجعت هى بعنف تصرخ: و الله معملتش حاجه، انا مليش دعوه و الله معملتش حاجه..لتندفع دموعها تباعا على وجهها ليتراجع هو ذهولا بانتفاضتها يتابع حالتها الهائجه و هى تبرر براءتها من امر لا يعرفه قبل ان يتمالك دهشته متمتما بمحاوله لتهدئتها: اهدى يا حياه، انا بس عاوز اسمعك.لترتجف عينها ناظره اليه بتوجس و هى تضم يديها لصدرها: و بعدها؟اشاح مازن وجهه جانبا يتحكم في انفعالاته التى بعثرتها هى فا للمره الاولى يُوضع بمثل هذا الموضع ثم تحدث بهدوء يحاول جذبها لمنطقه الهدوء معه: انا وعدتك اني هسمعك و بعدين ه..لتقاطعه صارخه و هى تتراجع عنه مجددا: هتضربنى!اتسعت عين مازن و هم بالتحدث مدافعا عن نفسه فما الذى تهذى به هذه و عن اى ضرب تتحدث لقد جُنت و لكن همسها الخافت بحرقه بعدها اوضح: زيهم.و تابعت التراجع عنه بتألم و كأنها تتوجع و لقد كانت بالفعل تتذكر كل ضربه تركت اثارها بجسدها من يد والدها عندما سألها بهدوء هو الاخر عما حدث لتنال ما نالته بعد الاجابه.و لكنه ادركها ممسكا بيدها لتصاب بحاله غير طبيعيه من هيستريا محاوله التهرب مع توسلها ان يتركها مردده: بالله عليك سيبني انا مغلطتش، هو اللي اذاني، والله معملتش حاجه و الله.ضرب، وجع، كدمات او صراخ!لم تجد...لا يوجد سوى دفء، احتواء، همس، احتضان و نبضات قلب.قلبه!وعت اخيرا انه يضمها مقيدا حركتها بذراعيه بقوه هامسا بكلمات لتهدأتها بحنان جارف شعرت به يحتوى انتفاضتها،.لحظات و ابعدها عنه بعدما شعر بمقاومتها تنتهى ليدفعها بهدوء يُجلسها مانحا اياها كوب ماء بارد ثم جلس امامها ينظر لوجهها المتوتر قبل ان يميل عليها ممسكا بيدها مبتسما، ناظرا لوجهها الذي يطالع الارض و مازالت دموعها تنساب ثم قال بلين يحاول جعلها تتحكم في انفعالاتها مدركا ان الامر اكبر مما توقع: انا لو هأذيكِ مكنتش اتجوزتك، لكن الكلام اللي قاله انا لازم افهم معناه منك، و اقسم بالله لو ليكِ حق هجيبهولك، و لو غلطانه فعلا،.صمت متعمدا لترفع هي وجهها بنظره راجيه فهمس امام عينها بنبره مطمئنه و ابتسامه حنونه و شعوره بواجبه تجاهها يزداد: يبقى غلط و انتهي و هندور ازاى نصلحه سوا.يكذب..هو فقط يستدرجها لتتحدث و ستفعل و لكنها متيقنه من ان حديثها سيؤذى كرامته و لن تجد ذلك الرجل الهادئ امامها الان.اخذت نفسا عميقا و هى تسرد ما صار معها من بدايه الامر حتى نهايته.لما جبت مجموع في ثانوى كنت فرحانه جدا انى هدخل طب زى خالتى نهال بس بابا رفض و قالى دراسه كتير لا حاولت معاه بس كان رفض قاطع، استسلمت لرغبته و قدمت في كليه ألسن بس طلبت من بابا اني ادرس بره الصعيد و لحسن حظى وافق، مع مرور الايام حبيت الكليه و بدأت ارسم مستقبلى، ازاى انجح، ابقي مترجمه مشهوره، اسافر بلاد كتير و اعمل دراسات بره و كنت مصممه اني احقق حلمى، لحد ما صادف في سنه دخل ليا دكتور صغير في السن كنا كلنا تقريبا معجبين بيه و بنستني محاضراته.صمتت و نظرت اليه لتري ملامحه لعلها تتوقف و لكن لم يكن هناك اي تعبير ضائق او غاضب على وجهه فقط نظره مطمئنه و مترقبه لما بعد هذا.كان حصل بينى و بينه كذا موقف و بدأت احس باهتمامه و كنت مبسوطه بيه جدا، طول السنه و انا بحس ان نظراته عليا بس انا كنت بتجنبه تماما، لحد اخر يوم في السنه وقفنى واعترف ليا بحبه على قد ما كنت فرحانه على قد ما كنت خايفه، اقسم لى انه ناوى يتقدم و انه مش بيلعب بس عايز يعرف رأيى علشان يتقدم بقلب جامد، و انا وقتها كنت حاسه انى فرحانه و وافقت و قال انه هيجي يتقدم و انا رجعت بلدنا و استنيته.صمتت مجددا و عينها تلمع بالدموع و لعجبها وجدته محافظا على هدوئه لم يبد اى رد فعل او انفعال يخبرها ما الذى ينتظرها منه.قبل ما الاجازه تنتهي بابا جه في يوم و قالى في عريس متقدم ليكِ، طبعا انا فرحت جدا و لانى كنت عارفه هو مين ادلعت زى البنات و قولت بلاش اسأله و اعمل ملهوفه، و قولتله لو حضرتك شايف انه كويس فانا معنديش مانع و حتى قولتله انا موافقه على قرارك و مرضتش اقابل العريس، بابا حدد معاه ميعاد الخطوبه و يوم خطوبتى اتفاجأت ان العريس مش عادل - الدكتور - لا دا شادى، حسيت وقتها ان دمى اتجمد في عروقى، و بكل شجاعه طلبت من بابا اكلمه على انفراد الاول، و من غبائى حكيت له كل حاجه و قولتله انه اكيد هيجى يتقدم و كان رده وقتها قلم فوقنى، قلم قالى ان محدش هيصدقك و محدش هيفهمك، و كان كذلك و اول سؤال سأله ليا اذا كنت غلطت معاه؟تحشرج صوتها و دموعها تتساقط بهدوء على وجنتها، هدوء يتنافى تماما مع براكين الالم داخلها، كز اسنانه بضيق محاولا تجاهل كلمتها الاخيره ليحافظ على جموده، و يمتنع عن تخمين صدمتها بشك والدها بها و الذى لا يدرى كيف جال بخاطره حتى،قاطع تفكيره و تحديقه المتمعن بها صوتها الهادئ مجددا و هى تكمل،.طبعا بعد سؤاله ده قرر قرار مهم جدا، و هو ان اليوم ده مش هيبقى خطوبتى دا هيبقى كتب كتابي و انا طبعا مكنش ليا حق الاعتراض، و فعلا اتجوزت و سلمت للامر الواقع، اتعاملت مع شادى و حبيته، حبيته جدا و مكنتش ابدا اتخيل ان انا ممكن احب حد بالصوره دى، كان الامان اللى عمرى ما لقيته في بابا، كان اول حد و بقى اهم حد في حياتي، و فهمت وقتها ان تعلقي بعادل مكنش حب و فهمت معني انى احب فعلا او دا اللى انا اتوقعته، كنت سعيده جدا و كل يوم اشكر ربنا انه بابا غصبني على الجواز منه، و بعد ما رجعت الكليه كانت اخر سنه و بستعد بقي لفرحي قابلت دكتور عادل ارتبكت شويه و حاولت اتجاهله لكن هو اصر انه يتكلم معايا، اعتذر مني و قالى ان والدته توفت و مقدرش يجى و حلف انه ناوى يتقدم ليا في الاجازه الجايه بس انا بكل ثقه و فرحه رفعت ايدي له و قولت له انى اتجوزت، سكت ثوانى و بعدين ابتسم بهدوء و قالى جمله واحده - اتمنى من ربنا يسعدك دائما - و مقابلتوش تانى و سمعت بعدها انه سافر بره، خلصت السنه و كنت بجهز اخر ترتيبات الفرح و انا اسعد بنت في الدنيا و اتجمعت العيله و القرايب عندنا و قبل فرحى ب 3 ايام، كنت مع شادى بنجيب فستان الفرح كان بيعاملنى بأسلوب مختلف و لما سألته قالي مفيش، طلب منى اروح معاه اشوف شقتنا علشان اتأكد انها جاهزه، رفضت، هو واقفني و معترضش و احنا مروحين،.صمتت بملامح منكمشه وهى تتذكر ما فعله، قاله و ما عانته بدايه من ذلك اليوم حتى هذا اليوم بل هذه الساعه و هى تقص ما حدث لزوجها الجديد،عقد حاجبيه يتابع ملامحها و تنفسها الغير منتظم و هى تحرك عينيها يمينا و يسارا عده مرات حتى اغلقتها لتتساقط دموعها ببطء على وجنتيها و هى تردف بحسره،.و احنا مروحين وقف في شارع مقطوع و نزلنى من العربيه بعنف لاول مره اشوفه فيه، و حاول يعتدى عليا و انا بكل قوتى بحاول ابعده عنى، بس صدمنى اللى قاله اكتر من اللى بيعمله و هو بيصرخ و يضربنى ازاى تخونينى استغربت ليه قال كده؟! و ليه بيعمل كده؟! لحد ما ضربته بحجر جنبي و هربت منه، رجعت بيتنا و انا ماسكه هدومي و طبعا بلدنا كلها كانت بتتفرج عليا و لما دخلت البيت قبل ما انطق بحرف لقيت بابا نازل فيا ضرب بدون رحمه، ماما حاولت تمنعه لكن مقدرتش وهو كان بيقول كمان جمله واحده - جبتيلي العار - انتهي بيا الوضع في المستشفي، فقدت الوعي ايام و اتمنيت انى مفوقش ابدا، طبعا شادي طلقني و بابا حابسني في البيت ومنعني اكمل تحقيق حلمى بأنى اشتغل و اسافر، و كل تفكيره اني بعت شرفى و شرفه، و اول واحد جه على باله هو الدكتور اللي انا كنت عايزاه وهو موافقش على جوازنا، علشان كده عجل بجوازي منك و بدون فرح علشان شايف اني فضيحه لازم حد يتستر عليها، و من يومها لحد النهارده مش مصدقني، وانا لحد النهارده معرفش ليه ده كله حصل!انهت كلامها و هى تبكى خزيا، خوفا و قهرا على ما تعيشه بلا ذنب منها، و مع حركته ناهضا ليقترب منها اعتدلت تغطى وجهها و تضم جسدها خوفا من بطشه بها كما فعل من قبله و تصرخ بذعر: و الله مغلطتش، و الله محدش قرب منى، و ال...قاطعها محتويا اياها بذراعيه لتشهق و هى تنتفض قبل ان تبدأ بالارتخاء و هي تشعر بدفء حضنه مجددا و هذه المره بقوه اكبر كأنه يخبرها انه لا حاجه لها ان تخاف،.هي لم تعرف هذا الدفء من قبل، دفء اشبه بقطرات مطر على ارض شديده الجفاف،و رغم انها لم تراه من مده طويله و تعاملهم لم يكن معتاد الا انها لسببا ما لم تكن خجلى،ربما لان بعض الاحضان رغم غربتها وطن و هكذ كان حضنه،اشبه بوطن للاجئ لا يعرف ارضا له، وطنا لمهاجر شعر بالخزى بوطنه الاصلى، وطنا لقلبها الذى طالما تلوى قهرا بغربه حضن ابيها.ورغم دموعها المنهمره اتسعت شفتاها بابتسامه احس بها هو فأبعدها محاوطا وجهها بكفه هامسا بنبره ادخلت على قلبها السكينه مخبره اياها انه ربما يكون الامان الذى طالما بحثت عنه: مش عايزك تشيلى هم حاجه، انا جنبك و هفضل جنبك، و اوعدك اني اساعدك تاخدي حقك،صمت لحظات يراقب ما ارتسم بعينها من فرط امتنانها ثم ابتسم بهدوء مردفا بثقه و قد عقد النيه على تنفيذ ما ينتويه: و تحققى حلمك.صدقها و لم يجد بقلبه او عقله ادنى شك بها،هو لا يراها كزوجه له و لكنه تيقن انها بحاجه له كوتد يعيد لها حياتها او ربما يساعدها فقط.جلس ممسكا بيدها ليصرح بما يكنه و كما كانت معه بكامل صدقها سيفعل هو المثل، و ترجم تفكيره بكلمات قليله: طالما بدأنا علاقتنا بالصراحه انا لازم اعرفك حاجه تخصنى...اومأت فتنهد لحظه اردف بوضوح بعدها: انا كنت بحب واحده بس اراده ربنا كانت غير ارادتى، صدقينى انا هحاول اقدم ليكِ كل اللى اقدر عليه الا انى اح...قاطعته و على ما يبدو ان كلامه اراحها على عكس ما توقع: انا مش عاوزه حب، انا محتاجه أمان، ثقه، محتاجه احترام و بس يا مازن، ثم ان صراحتك معايا كفايه و صدقنى لو قلبك حب تانى انا متأكده انك تستاهل واحده احسن منى كتير، واحده تقدر تقدملك الحب.و مع ردها اطمئن قلبه فابتسم و بدالته هى اياها بابتسامه اوسع، فربما لا تربطهم الان عاطفه زوج و زوجه، و لكن يربطهما بالتأكيد عاطفه احتياج.رفض كلا منهما الحب و لكن ربما يكن كلاهما الحياه لقلب الاخر، من يدرى؟!و انتِ يا حيلتى و حياتى و محاولاتى لا استطيع الا ان احبك.اقتباسابتسامه صغيره، تركيز تام و حواس موجهه تماما تجاه ما يمنحها اياه هذا الكتاب من احساس، طرقات خفيفه، اخرجتها من شرودها، دخوله، مشاكسته المعتاده، ضحكتها ثم امسك بيدها جاذبا اياها خلفه و هو يقول: عندى ليكِ مفاجأه.لتتوقف جنه مسرعه و تعتدل لتقابله و عينها تلمع بفرحه طفوليه و هى تتسائل: ايه هى؟!و لم يجبها بل اردف بأمر اخر: و في المقابل هتسيبى نفسك ليا النهارده؟عقده حاجب، تحديق للحظات ثم استفسار خالف توقعه بالرفض: اعتبر ان دا شرط؟و راقه تجاوزها للامر ليقترب منها هامسا ببحه رجوليه لها تأثيرها الخاص على قلبها: لا، أمر.لتعض هى باطن وجنتها آخذه نفسا عميقا تهتف بحنق: ماتعرفش تكمل حاجه حلوه للاخر ابدا!لتتسع ابتسامته غامزا بمكر متسائلا: لو ما بتحبيش كده بلاش منه،.لتقاطعه متخذه موضعه بالمراوغه و هى تنظر للاعلى تحرك عينها يمينا و يسارا مدعيه التفكير قبل ان تهمهم مضيفه بهمس: لا بحب.و رغما عنه او ربما برغبته تاه مجددا بابريقها العسلى، تلك الملكه التي تربعت على عرش قلبه الذي لم يعرف و لن يعرف الحب إلى بها و معها!و مع محاوطتها بحصونه السوداء فقدت كل دفاعها لتتحدث عينها برغم صمتها فأى كلام يُقال الان لتصف احساسها و خاصه به،.احساس بدأ بخوف ليتملكها بعدها امان لا تعرفه الا معه و ربما هذا ما تخافه،احساس بدأ بكرهها له لينتفض قلبها بحب لم تكن تتوقع ان تعرفه يوما و من المحتمل ان هذا ما يصيب قلبها بذعر لا تستطيع التخلى عنه،احساس بدأ بشعورها كجاريه له و انتهي بها ملكه متوجه على عرش قلبه و من المؤكد ان هذا ما يبعدها عنه،هو كل ما تتمني، بكل ما فيه، غضبه، حنانه، قسوته، حبه و حتى تجاهله،.تحبه بل تكاد تجزم انها لا تستطيع العيش بدونه،قلبها يريده و عقلها يعاتبها عقد لسانها عن قول ما يرغب بسامعه و ترغب هى بقوله.تعلم انه يحبها و بجنون و كيف يمكن ان يكون عشق ابن الحصري ان لم يكن جنون!و لكنها ايضا تعلم ان ما يمنعه عنها، هي نفسها،ما فعلته في الماضي و ما القته بوجهه من كلمات تغضبه، تعلم تمام العلم انه لم ينساها و لن يفعل،.و تعلم انها لو ظلت على صمتها لن يتحدث هو ابدا، و لن يُقبل على الاقتراب مجددا،هو بالتأكيد يعشقها و لكن كبريائه يمنعه الاقتراب، الاعتراف، و المطالبه.و هي من وضعت كبريائه بينهما.توقف بها امام باب غرفتها قبل ان يفتحها بهدوء لتنظر هى للداخل قبل ان تصرخ بسعاده: داده زهره.و نال ما رغب به عندما منحته نظره ممتنه و ان لم تتحدث، نظره اخبرتها انه للمره التى لا تذكر عددها اسعدها ليغلق الباب اخيرا تاركا اياها مع والدتها الثانيه.حديث طويل، اطمئنان، تعبير مطلق على السعاده، قبل ان تترك زهره المرح جانبا لتحاول معرفه كيف تعيش الصغيره في وضعها الجديد و التى اخبرتها من قبل انه وضع اجبارى لم ترغبه و لم تختاره،.طال الحديث و طال العتاب لتحاول جنه رؤيه الامور بالمنظور التى دفعتها اليه زهره و لكنها استصعبته،و لم يهدئها الحديث بل زادها حيره و تشتت عندما رأت الصوره كامله،هو من يفعل، هو من يُقدم، هو من يحاول، فقط هو، اما هي فلا شئ يُذكر!و لتتمكن زهره من توضيح جُل ما بخاطرها، بدأت بسرد علاقتها بزوجها الراحل، كيف كان يحبها، يسعدها، يغدقها بحنانه و اهتمامه اللامشروط، اما هى فكانت فقط و فقط زوجه، و انهت حديثها بما قاله لها يوم وفاته و هو طريح الفراش اتمنيت اوصل لقلبك زى ما انتِ ملكتِ قلبى بس للاسف عمرى مش كفايه لقلبك الغالى يا زهرتى، انتِ كنتِ ليا زوجه بس و انا كان كل ما فيا ليكِ.و صمتت و سريعا ما اتجهت بحوارها بعيدا و لكن ما زالت جنه عالقه هناك و يبدو انها ستظل طويلا،انتهى اليوم و حان وقت رحيل زهره و قبل ان تغادر استندت بكفها على كتف عاصم لتهمس باصرار: اللى بيحب الجنه بيعافر علشان يوصلها، قلبها ضعيف و خايف بس انا متأكده انك هتقدر توصله او يمكن قدرت فعلا.و تركته دون توضيح ليتردد حديثها بأذنه عده مرات قبل ان يعود لطبيعته و جنه تهتف امامه بابتسامه واسعه: موافقه.ليرفع احدى حاجبيه متسائلا عن مقصدها لتردف ببساطه لا تدرك تأثيرها على قلبه: شبيك لبيك تحت امرك و بين ايدك.و ضحكه مدلله جعلته يطالعها قليلا قبل ان يطالبها بالتجهز للخروج معا.و يبدو ان مفاجأته لم تنتهى، انطلق بها في طريق سفر، لم تدرى وجهتهم و في الواقع لم تأبه بل كانت فقط تفكر في كيف تتخلى عن حذرها معه لتمنحه نفسها، عقلها، قلبها و حبها كاملا و هى تدرك تمام الادراك ان فعل هذا مع ابن الحصرى سيكون اصعب ما تواجهه بحياتها.و اخيرا توقف لتتطلع حولها لتشهق معاوده النظر اليه صارخه: المزرعه!ثم تراجع حماسها قليلا و هى تخمن ما ينتويه: احنا هنعمل ايه هنا؟و استشف من صوتها قلقها، و لم يكن بالعصيب عليه ان يخمن ما خمنته هى فابتسم متجاهلا ما انتابه من غضب و هو يرى استمراريه اصرارها على رفضه مترجلا من السياره ليخرج ما احضره من اغراض معه لا تدرى هى متى جهزها كما لو كان متيقن من قبولها عرضه.دلف و تبعته هى متوجسه خفيه من ان يكون اليوم هو الحد الفاصل لعلاقتهم السابقه المهمشه و التى لم تستطيع منحها اسم يليق بها، و علاقه جديده تجمع ابن الحصرى بحرمه بوضوح و صراحه و غلق تام لدفاتر ماضٍ يؤذيها اكثر مما تتحمل، و صدقا تراقص قلبها شغفا لكونه جعل الامور اسهل بكثير مما كانت تتوقع،توقف اامام غرفه و تمتم بابتسامه هادئه تحمل بعض الخبث الذى ميزته في ابتسامته و ان لم تفهم سببه: غيرى هدومك.وافقته و فعلت و بعض ان انتهت من ارتداء ما احضره نظرت لنفسها لتتسع عينها بذهول و هى تنتفض مع طرقاته على باب الغرفه لتهتف بحرج: انا مش هعرف اخرج كده.و مستندا على بابها داعب جانب فمه باستمتاع، فهو تعمد اختيار ثوبا يروقه هو لا يناسبها هى و قال بنبره يدري تأثيرها عليها: ليه يا جنتى؟و صوتها اكثر ترددا كان الاجابه: كده.و مع حركه المقبض استندت بكامل جسدها تمنع دخوله صارخه: لا،.ليصلها صوت ضحكته و هو يدفع الباب الذي تعترضه بجسدها ليفتحه قليلا: اسمعى الكلام بس،صرخت مجددا و هي تحاول منعه من دفع الباب بكل ما اوتيت من قوه: لا يا عاصم،تعالت ضحكته لتضرب هى جبينها بخجل اشعل وجنتيها، و بقوه نسبيه دفع الباب و مد يده ممسكا يدها ليجذبها للخارج ليطالعها من اعلى لاسفل بنظره متفحصه زادت خجلها قبل ان يتلاعب بسلساله على عنقها متمتما: ما احنا حلوين اهه، مش عاوزه تخرجى ليه بقى!تركها و دلف للغرفه لحظات ثم عاد و قام بجمع خصلاتها البندقيه رافعا اياها لاعلى ليثبتها بمشبك ليتضح له عنقها بصوره افضل قبل ان يلامس جيدها مجددا متتبعا سلسالها و كم كان يتمنى لو كانت شفتيه محل انامله الان و لكن لا لم يحن الوقت بعد.و لم تدرى ما اوقفه و لكنه جذبها معه للمطبخ مشيرا على بعض الاعراض التى وضعها اعلى الطاوله الرخاميه و تمتم بعنجهيه تناسب كلماته: انا جعان، و لاول مره في حياتي كلها هتنازل و هقف معاكِ و انتِ بتحضرى الاكل.لتتسع عينها قليلا مع نظره يملأها الغيظ و هى تهتف بمرح ساخر: جاى على نفسك قوى، دا شرف كبير ليا يا سياده النقيب.ابتسم بغرور هاتفا بصرامه تليق بابن الحصري: بس اتمني يكون الاكل عند حسن ظنى و الا..لتضع يدها بخصرها تميل في وقفتها قليلا بتحدٍ رافعه احدي حاجبيها مردده خلفه و ابتسامه صغيره تلون جانب شفتيها: و الا؟نظر اليها قليلا و هو يجد بنظراتها ثقه قله ما يراها ثم مال بجذعه عليها و همس محدقا بابريقها العسلى وثقته تفوق ثقتها كثيرا: هاكلك انتِ.ارتجفت عينها للرد قبل ان تضحك ضحكه قصيره و هى تبتعد عنه ليقفز هو جالسا على الطاوله الرخاميه، بدأت تعد الطعام، حركه هنا و هناك و هو وظيفته الوحيده مشاغبتها و ربما، مراقبتها و الاستمتاع.ترك الملعقه بعد انتهائه من تناول الطعام و لن ينكر انها كانت عند حسن ظنه و اكثر فوجدها تشير على الطعام و تسائلت و على وجهها ابتسامه ساخطه و كأنها تتعمد اثاره غضبه و استفزازه: اتمنى يكون سمو الملك راضى عن الخدمه؟و لم تجد اجابه سوى ضحكات عاليه لتتعالى ضحكتها معه و هى تخفى عينها عنه فنهض ممسكا يدها دافعا اياهاا للغرفه مره اخرى: هتلاقى فستان على السرير، البسيه و تعالى.و لم يمنحها الفرصه للاعتراض و تركها و خرج، لترتدى ما احضره لها و تخرج ليراقب جمالها قليلا قبل ان يجذبها لصاله المنزل، ليتركها لحظات و يعود و قد ارتفع صوت موسيقى كلاسيكيه في المكان ليمد يده لها بابتسامه خاطفه لقلبها الذى لا يصدق انها تعيش ما تعيشه الان كما لو كانت تحلم: تسمحي لى بالرقصه دى؟حدقت بيده لا تصدق ثم عيناه التى تنتظر موافقتها لتترك كفها براحه بين يده ليجذبها بخفه لصدره معانقا خصرها،.و كالعاده الصمت يلف كلاهما،ما الذى يساويه الكون كله مقابل وجودها بين يديه، ما الذى تتمناه اكثر من اندماج انفاسهم معا، اى كلام يعبر و قلبها قريب من قلبه و اى سعاده تطلب و عينها تراه.ضحكه ساخره باعماق قلبه، هو يحبها، نقطه و انتهى كل شئ،هى صارت معه، له، جزء منه بل هى كله،هو مريض بها مرضا لن يُكتب له الشفاء منه ابدا،.فان كانت كل النساء مياه فوحدها اميرته زمزم و ان كان كل الرجال ظمآي فوحده بحبها - و ان كان ناقصا - المرتوى.استندت بأنفها على مقدمه كتفه تتسائل بهمس: تعتقد ان ممكن الانسان يلاقى فرحه تقدر تنسيه اى حزن عاشه قبل كده.لينظر للفراغ قليلا قبل ان يجيبها بثبات و ثقه: لا معتقدش، انا متأكد، لان محدش بيعرف معنى الفرح الا لو عرف معنى الحزن.و تحاول هى اخباره بما يثقل عليها اردفت و هى تقترب بجسدها منه اكثر: و لو الانسان دا خايف من الفرحه؟و ادرك انها تتحدث عن ذاتها و خوفها منه و ربما عدم رغبتها و اسفا ادراكه لم يكن بمحله اغلق عينه و هو يجيبها ببساطه اصابتها بالذهول: يبقى مايستحقش.لتضغط بيدها لااراديا على عنقه فأردف و قد اخبره قلبه بحاجتها للاطمئنان و ان كان منه: و ممكن يخسر،.و صمت لحظه و اضاف متنهدا: و ممكن يفوز بفرحه اكبر لو دافع عنها،و ابعدها عنه ينظر لعينها مبتسما متجاوزا كل ما يجول بقلبه: ليست المطالب بالتمنى.طالعت عينه و التى اخبرتها انه بالفعل يرغب منها بالمزيد و لكن حيرته بين قلبه و الذى اعترف منذ زمن بحبه، يعترف كل يوم و سيعترف كل دقيقه، و بين عقله الذى منعه التقدم، مبادئه التى حالت بينه و بين قلبها، و الاسوء كبريائه الذى يذكره بنفورها منه، بكرهها للمساته، بكلماتها التى قللت من شأنه، كبريائه الذى لن يتنازل عنه حتى من اجل قلبه او قلبها.ابتسم بتكلف منهيا ساحريه الليله بعدما كان على وشك التقدم عوضا عن الخطوه خطوات: يلا نتحرك الوقت اتأخر و اللى في البيت هيقلقوا...و قد كان.