رواية خط أحمر الجزء الثالث للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل العاشر
ظلت محدقة بها لعدة دقائق لا تعرف كيف تخرجها من تلك الحالة التي وضعت نفسها بها فهي من ألقت بنفسها إلى هذا الجحيم وهذا لن يجعلها تسامح نفسها طوال حياتها، اغلقت عينيها واخرجت تنهيدة هادئة قبل أن تضع يدها على كف يدها الأيمن وتقول بهدوء:.
- غلط اللي أنتي بتعمليه في نفسك ده يا ياسمين! أنتي من كام يوم اغم عليكي وروحتي المستشفى والدكتور قال لازم تخرج من الحالة اللي هي فيها دي، اللي حصل حصل يا ياسمين مش هنقدر نمنعه أغلقت عينيها بحزن قبل أن تنظر إلى ابنة خالتها وتردد: - روحي لجوزك يا نايا وسيبيني، زين المفروض لسة راجع من الشغل وعايزك جنبه هزت رأسها بالرفض عدة مرات وهي تقول بإصرار:.
- زين عارف إني هنا ملكيش دعوة بيا وبيه، أنا عايزاكي ترجعي لحاياتك ولشغلك وتخرجي من الحبسة دي، القعدة دي مش هتفيد ولا هترجع اللي حصل رسمت ابتسامة تظهر مدى تألمها ورددت بعدم رضا: - حاضر يا نايا هخرج من اللي أنا فيه وهرجع لشغلي، مش ده اللي مزعلكم! حاضر حلو كدا؟
لوت ثغرها وحزنت على حالها وبعد عدة دقائق تركتها واتجهت إلى غرفة زوجها «زين» لتجده يشاهد التلفاز فاقتربت منه والقت نفسها بين أحضانه وهي تقول: - حبيبي وحشتني.
مثل الحزن ورفع أحد حاجبيه وهو يقول بعدم رضا: - ما أنتي سايباني لوحدي، ده أنا ما بصدق الحبة الصغيرين اللي بقعدهم يبقوا معاكي علشان طول اليوم شغل اعتدلت قليلًا ورفعت رأسها للأعلى كي تنظر إليه ورددت بحب: - معلش يا حبيبي بس كان لازم أتكلم شوية مع ياسمين، الله يكون في عونها دي ال 24 ساعة حابسة نفسها في الاوضة ومش بتتكلم ولا عايشة حياتها، المفروض تتكلم معاها وتدعمها يا زين مش تخاصمها دي أختك بردو.
نظر إلى نقطة بالفراغ وردد بعدم رضا: - ادعمها في غلطها ولا طريقتها اللي متغيرتش ثم وجه بصره إليها مرة أخرى وتابع: - ياسمين مكتفتش إنها شكت في نائل لا دي كمان شتمته وعايرته بفقره زمان زي ما كانت بتعمل قبل كدا، ضيعت كنز من اديها بغبائها، مبقتش ليا عين أكلم نائل تاني بعد اللي هي عملته وتقوليلي ادعمها! اعتدلت في جلستها قبل أن تضم كف يده وهي تقول باستعطاف:.
- يا حبيبي أنا معاك إنها غلطت وهي دلوقتي دفعت تمن غلطها وندمت جامد والندم ده اوحش عقاب في الدنيا هتسيبها كدا لغاية ما تعمل في نفسها حاجة! أنت أخوها الصغير ويعتبر دلوقتي بعد ما اتطلقت انت ولي أمرها يعني لازم تكون سند ليها في محنتها وتسندها علشان تقوم تاني مش علشان غلطت تفضل مقاطعها طول العمر، اللي حصل حصل دلوقتي وقتك أنت نظر إليها وفكر للحظات قبل أن تقول هي مشجعة له بابتسامة:.
- بتفكر في أيه قوم يلا روحلها دلوقتي وعرفها إنك العمود الفقري بتاعها اللي شايلها ابتسم هو لابتسامتها وهز رأسه بالإيجاب عدة مرات وهو يقول: - حاضر، ربنا يخليكي ليا يا أجمل واحن زوجة في الدنيا.
طبع قُبلة على جبينها قبل أن ينهض من مكانه ويتجه إلى غرفة شقيقته، وقف أمام الغرفة وتردد للحظات في الدخول إلا أنه أتخذ قراره النهائي وطرق على الباب بخفة وانتظر لثوانٍ قبل أن يفتح الباب ليجدها على سريرها وتحضن وسادتها وتبكي بصوت غير مسموع فحزن بشدة على حالها وتقدم إلى الداخل حتى وصل إلى فراشها، جلس على طرف الفراش ووجه بصره إليها قبل أن يقول: - العياط والندم مش هيفيدوا بحاجة يا ياسمين.
وجهت بصرها تجاهه وازداد بكائها وهي تقول: - لما الواحد يخسر بغبائه حاجة غالية ومش بتتعوض ولا فيه زيها يبقى لازم يندم ندم عمره ويحس إن روحه هي اللي ضاعت نظر إلى الأسفل لثوانٍ قبل أن يوجه بصره تجاهها قائلًا: - وهل علشان الحاجة الغالية دي ضاعت افضل طول عمري اعيط عليها ومكملش حياتي؟ ولا ارجع واعيش حياتي على أمل إن الحاجة دي ترجعلي تاني! جففت دموعها بمنديلها الورقي وهزت رأسها بأسف وهي تقول بحزن:.
- نائل حذرني وقالي هتندمي وأنا قابلت تحذيره ده بإهانة، أنا مكنتش متخيلة إني هعمل كل ده في نائل بس أنا من حبي ليه اللي حصل ده لغى عقلي وعلى أد حبي ليه على أد رد فعلي الغبي ده، نائل عمره ما هيسامحني لأني وحشة أوي أمسك يدها وربت عليها بحب وهو يقول بحنو شديد:.
- لا يا ياسمين أنتي مش وحشة أنتي اتصرفتي غلط في موقف ميحتملش الغلط، مش عيب إن الواحد يغلط بس العيب اللي بجد هو إنه ميتعلمش من غلطه، اخرجي من حبستك دي وارجعي لحياتك واللي فيه الخير يقدمه ربنا شعرت بالراحة لحديثها معه وتأكدت أن أخاها دعم كبير لها لذلك اعتدلت وارتمت بين أحضانه فربت هو على ظهرها قائلًا: - ربنا يسعدك ويرجعلك حياتك وابتسامتك تاني.
- مرح أيه يخربيتك هنموت قالها «طيف» بعد جملة «ريموند» المستفزة استعد تامر، المرح بدأ فابتسم «ريموند» واخرج سلاحه وهو يقول: - Don t worry , it will be ok (لا تقلق سيكون الوضع بخير) ثم خرج من السيارة ونظر إليه من الخارج وهو يقول بإصرار: - stay here (ابقى هنا).
خرج عدد كبير من هذا الاسطول الذي كان على شكل سيارات واشهروا اسلحتهم الرشاشة وبدأوا في اشتباك حاد مع هؤلاء المسلحين الغير معروفين وكان الوضع حاد لدرجة كبيرة وكان «طيف» يتابع هذا الاشتباك بقلق واضح وأشهر سلاحه كي يخرج ويساعدهم، فتح الباب الخلفي للسيارة وخرج بحذر بعدما جهز سلاحه وما إن وجد أحدهم يطلق الرصاص بغزارة باتجاه سيارته حتى اختبئ خلفها وظل هكذا لأكثر من دقيقة قبل أن يخرج بسرعة ويطلق الرصاص على هذا المسلح ليوقعه قتيلا على الفور، إلتفت وبحث بعينه على «ريموند» فوجده يقف خلف احدى السيارات ويطلق النيران بقوة وقبل أن يقترب منه وجد أحد هؤلاء المسلحين يلتف بسرعة كبيرة لكي يبقى خلفهم ويسهل صيدهم فتحرك هو بسرعة وخفض جسده حتى لا يراه أحد وأمسك سلاحه بكفيه وقبل أن يطلق هذا المسلح الرصاص على «ريموند» أصابه «طيف» بطلق ناري في الصدر فالتفت «ريموند» في الحال ليجد «طيف» قد انقذ حياته.
ابتسم ورفع أحد حاجبيه وهو يردد باللغة العربية: - دكتور وقناص؟ رفع أحد حاجبيه وهو يردد بعدم رضا: - مش ناقصة قر بالله عليك بدل ما اتنش رصاصة تجيب أجلي.
استمر إطلاق النار في المكان لأكثر من عشرون دقيقة وسقط الكثير من القتلى من الجهتين ولكن تم القضاء على العناصر المسلحة المعادية لرجال «ريموند»، أسرع الجميع إلى سياراتهم مرة أخرى قبل حضور الشرطة والمباحث الفيدرالية إلى المكان وانطلقوا إلى مكان مجهول قبل أن أن يبدلوا سياراتهم ويتجهوا إلى المطار حيث الطائرة التي سيسافر «طيف» على متنها.
اتجه الإثنين إلى الطائرة وقبل أن يصعد «طيف» نظر إلى «ريموند» وهتف بتساؤل: - الناس المسلحين اللي قطعوا علينا الطريق دول من مجلس الريد لاين ضم حاجبيه بعدم فهم وهو يقول: - what ? please speak english لوى ثغره وردد بتعجب: - ما أنت كنت بتتكلم عربي من شوية أنت ملبوس! حاضر The militants who attacked us are they from the Red Line council ? هز رأسه بالنفي وهو يجيبه:.
- No, this is an anti-us organization, the Red Line Council does not attack us because we are Sizka men (لا، هذة منظمة معادية لنا، مجلس الريد لاين لا يهاجموننا لأننا رجال سيزكا) هز رأسه بالإيجاب واستعد للصعود إلى الطائرة وهو يقول: - I understand (لقد فهمت) وقبل أن يصعد أوقفه «ريموند» قائلًا: - Our men in Egypt will know you as soon as you arrive, and the password is Red Line.
(رجالنا في مصر سيعرفونك فور وصولك وكلمة السر هي ريد لاين) - ok (حسنا).
ملت من اسئلتها الدائمة عن مكان تواجد زوجها وعدم تلقيها إجابة واضحة عن طبيعة المهمة الموكل بها لذلك قررت أن تعرف طبيعة تلك المهمة بنفسها وبدأت في مراجعة تقارير المهام التي قام «طيف» بتأديتها واليوم الذي تم اختفاءه به من وسط الفريق ثم بدأت في مراجعة أسماء رحلات الطيران التي غادرت مصر في اليوم التالي فلم تجد إسم زوجها من بين تلك الأسماء لكنها لاحظت شئ وهو اسم طبيب نفسي تامر عبدالرحمن، ما لفت انتباهها حقا هي وظيفته وعمره فتاريخ ميلاده هو تاريخ ميلاد زوجها «طيف» كما أن الوظيفة هي وظيفته السابقة فقررت التحري أكثر عن الأمر وبدأت في البحث عن صور هؤلاء المسافرين وحصلت عليهم بالفعل وزادت دقات قلبها وهي تبحث بين الصور لتتفاجئ بصورة «طيف» من بينهم فتوقفت للحظات ونظرت إلى نقطة بالفراغ وهي تردد:.
- يعني أنت طلعت مهمة برا مصر يا طيف! ياترا طلعت المهمة دي مع مين؟
في اليوم التالي قررت الذهاب إلى المطار لكي تراجع كاميرات المراقبة وبالفعل وصلت إلى مطار القاهرة وتحركت إلى الداخل بخطوات هادئة لكنها توقفت وتجمدت مكانها عندما وجدته، كان هو «طيف» الذي افتقدت النظر إليه لفترة طويلة، كان يسير مع رجلين آخرين وقبل أن تقرر التوجه ناحيته توقفت للحظات ورددت بصوت غير مسموع:.
- افرضي هو لسة في المهمة! ممكن كدا يتأذي، أنا هراقبه وامشي وراه وساعتها هعرف هو لسة في المهمة ولا لا.
تراجعت إلى الخلف وتخفت كي لا يراها هو وانتظرت حتى خرج هو ومن معه، تحركت بحذر وخرجت خلفه وراقبته من بعيد وهو يركب تلك السيارة فاسرعت واستقلت سيارتها بسرعة وسارت خلف تلك السيارة لكنها وضعت بينها وبينهم مسافة كبيرة حتى لا يلاحظها أحد أو يشك بأنها تراقبهم، سارت لمسافة طويلة خلف تلك السيارة حتى وصلت إلى أحد الفنادق الموجودة بالقاهرة وخرج رجلين ومن خلفهما «طيف» الذي نظر حوله قبل أن يدخل، جلس على مقعد بالاستقبال ونظر حوله وهو يردد بعدم رضا:.
- مكتوبلك تشوف الفنادق أكتر ما تشوف عيلتك يا طيف، حاسس الموضوع كبر سيكا وهودع ظل هكذا إلى أن حضر أحدهم ليمد يده بكارت إليه قائلًا: - ده كارت الاوضة بتاعتك هتقضي اليوم النهاردة وبكرا فيه عربية هتيجي تاخدك من هنا تناول منه الكارت ونظر إليه قبل أن يقول بتساؤل: - وهتسيبوني لوحدي من غير حراسة؟ ابتسم واجابه بثقة كبيرة:.
- متقلقش رجالتنا متوزعين في الفندق، أنت في أمان، متخرجش بس أنت من الاوضة وخليك هنا وخد الخط ده خليه معاك هنكلمك عليه بكرا في وقت التحرك هز رأسه بالإيجاب وتركه ثم اتجه إلى الأعلى عن طريق المصعد، سار إلى غرفته وفتحها قبل أن يلقي بجسده على السرير بتعب شديد...
على الجهة الأخرى ظلت «نيران» بمكانها بالسيارة بعد أن تأكدت أن زوجها لم ينتهي من تلك المهمة بسبب وجوده هنا ومن الواضح أن تلك المهمة خطرة لذلك قررت التواصل معه ومعرفة الأمر لكنها لا تعرف كيف تتواصل معه لأنه من المؤكد أنه مراقب وتحت حراسة شديدة، فكرت عدة دقائق في كيفية الدخول والتواصل معه وابتسمت عندما خطر ببالها فكرة، ذهبت لشراء ملابس وعدة أشياء أخرى ثم وضعتها بداخل حقيبتها وقامت بارتداء قبعة لتخفي وجهها قليلا، اتجهت إلى الفندق مرة أخرى ودلفت إلى الداخل ثم اتجهت إلى المرحاض وبدلت ملابسها وقامت أيضا بارتداء شعر مستعار باللون الأصفر وغيرت من شكل وجهها عن طريق مستحضرات التجميل، خرجت بعدما انتهت من كل ذلك ثم اتجهت إلى الاستقبال واقتربت وهي تقول بابتسامة ورددت باللغة الإنجليزية:.
- Please, I would like to know the room number of a doctor Tamer Abdel Rahman, he has arrived today and I would like to prepare a surprise for him because his birthday is today (من فضلك أود معرفة رقم غرفة الطبيب تامر عبدالرحمن، لقد وصل اليوم واود تحضير مفاجأة له لأن عيد ميلاده اليوم) ابتسم موظف الاستقبال وردد بوجه مبتسم: - Okay I ll know his room number now, please wait.
(حسنا سأعرف رقم غرفته الآن، من فضلك انتظري).
ضغط على ازرار الحاسوب الموضوع أمامه عدة ضغطات قبل أن يرفع رأسه ويردد بابتسامة: - His room number is 313 (رقم غرفته 313) ابتسمت واردفت: - Thank you very much (شكرا جزيلا).
تركته واتجهت إلى المصعد الذي أوصلها إلى الأعلى فتحركت بخطوات هادئة وهي تدرس الموقف من حولها، وجدت شخص يسير في هذا المكان فتابعت سيرها دون أن تنظر إليه وما إن وصلت إلى نهاية هذا الطريق حتى نظرت خلفها لترى إن كان هذا الرجل قد اختفى أم لا فوجدته انحدر يسارًا، اسرعت وعادت مرة أخرى حتى غرفة «طيف» وطرقت الباب بسرعة وهي تنظر من حولها بتوتر فكشفها يعني فشل خطة زوجها وتعرضه للخطر، طرقت على الباب مرة أخرى ففتح هو الباب ليجدها أمامه، فرك في عينيه وهو يقول بصوت شبه نائم:.
- العنوان غلط يا كتكوتة وقبل أن يغلق الباب دفعته واتجهت إلى الداخل فصاح هو باعتراض: - لا لا بقولك أيه انا واحد هيموت وينام يعني تسيبيني وتتكلي على الله يابنت الحلال واغزي الشيطان أغلقت الباب وخلعت شعرها المستعار قبل أن تردد بابتسامة: - وحشتني.
اتسعت حدقتيه بعدم تصديق وعجز لسانه عن النطق ولم يشعر بنفسه إلا وهو يحضنها بقوة وشوق، وكذلك هي فهي قد افتقدته كثيرا الأيام الماضية، سند برأسها على صدره بينما سند هو برأسه على رأسها وردد بشوق كبير: - يااه أنا مش مصدق نفسي، مش مصدق إنك معايا دلوقتي وفي حضني، وحشتيني أوي ووحشني حضنك، قولي إني مش بحلم وانك معايا دلوقتي بجد.
رددت بصوت منخفض وعينيها مغلقتان: - انت مش بتحلم يا طيف، أنا معاك دلوقتي بجد أخيرا بعد الوقت ده كله بعيد عن بعض، أنا حاسة إني روحي رجعتلي تاني وانا في حضنك، مش عايزة ابعد عنك نهائي مسح بيده على شعرها وهو يردد بحب: - الحياة من غيرك وحشة أوي، كنت خايف مشوفكيش تاني بسبب المهمة دي بس الحمدلله إنك معايا دلوقتي ظلوا هكذا لأكثر من خمس دقائق قبل أن يبتعد عنها ويضم يديها قائلًا:.
- أنتي عرفتني بالمهمة إزاي ووصلتيلي هنا إزاي! حسب معرفتي ب بابا فهو من تاسع المستحيلات إنه قالك على حاجة، عملتي ايه بقى؟ ابتسمت ورفعت كتفيها وهي تردد بفخر:.
- مراتك مش قليلة، أنا بعرف بردو أتصرف إزاي في المواقف اللي زي دي، عرفت أنت سيبت الفريق امتى وبعدين روحت جبت قايمة بأسماء الناس اللي سافرت في اليوم اللي بعده من مصر لأن طالما دي مهمة سرية يبقى أكيد برا مصر ولفت انتباهي دكتور تامر عبدالرحمن وانه دكتور نفسي ونفس سنك ولما راجعت الصور طلع أنت، قررت أروح المطار أعرف أنت كنت مع مين وقت سفرك لكن اتفاجئت بيك خارج ومعاك اتنين فقولت اكيد لسة في المهمة ومشيت ورا العربية لغاية ما وصلت لهنا، فكرت إزاي اوصلك لغاية ما خطر في دماغي الفكرة دي وغيرت لبسي وطلعتلك بعد ما عرفت رقم الاوضة أيه رأيك بقى.
هز رأسه وهو يقول بذهول شديد: - ده أنتي عفريتة، مين يفكر تفكيرك ده ويعمل كل اللي عملتيه، لا عاش بجد ضحكت ورددت بصوت هادئ: - كلو علشان حبيبي اللي مدوخني وراه، قولي بقى أيه المهمة دي! باين مهمة خطيرة جدا تحرك وجلس على طرف فراشه ثم نظر إليها واردف: - أخطر مما تتخيلي، تعالي اقعدي هحكيلك وقبل أن تتحرك خطوة واحدة استمع الإثنين لطرقات على بابا الغرفة فنهض هو بسرعة من مكانه وردد بهمس: - هنعمل ايه!
نظرت هي من حولها فوجدت شرفة الغرفة فاتجهت إلى داخلها ووقفت على سورها القصير فاوقفها «طيف» وهو يقول باعتراض: - بتعملي أيه يا نيران هتقعي؟ نظرت إليه بعد أن رفعت أحد حاجبيها وقالت معترضة: - أقع! أيه يا طيف أنت نسيت شعلقات زمان ولا أيه، متخافش عليا انا هنط على السير ده وهقف عليه تحسبًا لدخول حد هنا ضيق ما بين حاجبيه وردد بقلق: - بس أنتي حامل ابتسمت كي تبث الطمأنينة في قلبه ورددت بحب:.
- متقلقش علينا أنا أكيد مش هعرض حياتي أنا وبنتنا للخطر يا حبيبي تركها وهز رأسه بالإيجاب ثم اتجه إلى الباب وقبل أن يفتح وجد شعر نيران المستعار على الأرض وأيضا حقيبتها فاسرع ووضعهم أسفل الفراش وفتح الباب وهو ينظر بعينين مغلقتين ليمثل النوم فوجد أحد رجال «سيزكا» الذي ردد قائلًا: - أيه يا عم تامر ساعة عقبال ما تفتح؟ أجابه وهو يمثل الضيق وعدم النوم:.
- حرام عليك يا جدع أنت صحيتني في نص الحلم، كنت بحلم حلم جميل ربت على كتفه وقال باعتذار: - لا مؤاخذة يا دكتور أنا بس جيت اتطمن عليك واشوفك محتاج حاجة ولا لا أصل أنت متوصي عليك من فوق اوي ربت «طيف» على كتفه واردف: - فيك الخير يا اخويا، أحسن حاجة تعملها دلوقتي تسيبني أنام ومتصحنيش تاني لو مفيهاش إساءة أدب.
- حاضر هسيبك ولو احتاجت حاجة هتلاقي رقم متسجل على الخط اللي خدته كلمني وهبقى فوق دماغك علطول.
قررت العودة إلى عملها مرة أخرى بعد نصائح الجميع لها بنسيان الماضي ومتابعة الحياة، وصلت إلى الشركة بعد غياب دام اسبوعين ودلفت إلى الداخل وسط همسات العاملين ونظراتهم ذات المعنى، وصلت إلى مكتبها فتبعتها «اسراء» إلى الداخل ورددت بابتسامة: - حمدالله على سلامتك يا مدام ياسمين نورتي الشركة رسمت ابتسامة مجاملة وهي تردد بفتور:.
- تسلمي يا إسراء، عايزاكي بقى تقوليلي آخر المستجدات وكل اللي حصل خلال الاسبوعين اللي فاتوا اختفت ابتسامتها وانتظرت للحظان قبل أن تقول بتردد: - فيه شركتين فسخوا التعاقد معانا بسبب إن مفيش حد يقعد معاها ويحدد شروط تجديد العقود ده غير إن العمل في الفرع التاني متوقف بسبب إن مفيش متابعة من حضرتك، الأوضاع بقت في أزمة كبيرة تأففت بضجر وضمت وجهها بين كفيها قبل أن تردد بحزن:.
- طيب أي أوراق او أي حاجة ابعتيهالي وانا هتصرف هزت رأسها بالإيجاب وهي تقول بجدية: - حاضر كل حاجة هتبقى على مكتب حضرتك دلوقتي.
أغلق «طيف» الباب ثم اتجه إلى الشرفة مرة أخرى وأشار إلى «نيران» التي تحركت وساعدها هو على النزول لتسقط بين أحضانه، ابتسم بحب وردد قائلًا: - فيه مثل بيقول يا شايل الحزن وحاطت أيدك على خدك بكرا يجيلك الفرح ويبوسك من خدك، وأنتي الفرح اللي جالي وسط ما أنا حزنان بوسيني بقى ضحكت بشدة على جملته تلك ورددت بسعادة:.
- تصدق وحشني أمثالك الجميلة دي، هبوسك حاضر بس مش قبل ما تحكيلي عن المهمة دي وتقولي أنت بتعمل أيه هز رأسه بالإيجاب وأردف: - بس كدا! من عنيا.
اتجهوا إلى الداخل وجلس هو قبل أن يقص عليها كل شئ من البداية حتى تلك اللحظة وكانت تعطيه اهتمامها وتتغير تعابير وجهها مع سرده للأحداث، خبط بكفه الأيمن على كفه الأيسر وهو ينهي سرده قائلًا: - بس كدا واديني هنا اهو مستني أشوف الدنيا هترسى على أيه ضيقت نظراتها وهي تردد بعدم رضا: - يعني السنيورة سيزكا عينها منك وبتحبك صح كدا؟ رفع أحد حاجبيه وقال مازحًا:.
- يا حبيبتي أنا حكيتلك حكاية أكشن وضرب نار وعبدة شياطين ومنظمة عالمية وترابيزات بلياردو وبينج وكل اللي ركزتي فيه إن سيزكا بتحبني وعينها مني! متخافيش يا حبيبتي جوزك عمره ما هيحب ولا هيدخل قلبه حد غيرك وبعدين أنا حكيتلك كل اللي حصل بالظبط أهو من غير ما اخبي حاجة صمتت لثوانٍ قبل أن تنهض من مكانها وتقترب منه وتضم وجهه بين كفيها وهي تقول:.
- حبيبي المهمة دي خطر أوي أنا خايفة عليك أوي، أنت تعمقت أوي والناس دي مش بترحم، سيزكا دي نفسها لو كشفتك هتكون اول واحدة تأمر بقتلك ابتسم قبل أن يضع يديه على كفيها الموضوعين على وجهه وأردف:.
- حبيبتي أنا خلاص بدأت المهمة ولازم أكملها للنهاية وبعدين المقدم يوسف عمل مهمات زي دي قبل كدا وبقى بخير وزي القرد اهو، سيبيها على الله وهتعدي على خير ان شاء الله، فكك بقى من كل الكلام ده وتعالي علشان أنتي وحشتيني أوي.
- أكيد عند أهلها يا أسماء متقلقيش قالها اللواء «ايمن» عندما أخبرته «اسماء» بغياب «نيران» منذ الصباح الباكر ولم تعود حتى الآن، قالت هي ردًا على جملته الأخيرة: - أنا كلمت مامتها وقالت إنها مش هناك ومجاتش النهاردة أصلا، أنا قلقانة عليها يا أيمن - طيب يا اسماء أنا هتصرف وأعرف هي فين، خير إن شاء الله أنهى المكالمة معها قبل أن يرفع سماعة هاتفه ويردد بجدية:.
- رماح عايزك في مكتبي اغلق السماعة وتابع النظر إلى ملف أمامه، مرت ثوانٍ حتى حضر «رماح» ودلف إلى الداخل بعدما أذن له اللواء «ايمن» ثم ردد بجدية: - تمام سعادتك رفع بصره وردد بنبرة آمرة: - عايزك تقلب الدنيا على نيران علشان مختفية من الصبح، يارب متكونش عملت مصيبة وراحت تدور على طيف هز «رماح» رأسه بالإيجاب وهو يردد بجدية:.
- حاضر سعادتك، إن شاء الله تكوم بخير وأي مستجدات هبلغ سيادتك بيها ثم رحل من أمامه ليبقى هو وحده يفكر في عدة أمور تخص العمل وأثناء تفكيره تلقى اتصال عبر هاتف مكتبه فرفع السماعة ليستمع إلى تلك الكلمات: - طيف وصل القاهرة النهاردة.
استيقظ من نومه ليجدها نائمة بجواره وتسند رأسها على صدره فابتسم تلقائيا ومسح على فروة رأسها بسعادة بالغة وظل هكذا لأكثر من عشر دقائق قبل أن تفتح عينيها وترفع رأسها قليلًا لتجد تلك الابتسامة التي كانت تزين وجهه فرددت بحب: - صباح الخير يا حبيبي - مساء النور يا حبيبي، إحنا بليل أنتي ناسية ولا أيه ضحكت ووضعت يدها على وجهه وهي تقول: - اها صح، حضنك نساني كل حاجة.
ثم نهضت من مكانها على الفور وهي تقول بلهفة: - يلاهوي أنا فعلا نسيت كل حاجة! أنا لازم أمشي دلوقتي لأنهم بنسبة 100% هيكلموك دلوقتي أو حد هيجيلك ارتدت ملابسها بسرعة وشعرها المستعار بعدما عدلت من مستحضرات التجميل التي كانت على وجهها ثم اتجهت إلى باب الغرفة فاوقفها هو من ذراعها وهو يقول: - هشوفك تاني إزاي؟ ابتسمت وهي تجيبه بسرعة: - متقلقش أنا مش هبعد عيني عنك.
وفتحت الباب فاوقفها ليرى إن كان أحدا بالخارج أم لا وما إن إتطمأن أن الوضع بخير حتى أعطاها الإذن بالخروج...
عاد هو ليجلس على سريره مرة أخرى وعلى وجهه تلك الابتسامة التي لم تفارقه فهو لم يكن يتوقع قضاء هذا الوقت الجميل مع حب حياته، ظل هكذا لعدة دقائق قبل أن يعبث بهاتفه لأكثر من نصف ساعة وأخيرا اهتز هاتفه برنين فأجاب على الفور ليقول المتصل بجدية: - هتلاقي شنطتين قدام اوضتك افتح الباب وخدهم، هتلاقي فيهم لبس البسه وغطي راسك واخفي نفسك وانزل، هتخرج من الفندق هتلاقي عربية لونها أحمر مستنياك هتركب فيها.
ثم أنهى المكالمة فتعجب هو من هذا الأمر لكنه نهض من مكانه وفتح الباب ليجد بالفعل الحقيبتين فسحبهما إلى الداخل وبدل ملابسه إلى تلك الملابس التي ساعدته كثيرا على التخفي ثم اتجه إلى الأسفل ومنه اتجه إلى الخارج ليجد تلك السيارة الحمراء التي أخبره المتصل عنها.
تابعته «نيران» التي كانت تجلس بداخل سيارتها وتراقبه وهو يتحرك إلى تلك السيارة وما إن تحركت حتى تحركت هي خلفها.
على الجانب الآخر بتلك السيارة شعر «طيف» بوجود شيء غير طبيعي لأن أحدهم أخبره في بداية اليوم أنه سيترك الفندق في اليوم التالي وليس هذا اليوم كما أن هؤلاء الرجال لم يراهم من قبل وقبل أن يخرج سلاحه ضربه الذي كان يجلس بجواره بظهر سلاحه على رأسه بقوة وأفقده الوعي في الحال.
بدأ الضوء يتسلل مرة أخرى لعينيه وفتحها بصعوبة ليجد نفسه مقيد اليدين وأمامه رجل وعلى وجهه ابتسامة هادئة فحدق به وردد بتساؤل: - انت مين وأنا هنا ليه؟ زادت ابتسامة هذا الرجل وضم كفيه وهو يقول بسخرية:.
- طيف أيمن ضياء، ظابط شرطة برتبة رائد، تعرف إني لسة عارف المعلومات دي دلوقتي طازة! دراعي اليمين هاني اللي واقف قدامك ده بني آدم برتبة عفريت جاب كل حاجة عنك، كنت متخيل إنك هتخدع مجلس الريد لاين! كنت عايز تخدع رئيستنا! أنت وصلت لفوق أوي واللي يوصل لفوق أوي بيقع تتكسر رقبته دار حتى أصبح خلفه وفجأة لف ذراعه حول رقبته وبذراعه الآخر ألصق فوهة مسدسه برأسه دون رحمة...
تركت «نيران» سيارتها وتسللت إلى الداخل خاصة أن المكان لم يكن شديد الحراسة وما إن وصلت إلى الداخل حتى وجدت «طيف» مُقيد اليدين وهذا الرجل يوجه سلاحه إلى رأسه فرفعت سلاحها لكنها تفاجئت بمن يركل يديها من الخلف ليطير سلاحها ويقع بعيدًا عنها، حاولت الدفاع عن نفسها لكن هذا الرجل كان مسلحًا وردد بغضب: - أمشي قدامي.
تحركت معه إلى الداخل وهي ترفع يديها فابتسم «خالد» الذي كان يوجه سلاحه إلى رأس «طيف» وردد بسعادة: - الحبايب اتجمعوا، أكيد أنتي نيران مراته لم ترد عليه ونظرت إلى زوجها بحزن وهزت رأسها لتطمأنه في حين تابع «خالد» قائلًا: - هديك فرصة يا طيف تقنع مراتك تمشي ومش هأذيها، أنا عايزك أنت بس لكن لو هي قررت تبقى هقتلكم انتوا الاتنين.
لم يقدر على تهدئة أنفاسه السريعة التي كان لها صوت مخيف مرعب، كانت نظراته تجوب المكان بحثًا عن وسيلة نجاه بينما كان الآخر يقيد حركة يده بإحكام، كان هذا الرجل قوي الجسمان يلف ذراعه حول رقبته بقوة محاولا خنقه حتى لا يتمكن هو من الهرب وبيده الأخرى يلصق فوهة مسدسه برأسه دون رحمة، لم يجد «طيف» وسيلة للهرب فأي محاولة تعني إنتهاء حياته وحياة زوجته في اقل من ثانية لذلك تحدث بصوت متحشرج يخرج بصعوبة وهو ينظر بضعف إلى «نيران» التي كانت تقف قبالتهم:.
- أمشي يا نيران، أنا مش مهم هو عايزني أنا بس، المهم الخسارة متبقاش كبيرة، انتي حامل، بالله عليكي أمشي ضمت هي وجهها بين كفيها بألم شديد وهي تبكي بصوت مرتفع واخيرا تحدثت بصوت ضعيف يأبى الخروج: - مش هقدر اسيبك وامشي يا طيف، لو هتموت فأنا هموت معاك، طريقنا كان من الأول واحد وهيفضل واحد حتى لو نهايته موتنا إحنا الاتنين.
اغلق عينيه بأسى شديد لتخرج عبرة من طرفيها قبل أن يتابع مجددا طلبه منها بصوت هادئ يتنافى مع هذا الموقف العصيب: - أنا موافق على كلامك بس ابننا ملوش ذنب، لو لوحدك هوافقك تكون نهايتنا مع بعض لكن كدا صعب، علشان خاطري امشي علشان الخساير تبقى قليلة، هو قال لو مشيتي هيخلص عليا أنا بس لكن لو فضلتي هيقتلنا إحنا الاتنين، بالله عليكي اتحركي يا نيران.
هزت رأسها بتوتر شديد وزادت دموعها في الانهمار وهي ترجع بظهرها للخلف لكي تنفذ طلبه الصعب، وصلت إلى باب هذا المخزن ورددت بصوت ضعيف للغاية من بين بكائها: - أنا آسفة يا طيف مقدرتش احميك، أنا آسفة، غصب عني والله، غصب عني.
على الجهة الأخرى بداخل هذا المخزن بعد خروج «نيران» منه إبتسم «خالد» بإنتصار قبل أن يقول بثقة وباللغة الانجليزية: - لقد فعلت الصواب وانقذت حياة زوجتك وطفلها، أنت الآن لي وحدي، لن تموت إلا على يدي، سأنال هذا الشرف، الأمر بسيط وليس معقدًا كما اعتقدته ابتسم «طيف» ورفع اتجاه بصره إلى الاعلى حيث رأس هذا المجرم الذي يقيد حركته بالكامل وقال بعدم خوف:.
- واضح إن أنا ورجالتي علمنا عليك وعلى كل اللي تبعك علشان كدا شايف إنه شرف ليك قتلي، خليك عارف بس إنك كل ما تقتل حد مننا هتلاقي مكانه ألف، أنا مش خايف منك، أيوة أنا مربوط وانت اللي معاك السلاح بس أنت دلوقتي اللي خايف مش أنا، اقتلني علشان أي تأخير فيه ضرر ليك انت.
ضحك الآخر بسخرية وبحركة قوية دفعه فسقط أمامه على الأرض قبل أن يوجه سلاحه إلى جسده دون رحمة وقبل أن يتحرك «طيف» أطلق هو رصاصة من مسدسه لتستقر في صدره لتتحول قوته واصراره إلى ضعف، سقط بجسده على الأرض وتنفس بصعوبة وهو ينظر الى السقف قبل أن يظهر في الصورة «ظافر» الذي كان واقفًا ومبتسمًا لما فعله به، تحرك خطوة تجاهه وقال بثقة شديدة:.
- نحن أكثر قوة منكم، أنت الآن جريح وضعيف، عليك أن تدرك ذلك، كانت الرصاصة الأولى لإضعافك أما الثانية فستنهي حياتك على الفور رفع مسدسه مرة أخرى تجاهه وأطلق رصاصته الثانية لتهدأ أنفاسه وتسقط يده بجوار رأسه وسط الدماء التي خرجت من جسده بغزارة معلنة إنتهاء كل شيء...
إلى اللقاء في الفصل القادم بداية الأحداث في الوقت الحالي ونهاية الأحداث في الماضي.
رواية خط أحمر الجزء الثالث للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل الحادي عشر
أطلق رصاصته الثانية لتستقر بجسد «طيف» الذي هدأت أنفاسه وسالت دمائه بغزارة وسط تصوير صديقه لما حدث بابتسامة واسعة وفي تلك اللحظة داهم المكان قوات مجهولة يبدو أنها تابعة ل «سيزكا» فصرخ «خالد» بصوت مرتفع: - استنوا! أنتوا مش فاهمين حاجة.
وقبل أن ينطق بالحقيقة التي عرفها عن طيف أطلق هؤلاء المسلحين الرصاص عليه وعلى من كان معه دون رحمة ثم توجه أحدهم ووضع يده على رقبة «طيف» لثوانٍ قبل أن يقول بجدية: - لسة عايش عايزين دكتور حالا يطلع الرصاصتين من جسمه علشان لو اتنقل من هنا هيموت! هز صديق له رأسه ورفع هاتفه بعدما ضغط على أزراره وانتظر لثوانٍ قبل أن يقول بجدية: - تعالى بسرعة على المكان اللي هبعتلك عنوانه دلوقتي وخلي بالك كويس.
وضع هاتفه بجيب بنطاله ونظر إلى صديقه «هادي» الذي قام بشق ملابس «طيف» عن طريق مطواه ثم خلع قميصه ووضعه على مكان الرصاصتين ليمنع خروج الدماء، مر من الوقت عشرون دقيقة قبل أن يصل الطبيب، جلس الطبيب على الأرض بجواره وفتح حقيبته وأخرج منها المعدات الطبية لكي يُخرج الرصاصتين من جسده وبالفعل بدأ في نزع الرصاصة الأولى وما إن نجح في ذلك حتى بدأ في نزع الرصاصة الأخرى وبعد وقت ليس بطويل استطاع مداواه جرحه وإنقاذ حياته، نظر «هادي» إلى صديقه «مروان» وردد بجدية:.
- تلاتة يشيلوه ويدخلوه العربية دلوقتي حالا لأن الشرطة ممكن توصل في أي ثانية هز رأسه بالإيجاب ونفذ أمره وبدأ ثلاثة من الرجال يحملون طيف ثم اتجهوا به إلى السيارة الخاصة بهم ثم انطلق بقية الرجال واستقلوا السيارة الأخرى ورحلوا من هذا المكان.
وصلت «نيران» إلى مكتب اللواء «ايمن» بمديرية أمن القاهرة وكانت بحالة يُرثى لها، شاهدتها «فاطمة» فأسرعت إليها وأمسكت يديها قبل أن تسقط وهي تقول: - نيران حبيبتي فيه أيه مالك؟ حصل أيه انهمرت الدموع من عينيها ورددت بصوت باكي: - لازم أقابل اللواء أيمن دلوقتي حالا في تلك اللحظة حضر «رماح» الذي اتسعت عينيه بصدمة بعدما شاهد حالتها تلك وأردف بتساؤل:.
- نيران! حصل أيه وأيه اللي عمل فيكي كدا؟ اللواء أيمن كلفني أدور عليكي لأنك مختفية من بداية اليوم نظرت إليه ورددت بصوت باكي وضعيف: - لازم أقابل اللواء أيمن دلوقتي، طيف هيموت.
لم يستمر بالكلام بل طرق مكتب اللواء «ايمن» على الفور فأذن له بالدخول، عاد إلى فاطمة وأشار إليها بأن تتقدم بها فساعدتها على المشي واتجهت إلى المكتب ودلفوا إلى الداخل جميعًا، وقف «ايمن» ونظر إلى «نيران» بصدمة وهو يقول بتساؤل: - نيران أيه اللي عمل فيكي كدا وكنتي فين من الصبح؟ كان قلبها يحترق على زوجها وحياتها بأكملها ورددت بصوت ضعيف يأبى الخروج: - طيف اتكشف وهيقتلوه.
صمتت للحظات قبل أن تتابع: - أو قتلوه خلاص تحرك «ايمن» من مكانه واتجه إليها وهو يقول بصدمة: - طيف! عرفتي إزاي؟ طيف في مهمة سرية ومحدش يعرف هي أيه أصلا شرحت له بإيجاز كيف وصلت له وما حدث تمامًا حتى تلك اللحظة فوضع يده على رأسه وفرك شعره بقوة وهو يقول بقلة حيلة: - إزاي اتكشف؟ رجوعه مصر أصلا كان أكبر غلط حتى لو كان جزء من الخطة، مش هنتكلم في حاجة حصلت دلوقتي، المهم نلحقه.
التفت ونظر إلى «رماح» وهو يقول بجدية: - أجهز أنت وفاطمة وكلم رجالتنا وروحوا على المكان اللي قالته نيران، كل حاجة في سرية علشان كدا مش هيبقى فيه حاجة بشكل رسمي تمام؟ هز رأسه بالإيجاب وأجابه بجدية: - تمام سعادتك اعتبره حصل ثم انطلق على الفور ومعه «فاطمة» وأثناء تحركه هاتف رجال الشرطة العاملين بالفريق بشكل سري وأخبرهم بما قاله اللواء «ايمن».
- من الآخر يا سيزكا إحنا هنفضل نطارد تامر لغاية ما نقتله قالها أحد أعضاء مجلس الخط الأحمر «سامي» ل «سيزكا» التي كانت تجلس أمامه وتطلب منه إنهاء الأمر مع باقي المجلس بصفته الرأس الأكبر بينهم فوقفت هي ورددت باعتراض:.
- ده أمر مني بصفتي رئيسة منظمة الريد لاين يا سامي وأنت عارف إنك باللي بتعمله ده هتخلي فيه اشتباك دايم بين رجالتي ورجالة المجلس وده هيضعفنا بين المنظمات الدولية كلها وقف هو الآخر ونظر إليها بجمود وهو يقول بإصرار:.
- ده هيحصل بسبب حتة عيل ملهوش لازمة وأنتي هتفضليه علينا وعلى المنظمة، أهداف المنظمة واضحة وصريحة ومش أنا اللي هقولك ده لأنك المفروض عارفة ده من ساعة لما كنتي طفلة، المجلس بياخد خطوة في صالح المنظمة متجيش أنتي علشان الرئيسة تدمريها وتجري ورا قلبك رفعت أحد حاجبيها ورددت بغضب واضح:.
- أجري ورا قلبي! المفروض أضيع حياتي وعمري في خدمة المنظمة وتتحرق حياتي صح كدا؟ أنا عارفة أحمي المنظمة كويس أوي واحذر أنت وباقي المجلس علشان زي ما أنا بجري ورا قلبي ممكن أخد خطوة محدش خدها قبل كدا وأنا بقولك أهو لو تامر حصله حاجة صدقني هقتلك وهقتل أي حد يخالف أوامري وقبل أن ترحل أوقفها هو بتلك الكلمات التي قالها:.
- مش هتقدري تقتلي كل مجلس الريد لاين لأن دول جذور المنظمة والمسؤولين عن اختيار القائد، صعب تمامًا تقتليهم لأن رجالتهم كتير وفي كل مكان ولو حصل وعملتي ده يبقى قطعتي جذور المنظمة ودمرتيها بنفسك.
التفتت قبل أن تقول بابتسامة: - يبقى أنت كدا بتعلن عصيان أوامري ولعلمك أنا أقدر أقتلكم واحد واحد بس باين إنكم فقدتوا الثقة فيا شوية بس أنا هرجعها وأفكركم مين هي سيزكا أخرجت سلاحها ووجهته تجاهه قبل أن تطلق رصاصتين ليسقط قتيلًا أمامها، اتجهت إليه وانخفضت لتمسكه من لياقة قميصه وهي تقول: - أنت هتكون البداية تنفس بصعوبة ورمقها وهو يقول بضعف وصوت متقطع:.
- أنتي كدا بتعلني الحرب على نفسك، ك، كل المنظمات هتبقى ضدك ومجلس الريد لاين هيبقى ضدك والحكومة الفيدرالية هتبقى ضدك، أنتي بتعلني نهايتك مش نهايتي ابتسمت ابتسامة واسعة وهي تقول بجدية: - أنا أقدر أواجه كل دول لوحدي، أنا سيزكا قائدة منظمة الريد لاين أقوى منظمة في العالم، أنتوا اللي خسرانين مش أنا ثم وقفت ووجهت المسدس تجاهه مرة أخرى وأطلقت رصاصتها الثالثة على رأسه لتنتهي حياته في الحال.
وصلت قوة الشرطة إلى المكان وتحركوا بخطوات حذرة إلى الداخل ليجدوا العديد من الجثث وسط الدماء، بحثوا عن «طيف» بينهم لكنهم لم يجدوه، تقدمت «فاطمة» وامسكت بهذا الهاتف الذي وجدته في المنتصف ثم فتحته بسهولة لأنه كان بدون رمز، وجدت تطبيق الكاميرا مفتوحًا فولجت إلى آخر ما تم تصويره لتجد هذا الفيديو والذي يظهر «طيف» فيه مُقيد اليدين، ضغطت على ذر التشغيل بعدما اقترب منها «رماح» ونظر إلى ما تنظر ليتفاجأ الاثنين بما حدث حيث أطلق هذا المجرم الرصاص على «طيف» ولم يكتفي برصاصة واحدة بل أطلق الثانية ليُنهي حياته وانتهى الفيديو عند هذا الحد.
ابتعد عنها وفرك فروة رأسه بقوة وهو يقول بغضب: - قتلوه ولاد ال، كان لازم ميبقاش لوحده في موقف زي ده نظرت إلى الأسفل بحزن وهي تقول: - للأسف ده اللي حصل ثم رفعت رأسها واقتربت منه وهي تقول بتساؤل: - بس فين جثة طيف؟ مش موجود هنا! هز رأسه وأجابها: - معرفش، طالما قتلوه خدوا جثته ليه ومين دول اللي مقتولين أقترب منهم «زين» الذي قال بعدم فهم: - طيف اتقتل! جبتوا الكلام ده منين؟ مفيش جثة يبقى بخير.
مدت يدها بالهاتف فتناوله منها وضغط على الشاشة ليقوم بتشغيل الفيديو الذي جعل حدقتيه تتسع بصدمة كبيرة مما شاهده، أنهى مشاهدة الفيديو وأغلق عينيه بحزن شديد فرددت «فاطمة» قائلة: - باين فيه حد اقتحم المكان وقتلهم وخد جثة طيف لكن هيفضل السؤال بردو مين دول وخدوا طيف ليه؟
في الوقت الحالي بعد مرور عدة أيام.
انتهى من عمله بإحدى الشركات الصغيرة وترك مكتبه بعدما جذب هاتفه والمفاتيح الخاصة به، تحرك إلى الخارج وسار الشارع الطويل كي يصل إلى المكان الذي يستقل منه سيارة ميكروباص لكي توصله إلى منزله وأثناء سيره وقفت سيارة «زين» بجواره واخرج رأسه قائلًا: - نائل استنى تفاجئ «نائل» به فتوقف واتجه إليه بابتسامة قائلًا: - يااه عاش من شافك يا زين باشا صافحه بحرارة قبل أن يبتعد ويقول بجدية:.
- بقى كدا يا راجل! تسيب شركتك اللي بقت أكبر شركة في الشرق الأوسط وتشتغل في شركة ملهاش أسم أصلا! ده أنت اللي عملت الشركة ووصلتها للمكانة دي يا راجل ابتسم ابتسامة خفيفة قبل أن يقول بجدية: - مبقاش ليا مكان هناك خصوصًا بعد اللي حصل شعر «زين» بالحزن على حاله لذلك تحدث بصوت هادئ: - مش ناوي تسامح بقى وترجع! رفع حاجبيه وهو يقول بابتسامة ساخرة:.
- أسامح! أسامح في الظلم اللي اتظلمته ولا في الإهانة اللي اتعرضتلها؟ ياسمين مكتفتش بأنها صدقت البنت ال دي لا دي قللت مني وحسستني إني ولا حاجة، قولتلها هتندمي لكن مسمعتش الكلام ودي كانت النتيجة، هي مش كانت عايزة الطلاق! اديني نفذت رغبتها وطلقتها في اليوم اللي أثبت فيه براءتي، أنا بعتبرك صاحبي واخويا يا زين بالله عليك متضيعش الأخوة اللي بينا دي نظر إلى الأسفل بأسى قبل أن يرفع بصره مرة أخرى وهو يقول:.
- طيب مش هكلمك في الموضوع ده تاني بس مش هسيبك تشتغل برا الشركة اللي ساهمت في نجاحها بشكل كبير، لازم ترجع وتمسك منصبك من تاني أغلق عينيه وتنهد قبل أن يفتحها مرة أخرى وهو يقول: - مش هقدر أشتغل معاها في مكان واحد تاني، مش هقدر خالص وضع يده على كتفه وردد بإصرار:.
- أنا مش هكلمك على الموضوع التاني علشان أنت رافض ده، ياريت بقى مترفضش طلبي أنا كمان وترجع الشركة، لو أنا أخوك فعلا زي ما بتقول يبقى ترجع الشركة وتنفذ طلبي الوحيد اللي بطلبه منك لوى ثغره وفكر لثوانٍ قبل أن يجيبه قائلًا: - هحاول يا زين، أوعدك هحاول.
عاد إلى منزله واتجه إلى غرفته قبل أن يلقي المفتاح ويخلع سترته الجلدية، دلفت شقيقته إلى الغرفة وردد بابتسامة: - نائل حمدالله على سلامتك اتجه إليها ووضع يده على رأسها وهو يقول بابتسامة واسعة: - الله يسلمك يا حبيبة قلبي، أيه أخبار المذاكرة معاكي والدنيا تعالي احكيلي جلس هو على فراشه وجلست هي إلى جواره وهي تقول بابتسامة: - جيت من الدرس ذاكرت شوية وبعدين قومت أعمل الأكل ولسة مخلصة قبل ما تخش علطول.
ابتسم ونهض من مكانه وهو يقول: - تسلم ايدك يا أجمل أخت في الدنيا، يارب أشوفك عروسة وأسلمك لعريسك بأيدي يارب ابتسمت ورددت بتلقائية: - إن شاء الله يا نائل بس بعد ما ترجع لياسمين تاني اختفت ابتسامته والتفت لينظر إليها وهو يقول بمعاتبة: - متجيبيش سيرتها تاني يا يارا، أنا وياسمين انفصلنا نهائي عن بعض ومفيش رجوع في ده وقفت هي الأخرى وضمت حاجبيها وهي تقول بإصرار:.
- بس أنتوا بتحبوا بعض، أيوة ياسمين غلطت وظلمتك بس الإنسان كل ما تكون ردة فعله كبيرة وغير متوقعة ناحية اللي بيحبه كل ما يكون بيحبه لدرجة الجنون، ياسمين زعلت وزعلها عماها علشان بتحبك وأنا واثقة مليون في المية إنها عمرها ما هتكرر الغلط ده تاني أغلق عينيه بألم قبل أن يفتحها ويرد على شقيقته بهدوء لكي يوضح لها ما بداخله:.
- يارا يا حبيبتي أنتي لسة صغيرة ومش فاهمة كويس اللي حصل، ياسمين غلطت وندمت ده أنا عارفه لكن نيجي نبص نشوف غلطها كان عامل إزاي هنلاقي إنها شتمتني وعايرتني بفقري زمان وخدت الشقة اللي أنا كاتبها بأسمها كتعبير عن حبي ليها وغير ده كلها موثقتش فيا وهي أكتر واحدة تعرف أخلاقي كويس، اللي حصل يا يارا دمرني وحرق قلبي مش مجرد إنها غلطت في حقي وأنا اسامح وخلصت، جوايا إحساس رافضها بعد اللي حصل.
شعرت هي بما يشعر به فتقدمت وربتت على كتفه وهي تقول بابتسامة: - ربنا يبعد عنك الزعل ويسعدك يا نائل لأنك تستحق كل خير وأكيد كل حاجة وحشة حصلت ربنا بيختبر صبرك بيها وهيجي الوقت اللي تنسى فيه كل الزعل ده ابتسم لكلامها وأمسك يدها التي كانت على كتفه وهو يقول بحب: - إن شاء الله، ربنا يقدم اللي فيه الخير.
- يعني مش لاقين جثته يا أيمن! فهمني يعني أيه؟ انا عايزة أدفن ابني قالتها «اسماء» بغضب واضح من بين بكائها الشديد فأجابها «ايمن» بحزن: - هنوصله يا أسماء، ده شغلنا مش شغلك أنتي متخليش الزعل يسيطر عليكي.
كانت تستمع «نيران» إلى شجارهم بوجه شارد، كانت تبكي بصمت وعلى وجهها علامات الحزن الشديد كما سيطرت الصدمة عليها فهي لم تتوقع فراقهما سريعًا هكذا فهو كان بانتظار مولد طفلته والآن فارق الحياة قبل أن يراها بعينيه، كلما تذكرت طلبه منها بالرحيل يزداد بكائها ولوم نفسها لأنها سمحت له بأن يلقى حتفه وحده، تمنت لو أنها قُتلت معه حتى لا تعيش هذا الألم المميت.
انتشر فيديو مقتل «طيف» على كافة القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي ولاقى حزن كبير من الجميع خاصةً أنه لم يتم العثور على جثته حتى الآن.
فتح عينيه بضعف ونظر حوله فوجد نفسه في غرفة من الحجارة وتضيئها الشموع الكثيفة الموجودة بها، حاول النهوض من نومه لكنه تألم كثيرًا فوجد من تضع يدها على كتفه وتعيده إلى النوم مرة أخرى وهي تقول: - تامر حبيبي متتعبش نفسك، كدا غلط غلى الجرح، ريح خالص ومش تتعب نفسك أغلق «طيف» عينيه وفتحها بصعوبة وهو يقول بتعب واضح: - سيزكا؟ أنا جيت هنا إزاي! أيه اللي حصل؟
أمسكت بتلك المنشفة القطنية وجففت العرق الذي كان يتصبب من جبينه ورددت بإبتسامة: - هعرفك كل حاجة بعدين، المهم دلوقتي حمدالله على سلامتك.
كافح كثيرًا لكي تبقى عينيه مفتوحتان لكنه لم يستطع ونام بفعل التعب الشديد الذي سيطر عليه بسبب إصابته برصاصتين قبل بضعة أيام، تابعت تغير ملامح وجهه وما إن أغلق عينيه حتى مسحت بيديها على وجهه بحب وقربت وجهها كثيرًا منه وهي تقول بحنين: - هتقوم يا حبيبي وتبقى معايا علطول، أنت غيرتلي حياتي ومستحيل هسيبك، مش هخسرك ومش هسمح لأي حد يبعدك عني.
ثم بدأت في تنظيف جرحه بهدوء شديد حتى لا يتألم ورددت بصوت خافت: - مش هسمح لحد يأذيك تاني، اللي أتسببوا في اللي حصلك هقتلهم كلهم، أوعدك إني أقتلهم كلهم وهبدأ باللي فشلوا يحموك.
تابعت تنظيف جرحه قبل أن تضع عليه كريم يساعد على التئام الجروح ثم قامت بتغطية الجرح، مسحت العرق الذي كان يتصبب من جبينه بقطعة من القماش ثم مررت يدها على وجهه وهي تنظر إليه وهو نائم، قبلت جبينه بحب ثم نهضت من مكانها وقابلت رجلها «هادي» بالخارج قبل أن تردد بجدية: - هم فين؟
أشار بيده لكي تتحرك معه فتحركت أمامه إلى الخارج وقادها هو إلى الغرفة المجاورة، دلف إلى الداخل ودلفت هي خلفه لتجد سبعة أشخاص مُقيدين، فردت يدها في الهواء فوضع «هادي» المسدس بيدها قبل أن تقبض عليه وهي تقول بغضب: - متستحقوش إنكم تبقوا رجالتي، متستحقوش تبقوا من منظمة الريد لاين، لما الخط اللي تدوهوله يتعرف رقمه وكمان تفشلوا في حمايته يبقى متستحقوش إنكم تعيشوا.
وجهت سلاحها باتجاه أحدهم وأطلقت رصاصتها الأولى على رأسه ثم تحركت وأطلقت على الثاني وتابعت إطلاق الرصاص حتى قتلتهم جميعًا.
في صباح اليوم التالي أنهى «نائل» ارتداء ملابسه وانتظر ثوانٍ قبل أن يقرر العودة إلى الشركة مرة أخرى فهو قد صلى صلاة استخارة بالأمس ليقرر هل يعود أم لا واتخذ قراره صباح اليوم بالعودة، تناول الإفطار مع شقيقته ثم تحرك إلى العمل، وقفت سيارة الأجرة أمام الشركة التي لم يراها منذ وقت طويل، ترجل من السيارة ثم رفع بصره للأعلى وتردد كثيرًا في الدخول فهو لا يعلم ما الذي سيحدث بالداخل، وقف لدقيقتين وتسارعت دقات قلبه عندما تقدم باتجاه الباب المؤدي إلى الداخل، دلف إلى الداخل وسط نظرات دهشة الجميع فهم لم يتوقعوا عودته بعد ما حدث، سار بخطوات هادئة وصافحه بعض العاملين ترحيبًا بعودته مرة أخرى، ضغط على الزر لكي يستدعي المصعد وانتظر لدقيقتين قبل أن يفتح الباب له، تقدم إلى الداخل واستدار لكي ينظر إلى المرآة بعد أن ضغط على الزر لكي يصعد به إلى الأعلى وقبل أن يغلق المصعد أبوابه تقدمت «ياسمين» بسرعة ووضعت قدمها لكي يفتح الباب مرة أخرى وما إن فُتح الباب مرة أخرى حتى تقدمت إلى الداخل وهي تقول بابتسامة هادئة:.
- معلش عطلتك.
التفت بعد كلمتها تلك ليتفاجأ بها أمام عينيه، عجز لسانه عن النطق بينما اتسعت عينيها هي بصدمة وتسارعت دقات قلبها بشكل عنيف وكأن قلبها أراد كسر قفصها الصدري والخروج من مكانه، ظل هو وهي هكذا ينظران إلى بعضهما البعض وكأنهما لا يران إلا وجودهما فقط والعالم من حولهم لا يوجد، لم يتوقعا أن أول لقاء بيومهما هذا سوف يكون بينهما فقط، فاق هو من شروده بعد أن وصل المصعد إلى الطابق العلوي وردد بإيجاز: - ولا يهمك.
ثم اتجه إلى الخارج لكنها لم تستطع منع نفسها ورددت بصوت مرتفع نسبيًا: - أنت هنا ليه؟ توقف للحظات قبل أن يلتفت وهو يقول برسمية تامة: - رجعت أستلم شغلي، الرائد زين كلمني امبارح وقررت ارجع أستلم شغلي، ممكن أستلم الشغل لو حضرتك معندكيش مانع توترت كثيرًا وهي تجيبه بتلعثم كبير: - آآآ، لا لا معنديش مانع طبعا، مكتبك ج جاهز.
التفت وأكمل طريقه إلى مكتبه بينما تابعته هي بعينها بحزن شديد فهي في أول لقاء به ودت أن تلقي نفسها بين أحضانه لكنها لا تستطيع فعل ذلك بسبب ما فعلته، أغلقت عينيها بحزن قبل أن تمسك هاتفها وتهاتف شقيقها الذي أجابها وهو يقول: - ياسو مش عوايدك يعني تتصلي بيا في الوقت ده ابتسمت ورددت على الفور: - هو أنت كلمت نائل علشان يرجع الشغل؟ رفع أحد حاجبيه وهو يجيبها بتعجب: - هو رجع ولا أيه؟
هزت رأسها وأجابته بسعادة: - أيوة رجع وشوفته ابتسم لسعادة شقيقته وتحدث بجدية تلك المرة: - أنا كلمته امبارح وقالي إنه هيفكر، كويس إنه رجع، دلوقتي أنا عملت اللي عليا ورجعتهولك أنتي بقى عليكي الخطوة التانية، صلحي غلطك واكسبيه تاني لأن نائل مش هتلاقي زيه تاني هزت رأسها بالإيجاب عدة مرات ورددت بصوت هادئ: - يارب يسامحني وأنا مستعدة أعوضه عن كل اللي عملته ده.
على الجانب الآخر بداخل المكتب ألقى سترته على المقعد الخاص به وزفر بقوة فهو لم يتوقع أن يلتقي بها بتلك السرعة وبداخل المصعد لتبقى هي فقط أمام عينيه، في تلك اللحظة نسي كل ما حدث وتذكر أنها أمامه فقط لكنه سرعان ما فاق قبل أن يتغلب عليه قلبه وتذكر ما صدر منها تجاهه لكي يقسو قلبه مرة أخرى ولا يستسلم لنظراتها، جلس على طرف مكتبه ورفع بصره لأعلى قبل أن يرفع كفيه ليدعو الله قائلًا:.
- اللهم يسر لي أمري، اللهم وفقني في عملي وابعد الشر عني ووفقني إلى ما تحبه وترضاه يا أرحم الراحمين مسح على وجهه واتجه إلى الخارج حيث «اسراء» وردد قائلًا: - ازيك يا اسراء عاملة أيه وقفت ورددت بابتسامة: - الحمدلله يا مستر نائل، نورت الشركة برجوعك تاني بادلها الابتسامة وردد بجدية:.
- تسلمي ده نورك، معلش كنت عايزك تبعتي كل حاجة حصلت خلال الفترة اللي فاتت على مكتبي علشان أعرف أيه الدنيا وأكمل على الشغل القديم اختفت ابتسامتها ونظرت باتجاه مكتب «ياسمين» قبل أن تعود ببصرها مرة أخرى وهي تقول بتردد: - الصراحة مدام ياسمين طلبت مني إن لو حضرتك طلبت أي حاجة بخصوص الشغل الفترة اللي فاتت أبلغك تروحلها هي.
تعجب من هذا الأمر ونظر إلى مكتبها بتردد وبداخله حيرة كبيرة هل يذهب إلى مكتبها ليعلم آخر تطورات العمل أم لا!
فتح عينيه بضعف ليجد ضباب يضعف رؤيته لكنه استمر في غلق وفتح عينيه عدة مرات بهدوء لكي تتضح الرؤية وأخيرًا ظهر السقف بشكل واضح نسبيًا فحاول تحريك يده اليمنى لكنه لم يستطع سحبها، حرك بصره ليعرف السبب فوجدها تمسك بيده وتنام عليها، همس بصوت ضعيف يأبى الخروج: - س، سيزكا! فتحت عينيها على الفور ونهضت من مكانها قبل أن تقترب منه أكثر وهي تقول بلهفة: - حبيبي أؤمر وأنا انفذ.
أغلق عينيه ثم فتحها مرة أخرى ليقول بصوت ضعيف: - أيه اللي حصلي! أنا آخر حاجة فاكرها إن حد كان ماسك سلاح وضربني رصاصة وقبل ما استوعب اللي حصل ضربني رصاصة كمان ومحستش بحاجة بعدها، أنا إزاي عايش انهمرت الدموع من عينيها وهي تقبض على يده بقوة وأجابته بصوت هادئ:.
- أنت عايش علشان ده عمرك ده غير إنك مصدر حياه لحد تاني، أنت مصدر حياة ليا، صدقني أنت لو كان حصلك حاجة أنا كنت هقلبها نار جهنم على الكل وبعدها كنت هنتحر وأحصلك، قولي أنت حاسس بأيه؟ تعبان أجيبلك المسكن؟ هز رأسه بالإيجاب وهو يقول بضعف: - ياريت فعلا المسكن، أنا تعبان أوي.
نهضت من مكانها بسرعة واتجهت إلى أحد أركان الغرفة وحملت حقيبة أدوية ثم اقتربت منه مرة أخرى ووضعت حبة الدواء بفمه قبل أن ترفع رأسه بيدها اليسرى بهدوء وتسقيه المياه بيدها اليمنى، أنهت هذا ثم أخرجت حقنة من الحقيبة فنظر لتلك الحقنة وهو يقول: - بخاف من الحقن، بلاش رفعت أحد حاجبيها وهي تقول بتعجب: - يعني دكتور وبتخاف من الحقن! لازم الحقنة دي علشان مضاد حيوي ولازم تاخدها دلوقتي علشان الجرح يلم وتبقى كويس.
استسلم لما تقوله وتابعت هي تجهيز الحقنة وما إن انتهت حتى قالت: - يلا رفع أحد حاجبيه وهو يقول بتعجب: - يلا أيه؟ أجابته على الفور: - أجهز، هساعدك تنام على جنبك علشان اديك الحقنة اعترض على ما تقوله ومد يده ليأخذها منها وهو يقول: - لا لا بتكسف أقلع قدام حد هاتي الحقنة وأنا هتصرف رفضت ترك الحقنة من يدها ورددت بإصرار: - تتصرف أيه يا تامر دي حقنة مش علاج وبعدين متتكسفش أنا هديلك الحقنة علطول.
تردد في البداية لكنه وافق في النهاية وساعدته هي لكي ينام عاى جنبه الأيسر ثم أعطته إياها فردد هو بصوت هادئ: - ما شاء الله إيدك خفيفة، أنا أعرف دكتور لما بيديني الحقنة بيخلي مصر كلها تسمع صوت صويتي ارتفعت ضحكاتها على ما قاله قبل أن تساعده لكي يعتدل في نومته مرة أخرى، غطت جسده ورددت بابتسامة: - بالشفاء إن شاء الله.
اختفت ابتسامته وفكر بحال «نيران» في هذا الوقت فهي بالتأكيد تلوم نفسها على تركه بتلك الحالة، تألم كثيرًا عندما شعر أن قلبها يتألم لفراقه وود لو يترك هذا المكان ويعود إليها ليخبرها أنه بخير وأنه على قيد الحياة تابعت هي تغير تعابير وجهه فرددت بتساؤل: - مالك؟ حساك زعلان أو متضايق من حاجة! نظر إليها وسألها عن «خالد» الذي أطلق عليه الرصاص وكان يعرف سره بأكمله:.
- هو اللي قتلني ده فين دلوقتي! ابتسمت وأجابته بثقة كبيرة: - في المقابر دلوقتي، رجالتي وصلوا المكان بعد ما ضرب عليك الرصاص وقتلوه هو ورجالته، حقك رجع متقلقش رفع أحد حاجبيه قبل أن يسألها مرة أخرى: - وصلوا المكان اللي أنا كنت فيه إزاي؟ ابتسمت وأمسكت بكفه الأيمن ثم أشارت إلى الخاتم الذي كان بيده ورددت: - الخاتم اللي طلبت منك متقلعوش من إيدك قبل ما تسافر عبارة عن جهاز تتبع وعن طريقه رجالتي وصلولك.
أراح ظهره بعد يوم شاق من التدريب فهو إعتاد يوميا التدريب بعد أوامر «سيزكا» لرجالها بأن يتم تدريبه على أعلى مستوى، هو كان على علم بكافة أساليب القتال وتم تدريبه من قبل لكنه مثل عدم معرفته شيء وتابع تدريبه بشكل طبيعي، أغلق عينيه وقبل أن يغرق في النوم وجد من يلصق فوهة مسدسه برأسه ففتح عينيه ورمقه بعينين متسعتين من الصدمة ليقول هذا المسلح:.
- أهلا سيف، مجلس الريد لاين مش راضي عن تدريبك هنا وقرر تصفيتك هنا تحدث «يوسف» ورددت بصوت هادئ: - أنا هنا بأوامر سيزكا، مش أوامر المجلس بتاعك ابتسم هذا المسلح وردد بجدية: - أنا عارف ده كويس وعلشان كدا ركبت كاتم للصوت علشان اقتلك ومحدش يعرف إني دخلت هنا أساسًا ثم شد أجزاء سلاحه ووجهه إلى رأسه مرة أخرى إستعدادًا لإطلاق رصاصته القاتلة...
رواية خط أحمر الجزء الثالث للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل الثاني عشر
نظر إلى مكتبها بتردد شديد فهو كان يفكر في عدم الذهاب حتى لا يلتقي بها مرة أخرى وجها لوجه لكنه مضطر لهذا حتى يتابع عمله، اتخذ قراره النهائي واتجه إلى مكتبها بخطوات هادئة ثم طرق الباب لترد هي من الداخل: - أدخل التقت أنفاسه ورسم الجدية على وجهه قبل أن يفتح الباب بهدوء شديد، رفعت بصرها لتجده هو فنهضت على الفور من مكانها وارتبكت كثيرًا وهي تشير إلى المقعد المقابل لها وتقول: - آآآ، اتفضل.
تقدم برسمية تامة وجلس على المقعد المقابل لها وهو يردد بجمود: - عايز كل اوراق الشغل بتاعة الفترة اللي فاتت هزت رأسها بالإيجاب وتحركت من مكانها إلى الخارج لتخبر «اسراء» بجلب تلك الاوراق ثم عادت مرة أخرى وجلست مكانها قبل أن يقول هو باعتراض: - مش كانت اسراء تجيبه على مكتبي علطول بدل اللفة دي! لم تعرف ما تقول لكنها تذكرت شيء ورددت على الفور: - ده علشان أبلغك بحاجة عقبال ما الورق يوصل.
رفع أحد حاجبيه وردد بتساؤل: - حاجة أيه؟ ترددت كثيرًا في إبلاغه حيث أنه كان له دور كبير في بداية هذا المشروع لكنها استقرت على إخباره بالأمر لعل يجد الحل ويصلح هذا الأمر، رفعت بصرها وأردفت بجدية: - مشروع الفرع التاني حصل شوية مشاكل ووقف، حاولت أرجع الدنيا لكن في مشاكل مع المستثمرين ورافضين أي تمويل وإحنا السيولة اللي معانا متكفيش تكمل المشروع لأن معظم الفلوس اتدفعت للشركات اللي هتغذي الفرع الجديد.
مرر أصابعه بين فروة رأسه ليفكر بالأمر قبل أن يقول بسخرية: - يعني نفذتي اللي أنا كنت رافضه! أنا قولت في البداية المستثمرين مش مضمونين ولازم يبقى معانا سيولة كافية علشان لو حصل حاجة نقدر نكمل المشروع لكن اللي حصل منك عكس ده ويعتبر جيبنا بضاعة ومنعرفش هنبيعها فين أصلا ظهر الحزن على وجهها وهي تردد بأسف: - مكنتش أعرف إن المستثمرين هيعملوا كدا تحدث بداخل نفسه بغضب:.
- هتفضلي طول عمرك متهورة، أراهن إنك خدتي عكس قراري علشان تبيني إنك خدتي حقك مني بس جت على دماغك زي ما ندمتي على اللي عملتيه وأثناء ذلك رددت هي بتساؤل: - ساكت ليه؟ نهض من مكانه قبل أن يوجه أنظاره تجاهها وهو يقول بجدية: - أنا هتصرف في الموضوع ده النهاردة وأحاول أحله ثم رحل من أمامها على الفور واتجه إلى مكتبه ليفكر بحل لتلك المعضلة.
قبل أن يُطلق هذا المجهول رصاصته على رأس «يوسف» أسرع وأمسك السلاح بكلتا يديه بحرفية تامة ثم قام بلفه بقوة قبل أن يركله بقدمه ليوقعه أرضًا، اتجه إليه وانخفض ثم قبض على ملابسه بقوة ولكمه في وجهه عدة لكمات وهو يقول: - واضح إنك متعرفنيش كويس خرجت الدماء بغزارة من وجهه فتوقف هو عن لكمه وأمسك بسلاحه الذي أخذه منه ووجهه إلى رأسه وهو يقول: - مجلس الريد لاين عايز يقتلني ليه؟
تنفس هذا المجرم بصعوبة قبل أن يجيبه بضعف: - أي حد مصري خطر على المنظمة دي ابتسم «يوسف» بسخرية وأردف: - يعني أنت اللي من حواري أمريكا بلغتك دي؟ هز رأسه عدة مرات وهو يقول بضعف: - إحنا اتربينا هنا واتدربنا هنا من واحنا أطفال علشان كدا موثوق فينا ضحك بصوت مرتفع على كلماته الأخيرة وردد بسخرية:.
- اتدربتوا هنا وأنتوا أطفال؟ يا جدع ده أنا مضربتش حد بالسهولة دي قبل كدا تدريب أيه، تتوقع بقى أسيبك ترجعلهم مضروب كدا علشان يعرفوا إن تدريبهم فستك ولا أموتك ويعرفوا بردو إن تدريبهم فستك! أنا محتار في تلك اللحظة دلف قائد رجال «سيزكا» والمسؤول عن تدريب «يوسف» ونظر إلى مايحدث بتعجب قبل أن يردد باللغة الإنجليزية: - ماذا يحدث هنا رفع «يوسف» بصره وأجاب على سؤاله قائلًا:.
- إنه من رجال المجلس، تسلل إلى هنا وحاول قتلي لكنني تمكنت منه، كيف سيكون رد فعل سيزكا عندما تعلم ما حدث وأن رجالها غير قادرين على حماية المكان.
أثارت تلك الجملة غضب «جوميز» الذي أخرج سلاحه وأطلق رصاصتين على هذا المجرم الذي حاول قتل «يوسف» منذ لحظات ثم رفع بصره له وهو يقول: - نحن قادرون على حماية هذا المكان لكننا لسنا قادرون على اكتشاف الخائن بيننا، هناك من سمح له بالدخول إلى هنا، لا تتهمني بالتقصير حتى لا أُبرحك ضربًا نهض «يوسف» من مكانه وردد بابتسامة واسعة: - تبرحني ضربًا أليس كذلك؟
وضع السلاح في مخمده وردد بتحدي وثقة تامة: - نعم أُبرحك ضربًا، أنت فاشل في التدريب ويمكنني لكمك بسهولة ضحك على ما يقوله قبل أن يردد بهدوء: - جرب ما تقوله إذا كانت لديك الجرأة والشجاعة.
تقدم «جوميز» ذو الجسد الضخم والعضلات البارزة وحاول لكمه بقوة إلا أن «يوسف» تفادى تلك اللكمة وركله في ركبته بقوة ليقع أرضًا ثم لكمه في وجهه عدة لكمات قبل أن ينهض وينظر إلى وجهه الملئ بالدماء وهو يقول:.
- مش معنى إني فاشل في التدريب يبقى مش بتدرب، أنت المسؤول عن تدريبي وأنت الآن من أُبرحت ضربًا، إذا حاولت لكمي مرة أخرى سأقتلك وسأخذ مكانك هنا، إذا حاولت أنت قتلي ستقتلك سيزكا والآن انهض وارحل من هنا فأنا أريد أن أنام.
تواصل مع المستثمرين بالمشروع وابلغهم باجتماع عاجل في اليوم التالي وبالفعل مر يوم وحضر الثلاث مستثمرين إلى غرفة الاجتماعات وانتظروا حضور «نائل» الذي تعمد التأخر عليهم حتى يتسائلون عن سبب الإجتماع، دلف برأس مرتفع إلى الغرفة ومن خلفه «ياسمين» التي أرادت بشدة رؤية ما سيفعله في هذا الاجتماع، استقل الجميع مقاعده عدا «نائل» الذي ردد بجديه وصوت مرتفع نسبيًا:.
- في بداية المشروع ده اتفقنا بعدد أسهم كل واحد في المشروع، كون إنكم وقفتوا تمويل لمجرد عدم الثقة في نجاح المشروع يبقى كدا أنتوا غلطتوا، لو ناسيين أفكركم، شركة الجيار أكبر شركة لمستحضرات التجميل في مصر وحققت أرباح خرافية خلال السنة اللي فاتت ده غير الموزعين اللي بقوا موجودين على مستوى مصر، الفرع التاني ده كان هيبقى لسد طلبات الموزعين مع تكبير الشركة علشان بدل ما تبقى شركة تبقى سلسلة شركات موجودة في محافظات مصر كلها وبعد كدا هيبقى فيه فروع برا مصر علشان نسيطر على الشرق الأوسط كله، كون إنكم وقفتوا يبقى نسيتوا إن فيه شرط جزائي 50 مليون جنية على اللي يخالف العقد، طبعا فكرتوا إن قيادة الشركة ضعيفة وسهل تلوا دراعهم.
حاول أحدهم التحدث ليقاطعه: - مش ده ال رفع «نائل» صوته أكثر وردد بغضب:.
- أنا لسة مخلصتش كلامي، شككتوا في نجاح المشروع لكن ده محصلش لسة والشركة معروفة كويس أوي وقريب أوي لما تشوفوا سلسلة الشركات اللي سيطرت على سوق مستحضرات التجميل هتندموا على الحركة دي، بما إنكم بدأتوا وخالفتوا العقد يبقى أنا مش محتاجكم ولا هيتلوي دراعي ومطلوب من كل حد فيكم قيمة الشرط الجزائي والمحامي الخاص بالشركة هيتابع ده ومعاه كل الأوراق الخاصة بإن المشروع اتوقف لمدة شهر وده من ناحيتكم، أنا خلصت كلامي.
ردد أحدهم بصوت هادئ نسبيًا حتى يمتص غضبه: - مستر نائل إحنا مخالفناش العقد بس كان فيه شكوك إن المشروع هيفشل خصوصًا بعد وصول خبر طلاقك من مدام ياسمين وخوفنا الشغل كل يضيع وفلوسنا تترمي في الأرض نظر هو إلى «ياسمين» نظرة ذات معنى فنظرت هي إلى الأسفل لينظر هو إلى هذا المستثمر ويقوب بجدية:.
- شغلنا مش مبني على توقعات والحياة الشخصية حاجة والشغل حاجة تانية، لما كنتوا ممكن تشكوا كدا مكنتوش جيتوا ومضيتوا معانا أصلا، قدامكوا حل من اتنين يا إما هتدفعوا زيادة عن العقد 30% أو الشرط الجزائي 50 مليون جنيه لكل واحد فيكم ونفضها سيرة، تحبوا أنهي إختيار؟
فكروا لعدة دقائق بالأمر قبل أن يردد أحدهم: - أنا عن نفسي موافق أدفع 30% زيادة بنفس نسبة الربح وردد الآخر قائلًا: - وأنا هدفع الزيادة نظر «نائل» إلى الأخير نظرة ذات معنى فردد بندم: - وأنا موافق على الزيادة ابتسم «نائل» وفرك كفيه وهو يقول بثقة:.
- حلو أوي، محتاجين بس تمضوا على عقد الزيادة ده ومعاه هتمضوا على شرط جزائي تاني بقيمة 100 مليون جنيه علشان أضمن إن الشغل هيكمل وشغل الهزار ده ميحصلش تاني.
رفع سماعة الهاتف الموجود أمامه وردد بجدية: - هاتي العقود والأوراق يا إسراء ثم قام بإغلاق السماعة مرة أخرى وماهي إلا ثوانٍ حتى حضرت «إسراء» ومعها كافة العقود ووضعتها أمام كل واحدٍ منهم فأشار هو إليهم قائلًا: - اتفضلوا أمضوا.
تابعت «ياسمين» ما يحدث بإعجاب شديد ف شخصية «نائل» قوية للغاية ومعرفته بالعمل كبيرة كما أنه حول خسارتهم إلى مكسب كبير، للمرة المائة تندم أشد الندم أنها خسرته بهذا الغباء الكبير، تمنت لو أنها تستطيع العودة بالزمن لتُصلح ما تسببت به، فاقت من شرودها على صوته وهو يقول بابتسامة:.
- دلوقتي تقدروا تتفضلوا وياريت المشروع يخلص في الوقت اللي اتفقنا عليه ومليش دعوة بالتأخير الشهر ده، أنا ليا إني أستلم المشروع في وقت معين غير كدا فيه شرط جزائي تاني للتأخير وده معروف كويس، الإجتماع انتهى.
نهضوا من مكانهم وانصرفوا على الفور بينما تبقى هو وهي فقط بتلك الغرفة وقبل أن يتحرك هو الآخر ليعود إلى مكتبه رددت بسعادة: - بصراحة مش مصدقة إنك حليت المشكلة دي بسهولة كدا، أنت مش بس حليت المشكلة لا أنت كسبت الشركة أكتر ولويت دراعهم وعرفتهم إنك مش سهل ابتسم قبل أن يردد بثقة كبيرة: - كل مشكلة ليها حل بس منصدرش دماغنا ونعمل اللي على هوانا لمجرد الراحة، بالهدوء والتفكير كل حاجة تتحل.
لاحظت أنه يرمي إلى أنها السبب بتلك المعضلة فصمتت وأمسك هو بهاتفه الموضوع أمامه استعدادًا للعودة إلى مكتبه فقالت هي بتعجب: - غريبة! اشتريت أيفون؟ كنت بتقول مين المغفل اللي هيدفع تمن الموبايل ده كله في موبايل عادي وإن أي موبايل تاني يأدي الوظيفة! ابتسم ونظر إليها وهو يقول بسعادة:.
- معلش أصل أنا كنت فقير ومش لاقي أكل ساعتها لكن الحمدلله ربنا رزقني من وسع وبعدين الفضل يرجع ليكي بعد ربنا في إنك تدخليني عالم الأغنياء، جود باي والتفت لكي يرحل من أمامها لكنها أوقفته بتلك الكلمة التي أثارت دهشته: - أنا آسفة.
توقف في مكانه للحظات قبل أن يلتفت لها وهو يقول بدهشة: - آسفة؟ كلمة آسف دي تتقال مع كدبة صغيرة، مع غلط صغير مش مع تدمير، كلمة آسف دي مع الموقف اللي حصل زي ما يكون حد قام كسر حيطة وراح جايب لزق وحاول يلزقها رغم إنه عارف إن عمر اللزق ده ما هيثبت الحيطة تاني ولا هترجع لأصلها، ياريت الكلمة دي تبقى فيها حل لكل مشاكلنا، للأسف الكلمة دي ولا حاجة، بعد إذنك ورايا شغل.
تركها ورحل لتبقى هي وحدها بعد أن انهمرت دموعها وسندت برأسها على طرف المنضدة لتبكي بصوت غير مسموع فهي من تسببت بكل هذا وعليها أن تتحمل نتيجة أفعالها!
جلس على مكتبه واغلق الملف المفتوح أمامه ثم رفع بصره ليقول بجدية تامة: - من كلام رجالتي عنك وعن شجاعتك وعن حماسك إنك تيجي هنا وتنضم للفريق فأنا قررت أضمك للفريق يا بارق بس بشكل سري، هتبقى عضو في الفريق لكن بشكل سري غير مُعلن استقام «بارق» في وقفته وردد بجدية تامة: - إن شاء الله أبقى عند حسن ظنك يا فندم هز رأسه بالإيجاب وأردف: - إن شاء الله ثم أشار إلى المقعد المقابل له وردد:.
- اتفضل أقعد علشان أشرحلك مهمتك الجاية جلس على الفور بينما تابع «أيمن» قائلًا: - بنسبة كبيرة طيف صمت قليلًا ثم تابع:.
- بنسبة كبيرة يكون استشهد، حتى لو عايش فهو قريب أوي هيتكشف بسبب الفيديو اللي اتنشر على كل القنوات والسوشيال ميديا وده لو حصل بنسبة كبيرة عيلته هتبقى في خطر لأن المهمة اللي هو فيها خطر جدا واللي سبب في إنها تفشل هو مجلس الريد لاين، وده مجلس أكبر منظمة في العالم، أنا عايزك تكون ملازم لأي حد من عيلتي، أنا كان ممكن أعين حراسة بس بكدا هلفت النظر وأنا مش عايز ده، أنا عايز أتابع شغلي من غير ما أشيل هم تاني، المهمة دي مش سهلة يا بارق لأن اللي في دماغي لو حصل هتبقى حرب كبيرة بينا وبين المنظمة دي.
هز رأسه بالإيجاب عدة مرات قبل أن يقول بثقة كبيرة: - متقلقش سعادتك، تقدر تتابع شغلك وأنت متطمن، أنا هبقى ظلهم ومحدش هيقدر يأذي حد منهم - أنا واثق فيك علشان كدا اديتك المهمة دي، دي هتبقى مهمتك لغاية ما نعرف هنتصرف إزاي مع الموقف ده ونعرف طيف عايش ولا لا.
- معاز تحب اعملك ساندوتشات جبنة ولا لانشون؟ قالتها «نيسان» بعد أن دلفت غرفة هذا الطفل الذي أصبح جزءًا من حياتها فردد هو بابتسامة بعد أن رفع بصره وترك الهاتف من يده: - عايز جبنة وبعدين تيجي تساعديني في اللعبة علشان مش عارف أكسب ابتسمت وهزت رأسها بالإيجاب وهي تقول: - حاضر يا سيدي، هحضر الساندوتشات واجيلك.
اتجهت إلى المطبخ وبدأت في إعداد الطعام لهذا الطفل وأثناء ذلك سمعت صوت رنين هاتفها الموضوع أمامها مباشرة فرفعته لتجده اللواء «أيمن»، ضمت حاجبيها بتعجب قبل أن تجيب عليه قائلة: - سيادة اللواء ازي حضرتك أجابها بإيجاز شديد قبل أن يبدأ في الكلام عن سبب اتصاله: - بخير، فيه بلاغ اتقدم من شخص اسمه خالد وبيقول إن طفله اختفى، الطفل ده يبقى معاز اللي معاكي علشان كدا عايزك تجيبيه حالا عندي المكتب.
عبثت ملامح وجهها بشدة قبل أن تقول باعتراض: - بس هو اشتكى من إن أبوه بيضربه وده سبب إنه يسيب البيت ضم حاجبيه بتعجب قبل أن يقول بتساؤل: - مقولتليش الكلام ده قبل كدا يعني! معنى كدا إن الولد ده يعرف مكان بيته وأنتي كمان عارفة وساكتة كل ده؟ لم تعرف بماذا تجيب وظلت صامتة قبل أن يردد هو:.
- الولد يبقى على مكتبي النهاردة يا نيسان، مش كل ولد أبوه هيضربه يهرب، ياريت متتأخريش لأني ورايا شغل تاني وعايز أخلص من الحوار ده.
تركت المنزل واتجهت إلى سيارتها ثم قادتها وتحركت بعيدًا، سارت لمسافة طويلة قبل أن تقف على جانب الطريق وتترجل من سيارتها، سندت بظهرها عليها ونظرت حولها بحثًا عن شخص ما إلى أن رأته يقترب منها، انتظرت حتى وقف أمامها وردد بحيرة: - أديني جيت أهو يا نيران وسيبت المديرية، أيه بقى الحاجة المهمة اللي عايزة تقوليها وجايباني هنا؟ نظرت إليه ورددت بثقة كبيرة:.
- لو طيف لسة عايش فأنا عارفة مكانه ومحتاجة مساعدتك يا رماح! اتسعت حدقتيه بصدمة قبل أن يقول بتساؤل: - تعرفي مكانه إزاي؟ وليه ساكتة طول الفترة دي! استاءت من طريقته في الكلام ورددت بغضب: - بقولك أيه يا رماح هتفضل تسأل ليه وازاي وتفضل تعمل فيها الناصح اللي مفيش زيه يبقى ارجع شغلك أحسن وسيبني أنا أتعامل لكن لو هتساعدني وتسمعني يبقى توعدني إنك مش هتعترض كتير ولا هتسأل وأخيرا اللي هقوله يبقى سر بينا تمام؟
شعر بالقلق كثيرًا لما تقول لذلك فضل عدم الاعتراض على ما تقوله وسماعها إلى النهاية: - طيب أديني سكت ومش هعترض بس حوار إني أوعدك إني مقولش لحد فدي بالذات مقدرش لأن اللواء أيمن من حقه يعرف طيف فين علشان لو عايش ينقذه رفعت صوتها وهي تهز رأسها باعتراض واضح: - اللواء أيمن لو عرف هيفضل إنه ينقذ طيف وده هيبوظ المهمة بتاعته لو هو فعلا عايش ابتسم بسخرية قبل أن يقول:.
- الفيديو اللي انتشر لطيف وهو بيتضرب بالرصاص انتشر في مصر كلها وبنسبة مليون في المية الفيديو هيوصل للريد لاين ده إن موصلش أصلا هزت رأسها بالنفي وقالت له بتوضيح: - الفيديو لو وصل طيف هيبقى في أمان لأن سيزكا رئيسة المنظمة متعلقة بيه واللي عرفته من طيف إنها بتحبه، بنسبة كبيرة لو عرفت ممكن تاخده لصفها رفع أحد حاجبيه قبل أن يعقد ذراعيه أمام صدره وهو يقول بتساؤل:.
- وأيه اللي مخليكي واثقة كدا إنها مش هتقتله! اللي بتتكلمي عنها دي أخطر واحدة في العالم دلوقتي يعني قلبها ميعرفش يعني أيه تعلق وحب، ممكن تكون حساه مكسب ليها وده مش معناه إنها تضحي بكل حاجة علشان طيف! وبعدين قدرتي تعرفي مكانه إزاي؟ عقدت ذراعيها هي الأخرى وأجابته:.
- واثقة لأني لازم اتمسك بأي أمل، لو طيف أصلا لسة عايش فهو بأي طريقة هيموت سواء لو الفيديو وصلهم أو حاولنا ننقذه، لازم اتمسك بأمل إنه ميموتش لو سيزكا شافت الفيديو! أما بقى عرفت مكانه إزاي فأنا كنت معاه قبل اللي حصل وزرعت جهاز تتبع في الجزمة بتاعته من غير ما ياخد باله حل عقدة يده وفرك في فروة رأسه بحيرة قبل أن يقول: - طيب أنتي جايباني هنا علشان تقولي الكلام ده ولا علشان حاجة تانية؟
صمتت قليلًا ثم أجابته بصوت هادئ: - لا علشان حاجة تانية، الظابط اللي سافر مع طيف للمهمة ضم حاجبيه بعدم فهم وأردف بتساؤل: - المقدم يوسف رأفت؟ ماله - أنا عايزة أوصله.
استطاع أخيرًا شراء هاتف جديد بعد أن خرج من مقر التدريب ثم قام بشراء خط وأدخله بهذا الهاتف واستطاع الحصول على الانترنت وفتح حسابه الوهمي على فيسبوك والذي لا يعرفه أحد ثم ولج إلى حساب اللواء أيمن والذي لا يعرفه أحد أيضا وكتب تلك الكلمات: - أنا دخلت مقر التدريب هنا، مجلس الريد لاين بيطاردني زي ما بيطارد طيف، أنا قدرت أعرف معلومات خطيرة مش هينفع أكتبها هنا، سعادتك عارف هتتواصل معايا إزاي.
خرج من صفحته ثم ولج إلى صفحة زوجته «سهوة» ليرى آخر ما نشرته على صفحتها ليطمأن على حالها فوجد آخر ما قامت بمشاركته هذا الفيدو وكتبت فوقه: - حسبي الله ونعم الوكيل في كل واحد عايز لبلدنا الشر وبيقتل ولادها وانهت كلامها بهاشتاج #حق الرائد طيف لازم يرجع اتسعت حدقتيه بصدمة ونقر على هذا الفيديو ليرى محتواه فتفاجئ بمقتل طيف على يد هذا المجرم فنهض من مكانه على الفور وهو يقول بعدم تصديق:.
- طيف اتقتل! إزاي؟
انتهى وقت العمل لكنه ظل بمكانه بسبب تراكم الكثير من الأعمال عليه وقرر عدم الرحيل حتى ينتهي منها بأكملها. على الجهة الأخرى غادرت «ياسمين» مكتبها واتجهت إلى «اسراء» قبل أن تقول متسائلة: - مستر نائل لسة موجود يا اسراء؟ هزت رأسها بالإيجاب ورددت بهدوء: - أيوة قال إن عنده شغل كتير ولو إحنا عايزين نمشي تمام، قال هيفضل موجود لغاية ما يخلص كل الشغل.
نظرت إلى مكتبه بحيرة ثم عادت بنظرت إليها ورددت بجدية: - طيب تقدري تمشي دلوقتي ثم تركتها واتجهت إلى المصعد ونزلت إلى الأسفل ومنه اتجهت إلى الخارج حيث سيارتها، قادت السيارة واتجهت إلى أحد المطاعم وقامت بشراء وجبتين من الطعام ثم عادت إلى سيارتها وعلى وجهها ابتسامة هادئة.
شعر «نائل» بالتعب الشديد وزاد وجع رأسه لذلك قرر ترك ما تبقى من العمل لليوم التالي ونهض من مكانه لكي يرحل.
وصلت «ياسمين» إلى الشركة مرة أخرى وقبل أن تخرج من سيارتها وجدته يوقف سيارة أجرة ثم دلف إلى داخلها وتحركت به فقررت أن تتبعه إلى حيث يذهب، ظلت تتبع سيارة الأجرة وفجأة سدت سيارة الطريق وخرج منها ثلاثة رجال، وجه الأول سلاحه إلى رأس سائق بينما اتجه الإثنين الآخرين إلى باب تلك السيارة وأخرجا «نائل» الذي لكم أحدهم بقوة ليوقعه أرضًا وقبل أن يلتفت ضربه الآخر بعصا ضخمة على رأسه ففقد توازنه وسقط على الأرض، نهض الآخر وساعد صديقه وانهالوا عليه بالضربات القوية وركلوه بقدمهم بقوة عدة مرات حتى خرجت الدماء من فمه بينما غطي وجهه الدماء بفعل الضربة الأولى.
شاهدت «ياسمين» ما يحدث واتسعت حدقتيها قبل أن ترتفع صرخة منها: - نائل! خرجت من سيارتها وركضت تجاهه وعندما وصلت ترجه هؤلاء الرجال واتجهوا إلى سيارتهم مرة أخرى وهربوا على الفور، سقطت هي أمامه وصرخت بصوت مرتفع وهي تردد اسمه: - نائل رد عليا! نائل؟ ضمت وجهه الغارق بالدماء بين كفيها ورددت بصوت باكي: - نائل رد عليا بالله عليك متسيبنيش، نااااائل!
فتح عينيه مرة أخرى بتعب بعد نوم عميق بسبب جرحه فوجدها أمامه ولكن تلك المرة وجهها عابث ولا تظهر تلك الابتسامة المشرقة التي اعتادها في ظل وجوده، ضم حاجبيه وهو يردد بصوت هادئ: - مالك أيه اللي حصل؟ زي ما يكون مقتولك قتيل! رفعت سلاحها وشدت أجزائه بطريقة عنيفة ثم وجهته تجاهه وهي تقول:.
- آخر حاجة كنت أتوقعها إنك تكون ظابط مصري! أنا أعلنت الحرب على كل الناس علشان حبيتك، أنت غيرتلي حياتي وخليتني أحب الحياة وكل ده كان كدب! تصدق عرفت تمثل دور الدكتور عليا؟ حاول هو التحدث لكي يوضح لها: - أنا كنت عارف إن اليوم ده هيجي وداخل المهمة دي وعارف أصلا إني هموت، أنا اتعرضت للموت أكتر من مرة وشوفت الموت كتير صرخت في وجهه لكي توقفه عن تكملة حديثه:.
- اخرس بقى، أنا إزاي كنت مغفلة للدرجة دي! رئيسة أكبر منظمة في العالم تتخدع بالسهولة دي؟ أنا كذبت كل أعضاء مجلس الريد لاين وأعلنت الحرب عليهم، قتلت كل اللي فشلوا يحموك، رجالتي انتقموا من اللي حاولوا يقتلوك، أنا حبيتك وحبيت الحياه علشان أنت فيها تقوم بعد ده كله تيجي تاخد مني كل حاجة!، كل ده كان كدب وأنا حاطة امل!، لما شوفت مكان الرصاصة القديمة في جسمك وانت نايم فضلت اخلق أعذار إن أكيد حصل حاجة سبب الرصاصة دي لغاية ما شوفت الفيديو، مقتل الرائد طيف أيمن بواسطة مجهولين.
ابتسمت بسخرية وتابعت: - تصدق اسم طيف أحسن من تامر، مبروك يا سيادة الرائد قدرت تخدعني وتسيطر على قلبي كمان لكن أنا هدوس على قلبي ده لأن مكانش ينفع أجري ورا قلبي، أنا اتربيت على القسوة وعلى الدم وهفضل كدا طول عمري، لما أخسر الحاجة اللي كنت عايشة علشانها هبقى أشرس وأقوى، مع السلامة يا تامر ولا أقولك، مع السلامة يا طيف، أول مرة اعيط على حد اقتله بأيدي.
انهمرت دموعها قبل أن تطلق الرصاصة من سلاحها ليزداد بكائها أضعافًا.