رواية خط أحمر الجزء الثالث للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل الرابع
انتهى من تناول العشاء مع زملائه بالعمل ثم أتجه إلى الخارج وتركهم وحدهم، كان الجو باردا فعاد إلى غرفته وجلب سترته ثم دلف إلى الخارج مرة أخرى بعدما قام بارتدائها، وضع يديه بجيبي سترته وتجول وسط هذا الظلام وعلى وجهه ابتسامة هادئة، تخيل المستقبل وهو يقوم بحمل طفلته بين ذراعيه ويقبلها من جبينها بحب، اتسعت ابتسامته تدريجيا مع تخيله وبتلقائية رفع رأسه لأعلى وقال بصوت شبه مسموع:.
- يارب عدى الكام شهر دول على خير ونيران تقوم بالسلامة واشوف بنتي وافرح بيها جاء هذا الصوت المألوف من خلفه: - آمين التفت بسرعة ونظر إلى وجهه لبضع لحظات محاولا تذكره، ضيق عينيه وهو يحاول تذكر هذا الشخص فهو قد رآه لكن لا يعلم متى وأين، ظل هذا الشخص منتظرا لثوانٍ حتى يتذكره «طيف» وعلى وجهه ابتسامة خفيفة وفجأة أسرع «طيف» وقال بحماس:.
- افتكرت، مش سعادتك المقدم يوسف رأفت اللي خلانا نغير العربية واحنا جايين على هنا؟ ضحك «يوسف» وهز رأسه بالإيجاب وهو يؤكد ظنه: - أيوة أنا المقدم يوسف رأفت، كويس إنك فاكر اسمي كامل لوى ثغره وابتسم وهو يقول مازحًا: - انسى اسمك ازاي وانا من ساعتها بفكر ازاي ضحيت بنفسك وخليت العربية تتفجر بيك واحنا نعيش، سعادتك عايش إزاي! ضحك مرة أخرى ولكن تلك المرة بصوت مرتفع قبل أن يجيبه بثقة:.
- عمر الشقي بقي، متشغلش بالك عايش إزاي لأن دي كلها ترتيبات، قولي بقى أنت الرائد طيف أيمن صح كدا هز رأسه بالإيجاب واجابه بهدوء: - صح كدا يا باشا، غريبة عارف اسمي ازاي واحنا منعرفش بعض معرفة شخصية جلس «يوسف» على أحد الأحجار واردف: - انت نسيت إن التلفزيونات مكانش وراها غيرك الفترة اللي فاتت ولا أيه ابتسم «طيف» وجلس إلى جواره قبل أن يقول: - اها صحيح الشهرة وسنينها.
نظر إليه مطولا قبل أن يقول بجدية: - أنت همك التلفزيون يقول عنك أيه؟ رفع أحد حاجبيه متعجبا من سؤاله قبل أن يجيبه: - أكيد لا وكل المرات اللي ظهرت فيها على التلفزيون كانت بدون علمي وبتفاجئ بيها زي أي حد، ليه سعادتك بتسأل السؤال ده فرك كفيه من البرودة واجابه وهو مسلط نظره على الأرض أسفل قدمه:.
- عادي سؤال زي أي سؤال، أنا لما سألت عنك قالولي إنك بتهزر كتير ودمك خفيف قولت أكيد ده فاشل بس لما شوفت المهمات اللي أنت نفذتها رجعت في كلامي وعرفت إن الشخصية ملهاش دعوة بالشغل والجد تعجب «طيف» أكثر من حديثه ولم يفهم المغزى منه لذلك قاطعه وقال بتساؤل: - سعادتك عايز تقول حاجة! بتمهد لحاجة هتقولها يعني!
تابع «يوسف» حديثه بصورة طبيعية وكأنه لم يستمع لحرف واحد من حديث «طيف» له:.
- تعرف إني كنت زيك بالظبط في كل حاجة، مكنتش ظابط، كنت مهندس وكنت بحب الهزار لغاية ما فجأة لقيت حياتي اتحولت ١٨٠ درجة ودخلت في شغل عصابات ومافيا وهوب بقيت ظابط شرطة، اتعرضت للموت الف مرة وابويا اتقتل بدون ذنب من عصابات المافيا وكل حاجة حلوة في حياتي بقت وحشة بس اللي صبرني على الحياة 3 حاجات، الشغل، امي، مراتي.
ابتسم ونظر إليه قائلًا: - طبعا أنت محتار أنا بحكيلك ليه عن كل ده صح؟ رفع «طيف» كتفيه بتلقائية ولوى ثغره قبل أن يجيبه: - يعني، الصراحة أيوة ضحك «يوسف» وقال بإبتسامة: - حبيت ابان عميق سيكا وانت ما شاء الله قلقت وحسيت إني بعملك اختبار تنفس «طيف» الصعداء وقال مازحًا: - سعادتك وقعت قلبي مش قلقتني بس، أنا حسيت إنك هتقولي في نهاية الحوار إنك ملك الموت وجاي تاخد روحي.
تعالت ضحكات «يوسف» وخبط بيده على يده الأخرى وهو يقول: - لا أنت فعلا مسخرة مش مجرد كلام بيتقال - شكرا يا باشا بس بردو حاسس إن الزيارة دي وراها حاجة هز «يوسف» رأسه بالإيجاب عدة مرات وهو يؤكد ما ظنه قائلًا: - تروو هي فعلا وراها حاجة عقد ما بين حاجبيه لثوانٍ قبل أن يقول متسائلًا: - وايه الحاجة دي؟ وقف وسار خطوتين ثم التفت ونظر إليه مرة أخرى وهو يقول:.
- مهمة جديدة بس سرية وخطيرة جدا وهتتحرك معايا بعد الفجر نهض هو الآخر وهز رأسه بعدم فهم وهو يقول: - إزاي سعادتك! أنا في مهمة مكلف بيها وضمن التيم هنا بتكليف من اللواء أيمن واللواء كامل! شبك يديه خلف ظهره وقال بثقة: - أنا عارف كل ده ونفس اللواء ايمن واللواء كامل هم اللي كلفوني بالمهمة الجديدة، استغلينا بس وجود التيم للتغطية على المهمة التانية لأنها سرية زي ما فهمتك وأنا وأنت اللي هننفذها بس.
هز «طيف» رأسه بعدم فهم وتحرك خطوة وهو يقول: - اشمعنا أنا! فيه المقدم رماح اشطر مني كتير ومتدرب على أعلى مستوى عقد ذراعيه أمام صدره وقال بجدية لكي ينهي كل هذه التساؤلات:.
- علشان المهمة محتاجة دكتور نفسي، المفروض موضحلكش حاجة دلوقتي بس علشان تبطل أسئلة وفي البداية كدا أحب اقولك إن المهمة برا مصر ومش عايز حد من زمايلك في التيم يعرف انت رايح فين، بعد الفجر هتقولهم انك هتتمشى شوية وهتيجي لوحدك من غير أي حاجة وكل الاوراق اللي هتحتاجها للسفر وأي حاجة هتبقى جاهزة وهتستلمها لما نتقابل، هنتحرك واللواء كامل هيبلغهم إنك في مهمة تانية بكرا...
تركه ورحل ليبقى «طيف» وحده يفكر في تلك المهمة الجديدة والتي لم يذكر أباه شيئا عنها له وهذا ما أثار تعجبه كثيرا لذلك امسك بهاتفه وقرر مهاتفته إلا أنه وجد الساعة تخطت الثالثة والنص بعد منتصف الليل فتراجع عن هذا القرار لأن والده بالتأكيد نائم الآن، دس الهاتف بجيب بنطاله ثم أتجه إلا المرحاض وتوضأ قبل أن يعود إلى عرفته ويقوم بأداء صلاة القيام، قام بصلاة ركعتين ثم رفع يديه إلى السماء ودعى الله أن ينجيه وأن ينجي زوجته وطفلتهما وان يبعد عنهما كل سوء، مسح على وجهه وظل جالسا مكانه إلى أن رُفع أذان الفجر وحضر «زين» إلى الغرفة فوجده يجلس باتجاه القبلة لذلك تحرك إليه ثم انخفض ووضع يده على كتفه قائلًا بتساؤل:.
- مالك يا طيف! غريبة انت بتحب تتكلم وتهزر وبتحب اللمة سيبتنا وخرجت ليه؟ نظر إليه وهز رأسه وهو يقول بقلق لم يظهر عليه من قبل: - مش عارف يا زين، فجأة وأنا قاعد معاكم قلبي اتقبض أوي فخرجت اتمشى شوية وادعي ربنا، أول مرة اقلق او قلبي يتقبض كدا، حاسس بحاجة هتحصل، يارب لو هتحصل حاجة وحشة تحصلي أنا ومتحصلش لحد من أهلي لأني مش هستحمل.
جلس «زين» بجواره على ركبتيه ثم ربت بهدوء على كتفه قبل أن يبتسم إبتسامة خفيفة وهو يقول بهدوء: - قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون، إن شاء الله مفيش حاجة يا طيف، ممكن قلق عادي من طبيعة شغلنا وبعدين ربنا لو كاتب حاجة هتحصل، متشغلش بالك وكمل عادي وإن شاء الله خير إبتسم «طيف» وهز رأسه بالإيجاب فتابع «زين» وهو ينهض من مكانه:.
- يلا علشان نصلي الفجر، الرجالة مستنينا علشان نصلي جماعة هز رأسه ونهض من مكانه وهو يقول بجدية: - يلا بينا.
ارتفع رنين الهاتف ليعلن عن السادسة صباحًا ففتح «نائل» عينيه بصعوبة ثم حرك يده بجواره لكي يجد هاتفه الموضوع على الكومود وما إن وجده حتى ضغط على الزر الجانبي له كي يوقفه ثم اعتدل وجلس مكانه قبل أن ينظر إلى «ياسمين» ويضع يده على كتفها ويهزها بهدوء قائلًا: - ياسمين حبيبتي، ياسو حركت رأسها إلى اليسار قبل أن تكافح لتفتح عينيها بصعوبة ثم ابتسمت بهدوء له قبل أن يقول هو بابتسامة:.
- صباح الخير يا حبيبتي بادلته الابتسامة وهي ترد عليه قائلة: - صباح النور يا حبيبي.
نهض هو من مكانه ووقف بجوار الفراش وهو ينظر إليها قائلًا: - أنا هخش اخد شاور واخرج علطول هزت رأسها بالإيجاب وهي تقول: - طيب يا حبيبي أنا مستنياك بالفعل دلف إلى داخل المرحاض ثم خرج بعد عشر دقائق ليجدها قد أعدت الإفطار فنظر لها بابتسامة قائلا: - تسلم اديكي يا روح قلبي بادلته الابتسامة ثم رفعت رغيف الخبز ووضعت بداخله أحد أنواع الجبن قبل أن تمد يدها به إليه وهي تقول:.
- الله يسلمك يا حبيبي، خد بالهنا على قلبك لم يمسك برغيف الخبز وحده بل قبض على يديها وقام بتقبيلها بحب قبل أن يأخذ منها الخبز ويبدأ في تناوله...
انتهوا من تناول الطعام ثم اسرعت هي واتجهت إلى المرحاض بينما اتجه هو إلى خزانة الملابس وقام بتبديل ملابسه وما إن انتهى حتى خرجت هي وارتدت ملابسها هي الأخرى، اتجهت له ووضعت يديها على صدره وهي تقول بحب: - قمر في البدلة، وحشني شكلك اوي وانت شغال وضع يديه على خصرها ومال برأسه عليها وهو يجيبها بابتسامة:.
- وانا وحشني الآنسة ياسمين مديرة الشركة، بس دلوقتي هتتغير حاجة بسيطة وهي إنك بدل ما تبقى آنسة ياسمين هتبقي مدام ياسمين، مراتي مدير عام قربت رأسها منه حتى التصقت برأسه وقالت بحب: - ونائب المدير العام لولا مجهوداته مكانش أسر قلب المديرة إبتسم وقبلها بحب ثم ابعد شفتيه عنها وهو يقول: - بحبك اتصقت أكثر به ونظرت إلى عينيه وهي تقول: - وانا بموت فيك.
كان «يوسف» يقود السيارة متجها إلى المطار بينما كان «طيف» نائما في مكانه بالمقعد الأمامي بجواره فنظر إليه «يوسف» بتعجب ثم تحدث بصوت مرتفع: - طيف! اصحى يابني أنت نايم من ساعة ما اتحركنا تحرك في مكانه قبل أن يفرد ذراعيه في الهواء وهو يقول بصوت شبه نائم: - صباح الخير يا حبيبتي ضربه في كتفه بخفة وهو يقول بصوت مرتفع: - حبيبتك مين ياعم أنا المقدم يوسف!
فُزع من صراخه وضربته واعتدل بسرعة وهو يقول بحرج: - آسف يا باشا كنت نايم وبحلم مخدتش بالي نظر إلى الطريق أمامه وردد بجدية: - إحنا خلاص داخلين على المطار أهو فوق بقى وركز علشان هشرحلك جزء من المهمة مفهوم؟ فرك عينيه بكفيه وهو يقول بصوت منخفض: - طيب نفطر يا باشا هتشرح المهمة واحنا على لحم بطننا كدا! رفع «يوسف» أحد حاجبيه ونظر إليه بغضب قبل أن يعاود النظر للطريق أمامه وهو يقول بنفاذ صبر:.
- حاضر هنفطر في المطار بس ركز معايا دلوقتي علشان أي غلطة في المهمة بموت علطول - لا حول ولا قوة إلا بالله، أشرح يا باشا أنا مركز معاك.
نظر إليه وردد بجدية وهو يشير إلى جيب بنطاله: - في البداية كدا تشيل الخط بتاع موبايلك وتجيبه، مش عايز حد يعرف يوصلك خالص عقد ما بين حاجبيه بتعجب وهز رأسه بعدم فهم وهو يقول: - ازاي يعني سعادتك! ولما حد من أهلي يحب يتطمن عليا هيوصلي ازاي؟ أجابه وهو لا يزال مسلطا نظره على الطريق أمامه: - ساعتها سيادة اللواء أيمن ضياء هيطمنهم، مش هو والدك بردو ولا ايه يا طيف؟ صمت لثوانٍ قبل أن يجيبه بعدم رضا:.
- أيوة ابويا، امممم طيب هديك الخط دس يده بجيب بنطاله وسحب هاتفه قبل أن يخرج منه شريحة الاتصال الخاصة به ويمد يده بها إليه قائلًا: - اتفضل يا باشا الخط اهو سحبه منه ثم فتح تابلوه السيارة ووضعه بها وهو يقول بجدية: - كدا تمام، لما نسافر هديك خط تاني تستعمله وقبل أن يخرج يده سحب عدة أوراق من ضمنها بطاقة شخصية ثم مد يده بهم له وهو يتابع:.
- دي اوراق سفرك كلها ومعاهم بطاقة جديدة باسم تامر عبدالرحمن، ده اسمك الجديد في المهمة، الدكتور تامر عبدالرحمن، دكتور نفسي وطبعا أنت بتعرف تتكلم انجليزي فهيكون هناك مكتب وهتشتغل عادي كدكتور نفسي ليه بقى وازاي هفهمهالك بعدين، المهم انت دلوقتي تامر مش طيف، أي اثبات شخصية تاني غير ده سيبه هنا في العربية قبل ما نخرج صمت لثوانٍ ثم نظر إليه وردد بتردد:.
- بص يا باشا أنا مستعد انفذ كل حاجة هتقولها بس بالله عليك ما تبقى زي المقدم رماح عقد «يوسف» ما بين حاجبيه بعدم فهم ونظر إليه وهو يقول متسائلًا: - ماله المقدم رماح! ليه مبقاش زيه مش فاهم رفع كتفيه وهو يقول بتوضيح: - يعني مش كله جد جد، تضحك تبتسم تهزر كدا يعني مش تنشنة طول الوقت إبتسم ونظر إلى الطريق أمامه وهو يقول: - متقلقش خالص أنا اكتر واحد يهزر ويضحك بس وقت الشغل معرفش غير الجد.
- إذا كان كدا يبقى استعنا على الشقى بالله.
وقفت «ياسمين» بسيارتها أمام فيلاتها السابقة والتي كانت تقطن بها قبل زواجها ثم ترجلت منها قبل أن يتبعها «نائل»، اتجها إلى الداخل ثم ضغطت هي على الجرس وانتظرت لثوانٍ قبل أن تفتح لها «نايا» التي تفاجئت بهما وفتحت عينيها وهي تقول بسعادة: - مش معقول انتوا رجعتوا امتى؟ حضنتها «ياسمين» بسعادة وهي تقول:.
- إحنا يادوب لسة راجعين امبارح وقولنا نيجي نسلم عليكم قبل ما نروح الشركة، صحيح فين زين؟ هو لسة نايم! عبثت ملامحها واجابتها بحزن: - انتي متعرفيش ولا أيه! زين في مأمورية وهيغيب اكتر من شهر، ربنا معاه ويرجعه بالسلامة لم تصدق هي وقالت بوجه عابث: - يااه أكتر من شهر! أول مرة يطلع مأمورية ويغيب بالشكل ده، ربنا يرجعه بالسلامة ويطمنا عليه رفعت «نايا» يدها إلى السماء واردفت: - يارب.
ثم نظرت إلى «نائل» وقالت بابتسامة: - اهلا يا نائل نورت نظر إليها واجابها بابتسامة: - أهلا يا نايا المكان منور بأهله.
دلفوا إلى الداخل وبحث «نائل» بعينه عن شقيقته فوجدها تنزل الدرج وما إن رأته حتى انطلقت إليه بعدم تصديق وارتمت في احضانه بشوق وهي تقول: - مش مصدقة نفسي، وحشتني اوي يا نائل، الشهر عدى من غيرك صعب متسيبنيش الفترة دي تاني إبتسم وهو يربت على ظهرها واردف بحب: - مش هيحصل وهسيبك تاني يا حبيبتي بعد كدا هتبقي معايا علطول ثم أبعدها عنه وتابع: - قوليلي نتيجتك ظهرت ولا لسة؟
هزت رأسها بالنفي وهي تجيبه: - لا لسة بس صحابي بيقولوا ممكن تظهر الاسبوع ده وانا خايفة أوي ربت بكلتا يديه على كتفيها وهو يقول مطمئنا لها: - متقلقيش يا حبيبتي ان شاء الله تكوني من الاوائل وتفرحي وتفرحينا معاكي اقتربت منها «ياسمين» وحضنتها وهي تقول بابتسامة: - عاملة أيه يا يارا وحشتيني اوي ابتسمت «يارا» ونظرت إليها بسعادة وهي تقول: - وانتي اكتر والله يا ياسمين.
اقتربت «نايا» ولفت ذراعها حول رقبتها وهي تقول بحب: - يارا دي قمراية مشوفتش في احترامها وفي ذكائها ما شاء الله من أول يوم حبيتها كتير ربتت «ياسمين» على رأسها وهي تقول بابتسامة: - طبعا يويو قمراية ثم بحثت بعينها قبل أن تنظر إلى «نايا» وهي تقول متسائلة: - امال فين رقية؟ أشارت إلى الأعلى واردفت: - لسة نايمة اكيد بس اطلعي صحيها، دي كانت لسة بتسأل هترجعوا امتى امبارح.
نهضت «ياسمين» من مكانها وهي تقول بابتسامة وهي تتجه إلى الدرج: - انا هصحيها دي هتفرح أوي لما تعرف إننا رجعنا.
انهى الاثنين تناول الإفطار وأمسك «طيف» زجاجة المياه قبل أن يتجرع منها المياه ثم تركها من يده وهو يقول: - الحمدلله الواحد كان جعان بطريقة فظيعة، متعشتش معاهم بليل فالدنيا كانت بايظة، المهم عقبال ما يجي ميعاد الطيارة قولي يا باشا ازاي كنت مهندس ودخلت شرطة ابتسم «يوسف» وعاد بظهره إلى الخلف وهو يقول:.
- طيب يا سيدي هحكيلك، أنا اتولدت في عيلة تقدر تقول ميسورة ماليا وكنت متدلع اخر دلع المهم دخلت هندسة واتخرجت بس كنت مقضيها مع صحابي ومطنش للشغل خالص بس مع ضغط بابا الله يرحمه بقيت اروح الشغل وفجأة لقيت نفسي لبست تهمة قتل بدون تفاصيل واتهددت إني لو مبيعتش ارض المشروع لشخصية معينة هتعدم ومع الوقت قدرت اوصل لحل وسط وضحكت عليهم وخرجت وفي نفس الوقت كان فيه ظابط بيساعدني ومصدق كل كلمة بقولها وفجأة الناس دي خطفوني وطلعوا منظمة أجنبية واعلنوا خبر موتي وبعدين دربوني على أعلى مستوى وفي نفس الوقت اللي اعتبروني راجل منهم كنت بتواصل مع الظابط ده وبديله اخر الاخبار وقدرت اوقعهم كلهم بس للأسف بعد ما مات بابا، اتجوزت حبي الوحيد في الحياة بس سيبتلها ادارة الشركة وانا بقيت ظابط شرطة بما إني متدرب على أعلى مستوي وعرفت طريقة الناس دي، مع الوقت بقيت أنفذ مهمة ورا مهمة بس مش أي مهمات، المهمات اللي بتكون شبه مستحيلة ومع الوقت بقيت المقدم يوسف رأفت اللي قدامك ده.
رفع «طيف» أحد حاجبيه واردف بتعجب: - ياااه على كدا انت شوفت أيام صعبة كتيرة ضحك وهز رأسه بالنفي وهو يجيبه:.
- هقولك على حاجة، على أد ما هتدلع في حياتك وتعيشها بسهولة على أد ما هتتعب وهتتعذب، أنا في بداية حياتي اتدلعت كتير اوي وعيشت حياتي اخر درمغة حتى بعد ما اتخرجت بكام سنة علشان كدا الفترة اللي بعدها كانت صعبة عليا اوي لأني مكنتش أد المسؤولية وعلشان اتعود على شيل المسؤولية والجد تعبت جامد بس أهو الحمدلله الدنيا مشيت ابتسم «طيف» وهز رأسه بتفهم قبل أن يتذكر إحدى الجمل التي قالها فاردف بتساؤل:.
- سعادتك قولت إن المهمات اللي بتطلعها بتكون شبه مستحيلة! ده معناه إن المهمة اللي طالعينها دي شبه مستحيلة! ارتفعت ضحكاته وخبط بيده على يده الأخرى وهو يقول مازحًا: - لا متقلقش المهمة مش شبه مستحيلة، دي مستحيلة ارتفع حاجبي «طيف» بصدمة وقال بقلق: - ربنا يطمنك يا باشا مش عارف كنت هتطمن للمهمة من غيرك إزاي الصراحة ربت على كتفه وقال بنبرة مطمئنة:.
- متقلقش يا بطل المهمة صعبة اينعم بس متوقفة على ذكائك، كل ما هتكون ذكي وتلقائي في كلامك وتعاملك كل ما المهمة هتبقى سهلة ونخلصها بسرعة لوى ثغره بتفكير ثم نظر إليه مرة أخرى واردف: - طيب ما تديني نبذة كدا عن المهمة على الأقل اعرف هبقى دكتور نفسي ليه؟ فكر قليلًا في طلبه ثم وضع قدما فوق الأخرى وهو يقول بهدوء:.
- بص هديك نبذة بسيطة وهفهمك الدنيا لما نسافر، أنت هتبقى دكتور نفسي وطبعا عندك المكتب اللي هتشتغل فيه وأنا هبعتلك بنت على إنك دكتور شاطر وممتاز، البنت دي تعبانة نفسيا وطبعا انا معرفهاش بس هشقطها واكون معاها صداقة ولما تثق فيا هبعتهالك، بصفتك دكتور نفسي هتقدر تعرف منها كل المعلومات اللي عايزنها وانا هفهمك طبعا طبيعة المعلومات اللي محتاجينها ابتسم بتلقائية وهو يقول بسعادة:.
- هي دي المهمة! أمال خوفتني وقولتلي صعبة ومستحيلة ليه؟ أنزل قدمه ومال بجسده إلى الأمام وهو يقول بتحذير شديد اللهجة:.
- أوعى تستهتر بحاجة، المهمة دي من أصعب المهمات اللي هتعملها في حياتك لأنك مش هتبقى بس دكتور نفسي لا أنت هتبقى جزء من كارثة وهتعرف هي أيه، إحنا في البداية هنجتهد علشان نخش وسطهم بس زي ما قولتلك بمجرد ما ندخل وسطهم مش هينفع نخرج غير واحنا معانا كل المعلومات اللي جايين علشانها وأي ذلة لسان أو غلط مش مقصود أو حتى شكوا فينا هنموت وبجد مش هزار، إحنا حرفيا داخلين على كارثة لأن الناس دي أشباح تسمع عنهم بس متشوفهمش بس بطريقتنا هنشوفهم وهنكلمهم كمان.
ارتفع صوت رنين الجرس بأرجاء المنزل فصاحت «اسماء» وهي تنادي ابنتها: - شوفي مين بيرن الجرس يا رنة أتى صوت «رنة» من داخل المطبخ: - ثواني يا ماما انا قلبت الملوخية من غير ما اقصد على الأرض نهضت من مكانها وارتدت خمارا على رأسها وهي تقول بغضب: - هو ده اللي فالحة فيه، الخراب وبس، هفتح أنا سارت بخطوات متعجلة باتجاه الباب وهي تقول بصوت مرتفع وغير راضي:.
- جاية أهو يالي على الباب كل ده رن! فتحت الباب قبل أن تتسع حدقتيها من الصدمة وهي تقول: - تنة! بنتي حبيبتي انطلقت وحضنت والدتها بقوة وشوق شديد وهي تقول بصوت باكي: - وحشتيني اوي يا ماما ربتت على ظهرها بحنو شديد واردفت بعينان دامعتان: - وانتي يا حبة عيني وحشتيني اوي، يااه مكنتش متوقعة إنك هتيجي قبل كام شهر.
استمرت «تنة» في البكاء بحضن والدتها فلاحظت هي أن ابنتها تعاني من شيء ما لذلك ابعدتها عنها بهدوء ونظرت إلى عينها وهي تهز رأسها قائلة: - مالك يا تنة يا حبيبتي! وفين حسام! هو مسافرش معاكي ولا أيه انهارت وارتمت في حضن والدتها مرة أخرى وهي تبكي بصوت مرتفع وهنا تأكدت «اسماء» أن هناك خطب ما بابنتها، ربتت على ظهرها بحنو شديد وهي تقول بهدوء:.
- اهدي يا حبيبتي وفهميني حصل أيه بس متقطعيش قلبي عليكي استمرت في البكاء لثوانٍ قبل أن تبتعد عنها قليلا ثم نظرت بعينيها الدامعتين إليها واردفت بألم: - أنا وحسام اتطلقنا يا ماما ومش هنرجع لبعض تاني خلاص!
رواية خط أحمر الجزء الثالث للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل الخامس
فتحت عينيها على صوت تعرفه كثيرا فوجدتها شقيقتها الكبرى فنهضت بسرعة على عكس عادتها وارتمت في احضانها وهي تقول بشوق وحنين: - ياسمين اخيرا جيتي اجابتها براحة كبيرة وحنين: - جيت يا حبيبتي ومش هبعد عنك كل ده تاني ان شاء الله ثم ابعدتها عنها قليلا وضمت وجهها بين كفيها وهي تقول متسائلة: - انتي كويسة؟ هزت الصغيرة رأسها بالإيجاب واردفت بابتسامة: - أيوة كويسة و...
وقبل أن تكمل دلف «نائل» إلى الغرفة فاسرعت لتقول بسعادة: - نائل انت كمان جيت! أنا فرحانة أوي ابتسم وانخفض بجسده حتى يصبح في مستوى طولها ثم ضم كتفيها بكلتا يديه وهو يقول بحب: - إحنا اللي فرحانين علشان رجعنالك تاني يا رورو، انتي عاملة أيه، الوضع تحت السيطرة يا سيادة الظابط؟ عادت بظهرها خطوة إلى الخلف وأدت التحية العسكرية وهي تقول بجدية: - تمام يا فندم، كل حاجة تحت السيطرة.
تعالت ضحكاته وضمها إلى حضنه فاعترضت «ياسمين» على طريقته واردفت: - أنت بتشجعها علشان تبقى ظابط يا نائل؟ رفع رأسه ونظر إليها ليجيبها بهدوء:.
- طالما دي رغبتها وحلمها مينفعش حد يقف قصادها، كل واحد بيحقق اللي هو عايزه مش اللي أهله عايزينه يا حبيبتي، الواحد لو عنده حلم يبقى حاجة معينة بيبدع وبيتقن شغله فيها لانها كانت حلمه على عكس لو كان دخل حاجة بدون رغبته ساعتها بيبقى كسول ومعندوش الشغف إنه يكمل في الحاجة دي انخفضت حتى اصبحت في مستواه ورددت بنبرة تحمل القلق قليلا:.
- بس انا خايفة عليها يا نائل، انا كل ما زين بيمشي بفضل حاطة ايدي على قلبي وخايفة عليه بس عارفة إنه قادر يحمي نفسه لكن لو رقية بقت زيه هقلق عليها أوي مد يده ووضعها على كتفها الأيمن وهو يقول بهدوء: - حبيبتي اللي ربنا مقدره هيحصل مهما كانت الأسباب، سيبيها على الله هو اللي هيحفظها وهينجيها ان شاء الله نظرت إلى شقيقتها التي بين يده ورددت: - يارب.
حضرت «رنة» من الداخل فتفاجأت بشقيقتها في حضن والدتها فاسرعت تجاهها وهي تقول بعدم تصديق: - تنة! أنتي بجد جيتي؟ أيه المفاجأة دي تركت «تنة» والدتها وحضنت شقيقتها الصغرى وهي تقول بشوق: - وحشتيني يا اروبة ابتسمت واغلقت عينيها وهي تقول براحة: - وانتي كمان، افتقدتك في البيت والله تدخلت «اسماء» بعد عدة لحظات وابعدت «رنة» وهي تقول بجدية:.
- خشي جوا يا رنة شوفي وراكي أيه علشان عايزة اتكلم مع اختك شوية قالت هي معترضة وهي تضرب بقدميها الأرض: - يووه يا ماما هو أنا لحقت أشبع منها علشان اسيبها! كررت طلبها مرة أخرى ولكن تلك المرة أكثر حدة: - بقولك عايزة اختك في كلمتين وبعدين اشبعي منها، هش يلا - يووه طيب يا ماما.
رحلت «رنة» واصطحبت «اسماء» ابنتها الكبرى إلى إحدى الغرف واغلقت بابها ثم جلست على الفراش أمامها وهي تقول متسائلة: - اتطلقتوا ليه! اكيد زعلك في حاجة صح؟ قولي وأنا هخلي ابوكي يوريه النجوم في عز الضهر هزت رأسها بالنفي واردفت بعد أن انهمرت دمعة من عينيها:.
- لا يا ماما هو مزعلنيش بس أنا مقدرتش استحمل الوضع، مش قادرة اقبل ان ليا واحدة شريكة في جوزي، مش قادرة اسمع حكيه طول الوقت عن انجازات بنته اللي أنا مخلفتهاش، مش قادرة استحمل إني الوحيدة اللي حزينة في الليلة كلها، هو سعيد مع مراته التانية وبنته واينعم سعيد معايا بس الاكترية مع بنته وإلا مكانش أصلا اتجوز، أنا لما وافقت ارجعله كنت حاسة إن جوايا حاجة اتكسرت ناحيته بس جيت على نفسي وقولت ابقى عاقلة زيادة عن اللزوم لكن لما تعايشت مع الوضع مقدرتش.
زاد بكائها لدرجة كبيرة وتابعت: - أنا بني ادمة بحس وكل يوم بتعذب ألف مرة، مقدرتش استحمل وطلبت منه الطلاق ورغم رفضه اصريت وخليته يطلقني وبعدها شافرت علطول، أنا راضية بقضائي كدا لكن مش هتعذب كل يوم على ذنب مش ذنبي حضنتها والدها وربتت على ظهرها بحنو شديد وهي تواسيها قائلة:.
- معلش يا حبيبتي، ربنا يعوضك ويسعدك، ده اختبار من ربنا علشان يقيس صبرك، حسام أصلا من ساعة ما اتجوز عليكي وهو ميستاهلكيش، مش مبرر إنه عايز طفل يقوم كاسر قلبك، اقفلي صفحته وربنا يحلها من عنده ان شاء الله.
كانت تقود سيارتها عندما رأت هذا الطفل الذي كان يجلس على الرصيف ويسند رأسه على الحائط بينما كانت عيناه مغلقتان، توقفت ووجهت انظارها عليه لثوانٍ عندما شعرت بالحزن على حالته كما لفت انتباهها ملابسه النظيفة وهيأته المرتبة فهو لا يشبه اطفال الشوارع المنتشرين، ظلت لأكثر من دقيقة تحدق به حتى قررت النزول لأخذه ومعرفة سبب جلوسه هكذا وقبل أن تفتح باب سيارتها تفاجئت بسيارة ميكروباص صغيرة وقفت على الطريق أمامه وخرج منها رجل مخيف يحمل الشر بعينه وتوجه إلى هذا الطفل وكتم فمه بيد وبيده الآخرى قام بحمله واتجه إلى السيارة بسرعة شديدة لتنطلق في الحال وسط صدمة «نيسان» التي كانت تشاهد كل ذلك بخوف شديد، ظلت لعدة ثوانٍ بصدمتها قبل أن تتذكر شقيقتها فاسرعت وقامت بالاتصال بها وهي تتحرك بسيارتها خلف هؤلاء المجرمين...
نزلت للأسفل بعدما استمعت لصوت رنين الجرس بعدة دقائق لترى من الذي جاء، وطأت بقدميها إلى الداخل وهي تقول بصوت هادئ: - ماما، ماما! خرجت «تنة» من الغرفة لتجد «نيران» أمامها فاتسعت عين «نيران» ورددت بعدم تصديق وسعادة: - تنة! انطلقت وحضنتها بقوة ثم ابتعدت عنها وهي اقول بابتسامة: - حمدالله على سلامتك يا توتي، وحشتيني والله.
ابتسمت «تنة» وربتت على كتفها وهي تقول: - الله يسلمك يا نيرو والله وانتي اكتر، مبروك على الحمل يا قلبي، ربنا يقومك بالسلامة ويرزقك ببنوتة زي القمر رفعت أحد حاجبيها وهي تقول بابتسامة: - أيه ده هو طيف قالك إنه عايز بنوتة ولا أيه؟ ضحكت واجابتها على الفور وهي تشير بيدها: - مقولكيش ده كان كل ما يتكلم على الجواز كان يقول لما اتجوز ربنا يرزقني ببنت، فانا عارفة رغبته من زمان أوي.
ضحكت نيران وظلت تتحدث معها لبعض الوقت قبل أن تباغتها بسؤالها: - تنة أنا ملاحظة إن فيه حزن في عنيكي أو معيطة! فيه حاجة حصلت ولا أيه! صمتت بعد سؤالها هذا ونظرت إلى الأسفل لثوانٍ قبل أن ترفع رأسها لتجيبها الإجابة التي لم تكن تتوقعها: - انا وحسام انفصلنا، مقدرتش استحمل اتعايش مع الوضع للأسف تفاجأت مما سمعته واقتربت منها قبل أن تضع كفها على يديها واردفت بهدوء:.
- متزعليش يا تنة، ده نصيب وصدقيني عوض ربنا أجمل بكتير، عيشي لنفسك وبس وسيبيها على ربنا وهتلاقي نفسك فرحانة ونسيتي القديم كله ابتسمت رغم ألمها وهزت رأسها بالإيجاب وهي تقول: - هحاول، ربنا يقدرني.
ظلت تتحرك بسيارتها خلف تلك السيارة التي اختطفت ذلك الطفل البرئ ونفذ صبرها من محاولات الإتصال بشقيقتها التي لا تجيب على اتصالاتها، ابعدت هاتفها عن أذنها وتأففت بضجر وهي تقول: - ردي بقى يا نيران مش وقت مترديش فيه خالص.
على الجانب الآخر تذكرت «نيران» هاتفها الذي تركته بالاعلى فصعدت لكي تجلبه وعندما دلفت إلى غرفتها رأت شاشته مضاءة فأسرعت إليه وحملته لتجد رقم شقيقتها الكبرى، أجابت على الفور وهي تقول مازحة: - حظك حلو كنت ناسية الموبايل وطلعت اجيبه وإلا كان زمانك بترني النهار كله رددت «نيسان» بصوت جاد ويحمل القلق الشديد:.
- اسمعيني يا نيران، فيه ميكروباص خطف عيل صغير من الشارع وأنا ماشية ورا الميكروباص ده اتسعت حدقتيها وهي تقول بعدم تصديق: - انتي بتقولي أيه يا نيسان! ماشية ورا الميكروباص؟ أنتي بتهزري دول ممكن يقتلوكي، ارجعي وأنا هبلغ سيادة اللواء يكلف حد يوصلهم عن طريق الكاميرات اللي على الطرق رفضت طلبها بشدة واصرت على متابعة الطريق واردفت بجدية:.
- انا مش هرجع يا نيران واسيب الولد، حرام دول هيقتلوه لما يخطفوه، أنا همشي وراهم واول ما يوصلوا هبعتلك اللوكيشن (العنوان) وتبعتيه ل اللواء أيمن يبعت قوة - طيب طيب.
انهت «نيران» المكالمة ووضعت يدها على رأسها وهي تفكر في حل لهذا الأمر فحياة شقيقتها في خطر، انتهى بها التفكير بالاتصال باللواء أيمن حيث أخبرته بالوضع فقام هو بتجهيز قوة من رجال الشرطة وابقاهم على استعداد للتحرك فور وصول الموقع من «نيران».
لم تكتفي هي بذلك بل بدلت ملابسها وأخذت سلاحها وانطلقت إلى الخارج بعدما أخبرت «اسماء» بالوضع واستقلت سيارتها وانطلقت وهي تتصل بشقيقتها التي اجابتها قائلة: - أيوة يا نيران، وقفوا عن بيت وخرجوا طفلين من العربية انا هبعتلك العنوان حالا رددت وهي تزيد من سرعة سيارتها: - متتحركيش من مكانك يا نيسان، بلاش تهور والقوة في طريقها ليكي مفهوم! هزت رأسها وهي تراقب تحركهم واردفت: - حاضر حاضر.
انهت المكالمة وتابعت مراقبتهم بعدما ارسلت الموقع لشقيقتها والتي قامت بدورها وارسلته للواء «ايمن»، وبينما كانت تراقبهم من بعيد تفاجأت بمن يوجه سلاحه إلى رأسها فتجمدت في مكانها من شدة الخوف وحركت رأسها إلى اليسار قليلا لكي ترى هذا الذي يوجه سلاحه إلى رأسها فوجده هو الذي قام بخطف الطفل منذ دقائق، جف حلقها وابتلعت ريقها بصعوبة قبل أن يهتف بصوت مرتفع ومرعب: - انزلي.
هزت رأسها بخوف وترجلت من السيارة بهدوء شديد وهي تنظر إلى الأسفل دون أن تنظر له فردد هو بنبرة تحمل التهديد: - اتحركي قدامي وأي حركة كدا ولا كدا هخلص عليكي وجه فوهة مسدسه إلى ظهرها ودفعها كي تتحرك أمامه فاغلقت عينها بخوف شديد وارتجفت أوصالها من شدة الرعب وسارت أمامه وهي تدعو الله بأن تنجوا وأن يمر هذا الأمر على خير...
اقتربت «نيران» من الموقع الذي ارسلته شقيقتها إليها ورفعت هاتفها لكي تتصل بها لتخبرها أنها بجوارها لكنها لم ترد على هاتفها فحاولت الاتصال مرة أخرى ولكن دون رد، أبعدت الهاتف عن أذنها ورددت بقلق شديد: - مش بتردي ليه يا نيسان! ربنا يستر وميكونش حصل اللي في دماغي.
بدأت تهدئ من سرعة سيارتها عندما اقتربت من هذا المكان وسارت بسيارتها بسرعة هادئة إلى أن لاحظت سيارة شقيقتها من بعيد ولكن لا يوجد بها أحد فعلمت أن شقيقتها في خطر وسلطت بصرها على هذا المنزل الذي تقف أمامه سيارة ميكروباص كما وصفت لها شقيقتها، أوقفت سيارتها ثم أمسكت مسدسها بيدها اليمنى قبل أن تترجل من سيارتها وهي تنظر تجاه هذا المنزل لتدرس الموقف جيدا قبل أن تتجه إليه، تحركت بهدوء وهي تنظر حولها إلى أن وقفت أمام باب المنزل مباشرة ثم اخفت سلاحها وطرقت الباب بخفة لتنتظر عدة ثوانٍ قبل أن يفتح لها هذا المجرم المخيف، نظر لها بتفحص وهو يقول بنبرة حادة:.
- عايزة مين يا ست أنتي لاحظت «نيران» وجود مسدس بيده لذا إبتسمت وقالت بصوت منخفض: - أنا آسفة بس عربيتي عطلت هناك كدا ومفيش غير البيت ده تقريبا اللي يعتبر حد قاعد فيه، عربيتي هناك أهي.
خرج ووجه بصره إلى الاتجاه الذي أشارت إليه وبينما كان هو منشغل بالبحث بعينه عن تلك السيارة باغتته ولفت ذراعها حول رقبته من الخلف وجذبته بقوة بينما سحبت مسدسه بيدها الأخرى وضربته بقوة على رأسه ففقد الوعي في الحال، تركته يسقط واتجهت إلى الداخل بهدوء فوجت رجل آخر بأحد الغرف يوجه سلاحه إلى شقيقتها وهو يقول: - بقى انتي بتراقبينا يا قطة! وعلى كدا بقى أنتي صحفية ولا شرطة.
أجابته «نيران» التي دخلت على الفور واطلقت رصاصة على قدمه ثم ركلت يده بقدمها فطار السلاح من يده: - هي مش شرطة بس لو عايز شرطة اديني موجودة انطلقت «نيسان» وحضنت شقيقتها بسعادة وهي تقول بعدم تصديق: - ياااه أنا قولت مش هعيش تاني، أنتي عملتي كدا إزاي إبتسمت واجابتها بثقة وهي تمثل الغرور: - أختك اجدع ظابط شرطة يا بنتي متصغريناش بقى.
ضحكت نيسان وقبل أن تتحدث استمعا الاثنين لصوت طفل من خلفهما فالتفت الاثنين ليجدا هذا الطفل الذي زال مؤثر المخدر من عليه وتحدث بنبرة طفولية: - انا فين! مين جابني هنا، أنا عايز ماما اقتربت «نيران» منه وربتت على رأسه وهي تقول بابتسامة هادئة: - متقلقش يا حبيبي أنا هرجعك لماما.
تركتها شقيقتها واقتربت من الطفل الآخر والذي كان سببا في أن تسير خلف هؤلاء المجرمين، اقتربت منه فوجدته نائما فهو لا يزال تحت تأثير المخدر، جلست إلى جواره ومسحت على وجهه بحب وعلى وجهها تلك الابتسامة التي لم تعرف مصدرها في تلك اللحظة وصلت قوة الشرطة إلى هذا المكان وتفاجؤا ب «نيران» التي أنهت الموقف بسهولة والقوا القبض على هؤلاء المجرمين...
ضرب الحقيبة الكبيرة المخصصة للملاكمة بكلتا يديه بسرعة وبغضب شديدين فهو لم يكف عن التفكير بما حدث، ظلت يضرب الحقيبة بقوة شديدة إلى أن اقترب منه «رماح» الذي ردد بتعجب: - مالك يا زين! مشوفتكش متعصب بالشكل ده قبل كدا توقف عن التدريب ونظر إليه قبل أن يمسح حبات العرق من على جبينه وهو يقول:.
- مش حكاية متعصب يا باشا بس متضايق إن طيف مشي من غير ما حتى يسلم عليا أو يقولنا إنه ماشي، إحنا صحابه بردو شبك أصابع يديه خلف ظهره واقترب خطوة منه قبل أن يقول بجدية: - وهو لو مسموح له كدا كان مشي من غير ما ينطق! إلتفت بالكامل ليواجهه وعقد ما بين حاجبيه بعدم فهم واردف بتساؤل: - مسموح له! مش فاهم سعادتك حل عدة يديه واجابه بجدية:.
- أقصد إن طيف اتكلف بمهمة تانية واتطلب منه يمشي في سرية من غير ما يقول لحد وأنا اتكلفت إني اوصلكم الخبر لكل واحد فيكم لوحده علشان سرية المهمة صمت لحظات لكي يفكر بالأمر ثم ردد بهدوء تلك المرة: - بس اشمعنا المهمة دي في نفس الوقت وهو متكلف بمهمة تانية هنا! وليه المهمة سرية بالشكل ده؟ إبتسم والتفت استعدادا للرحيل وهو يقول: - صدقني أنا نفسي معرفش.
تركه وابتعد عنه بينما بقى هو مكانه يفكر في هذا الأمر الغريب والذي لم يكن بالحسبان...
وصلا إلى الشركة ودلفوا إلى الداخل ويديهم بيد بعض وسط إبتسامة الجميع ومباركتهم لهما بالزواج، اتجهوا إلى الأعلى حيث الطابق الإداري وفُتح المصعد قبل أن تنهض «إسراء» التي اتجهت إليهم بسرعة ثم وقفت أمامهم وهي تقول بابتسامة: - ألف مبروك يا مدام ياسمين، ألف مبروك يا مستر نائل أجابها الاثنين في وقت واحد وعلى وجههم إبتسامة هادئة: - الله يسلمك يا إسراء.
ثم تحدثت «ياسمين» وحدها ورددت بتساؤل: - ها أيه أخبار الشغل في خلال الشهر اللي فات، المفروض يكون حصل حاجات كتير في الفرع الجديد هزت رأسها بالإيجاب لتؤكد على ما قالته واردفت:.
- فعلا يا فندم والفرع الجديد خلص أول مرحلة منه وده حصل في وقت قياسي زي ما حضرتك امرتي ومن النهاردة هيتم البدء في المرحلة التانية وبالنسبة للفروع اللي هتتفتح في المحافظات جهزت لحضرتك ولمستر نائل كل الأوراق اللي هتحتاج توقيع ومراجعة علشان يتم بدأ المرحلة الأولى فيهم ردد «نائل» تلك المرة: - تمام ده بالنسبة للفروع، بالنسبة للمنتجات بتاعتنا بقى هل فيه عجز في حاجة أو فيه شحنات متأخرة؟
هزت رأسها بالإيجاب وأشارت إلى مكتبها وهي تجيب: - شحنة الشركة السويدية اتأخرت ومفيش أي ايميل منهم عن سبب التأخير وباقي العجز انا طلبته ووصل في شحنات تانية ودول بردو مجهزة تقرير عنهم لحضرتك هز رأسه بالإيجاب وضع يده على ظهر «ياسمين» وهو يقول بإبتسامة: - خلاص روحي أنتي يا إسراء وكل الاوراق ابعتيهالنا على المكتب إبتسمت ورحلت بعيدا عنهم بينما نظر هو إلى زوجته وابتسم وهو يقول:.
- هتلاقيني لاجئ عندك كل شوية في المكتب اقتربت منه وامسكت بلياقة قميصة واردفت بحب: - كنت هقولك نفس الجملة دي وضع يديه حول كتفيها وردد بابتسامة: - خلاص يبقى تبادل وقت ما توحشيني هاجيلك ووقت ما اوحشك تجيلي - اتفقنا.
اتجه كلٍ منهم إلى مكتبه بينما كانت تتابع «مايا» ما يحدث من بعيد وهي تضغط بقوة على القلم الذي بيدها فلاحظت صديقتها «سمر» ذلك واردفت بتعجب: - مالك يا بنتي أنتي هتكسري القلم في أيدك، مالك متعصبة كدا ليه؟ ظلت موجهة بصرها تجاه مكتب «نائل» وهي تصر على أسنانها بغضب شديد: - ليه تكون كل حاجة ليها هي، ليه طماعة بالشكل ده.
نظرت إلى حيث تنظر ثم وجهت بصرها إليها مرة أخرى وهي تقول بتساؤل: - قصدك على مين؟ نظرت إلى صديقتها ورددت بتلك النبرة الغاضبة والحاقدة:.
- ياسمين هانم اللي كل ما تعوز حاجة بتاخدها، حتى نائل خدته، نائل كان المفروض يبقى ليا أنا بس مش ليها، خدته مني وأنا زي ما أنا في مكاني مليش قيمة، أكيد طبعا هو لازم يحبها ويروحلها هي علشان هي اللي هترفعه وتخلي ليه قيمة والفلوس تجري في ايده بعد ما كان شغال في الكافيتيريا، مش هيجي ليا أنا اللي كحيانة ومحلتيش غير مرتبي اتسعت عين صديقتها وهي تحدق بها بعدم تصديق: - ياااه كل ده في قلبك؟
نهضت من مكانها ووقفت لثوانٍ لتفكر في ما هي قادمة عليه إلى أن اقتنعت وتحركت من مكانها دون أن ترد على صديقتها، اقتربت من مكتب «نائل» وعدلت من هيئة ملابسها ثم طرقت على فصاح هو من الداخل قائلًا: - ادخل! فتحت الباب بهدوء وتقدمت إلى الداخل بينما هو تفاجئ بها فردد بصوت غير مسموع: - يارب ميكونش اللي في دماغي يا مايا وإلا المرة دي هضطر اعمل اللي معملتوش قبل كدا.
تقدمت هي إلى الداخل حتى وقفت أمام المكتب ورددت بابتسامة وصوت متدلل: - مبروك يا مستر نائل، فرحتلك من قلبي تصنع الابتسام وهو يرد عليها: - الله يبارك فيكي يا مايا، عقبالك ان شاء الله لم تمنع نفسها من نطق تلك الجملة التي كافحت لتكتمها حفاظا على عملها وقالت: - طبعا كدا مستريح وحققت اللي كنت بتخططله صح؟ عقد حاجبيه بعدم فهم واردف بتساؤل: - مش فاهم قصدك! أيه اللي كنت بخططله؟
إبتسمت بسخرية وهزت رأسها قبل أن تردد بنبرة ساخرة: - خطة إنك تستولى على كل حاجة وتوقع الست ياسمين علشان تاخد حتة من التورتة، وانا اللي كنت غبية وبوهم نفسي بأوهام واحلم حلم أنا مش قده، بس ظبطتها صح، مثلت الاحترام لغاية ما وقعتها علشان كدا مكنتش بتدي وش لحد فينا لأنك راسم على الراس الكبيرة.
لم يصدق ما تقوله في تلك اللحظة فهو توقع أن تتمايل عليه كما كانت تفعل بالسابق لكن الآن تقوم باتهامه وإهانته ببشاعة، ألقى القلم الذي كان بيده ونهض من على كرسيه قبل أن يلتف حول مكتبه ويقف أمامها وهو يقول بغضب شديد:.
- أنا عمري ما كنت بالوساخة اللي بتتهميني بيها دي وطول عمري محترم علشان أمي عرفت تربيني كويس مش علشان بخطط لحاجة أما بقى ياسمين فهي الست الوحيدة اللي حبيتها في حياتي وده عمره ما كان تخطيط لأننا مكناش بنطيق بعض من كترة الخناق لكن ربنا كان ليه حكمة وحبينا بعض وهي أغلى من حياتي نفسها، عمري ما كان تركيزي على فلوس أو غيره، أنا ربنا رزقني بكل ده لأني بشتغل وبتقن شغلي ومش حاطط في دماغي حاجة لكن اللي زيك عمرك ما هتوصلي للي أنتي عايزاه ولا هتبقي حاجة كويسة لأنك عقرب بيسم اللي قدامه، بتتمني الأسوأ للناس والاحسن ليكي علشان كدا كل اللي بتتمنيلوا الاسوأ هيبقى أحسن منك.
صمت لبعض الوقت ليفكر في قراره الذي كان على وشك تنفيذه ثم نظر لها وردد بعدم رضا: - كل ما افكر اطردك من الشركة افتكر امك العيانة وأخواتك اللي بتصرفي عليهم، علشان كدا أنا هسيبك بس مش علشانك، علشان اهلك الغلابة اللي محتاجين لكل قرش، خليكي في حالك وشغلك بدل ما تبقي سبب في تدمير عيلتك، برا، اطلعي برا.
فتح عينيه بصعوبة وفرد ذراعيه في الهواء قبل أن ينظر حوله وهو يقول: - إحنا وصلنا ولا لسة؟ لم يجيبه «يوسف» الذي كان منشغلا بمشاهدة صوره مع زوجته وعلى ثغره إبتسامة هادئة، اعتدل «طيف» في جلسته ونظر إلى جهاز الأيباد الذي كان بيده ثم رفع بصره وردد بتساؤل: - باشا هل تسمعني! أجابه وهو ينظر إلى الصورة دون أن ينظر إليه: - عايز أيه رفع أحد حاجبيه بتعجب واردف بتساؤل:.
- هو سعادتك اول مرة تشوف الصور دي ولا أيه؟ ضغط على زر الإغلاق ثم نظر إليه واجابه: - لما بطلع أي مهمة بقعد اتفرج على الصور دي، اسعد اللحظات اللي قضيتها مع سهوة مراتي، بحس إنها بتديني باور وبتشجعني علشان أخلص مهمتي وارجعلها تاني ابتسم لكلامه وهز رأسه وهو يقول: - يااه يا باشا ده أنت طلعت رومانسي وأنا مش عارف ترك الجهاز الذي بيده قبل أن ينظر إليه ويقول بجدية:.
- بقولك أيه بلاش بينا باشا ورتب، اعتبرنا صحاب وقولي يوسف عادي زي ما هقولك طيف عادي ولا يرضيك اقولك دكتور طيف! ابتسم بسعادة قبل أن يقول بحماس شديد: - تصدق أنا بدأت احب الشغل معاك اكتر من المقدم رماح، كان زمانه منزلني 100 ضغط في الطيارة دلوقتي ضحك بشدة قبل أن يتعدل في جلسته وهو يقول: - تصدق أنا كمان بدأت أحب الشغل معاك، اجهز يا سيدي نص ساعة بالظبط والطيارة هتهبط.
هبطت الطائرة بمطار نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية واتجها إلى أحد الفنادق الشهيرة بتلك الولاية، جلس «طيف» بالاستقبال واراح ظهره بينما اتجه «يوسف» ليقوم بحجز غرفتين، شعر بالراحة في جلسته لثوانٍ قبل أن يعتدل بشكل مفاجئ وهو يقول: - احنا هنقعد في فندق! سترك يارب أنا بقيت عندي عقدة من الفنادق.
بحث بعينه عن مكان المصعد وتنفس الصعداء عندما لم يجد أعلاه تلك الجملة الشهيرة فعاد إلى الخلف مرة أخرى وهو يقول: - يا مستني الراحة في الفنادق يا مستني القرد يرمي الموز وياكل بنادق.
انتهى «يوسف» من كل شئ وعاد إلى «طيف» فوجده نائما في مكانه لذلك اقترب منه وهزه برفق وهو يقول: - دكتور تامر! دكتور فتح «طيف» عينه فوجده أمامه مباشرة وقبل أن يصرخ من شدة الخضة كتم «يوسف» فمه حتى هدأ ثم ابتعد عنه وهو يقول: - هتفضحنا يا عم نظر إليه بتعجب قبل أن يسأله قائلًا: - هو أنت عرفت منين إني هصوت؟ ألقى مفتاح غرفته إليه ثم قال بجدية:.
- قرأت كل حاجة عنك وعارف كل معلوماتك، ياريت بقى تركز لأن المهمة يعتبر بدأت يا دكتور تامر هز «طيف» رأسه بالإيجاب ونهض من مكانه وهو يقول: - وهو كذلك يا سيف الجندي، يلا بينا علشان جعان نوم تحركا باتجاه المصعد ووقفا أمامه في انتظاره وأثناء ذلك نظر «طيف» حوله في نظرة شاملة للمكان ولاحظ أحد الأشخاص من بعيد فدقق النظر بعينه لكي يراه جيدا قبل أن تتسع حدقتيه وهو يقول بعدم تصديق:.
رواية خط أحمر الجزء الثالث للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل السادس
لاحظ «يوسف» اهتمام «طيف» بالنظر إلى جهة وهو يردد: - مستحيل! ربت على كتفه قبل أن يقول متسائلًا: - فيه أيه يا تامر! أيه اللي مستحيل نظر إليه وأشار بيده إلى الخلف وهو يقول بابتسامة: - ده كريم صاحبي من أيام الكلية مش عارف ايه اللي جابوا هنا، وحشني ابن الايه عايز اروح أسلم عليه توقف المصعد وفتح أبوابه قبل أن يتحدث «يوسف» بنبرة جادة ومحذرة:.
- يلا بينا ومتبوظش كل اللي لسة مبدأناهوش هز رأسه بالايجاب واتجه إلى الداخل وهو يقول: - متقلقش أنا فاهم كل حاجة ومش هروح يعني اقوله أنا أهو في الوقت ده - جدع يلا بينا نطلع ننام ساعتين قبل الجد.
في صباح اليوم السابق فتح «خالد» عينيه قبل أن يفرد ذراعيه في الهواء وهو يجوب ببصره الغرفة وفجأة نهض من مكانه بسرعة عندما رأى «فريدة» بجواره نائمة، حدق بها بعدم فهم وتصديق لما فعله وتذكر ما فعله بالأمس مع طفله ففتح عينيه بصدمة وكأنه كان في حلم وقد آفاق منه للتو لكنه تفاجئ بأنه حقيقة، ظل ينظر إليها وهو يسأل نفسه كيف تزوجها وجعلها تنام بجواره على فراش واحد إلى أن استيقظت من نومها فوجدته ينظر إليها بشرود مما جعلها تقول بابتسامة:.
- صباح الخير يا حبيبي لم يجيبها بل ظل محدقًا بها وهو يضم حاجبيه بشرود شديد فتحدثت هي مرة أخرى: - مالك يا خالد بتبصلي كدا ليه؟ هز رأسه بعشوائية وهو يحاول معرفة أسباب تزوجه لتلك المرأة لكنه لم يجد إجابة واضحة لذلك وجه سؤاله إليها بغضب: - أنا اتجوزتك إزاي وليه؟
اعتدلت في جلستها قبل أن تنظر إلى عينيه وهي تقول بعدم فهم: - أيه اللي بتقوله ده يا خالد! انت كويس ولا سخن؟ أجابها بانفاعل شديد وهو على حافة الجنون: - بقولك اتجوزتك ازاي وليه! ردي على سؤالي قلقت بشدة من انفعاله عليها لذلك رددت بهدوء وهي تحاول امتصاص غضبه: - اهدى يا خالد ومتتعصبش، إحنا اتجوزنا بعد ما مراتك ماتت، ساعتها أنت حبتني واتجوزتني؟
هز رأسه بالنفي بقوة ثم نهض من على الفراش ووقف أمامها وهو يقول بغضب: - لا ده محصلش! أنا فاكر إني اتجوزتك لكن مش فاكر ازاي! زي ما فاكر إني ضربت معاز ابني امبارح بافتراء بسببك لكن مش عارف عملت فيه كدا إزاي، أنا مالي! لا لا أنا هتجنن وضع يديه على رأسه واغلق عينيه لثوانٍ قبل أن يفتحها مرة أخرى وينظر إليها بتوعد قائلًا:.
- أنا معرفش كل ده حصل إزاي بس كل اللي أعرفه هو إزاي اصلحه وبداية تصليحه بطلاقك، أنتي طالق ومش عايز أشوف وشك هنا تاني اتسعت حدقتيها بصدمة ونهضت من مكانها لتقف قبالته وجها لوجه وهي تقول بعدم تصديق: - أنت بتطلقني يا خالد! أنت اتجننت؟ هز رأسه بالنفي ثم حدق بها وقال بنبرة تحمل التهديد: - لا متجننتش ولو نطقتي بحرف واحد أنا هقتلك.
لم تحاول مناقشته وتراجعت بخوف بينما أتجه هو إلى غرفة طفله لكي يتحدث معه في ما حدث بالأمس، فتح الباب برفق وتقدم إلى الداخل فوجد فراشه خالي مما جعله يردد اسمه بصوت عالٍ: - معاز! بحث في أرجاء الغرفة ولم يجده فترك الغرفة وظل يبحث عنه في جميع غرف الشقة وهو ينادي إسمه لكنه لم يتلقى أي رد منه، عاد إلى غرفته مرة أخرى وأمسك معصم زوجته بقوة وهو يسألها بغضب: - معاز ابني فين؟
حاولت التخلص من قبضته واردفت بتألم: - آآآه سيب أيدي أنا معرفش راح فين تركها ووضع يديه على رأسه وهو يردد بعدم تصديق وحيرة: - هيكون راح فين يعني! راح فين؟
بمكتب اللواء «أيمن» اقتربت «نيسان» من الطفل «معاز» الذي كان يضم يديه وينظر إلى الأرض بشرود، جلست أمامه وامسكت بيده الطفولية الصغيرة وهي تقول بحب: - قولي يا حبيبي أنت أسمك أيه وأيه اللي خلاك تنام في الشارع كدا، أكيد فيه سبب، فين باباك أو مامتك؟
رفع بصره لينظر لها نظرة طفولية مجهولة ثم اخفض رأسه مرة أخرى دون أن يجيبها فنظرت إلى اللواء «ايمن» بحزن والذي ردد بجدية: - روحي أنتي يا نيسان، إحنا هنوديه ملجأ ونهتم بيه لغاية ما نشوف لو ليه أهل، أكيد لو تايه حد من أهله هيبلغ وساعتها هنرجعه نظرت إلى الطفل مرة أخرى ولاحظت الحزن المسيطر على وجهه وعلامات الضرب التي تظهر على أجزاء متفرقة من رقبته وجسده لذلك رفعت بصرها ورددت برجاء:.
- ممكن حضرتك تسيبه معايا لغاية ما حد من أهله يبلغ هز رأسه وردد برفض وهو ينهض من على كرسيه: - مينفعش يا نيسان لازم ده اللي يتم نهضت هي أيضا من مكانها واتجهت إليه وهي تقول برجاء: - علشان خاطري سيبه معايا الفترة دي، فهد لسة مش هيرجع غير بعد شهر او اكتر، اهو يونسني واحاول اعرف حكايته، اول طلب أطلبه من حضرتك ممكن مترفضهوش!
صمت للحظات وهو يفكر في طلبها ثم نظر إلى هذا الطفل قبل أن ينظر إليها مرة أخرى وهو يقول: - طيب يا نيسان بس ده أمانة معاكي لغاية أما نعرف أهله، الطفل التاتي أهله كانوا مبلغين عن اختفائه علشان كدا سلمناهم ابنهم إنما ده لسة مفيش أي حاجة عنه علشان كدا حافظي عليه الفترة دي إبتسمت ورددت بسعادة وهي تهز رأسها بالإيجاب عدة مرات: - حاضر حاضر، متقلقش سعادتك هيبقى في عيني.
ثم التفتت واتجهت إليه ثم أمسكت بيده وهي تقول بصوت هادئ وحنو شديد: - يلا يا حبيبي هتيجي معايا، متخافش أنا طيبة مش زي اللي خطفوك نظر إليها لبضع لحظات قبل أن ينهض من مكانه ليرحل معها في صمت...
في مساء اليوم الأول بالولاية الأمريكية نيويورك خرج «يوسف» من غرفته بعدما استيقظ من نومه وبدل ملابسه ثم اتجه إلى غرفة «طيف» وطرق على الباب بخفة ففتح له الباب وخرج وهو يقول: - أيه رأيك في المواعيد، أنا جاهز يا معلم هز رأسه بالنفي وأشار إلى داخل الغرفة وهو يقول: - لا لا مش هنخرج من هنا غير لما افهمك هنعمل ايه انت ناسي إنك تعرف قشور عن المهمة، هديك شوية تفاصيل، خش.
دلف إلى الداخل مرة أخرى ومن خلفه «يوسف» الذي قام بإغلاق الباب فور دخوله، تقدم وجلس على أحد المقاعد بالغرفة ونظر إلى «طيف» الذي جلس على طرف فراشة وردد بجدية:.
- افهم كويس اللي هقوله، إحنا دلوقتي رايحين على مكان زي ديسكو او بار مشهور هنا وهناك هتكون سيزكا، سيزكا دي هي الراس الكبيرة في مافيا عالمية ومتسألنيش إحنا بننفذ المهمة دي ليه علشان إحنا مالنا لأن التفاصيل دي هتعرفها في الآخر خالص، سيزكا دي على الرغم من إنها رئيسة المافيا إلا إنها واحدة مريضة نفسيا ودايما بتروح لدكاترة نفسيين واللي مبيقدرش يساعدها بتقتله اتسعت حدقتي «طيف» الذي ردد بخوف:.
- اها وطبعا أنا هبقى الدكتور بتاعها اللي هيعالجها علشان تخليني احصل باقي الدكاترة اللي قتلتهم صح؟ هز رأسه بالنفي وردد بجدية: - يابني اسمعني للأخر وبعدين اتكلم خلينا نخلص، إحنا هنروح البار ده انت هتكون مشغول عني وانا هقرب منها وأحاول اشقطها رفع «طيف» أحد حاجبيه وقاطعه وهو يقول بتعجب: - تحاول تشقطها؟ أنت بتشقط واحدة من الشارع! دي رئيسة عصابة تشقط مين لوى ثغره ورفع أحد حاجبيه وهو يقول بثقة:.
- يبقى متعرفيش يا طيف، أنا احسن واحد يشقط على فكرة بس ربنا تاب عليا من ساعة ما اتجوزت، مش هتفرق معايا واحدة من الشارع أو رئيسة عصابة المهم إني هحاول ولما اشقطها واقرب منها هخليها تفضفضلي باللي تاعبها وساعتها هتقولي على مرضها النفسي وأنا هرشحلها الدكتور تامر عبدالرحمن صاحبي اللي هو أنت واقولها إنك اشطر دكتور في مجالك إبتسم «طيف» وأشار إلى نفسه قائلا بتعجب:.
- أنا أشطر دكتور؟ شكرا على ثقتك الغالية، افرض فشلت اعالجها ساعتها هنتقل للرفيق الأعلى؟
هز رأسه بالنفي وردد بجدية وتأكيد على كلامه: - مينفعش تفشل يا طيف زي ما أنا مينفعش أفشل في إني اصاحبها واخليها تثق فيا، دي اسهل مرحلة في المهمة يعني لو فشلت يبقى منستحقش إننا نبقى في الشرطة، لازم تنجح، أنا جيبتك أنت بالذات علشان عرفت إنك دكتور نفسي شاطر وفي نفس الوقت ذكي صمت للحظات ليفكر بحديث «يوسف» له ثم رفع رأسه وقال بتساؤل: - وبعدين أيه اللي المفروض يحصل تاني؟
نهض من على كرسيه وتقدم خطوتين إلى الأمام قبل أن يقول: - ده اللي مطلوب منك تعرفه دلوقتي، عايزك تتعامل كدكتور نفسي وتتعامل طبيعي خالص وسيزكا دي مريضة من المرضى بتوعك، لو اتعاملت على أساس كدا المهمة هتنجح، يلا بينا.
كانت تجلس بمكانها وهي تشعر بالغضب الشديد، ارتفع صوت أنفاسها المحترقة والتي تعبر عن غضبها لذلك اقتربت منها صديقتها ورددت بحذر: - من ساعة ما خرجتي من مكتب مستر نائل امبارح وانتي متضايقة ومتعصبة، مش ناوية تقوليلي حصل أيه؟ نظرت إلى نقطة بالفراغ أمامها لبضع ثوانٍ قبل أن تحرك رأسها بتوعد وهي تقول:.
- مش أنا اللي اتهان الإهانة دي، مش الغبي الخدام ده هو اللي يهددني بالطرد من الشركة، لو فعلا هتطرد يبقى لازم قبل ما أمشي أخد حقي منها ومنه وأنا عارفة ده هيتم إزاي ضيقت «سمر» نظراتها واردفت بتوجس: - انتي ناوية على أيه يا مايا؟ إبتسمت وهي لا تزال تنظر إلى الفراغ:.
- ناوية اخليه يمشي موطي راسه وميرفعهاش تاني وكذلك هي، أنا كدا كدا قدمت على شركة تانية والانترفيو بكرا يعني النهاردة كل حاجة هتخلص، مبقاش مايا إن ما خليتهم يكرهوا نفسهم.
دلفت إلى الغرفة وهي تحمل كوبين من الحليب ثم اقتربت من الفراش الذي كان يتوسطه الطفل «معاز» وكعادته كان حزينا وينظر إلى الأسفل، جلست هي بجواره ووضعت امامها كوبين الحليب ثم وضع يدها على رأسه ورددت بحنو شديد: - يلا جيبت لبن ليا وليك وفيه بقسماط أهو، يلا نتفرج على فيلم ونتسلى واحنا بنتفرج.
رفع بصره ونظر إليها بتلك الطريقة المجهولة وتذكر والدته التي كانت دائما تعد له كوب الحليب وتأتي به إلى غرفته، إبتسم تلقائيا لتلك الذكرى فابتسمت «نيسان» لابتسامته ورددت بحب: - لو أعرف أيه اللي خلاك تبتسم كدا كنت عملتهولك حالا اختفت ابتسامته تدريجيا ونظر إلى الأسفل بحزن وهو يقول: - افتكرت ماما، لما بفتكرها ببتسم لأني بحبها وهي وحشتني وانتي فكرتيني بيها أمسكت بكف يده ورددت بهدوء:.
- وهي فين ماما وأنا اقولها إنك هنا معايا؟ رفع بصره لها مرة أخرى ثم أشار بإصبعه إلى الأعلى وهو يقول بصوت طفولي حزين: - مش هتعرفي تكلميها لأن ماما فوق عند ربنا تفاجأت بكلماته تلك وانهمرت دموعها رغما عنها بسبب اشفاقها على هذا الطفل لكنها سرعان ما جففت تلك الدموع وحاولت الابتسام وهي تقول:.
- وانت زعلان ليه! ماما في مكان جميل وحلو أوي واحنا كلنا هنروحه، هنروحلها بس مش دلوقتي يعني أنت هتشوفها وهتكلمها تاني، كلنا لينا وقت في حياتنا وبعدين بنطلع عند ربنا بس قبل ما نطلع لازم نعيش ونكمل حياتنا ونشتغل ونتعلم لغاية ما يجي الميعاد اللي هنروح لكل أحبابنا اللي وحشونا هز رأسه بحزن واردف وهو ينظر إليها:.
- أنا حاولت أعيش وأكمل حياتي بعد ماما لكن معرفتش لأن بابا كل يوم كان بيضربني جامد وانا كنت بنام وانا بعيط ومرات بابا علطول بتضربني وتشتمني وتخلي بابا يضربني وانا معملتش حاجة علشان كدا سيبتهم لأنهم وحشين وانا مش بحبهم على الرغم من مكافحتها لمنع سقوط دموعها إلا أن تلك الدموع هربت فاسرعت لكي تجففها قبل أن تمسكه من كتفيه وهي تقول:.
- مش هتروح للأشرار دول تاني وهتفضل معايا، من النهاردة مفيش ضرب ولا عياط تاني، اعتبرني زي ماما وانا هعوضك عن الأيام الوحشة اللي شوفتها عقد حاجبيه واردف بقلق واضح: - بس أنا خايف بابا ومراته يلاقوني، انا خايف منهم أوي، أنا لسة الضرب بتاع المرة اللي فاتت واجعني حضنته وسندت رأسها على رأسه وهي تردد بتأثر شديد: - يا حبيبي، متقلقش طول ما أنا معاك متقلقش، محدش هيلاقيك ولا هسيبهم ياخدوك، مش هسيبهم أبدا.
دلفا الاثنين إلى داخل الملهى الليلى وجلس «طيف» على مقربة من «يوسف» الذي تحرك وجلس امام المكان المخصص لوضع الخمور والتي كانت تجلس أمامه «سيزكا»، طلب «يوسف» مشروبه ثم نظر إليها بعدما لاحظ الحزن البادي على وجهها واردف بتساؤل باللغة الإنجليزية: - أرى الحزن بعينيكي، هذا المكان لا يناسبه الحزن نظرت إليه بتعجب وهي ترفع أحد حاجبيها واردفت:.
- كنت أعتقد أن حزني بداخلي فقط ولا يستطيع أحد أن يلاحظه لوى ثغره وهو يعتدل في جلسته حتى يواجهها وجها لوجه وهو يقول: - هذا اعتقاد خاطئ، ما يشغل بالي حقا هو لماذا كل هذا الحزن في هذا المكان! هل كنتِ تحاولين نسيان الأمر وفشلتي؟ نظرت إلى الأسفل للحظات قبل أن ترفع رأسها وهي تجيبه:.
- تلك المحاولة ليست الأولى، دائما ما أحاول أن انسى هذا الألم الدائم في نفسي لكنني لا استطيع فقررت أن اتعايش مع هذا الوضع، أنت من استطعت ملاحظة هذا الحزن وهذا ما ادهشني حقا إبتسم إبتسامة خفيفة قبل أن يتحدث بجدية وهو ينظر إلى عينيها: - أعتقد أن ما تمرين به صعبا للغاية وهذا ما سبب حالة نفسية متأخرة للغاية رفعت أحد حاجبيها وقالت بمكر شديد: - وهل أنت طبيب نفسي حتى تشخص حالتي.
إبتسم هو الآخر بمكر وقد فهم الغرض من سؤالها واردف: - لا ولكن أحد أمهر الأطباء النفسيين صديقي ودائما ما يسرد على طبيعة الحالات التي يعالجها وهذا ما جعلني أعرف حالتك اقتنعت بكلامه وهزت رأسها بالإيجاب قبل أن ترتشف الخمر من كأسها ثم وضعت الكأس بجوارها ورددت بجدية: - وهل يستطيع صديقك أن يعالج حالتي المتأخرة حسب وصفك؟ رفع كتفيه وهو يقول بتلقائية:.
- ما أعرفه عن صديقي أنه عالج الاسوأ ونجح تماما، أظن أن دوائك عنده، لحسن حظك هو هنا الآن رفعت أحد حاجبيها وهي تقول باعجاب: - اووه ولماذا تنتظر، أخبره بأن يأتي في الحال إلتفت بجسده ورفع يده في الهواء ل «طيف» الذي مثل عدم انتباهه فنهض هو من مكانه واتجه إليه وما إن وصل حتى إبتسم وردد: - جيبتلك زباين يا دكتور.
ثم أشار إلى «سيزكا» الذي كانت تنظر تجاههما فابتسم «طيف» وردد مازحًا: - إحنا جايين ننبسط ولا نشتغل ياعمنا؟ وضع يده على كتفه واردف بإصرار: - هتيجي معايا متبقاش رخم بقى صمت للحظات قبل أن ينهض من مكانه ويتحرك معه باتجاه «سيزكا» وما إن وقف أمامها حتى ردد وهو يشير إلى «طيف»: - دكتور تامر عبدالرحمن.
ثم أشار إليها وصمت حتى تقول إسمها فابتسمت إلى طيف وهي تعرف نفسها: - انا سيزكا، واضح إنك مش بتحب تشتغل وقت الراحة يا دكتور صح؟ تعجب «طيف» من تحدثها باللهجة المصرية لكنه اخفى ذلك ورفع أحد حاجبيه وهو يقول باعجاب: - أنتي فسرتيني صح وكويس إنك بتتكلمي مصري كويس بس عرفتي ازاي إن إحنا مصريين علشان تتكلمي مصري بالثقة دي؟ إتسعت ابتسامتها وحركت رأسها وهي تقول بثقة:.
- بقرأ الشفايف، لما صاحبك راح يناديلك قالك جيبتلك زباين يا دكتور وانت قولتله إحنا جايين نشتغل ولا نتبسط تحب اكمل بقية الحوار ولا مش لازم رفع يديه وردد مازحًا: - لا مفيش داعي كدا كويس أوي وسعيد إني اتعرفت عليكي، نتكلم English ولا نقضيها مصري! رفعت كتفيها وهي تقول بتلقائية: - As you like, I speak a lot of languages (كما تحب، أنا أتحدث العديد من اللغات).
إبتسم وجلس بجوارها هي و«يوسف» قبل أن يردد مازحًا: - خلاص نقضيها مصري ده حتى مصر أم الدنيا ولا انتي علشان امريكية هتعترضي؟ هزت رأسها بالنفي وابتسمت وهي تقول بتوضيح: - لا طبعا هعترض ليه مصر طبعا أم الدنيا وكل العالم عارف أهمية مصر أوي إبتسم وردد بهدوء: - شكرا على كلامك الجميل ده، فين بقى الشغل اللي جايبينه في وسط الراحة؟ هنا تحدث «يوسف» وأشار إليها وهو يقول:.
- سيزكا هي اللي بتمر بأزمة نفسية بقالها فترة وعايزة مساعدة نظر إليها وضم حاجبيه وهو يقول باهتمام: - ومروحتيش لأي دكتور قبل كدا ولا سيف هو اللي اقنعك بالفكرة بما إن صاحبه دكتور نفسي إبتسمت إبتسامة خفيفة قبل أن تقول بجدية: - لا روحت لدكاترة كتير بس محدش عرف يساعدني ولما فقدت الأمل قررت مروحش لحد تاني واحاول أعيش كدا هز رأسه يمينا ويسارا وهو يمثل عدم الرضا ثم اردف بنبرة معاتبة:.
- لا لا ده أكبر غلط، الألم النفسي أصعب بكتير من الألم الجسدي على الأقل الألم الجسدي الواحد بيبقى عارف سببه وبياخدله ادوية تهديه شوية إنما الألم النفسي بياكل في الجسم ومبيبقاش ليه اسباب واضحة وبيدمر أي حد هزت رأسها وبدأ الحزن يظهر على وجهها وهي تؤكد كلامه قائلة: - عندك حق، أنا بموت في اليوم 100 مرة وفكرت كتير في الانتحار، تفتكر أمل إن أنا اتعالج وارجع لطبيعتي هز رأسه بالإيجاب وردد بثقة:.
- فيه أمل وكبير كمان وطول ما انتي عندك الرغبة في العلاج ده لوحده نص الطريق وضع يده بجيب سترته واخرج كارت صغير ثم مد يده به إليها قائلًا: - ده الكارت بتاعي فيه رقم مكتبي وعنوان المكتب، لو لسة عايزة تخرجي من المتاهة دي نوريني بكرا إبتسمت وتناولت منه الكارت قبل أن تقول: - إحنا اتكلمنا في الشغل كتير والميوزيك عالية أوي، يلا نرقص؟
تردد في الموافقة على طلبها لكنه قلق من فشل المهمة فهز رأسه بالموافقة وهو يقول: - اوك، يلا بينا.
نهض هو وهي واتجهوا إلى ساحة الرقص وسط تعجب «يوسف» الذي ردد بصوت منخفض: - يابن الايه يا طيف إحنا اتفقنا أنا اشقطها وأنت تعالجها تقوم عامل أنت الحاجتين؟ على الجهة الأخرى رقص معها لفترة طويلة قبل أن يقول بارهاق: - كفاية كدا انا وسطي ساب من الرقص ضحكت على جملته وهي تقول: - طيب يلا بينا كفاية.
عادوا إلى «يوسف» مرة أخرى وجلسوا بينما ردد «طيف» وهو يلهث من شدة التعب: - يااه الواحد مرقصش كدا من أيام حفلة التخرج نهض «يوسف» بشكل مفاجئ وردد بجدية: - طيب هضطر أمشي علشان عندي شغل الصبح، مش هتيجي معايا يا تامر ولا أيه نهض «طيف» هو الآخر وهو يقول بجدية: - لا جاي طبعا أنا كمان عندي شغل الصبح ثم نظر إلى «سيزكا» وردد بإبتسامة:.
- اشوفك بكرا في مكتبي اتسعت ابتسامتها وهي تجيبه بحماس: - متقلقش، هجيلك يا دكتور تامر هز رأسه ورحل مع «يوسف» وما إن خرج الاثنين إلى الخارج حتى ردد «طيف» بسخرية: - هو أنا ليه ملاحظ إن أنا اللي شقطها مش أنت؟ نظر له بعدم رضا وهز رأسه بعدم تصديق وهو يقول: - في ظاهرة لم تحدث من قبل حد يتغلب عليا في الحوار ده بس اعترف إنها جت معاك بالحظ رفع حاجبيه عدة مرات وهو يقول مازحًا:.
- اعترف أنت إنك فشلت وإني اللي نفذت المهمتين رفع يديه وردد وهو يمثل الحزن: - بعترف إني فشلت بس مش علشان معرفتش الطريقة، علشان هي أُعجبت بيك وده هيسهل مهمتنا جدا هز رأسه بالإيجاب عدة مرات وهو يقول: - عندك حق كنا هناخد فترة في المرحلة دي اديها عدت بسهولة وعكس ما كنا متوقعين، يا فاكر الصعب راقدلك بكرا تلاقي السهل جايلك رفع أحد حاجبيه بإعجاب وحرك رأسه عدة مرات وهو يقول: - تروو عندك حق، مثل في الجون.
استعدت لتنفيذ خطتها ونهضت من مكانها لكي تتجه إلى مكتب «نائل» لكنها قبل أن تتحرك اوقفتها صديقتها «سمر» وهي تقول بتوجس: - أنتي رايحة فين تاني يا مايا! مش كفاية كدا ولا أيه إبتسمت بسخرية وهي تقول بتوعد: - هو فعلا كفاية ثم تابعت طريقها إلى مكتبه وما إن وصلت إليه حتى طرقت على بابه بهدوء فردد هو من الداخل: - ادخل.
فتحت الباب بثقة وتقدمت إلى الداخل بعدما قامت بإغلاق الباب، وقفت على بعد كبير من مكتبه وأشارت بيدها وهي تمثل الخوف: - معلش عايزة حضرتك نهض من مكانه والتف حول مكتبه قبل أن يجلس على طرفه وهو يقول بعدم رضا ووجه عابث: - عايزة أيه تاني! اقتربت منه بخطوات هادئة قبل أن تقف أمامه مباشرة وهي تمثل الحزن حتى لا يشك بخطتها:.
- أنا آسفة على اللي حصل مني، مش عارفة ازاي قولت كدا، أنا معترفة بغلطي زي ما معترفة إني مش هسيب حقي ثم قامت بتمزيق ملابسها ليظهر جسدها بالكامل من الأعلى فاتسعت عينيه بصدمة مما فعلته وقبل أن يقوم بفعل شئ صرخت بصوت مرتفع وباكي: - اهاااا الحقووووني، سيبني ارجوك، الحقوووني.
وظلت تصرخ بشدة مما دفع جميع العاملين بهذا الطابق بأن يتجهوا إلى مكتب «نائل» ولسوء الحظ كانت «ياسمين» تفتح باب مكتبها لكي تتحرك إلى مكتب «نائل» وعلى وجهها إبتسامة لكن تلك الابتسامة اختفت عندما استمعت إلى هذا الصراخ ورأت الجميع يهرول باتجاه مكتب زوجها فأسرعت هي الأخرى وفتحت باب المكتب لتجد «مايا» عارية الجسد من الأعلى وامامها «نائل» الذي لم يستعب ما تفعله فهو لم يصدق أنها ستفعل مثل هذا الفعل، تراجعت وهي تبكي بصوت مرتفع بينما كانت تحاول تغطية جسدها واردفت:.
- ليه كدا يا مستر نائل، أنا عملت فيك أيه علشان تعمل فيا كدا! علشان مليش حد وغلبانة؟ ليه ده أنت متجوز؟ حرام عليك، حرام عليك.