رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الثاني والعشرون الجزء الثاني من بنت القلب
استأذن من الطبيب «وائل» قبل أن يصطحب نيران إلى سيارته، استقلت المقعد الأمامي بجواره وظلت صامتة لا تتحدث إلى أن تحدث هو: - ادينا بقينا لوحدنا ممكن تقوليلي بقى صوت ايه اللي بتسمعيه في دماغك ليا ؟ قوليلي وأنا هفهمك وهجاوبك عن أسئلة كتير بتدور في بالك..
نظرت إلى الطريق أمامها وبدأت في سرد ما يحدث معها: - الصبح لما هربت من الفيلا وقفت تاكسي وقلتله على عنوان الدكتور هنا وأنا أصلا مش فاكرة حاجة عن حياتي القديمة .. مش عارفة ازاي افتكرت العنوان وقلته لسواق التاكسي .. قلته بتلقائية كأني حافظاه ومخي كان متبرمج إني هاجي لدكتور نفسي هيساعدني في حالتي ..
أول ما جيت هنا حسيت إني جيت المكان ده قبل كدا أو أعرفه حتى لقيت نفسي دخلت الأسانسير ودوست على دور العيادة من غير ما أعرفه ولما أنت جيت وشوفتك في مكتب الدكتور حسيتك الدكتور بتاعي أو شوفتك قبل كدا في نفس المكان وكنت بتقولي إن فقدان الذاكرة مش نهاية الحياة وإن الطفل بيتولد مش فاكر حاجة وكنت بتنصحني أتقبل حياتي وأعمل علاقات جديدة مع الناس ... أنا مش فاهمة ايه اللي حصل ده .. هو أنا فقدت الذاكرة قبل كدا وأنت عالجتني ؟
لوى ثغره وعاد بظهره إلى الخلف ونظر إلى الأعلى وهو يقول: - أنا اتعرفت عليكِ أصلا في العيادة دي، العيادة دي كانت بتاعتي وأنا كنت دكتور نفسي قبل ما أبقى ظابط شرطة، عمري ما هنسى اليوم ده كأنه امبارح كنتِ نايمة قدامي وبتحكي عن إنك متضايقة علشان بتعاملي الناس وحش وبعدها كذبتِ عليا وقلتِ إن سبب حالتك إنك سيبتِ حبيبك في الكلية والخ وأنا قلتلك أنتِ كدابة وساعتها أنتِ شتمتيني وجريتِ على تحت وأنا دخلت البلكونة بالصدفة ولقيتك قاعدة بتعيطي ونزلت أعتذرلك وبعدين بدأتِ تصارحيني إنك فاقدة الذاكرة ساعتها قلتلك الكلام اللي بيتردد في دماغك ده ونصحتك تتعاملي مع الكل بطبيعتك .. عرفتِ بقى سبب الكلام اللي بيتردد في دماغك ده ؟ وعرفتِ سبب مجيك لهنا بدون ما تفتكري حاجة ! تقريبا دي ثابتة في دماغك وتلقائي عملتيها من نفسك .. أظن كدا جاوبتك..
اندمجت كثيرًا مع حديثه وما إن انتهى حتى قالت بلهفة: - وايه كان سبب فقداني للذاكرة في أول مرة ؟ والذاكرة رجعتلي ازاي وحصل ايه بعدها رفع حاجبيه وهو يقول معترضًا: - حيلك حيلك ايه ده كله يا سيادة الظبوطة .. اهدى هفهمك واحدة واحدة بلاش مليون سؤال مع بعض علشان عندي زهايمر هزت رأسها بالإيجاب وخبطت على كتفه قائلة بفضول: - طيب يلا قول أنا سامعة أهو...
ابتسم وتابع ما حدث في السابق لها بينما كانت هي منصتة إليه باهتمام: سبب فقدانك الذاكرة إن خطيبك الأول كان في مهمة هو وابن خالتك رماح وأنتِ برضه كنتِ ضمن الفريق وروحتِ الفيلا تدي هدية لخطيبك ولقيتيهم بيتفقوا مع تجار مخدرات وافتكرتِ إنهم خاينين والخ لكن دي كانت مهمة ليهم بس فشلت وخطيبك مات وبعدها أنتِ طلعتي تطاردي حد منهم وفجأة حد ضربك على دماغك ساعتها أنتِ فقدتِ الذاكرة ورجعتلك ازاي فده حصل لما أنا وديتك لفيلا رماح يمكن تتعرفي عليها وفعلا ده حصل ورجعتلك الذاكرة بس أنتِ فضلتِ مخبية علشان تنتقمي منهم لكن قابلتك أنا وساعتها كنت اتخرجت من شرطة وفهمتك كل حاجة .. هيييح أنا تعبت من الكلام وريقي نشف والجو نار يا مفترية كفاية استجواب وبعد الفطار هفهمك كل حاجة...
هزت رأسها بالإيجاب وظلت صامتة تمامًا فأدار هو محرك السيارة وانطلق وهو يقول: - صحيح ماقلتيليش جيبتِ فلوس الجلسة منين ده أنا ماكنتش مديكي غير متيناية نظرت إليه وأجابته: - أخدت من ماما فلوس وأول ما أخدتها طلعت أجري حاول كتم ضحكاته لكنه لم يستطع وانفجر ضاحكًا، نظرت إليه بتعجب قبل أن تقول متسائلة: - ايه اللي بيضحكك ؟
أجابها بصوت متقطع من بين ضحكاته: - أصل اتخيلت شكلك بعد ماأخدتِ الفلوس وطلعتِ تجري مجرد التخيل مسخرة .. يالهوي نفسي أشوف شكل حماتي ساعتها نظرت إلى الطريق أمامها وقالت بعدم رضا: - الموضوع مايضحكش للدرجة دي على فكرة بطل رخامة بقى واطلع بينا على مطعم علشان جعانة اتسعت حدقتاه بصدمة قبل أن يقول: - نعم ياما ! احنا في رمضان يا قطة النهارده أول يوم نظرت إليه بدهشة قبل أن تقول: - طيب أنا دلوقتي ماكنتش أعرف ومااتسحرتش أعمل ايه بقى ؟
فكر قليلًا ثم أجابها: - في حالتك دي وإنك مريضة وماكنتيش تعرفي يبقى عادي تفطري بس اعملي حسابك يا قطة هتصومي معايا من بكرا اشطا ؟ هزت رأسها بالإيجاب قائلة: - اشطا، اقف بقى في مطعم أهو عايزة فرخة ونص كفتة ولو في ممبار هاتلي اتسعت حدقتاه بصدمة قبل أن يقول مازحًا: - مش عايزة بسبوسة وكنافة علشان التحلية بالمرة صفقت بيدها بسعادة وقالت بحماس: - ياريت تبقى عملت معايا الصح - مع كرشك مش معاكِ بقى، أنا لو أعرف إن فقدان الذاكرة بيفتح النفس كدا كان زماني خابط دماغي في حيطة من زمان .. خليكِ هنا وأنا هنزل أجيب الأكل ...
أنهى ما جهزه من أجل العقود الجديدة للشركة واتجه إلى مكتبها وطرق الباب فهتفت من الداخل: - ادخل فتح الباب وتقدم إلى الداخل ثم قام بوضع المستند أمامها فرفعت إحدى حاجبيها متسائلة: - ايه ده ؟
جلس وبدأ في سرد ما جهزه طوال الساعات الماضية: احنا اتعاقدنا مع موزعين من معظم المحافظات بس المرة دي هدفنا هيبقى كل المحافظات ده غير إننا هنحاول نتعاقد مع كل الموزعين اللي نقدر نتعاقد معاهم وفي المستند ده كل الموزعين اللي في مصر وعناوينهم أما بقى الشركات اكتشفت خمس شركات كل شركة في دولة مختلفة أهمهم شركة في فرنسا وكل الشركات بعتلها ايميل ووافقوا إنهم يبعتوا وفد خلال أسبوع للتعاقد ومضي العقود وبكدا يبقى ملكنا السوق المصري كله من حيث أدوات التجميل..
اتسعت عيناها بسعادة وإعجاب من نشاطه وقالت برضا: - حلو جدا يا نائل .. بالطريقة دي فعلا هنبقى أهم شركة في مصر ونقدر بعد كدا نعمل كذا فرع ونكبر الشركة هز رأسه بالإيجاب وقال: - إن شاء الله بس في حاجة صغيرة .. بلاش كل التعاقدات دي تتسجل على السيستم .. نكتفي بأوراق في الوقت الحالي بس لغاية ما نتطمن تمامًا ضيقت ما بين حاجبيها وقالت متسائلة: - مش فاهمة ! قصدك ايه إننا مانسجلش حاجة على السيستم ؟
صمت قليلًا فهو لا يود أن يشعرها بالقلق لكنه اتخذ قراره وقال: - أقصد إن الفترة اللي فاتت حصل حاجات كتير منها وصول يوسف لجهاز الكمبيوتر بتاعك وممكن جدا يبقى معاه كل معلومات الشركة وكل حاجة على السيستم بدليل الشركة الأمريكية اللي عرفت من شوية إن اللي اتعاقدوا معاهم تبقى شركة الهواري هزت رأسها بتفهم وأيدت رأيه قائلة: - صح عندك حق في ده، خلاص اكتفي بتسجيل كل حاجة على الأوراق ومش هنسجل حاجة على السيستم لغاية ما الحوار ده يتحل
خرج «طيف» من المطعم بعدما قام بشراء الطعام لها ثم اتجه إلى السيارة ودلف إلى داخلها، سحبت حقائب الطعام من يده بسرعة وهي تقول: - اتآخرت كل ده ليه أنا جعانة دفع الطعام باتجاهها وهو يقول بعدم رضا: - طيب قولي كلمة حلوة .. اشكريني ده أنا خارج في النار دي والمطعم جوا مافيهوش مروحة حتى .. أنا جالي تسلخات يا شيخة..
لم تجبه وبدأت في الأكل حتى امتلأ فمها بالطعام، اتسعت حدقتاه بصدمة مما يراه ثم أدار وجهه وهو يقول: - يالهوي على الفجع .. ريحة العربية اتقلبت أكل وأنا جعان .. فاضل كام ساعة على المغرب نظر إلى ساعته فوجد الساعة الخامسة، نظر إلى الطريق مرة أخرى وقال: - يا مسهل الحال يارب .. هانت رن هاتفه برقم والده فأجاب وقبل أن يتحدث صاح فيه بغضب: - أنت فين يا زفت أنت وازاي تسيب الشغل وتمشي كدا ؟
- معلش يا بابا .. الزفت مراته هربت من بيت أهلها وراح يدور عليها هدأت نبرته قليلا وقال متسائلًا: - ولقيتها ولا لا ؟ ابتسم ونظر إليها وهي تأكل ثم أجاب والده: - لقيتها ومارضيتش تسيبني غير لما أجيبلها أكل وبسم الله ما شاء الله قامت بنص الفرخة في 3 دقايق .. بقولك ايه يا بابا أنت عايزني النهارده تاني ؟ أصل الساعة 5 ومافرقتش من ساعة يعني..
ارتفع صوت والده مرة أخرى قائلًا: - أنت مش شغال في بقالة .. لو ماجيتش خلال عشر دقايق أنا هتصرف معاك تصرف مش هيعجبك وقبل أن يجيب أنهى المكالمة بسرعة فنظر إلى «نيران» وقال بحزن: - عاجبك كدا .. امسكي نفسك بقى علشان هطير وهاخدك معايا .. عايزني أوصله في عشر دقايق فاكرني فلاش ده ولا ايه
ترك ما بيده وتحرك من مكتبه إلى المكتب المجاور له وطرق الباب قبل أن تقول له: - ادخل دلف «غيث» إلى المكتب وابتسم قائلًا: - عندي ليكِ مفاجأة روعة يا لينو تحمست «ليان» كثيرا واتسعت عيناها وهي تقول بحماس: - مفاجأة ايه قُل لي ؟
جلس على المقعد المقابل لها وقال بحب: - فرحنا هيبقى بعد رمضان على طول .. ايه رأيك نهض من مكانها وقفزت بسعادة وهي تقول: - يس يس ضحك عليها وتابع: - كفاية علينا كدا ..احنا كاتبين كتابنا بقالنا شهرين، ندخل دنيا بقى..
جلست مرة أخرى وهي في قمة سعادتها لكنها تذكرت شيء أخفى ابتسامتها وقالت: - بس احنا لسة ماحليناش القضية ويعتبر ماعملناش فيها حاجة .. كلها افتراضات هز رأسه بالإيجاب وقال بجدية: - القضية دي صعبة جدا ومحدش عارف يحدد مين عدونا بالظبط ده حتى نيران وفهد رجعوا زي ما اختفوا وأنا كلمت اللواء أيمن وفهمته إن اختفاء الشاهد الرئيسي اللي هو فارس خلى التحقيق في القضية شبه مستحيل وهو تفهم ده وقالي أوقف كل حاجة لغاية ما يحصل جديد..
حاولت رسم ابتسامة على وجهها لكنها لم تستطع وقالت بحزن: - غيث أنا خايفة أوي من القضية دي، أنت عارف لو حد احنا شايفينه هو معاه سلاح واحنا معانا سلاح كنت هبقى عادية ومش خايفة لكن لما تحس إنك بتواجه حد شايفك بس أنت مش شايفه ده يخليك خايف لأن الكفة مش متوازنة، هم سابقينا بمراحل وعارفين تحركاتنا وشايفينا بس احنا كل اللي بنعمله إننا بنفترض افتراضات بس وعلى أساسها بنتوقع ايه الخطوة الجاية لكن هم مخططين لكل حاجة تحس فعلا إنهم عفاريت أو أشباح..
ابتسم وقال بهدوء شديد لبث الطمأنينة في قلبها: - مهما حصل مفيش شر بينتصر على خير أبدا حتى لو اتهزمنا وموتنا دلوقتي هيجي غيرنا وينتصر عليهم .. أنا يمكن كنت مقتنع بفكرة إنهم أشباح بس زي ما أنتِ قلتِ مفيش شبح هيعمل كل ده من باب إنه يبسط نفسه .. الناس دي عبارة عن منظمة ليها أعضاء كتير وباين إنهم منتشرين في مصر بطريقة كبيرة ده إن كان أصلا مالهمش فروع برا مصر بس بنسبة كبيرة الناس دي هيضطروا يظهروا في وقت من الأوقات وساعتها هنواجههم واحنا عدينا من مواقف صعبة كتير .. صح يا حبيبتي ؟ هزت رأسها بالإيجاب وقالت بحب: - صح يا حبيبي
خرج «زين» من سيارته وسند بظهره عليها منتظرًا خروج ابنة خالته وخالته، سحب هاتفه ليقوم بمهاتفتها لكنه تفاجأ بخروجهما معًا فاتجه إلى خالته وقال مبتسمًا: - وحشتيني يا خالتي وربنا ربتت على يده بحب وقالت: - وأنت أكتر يا حبيبي بس أنت اللي مش بتيجي ولا بنشوفك خالص أجابها بتبتسامة: - والله غصب عني أنتِ عارفة طبيعة شغلي بس المهم إني هعوض ده النهارده ونفطر مع بعض..
ثم نظر إلى «نايا» وتابع: - جاهزة يا بنت خالتي ؟ حركت رأسها بالإيجاب وقالت: - جاهزة طبعا
وصل إلى مكتبه مرة أخرى ولكن تلك المرة اصطحب معه «نيران» التي نظرت حولها بسعادة قبل أن تنظر له وتقول: - الله هو أنا كنت شغالة مع الظباط اللي هنا وكنت بمسك مسدس وأطخ بيه كدا ؟ ضيق عينيه وقال بعدم رضا: - وكنتِ بتدخلينا من شبابيك الفنادق، تعالي معايا أقول لبابا إني هنا بدل ما يصدر أمر بالقبض عليا أنا وأنتِ ويرمينا في الحجز قطبت جبينها بتعجب قبل أن تقول متسائلة: - ايه ده هو باباك شغال هنا ؟
أمسك بيدها واتجه بها إلى مكتب والده وهو يقول: - امال أنا بقول ايه من الصبح، بابا رئيسي في الشغل ورئيسك أنتِ كمان ورتبته لواء طرق الباب ثم اتجه إلى الداخل بعدما اذن له بالدخول، وقف «أيمن» وبدل نظراته بينه وبين «نيران» ثم قال متسائلًا: - نيران ! ايه اللي خلاك تجيبها معاك ؟ مارجعتهاش البيت ليه..
أشار إليه وقال بتردد: - سعادتك قلت اجي في خلال عشر دقايق ولو كنت وصلتها وجيت كنت هاخد نص ساعة بالكتير فجيبتها معايا وماتقلقش هي مش هتعمل صوت نظر إليها وردد بتساؤل: - مش هتعملي صوت صح يا نيران ؟ هزت رأسها بالإيجاب وقالت بسعادة: - مش هعمل صوت بس اوعدني إنك تخليني أطخ بسلاحك..
أشار لها بتعابير وجهه كي لا تتحدث في هذا الأمر أمام والده فابتسمت وقالت: - فهمتك فهمتك .. قصدك ماأتكلمش قدام أبوك علشان مايعترضش ومايدخلكش الحجز صح .. ماتقلقش أنا هسكت خالص علشان ماياخدش باله رفع إحدى حاجبيه وقال بصدمة: - لا ناصحة .. وديتينا في داهية يا فضيييحة..
نظر والده إليه وقال بصرامة: - روح على مكتبك وخلي بالك كويس علشان مش ناقص مصايب - تمام سعادتك نظرت «نيران» إليه وقلدته قائلة: - تمام سعادتك جذبها «طيف» من ملابسها واتجه إلى الخارج قبل أن تقول شيء آخر، تراجعت بظهرها قبل أن تقول «فاطمة» من خلفها: - ايه ده مش مصدقة عيني .. نيران أنتِ هنا ؟ وحشتيني أوى..
أفزعتها كلماتها الأولى قبل أن تلتفت وتقول لها بعتاب: - حرام عليكِ خضيتيني وبعدين أنا أعرفك ؟ هزت رأسها بالإيجاب وقالت بابتسامة: - ده احنا أصحاب جدا وياما نفذنا مهمات مع بعض وضربنا نار مع بعض حتى اسألي طيف..
نظرت إلى «طيف» وقالت متسائلة: - هي بتتكلم جد ؟ يعني صاحبتي ؟ ابتسم وهز رأسه بالإيجاب قبل أن يجيبها مازحًا: - صاحبتك جدا لدرجة إنها في مرة عطلت عربيتي على الطريق ونشفت دمي لما افتكرتها عفريتة وده كله علشان تطمن عليكِ لما كنتِ فاقدة الذاكرة في أول مرة كادت أن تتحدث إلا أنها فوجئت بجهاز اللاسيلكي الذي بيد «فاطمة» يصدر صوت: "عايزين دعم .. وقع مننا رجالة كتير ...حول، الو عمليات .. محتاجين دعم ضروري"..
أسرعت ورفعت الجهاز وهي تقول تطمئنه: - الدعم هيوصلك .. هبلغ سيادة اللواء حالا بالفعل اتجهت إلى مكتب «أيمن» ونظرت «نيران» إلى «طيف» وهي تقول متسائلة: - هو في ايه ومين اللي اتكلم ده ؟ شرد قليلا وشعر بالقلق كما أنه شعر بحدوث شيء غريب، نظر إليها وأجابها بتفكير: - مش عارف .. ده صوت رماح بس ازاي راح مهمة واشتبك وهو كان هنا من حوالي ساعة ونص ! أنا مش فاهم حاجة..
خرجت «فاطمة» واتجهت إليه وهي تقول بجدية: - اجهز يا طيف حالا هنطلع أنا وأنت مع القوة علشان نساعد رماح كاد أن يسألها عن السبب لكنها قاطعته قبل أن يتحدث: - هفهمك كل حاجة بس مش دلوقتي ثم نظرت إلى نيران وقالت: - تعالي معايا هتقعدي في مكتب طيف ماتتحركيش لغاية ما نيجي مفهوم ؟ هزت رأسها بالإيجاب واتجهت معها إلى المكتب، عادت إلى «طيف» مرة أخرى وقالت: - يلا بينا بالفعل تحرك هو وهي إلى الخارج بينما فتحت «نيران» باب المكتب وراقبتهم من بعيد قبل أن تقرر الذهاب خلفهم ...
وصل «طيف و فاطمة» ومعهما قوات الشرطة وتقدموا إلى هذا المبني المليء بالمسلحين، كان الكثير من رجال الشرطة على الأرض فأحزن هذا الأمر «طيف» الذي قبض على سلاحه بقوة مستعدا للانتقام، كان رماح ومعه القليل من رجال الشرطة المتبقيين يطلقون النار على هؤلاء المسلحين قبل أن يحضر الدعم، ساعده «طيف» وأطلق الرصاص على هذا المكان الذي يطلق عليه بينما تقدمت «فاطمة» إلى أسفل البناية وألقت قنبلة في نافذة إحدى الشقق واشتعل الوضع ..
خرجت «نيران» من سيارة الأجرة ونظرت إلى المبني الكبير وإلى الاشتباك الذي يحدث الآن، تحمست كثيرا وتحركت بهدوء من جانب البرج المجاور ووجدت باب صغير يؤدي إلى حديقة صغيرة خلف هذا البرج الذي يتواجد بداخله المسلحون فتقدمت إلى الداخل وتفاجأت بالكثير من الأسلحة والذخائر، استعت حدقتيها بإعجاب وتقدمت إلى الأمام قبل أن يأتي أحد المسلحين من خلفها ويقيد حركتها، حاولت الصراخ لكنها لم تستطع بسبب كتمه لأنفاسها، وجه السلاح إلى رأسها واستعد لإطلاق النار ..
أطلق «طيف» الرصاص بشكل مكثف على نوافذ البناية بعد أن لاحظ البرج المجاور، لمعت عيناه وركض تجاهه قبل أن ينظر حوله بحثًا عن مدخل إلى تلك البناية التي كان بابها مغلق كما كان الكثير من المتفجرات على الباب منعت رجال الشرطة من اقتحام المكان، فكر في وجود مكان آخر للدخول وهذا ما وجده عندما توجه للبناية المجاورة، اكتشف باب صغير فتقدم ودخل منه بحذر قبل أن تتسع حدقتاه ويقول بصدمة: - نيران !
رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الثالث والعشرون الجزء الثاني من بنت القلب
اكتشف باب صغير فتقدم ودخل منه بحذر قبل أن تتسع حدقتيه ويقول بصدمة: - نيران ! كان هذا المسلح يقوم بتوجيه السلاح إلى رأسها وهتف بلهجة مهددة: - سيب سلاحك يا إما هقتلها ترك «طيف» سلاحه ورفع يده مستسلمًا فحضر مسلح آخر من خلفه وأخذ السلاح الذي تركه ثم ضربه بقوة في قدمه مما أسقطه أرضا، قيد حركة يده ووجه السلاح إلى رأسه قبل أن يقول لصديقه الآخر الذي يقيد «نيران»: - أخلص عليه ! احنا معانا هي ونقدر نخرج من هنا لو هددناهم بقتلها..
حرك رأسه بالنفي وقال معترضًا: - لا دي مدنية وده ظابط .. هيهتموا بالظابط اكتر، أنا هخلص عليها وقبل أن يطلق الرصاصة من سلاحه رجعت «نيران» برأسها بقوة إلى الخلف لتصطدم في وجهه وبحركة سريعة أخذت السلاح وأطلقت عليه الرصاص ثم التفتت بسرعة شديدة وأطلقت رصاصة من السلاح لتستقر في رأس المسلح الذي يقيد «طيف»، اتسعت حدقتاه بعدم تصديق ونظر لها بدهشة، كيف فعلت ذلك وهي لا تتذكر شيء ! وجه نظره إليها وقال متسائلًا: - نيران أنتِ رجعتلك الذاكرة !
نظرت إلى نفسها وإلى السلاح الذي بيدها وتعجبت مما فعلته منذ لحظات، لم تصدق أنها قامت بهذا الأمر دون أي تدريب أو تجهيز هي فقط شعرت بشيء داخلها يدفعها لفعل ذلك، نظرت إليه وأجابته بسعادة: - لا مارجعتش ومش عارفة أنا عملت كدا ازاي بس فرحانة أوي .. أنا ضربته وقتلت الاتنين..
ابتسم لسعادتها ونهض من مكانه قبل أن يمسك سلاحه مرة أخرى، وجه نظره إليها وقال بجدية: - خليكِ هنا والمرة دي بجد .. أنا هطلع من السلم ده .. أكيد السلم ده سري وكانوا بيطلعوا منه، نيران متتحركيش مش علشان قتلتِ اتنين تتشجعي دي حركة كدا متعودة عليها في حياتك وحضرت دلوقتي لكن بعد كدا هتبقي بطة بلدي هزت رأسها بالإيجاب وقالت: - متقلقش مش هتحرك من مكاني .. اطلع أنت بس الحقهم علشان صوت ضرب النار عالي جدا..
هز رأسه بالإيجاب وانطلق إلى الأعلى بحذر عبر الدرج، توجه إلى الطابق الأول فوجد قتلى ولا يوجد أحد على قيد الحياة فتابع تقدمه إلى الأعلى إلى أن وجد شقة بها مسلحين فأطلق الرصاص على الأول الذي انتبه لوجوده وحاول إطلاق الرصاص عليه، وجه سلاحه إلى الثاني وهتف بقوة: - ارمي سلاحك..
تراجع وقام بإلقاء سلاحه فتقدم هو وقيد يده خلف ظهره بكلبش وتركه مكانه ثم اتجه إلى الأعلى وكان الطابق الأخير، كان به أربعة مسلحين خرج منهم اثنان ووجدا «طيف» فأطلقوا الرصاص بكثافة، اختبأ خلف الحائط وانتظر حتى هدأت النيران وخرج مرة أخرى وهو يطلق الرصاص بكثافة حتى أوقع أحدهما ثم اختبأ خلف الحائط مرة أخرى، التقط أنفاسه وقام بتبديل خزانة الرصاص للسلاح الخاص به ثم تقدم إلى الداخل بقلب شجاع غير خائف وأطلق الرصاص بكثافة حتى أوقع الآخر وتقدم إلى الداخل إلى أن وجد أحد المسلحين يطلق الرصاص من النافذة على رجال الشرطة فأطلق الرصاص عليه وأوقعه، شعر بحركة خلفه فالتفت مسرعًا ليجد هذا المسلح الذي كاد يطلق الرصاص عليه إلا أن نيران دلفت إلى الداخل بسرعة وأطلقت الرصاص عليه لتوقعه أرضا، نظرت إليه بابتسامة قائلة: - مفيش داعي للشكر .. أنقذت حياتك للمرة التانية..
ابتسم ثم أتجه إليها وضمها بحب قائلًا: - دايما وطول عمرك بطلة .. وعد مني مش هسيبك تضيعي مني تاني حتى لو فيها موتي رغم عدم تذكرها له إلا أنها شعرت بالراحة والطمأنينة بين أحضانه، ودت لو لم تتركه وتظل هكذا لكنه تركها واتجه إلى النافذة ثم أشار إلى رجال الشرطة ليخبرهم بأن الوضع تحت السيطرة.
أنهى «نائل» عمله ونظر إلى الساعة فوجدها السادسة والربع فترك ما بيده وأسرع إلى الخارج متجهًا إلى منزله حتى يلحق الافطار مع عائلته وأثناء خروجه وجدها تخرج هي الأخرى من مكتبها فنظرت إليه بتعجب قبل أن تقول متسائلة: - ايه ده يا نائل أنت لسة هنا ؟ فاضل أقل من ساعة على الفطار ! ابتسم وأجابها بهدوء: - معلش كنت بنهي كام حاجة من اللي بلغتك بيهم علشان ننجز وإن شاء ألحق الفطار بس ماقلتيش أنتِ طولتِ كل ده ليه ؟
ضمت يديها إلى بعضهما وقالت بحماس: - كنت بظبط لحاجة كدا بما إننا داخلين على كذا صفقة كويسة وهيبقى لينا اسم كبير رفع إحدى حاجبيه ليقول بتعجب: - حاجة ايه ؟ تخص الشركة وكدا يعني ؟ هزت رأسها بالإيجاب وقالت بحماس شديد: - أيوة، هنعمل إعلان وندخل بيه إعلانات رمضان السنة دي وكنت بفكر في حاجة كرييتيف وتكون كويسة في نفس الوقت وتشد العملاء لينا وتساعدنا نكبر أكتر وأكتر وفعلا لقيت الحل وهكلم كذا حد بالليل ونتفق على كل حاجة علشان من بكرا نبدأ التنفيذ علشان الإعلان ينزل في خلال يومين بالكتير أوي..
تحمس للأمر كثيرا وقال بابتسامة: - حلو جدا الموضوع ده وزي ما قلتِ هيساعدنا كتير مع الصفقات الجديدة اللي الشركة هتعملها، توكلي على الله وخير إن شاء الله هزت رأسها بابتسامة وقالت: - إن شاء الله، يلا الحق روح بقى علشان فاضل وقت قليل على المغرب وأنا يادوب ألحق برضه
أشار «طيف» إلى «نيران» وقال بابتسامة: - أنقذتني مرتين من الموت، هي دي نيران اللي أعرفها اقتربت منها «فاطمة» وربتت على كتفها بابتسامة قائلة: - رغم إني قلتلك ماتتحركيش وصممتِ على اللي في دماغك بس اللي عملتيه أنقذ حياتنا كلنا..
ابتسمت «نيران» بسعادة وقفزت كالأطفال بينما اقترب «رماح» ونظر إليها بعدم رضا قائلًا بغضب: - احنا مش بنلعب .. اللي بنعمله ده فيه حياة أو موت وإن سعادتك تنزلي وتيجي وراهم من نفسك ده غلط ومش صح وكنتِ هتودي نفسك في داهية .. أنا مش معاهم إنهم يشجعوكي لأن ده اسمه هبل نظر إليه «طيف» وقال بضيق: - لو هتكلمها تكلمها عدل لأن دي مراتي تمام !
رفع صوته أكثر وتابع: - ثانيا بقى وده الأهم فهي أنقذتني مرتين من الموت ولولاها ماكناش عرفنا ندخل ولا نطلع لفوق وكان زمان في كتير مننا وقعوا أكتر من اللي وقعوا وأظن الدنيا عدت على خير، ياريت توفر عصبيتك دي لنفسك اتسعت حدقتاه بغضب قبل أن يقول مهددا: - أنت اتجننت ؟ ازاي تكلمني كدا ! أتكلم عدل يا سيادة الرائد..
سحب «طيف» نيران من يدها وقال بغضب: - ده كلامي وطالما سيادتك شايف نفسك علينا كدا أنا مش هسمح ونيران خط أحمر، أنا مش عارف أنت شايف نفسك زيادة عن اللزوم كدا ليه ! بتعلي صوتك على الفاضي والمليان كدا ليه ! عايز تروح تقول للواء أيمن روح وأنا كمان هروح واطلب منه أخرج من المجموعة دي لأني زهقت ونيران كانت هتضيع مني .. أقولك أنا هقدم استقالتي وأرجع لشغلتي القديمة تاني لأني مش مستعد أخسرها تاني..
سحبها من يدها ورحل بعيدًا تاركًا «رماح» في صدمة كبيرة مما قاله وفي تلك اللحظة نطقت «فاطمة» وقالت معترضة: - ماكانش له لزوم عصبيتك وكلامك ده ! طيف عنده حق ولولاها ياعالم كان حصل ايه سواء طيف جراله حاجة أو رجالة كتير وقعوا مننا، أيوة هي غلطانة بس ماتنساش إنها كانت مننا وأكيد مهما حصلها أو فقدت الذاكرة فهي متعودة على التدريبات وكل حاجة اتعلمتها لم يتحمل سماع أكثر من هذا فرحل ليتابع بقية الإجراءات وهو يقول: - ده احنا مابقيناش شغالين في شرطة .. احنا كدا بنهزر .. بعد اذنك أشوف شغلي..
أوقف سيارة أجرة لتوصله هو وهي إلى المنزل لكن في تلك اللحظة رُفع أذان المغرب فنظر إلى السائق وقال: - طيب معلش يااسطا لحظة هجيب حاجة أفطر بيها ترك السيارة واتجه إلى كشك صغير وقام بإحضار العصير والكيك له ولزوجته وللسائق ثم اتجه إلى السيارة مرة أخرى ومد يده للسائق بالعصير والكيك الخاص به فابتسم وقال بحب: - تسلم يا باشا أنا مش صايم .. أنا مسيحي واسمي أبانوب..
ابتسم «طيف» وقرب يده أكثر وهو يقول: - وايه يعني يا أبانوب خد ياعم احنا أخوات .. يلا ماتكسفش أيدي ابتسم وأخذها من يده بينما هو عاد إلى الخلف بعدما أخبره بالعنوان ومد يده لـ «نيران» بما أحضره فرفعت إحدى حاجبيها قائلة: - بس أنا فطرت .. أنت ناسي ولا ايه تركهم على قدمها وقال مازحًا: - عادي يا قلبي الكرش يحب الزيادة..
بدأ في تناول الكيك مع ارتشاف العصير قبل أن يهتز هاتفه برنين، سحبه من جيب بنطاله ورفعه على أذنه وهو يقول: - أيوة يا ماما .. معلش .. لا لا هنيجي نفطر طبعا هو في أحسن من أكل البيت .. عارف إن أكل برا مش مضمون وفيه جراثيم .. وربنا عارف إنه بيجيب تسمم .. حاضر مش هاكل برا واحنا جايين أهو .. يوووه اندومي ايه يا ماما هو أنا بطيقه أصلا ! متخافيش .. حاضر
بدأوا في تناول الإفطار وتحدث «زين» بجدية قائلًا: - بالمناسبة دي يا جوز خالتي أنا فكرت ولقيت إننا نعمل كتب الكتاب والفرح بعد العيد إن شاء الله، ها رأيك ايه؟ فكر قليلًا قبل أن يجيبه برضا: - كويس جدا وتكون كل حاجة جهزت إن شاء الله، أنتِ رأيك ايه يا نايا ؟ ابتسمت وهزت رأسها بالإيجاب قائلة: - كويس جدا يا بابا وأنتِ يا ماما رأيك ايه..
ابتسمت بحب قبل أن تجيبها: - اللي تشوفوه يا حبايبي وأنا معاكم، نبدأ نجهز للفرح من دلوقتي وللدعوات وكدا .. ربنا يسعدكم ابتسم «زين» وربت على يدها بحب وهو يقول: - تسلميلي يا أمي التانية هنا تحدثت الصغيرة «رقية» وقالت بسعادة: - أنا هلبس فستان أبيض في الفرح علشان أبقى عروسة زي نايا..
ضحك الجميع وأجابتها «نايا» بحب: - طبعا يا رورو ده أنتِ أجمل وأحلى عروسة داعب «زين» وجنتيها بحب وقال بابتسامة: - ربنا يديني العمر يا رورو وأسلمك لعريسك وأفرح بيكي يارب
جلست على السفرة وحدها لتناول الإفطار، شعرت بالوحدة الشديدة فهي الآن وحدها على عكس السابق لكن هي من وضعت نفسها في هذا الموقف، هي من رفضت تناول الإفطار مع العائلة وفضلت البقاء وحدها، تعجبت من تفكيرها السابق، ظلت شاردة تفكر هل ستستطيع إصلاح علاقتها مع عائلتها أم لا، انهمرت دموعها ورفعت يدها إلى السماء وهي تقول: - يارب أنا عارفة إني كنت غلطانة ووحشة وزعلت أختي الصغيرة وأخويا وغلطت كتير بس عرفت غلطي ده، يارب سامحني وساعدني أصلح كل المشاكل اللي بينا، يارب ساعدني أرجع ياسمين بتاعة زمان وابعد الشر والحقد والكره من قلبي، يارب
أنهى المكالمة ونظر إلى «نيران» التي وجدها تضحك عليه فرفع إحدى حاجبيه وهو يقول: - ايه هو أنا أراجوز ولا ايه ؟ هزت رأسها بالنفي وأجابته: - تؤ بس شكلك مضحك ولما بتتكلم بحسك تافه .. مش عارفة أنت ازاي ظابط وكنت دكتور بالتفاهة دي رفع إحدى حاجبيه وقال بعدم رضا: - ايه يا نيران هنقضيها تنمر ولا ايه وبعدين الحياة تحب الخفية دي مش تفاهة ده أسلوب حياه .. في مثل بيقول خليك ايزي ميزي وابسط وماتبقاش مزاميزي..
رفعت حاجبيها بتعجب وقالت بتلقائية: - مزاميزي ؟ يعني ايه ؟ ابتسم واجابها: - مزاميزي يعني حزايني ومدية للدنيا قفاكِ ولما تدي للدنيا قفاكِ هتمسي عليكِ بأحلى كف فخلينا احنا ايزي ميزي ونبص للدنيا بوشنا بس أنتِ عارفة هتدينا بالكف احنا كمان بس على وشنا مش قفانا لأن الدنيا غدارة..
صمتت للحظات حتى تستطيع فهم ما يقوله فتابع هو: - ماتحاوليش تفهمي أنا نفسي مش عارف أنا بهبد وبقول ايه المهم أمك كلمتني وأنا طمنتها عليكِ واجهزي علشان في جلسة عند الدكتور النفسي بتاعك النهارده بليل قطبت جبينها وقالت بتلقائية: - وائل ؟
هز رأسه بالنفي وأجابها بابتسامة واسعة: - لا أنا .. العبد لله رجعلك الذاكرة مرة وبإذن الله هكررها مرة تانية بس أنتِ حطي ايدك في ايدي وساعديني علشان نهزم الأشرار ونرجعلك الذاكرة اختفت ابتسامتها وقالت: - أنا خايفة يرجعلي الذاكرة .. خايفة أفتكر حاجة تكون وحشة ليا أو حصلتلي .. خايفة أكون عشت فترة وحشة ولما أفتكر اتأذي وأتعب .. هو أنا فقدت الذاكرة المرة التانية ازاي ؟
أطبق بيده بحب على يديها حتى يشعرها بالطمأنينة والحب وقال: - ماتخافيش طول ما أنا جنبك .. أنا مستعد أموت علشان خاطرك وعلشان أنتِ تعيشي أما عن سبب فقدانك للذاكرة فأنا ماأعرفهوش بس هفهمك حصل ايه النهارده بالليل في الجلسة تمام !؟ هزت رأسها بالإيجاب وقالت: - تمام
كان يتناول الإفطار مع والدته وشقيقته عندما قالت والدته: - طمني يا حبيبي أخبار الشغل ايه ابتسم وأجابها بهدوء: - بخير الحمدلله يا ماما وكل حاجة تمام، ربنا عوضني خير في الشغل ده .. بعد ما كنت ماشي أكلم نفسي ومش لاقي شغل ربنا فتحها عليا ورزقني بالشغل ده ومش بس كدا ده أنا بقيت نائب رئيس مجلس إدارة الشركة، عوض ربنا جميل أوي بس احنا نصبر وندعي ومانزعلش على الحاجة الوحشة اللي تحصلنا، ده غير دعاكي طبعا يا ست الكل..
ابتسمت ورفعت يدها إلى السماء وقالت: - ربنا يرزقك كمان وكمان ويوقفلك ولاد الحلال في طريقك يا نائل ياابني ويرزقك ببنت الحلال اللي تسعدك وتكون سندك وكل حياتك في الدنيا مال برأسه على كتفها بحب وقال: - أنتِ سندي وكل حياتي يا ست الكل، من غيرك أنا ولا حاجة .. ربنا يقدرني وأكون سبب في فرحتك زي ما بتفرحيني على طول بدعاكي ليا رفت «يارا» حاجبيها وقالت بعدم رضا: - يعني ماليش أنا في الدعاوي دي جانب ولا ايه؟ ابتسمت والدتها ورددت بحب: - ازاي يعني يا يارا ده أنتِ الخير والبركة كلها، ربنا يحميكي يا حبيبتي وأفرح بيكِ يارب
وصل إلى المنزل بصحبة نيران وجلس لتناول الإفطار وسط عائلته وقص على والدته ما حدث بعد إلحاح شديد منها ثم نظر إلى والده وقال بدون مقدمات: - بابا أنا هقدم استقالتي بكرا اتسعت حدقتيه وترك الطعام من يده وهو يقول بعدم تصديق: - تقدم ايه ! هو لعب عيال ؟
ترك هو الآخر الطعام ونظر إلى والده وهو يقول بجدية تامة: - لا مش لعب عيال يا بابا بس مش هينفع أشتغل مع رماح ده أولا وثانيا وده الأهم أنا مش عايز أخسر نيران تاني وأظن هي هتقتنع بده لأني هكلمها تقدم استقالتها هي كمان، أنا عارف إنك كلمتني وقلتلي كلام كتير يصبرني بس أنا خواف .. خايف أخسر حد بحبه بسبب شغلي، لو هخسر نفسي أنا بس فأنا موافق بس خوفي مش على نفسي وحضرتك عارف كدا كويس، مش هنكر إني نجحت في شغلي ده أكتر ما نجحت كوني دكتور بس ماكنتش متوقع إني في يوم من الأيام ممكن أخسر حد زي نيران .. طول ما أنا وهي ظباط هنكون عرضة للخطر علشان كدا لازم أنا وهي نستقيل .. سميها خوف أو سميني جبان بس ده حقي إني أستقيل..
نظر إليه والده بغضب وهو يقول: - وسعادتك بقى هتشتغل ايه لما تستقيل ! وبعد كل اللي عملته ده والترقية تستقيل بالسهولة دي ؟ ابتسم بتألم قبل أن يجيبه: - هرجع أشتغل دكتور تاني مش هغلب ومش هستقيل بسهولة ده بعد ما حسيت إن نيران ممكن تضيع مني وضيف على ده رماح اللي شايف نفسه زيادة عن اللزوم هز رأسه بالإيجاب قائلًا: - اللي يريحك يا طيف بس راجع نفسك علشان ماتندمش إنك أخدت قرار غلط..
نظر إلى «نيران» التي كانت شاردة لا تتحدث ثم نظر إلى والده مرة أخرى وأجابه: - ماتقلقش يا بابا أنا مش هندم .. ده قرار نهائي تابع تناول الإفطار ثم صعد إلى الأعلى بصحبة «نيران» التي نظرت إليه بتعجب وهو لم يستطع تفسير تلك النظرات، جلس أمامها وقال: - مستعدة للجلسة ؟ حركت رأسها بالإيجاب وقالت: - مستعدة بس قبل ما نبدأ الجلسة عايزة أقولك حاجة قطب جبينه بدهشة وهو يقول: - حاجة ايه ؟
مدت يدها وأمسكت بيده بحب وابتسمت قائلة: - أنا لو منك أفضل في الشغلانة دي .. مفيش راجل شرطة مش بيتعرض للخطر ولو بتعمل ده كله علشاني فأنا بقولك أهو كمل، اينعم أنا مش فاكرة حاجة ولا فاكرة أنا كنت بعمل ايه بس واثقة إني كنت بحبك أوي قبل ما أفقد الذاكرة، في حاجة شداني ليك بطريقة رهيبة .. أقولك على حاجة ! أنا بحب أبصلك أوي .. فاكر لما ضحكت عليك في العربية ! كان نفسي أحضنك، مش عارفة ايه الأحاسيس دي كلها .. أنا في يوم واحد حبيتك أوي ودخلت قلبي..
زادت من قوة قبضتها على يده وتابعت: - أيوة أنا مش فاكرة حاجة بس بتعامل كأني فاكرة كل حاجة .. حاسة إني في أمان معاك .. الصبح لما حضنتني ماكنتش عايزة أسيب حضنك .. كنت عايزة أفضل في حضنك طول عمري .. طيف أنا مش عارفة قلتلك كدا وأنا فاكرة كل حاجة ولا لا بس هقولك دلوقتي .. أنا بحبك .. أيوة في يوم واحد حبيتك أو قلبي هو اللي حاجز لحبك مكان ومهما فقدت الذاكرة هيفضل المكان ده محجوز .. أنا مش فاهمة ولا عارفة أفسر حاجة بس هطلب منك طلب .. ممكن تحضني ؟
رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الرابع والعشرون الجزء الثاني من بنت القلب
نفذ رغبتها وضمها إلى صدره بحب، أغلقت عينيها وشعرت براحة وطمأنينة افتقدتها كثيرا، لا تعلم كم من الوقت بقيت هكذا لكن ما يريحها الآن وجودها بالقرب منه، ظلت هكذا لفترة طويلة زادت عن نصف ساعة وقرر «طيف» عدم إبعادها لأنه افتقدها هو الآخر كثيرًا، ابتعدت قليلا عنه ونظرت إلى عينيه قائلة: - آسفة .. كدا اتآخرنا على الجلسة صح ؟
هز رأسه بالنفي وأجابها بحب: - حضنك ينسي أي جلسة وينسي الدنيا بحالها، مش قادر أوصفلك أنتِ وحشتيني اد ايه، أنا كنت حاسس إن الدنيا اتسحبت مني يوم ما بعدتِ عني ولما شوفتك تاني وجيتِ في حضني بقيت حاسس إن الدنيا كلها تحت رجلي ... يلا يا حبيبتي نبدأ الجلسة علشان ترجعلك الذاكرة إن شاء الله..
ابتسمت بحب وعادت إلى الخلف قبل أن تستلقي أمامه وتقول: - أنا جاهزة يا دكتور ابتسم هو الآخر واقترب قليلا منها وبدأ حديثه قائلًا: - عايزك تنظمي نفسك .. اتنفسي بصورة طبيعية .. اسحبي الهواء وطلعيه بهدوء ونظام .. يلا ورايا شهيق زفير.
نفذت ما قاله وبدأت تتنفس بنظام فتابع هو: - غمضي عينيكِ واتخيلي نفسك واقفة في وسط الظلام اللي أنتِ شايفاه ده .. اتخيلي نفسك بتتحركي ومش شايفة حاجة .. دوري على مصدر ضوء يخرجك من الضلمة دي .. ماتيأسيش ودوري كويس في كل مكان واتخيلي إن النور ده هو حياتك اللي قبل كدا ولو شوفتي حاجة بلغيني..
نفذت ما قاله وشعرت أن أنفاسها المنتظمة بدأت في الزيادة رغمًا عنها، حاولت السيطرة عليها لكنها لم تستطع وأصبحت تتنفس بصورة عشوائية ولاحظ هو ذلك لكنه تركها كي تستطيع الوصول إلى هذا الضوء، حركت رأسها بعشوائية كأنها ترى كابوس مزعج ولا تستطيع الاستيقاظ منه، بدأ جسدها يرتعش وينتفض وبدأ العرق يتصبب من جبهتها فأمسك كلتا يديها وهتف بصوت شبه مرتفع كي يفيقها: - نيران ! نيران فوقي أنا جنبك..
فتحت عينيها ونظرت حولها بقلق ثم نظرت إليه بخوف قبل أن يمسح على رأسها بحنو قائلًا: - اهدي خالص ماتخافيش أنا جنبك .. أنا جنبك يا حبيبتي ماتقلقيش .. قوليلي بقى شوفتي ايه أخذت وقت حتى استطاعت تنظيم أنفاسها مرة أخرى وهدأ خوفها قليلا، نظرت إليه وبدأت في سرد ما رأته: - أنا سمعت كلامك وفعلا حسيت إني موجودة فعلا في مكان كله ضلمة .. حاولت أمشي وكنت ماشية بحذر وخايفة أتكعبل في حاجة أو أقع لغاية ما شوفت ضوء خفيف جدا بس لونه أحمر ساعتها حسيت إن الأكسجين اللي في المكان كله اتسحب وباخد نفسي بالعافية بس كملت لغاية ما لقيته ..
كان مديني ضهره ومش ظاهر منه غير أجزاء بسيطة جدا في وسط الضلمة .. كان لابس زي جلبية بس سودة وطالع منها ظعبوط أسود ومغطي راسه .. شكله عامل زي بتوع الهاكر كدا وفجأة لف ليا بس وشه ماكانش ظاهر .. هدومه والظعبوط ده بس اللي باين وهمس بصوت كأنه في ودني وقال العهد الأول تم تنفيذه .. قريبا سوف يحل الدمار بعدها لقيت جسمي بيترعش وفجأة لقيتك بتصحيني..
ضمها إليه وربت على ظهرها وهو يقول: - ماتخافيش يا حبيبتي مفيش حاجة، ده ممكن اللي حصلك في فترة ما كنتِ مخطوبة .. اهدي بس وبكرا نكمل علشان ماتتعبيش تمام ؟ هزت رأسها بالإيجاب قائلة: - تمام تمام
لم تترك مكانها وظلت شاردة تفكر في حل لهذا الأمر وتذكرت الماضي السعيد، تمنت لو تعود بالزمن للماضي حيث عائلتها وطيبة قلبها ونقائها، تمنت لو طال هذا الحلم الجميل لكنه انقضى ورحل معه شخصيتها المرحة والمُحبة، رفعت رأسها إلى الأعلى وظلت شاردة إلى أن حضر «زين» وبيده شقيقته الصغرى «رقية» تعجب من جلسة شقيقته فاقترب منها ووضع يده على كتفها قائلًا بقلق: - ياسمين أنتِ كويسة ؟ تعبانة ولا حاجة أكلم الدكتور ؟
رغم سوء معاملتها له إلا أنه مازال يحبها ويخاف عليها ونسى ما قالته في الصباح له، انهمرت الدموع من عينيها ونهضت من مكانها قبل أن تلقي بنفسها في أحضانه وتنفجر في البكاء، زاد قلقه ومسح بيده على رأسها بحب ليقوم بتهدأتها وردد: - اهدي يا ياسمين ماتعيطيش يا حبيبتي .. فهميني بس حصل ايه وايه اللي مزعلك كدا ؟ الواد اللي اسمه يوسف ده أذاكي في حاجة أروح أطلع عينه واخدلك حقك ؟
هدأ بكائها قليلا وابتعدت حتى تنظر إلى وجهه وقالت: - لا بس أنا آسفة على كل حاجة عملتها .. أنا عارفة إني زعلتك أنت ورقية كتير بس والله غصب عني وأوعدك هكون ياسمين بتاعة زمان الحنينة وأم قلب طيب بس ماتزعلوش مني تأثرت الصغيرة بحديثها وتقدمت لتحضن قدمها بحب فابتسم «زين» وضمها هو الآخر قائلًا: - أنا عمري ما زعلت منك ولا هزعل يا ياسمين ده حتى بابا موصيني عليكِ وعلى رقية وأنا مستعد أموت علشان تتبسطوا وتعيشوا أحسن حياه، أيوة أنا أصغر منك بس بحس إني أكبر واحد ومسئول منكم .. خليكِ عارف إن محدش هيحبك ويخاف عليكِ أدي ومش عايز أشوف دموعك دي تاني .. عايز أشوف ياسمين بتاعة زمان أم دم خفيف واللي الابتسامة مابتفارقهاش..
مسح دموعها بيده ووضع وجهها بين كفيه وتابع: - اعتبري مفيش حاجة حصلت وأنا جنبك طول الوقت وعمري أبدا ما هسيبك رسمت ابتسامة على وجهها ثم نظرت إلى الصغيرة وانخفضت لمستواها ثم ضمتها إليها بحب وهي تقول: - مش عايزاكِ تزعلي مني يا رورو .. أنا آسفة على كل اللي عملته وزعلك، من النهارده هرجع ياسو بتاعة زمان وهنلعب مع بعض ومش هنزهق ونرجع نضحك تاني
مرت الأيام ولم يحدث شيء جديد ..
كان «طيف» يساعد زوجته كل يوم في استرجاع ذاكرتها لكنه فشل في ذلك بسبب رؤيتها لهذا المشهد المكرر كل جلسة.
لم يتحسن «فهد» وظل على حالته التي احتار الأطباء في تحليلها حيث كان شديد الخوف ولا يتحدث، كان يسرق النظرات إلى خطيبته «نيسان» لكنه لم يتفوه بكلمة واحدة.
تبدلت حالة «ياسمين» وأصبحت الابتسامة دائمة الظهور على وجهها، تحسنت طريقتها مع موظفي الشركة ودائما ما كانت تستعين بـ «نائل» الذي أثبت وجوده في وقت قصير جدا واستطاع النهوض بالشركة وأصبحت من أكبر الشركات في مصر وبدأ التخطيط لبناء فرع آخر كما تبدل حال «نائل» كثيرًا ورزقه الله من حيث لا يحتسب بعد أن كان يعاني من ديونه الكثيرة وعدم حصوله على عمل.
تراجع «طيف» عن الاستقالة بسبب نصائح «نيران» له لكنه قرر ترك فريق والده السري والعمل وحده حتى لا يحتك بـ «رماح» كما حاول هو الاعتذار عما بدر منه تجاه «طيف» وتقبل اعتذاره لكنه رفض العودة إلى الفريق مرة أخرى.
أعد «غيث» دعوات حفل زفافه على «ليان» والتي كان من المقرر لها أن تكون ثالث أيام العيد وقام بكل التجهيزات للزفاف.
كان دائما ما يقص عليها أشياء كثيرة من ماضيها وكانت تستمع إليه بابتسامة وحماس زائد وزاد حبه في قلبها، تعرفت أكثر عن عائلتها لكنها لم تتعرف على «ذاخر» بسبب تواجده الدائم بكلية الشرطة.
ترك ما بيده واتجه إلى والدته وهو يقول: - أنا عملت صاج الكحك ده أنا ومازن يا ماما أحطه فين ؟ كانت جالسة وتقوم بإعداد البسكويت فأشارت إلى غرفة وقالت: - دخله هنا مع الباقي ويلا شدوا حيلكم شوية ده كله صاج واحد ؟
عاد إلى صديقه مرة أخرى وهو يقول بعدم رضا: - معلش يا ماما أصل مش على طول بعمل كحك يعني .. كويس إننا عملنا صاج واحد وبعدين ماتخافيش هنخلصهم كلهم بسرعة بس يارب يقولوا العيد بعد بكرا نظرت إليه «نيران» التي كانت تساعد «أسماء» في إعداد البسكويت وقالت باعتراض: - أنت مش عايز العيد بكرا ليه؟ يا عدو الفرحة سيبنا نفرح بكرا..
رفع إحدى حاجبيه وقال: - ياستي هو أنا بقول يارب مايجيش خالص ! أنا بقول يبقى بعد بكرا علشان بالشكل ده مش هنخلص الكحك على بكرا حتى في تلك اللحظة جائت «رنّة» من الداخل وصاحت بصوت مرتفع وسعيد: - العيد بكرا يا جماعة .. قالوا دلوقتي على التليفزيون نظرت «نيران» إلى طيف مرة أخرى وأخرجت لسانها وهي تقول: - ياعيني عليك اتصدمت صح ؟
نهض من مكانه وأشار إلى «مازن» وهو يقول: - قوم يا مازن .. وسعي كدا يا ماما .. تعالي اعملي الكحك أنتِ ونيران وأنا ومازن هنعمل البسكويت أسهل .. دي المكنة بتطلعه جاهز أنتوا هتضحكوا علينا وافقته والدته واتجهت لصنع الكحك مع زوجته واتجه هو إلى البسكويت في جو أسري جميل، مر الوقت وانتهوا من كل شيء ونهض «مازن» وهو يمسك ظهره بتعب: - اااه يا ضهري أنا مش حاسس بيه..
وقف «طيف» هو الآخر وأمسك بظهره وهو يقول بتعب: - عندك حق أنا مابقيتش حاسس بالعمود الفقري .. الحمدلله خلصنا وهما بقى يسوا الهيصة دي بمعرفتهم في تلك اللحظة رفعت «أسماء» صوتها وقالت: - خد ياطيف أنت ومازن نص الصاجات دي في عربيتك وروحوا سووها في الفرن علشان مش هنلحق وأنا ونيران هنسوي الباقي لوى ثغره ونظر إلى صديقه قائلًا: - اشرب يامعلم أدينا هنلبس في التسوية كمان.
ضحك «مازن» وأشار إلى الداخل قائلًا: - طيب يلا بينا ناخدهم علشان عايز أروح آخد دش قبل الصلاة بالفعل حمل الكحك والبسكويت هو وصديقه واتجه به إلى سيارته ثم قادها إلى إحدى الأفران وانتظرا في السيارة ... نظر «طيف» إلى صديقه «مازن» وقال: - ايه ياعم مش ناوي تفرحنا كدا وتقولنا إنك هتتجوز نامي قريب ؟
ابتسم وأجابه بجدية: - بفكر أعمل الفرح كمان شهرين .. أنت رأيك اية ؟ طبعا مش هعمله غير لما آخد رأيك ضم حاجبيه بتعجب وقال مازحًا: - هو أنا اللي هتجوز ولا أنت ياعم .. كمان شهرين حلو جدا تكون أنت جهزت اللي ناقصك والعروسة جهزت اللي ناقصها ونخلص منكم بقى ضيق عينيه وقال بدهشة: - تخلصوا مننا ! هو الجواز بيموت ولا ايه ماتقلقنيش يا طيف أشار «طيف» إلى نفسه وقال: - أنا ! أبدا ده الجواز ده جميل ياابني .. اتجوز بس وأنت هتدعيلي أو هتدعي عليا أيهما أقرب .. تعالى نشوف الكحك استوى ولا لسة في سنتنا دي
أسرع إلى المطبخ بعدما اشتم رائحة حريق ودلف إلى الداخل وهو يسعل من شدة الدخان المتصاعد، نظر إلى شقيقته وقال بصعوبة: - يخربيتك يا ياسمين بتعملي ايه ؟ حاولت إبعاد الدخان عن وجهها وأجابت: - عملت أنا وهانم الكحك وسابتني وراحت تجهز حاجة وأنا نسيته واتحرق اتجه إلى النافذة وفتحها ثم فتح باب الفرن بحذر وأخذ يبعد هذا الدخان وساعدته هي على ذلك إلى أن حضرت «هانم» وفتحت عينيها بصدمة وهي تقول: - يالهوي حصل ايه؟
أشار إليها «زين» قائلًا: - تعالي يا هانم ساعدينا .. ياسمين حرقت الكحك بالفعل ساعدتهما إلى أن اختفى الدخان تمامًا وجلس «زين» على المقعد وهو يقول بتعب: - اووف .. من امتى وأنتِ بتعرفي تعملي حاجة في المطبخ يا ياسمين ! كنتِ قوليلي وأنا هشتري الكحك زي ما بنعمل كل سنة .. كنا هنموت مخنوقين ثم نظر إلى «هانم» وقال بعتاب: - وأنتِ يا هانم ازاي طاوعتيها على كدا ؟
أشارت إلى «ياسمين» وقالت بتوتر: - ست ياسمين هي اللي أصرت نظرت إليها «ياسمين» وأشارت إلى نفسها قائلة: - بتفتني عليا يا هانم ! بتبيعيني من أول قلم كدا ؟ دلفت الصغيرة رقية إلى المطبخ وهي تقول بعدم رضا: - ايه ريحة الحريقة والدوشة دي كلها ! دلفت من خلفها «نايا» التي هتفت بشكل تلقائي دون أن تلاحظ وجود «زين»: - ايه يا ياسمين أنتِ حرقتي الكح...
انتبهت لوجوده فتراجعت أما هو فرفع إحدى حاجبيه ليقول بتعجب: - حتى أنتِ شاركتيها في الجريمة دي يا نايا ابتسمت ابتسامة واسعة وأشارت الى «ياسمين» وقالت: - هي اللي أقنعتني .. أنا بريئة وماليش ذنب رفعت حاجبيها بتعجب وقالت بإعتراض: - حتى أنتِ يا نايا بيعتيني من أول قلم .. طيب بعد اذنكم بقى شوفوا اللي اتحرق ده عقبال ما أعمل حاجة.
على الجهة الأخرى كانت والدته تقوم بعمل الكحك بينما كان هو في غرفته يحدق بهاتفه، تذكر كيف حصل عليه من البداية، عاد بالزمن إلى هذا الموقف حيث كان يجلس بمكتبه وطرقت «ياسمين» الباب، هتف بصوت مرتفع: - ادخل دلفت إلى الداخل وجلست على المقعد المقابل له قبل أن تقول بابتسامة: - كدا مافاضلش غير آخر شركة هنتعاقد معاها وبكدا هنبقى فعلا ماسكين كل حاجة في مصر..
هز رأسه بالإيجاب قبل أن يقول بسعادة: - فعلا .. الأيام اللي فاتت على اد ما كانت متعبة وكلها اجتماعات مع الشركات بس قدرنا في فترة صغيرة نعمل اسم كبير للشركة وبقى حلم أي موزع إنه يتعاقد معانا وده هيدينا الحق نحط الشروط اللي احنا عايزينها .. بعد العيد نمضي مع الشركة الألمانية ونبدأ في التخطيط للفرع التاني للشركة.
شعرت بالسعادة داخلها وتنفست بأريحية وهي تنظر له قبل أن تقول: - شكرا يا نائل .. من غيرك ماكانش كل ده ممكن يحصل، أنا بعترف إنك غيرت الشركة 180 درجة للأحسن .. حد مكانك كان هيفرح بالمنصب وكان هيأدي دوره وشغله بس مكانش هيفكر ازاي يرفع الشركة زيك وقبل أن يتحدث غيرت مجرى الحديث وقالت متسائلة: - صحيح أنا لو عوزت أتصل بيك علشان لو حاجة حصلت أو كدا أتصل بيك إزاي ؟
رفع إحدى حاجبيه ونظر إليها لبضع ثوانٍ قبل أن يجيبها: - الصراحة مافكرتش خالص أجيب موبايل خاصة إني مش بحتاجه خالص وقبل كدا ماكانش معايا تمنه أصلا - ازاي بس .. لازم تحتاجه .. افرض حبيت تطمن على حد عندك في البيت ! افرض حصل حاجة في الشغل وأنا حبيت أكلمك ده غير أرقام ناس كتير في الشغل هتحتاج تسجلها وتكلمهم علشان تقدر تتعامل معاهم وكدا .. بص هات موبايل وهيكون على حساب الشركة..
ثم ابتسمت وتابعت: - علشان احنا يهمنا راحة كل اللي شغالين هنا ابتسم ثم أخفى ابتسامته قبل أن يقول بجدية: - هجيب موبايل بس على حسابي .. أنا الحمدلله اشتغلت فترة ومعايا فلوس وأقدر أجيب موبايل شعرت بحرجه فقالت مسرعة: - خلاص براحتك بس بشرط أنا اللي هنزل معاك تشتريه علشان أنا فاهمة في الموبايلات وكدا وعلشان محدش يضحك عليك ضحك على جملتها الأخيرة وقال: - طيب تمام .. بعد الشغل هروح البيت أجيب فلوس تكمل وننزل نشتريه..
مر الوقت وعاد إلى المنزل ليجلب النقود وقامت هي بتوصيله بسيارتها ثم عاد إلى السيارة مرة أخرى وقال: - يلا بينا .. أنا جاهز قادت السيارة إلى إحدى المولات التجارية المشهورة وخرجت من السيارة قبل أن تشير له، خرج هو الآخر ونظر حوله بإعجاب، دلف إلى الداخل معها وأثناء سيره كان ينظر في كل مكان بتعجب وإعجاب في آن واحد ولاحظت هي ذلك قبل أن تقول: - مالك مستغرب كدا ليه وبتلف حوالين نفسك ابتسم ونظر لها قبل أن ينظر إلى المكان من حوله مرة أخرى وهو يقول: - أول مرة أشوف أماكن زي دي .. ناس زي دي .. ياااه ده الواحد مش عايش على كدا..
ضحكت على طريقته وقالت: - كل واحد وحظه .. في بيتولد ويتعود على الأماكن اللي زي دي وفي اللي عمره ما شافها بس في فرق بسيط وهو إن اللي اتعود على الأماكن اللي زي دي مابيحسش بفرحة أو سعادة لمجرد المكان لكن اللي مااتعودش بمجرد ما يدخل مكان زي ده بيفرح وبيحس إنه في مكان مختلف وسعيد بس أقولك حاجة .. المهم مش الشكل ولا الغنى .. المهم نكون كويسين من جوانا وقلبنا يكون أبيض ساعتها هنملك العالم كله حتى لو كنا فقراء..
أعجبه حديثها وهز رأسه بإعجاب قائلًا: - عندك حق في كل كلمة .. المهم يكون جوانا نضيف وساعتها مايفرقش معانا فلوس ولا دنيا قادته إلى محل كبير لبيع الهواتف المحمولة وعرضت عليه عدة أجهزة وهي تقول: - ها تختار ايه جاب بنظره لكي يختار بينهم حتى أعجبه هذا الهاتف فأشار إليه وهو يقول: - ده شكله شيك وحلو جدا..
اتسعت حدقتيها قبل أن تبتسم وتقول: - ده ايفون 11 برو ماكس ! أنت عارف تمنه كام ده ؟ رفع إحدى حاجبيه بتعجب قبل أن يقول بتلقائية: - بكام ؟ ضحكت وأشارت إليه قائلة: - دي نسخة 512 جيجا ب 35 ألف جنية والنسخة الأقل في حدود 25 ألف اتسعت حدقتيه بصدمة قبل أن يقول: - ايه ! ليه بيطير ولا بيسافر بالزمن ؟
ضحكت على جملته وقالت: - ولا بيطير ولا بيسافر بالزمن بس هو كدا غالي بس أنا عند كلامي .. ممكن أجيبهولك على حساب الشركة هااا ؟ هز رأسه بالنفي وقال بجدية: - لا معلش أنا عايز أعتمد على نفسي ومش عايز مساعدات من حد لو مش هضايقك يعني ثم ابتسم وقال: - وبعدين مش أنتِ فاهمة ! اختاريلي حاجة كويسة وبسعر حنين شوية..
هزت رأسها بالإيجاب وقالت مبتسمة: - طيب يا سيدي وهو كذلك .. ايه رأيك في ده ؟ أحدث حاجة وسعره معقول وحلو
فاق من ذكرياته على صوت رنين هاتفه وكانت هي المتصلة، ارتبك قليلا ولم يعرف ماذا يفعل لكنه في النهاية ضغط على زر الإجابة وقال: - أنسة ياسمين ! ازيك ؟
تحرك بخطوات متمهلة إلى المقعد الخاص به، كان المكان شديد الظلام لكن ما يضيئه أضواء الشموع التي كانت موزعة بشكل منظم في كل مكان، كان يرتدي سترة طويلة باللون الأسود تغطي من أعلى رأسه لقدمه، لم يظهر وجهه بشكل واضح بسبب هذا الظلام لكنه يظهر عليه الهيبة والوقار، جلس أخيرا على المقعد المخصص له قبل أن يحضر أحدهم «ج» وينحني إليه وهو يقول: - انتهى الاجتماع ويرغب الجميع في الرحيل، هل تأمر بذلك ؟
رفع «ع» رأسه بشموخ ونظر إليه قائلًا: - أنا صاحب العهد والميقات آمرك بأن تسمح لهم بالرحيل ولكن قبل ذلك هل تشكك في قدرتي على تنفيذ العهود ؟ توتر «ج» قليلا لكنه حاول إخفاء ذلك قبل أن يقول: - لا يشكك أحد في قدراتك يا صاحب العهد والميقات .. أنت أملنا في النجاة ومحرر العهود، إذا أمرت بأن نضحي بأرواحنا لك سنفعل ذلك دون تردد..
ابتسم وعاد بظهره إلى الخلف ثم وضع قدما فوق الأخرى قبل أن يقول: - أعرف هذا جيدًا لكن على صاحب العهد تجديد عهده كل يوم وكل ساعة ولتجديد هذا العهد يجب على العهد الثالث أن يُنفذ، العهد الثالث يجب تنفيذه ... انحنى «ج» مرة أخرى قبل أن ينزل على إحدى ركبتيه ويرفع رأسه للأعلى قائلًا: - عهد نيران الأول تم تنفيذه .. عهد فهد الثاني تم تنفيذه .. عهد زين الثالث سيتم تنفيذه، لتبقى العهود حاضرة وليبقى حامي العهود حاضرًا ولتبقى أرواحنا دائمًا مسيطرة .. حان الوقت وحان الزمان لكي تُحقق العهود وتختفي الأوزان...
الحلقة طويييلة اهي وبالنسبة لأخر مشهد احتارت اشيله ولا اسيبه لأن اللي هيركز هيقدر يتوقع صح بس قررت ادي فرصة للتوقعات إنها تبقى صح وكمان المشهد ده هيبقى ليه تأثير على حلقة بكرا واللي هتبقى مش متوقعة نهائي وفيها مفاجأة...