رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل السادس عشر الجزء الثاني من بنت القلب
كان يتجول على شاطئ البحر وهو يضع كلتا يديه في جيب بنطاله، كان الهواء الذي يصطدم بوجهه رائعًا، أحب هذه الأجواء وأثناء سيره وجدها تنظر إلى مياه البحر وشاردة تمامًا فتقدم حتى وصل ووقف بجوارها قبل أن ينظر إليها ويقول متسائلا: - غريبة واقفة لوحدك ليه ! أجابته وهي مازالت موجهة بصرها إلى المياه: - المياه حلوة أوي .. لما ببص للمياه بحس براحة نفسية رهيبة .. بنسى كل مشاكلي وهمومي .. بحس إن المياه بتغسل كل همومي وتعبي..
ابتسم ونظر هو الآخر إلى المياه قبل أن يقول: - وأنتِ برضه حاسة بهموم وتعب وأنتِ معايا ! نظر إليها وتابع: - في حاجة مضايقاكي يا نيران ؟ حاسك شايلة هم كبير أوي .. حاسك زعلانة ومطفية مش نيران اللي على طول مبتسمة للحياة ومفيش أي حاجة تأثر فيها، احكيلي مالك يمكن أعرف أمسح همومك زي ما البحر بيعمل.
وجهت بصرها إليه ونزلت دمعة من عينيها وهي تقول: - خايفة أوي يا طيف .. خايفة في يوم تبعد عني، أنا عارفة إنك مش هتسيبني بس خايفة يبعدوك عني بالقوة، خايفة أصحى في يوم ماألاقيش نفسي في حضنك .. خايفة ماأشوفكش تاني زادت دموعها وتابعت: - خايفة حلمنا الجميل يتحول لكابوس .. أنا مش عايزة أبعد عنك يا طيف بالله عليك ماتسيبنيش، احضني وخبيني جواك ماتسيبهمش يخدوني منك..
اعتدل في وقفته وحضنها بقوة وهو يقول: - مش هسيبك يا نيران .. أنتِ كل حياتي وعمري ما هسيبك ولا هسيبهم ياخدوكي مني، أنتِ نفسي اللي بتنفسه ومن غيرك ماتبقاش حياة .. مش هسيبهم ياخدوكي .. مش هسيبهم ياخدوكي..
كانت «أسماء» تنظر إلى ابنها ببكاء وتألم وهو يكرر تلك الكلمات أثناء نومه: - مش هسيبهم ياخدوكي يانيران .. مش هسيبهم ياخدوكي وفجأة فتح عينيه ليجد والدته بجواره والتي أسرعت ومسحت دموعه المتساقطة وهي تقول: - طيف حبيبي وحبة عيني طمني عليك حاسس بوجع ؟ أناديلك الدكتور..
حرك بصره ورمقها بنظرات مجهولة وكأنه يتعرف على الموقف الذي هو فيه الآن وما إن أدرك حتى رفع يديه وأمسك بكفها وقبله بحب وهو يقول بضعف: - ماما وحشتيني أوي كنت خايف ماأشوفكيش تاني .. أنتِ كويسة ؟ رفعت هي يده وظلت تقبلها بشوق ولهفة شديدين قبل أن تجيبه بحنو: - أنا كويسة يا نور عيني وحياتي كلها، المهم طمني أنت كويس ! حاسس بوجع أو بتعب ؟
حاول تحريك رأسه لكنه لم يستطع فاكتفي بالرد فقط: - أنا بخير اتطمني عليا بس نيران مش بخير .. خدوها قصاد عيني وماقدرتش أعمل حاجة .. معرفتش أدافع عنها واخدها منهم، أنا فاشل في كل حاجة .. فاشل في إني أكون دكتور وفاشل إني أكون ظابط شرطة، انا فاشل فاااشل تساقطت الدموع من عينيه فأسرعت أمه ومسحتها وهي تقول بحنو وحب شديدين: - لا يا حبيبي أنت مش فاشل وكل اللي حصل ده غصب عنك وبعدين دول ضربوك على راسك جامد وجالك ارتجاج في المخ والدكتور قال إنها معجزة إنك خرجت منها على خير وهتقدر تقف على رجلك وكمان مافقدتش الذاكرة، كل حاجة حصلت غصب عنك يا طيف ونيران هترجع إن شاء الله..
لم يستطع الرد وظل مسلطا لبصره على سقف الغرفة إلى أن طرقت «رنّة» على باب الغرفة ودلفت إلى الداخل،فوجئت بإفاقة شقيقها فأسرعت اليه وقالت بلهفة: - طيف أنت كويس ؟! وحشتني أوي ابتسم بلطف وهو يمسك يدها بحب قائلًا: - وحشتيني يا لمضة .. شوفتي آخرتها بقيت فين ؟ حاولت منع دموعها لكنها لم تستطع وأردفت: - إن شاء الله هتقوم وتبقى كويس وأحسن من الأول كمان حاول بث الطمأنينة في قلبها حتى تكف عن البكاء: - إن شاء الله .. ماتعيطيش بقى أنا كويس..
في تلك اللحظة طرق الطبيب الباب وما إن دلف حتى فوجئ بطيف مستيقظا فابتسم وتقدم ناحيته: - ما شاء الله احنا فوقنا وبقينا كويسين أهو ابتسم بتكلف وهو يقول: - البركة فيك يا دكتور .. ممكن أعرف أنا هقدر أقوم وأتحرك امتى ؟
اختفت ابتسامة الطبيب ورمقه بتحذير قائلًا: - اوعى ترهق نفسك وتتحرك وماتفكرش تقوم دلوقتي خالص لأن الضربة كانت شديدة وعملت ارتجاج في المخ .. أنت اتكتبلك عمر جديد، ياريت بقى ماتحاولش ترهق نفسك بأي شكل من الأشكال لغاية ما تبقى كويس وتقدر تتحرك تاني زي الأول إن شاء الله أغلق عينيه بتعب وفتحها مرة أخرى قبل أن يقول متسائلًا: - طيب بابا فين !
هنا تحدثت والدته واجابته: - هو في المديرية دلوقتي وهيخلص شغل ويجي على هنا .. متقلقش أعد الطبيب الحقنة وأعطاها إليه ثم عاد بظهره قبل أن يقول: - لو احتاجتوا أى حاجة بلغوني وأنا تحت أمركم .. بعد اذنكم
نظر «يوسف» إلى السكين التي بيده ولم يصدق أنه ارتكب تلك الجريمة في هذا الوقت، توقف عقله عن التفكير ونظر إلى «نائل» الذي وقع أمامه على الأرض وغطت الدماء ملابسه بالكامل، حاول التقاط أنفاسه بدرجة طبيعية كي يستطيع التفكير ونجح في ذلك، كل ما شغل باله هو كيفيه إخفاء جثة أخيه قبل أن يكتشفها أحد، ألقى بالسكين ثم مال عليه ليتأكد من وفاته فتفاجأ أنه على قيد الحياه ومازال يتنفس،
نظر إلى السكين وفكر في سحبها وإنهاء ما بدأه حتى لا يُكشف أمره وبالفعل أمسك السكين ورفع يده استعدادًا لطعنه مرة أخرى وقبل أن ينزل بها على جسده استعاد «نائل» وعيه وأمسك بيده فحاول «يوسف» دفع السكين باتجاه جسده بقوة ورغم إصابة «نائل» إلا أنه كان أكثر قوة منه واستطاع إبعادها عنه وبحركة سريعة أخذها منه وقربها من رقبته وهو يقول: - حركة كمان وهطيرلك رقبتك..
استسلم «يوسف» ورفع يديه وهو يقول: - أنا ... أنا ماكنتش أقصد نظر إلى الجرح بألم ورأى كم الدماء التي سالت ثم رفع رأسه إليه وأردف: - ماكنتش تقصد ؟ ده أنت كنت عايز تخلص عليا ! بس حسابنا مش دلوقتي ياابن الهواري .. قوم غور من هنا بدل ما أرتكب جناية، قووم !
نهض «يوسف» وتراجع بظهره بخوف وما إن وصل إلى الباب حتى أسرع وركض إلى الخراج هربًا من هذا المكان، حاول «نائل» الوقوف مرة أخرى لكنه وجد صعوبة كبيرة في ذلك، حاول عدة مرات حتى نجح لكنه شعر وكأن المكان يدور به ففقد الوعي في الحال...
مر الوقت وأصبحت الساعة التاسعة مساءً ولم يعود «نائل» إلى المنزل، ظلت شقيقته الصغرى تتحرك ذهابا وإيابا بقلق فهتفت والدتها: - هيكون راح فين يعني ! ده أول مرة يتآخر كدا . أنا قلبي واكلني عليه أوي ظلت الأجواء متوترة إلى أن تذكرت الأم «وحيد» فوجهت بصرها إلى طفلتها وقالت: - أيوة نائل شغال في نفس الشركة اللي شغال فيها وحيد، اجري يا يارا روحي اسأليه أكيد يعرف مكانه..
هزت رأسها بالإيجاب وأسرعت بالفعل إلى منزل «وحيد» وطرقت الباب ففتح لها بعد عدة ثوانٍ ليقول متعجبًا: - أيوة يا يارا .. مالك وشك مخطوف كدا هو في حاجة ؟ التقطت أنفاسها ورددت بتساؤل: - ماشوفتش نائل ياعم وحيد ! أصله لسة مارجعش لغاية دلوقتي واحنا هنموت من القلق عليه اتسعت حدقتيه بصدمة ليقول: - ايه! نائل مرجعش لغاية دلوقتي ازاى يعني ؟
أنهى اللواء «أيمن» عمله واتجه إلى المستشفى، وصل إلى غرفة ابنه وتفاجأ أنه بصحة جيدة، تقدم إليه وجلس على الكرسي المجاور لسريره من الجهة الأخرى وأردف: - حمدلله على سلامتك يا وحش .. يلا اتجدعن كدا وارجع زي الأول وأحسن لم يعلق على ما قاله وردد متسائلًا: - فين نيران يا بابا ؟
نظر إلى زوجته ولم يعرف بماذا يجيبه فعاود سؤاله مرة أخرى: - رد عليا يا بابا فين نيران ! لما لقيتوني مالقيوتهاش ؟ راحت فين ربت على كتفه بحنو قائلا: - ماتقلقش يا طيف هنلاقيها .. الموضوع مش سهل والداخلية كلها مقلوبة خصوصا بعد اللي حصل من صاحب الفندق..
قطب جبينه بتعجب قبل أن يسأله: - صاحب الفندق ! اللي هو غارم ؟ أنا مش فاهم حاجة خالص .. هو أنا بقالي كام يوم هنا - أسبوع ويومين اتسعت حدقتيه بصدمة وبدل نظراته بين والدته ووالده وهو يقول بعدم تصديق: - يعني نيران بقالها أسبوع ونص مخطوفة ولسة محدش وصلها ! لا لا مش مصدق .. استحالة..
ربت على كتفه وحاول تهدئته قبل أن يُصاب بصدمة كما حدث بالأمس: - اهدا بس يا طيف لو عايزني أحكيلك اللي حصل بالظبط يبقى تهدا وتاخد كل حاجة بالعقل مش على أعصابك تمام ؟ نظم أنفاسه وهتف قائلًا: - أنا هادي أهو وكويس ممكن بقى تحكيلي حصل ايه ؟ رجع بظهره إلى الخلف وبدأ يتذكر ما حدث وما قصه عليه رجاله
"قبل اسبوع" طرق «رماح» على باب الغرفة فلم يفتح له أحد، نظر إلى «فاطمة» بتعجب قائلًا: - هم مش موجودين ولا ايه؟ هزت رأسها بالنفي وأجابته: - ازاي يعني أنا قايلة لنيران امبارح إننا هنيجي النهارده وماأظنش إنهم مش هنا .. ممكن يكونوا لسة نايمين..
نظر إلى ساعته ورفع رأسه قائلًا: - نايمين ايه يا فاطمة الساعة دلوقتي 1 بعد الضهر ! بدأ القلق يزداد عندهما فقرر «رماح» جلب مفتاح الغرفة وبالفعل جلبه بصفته رجل شرطة، فتح الباب فتفاجأ بـ «طيف» الذي كان غارقا في بركة دماء، صرخت «فاطمة» ولم تتحمل المشهد بينما تقدم هو وانخفض ليتحسس نبضه فوجده على قيد الحياة .. سحب هاتفه وأبلغ الإسعاف على الفور ونظر إليها قائلًا بحدة: - انزلي اقبضي على ابن ال... اللي اسمه غارم ده .. حاالا..
بالفعل أسرعت إلى الأسفل بعدما أشهرت سلاحها واتجهت إلى المصعد المؤدي إلى مكتب «غارم» فأوقفها أحد رجال الأمن قائلا: - لو سمحت ارمي السلاح اللي في ايدك ده وإلا هبلغ بقية الأمن وجهت السلاح إلى رأسه وقالت بانفعال: - أنا ظابط شرطة .. فين مكتب رئيس الفندق ده..
تراجع وشعر بالقلق مما دفعه لإخبارها بمكان المكتب فدلفت إلى داخل المصعد ومنه اتجهت إلى مكتب «غارم»، لم تطرق الباب بل ركلته بقوة ليقع أمامها بكل سهولة ودلفت إلى الداخل وأمسكته من لياقة قميصه ووجهت السلاح إلى رأسه قائلة: - وحياه أمك لتندم على اللي عملته يا غارم الكلب..
رفع كلتا يديه بخوف فهو لا يعرف من تلك ولماذا هي الآن، ظهر الخوف والتوتر على وجهه وأردف: - غارم مين ! انا كرم ومعرفش حضرتك بتتكلمي عن ايه خالص .. ممكن أفهم ؟ نظرت إلى وجهه وتراجعت على الفور عندما لم تجده هو فهي تعرف شكله الحقيقي من الصورة التي أعطاها إياها اللواء «أيمن»، كيف لم تميز شكله عندما هاجمته ! أنزلت سلاحها وتراجعت وهي تقول: - كرم ازاي ! وفين يوسف اللي قبلك ؟
التقط أنفاسه وهدأ قليلا قبل أن يجيبها: - هو فعلا اللي كان ماسك الفندق قبلي اسمه يوسف بس أنا اشتريته منه من أسبوع وسلمهولي النهارده الصبح وضعت المسدس في مخمده وتقدمت مرة أخرى وهي تقول متسائلة: - باعه ؟ طب ماتعرفش راح فين أو ساكن فين ده ؟ هز رأسه بالنفي وأجابها: - للأسف معرفش .. ممكن أفهم في ايه وايه اللي بيحصل في الفندق ؟
"عودة للوقت الحالي" تابع «أيمن» سرد ما حدث قائلًا: - اختفى كأنه إبرة في كوم قش .. مالهوش أثر نهائي، بعدها الإسعاف جت وأخدتك وأنا روحت الفندق بنفسي وفتحت تحقيق مع كل اللي شغالين وجبت كل الفيدباك بتاع الكاميرات لكن ملوصلتش لحاجة..
قاطعه «طيف» قائلا: - أكيد كرم ده يعرفه يا بابا .. أكيد تبعه وحطه في الصورة مكانه علشان يعرف يهرب .. أكيد يعرف حاجة عن غارم نظر إلى الأسفل بأسى قبل أن يجيبه: - أنا كنت فاكر زيك كدا في الأول لكن طلع فعلا مايعرفش أى حاجة عن الموضوع واشترى الفندق قبل الحادث بأسبوع زي ما قال، واضح إن غارم كان مخطط لكل شيء وكان سابقكم بخطوات مش خطوة واحدة..
حاول أن ينهض من نومه ويجلس وبالفعل نجح في ذلك بصعوبة مما جعل والدته تنهض مسرعة وتساعده في ذلك ووضعت خلف رأسه وسادة حتى لا يشعر بالتعب، وجه بصره إلى والده وقال بحزن: - يعني ايه ! نيران خلاص كدا ضاعت ؟ خلاص مش هشوفها تاني ؟ رد عليا يا بابا ربت على فخذه وقال بابتسامة خفيفة كي يبث الطمأنينة في قلبه: - هنلاقيها إن شاء الله يا طيف، أنا متابع كل حاجة بنفسي وهنوصلها .. عايزك أنت بس تهدا ومتحاولش تتعصب علشان متأذيش نفسك
كانت تجلس على سريرها بغرفتها وتقوم بقراءة كتاب أثناء دخول شقيقتها الصغرى إلى الغرفة، اقتربت الصغيرة «رقية» منها وقالت ببراءة: - ياسمين ممكن تلعبي معايا زي زمان ؟ تركت الكتاب من يدها وابتسمت قائلة: - معلش يا رورو أنا تعبانة وعايزة أخلص الرواية دي قبل ما أنام، روحي أنتِ العبي في أوضتك ثم هتفت بصوت مرتفع: - هانم ! يا هانم ؟
حضرت «هانم» مسرعة وهي تقول: - أيوة يا ست ياسمين أشارت إلى شقيقتها الصغرى وقالت: - خدي رقية تلعب في أوضتها ومتنسيش تشربيها اللبن وقفت الصغيرة واستعدت للخروج من الغرفة وهي تقول بعدم رضا: - أنا هروح الأوضة لوحدي ومش عايزة اللبن..
أسرعت الخادمة وتبعتها إلى غرفتها بينما أمسكت هي بالكتاب مرة أخرى وتابعت ما تقرأه فقاطعها رنين هاتفها، تأففت ضجر وهي تقول: - اووف مش هعرف أقرأ الرواية النهارده أمسكت بهاتفها لترى من المتصل فوجدته «وحيد»، قطبت جبينها بتعجب وأجابته: - أيوة يا عم وحيد في حاجة ! نائل ؟ مرجعش لغاية دلوقتي ازاي يعني ؟ ازاي في الشركة ماأظنش إنه لسة هناك .. مفيش مكان يروحه ؟ اممم مش عارفة والله، خلاص هتصل بزين يشوفه ولو وصل لحاجة هبلغك .. مع السلامة..
تركت غرفتها واتجهت إلى الأسفل وجلست على الأريكة قبل أن ترفع هاتفها استعدادًا لمهاتفة شقيقها لكنها تفاجأت بدخوله إلى الفيلا فوجهت بصرها تجاهه قائلة: - كنت لسة هتصل بيك .. كويس إنك جيت ضيق ما بين حاجبيه متسائلًا: - تتصلي بيا ! ليه؟
أجابته بعدم اكتراث: - عم وحيد اتصل بيا وبيقول إن نائل لسة مرجعش البيت وإنهم قلقانين عليه جامد .. حاولت أقوله إنه استحالة يفضل في الشركة لغاية دلوقتي بس قالي إنه ماعندوش مكان يروحه والخ كان على وشك الجلوس لكنه وقف مرة أخرى ونظر إليها قائلًا بحدة: - ومالك قاعدة رايقة كدا ليه ! بيقولك الراجل اختفى وأنتِ قاعدة بكل بساطة كدا تحكي ! وقفت هي الأخرى وردت عليه بنفس الحدة: - أعمل ايه يعني هو أنا كنت ولية أمره وأنا مش عارفة ولا ايه !
ضغط على شفتيه بغضب قبل أن يتجه إلى الخارج وهو يقول: - أنا رايح الشركة أشوفه هناك .. ربنا يستر مايكنش حصل اللي في بالي انتظرت لثوانٍ ثم أسرعت وركضت خلفه وما إن وصلت إلى سيارته حتى قالت: - استنى أنا هاجي معاك..
بالفعل انطلق إلى الشركة بصحبة شقيقته وهو يدعي الله بأن لا يكون قد أصابه مكروه فهو توقع حدوث شيء كهذا لكنه لم يتوقع حدوثه بتلك السرعة، وصلا إلى الشركة وأسرع هو إلى الأعلى وهي من خلفه، خرج من المصعد واتجه إلى مكتبه فلم يجد بداخله أحد وأثناء خروجه لاحظ انبعاث الضوء من أسفل باب مكتب شقيقته، تقدم بخطوات متمهلة وهو يتوقع ما سيجده بداخل المكتب وبالفعل فتح الباب ليتفاجأ به على الأرض وسط دمائه..،
ما إن رأت هذا المشهد حتى صرخت وتراجعت بخوف وهي تضع كلتا يديها على وجهها بينما تقدم هو وانخفض ليتحسس نبضه فوجده على قيد الحياة، أسرع وسحب هاتفه ونقر على الشاشة ثم رفعه على أذنه قائلًا: - أيوة يا طارق .. عايز عربية إسعاف عند الشركة حالا..
توقعاتكم هيحصل أية وهل هيقدروا ينقذوا نائل ويعرفوا مين اللي عمل فيه كدا ؟ هل اختفاء نيران وفهد هيفضل علطول ولا هيظهروا تاني !
رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل السابع عشر الجزء الثاني من بنت القلب
أبلغ الإسعاف والشرطة وبقى على حاله يفكر في الأمر فاقتربت منه شقيقته ووقفت أمام الباب دون أن تدخل وأردفت بخوف: - حصل ايه يا زين ومين اللي عمل فيه كدا .. هو مات ؟ التفت نصف التفاتة وقال: - لا عايش بس مليون في المية اللي عمل كدا يوسف قطبت جبينها بدهشة لتقول متسائلة: - يوسف ؟ ازاي يعني وليه !
وقف والتفت بالكامل وأجابها: - أكيد نائل حس بحد في المكتب ففتح يشوف مين ولقاه هو .. حصل بينهم خناق لأن المكان متبهدل فـ يوسف طلع المطواة وطعنه وبما إن المطواة في ايد نائل يبقى شدها وحاول يقوم بس ماقدرش وفقد الوعي .. تقريبا ده اللي حصل و اشمعنى يوسف لأنه الوحيد اللي معاه مفتاح مكتبك ولا نسيتي ؟ لم تعرف بماذا تجيبه، سندت بظهرها على الحائط وقالت: - يعني يوسف هيقتل أخوه ! لا استحالة .. مهما توصل الخلافات ما بينهم ماتوصلش للقتل..
ابتسم بسخرية وتقدم تجاهها وهو يقول: - لا توصل للقتل .. اللي زي يوسف ده عامل زي الكلب السعران اللي ممكن يعمل أي حاجة علشان يرضي تكبره، ليه بتعاندي مع إنك عارفة إن يوسف بيضحك عليكي ! اعتدلت في وقفتها ونظرت إليه بتحدي قائلة: - لأني هنتقم منه وطالما دخلت الحرب دي لوحدي يبقى هكملها وأكسبها لوحدي وكله عن طريق الشغل، مش هسمح له ولا لأبوه إنهم يشتغلوا نهائي لأني هسيطر على كل الموزعين والشركات .. هخليهم يفلسوا..
تعجب من طريقة شقيقته فهو لم يكن يتوقع أن تصل لهذا الحال، شعر وكأنها امرأة أخرى غير شقيقته التي اعتاد عليها ورغم ذلك شعر أكثر بالقلق عليها فهي في مرمى إطلاق النار ولا تدرك ذلك.
حضرت قوات الشرطة وانتشرت في المكان وأيضا حضرت سيارة الإسعاف وأخذ المسعفون «نائل» إلى الأسفل، ترك «زين» طارق واتجه إلى شقيقته وما إن وصل إليها حتى قال: - أنتِ واقفة هنا بتعملي ليه ؟ انزلي روحي مع عربية الإسعاف المستشفى هزت رأسها بالرفض وقالت معترضة: - أنا لا يمكن أروح المستشفى أبدا أو أروح معاه .. انسى أنا هروح البيت وابقى روح اتطمن عليه أنت..
زاد غضبه وأوقفها قبل أن ترحل وقال بحدة: - لازم تروحي معاه .. الناس تقول ايه ! اتضرب بسبب إنه دافع عن الشركة ومديرة الشركة سابته ولا حتى اتطمنت عليه ! هتروحي معاه يا ياسمين وكلامي هيتنفذ ضربت بقدمها الأرض بغضب واتجهت إلى الأسفل ثم توجهت إلى سيارة الإسعاف رغمًا عنها ...
مرت عدة أيام على تواجد «طيف» بالمستشفى ولا جديد يُذكر، كان «أمجد» والد «نيران» يزوره كل يومين مع زوجته للاطمئنان عليه وأيضا معرفة مستجدات الأمور حول ابنتهم.
حاول الاعتدال بصعوبة فنهضت والدته وساعدته على ذلك قبل أن ينظر لها بضعف ويقول: - بعد اذنك يا ماما عايز أدخل الحمام، ساعديني - حاضر يا قلب أمك .. قوم تعال..
وبالفعل ساعدته على الوقوف وسند على كتفها وأوصلته إلى الحمام وبعد مرور دقيقة خرج وسند على كتفها مرة أخرى لتوصله إلى سريره، جلس على طرف السرير ونظر إلى نقطة بالفراغ قبل أن يقول: - وآخرتها ! بقالي أكتر من 3 أسابيع هنا ومفيش أثر لنيران ! ياترى عايشة ولا قتلوها .. مرتاحة ولا بيعذبوها كل يوم ! هو غارم قالها .. لو مابطلناش اللي بنعمله هيخلي واحد يعيط على التاني بقية عمره .. أكيد قتلها..
اقتربت «أسماء» منه وربتت على كتفيه بحب قائلة: - ماتقولش كدا يا طيف إن شاء الله نيران ترجع وتتجمعوا تاني .. أنت طيب وقلبك صافي علشان كدا ربنا هيكرمك ويعوضك خير .. مش عايزة التشاؤم اللي بقى فيك ده .. فين طيف الكوميدي الطريف بتاع زمان !
ابتسم بسخرية وقال: - بدون نيران مفيش طيف بتاع زمان .. دي ماكانتش مجرد زوجة، أنا حسيتها جزء من حياتي ... لا هي حياتي كلها ولما بعدت حسيت إنى ولا حاجة ياترى عاملة ايه دلوقتي طرقت الباب ودلفت «فاطمة» التي صافحت «أسماء» ثم جذبت مقعد وجلست أمام طيف لتقول: - طيف أنا عارفة إنك مش قابل أي حاجة ومتضايق وكل هموم الدنيا فيك بس أوعدك إننا نلاقي نيران .. هم استحالة يؤذوها في حاجة ولو كانوا عايزين يموتوها كانوا عملوا ده وماخطفوهاش..
رفع رأسه وقال معترضًا: - وليه مايكونوش خطفوها وبعدين قتلوها علشان أفضل أموت في اليوم ألف مرة وأنا مش عارف مصيرها ايه! أنا مابقيتش فاهم احنا بنحارب مين ولا مين عدونا بس كل اللي متأكد منه هو إن خطف نيران له علاقة بخطف فهد وإن غارم ده طرف من أطراف القضية اللي كان بيحقق فيها فهد بس كل ما أقول لبابا كدا مايقتنعش .. لولا إني مش قادر أقف على رجلي كنت نزلت جريت أدور عليها في الشارع زي المجنون..
نظرت إلى «أسماء» بحزن ثم نظرت إليه مرة أخرى قائلة: - خلي عندك ثقة في ربنا إن الأزمة دي هتعدي وخليها دافع ليك إنك تقوم وتقف على رجليك تاني هنا طرق «رماح» الباب قبل أن يفتحه ويدخل قائلًا: - البطل بتاعنا أخباره ايه؟
نظرت إليه «اسماء» وقالت: - كلمه يا سيادة المقدم يمكن يسمع ليك تقدم إلى الداخل ونظر إلى «فاطمة» قائلًا: - هش قومي خليني أريح شوية من الطريق وأكمل كلام معاه نظرت إليه بضيق وأردفت: - سيبتلك الكرسي اقعد يا حبيبي اقعد جلس وبدأ كلامه قائلًا: - فوق كدا ياطيف وروق وبعدين بص للظابط بتاعك وأنت قاعد ولا سيادتك نسيت التعليمات وكل حاجة ؟
رفع بصره وابتسم فتابع «رماح»: - أيوة كدا .. احنا ماعندناش ظابط يقعد يحط ايده على خده زي الحريم .. مهما حصل لازم ترفع راسك لفوق وتتحمل هو ده اللي يميز ظابط الشرطة عن أي حد تاني وبعدين لما تفوق كدا هرجع أدربك أنا تاني علشان شكلك نسيت معركة السيوف وكل التدريبات اللي روحي طلعت وأنا بدربك عليها..
ضحك وشعر بالطمأنينة أكثر وسط أصدقائه وعائلته لكن كل هذا كان ظاهريا فقط، كان داخله يحترق بألم الفراق فهو لم يعد يحتمل عدم وجودها في حياته .. الآن وبعد مرور مايقارب الشهر ليس لها أثر، شعر بأنه لن يراها مجددا وهذا ما جعله يفقد روحه..
ظل الحوار قائم بينهم إلى أن دلف «مازن» وبيده حقيبتين من الطعام وصاح قائلًا: - حماتكم داعيالكم .. جايب كباب وكفتة يستاهلوا بوقكم يا جماعة .. خدي يا ماما الشنطة دي ليكي أنتِ لوحدك علشان أكتر واحدة تعبانة ابتسمت «أسماء» وربتت على كتفه بحب قائلة: - تسلم يا حبيبي .. أنت ابني التاني ربنا يحميك ويحفظك..
أشار إليها وقال بمرح: - يااه هي الدعوة دي اللي عايزها يا ست الكل، يلا يا جماعة اتفضلوا الأكل مستني اللي ياكله ابتسم الجميع وبدأوا في تناول الطعام وسط جو أسري افتقده كلٌ منهم، على الرغم من ألمه إلا أنه رسم البسمة على وجهه وبادلهم الحديث حتى يخفف عن نفسه قليلا
دلفت إلى سيارة الإسعاف رغمًا عنها وجلست أمامه قبل أن تنطلق السيارة في طريقها إلى المستشفى، رمقته بنظرات مجهولة ثم اشاحت بصرها عنه وأمسكت بهاتفها كي تتصفح حسابها على "فيسبوك" وأثناء ذلك بدأ «نائل» يستعيد وعيه مرة أخرى وحرك يده حركة عشوائية دون قصد فسقطت على يد «ياسمين» التي صرخت وأبعدت يده عنها وظلت تضربه بيدها على ظهر يده وهي تقول: - ايه قلة الأدب دي .. ما تحترم نفسك..
لم يصدق ما حدث فتدخل المسعف الذي كان بداخل السيارة وصرخ فيها بغضب قائلًا: - ايه اللي حضرتك بتعمليه ده ! ده مطعون ومايقصدش علشان تتهجمي عليه بالشكل ده ؟ لو هتكرريها يبقى اتفضلي انزلي وحصلينا على المستشفى هنا تدخل «نائل» الذي رغم ألمه وضعفه قال معترضًا: - حضرتك هي ماتقصدش هي بس اتخضت ومش مستاهلة كل الزعيق ده .. أنا مسامح خلاص..
تعجبت من دفاعه عنها رغم أنها هاجمته منذ قليل فابتسمت لأنه أعاد إليها هيبتها وأوقف المسعف عند حده مما جعلها تقول معتذرة: - أنا آسفة ماكنتش أقصد بس اتخضيت من ايدك اللي اتحطت على ايدي مرة واحدة بس حصل خير ابتسم وصمت أما هي فغلبها الفضول لمعرفة ما حدث لذلك قطعت هي الصمت وقالت: - هو ايه اللي حصل في المكتب ومين اللي عمل فيك كدا ؟
نظر إلى نقطة بالفراغ وتذكر ما فعله أخيه به وتحدث بألم: - نسيت المفاتيح بتاعتي في المكتب وبعد ما مشيت رجعت تاني علشان اخدها فلاحظت إن في نور خارج من تحت باب المكتب بتاعك .. افتكرت ساعتها إنك ممكن تكوني رجعتي ولما فتحت الباب فوجئت بيوسف كان قاعد قدام الكمبيوتر بتاعك .. شدينا شوية مع بعض ولما مارضيش يمشي شديته ووقعته في الأرض فهو قام وخرج مطواة من غير ما اخد بالي وضربني بيها ..
وقعت وأغمى عليا بس سبحان من فوقني قبل ما يطعني بالمطواة مرة تانية علشان يخلص عليا .. سحبتها منه وسيبته يمشي بعد ما هددته علشان حسيت إني هيغمى عليا تاني وفعلا هو جري وأنا ماحسيتش بنفسي غير دلوقتي ضيقت ما بين حاجبيها بصدمة فهي لم تتوقع أن يقتحم مكتبها للحصول على معلومات تمكنه من القضاء عليها وهزيمتها، لوت ثغرها وقالت: - يوسف! وصلت بيه الجرأة والوقاحة يقتحم المكتب بتاعي ! ياترى خد حاجة من على الكمبيوتر بتاعي ولا لا..
هز رأسه بضعف قبل أن يجيبها: - للأسف معرفش عمل كدا ولا لا هزت رأسها وعادت بظهرها للخلف وشردت بينما هو أغلق عينيه بتعب ليريح نفسه حتى يصل إلى المستشفى ...
ترك ما بيده واتجه إلى «طارق» وأردف متسائلا: - ها بصيت على الكاميرات ؟ لوى ثغره بحزن وأجابه: - للأسف سيستم الكاميرات كان مقفول الوقت اللي حصل فيه الجريمة .. هنعتمد على شهادة نائل والبصمات هز رأسه بالإيجاب وربت على كتفه قائلًا: - طيب تمام خلص أنت الإجراءات وأنا هروح المستشفى أتطمن عليه واخد أقواله - تمام سعادتك
نظر إلى عينيها بتحدي وركض تجاهها بسرعة شديدة وما إن وصل حتى قفز ومد قدمه كي يركلها بقوة لكنها تفادتها وبسرعة شديدة ركلها بقدمه الأخري في قدمها وأوقعها على الأرض وهتف قائلًا: - الضربة التانية بتبقى أهم من الأولى وأقوى .. مش ده كلامك يا سيادة المدربة !
نهضت من على الأرض ونظرت إليه بابتسامة واقتربت منه ومثلت أنها ستلكمه في وجهه لكنها التفت ومدت كلتا يديها وأطبقت على رقبته وتركت نفسها تقع على الأرض لتجذبه بقوة شديدة وأوقعته، وقفت مرة أخرى وقالت: - وقولت برضه تتوقع الضربة جاية منين وامتى بالظبط .. شكلك نسيت..
نهض ونفض الأتربة من على ملابسه وتقدم ليلكمها لكنها صدت لكمته وحاولت هي لكمه فصد لكمتها وظلا يتبادلا اللكمات والضربات إلى أن حضر اللواء «أيمن» وصفق بيده لهما قبل أن يقول بجدية: - برافو عليكم .. دلوقتي سيبكم من التدريب واسمعوني كويس لأن وقت المهمات الجد جه نظر «غيث» إلى «ليان» بابتسامة ثم نظر إلى «أيمن» وقال: - تمام سعادتك احنا جاهزين لأي حاجة هز رأسه بالإيجاب قبل أن يلتفت مستعدًا للرحيل وهو يقول: - تمام تعالوا ورايا..
بالفعل تبعوه إلى داخل مركز التدريب وانتظروا جلوسه وما إن جلس حتى جلسوا هما أيضا، شبك أصابع يديه مع بعضهما وقال: - طيف عنده شك إن اللي خطف نيران هو نفسه اللي خطف فهد والصراحة أنا كنت شاكك في كلامه في الأول لكن طريقة اختفاء نيران فجأة نفس طريقة اختفاء فهد .. ممكن غارم على علاقة بالناس دي أو هو قائدهم مثلا ..
في كل الحالات غارم ليه علاقة بالقضية اللي كلفت بيها فهد وبما إن فهد اختفى يبقى وصل لأصل القضية وحلها علشان كدا بعدوه نهائي .. دلوقتي بقى أنتوا الاتنين اللي هتمسكوا القضية دي بس تاخدوا حذركم لأن اللي بنواجههم ماينفعش معاهم قوة وعضلات .. عايزين دماغ والف عين تتوقع كل حاجة وفي أي مكان ومفيش أنسب منكم للمهمة دي..
تحدثت «ليان» وقالت بثقة وهي تبدل نظراتها بين «أيمن» و «غيث»: - تمام يا أيمن باشا المهمة دي هتتنفذ وتنجح على ايدينا إن شاء الله وفهد ونيران هيرجعوا .. احنا هندرس القضية كويس أوي قبل ما نتحرك وننفذ ابتسم اللواء «أيمن» وهز رأسه بالإيجاب ليقول: - إن شاء الله .. أنا واثق فيكم وده ملف القضية زي اللي كنت مديه لفهد، ادرسوه كويس وركزوا مع الشخصيات اللي فيه علشان حاسس إن ليهم دور
مر شهر على «طيف» استعاد فيه عافيته وخرج من المستشفى بعد أن أصبح يستطيع الحركة وأيضا الركض، أنهى حمامه وارتدى ملابسه قبل أن يتجه إلى الأسفل، أوقفته والدته قبل أن يرحل قائلة: - رايح فين يا طيف؟ أنت لسة تعبان ! ابتسم ابتسامة خفيفة وهو يجيبها: - أنا كويس يا حبيبتي وبقالي شهرين قاعد مابعملش حاجة .. أخيرا ما صدقت أقف على رجلي تاني علشان أدور على نيران .. معلش سيبيني ومتقلقيش محدش بيموت ناقص عمر..
وجدت أنها لن تستطيع منعه عن الرحيل فقالت: - طيب قُل لي رايح فين بس علشان أتطمئن أمسكها من كتفيها بحب وأجابها: - ماتقلقيش يا ست الكل أنا هعدي على ڤيلا نيران وأتطمن على والدها ووالدتها وأحاول أخفف عنهم شوية وبعدين هطلع على المديرية علشان أعرف ايه اللي حصل في القضية..
هزت رأسها وأطبقت على يده بحب وهي تقول: - طيب خلي بالك من نفسك يا حبيبي ابتسم وقبل يدها قبل أن يقول: - حاضر يا حبيبتي كان على وشك الخروج إلا أن شقيقته «رنّة» أوقفته وهي تركض تجاهه حتى تلحق به وهي تقول: - استنى يا طيف..
التفت وانتظرها بتعجب فوصلت إليه وتابعت: - كويس إنك خارج .. يلا وصلني بقى في طريقك للكلية رفع حاجبيه ليقول معترضًا: - بس الكلية بتاعتك مش في طريقي ! أنا رايح كذا مشوار ابتسمت ابتسامة واسعة وأردفت: - ما طيف أخويا حبيبي مش هيسيبني كدا أتبهدل في المواصلات وهيوصلني..
ثم أخفت ابتسامتها ومثلت الحزن وتابعت: - بس شكلك مش عايز .. خلاص مش مهم بقى أنا اتعودت على البهدلة خلاص نظر إليها بدهشة ثم ابتسم وقال: - أنتِ بقيتِ محترفة تمثيل كدا امتى .. طيب ياستي يلا قدامي هوصلك وأمري لله صفقت بيدها وهي تقفز في الهواء فهتف هو: - يلا بدل ما أرجع في كلامي - لا لا خلاص أنا خارجة اهو..
أسرعت واستقلت المقعد الأمامي في السيارة بينما تقدم هو ودلف إلى داخل السيارة وأدارها وهو يقول: - ياااه أنا نسيت العربية بتتساق ازاي نظرت إليه «رنّة» وقالت بقلق: - ايه يا طيف هتعمل بينا حادثة وتموتنا ولا ايه نظامك على الصبح كدا ؟ نظر إليها ورسم ابتسامة واسعة وهو يقول: - اه ولو مش عاجبك روحي اركبي مواصلات يا قطة..
أسرعت ورفعت كفيها في الهواء وهي تقول معتذرة: - خلاص خلاص يا باشا اتوكل على الله ده حتى المثل بيقول وصل أختك للكلية باستخدام العربية كان على وشك الحركة إلا أن جملتها أوقفته ونظر إليها متعجبًا ليقول: - هندخل على شغل بعض ولا ايه ! الأمثال دي ليا بس وبعدين اللي قلتيه مش حلو أساسا داعبت وجنتيه بمرح وهي تقول: - ياأختي تافهة .. يلا اتحرك ورايا محاضرة والدكتور مش هيرضى يدخلني
خرج الطبيب من غرفة العمليات واتجه إلى «ياسمين» التي كانت مشغولة بهاتفها وما إن اقترب حتى رفعت رأسها قائلة: - خير يا دكتور ابستم قائلًا: - ماتقلقيش الطعنة مش في مكان خطر وخطيبك هيبقى كويس إن شاء الله أثارت جملته غضبها ورفعت حاجبيها وهي تقول بحدة: - خطيبي ايه ! ده يبقى خطيبي أنا ؟ أنا رئيسته في الشغل يا دكتور نظر إلى الأسفل بحرج ثم رفع رأسه وقال معتذرًا: - آسف ماكنتش أعرف .. على العموم هو اتنقل غرفة عادية وهو بخير .. بعد اذنك..
رحل وتركها وحدها فجلست على المقعد مرة أخرى وتابعت ما تفعله على هاتفها قبل أن يدخل «زين» وينظر إليها بدهشة قائلًا: - ياسمين ! نائل خرج من العمليات ؟ هزت رأسها بالإيجاب وأشارت إلى الغرفة الخاصة به قائلة: - اه والأوضة بتاعته اهيه هناك نظر إلى الغرفة ثم عاود النظر إليها قائلًا بتعجب: - طيب مادخلتيش اتطمنتي عليه ليه؟
وقفت ونظرت إليه بتحدي قائلة: - مش هدخل .. أنا كنت مستنياك تيجي علشان أمشي أنا .. ورايا بكرا شغل بدري وكفاية عليا لغاية كدا مش كفاية المصايب اللي جت من ورا الباشا ده لم يصدق ما تقوله وهتف معترضًا على حديثها الذي لم ينل رضاه: - مصايب ايه ! اللي أعرفه إن الشركة اتبدلت 180 درجة للأحسن في خلال الـ 10 أيام اللي اشتغلهم وكان بيقدملي تقارير عن اللي عمله من غير ما أنتِ تعرفي .. ده شايف شغله على أكمل وجه وشاطر وأكتر حد أمان للشركة وبعد ده كله تقولي مصايب ! يكفي إنه دافع عن مكتبك واتعرض للقتل علشان يحمي الشركة ولا أنتِ بتقولي ايه بالظبط .. مقتنعة أصلا باللي بتقوليه ؟
وضعت هاتفها بداخل حقيبتها ووضعتها على كتفها مستعدة للرحيل قبل أن تقول بضيق: - مقتنعة ولا مش مقتنعة اهو عندك اشكره واعمل اللي تعمله .. أنا مش فاضية لكل الهبل ده علشان عندي شغل ثم تركته ورحلت بينما وقف هو يتابع رحيلها بصدمة ...
كانت تتحدث بينما كان هو في عالم آخر غير هذا العالم، كان يفكر في كيفية إعادة زوجته مرة أخرى ولا يريد التفكير بأمر آخر غير ذلك، صاحت «رنّة» بسبب صمته: - طيييف ! انتبه لها وقال: - أيوة ؟ أشارت إلى المسدس الذي بيدها وقالت: - لقيت المسدس ده في تابلوه العربية بس غريبة مش شبه المسدس بتاعك .. أنت غيرته ولا ايه؟
انتبه إلى المسدس الذي بيدها واتسعت حدقتيه بصدمة قبل أن يوقف السيارة على الفور، نظر إلى السلاح وأخذه من يدها وظل محدقا به بصدمة شديدة مما بث الرعب والقلق بداخل قلب شقيقته التي قالت متسائلة: - فيه ايه يا طيف ومالك بتبص للمسدس كدا ! في ايه؟ رفع بصره ونظر إلى الفراغ وهو يقول: - المسدس ده بتاع نيران .. ازاي جه هنا وهو كان معاها وقت ما اتخطفت ؟ ازاي !
رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الثامن عشر الجزء الثاني من بنت القلب
أوصل شقيقته «رنّة» إلى الجامعة الخاصة بها ثم انطلق إلى منزل عائلة نيران، ترك سيارته وطرق على الباب ففتحت له الخادمة الباب وقالت بسعادة: - أهلا أهلا طيف باشا .. اتفضل وأنا هطلع أبلغ أمجد بيه ابتسم وتقدم إلى الداخل وهو يتذكر هذا المنزل الذي حضر فيه حفلة عيد ميلادها وأيضا عندما تقدم لطلب يديها من والدها، ابتسم بألم قبل أن يأتي «أمجد» من خلفه ويقول مرحبًا: - أهلا أهلا يا طيف ياابني .. واقف كدا ليه ! تعال اقعد..
تقدم طيف وجلس على المقعد المجاور له وقال بلطف: - ازيك يا عمي أخبارك ايه وأخبار حماتي ؟ ربت على كتفه وقال بابتسامة رغم الحزن الذي بداخله: - الحمدلله كويسين بس حالتنا صعبة أوي بعد اللي حصل خصوصًا أنهار علشان بنتها ونيسان علشان خطيبها وأختها نظر إلى الأسفل للحظات قبل أن يرفع رأسه ويقول: - والله ياعمي اللي حصل ده غصب عني .. أنا جوايا نار بتحرق فيا كل يوم ومش هتخمد غير لما ألاقيها حتى لو كان التمن حياتي..
- أنا عارف ياابني إن اللي حصل ده أنت مالكش دخل فيه وإن ده حصل غصب عنكم ونيران مش أول مرة تقع في مصيبة بس المرة دي غير أي مرة وواثق إنك زي ما ساعدتها قبل كدا هتساعدها دلوقتي وترجعها هز «طيف» رأسه بالإيجاب وقال بثقة: - إن شاء الله ده اللي هيحصل ياعمي .. حياتي كلها فدا نيران وهعمل أى حاجة علشان أرجعها..
في تلك اللحظة جلست «أنهار» وقالت: - ازيك يا طيف يا حبيبي .. مفيش أخبار عن نيران بنتي ؟ ابتسم بلطف كي يبث الطمأنينة في قلبها وأجابها بهدوء: - الحمدلله يا حماتي .. نيران هترجع قريب أوي إن شاء الله أوعدك، أنا هتابع كل حاجة بنفسي وهوصلها هى وفهد، اتطمني أنتِ بس وطمني نيسان وكل حاجة هتعدي بإذن الله..
انهمرت دمعة من عينيها وهي تقول: - يارب ياابني .. يااارب نهض «طيف» وبدل نظراته بينهما وهو يقول: - أستأذن أنا بقى .. بعد اذنكم
دلف إلى غرفته وجلس على المقعد أمام سريره وأردف بابتسامة: - حمدالله على سلامتك ياوحش ابتسم «نائل» بضعف وقال: - الله يسلمك كان على وشك استجوابه لمعرفة من تسبب في ذلك لكنه فضل أن يخبره بهذا الأمر أولا فابتسم قائلًا: - أنا بعت عربية تجيب والدتك وأختك هنا المستشفى علشان الدنيا ليل ومايقلقوش عليك..
- أنا مش عارف أقولك ايه والله .. أنا كنت شايل هم مجيهم جدا بس الحمدلله .. تسلم ربت على كتفه بود وأردف: - على ايه يا نائل ده أنت اللي دافعت عن الشركة وحصلك كل ده بسبب كدا أنا اللي المفروض أشكرك .. صحيح عايزك تقولي بقى مين اللي عمل كدا وحصل ايه بالظبط وبالتفصيل الملل سرد كل ما حدث عليه ولم ينس شيء فتبدلت ملامح «زين» وظهر الغضب والضيق على وجهه ليقول: - أنا كنت حاسس إن ده اللي حصل وكنت متأكد إنه هيحصل بس مش بالسرعة دي .. تمام وحياة أهله لأعلمه الأدب وأسجنه..
وقف واستعد للرحيل إلا أن «نائل» أوقفه: - بلاش .. سيبه وأنا هحاول أنهي الخلاف اللي بينا بعد ما أخرج، هنهيه خالص علشان كل واحد فينا يستريح اتسعت حدقتيه بتعجب وقال بعدم تصديق: - بتدافع عنه بعد اللي حصل ! خلاف ايه اللي يوصل للقتل ده ! لو أنت مسامح في اللي حصلك فـ أنا مش مسامح في اللي حصل لشركة أختي، توصل بيه أنه يقتحم مكتب أختي وكمان يطعن واحد شغال فيها ! أنا بقى هعرفه مين زين الجيار، بعد اذنك يا نائل وألف سلامة..
تركه ورحل فنظر هو أمامه بحزن فهو لم يظن أن الأمور ستسوء إلى تلك الدرجة وأثناء تفكيره دلفت والدته إلى الغرفة بصحبة ابنتها واقتربت منه بلهفة قائلة: - ابني حبيبي وروحي أنت كويس ؟ أمسك يديها بحب وأجابها بابتسامة حتى يبث الطمأنينة في قلبها: - أنا بخير ياست الكل ايه القلق ده كله ده أنا زي القرد وكويس أهو..
ظلت تقبل رأسه وتضمه بلهفة وحنين قبل أن تجلس وتقول متسائلة: - احكيلي حصل ايه ومين اللي عمل فيك كدا؟ بدأ في سرد ما حدث ولكنه أخفى الجزء الذي يتعلق بشقيقه حتى لا تنشغل بخلافاتهما معًا ويزيد قلقها: - اتفاجئت بحرامي في الشركة وضربني بالمطواة وهرب بس الحمدلله الجرح سطحي ومفيش حاجة، مفيش داعي للقلق ده كله يا ماما..
ابتسمت وأخرجت مصحف من حقيبتها ومدت يدها به إليه وقالت: - خد يا حبيبي جبتلك المصحف بتاعك معاك علشان تقرأ فيه وقت قعدتك في المستشفى ابتسم وقبل يدها بحب قبل أن يقول بسعادة: - تسلمي ياست الكل فعلا ماكنتش عارف هقضي الوقت اللي هقعده في المستشفى ازاي ...
وصل إلى مديرية الأمن وتوجه إلى مكتب والده وقبل أن يطرق الباب تفاجأ بـ «رماح» الذي تقدم تجاهه وهو يقول: - يا ألف مرحب بالشبل الصغير .. المديرية نورت من تاني ابتسم «طيف» وأردف: - تسلم يا باشا على الاستقبال الحافل ده بس فرحان علشان جيت ولا علشان هترجع تدربني تاني ؟
اتسعت ابتسامته وأشار بأصبعيه قائلًا: - الاتنين ياأبو الأطياف .. بعون الله هخرجك دبابة بشرية من تحت ايدي .. تدخل تضرب عشرين واحد وأنت مفيش في قلبك ذرة خوف ارتفع حاجبيه بدهشة وأردف مازحًا: - ده أنا هبقى خارق بقى .. ما تحولني ايرون مان أنا بحبه أوي اختفت ابتسامته واستقام في وقفته قائلا برسمية: - احنا هنهزر ولا ايه! يلا شوف شغلك وبلاش مرقعة..
ثم تركه ورحل، استعت حدقتيه بصدمة وهو يقول لنفسه: - ما كان بيهزر ومبسوط دلوقتي ماله اتحول فجأة كدا ليه ! هو الراجل ده مجنون ؟ كانت ناقصاه على الصبح ثم توجه إلى مكتب والده ودلف إلى الداخل بعدما أذن له بالدخول ووقف مرحبًا: - يا ألف مرحب بالشبل الصغير .. حمدلله على سلامتك يا وحش، المديرية نورت من تاني جلس وهو يقول بصوت خافت غير مسموع: - أنتوا متفقين على الجملة دي ولا ايه !
رفع «أيمن» إحدى حاجبيه ليقول متسائلا: - بتقول ايه؟ رسم ابتسامة خفيفة على وجهه وقال: - لا أبدا يا بابا بقول نورك، قُل لي بقى وصلتوا لايه في قضية نيران ؟
تبدلت تعابير وجهه وتجهمت فعرف «طيف» أنهم لم يصلوا لشيء لكنه قرر الصمت والاستماع لما سيقوله والده، سادت لحظة من الصمت قبل أن يجيبه والده قائلًا: - ادينا ماشين في القضية وكل واحد ماسك جزء وإن شاء الله قريب هتسمع أخبار كويسة لوى ثغره وهز رأسه بعدم رضا قبل أن يقول بحزن:
- عدى أسبوع هاا يا بابا ايه اللي حصل ... شغالين في التحقيقات وهنوصلها إن شاء الله، عدى شهر هااا يا بابا حصل ايه في القضية .. لسة ماوصلناش لحاجة بس قريب هتسمع خبر كويس، عدى شهر هااا يا بابا ايه اللي حصل هشوف مراتي تاني ولا لا .. لسة كل واحد ماسك جزء في القضية .. لغاية امتى هستنى يا بابا ! لغاية امتى هفضل حاطط ايدي على خدى ومستني الفرج !
لغاية امتى هفضل أتخيل نيران وهي بتتعذب وأنا مش قادر أعملها حاجة ! لغاية امتى هفضل أحلم بكوابيس ! لغاية امتى هفضل عايش في الكابوس اللي مالهوش نهاية ده ؟ أنا عارف إن الغلط كله عليا علشان سيبتهم ياخدوها بس والله غصب عني .. حاولت اخدها منهم .. حاولت أروحلها رغم الضربة اللي شلت جسمي كله عن الحركة .. حاولت أروحلها حتى بعد الضربة التانية على دماغي .. ولو كان فيا وعي كنت هحاول أزحف وراهم .. ماكنتش متخيل إن حاجة زي دي هتحصل، يا بابا أنا بحاول أهزر وأضحك وأتكلم على طبيعتي زي زمان لكن أقسم بالله أنا جوايا نار بتحرق فيا وبتموتني بالبطئ ..
بضحك لكن من جوايا بتوجع ألف مرة تعرف لو كانت بعد الشر ماتت كانت النار دي هديت شوية مع الوقت اينعم هبقى موجوع طول عمري بس مش بالدرجة اللي أنا فيها دلوقتي لكن أنا معرفش هي عايشة ولا ميتة ! بتفكر فيا وفي الهروب من المكان اللي هي فيه ولا لا ! بيعذبوها ازاي ! بتاكل ولا مجوعينها، جوايا ألف سؤال وطول ما أنا ماشي بحاول أطمن نفسي وأجاوب على الأسئلة دي إجابات تريح لكن الواقع غير كدا .. هو أنا بيحصل معايا كدا ليه يا بابا ! هو أنا وحش ؟ أنا ماعملتش حاجة وحشة في حياتي بس يمكن فيا حاجة وحشة وأنا مش واخد بالي .. رد عليا يا بابا أنا وحش ؟
تأثر والده كثيرا بكلام ابنه الذي تساقطت الدموع من عينيه، نهض من على كرسيه وجلس على الكرسي المقابل له قبل أن يربت على فخذه ويقول بحب: - أنت عمرك ما كنت وحش ياطيف ولا عمرك هتكون وحش ..
أنت شخصية نقية صعب تكون موجودة كتير في زمن زي ده، اوعى تفتكر إن كل اللي بيحصلك ده بسبب إنك وحش أو عقاب من ربنا ليك .. ليه ماتقولش ده اختبار من ربنا علشان يشوف صبرك وإيمانك .. مش أي حاجة وحشة تحصلنا نقعد نقول أنا عملت ايه وحش في حياتي وتقعد تفتكر أنت عملت ايه، ده بيبقى اختبار من ربنا وربنا بيبتلي اللي بيحبه علشان لو صبر يرفعه درجات ويهاديه ويكسب في النهاية، أنت اتحمل واصبر وأنا واثق إنك هتلاقيها وكل حاجة هتتحل أما بقى عن الدموع دي فـ أنا مش هحاسبك علشان اللي أنت فيه لكن مفيش ظابط شرطة بيعيط،أنت راجل وكمان ظابط يعني تقف على رجلك ومهما جت الرياح الشديدة وخبطت فيك تفضل واقف في مكانك أسد ..
أنا عايز ابني يكون راجل يتحمل اللي يحصله ويقف يواجهه بقلب جامد مش يعيط زي الحريم، فوق يا طيف وفكر في اللي قلته ليك وعايزك زي أبوك مهما حصل مايهمكش وقاوم، أنت عارف لو ظابط عيط قدام اللواء اللي شغال تحت أيده بيعمل ايه؟ أقلها هيروحك تقعد جنب أمك ده لو ماسجنكش أو حولك للتحقيق كعقاب .. هنا مكان الرجالة وبس .. عايز قلبك يقوى وتتحمل مفهوم نهض «طيف» من مكانه استعدادًا للرحيل وقال برسمية: - تمام سعادتك
عاد «يوسف» إلى منزله ودلف إلى الداخل، لم تساعده قدماه على التوجه إلى غرفته في الأعلى فجلس على المقعد بالطابق الأول ووضع وجهه بين يديه بخوف وقلق مما حدث، دلف والده إلى الداخل ولاحظ وجود ابنه وهو في تلك الحالة فاقترب منه وقال بتعجب: - يوسف ! قاعد كدا ليه! مالك ؟
رفع رأسه وقال بخوف شديد بينما كانت يده ترتجف: - قتلته يا بابا .. قتلت نائل اتسعت حدقتيه بصدمة مما سمعه واقترب منه أكثر حتى جلس بجواره وقال متسائلا: - قتلته ! حصل امتى ده وازاي يا يوسف ؟ ازاي تتصرف من دماغك كدا !
نظر إلى الفراغ وقال بخوف: - كنت في مكتب ياسمين بعد ما كله خلص شغل والشركة قفلت وفجأة لقيته في وشي معرفش ايه اللي رجعه تاني .. شدينا مع بعض في الكلام واتعصبت عليه وضربته بالمطواة .. معرفش حصل ايه وهل لسة عايش ولا مات بس حد هناك بلغني إن الشرطة مالية المكان وعربية إسعاف خدت نائل .. مش عارف أتصرف ازاي وأعمل ايه، زين مش هسيبني..
ربت والده على كتفه ليطمئنه وأردف: - ماتقلقش .. زين أنا هعرف أتصرف معاه وإن شاء الله مايكونش نائل مات لأنه لو مات هضطر أسفرك برا .. قُل لي جيبت حاجة أو معلومات من الكمبيوتر بتاعها ؟ هز رأسه بالإيجاب ودس يده في جيب بنطاله وأخرج ذاكرة خارجية "USB" ثم مد يده بها إلى والده وهو يقول: - كل معلومات الشركة وأي حاجة تخص الشركة على الفلاشة دي..
ابتسم وتناولها منه وهو يقول: - كويس أوي .. دي بقى اللي هتبعد زين عنك قطب جبينه بتعجب وقال بتساؤل: - ازاي يعني ؟ اتسعت ابتسامته أكثر وقال: - هتشوف بنفسك ..
في تلك اللحظة خرج «زين» من سيارته وطرق على الباب الخارجي للفيلا فتقدم الحارس وفتح الباب وهو يقول: - أهلا زين باشا .. لم يجبه وقاد سيارته إلى الداخل بغضب ثم ترجل منها وتقدم ليطرق بغضب على الباب، أسرع «محمد» وفتح الباب وهو يقول بغضب: - ايه الهمجية اللي أنت فيها دي يا زين ! في حد يخبط على الباب بالطريقة دي ؟
لم يجبه وأشار إلى الداخل وهو يقول بحدة وغضب: - عايز ابنك .. ابنك فاكرها سايبة ودخل مكتب أختي في الشركة ولما نائل شافه طعنه وهرب، نائل اللي هو المفروض ابنك هو كمان بس أقول ايه رفع أصبعه في وجهه وقال محذرًا وبحدة: - اسمع يا زين .. ماتتدخلش في اللي مالكش فيه وابني أنت مش هتاخده من هنا علشان لو لمسته بس شركة أبوك وأختك اللي فرحان بيها دي هتفتحوها كشك .. كل حاجة عن الشركة معايا وقسما بالله لو قربت من يوسف لأخليك تفلس أنت وأختك .. جرب وشوف..
لم يصدق أنه يهدده مثل هذا التهديد، لم يكن يعرف بأنه حصل على معلومات الشركة لذلك تراجع عن فكرة إلقاء القبض على «يوسف» ليس خوفًا منه بل خوفًا على الشركة والعاملين بها .. سيتركه في الوقت الحالي لكنه سيعود له وقبل أن يرحل نظر إلى «محمد» بتحدي وقال: - أنا هسيبه بس أقسم بالله الشركة لو اتضرت بأي شكل أنا هضيع مستقبل ابنك ده في السجن، هحسرك عليه وعلى فكرة أنا حقي وحق أختي لسة مجاش وابنك ينسى إنه كان خاطب أختي .. كل حاجة انتهت ولو شوفته في الشركة تاني هخليك تتحسر عليه تركه ورحل وسط أجواء متوترة وقلق شديد من قبل «محمد» الذي لم يكن ينوي وضع «زين» في قائمة الأعداء في الوقت الحالي خاصة أنه ضابط شرطة ولن يترك ابنه...
نظر إلى الفراغ ولم يجد إجابة لأسئلة كثيرة غزت عقله، أصبحت تلك القضية غامضة خاصة بعد اختفاء الشاهد الرئيسي بها وكأنه لم يكن له وجود، اقتربت منه ووضعت يدها على كتفه وقالت متسائلة: - مالك يا غيث سرحان كدا ليه ؟ أول مرة أشوفك سرحان ومش حاسس بالعالم حواليك كدا..
نظر إليها قبل أن يجلس على المقعد ويقول: - اديكي شايفة يا ليان .. بندور على إبرة في كوم قش ومعانا كل المعلومات عن القضية وشهادة الناس وقتها لكن ولا واحد فيهم عايش واللي عايش محدش يعرف عنه حاجة واختفوا كلهم..
نظرت إلى الأسفل بحزن ثم رفعت رأسها وقالت: - أكيد هنلاقي حل الناس دي اينعم طريقتهم جديدة وغريبة لكن أكيد منظمة من ضمن المنظمات العالمية، اللي أنا كنت شغالة فيها كان ليهم طريقتهم ودول بقى ليهم طريقتهم المختلفة بس اللي مش عارفة أفسره هم بيعملوا ايه ولا بيخططوا لايه ... دول لو أشباح مش هيبقوا كدا رنت الكلمة في رأسه واتسعت عينيه ووقف بعدما ارتسمت ابتسامة على وجهه وعاد كلمة «ليان» مرة أخرى: - أشباح .. السر هو ده السر..
وقفت هي الأخرى وضيقت عينيها بتعجب وهي تقول متسائلة: - سر ايه يا غيث ! مش فاهماك نظر إليها ومسكها من كتفيها وهو يقول بحماس كبير: - فاكرة طيف قال غارم ده شبه نفسه بايه ! صمتت قليلًا لكي تتذكر ثم قالت على الفور: - شبح .. قال على نفسه شبح ترك يدها وأشار بأصبعه قائلًا: - بالظبط كدا شبح .. ازاى ماأخدتش بالي قبل كدا !
ظل شاردًا بمكتبه إلى أن تفاجأ بـ «فاطمة» التي دلفت إلى داخل المكتب وجلست على المقعد أمامه وأردفت: - ايه يا باشا سمعت إن رماح شقلطك واداك وش خشب .. هل هذا الكلام صحيح !؟ نظر إليها بعدما رسم ابتسامة على وجهه وقال: - والنبي خلي خطيبك ده يهدا عليا شوية أنا مش قده .. ده أنا ما صدقت بقى يهزر ويفك شوية هوب ألاقيه زعق وقلب .. صدق اللي قال يامستني رماح يبقى فرفوش يا مستني الأسد يشوف الخروف وماياكلوش...
ضحكت بشدة على جملته الأخيرة وقالت: - وربنا أنت مصيبة ده ا... قطع كلامها صوت وصول رسالة على هاتف «طيف» الذي أسرع وفتحها ففوجئ أنها رسالة صوتية .. شعر قليلا بالقلق لكنه ضغط على زر تشغيل ليتفاجأ بما سمعه، هذا الصوت يعرفه جيدا .. هذا صوت «نيران» !
"طيف أنا في مكان ضلمة أوي .. أنا خايفة .. أول مرة أكون خايفة كدا، أنا اتخطفت .. أيوة اتخطفت، طيف أنا سامعة صوت برا .. صوت خطوات بتقرب مني .. طيف خليك فاكر إن العهد الأول تم تنفيذه"
كانت شاردة وغير مدركة بالعالم من حولها، كانت تفكر في المصائب التي حلت عليها وعلى عائلتها فـ لقد فقدت شقيقتها وخطيبها في وقتٍ واحد وأثناء تفكيرها تلقت رسالة على هاتفها فاستيقظت من شرودها وأمسكته ففوجئت بأنها رسالة صوتية، ضغطت على زر التشغيل وكانت ..
" نيسان أنا فهد .. أنا في مكان ضلمة أوي .. أنا معرفش حصل ايه وجيت هنا ازاي .. أنا معرفش ازاي معايا موبايل أصلا .. أنا سامع صوت خطوات بتقرب مني .. نيسان خليكِ فاكرة إن العهد التاني تم تنفيذه"