رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل العاشر الجزء الثاني من بنت القلب
ودت لو تخفي هذا الأمر على ضابط الشرطة «هيثم» لكنها أرادت المساعدة حتى لا تكون وحدها هي وزوجها في هذا الأمر لذلك نظرت إليه واردفت: - هو فعلا محل شك.. صاحب الفندق ده تقدر تقول كان نصاب ونصب على زميل طيف واداله صورة له وبالصدفة اتفاجئنا إنه مدير الفندق هنا وطيف قرر يعرفه إنه صاحب مازن بطريقة غير مباشرة ومن ساعتها وهو مختفي بس ظهر امبارح وبعت عشاء وواثقة إنه ورا الموضوع بتاع البنت دي..
نظر «هيثم» إلى «طيف» وضيق ما بين حاجبيه قائلًا: - طيب مادام هو له سوابق كدا سهل نوقعه وبعدين أنا واثق إنه مسح كل الفيد باك بتاع الكاميرات اللي فيها إدانة له وبكدا هنضطر نحطه تحت المراقبة هز «طيف» رأسه وأكد على كلامه قائلًا: - فعلا ده اللي هيحصل وأنا خلاص قطعت شهر العسل بتاعي أنا ونيران وهنحطه تحت المراقبة بس في حاجة هضيفها للخطة وهي إني هروحله وأبينله إني عارف كل حاجة علشان يبقى اللعب على المكشوف وبالطريقة دي هيبطل يحاول يعمل حاجة تانية مش على طول بس مؤقتا وفي الوقت ده هدور على أي دليل ضده أنا ونيران..
لوى «هيثم» ثغره وردد بتردد: - اه بس ده في خطر كبير على حياتكم هنا قاطعته «نيران» وقالت معترضة: - احنا ظباط شرطة مش مدنيين وأكيد فاهمين احنا بنعمل ايه يا هيثم باشا واحنا عملنا مهمات أصعب من دي بمراحل .. احنا كل اللي طالبينه بس هو مراقبة تليفون غارم ده، ياريت تتواصل مع حد في مباحث الانترنت وينفذ علشان ده هيساعدنا جدا واحنا هنتواصل مع زمايلنا في القاهرة يشوفوا عمليات النصب اللي تمت خلال السنتين اللي فاتوا وهنعرض عليهم صورة غارم وطبعا مازن صاحب طيف هيبقى منهم ولو قدرنا نجمع كذا شخص أجمع إنه نصاب هنقدر نقبض عليه بسهولة بتهمة النصب ونحاول نعرف منه إذا كان في وراه حاجة تانية ولا لا..
هز «طيف» رأسه بالموافقة مؤكدًا على كلامها وأردف: - بالظبط ده اللي هيتم يا هيثم باشا ولو كلنا اتعاونا مع بعض هنقدر نوقعه في وقت قياسي جدا بس كل حاجة تتم مظبوط اقتنع «هيثم» بحديثهم وضم شفتيه وهو يهز رأسه بالإيجاب ثم قال: - تمام جدا، أنا همشي في كل الإجراءات وده رقمي علشان لو حصل أي حاجة أقدر أقدم المساعدة ربت «طيف» على كتفه وردد بابتسامة: - تسلم
ارتشف من فنجان القهوة الخاص به أثناء جلوسه على مقهى مع صديقه المقرب «رامي» ثم ابتسم بثقة وهو يردد: - ياه كدا عظمة أوي، هانت ضيق ما بين حاجبيه بتعجب وهتف متسائلًا: - هو ايه اللي هانت يا حوس ! اوعى يكون اللي في دماغي هز رأسه بالإيجاب وهو يؤكد على ما قاله بابتسامة: - هو اللي في دماغك، كلمت آسيا وأقنعتها إني بحبها وبعشقها وماليش غيرها وماكنتش متوقع سهولة الدنيا كدا، مدلوقة على الآخر .. هتجوزها وهخلص عليها وعلى كل اللي حيلتها..
- أيوة يا عم ولعانة معاك، وأبوك يعرف الحوار ده ولا ايه! هز رأسه بالنفي قائلًا: - لا طبعًا بس هروح وأقوله إني قررت أشتغل وأبقى اد المسئولية وأشتغل معاه في الشركة وبعدين أعرض عليه الجواز من آسيا وهيوافق على طول وبعدين بقى أتجوزها وأكوش على الملايين اللي معاها..
- وأنت ايه اللي مخليك متأكد إنها معاها ملايين قهقه بصوت مرتفع وخبط بيده على يده الأخرى وهو يقول: - مين قالي ! جرجرتها في الكلام امبارح وعرفت إنها مريشة على الآخر، مش هتصدقني لو قلتلك هي بس معاها كام .. بكرا الفلوس تلعب معايا ومن غير شغل في الشركة والقرف ده وساعتها هروق عليك أنت والشلة ...
- ياسمين ! حصل حاجة ؟، ايه بتقولي مين سرقك ؟ طيب طيب أنا جاي أنهى «زين» المكالمة مع شقيقته ونهض مسرعًا وهو يقول: - طيب أستأذن أنا علشان في مشكلة كدا بس هرجع تاني علشان أكمل كلام معاكِ أومأت رأسها بالإيجاب قائلة: - تنور يا باشا .. تنور..
نزل إلى الأسفل واستقل سيارته متجهًا إلى الشركة الخاصة بوالده سابقًا وشقيقته حاليًا، ترجل منها ثم أسرع إلى الداخل ولاحظ الجميع حضوره بعد سماعهم للمشادة بين «ياسمين» و «نائل»، اتجه إلى مكتبها فوجدها جالسة وأمامها «نائل» واققًا وينظر للأسفل، تفحصه بعينيه قبل أن ينظر إلى شقيقته قائلًا: - حصل ايه وعمل ايه ده ؟
أشارت بأصبعها عليه وهي تقول بغضب: - الحرامي اشتغل امبارح واديته نص شهر والنهارده عايز يسيب الشغل ويسرق الفلوس اللي خدها رفع «نائل» رأسه ليدافع عن نفسه وأسرع قائلًا: - مش ده اللي حصل يا باشا، أنا ... صرخت فيه بصوتها الغاضب المرتفع قائلة: - اخرس أنت .. ماأسمعش صوتك خالص..
ثم نظرت إلى شقيقها وتابعت: - أنت لازم تحبسه وحالا، لازم تاخده على القسم دلوقتي ويتحبس يا زين علشان يبقى عبرة لكل الموظفين اللي في الشركة رفع كفه أمامها ليحاول تهدئتها وأردف بجدية: - اهدي أنتِ بس وأنا هعمل اللازم ثم نظر إلى «نائل» الذي كان صامتًا لا يتحدث وأشار إليه قائلًا بصيغة الأمر: - وأنت اتفضل قدامي .. يلا اخلص !
استجاب لأمره وسار أمامه إلى الخارج وسط تهامس الجميع ونظرات «وحيد» الحزينة فهو يعرف أنه شخص جيد ولا يستحق ما حدث معه، لابد وأن شيئًا ما حدث حتى تبلغ أخاها كي يُلقي القبض عليه . فتح باب السيارة الأمامي وأردف: - اركب استجاب لأمره ودلف إلى السيارة فأغلق هو الباب ودار حول السيارة ليدخل هو ويقود السيارة إلى قسم الشرطة...
فى مكتب الرائد زين الجيار - ها احكيلي حصل ايه قالها «زين» لـ «نائل» الجالس أمامه فاستجمع قواه وبدأ سرد ما حدث منذ البداية عليه دون أن ينسى أو يخفي حرف وأنهى حديثه قائلًا: - ده اللي حصل وأنا عمري ما كنت حرامي ولا هسرق ولما رديت عليها اتعصبت عليا ومش عارف ليه اتهمتني كدا ؟ ده غير الإهانة اللي شوفتها .. أنا أول مرة حد يعايرني بفقري، هو أنا اللي بختار أتولد غني أو فقير ! ليه تقولي أنت فقير ومش لاقي تاكل ؟ هو الفقر عيب ! أنا عمري ما استعريت من فقري بس ليه هي تهيني كدا شعر «زين» بالخجل مما فعلته شقيقته المتهورة فهو يعرفها جيدًا فـ لقد تبدلت للأسوأ وأصبحت غليظة المعاملة ليس مع الغرباء فقط ولكن مع عائلتها أيضًا..
ضغط على شفتيه بحرج قبل أن يرسم ابتسامة على وجهه ويقول بلطف: - أنا مصدقك يا نائل وبتأسفلك على اللي أختي الكبيرة عملته، هي مش عارفة هي بتقول ايه وهي طبعًا غلطانة في كل الحالات .. معلش سامحها هي متغيرة من ساعة وفاة والدها وكدا، أنا كنت حاسس إنها اللي عاملة المشكلة من البداية علشان كدا خدتك هنا بعيد عن المكتب علشان أفهم منك علشان طول ماأنا قريب منها مش هتديني فرصة أسمعك، أنا هعينك موظف في الشركة وفي منصب حلو كمان كتعبير مني عن الاعتذار للكلام اللي أختي قالته..
ابتسم بلطف وهو يقول: - تسلم يا زين باشا وأنا قبلت الاعتذار لكن اسمحلي أنا مش هشتغل في الشركة، إن شاء الله هلاقي شغل في مكان تاني و .. قاطعه بجدية بعدما نهض من مكانه استعدادًا للرحيل: - أنا لما أقول كلمة تنفذها يا نائل، أنت هتشتغل في الشركة ومش عندها، اعتبر نفسك شغال عندي أنا .. الشركة بتاعتي زي ما بتاعتها ويلا بينا علشان أكلمها وأسلمك الشغل صمت قليلًا فهو لا يريد العودة إلى هذا المكان لكن ليس بيده حيلة، رفع رأسه وابتسم بلطف قائلًا: - تمام يا زين باشا اللي تشوفه
نظرت إلى صديقتها وأردفت: - النهارده يوم مش طبيعي، حصل فيه كمية مصايب وآخرها زين اللي قبض على نائل ... الفضول هيموتني، عايزة أعرف التفاصيل وإلا هتجنن تدخل «جاسر» ليجيبها بدلًا عن صديقتها: - يابنتي اهمدي أنتِ مش وراكي غير المصايب اللي بتحصل ! خلصي الشغل بدل ما الدور يجي عليكي وأنتِ عارفة ياسمين مش بترحم ولبست الواد الغلبان مصيبة اشاحت وجهها وهي تلوح بيدها في الهواء غير مبالية وأردفت: - شوف أنا بقول ايه وأنت بتقول ايه، بس عندك حق في حوار الشغل .. أخلصه قبل ما تطب عليا وتطين عيشتي أما عن حكاية اللي حصل النهاردة ياخبر بفلوس بكرا يبقى ببلاش
رحل الضابط بعد انتهاء كافة الإجراءات وبقى «طيف» ومعه «نيران» وأثناء تفكيرهما بخطوتهما التالية سمعا طرقات على باب الغرفة فتوجهت هي لتفتح الباب، بالفعل ففوجئت بـ «غارم» أمامها وعلى وجهه ابتسامة خفيفة وهتف قائلًا: - ممكن أدخل ؟ أشارت إلى الداخل وهي تقول: - اتفضل..
تقدم إلى داخل الغرفة خطوتين وتوقف قبل أن يبدل نظراته بينهما وهو يقول: - أنا جهزت ليكم أوضة تانية بدل دي بسبب اللي حصل وكدا علشان راحتكم ماتقلش ولا حاجة ابتسم طيف ووقف قبل أن يتجه إليه بخطوات متمهلة حتى وقف أمامه مباشرة، نظر إلى عينيه بتحدي وأردف: - قولي يا غارم أو يوسف أو وات ايفر اسمك الحقيقي ايه.. أنت نصاب ولا إرهابي ولا دجال ولا ايه شغلانتك بالظبط ! ارضي فضولي وقولي كدا علشان نبقى متصافيين واحنا بندردش مع بعض..
ارتفع إحدى حاجبيه بتعجب مما يقوله وأردف بثقة: - أنا ولا حاجة من دي، أنا بيزنس مان ناجح وصاحب الفندق ده .. مش فاهم ايه الكلام اللي أنت بتقوله ده الصراحة ومتفاجئ ربت على كتفه وردد ضاحكًا: - يا راجل ماتضحكنيش .. احنا خلاص بقينا نلعب على المكشوف، أنت عارف إني ممكن أقبض عليك دلوقتي ومالكش حق تعترض بموجب قانون الطوارئ ! تعرف ولا ماتعرفش يا غارم..
ابتسم «غارم» ورفع رأسه بثقة شديدة وهو يقول بتعالٍ: - طب ما تقبض عليا يا طيف باشا، ايه اللي مانعك ! أنا قدامك أهو بادله نفس الابتسامة وقال بثقة أكبر: - علشان أنا ماباخدش الطريق السهل، لازم أجيب كل التهم على مقاسك علشان تلبسها وتريحك وبعدها تدخل السجن وتقضي فيه بقية حياتك ده لو ماخدتش إعدام في تهم تانية علشان كدا عايزك تفضفض كدا وتحكيلي أنت مين..
نظر في كل مكان بالغرفة قبل أن ينظر إليه مرة أخرى ويقول: - ياترى حاطط الموبايل اللي بيسجلي فين ! أخرجت «نيران» هاتفها واتجهت إلى السرير وسحبت هاتف «طيف» من فوقه وفتحتهما أمامه وهي تقول: - احنا مش بتوع تسجيلات .. فهمنا بقى احنا بنتعامل مع مين ومين البنت اللي بعتها دي وايه الجملة اللي قالتها بعد ما انتحرت دي ؟
بدل نظراته بينهما ورفع إحدى حاجبيه ليضيف المزيد من الغموض على شخصيته وأردف: - أنا شبح .. تقدروا تقولوا جن أو عفريت بس متجسد في دور بشر، عملت كل وأي حاجة حرام في الدنيا دي .. عايش علشان أتبسط وأتمتع بس وعمري ما خفت من حاجة ولا خفت أقع ولو اتسجنت هخرج أنت عارف ليه ؟ علشان أنا شبح ومش لقب .. دي ميزة، ها فهمتوا ولا احتارتوا أكتر ؟
ظل «طيف» مسلطا نظره عليه بينما تحدثت «نيران»: - عايز تفهمنا إنك مش بني آدم مثلا يعني ! وبعدين لما أنت شبح بتعمل كل الجرايم اللي أنت مفتخر بيها دي ليه ؟ علشان شبح برضه ولا علشان دي ميزة ! قهقه بصوت مرتفع وهدأ رويدا رويدا ثم نظر إليها وردد: - يمكن مش بني آدم وده اللي مخليني أعمل اللي أنا عايزه بس في نفس الوقت أنا واحد من البشر .. ممكن تقولي ميزة أو صفة أو انا كدا فعلا براحتك أما بعمل كدا ليه فدي بقى متعتي، أنا عايش علشان أتمتع زي ما قلت يعني أي حاجة هتبسطني بعملها يعني أنصب مش علشان محتاج فلوس..
هز رأسه بالنفي وتابع: - علشان أتمتع .. أشوف اللي فلوسه ضاعت وهو بيتحسر وبينتحر بسببي ببقى في قمة متعتي وسعادتي قاطعه «طيف» وقال بغضب: - اه أنت مريض بقى .. بما أني دكتور نفسي سابقًا فـ أنا بنصحك تشوف دكتور يعالجك لأنك مريض نفسي وفي حالة خطر كمان..
رمقه وردد بابتسامة: - عايز تسميها مرض نفسي اوك تمام، بس نصيحة بلاش تقفوا قصادي علشان هتخسروا .. هتخسروا جامد أوي ودي مفيش بعدها ندم، مش تهديد بس لو حبيت أتسلى وأكمل متعتي حد فيكم هيموت والتاني هيعيش باقي حياته يتحسر عليه حاجة كدا شبه خطيبك يا نيران اللي مات بسببك اتسعت حدقتيها بصدمة بسبب معرفته لهذا الأمر وكذلك طيف الذي نظر إليها ثم نظر إليه وردد متسائلا: - أنت تعرف موضوع خطيب نيران ده منين ؟
ظل يتحرك ذهابًا وإيابًا يفكر في حل لتلك المعضلة والتي ستودي بحياته وتنهي كل ما بدأه، اتخذ القرار الأخير ورفع هاتفه على أذنه بعدما اتصل بأحد رجاله: - أيوة .. نفذ كل اللي قلتلك عليه - تمام يا باشا وبالنسبة لمراته وبنته ؟ جلس على مقعده ووضع قدمًا فوق الأخرى وأردف بجدية وتوعد: - نفذ ومش عايز غلطة مفهوم ؟ - مفهوم ياكبير
سمعت طرقات على باب المنزل فأسرعت لتفتحه وهي تقول: - حاضر حاضر، ما تصبر يالي على الباب وصلت إليه وفتحته ففوجئت برجلين أحدهما يمسك بمسدس ويقوم بلف شىء ما بفوهته وما علمته في تلك اللحظة أنه يقوم بتركيب كاتم للصوت فهي عرفت ذلك من زوجها الذي توفى، وكان الآخر يقف خلفه وينظر إليها نظرات مميتة، كل هذا جعل قلبها ينخلع من الخوف فتراجعت وهي تقول: - أنتوا عايزين مني ايه ؟ أنا ماعملتش حاجة أبوس ايديكم ارحموني أنا وبنتي..
تقدما بقلب جامد ورفع الأول سلاحه واستعد لإطلاق النار فصرخت هي بخوف وببكاء: - أبوس ايديكم بنتي مالهاش ذنب، اقتلوني أنا بس سيبوها لم ينتظر أكثر من ذلك وأطلق رصاصة من مسدسه لتستقر في جسدها ولم يكتف بذلك بل أطلق رصاصتين ليتأكد من موتها..
كانت الصغيرة في غرفتها تذاكر دروسها حين سمعت صوت صراخ والدتها بالخارج فأسرعت لترى ماذا يحدث فوجدت والدتها على الأرض وقد فارقت الحياة وأمامها رجلان نُزعت الرحمة من قلوبهما، انهمرت الدموع من عينيها وتراجعت للخلف بخوف فتقدم الذي يحمل السلاح حتي وصل إليها وأمسك خصلات شعرها بعنف ووضع سلاحه بداخل فمها فرفعت بصرها له كي تترجاه لكي لا يفعل ذلك لكنه أطلق رصاصته دون رحمة لتخترق فمها وتخرج من خلف رأسها ...
رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الحادي عشر الجزء الثاني من بنت القلب
- بقولك طردته وسجنته كمان بتهمة السرقة ..متزعلش بقى قالتها «ياسمين» هاتفيًا لـ خطيبها «يوسف» الذي قال غير مصدقًا: - طردتيه ! بالسرعة دي ؟ وده علشاني ولا علشان حصل حاجة ؟ ابتسمت بخبث وهي تدور بالمقعد الخاص بها وتنظر إلى الأعلى ثم قالت: - طبعًا علشانك يا حبيبي امال أنت فاكر ايه، المهم متزعلش نفسك وهستناك توصلني النهارده..
لمعت عيناه وهو يجيبها بمكر: - حاضر أنتِ تؤمري يا ياسو، هخلص كل اللي ورايا وأجيلك كادت أن تتحدث مرة أخرى إلا أن أخاها فتح الباب ودلف إلى الداخل ومن خلفه «نائل» فاعتدلت في جلستها وهى تبدل نظراتها بين الاثنين بعدم تصديق وصدمة ثم قالت بخفوت: - اقفل يا يوسف هكلمك تاني..
وتركت هاتفها قبل أن تنهض من مكانها وتتجه إلى أخيها، نظرت إليه ثم أشارت إلى «نائل» وأردفت: - البني آدم ده ايه اللي جابه هنا تاني ؟ ابتسم ابتسامة واسعة وهو يشير إليه قائلًا: - البني آدم ده هيشتغل هنا وبما إنك مديرة الشركة ومفيش مدير عمليات يتابع الشغل وأنشطة الشركة ويساعدك فأنا قررت أعينه مدير العمليات في الشركة يعني الرجل التاني بعدك..
توسطت خصرها بيدها وصرخت فيه باعتراض: - نعم ! مدير عمليات ايه ؟ أنا الشخص ده لو فضل في الشركة أنا اللي هدخله العمليات .. زين متعصبنيش على الصبح التفت له وأشار برأسه كي ينتظره في الخارج فاستجاب لطلبه، انتظر خروجه وما إن خرج حتى توجه ليجلس على المقعد ووضع قدمًا فوق الأخرى وقال: - اقعدي يا ياسمين أنا هفهمك جلست على المقعد المقابل له وهتفت باعتراض: - تفهمني ايه يا زين ؟ أنت عايز تمشي كلامك عليا !
- أمشي كلامي عليكي ايه يا ياسمين ؟ الراجل أنتِ ظلمتيه وده كله علشان رفض يساعدك في التمثيلية بتاعتك على يوسف .. أنتِ من امتى وأنتِ قلبك قاسي كدا ؟ هو حكالي كل حاجة وأنا مصدقه لأني بعرف اللي بيكدب من اللي بيقول الحقيقة وماينفعش اللي قلتيه ليه ده، هو اختار فقره بنفسه علشان تعايريه بفقره ؟ بابا عمره ما علمنا كدا ولا ربانا على كدا..
ظلت تهز قدمها بحركة انفعالية دون أن ترد عليه فتابع هو: - أنا عرفت إنه خريج تجارة وده هينفعك وينفع الشركة لو فهم الشغل وهخلي سهى تتابع معاه وتفهمه كل حاجة علشان يمسك هو الشغل لأن اللي زي نائل ده موثوق منه ومضمون عن أي حد تاني في المنصب ده..
انتظرت حتى أنهى حديثه ثم قالت باعتراض واضح وقوي: - خلصت كلامك ؟ أنا مش موافقة وأنا وهو مش هنبقى في شركة واحدة وبعدين أنت متمسك بيه أوي كدا ليه ! ده أنت لسة عارفه وكمان اشتغل يوم واحد في الشركة مش من زمن يعني علشان تصر على كلامك كدا..
لوى ثغره وأردف: - دماغك ناشفة، متمسك بيه علشان باين عليه محترم و اد الشغل ده غير إني بلغت ظابط صاحبي يعمل تحريات عنه علشان أبقى واثق منه جدا ولما التحريات تخلص هعرف إذا كانت نظرتي صح ولا غلط وهو هيشتغل هنا سواء برضاكي أو رفضك .. أنا عينته هنا في الجزء الخاص بيا واللي عندك اعمليه ثم نهض من على كرسيه واستعد للرحيل وفي نفس الوقت فكرت هي في الأمر وابتسمت بخبث قبل أن تقول: - خلاص موافقة إنه يبقى مدير عمليات الشركة بس بشرط..
تحمس هو للأمر وقال مبتسمًا: - شرط ايه؟ وضعت قدمها فوق الأخرى وقالت: - يجي يعتذر دلوقتي عن كل اللي قاله ارتفع حاجبيه بدهشة لما تقوله وهتف معترضًا: - يعتذر ! يابنتي أنتِ اللي شاتماه ؟ رفعت إحدي حاجبيها وأصرت على كلامها قائلة: - ولو هيجي يعتذر برضه، ده لو عايز تديله المنصب ده وأنا ماأطفشهوش وأهينه أكتر رفع كفيه أمام وجهها وقال بضيق: - خلاص يا شيخة هجيبه يعتذر .. يارب يرضى..
على الجانب الآخر قص «نائل» ما حدث على «وحيد» فربت على كتفه بحنو قائلًا: - متزعلش يابني، مش عارف والله أقولك ايه بس هي اتغيرت أوى من ساعة ما مسكت الشركة، طالما زين قالك كدا يبقى هينفذ وعده وأقدر أقولك مبروك على المنصب الجديد من دلوقتي، زين ده أطيب واحد في ولاد الجيار ودمه خفيف ويتحط على الجرح يطيب وكويس إنك حكيتله كل حاجة..
نظر إلى الأسفل وردد بحزن: - والله قلقان يا عم وحيد لو اشتغلت هنا مش هترحمني، دي مش بني آدمة أبدا دي شيطانة على هيئة بشر كاد أن يتحدث إلا أن «زين» قد فتح الباب وخرج فلاحظ «وحيد» فتقدم منه وهو يصيح: - عم وحيد وحشتني والله، ازيك يا راجل يا طيب عانقه بحب وهو يربت على ظهره فهتف «وحيد» بحب وود: - ازيك يا زين ياابني والله أنت اللي واحشني، مابقيتش تيجي الشركة خالص زي الأول.
اعتدل وربت على كتفيه وهو يجيبه بابتسامة: - والله غصب عني الشغل مطلع عيني - ربنا يعينك يابني ويحفظك ثم نظر إلى «نائل» وردد: - مش هوصيك على نائل، ده زي ابني وأنا أضمنه برقبتي هز رأسه بابتسامة قبل أن ينظر له ويقول: - طبعًا ياعم وحيد أنت تؤمر وعلشان توصيتك دي أنا هعينه مدير عمليات الشركة..
اتسعت حدقتيه وردد بصدمة غير مصدق لما قاله: - أنا ! هبقى مدير عمليات الشركة ! ازاى ده أنا مش فاهم حاجة عن الشغل ولا طبيعته ازاى أبقى في منصب كبير كدا ربت على كتفه قبل أن يقول بابتسامة: - متقلقش يا وحش، سهى هتدربك على كل حاجة وتفهمك الشغل بس في حاجة صغيرة .. ياسمين وافقت بس عايزاك تعتذر خفض رأسه إلى الأسفل ثم رفعها مرة أخرى وقال بهدوء: - بس أنا مغلطتش علشان أعتذر..
ابتسم وهو يربت على كتفه قائلًا: - أنا عارف بس خدها على اد عقلها ويلا .. أنا عارف أختي كويس أوي، هاا فكر قليلا في طلبه وأخذ القرار الأخير وهو الاعتذار لها حتى ينتهي من كل هذا، أومأ رأسه ودلف معه إلى المكتب فرمقته باستعلاء، تنهد وحاول إخراج تلك الكلمات التي كانت صعبة عليه وأخيرًا استطاع إخراجها وقال: - أنا آسف على اللي قلته..
رمقته من رأسه لأخمص قدميه بتعالي قبل أن تقول: - تمام بس تشوف شغلك وسهى هتعرفك الشغل كويس ومش عايزة غلطات لأنك المفروض هتراقب الموظفين وتتابع الشغل وده مش هزار أجابها بإيجاز شديد: - إن شاء الله هنا تدخل «زين» ورفع صوته بابتسامة وهو يقول: - هاااه الحمدلله، يلا بقى تعالى أوريك مكتبك الجديد يا نائل..
تحركا معًا إلى الخارج لكنهما فوجئا بـ «يوسف» الذي كان مبتسمًا وسعيدًا بسبب علمه بطرد أخيه من الشركة لكن سرعان ما اختفت تلك الابتسامة وعاد وجهه للعبوس مرة أخرى عندما وجده أمامه مرة أخرى، ابتسم «زين» بخبث وقال متصنعًا: - ايه ده يوسف ازيك يا عم عاش من شافك ابتسم إليه بتصنع ثم عاد ينظر إلى «نائل» مرة أخرى بغضب فتدخل «زين» قائلًا: - أعرفك بـ نائل مدير عمليات الشركة الجديد ونائب رئيس مجلس الإدارة اتسعت حدقتيه بعدم تصديق وظل يبدل نظراته بين الاثنين وقد عجز عن الرد..
في هذا الوقت شعر «زين» بالسعادة لشعور الصدمة الذي ظهر على وجهه بشكل كامل فهو يبغضه كثيرًا وكان ضد خطوبة شقيقته لهذا الفاشل كما يدعوه والآن بعد معرفته حقيقة خداعه لشقيقته زاد كرهه له وتوعده بكل شر إن حدث لشقيقته شيء بسببه، سحب «نائل» قبل أن يقول: - بعد اذنك، يلا يا نائل علشان أوريك المكتب بتاعك تركه ورحل بصحبة «نائل» وبقى هو في مكانه غير مدرك لما يحدث ...
اتسعت حدقتيها بصدمة بسبب معرفته لهذا الأمر وكذلك طيف الذي نظر إليها ثم نظر إليه وردد متسائلا: - أنت تعرف موضوع خطيب نيران ده منين ؟ ابتسم بفخر وأجابه بثقة قائلًا: - مش بس أعرف موضوع خطيبها .. أنا عارف كل حاجة عنكم وعن آخر مهمة نفذتوها برا مصر وعن كلمة "قلب الفندق" مش دي الكلمة اللي كانت في الفندق بتاع المهمة واللي المهمة اتسمت باسمه "بنت القلب" !أنا أعرف كل حاجة عنكم وعن النفس اللي بتتنفسوه ونصيحة كل اللي بتخططوا له انسوه واشتروا حياتكم أحسن .. أنتوا عرسان وداخلين على دنيا ومش حمل حاجة أنتوا مش ادها..
لم يعرف «طيف» ماذا يقول في تلك اللحظة، اكتفى بالنظر إلى «نيران» التي كانت تستمع بصدمة ولم تستعب كم المعلومات التي كان على علم بها، تحرك بنظره إلى «غارم» الذي لم تفارق ابتسامة الشر وجهه وردد: - احنا عمرنا ما هنخاف وإذا كنت بتراقبنا فده برضه مش هيخوفنا بس هسألك سؤال واحد .. ايه سر ثقتك المستمرة دي وليه مقتنع إنك أنت اللي هتغلب مش إحنا ؟ بدل نظراته بينهما وتراجع للخلف خطوتين وهو يقول: - لأني زي ما قلتلكم في الاول أنا شبح..
ثم هم بالانصراف وتركهما في حيرة أكبر فهم لم يتوقعا هذا كله، نظرت إليه وأردفت: - معنى كلامه ده ايه؟ حرك رأسه ولوى ثغره وهو يقول: - معرفش بس هو حاجة من اتنين، يا إما مسنود أوي يا إما شبح زي ما بيقول ضيقت ما بين حاجبيها ورددت بعدم رضا: - شبح ايه يا طيف، هو في عفريت أو شبح بيمسك فندق وبينصب على الناس ابتسم «طيف» وأجابها: - وده ينقلنا للخيار التاني وهو إنه مسنود أوي، ما هو المثل بيقول ياللي ليك ضهر تتسند عليه دوس على الناس وماتقلش ليه..
رفعت حاجبيها بإعجاب وأردفت: - تصدق أحسن مثل قلته من ساعة ما اتجوزنا - ليكي نفس تهزري وتقولي أمثال في المصيبة اللي إحنا فيها دي ؟ ارتفع حاجبيها بتعجب واتسعت حدقتيها وهي تقول: - أنت اللي قلت المثل على فكرة ثم ضربته في كتفه وتابعت: - وبعدين ركز كدا وسيبك من الهزار ده علشان دخلنا في الجد والتدريب هيبقى عملي يا معلم..
رفع إحدى حاجبيه ليقول معترضًا: - ايه معلم دي ؟ إحنا شغالين في جزارة ! اسمها يا كبير ضربته مرة أخرى في كتفه وقالت: - على أساس يا كبير دي مش بنتاجر في المخدرات مثلا يعني، بقولك ايه اظبط كدا واسمعني علشان أنا اللي هحط الخطة زي المهمة اللي فاتت - ايه هتشعلقينا وندخل من الشبابيك تاني ؟ حركت رأسها بالإيجاب وأكدت على ذلك قائلة: - برافو عليك هو ده اللي هيحصل والمرة دي هنكون لوحدنا يعني الغلطة بموتة .. هيقرأوا علينا الفاتحة لو معرفناش ننفذ صح..
دفن وجهه في كفيه وأردف: - جت الحزينة تفرح مالقتلهاش مطرح .. ده مابقاش شهر عسل ده بقى طحينة بحياة حزينة أبعدت يده عن وجهه ورفعت رأسه بقوة وأردفت: - بطل ولولة بقى واسمعني .. فين طيف الجد بتاع من شوية ولا أنت اتحولت رسم ابتسامة واسعة على وجهه وأردف: - اديني انشكحت أهو، قولي خطتك اللي هتخليهم يقرأوا علينا الفاتحة بكرا .. كل من عليها فان..
نهضت من مكانها واتجهت إلى حقيبتها وأحضرت دفتر ملاحظات صغير وقلم، عادت إليه مرة أخرى وبدأت في رسم واجهة الفندق بعناية شديدة وبعدما انتهت أشارت إليه قائلة: - بص ده الفندق واحنا هنا، عندك كل البلكونات بعاد عن بعض بس هنقدر ننط من البلكونة بتاعتنا على البلكونة اللي جنبنا ونتنقل بين البلكونات لغاية ما نوصل للدور الرابع ده واللي فيه المكتب بتاع غارم .. هندخل من الشباك ونقلب المكتب بتاعه على أى أوراق ونرجع زي ما جينا..
صفق بيديه وردد بابتسامة: - عاش أوي ومين سوبر مان اللي هينفذ المهمة دي رفعت إحدي حاجبيها قائلة: - أنا وأنت يا طيف اتسعت حدقتيه وهتف بصدمة وصوت مرتفع: - نعم ياأختي ؟ أنتِ بتتكلمي كأننا هنتمشى خطوتين .. اللي بتقوليه ده استحالة ولو حضرتك متدربة فأنا ميح خالص ومش هعرف أتشعلق زي القرد كدا بين البلكونات لوت ثغرها ونظرت إليه بحزن: - طب والحل ؟ أنت فعلا مش هتعرف تنط ولا تعمل ده .. اممم طيب بص خليك أنت وأنا هروح لوحدي..
أمسكها من معصمها قبل أن تقوم من مكانها وردد معترضًا: - اقعدي يا نيران هو أنتِ رايحة تجيبي طماطم ! ايه رايحة لوحدي دي، هنروح مع بعض بس عندي طريقة تانية وأرجوكي ماتفهميش غلط ضيقت نظراتها ورددت بتساؤل: - ماأفهمكش غلط ليه ! مخبي عني ايه يا ابن سيادة اللواء ؟
قلب الورقة ومسك القلم وبدأ في رسم شيء جديد وما إن انتهى حتى أشار إلى الورقة وقال: - ده الأسانسير الخاص بغارم واللي بلاحظ إنه بيطلع منه لمكتبه وقدامه بالظبط مكتب لسكرتيرة خاصة بيه ده غير السكرتيرة بتاعة مكتبه .. إحنا لو قدرنا نطلع لمكتبه بالليل هيكون مفيش سكرتيرة تحت ولا فوق وأمر بتوع الريسيبشن أو الأمن محلول وهنقدر نختفي من قصادهم بس علشان نطلع ونعمل ده لازم حاجة تشغلهم عننا ومحدش يشوفنا واحنا داخلين الأسانسير..
هزت رأسها بالإيجاب وأعجبها مُخططه: - تمام أوي والحاجة اللي هتشغلهم دي عليا أنا، هنطلع مكتبه ندور على أي حاجة تخصه ولو مالقيناش هنضطر نراقبه من بعيد لبعيد لغاية ما يوصلنا حاجة من هيثم، وأنت بلغ سيادة اللواء دلوقتي بكل حاجة علشان يبقى معانا خطوة بخطوة ونحاصر غارم ده
خرج «فهد» من سيارته واتجه إلى ذلك المنزل المذكور بالمستند الذي تلقاه من اللواء «أيمن»، طرق بخفة على الباب وانتظر قليلًا قبل أن يفتح رجل كبير السن الباب، نظر إليه وردد: - حضرتك فارس حسين صمت «فارس» قليلًا قبل أن يجيبه بتردد: - أيوة يابني أنا فارس .. ماقلتليش أنت مين ؟
ابتسم «فهد» ومد يده ليصافحه قائلًا: - أنا النقيب فهد من المباحث وطبعا جايلك بخصوص قضية الديب ويب عارفها تبدلت تعابير وجهه وظهر التوتر وردد متسائلًا: - القضية دي عدى عليها زمن .. 15 سنة ياابني، عايز تعرف ايه..
ابتسم «فهد» وتقدم إلى داخل المنزل دون أن يأذن له «فارس»، نظر في كل مكان والتفت إليه قائلًا: - عدى زمن لكن بدأت تاني ياعم فارس وأنت عارف يعني ايه تبدأ تاني يعني فيها خراب وناس هتموت وهنبقى مركز للعصابات والمافيا العالمية .. أنا عايزك تقولي كل حاجة من الأول كأني بحقق في القضية القديمة
ظل يتحرك ذهابًا وإيابًا يفكر في حل لتلك المعضلة والتي ستودي بحياته وتنهي كل ما بدأه، اتخذ القرار الأخير ورفع هاتفه على اذنه بعدما اتصل بأحد رجاله: - أيوة .. نفذ كل اللي قلتلك عليه - تمام يا باشا وبالنسبة لمراته وبنته ؟ جلس على مقعده ووضع قدمًا فوق الأخرى وأردف بجدية وتوعد: - نفذ ومش عايز غلطة مفهوم ؟ - مفهوم يا كبير
فُتح باب الزنزانة التي يوجد بداخلها سجناء عملية تهريب المخدرات التي نفذها الرائد زين الجيار، دخل سجين جديد وجلس بجوارهم، رمقهم جميعًا بنظرات مجهولة وسرعان ما وجد أخيرًا قائدهم ومن يبحث عنه فنهض من مكانه واتجه ليجلس بجواره وما إن فعل ذلك حتى نظر إليه قائلًا: - الباشا بيسلم عليك أنت والرجالة..
انتبه «مجدي» له وزادت ضربات قلبه مع زيادة خوفه وقلقه فعو يعرف أن نهايته الآن ولا مهرب من ذلك، عجز عن الرد ولُجم لسانه من شدة الخوف، خلع السجين الجديد حذاءه وسحب من نعله قارورة صغيرة بها محلول ما ورفعها أمام وجهه وهو يقول بابتسامة: - لو خايف أنت والرجالة على أهلك يبقى تخلصوا ده دلوقتي ومن غير نفس..
ثم رفع صوته ليسمعه باقي السجناء: - أهلكم تحت ايدينا ولو ده مانفذتوش هيموتوا وبعدها هتموتوا أنتوا كمان ! أنا واثق إنكم هتختاروا الاختيار الصح نظر كلٍ منهم إلى الآخر بنظرات خوف إلى أن قرر واحدٍ منهم أن يتناول منه السُم، فتح القارورة وارتشف منها القليل ثم مد يده بها مرة أخرى إليه وعاد ليجلس مكانه منتظرًا الموت ...
رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الثاني عشر الجزء الثاني من بنت القلب
دلف إلى المكتب ومن خلفه «نائل» وأشار إلى الداخل قائلًا بابتسامة: - ده بقى يا سيدي مكتبك الجديد، كل حاجة جاهزة فيه وسهى هتفهمك كل حاجة عن الشغل وهتساعدك في حاجات كتير لغاية ما تبقى كأنك شغال من زمان مش قريب ابتسم «نائل» وهز رأسه بالإيجاب وهو يفحص المكتب بعينيه وقد نال إعجابه كثيرا ثم نظر إليه وردد: - تمام يا زين باشا، هعمل اللي أقدر عليه وربنا يقدرني وأشوف شغلي على أكمل وجه..
ربت على كتفه وردد مازحًا: - مش عايز أقولك على تاريخ المكتب ده .. اشتغل أيام بابا واحد وعمل حادثة ومات وبعدها بفترة اتعينت بنت في نفس المنصب ونفس المكتب وعملت بعدها حادثة وماتت اتسعت حدقتي «نائل» بصدمة وردد بقلق وتوتر: - ماتوا !
قهقه «زين» لرؤية شكله القلق والخائف وربت على كتفه مرة أخرى قائلًا: - متقلقش ياعم وبعدين أنت أكيد مبتصدقش في موضوع النحس والكلام ده .. صح ولا ايه ابتسم وهز رأسه بالإيجاب قائلًا: - لا مش بصدق في النحس بس مجرد الموقف خضني مش أكتر.. كنت عايز أسأل سؤال كدا.. اشمعنا أنا وليه حطيتني في المنصب ده، أكيد مش علشان اعتذارك ليا بسبب إهانة الأنسة ياسمين ووثقت فيا ازاى بالسرعة دي..
هز رأسه بالإيجاب واختفت ابتسامته قبل أن يقول بجدية: - بص هو علشان أعبر عن اعتذاري وأردلك اعتبارك سبب من ضمن الأسباب والسبب التاني هو إنك تحافظ على الشركة وتحافظ على ياسمين وتحميها من أي حد .. اديك شوفت هي بتعمل ايه ويوسف عايز يعمل فيها ايه هي والشركة ومفيش غيرك هيقدر يحمي الشركة ويحميها في غيابي علشان زي ما أنت عارف أنا معظم الوقت في شغلي وده مش بيسمحلي أقعد معاها أو اجي الشركة كتير .. أنا جيت النهاردة بسبب اللي حصل وعطلت شغل مهم جدا فـ ده سبب أما السبب الرئيسي هتعرفه بعدين مش دلوقتي.. أوعدك تعرفه بعدين..
هز رأسه وابتسم بلطف قائلًا: - إن شاء الله أكون عند حسن ظنك وأقدر أنفذ اللي عايزه مني ومتقلقش خالص .. خليك في شغلك وأنا هعمل اللي عليا استعد للرحيل وردد: - أنا متأكد من ده .. ربنا يعينك ومش هوصيك على ياسمين وأي حاجة تحصل كلمني على طول - تمام إن شاء الله
اتجه إلى الداخل ووجه نظره إلى «ياسمين» التي هربت من نظراته وردد منفعلًا: - ايه اللي أنا شوفته وسمعته ده ! نائب رئيس مجلس إدارة الشركة ؟ ازاي يعني ! أنتِ مش قلتِ طردتيه ايه اللي بيحصل بقى دلوقتي وقفت ودافعت عن نفسها قائلة: - أنا فعلا طردته واتهمته بالسرقة بس الظاهر عيط لزين وزين صدقه وعينه في المنصب ده وقال ايه أنا اللي غلطانة وهو برئ ومقدرتش أمنعه لأنه له نص الشركة.. بس ولا يهمك..
جلس على الكرسي ولوح بيده في الهواء وهو يقول باعتراض وقد زاد ضيقه: - ولا يهمني ازاي بقى ده سيطر على الشركة أهو وبكرا يكوش عليها وهفكرك جلست هي الأخرى ونظرت إلى الفراغ وهي تقول مبتسمة: - متقلقش مش هيعرف وهطفشه من الشركة.. هكرهه في نفسه وفي الشركة، ما أبقاش ياسمين إن ما خليته يسيب الشركة بمزاجه من كتر اللي هيشوفه على ايدي..
نظر إليها ورفع حاجبيه متسائلا: - هتعملي ايه يعني وضعت قدمًا فوق الأخرى ورددت بتوعد: - سيب دي عليا بقى .. أعمل اللي أعمله وهتشوف النتيجة بنفسك
دقت الساعة الثانية بعد منتصف الليل وكان «طيف» قد أنهى كل التجهيزات وارتدى بنطالا باللون الاسود وتيشيرت باللون الأسود حتى لا يلفت الانتباه في الظلام وكذلك ارتدت «نيران» ملابس سوداء تمامًا وما إن دقت الساعة الثانية حتى نظرت إليه ورددت بجدية: - جاهز ؟
هز رأسه بالإيجاب وأمسك هاتفه، نقر على رقم «هيثم» وضغط على زر الاتصال، رفع الهاتف على أذنه وانتظر الرد .. أجابه «هيثم» قائلًا: - ها أنفذ ؟ - نفذ ثم نظر إليها قائلًا: - أنا جاهز .. يلا بينا تحرك الاثنان معا في نفس الوقت الذي دلف فيه «هيثم» إلى الفندق وأشار إلى أحد العاملين بالفندق فتقدم تجاهه قائلًا: - افندم حضرتك تؤمر بحاجة ؟
أشهر بطاقته وهتف بصوت مرتفع وغاضب: - الرائد هيثم خالد .. اجمع بتوع الأمن كلهم هنا دلوقتي علشان أستجوبهم رفع حاجبيه بتعجب وحاول الاعتراض قائلًا: - بس سعادتك كل واحد في مكانه وده خط... قاطعه بصرامة: - نفذ اللي بقولك عليه بدل ما أعمل مشكلة وده مش ظريف علشان المقيمين بالفندق..
رفع كفيه وتراجع عن رأيه وبالفعل نفذ ما أمره به وترك رجل الأمن مكانه أمام المصعد، أشارت «نيران» إلى «طيف» الذي تبعها على الفور ودلفا إلى داخل المصعد، ضغطت على الزر ونظرت إليه قائلة: - قدامنا بالظبط خمس دقايق علشان أكتر من كدا هيثم مش هيقدر يتكلم معاها وربنا يستر محدش يكلم الزفت غارم ويقوله على اللي بيحصل تجهمت تعابير وجهه وردد بعدم رضا: - متفوليش يا حبيبتي واتفائلي خير .. غارم لو قفشنا هيعمل مننا كاتشب..
نظرت إليه وقبل أن تتحدث وصل المصعد إلى الطابق الخاص بمكتب «غارم» فأسرعت وخرجت متجهة إلى المكتب ومن خلفها «طيف» الذي راقب المكان جيدًا، حاولت فتح الباب فلم تستطع فوضعت يدها بجيب بنطالها وأخرجت قطة من الحديد وكانت صغيرة الحجم وبشكل طولي .. وضعتها مكان المفتاح وبيدها الأخرى وضعت قطعة أخرى وبعد محاولة دامت عشر ثوانٍ استطاعت فتح الباب فنظر إليها بإعجاب وردد: - عاش يا وحش ده أنتِ لو حرامية قديمة مش هتعرفي تفتحي الباب بالسهولة دي..
وضعت يدها على فمه وسحبته إلى الداخل وهي تقول: - ششش هتفضحنا يخربيتك وطي صوتك دلف إلى الداخل وبحث بعينيه في المكان فوجد كاميرا فأشار إليها وأشار إلى الكاميرا قائلًا: - اضحكي للكاميرا يا نوني .. ماعملناش حساب الكاميرا نظرت إليها وتابعت البحث وهي تقول: - متقلقش اتصرفت وحد متخصص في الكلام ده اخترق الكاميرات وحط تسجيلات قديمة يعني محدش شايفنا دلوقتي، يلا دور معايا مفيش وقت..
ساعدها في البحث وفتح كافة الأدراج وهي أيضا بحثت في كل الأوراق فلم تجد شيئًا، لم يتبق سوى الخزانة الموضوعة بالمكتب فاقترب «طيف» وردد متسائلًا: - هنفتح الخزنة دي ازاى ؟ اقتربت منها وسحبت ليزر من جيب بنطالها وأنارته وأخرجت أيضًا عدسة مكبرة، سلطت الضوء على أزرار الخزانة وقربت العدسة المكبرة منها فظهرت آثار الأصابع على ثلاثة أزرار فقط فنظرت إليه قائلة: - آثار الصوابع على الـ 3 زراير دول بس معنى كدا إن الباسورد من الأرقام دي ولازم نجرب..
على الجانب الآخر استطاع أحد رجال الأمن مهاتفة «غارم» دون أن يشعر «هيثم» وأبلغه بما يحدث فنهض مسرعًا وبدل ملابسه، أسرع إلى المصعد واتجه إلى الأسفل وما إن وصل إلى الاستقبال تذكر مكتبه وأن هذا قد يكون مخطط لكي يستطيعوا دخول مكتبه فأسرع إلى المصعد الخاص بمكتبه...
شعر بالخطر فأمسك سلاحه ووقف خلفها ليؤمن المكان بينما هي ظلت تحاول تخمين الرقم السري الصحيح ولكن كلما ضغطت على الأزرار تضيء باللون الاحمر، تأففت وتابعت تخمين الرقم السري إلى أن نجحت وظهرت الابتسامة على وجهها وأثناء ذلك استمع «طيف» لصوت بالخارج فنظر إلى «نيران» وردد قائلًا: - في صوت برا .. ده صوت فتح الأسانسير ! أكيد هو وحد بلغه .. هنعمل ايه..
أخذت الأوراق وقامت بإغلاق الخزانة ثم نظرت حولها فوجدت النافذة الخاصة بالمكتب فأسرعت وفتحتها وهتفت بجدية: - يلا اتسعت حدقتيه وهو ينظر إلى الخارج ونظر إليها بخوف: - يلا ايه احنا في الدور الرابع ومفيش حاجة نقف عليها .. هنموت يا نيران هزت رأسها وسحبته رغمًا عنه وهي تقول: - مفيش وقت .. لو فضلنا هنموت، في سير رفيع نقف عليه ونمسك في الحديد اللي بارز ده..
ازداد خوفه ووقف على هذا السير الذي كان رفيعًا للغاية وأمسك بالحديد البارز بينما هي أغلقت النافذة ووقفت بجواره، نظر إلى الأسفل فشعر بالدوار وأنه سيسقط فهتفت محذرة: - متبصش لتحت علشان متدوخش وتقع التقط أنفاسه بصعوبة وأردف بخوف: - البتاعة اللي أنا واقف عليها دي صغيرة أوي أنا حاسس إن دي آخرتنا وهنموت..
نظرت إليه وقالت بجدية ونظرات حادة: - انشف يا طيف واجمد كدا، أنت تقدر وبعدين مش بعد كل ده هنموت واقعين من الدور الرابع .. عايزن موتة أشيك من كدا أغلق عينيه وردد بخوف: - هو في موتة أشيك من كدا ! يارب استرها معانا احنا غلابة .. تعالي شوفي ابنك يااما
فتح «غارم» الباب وألقى نظرة سريعة على مكتبه فلم يجد أحدا، دلف إلى الداخل واقترب من خزانته وقبل أن يضغط على الأزرار رن هاتفه برقم رجل الأمن الذي أخبره برحيل «هيثم» فأمره بأن يوقفه واتجه إلى الخارج وأغلق الباب خلفه...
- هنفضل متشعلقين شعلقة القرود دي كتير ؟ أنا فاضلي تكة وأنزل أحضن الأسفلت فتحت النافذة قليلًا ونظرت إلى الداخل فوجدته قد رحل، فتحت النافذة بأكملها وقفزت إلى الداخل ثم مدت يدها إلى «طيف» لكي تساعده على الدخول وبالفعل نجحت في ذلك، تنفس بأريحية وأغلق عينيه قائلًا: - ياااه أخيرا ده .. اتكتبلنا عمر جديد، يلا بقى نرجع أوضتنا قبل ما غارم يشرف هزت رأسها بالإيجاب وأردفت: - تمام .. استنى هصور الورق ده بالموبايل ونمشي
وصل إلى الشقة التي حدث بها جريمة القتل والتي أتى إليها منذ ساعات، دلف إلى الداخل فوجد الأم وفوقها شرشف أبيض اللون تظهر الدماء عليه، انحنى وكشف عن وجهها ثم قام بتغطيتها مرة أخرى وتقدم إلى الأمام وعندما وقع بصره على جثة لطفلة صغيرة أسرع وتقدم ناحيتها، كشف عن وجهها فشعر بالصدمة من هذا المشهد الذي رآه .. هو تعود على تلك المشاهد لكن تلك الصغيرة استلطفها منذ ساعات عندما حضر إلى هذا المنزل ليستجوب زوجة «هاني»، غطى وجهها مرة أخرى وقبل أن يقوم حضر النقيب «طارق» من خلفه وردد قائلًا: - زين باشا..
نهض من مكانه والتفت إليه قائلًا: - ايه اللي حصل ولقيتوا حاجة ؟ بدأ في شرح ماحدث من وجهة نظره هو: - تقريبًا عرفوا إن سعادتك وصلتلهم فقرروا يقتلوهم وده اللي حصل .. ومش بس ده اللي حصل ضيق ما بين حاجبيه بتعجب وأردف متسائلا: - هو في حاجة حصلت تاني ؟
هز رأسه بالإيجاب وأردف: - أيوة سعادتك فيه .. المساجين المتهمين في قضية المخدرات واللي هم تبع القضية دي ماتوا كلهم مسمومين ومحدش يعرف ازاى ده حصل وامتى شعر بالصدمة لما سمعه ومسح وجهه بكفيه بغضب قبل أن ترتسم ابتسامة خفيفة على وجهه ويقول: - كدا كل الخيوط اتقطعت .. مفيش قضية .. مفيش متهمين .. مفيش راس كبيرة، كله باظ نظر «طارق» إلى الأسفل ولم يتفوه بكلمة بينما استعد «زين» للرحيل وردد بجدية: - خلص كل الإجراءات وحصلني على المكتب - تمام سعادتك
مر أسبوع ساعدته فيه «سهى» على فهم كل شيء متعلق بالشركة والعمل كما ساعدته أيضًا على التعامل مع أجهزة الكمبيوتر وكان سريع التعلم حتى إنه أصبح مدركًا لكل شيء وكأنه يعمل بالشركة منذ وقت طويل، رددت بجدية: - أيوة بالظبط كدا، مبروك يا نائل أنت كدا فهمت كل حاجة عن الشغل والشركة وتقدر تتابع أي حاجة بنفسك ابتسم بسعادة ووجه الشكر لها قائلًا: - شكرا أوي يا سهى معلش بقى تعبتك معايا..
بادلته الابتسامة وأجابته بلطف: - مفيش تعب ولا حاجة، يلا أسيبك بقى تكمل شغل وأرجع لمكتبي هز رأسه بالإيجاب وتركها ترحل وبقى هو يعتمد على نفسه في العمل حتى أنه فكر في جلب صفقات جديدة للشركة لكنه أجل هذا الأمر حتى يدرسه جيدًا ليحقق نجاحًا باهرًا..
على الجانب الآخر كانت «ياسمين» تفكر في ما ستفعله بـ «نائل» كي يترك الشركة فأُضيئت رأسها بفكرة ولكن قررت تنفيذها في اليوم التالي حتى تتقن عملها واستدعته إلى مكتبها فحضر على الفور وردد: - أيوة يا أنسة ياسمين في حاجة ؟ وضعت قدمًا فوق الأخرى ورددت بجدية: - سهى قالتلي إنها خلصت معاك وفهمت كل حاجة .. ها فهمت طبيعة الشغل وهتقدر تمشي معانا ولا ايه نظامك..
أجابها بجدية واضحة: - هقدر إن شاء الله وفي دماغي كذا حاجة كدا هقعد النهارده أدرسها وأقولهالك بكرا بعد ما أظبطها وهتفيد الشركة والشغل جدا هزت رأسها عدة مرات وأشارت بيدها وهي تقول: - تمام تقدر ترجع مكتبك وتكمل شغلك
كان «هيثم» جالسا بالاستقبال بعد إبلاغ رجال الأمن له برغبة «غارم» في محادثته وما إن رآه متجهًا تجاهه حتى وقف وانتظر قدومه، وقف أمامه وردد بتساؤل: - ممكن أعرف يا سيادة الرائد أنت بتعمل ايه في الفندق نظر إليه «هيثم» بثقة وأجابه: - جاي أحقق مع الأمن والعمال، اظن كان في جريمة قتل في الفندق بتاعك ولا نسيت ! أنا بشوش شغلي ولو اتكلمت بالطريقة دي تاني مع ظابط شرطة هسجنك مفهوم..
اشتعلت النظرات بينهما وسادت لحظة صمت بينهما، كلٍ منهم ينظر إلى الآخر بغضب وتحدي، قطع «هيثم» هذا الصمت ورفع أصبعه في وجهه وقال محذرًا: - أقسم بالله لو عقلك وزك وفكرت نفسك شبح وهتقدر تضحك عليا أو تخوفني لأندمك .. وأنا بقولك أهو يا غارم مش هتلحق تقف على رجلك لأنك هتتجاب وبكرا هتشوف .. اللي مانعني أقبض عليك دلوقتي هو الرائد طيف بس متقلقش قريب أوي هقبض عليك..
في تلك الفترة خرجت «نيران» بصحبة «طيف» واتجها مسرعًا إلى المصعد الخاص بالفندق ومنه إلى غرفتهما بينما ألقى «هيثم» جملته الأخيرة وانصرف تاركًا «غارم» الذي توهج وجهه من شدة الغضب.
جلس عم «فارس» وبدأ يتذكر ما حدث في الماضي فعاود «فهد» طلبه مرة أخرى: - ايه ياعم فارس هتفضل ساكت كتير ؟ فاق من شروده وابتسم بمجاملة قبل أن تختفي تلك الابتسامة ويبدأ في سرد ما حدث سابقًا: - من 15 سنة فوقنا كلنا على كابوس اسمه الديب ويب.. محدش كان يعرفه أصلا بس ده كان طريق علشان يتخفوا من السلطات والشرطة، المجرمين اللي اخترعوه علشان يقدروا يتواصلوا مع بعض من غير ما حد يراقبهم وفعلا اتطور وبقى مكان للاتفاق على استلام وتسليم المخدرات ومش بس كدا ده مع الوقت اتطور وبقى مكان لتجارة الأعضاء ومكان تقدر تأجر من عليه ناس علشان تقتل أي حد أنت عايزه وبيحصل عليه بلاوي سودا أي جريمة ممكن تتخيلها بتحصل عليه..
خطف قتل سرقة تجارة مخدرات تجارة أعضاء تجارة سلاح ضرب اقتصاد دول وحتى مكان لعبدة الشياطين والدجالين والمشعوذين ومحدش عرف يراقبهم نهائي ومش أي حد يقدر يدخل على الديب ويب ده نهائي، مابيدخلش عليه غير المجرمين وبس ولو ظابط شرطة حاول يدخل بيعرفوا وبيغتالوه فورا، الديب ويب مش منظمة بس مكان بيديره ناس مجهولة وفيه مواقع كتير عليه وفي ناس اتقبض عليهم عاملين مواقع على الديب ويب في أمريكا والباقي محدش عارف يوصلهم صمت قليلًا واستطرد:
- من 15 سنة في البدايات أمجد الجزار عمل موقع وكان شخص مهم جدا على الديب ويب ده وبمرور الوقت بقى عنده تشكيل عصابي كبير جدا وبيتواصل معاهم عن طريق الموقع ده وطبعا مفيش رقابة علشان زي ما قلتلك مش أي حد يقدر يدخل على الديب ويب ده، قدر يعمل أي حاجة وقتل ناس كتير أوي ولولا إن قيادات الديب ويب كانوا عايزينه يقع ماكانش هيقع نهائي..
هنا قاطعه «فهد» وسأله: - اشمعنى يعني .. أنت بتقول ناجح في الإجرام وعمل اللي محدش عمله ليه يوقعوه ابتسم «فارس» وأجابه بثقة: - علشان محدش كان يعرف عن الديب ويب ده، عدد قليل جدا اللي كان يعرف وهم كانوا عايزين العالم كله يعرف ويبقى عندهم خلفية علشان يتشهروا أكتر وأكتر ويكسبوا مبالغ متتخيلهاش وفعلا ده اللي حصل .. بمجرد ما وقع واتقال سبب القبض عليه كله بدأ يسأل ايه الديب ويب ده ودخلوا يدوروا وفهموا وعرفوا وعدد المجرمين على المواقع دي زاد بشكل رهيب..
قيادات الديب ويب نفسهم ماكانوش متخيلين دخول العدد ده كله وعملوا نفس اللي عملوه مع أمجد بس في دول تانية على مستوى العالم لغاية ما بقى كل العالم عارف ايه هو الديب ويب ده وكل المجرمين بقوا يستعملوه بشكل أساسي في الترويج لأي حاجة غير مشروعة ونجح مخططهم بس بعد فترة أمجد محدش سمع عنه حاجة واتقال إنهم لقوه مقتول في الزنزانة بتاعته لكن الحقيقة هو مااتقتلش لأن أمجد ده هو فارس اللي قاعد قدامك دلوقتي...