رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل السابع الجزء الثاني من بنت القلب
ضغط «نائل» على أسنانه بقوة وغضب شديدين، كور يديه استعدادًا للكمه بكل قواه لكنه تراجع في الثواني الأخيرة حتى لا يفقد عمله في ثاني يوم له به فهو في أشد الحاجة لهذا العمل ولن يضيعه لأجل كره بقلبه لأخيه والذي يكون من أم ثانية
نظر إلى «ياسمين» وردد بنبرة مسالمة تظهر احترامه لها كونها مديرة عمله الحالي وأردف: - أنا هسكت علشان أنا في الشغل وفي مكتبك يا أنسة ياسمين، تؤمرينى بحاجة تانية قبل ما أمشى؟ كادت أن تجيبه إلا أنه قاطعها بصوته الحانق الغاضب ونظراته الحادة المشتعلة وأردف: - الواد ده يمشي حالا من الشغل يا ياسمين..
نظر إليه بعدم تصديق فهو يريد قطع عمله كما فعلت والدته بالسابق ثم نظر إلى «ياسمين» وهو على أتم الاستعداد لقرارها الصادم فهو علم من «وحيد» أنها خطيبته ولكن لم يكن يعرف نهائيًا أن هذا الذي يتحدث عنه هو أخيه الذي يبغضه، انتظر ردها للحظات وأخيرًا تحدثت وهي تنظر إلى «يوسف»: - أنا مش فاهمة الحكاية بالظبط بس ماينفعش أي مشاكل بينكم تدخل في الشغل، الشغل مالهوش علاقة بأي خلاف بينكم..
ازداد اشتعال النار التي بداخله واحمر وجهه بغضب شديد وكأنه ينذر عن انفجار ضخم بعد لحظات من الآن فقاطعته هي قبل أن يبدأ فى الكلام: - معلش يا يوسف بس هو احترمني ومااتكلمش كانت جملتها الأخيرة بمثابة القداحة التي قامت بإشعال النيران أكثر وأكثر، رغم غضبه الشديد إلا أنه كبحه بصعوبة وهو يقول: - ياسمين أنا خطيبك والواد ده حقود وقلبه وحش وعايز مصلحة الشركة، لازم يمشي لأنه خطر، ماتخليناش نتخانق على حتة عيل مالهوش لازمة..
احترقت دمائه من هذا الحديث الذي يخترق صدره ويشعل الغضب والحزن بداخله لكن سبحان من ثبته إلى تلك اللحظة وجعله متماسكًا هكذا عادت لتقف خلف المكتب الخاص بها ورمقته بنظرة محذرة وهي تقول: - يوسف أنا قلت اللي عندي وأنا شايفة إنه ماغلطش واحترم وجودي ومش معنى إن في خلاف بينك وبينه يبقى أطرده من الشغل، تمام ولا مش تمام ؟
أنهت حديثها ثم نظرت إلى «نائل» واستطردت: - روح أنت يا نائل أومأ برأسه ورحل على الفور دون أن يتفوه بكلمة واحدة وبقى «يوسف» الذي لم يصدق ما حدث منذ لحظات فهي لم تستجب لطلبه وقامت بإحراجه أمام هذا البغيض كما يدعوه، هو يكرهها ويريد تدميرها لكن بعدما حدث الآن زاد كرهه لها وزاد توعده بالشر، لم يحتمل الوقوف لوقت أكثر بل خرج وصفق الباب خلفه بقوة وغضب ليعلن عن رحيله، أما هي فجلست على مقعدها وتأففت وهي تفرك بجبهة رأسها فقد شعرت بصداع شديد بسبب ما حدث أمامها منذ ثوانٍ، شعرت بأنها قامت بالتقليل من «يوسف» لكنها هدأت قليلًا عندما تذكرت كل ما قالته ولم تجد به خطأ فهي قالت ما يجب أن يُقال وتصرفت بحكمة ...
رفع صوت تألمه وضغط بيده على بطنه وهو يقول: - اااااه مش قادر .. بطني بتتقطع هموت ! أمسكت وجهه بكلتا يديها ورددت بفزع: - طيف بالله عليك رد عليا .. ايه اللي خلاك تاكل بس منه .. يارب ساعدني..
وقفت وأحضرت المياه ثم ألقتها على رأسه فصرخ بصوت مرتفع: - ياااح يابنت المجانين .. بهزر بهزر وبعدين بتدلقي المياه عليا ! أنا مسموم مش بولع يخربيتك تركت وعاء المياه من يدها ونظرت له بغضب ورددت باعتراض: - والله حرام عليك .. بتهزر ! أنا كنت هموت من القلق عليك لم يستطع التوقف عن الضحك وتعالت ضحكاته فضربته على كتفه بخفة قائلة: - بتضحك ! ماشي يا طيف..
توقف أخيرا عن الضحك وقربها منه بحب ثم حاوط وجهها بكفيه وهو يقول: - متزعليش مني اعتبريه مقلب صغنن وبعدين حد بيعالج التسمم برش المياه على الدماغ ؟ ده لو أنا اتسممت بجد يبقى مفيش أمل لنجاتي بقى لوت ثغرها ورددت بعدم رضا: - ماتقولش كدا بعد الشر عنك وبعدين بلاش مقالبك دي تاني ابتسم وسرق قبلة قبل أن ينظر إلى عينيها مرة أخرى ويقول: - يلا طيب نتعشى علشان ننزل نتمشى شوية
عاد إلى الكافيتريا مرة أخرى بوجه شارد غير منتبه لما يجري حوله، ظل على حالته حتى انتبه له «وحيد» الذي اقترب منه وعقد ما بين حاجبيه متسائلًا: - مالك يا نائل يابنى؟ من ساعة ما جيت من عند ست ياسمين وأنت سرحان وباين إنك متضايق، هي زعقت معاك تاني ولا ايه؟ ابتسم ابتسامة مصطنعة كي يخفي ما في داخله وأجابه: - لا أبدًا مفيش يا عم وحيد أنا بس بفكر في كام حاجة كدا، ادعيلي يا عم وحيد ربنا يزيل الهم ده علشان تعبت بجد، حاسس إني في سباق جري طويل مابينتهيش ومن قواعد السباق ده مفيش راحة ده غير الطريق اللي مليان طوب وازاز بيأذي، مش عارف أوصل لنهاية السباق ده وفي نفس الوقت مش عارف أستريح شوية من الجري..
ربت على كتفه بحنو بعد أن زينت تلك الابتسامة وجهه وأردف بحكمة: - أنا حاسس إن في حاجة ضايقتك بس طالما مش عايز تتكلم خلاص، بالنسبة للسباق ده فهو اختبار من ربنا وابتلاء .. ربنا بيختبر صبر عباده علشان بعد السباق ده كله تكون الجايزة ضخمة وكبيرة وماتكنش متخيلها، ربنا سبحانه وتعالى قال في كتابه: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾. صدق الله العظيم، مهما حصل يابني اتوكل على الله واصبر ونهاية الصبر ده خير والله.
شعر وكأن النيران التي اشتعلت بداخله قد خمدت الآن بسبب حديث «وحيد» الذي طالما كان يهدئه ويبث بداخله الصبر والتحمل على الشدائد، نظر إليه بابتسامة وردد: - شكرًا يا عم وحيد، بجد كلامك ده بيريحني جدا .. ربنا يعديها على خير رجع بظهره ليتابع عمله وردد: - يلا ماتفكرش في حاجة وارجع لشغلك .. متخليش الشيطان يشغلك في تلك اللحظة نادت «مايا» على «نائل» باسمه: - نائل ! نائل..
هنا ضحك «نائل» وهو مازال ناظرا إليه ولم يلتفت ثم أشار إلى الخلف وأردف بصوت منخفض: - اهو الشيطان جه قهقه «وحيد» بصوت مرتفع وهز رأسه قائلًا: - ده أنت مصيبة..
تلتفت برأسه ليجدها أمامه وعلى وجهها تلك الابتسامة المستفزة التي لابد أن خلفها الكثير، اقترب منها وقال بجدية شديدة حتى لا تزيد معه الحديث: - أيوة اتفضلي حضرتك تطلبي ايه ارتفع إحدى حاجبيها بتعجب وقالت: - برضه حضرتك ؟ ياابنى احنا بقينا زمايل في الشغل خلاص يعني كلمني عادى وبلاش الرسمية دي وبعدين أنا جاية أسألك ايه الخناقة اللى عملتها فى مكتب ياسمين وبعدها خرج خطيبها غضبان كدا..
استاء كثيرًا من تدخلها بالأمر وثرثرتها الزائدة فقرر أن ينهي الحديث وقال بغضب: - ياريت متركزيش ومش لازم تعرفي حصل ايه وأنا هنا بقدم طلبات بس سميها خدام سميها زميل شغل سميها زي ما تسميها لكن أنا مش هبقى الشخص اللي أنتِ عايزاه وأصاحب ده وأصاحب دي وأتكلم على ده وأنم على دي، أنا هنا في شغل وبس وياريت أنتِ كمان تقتنعي إنك في شغل وبس بدل ما تسمعي مني كلام يضايقك زي اللي بتسمعيه مني دلوقتي..
ثم ابتسم ابتسامة مصطنعة واستطرد: - ودلوقتى حضرتك تطلبي ايه ؟ غضبت كثيرًا لما قال وضغطت على أسنانها بقوة وقالت بغيظ: - مش عايزة حاجة ثم رحلت على الفور تاركة «نائل» الذى زينت ابتسامة النصر وجهه
ملت من المذاكرة وتركت كتابها قبل أن تتأفف بضجر وتمسك هاتفها لتتصفح "فيسبوك"، مر الوقت عليها وهي تتصفح حسابها على فيسبوك وأثناء تصفحها ظهر لها حساب «ذاخر» في الأشخاص التي ربما تعرفهم فأسرعت ونقرت على حسابه وبدأت تتصفحه وترى صوره المنشورة وأثناء فعلها ذلك ضغطت بالخطأ على زر الإعجاب فأسرعت ومسحته وقررت الخروج من صفحته كي لا تتعرض لهذا الأمر مرة أخرى لكنها أخطأت أثناء خروجها وأرسلت إليه "طلب صداقة"، ألقت الهاتف من يدها وصاحت بخوف وقلق: - يالهوي .. أعمل ايه !أكيد هيوصله إشعار إني بعتله ادد أسرعت والتقطت الهاتف مرة أخرى وقامت بإلغاء هذا الطلب وهي تدعي الله بأن لا يصله إشعار بهذا..
لسوء حظها كان «ذاخر» مُمسكًا بهاتفه في ذلك الوقت ووصله إشعار بوجود تفاعل منها لكنه اختفى على الفور فتعجب وفي تلك اللحظة أرسلت إليه طلب صداقة فدخل على الحساب ليتفاجأ بأنها هي وقبل أن يقبل طلبها كانت قد ألغت هذا الطلب فابتسم وأرسل هو لها وقبل أن تقبله قام بكتابة رسالة لها " وفرتي عليا .. كنت هبعتلك كدا كدا " وصلتها رسالته ففتحتها وقرأت ما كتبه، ابتسمت وردت عليه قائلة: " بالغلط والله بس مش مشكلة .. ازيك ؟ "..
ترك هاتفه وقام بفتح اللاب توب الخاص به ثم ولج إلى حسابه وأرسل إليها رسالة أخرى قائلًا: " الحمدلله بخير .. صحيح ماقلتيش أنتِ في كلية ايه " قرأت الرسالة وأجابته: " هو أنا ماقلتلكش ! امم على العموم أنا في كلية هندسة وأنت ؟ " ارتفع حاجبيه بدهشة فهو قد أخبرها بذلك ليلة زفاف شقيقته ومع ذلك أجابها: " أنتِ بتنسي بسرعة على فكرة .. مش قلتلك في كلية شرطة لما سألتِ وقلتِ إنك ماشوفتينيش قبل كدا "..
قرأت الرسالة وتذكرت ذلك اليوم في زفاف شقيقها فاعتذرت منه: " اه صح سوري نسيت .. طيب ربنا معاك، أنا هروح أكمل مذاكرة بقى علشان عندي كويز بكرا .. يلا سلام " تعجب من سرعة إنهائها للحوار بينهما لكنه أجابها قائلًا: " طيب ربنا يعينك .. سلام "..
أنهت حديثها وألقت الهاتف بجوارها وقد توترت، عضت على شفتيها بتوتر وقلق شديد وهي تقول لنفسها: - زمانه بيقول بعتله ادد ويفتكرني بشقطه ولا حاجة ! لا بس أنا قفلت معاه بسرعة علشان مايقولش حاجة زي كدا وبعدين كان لازم يعني أدخل على الأكونت بتاعه .. ياربي
- تمام يا فندم، تؤمر بحاجة تانية ؟ قالها أمين الشرطة للرائد «زين» بعدما أحضر هذا المجرم إلي مكتبه فأشار إليه بالرحيل وبقى هو وهذا المجرم بالمكتب وحدهما، تحرك ذهابًا وإيابًا ثم نظر إلى عينيه وشعر بخوفه الشديد، تقدم وعلى وجهه ابتسامة وأردف: - كان نفسي أعزم عليك بسيجارة زي ما بيحصل في الأفلام بس للأسف مش بدخن نظر إليه المتهم ثم نظر إلى الأسفل مرة أخرى بينما يسيطر عليه الخوف والقلق فتقدم «زين» وجلس أمامه ثم أشار إليه بالجلوس وهو يقول: - اقعد يا مجدي، اقعد علشان عايز أدردش معاك شوية..
نفذ أمره وجلس دون أن ينطق بكلمة، ابتسم وهو يرمقه ويرى قلقه الذي تملك منه فتقدم بجسده إلى الأمام وقال مازحًا: - متخافش يا ميجو محدش هيديك بالقفا ويقولك كلم الباشا عدل زي ما بيحصل في الأفلام، أنت هنا بني آدم والبني آدم بيغلط، أنا نفسي بغلط، محدش معصوم من الغلط بس غلط عن غلط يفرق، الغلط اللي أنت غلطته صعب وفيه ضرر لناس كتير أوي بس حله إنك تساعدنا وتقف معانا وساعتها غلطك ده عقابه هيبقى خفيف..
صمت قليلًا وهو يتابع رد فعله ثم استطرد: - أنا عايزك تقولي مين كان شغال معاكم ومين له علاقة بالمخدرات تعرفه وأوعدك لو ساعدتني هتاخد عقوبة صغيرة وتخرج أما لو ساعدتهم ومارضيتش تقول اسمهم ساعتها هيعيشوا حياتهم وهيضحكوا وهيعملوا اللي عايزينه بس أنت هتبقى محبوس في زنزانة لمدة 25 سنة .. تخيل بقى..
رفع بصره بتمهل ثم نظر إليه بنظرات مليئة بالخوف والقلق شعر بها «زين»، تردد كثيرًا هل يعترف بأمر هؤلاء ام لا ! هو ليس له أحدًا ليقلق عليه لكنه قلق على حياته أكثر فهم يستطيعون الوصول إليه بسهولة والقضاء عليه، اتخذ القرار الأخير وقال: - أنا هساعدك يا باشا وهقولك على أسمائهم بس بشرط عرف طلبه لكنه سأله لكي يتأكد من ذلك: - شرط ايه ؟
- تحميني منهم يا باشا، دول ايديهم طايلة وممكن يموتوني حتى لو أنا في السجن ابتسم وهز رأسه ثم قال: - على الرغم من إن الكلام ده بطل من أيام حرب المعيز بس ماشي أوعدك إنك هتبقى في سجن متآمن كويس وعليه حراسة مشددة وحياتك هتبقى مسئولة مني، ها عايزك تعرفني كل حاجة بقى ..
اقتربت منها والدتها بعدما لاحظت شرودها وعدم تفاعلها معها أو مع أحد بالمنزل، وضعت يدها على كفها وسألتها بحب: - مالك يا نايا سرحانة في ايه ؟ قلقتيني عليكي فاقت هي من شرودها وابتسمت كي تواري ما بداخلها وأجابتها: - مفيش يا ماما سرحت شوية مع نفسي عادي، متقلقيش يا حبيبتي رفعت حاجبيها وأشارت بأصبعها في الهواء قائلة: - مشكلتك إنك مش بتعرفي تكدبي، قوليلي مالك يا نايا .. اتخانقتي مع زين ؟
هزت رأسها بالنفي واستسلمت لرغبتها وشرعت في الكلام: - لا يا ماما، بس بفكر في اللي جاي .. خايفة على زين من شغله وخايفة على ياسمين بتدمر نفسها واتغيرت جامد بقت شخص تاني وبتعامل الكل بحذر حتي أنا اللى كنت زي أختها .. ياسمين بعدت عن الكل، بفكر في رقية اللي لسة صغيرة ومش لاقية أخ يقعد معاها ولا أخت تلاعبها، بيت خالتي اللي كان جنة والروح فيه دلوقتى بقى ضلمة ومافيهوش روح .. متضايقة جامد..
شعرت الأم بالأسى وتذكرت ماحدث، خفضت رأسها ورددت بحزن: - ربنا يرحمها ويرحم جوزها .. الله يكون في عونهم وبالذات رقية اللي مالهاش حد فعلا، ايه رأيك تجيبيها تقعد معانا طول النهار وزين يعدى ياخدها كل يوم وهو مروح ؟ عادت الروح إلى وجهها الذي أظلم ورددت بسعادة: - الله دي فكرة حلوة أوي يا ماما، اهي تسليني ومتبقاش لوحدها .. أنا هروح أجيبها دلوقتي
أنهت حمامها وارتدت ملابسها بنفس الوقت الذي انتقى فيه «طيف» تيشيرت باللون الأسود مع بنطال باللون الأسود أيضًا وما إن انتهى حتى نظر إليها قائلًا: - يلا يا روحي فيها ايه لما تلبسي في دقيقتين كدا زي ما أنا بعمل؟ أنهت وضع اللمسات الأخيرة من الميكاب على وجهها ثم التفتت وهي تقول: - يا حبيبي أنت راجل بتلبس بسرعة إنما احنا كستات بنتآخر وده طبيعي علشان نظبط شكلنا ونفسنا وكدا يعني وبعدين عايزاك تجيبلي كونتور وهايلايتر..
ارتفع حاجبيه بدهشة من جملتها الأخيرة وردد متسائلًا: - ايه ! ايه أكون طور والهاي لانتر ده ؟ هزت رأسها بالنفي قبل أن تصحح له: - كونتور وهايلايتر ضيق ما بين حاجبيه وأردف: - أسماء جن دول ولا ايه؟ شعرت بالضيق لجهله بتلك الأمور ثم اتجهت لتجلس على السرير وهي تقول معترضة: - جن ايه يا طيف ده ميكاب..
- ميكاب ! بتهزري ؟ طب ما تقولي عايزة ميكاب بدل المحور اللي خدتيه ده، من عينيا هجيبلك التور والرمايتر اللي عايزاه صححت له مرة أخرى وقالتها ببطء كي يستمع إليها جيدا: - كونتور وهايلايتر .. قول ورايا كونتور وهايلايتر حاول نطقها وكانت صعبة للغاية في البداية لكنه حاول مرارا وتكرارا حتى استطاع نطقهما: - كون .. كونتور و هاي هيالايتر صح كدا ؟
صفقت له ونهضت من مكانها وهي تقول بسعادة: - برافو عليك صح كدا رفع رأسه إلى الأعلى بتفاخر ورفع إحدى حاجبيه قائلًا: - عيب عليكي ده أنا ميكاب ارتيست قديم وأعجبك أوي..
تحركا أخيرًا من الفندق ليقوما بجولتهما اليومية وما إن تأكد «غارم» من رحيلهم حتى اتجه إلى غرفتهما ودلف إلى داخلها، بحث في متعلقاتهم عن أي شيء يفيده فلم يجد سوى بعض الملابس والأشياء الأخرى، ما هي إلا ثوانٍ وطرقت إحدى الفتيات على باب الغرفة ففتح لها «غارم» وقبل أن تتحدث أشار إلى الداخل وأردف: - طيف اللي قاعد في الأوضة دي لازم توقعيه ويتصور فيديو محترم من بتوعك .. في خلال يومين بالكتير الموضوع ده يتم مفهوم ؟...
اسف جدا جدا على التأخير غصب عني
هاااام جدا بخصوص شخصيات الرواية والأحداث
عن موضوع ان فيه اتنين يوسف واتنين جاسر: مش حكاية الاسامي خلصت بس كن ملاكي كانت رواية والجزء التاني من بنت القلب كانت رواية يعني ملهمش علاقة ببعض فدي ليها اسمائها ودي ليها اسمائها ولما دمجتهم خدت حكاية الاسماء في الاعتبار وعن موضوع يوسف فيوسف بتاع الفندق مش ده اسمه وهو واخد الاسم كغطاء ليه وفي الحلقات الجاية هيبقى اسمه الطبيعي غارم مش يوسف أما عن جاسر فجاسر بتاع شركة ياسمين مش هيظهر تاني اصلا ولو ظهر هيبقى مشهد ولا اتنين ملهمش اي لازمة لكن هي مش حكاية اسماء وانا معاكم ان الشخصيات كتير لكن أنا هركز على المهم منهم والباقي مجرد شخصيات لإكمال أركان الرواية زي كومبارس كدا
حاجة تانية هتلاحظوها وهي إن الوقت مع الشخصيات القديمة مش هو نفس الوقت مع الشخصيات الجديدة يعني مثلا طيف ونيران عندهم بليل وياسمين ونائل عندهم الساعة 6 الصبح ! ده مقصود علشان أحداث الروايتين مش بيحصلوا في نفس الوقت وهيجي حلقة معينة هتكون كل حاجة وضحت والأحداث هتبقى كلها في نفس الوقت .. كل الحكاية إن الاتنين كل واحد بتحصل احداثهم في وقت مختلف عن التاني وهتحصل حاجة هنعرفها وبكدا هيبقى الاتنين في الحاضر وماشين مع بعض في الأحداث والاشخاص في الروايتين هيتدمجوا ويبقوا رواية واحدة
حاجة تانية الرواية مش رعب نهائي حتى لو لاحظتوا ده فهي مش رعب لأن هيحصل لعب في الاعصاب كتير والغموض أكتر
في بداية الرواية والدنيا لسة واضحة ومش فاهمين ! امال لما نخش في الجد شوية هتعملوا اية يا جدعان ؟ انا هخليكم تشكوا في نفسكم صبرا بس
رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الثامن الجزء الثاني من بنت القلب
حان وقت الاستراحة لجميع العاملين بالشركة عدا «وحيد، نائل» حيث أن لستراحتهما تلي استراحة كافة العاملين، اقتربت «سهى» من «نائل» ورددت بابتسامة لطيفة: - بعد إذنك يا نائل عايزة فنجان قهوة علشان مصدعة جامد نظر إليها فوجدها تفرك برأسها بينما كانت تتألم من الصداع الذي أصابها فشعر بالقلق لأجلها وأردف: - أنزل أجيبلك مسكن ؟
هزت رأسها بالنفي ثم نظرت إليه نظرات تدل على الألم وأردفت: - لا ماتتعبش نفسك، أنا هشرب قهوة وهبقى كويسة هز رأسه بالنفي وارتفع صوته قليلًا وهو يقول: - لا لا القهوة غلط افرضي ضغطك عالي ؟ خليكي أنا هنزل أجيبلك اسبرين علشان الصداع ده ثم نظر إلى «وحيد» وتابع: - معلش يا عم وحيد أنا هنزل أجيب اسبرين لسهى علشان شكلها تعبان أوى أومأ رأسه وقال: - طيب ياابني روح..
خرج مسرعًا ولم يمض الكثير من الوقت حتى حضر مرة أخرى ومد يده بحبة الدواء وهو يقول: - خدى .. لحظة تركها وملأ كوب بالماء ثم مد يده به إليها وأردف: - خدى مياه اهىه تناولتها منه وارتشفت منها مع حبة الدواء الذي جلبه لها وما إن انتهت حتى ابتسمت له قائلة: - تسلم يا نائل، معلش تعبتك معايا..
كاد أن يجيبها إلا أن «وحيد» قاطعه وهو يقول بجدية: - الست ياسمين عايزاك في مكتبها يا نائل، سألت عليك أول ما نزلت وقلتلها إنك روحت تجيب برشام لسهى اتسعت حدقتيه وردد بقلق: - ربنا يستر، فيها خناقة وزعيق دي..
تركه واتجه إلى مكتبها، تردد في الدخول لكنه اتخذ قراره الأخير وطرق الباب برفق فأتاه الرد من الداخل: - ادخل فتح الباب ودلف إلى الداخل بخطوات متمهلة حتى وقف أمام المكتب وقال: - أيوة يا أنسة ياسمين، عم وحيد بلغني إنك طلبتينى تركت ما بيدها ورفعت رأسها لترمقه بنظرات مجهولة ثم ابتسمت بسخرية وهي تقول: - كنت فين وقت ما طلبتك ؟
زاغت عينيه في المكان وارتبك قليلا لكنه تماسك وأجابها بثقة دون تردد: - سهى كان عندها صداع شديد وباين عليها التعب فنزلت أجيبلها اسبرين هزت رأسها بعدما لوت ثغرها وقالت بنفس النبرة: - اممم عندها صداع ونزلت تجيب اسبرين ! ثم غيرت نبرتها وقالت بحدة: - وده وقت البريك بتاعك ؟
صمت قليلًا لا يعرف كيف يهرب منها ومن أسئلتها فرفعت صوتها وقالت بحدة: - رد عليا ! ده وقت البريك بتاعك ؟ هز رأسه بالنفي وأردف: - لا - ولما هو مش وقت البريك بتاعك بتنزل وتسيب الشركة ليه ؟ تلجلج وتلعثم في الحديث وهو يقول: - ما هو .. س..سهى كانت تعبانة واستأذنت من عم وحيد قبل ما أنزل..
خبطت بكفها بقوة على سطح المكتب وارتفع صوتها أكثر ليشبه الريح العاصفة التي تهب دون سابق إنذار: - مهما حصل ماتسيبش الشغل وتنزل، ده اللي قلتلك عليه في أول يوم ! أنا هنا عايزة التزام وشغل بجد مش هزار ومرقعة، ولا فاكر علشان نصرتك قدام أخوك هتعيش الدور وتعمل فيها باشا ؟ لا انسى، أنا شغلتك هنا علشان تبع عم وحيد غير كدا ماكنتش هشغلك .. لو هتبقى كدا على طول ومش شايف شغلك قولي علشان أقطع عرق وأسيح دمه !
لا يعلم هو لماذا كل هذا الهجوم عليه من قبلها، هو لم يفعل شيء يستحق كل هذا العتاب والتعنيف فهو لم يغب لأكثر من خمس دقائق فقط، نظر لها واستجمع قواه وردد باعتراض على لهجتها وطريقتها معه: - أنا أول يوم ليا في الشركة سمحت تعلي صوتك وتغلطي براحتك علشان كنت محتاج الفلوس فعلا ومش لاقي شغل لكن لو هتعامل كأني عبد هنا فأنا مش هسمح، مش هتغلطي فيا بكلمة تانية ومش هسمح ليكِ تقولي عليا كلمة تانية، أنا شايف شغلي كويس أوى وعمري ما أهملت شغلي وأنتِ عارفة ده كويس في اليومين اللي اشتغلتهم هنا، فلوسك اللى دفعتيهالى مقابل نص شهر هجيبهالك كاملة واليومين اللي اشتغلتهم هعتبرهم صدقة على صحتي، أنا هسيب الشركة ومش عايز أشتغل هنا تاني طالما هتهزأ بدون سبب وربنا زي ما رزقني قبل كدا هيرزقني تاني وتالت وهيفرجها من عنده، عن اذنك..
ثم ترك المكتب وصفق الباب خلفه بقوة...
مر يوم على غيث وليان وفي صباح اليوم التالي كان الاثنان في مركز التدريب كما أمرهم اللواء «أيمن»، نظر إليها بابتسامة وردد: - فاكرة أول يوم اتدربت فيه على ايدك ؟ ابتسمت بحب وهي تتذكر ذلك اليوم وأجابته: - ياااه هو ده يوم يتنسي، مش هنسى شكلك وأنت مش عارف أى حاجة في أى حاجة وأنا مدياك الوش الخشب..
ضحك وتذكر ذلك اليوم الذي أيقظته فيه منتصف الليل فلوى ثغره وأردف: - ولا اليوم اللي صحيتيني فيه من أحلاها نومة ورشيتي عليها مياه متلجة وقال ايه سيب نفسك للهوا .. ده أنا جالي دور برد لمدة أسبوع بعدها وأنتِ ولا هنا تعالت ضحكاتهما على تلك الذكريات التي كانت سببًا في كونهما معا الآن وكانت سببًا لزرع الحب داخل قلوبهما، قاطعت فاطمة ضحكهما قائلة: - كان على عيني أسيبكم تكملوا ضحك بس حان وقت التدريب يا شباب المستقبل..
أسرعت «ليان» وقامت باحتضانها وهي تقول: - بطوط وحشتيني بادلتها السلام والأحضان قائلة: - وأنتِ أكتر والله، ادينا هنتقابل على طول في تلك اللحظة ظهر «رماح» وصافح «غيث» قائلًا: - ايه الأخبار يا وحش .. جاهز للتدريب بادله المصافحة وقام بتحريك كتفيه بشكل دائري وهو يجيبه بحماس: - طبعا جاهز..
في الوقت ذاته لم تستيقظ «نيران» حتى بعد محاولات «طيف» في إيقاظها، تعجب واقترب منها ثم وضع يده على رأسها وهو يقول: - نوني ! حبيبتي ؟ تفاجأ بالحرارة المنبعثة منها وكأنها جمر مشتعل فأسرع واقترب منها ووضع وجهها بين كفيه بقلق وخوف شديدين وهو يقول: - نيران ! حبيبتي أنتِ كويسة ؟
لم تجبه فنهض من مكانه وأحضر وعاء من الماء البارد ثم اقترب من خزانة الملابس وسحب تيشيرت قطني خاص به ووضعه بالمياه ثم رفعه مرة أخرى ووضعه على رأسها وظل يكرر فعلته إلى أن هدأت حرارتها قليلا، ترك ما بيده وغير ملابسه بسرعة شديدة ثم اتجه إلى الخارج وبحث عن صيدلية بالقرب من الفندق وبعد بحث لم يدم طويلا وجدها أخيرا، دلف إلى الداخل وهتف بتوتر شديد: - لو سمحت عايز حقنة مضاد حيوي راميتكس وحقنة كيتولاك، وعايز اوجمنتين وكونجستال وكولدفري من كل حاجة شريط..
رفع الطبيب حاجبيه وردد متسائلًا: - حضرتك معاك روشتة ولا عارف العلاج وبتطلبه ! علشان لازم المريض يكشف الأول زاد ضيقه وردد بانفعال: - أنا دكتور .. لو سمحت عايز الأدوية بسرعة مراتي بتموت !
شعر الطبيب بالحرج واتجه إلى الداخل ثم قام بتحضير ما طلبه بسرعة شديدة، انتهى أخيرا ومد يده بحقيبة الدواء فأخذها منه «طيف» ثم أخرج النقود واتجه إلى الفندق مرة أخرى وهو يدعي الله بأن تكون زوجته بخير وأفضل حال، وصل إلى الغرفة وجهز الحقن ثم اقترب منها وأعطاها إياها وما إن انتهى حتى اقترب وقام بمتابعة ما كان يفعله قبل نزوله، قام بتبديل المياه وأحضر مياه باردة وتابع الكمادات حتى انخفضت حرارتها تمامًا..،
أبعد وعاء المياه والتيشيرت الخاص به ثم ضم وجهها بين كفيه وقال بحب: - قومي يا حبيبتي ماتخضينيش عليكِ قومي وأنا هعملك اللي أنتِ عايزاه وهعلمك باقي وصفات الأكل بس طمنيني عليكِ .. يلا علشان نكمل خروج وتكملي رخامة عليا .. يلا علشان أكمل تدريب على ايديكِ، أنتِ عارفة اليوم اللي نطينا فيه في الفندق على اد ما كنت خايف بس حسيت كدا إني بعمل حاجة أتشرف بيها وأحكيها لولادنا ..
أنا ماحسيتش الإحساس ده وأنا دكتور، الواحد ساعات بيكون راسم لنفسه طريق حابه ونفسه يمشي فيه لكن سعادته ونجاحه في طريق تاني وده اللي حصل معايا، ماحسيتش بالنجاح والسعادة غير لما دخلت شرطة وعرفتك، أنا عايز أكمل في الطريق ده معاكي ونبقى في ضهر بعض ونعمل حاجة نفتخر بيها ونحكيها لعيالنا اللي واثق إنهم هيبقوا زينا .. أنا عرفت ليه بابا كان عايزني أبقى زيه .. نفس إحساسي دلوقتي وأنا بخطط لولادنا اللي هيكملوا طريقنا بس قومي وفوقي كدا فتحت عينيها بضعف فوجدته يحاوط وجهها بكفيه ووجهه قريب للغاية منها، أغلقت عينيها ثم فتحتهما مرة أخرى وهي تقول متسائلة: - حصل ايه يا طيف ؟
تهللت أساريره لتعافيها وردد بابتسامة قبل أن يقبل جبينها: - مفيش يا روحي دول شوية تعب كدا والحمدلله بقيتِ كويسة حركت رأسها فوجدت وعاء المياه وبه التيشيرت الخاص به فأدركت أنها كمادات، وجهت بصرها إليه ورددت متسائلة: - هو أنا كنت سخنة ؟ هز رأسه بالإيجاب وأجابها قائلًا: - أيوة وعملتلك كمادات واديتك حقنة علشان السخونية تنزل..
اتسعت حدقتيها برعب من جملته الأخيرة ورددت قائلة: - ايه حقنة ! يعني أنا أخدت حقنة يا طيف ؟ ابتسم وأجابها مازحًا: - لا سرنجة مش حقنة .. أيوة حقنة يا نوني وبعدين كنتِ نايمة وماحسيتيش بيها رفعت أصبعها أمام وجهه ورددت بتحذير: - ولو .. ماتتكررش تاني، لو بفطس جنبك ماتفكرش تديني حقنة مفهوم يا طيف..
ضحك بصوت مرتفع وابتعد عنها وهو يقول: - طيب ياستي .. اللي يشوفك وأنتِ مدخلانا من شباك الفندق ومتشعلقة على الحبل مايشوفكيش دلوقتي وأنتِ خايفة من حقنة، بقى أنتِ اللي هتدربيني ! يا خسارة نهضت من نومها وفردت ذراعيها في الهواء قبل أن تقول معترضة: - مالكش دعوة أنا بخاف من الحقن وبعدين ماتتريقش عليا ده أنا خليتك تنط من الشباك بالعافية وكنت مرعوب .. خليني ساكتة بدل ما أطلع الفضايح يا طوفي يا حبيبي..
رفع إحدى حاجبيه ليقول معترضًا: - طوفي ! ماتدلعينيش تاني .. اندهيلي باسمي ينفع دلع ومنه اسم في نفس الوقت وقبل أن يتابع كلامه سمعا طرقات على الباب ...
هز رأسه بعدم تصديق ثم رمقه بغضب وهو يقول: - أنت هتهزر يا مجدي ؟ أفتحلك قناة ميكي بالمرة ! مال بجسده إلى الأمام وهز رأسه بالنفي وهو يقول بجدية واضحة: - لا والله يا زين باشا مش بهزر، اللي شغال معاه لقبه سبونج بوب ومحدش يعرف اسمه ابتسم بسخرية ثم عاد بظهره إلى الخلف وهو يقول مازحًا: - اه ودراعه اليمين جامبول ؟
أومأ رأسه بالإيجاب وهو يؤكد على ما قاله: - بالظبط كدا يا باشا خبط بقوة على مكتبه قبل أن يصرخ فيه بقوة وغضب: - أنت كنت شغال في المخدرات ولا سبيستون ياعم أنت ؟ أنت عايز تقنعني إنك متعرفش أساميهم الحقيقية وكل اللي تعرفه عنهم إن كل واحد له اسم بشخصية كارتونية ؟ لنفترض إنك فعلا متعرفش اساميهم اشمعنى بقى يسموا نفسهم بشخصيات كارتونية ؟ يا إما إنهم عصابة تافهة يا إما أنت اللي بتسرح بيا..
- والله أبدا يا باشا هو ده اللي حصل فعلًا ومستعد أقول لسعادتك عن المكان اللي كنا بنتقابل فيه وعن حد تاني كان شغال معانا وأعرف اسمه وبيته بس هو مات وممكن حد من قرايبه يعرف حاجة..
داعب طرف ذقنه وهو يفكر في حديثه ثم اتخذ القرار الأخير وأردف: - اسمه ايه اللي مات ده ؟ أجابه بتردد وخوف: - هاني عبدالشافي وساكن في "..."، ده العنوان يا باشا هز رأسه بالإيجاب ودون ما حصله من معلومات في ورقة صغيرة ثم رمقه بنظرات محذرة وهو يقول: - لو طلعت بتكدب عليا يا مجدي أو بتلعب بيا أقسم بالله هخليك تندم ومش هعاملك بالطيبة اللي بعاملك بيها دي دلوقتي نهائى مفهوم !
توجه إلى الكافيتريا ومن ثم دلف إلى غرفة صغيرة وقام بتبديل ملابسه وخرج على الفور فأسرع «وحيد» إليه ومعه «سهى»، نظر إلى ملابسه التي بدلها وصاح متسائلًا: - فيه ايه يا نائل ! غيرت هدومك ليه ؟
نظر إلى نقطة بالفراغ وقال بغضب وحزن في آن واحد: - مش هكمل هنا، مش هتعامل كأني عبد عندها .. ربنا كريم وهيرزقني بشغل تاني ثم نظر إلى عم «وحيد» وتابع: - تسلم يا عم وحيد على الشغل ومعلش تعبتك معايا بس فعلا مش هينفع أكمل هنا..
هنا تحدثت «سهى» وقالت بصوت هادئ لكن يظهر فيه تعبها وتألمها: - ده كله بسببي صح ؟ علشان سيبت الشغل وجيبتلي علاج هز رأسه بالنفي بعدما رسم ابتسامة خفيفة على وجهه وقال: - لا يا سهى مفيش حاجة، الست هانم متكبرة وشايفة نفسها شوية وأنا مش هقدر أتعامل معاها تاني..
كان الجميع يتابعون بنظراتهم وتهامسهم فـ بالصباح سمعوا صوت «يوسف» الغاضب بداخل مكتب مديرة الشركة وبعدها خرج وصفق الباب خلفه بقوة وكان الغضب والتجهم يسيطران على قسمات وجهه والآن ذهب «نائل» إلى مكتبها وعاد ليبدل ملابسه استعدادًا للرحيل نظرت «سمر» إلى ما يحدث وهي تحاول معرفة الأمر ثم نظرت إلى صديقتها «مايا» ورددت متسائلة: - هو ايه اللي بيحصل يا مايا ؟ الصبح يوسف ودلوقتي نائل ! في حاجة مش فاهماها في الموضوع..
أجابتها وهي تنظر حيث ينظر الجميع وحيث يدور الحوار بين الثلاثة «نائل، سهى، وحيد»: - تقريبًا كدا والله أعلم ياسمين طردت نائل ولو جينا نربط ده باللي حصل الصبح يبقى نائل زعل يوسف ويوسف خرج متضايق ومشعلل فـ ياسمين قررت تطرده
تجاهل الجميع ونظراتهم ودلف إلى مكتب والده ثم جلس على المقعد المقابل له فرفع والده «محمد» رأسه ورمقه بابتسامة ساخرة وهو يقول: - يا مرحب بالباشا أخيرا شرفت عبث وجهه وقال بضيق واضح: - بالله عليك يا بابا أنا مش ناقص تقطيم ولا كلام من ده كفاية اللي فيا ارتفع حاجبه بدهشة وردد متسائلًا: - ايه مالك ! جاي مش طايق نفسك ليه..
نظر إلى الأسفل وضغط بقوة على أسنانه وأردف بغضب شديد: - كنت عند ياسمين وابن الخدامة طلع شغال عندها و نصرته عليا هز والده رأسه بعدم فهم ولوى ثغره وهو يقول: - بالراحة كدا أنا مش فاهم منك حاجة .. ابن خدامة مين ونصرت مين، فهمني رفع بصره ليكشف عن حمرة وجهه بسبب غضبه الشديد وكأن جمرة من نار قد زادت اشتعالا وتوهجًا وأردف: - نائل..
- ايه ! نائل ؟ وبيعمل ايه عند ياسمين ! اتكلم أنت هتنقطني ؟ تابع سرد ما حدث: - كنت عندها في المكتب وفجأة دخل نائل بفنجان القهوة واتفاجئت بيه .. طلع شغال عندها في الكافيتريا، طبعا ابن الشغالة هيشتغل ايه، المهم اتعصبت وقلت ليها تطرده بس مارضيتش بنت الجيار وكسفتني قدامه وقالتلي لا مش هطرده لأنه ماعملش حاجة فخرجت من المكتب وجيت على هنا ومن ساعتها بتتصل بيا ومابردش..
طرق بأصبعه على سطح المكتب وهز رأسه قائلًا: - أنت غبي وهتفضل غبي طول عمرك ضيق عينيه وهتف متسائلًا: - أنا ؟ ليه يعني !
- علشان اللي عملته ده، علشان مصلحتنا لازم تكمل تمثيل على بنت الجيار وإلا هتاكل كل حاجة مننا وهنبقى ولا حاجة، مجرد موزعين وبس .. ايه يعنى لقيت نائل هناك ما يشتغل ولا يتهبب، تصرفك غلط ولو ياسمين رنت عليك كلمها، حكايتها دي لازم تخلص علشان لو طولت هتبوخ أوي، مفهوم ولا لا فكر قليلًا في حديث والده ورغم غضبه الشديد مما حدث إلا أنه قرر تنفيذ كلام والده ومتابعة ما بدأه بعد ما زاد ما حدث اليوم من كرهه الشديد لها وزاد من رغبته أكثر في الانتقام - مفهوم يا بابا، ماأبقاش يوسف الهواري إن ما خليتها تمشي تكلم نفسها
اتجه إلى الباب وفتحه ليجد فتاة أمامه فضيق ما بين حاجبيه وهو يسألها: - افندم ! حضرتك عايزة حد ؟ ابتسمت الفتاة وفتحت كُتيب صغير وعرضته على «طيف» وهي تقول: - حضرتك ده العيد السنوي للفندق وبالمناسبة دي عاملين Gifts واحتفالات ومن ضمن الهدايا دي إن أي عروسين هيبقى فيه ميكاب ارتيست في الكوافير الخاص بالفندق تجهز العروسة على حساب الفندق علشان الحفلة الخاصة بالفندق النهاردة وهيبقى كله يونيفورم .. تحب زوجة حضرتك تشارك..
نظر إلى «نيران» ثم عاود النظر إليها مرة أخرى وقال بابتسامة: - لا شكرا .. هي تعبانة ومش هتقدر تحضر الحفلة دي أسرعت نيران إليه وقالت معترضة: - أنا كويسة ومش تعبانة ثم نظرت إلى تلك الفتاة وتابعت: - أنا موافقة .. المكان فين ؟
- حضرتك هتتفضلي معايا وهوصلك بنفسي ثم نظرت إلى «طيف» وتابعت: - ماتقلقش حضرتك .. ساعتين بالظبط وهتبقى جاهزة استسلم لرغبتها في ذلك وابتسم بلطف لها قائلًا قبل رحيلها: - طيب ياستي، روحي وأنا هقضيها فيسبوك الساعتين دول وبعدين اجي اخدك..
بدلت ملابسها بسرعة وقبل أن تخرج لوحت بيدها مودعة إياه وقالت: - بااي .. ماتتآخرش - حاضر مش هتآخر بس لو حسيتِ بتعب كلميني وأنا هجيلك على طول تمام ! أرسلت له قبلة في الهواء قبل أن تجيبه: - تمام يا قلبي .. باي..
رحلت وبقى هو وحده في غرفته فقرر تصفح حسابه على فيسبوك طوال هذا الوقت حتى لا يشعر بالملل وقبل أن يمسك هاتفه سمع طرقات على باب الغرفة مرة أخرى فرفع حاجبيه وهو يقول بصوت منخفض: - ايه الكوافير عايزني أنا كمان ولا ايه ! فتح باب الغرفة ليتفاجأ بفتاة في غاية الجمال وشبه عارية، رددت بدلال شديد: - أنت طيف ؟
رفع حاجبيه بدهشة وأبعد نظره عنها وهو يقول: - أيوة أنا طيف .. أعوذ بالله ايه الأشكال دي دلفت إلى داخل الغرفة واقتربت منه أكثر قائلة: - بتقول ايه ! ده أنا جاية أبسطك ومالقيتش أحسن من دي فرصة ومراتك مش موجودة تراجع للخلف قبل أن يرفع كفيه ليدافع عن نفسه أمامها وقال وهو مسلط بصره على الأرض: - بقولك ايه أنا ظابط وأعرف ظباط صحابي في آداب، اقصري الشر كدا وانصرفي بدل ما أصرفك أنا..
ابتسمت واقتربت بوقاحة أكثر وهي تقول: - طب ماأنا خريجة آداب وماله ظابط ظابط .. ده حتى الشرطة والشعب في خدمة الوطن - وطن ايه ياماما أنتِ تعبانة في دماغك ؟ غوري من هنا بدل ما أسجنك حالا أنتِ واللي باعتك وفي تلك اللحظة عادت «نيران» من الخارج بسبب نسيانها لهاتفها وفوجئت بهذا المشهد أمامها، رفع «طيف» بصره وهتف بابتسامة: - اوبا .. ده ايه الفيلم العربي الفطسان ده ؟ نيران ! طبعا لو حلفتلك إني ماأعرفهاش مش هتصدقيني...
رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل التاسع الجزء الثاني من بنت القلب
استعد للرحيل لكنه فوجئ بدخول «ياسمين» إلى الكافيتريا فتوقف مكانه وانتبه الجميع لما يحدث، نظرت إلى ساعتها وظلت على حالتها تلك لأكثر من دقيقة ثم رفعت رأسها أخيرا وصاحت بصوت شبه مرتفع: - كدا البريك خلص، كل واحد يروح على شغله .. حالا نهض الجميع وهموا بالانصراف وهم يتهامسون فهي لأول مرة منذ توليها إدراة الشركة تتصرف تصرف كهذا، تأكدت من تنصراف الجميع وعدم تبقي أحد سوى «نائل، وحيد»، التفتت لتواجههما فأسرع «وحيد» يقول: - نورتِ يا ست ياسمين، أعملك حاجة...
ابتسمت بلطف وهي تتقدم لتجلس على إحدى المقاعد ثم وضعت قدمها فوق الأخرى ورددت: - معلش يا عم وحيد أنا عارفة إنه وقت البريك بتاعك بس هعوضهولك، عايزاك تنزل الدور اللي تحت وتتابع مع رانيا اللي عايزاه منك، مش هتاخد ربع ساعة أومأ رأسه بالإيجاب وهو يردد: - حاضر يا بنتي، أستأذن أنا..
ثم نظر إلى «نائل» نظرات مجهولة وهو يحاول معرفة ما يحدث لكن الأخير أشار برأسه كي يرحل وسوف يخبره في وقت آخر، تأكد من رحيله ثم توجه إلى المخرج كي يرحل هو الآخر فهتفت هى من خلفه: - نائل ! وقف وظل واقفًا هكذا لأكثر من نصف دقيقة ثم التفت نصف التفاته وأردف: - أيوة - خد عايزاك، ازاى تمشي كدا وأنا كنت لسة هكلمك ؟
التفت بالكامل وزاد غضبه بسبب تحكماتها وطريقتها المستفزة في المعاملة، عقد ذراعيه أمام صدره وأردف متسائلًا: - نعم ؟ المفروض أنا سيبت الشغل دلوقتي أشارت إلى المقعد المقابل لها وأردفت: - ممكن تيجي تقعد علشان أعرف أتكلم ؟ نظر إليها ثم نظر إلى المقعد وقرر أخيرًا تنفيذ طلبها وجلس قبالتها مردفا: - اتفضلي..
صمتت قليلًا لكي تستطيع تجهيز ما ستقوله، تنهدت وأردفت بجدية: - نائل أنا عايزة مساعدتك عقد ما بين حاجبيه قبل أن يشير إلى نفسه قائلًا: - عايزة مساعدتي ؟! أنا ؟ هزت رأسها بالإيجاب قائلة: - أيوة، هنعمل اتفاق .. هعرض عليك طلبي وأنت تعرض طلبك نظر إليها بعدم فهم وهو يحاول فك شفرة هذا الكلام الذي يخرج من فمها وأردف: - ها ! لغز ده ؟ طلب ايه واتفاق ايه..
تبتسمت وقامت بإنزال قدمها وانحنت إلى الأمام وهى تقول: - أخوك يوسف .. خطيبي، هتساعدني أنتقم منه مقابل اللي تشوفه، عايز تشتغل كأنك موظف في الشركة تمام عايز تبقي مدير لكل أعمالي تمام المهم تساعدني ظل يرمش بعينيه عدة مرات غير مدرك لما تقوله وهز رأسه قائلًا: - كدا المفروض فهمت يعني !
ابتسمت بخبث قبل أن تعتدل في جلستها وتقول بجدية: - يوسف وأبوه اللي هو المفروض أبوك أشد الأعداء ليا، يوسف فاكر نفسه بيضحك عليا وأبوه نفس الكلام عايزين يوقعوا الشركة علشان بابا كان المنافس القوى ليهم في السوق وماكانش بيسيب ليهم صفقة نهائي وأنا بعد ما مسكت الشركة بعد ما بابا توفى بمشي على نفس الطريق.. يوسف خطبني بطلب من أبوه علشان يقدر يقرب مني وفي نفس الوقت ينتقم مني ويقدر يوصل لكل شغلي في الشركة وأنا حسسته إني مش عارفة أي حاجة وبمثل عليه أنا كمان وماتسألش عرفت ده كله منين المهم إني عرفت وبما إنك أخوه وهو أبوك ومش طايقينك كدا فطريقنا واحد...،
أنا أنتقم لكذبهم وتخطيطهم لتدميري وتدمير الشركة وأنت تنتقم علشان وصلوك للحالة دي وكمان أنت ابنه وليك حق عليه وأنا مش هسأل ايه اللي وصلك لكدا ولا حصل ايه بس ده اللي هطلبه منك وفي حالة إنك تبقى معايا هتبقى اديتهم ضربة توجعهم وفي نفس الوقت تبقى في وظيفة بمرتب عمرك ما كنت تحلم بيه يعني كسبان بزيادة ... ها ؟
ظل لثوانٍ يحاول ترتيب كل ما قالته في رأسه، نظر لها باحتقار فهو لم يعلم أنه سيدخل منزل الشياطين بقدمه فكل العاملين هنا لم يطمئن لهم إلا القليل منهم فقط وها هي تحاول جذبه لصفها كي تنتقم من والده وأخيه، كيف يكيد الإنسان لغيره وغيره يكيد لنفس الشخص ! كل هذا من أجل المال ! لعن الله هذا المال الذي يجعل الإنسان كشيطان لا يدري ما يفعله، هو لا يحب والده ولا أخيه لكنه لن يفعل هذا، مهما زاد كرهه لمن ظلموه فهو لن يصبح شيطان مثلهما بل سيقف ويحاول كي يصل لغايته بطريقة تشرفه وتشرف أبنائه من بعده ولن يسير في طريق الشيطان..
وقف ونظر إليها بعدما رسم ابتسامة سخرية على وجهه وهز رأسه وهو يقول بضيق واضح: - أنا ماكنتش أعرف إن في حد ممكن يفكر في كدا للتاني ! يعني هو يضحك عليكي علشان يدمر الشركة وأنتِ تضحكي عليه علشان تنتقمي منه .. كل ده علشان الفلوس ؟ تتحرق الفلوس على اللي عايزها، أنا ولا هشتغل معاكي ولا معاهم .. ربنا مش هيسيبني وهيرزقني بطريقة تشرفني وبتعبي مش بنصب الكماين للناس حتى لو بكرههم..
وقفت ورفعت صوتها قائلة بغضب وهي ترمقه باستخفاف: - عايز تفهمني إنك ملاك يعني !؟ ماشوفتش نظرة الحقد اللي في عينيك ليه لما شوفته ؟ تراجع بظهره خطوتين وهو يهز رأسه بعدم تصديق لما تقوله وأجابها بنفس الضيق: - أيوة ملاك بالنسبة ليكِ ولكل اللي زيك، عمري ما حقدت على حد ولا اتمنيت اللي معاه رغم فقري .. لما بصتله كدا كان ضيق جوايا ليه علشان غلط في أمي وأبوه طردني أنا وأمي وأختي ومارضيش يصرف علينا، أنا يمكن بكرههم لكن عمري ما حقدت عليهم علشان هم أغنياء وأنا فقير، بالعكس أنا فرحان إني اتولدت فقير علشان ماأبقاش زيكم كدا بمثل على الناس وأنا جوايا حقد ليهم وده كله علشان شوية ورق !
زاد غضبها بسبب جملته الأخيرة ورفعت صوتها أكثر وهي تقول: - مابقاش غير واحد شحات ومش لاقي ياكل زيك اللي يديني نصيحة في الأخلاق ويعلمني ايه الغلط وايه الصح، كل اللي بعمله ده بيزنس ولو ماعملتش كدا هياكلوني والشركة دي هتقع وأنا مش هسمح بده طول ما أنا عايشة..
نظر إليها بعدم تصديق فهي أهانته إهانة لم يتلقاها من قبل فهي أشعرته بقلة قيمته وأحزنته كلماتها إلى حد كبير فكان يتلقاها كالسكين الذي يطعن قلبه عدة مرات متتالية، لم يصدق بأنها إنسان بل هي شيطان متنكر في صورة بشر، قرر الصمت والرحيل دون أن يرد الإهانة فأتاه صوتها الذي بغضه كثيرًا من خلفه: - عايزة الفلوس اللي اديتهالك امبارح ولا فاكر نفسك هتهرب بيهم وتكوش عليهم ؟
وقف في مكانه ولم يستطع الالتفات ليواجهها مرة أخرى فتقدمت هي وواجهته بعد أن عقدت ذراعيها أمام صدرها فرفع بصره لها وهو يقول بهدوء: - أكوش عليها ! الفلوس هجيبهالك بكرا ابتسمت بسخرية قائلة: - لا أنا عايزة الفلوس ودلوقتي يا إما هدخلك السجن، نسيت أقولك أنا أخويا ظابط شرطة لم يستطع تحمل ما تقول فأغلق عينيه وضاقت أنفاسه وهو يقول: - تمام بلغي الشرطة بس أمي وأختي اللي مالهمش غيري دول ذنبهم في رقبتك ابتسمت بسخرية وشعرت بالقوة لضعفه أمامها واتجهت إلى مكتبها ثم عادت مرة أخرى وهي تحمل هاتفها و ...
بدلت نظراتها بينه وبين تلك الفتاة غير مصدقة ما رأته عينيها في تلك اللحظة فتحدثت تلك الفتاة وهي تلتفت مستعدة للرحيل: - طب أسيبك دلوقتي علشان مراتك جت ارتفع حاجبيه بدهشة قبل أن يقول معترضًا: - وحياة أمك ! اقفي هنا يابت ثم نظر إلى «نيران» وتابع: - أنتِ مشيتي من هنا ولقيت المصيبة دي في وشي، بس تقريبًا أنا عرفت فيه ايه ومش هسيبها ضيقت نظراتها وظلت صامتة، تأملت تعابير وجهه فقط ولم تجده في حالة توتر وهذا ما دفعها لأن تقول متسائلة: - بجد ماتعرفهاش ؟
ضيق نظراته وقال بتحدي: - وأنتِ عندك شك واحد في المية إني أعرفها عليكِ ؟ هزت رأسها بالنفي قبل أن تقترب من تلك الفتاة وتجذبها من شعرها قائلة: - تعالي هنا بقى يا بت أنتِ، مالك ومال جوزي يابت هاا..
صرخت وهي تحاول الفرار من يديها لكنها أحكمت قبضتها وقامت بضربها في منتصف قدمها لتوقعها أرضًا على ظهرها بقوة ولم تكتفي بذلك بل جلست فوقها وهي تقول بغضب: - وحياه أمك لو ما نطقتِ لأقتلك .. انطقي يابت ايه اللي جابك هنا وعايزة ايه من جوزي ! مش هتتكلمي ؟ طيب هخليكي تتكلمي في القسم واتجهت إلى هاتفها ونقرت على الشاشة عدة نقرات ورفعت الهاتف على أذنها قبل أن تنتظر لوقت قصير وتقول: - أيوة يا فاطمة .. الحمدلله كويسة .. اسمعيني، عايزة بوكس قدام فندق "..." في الغردقة دلوقتي، مش دلوقتي هقولك بعدين بس بسرعة بالله عليكِ..
أنهت المكالمة ثم اتجهت إليها مرة أخرى وركلتها بقدمها بقوة وهي تقول: - لو طلع اللي في بالي مش هرحمك ظلت تبكي بصوت مرتفع وظهر عليها الخوف والتوتر، نظر إليها «طيف» واقترب منها وهمس قائلًا: - تبع غارم هزت رأسها بالإيجاب وهي ترمقها بضيق وأجابته: - عارفة ومتأكدة من ده بس ليه يبعتها أوضتك مش فاهمة ؟
ابتسم وأجابها: - الحكاية واضحة زي الشمس، حكاية عيد الفندق السنوي والبت بتاعة الكوافير علشان يبعدوكي عن الأوضة وتيجي الهانم تغريني علشان أضعف ويصوروني وبكدا لو عرفت حاجة عن غارم ده يهددني بالفيديو وبكدا يبقى في أمان بس طلع غبي أوي وتفكيره قديم ولبس نفسه في حيط، بالبت دي كدا هو وقع وهو اللي وقع نفسه، عمري ما شوفت غباء بالشكل ده هزت رأسها وقالت: - فعلا عندك حق، جت لقضاها وهو وقع ومحدش سمى عليه..
وجها أنظارهما تجاهها وهما منتظران وصول الشرطة إلى الفندق وأثناء انتظارهما توقفت عن البكاء ووضعت شىء بداخل فمها ونطقت بلغة غريبة: - على العهد .. سنكمل الطريق وستُسلم الراية لحامل العهد نظرا لبعضهما بتعجب من تلك الكلمات التي خرجت منها وفجأة خرجت مياه بيضاء من فمها قبل أن تسقط قتيلة وسط صدمة «طيف» و «نيران» فهما لم يصدقا ما حدث في تلك الثواني القليلة.
اقترب منها «طيف» وحرك وجهها يمينًا ويسارًا ثم أمسك معصمها ليتحسس نبضها فوجدها قد فارقت الحياة، نظر إلى «نيران» التي تتابع ما يحدث بصدمة وعدم تصديق وردد: - انتحرت .. تقريبًا بلعت سم نهضت من مكانها واقتربت بهدوء شديد ثم انخفضت وتأكدت من موتها، نظرت إلى عينيها المفتوحتين وفمها الذي يخرج منه مياه بيضاء ثم نظرت إلى «طيف» ورددت: - طيف الموضوع كبير، مش حكاية إن مازن اتنصب عليه .. في حاجة أكبر من كدا مليون مرة بتحصل واللي قالته ده له علاقة بكدا..
حرك رأسه متسائلا: - قصدك ايه ؟ إرهابيين مثلا ! لوت ثغرها ثم نظرت إلى جثة تلك الفتاة وهي تجيبه: - معرفش بس غارم ده خطر وبعد اللي حصل دلوقتي ده لازم نسيب الفندق وإلا هنموت قبل ما نعمل حاجة أصلا لم يوافقها على طلبها واقترح عليها خطة بديلة: - لا لو سيبنا الفندق هنبعد عنه وهنعرفه إننا عرفنا كل حاجة عنه وده هيخليه يبعت اللي يقتلنا، احنا هنفضل هنا .. هنا زي ما قلتِ أكتر مكان أمان وهنا هنلاعبه على المكشوف..
أمسكت بيده ونظرت إلى عينيه وقالت بحب وقلق في آن واحد: - طيف أنت مش جاهز تتعامل مع ناس زي دي وده خطر عليك، ماتخليش حماس الشغل يعرضك للخطر .. بعد اللي حصل النهارده ده لازم نعمله ألف حساب لأنه ماطلعش نصاب بس وضحك على مازن .. لا ده أخطر مليون مرة من كدا، قلنا عليه غبي بس تقريبًا دي خطة من ضمن ألف خطة عنده واديك شوفت لما الخطة فشلت البت عملت ايه..
قبض على يدها بقوة ليطمئنها ثم نظر إلى عينيها وردد بثقة: - مع بعض هنقدر نوقعه ونعرف مين وراه زي ما عملنا قبل كدا، عدت علينا مهمة أصعب من دي بمراحل وكلنا اتعرضنا للخطر بس قدرنا نوقعهم والعملية نجحت وكانت برا مصر كمان، دلوقتي احنا هنا وسط أهلنا وزمايلنا ومش هيهمنا غارم ولا يوسف، أنتِ ضهري وأنا ضهرك هنحمي بعض وهنضطر نوقف شهر العسل لفترة قصيرة وهنعوضه بعدين .. دلوقتي احنا في مهمة جديدة تمام ؟ ضمت شفتيها وهي تهز رأسها بالإيجاب وأردفت: - تمام.
حضرت سيارات الشرطة وتحولت الغرفة لساحة جريمة، اقترب الضابط المسئول «هيثم» وردد بتساؤل: - ماقدرتوش تعرفوا منها أى حاجة قبل ما تنتحر هز «طيف» رأسه بالنفي وأجابه: - لا مالحقناش، في ثانية كانت بلعت السم وقالت جملة غريبة .. عهد وهنكمل طريق وراية، مافهمتش منها حاجة بس حاجة زي طلسم من بتوع الجن والعفاريت وكدا بس مش زيه بالظبط يعني بس نفس صيغة الحوار..
أومأ الضابط رأسه ثم سأل مرة أخرى: - طب وهي ظهرت كدا بدون أي مقدمات ولا سبب ؟ ابتسم طيف وبدل نظراته بينه وبين نيران وأردف: - احنا كنا في شهر عسل يعني أيوة ظهرت كدا وماأظنش سعادتك الأسئلة دي هتفيد بحاجة لأن احنا فعلا مانعرفش حاجة وفي تلك اللحظة اقترب «غارم» منهم ونظر إلى «طيف» ليقول معتذرًا: - أنا آسف يا طيف باشا أنت والمدام على اللي حصل بس احنا فعلا مانعرفش مين دي ودخلت هنا إزاي بس هنحاسب أفراد الأمن على اللي حصل ده وأوعدك اللي حصل ده مش هيتكرر تاني..
لم يترك «هيثم» فرصة لطيف كي يرد عليه وبادر بسؤاله: - ازاى فندق كبير زي ده وواحدة غريبة تتهجم على أوضة حد من المقيمين في الفندق، أظن إنها مش صدفة وفي سبب ورا اللي حصل ده بدليل انتحار البنت .. تقريبًا علشان ماتقرش وتعترف على حد ولا أنت رأيك ايه يا أستاذ يوسف ؟
كان مسلطًا نظره على «طيف» وما إن أنهى «هيثم» سؤاله حتى نظر إليه بدهشة وأجابه: - أنا زيي زيكم مش فاهم ده حصل ليه وازاي بس لو في تفسير فهو إن حد متضايق من طيف باشا والمدام أو له تار عنده وحب ينتقم منه بطريقة معينة بس برضه الغلط كله على الأمن اللي سمح ليها بالدخول..
هنا ابتسم «هيثم» ووجه بصره إليه قائلًا: - طيب يا أستاذ يوسف هنحتاج الفيد باك بتاع الكاميرات وسجل الناس اللي دخلت الفندق الأسبوع ده على الأقل تبدلت تعابير وجهه لكنه سرعان ما أخفى ذلك ورد عليه: - اه طبعا، كل حاجة عايزها هتبقى جاهزة .. أستأذنك علشان أجهز اللي طالبينه رحل وظل «هيثم» مثبتًا أنظاره عليه وقال بشك: - مش عارف ليه مش متطمن له، الراجل ده وراه حاجة أو مخبي حاجة وحاسس إنه يعرف حاجة عن اللي حصل ده
نظر إلى الورقة التي بيده ثم نظر إلى المنزل الذي كان بمنطقة شعبية بإحدى مناطق القاهرة، أوقف طفل يلعب مع أصدقائه وسأله قائلًا: - بقولك يا شبح ماتعرفش فين بيت المرحوم هاني عبدالشافي ؟ التفت الطفل برأسه وأشار إلى إحدى المنازل وهو يقول: - اهو يا كبير، الدور التاني - تسلم يا غالي.
اتجه إلى المنزل وصعد إلى الطابق الثاني ثم طرق الباب برفق وانتظر لثوانٍ حتى فتحت طفلة صغيرة الباب وقالت: - أيوة، عايز مين انحنى قليلا وداعب وجنتيها بحب وهو يقول بابتسامة: - عايز أقابل ماما يا قمر، ممكن ! لم تترك الأم مجالا لها كي ترد وحضرت على الفور بعدما ارتدت حجابها وتقدمت وهي تقول متسائلة: - أيوة .. مين حضرتك..
رفع «زين» بطاقته الشخصية وهو يقول: - الرائد زين الجيار شعرت بالقلق وتراجعت خطوتين للخلف وهي تقول بتلعثم: - اا...ايه يا باشا فيه ايه - ممكن أدخل علشان عايز أسألك كام سؤال بخصوص جوزك هاني أشارت للداخل وهي تقول بتلعثم وقلق زائد: - اتفضل يا باشا بس هاني جوزي اتوفى الله يرحمه..
دلف إلى الداخل وتقدم ليجلس على المقعد ثم رفع رأسه ليقول: - أنا عارف إنه اتوفى، كنت عايز أسألك على كام حاجة كدا جلست هي الأخرى أمامه وهزت رأسها متسائلة: - حاجة ايه يا باشا شبك أصابعه أمامه واردف بجدية: - جوزك مات ازاي وكان شغال ايه..
ارتبكت في بداية الحديث لكنها تداركت الأمر في النهاية: - م..مات موتة ربنا وكان شغال في الملابس، كان بيجيب لبس ويقف يبيعه في العتبة هز رأسه بالإيجاب واستعدت ليسألها سؤال آخر لكنه استمع لرنين هاتفه فدس يده بجيب بنطاله ورفعه أمام عينيه ليرى مَن فوجدها شقيقته الكبرى «ياسمين»، عقد ما بين حاجبيه بتعجب ثم لمس الشاشة ورفع الهاتف على أذنه وهو يقول: - ياسمين ! حصل حاجة ؟، ايه بتقولي مين سرقك ؟