logo



أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 3 من 10 < 1 3 4 5 6 7 8 9 10 > الأخيرة




look/images/icons/i1.gif رواية توأم الروح
  14-03-2022 08:18 مساءً   [16]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل السابع عشر

كان ظافر يقترب من حجرته حين استمع الى صرخة مكتومة تأتى من حجرة أميرة، أسرع باتجاه الحجرة ظنا منه أن ذلك اللص قد عاد وأنه تجرأ واقتحم حصون بيته، ليجد الحجرة غارقة بالظلام الا من ضوء خافت يأتى من أباجورة صغيرة بجوار السرير الذى تنام عليه أميرة، تعجب من عدم اغلاق أميرة باب حجرتها بالمفتاح كعادتها كل ليلة قبل أن تنام، وتعجب أكثر من رؤيتها تنام قريرة العين فى سريرها، اذا من أين أتت تلك الصرخة؟

كاد أن يغادر الحجرة قبل ان تستيقظ وتجده بها معتقدا أنه توهم سماع صرختها المكتومة ليتوقف وهو يسمع مجددا أنينا خافتا التفت اليها وهو يعقد حاجبيه، اقترب من السرير ليراها بدورها عاقدة لحاجبيها ولكنها مغمضة العين، نائمة.

تردد همهمات لم يفهم منها شيئا سوى أنها تتوسل أحدهم أن لا يفعل شيئا، أدرك أنها تعانى كابوسا، خاصة عندما انتفضت وبدأت دموعها فى السقوط من عينيها المغمضتين، أحس بوجع فى صدره لمرآها على هذا النحو، ليقترب منها أكثر يود لو أيقظها ولكن بم يفسر وجوده فى حجرتها فى مثل هذا الوقت، ربما تظن به السوء، حسم رأيه وهو يراها تزداد انتفاضا، ليميل عليها ويهزها برفق قائلا:
أميرة.

لم يجد منها استجابة سوى أنها تمسكت بيده بقوة لتجبره على الجلوس بجوارها على السرير وقد ضمت يده اليها وأحكمت قبضتها، ليشعر ظافر بأحاسيس عديدة، توتر، قلق وحيرة، تزايدت دقات قلبه وتصبب العرق على جبينه، حاول أن يسحب يده بحذر فتمسكت بها أكثر، اغمض عينيه وهو يزفر بقوة، يهزها بيده الحرة قائلا بنفاذ صبر:
أميرة، فوقى ياأميرة.

فتحت عينيها بقوة وما ان أبصرت ظافر حتى اندفعت اليه على الفور تضمه بقوة، أصابت ظافر صدمة قوية من فعلتها تلك، يدرك أنها غير واعية لتصرفها، تبحث فقط عن أمان بين ذراعيه بسبب هذا الكابوس، تجمد مكانه لا يستطيع أن يضمها بدوره ليمنحها ذلك الأمان فسرعان ما ستدرك ما تفعله وستظن أنه استغل ضعفها وخوفها، شعر بها تنتفض بين ذراعيه كعصفور مبتل، بل انه يكاد يقسم أنه يسمع دقات قلبها المتسارعة ويشعر بدموعها تبلل كنزته، ليرفع يديه رغما عنه ويضمها بحنان، هامسا فى أذنها:.

اهدى ياأميرة، ده كابوس وخلص.
شعر بها تهدأ قليلا بعد سماع نبرات صوته، ثم تبتعد عنه ببطئ ليسمح لها على الفور بالتحرر من بين ذراعيه، أطرقت برأسها، يدرك خجلها ولكنه لم يعلق، نهض على الفور يحاول ان يوارى انفعالاته بدوره، تلك المشاعر التى اشتعلت فى قلبه حين ضمها اليه، مشاعر كان يظنها من قبل قد اندثرت من حياته الى الأبد، ولكن يبدو أن أميرة أعادتها لحياته من جديد، قال بهدوء لا يعكس اضطرابات قلبه:.

انتى كويسة؟
أومأت برأسها فقال:
تمام، اتغطى كويس وحاولى تنامى، تصبحى على خير.
لم ترد فأدرك أنها مازالت تخجل منه ليلقى عليها نظرة أخيرة قبل ان يلتفت ليغادر الحجرة ليتوقف فجأة عندما سماع صوتها وهى تقول بخفوت:
ده مش كابوس.
التفت اليها يرمقها بحيرة ولكنه لم يتفوه بحرف خشية أن تصمت، شعر ان ما ستبوح به الآن هو شئ خطير من ذلك الجمود الذى يحتل ملامحها، أثارت فضوله وبشدة، سمعها تستطرد فى مرارة:.

ده حقيقة بس أسوأ من الكابوس، حقيقة شفتها وأنا عندى ٨ سنين، ومحدش يعرف عنها حاجة غيرى أنا وأمانى أختى.
اقترب منها مجددا وهو يجلس بجوارها بهدوء يستمع اليها وهى تستطرد شاردة:.

كنا ساعتها فى بيتنا فى الفيوم وكان بابا زى عادته مسافر، انا وامانى كنا بنلعب فى الجنينة وفجأة وقعت، وهدومى مبقتش نضيفة، سبت أمانى ودخلت لماما عشان اغير هدومى، لفيت أقولها تستنانى لما أغير عشان نسمع اغنية محمد فؤاد الجديدة مع بعض، بس شفتها بتحط الهاند فرى فى ودنها عشان تسمعها، هزيت كتفى ومشيت، دخلت من الباب الورانى بتاع المطبخ، وفجأة سمعت ماما بتزعق، قلت بابا رجع و بتتخانق معاه زى عادتهم، قربت من الباب بشويش، لقيتها فعلا بتتخانق، بس مع آنكل سامح، ابن عم بابا وصاحبه، سمعت ماما بتقوله انها مش ممكن تهرب معاه وان حتى لو بابا خاين فهى مستحيل تخون، آنكل سامح ساعتها اتنرفز وقالها انها بتضيع حياتها مع واحد مبيحبهاش وهيإذيها فى كل يوم هتعيشه معاه، زى ما أذاها قبل كدة، ماما فضلت رافضة، آنكل سامح اترجاها وقالها انه بيحبها وانه متمسك بيها لآخر لحظة، وماما قالتله انها مش ممكن تفضل سعادتها الشخصية على حساب سعادتنا وانها لا يمكن تمشى وتتخلى عننا، ساعتها آنكل سامح حضنها بالعافية وقبل ما ادخل بغضب طفلة صغيرة مش فاهمة حاجة من اللى بيحصل غير ان آنكل سامح عايز يبعدنا عن مامتنا لقيت بابا داخل من الباب واول ما شافهم طلع مسدسه ومن غير ولا كلمة ضربهم بالرصاص وشفتهم بيقعوا على الأرض غرقانين فى دمهم.

توقفت عن الحديث وهى تنتفض وتشهق بالدموع بينما ظافر استمع اليها بذهول، يدرك أن ما رأته اميرة كان كثيرا على طفلة فى الثامنة من عمرها، لابد ان مارأته ترك اثرا على نفسيتها يتعدى تلك الكوابيس التى تراها، استطردت بعد لحظات قائلة فى مرارة:.

فضلت واقفة فى مكانى، مقدرتش أتحرك أو اقول أى كلمة، لقيت بابا بينده على عم جابر البواب ولما دخل قاله بكل برود( الزبالة دى تختفى من البيت حالا)الدنيا ساعتها لفت بية ووقعت على الأرض، ولما فقت لقيتنى فى اوضة نومى وجنبى امانى، عيط فى حضنها وحكيتلها عن اللى شفته، عيطت هى كمان وخافت بابا يعرف ويعمل فية حاجة، حذرتنى من انى اتكلم، احنا صحيح كنا لسة صغيرين بس كنا عارفين ان احنا بالنسبة لبابا ولا حاجة وممكن يبيعنا فى ثانية.

شعر ظافر بغصة فى قلبه، كيف تحملت هاتان الفتاتان الصغيرتان كل ذلك؟وكيف استطاعا العيش مع والدهما وهو على هذا الشكل؟
استطردت أميرة قائلة فى مرارة:.

بعد الحادثة بيوم واحد بابا جه وقالنا ان ماما سافرت ومش راجعة تانى وان احنا هنسافر معاه القاهرة نعيش هناك، على أد رفضنا ان احنا نعيش معاه بس كنا مضطرين، مكنش لينا حد غيره ولما كبرنا واختى حبت واتجوزت حاول يفرق بينها وبين جوزها، بس مقدرش ولما مات جوزها مفكرش فيها وفى مشاعرها وحاول يجوزها لشريكه بس هى هربت، وفضلت انا، فضلت عايشة مع أكتر حد كرهته فى حياتى.

شعر ظافر بالكره أيضا لذلك الرجل، ود لو كان أمامه ليدك عنقه منهيا حياته البائسة وأفعاله النكراء، بدأت اميرة تهدأ وتمسح دموعها بيدها كالأطفال ثم تستطرد قائلة:.

وفاتت سنين واتكررت مأساة أختى معايا أنا وبقيت بالنسبة له بيعة للى يدفع أكتر، صمم يجوزنى لابن صاحبه عشان غنى، عشان ينقذ شركته بفلوسه، فعملت زى أختى وهربت، كنت رايحة للمكان اللى عارفة انه مش هيشك فيه عشان عارف أد ايه بكرهه، هو فاكر انى بكرهه عشان ماما سابتنا فيه وهربت، ميعرفش انى بكرهه عشان امى اتقتلت فيه على ايديه، امى المظلومة، اللى كان كل ذنبها انها اتجوزته، معرفش ليه فكر انى ممكن اروح هناك وبعت ربيع يدور علية فيه.

تساءل ظافر عن ذلك الربيع والذى تكرر اسمه للمرة الثانية أمامه، هل هو ذلك الخطيب المزعوم؟لا يدرى لم رفض فكرة خطبتها رفضا قاطعا، لا يتخيل تلك الملاك البرئ عروسا لأى شخص تربطه علاقة بوالدها، بل لا يتخيلها عروسا لأحد على الاطلاق، افاق من افكاره على صوتها وهى تقول بمرارة:
انا عارفة انها مسألة وقت ويلاقينى، وده اللى خلى الكوابيس تجينى تانى، بس هفضل أهرب، مش هتجوز ابن صاحبه ولو كان التمن حياتى..

انقبض صدر ظافر من سيرة الموت. ليربت على يدها بحنان، رفعت عينيها اليه فى تلك اللحظة تدرك وجوده وبشدة، تسللت نظراته الحنونة لتمس قلبها على الفور، أرسلت اليها احساسا قويا بالأمان غمرها على الفور مع تسلل كلماته الحانية اليها وهو يقول بهدوء:
اطمنى ياأميرة، باباكى مش هيقدر يعملك حاجة، أنا جنبك، وبكرة باذن الله هنلاقى حل لمشكلتك، نامى انتى وارتاحى، انتى شكلك تعبان اوى.

اومات برأسها وقد بدأت تحس بالفعل انها منهكة وتحتاج الى النوم، لينهض ظافر ويبتعد ثم يلقى نظرة أخيرة عليها قبل أن يغادر الحجرة ويغلق بابها لتتنهد أميرة وتضع رأسها على الوسادة لتذهب على الفور فى سبات عميق.

كان بيجاد يمشى فى الحديقة ذهابا وايابا كالليث الجريح، لا يدرى ماذا يفعل او كيف يهدأ، يشعر بثورة تجتاح كيانه، لم يكن يتوقع رؤيتها اليوم، فى ثانى ايامه بالاسكندرية، بل لم يكن يتوقع ان يراها مطلقا.
لقد ذهب اليوم صباحا الى هذا المكان الذى جمعهما لأول مرة، ذهب هناك كى يودع كل ذكرى جمعتهما سويا، كل لحظات الحب الذى ظنها حقيقية، كل ما يخص أمانى من قريب أو من بعيد، ذهب يودعه الى غير رجعة.

نعم لقد قرر اليوم ان يترك الماضى وشأنه، يترك كل ما يذكره بعذاب قلبه، ليفاجأ بالماضى يعود اليه وبكل قوة يصفعه على وجهه، يراه متجسدا امامه، لقد اقترب اليوم من والدته وقد لفت انتباهه تلك الفتاة التى تحدثها، بدت مألوفة اليه بشكل خطير، حتى أدرك من هى، وهى تلتفت اليه وتواجهه ليدرك بكل قوة من تقافز دقات قلبه أنه لم يتوقف يوما عن عشقها.

رغم كل ما فعلته به مازال قلبه ينبض من أجلها، عندما همست باسمه اليوم أحس بروحه تعود اليه بعد ان غادرته منذ زمن بعيد، لم يدرى كيف استطاع أن يقسو عليها هكذا، ربما اراد أن يرد لها الصفعة التى نالها منها منذ خمس سنوات وربما اراد ان يثبت لنفسه انها لم تعنيه ولا تهمه فى شئ، ما يثير غيظه فعلا هو اصراره على تواجدها بجواره، فى جناحه، بالحجرة التى تجاور حجرته، كيف سيستطيع الصمود وهو يدرك أنها على بعد خطوات صغيرة منه، يكفيه ان يفتح ذاك الباب بينهما ليسرع ويأخذها الى أحضانه ويروى ظمأه لها، يشبع ادمانه الذى سيطر على حواسه، نعم فهى كالإدمان، يعلم انها ضارة له بل مميتة ولكنه لا يستطيع التخلى عنها، لا يستطيع ان يتركها، يود لو مد يده حول عنقها واذهق روحها الخائنة، ولكنه ايضا يود لو مد نفس اليد إليها ليأخذها فى حضنه ويعتصرها بين ذراعيه ليشعر مجددا بالاكتمال، هذه هى أمانى.

، أمانيه التى تغلغلت دوما الى كيانه فمنحته وطنا ثم طردته منه وتركته لغياهب الغربة تتقاذفه كيفما تشاء، بعيدا عن اهله، عن حياته، وبعيدا عنها هى، نعم هى، اغلى النساء بحياته وأرخصهم، هى من أدخلته الجنة ثم القت به فى النار، هى أول حب وآخر حب، لم يكن هناك قبلها ولن يكون هناك بعدها، هذا ما يدركه أخيرا، ولكنه لن يستسلم لها مجددا، فهى كالحية، لا أمان لها مطلقا، سيقاوم بضراوة.

. وحتى آخر رمق، سيعذبها، سيجعلها تندم على مافعلته بحقه، سيذيقها من نفس الكأس الذى أذاقته اياه. ربما وربما فقط وقتها يشفى غليله منها، ويبرئ قلبه من مرض عشقها، نعم هذا ما سوف يفعله.
ظهر فى عينيه التصميم، ليمسك هاتفه ويرفعه أمام وجهه، يطلب رقما ما ليرد عليه صوتا أنثويا قائلا فى سعادة:
جاد، حبيبى، لا أصدق انك اتصلت بى بتلك السرعة، هل اشتقت الي؟هل افتقدتنى؟

أغمض عينيه للحظة فى ضيق قبل أن يفتحهما قائلا فى حزم:
صوفيا، أحتاجك وبشدة.



look/images/icons/i1.gif رواية توأم الروح
  14-03-2022 08:18 مساءً   [17]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثامن عشر

سمعت أمانى طرقات على باب حجرتها فدق قلبها بعنف تتساءل عن الطارق، هل هو بيجاد؟انها لم ترى وجهه منذ البارحة، ظلت طوال الليل ترهف السمع تنتظر رجوعه الى حجرته حتى استمعت الى الباب يفتح ويغلق، اقتربت من الباب المشترك بينهما لتستمع الى حركاته الخافتة داخل الحجرة، واقتراب خطواته من الباب المشترك بينهما لتتوقف تلك الخطوات، حبست أنفاسها وهى تتراجع خطوة الى الوراء، لتظل هكذا للحظات ثم تسمع ابتعاد الخطوات مجددا لتزفر أنفاسها باحباط ثم تعود الى سريرها لتتمدد عليه تحتضن وسادتها بحزن تذرف دموعها من جديد...

تكررت الطرقات لتقول بصوت خافت متردد:
اتفضل.
فتح الباب لتدلف فرح الى الحجرة وتطلق امانى سراح أنفاسها التى كتمتها فى صدرها، ابتسمت فرح قائلة:
صباح الخير ياايمى.
ابتسمت أمانى قائلة:
صباح الخير يافرح، تعالى اقعدى.
جلست فرح بجوارها قائلة:
ايه يابنتى مالك وشك أصفر كدة ليه؟
قالت أمانى بارتباك:
ولا أصفر ولا حاجة، انتى، انتى بس بيتهيألك.
نظرت اليها فرح بنصف عين لتتسع عينيها فجأة بإدراك وهى تقول:.

انتى افتكرتينى بيجاد، صح؟
أشاحت أمانى بوجهها لتقول فرح بمرح:
والله صح، افتكرتينى بيجاد ياأمانى.
نظرت اليها أمانى بغيظ قائلة:
خلاص بقى يافرح.
قالت فرح بابتسامة:
خلاص ياستى، قوليلى بقى هنعمل ايه النهاردة؟
نظرت اليها أمانى بحيرة قائلة:
هنعمل ايه فى ايه؟
ضربت فرح على رأسها بخفة قائلة:.

لأ، انتى بيجاد طير عقلك خالص، ركزى ياحاجة، احنا رجعنا البيت خلاص، أنا وبدر اتفقنا نعيش زى الاخوات لغاية ما نشوف علاقتنا رايحة على فين، تمام، وانتى وبيجاد بردوا زينا، وده كان انبارح، النهاردة بقى هنعمل ايه؟هتفضل كل واحدة فينا فى اوضتها وحاطة ايدها على خدها مستنية الباشا بتاعها لما ييجى من الشغل ولا هننزل ويبقى وشنا فى وش حماتك اللى هى اصلا فاهماكى غلط وهتفضلى تسمعى منها كلام زى الفل، ها، هنعمل ايه يا أماااانى؟

نظرت أمانى اليها بغيظ قائلة:
تصدقى انا كنت هرتاح من زنك ده، يعنى ياربى يوم ما كنت هخلص منك يطلع بيجاد اخو جوزك وأقعد بردو معاكى انتى ورغيك ده.
جعدت فرح ملامحها فى طفولية وهى تقول:
بقى كدة ياأمانى، وانا اللى كنت فرحانة انى مفارقتكيش وانك هتقعدى معايا نتسلى، أتاريكى مش طايقانى ويوم المنى عندك يوم ما تخلصى منى، خلاص ياستى مش هضايقك تانى بوجودى.
ونهضت لتبتسم أمانى قائلة:.

اقعدى يافرح وبلاش شغل الدراما ده، مش لايق عليكى.
عادت فرح تجلس وهى تبتسم قائلة:
طب بلاش شغل الاحباط ده، ده أنا كنت هقدم فى برنامج مواهب وأنجح وأبقى اشهر دراما كوين فى مصر.
ابتسمت امانى قائلة:
ماشى ياكوين..
ثم اعتدلت قائلة:
نتكلم جد بقى؟
اقتربت منها فرح قائلة:
نتكلم ياكبير.
ضربتها أمانى على رأسها بخفة قائلة:
اهمدى بقى.
ثم استطردت بجدية قائلة:
بدر فين؟
مطت فرح شفتيها قائلة:.

معرفش، من الصبح مش فى اوضته، كنت قاعدة كدة زيك مستنياه يطل علية، يصبح ولا يعمل اى حاجة، مجاش، زهقت ونزلت تحت سألت الدادة عليه قالتلى مشى من بدرى وبعديه علطول بيجاد.
أدركت امانى ان بيجاد خرج من المنزل باكرا بسببها، ربما لا يريد رؤيتها، أفاقت من شرودها على صوت فرح وهى تقول:
هييييه، أمانى، روحتى فين؟
قالت امانى بهدوء:.

انا اهو، اسمعى ياستى، النهاردة مش هينفع تعملى حاجة، هنستنى بدر يقوم بأول خطوة، ومعتقدش هيتأخر فيها.
عقدت فرح حاجبيها قائلة:
يعنى ايه؟
قالت أمانى:
يعنى بدر أكيد هيطلب منك النهاردة تخرجوا تتغدوا او تتعشوا برة، وساعتها هتقضوا وقت لطيف مع بعض، وفى الآخر هيوصلك لأوضتك، مش هوصيكى، تبقى هادية ورقيقة، مش طاقة زى عوايدك، ده غير لبسك وتسريحتك ومكياجك، مش عايزة ولا غلطة، بس بردو عايزاكى على طبيعتك.

عقدت فرح حاجبيها قائلة:
يعنى ايه يااختى بقى، احياة الغاليين على قلبك ياشيخة تترجمى، أنا فصلت منك.
ابتسمت امانى قائلة:
يعنى تعملى ميكس، خليط من فرح القديمة على فرح الجديدة، تكونى على طبيعتك بس بأناقة، مفهوم؟
أومأت فرح برأسها قائلة:
مفهوم، طب ولو هو مقامش بالخطوة الاولى؟
هزت أمانى كتفيها قائلة:
ساعتها هنفكر فى حاجة تانية بس معتقدش يافرح، أنا شفت انبارح من بدر اهتمام بيكى وأكيد هيقوم بالخطوة الأولى.

قالت فرح:
طب فيه مشكلة دلوقتى..
عقدت امانى حاجبيها قائلة:
مشكلة ايه؟
قالت امانى:
هخرج بايه؟انا سبت هدومى عندك.
قالت امانى:
دى مش مشكلة انا هقوم حالا اروح البيت واجيب هدومك وهدوم كمان لية، عباياتك الكبيرة دى مش حلوة أبدا علينا.
نظرت فرح لهيئتهم، لتضحك بشدة، شاركتها أمانى ضحكتها لتقطع فرح ضحكتها فجأة وهى تتذكر امرا ما لتقول:
طب وانتى هتعملى ايه مع بيجاد ياامانى؟
قالت أمانى وهى تهز كتفيها:.

هعمل ايه يافرح؟انا حكايتى زى ما قلتلك خلصت ومبقاش فيها اى امل، كل الموضوع انى بقضى فترة عقوبة فرضها علية بيجاد، مقدرش أحط كل اللوم عليه، لأن بابا لعبها صح، اللى كسر قلبى بجد هو انه صدق انى ممكن أعمل فيه كدة.
قالت فرح فى اصرار:
بس انتى بردو محاولتيش تفهميه الحقيقة، مكنتش اعرف انك ممكن تستسلمى بسرعة كدة، انتى دايما بتنصحينى مستسلمش وانتى سلمتى من اول جولة.
قالت امانى بمرارة:.

لو مكنش فيه واحدة تانية ملكت قلبه كنت حاولت، لكن خلاص هو حب غيرى، عاش قصة حب جديدة، مع الأسف يافرح، حكايتى مع بيجاد بابا كتب أحداثها وأخرجها بس بيجاد هو اللى كتب نهايتها وقفل الستار.

استيقظت اميرة تشعر بتعب شديد فى كل جسدها، نهضت بتكاسل وهى تدرك أن المها نفسى بسبب ذلك الكابوس التى عانت منه بالأمس، وتجدد الذكريات، تذكرت بخجل ما قالته لظافر، وتساءلت بحيرة كيف ستواجهه اليوم وقد علم عن حياتها كل ما حاولت كتمانه، أسرارها الخفية والتى لطالما اخفتها، تنهدت بقلة حيلة وهى تنهض من السرير لتذهب الى النافذة تفتحها وتطل منها على الخارج تأخذ نفسا عميقا لتتوقف أنفاسها وتقف جامدة كالتمثال.

فهناك كان يقف ظافر ممسكا فأسا بيده وينحنى بجزعه ليضرب قطعة خشب يقسمها الى نصفين ثم يلقى بهما ارضا ويعاود فعل ذلك مع قطعة خشب اخرى، كان يضرب الخشب بقوة ويتحرك بسرعة وكأنه يريد ان يخرج كل طاقته فى ذلك العمل. يريد ان لا يجد فرصة للتفكير، تساءلت اميرة ترى ما الشئ الذى يحاول أن ينساه ولا يفكر فيه، ظلت لدقائق تتابعه وهو يقوم بهذا العمل دون كلل، توقف لحظات ليمسح بيده بعض حبات العرق التى تجمعت على جبينه ورغم برودة الجو بالخارج الا انه خلع كنزته، لتستدير أميرة بسرعة وهى تشعر بالخجل، تشعر بأنها تتطفل عليه، دقات قلبها تتسارع بشدة، لينتابها فجأة القلق، فالجو بارد للغاية وقد يمرض هكذا، تعلم ان سر قلقها هو حب نبتت بذرته بداخل قلبها وبدأ ينمو، تخشى ذلك الحب فهو حب من طرف واحد، ولن تكون خاتمته كما تريد بل سيحمل لها ذلك الحب ألما، فهى تعلم ان ظافر لا يمكن ان يبادلها ذلك الحب أبدا، لقد فقد ايمانه بالحب واقتحمت هى حياته فى توقيت خاطئ..

التفتت تتطلع اليه مجددا لتجده قد ارتدى كنزته مرة أخرى وعاد ليزاول عمله، زفرت بارتياح لم يدم سوى ثوان معدودة، لتتجمد مجددا وهى تراه يرفع وجهه فجأة وينظر باتجاه نافذتها مباشرة لتتلاقا العيون، استدارت أميرة بسرعة وهى تلعن غبائها الذى جعلها تتطلع اليه مجددا ليضبطها متلبسة بتأمله.

ابتعدت عن النافذة لتجلس على السرير مجددا، تذكرت ضمته لها بالأمس وكيف شعرت بالأمان بين ذراعيه لتجتاحها مشاعر اخرى أشعرتها بالحرارة فى كل جسدها، لتضرب رأسها بخفة قائلة بغيظ:
انتى بتفكرى فى ايه بس؟
لتتنهد قائلة:
ياترى بيقول عليكى ايه دلوقتى ياأميرة؟
نفضت افكارها وهى تنهض لتأخذ حماما دافئا لعله يريح قلبها من افكاره او ربما يخلصها من تلك الأفكار التى تجتاحها، نهائيا.

قال بدر لمحدثه على الهاتف بعصبية:
يعنى ايه مش لاقيه؟
استمع الى محدثه ليزفر بقوة قائلا:
انا عايزه عندى فى أقرب فرصة.
استمع الى محدثه مجددا قبل ان يقول بنفاذ صبر:
مش مهم، دور عليه فى كل مكان، اقلب الدنيا عليه، بس يكون عندى فى خلال يومين بالكتير، مفهوم؟

أغلق الهاتف ليمسك الجسر مابين حاجبيه وهو يشعر بالألم فى رأسه من كثرة التفكير، هو لم يذق النوم طوال الليل، يحاول ان يفكر فى تلك الليلة الماضية والمليئة بالأحداث، عودة زوجته اليه فى ثوبها الجديد، تحمل ملامح فرح القديمة مع تجديد رائع فى الشكل والشخصية راق له وبشدة، لم تجذبه امرأة كما جذبته فرح ولا حتى سارة والتى ظن انها حب حياته، لم تكن مشاعره تجاهها بتلك القوة، لقد ظل يجول فى الليل يمنع نفسه بصعوبة عن الذهاب اليها، يريد فقط رؤيتها والتحدث معها، ليشعر بالدفء مجددا، نعم كان يشعر معها بإحساس الدفء، الاهتمام، أن يكون هناك من ينتظرك فقط ليحتويك، يرى احتياجاتك ويبتسم برقة وطيبة ولا يشتكى أبدا، وعندما ذهبت ذهب معها كل شئ، تساءل بحيرة، لم لم يمنح نفسه فرصة للحب مجددا، لم أبعدها عنه بتصرفاته الحمقاء، لقد ادرك مشاعره منذ اول لحظة وقعت عيناه على عينيها البريئة فى عزاء جده، ولكنه الخوف، الخوف من الاستسلام لعشق لن يجلب معه سوى الألم كما جرب سابقا، لذا ابعدها عنه يفضل حياة خالية من المشاعر، على أن يشعر بالألم مجددا، هز رأسه يعاتب نفسه على خوف كاد يضيعها من بين يديه، فبرودها الآن يخيفه اكثر، يخشى أن يكون الوقت قد تأخر وأن يكون قد غادر قلب زوجته للأبد، يخشى ان تصمم على الطلاق بعد مرور الوقت الذى حدداه، هو لن يسمح لها بذلك، لن يتركها ترحل مجددا، سيبذل كل ما فى وسعه لتغيير قرارها مهما حدث، الى جانب موضوع أخاه، يجب ان يجد دليلا يؤكد به كلام أمانى زوجة اخيه، حتى يستطيع ان يفعل شيئا لأخاه الذى حرم منه لسنوات، يجب ان يريح قلوب يدرك جيدا انها تتعذب، نعم يجب.

سمعت اميرة طرقات على الباب، هبط قلبها بين قدميها وتقدمت باتجاهه بخطوات بطيئة لتفتحه، وجدت ظافر يطالعها بهدوء قائلا:
انتى كويسة؟
أومأت برأسها وهى تشعر بالخجل مما تفوهت به بالأمس فى حضوره ليستطرد قائلا:
طب ممكن تنزلى تحت، عايزك فى موضوع مهم.
اومأت أميرة برأسها ليغادر بهدوء بينما بدلت أميرة ملابسها بسرعة ثم نظرت الى المرآه تبعد خصلاتها خلف اذنها بقلق قائلة:
ياترى عايزنى فى ايه ياظافر؟ربنا يستر.

ألقت على نفسها نظرة أخيرة ثم اتجهت لمغادرة الحجرة والنزول الى حيث يوجد ظافر، وجدته جالسا امام المدفأة بهدوء، يبدو شاردا فلم يشعر بوجودها، تنحنحت فانتبه الى وجودها التفت اليها يتأملها للحظة ثم أشار لها بيده قائلا:
اقعدى ياأميرة.
جلست أميرة وهى تشعر بالتوجس، فظافر لا يبدو أبدا على طبيعته، ترى أينوى اخراجها من منزلها خوفا من والدها الذى علم ببطشه وجبروته، وأنه رجل يشكل خطرا على حياته ان وجدها عنده؟

قالت بصوت خافت ينبض بالمرارة:
ظافر، لو كلامى انبارح خوفك من بابا وحابب انى امشى من البيت، أنا مستع...
قاطعها قائلا بصرامة:
أنا مبخافش من حد، وكلامك عن باباكى استفزنى مش اكتر، نفسى اروحله وألف ايدية حوالين رقابته ومسيبوش غير وهو ميت بسبب اللى عمله فى مامتك وفيكم.

نظرت اليه بعينين حائرتين من الغضب الذى يبدو فى كلماته، تساءلت عن سر غضبه، هل هو غضب انسانى؟أم ان داخله اهتمام بها وبما يحدث لها؟كم تمنت ان يكون الاحتمال الاخير هو الأصح، أفاقت على صوته الذى عاد هادئا:
بصراحة انا فكرت كتير فى وضعك وعارف ومتأكد ان باباكى مش هيرتاح غير لما يلاقيكى وساعتها هيغصب عليكى تتجوزى ابن صاحبه ده اللى اسمه...
قالت أميرة فى حزن:
معتز.
أشار بيده قائلا:.

أيا كان اسمه، المهم، كل اللى وصلتله هو حل واحد ومفيش غيره، هتبعدى بيه عن شر باباكى وفى نفس الوقت هتكونى حرة.
نظرت اليه بحيرة قائلة:
انت الظاهر مسمعتنيش كويس انبارح وانا بقولك ان بابا مستحيل هيتخلى عن فكرة جوازى من معتز، عشان ينقذ شغله وشركته، انا مشكلتى ملهاش حل.
نظر اليها وهو يقول بغموض:
قلتلك أنا عندى الحل.
عقدت حاجبيها قائلة:
وايه هو بقى الحل ده؟

تأمل ملامحها للحظات أحست كأنهم ساعات، تشعر بدقات قلبها تتقافز بسرعة، لتبلغ اقصى سرعتها حين قال فى هدوء:
تتجوزينى ياأميرة.



look/images/icons/i1.gif رواية توأم الروح
  14-03-2022 08:18 مساءً   [18]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل التاسع عشر

نظرت أميرة إلي ظافر بصدمة ظهرت على ملامحها فلم تتخيل في أحلامها حتي أن يطلب منها ظافر الزواج، ظنت أنها لم تسمعه جيدا لتقول مرددة:
إنت قلت إيه؟
نظر إليها في هدوء مكررا كلماته قائلا:
تتجوزيني يا أميرة.

إذا لم تكن تحلم، وظافر حقا يطلب منها الزواج، لا تدري لم رقص قلبها فرحا او ربما أدركت السبب الآن فقط، فهي تعلم إنها تعشقه ككاتب وربما تعجب به كرجل ولكنها لم تكن تدرك قبل تلك اللحظه أن إعجابها به كرجل قد تخطي كل الحدود لتصبح مشاعرها تجاهه قوية حتي أنها اكتشفت أن أمنيتها، هى ان تصبح حقا زوجة له، عندما كانت تقرأ له كانت تشعر بأنه يصل إلى روحها بكلماته، وعندما عاشت معه تلك الفترة الماضية أدركت أنه يجذب روحها إليه، وبشدة، لتكتشف في تلك اللحظه أن مايجذبها إليه هو شعورها بأنها وجدت فيه توأما لتلك الروح، يماثلها في كل شئ حتي ذلك الألم الذي يخفيه دائما خلف جدار من الصلابة يتظاهر بها ومن داخله هو يتمزق ضعفا من أحزانه التي تشعر بها في عينيه، أفاقت من أفكارها علي صوت ظافر يقول بهدوء:.

قولتي إيه ياأميرة؟
كادت أن تعلن موافقتها بكل سعادة لولا ملامح ظافر الجامدة والتي نبهتها لشيئ غاب عن ذهنها، ظاهر يعرض عليها الزواج شفقة عليها بعد سماعه لقصتها بالأمس، وهي لن تقبل أبدا أن يتزوجها أحدهم شفقه حتي وإن كان ذلك الشخص توأم روحها، فقط لن تستطيع.
لذا نظرت إليه قائله بهدوء:
والعرض ده عشان صعبت عليك ياظافر مش كدة؟
شعرت بتردده الذي دام لثوان لتستطرد هي قائلة بكل برود:
آسفة عرضك مرفوض.

أحست بالغضب يحتل ملامحه وعروقه تنتفض وهو يقول بحدة:
متبقيش هبلة ومتسرعة فكري كويس قبل ماتقولي قرارك، أنا الوحيد اللي ممكن أساعدك، لو اتجوزنا، ساعتها باباكي مش هيقدر يعملك حاجه وإنتي علي ذمتي غير إنك هتكوني مطمنة معايا ومتأكدة انى مش هستغلك.
أحست أميره بغصة فى قلبها وهي تدرك أن عرضه فعلا بسبب شفقته عليها لتقترب منه قائله بألم ظهر علي ملامحها جليا:.

وعدت نفسي يوم ما اتجوز، هتجوز حد احس انه توأم روحى والوحيد اللي ممكن اعيش معاه، وأكون بالنسبة ليه نفس الشئ، خوفي من بابا مش ممكن يخليني اخلف وعدي وأرضي اتجوز واحد كل اللي يربطني بيه مشاعر شفقة، انا عارفة ان قصدك خير بس طلبك حقيقي جرحنى من غير ماتقصد، خلتنى اندم انى في لحظة ضعف فتحتلك قلبي وحكيتلك على اللى فيه.
تهدمت تلك الواجهة الجامدة لملامح ظافر وعيونه تنطق بالحيرة قبل ان يقول بتردد:.

أميرة، أنا...
أشارت له بالصمت قائلة:
من فضلك ياظافر، أنا حقيقى تعبانة ومش قادرة أتكلم او اسمع كلام تانى فى الموضوع ده، الكلام خلص خلاص، بعد اذنك أنا هطلع اوضتى أرتاح.

ابتعدت مغادرة تتبعها عينا ظافر الحائرتان بينما صعدت أميرة الى الحجرة لتدخلها وتغلق الباب، تدع دموعها الحبيسة تنهمر بحرية لتعبر عن حزنها لاضطرارها لرفض طلب الزواج من ظافر وألمها لمعرفة سبب طلبه، عن ادراكها بأنها اخيرا قد وجدت توأم روحها بينما لم يتعرف هو فيها عن توأمه، اقتربت من سريرها لتخرج ذلك الدفتر الذى استعارته من مكتب ظافر لتخط فيه أول وربما آخر كلماتها، تخرج أحزانها كما تعودت على الورق، لتكتب فى نصف السطر (رسالة الى كاتبى)، توقفت لتتأمل العنوان، لتعود وتضع خطا على كلمة كاتبى، ترفض وبشدة أن تنعته بتلك الصفة لتكتب بدلا منها، توأم روحى، لتبعد الدفتر مجددا وتنظر الى العنوان بعيون راضية، ثم تقربه منها ثانية وهى تخط كلمات تنبع من قلبها، قلبها فقط.

وقفت فرح أمام المرآة تضع لمساتها الاخيرة على مكياجها الرقيق ثم نظرت إلي نفسها في المرآة برضا
، اتجهت إلي الأسفل حين رأت أماني تصعد السلم، توقفت أماني تنظر إلي فرح بإبتسامة رضا بادلتها إياها فرح بإبتسامة ممتنة فكل ما أصبحت عليه فرح كان بفضل ما علمته اياها امانى، اقتربت فرح من اماني لتقول امانى بحنان:
قمراية يافرح.
اتسعت ابتسامه فرح قائلة:
ربنا يخليكى لية ياامانى
قالت امانى:.

مش هوصيكى يافرح، تهدى خالص وتبطلى تنطيط وشقاوة، واوعي تضعفى، بدر النهاردة هيمارس عليكي كل سحره، عايزاه يلاقي سحرك مغطى علي سحره، مفهوم؟
اومأت فرح برأسها قائلة:
والله ياامانى من ساعة ماكلمنى وقاللى ان احنا هنتعشى برة وأنا قلبي بيترعش، مخضوضة كدة وهموت من القلق.
لتبتسم قائلة:
بس متقلقيش، باذن الله هشرفك.
ابتسمت اماني قائلة:
متأكدة من كدة يافروحه، يلا حبيبتي عشان متتأخريش.

كادت فرح أن تقول شيئا حين استمعت إلي صوت فريدة يقول في حدة:
واقفه عندك بتعملى إيه يافرح؟، انتي مش عارفة ان بدر مستنيكي بره فى العربية.
نظرت كل من فرح وامانى الي فريدة التى تجاهلت امانى كلية وهي تنظر الي فرح التي تلعثمت قائلة:
عارفة ياماما وكنت رايحالوا..
قالت فريدة بنبرة محذرة:
طب يلا علي طول وياريت متقفيش معاها كتير، مش عايزاكي تتعلمى منها ازاي تغدرى بجوزك وتطعنيه فى ظهره وتدمريه، مفهوم؟

كادت فرح ان تتحدث ولكنها توقفت حين ضغطت امانى علي يدها وأشارت لها بعينيها أن تصمت.
أمسكت فرح لجام لسانها بقوة وقد كادت أن تقول الحقيقة كاملة وليحدث ما يحدث، لا تدرى لم تتحمل أمانى كلمات فريدة الظالمة ومعاملة بيجاد القاسية، لم تتعذب وتضحى بقلبها هكذا؟، لقد جنت بالتأكيد.

زفرت وهي ترمق امانى بنظرة أخيرة، لتهبط وهي تغادر بخطوات غاضبة بينما تجاهلت فريدة امانى وهي تنوى الذهاب إلي حجرتها هزت أماني كتفيها في حزن واستدارت لتصعد إلي حجرتها حين استوقفها صوت فريدة وهى تقول:
جاد حبيبى، حمد الله ع السلامة.
التفتت امانى تود أن تشبع عينيها من مرآه فقد افتقدته، لتستمع اليه وهو يقول لوالدته بصوت ادركت انه يريد إيصاله اليها:.

ماما، صوفيا خطيبتى جاية في طيارة الصبح ياريت تجهزيلها اوضه تكون قريبة من الجناح بتاعى.
تجمدت أمانى تماما وهي تستمع إلى كلماته وكلمات فريدة التي قالت فى حبور:
طبعا ياحبيبي، ده يوم المني يوم مااشوف خطيبة ابني اللي بيحبها وبتحبه عقبال ماافرح بيكم واشوف اطفالكم واشيلهم بين ايديا.

اغمضت امانى عينيها تشعر بتمزق قلبها، من تلك الكلمات التى تحطم وجدانها، ألا يكفيها ان تذكرها حماتها بأن بيجاد قد احب غيرها وسيتزوجها، لتذكر ايضا الأطفال، هؤلاء الأطفال التى تمنتهم فقط من بيجاد، حلمت بهم مرارا وتكرارا. فتحت عينيها وهى تلتفت مجددا وتصعد إلي حجرتها تاركة خلفها بيجاد حائرا من تلك النظرة التي رمقته بها فلم يرى بحياته كلها نظرة جمعت كل تلك المشاعر التى وصلته بوضوح، لقد جمعت تلك النظره حزنا وألما وعتابا آلموه، شعر بصدق مشاعر الألم التى احس بها، تساءل عن سببها، ليوقن انها نفسها المتكبرة والتي تأبى أن لا تكون سيدة الموقف، بل فى منزلة أقل، وأن صوفيا هى من ستكون سيدة المنزل وهذا بالطبع لا يعجبها، نعم هذا هو سر نظرتها إليه..

كانت أماني في تلك اللحظه تجلس علي سريرها تاركة لدموعها العنان، تتساءل كيف اصبح بيجاد بتلك القسوة، كيف هان عليه قلبها ان يجرحه بذلك الشكل؟، لم يعد بيجاد ذلك الرجل الذى احبته، اغمضت عينيها ألما تتساءل عن الغد وما يحمله إليها من عذاب تدرك أنه آت لا محالة حين تواجه غريمتها، شريكتها في قلبه، لتبتسم في مرارة وهي تنفى تلك الصفة، فقلبه لم يعد به مكان لها واصبحت غريمتها مالكته الجديدة، تساءلت في مرارة، لماذا ياتوأم الروح تعذبنى؟ ألم أكن لك يوما أنفاسك؟ألم اكن روح تناجي روحك؟فلماذا هانت روحي ولم تلقى منك سوى قسوة يدعمها جفاؤك؟ إلي متى يا بيجاد سأتحمل قسوتك والى متي ستظل تؤلمنى بأفعالك؟ إلى متى؟

قال بدر وهو يتأمل ملامح فرح الغاضبة:
مش هتقوليلى بقى مالك؟
نظرت إليه فرح تتأمل عينيه، تشعر باهتمامه، تود ان ترتمى في احضانه في تلك اللحظه تبثه مشاعرها، تحكى له عن مايؤرقها ولكنها لا تستطيع، فقط، لا تسطيع، لتقول بهدوء:
حاجة كده حصلت وضايقتنى، متشغلش بالك إنت.
أدرك بدر ذلك النزاع الذى يدور داخلها، وأنها حائرة بين أن تخبره بسر صديقتها أم تظل محتفظة به ليفوز قرارها الأخير.

فملامح فرح شفافة للغاية تكشف مشاعرها بوضوح، كاد أن يطمئنها ويخبرها أنه يعرف ليتراجع في اللحظه الأخيرة وهو لا يريد أن يفسد أمسيته معها بالحديث عن أحد سواهما، فالليلة تبدوا جميلة للغاية تزينها تلك الفاتنة القابعة أمامه لا تدرك حتي الآن كيف تبدو فاتنة ولا كم العيون التي تحسده علي وجوده معها، فرح، زوجته وحبيبته، نعم آن الأوان أن يعترف أنه أحبها رغما عنه وافتقد وجودها عندما غابت، ولم يطيق أن يستهزئ بها أحد من اصدقائه وعند عودتها بتلك الصورة، قضت علي آخر ذرة مقاومة لديه فاستسلم لعشق ظنه خطرا علي قلبه بعد تلك الساره التي علمته سابقا أن لا أمان في الحب ليدرك أن حبيبته فرح تختلف عن كل الفتيات، فهى صادقة، بسيطة، مرحة، وأهم من ذلك تعشقه وتخلص له، ورغم كل محاولتها لانكار عشقها له منذ عودتها، إلا أنها لم تستطع أن تنكر ذلك العشق الذي يظهر في عينيها ورعشة يديها عندما كانت بين يديه منذ لحظات وهما يدلفان الى ذلك المطعم، وذلك الخجل الذى غزا وجنتيها الآن وهو يتأملها، لقد كان غبيا عندما قاوم مشاعره تجاهها فحمد لله أن افاق من غبائه قبل فوات الآوان وبقى ان يجعلها تستسلم هى لمشاعرها مجددا وتكف عن مقاومته، أطرقت فرح برأسها خجلا من نظراته لتسمعه يقول بحنان:.

فرح، بصيلى.
رفعت اليه عينيها ليقول بانبهار تنبع كلماته من قلبه دون ان يشعر:
سبحان الله، عنيكى حلوة اوى يافرح، فيهم شقاوة الدنيا وحلاوتها، قاومتهم كتير، كنت خايف اقع تحت سحرهم بس غصب عنى سحرونى.
وقعت فرح أسيرة نظراته وكلماته التى جعلت قلبها يدق فى سعادة لتقول بهمس:
ليه يابدر، ليه كنت خايف؟
شرد قائلا بحزن:
مع الأسف يافرح، أنا مريت فى حياتى بتجربة خلتنى أخاف أفتح قلبى لواحدة تانية، كنت خايف انجرح من جديد.

قالت فى تقرير:
سارة، مش كدة؟
اتسعت عينيه بصدمة قائلا:
انتى كنتى عارفة؟
قالت بحزن:
كنت بحط هدومك فى الدولاب وصورتها وقعت منه وقريت الكلام المكتوب وراها.
تأمل عينيها الحزينتين قائلا فى حيرة:
يعنى انتى كنتى عارفة انى مجروح وانى مستحيل هآمن لواحدة تانية أو أحب تانى؟
نظرت إلى عينيه قائلة في حزن:.

كان عندي أمل ساعتها اني أقدر أغير أفكارك، أقدر أثبتلك ان مش كل البنات زي بعض وان زي مافيه الخاينة واللى ملهاش أمان، فيه كمان اللى مستعدة تضحى بروحها عشان خاطر حبيبها اللي بالنسبة ليها بيكون توأم روحها.
نظر إليها بدر بلهفة قائلا:
يعني أنا بالنسبة لك توأم روحك يافرح؟
نظرت إلي عمق عينيه وكادت تعترف بمكنون قلبها لتتذكر كلمات أمانى فأشاحت بنظراتها قائلة:.

قلتلك كنت، كنت يابدر، كلامك عنى فوقنى، خلانى حسيت أد ايه كنت مرخصة نفسى عشان واحد أنا بالنسبه له مش أكتر من وصية مغصوب عليها، عشان واحد أنا بالنسبه له ولا حاجة.
قال بدر بنفى:
بس انتى...
قاطعته فرح قائلة:.

متتسرعش يابدر وتخلي صورتى الجديدة تأثر فيك أنا من جوة زي ما أنا فرح، الفلاحة الطيبة، الهبلة، اللي أقل حاجه ممكن تأثر فيها، أنا من جوايا لسه زي ما أنا حتي لو اتغير شكلي وطريقة كلامى، فأنا من جوايا متغيرتش.

كاد بدر أن يخبرها أنه عندما احبها، أحب دواخلها، أحب بساطتها، طيبتها، حنانها الذي غمرته به دون مقابل، هو فقط خشي ذلك الحب الذي نما بداخله تجاهها، خشى أن يجنى مجددا صدمة تنهى تلك المرة على قلبه، فحاول ابعادها عنه، فتح فمه ليتحدث عندما رن هاتفه ليزفر بقوة وهو ينظر إلى هاتفه ليجده رقم عمه، رفع الهاتف وفتحه ليقول بهدوء:
مساء الخير ياعمى، ازيك.

استمع إلى محدثه وعينيه علي فرح التي انبسطت ملامحها عندما عرفت أن أباها من يتحدث ليمنحها بدر الهاتف قائلا:
عايز يكلمك.
أخذت منه الهاتف بلهفه قائلة:
أيوة يابابا، وحشتني
إستمعت إلي أباها لتقول بتوتر:
أبدا يابابا، أنا كنت بس تعبانة شوية الفترة اللي فاتت دى وقلتلهم بلاش يقولولك و يزعجوك، عارفة انى غلطانة بس معلش طمعانة تسامحنى.
إستمعت إلي محدثها مرة ثانية لتقول بعدها بقلق:.

حاضر يابابا، هقولهم وأشوف رأيهم إيه وأرد عليك، حاضر، حاضر يابابا سلملي عليها.
أغلقت الهاتف وهي تنظر إلي بدر الذي تبدوا عليه الحيرة من ملامح التوتر التي اعتلت وجهها، لتنظر إلي عمق عينيه قائلة بقلق:
بابا مصمم نروح البلد نقضى عنده يومين.
لتأخذ نفسا عميقا ثم تزفره قائلة:
كلنا.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 3 من 10 < 1 3 4 5 6 7 8 9 10 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1976 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1454 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1470 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 1287 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 2452 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، توأم ، الروح ،











الساعة الآن 01:31 AM