رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل العشرون
دلف علاء إلى شقته تتبعه نجوى التى كانت تطرق برأسها فى خجل.. لترفعها إلى علاء حين مال عليها هامسا: عقبال ما تدخليها يوم فرحك يانوجا. ابتسمت فى خجل ولم تعلق فأشار لها بالجلوس قائلا: اقعدى هجيبلك حاجة تشربيها. قبل أن تعترض كان قد اختفى من أمامها لتجلس وهي تتأمل شقته الجميلة وعيونها تلمع بالسعادة .. تحلم باليوم الذى ستصبح فيه عروسا لتقطنها وتملأها بالسعادة الأبدية.
عاد علاء ومعه كوب من العصير وضعه على صينية.. ليجلس بجوارها ويقدمه لها بابتسامة قائلا: اتفضلى ياقلبى. بحثت بعينيها عن والدته وقد توقعت أن تأتى معه فلم تجدها.. ليقول هو وقد قرأ افكارها: ماما تعبانة زي ما انتى عارفة وقاعدة فى أوضتها.. على ماتشربى العصير.. هكون ندهتلها.
أومأت برأسها ليناولها الكوب فى يدها ثم ينهض متجها إلى غرفة جانبية ليدلف إليها بهدوء ويغلق بابها خلفه.. وهي تتابعه بعينيها.. رفعت كوب العصير إلى فمها ترتشف منه .. لتعقد حاجبيها وقد أحست أن طعمه لاذع قليلا.. لتهز كتفيها وهي تدرك أنه لابد توترها الذى يصور لها ذلك.. شربت رشفة أخرى لتجد علاء قد عاد وهو ينظر إلى كوب العصير قائلا بابتسامة: إيه ده .. لسة مخلصتيش العصير؟ ابتسمت قائلة: بخلصه أهو.. فين مامتك؟
جلس بجوارها وهو يمسك الكوب من يدها يرفعه إلى فمها قائلا بنعومة: جاية حالا.. بس إشربى يلا من إيدى. شربت العصير بخجل.. حتى النهاية فوضع علاء الكوب من يده ثم اقترب منها أكثر يرفع خصلة شعرها خلف أذنها ممررا يده على وجنتها وهو يتأمل ملامحها فى شغف قائلا: انتى حلوة أوى يانجوى.
شعرت بقليل من الدوار وأرجعت ذلك الشعور لتأثير لمسته على وجنتها.. لتبتعد بوجهها عن يده قائلة: علاء.. ميصحش.. مامت.. مامتك.. يعنى.. تخرج وتشوفنا. ازداد الدوار بشكل كبير.. لترفع يدها تمسك بأصابعها ذلك الجسر بين حاجبيها وهي تغمض عينيها قائلة: الظاهر انى تعبت عشان منمتش كويس انبارح.. أنا .. أنا مضطرة أمشى.
اومأت برأسها مجددا بضعف فلم تعد قادرة على الكلام.. فبدأ يمسد وجهها بيديه يلمس بشرتها بطريقة اقشعر لها بدنها حتى وصل لشفاهها ليمرر يده عليها بنظرات نهمة.. أحست بالضعف.. ودت لو اعترضت ولكنها لم تجد القوة فى نفسها لتعترض.. فتحت فمها تود ان تقول شيئا ما ولكن فم علاء اطبق على شفتيها لينهل منهما كيفما شاء ويداه تجوب جسدها بشهوة انتفض لها قلبها ...أرادت أن تصرخ مستنجدة ولكنها لم تستطع تشعر بقبلاته تبتعد عن شفتيها و تمتد إلى عنقها .. تجتاحها بقوة .. وجدت صوتها الذى ذهب عنها وهي تدرك ما يحدث فقالت بضعف: علاء.. أبوس إيدك إرحم...
قاطعها بتقبيل شفتيها مجددا ويده تفتح سوستة فستانها، بدأت تغرق فى الظلام ولكنها تشعر بيده على جسدها العارى.. يمزق برائتها ويستبيح حرمات جسدها قبل أن تغرق تماما فى الظلام الدامس.
كان ريان يجلس فى مكتبه شاردا فى أفكاره التى تدور كلها حول تمارا.. وكيف تسللت لتحتل مكانا بقلبه .. لا شك لديه الآن انها هي من تحتل ذلك المكان فغيرته فى الحفل كانت على تمارا وليست على غزل.. ورغبته فى قتل ذلك الوليد جاءت من تخيله لما فعله هذا الندل وأقرانه بها.. أفاق من افكاره على دلوف إيلين إلى الحجرة .. مجرد رؤيته لملامحها أقلقه لتؤكد هاجسه وهي تقول بجزع: بابى .. إلحقنا.. مامى وقعت فى الجنينة ومش قادرة تقوم.
شعر ريان بدقات قلبه تتوقف لتعود مجددا للحياة وهو يسرع إلى الحديقة وخلفه تجرى إيلين حتى وقعت عينه عليها وهي تحاول الوقوف ولكنها لا تستطيع ليظهر الالم على كل ملامحها وتخطف معها انفاسه ألما. كادت تمارا أن تسقط مجددا ولكنها وجدت يد صلبة تسندها ثم رأت نفسها مرفوعة بين يديه لتنظر إلى وجهه وتتلاقى عيناها مع عينيه.. قال بقلق: انتى كويسة؟ اومأت برأسها وهي تبتلع ريقها بصعوبة قائلة بضعف: أنا...بقيت كويسة.
أحست بالحرارة تغزو كيانها وهي تشعر به قريبا منها بشدة.. تستنشق عطره الفواح والذى يذيب كيانها.. تشعر بدقات خافقها وكأنها فى سباق.. خاصة الآن وهو ينظر إليها يتأمل ملامحها القريبة منه بشغف.. لتتأمل بدورها ملامحه الوسيمة.. بتيه.. تشعر انها تغرق كل يوم فى عشقه أكثر.. ولكنه عشق بلا أمل.. حكم عليه بالموت. أفاقت من افكارها على صوت ساخر يقول: ألف سلامة عليكى يابنت عمى.. يعنى راجعة من باريس عشان تقعى هنا؟
التفتوا جميعا إلى صاحب الصوت لتنظر تمارا إلى هذا الرجل الذى يبدو فى أواخر العشرينات من عمره.. طويل القامة اسمر البشرة عيونه عسلية لتدرك من مظهره وكلماته.. ان هذا هو جلال والذى من المفترض ان يكون ابن عمها.. لاحظت ايضا انكماش إيلين خلف ريان الذى قال بثبات: أهلا ياجلال.. معلش زي ما انت شايف مراتى محتاجة علاج دلوقتى حالا.. ياريت تقعد فى الصالون وتستنانا.. عن إذنك.
كاد ان يغادر لولا أن استوقفه صوت جلال وهو ينظر إلى تمارا ببرود قائلا: طب مش هتقوليلى ازيك ياغزل ولا باريس نستك الأصول يابنت عمى. تطلعت إليه تمارا قائلة ببرود: والله لو على الأصول فأنا اتعلمت ان طول ما جوزى بيتكلم انا أسكت خالص يا جلال.. ولو على الترحيب.. فانت مش محتاج.. البيت بيتك .. عن إذنك لإنى فعلا تعبانة ومحتاجة أرتاح.
ابتسم ريان بداخله وهو يتجه بتمارا إلى حجرتهما تتبعه إيلين.. بينما تابعهم جلال بعيون حاقدة وهو يقول: لسانك بقى زي المبرد ياغزل.. بس مسيرى فى يوم هقصهولك.. ليعقد حاجبيه مستطردا: هو صوتها متغير شوية ولا أنا اللى بتهيألى؟
قال ريان لإيلين: هاتى شنطتى من الدولاب ياإيللى. أسرعت إيللى تنفذ ما قاله لها والدها.. بينما أنزلها ريان على السرير برفق لتغمض هي عينيها وهي تشعر بالذوبان مجددا لقربه منها.. ابتعد قليلا عنها لتفتحهما مجددا على صوته وهو يقول: تسمحيلى.
أومأت برأسها ليتجه ريان إلى قدميها يخلع عنها حذاء القدم اليمنى ثم يمسك القدم اليسرى بحذر وهو يدرك انها المصابة.. يخلع عنها الحذاء برفق.. ليلاحظ تورمها واحمرار جلدها.. تفحصها سريعا وهو يلقى نظرة سريعة على ملامح تمارا ليتأكد من عدم ضيقها للمسه قدمها.. ليغمض عينيه ارتياحا وهو يدرك عدم وجود كسر بها وأنه مجرد إلتواء بالكاحل.. إلى جانب ملامح تمارا الهادئة والتى لا تنم عن أي ضيق.. فقط لمحة من الألم.. عادت إيلين ومنحته الحقيبة ليخرج منها مرهما ورباطا ضاغطا.. ليمسك المرهم يضع على يده بعضا منه ثم يدلك به قدمها برفق مسترق النظرات إليها ليلاحظ ملامحها التى ازدادت ألما.. إلى جانب حمرة غزت وجنتيها.. ليدرك انها الآن تخجل من لمسته.. ابتسم لتزول الابتسامة على الفور عندما قالت إيلين: بتضحك على إيه يابابى.
قال بارتباك: ها.. لأ.. انا بس مبسوط بس ان رجل مامى متكسرتش ياحبيبة بابى. قالت تمارا بألم: أمال ليه بتوجعنى بالشكل ده ياريان؟ نظر إليها قائلا: ده مجرد إلتواء فى رجلك.. ومع الراحة والعلاج لمدة يومين هتكونى زي الفل.. ومش بعيد تجرى وتسابقينا كمان.
ابتسمت كل من تمارا وإيلين.. بينما ركز ريان عينيه على قدمها وهو يربط ذلك الرباط الضاغط يلاحظ لأول مرة جمال قدمها ونعومتها.. لتضطرب يده قليلا قبل أن يستغفر وهو يسرع بعقد الرباط .. ناهضا بسرعة وهو يقول بارتباك ظهر جليا على ملامحه: احمم.. أنا نازل أوزع الباشا اللى تحت ده.. وأقوله ييجى يوم تانى.. ما هو خلاص مادام عرف سكتنا هنلاقيهم واحد ورا التانى مشرفين عندنا. لينظر إلى تمارا قائلا: انا مش عايزك تخافى ياتم.. ياغزل.. طول ما انا جنبك.. محدش هيقدر يلمسك.
قالت بابتسامة: انا مستحيل اخاف طول ما انت جنبى ياريان. نظر إليها نظرة طويلة حملت مشاعر كثيرة.. بادلته إياها تمارا...قبل أن يشيح هو بنظراته عنها قائلا لإيلين: خليكى جنب مامى ياإيللى ومتنزليش تحت.
اومأت إيلين برأسها ليلقى عليهما ريان نظرة أخيرة ثم يغادر الحجرة.. لتبتسم تمارا وهي تلاحظ أنه أصبح يخطئ ويناديها بإسمها هي بدلا من اسم زوجته بعد ان كان يفعل العكس.. ترى هل هناك أملا فى أنه يوما ما قد يكن لها فى قلبه بعض المشاعر؟.. خاصة وأنها تعلم الآن علم اليقين أنها أحبته هو دون غيره.. وأن حب ماجد الآن يبدوا ضعيفا باهتا إذا ما قارنته بذلك العشق الذى يجتاحها تجاهه.. كم تتمنى ان يحبها بدوره ولكنها ربما ظلت أمنية فى خيالها فقط.. فهي تعلم أنه مازال واقعا تحت تأثير ذكرى عشق زوجته الراحلة.. ويالها من سيدة محظوظة بعشقه.
أغلقت نجوى باب حجرتها عليها بالمفتاح.. تحمد الله أنها وجدت أخاها وزوجته فى حجرتهما عندما عادت.. وإلا فضح أمرها على الفور.. اقتربت من المرآة.. تنظر إلى نفسها بمرارة.. رفعت ياقة فستانها جانبا لتظهر تلك العلامات الزرقاء والتى تذكرها بمصيبتها.. أمسكت زجاجة العطر وكادت أن تحطم بها مرآتها.. فهي ﻻ تريد ان ترى نفسها فى المرآة بهذا الشكل.. ولكنها تراجعت فى اللحظة الأخيرة .. خوفا من بطش أخيها ما إن يدرك ما حدث لها.. فالخطأ أولا وأخيرا يقع عليها.. هي من ذهبت إليه بقدمها.. هي من سلمته نفسها يفعل بها مايشاء.. نعم فهذا بالضبط ما قاله لها.
فلاش باك استيقظت نجوى لتجد نفسها فى السرير فى حجرة غريبة عنها.. اتسعت عينيها بشدة وهي ترى نفسها عارية تماما تحت ذلك الغطاء الذى يسترها.. وتلك الملاءة تحتها بها بعض الدماء لتتذكر ماحدث قبل أن تسقط مغشيا عليها.. وتدرك ان علاء إستغل سذاجتها واستدرجها إلى بيته ليسلبها أعز ما تملك.. وضعت يدها على فمها تكتم صرخة مدوية وتساقطت دموعها قهرا تنعى عنادا وغباءا أهلكوها.. لتلطم خديها ندما على مخالفة تحذيرات أخيها والتى قالها لها مرارا وتكرارا.. لتضرب هي بهم جميعا عرض الحائط وتدخل بقدميها إلى منزل ذئب بشري.. دلف علاء فى تلك اللحظة إلى الحجرة ليقول بابتسامة: انتى صحيتى ياحبيبتى.. صباحية مباركة.
نهضت نجوى بغضب تلف حولها ملاءة السرير وهي تتجه إليه تمسكه من ياقة قميصه قائلة بااحتقار: انت سافل وحقير.. إزاي تعمل فية كدة.. روح ياشيخ منك لله.. طب كنت اعتبرنى زي اختك وخاف علية زي ما بتخاف عليها.. ده داين تدان ياأخى.. داين تدااان. شعرت بارتباكه لثانية قبل أن ينزع يدها من على ياقة قميصه قائلا: اختى مستحيل تعمل زيك وتروح لراجل عازب فى بيته مهما قالها.. اختى بتتعلم فى بلد تانية ومعاها أمى آخدة بالها منها.. الدور والباقى على اللى ملهاش كاسر يلمها.. ودايرة على حل شعرها.
نظرت إليه وقد اغروقت عيناها بالدموع قائلة بصدمة: أنا.. أنا ياعلاء مليش كاسر ودايرة على حل شعرى؟ اشاح بوجهه فى ضجر.. لتقول بانكسار: كتر خيرك ياعلاء.. أنا فعلا اللى عملت فى نفسى كدة .. عموما اللى حصل حصل ومبقاش ينفع الندم.. بص ياابن الناس.. انت تيجى تخطبنى ونتجوز.. وبعدين ابقى طلقنى.. أنا خلاص مبقتش عايزاك بس لازم تستر علية عشان ما اتفضحش.
قال علاء بإستنكار: انتى اتجننتى.. اتجوزك بعد ما نمت معاكى.. مستحيل طبعا.. أنا مراتى لازم تبقى بكر.. وكمان لازم أطمن معاها على شرفى.. مش أي كلمتين حلوين من أي راجل يوقعوها. أطرقت برأسها فى حزن قائلة وهي تقول فى أسى: حرام عليك.. منك لله ياشيخ.. منك لله ثم رفعت إليه عينين خاليتين من الحياة قائلة: اخرج برة عشان ألبس هدومى.
نظر إلى كتفيها العاريتين ليسيل لعابه وهو يقول: طب ومستعجلة ليه.. ما لسة بدرى. .. رفع يده يلمس كتفيها لتنتفض هي مبتعدة وهي تصرخ قائلة بإنهيار: إطلع بررررة. انتهى الفلاش باك
...مدت نجوى يدها تمسح دموعها والتى سقطت على وجهها لترفع عيونها مجددا لصورتها فى المرآة وهي تنوى أن تعيش حياتها بلا حب.. بلا زواج.. ستعيش فقط لدراستها ثم عملها .. ستعيش فقط من أجل مستقبلها... ولنفسها فقط.
جلست ميار فى مقعدها امام التلفاز لا ترى منه شيئا .. شاردة فى أفكارها.. تفكر فى حياتها البائسة مع وليد.. تحمد الله أنها لم تراه منذ أن عادت من المستشفى.. لتقول لها منيرة انه سافر ليخلص بعض الأوراق الخاصة بصفقته الأخيرة.. تعلم أنها حجة يهرب بها من مواجهتها.. فليذهب إلى الجحيم ولن تهتم حقا..
أفاقت من شرودها على صوت منيرة وهي تدلف من الباب تتذمر بكلمات غير مفهومة.. وما ان اقتربت منها حتى جلست فى عصبية وهي تنادى الخادمة بحدة و التى أسرعت إليها ملبية ندائها.. لتأمرها بإعداد فنجال قهوة لها على الفور.. أسرعت الخادمة لإحضار طلب مخدومتها بينما اعتدلت ميار قائلة بضجر: فيه إيه يامنيرة هانم؟خير.. متعصبة كدة ليه؟
رمقتها منيرة ببرود.. فلا يعجبها أبدا مناداة ميار لها بمنيرة هانم بدلا من طنط منيرة منذ عودتها من المستشفى.. كادت أن تعبر عن اعتراضها ولكنها آثرت الصمت.. فلا يهمها بماذا تناديها وهما وحدهما طالما انها تلتزم أمام الناس بما هو مطلوب منها تماما.. لذا فقد قالت منيرة بهدوء: اتصلت بدكتور ريان فمردش .. روحتله المستشفى لقيته مش موجود.. آخد أجازة من الشغل عشان مراته رجلها اتلوت.. لتزفر مستطردة: أوووف.. دلع ستات ماسخ.
ابتسمت ميار بداخلها .. سعيدة بوجود رجل مثل ريان يمنحها أملا أن هناك من يستطيع ان يحب حقا ويمنح قلبه بالكامل لحبيبته.. لتسخر من حماتها والتى تتحدث عن تغنج النساء على أزواجهن.. وهي التى إن أصاب وجهها بثرة أسرعت إلى الطبيب على الفور.. لتنهض ميار متجهة إلى حجرتها ليوقفها صوت منيرة وهي تقول بحدة: رايحة فين؟
التفتت إليها ميار قائلة ببرود: هلبس ورايحة النادى.. أصل قعدة البييت بقت تخنق. تابعتها منيرة بعينها حتى اختفت لتقول بغل: انتى الظاهر مبقاش حد عاجبك ولازم وليد يرجع عشان يرجع عقلك لراسك من تانى ياميار.
رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الحادي والعشرون
قالت تمارا والخجل يغمرها: خلاص ياريان أنا كويسة وملوش لازمة تتعب نفسك وتشيلنى كدة كل شوية. رمقها ليجد وجنتيها كجمرتين مشتعلتين.. ليقول بإبتسامة: ياستى مش تعبان.. أنا مبسوط كدة.
نظرت إليه فى حيرة يمتزج بها بعض الأمل ليدرك أنه تسرع فى الكلام ليقول بارتباك: قصدى يعنى.. إنى ببقى مبسوط لما احس إنى برد جزء من جمايلك علية.. كفاية انك آخدة بالك من بنتى ومخلياها تعيش أسعد أيام حياتها. أحست بالإحباط ولكنها لم تظهر إحساسها على ملامحها.. بل حاولت تغيير الموضوع قائلة: مقلتليش.. عملت إيه مع جلال؟
وضعها على كرسي ممدد فى الحديقة برفق وهو يقول: قلتله انك نمتى ومش هتقدرى تشوفيه النهاردة. نظرت إلى ملامحه الوسيمة والتى بدت الآن متوترة خاصة وهو قريب منها هكذا ينظر إليها.. لتبتلع ريقها بصعوبة وقد انتقل ارتباكه إليها وهي تقول: وهو؟هو قالك إيه؟ هز كتفيه وهو يبتعد عنها ليجلس بجوارها قائلا: المتوقع طبعا.. قاللى انه هيجيب والده ووالدته وييجوا يزوروكى بكرة عشان يطمنوا عليكى..
ليستطرد قائلا بسخرية: أصلك وحشتيهم أوى. نظرت إليه فى توجس قائلة: ريان.. انا قلقانة وخايفة أغلط وكل اللى انت عملته يتهد فى ثوانى. ربت على يدها وهو ينظر لها بحنان قائلا: قلتلك قبل كدة انا جنبك وفى ضهرك ومع بعض هنقدر نكمل اللى بدأناه وهنحافظ عليه كمان.
غرقت تمارا فى نظراته الحانية ولمسة يده التى أشعلت كيانها.. ليظلا هكذا ينظران إلى بعضهما البعض.. كل منهما يغرق فى ملامح الآخر حتى استقرت نظرات ريان على شفتيها ليجد نفسه رغما عنه يقترب منهما ووجدت نفسها رغما عنها تستسلم.. حتى لامست شفتيه شفتيها برقة.. لينتفضا سويا على صوت رجولي مفزوع وهو يقول: مش معقول.. أنا فى حلم ولا فى علم.. شبحها ده ولا حقيقة؟
التفتا سويا لتجد تمارا رجلا فى مثل عمر ريان تقريبا او أكبر بسنوات قليلة.. ينقل نظره بين ريان وتمارا بفزع لتستمع إلى صوت ريان قائلا: حرام عليك ياأخى فزعتنا.. حمد الله على السلامة ياعامر. قال عامر ومازال صوته يرتجف مشيرا إلى تمارا: أنا برده اللى فزعتكوا.. ريان؟دى غزل.. والله غزل.. احنا مش دفناها فى باريس.. قول بسرعة قلبى هيقف. نهض ريان قائلا: أقولك إيه؟ما انا قايلك فى التليفون.. إنت نسيت ولا جالك زهايمر.. دى ياسيدى تبقى تمارا.. البنت اللى انت جبتهالى فى الحادثة.
اقترب عامر منهما وهو يشير لتمارا بيده قائلا لريان بدهشة: دى تمارا بتاعة الحادثة؟ أومأ ريان برأسه فى هدوء.. فنظر إليها عامر ليجدها عاقدة حاجبيها فى حيرة ليعود بنظراته إلى ريان قائلا: بس ياريان انتى قلتلى انك مكنتش تعرف ملامحها وغيرتها.. مقلتليش إنك غيرتها لغزل.. إنت عارف إنت كدة عملت إيه فى نفسك؟
زفر ريان قائلا: اهدى بس.. تعالى نروح المكتب وأنا هشرحلك. قال عامر: تعالى يااخويا أما نشوف فيه إيه.. الواحد قرب يتجنن. قال ريان: طيب اسبقنى على المكتب وأنا هحصلك. أومأ عامر برأسه ثم نظر نظرة أخيرة إلى تمارا قبل أن يهز كتفيه مغادرا بينما إلتفت ريان إلى تمارا التى قالت على الفور: مين ده ياريان؟
نظر ريان إلى شفتيها.. ليتذكر انه كاد أن يقبلها منذ لحظات.. شعر بأنه كان على وشك أن يخطئ معها وبشدة.. يدمر كل عهود الأمان التى منحها إياها.. يستسلم فى لحظة ضعف لمشاعر تغزو كيانه بسرعة تجاه تلك المرأة وهو مازال مرتبكا لايدرى هل تلك المشاعر تخص تمارا وحدها أم بها طيف من مشاعره لغزل؟.. طالت نظراته لتشعر تمارا بالخجل وهي تراها موجهة إلى شفتيها تتذكر تلك اللحظة التى كادت أن تودى بحياتها الجديدة مع ريان وابنته.. والتى أصبحت تحبها للغاية.. لتتنحنح قائلة فى خجل: إحمم.. ريان.. مين الراجل ده؟
افاق من شروده ليمرر يده فى شعره بتوتر قائلا: ده عامر ابن عمى و صاحبى و اللى رميتى نفسك أدام عربيته وهو اللى جابك لعندى فى المستشفى. أومأت برأسها متفهمة ثم قالت هامسة: أنا لازم أشكره. نظر إليها فى حيرة قائلا: تشكريه؟
هل كان صوتها مسموعا.. تكاد تقسم أنها تحدثت دون صوت فقط حركت شفاهها.. هل يقرأ ريان حركة الشفاه ؟ تبا.. لترتبك قائلة: عشان يعنى جابنى عندك ومتخلاش عنى وسابنى مرمية على الطريق زي ما غيره ممكن يعمل. أومأ ريان برأسه متفهما بهدوء.. ولكنه كان محبطا فللحظة تصور أنها تود شكر عامر لجلبه إياها إلى حياة ريان كما يود هو فى كل يوم أن يشكره على ذلك.. قال بهدوء يخالف مشاعره المحبطة: طيب عايزة حاجة قبل ما أمشى؟أصحى إيلين عشان تقعد معاكى؟
قالت بابتسامة: لأ خليها.. أنا كدة كويسة.. ربنا يخليك ياريان ويريح قلبك. مد يده يربت على يدها بحنان وهو ينظر إليها يود لو يقول راحة قلبى معكى أنتى.. وبالفعل فتح فمه ليقول شيئا ما.. ليقاطعه صوت أنثوي يقول بمرح: لو بقاطع مشهد رومانسى يبقى ألف وأرجع علطول.
إلتفتا سويا إلى مصدر الصوت ليجدا ميار التى كانت تبتسم ابتسامة عذبة.. ليبتسم كل من تمارا وريان بدورهما وهما ينظران لبعضهما بانتصار قبل أن يقول ريان: كويس انك جيتى يامدام ميار عشان تقعدى مع غزل شوية لإنى مع الأسف مشغول.. صاحبى جوة وكنت قلقان عشان هسيبها لوحدها. اقتربت ميار من تمارا قائلة: لأ متقلقش خالص وخد راحتك.. انا ممكن أقعد معاها للصبح.
ابتسموا جميعا ليقول ريان: البيت بيتك أكيد.. عن إذنكم. غادر ريان تتبعه عينا تمارا وقد ظهرت مشاعرها على ملامحها ليلتفت وينظر لها نظرة أخيرة يمنحها فيها ابتسامة عذبة.. قبل ان يختفى داخل المنزل.. لتجلس ميار بجوارها قائلة: كل ما أشوف حبكم لبعض بطمن وبقول ان الحب لسة موجود فى زمانا ده.
نظرت إليها تمارا تتأمل ملامحها الجميلة لتقول بهدوء: الحب أحلى حاجة فى الدنيا.. ربنا خلقنا وخلق لكل واحد فينا نصه التانى اللى بيكمله ومش معنى ان الواحدة مقدرتش تتعرف على نصها التانى وارتبطت بحد مش مناسب ليها انها تستسلم.. لأ.. لازم تبعد عن الانسان ده و تدور على نصها التانى ومتيأسش أبدا. قالت ميار بحزن: إزاي بس.. ده كل حاجة قسمة ونصيب.
قالت تمارا: قسمتنا ونصيبنا بإيدينا ولو استسلمنا وقلنا أهي عيشة والسلام.. بتتهان فيها كرامتنا.. وبيتكسر فيها قلوبنا وبنتعامل زي العبيد.. يبقى كدة احنا بنموت...وبالبطئ كمان.. ومينفعش نلوم غير نفسنا لو ده حصل. نظرت إليها ميار بحيرة قائلة: قصدك إيه ياغزل؟من واحنا فى المستشفى وأنا لاحظت إن جواكى حاجات كتير نفسك تقوليهالى بس فيه حاجة مانعاكى تتكلمى ويمكن عشان كدة أنا جاية النهاردة أسألك وعندى استعداد أسمعك.
نظرت تمارا إلى عمق عيني ميار قائلة: مش مهم تسمعينى.. المهم تصدقينى. عقدت ميار حاجبيها قائلة: مش فاهمة حاجة. أومأت تمارا برأسها قائلة: عارفة.. بس جه الوقت اللى لازم تفهمى فيه كل حاجة ياميار.. أنا هحكيلك وانتى فى الآخر هتحكمى وياتنصفى المظلوم ياتقفى مع الظالم.. القرار فى الآخر فى إيدك انتى. نظرت إليها ميار للحظات فى حيرة ثم قالت فى ثبات: احكى ياغزل.. أنا سامعاكى.
كانت علياء تلقى نظرة أخيرة على صينية قرع العسل فى الفرن لتجد انها نضجت تماما.. لتغلق الغاز وهي تبتسم.. تتخيل وجه زوجها وحبيبها حين يراها قد أعدتها له خصيصا.. فهي تعلم انه يحبها وأنها منذ زمن لم تقم بإعدادها من أجله.. فجأة إنطفئ النور وعم الظلام لتدرك أنها تلك اللمبة مجددا.. تحسست طريقها إلى هاتفها وأشعلت نور الكشاف به ثم أحضرت السلم الخشبي.. ووضعته تحت اللمبة تماما.. صعدت على درجات السلم بحذر حتى وصلت إليها لتقوم بهزها قليلا حتى عادت لتنير من جديد.. زفرت بارتياح ثم عادت لتهبط الدرجات ليتعلق كم عبائتها فى ذلك المسمار الجانبي ويختل توازنها لتصرخ وهي تقع أرضا ليرتطم جسدها بالأرض بقوة.. ويلفها الظلام.
قالت تمارا وهي تركز على ملامح ميار: أنا عارفة ان وليد هو السبب فى إنك تفقدى الجنين.. مش بعيد يكون ضربك أو زقك. نظرت إليها ميار فى حيرة لتستطرد قائلة: يوم ما شفتكم فى الحفلة كان باين أوى ان العلاقة متوترة ما بينكم.. والمرارة كانت فى كل ملامحك.
أطرقت ميار برأسها قائلة فى ألم: طول عمر وليد بتاع بنات.. بس قلت بعد الجواز أكيد هيستقر ويعقل.. بس مع الأسف محصلش.. كان دايما محسسنى إنه إتجوزنى غصب.. الطفل ده كان الحاجة الوحيدة اللى ربطتنى بيه.. كنت خلاص قررت أسيبه بس عملت الاختبار ولقيتنى حامل.. قلت جايز يتغير بعد ما يعرف انى حامل.. بس مع الأسف برده متغيرش.. وانتى شفتى بعنيكى كان هيموت عليكى إزاي فى الحفلة وكأنه مش متجوز وكأن جوزك مش جنبك.. لأ وجاي بعدها يحاسبنى على كلمتين قلتهم.. بجاحة فى حياتى مشفتهاش.. ولما اعترضت على كلامه لية.. ضربنى بالقلم وساعتها وقعت وفقدت الجنين.
قالت تمارا: وناوية تعملى إيه؟ رفعت ميار إليها عيون حائرة وهي تقول: لسة مش عارفة.. أكيد مش ناوية أكمل معاه.. وفى نفس الوقت مش قادرة أسيبه ياغزل.. أنا بجد مش عارفة أعمل إيه؟ ترددت تمارا للحظة ولكنها مالبثت أن حسمت رأيها وهي تقول: بعد اللى هتسمعيه منى معتقدش إنك هتكونى مترددة فى قرارك.. أنا واثقة إنك ساعتها هتاخدى القرار الصح. نظرت إليها ميار بحيرة لتبدأ تمارا فى سرد قصتها وعيون ميار تتسع فى صدمة.
دلف كمال إلى المنزل فلم يجد علياء فى إستقباله كعادتها.. عقد حاجبيه وهو ينادى عليها فلم تجيبه.. إتجه إلى حجرتهما فربما نامت قليلا.. ليدلف إلى الحجرة ويزداد انعقاد حاجبيه عندما لم يجدها.. خرج من الحجرة متجها إلى المطبخ لتتسع عينيه بصدمة وهو يراها واقعة على الأرض والجزء السفلي من عبائتها غارقا بالدماء.. أسرع إليها فى جزع يرفع جزئها العلوى وهو يربت على وجنتها بقلب واجف قائلا: علياء.. ردى علية يا علياء.
لم تفتح عينيها ولم تجيبه ليصرخ قائلا: علياااء. دلفت نجوى فى تلك اللحظة من الخارج لتسمع صرخة أخيها.. أسرعت إلى مصدر الصوت لترى ذلك المشهد.. انتفض قلبها رعبا وهي تقول: علياء مالها ياكمال؟ نظر إليها كمال بنظرات زائغة وهو يقول: مش عارف يانجوى.. أنا دخلت لقيتها بالمنظر ده. اندفعت إليه قائلة: ورينى كدة.
لمست ذلك العرق النابض فى رقبتها ليظهر على وجهها الخوف وهي تقول بنبرات مرتعشة: النبض ضعيف أوى.. اتصل بالاسعاف بسرعة. نظر إليها بتيه.. لتصرخ به قائلة: كمال مش وقت صدمة.. اتصل بالاسعاف بسرعة. أفاق كمال وهو يخرج هاتفه يتصل بالإسعاف وعيونه على محبوبته المغمضة العينين وقلبه يرتجف...خوفا.
قال عامر بأسى: كدة انت حطيت نفسك جوة دوامة ياريان.. ومش هتخرج منها سليم.. لازم هتخسر.. وغالبا هتخسر كتير. زفر ريان قائلا: من اول لحظة شفتها وانت جايبها المستشفى بعد الحادثة وأنا اتولد جوايا إحساس إن مصيرنا بقى واحد.. أنا اول ما شفتها شفت فيها غزل.. وبعد ما عرفت حكايتها حسيتها قريبة اوى منها.. حتى روحها الطيبة موجودة..
بس بعد ما عشت معاها الفترة اللى فاتت بدأت أخرج من إحساسى بإنها نسخة من حبيبتى.. هي دلوقتى بالنسبة لى تمارا مش غزل.. الاتنين شخصيتين مختلفتين بشكل كبير.. غزل كانت إنسانة بتحب الحياة وفى نفس الوقت مرهفة الحس وأي حاجة بتأثر فيها.. كان جواها إحساس كبير بالخوف والقلق من بكرة بس فى نفس الوقت بتعيشه بكل حلاوته ومرارته.. تمارا بقى شخصية هادية وخجولة فعلا..
بس جواها قوة كبيرة خليتها تقدر تستحمل كل اللى مرت بيه.. لأ وتقوم على رجليها من جديد.. وتقرر انها تواجه كل اللى ظلموها وتنتقم منهم كمان.. هي مش طالبة أكتر من ان حقها يرجعلها ويترد اعتبارها وشايفة ان ده أبسط حقوقها وأنا معاها لغاية ما نحقق ده.. حتى لو خسرت كتير.. أدام اللى بتديهولى تمارا.. أنا مستعد أخسر ياعامر.
قال عامر متأملا ملامحه: حتى لو كان اللى هتخسره ده قلبك؟ نظر ريان إلى عامر قائلا بثبات: حتى لو كان قلبى. تنهد عامر قائلا: اللى يريحك ياصاحبى وعموما أنا معاك ولو احتجتنى فى أي حاجة قول علطول ومتترددش. ربت ريان على كتف صديقه وابن عمه قائلا: عارف ياعامر.. ربنا يديم الحب والمودة بينا. ابتسم عامر قائلا: طيب.. أنا قايم أمشى عشان ورايا مشوار مهم.. أشوفك بعدين. قال ريان: مش هتتغدى معانا. قال عامر: مرة تانية بقى.. سلام قال ريان: سلام ياصاحبى.
نهضت ميار قائلة بعصبية: صاحبتك دى أكيد كدابة.. وليد مستحيل يعمل كدة. نظرت تمارا إليها بهدوء وهي تقول: وليه مستحيل؟.. شخصية زي وليد مستبعدش إنها تعمل أكتر من كدة كمان.. وعموما هي قالتلى على حاجة ممكن تكون دليل على كلامها. عقدت ميار حاجبيها قائلة: وإيه هي الحاجة دى؟
قالت تمارا بهدوء: فى الليلة دى وهو بيغتصبها ولإنه كان أول واحد فهي قاومته بكل قوتها وجرحته فى كتفه.. ساعتها من ألمه ضربها جامد وهي أغمى عليها بعدها.. أكيد انتى عارفة إذا كان جوزك إتجرح فى كتفه فى الليلة دى أو لأ.. وعارفة برده ان حاجة زي دى مش هيعرفها غير البنت دى وانتى.. صح؟
شحب وجه ميار على الفور وهي تتذكر تلك الليلة جيدا وتتذكر وليد وجرح كتفه الذى قال أنه نتج عن حادث.. لتجلس مجددا فما عادت قادرة على الوقوف وتدرك تمارا أن ميار الآن تصدقها.. لتقول ميار بضعف: إزاي قدر يعمل حاجة زي دى.. إزاااي؟ ربتت تمارا على يدها قائلة: هدى نفسك ياميار.. اللى زي وليد كتير.. بيبقى معندهمش أخلاق ولا ضمير يمنعهم عن الغلط.. المهم دلوقتى.. انتى ناوية على إيه بعد ما عرفتى؟
نظرت إليها ميار لثوانى فى ضياع.. قبل أن تقسو عينيها وهي تقول: مش هفضل عل ذمته ثانية واحدة طبعا.. هطلب الطلاق وفورا. قالت تمارا بهدوء: وتفتكرى كدة هترتاحى؟ نظرت إليها ميار قائلة بإستنكار: أوعى تكونى هتنصحينى أفضل معاه بعد اللى عرفته؟
هزت تمارا رأسها نفيا وهي تقول: ﻷ طبعا.. بس وليد لازم يدفع التمن يا ميار.. تمن اللى عمله مع تمارا وتمن اللى عمله معاكى ومع غيرك.. ده غير صفقاته المشبوهة. عقدت ميار حاجبيها بشدة قائلة: صفقات مشبوهة؟ اومأت تمارا برأسها قائلة: ريان أجر تحرى خاص.. وعرفنا كتير عن حياة وليد.. زي البنات اللى استغل برائتهم وبعدين رماهم فى الشارع زي الكلاب وآخرهم واحدة اسمها روان.. كانت شغالة سكرتيرة عنده.
ظهرت المرارة جلية على وجه ميار لتدرك تمارا أنها تعرف بقصتها.. لتستطرد قائلة: ده غير إنه بيمشى شغله بالرشاوى وصفقته الأخيرة كانت متهربة ياميار والورق اللى فى خزنته دليل كافى على كلامى. اتسعت عينا ميار بصدمة.. وهي تقول: أنا بابا داخل معاه فى صفقة جديدة.. مصيبة لا تكون متهربة هي كمان.. وبابا يروح فيها.. دى ماما تموت لو حصل كدة. قالت تمارا: متقلقيش هنلحقه قبل ما يتورط.. المهم تجيبيلنا الورق اللى موجود فى الخزنة واحنا هنتصرف.
نظرت إليها ميار قائلة فى جزع: لأ طبعا مقدرش.. هيتعرف إنى أنا اللى عملتها وساعتها مش هيرحمونى. قالت تمارا: متخافيش ياميار.. هاتى الورق وتعالى واحنا هنحميكى.
نظرت إليها بتردد للحظات ثم لم تلبث أن نهضت قائلة وعيونها تترقرق بالدموع: أنا آسف ياغزل.. مش هقدر أعمل كدة.. أنا عارفة إنى كدة أبقى جبانة وواقفة فى صف الظالم بس المخاطرة كبيرة أوى وأنا مش أدها.. كل اللى هقدر أعمله إنى أطلق وأبعد عنه وبس.. وأسيب عقابه لربنا.. سامحينى ياغزل.. سامحينى.
وأسرعت بالمغادرة وعيون تمارا تتابعها قائلة بهمس: حاسة بيكى ياميار.. أنا كمان كنت زيك ضعيفة وخايفة لغاية مالقيت إيد اتسندت عليها وقوتنى.. وانتى كمان يوم ما هتحسى ان فى ضهرك حد يطمنك.. هتبقى قوية وتقدرى تتحدى الظلم وتغيرى مصيرك.. كل اللى فى إيدى ليكى دلوقتى دعوة هدعيهالك من قلبى.. ربنا يريح قلبك وينصرك على اللى ظلموكى ياحبيبتى.
كانت ميار تسرع بخطواتها وعيناها تغشاها الدموع فلم ترى أمامها لترتطم بعامر الذى كان يغادر البوابة بدوره فيختل توازنهما سويا ويسقط عامر وفوقه ميار التى أغمضت عينيها بقوة للحظات ليتأمل عامر ملامحها الرقيقة والتى خلبت لبه خاصة وهو يرى وجهها الغارق بالدموع يتساءل عن سر حزن تلك الجميلة.. ليجد نفسه رغما عنه يمد يده ليمسح تلك الدموع ولكن ما إن لامست يده وجنتها حتى فتحت عيناها بقوة تنظر إليه لتتجمد يده مكانها بل يتجمد هو تماما وهو يقع أسير عينيها بينما انتفضت بقوة واتسعت عيناها بصدمة وهي تراه و ترى ذلك الوضع الذى وجدت نفسها به.. لتنهض بارتباك وخجل..
ثم تسرع باتجاه سيارتها بينما ظل هو فى مكانه يتابعها لتلتفت تلقى عليه نظرة أخيرة لتجده مازال ينظر إليها لتزداد خجلا وارتباكا وهي تسرع بالدلوف إلى سيارتها لتقودها مبتعدة عنه.. ليتنهد بقوة وهو يتساءل عن تلك الفتاة التى ذهبت آخذة معها نبضات خافقه.
رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الثاني والعشرون
قال الطبيب بنبرة عملية: البقاء لله. نظر إليه كمال بعيون زائغة وهو يقول: مين اللى مات؟ قال الطبيب: للأسف مقدرناش ننقذ الأم و الجنين.. ربنا يرحمهم.. عن إذنكم.
ثم غادر لتكتم نجوى بيدها صرخة كادت أن تنطلق من شفاهها وعيونها تمتلئ بالدموع.. بينما نظر إليها كمال قائلا: الراجل ده بيقول إيه.. ها.. بيقول إيه يانجوى.. بيكدب صح؟ نظرت إليه نجوى فى ألم تنهمر دموعها بصمت وهي تمد يدها لتربت على كتفه لينتفض بعيدا عنها قائلا: انتى بتعملى إيه إنتى كمان.. إبعدى عنى.. علياء مماتتش.. مسابتنيش لوحدى.. انتى فاهمة ولا لأ؟
قالت نجوى بنبرة حزينة منهارة: إستهدى بالله ياأخويا.. ده قضا ربنا. نظر إليها بإستنكار قائلا: قضا ربنا؟.. قضا ربنا إنه ياخد الملاك ده عنده ويسيبنى.. طب كان ياخدنى أنا ويسيبها هي.. كان ياخدنى انا ويسيبها هي. ثم إندفع إلى حجرة العمليات.. لتنهار نجوى وتجلس فى المقعد قائلة: لا حول ولا قوة إلا بالله.. لا حول ولا قوة إلا بالله.
... دلف كمال إلى حجرة العمليات ليجد الممرضة تضع الغطاء على وجه محبوبته.. ليهدر فيها بغضب قائلا: إنتى بتعملى إيه ؟.. إطلعى برة. قالت الممرضة: وجودك هنا ممنوع ياأستاذ. صرخ بها قائلا: قلتلك إطلعى برة وسيبينى معاها ياأصورلكم قتيل فى المستشفى دى.
أسرعت الممرضة بالهروب من أمامه وهي تدرك انه جن تماما .. ليقترب كمال من السرير ويمد يد مرتعشة يرفع الغطاء عن وجهها الحبيب ليجد عيناها مازالتا مغمضتين ليقول بعتاب: علياء.. ياحبيبتى.. انتى زعلانة منى صح؟.. وعشان كدة مش راضية تصحى وتكلمينى.. طب قومى وأنا أصالحك.. أنا مش قلتلك عاقبينى بأي عقاب إلا الخصام أو البعد عنى.
لتنزل دموعه وهو يستطرد قائلة: ليه دلوقتى طيب بتبعدى عنى.. ليه عايزة تسيبينى لوحدى.. ده أنا روحى فيكى ياعلياء.. ده انتى هدية ربنا لية.. أخدك منى تانى ليه.. لييييه؟ ليغمض عينيه وهو يقول بإنكسار: لأ.. أنا عارف أخدك ليه.. بيعاقبنى.. بس ده عقاب قاسى أوى.. كان ياخدنى أنا.. أنا المجرم اللى أستاهل أتحرم من الدنيا بس إنتى لأ.. لأ ياعلياء. فتح عينيه ينظر إليها ليهز رأسه رافضا وهو يهزها قائلا: لأ.. متموتيش ياعلياء.. قومى بقى.. عشان خاطرى قومى.. متسيبينيش لوحدى.. ده حكم بالإعدام.. والله حكم بالإعدام.
لم تجبه ليمد يده ويمسك يدها قائلا بهذيان: برده مش عايزة تردى علية؟.. طب أنا مش هسيبك.. أنا قاعد جنبك لغاية ما تسامحينى وتردى علية ياعلياء. دلف الأمن مع الطبيب والممرضة فى تلك اللحظة ومن خلفهم نجوى لينظر كمال إليهم قائلا بغضب: واقفين كدة ليه.. عايزين تاخدوها منى صح؟.. محدش هياخدها.. محدش هيبعدها عنى. نظرت إليه الممرضة بأسى بينما انهمرت دموع نجوى حزنا على شقيقها.. ليتجه الطبيب إليه قائلا بهدوء: احنا مش هناخدها منك.. احنا بس عايزينك ترتاح شوية عشان شكلك تعبان.
قال كمال: أنا مش تعبان.. أنا عايز بس أفضل جنبها.. أنا وعدتها أفضل جنبها ومسيبش إيدها أبدا.. وعدتها إنى... لم يكمل جملته وهو يشعر بيد الطبيب عليه وتلك الحقنة التى وضعها الدكتور فى كتفه وأفرغ ذلك الدواء ليسرى فى دمه على الفور ويشعر كمال بالدوار يغمره فى ثوان ثم يسقط بين يدي الطبيب فاقد الوعي.
نادى وليد عليها مجددا قائلا: ميار. تجاهلته تماما وهي تقرأ كتابها.. لتنتفض عروقه غضبا وهو يتجه إليها بسرعة يمسك ذلك الكتاب من يدها ويمزقه أمامها.. لتنهض من مكانها وقد اتسعت عينيها بصدمة وهي تقول: انت إزاي تعمل كدة؟انت أكيد مش طبيعي.
أمسك ذراعها بقوة يضغط عليها وهو يجز على أسنانه قائلا: أنا اللى مش طبيعى برده؟ انا الست اللى جوزها راجع من السفر وبينادى عليها وهي ماسكة كتاب ومش معبراه.. بدل ما تستقبله وتقوله كلمة حلوة.. مين فينا اللى مش طبيعي ياهانم؟
تجاهلت ميار ذلك الألم فى ذراعها وهي تقول له ببرود: انت ناسى ان الست اللى بتتكلم عنها دى جوزها ضربها ووقعها وخلاها تفقد جنينها.. عايزها تعمل إيه.. ها؟تقابلك بالأحضان.. تفرشلك الأرض ورد.. تسمعك كلام عن شوقها ليك.. لأ ياأستاذ وليد.. الست دى إنت إنتهيت بالنسبة ليها.. وبقيت مش أكتر من إسم موجود فى ضهر بطاقتها وبس.. وحتى الإسم ده ميشرفهاش كمان انه يكون مرتبط بإسمها.
إلتمعت عيون وليد بغضب شعرت به يهز كيانه ليقترب منها قائلا بصوت كالفحيح: بقى كدة؟ ليلقيها على السرير وهو يخلع عنه حزامه قائلا: فعلا زي ما ماما قالت.. إنتى محتاجة حد يربيكى من أول و جديد.. ويسعدنى ياميار إنى أكون الحد ده. اتسعت عينا ميار فى رعب قائلة: انت بتعمل إيه؟
رفع تيشيرته ليظهر نصفه العلوي عاريا وهو يقول ببرود: هربيكى ياميار. جثم فوقها فجأة لتصرخ برعب فوضع يده على فمها وهو يقول: صرخى أد ما تصرخى.. خلاص يا ميار.. كبرت فى دماغى وانتى اللى جيبتيه لنفسك. ليقبل عنقها بعنف ثم يمزق فستانها يوصم جسدها بقبلاته العنيفة.. تقاومه بكل ذرة فى كيانها ولكن بنيته القوية وبنيتها الضعيفة حالت دون مقاومتها ليكمل هو ما بدأه حتى النهاية ويده على فمها تكتم صرخاتها المستنجدة.. حتى لفها الظلام ليرحمها من ذلك العذاب الذى مرت به.
لم تستطع تمارا النوم.. تتقلب فى فراشها.. لتعتدل وتلقى نظرة على ريان لتجده مستغرقا فى نومه.. نهضت ببطئ واقتربت منه بحذر حتى توقفت أمامه تماما.. جلست على ركبتيها بجواره تتأمل ملامحه الوسيمة والتى تبدو الآن مسالمة للغاية.. عيونه وهي مغلقة الآن تماثل جمال عيونه عندما يفتحهما وينظر إليها.. هكذا تماما.. انتفضت وهي تدرك أنه مستيقظ بالفعل وينظر إليها لتقول بإرتباك: أنا.. كنت.. يعنى.. قلقانة ومش عارفة أنام.. فقلت أصحيك تقعد معايا شوية نتكلم.. بس الحقيقة لقيتك نايم فاترددت.
ابتسم مما زاده جاذبية فوق جاذبيته ليصرخ قلبها مستنجدا.. واعتدل ليمسك يديها بين يديه يرفعها بهدوء لتنهض.. ثم يجلسها بجواره بحركة هزت كيانها وجعلتها تذوب عشقا.. لينظر إليها قائلا: فى أي وقت مش عارفة تنامى فيه.. صحينى ومتتردديش.. وأنا أطول بس ياستى.. ان تمارا هانم تقعد وتتكلم معايا للصبح.. ده حلم. نظرت إليه قائلة فى حيرة قائلة: يعنى انت لسة مزهقتش منى ومن مشاكلى يا ريان؟
نظر إليها باستنكار قائلا: زهقت منك.. ده انا كنت ميت قبل ما أقابلك وانتى حييتينى.. رجعتينى عايش من جديد.. اديتينى حماس عشان أقوم الصبح وأشتغل بكل قوتى.. انتى اديتينى أمل لبكرة.. ولحظات سعادة مابيكملش يومى من غيرها.
استسلمت تمارا الآن تماما.. وسلمت نبضات خافقها إليه يفعل بهم ما يشاء، فنبضاتها الآن ترقص على نغمات كلماته.. ولكنها مالبثت أن أصابها الإحباط مجددا.. فقد أدركت أنها كتمارا لم تمنحه كل ذلك بل منحته إياه ملامح غزل.. لتطرق برأسها أرضا تخفى دموعا ترقرقت بعينيها.. مد يده إلى ذقنها يرفع وجهها إليه فهاله منظر دموعها ليقول بقلق: طب ليه دلوقتى الدموع ياتمارا؟
شردت تمارا فى ملامحه وكادت أن تقول.. كنت اتمنى لو أحببتنى كما أحببت غزل ولكن كل ما يتمناه المرء لا يدركه.. ولكنها تراجعت فى اللحظة الأخيرة على صوته يقول بنعومة: تمارا.. روحتى فين؟ قالت وهي تشيح بعيونها عن عينيه: كنت بتمنى لو ماجد كان حبنى زي ما انت حبيت غزل. ماجد.. ماجد.. أمازالت تحب ذلك النذل بعد كل ما فعله بها؟أحس بقلبه يتمزق فى ثوان.. كان للتو سيعترف بحبه لها.. لتقول تلك الكلمات فتوأد كلماته فى صدره.. تبا كم يشعر بالألم.
قال لها بصوت حزين: غزل كانت ملاك ولازم تتحب بالشكل ده.. وإنتى كمان ياتمارا ملاك زيها وأكيد فى يوم هتلاقى حد أحسن من ماجد يحبك من كل قلبه وتبقى انتى بالنسبة له أغلى أمانيه.
نظرت إليه نظرة طويلة غامضة تصرخ فى أعماقها بأنها وجدته.. وجدت من هو أفضل من ماجد ألف مرة ولكنه مع الأسف.. قلبه مشغول بفتاة أخرى.. لتنهض قائلة: أنا.. أنا هنام دلوقتى.. آسفة لو أزعجتك.. وتصبح على خير. تابعها بعينيه قائلا: تلاقى الخير.
تمددت تمارا فى فراشها وشدت غطاءها عليها للحظات ثم قالت: ريان.. تفتكر ميار هتجيبلنا الورق ؟ قال ريان فى هدوء يخالف ثوران مشاعره: مش عارف ياتمارا.. بجد مش عارف.
أومأت برأسها واضجعت على جانبها الأيمن.. تحاول أن تسترق بضع ساعات من النوم ولكن هيهات.. فكلامها مع ريان يدوى فى رأسها كالمطرقة يحول دون نومها بينما يماثلها ريان.. وهو يتقلب محاولا النوم فلم يستطع.. ليدرك الاثنان أنها ستكون ليلة طويلة...طويلة جدا.
إستغل عزت عدم وجود صافى بالمنزل وذهابها للنادى مع صديقاتها ليدلف إلى الحجرة ويمسك المفتاح ليفتح به خزانتها.. نظر إلى تلك المجوهرات بالداخل وذلك المال والذى يكفيه لسنوات لتلتمع عينيه بسعادة وهو يفتح تلك الحقيبة ويعبئ بها الأموال والمجوهرات.. أمسك عقدا ثمينا بيد ورزمة من المال باليد الأخرى قائلا: عشان تبقى تهددينى كويس ياصافى.. شوفى بقى إنتقام عزت منك شكله ايه.. وإبقى ور...
قاطع كلماته دلوف صافى إلى الحجرة فى تلك اللحظة وهي تبحث فى حقيبتها عن شئ ما.. ليتجمد تماما وهي تقول: نسيت آخد فلوس عشان ادفع إشتراك... توقفت عن الكلام وهي ترفع وجهها وتشاهد هذا المنظر أمامها.. عزت يمسك بمجوهراتها وأموالها وخزانتها مفتوحة على مصراعيها.. لتدرك وبكل صدمة أن عزت يسرقها.. لتشعر بالغضب ويظهر ذلك الغضب فى كل ملامحها قائلة: إنت بتسرقنى ياعزت؟
ترك عزت مابيده وهو يسرع إليها قائلا: إفهمينى بس.. أنا... قالت بحدة: إنت حرامى.. حرامى وندل.. آمنتك على نفسى وبيتى وخنت الاتنين.. هستنى إيه بس من ويتر حقير أنا اللى نضفته ولميته من الشوارع.. أكيد فى الآخر هيطلع حرامى ونصاب كمان.
قال عزت بغضب: ماتتلمى بقى.. كل شوية تقولى نضفتك.. نضفتك.. ويعنى انتى مقبضتيش التمن من شبابى وصحتى.. انتى ياولية مش شايفة نفسك فى المراية.. مش آخدة بالك من سنك.. ده انتى حيزبونة كبيرة.. احمدى ربنا انى قبلت أتجوزك. إنتفضت عروق وجهها وهي تقول: بقى كدة.. ماشى ياعزت..
لتمسك هاتفها وتتصل برقم ما مستطردة: أنا بقى مش هسيبك وهبلغ عنك... أخذ منها الهاتف عنوة وألقاه بكل قوة ليقع وينكسر.. لتتسع عينيها قائلة: انت أكيد اتجننت وأنا هوريك. إلتفتت مغادرة لتجده يمسك بشعرها من الخلف بقوة يرجعها إلى مكانها لتكاد تصرخ فكمم فمها وهو يقول بغضب: رايحة على فين.. عايزة تبلغى عنى مش كدة؟
حاولت أن تتملص من يده فلم تستطع ليرفع يده التى تكمم فمها ليشمل بها أنفها فإزدادت مقاومتها عنفا وهي تشعر بالإختناق وإزداد هو تمسكا بها وهو يقول لها بجوار أذنها: مكنتش حابب النهاية تكون كدة.. بس إنتى اللى إخترتى ياقطة.
لتهمد حركتها بعد فترة ويثقل جسدها ليدرك عزت أنها ماتت.. جرها حتى السرير ثم ألقى بجسدها عليه وأسرع يفرغ ما فى خزانتها فى الحقيبة.. اغلق الخزانة ومسح بتيشيرته البصمات من عليها.. قبل ان يتجه للخارج بهدوء.. إلتفت ينظر إلى جثة صافى.. قبل ان يبصق ويخرج من الحجرة مغلقا الباب خلفه ببرود.
نهضت ميار تشعر بألما شديدا فى جسدها لتلقى نظرة مشمئزة على زوجها النائم على بطنه بجوارها.. خرجت من السرير واقتربت من التسريحة لتلقى نظرة على صورتها بالمرآة.. صورة باهتة لها.. كدمات زرقاء فى كل انحاء جسدها.. أغلقت عينيها بألم تتذكر تلك اللحظات البشعة والتى عانت منها منذ وقت قليل.. لتفتح عينيها على إتساعهما وهي تدرك إحساس تمارا بعد فعلة هؤلاء الحيوانات بها.. لتلتمع عينيها بقسوة وهي تقرر الإنتقام لها ولنفسها ولكل فتاة إستباح وليد حرمة جسدها.. لتذهب إلى بنطاله المرمي على الأرض..
تفتشه بحذر قبل أن تلمع عينيها وهي تجد مفاتيحه.. وضعت دثارا عليها ثم هبطت إلى الأسفل واتجهت إلى حجرة مكتبه.. لتدلفها بهدوء.. ثم تتجه إلى خزانتها.. فتحت ذلك المصباح الصغير على المكتب لينير لها.. ثم فتحت الخزانة وفتشت بسرعة عن تلك الأوراق التى أخبرتها عنها غزل.. لتلتمع عينيها فى إنتصار وهي تجدها.. أغلقت الخزانة بسرعة وأطفأت المصباح.. ثم عادت إلى حجرتها بهدوء.. فتحت دولابها ووضعت الأوراق بين طيات ملابسها..
ثم أعادت المفاتيح إلى مكانها.. وخلعت عنها دثارها وهي تدلف إلى الحمام تفتح المياة الساخنة وتملأ البانيو ثم تتمدد فيه وهي تغلق عينيها لتدع المياة تشفى ألم جسدها أما ألم قلبها وروحها.. فلا علاج لهما أبدا.