رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشردلف ريان إلى مبنى المستشفى وهو فى عجلة من أمره.. فلديه اليوم عمليتان تجميليتان.. إحداهما لفنانة مشهورة...لم يكن سر عجلته تلك العمليات ولكن شوقه إلى رؤية محبوبته أعجزه عن النوم وجعله يترك فراشه فى الصباح الباكر متجها إلى عمله.. بعد أن أيقن أنه لا سبيل للنوم وها هو يسرع فى خطواته كي يراها .. اتجه مباشرة إلى حجرتها ليقف مترددا وهو ينظر إلى ساعته التى تشير إلى السابعة صباحا..يتساءل متوجسا عما إذا كانت مستيقظة أم نائمة وهل سيقلقها إن دلف الآن؟.. ثوان تمر وأفكاره تكاد تقتله من تصارعها.. يمرر يده فى رأسه بعصبية.. ليحسم قراره، سيرى ان كانت نائمة أم لا؟.. طرق الباب بهدوء ليسمع صوتها الرقيق يطلب من الطارق الدلوف.. فتح الباب فى لهفة وهو يطل عليها برأسه ليراها جالسة فى سريرها مستندة بظهرها إلى وسادتها.. ياالله .. كم اشتاق لملامحها الرقيقة.. إنها تبدو الآن وشعرها الحريرى منسدل حول وجهها كما لو كانت غزل بالضبط.. تأملها لثوان يشعر بأنه يتوه فى تلك الملامح أفاق على صوتها وهي تقول:اتفضل ياريان.دلف إلى الداخل وهو يتنحنح قائلا فى قلق:احمم.. أنا صحيتك؟هزت رأسها نفيا وهي تقول:لأ .. انا منمتش أصلا.قال بسرعة:ولا أنا.نظرت إليه بدهشة ليقول بارتباك:احمم.. يعنى معرفتش أنام .. عشان يعنى خفت أكون ضايقتك بكلامى.ابتسمت بهدوء قائلة:بالعكس.. انت ريحتنى.. اكتشافى ان لسة فيه رجالة كويسة فى الدنيا دى ريح قلبى شوية.جلس بجوارها وهو يبتسم فى هدوء قائلا:مش للدرجة دى يعنى.. المهم سيبك من الكلام ده وقوليلى.. منمتيش ليه؟أطرقت برأسها قائلة:كنت بفكر.ركز عينيه على ملامحها وهو يقول:بتفكرى فى إيه؟عادت بنظراتها إليه قائلة:بفكر فى حياتى وحياتك.. وأد إيه قدرنا كان قاسى علينا بس احنا أهو.. لسة واقفين على رجلينا.غرق فى عينيها يشعر بأنه يكاد يجن .. حبيبته أمامه وهو عاجز عن ضمها لأحضانه.. ليضم قبضته بقوة وهو ينهض متجها إلى النافذة يحاول بكل جهده أن يتمالك نفسه.. لتعقد تمارا حاجبيها وهي تلاحظ ملامحه المتألمة لتقول بصوت منخفض:انت كويس يادكتور؟التفت إليها قائلا بهدوء:أنا كويس ياتمارا.. بس احنا قلنا إيه؟نظرت إليه فى حيرة ليستطرد قائلا:مش قلنا مفيش ألقاب ما بينا.. وان احنا بقينا أصحاب.اومأت برأسها لينظر من خلال النافذة قائلا بهدوء:بالنسبة لكلامك فصحيح قدرنا خد مننا حاجات بس إدانا حاجات أكتر ياتمارا.. خد منى غزل بس إدانى إيلين.. وخد منك حياتك اللى فاتت بس إداكى حياة جديدة تقدرى تحققى فيها كل اللى بتحلمى بيه.قست عيناها الجميلتين وظهرت القسوة فى صوتها وهي تقول:مش قبل ما أنتقم من كل اللى ظلمونى .إلتفت إليها ليلاحظ تلك النظرة فى عينيها ويشعر بالحيرة.. ليقترب منها وهو يقول:تقصدى إيه؟نظرت إليه قائلة:سيبك منى دلوقتى وكملى حكايتك .تأمل ملامحها لثوان وكاد أن يطالبها بتفسير لكلماتها ولكنه تراجع وهو يدرك أنها لن تفصح الآن عن كل مكنون قلبها،ربما مع الوقت تخبره.. لذا جلس على الكرسي مجددا بجوارها وهو يقول بهدوء:مفيش حاجة جديدة.. أنا تقريبا حكيتلك كل حكايتى.. فاضل بس النهاية..ليهز كتفيه قائلا:لما رجعت مصر خدت إيللى على بيتى اللى فى مرسى مطروح وهناك هي قاعدة .. ومحدش من أهل غزل يعرف عنها حاجة .. بروحلها كل ٣ أيام أقعد معاها يوم وآجى.. كان المفروض هروحلها انبارح بس...صمت لتنظر إليه تمارا فى حيرة قائلة:بس إيه ياريان؟نظر إلى ملامحها الجميلة واحتار بماذا يخبرها؟ أيخبرها أنه لم يستطع البعد عنها، لم يستطع أن يظل يوما كاملا دون أن يراها، وأنه اشتاق إليها منذ اللحظة التى خرج منها من المستشفى البارحة.. أيخبرها أنه يشعر بالراحة فقط لوجوده بجوارها.. أنه يشعر بالاكتمال.. بالهدوء.. بالسعادة فقط وهو بجانبها؟.. ستخبره بالتأكيد أنه مجنون.. وأنها ليست بغزله.. وربما أخافها لتغادر المستشفى بأكمله فلا يراها بعد اليوم.. خاصة وهو لا يعلم عنها الكثير.. ربما هو حقا جن.. ويحتاج إلى مراجعة طبيبه.. نعم لابد وأن يهاتفه اليوم.. طال صمته وشعرت تمارا بالارتباك من شروده فى ملامحها.. لتقول مترددة:ريان.. إنت.. إنت سرحت فى إيه؟افاق ريان من أفكاره ليقول:ها.. أبدا أنا هنا.. انتى كنتى بتقولى إيه؟شعرت تمارا بالحيرة من شروده الدائم فى ملامحها لتضربها الحقيقة فجأة.. فملامحها ليست أبدا بملامح تمارا.. إنها ملامح غزل.. ياالله .. انه فى صراع دائم كلما يراها.. يريد أن يراها تمارا ولكن رغما عنه يراها غزل.. شعرت بالشفقة عليه.. وهي ترى مثل ذلك الطبيب الوسيم الناجح يعيش داخل ماضيه.. يؤلمه.. يعذبه.. ولكنه لا يستطيع التخلى عنه.. تماما مثلها.. لتفيق على صوته الذى قال بعتاب:مين فينا بس اللى سرحان دلوقتى؟نظرت إلى عينيه نظرة غير مفهومة.. أوصلت إليه مشاعر عديدة وهي تقول:أبدا انا بس كنت بفتكر آخر كلام قلته.. أيوة كنت بتقول انك المفروض كنت تروح لإيللى إنبارح بس انت مروحتش.. مروحتش ليه؟نظر إليها بإرتباك قائلا:أيوة فعلا.. مروحتش عشان.. عشان عندى النهاردة عمليات مهمة مينفعش أأجلها.إنه يكذب.. بالتأكيد يكذب.. كان من الممكن تأجيل عملياته ولو ليوم آخر ولكنها هي السبب.. لم يستطع الابتعاد عنها هي.. وهو يعلم تلك الحقيقة تماما.ابتسمت قائلة:ربنا يعينك.. طيب برده مقلتليش.. انتوا ليه مجبتوش ولاد تانية غير ايلين؟أطرق ريان برأسه قائلا فى حزن:غزل بعد ما خلفت إيلين حصلها نزيف خطير وكانت هتموت والدكاترة اضطروا يستأصلولها الرحم.اتسعت عينيها بصدمة وهي تنظر إليه.. ياالله كم تعذبت تلك الغزل وهي تدرك أنها لن تصبح أما مجددا ولكن ياترى هل كان ريان يعلم بذلك قبل زواجهما؟أفاقت من أفكارها على رده عليها لتدرك أن نطقت بسؤالها وهو يجيبها قائلا:أيوة كنت عارف.. صارحتنى بالكلام ده لما طلبت منها الجواز.نظرت إليه تمارا فى حيرة قائلة:وانت وافقت؟وكملت معاها؟ابتسم فى مرارة قائلا:كان عندنا إيلين.. وكان عندى هي.. طفلتى وحبيبتى وكل حياتى.. هيفرقوا فى ايه الأطفال .. هيفرق إيه وجودهم من عدمه لو كان بينى وبين مراتى حب حقيقى؟.. ياما ناس خلفت بس مكنش بينهم حب وياما ناس خلفت وأطفالهم كبروا وبقوا أكبر أنين فى حياتهم.. أنا اتعودت أرضى بقضاء ربنا وأتأكد ان كل شئ بيدهولى هو خير من عنده.. وبستغرب نفسى باللى عملته معاكى.. لإنى كدة اعترضت على مشيئته ودى حاجة كانت بعيدة عنى أوى.قالت فى تعاطف:معلش غصب عنك.. وربنا رءوف رحيم.. هيغفرلك.. وزي ما انت قلت أكيد فيه حكمة للى حصل.. بكرة هنعرفها.نظر إليها بحيرة.. أشعرته كلماتها براحة شديدة.. لم يشعر بها منذ سنوات.. شعر أنه ينجذب إلى تلك الشخصية الهادئة والقوية.. التى تحملت آلاما هائلة تفوق الوصف ومازالت صامدة.. لينفض أفكاره بسرعة وهو يشعر بالاضطراب.. ليقف فجأة وسط دهشة تمارا وهو يقول:أنا.. انا اتأخرت على أول عملية .. هسيبك دلوقتى ترتاحى وهجيلك بعدين.أومأت برأسها فى حيرة.. ليغادر بسرعة ولكن صوتها الرقيق استوقفه وهي تنادى بإسمه ليلتفت إليها بهدوء فشعر بالارتباك على ملامحها وهي تقول:ممكن من فضلك.. يعنى لو تشغلى التليفزيون قبل ما تمشى.. أنا الصراحة حاولت بس معرفتش.قال بهدوء:آه طبعا ثوانى.ليذهب إلى جهاز التليفزيون ويشغله لها .. قبل أن يتجه إليها مانحا إياها جهاز التحكم وهو يقول:اتفضلى.. حاجة تانية؟تلامست أصابعهم لتضطرب تمارا على الفور بينما أبعد ريان يده عنها بسرعة .. قائلا:انا آسف.ابتلعت تمارا ريقها وهي تقول بهدوء:محصلش حاجة.تأملها للحظات.. ثم التفت مغادرا.. تتبعه عيناها لتقول فى أسى:عارفة انك بتتعذب.. وبتمنى أريحك من عذابك وأقولك رجعلى ملامحى من تانى .. بس مع الأسف مش قادرة.. هحتاج ملامح حبيبتك عشان أعرف أنتقم من اللى ظلمونى .. هانت وهخرج من هنا.. وساعتها هترتاح منى خالص ياريان.قالت سهام هامسة:مالك بس يابنتى.. معقولة الحمل يعمل فيكى ده كله؟قالت ميار بهمس مماثل:مالى بس ياماما؟.. ما أنا زي الفل اهو.قالت سهام:فل إيه ياميار.. ده انتى وشك أصفر وخاسة وعينيكى دبلانة.. أنا هاخدك بكرة للدكتور يطمنا عليكى.رنت ميار بعينيها.. تسترق النظر إلى زوجها بسرعة لتجده مازال يتحدث مع أباها فى أمور الشركة.. ومنغمسا كلية فى الحديث لتعود بنظراتها إلى والدتها قائلة:دكتور إيه بس؟انا كويسة زي ما قلتلك.. الموضوع كله قلة نوم مش أكتر.. عشان خاطرى ياماما متجيبيش سيرة الدكتور أدام وليد.. وليد أصلا من ساعة ما عرف وهو مش سايبلى فرصة أتنفس .. متعمليش ده.. ومتشيليش ده واشربى ده وكلى ده.. لما اتخنقت.نظرت إليها سهام فى حيرة قائلة:طب ما هو كويس أهو وآخد باله منك.. تتخنقى ليه بقى ياميار.. حد يتخنق برده من الاهتمام؟رمقت ميار وليد ليقول قلبها بسخرية...اهتمام؟ .. عن أي اهتمام تتحدثين ياأمى؟ان كان يهتم بأحد فهو ذلك الطفل الذى ينتظره بفارغ الصبر.. والذى منذ ان علم بأنه فى الطريق وأصبح يعاملنى معاملة خاصة .. لقد كدت أن أطير من السعادة ظنا منى أنه اهتماما خاصا بى،لأسمعه يتحدث فى مرة مع والدته وأدرك أن كل ما يهمه هو هذا الطفل ولأذهب أنا إلى الجحيم..ماذا أقول لكى ياأمى؟ أننى سمعته وهو يعاتب أمه على جعله يترك محبوبته التى لم ولن يسكن أحد سواها قلبه.. وأنها كان من الممكن أن يكون لديها الآن حفيد بالفعل لولا تخليه عنها.. أأخبرك أننى لم أعد أرى النوم إلا لماما.. ولم تعد عيناي قادرة على سكب الدموع بعد أن ذرفت فى تلك الليلة كل دموعها.. أأخبرك أننى فقدت الرغبة فى الحياة ولولا ذلك الطفل بداخلى ما عشت فى تلك الدنيا لحظة واحدة؟.. عن أي شئ ياأمى أخبرك؟..أأعاتبكم لأنكم جعلتمونى بلا قيمة عند زوجى عندما أجبرتموه جميعا على الزواج بى كما اخبر والدته.. أم أعاتبكم على حياتى التى ضاعت منى؟ .. تلك الحياة التى تقيدنى وتزهق أنفاسي.. ومع الأسف مضطرة ان أعيشها لكي أربى ولدى بين أبويه.. لا.. لن اخبركى بأي شئ... فقط سأصمت وأخبئ أحزانى كما اعتدت مرارا وتكرارا.. سأعيش ياأمى من أجل طفلى وكفى.أفاقت من أفكارها على صوت والدتها التى قالت بحيرة:ميار .. روحتى فين؟التفتت إليها ميار قائلة فى سخرية مريرة:أنا هنا ياماما.. هروح فين يعنى؟رن هاتف ريان ليبتسم وهو يرى رقم المنزل فى مرسى مطروح ويدرك أن محدثته هي إيلين ليجيب هاتفه قائلا:حبيبة بابى .. وحشتينى.قالت دادة حليمة فى قلق:انا مش إيلين ياسعادة البيه.. أنا حليمة.انتقل قلقها على الفور إلى ريان ليقول متوجسا:خير يادادة حليمة.. إيلين فين؟ابتلعت حليمة ريقها وهي تقول:ايلين وقعت من على المرجيحة واتخبطت فى راسها واحنا دلوقتى فى المستشفى.اعتصر ريان سماعة هاتفه وهو يقول فى خوف:وهي عاملة إيه دلوقتى يادادة؟.. طمنينى عليها بسرعة.قالت حليمة:هي دلوقتى جوة مع الدكتور فى أوضة العمليات يابيه..كان ريان قد أخذ مفاتيحه وهو يركض باتجاه سيارته عندما سمع كلمات حليمة ليتوقف قائلة بجزع:عمليات.. حليمة.. قوليلى بأمانة.. حالتها إيه؟فيه خطر على حياتها؟قالت حليمة:لأ يابيه اطمن.. الدكتور بيقول بسيطة.. بس انت عارف انها لما هتخرج من العمليات وتفوق هتفضل تعيط وتطلبك.كان ريان قد عاود الركض ليدلف إلى سيارته منطلقا بها وهو يقول:مسافة السكة يادادة انا فى الطريق دلوقتى.. هاخد أول طيارة على مرسى مطروح.قالت حليمة بارتياح:مستنيينك ياسعادة البيه.. توصل بالسلامة.اغلق ريان الهاتف والقاه بجواره وهو يسرع بسيارته باتجاه المطار وكل تفكيره فى إيلين.. يقاوم أفكاره السوداء عن امكانية فقدها تماما كما فقد أمها.. وهو بعيدا عنها.. ليلعن غباؤه الذى لم يجعله يسافر لها البارحة.. فربما لو كان معها ما حدث لها كل ذلك.. نعم انه وحده الملام ... ولا أحد غيره.
رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشرقال علاء بابتسامة ناعمة:يانوجا ياحبيبتى افهمينى.. ماما مش عايزة تشوفك قبل ما أخطبك عشان تشوف هتعجبيها ولا لأ.. كفاية أوى انك عاجبة ابنها وابنها هيموت عليكى.ابتسمت نجوى وعلت وجهها حمرة الخجل ولكنها ما لبثت أن قالت فى حيرة:ولما أنا عاجباك ياعلاء.. مامتك عايزة تشوفنى ليه قبل ما تكلموا أخويا وتيجوا تتقدمولى.تراجع علاء بظهره فى مقعده وهو يقول:انتى عارفة ظروفى يانجوى.. وماما حابة انها تتأكد إذا كنتى موافقة عليها وراضية قبل ما نتقدم بشكل رسمى.أسرعت نجوى تقول:أنا موافقة.. موافقة ياعلاء.. ومقدرة ظروفك.. أنا آكلها معاك بدقة بس أهم حاجة نكون مع بعض.ابتسم علاء قائلا:أد كدة بتحبينى يانوجا؟نظرت إليه فى خجل قائلة:وأكتر والله.. أنا بحبك أوى ياعلاء.أمسك بيدها قائلا:وأنا كمان بحبك أوى ياحبيبتى وبستنى اليوم اللى هيجمعنى أنا وانتى فيه بيتنا الصغير بفارغ الصبر.أطرقت برأسها فى خجل ليبتسم علاء ابتسامة ساخرة اختفت على الفور عندما رفعت إليه عينيها قائلة:خلاص ياعلاء أنا موافقة أقابل مامتك.. حدد الميعاد وأنا هاجى علطول.ابتسم علاء فى داخله ابتسامة منتصر وهو يقول:بكرة علطول يانوجا.. خير البر عاجله.أومأت برأسها قائلة:ماشى ياعلاء.. هقوم بقى أمشى عشان اتأخرت.. خلى بالك من نفسك ياحبيبى.قال علاء بابتسامة:وانتى كمان ياحبيبتى.. خلى بالك من نفسك.. هتوحشينى لحد بكرة.ابتسمت فى خجل وهي تنهض مبتعدة عنه بهدوء.. يتابعها بعيونه متأملا جسدها بوقاحة قبل أن يقول فى سخرية:بكرة كل الملبن ده هيكون بين إيدية.. هتكونى لية يانوجا.. آل جواز آل.. هو أنا بتاع الكلام الفاضى ده؟تأمل ريان جميلته الصغيرة والقابعة فى أحضانه.. قلبه يشتعل من القلق عليها رغم كلمات الطبيب الخاص بحالتها والتى طمأنته عليها، ورغم رؤيته لها بنفسه.. ولكن يظل هاجسه الدائم بأنه سيفقدها كما فقد والدتها مسيطرا عليه.. ابتسم وهو يتذكر عندما فتحت عينيها ووجدته بجوارها متجهما وهو يشعر بالخوف عليها يسيطر على أركان قلبه.. وكيف ذكرته بوالدتها حين رفعت يدها بابتسامة ورسمت دائرة وشفاه مبتسمة.. تخبره بتلك الحركة أن يمحى تلك الملامح المتجهمة ويرسم على وجهه ابتسامة جميلة للحياة فهي أقصر من أن نعيشها فى كمد كما كانت تقول له حبيبته غزل.. ليجد ابتسامة حانية تشق طريقها إلى وجهه...لقد أدرك أنه لن يستطيع أن يتركها فى مرسى مطروح بعد ذلك الحادث وأنه سيحضرها معه لتكون قريبة منه فى كل لحظة بعد شعوره القاتل بأنه كان على وشك فقدانها للأبد.. لذا ها هي ذى معه على متن تلك الطائرة الخاصة والتى أجرها خصيصا لانتقالهما للمدينة.. مجازفا بتعرف أهل زوجته على مكانهما والوصول إليه بعد أن علم من مصدر موثوق منه أنهم اكتشفوا وجودهما بالقاهرة..إنها مجازفة كبيرة ومعضلة أكبر يجب أن يجد لها حلا.. وسيجده باذن الله ولكن عليه الآن الإكتفاء بقربها حتى وان كان فى ذلك خطرا على كليهما.. بل خطرا على ثلاثتهما.. فهو أيضا لن يستطيع البعد عن غزله.. تمارا.. أيا كان الإسم.. حتى وان أدرك أن وجوده إلى جوارها هو خطر كبير أيضا على قلبه.. فيبدو أن قدره أن يعيش فى جوف الخطر.. فمرحبا به ان كان معناه أن يشعر بكل تلك السعادة فقط لكون غزل.. تمارا.. إيلين.. فى حياته.دلف كمال إلى المنزل بملامح حزينة.. لتشعر علياء بالتوجس وهي تتبادل مع نجوى نظرة سريعة ثم تنهض لتستقبل زوجها قائلة فى قلق:كمال.. خير.. مالك؟نظر إلى علياء ونجوى قائلا فى حزن:خالتكم عايدة.. ماتت النهاردة.كتمت علياء شهقة انطلقت منها.. بينما ظهر الحزن على ملامح شقيقته.. قالت علياء بأسى:ربنا يرحمك ياخالتى.. ويصبر نبيلة على فراقك.. ويجعل قبرك روضة من رياض الجنة ويدخلك فسيح جناته يارب.قال كمال بحزن:آمين يارب.ليصمت لثانية قبل أن يستطرد قائلا:حضروا شنطكم عشان هنسافر الفيوم حالا.. انتوا عارفين ان نبيلة ملهاش حد غيرنا.. هندفن خالتكم ونحضر العزا ولو حبت نبيلة تيجى معانا القاهرة هنجيبها..قالت علياء بسرعة:آه طبعا ياأخويا.. واجب ولازم نعمله..لتلتفت إلى نجوى التى ظلت صامتة وظهر على ملامحها الإحباط قائلة:مش كدة يانجوى؟خرجت نجوى من شرودها وهي تقول:ها.. آه طبعا واجب.تفحص كمال ملامحها قائلا:مالك يانجوى؟فيكى إيه؟أسرعت نجوى تقول متلعثمة:مفييش حاجة ياأخويا.. أنا بس زعلانة على خالتك.. كان نفسى بس أشوفها قبل ما تموت.تنهد كمال قائلا:وأنا كمان.. يلا قدر ربنا ونفذ.. قوموا بسرعة حضروا الشنط على ما آخد حمام وأتصل بالعربية اللى هتاخدنا على هناك.أومأوا برءوسهما وهما يتجهان إلى حجراتهما.. بينما قال كمال فى حزن:ربنا يرحمك ياخالتى.. ويصبرنا على فراقك يارب.قالت صافى فى ملل:يوووه بقى ياعزت.. أنا مليت على فكرة.. مش عايزنى أخرج لوحدى ومش عايز تخرج معايا وأنا متعودتش على الخنقة دى.. أنا قربت أطق.. دى عيشة تقصر العمر.قال عزت باستنكار:دلوقتى العيشة معايا بقت تقصر العمر.. اتغيرتى أوى ياصافى.. ومبقتش أعجبك زي الأول.رمقته صافى بضجر قائلة:مش أنا اللى اتغيرت ياعزت.. انت اللى اتغيرت ومبقتش لطيف وحبوب زي الأول.. وأنا بجد مليت.. ولو فضلت بالشكل ده.. يبقى نتطلق أحسن.اقترب منها عزت وهو يمسك ذراعها بقوة قائلا فى غضب:بتقولى إيه ياماما؟.. سمعينى كدة تانى.. طلاق إيه اللى بتتكلمى عنه.. انتى نسيتى نفسك ولا إيه.. ده انتى أكبر منى ب ١٥ سنة.. عارفة يعنى ايه ١٥ سنة؟ولا انتى مش حاسة بالفرق؟قالت صافى بألم:سيب إيدى.. انت نسيت نفسك ولا إيه؟طب اتجوزتنى ليه وانت عارف فرق السن اللى بينا.. مش عشان كل حاجة بتمن ياعزت.. وأنا دفعت تمنك كويس أوى.. حولتك من عزت.. حتة الويتر الغلبان واللى بيشتغل فى فندق خمس نجوم.. لعزت بيه اللى بيتعمله دلوقتى ألف حساب.. دخلتك وسط عمرك ما كنت تحلم تدخله.زاد عزت من ضغط يده على ذراعها ليظهر الألم على ملامحها بينما تنافرت عروق عزت وهو يقول:وسط (******).. وكل اللى فيه (******).. ياريتنى ما دخلته ولا عرفته ولا عرفتك انتى كمان.. انتى حولتينى من راجل تتمناه أي واحدة لجوز الست.. وكل ده عشان إيه.. الفلوس؟ملعون أبو الفلوس اللى حوجتنى لأمثالك ياصافى.قالت صافى فى حدة ممزوجة بألم ذراعها:احنا فيها.. نطلق ياعزت.قال عزت بحدة:مش بمزاجك ياصافى.. بمزاجى أنا ووقت ما أحب أنا هرميكى.. مفهوم؟ليلقيها على السرير بعنف قبل أن يغادر الحجرة مغلقا بابها بالمفتاح لتجرى صافى وتطرق الباب بقوة قائلة برجاء:افتح ياعزت.. افتح الباب متبقاش مجنون.لم تسمع لصدى كلماتها أي صوت لتنظر إلى محيطها بغضب أشعل كيانها.. ذهبت بخطوات سريعة إلى حقيبتها الموضوعة على التسريحة تخرج هاتفها لتجده فارغا.. ليشتعل الغضب فى قلبها أكثر.. وتلقيه على الأرض بعنف ليتحطم إلى أشلاء.. أزاحت كل شئ على التسريحة بقوة ليتحطم كل شئ تطاله يدها ففى تلك اللحظة تشعر لأول مرة بالندم لزواجها من ذلك المدعو.. عزت.اطمأن ريان على صغيرته التى تنام كالملائكة فى تلك الحجرة التى أعدها لها فى مستشفاه.. دثرها بحنان طابعا قبلة على جبهتها ثم غادر الحجرة مغلقها خلفه بهدوء.. نظر إلى تلك الحجرة بجوار حجرة صغيرته يقاوم رغبة هائلة فى زيارة صاحبتها التى إشتاق إليها كثيرا.. لقد مر يومان على فراقهما.. فلما يشعر بأنهما أكثر من ذلك؟.. ولما يجتاحه الشوق لرؤيتها..ذلك الشوق الذى يعصف بكيانه ويقلق راحته وكأن رؤيتها أصبحت بالنسبة إليه واحة للراحة.. وكأنها أصبحت كأنفاسه تماما.. لايمكن الإستغناء عنها أبدا.. تردد للحظات فالوقت متأخر جدا.. ولابد أنها نائمة الآن.. لم يستطع أن يمنع نفسه من الاقتراب من باب حجرتها.. سيطل عليها فقط.. سيراها من بعيد.. اقترب من باب الحجرة وأمسك مقبضها يفتحه ببطئ شديد.. دلف إلى الحجرة ليفاجئ بها جالسة فى سريرها تستند كعادتها إلى وسادتها ويبدو أنها تتابع التلفاز.. ما إن رأته حتى شعت الفرحة فى ملامحها وهي تنطق إسمه بلهفة قائلة:دكتور ريان.لا يدرى لما ازدادت دقات قلبه حتى أنه كاد يقسم أنه يسمعها بوضوح.. هل هي نظرتها أم نبرتها الملهوفة والناطقة بإسمه.. أم هي رؤيتها بشكل عام؟.. خاصة وهو يشعر بالشوق يهز جنبات قلبه، للمرة المائة يلوم نفسه على تغيير ملامحها لغزله.. فها هو يسقط بسرعة فى بحر متلاطم الأمواج.. عميق لا قرار له.. تملؤه دوامات عديدة، لا يدرك إلى أين سيصل به.. يعلم أنه سينتهى به الأمر غريقا ولكنه لا يريد المقاومة.. فقط يريد الغرق وليحدث ما يحدث.. فلا يهمه أي شئ الآن سوى وجوده إلى جوارها.اقترب منها بهدوء يتأمل ملامحها الجميلة قائلا:انتى لسة صاحية لحد دلوقتى؟سؤالها التالى هزه من الأعماق وهي تقول فى لهفة:كنت فين المدة اللى فاتت دى كلها؟نظر إلى ملامحها فى حيرة.. يتساءل فى نفسه.. هل افتقدته مثلما افتقدها.. هل تلك اللهفة فى كلماتها حقيقية أم أنه فقط يتوهم ذلك؟أفاق على صوتها وهي تقول فى حيرة:دكتور ريان.جلس بجوارها قائلا بابتسامة هادئة:ريان بس.تأملت ملامحه الشاحبة بقلق وهي تقول:انت كويس؟أومأ برأسه دون كلمة لتستطرد قائلة:طب كنت فين.. زهقت منى؟مد يده يربت على يدها مطمئنا وهو يقول:إيه الكلام العبيط ده بس؟توترت من لمسته وانتفضت ليشعر هو بتوترها ويبعد يده على الفور.. وهو يقول بسرعة:أنا كنت عند إيللى.ابتلعت ريقها بصعوبة ثم قالت فى عتاب:ومقلتليش ليه قبل ما تسافر؟.. انا افتكرت إنك مبقتش حابب تشوفنى وإنك اتخليت عنى.. قصدى عن حالتى.أدرك من تعلقها بنظراته وكلماتها ونبراتها أنها وجدت فيه ملجأ.. أمان افتقدته فى حياتها.. ليبتسم بهدوء قائلا:أنا مش ممكن أتخلى عنك أبدا.نظرت إلى عينيه بنظرة نفذت إلى أعماقه.. امتزج فيها الامتنان برقة متناهية والأدهى أن تلك النظرة قبعت فى عيون محبوبته.. ليشعر مجددا بالغرق.. أشاح بوجهه عن عينيها وهو يقول:هما بس إتصلوا بية وقالولى إن إيللى حصلها حادثة بسيطة فطبعا اضطريت أسافر بسرعة ومبلغتش حد..قالت تمارا فى لهفة و قلق:وهي عاملة إيه دلوقتى وإزاي تسيبها هناك وتيجى المستشفى؟رفع عيونه إليها وهو يلاحظ نبرة القلق والعتاب فى صوتها.. ويدرك كم هو رقيق ذلك القلب النابض فى صدرها ليبتسم قائلا:أنا مسبتهاش.. جبتها معايا وقاعدة فى الأوضة اللى جنبك.شعر ريان بالإرتياح يظهر على ملامحها ثم الضيق ليقول بحيرة:مالك يا تمارا.. فيكى إيه؟نظرت إليه فى حزن قائلة:كان نفسى أشوفها بس خايفة تشوف ملامحى وتفتكرنى مامتها..أومأ ريان برأسه فى تفهم ثم نهض قائلا:فى يوم تانى هخليكى تشوفيها وهي نايمة.. او تبصى عليها من بعيد.. دلوقتى إرتاحى ونامى عشان الوقت اتأخر.. تصبحى على خير.ابتسمت قائلة:تلاقى الخير.أمسك ريان جهاز التحكم وأغلق التلفاز.. وهو يراها تتمدد فى سريرها وتغلق عينيها لتذهب فى سبات عميق على الفور.. وكأنها كانت تنتظر رؤيته فقط لتنام قريرة العين.. ابتسم بحنان وأمسك الغطاء يدثرها به جيدا قبل أن يغادر الحجرة ولكنه مالبث أن توقف وهو يلقى نظرة أخيرة عليها.. ليبتسم مجددا.. ثم يخرج مغلقا الباب خلفه فى هدوء.
رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشرقال علاء بحدة:يعنى إيه يانجوى مش هتقدرى تيجى.. هو لعب عيال؟قالت نجوى بسرعة وهي تخفض صوتها حتى لا يسمعها أحد:اهدى بس ياعلاء واسمعنى.. مش بإيدى والله إنى مجيش اشوف مامتك بكرة.. خالتى ماتت النهاردة وكلنا رايحين الفيوم عشان ندفنها ونحضر العزا.زفر علاء قائلا بهدوء.. وهو يخفى غضبه الشديد لإفساد مخططه:الله يرحمها يانجوى.. وعلى كدة هتقعدوا هناك لحد امتى؟قالت نجوى بسرعة:تلات أربع أيام.. مش أكتر ياعلاء.. اعتذر لطنط بالنيابة عنى وبإذن الله لما أرجع نحدد ميعاد تانى.قال علاء فى غيظ:تمام يا نجوى.. هقولها.. خلى بالك من نفسك.قالت نجوى فى حب:وانت كمان ياحبيبى.كاد أن يغلق الهاتف عندما استوقفه صوتها يقول فى همس:علاء.قال علاء:معاكى يانجوى.قالت نجوى:هتوحشنى أوى.قال علاء بضجر:وانتى كمان ياحبيبتى.. هتوحشينى أكتر.. سلام مؤقت.قالت:سلام.ثم أمسكت الهاتف وهي تضمه إليها بشوق وهي تغمض عينيها.. تتساءل فى صمت عن كيفية قضاءها لتلك الأيام دون ان تراه أو تسمع صوته.بينما على الجانب الآخر أغلق علاء هاتفه وألقاه بعصبية على السرير قائلا:يعنى حبكت خالتك تموت دلوقتى يانجوى بعد ماكنت قربت أوصلك.. يلا.. مش مشكلة.. كلها كام يوم وترجعى وساعتها مفيش حاجة هتقف قصادى.. وهاخد منك اللى أنا عايزه بأسهل مما تتصورى ياحبيبتى.كانت تمارا تجلس فى سريرها تتابع برنامجا تليفزيونيا شهيرا.. تحاول ان تلهى به نفسها عن أفكار غمرت كيانها.. أفكار أشعرتها بالقلق.. فلقد ظلت ساهرة طوال الليل.. تفكر فى ذلك الشعور الذى يجتاحها بالقرب من ريان.. شعور هو مزيج غريب من الألفة.. الارتياح.. وإحساسا هائلا من الأمان والطمأنينة.. تفكر إذا كانت ستغادر المستشفى وسيكون ذلك عاجلا أم آجلا.. فكيف ستتخلى عن ذلك الشعور؟.. كيف ستتخلى عن وجوده بجوارها.. لم تعد ترى من ذلك البرنامج شيئا وهي تغرق مجددا بأفكارها..تشعر بالحزن، بألم شديد فى صدرها، فلقد اعتادت على وجوده بحياتها، حتى أنها شعرت بأنفاسها تسحب منها عندما غاب عنها فى اليومين الماضيين.. أحست أنها تائهة من دونه.. انتابتها وحدة قاتلة وخوف مبهم.. ولكن ربما كان رحيلها هو الخيار الأفضل فى هذه الحالة.. قبل أن تتعلق به أكثر ويصبح ابتعادها عنه مستحيلا.. تعلم أن سر تعلقها به هو اختلافه كلية عن كل من عرفتهم من الرجال.. وربما لإحساسها بأنها وحيدة تماما فى تلك الدنيا وقد وجدت فيه سندا وملجئا..تخشى فقدانه.. حتى أنها البارحة حلمت بكابوس.. كانت فيه تغرق ولم تجده بجوارها لينقذها رغم أنها ظلت تصرخ بإسمه مستنجدة ولكنه لم يكن موجودا.. فقط لم يكن موجودا لتغرق وتسكن أنفاسها.. وعندما إستيقظت لم تستطع أن تنام مجددا وشعورها بأنه سيبتعد عنها ويفارقها.. أطار النوم من عينيها.. أفاقت على صوت طرقاته على الباب.. نعم.. طرقاته هو.. فقد باتت تعلمها علم اليقين....طرق ريان باب حجرة تمارا ليسمع صوتها الرقيق يسمح له بالدخول.. ليدلف الى الحجرة ويرى ابتسامتها الرقيقة والتى تمنحه شعورا غريبا بالارتياح.. ابتسم بدوره قائلا:صباح الخير.اتسعت ابتسامتها قائلة:صباح النور.اقترب منها يلاحظ بعض الاسمرار تحت عينيها مما يدل انها قضت ليلة مؤرقة.. ليقول بهدوء:يعنى ملامحك رجعت طبيعية وبشرتك مبقاش فيها أي أثر للعملية.. تقومى تسهرى وتبوظيها بالشكل ده؟ايه بس اللى صحاكى تانى أنا سايبك نايمة؟نظرت إليه فى دهشة تتساءل كيف عرف بسهرها.. ليقول بابتسامة وهو يشير إلى تحت عينيها:من السمار اللى تحت عنيكى ياأستاذة.اتسعت عينيها من إجابته لسؤال لم تسأله لتقول بعد لحظة:انت بقيت خطر علية على فكرة.. يعنى عارف حكايتى وكمان بتقرا أفكارى.. خايفة تعرف كمان أنا ناوية على إيه؟عقد حاجبيه وهو يقف قبالتها مستندا بيده على حافة السرير قائلا:انا فعلا عندى فضول أعرف.. ياترى ناوية على إيه ياتمارا وخايفة إنى أعرفه؟أطرقت برأسها وهي تقول:ناوية على حاجات كتير ياريان.لترفع رأسها وتواجه عينيه الحائرتين قائلة:وأولهم إنى خلاص بقيت كويسة ولازم أخرج من هنا.أحس ريان بقبضة حديدية تعتصر قلبه.. تؤلمه بشدة حد الموت وهو يتخيل أنها ستبتعد عنه ولن تكون قريبة منه مجددا.. ليقول بحزن:خلاص زهقتى مننا ياتمارا.قالت تمارا بسرعة:بالعكس...لتصمت عندما نظر إليها ريان بحيرة.. تدرك انها أظهرت لهفتها أمامه.. لتقول بارتباك:أنا قصدى.. انى مرتاحة أوى هنا.. وكلكم بتعاملونى كويس.لتتغلب المرارة على نبراتها وهي تستطرد قائلة:أحسن ما أهلى عاملونى.. بس...صمتت ليستحثها قائلا:بس إيه ياتمارا؟أطرقت برأسها قائلة:بس أنا كدة أبقى طماعة لو فكرت أقعد كمان يومين.. أنا خلاص بقيت كويسة وأقدر أخرج وأعيش حياتى.. عشان أقدر أنتقم من اللى قتلونى.عقد ريان حاجبيه قائلا:وهتنتقمى منهم إزاي وإنتى لوحدك؟وبعدين انتى مش قلتى متعرفهمش.. هتجيبيهم إزاي بس؟وهتعملى معاهم إيه؟رفعت رأسها إليه ليهاله منظر عينيها الدامعتين وهي تقول فى إحباط:مش عارفة ياريان.. مش عارفة.. بس لازم أبدأ وساعتها ربنا هيساعدنى.كاد أن يتحدث عندما رأى عينيها تتسعان بشدة وهي تميل برأسها تنظر إلى نقطة ما خلفه لتظهر على ملامحها الصدمة.. نظر خلفه ليرى شاشة التلفاز التى تعرض لقاءا تلفزيونيا مع أحد رجال الأعمال والذى يعرفه ريان ليعود بنظراته إلى تمارا التى أشارت إلى التلفاز قائلة وقد بدأت دموعها بالانهمار على وجهها:هو ده.. هو ده اللى كان سايق العربية ياريان..نظرت إلى ريان الذى عقد حاجبيه بشدة وقبض على يده بقوة وهي تقول مستطردة بإنهيار:هو ده اللى دبحنى.. هو وأصحابه ياريان.. هو ده.اقترب منها على الفور وهو يلاحظ أنها على وشك أن تنهار.. وأن مشاعرها المكبوتة منذ الحادث ظهرت مع أول ظهور لأحد المعتدين عليها.. ليقول محاولا تهدئتها:طب اهدى ياتمارا.. اهدى عشان خاطرى.صرخت فى وجهه قائلة:أهدى إزاي.. انت مش شايف؟لتخبط على صدرها قائلة:انا ضعت وهم عايشين حياتهم ولا على بالهم.. انا ضعت وهما عايشين ومرتاحين.وظلت تضرب على صدرها مرددة كلماتها المنهارة.. ليضطر ريان إلى إمساك كلتا يديها بيد بينما يخرج هاتفه باليد الأخرى ويتصل برقم.. لتصرخ قائلة وقد بدا أنها تهذى:سيبونى ياكلااااب.. سيبوووونى.أدرك ريان أنها لا تراه هو وإنما ترى المعتدين عليها.. لذا أحكم قبضته على يديها.. وهو يقول لمحدثه على الهاتف بسرعة ممزوجة بالقلق:حقنة مهدئة فى أوضة ١٤.. حالا.ليترك هاتفه وهو يمسك يديها بكلتا يديه يمنعها عن ضرب جسدها وهو ينظر إليها فى ألم و...لوعة.كانت ميار تجلس فى شرفة حجرتها تنظر إلى الحديقة فى شرود عندما انتفضت على صوت وليد وهو يضع يده حول عينيها قائلا:انا مين؟ابتسمت ابتسامة باهتة وهي تقول:وليد.رفع يده عن عينيها وهو يتجه إلى المقعد القابع بجوارها قائلا:الجميل سرحان فى إيه؟نظرت إليه تتأمل ملامحه الوسيمة وهي تقول بهدوء:شكلك مزاجك رايق النهاردة على الآخر.. أول مرة أشوفك بتهزر من زمان.ابتسم وهو يرجع بظهره متمددا على كرسيه قائلا بارتياح:فعلا.. صفقة خلصناها.. كانت معقدة أوى بس الحمد لله تمت.. وهتدخل للشركة أرباح هايلة.تأملته للحظة قبل أن تقول:هو انت مفيش حاجة بتبسطك غير الشغل والفلوس ياوليد؟رنا إليها بنظراته للحظة قبل أن ينظر إلى الأمام قائلا فى برود:فى وقت من الأوقات كان فيه حاجات تانية غير الشغل بتهمنى وبتسعدنى أوى بس مع الأسف.. الحاجات دى راحت وراحت معاها الفرحة اللى من القلب.عقدت حاجبيها فى حيرة وهي تلاحظ ذلك الشوق يغمر نبراته.. بالتأكيد يتحدث عن ذلك الوقت الذى كان فيه عاشقا.. اذا وليد لديه مشاعر كباقى البشر.. حاولت أن تخرج منه اعترافا لتقول بهدوء يخالف مشاعر ثائرة تغزو كيانها كإمرأة تدرك ان زوجها واقع بحب غيرها:وياترى إيه هي الحاجات دى ياوليد؟نظر إليها بارتباك ثم قال متهربا من الإجابة:قلتلك حاجات وراحت.. خلاص مبقاش يفيد نتكلم فيها.. المهم جهزى نفسك عشان فيه عشاء عمل مهم أوى وعايزك معايا.أومأت برأسها لينهض مغادرا بهدوء تتبعه عيناها فى ألم وهي تقول:مش قادر تنساها ياوليد.. كدة أنا إتأكدت إنى مش ممكن يكون لية مكان فى قلبك.. وإنى هعيش طول عمرى معاك فى عذاب...لتربت على بطنها قائلة فى حزن:طب انت ذنبك إيه ياحبيبى؟.. ذنبك إيه تعيش مع أب وأم عايشين مع بعض بس عشان المظاهر.. ومفيش حاجة بتجمعهم غيرك انت؟لتغمض عينيها على دمعة سقطت منها وهي تقول:قادر ربنا يريحنا من عذابنا ياحبيبى.. ويعوضنا بالخير كله..لتفتح عينيها ناظرة للسماء وهي تقول فى رجاء:يااارب.تأمل ريان ملامح تمارا النائمة بهدوء كالملائكة منذ أن أعطاها تلك الحقنة المهدئة.. يشعر بقلبه يتمزق حزنا عليها فقد كان اليوم هو أول يوم تواجه فيه حادثها الأليم وتستسلم لمشاعر خبأتها كثيرا داخل طيات قلبها.. فكان الإنفجار مدويا.. رفع يده يزيح خصلات شعرها والتى التصقت بجبينها المتعرق ليرجعها خلف أذنها بهدوء.. ثم يخرج منديلا من جيبه ويمسح به جبينها بحنان.. لترتعش شفتيها.. تأمل شفتيها كثيرا..أراد الاقتراب.. أراده بشده.. لينهض بسرعة وهو يضع المنديل بجيبه قابضا على يديه بقوة يشيح بوجهه عنها.. وذكرى قبلاته لتلك الشفاه تغمره مرارا وتكرارا.. يمنع نفسه بقوة عن أن يميل تجاههم يتذوق شهدهم ربما للمرة الأخيرة.يذكر نفسه أن تلك ليست غزله.. بل انها فتاة غريبة عنه.. أصبحت تشبهها فى الملامح وربما أخذت قليلا من روحها ولكنها بالتأكيد ليست هي.. ذهب إلى تلك النافذة ووقف أمامها يفكر فى شرود..ربما ما قالته تمارا قبل إنهيارها هو الحل الوحيد لمعضلته.. رغم الألم الشديد الذى سينتابه لفراقها.. ولكن فراق مؤلم الآن.. خير من فراق قاتل سيأتى عاجلا أم آجلا.. حانت منه إلتفاتة إليها لتحنو نظراته.. إقترب منها ووقف أمامها تماما قائلا بهمس:هتوحشينى ياغزل.. بس لازم تبعدى.. عشان خاطر تمارا وعشان خاطرى.. غصب عنى بشوفك فيها وغصب عنها هتتعذب معايا.. ما هو مفيش واحدة فى الدنيا هتستحمل تكون مع واحد شايف غيرها فيها.. وأنا مش شايف فيها غيرك ياغزل.. قلبى ده ملكك إنتى وهيفضل ملكك طول العمر.مد يده وربت على يدها بحب ليشعر بارتجافة يدها تحت يده.. فأمسك الغطاء ودثرها به بحنان.. قبل أن يتركها ويغادر الغرفة ولكنه توقف كعادته ينظر إليها نظرة طويلة.. يشبع عينيه من ملامحها.. طالت تلك النظرة فى تلك المرة وكأنه يودعها بعينيه قبل أن يغلق الباب خلفه بهدوء.لتفتح تمارا عينيها فى تلك اللحظة وتسقط منها دمعة وهي تقول فى همس حزين:مفيش فى الدنيا دى زيك ياريان.. الرجالة اللى زيك بقوا قليلين أوى.. بس مع الاسف حظهم بيبقى قليل.. ومع الاسف برده.. الدنيا دى مليانة رجالة وحشة.. قاسيين وغدارين.. حيوانات فى صورة بني آدمين.. زي إسماعيل وماجد...لتقسو عينيها وهي تقول بحقد:ووليد...وليد السيوفى.