رواية جبروت صعيدي للكاتبة سامية صابر الفصل السابع عشر
لا تنبُت أزهار الحُب فوق تُربة من الكذِب. صرخ الجميع بإسم مهرة التي فقدت الوعي وحولها بركة صغيرة من الدماء بينما شعر حسن بأنهُ غاب عن الواقع لدقائق من هول الصدمة والخوف عليها.. ثم عاد للواقع بعدها ليركض الى الاسفل متخطى السلالم بجدارة وقوة ثم وصل اليها ليضرب بيديه على خديها بخوف قائلا =مهرة مهرة فوقي.. قالت فتحية وهي تلطم على صدرها =جرالها ايه يا بنى؟
=مش عارف والله فجأة لاقيتها وقعت من على السلالم واحنا بنتخانق انا مقصدتش أزُقها والله مقصدتش.. فحصتها عطر وهي ترتعش ثم قالت بخوف وهي تبكي =لازم ناخدها على المستشفي فورًا شكلها أجهضت! =أي. ايه؟ =اختى لسه عارفة انها حامل مكلمتش ساعتين حتى حسبي الله ونعم الوكيل، الحقني يا ياسين.. كان ياسين قد جاء على أثر تلك الاصوات ثم حمل مهرة معهم ليوصلها الى السيارة وذهب معهم عهد وباسل، في حين قالت ثريا بدموع.
=مالحقيتش تتهني بيه دا كنا لسه بنحتفل وفرحانين هنقولكم ايه زى ما جه زى ما راح لله العوض.. بينما كان حسن في عالم آخر تماما جلس على اول درجات السلم ووضع رأسه في يديه يردد =انا السبب. انا إللى قتلت إبني بإيدي دول انا..! انا السبب. قالت فتحية وهي تربط على كتفه باكية =متقولش كدا يا حسن دى حكمة ربنا يا بنى مالناش دخل فيها ابداً..
نهض بسرعه ثم تركهم وخرج دلف الى السيارة وانطلق بها بخوف وقلق على مهرة وهو مشوش في افكاره بقوة وشدة. بينما في المستشفى وبعد مروة ساعة، فاقت مهرة من البنج وحولها الجميع فيما عدا حسن الذي أنتظر في الخارج، قالت مهرة بصعوبة شديدة =انا فين؟ قالت عطر وهي تملس على خصلات شعرها =مهرة انتِ في المستشفى تعبانه شوية، بس بلاش تتكلمي كتير علشان انتِ تعبانه..
=حصلى ايه. الطفل كويس؟ انا فاكرة فاكرة حسن زقنى من على السلالم وبعدها، بعدها مش فاكرة بس ابنى كويس.؟ مسحت عطر دموعها برفق قائلة =انتِ أجهضتى لان الوقعة كانت شديدة عليكِ والجنين لسه في الاول ربنا يعوض عليكي يا حبيبتي. =ايه؟ لاء لاء انا مالحقتش افرح مالحقتش.. بدأت تبكي بصوت عالى وقهر عانقتها عطر تربط على كتفها قائلة =الحمدلله يا حبيبتى ربنا يعوضك..
دلف في تلك اللحظة حسن ينظر لمهرة التي تبكي ولم تراه فقال باسل بنحنحه =تعالوا معايا يا جماعه برا.. بالفعل خرج الجميع وترك مهرة التي اشاحت بوجهها للناحية الأخرى وهي تكتم دموعها بقهر جلس حسن على المقعد ينظر اليها قليلا ثم يفرق في يديه حتى قال بألم =مكونتيش أعرف انك حامل، مكونتيش اعرف صدقيني ومقصدتش دا يحصل..
=مش مبرر، إنت على طول بتتعامل بطريقة فظه معايا قولتلك إسمعني افهمني انت تعرف ايه عن الماضى اللى عيشته؟ وانت عارف انى عملت حاجات غصب عني كتير ف لازم تكون كنت عارف اني هعمل دا غصب عنى تانى.. =انتِ عايزاني اعرف حاجة زي دي واجى اخدك بالاحضان ولا ايه يا مهرة. انتِ متعرفيش عملتي فيا ايه. انا تعبت من حواراتك واكاذيبك انا استحملت اللى مفيش راجل يستحمله.. ضغطت على شفتيها بقهر قائلة.
=وانا هريحك من دا كله. احنا جربنا نكون حبايب معرفناش نكمل. واضح انى لازم نفضل أغراب وكدا افضل حتى مبقاش فيه اي حاجة ما بينا تربطنا ببعض، طلقني يا حسن. طلقني وحررنى من السجن اللى انا فيه دا، حررني. =شايفة انى حياتك معايا سجن يا مهرة؟ لم تتحدث وأثارت الصمت ولكن دموعها أغرقت وجهها ف نهض برفق قائلا بنبرة قاسية =ما دامت دي رغبتك ف انتِ حرة، انتِ طالق يا مهرة..
القى عليها خنجرًا ثم غادر وخرج من الغرفة لتنكمش هي على نفسها أكثر وتبكي بحرقة قائلة =ليه مشيت ليه ما اتمسكتش زي كل مرة. ليه مقولتش معنديش طلاق يا مهرة؟ ليه سيبتني، يا خسارة الحُب اللى كان ما بينا يا حسن يا خسارة يا حبيبي.. انهارت في البُكاء بينما غادر حسن من الغرفة ولم ينتبه لنداء اشقائه او حديثهم، وهو يقول في نفسه.
=طالما خدت طريق مش طريقك لازم تتعب يا حسن، جربت الحب؟ آدي الحب وسنينه. إنسي بقا كُل حاجة.. بعد مرور إسبوع ؛ عاد حسن ليعمل بقوة لا يفعل اي شيء سوي العمل ولا يعود للمنزل فهو يكره ذكرياته معها القليلة في هذا المنزل ويبقي في مكان جديد إشتراه بنفسه، يحاول النسيّان ولكِن لو كان الأمر بالهبساطة لم يتعذب العاشقين على مر تلك السنوات..
بينما عادت مهرة الى منزل والدها تجلس فيه يومين مع نفسها لتُعيد ترتيب حسابتها مع نفسها وهي تحاول نسيان حسن هي الاخري.. بينما توطدت علاقة باسل وعهد واقتربوا من بعضهم البعض كثيرا حتى ان كل منهم شعر بمشاعر تجاه الاخر ولكن لم يعترف أحد للان! وكانت عطر تحاول التأقلم مع ياسين في العمل والمنزل واصبحت علاقتهم أجمل بوجود زواجهم وحبهم وتمسكهم ببعض البعض وكذالك علاقة فاروق وثريا وميرا ويونس..
هبطت مهرة السلالم بهدوء لتشاهد والدها يجلس مع الحاج يونس ألقت السلام بهدوء ثم قالت لوالدها =بابا انا راجعة القاهرة. =ازاي فجأة كدا؟ =مبقاش ليا حاجة هنا، هرجع علشان ناوية أشتغل واشوف حياتي بقا وطبعا انت مش هتعارض.. =لاء مش هعارِضْ، بس قبل كل دا اختك مسافرة هي وجوزها علشان يقضوا شهر العسل اللى فاتهم.. قالت مهرة وهي تضم يديها معا =طيب وانا مالى هعمل ايه يعني؟ =هتيجي معانا، أصل الكُل طالع!
توردت وجنتيها بالحرج ثم قالت وهي ترتبك =لاء مش عايزة اطلع.. قال يونس بإبتسامة =متخافيش يا مهرة حسن ابنى مش طالع اصلا محدش يعرف عنه اي حاجة، ف علشان خاطري تعالى وبعدها أرجعي البلد دا انا حتى هروح لاول مرة معاكم وعايزك تنقيلي اللبس علشان أبان شباب اكثر.. ضحكت مهرة بهدوء قائلة =خلاص حيث كدا أجهز الحاجة بقا ودعتهم وصعدت لتجهيز اشيائها بينما ضحك عمران ويونس بقوة شديدة وخبث فقال يونس.
=لازم نعلمهم الادب وانهم يتمسكوا ببعض مش كل حاجة فراق وطلاق. احنا مش بنلاقى الحب الحقيقي في الشارع يا عمران يا اخويا.. =على رأيك يا يونس يا خويا. ظل باسل يحوم حول حسن في منزله الجديد يقنعه بالسفر معهم فقال حسن بضجر =قولتلك مش طالع.. =يعم بقولك مهرة مش جاية.. =متنطقش اسمها قدامي يا باسل واخرس واطلع برا يلا.. =علشان خاطري يا سونة، لازم تبقى مع اخوك وتساعدني بحكم خبرتك علشان أعترف لعهد بحبي ليها..
=عندك فاروق وياسين فكك مني يا باسل. =علشان خاطري ياحسن أطلع معانا بقا دي رحلة جماعية وهتعجبك أوي! =انا مستحيل أروح معاكم الرحلة دي.. فى صباح اليوم التالى.. وضع حسن الحقيبة الخاصة به في شنطة السيارة قائلا وهو يتصبب عرقاً =يلا يا باسل الكلب بتعمل ايه.. خرج باسل وهو يتنفس بصعوبة قائلا =كنت بسرح شعري. بس ثواني ايه الجمال دا كله..
كان حسن يرتدي شورت قصير وقميص يرفع أكمامه للمنتصف ويترك اولى ازرار قميصه مفتوحة ويرتدي نظارة فكان كشاب أنيق جميل بالفعل.. لمح ببصره تلك الصغيرة التي تأتي من بعيد تبتسم بفرحة وحماس مع أهلها، خلع نظاراته كم إشتاق لها.. عادةً عندما نترك أحد ولا نفكر فيه ليوم مثلا او اكثر نتوهم بنسيانه ولكن طالما كان هُناك حب حقيقي عندما تراه ستعود تلك الذكريات والحب الحقيقي ويتبخر ما أوهمت نفسك بيه..
لمحته هي الاخري لتتصمر بصدمة مكانها قائلة بغضب لعهد =انتِ مش قولتى دا مش جاي معانا؟ نظر حسن الى باسل قائلا بنفاذ صبر =إنت مش قولت انها مش جاية معانا ولا إيه؟ ركض باسل الى عهد ليقول لها =يلا ياعهد هنركب عربيتي الجديدة.. دلفوا بسرعه اليها ومعهم يونس وميرا، ودلفت عطر الى سيارة ياسين معه ودلفت ثريا مع فاروق في السيارة ومعهم فتحية ودلف يونس مع عمران في سيارة عمران ليقودها.. وقفت مهرة مكانها بصدمة قائلة.
=ايه دا كله ركب كدا وانا هركب فين ان شاء الله؟ ي باباااا استنوا اييه دا استنوااا لم يجيب عليها احد وبدأت السيارات في الرحيل خلف بعضها، بينما ضرب حسن بيديه السيارة قائلا =فهمت دي لعبة منهم، ماشى ماشى، والله لاوريك ياباسل الكلب.. نظر لها بضيق قليلاً ثم تابع بضيق =لو عايزة تركبى معايا تعالى.. لم تجيب عليه واستمرت في التجاهُل، فقال بعصبية =انا بكلمك على فكرا! لم تجيب ايضا فقال وهو يجز على اسنانه.
=خلاص تمام براحتك.. دلف الى السيارة وكاد أن ينطلق فركضت اليه قائلة =اسمع انا مش عايزة اركب معاك بس هما أجبروني وما سابوش ليا عربيات! فهركب معاك بس ولا تكلمني ولا اكلمك.. =مش ميت على كلامك يا مهرة هانم.. =ولا انا ملهوفة عليك اصلا وضعت الحقائب في الشنطة ثم دلفت الى السيارة في المقعد الخلفى التفت لها قائلا وهو يجز على اسنانه بغضب =انا مش سواق حضرتك، تعالى اقعدي قدام.. =هقعد هنا مش عايزة اقعد جنبك قدام اصلا.
=انتِ تطولى اصلا انا نص البنات تتمنى تركب جنبي.. قالت بغيرة شديدة =ليه من حلاوتك اوي يعني! مفكر نفسك عمر الشريف مثلًا دا انت حتى مش حلو خالص.. =هوريكى يا مهرة. اخرجت لسانها له بغيظ لينطلق هو بعصبية شديدة وغيظ منها وهكذا تسابقت السيارات على الطريق الصحراوي وكانت جميلة حقا، فيما عدا سيارة حسن التي كانت بعيدة كل البعد عنهم، ضغط حسن على الراديو لتشتغل موسيقى عبد الحليم حِلو وكداب..
وظلت الاغنية شغالة حتى نطق حسن مع عبد الحليم بصوت عالى =كداااب اااه كداااب نظرت له بغيظ شديد ثم تقدمت للامام وهي تُشغِل أغنية أسمر يا أسمراني مين قساك عليا، لم يتحدث وفقط إستمع لنصف الاغنية واستمرت مشاجرتهم في اختيار الاغاني هكذا حتى جاءت اغنية توبة بالغلط ليسكت كلاهما.
هو اشتاق لتلك الكلمه لها التوبة عن الاشتياق لها وحبها ف للصراحة هو لن يتوب على الإطلاق بل يزداد وهي تذكرت مشاغبته بتلك الكلمة، الذكريات حقاً مؤلمة..
هبطت دموعها على وجنتيها حتى نامت من كثرة التعب والهواء يلفح وجهها ولان الملابس عليها خفيفة والهواء شديد وقف قليلاً على الجانب ثم هبط ووضع عليها جاكيت جلد يُدِفئها ثم ملس على وجهها برفق ولكن سحب يديه فجأة فهو ليس من حقه فعل ذالك يجب أن يكون أقوي قليلًا..
بعد مرور عدة ساعات وصلوا الى الفندق الذي تم حجزه من قبل فاروق وياسين، هبط الجميع من السيارات للصعود وابتسم عمران ويونس في الخبث وهم يرون مهرة مع حسن في السيارة وأن خطتهم بدأت في النجاح.. التفت حسن لها يتأمل ملامحها النائمة ثم قال بصوت قاسي =مهررررررة =ايه. مين حصل ايه؟ =اصحى وصلنا كفاية نوم، غيبوبة معايا في العربية.. نظرت الى الجاكيت الذي عليها وقالت بضيق مهرة/ ايه دا؟ ايه اللى جابه عليا؟
حسن/أوعى تفكري انا! انتِ مديتي ايدك خدتيه من السقعه وحتى مش استأذنتى.. مهرة/انا معملش كدا على فكرا.. حسن/ قولى لنفسك بقا القته بعيد عنها ثم هبطت من السيارة ودلفت الى الاوتيل لتري عهد وتضربها في كتفها قائلة بغضب =حسابك معايا عسيير ابتلعت عهد ريقها بخوف في حين ما ان دلف حسن حتى تحدث مع موظفة الاستقبال الشقراء التي بادلته الابتسامة وهي تضحك بدلال =أوه مستر حسن! انت ظريف بجد جدا.. =ثانك يو مايا.
لوت مهرة فمها بغضب وغيرة قائلة =ثانك يوو نينيني اتكلم عربي يا خويا ولا لسانك لازم يتعوج هنا يا صعيدي، ما صدق وقف يتكلم معاها مش عارفة انا ايه دا.. نظرت لهم بضيق وحاولت الرحيل ولكنها اصطدمت في جسد طويل القامة نظرت له بحرج قائلة =معلش آسفة. وضع يديه في جيبه قائلا =لاء ولا يهمك. اول مرة تيجى مرسي مطروح؟ =اها. الحقيقة دي اول مرة أجيها، بس سافرت مناطق خارج مصر كتير.
=مش معقول يبقي تسافري برا ومتجيش هنا خالص، عموماً هتحبي مرسي اوي لو احتاجتي حاجة انت موجود أصل انا عايش هنا.. =اها شكرا لحضرتك. =سامى أبو العدل! قام بمد يديه لمصافحتها لتحاول مصافحته، ولكن سبقتها يد ذالك الصعيدي حسن الذي مد يديه يعتصر يدَّ سامي في يديه قائلا بنظرات نارية =عارفك، مش إنت رجُل أعمال. قال سامى بحيرة =ايوا يا فندم. حضرتك مين؟ نطق حسن ومهرة معاً. مهرة/طليقي. حسن/جوزها.
نظر اليهم سامى بحيرة ثم قال بعدها =عموما انا موجود دايما لو احتاجتى حاجة. قالت وهي تبتسم برقة =تسلم. رحل سامى ليقول حسن بغضب شديد =ايه المياصة والقرف اللى عملتيهم دول انتِ مجنونة ولا شكلك كدا؟! =مالكش دعوة بيا احنا مش اطلقنا.. =اطلقنا ايوا لكن تحترمي نفسك وتظبطي كدا بدال ما هوريكي الوش التاني يا مهررررررة =كل واحد حر بقا كل واحد يشوف حياته.. نطق حسن بغيظ =بقا هي كدا.! =كدا وابو كدا.
=انتِ اللى حكمتي متبقيش تزعلي.. التفت كلاهما وذهب كل منهم في طريقه بعند وتحدي مع الاخر، في حين في غرفة عطر وياسين ألقت بالحقيبة ارضاً قائله =ايه اللى حصل تحت داا؟ =حصل ايه يا عطري؟ =سيبك من جو الحب والرومانسية يا ياسين مش هياكل معايا اصلا، شوفت البت اللى بتنظف دي وهي بتكلمك وتتمايع بتكلمها ليه؟ قال ياسين وهو يبتسم =ياحبيبتي كنت بسألها على حاجة عادي، وبعدين عينى مش شايفة غيرك اصلا.. اقترب منه بغيظ قائلة.
=عيونك اصلا متقدرش تشوف غيرى فاهم يعم ياسين والا هخذأهالك.. =لا الله الا الله اهدي يا عطري اهدي يحبيبتي أخذها في احضانه وهو يربُط عليها بحب وعشق بينما في غرفة فاروق وثريا، دق الباب الخاص بهم حاول الذهاب لكنها امسكته قائله بغل =ارجع عندك تلاقيها البت ام شعر أصفر دي انا هتعامل معاها، متتكلمش انت معاها. =وليه يعنى؟ =وعايز تكلمها ليه عجباك؟ الفهالك؟ =انا مفيش حد عاجبني غيرك!
=متكلش بعقلي حلاوة يا فاروق وأرجع. =لا اله الا الله. اكفينا شر النساء يارب ويبدو أن هذة الرحلة لن تُعدي هباءً فغيرة النساء سوف تفتك بالرجال!
رواية جبروت صعيدي للكاتبة سامية صابر الفصل الثامن عشر
إن مُتْ مات قلبي معكَ..! دلفت وفاء بغضب الى فرغلي الذي يجلس في غرفته شارد قالت بغضب شديد =انت هتفضل قاعد كدا يا فرغلي ولا ايه. مش هتعمل حاجة؟! =وفاء بقولك ايه انا مش فايقلك، دماغى فيها مليون حاجة والله.. =لاء معلش ماليش دعوة انت قولت انك هتساعدنى ولازم توفى بوعدك بقا وساعدني اعمل اى حاجة تفرق بيها فاروق وثريا بأى طريقة كانت.. نطق فرغلي بضيق =لازم اخلص من حسن الاول، بعدين هشوفلك موضوع فاروق دا.
=لاء انا مش هفضل مستنية، انا هفكر بنفسى وهتصرف مش هما يتهنوا هناك وانا تعبانة ومخنوقه هنا.. =خلاص استنى انا عندي خطة. =خطة ايه دي ان شاء الله! ارتاح الجميع في غُرفهَ الى الامس ولم ينزل احد سوي عهد التي نزلت تتمشى وسط الأجواء الهادِئة الجميلة ورآها باسل من اعلى وهو يقف في شرفة المنزل وقرر الهبوط اليها. التفت الى حسن بتوتر قائلا.
=انا بفكر ابدأ المح ل عهد بحبي، دي لو اي واحدة كنت قولت على طول بس دي مش اي حد ف لازم اخطط ليها. نطق حسن بملل =بكرا تندم، مفيش حاجة حلوة من وراء الحب الا القرف والارهاق والتعب يا باسل، عيش حياتك من غير ما تتنازل وتتعب علشان خاطِر حَد كذاب ميستهلش.! =بص يا حسن انا يمكن مش فاهم كتير في حكايتك مع مُهرة بس انا شايف انه الموضوع ما استحقش كُل اللى حصل دا انها تجهض تخسروا بعض وتبعدوا والكلام دا كله..
=احنا خلاص مبقاش فيه مجال ما بينا للرجوع، الحٌب واللهفة والمشاعر مش هتبقى زي الاول.. قال باسل وهو ينهض رابطًا على كتفه =سمعت مرة جُمله قالها ياسين الخِلافات لا تقتُل الحُب بل تجدده ف ان اتخذتها حِجه للفُراق، يبقى انت لا تعرف معني الحُب، اديك شوفت فاروق وثريا حصل مابينهم اللى ممكن يخليهم ينفصلوا للابد بس لانى حبهم قوي وحقيقي متهزمش مش الخلافات اللى تهزم الحب دي هي اللى بتقويه..
التفت وغادر الغرفة تاركًا حسن غارق في افكاره ما بين عقله وقلبه، وصورة مهرة تتأصل امام عيونه ببرائتها وضحكتها بكُل ما تحمله المعنى. وداخل تلك البراءة كاذبة وماكرة كبيرة دومًا عذبته.. هبط باسل الى الاسفل يبحث عنها ليراها واقفة تتحدث مع احد الرجال شعر بالضيق الشديد وربما بالغيرة، ذهب اليها بغضب قائلا وهو ينظر للاخر بقوة =عهد. بتعملى ايه؟ =باسل! ولا حاجة، كان بيسألنى عن حاجة مش اكثر. تابع الاخر بهدوء.
=شكرا يا آنسة عهد عن اذنك. غادر وتركهم ليقول باسل بضيق =كان بيتكلم معاكي ف ايه ان شاء الله وليه توقفى تتكلمي معاه بالطريقة دي؟ =جرا ايه باسل انت مكبر الموضوع اوي هو انا كُنت عملت ايه يعنى؟ =بصي يا عهد بصراحة انا مش بحبك تتكلمي مع اي حد والسلام كدا. شخص متعرفيهوش توقفي تتكلمي معاه ليه. =هو بس سأل ع حاجة ورديت وخلاص متكبرش الموضوع بقا. تنهد قائلا بهدوء =ماشى يا عهد انا بس خايف عليكِ لا اكثر ولا اقل.
=متخافش عليا. =خلصانه كدا مش هخاف. ابتسمت بخفة ليقول لها بتنهيدة =تعالى معايا هجبلك حاجة حلوة. رحلت خلفه ليجيب لها ايس كريم ثم يدخلون الى حديقة الملاهي يلعبون بضحك وسعادة هُم الى حدٍ كبير شبه بعض في الطباع، ولكن باسل كان يتخذ طريق السوء أحيانًا الى ان هداه الله ليبتعد تدريجياً عنه وكأن إعجابه وحبه لعهد سببًا في التغيير. فى صباح اليوم التالى..
قرر الجميع النزول على الشاطيء ؛ وقفت عطر تنظر بضيق لياسين الذي يرتدي ملابسه امام المرآه ثم قالت وهي تمط شفتيها للامام =متشيك اوي كدا ليه؟ نظر لها بغرابة قائلا =عادي يمكن علشان ف رحلة والمفروض يعنى البس حاجة كويسة.. =ماشى يا ياسين بس حسك عينك قراقيش بتتكلم مع بت كدا او تبص لبت كدا. التفت لها قائلا بحب =يحبيتي عينايَّ لا تري سواكِ =كٌل بعقلي حلاوة كُل. قدامى يا عم ياسين.
خرج الجميع من غرفه الى الاسفل وكل منهم مع بعضهم فيما عدا مهرة التي جاءت اخر واحدة وهي ترتدي ملابس لطيفة خفيفة وتضع حجاب خفيف فوق راسها ولسوء الحظ تقابلت مع حسن لتتجاهله تماما ولم تنظر له مقررة تعليمه الادب قليلا وان يكفُ عن تسلطه عليها.. بينما نظر لها من اسفل الى اعلي قائلا بضيق =مش شايفة ان البنطال ضيق ومينفعش تنزلي بيه اصلا ملبستيش فستان ليه..
لم تجيب وظلت متجاهلة اياه ليضرب بيديه بقوة على حائط المصعد ويوقفه بغضب قائلا =انا بكلمك لما اكلمك كلميني يا مهرة! رفعت نظرها اليه بغضب قائلة =انت مين علشان تتحكم فيا يا حسن احنا خلاص اتطلقنا يبقي البس اللى انا عايزاه بقا مفهوم ولا لاء ومش من حقك تعترض او حتى تتكلم معايا.. =متختبريش صبري لما اقول كلمة تتسمع وتتنفذ ولا علشان ما صدقتى طلقتك.. قالت بعتاب شديد =مين اللى طلق واتخلى ومشي؟
=ومين اللى كذب، ومين اللى طلب الطلاق. ناقص قلاقيكي بتكذبي عليا في موضوع حُبَّك ليا.. نظرت له بصمت ولم تتحدث وهبطت دموعها رغمًا عنها فنفسها صعبت عليها بالفعل كثيرا، وحاولت الرحيل الا انه امسكها وشعر بالضعف تجاه دموعها التي تكويه كويًا من الداخل، مسح دموعها بأطراف اصابعه بحنو قائلا بنبرة دافِئة = آسف..
اعاد تشغيل المصعد ثم خرج هو اولا منه وهي خلفه الى الشاطيء كان الجميع نصبوا الخيَّم والكراسي، جلس عمران ويونس كعادتهم يلعبون طاولة على الشاطيء وذهب يونس الصغير الى ميرا ليلعبوا معاً قائلا لها بصرامة =ملبستيش فستان ليه ايه البنطلون دا؟ =يونس يا حبيبي مش هعرف اتحرك ممكن اقع وميرا حبيبتك تتكسر.. قال برفض وخوف عليها.
=بعد الشر عليكى خلاص ماشى بس ارفعي شعرك دا مش تفرديه علشان بغير حد يشوفه غيري. وكمان قريب هتتحجبي. هزت رأسها بطاعه ليأخُذِ بيديها الى البحر ويُعلمها العوم وهي تبتسم وتضحك وهو سعيد بفرحتها ولكن غيرته من ان احد يراها قوية بالفعل.. ذهب فاروق الى ثريا وسحب يديها قائلا =تعالى ننزل البحر! قالت بحرج =مش بعرف اعوم يا فاروق ما انت عارف.. =عارف يا حبيبتي ولا انا بعرف اعوم بس مش مهم نغرق سوا في بحر الحُب..
قهقهت بخفة قائلة =آه منك يا فاروق والله.. ذهبوا معاً الى أطراف البحر وكذالك نهض يونس قائلا =قومي يا حاجة ننزل نتبل شوية ونِطلع. =يووه يا حاج اخاف اغرق. =متخافيش نقعد على الشط سوا قومي. نهضوا معا وذهب عمران الى الداخل ليعوم قليلاً وكذالك ذهبت عطر مع ياسين معًا، وبقت مهرة ظلت تقرأ في كتاب ما وحسن يجلس مقابلها الناحية الاخري، مرت من امامهم فتاة شبه عارية اصطدمت بحسن عمدًا ثم قالت بإغراء.
=سوري والله مخدتش بالي.. =ولا يهمك يا آنسة. =مايا اسمى مايا =حسن! =حسن واو اسم جميل جدا.. نظرت لهم مهرة بعصبية شديدة ثم نهضت تتمتم بغضب =بلا قلة ادب.. لاحظها حسن ليبتسم خفية ثم تركها وذهب خلف مهرة قائلا بصوت عالى =على فين! لم تجيب عليه ف امسك يديها يلفها نحوه قائلا بغضب =ميت مرة اقولك ردي عليا لما اتكلم يا مهرة ردي علياااا =جاي ورايا ليه هاه جاي ورااايا ليييه روح للست هانم دي.. =الله وانتِ متضايقة ليه!
=وهضايق ليه ان شاء الله اوعي تفكر انى غيرانة منها ولا حاجة دي متجيش جنبي حاجة.. رمقها بتسليه لتنظر له بغيظ وضيق ثم تركته وتقدمت للامام ليقول احد الشباب بطريقة غير مُهذبة =تعالى بس فكري.. وقف امامه حسن قائلا بنبرة باردة =إبقى فكر انت لما تعاكس حد ميخصكش! =وانت مالك وهو انا كلمتك.. =كلمت حاجة تخصني ودا اسوء لو كنت تعلم. وشكلك نفسك تتربى جديد..
قام بضربه بقوة وقسوة ليخرج اخوته على أثر صوته بقلق يفكون تلك المعركة العنيفة التي لم يهدأ فيها حسن من غيرته.. ولكن لحسن الحظ اليوم مر بسلام والمشاجرة انتهت وبعد وقت طويل وقت الغروب رحل الجميع الى الاعلى للإغتسال وبقي حسن ومهرة التي اصرت على البقاء..
دلفت الى البُحيَّرة بهدوء مع وقت الغروب ويوجد فقط القليل من الماء غطست مرة واحدة ثم خرجت لتصطدم بجسد كبير وهو حسن الذي وقف امامها شهقت بفزع وهي تتراجع للخلف قائلة =بتعمل ايه هنا..؟ =بعوم. يكونش البحر بتاعك وانا معرفش.. اقترب منها بخفة ليستنشق عبيرها وهي فقط تبتعد بخجل ثم قالت فجأةً =يلا نطلع بقا كفاية. ك. دا.
تركته ثم خرجت من البحر وهو فقط ينظُر لها، اهو حقاً أحب بتلك الطريقة؟ للدرجة عدم تحمله وصبره على فراقها، يود احتضانها وتقبيلها كما في السابق ولكن كبريائه وجبروته يمنعاه وكالعادة هو في حيرة ما بين عقله وقلبه.. فى مساء اليوم. بعدما ارتاح الجميع وأبدلوا ملابسهم، خرجوا لتناول الطعام ولكن لم يخرج فتحية ويونس وعمران، وخرج الشباب والفتيات، كانت مهرة لا تريد الخروج ايضاً ولكن مع اصرار الجميع رسخت لهم.
خرجت اولهم ميرا التي كانت ترتدي فستان طويل وكعب صغير وتركت شعرها للعنان، نظر لها يونس بضيق قائلا بغيرة =مش قولتلك متفرديش شعرك يا ميرا؟ =يا يونس احنا في رحلة وانا عايزة افرد شعري. علشان خاطري يا يونس علشان خاطري هاه مرة واحدة بس.. =طيب خلاص المرة دي وبس اتفضلي قدامي يا ست ميرا. ابتسمت بطفولة ليضحك بخفة على طفولتها بينما خرجوا الاربعة فتيات معاً، ذهب فاروق يأخذ يد ثريا مقبلاً لها قائلا.
= كلما نظرت إليك. ايه؟ هي كانت ايه ياسين.. =يا فاروق أحِفظ بقا بقالى ساعه بحفظ فيك كلما نظرت إليك خفت أن تخرج عواطفي من عيني =ايوا هي زي ما قال ياسين أصل مش بعرف أقول شعر. ضحكت بقوة قائلة =وانا مش بفهمه، خلينا بطبيعتنا، كلامنا العشوائي دا وخلاص.. =انا بقُول كدا برضوا.. رحلوا اولاً ثم أخذ ياسين يد عِطرَ قائِلًا بهمس في أذنها وهي خجِله.
=حين أحببتك. أدركت معنى أن يكون للإنسان روحاً بعيدة عنه لكنها أقرب إليه من كل شيء.. ابتسمت بهدوء قائلة =وحين رأيتك، فهمت معني الاطمئنان والراحة اللي قعدت ادور عليهم قبل الحب يا ياسين.. نطق باسل بنفاذ صبر =ما يلا يا ممحونين من هنا يلا..
ضحكوا على حديث باسل ثم خرجوا وخرج ورائهم عهد وباسل، نظرت مهرة حولها فلم تجد حسن رحلت بمفردها خلفهم الى مطعم رقيق وغالٍ في مكان أنيقْ جدًا جلسوا جميعاً حول الطاولة يطلبون الاطعمة المختلفة حسب رغبة كُل منهم.. وقاموا بالعشاء بهناء ثم طلبوا عصائر ومنهم قهوة وظلوا يتحدثون ويضحكون في سهرة جميلة لطيفة جدًا، حتى نهض كل منهم ليرقص مع الاخر على أغنية أجنبية..
وجلست مهرة بمفردها دمعت عينيها بقهر ثم نهضت بهدوء من امامهم وحاولت الخروج الى الشرفة لتشعر بمن يجذب يديها بقوة شهقت بخوف لتري نفسها في أحضان حسن الذي جاء للتو.. كان أنيق جميل جذب انظارها لكنها شهقت قائلة =ح، حسن انت بتعمل ايه؟ =وحشتيني. =سيبني يا حسن خلاص مبقاش ينفع.. =لسه بتحبيني.؟ لسه عايزانى. =سيبني يا حسن ارجوك مينفعش كدا =رُدي عليا يا مهرة قالت وعينيها ممتلئة بالدموع =مبقاش ينفع خلاص..
=طالما احنا موجودين ينفع. مش هسيب حُبنا يضيع هباءً =انت اللى ضيعته يا حسن! =وانا اللى هرجعه يا مهرة. ابتعدت عنه بقوة شديدة وهي تتراجع للخلف وتهز رأسها برفض شديد ولكن فجأةً انقطعت الانوار ودلف إلى المطعم رجال مُسلحين يطلقون النار عليهم بقوة واصوات كثيرة غير مفهومه..
اصابت الطلقة حسن وثريا هم فقط من اصيبوا ثم رحلوا الرجال بسرعة وقوة ركض خلفهم باسل وياسين بينما صرخ فاروق وهي يحمل ثريا الغارِقة في دمائها بين احضانه صرخ وهي يبكي عليها =ثريا لاء ثريا فوقي.. ابتلعت ريقها بألم شديد وهي تمسك فاروق بقوة قائلة بدموع =متنسانيش يا فاروق، إوعى تنساني.. =لاء ثريا فوقي يا ثريا فوقي علشان خاطري..
بينما صرخت مهرة وهي تحتضن حسن الغارق في دمائه ولكن لا نفس ولا صوت ف أخذ طلقتين ليست واحدة صرخت ببكاء وبصوت عالى وهي تحتضنه بقوة باكية صارخة لا تتوقف ولكن يبدو أنهُ قبل ان ينفس أنفاسه الاخيرة مسك يديها ولم يتركها على الإطلاق.. تحول المكان لبركة من الدماء ليفقد اليوم شخصين عزيزين عليهم..
رواية جبروت صعيدي للكاتبة سامية صابر الفصل التاسع عشر
استندت مُهرة على الحائط بفستانها المُطلخ بالدماء وكذالك يديها ووجهها شاحِب شحوب المُوتىَ، أن تتخيل أن يمُوت حبيبها وأن تعيش بدونه فقط قتلها وهي حية.. دموعها تهبط على وجنتيها وهي في عالم اخر لا تتحرك ولا تتنفس ما مرت به صعب على شخص واحد ويوم لاقتْ الآمان فقدتهُ مرة أخُري. لن تتحمل فُقدان الشخص الذي كان لها كُل شيء حقاً..
بينما على الجانب الاخر يقف فاروق يضع رأسه بداخل يديه ودموعه تهبط ولم يستطيع امساك نفسه إطلاقًا، زوجته ورفيقة دربه على وشك الموت.. خرج الطبيب الذي يُجري عملية ثريا ليركض بتجاهة فاروق وعطر وعهد قال فاروق بلهفة =مراتي يادكتور مراتي عامله ايه علشان خاطرى قولى.. =اهدي حضرتك، مراتك الحمدلله جت سليمة ودلوقتي هي كويسة بس نايمة من البنج شوية وهتفوق وتطمئنوا عليها متقلقوش. قالت مهرة بألم شديد =وحسن. ح. حسن فين؟
=حضرتك أول ما الدكتور اللى بيعمله العملية يخرُج هتعرفي كُل حاجة عن اذنكم. تركهم وخرج لتعود مهرة لصمتها وخوفها في حين ظل فاروق يحمد ربه بفرحة وسعادة على ان زوجته وحبيبته عايشة.. دلف باسل برفقة اخيه ياسين قسم الشرطة بعدما أمسكوا برجُلين وهرب الباقي منهم، اخذوهم العساكر وجلسوا هم مع مدير الامن الذي قال لهم بهدوء.
=متقلقوش هفتح محضر دلوقتي وهحقق معاهم وهنعرف بالظبط مين وراء الموضوع داا. بس انتوا شاكيين في حد مُعيَّنْ؟ ياسين/ ممكن يكونوا من الشغل معرفش والله عقلى مش مجمع اطلاقا للاسف بس ازاي ييجوا ورانا في الرحلة مش فاهم فعلا.. باسل/ انا شاكك ف فرغلي ابن عمى، احتمال كبير يكون هو وراء كل دا وبمُساعِدة العقربة الحرباية اخته. =اهدي يا باسل ان بعد الظن إثم، منعرفش الحقيقة فين..
طلب مدير الامن الرجال الذي أمسكوا بهم باسل وياسين ليدلفوا اليهم في فوضي ويبدأ المدير في الحديث معهم واستجوابهم وهم ينكِرُونْ الموضوع من أصله، ولكن نهض ياسين يقف امامهم بصرامة قائلا =قولوا الحقيقة احسن ليكم لو خايفين ع نفسكم، وانا هنزل العقوبة ليكم بس تقولوا مين خلاكم تعملوا كدا.. نطق احدهم بخوف =والله كنت عبد المأمور انا عندى عيال بجرى عليهم كان غصب عنى يا بيه.
=ماشى انطق بقا مين وزكم تعملوا كدا واشمعنا تيجوا لينا بلد غير بلدنا وفوق كل دا ثريا وحسن بس اللى يتصابوَا.؟ =صدقنى يابيه معرفش والله ما أعرفهم كل اللى اعرفه انه راجل كبير ومعاه واحدة ست وكمان جم اتفقوا معانا بس كانوا مخبيين وشهم ومش من هنا دول من أسيوط كمان.. نهض باسل بسرعة ولهفة قائلا =جالك كلامي. قولتلك هو العقربة الحية واخوها، استني كدا. اخرج صورة ل فرغلي ووفاء ثم قربها من اعين الرجل قائلا.
=فيهم شبه من دول؟ بعد قليل من التدقيق قال الاخر =ايوا هما بالظبط نفس الطول والجسم والهيئة.. قال ياسين بصدمة =ولاد عمي! يعملوا فينا كدا اومال الغريب يعمل فينا ايه لما القريب عمل كدا؟ =احيانا الطعنة بتيجى من الغريب قبل القريب، لازم نتصرف ونحول الموضوع لشرطة بلدنا. =احنا لازم نرجع يا باسل انا وانت على الاقل، وبعدين نرجع ليهم تانى.. =هنسيبهم في الازمة دي؟ =كلها ساعات بالعربية يلا بينا..
جلس فاروق بجانب ثريا بصمت ودموع ينظر لها، لن يتحمل فقدانها اطلاقا، قيمة الشخص لا نعرفها الا عندما نشعر بفقدانه.. فتحت عيونها بألم شديد قائلة بصوت ضعيف =ف. فاروق. نطق بلهفة =عيون فاروق وقلبه انا هنا يا حبيبتى انا هنا فوقي يا قلبي فوقي.. قالت بإبتسامة =إنت كويس؟ =كويس لما شوفتك صحيتي، حاسة بإيه؟ =كويسة طول ما إنت كويس.. قبل يديها بحب وسعادة ثم قال بدموع =كنت بموت من غيرك فاهمة يعنى ايه بموت! =بعد الشر عليك..
نهض برفق يضع وسادة خلف ظهرها كي تستطيع الجلوس بطريقة صحيحة دلفت اليها عطر وعهد ومعهم يونس وميرا الذي ركض الى امه يحتضنها ويبكي بحب قائلا =حمدالله على سلامتك يا أمى.. ابتسمت ثريا براحة وهي تحمد ربها للمرة التانية اختبار من الله يبعدها عن العائلة ولكن يرجعها لهم لتعرف قيمتهم ويعرفوا قيمتها، ولم يخلوا الحديث من الضحك والهزار كي تتحسن حالتها قليلا.
بينما في الخارج ظلت مهرة على حالها واقفة فيما يُقارب الاربعة ساعات لم تتحرك ولا تشتكي، حتى خرج الطبيب بتعب وألم لتركض اليه قائلة بلهفة =حسن حسن عامل ايه دكتور طمنى عليه.. كسي الدكتور وجهة ارضاً قائلا بقهر =استاذ حسن حالته صعبة جدا نزف دم كتير اوي الاربعة وعشرين ساعه اللى جايين في حياته مهمين جدا ادعي ربنا يعديها على خير.. =انا انا عايزة اشوفه ارجوك علشان خاطري لازم اشوفه مش هطول والله..
=اتعقمي وادخليله.. ركضت لتتعقم ثم دلفت اليه وهي ترتدي ملابسه كالطبيب اقترب منه وهي تكتم شهقاتها ودموعها جلست بجانبه وهي تبكى برعشة وخوف قائلة =ح، حسن، فوق يا حسن. قوم واتكلم وزعق فيا زي الاول اتحكم فيا بقوتك وجبروتك، بصلى وكلمني، قولى توبة احبك. ارجع علشان خاطري وانا كمان هرجعلك، مش هسيبك مش هسمح لحاجة تفرقنا مرة تانية، مش هسمح نهائي يا حسن..
ظلت تبكي وهي تتأمله، ليعلن جهاز القلب صوتًا مُعلناً توقف القلب نهائي صرخت بأعلى ما فيها =حسسسسسن.. ظل فرغلي قلق ومعه وفاء التي قالت بغضب =هو محدش اتصل بيك ليه. عايزة اعرف حصل ايه ماتوا وخلصنا منهم ولا لاء الله! =مش عارف انا ما اتصلوش، داهية يكون حسن كشفهم وعرف يسيطر على الوضع. =ربنا يستر يارب.. رن الهاتف ليركض اليه يجيب قائلا بلهفة =ايوا عملت ايه؟
=كله تمام حسن وثريا اتصابوا وزمانهم ماتوا، بس انت لازم تختفي عن الانظار شوية لانى فيه رجالة مننا اتفقشوا، هما ميعرفوش انت مين بس برضوا للامان. =خلاص ماشى ولو حصلت حاجة تانية، كلمني.. أغلق الهاتف ثم قال ل وفاء براحة =خلاص يا وفاء متخافيش كله بقا تمام الحمدلله اتصابوا و زمانهم ماتوا وخلاص قومي خلينا نخرج علشان نبقى في العزبة ومفيش اي حاجة علينا. =يلا.
نهضوا برفق ثم جاءوا ليخرَجوا اصطدموا برجال الشرطة وياسين وباسل نطق باسل ل وفاء بغضب =على فين يا حرباية على الصحراء المكان اللى انتِ منه؟ توترت وفاء بقلق ونظرت الى فرغلي الذي قال بإرتباك =جرا ايه فيه ايه مالكم يا ولاد عمى ايه جابكم من السفر.. قال ياسين بتنهيدة =صحيح مكوناش قريبين من بعض بس زعلت اني حد مننا عمل كدا، ودا عقابكم يا ولاد عمي. اخذتهم الشرطة تحت صراخهم وحديثهم الذي لا ينتهى، فقال باسل بتنهيدة.
=أدينا خلصنا منهم يلا نرجع بقا مش هينفع نسيبهم أكثر من كدا.. =يلا يا باسل.. فى الاوتيل، قال يونس بحيرة لعمران =هما العيال مجوش لحد دلوقتى ليه؟ =والله يا حاج مش عارف مش معقول دا كله سهر برا دا انا عمال برن عليهم مفيش اي رد.. قالت فتحية بقلق =انا خايفة وقلبى واكلني عليهم داهية ميكونش فيه مصيبة أو حاجة حصلت ليهم، استرها يارب..
عُمرانْ/ متقلقيش يا أم فاروق هحاول ارن على عطر بنتى تاني يمكن ترد أو عهد او حتى مهرة. بالفعل اتصل بعهد التي أجابت عليه فقال لها =انتوا فين يا بنتى؟ روت له عهد كل شيء لينعض بلهفة مع الجميع وذهبوا الى المستشفى قام الاطباء بإنعاش قلب حسن مرة أُخرى بالجهاز حتى عاد بنبض ولكن بضُعف ليخرج بعدها الاطباء ثم قال الطبيب ل مهرة =لو سمحتى اخرجي مش هينفع تفضلى هنا..
خرجت وهي تبكي بقهر ثم استندت على زجاج غرفته وهي تنظر له بخوف وتوتر وتبكي.. الفكرة تكمُنْ في اننا نعيش نكابر ونبعد ونعاند ولا نُلاحِظ أن هذا الشخص غدًا رُبما لا يكون معك حينها ستندم على الوقت الذي اضاعته في عدم تقضية الوقت معه..
يجب ان نترك الخلافات ونستمتع بقرب بعض فلن نعيش الا مرة واحدة ولن نراهم اذا رحلوا، مهما تعذبنا وبكينا لن يرجع هذا الشخص! لذالك استغل فرصتك في تقضية وقتك مع من تحب ربما يرحل غدًا أو انت الذي ترحل.. مر يومان أصعب يومان على العائله كلها، خصوصاً بسبب حسن الذي مازال في غيبوبة لم يفوق منها لان الطلقة كانت قريبة من القلب بقوة شديدة ماهى الا قليل وكانت ستضر به..
ولكن تعافت ثريا بطريقة جيدة وهذا الشيء الجيد الذي هون على الجميع.. فى تمام الساعة السادسة، كانت مهرة نائمة بجانب حسن من الارق، ليفيق هو حينها ببطيء وينظر حوله حتى رأي تلك الصغيرة، ليبتسم برفق ثم قرب يديه من رأسها يُملِس عليه برفق وحنان قائلا بصوت دافيء جدًا =مُهرتيَ.. فتحت عينيها بصدمة الجمتها، ثم التفت له لتصطدم بأنه فاق قالت بدهشة =ح. حسن! انت انت فوقت. انت انت عاايش.
ركضت اليه تحتضنه ليصرخ من الالم قائلا بكوميديا =انا هموت تانى أحسن. ابتعدت عنه وهي تبكي قائلة بأسف =انا اسفة اسفة مش هعمل كدا تاني بس بس فرحانه انت عايش مموتش.. =مموتش انا ايوا مموتش.. قالت بغضب =انت بتهزر وتضحك وانا هنا بعيط علشانك وهموت بسببك! جذب يديها لتقترب منه قائلا بحب =طلعتي ميتة في دباديبى بقا..! نظرت للاسفل بخجل ثم قالت بدموع.
=انا كُنت حاسة اني يتيمة ووحيدة وانت مش هنا كنت هموت لمجرد التخيل بإنك ممكن تسيبي وترحل.. =انا يستحيل اسيبك يا مهرة يستحيل.. امسك يديها يُقرَّبها من شفتيه يُقبلهما بعشق، ليدُق الباب ف تبتعد عنه فورا وتدلف فتحية لتصطدم بأن ابنها فاق =حسن يا بنى حسن، حسن فااق صرخت تنادي للجميع الذي دلفوا غرفة حسن وانقلب تعاسة الجميع الى سعادة وفرحة شديدة وظل الجميع بجانبه في فرحة ولم تخلوا الاحاديث من الضحك والسعادة..
قال الحاج يونس بهدوء =انا شايف كفاية غربة يا ولاد ونرجع بلدنا بقا.. نطق عمران بهدوء =انا شايف كدا برضوا خصوصا اني فيه عريس عايز يقابلني علشان خاطر بنتى.. نطق باسل وحسن الاثنين معًا بصرامة =بنتك مين.؟! =بنتي مهرة.. قال حسن وقد أظلمت عيناه بنار الغيرة =مهرة! مهرة متجوزة يا عمي، متجوزانى انا صحيح إنفصلنا بس انا هرجع ليها..
=انا اسف يا حسن يا بنى بس كفاية اللى حصل بينك وبين بنتي لحد كدا هشوفلها حد بيحبها ويقدرها ويفهمها.. كاد حسن ان يتكلم بغضب ولكن جذب عمران يد بنته مهرة التي غائبة عن الواقع وأخذها للخارج فقال حسن بغضب =هو اتجنن ازاي يعمل كدا انا هقلب الدنيا مهرة ليا مش لحد تانى.. نطق يونس بهدوء =اهدي يا حسن يا بنى لحد ما نرجع للبيت ويحلها ربنا من عنده ان شاء الله..
تعافى حسن وخرج من المستشفى وعادوا جميعاً الى أسيوط مرة أخرى تحت صرامة وإصرار عمران على زواج مهرة من اخر وهي ترفض وحسن يرفض ولا تنتهي الخلافات اطلاقاً بينهم.. بعد راحة طوال اليوم في المساء، خرج حسن الى ابيه يونس قائلا بضيق =انا رايح لعم عمران لازم احط النقط على الحروف مش هينفع كدا.. =يا حسن يا بني اهدي مش كدا =اهدي ازاى وهما هيجوزوا مراتى لحد تانى. يستحيل اهدي!
خرج بغضب شديد من المنزل والجميع يضحك عليه وعلى غيرته القوية والشديدة، في حين في منزل عمران جلست مهرة مع والدها في الصالون قائلة بعصبية =يابابا انت ليه بتجبرني علي حاجة مش عايزاهاا؟ =انا جبرتك على حسن ووافقتى عليه اشمعنا دا =علشان دلوقتي بحب حسن ومش عايزة غيره خالص.. =اطلقتي منه ليه طالما عايزاه؟ =ي بابا سوء تفاهم. و. =شش قفلى على الكلام دا انا قررت وخلاص.
وقف حسن عند باب الصالون وهو يشاهد حديثهم بنار تغلى في قلبه فقال عمران وهو يشاور خلف مهرة =هتتجوزي الشاب دا يعنى هتتجوزي الشاب دا.. نظرت خلفها بلهفة لتري حسن يقف ف نظر حسن خلفه ولم يري أحد نظر للامام مرة اخري وتفهم الامر انه يقصد عليه ضحك بشدة وسعادة لتضحك هي الاخري بعدم تصديق.. فى حين جاءت العائلة كلها وخرج الجميع فقال عمران وهو يضحك.
=كل حاجة كانت خطة مننا نرجعكم لبعض ونخليكم تحسوا بقيمة بعض وأد ايه انتوا بتحبوا بعض وحكاية ضرب حسن بالنار جت بفائدة، يا ولاد الحب مش بنلاقيه في الشارع دا حاجة قيمة واللى محظوظ بس هيلاقيه اعرفوا قيمة بعض شوية وحلوا مشاكلكم من غير عصبية وخناق.. اسمع وافهم يا حسن الاول وبعدين احكم وانتِ يا مهرة مش كل حاجة طلاق طلاق يا بنتي لازم تبقي راسية لاني الطلاق مش بالساهل.. قال حسن بهدوء.
=عندك حق يا عمي اديني اتعلمت وفهمت اني ماليش غير مهرة. قبل يديها بحب وابتسمت هي بخجل فقال يونس بهدوء. =يبقي بكرا نكتب كتب الكتاب ليكم سوا. ومع كتب الكتاب بقترح حاجة تانية كتت طلبتها منك انا وباسل يا عمران. قال عمران وهو يضحك =انا عن نفسي موافق المهم رأي عهد.. نظرت لهم عهد بحرج وقالت بإرتباك =احم اللى تشوفه يا بابا..
=يبقي على بركة الله بكرا خطوبة باسل وعهد وكتب كتاب حسن ومُهرة، للمرة التانية بس المرة دي الصح. ابتسم الجميع في سعادة وراحة ونظرت عهد الى باسل الذي غمز لها بعشق ف ابتسمت هي بسعادة..