رواية جبروت صعيدي للكاتبة سامية صابر الفصل الرابع عشر
خرج الجميع الى الحديقة واضعين الطاولة بها ورصوا الاطعمة على الطاولة، فقرروا تناول العشاء في الهواء الطلِق، جلس جميع الثنائييات ومعهم وفاء التي تبتسم بنبرة خبيثة عما قررت فعله سيجعل العائلة تكره ثريا هذا في ظنها.. قالت فتحية بتساؤل =مهرة وحسن لسه منزلوش ليه. قال عمران بهدوء =اطلعى نادي ليهم يا عهد.
هزت عهد رأسها وصعدت للاعلى لتطرق على البال بخفة فتنتفض مهرة في مكانها بخجل شديد وحسن يضحك على خجلها الواضح ثم قال بإستمتاع =مين؟! =انا عهد يا حسن، يلا علشان العشاء. =لاء انا ومهرة مش فاضيين مش هناكل ممكن بعد ما تخلصوا تجيبوا الاكل هنا. ابتسمت عهد بخجل قائلة =خلاص ماشى عيوني. ليلة سعيدة. قالتها وركضت للاسفل وهي تضحك، بينما إنهالت مُهرة على حسن بالضرب المبرح وهو يضحك بلا مبالاة، قالت بخجل شديد.
=لازم تقولها كدا هتفكر فينا ازاي طيب ولا قدام العائلة هيبقي شكلنا ايه حرام عليك يا حسن هموت من الكسوف والله مش عارفة هبص في وشهم ازاي بعد كدا.. =هو انا جايبك من شارع الهرم. انتِ مراتي يا عبيطة. بعدين عادي يقولوا اللى يقولوه المهم انك معايا.. =أوعي طيب خليني اقوم اوعي مينفعش كدا =قولت لاء. أمسكها بقوة يحتضنها في حضنه بقوة شديدة فقالت بتهكم =اللى يشوفك دلوقتي ميشوفكش من شوية وانت مش طايق تقرب مني.
=فيه فرق بين مش عايز. وبين عايز بس خايف. فقررت اسيب نفسي مرة واحدة. وتوبة إن كُنت احِبك تاني توبة، توبة لو اشتاقلك وأتمناكِ، توبة. مال على شفتيها يقبلهما بعشق شديد وهي فقط تستسلم لهُ بحب وسعادة. كانت سهرة جميلة بين العائلة انتهوا من الطعام وجلست النساء تتحدث براحة ويضحكون في خفة والرجال جميعهم يلعبون طاولة، فقالت فتحية بحزن شديد.
=ااه لو ثريا موجودة كنت هبقى فرحانة اوي، البت وحشتني اوي البيت من غيرها خراب. قالت عهد وهي تغمز لها =بكرا عطر تيجي تملى البيت فرحة. قالت فتحية بخبث =عندك حق بس لو أخوات عطر كلهم ييجوا هيبقى البيت كله جمال ودلال. ضحكت عطر وهي تغمز لها بضحكة فشعرت عهد بالحرج قليلا من هذا الكلام وفهمت انه عليها وعلى باسل. ماهى الا دقائق حتى خرجت الخادمة وهي تصرخ قائلة =الحقى يا ستى المطبخ بيولع الحقونيي.
نهضت النساء بسرعه ولكن الرجال منعتهم من الدخول وركض ياسين الذي صرخت فيه عطر بخوف ان يتوخي الحذر وخلفه باسل وفاروق ومنعوا دخول عمران ويونس نظرت عهد الى باسل بقلق شديد خوفًا ان يحدث له شيءً بينما لطمت فتحية علي كتفها قائلة =إسترها يارب، إسترها. يالهوي دا دا حسن ومهرة فوق يالهوي.. خرج ياسين بصعوبة قائلا =الولعة مسكت في البيت كله مش هنعرف نطفيها لازم كلنا نخرج حالاً.. نطقت فتحية بصراخ.
=اخوك ومراته فوق لازم ننزلهم.. قال فاروق بسرعة =انا انا هحاول أطلعلهم طيب، ياسين باسل خدوا الستات على برا.. نطق باسل بإصرار =أنا جاى معاك. امسك ياسين الستات بصعوبة وأخرجهم للخارج حيث تجمعت معظم القرية صارخين بسبب انشعال النار في المنزل وفتحية تصرخ باكية على اولادها، بينما صعد ياسين الى حسن ومهرة في غرفتهم فتح حسن وهو نصف عارى قائلا بصدمة =ايه دا فيه ايه ايه الخبط دا كله؟ قال باسل بعصبية.
=انت مش حاسس بحاجة يا حسن البيت بيولع لازم نخرج حالا هات مهرة وتعالى بسرعة.. =ايه. بيولع! ازاي. ايه دا. =مش وقت اندهاش يلا بسرعة.. ركض حسن يرتدي بقية ملابسه ثم قام بالطرق على مرحاض مهرة قائلا بقلق =مهرة اخرجي بسرعة البيت بيولع. =ايه انت بتقول ايه. قال باسل بضيق =ياخوانا مش وقت اندهاش اخلصوا.
ارتدت مهرة ملابسها بسرعة شديدة ثم خرجت مع حسن وباسل وفاروق الذين شعروا بالاختناق من كثرة الأدخنة القوية وان النار إنتشرت بصعوبة في المنزل، أحترق كتف باسل مما جعله يصرخ بقوة وخشي فاروق عليه ف حمله برفق على اكتافه، وكذالك حمل حسن مهرة بين يديه خوفا عليها من النار..
ما ان خرجوا من المنزل حتى لم يتبقي جزء منه سليم إحترق بالكامل وهم ينظرون له بإختناق وحزن شديد المنزل الذي آواهم جميعاً أحترق وأصبح رمادَ.. بينما جاءت ثريا على أثر كلام اهل البلد لتري هذة الفاجعة شهقت وهي تشعر بإختناق حتى أن دموعها هبطت رغماً عنها.. مع شقشقة الصباح، كانت اتت الشرطة وفريق الحريق بينما الجميع يجلس في الشارع بضيق وحزن، ربطت ثريا على كتف فتحية قائلة بدموع.
=متزعليش يا ما الحمدلله انكم كلكم بخير. جت سليمة والحمدلله.. =البيت اللى عشت فيه وربيت وخلفت اجمل ذكريات عمري راحت.. بدأت تبكي وشاركتها ثريا البكاء، بينما ذهبت عهد الى الصيدلية لتأتي بعلبة اسعافات أولية، ذهبت الى باسل الذي يقف بصمت في أحد الاركان، قالت بهدوء =باسل. تعالى شوية. =مالوش لازمة يا عهد انا كويس. =تعالى بقولك من غير أي اعتراض.
اخذته وجلسوا على أحد المصاطِب ثم شمرت عن ساعديه بهدوء ليشعر بالألم الشديد حينها وبدأت هي في تعقيم جرحه بهدوء وتركيز ولفته بشاش في النهاية قائلة =ان شاء الله هتبقي كويس. =مش مهم انا، البيت دا مش هيرجع زي الاول خالص.. =لعله خير حاجة جت مكان حاجة. الحمدلله على كُل شيء.. نطق عمران بصوت عالي =يلا ياجماعه كلنا هنروح بيتى نقعد كفاية قعدة في الشارع لحد ما نشوف هنعمل ايه.. قالت وفاء بصراخ وغضب.
=كل القرف اللى حصل دا من تحت رأس ثريا. هي اللى جابت البنزين للبيت.. نظرت لها ثريا بحيرة قائلة بضيق =انا جبته لانه امى طلبت منى اجيبهولها ومتأخرتش. لكن وانا مالى بالحريقة اللى حصلت دي؟ قالت الخادمة بغضب =انتِ هتكذبي يا ست ثريا؟ مش انتِ اللى قولتيلي اعمل كدا في البيت علشان تجيبيها في وفاء وانها عايزة تخرب البيت وترجعي انتِ مكانها؟ قالت ثريا بصدمة.
=انا؟ انا هعمل كدا ليه انتِ كدابة والله كدابة انا مقولتلهاش تعمل كدا. حرام عليكِ ليه الافتري ليه؟ قال فاروق بغضب شديد =مش وقت الكلام داا. مش ناقصة هري وكلام كتير انتِ جاية ليه يا ثريا؟ مش كل حاجة انتهت بيننا؟ جاية ليه بقا أتفضلى من هنا خلاص.. مسحت ثريا دموعها المتمردة على خدها قائلة =بكرا تندم يا فاروق وتعرف انك ظالم وتدور عليا علشان تعتذر منى بس وقتها مش هتلاقينى خالص.. نهضت فتحية بهدوء قائلة.
=كلنا هنروح على بيت عمكم عمران علشان عايزاكم كلكم في موضوع مهم وانتِ هتيجي معانا يا ثريا.. أخذت ثريا وذهبوا في الامام غافلين عن اعين وفاء الغاضبة، وسار خلفها الباقية الى منزل عمران.. قامت عطر بعمل قهوة واعطتها الى الجميع مع بسكويت للفطار الخفيف وساعدتها عهد ومهرة ومعهم ثريا، بينما جلست فتحية تنتظر قدوم أخيها الشيخ ومعه رجُل دجال يقوم بأعمال ما أن رأته وفاء تحول وجهها للإصفرار الشديد بقسوة..
قال حسن بحيرة وعدم فهم =هو بيحصل ايه يا امي؟ =الكل يصبر وهتعرفوا اللى بيحصل.. جلس هذا الرجُل الدجال في الارض بخوف ينظر لهم مبتلعًا ريقه بخوف فقال شقيق فتحية بغضب =إنطق يا رجال يا ضلالى وقول كل حاجة. إنطق بدال ما انت عارف اللى هيحصل؟ نطق الرجٌل بخوف مشيراً لوفاء =حاضر حاضر هقول. الولية دي جاتلي وطلبت مني أعمل عمل يكره فاروق في مراته ويبعده عنها وعملتهولها تحطهوله في اي حاجة يشربها. قالت وفاء بغضب شديد.
=انت كداب كداب الراجل دا بيتبلي عليا اصلا واكيد انتِ يا مرات عمي متفقة معاه علشان ترجعي مرات ابنك للبيت ما هو انا مش عجباكي. نهض باسل بغضب قائلا =اخرسي يا عقربة انتِ خالص واوقفي مظبوط واتكلمي مع امي بإحترام والا هنسي انك بنت عمي وهدفنك مكانك كدا عقربة بصحيح، كمل يا راجل انت. تابع الرجُل بخوف شديد.
=دلوقتي هو بيكره مراته بسبب العمل ومش عارف بيعمل ايه. وكمان مجذوب لوفاء بسبب الاعمال، والعمل لازم يتفك ويتدفن.. نطق باسل بتساؤل =المفروض نعمل ايه علشان نفكه؟! =هقولكم. فى المساء، جلست ثريا رغماً عنها بأحد الغُرف بجانب فاروق الذي ينام بهدوء فقد أعطوه منوم ليرتاح بعدما مر به طوال اليوم فقد تم فك العمل ودفنه وكان فاروق غاضب من وفاء وهائج فقام بضربها بقسوة شديدة وطلقها والقاها خارج المنزل..
مدت يديها الى جبين زوجها تتلمسه وهي تبكي بقهر شديد فقد فرقوا بينهم بالقوة، ومالهم حول ولا قوة، ظلت تتأمله قائلة بصوت خفيض =وحشتني، وحشتني أوي يا فاروق.. تقلب فاروق برفق في مكانه لتمسح هي دموعها بسرعة وتظهر وجهة الجمود، نظر لها بهدوء قائلا =ثريا. =عايز حاجة؟ =عايزاك جنبي. =انا موجودة أهو. =قربي منى شوية، حاسس اني بقالي سنين مقربتش منك.. =متنساش اننا مطلقين ف مينفعش أقرب منك، بعدين انا اتأخرت ولازم امشى..
=ثريا علشان خاطري خليكي، انا عايزاك جنبي. فيه كلام كتير اوي لازم اقوله ليكي.. نهضت ثريا برفق قائلة بجمود =مبقاش ينفع مبقاش فيه حاجة نتكلم فيها. نهض بهدوء وألم يقف امامها قائلا وهو ينظر لها بحزن =والحب اللى مابينا؟ =كان، كان ما بينا، كله اتهدم المشاعر والحب وكله، زي البيت اللى راح دا اتحرق وبقا رماد فمعدش هيرجع.. =البيت مش هيرجع بس ممكن نعمل زيه، ونبني من تاني.
=لاء مش بالبساطة دي، العلاقة دي حصل فيها خلل كبير، وصعب ترجع زي الاول تاني.. تنهد فاروق قائلا بحزن =غصب عني، كله غصب عني، انتِ متخيلة لو انا في وعيي كنت هعمل كدا يعني، انتِ متعرفيش بحبك أد ايه؟ =إظاهر اني فعلًا معرفش..
التفتت تتركه وغادرت وهو ينده عليها ولكن لا اجابة، خرجت من المنزل وهي تبكي وقلبها يُعتصر من الالم، بينما جلس هو مرة اخري على طرف الفراش يضع رأسه بين يديه بغضب شديد من نفسه ومن ما وصل اليه.. جلس يونس بجانب عمران امام أخيه محمود قائلا بغضب =بنتك خربت بيت ابني يا محمود، عملت اعمال وفرقت بينه وبين ثريا لاء وكمان عملت حاجات تانية..
=وابنك اتجوز بنتي برضاه وطلقها ورماها لو مفكر اني هسكت على حق بنتي تبقى عبيط يا خويا انا هاخد حق بنتي تالت ومتلت.. =حق ايه؟ انا رحمتها من تحت ايده بعد ما فاق من وعيه انت عارف يعني ايه احمد ربنا جت على طلاقها بس وهي اللى خربت بيت ابنى ودمرت البيت، انا علشان العشرة اللى ما بينا دا لو انت اصلا فاكرها جتلك وبنهي الموضوع دا بالمعروف واللى عندك أعمله، يلا بينا يا عمران..
نهض عمران مع يونس وخرجوا في حين قال محمود بغضب شديد =ماشى يا يونس يا خويا بكرا تعرف انا هعمل ايه معاك.. بينما راقبتهم وفاء من غرفتها وهي تبكي وحالها يُرثي لها، ثم قالت بتوعد =ما ابقاش وفاء لو مقلبتش حياتكم كلها جحيم..
غفى ياسين وباسل على الارائك، ذهبت عطر على أطراف اصابعها تضع الغطاء برفق على على ياسين حتى لا يبرد ثم ابتسمت بحب ورحلت، بينما خلفها ذهبت عهد وهي تنظر لباسل بتردد شديد، ثم حسمت أمرها ووضعت عليه غطاء ثقيل تتأمل لملامحه بهدوء ثم ابتسمت بخفة ورحلت مرة اخري قبل ان يُمسك بها.. فى نفس الوقت الذي ذهبت مُهرة الى حسن النائم في الحديقة وعلى النجيلة، نظرت له بضيق قائله.
=يارب فيه حد ينام هنا بس؟ هتبرد يا حسن يا عنيد.. وضعت الغطاء عليه تدثره بخفة ليجذبها بقوة اليه فشهقت هي بفزع قائلة =خضتني يا حسن.. =قلب حسن، لو خايفة لأبرد دفيني.! =مينفعش يا حسن عيب والله.. =ياستى انتِ مراتي بعدين مش هنعمل حاجة هننام بس محترمين. =انت غاوي تحرجني.؟! =غاوي احِبك.. =انت قولت توبة تحبني أو حتى تشتاق ليا.. =اخر مرة، هشتاق المرة دي بس وتوبة اشتاق ليكي تاني، وتوبة احبك تاني.
ابتسمت بعشق وهي تحتضنه بحب وهو يدثرها في احضانه نائمين تحت ضوءِ القمر..
رواية جبروت صعيدي للكاتبة سامية صابر الفصل الخامس عشر
فى الصباح خرج باسل وياسين الى الحديقة يتمطعون بخفة فقال باسل وهو يضحك =الحق روميو اخوك نايم هو ومراته.. =ايه دا حسن مش معقول، دا لاول مرة اشوفه كدا! =الحب بيسوي الهوايل يا ياسين يا خويا.. نطق ياسين بحب =انت هتقولي دي حقيقة، في ثانية ممكن يغير حياتك! =ايه ياخواتي المحن دا. =انت عايز تفهمني انك محبتش؟ او مثلا مبتطلتش تسهر أو تشرب سجاير وحشيش والقرف دا كله علشان الحب..
=هاه؟ لاء طبعًا. هو انا وش ذالك؟ انا اتغيرت علشان كلام أبويا. =كلام ابوك برضك.! مهو طول عمره بيكلمك ايه الجديد. انا شاكك انى عهد ليها يد في الموضوع قول متتكسفش.. =طيب بس بقا تعالى نصحي حسن احسن، علشان نشوف هنعمل ايه في حوار البيت والكلام دا كله يا خفيف. ذهبوا الى حسن فقال باسل بنبرة مقلدة مضحكة =سونة، يا سونسن. فتح حسن عيناه بغضب قائلا =غور يا كلب من هنا. =دا انا بدلعك بس. =امشي يلاااا.
ركض باسل وظل ياسين يضحك عليه قائلا =أحسن علشان تبقي تعمل فيها قوي أوي يا خويا.. =انا مش هصحى حد فيكم تاني انا غلطان.. ظل ياسين يضحك على تذمره، بينما التفت حسن الى مهرة التي تنام بسلام في احضانه كالملاك، لاعب وجنتيها بحب قائلا بصوت دافيء =مهرة.. =امممم =اصحي يا كسولة اصحي. فتحت عينيها بحب قائلة بدفيء =صباح الخير يا حسن.. =صباح النور يا قلب يا حسن.
قبل وجنتيها بحب لتنهض من تحت يديه بصعوبة قائلة وهي تعدل حِجابها بصرامة =كفاية بقا يا حسن يلا قوم انت عندك شغل كتير اوي النهاردة.. =هقولك حاجة واحدة بس.. =لاء مفيش حاجات قوووم نهضت وهي تركض ضاحكة بينما راقبها وهو يبتسم بسعادة قائلا بقلق =حُبَّك هيودينى على فين يا مُهرة..؟ إمتى هتوب عن حُبِك. نهض برفق الى الداخل ليري الجميع يجلس فقال يونس =تعالى يا حسن علشان نشوف هنعمل ايه في موضوع البيت.
=محدش يشيل هم خالص. حوار البيت هيتحل بسرعه انا كنت شاري البيت الكبير اللى في الزراعية، من غير ما اقولكم لوقت الزنقة ناقص بس حبة ترتيبات هنروح احنا والرجالة نظبطهم ونقعد فيه.. اقترب من والدته يقبل جبينها قائلا بحنان =البيت دا جديد علينا نعمل ذكريات جديدة والمهم اننا مع بعض مش مهم هنقعد فين! هزت رأسها وهي تبتسم برضا =الحمدلله انكم كلكم معايا يا بنى، الحمدلله على كل حال.. تابع حسن بصوت عالى.
=يلا بينا علشان نمشي يا رجالة نلحق نشوف الشغل اللى ورانا، ومهرة وعهد متنسوش اللى انا قولته ماشى.. هزوا رأسهم في خبث بينما عطر لا تفهم شيء لكنها أثارت الصمت ثم نظر حسن الى مهرة يودعها بعينيه غامزًا لها ف ابتسمت برقة شديدة وخجل في حين رحل الجميع الى المنزل الجديد..
كل شخص اهتم بشيء، وقف حسن مع العُمال لإعادة الدهان والديكور وذهب ياسين مع باسل يشتروا باقي العفش وكان فاروق يهتم بالعمل الذي أُهِمل لفترة. وطبعا قامت مهرة وعطر بإعداد الطعام واعطوه للرجالة، انتهت كُل الترتيبات بحلول موعد آذان العصر، أدوا الرجالة فريضتهم وكان والدهم الامام في منزل عمران.. ما ان انتهوا نطق يونس بهدوء =تقبل الله منا ومنكم يا ولاد، يلا جهزوا كل حاجة علشان ننقل. قال عمران بضيق.
=اخص عليك يا يونس ما انت في بيتك برضوا مستعجل على ايه.. =انا عارف طبعا بس الافضل ننقل علشان الستات يرتاحوا انت عارف. بس هستناك بليل علشان الموضوع اياه.. غمز لهُ عمران قائلا بهمس =هتبقى مفاجأة للاولاد، ربنا يتمم بخير ياخويا. =يارب. عانقه ثم استأذن ورحل وودعت مهرة شقيقتها ورحلت مع زوجها ورحل ياسين الاخر بعدما ودع عطر والصغيرة، ولم يكُن بوسع باسل الكلام الا ان عيناهُ نطقت!
بعدما تمت جميع الترتيبات على أكمل وجهة، في منزل عمران دلفت عهد وبيديها فستان رقيق طويل وفستان صغير للطفلة ميرا وضعتهم على الفراش قائلة ل عطر بخبث =البسي علشان خارجين. =خارجين! فين؟! =أصل فاروق رايح يطلب أيد ثريا ويرجعها تاني. =طيب ما نلبس اي حاجة لازم الفستان دا؟ ابتسمت عهد قائلة بخبث =ايوا لازم. يلا البسي بقا. يلا يا ميرا البسي. قالت ميرا بجدية =لازم يكون محترم يا أبلة علشان يونس مش يزعقلي.
=احيه ياختي ميرا المفعوصة بتحب وخايفة منه كمان اروح انا اشرب اللبن بقا وانام. قالت ميرا وهي تضحك بخفة =انتِ كدا بقيتى عانس =اتلمي يابت انا لسه صغيرة، ما تلمي بنتك يا عطر، الله الله انتِ كمان بتضحكي! كانت عطر تكتم ضحكتها بصعوبة حتى انفجرت قائلة =آسفة والله بس حالتك تصعب على اي حد.. =منكوااااا لله هتجنونيييي انفجرت ميرا وعطر في الضحك على عهد التي تشعر بالغيظ الشديد..
وقف فاروق يرتدي بدلة لأول مرة في حياته عن عبائته المعتادة، ووقف بجانبه باسل وياسين يهتمون بأنفسهم قال فاروق بقلق =انا خايف وقلقان أوي ل ثريا ترفضني. قال ياسين بهدوء =اللى بيحب بيسامح وهي بتحبك بس زعلانه ودا حقها يا فاروق الحقيقة متزعلش، بس طالما انت غلطان اعتذر واكسب قلبها الحب قليل اوى لما نلاقيه صح في الحياة دي.. قال باسل برفض شديد.
=لاء يا بنى الستات مش عايزة المناهدة، عاملها بقسوة وقوة هتجيب معاك سكة، زي حسن ومهرة كدا لكن الحنية بتذل صاحبها. نطق ياسين بضيق =اسكت انت متعرفش حاجة اللى بيحب مش بيقسي فيه أوقات نقسى فيها واوقات لاء. انت فاهم غلط خالص سيبك منه. قهقه باسل قائلا =طيب شوف عطر هتعمل معاك ايه النهاردة لما تعرف انك هتعمل كتب الكتاب النهاردة وهي متعرفش حاجة وقال ايه عايز تفاجئها، دي هي اللى هتفاجئك وتفتح نفوخك..
=ششش ان شاء الله مش هيحصل حاجة. قال فاروق بنفاذ صبر =ششش اسكت انت وهو.. وقفت مُهرة أمام المرآه تضبُط حِجابها، ثم وضعت من الكُحِل فِ عينيها ليقف خلفها حسن يضع يديه حول خصرها يُقربها منهُ برفق قائلا =الجميل ملامحه باهتة ليه؟ التفتت اليه وهي ترمُشِ بعينيها ناعِسة =عايزة انام اوي يا حسن اليوم كان شاق جدا.. ملس على وجهها بحنان قائلًا =معلش يا حبيبتي هنفرح النهاردة وبعدين اما نرجع هننام براحتنا.
ابتسمت بهدوء قائلة بتساؤل =بتحبنى يا حسن؟ صمت قليلاً يتأمل ملامحها ثم قال بلُغة مُنقمة =أحبُّك حبًّا لو يُفَضُّ يسيرُهُ على الخلق، مات الخَلق من شدَّة الحُب. ابتسمت قائلة بشحُوب =كُل لما أشوفك بييجي في بالي جملة، لو كان فيه إثنين بيحبوا بعض ف مفيش نهاية للحُب دا، حاسة اني الحب دا مش هيكمل. =طول ما إحنا سوا وانتِ مش بتخبي أو بتكذبي عليا ف مفيش حاجة تقدر تفرقنا. هزت رأسها بقلق وتوتر ليقول بخبث.
=تعالى هقولك حاجة في ودنك.. =يووه يا حسن بقا. ضربته بخفة في صدره ليضحكِا معاً، استمعت لصوت فتحية العالى تقول =يلا يا ولاد بقا هنتأخر كدا دا المأذون جه حتى.. بالفعل هبط الاربعة رجال أوسم رجال البلد، يمتلكون من القوة والجمال الكثير وكانت مهرة خلفهم لانها الانثي الوحيدة الموجودة الان، قالت فتحية مبتسمة =اللهم بارك ربنا يحفظكم من عيون الاعداد يا ولاد بطني.
قبل كل منهم يد والدتهم ووالده ثم خرجوا جميعًا الى السيارات وانقسموا، في نفس الوقت خرج عمران بسياراته ومعه بناته الاثنين والطفلة ميرا ثم غادروا الى منزل ثُرِيا، التي كانت تجلس في الصالون ووالدها بجانبها يشاهِد التلفاز.. دق الباب عليها لتنهض تفتح برفق وتري امامها العائلة كلها تصمرت مكانها في حيرة لتقول فتحية بإبتسامة =ايه يا ثريا مش هتدخلينا ولا ايه يا بنتي؟ =لاء طبعا ياما اتفضلوا.
عانقتها فتحية بحب ثُم عانقتها عطر وكذالك البقية، ودلف فاروق الذي نظر لها بحب شديد واشتياق لكنها أخفضت نظرها بحرج وتوتر دلف اخرهم باسل الذي همس لها في اذنها =منورة يا مرات اخويا يا عسل. ضربته بخفة في كتفه قائلة وهي تبتسم =بطل لماضة يا باسل وادخل. =عيوني.
شعر فاروق بالغيرة من اخيه الصغير لانها ضحكت وتحدثت معه وتجاهلتهُ هو فهو يريد ان يحصى حبها واهتمامها كالسابق، طلبت من الخادمة تقديم القهوة للجميع وصعدت تُبدِل ملابسها بشيء أفضل ثم هبطت الى الاسفل مرة اخري وجلست على المقاعد بجانبهم دون ان تتحدث.. ف بدء الحاج يونس حديثه قائلا.
=اسمعي يا ثريا انتِ بنتى قبل ما تبقى مرات فاروق، عارف اني ابنى غلط ويستاهل كتير اوي، بس انا هسيبه للايام تربيه ولربنا وليكي كمان لانه في الاخر كان تحت ضغط حاجة مش في ايدينا على الإطلاق، بس الموضوع دا انتهي واحنا هنا النهاردة نعتذر منك ومن ابوكي الراجل المحترم دا ونرجعك لفاروق.. شكره والد ثريا قائلا =مفيش بينا حاجة يا حاج يونس مهما كان احنا أهل ولكن القرار يرجع لثريا. قالت ثريا بهدوء.
=كلكم على راسي. بس انا مش هقدر أرجع لفاروق مرة تانية، كل حاجة بيننا انتهت انا آسفة. حاولت ان تنهض ولكن فاروق منعها واقترب منها بحب جاثيًا على ركبتيه دون خجل، هو رجل نعم وصعيدي ولكن كونه يفعل كل شيء لحبيبته لا يُقلل من قيمته اى شيء.. نطق بحب واشتياق.
=انا مكونتيش عارف بعمل ايه أو بتصرف ازاي، كُنت زي الاعمي والله مابين عايزاك ولاء انا دلوقتي فوقت انا فاروق بتاع زمان اللى بيحبك وعايزك، انا مش قادر أعيش من غيرك يا ثريا علشان خاطري اديني فرصة وخلينا نرجع لمرة واحدة وبس.. أمسك كفيَّ يديها يُقبلهم بعشق شديد لتهبط دموعها بقهر شديد، في حين قالت فتحية =ارجعي يا بنتي كلنا محتاجينك، وابنك محتاجك ارجعي يا بنتي. ركض يونس بإتجاهها وعانق والدته قائلا.
=ارجعي يا ماما البيت دمار من غيرك. هزت رأسها وهي تبكي =انا هرجع علشانكم كلكم.. ابتهج وجهة فاروق بقوة وكاد يحتضنها فقال باسل وهو يمنعه =هوب هوب عندك يا خويا مش هيصه هي، دي طليقتك لازم ترجعلك الاول بعدين يبقي احضن براحتك.. قالت فتحية بضجر =اتلم يا واد..
بينما ابتسم الجميع على ما حدث، جلس المأذون في المنتصف وأعاد فاروق لثريا ك زوجته شرعاً وقانونًا ثم بعد ذالك لم يتحمل وإحتضنها بقوة داخل أحضانه بينما حاولت هي الابتعاد بخجل قائلة بصوت هامس =يافاروق عيب بتعمل ايه بس. تركها وهو يُقبل جبينها قائلا =مُبارك عليا رجوعك ليا. ابتسمت بسعادة قائلة =مُبارك لينا يا حبيبي، بس عارف يا فاروق لو عملت اي حاجة تاني.. =توبة. توبة. قبل يديها بحب بينما قالت مهرة بسخرية.
=واضح انى التوبة عندكم عالية اوي.. قال حسن وهو يضحك =ايوا متعرفيش ولا ايه.. ابتسمت بخفة في حين نهض ياسين قائلا بصوت عالى =ششش اسمحولي بقا أتكلم لانه جه دوري.. راقبه الجميع في ضحك فقال الى عمران بتساؤل =عمي انا طالب ايدك بنتك للمرة التانية، وبطلب اني النهاردة يكون كتب الكتاب قبل رمضان لاني مش هستحمل فراق أكثر من كدا.. ابتسم عمران قائلا بتصنع =انا عن نفسى موافق يا بنى الاهم رأي عطر. قالت عطر بصدمة.
=ك. كتب كتاب النهاردة؟ ازاي.! تابعت بغيظ =انتوا كنتوا عارفين وبتمثلوا عليا ماشي ماااشي قال ياسين بحيرة =يعنى موافقة ولا لاء دلوقتي؟ =هفكر! =لاء معاكي ربنا يلا يا مولانا هروح أكتب على واحدة تانية.. =خلاص يا ياسين والله خلاص.. ضحكوا الجميع ليبدأون في عقد قرآن عطر وياسين أخيراً، زغردت فتحية وكذالك ثريا ثم نهض ياسين وعانق الجميع واخذ التهنئات، وكذالك عطر الى ان ذهب اليها وعانقها بعشق شديد قائلا.
=واخيراً بقيتي ملكى يا عطر.. =وهبقى ملكك دائمًا وابدًا.. =كما بَدأت معك سَأنتهي معك، و كَما نبض قلبي للقائِك، سأبقى على وَعد أنّي أحبّك. ابتسمت فرحة وسعادة شديدة، فقال يونس الصغير وهو يقترب من ميرا بهمس =ايه رأيك نكتب كتب كتابنا احنا كمان؟ =لاء انا مش هتجوز دلوقتي يا يونس انا عايزة أكمل تعليمي واشتغل.. =وانا قولت لاء. هتتجوزيني وتقعدي معايا في البيت. قطبت ذراعها أمامها قائلة بعند =لااء =ااه.
قالها بجبروت وصرامة يبدو أنها قصة جديدة ستشتعل بها حرب مسلوبة الراء! في حين همس حسن الى مهرة في أُذنها =تيجي نتجوز مرة تانية؟ التفتت اليهِ بحٌب قائلة =كل يوم اصلًا بحبك وبتجوزك، يمكن أحسن حاجة حصلت في حياتي هي اني اتجوزتك ولو غصب عني. قبل جبينها بحب شديد وسعادة، في حين جاء باسل بالكاميرا الكبيرة ليقوم بالتصوير قالت عهد بسعادة =باسل خلينى أنا اصور علشان خاطري.. =وتديني كام؟
=طول عمرك مصلحجي يا باسل عايز إيه؟ =عايز أتجوزك.. =ايه؟! =ها؟ =ايه؟ =ولا حاجة صوريني حلو بس.. تركها وركض اليهم ليقفون للتصوير بينما ابتسمت هي بسعادة وخجل وهي تتيقن انها استمعت لعرض جوازه عليها بالفعل، جلسوا الكبار على الكنبه ووقف الجميع حول بعضهم البعض معاً وشغلت عهد الكاميرا ثم ركضت لتقف معهم والتقطت الكاميرا صورة كبيرة للعائلة بعدما إكتملت وأخيرًا ويبدو أن للقدر رأي آخر في هذا التكَامُل.!
رواية جبروت صعيدي للكاتبة سامية صابر الفصل السادس عشر
بعد مرور إسبوع في منزل يونس الجديد، يركض الجميع هُنا وهُناك لتعليق الزينة ووضع المقاعد في الحديقة، ف اليوم اقامة عِرس ياسين وعِطر، بينما تقف ثريا في المطبخ لتشرف على الاطعمة دلف اليها فاروق قائلا بتساؤل =بتعملي ايه ياحبيبتي؟ =بجهز الاكل وكل حاجة انت عارف مفيش وقت، واه هتلاقي هدومك كلها مكوية ومتظبطه فوق وكله تمام ماشى اطلع إستحمى والبس وانزل علشان تستقبل الرجالة.. قبل يديها بحب شديد قائلا بدموع.
=انا لو لفيت العالم كله مش هلاقي زيك في حياتي كلها مهما حصل ربنا يديمك ليا صديقة وحبيبة وزوجة.. =ويديمك ليا سندي في الحياة. قبل جبينها بحب ثم قال بحذر =المهم متضغطيش على نفسك وتخلصي وتطلعى تلبسي ماشي.. =عيوني حاضر.. بالفعل ذهب ليُبدِل ملابسه ويهتم بنفسه..
مر اليوم بسلام في مركز التجميل حيثُ أصبحت عطر جميلة ورقيقة جدا في حجابها والميك آب الخفيف الخاص بها وكانت الطفلة ميرا ترتدي فستان قصير جميل بالفعل وكذالك عهد ومُهرة التي كانت أجمل واحدة فيهم حقاً..
جاء ياسين مع اخوته الاثنين حسن وباسل والطفل يونس كانت الزغاريد عالية وصدح صوت الاغاني بشدة حينها، دلف اليهم وهو سعيد يمسك باقة من الورد أعطاها لعطر ثم قبل جبينها وأخذها في احضانه وقام باسل بالتصوير في سعادة ثم ذهب حسن الى مهرة يأخذها في أحضانه قائلا بغزل =كُل يوم تحلوي أكثر من اليوم اللى قبله! ابتسمت بخجل قائلة =انا حِلُوة علشان معاك يا حسن.. ملس على عينيها برفق شديد قائلا بنبرة عاشقة.
=كُل ما بشوف عيونك بتمني يكون عندي قلبين كُل قلب يعشق عين. =خلاص يا استاذ حسن دا انت رومانسي جدا. خلينا نشوف العروسين بقا. بالفعل أخذ حسن مهرة وخرجوا وراء عطر وياسين وأخذ باسل عهد في سيارته مع الطفلة ميرا ويونس الذي كان يمسك يديها بخوف شديد عليها..
وصلوا الى المنزل بعد وقت قصير وكانت التجهيزات تمت على أكِمل وجهة واستقبلهم فاروق وعمران ويونس مع الاغاني وهبطت ثريا بعدما أبدلت ملابسها بعبائه مُزينة جميلة وفضفاضة، عانقت العروس وباركت لها وجلسوا بعدها العروسين في المكان المخصص لهم مع الاغاني الشعبية ورقص يونس وعمران سوياً وفرحة الجميع في أجواء بسيطة..
حتى اشتغلت موسيقي رقيقة هادئة ليرقص العروسين عليها وأخذ يونس ميرا في احضانه يرقص معها في الحديقة طفلين ولكن يبدوان كعاشقان وأخذ حسن ميرا يرقصان سوياً، كذالك أخذ فاروق ثريا بصعوبة فهي كانت تشعر بالخجل ولكن إستسلمت في النهاية ورقصوا معاً بحب.. نظر باسل الى عهد التي تظاهرت بعدم الاهتمام لكن بداخلها ودت لو لها الحق في الرقص معه بأي طريقة كانت..
بعد مرور أفضل ليلة على الجميع، ذهب العروسين الى غرفتهم التي اُعدت لهم في المنزل الجديد كانت مُزينة وجميلة بشكل لائق، أوصلت مهرة وثريا العروس الى الغرفة وطمئنوها قليلا بينما عند ياسين قال باسل بهمس =عايزاك تشرف أخوك يا ياسين متعرناش. =عيب عليك. =اخويا الاسد. بينما قال فاروق بهدوء =صلوا أهم حاجة وان شاء الله ربنا يبارك في الجوازة دي.. =حاضر يا خويا، وانت يا حسن مش عايز تقولى حاجة؟ نطق حسن بهدوء.
=ربنا يوفقكم ويكرمكم يلا نسيب العروسين. باسل / لو احتاجت حاجة قولي على طول.. حسن/يلا يا لمضِ بقا يلا.. رحل الجميع بينما دلف ياسين الى غرفة عطر التي كانت جالسة أمام المرآه تفك الحِجاب الخاص بها اقترب ياسين منها ثم سحبها الى احضانه بحب قائلا =مش مصدق بجد انك بقيتى معايا خلاص، بقيتي مراتي وحبيبتي وملكي.. ابتسمت عطر بخجل قائلة.
=وانا مبسوطة اكثر منك، لما اتجوزت جمال كنت فرحانه وبحسبه هو الشخص اللى أتمنيته، بس اتخذلت ومكنش هو نهائي، لكن كنت حاسة اني لسه هقابل اللى اتمنيته وفعلا انت الشخص اللى اتمنيته من زمان يا ياسين من اول مرة شوفتك فيها بتوتري وخوفي كنت حاسة بحاجة معاهم.. عبس ياسين قليلا ولم يتحدث فقالت بتساؤل = انت زعلان علشان إتجوزت مرة تانية؟ =زعلان اننا متقابلناش في الأول، اني مكونتيش أول حد يدخل القلب دا..
=ماهو انا مشاعري كانت غلط تجاه جمال. ف انت فعلا اول راجل احبه واديله مشاعري.. =قولى والله. =آآآه والله. قالتها وهي تضحك ليحملها بين ذراعيه لتشهق قائلة =ياسين انت بتعمل اي.. =هقولك كلمة سر! =ياسين انت طلعت قليل الادب؟ =ايوا طبعا اومال.. ليأخذها ويعيشوا لاول مرة في عالمهم اللطيف النقي الجميل مع مشاعرهم.. فى صباح اليوم التالى.
كانت مهرة تنام على الفراش من الارهاق وشعرها منتشر حولها برقة، لاعب حسن وجنتيها قائلا بحب =غيبوبة هانم لسه نايمة. فوقي وصحصحي كدا.. =حسن انا عايزة أسألك سؤال بجد. =قولي. =لو مكونتيش قابلتني كنت هتحب غيري؟! =طبيعى! =نعم! يعني ايه يا حسن يعني ايه! بتخونى كدا عادى؟! قهقه حسن بشدة قائلا =مهو انا مكونتيش هقابلك كنت هخونك ازاي بقا؟ =معرفش دي خيانه برضوا المفروض تعرف انك هتحبني وتقابلني..
نطق بحنان وهو يتأمل ملامحها =عموماً لو كنت قابلت الف واحدة غيرك، ف ما أظُنش انى فيه واحدة ممكن تخليني أحِبها غيرك.. ابتسمت ببلاهة قائلة برومانسية =بجد يا حبيبى؟ =ايوا طبعا يلا قومي بقاا =بس انت كنت هتخونى عادي! نهض ينفذ عن صبره قائلا =ربنا يخفف هرموناتك يا حبيبتى.. هبط الجميع الى الاسفل فيما عدا ياسين وعطر الذي لم ينزلوا بل صعدت لهم ثريا بالطعام ثم هبطت مرة اخري لتضع الطعام للجميع فقبل فاروق يديها قائلا.
=يسلم ايدك في كل حاجة ياحبيبتي. قال باسل بغيظ =كفاية رومانسية بقا الواحد سنجل ومش لاقي كلبة تعبره.. قالت فتحية وهي تضحك =شوفلك عروسة انت كمان يا باسل خلينا نخلص.. ما بين ضحك وجذب دلفت الخادمة اليهم تقول بصوت هاديء =حسن بيه فيه واحد مستني حضرتك برا تبع الشغل.. =طيب روحي انتِ وانا هروحله.. نهض برفق قائلا.
=انا خارج يا جماعه وكمان هحجز تذاكر النهاردة لشهر العسل بتاع ياسين وعطر، وان شاء الله هطلع انا ومهرة بس دي مفاجأة ليها محدش يقولها، وانت يا فاروق هتيجي معايا وثريا كمان.. قالت ثريا برفض =لاء مش هسيب امي لوحدها. قالت فتحية بإبتسامة =أصيلة يا بنتي بس لاء روحي علشان خاطري فككوا من النكد اللى حصل وافرحوا وانا قاعدة في بلدي مبسوطة بس الاهم تخلوا بالكم من نفسكم.. قالت ميرا بفرحة.
=وانا هاجى معاكم يا آبية صح..؟ قال يونس الصغير بضيق =لاء يا ميرا مش هنروح هناك فيه رجالة وحاجات كتير مش هتعجبني وتفضلي تقوليلي البس مايوه والكلام العبيط دا كله مش هوافق على الكلام دا على الإطلاق.. =لاء انا رايحة مالكش دعوة بيا بقا..
ضحك الجميع على تلقائيتهم وحكايتهم التي يرفرف لها القلب في حين نهض يونس الصغير بغضب وغادر غاضبا من ميرا العنيدة التي قررت الا تتحدث معه فهو يتحكم فيما تحب وهي لا تحب ذالك على الإطلاق.. فى حين بعد ذهاب كل منهم لاعماله، في غرفة ياسين وعطر، قالت وهي تترجاه بقوة =يا ياسين علشان خاطري سيبني أقوم شوية مينفعش نفضل في الاوضة كدا بجد عيب جدا.. =عيب ايه انا ما صدقت اتملكتك، اقوم اسيبك؟
=طيب شوية بس علشان خاطري وهرجع تانى.. =ماشى يا ستى. اتفضلي.. نهضت عطر بصعوبة ابدلت ملابسها خرجت من الغرفة إلى غرفة مهرة تجلس معها لتراها جالسة مع ثريا وعهد قالت بعبوس =كدا من غيرى كدااا؟ نطق الجميع في صوت واحد =عروستنا الحلوة.. اتوا بها لتجلس في المنتصف فقالت عهد بفضول =ها بقا احكيلي حصل ايه.. =مبدأيا انتِ لسه صغيرة، إتفضلي يلا من هنا يا طفلة. =يووه لاء انا هقعد معاكم ماليش دعوة، هاه.
بدأو الضحك والهزار والتحفيل، كانت جلسة خفيفة لذيذة بينهم تحتوي الاخوة الثلاثة وانضمت اليهم ثريا ك شقيقة لهم ايضاً.. حتى شعرت مهرة بالغثيان لتنهض بسرعة الى المرحاض تفرغ الكثير ثم خرجت وهي مرهقة ووجهها شبه أصفر، قالت عطر بقلق =مالك يا مهرة انتِ كويسة؟! =مش عارفة مالى مش قادرة. قالت ثريا بحماس =انا حصلى كدا لما كُنت حامِل في يونس، يبقى بإحتمال كبير انتِ حامل..!
=اييه حامل ايه هو انا لحقت؟! اكيد لاء ممكن يكون برد.. قالت عطر بهدوء =هنعرف دلوقتي، ثريا عندك إختبار حمل؟ =ايوا عندي. =هاتيه وتعالى ودلوقتي نعرف وان شاء الله خير متقلقيش يامُهرة.. بالفعل جاءت ثريا بعد قليل بالاختبار وقامت مهرة بعمله وانتظروا قليلا حوله بقلق وحماس، حتى قالت عطر وهي تقفز من الفرحة =مُبارك يا مهرة انتِ حامل!
بينما في الاسفل شعرت ميرا بالضيق والملل فمن كان يُسليها يونس وهو الان في خصومه معها ذهبت على أطراف اصابعها اليه قائلة بطفولية =يونس. لم يجيب عليها لتقول تتراقص ك طفلة صغيرة جميلة =يونس يونسي حبيبي اسفة يا حبيبي سماح المرة دي بس سماح.. ابتسم بخفة عليها ثم قال بصوت دافيء =تعالى يا ميرو. ذهبت تجلس جانبه ف ابعد خصله عن عينيها خلف أذنها قائلا.
=انا بس خايف عليكي علشان بحبك مش أكثر، مش بحكمك! بعدين لما أكبر هعملك بحر في بيتنا وتعومي براحتك ماشى؟ =ماشى مسامحني بقا..؟ =مقدرش أزعل منك.. جذب يديها لتجلس على المرجيحة ويقوم بهزها وهي تضحك بسعادة. انتهى حسن من اداء عمله هذا اليوم ثم نهض وهو يأخذ التذاكر في جيبه الايسر، ثم حاول الخروج ولكن دلف فرغلي بغضب شديد قائلا =إنت بتعلي عليا في السوق يا ابن عمي؟ قالت السكرتيرة بقلق.
=والله حاولت امنعه بس هو دخل غصب عنى.. قال حسن بهدوء =ماشى اطلعى انتِ.. تابع بنبرة قوية ل فرغلي =التجارة مكسب، والشاطر يكسب يا فرغلي انا معملتش اي حاجة غلط بشتغل بس.. =طالما هي كدا ف اكبر مصايب حرمك معايا؟ تجمدت تعابير وجهة بقوة قائلا =تقصد ايه..؟ =أقصد انى مهرة تاجرة مخدرات عارف يعنى ايه تاجرة، يعني عملت كذا عملية تهريب واشتغلت معايا بالصدفة ومع كذا حد، تخيل تبقى حرم استاذ حسن تاجرة مخدرات..
=انت بتقول ايييييه؟ اقترب منه بغضب وتهور ثم لكمه بقسوة وظل يضربه ليدلف رجالة الامن ويفصلوهم عن بعض بصعوبة شديدة فترك حسن كل شيء وغادر والنار تتطاير من عينيه بقسوة وقوة.. وصل الى المنزل في غضون قليلا دون ان يتحدث الى احد وملامح وجهة متجمدة، ذهب الى غرفتهم ليفتحها على مصارعها ويري النساء جالسات بفرحة وسعادة قال بنبرة قاسية =الكل يطلع برا، براااا.
نظروا لهم بقلق وخوف ثم خرجوا جميعًا فنهضت مهرة قائلة بصدمة =مالك يا حسن فيه حاجة مزعلاك؟ امسك يديها بقسوة قائلا بغضب شديد جدا =انتِ تاجرة مخدرات يا مهرة؟ مش كفاية انك كنتى مدمنة لاء وكمان تاجرة انطقييي قولييي حاااجة.. قالت ودموعها تهبط على وجنتيها =ايوا تاجرة بس دا كان زمان وغصب عنى والله يا حسن انا بطلت كل القرف دا.. ترك يديها وملامح وجهة تجمدت نطق بقهر شديد.
=انا قولتلك بلاش الكذب بلاش تخدعيني يا مهرة شكلى ايه وانا مرات تاجرة مخدرات لاء وفوق كل دا الحب والمشاعر كله مبني على اكاذيبك اللى مش بتنتهي، انا مش هقدر استحملك تاني.. =يع. يعني ايه؟ =يعني اطلعي برا يا مهرة.. أمسك يديها بقسوة لتخرج برا وهي تتجراه ان يسمعها وتحاول الشرح له وامسكت ملابسه بقوة تحاول ان تفهمه =اسمعني بس يا حسن اسمعني..
القي بيديها بعيدا عنه لتتدحرج الى الخلف وتقع من اعلى ليمر جسدها بدرجات السلالم ويبدو أنها سوف تُجهِض طفل لم يمر وقت على علمها بوجوده بعد..