ما ان دلفت مُهرَّة الى الداخل حتى تلاقت عينيها مع حسن الذي يجلس نصف جلسه بألم وارهاق رمش عدة مرات ينظُر لها ثم جز على اسنانه قائلا =البت دي ايه اللى جابها هنا؟! قالت مُهرَّة ببرود =بت اما تبتك ليا اسم ناديني بيه.. =انتِ مفكرة علشان راقد وتعبان مش هعرف اقوملك يعنى! =بس بس بدال ما انت عمال تتكلم وتتقواي عليا روح اتقاوي على اللى ضربك وعمل فيك كداا أظلمت عيناهُ فجأةً قائلا بقسوة.
=مُهررررررة، اتخطيتي كُل حدودك معايا..! تراجعت للخلف بصمت وقلق من ان ينهض فجأة ويضربها، قالت فتحية بتعب =خلاص بقا يا ولاد كفاية خناق اومال. وانتِ يا بنتى عيب تكلمى جوزك بالطريقة دي الله ايه قلة الأدب دي! قال حسن بنبرة صارمة =دى واحدة متعرفش يعنى ايه ادب واخلاق هتعرف منين تتعامل معايا لكن انا بقا هعلمها الادب من الاول وجديد. قومي يا ثريا معلش اندهيلي ياسين بسرعة.
هزت ثريا رأسها في طاعة ثم خرجت من الغرفة لتري فاروق واقف بعيد يتحدث مع وفاء بهمس تنهدت بضيق في داخلها مقسمة ان تضع حلاً لهذا الموضوع ولكن بعد تعافي حسن، بينما تشبثت مُهرَّة بالباب وهي تتنفس بخوف وقلق من الذي سيحدُث عندما يعلم حقيقتها البعض؟ ذهبت ثُريا الى غرفة ياسين ليستقبلها قائلا =مرات اخويا تعالى. =حسن كان عايزاك يا ياسين. =كنت عنده من حبه خير عايز ايه؟! =ماهو معرفش قالى اندهلك وبس..
=طيب تعالى نروحله. وبالفعل ذهبوا اليه في اللحظة التي طلبت فتحية كوب ماء ونظر حسن ل مهرة نظرة آمرة بأن تذهب وتأتي بكوب الماء، وبالفعل خرجت من الغرفة ولكن نظرت الى الباب الخلفي وقررت الرحيل للأبد قائلة =مش هفوت الفرصة دي لازم اهرب وابعد عنهم مش هقدر اعيش وسط القرف دا اكثر من كدا، يلا! ركضت للامام ثم الى الخارج اشارت للتاكسي بأن يتوقف لها ثم دلفت اليه قائلة بقلق =اطلع اطلع بسرعة. ارجوك.
بينما في الداخل جز حسن على اسنانه بألم شديد من قدمه ومعدته ولكن يُظِهر القوة امام الجميع، بينما فتحية تتحدث معه وتنوح على ما اصابه، دلف ياسين اليه مُقاطعاً اياهم قائلا =خير يا حسن يا خويا فيه حاجة عايزاها؟ =تسلم ياياسين، بس انا عايز اخرج. =مش هينفع طبعا تخرج فين انت مريض يابنى ولسه عاملك عملية لو اتحركت بس من مكانك الجرح هيفتح تاني.
=مش مهم انا مش عايز اقعد هنا اقعد في البيت لكن مبحبش المستشفى زيك كدا، بعدين في البيت انت موجود وعطر موجودة ممكن تساعدوني على تخييط الجرح والعلاج الطبيعى وغيره، وبعدين الجرح مش عميق اوي هقدر امشى.. =يا حسن بس.. =مابسش، يلا ساعدني اقوم. =يابنى مينفعش خالص انت ليه عنيد كدا هو جرح ابرة دا مطوة وفيه جرح ف رجلك افهمني.. =ياسييييين..
حاولت والدته ان تتحدث ولكن امام اصرار حسن لا يستطيع أحد الاعتراض أو الحديث حتى بالفعل ساعد ياسين حسن على النهوض وتغيير ملابسه دون اتلاف الجرح، رغم الالامه الا انهُ مُصِرَّ على الرحيل.. قائلا بإستسلام =اللى انت تشوفه يا بقا يا حسن. الواحد ميقدرش يوقف قصادك. فقالت والدته =طيب فيت مهرة راحت ومجاتش! =يمكن عند اختها عطر ولا حاجة متقلقيش.
قالها ياسين بينما التزم حسن الصمت، ثم خرجوا معاً من الغرفة، ذهبت معه فتحية وفاروق الذي عاونه مع رجلين وخلفهم ثريا ووفاء، ذهبوا الى الخارج حيثُ السيارة ثم دلف اليها حسن يستريح قليلا ثم اخرج الهاتف من جيب بنطاله يتحدث الى احدهم = معاك؟!، طيب اديهالى. فى سيارة مُهرَّة ؛ ظلت تتلفت حولها بقلق من ان يُمسك بها حتى رات سائق التاكسي يقول لها ماداً يديه بالهاتف =اتفضلي. =اتفضل ايه ايه دا.
اخذت الهاتف بحيرة ووضعته على اذنها ليأتيها صوت حسن قوي =اخبارك ايه؟! انتفضت بزعر تنظر حولها بخوف وقلق لتري سيارة حسن تمُر بجانبها وأنزل حسن نافذة السيارة يشاور لها ببرود تلعثمت في الحديث وحاولت الاختباء منه قائلة بتلعثم =از، ازاي! فقال لها ببرود =مش عيب يا عروسة تهربي من تانى يوم جواز ليكى ولا ايه؟! ومفكرة انى مش هعرف شكلك لسه متعرفنيش. حسابنا في البيت يا بنت عمران.
اغلق الهاتف بقسوة ثم اقفل النافذة مرة اخري، ارتعشت مُهرَّة من الخوف قائلة =وقف العربية وقفها هنزل. اقفل سائق التاكسي العربية بالاقفال التكنولوجيا قائلا =حسن بيه امر انى اوصلك البيت عنده. ضربت بيديها رأسها بغضب قائلة بتنهيدة =انت هتفضل ورايا ورايا ياحسن! مش هعرف اخلص منك خالص انا..! عند عهد.
حاولت الهروب والافلات منهم ولكن امسك احدهم بنطالها بكُل قسوة يجذبها اليه وهي تصرخ بين يديه، ولكن فجأة رأت من يبعد هذا الوغد عنها بضربه قوية على رأسه ثم ضرب الاخر ليفقدا الاثنان الوعى، وكان باسل الذي يترنح بقوة يميناً ويساراً.. نهضت بقوة تحتضنه بخوف وهي تبكى في احضانه =باسل باسل انا خايفة اوي.. القى بالعصاه ارضاً ثم نطق بصعوبة =عهد، انتِ. كويسه؟!
هزت رأسها وهي تبكي أكثر، استسلم هو حينها للسقوط ارضاً لتسقط معه قائلة بخوف =باسل. باسل فوق ياباسل فوق.. نظرت حولها بحيرة ثم نهضت بسرعة وحملته معها بصعوبة فهو ثقيل للغاية ثم خرجت من هذا المكان النجس، قبل أن يتم هتك عرضها أو ايذائها، لحقها باسل في اللحظة الاخيرة من ستِر الله لها، هذا الموقف يُعلمنا!
الا نثق في البشر، ان الرحمة أصبحت معدومه عندهم، وانهم اكثر الكائنات الحية ايذاءً على وجهة الارض عكس الحيوان فهو عنده رحمه.. وصل حسن للمنزل وخلفه سيارة التاكسي التي هبطت منها مُهرَّة بخوف وهي تتراجع للخلف، فقالت فتحية بصدمة =يوه انتِ جاية في التاكسي ليه يا بنتى مركبتيش معانا ليه. نظر لها حسن ببرود قائلا =على فوووق..
ركضت من الناحية الأخرى الى الاعلى راكضة بقوة طفلة بينما استند حسن على كِتف فاروق الذي ساعده للصعود للأعلى وخلفه ثريا وفتحية التي قالت بسرعة =اطلعى غيري وانزلي يلا عايزين نجهز الوكل ل حسن وللحاج اما ييجي =حاضر ياما.
صعدت ثريا هي الاخري الى الاعلي حيث غرفتها، تمدد حسن على الفراش ورفض اي مساعدة من فاروق ف تركه وخرج من الغرفة الى غرفته لتبديل ملابسه ليرى زوجته تقف تربط الايشارب الخاص بها ثم تجاهلته وكادت تنزل نطق بضيق =انا مش شفاف مش بتتكلمى معايا ليه افهم! =والله وانت نسيت اللى عملته من شوية يا فاروق ولا ايه. انت لاول مرة في حياتنا مديت ايدك عليا عارف يعنى ايه مديت ايدك عليا؟!
اقترب منها بضيق من نفسه ثم ملس على وجنتيها =انا اسف يا حبيبتى والله اسف انا مش عارفة بيحصل فيا كدا ليه ايه اللى بيخلينى اتعصب وازعلك منى وانتِ اكثر ست حبيتها في حياتى بعد امي. اسف يا ثريا اسف يا حبيبتي. تركت عينيها تذرفان الدموع ثم احتضنت زوجها بقوة لتُبلل دموعها عبائته، مرر يديهِ على ظهرها بحنان وعشق ثم قال بنبرة كوميدية =ينفع كدا بهدلتى العباية؟ مسحت دموعها قليلا قائلة وهي تمط شفتيها =براحتي.
=ماشي يا ست الكل براحتك.. قبل جبينها بحب ثم كاد أن يُقبَّل شفتيها ولكن قاطعهم صوت يونس الصغير قائلا =الله الله من ورايا! اسيبكم يومين يحصل كل دا! التفتت بسرعة لترى ابنها الذي كان يجلس يومين عند اهلها، اقترب منهم يحتضنهم بحب كذالك احتضنه فاروق قائلا =اهلا جيت يا عم اللمض. =من غير كلام كتير انا اكيد وحشت العائلة كلها.
نظر فاروق الى ثريا ثم انهال يُزغزغ طفله ثم ثريا وبقوا جميعهم يزغزغون بعضهم البعض في ضحكة وفرحة لطيفة بالطبع لن تدوم كثيراً..! عادت عهد مع باسل الذي فاقد الوعي تماماً وتقابلت مع عطر وياسين في الخارج هبط ياسين من سيارته قائلا بصدمة الى عهد =جرا ايه يا عهد باسل ماله؟ قالت عهد بأرق شديد =باين شرب كتير وفاقد وعيه. =تانى يا باسل تاني لاء الموضوع لازم يوصل لابويا بقا مش هينفع كدا، ادخلي انتِ وانا هجيبه.
دلفت هي مع عطر والطفلة ميرا، ثم اخذ ياسين باسل ودلفوا اخذه الى غرفته وتركه بغضب وضيق واقفل عليه بينما ابدلت عطر ملابسها وعاونت ثريا وفتحيه في الطعام وقررت عهد ان ترتاح مما قد وشك ان يُصيبها وتركت نفسها تبكى على فراشها لساعات متواصلة.. دلف ياسين بعدما ابدل ملابسه واخذ شاور الى المطبخ تناول ثمرة فاكهة قائلا =يلا يا ناس جعاااان.. قالت فتحية وهي تضحك =طول عمرك فاضحنا يا ياسين بجوعك..
انتبه ياسين الى عطر الى تقف معهم وتضحك عليه حك مؤخرة رأسه شاعراً بالخجل ثم خرج بينما ظلت هي تبتسم عليه وعلى طفولته وراء الرجُل الجدي الهاديء في عمله طفل صغير مشاغب.. خرج الى الحديقة ليرى يونس الذي يقف ينظر إلى تلك الصغيرة التي تلعب قال بحيرة =بتعمل ايه ياض؟! =هى مين البنت الجامدة دي ياياسين؟ =ما تحترم نفسك يلا! =اصلها حلوة. تصدق شكلى حبيت! طيب والله باين حبيت. شكلى حلو؟ =ليه!
=هروح اكلمها لازم ابان على سنجة عشرة. ضرب ياسين كف في الاخر قائلا =احنا موكناش اطفال لااء. خرجت مُهرَّة من المرحاض وهي تفرد شعرها خلفها وتحاول تجنب الحديث مع حسن ولكن ما ان خرجت رأته ينهض على مهل وهو يعرج بألم، تراجعت للخلف ببطيء قائلة =لو لمستنى هصوت والم عليك الناس كلها هاه.. جذب خصلات شعرها بقسوة لتصرخ بأنين قوي فقال بنبرة كفحيح الافاعي.
=وطى صوتك والا هقطع لسانك دا خلاص. انا مش نبهت عليكِ مرة متخرجيش برا باب الاوضة مهما حصل؟ =انا مش عبدة عندك ولا حبيسة علشان تمنعني من الخروج هخرج وقت ما احب عادي.! =لاء مش عندي الكلام دا فاهمة يعنى ايه مش عندي انا صعيدي ومش هقبل من مراتي انها تخرج كل شوية لاء وكمان النهاردة حاولتى تهربى، عارفة دا معناه ايه..! =دا معناه انى بكرهك مش بطيقك ولا بطيق العيشة معاك اصلا..
=المفروض مين اللى يكره ويقرف من مين انطقى! انتِ احقر واوسخ من انك تعيشى معايا يا مُهِرَّة انا متجوزك ثواب فاهمة يعنى ايه ثواب لا اكثر ولا اقل. ومن هنا ورايح زي الكلبة في الاوضة ولو فكرتك تهربي مرة تانية. هحبسك في مخزن من المخازن واخلص..
تركها بقسوة ثم عاد الى الفراش يجلس عليه بغضب والم شديد حاولت كبح دموعها التي تساقطت رغمًا عنها، كادت ان تتحرك ولكن جذبها رؤية الدماء التي عملت خط كبير في الغرفة نظرت لها بصدمة شاهقة.
اقتربت مُهرَّة قليلا من حسن الذي يجلس بألم وارهاق على الفراش، نطقت بخوف شديد =انت انت بتنزف. د. دم! قالتها وهي تشاور بإرتجاف على الدماء التي ظهرت بوضوح في كُل مكان، امسك حسن جرحه بكف يديه قائلا بغضب شديد =جرحى فك بسببك وبسبب افعالك.. مسحت دموعها بسرعة وركضت الى دلفة الدولاب لتأتى بالاسعافات الأولية قائلة =انا انا هعقم جرحك دلوقتى.
=مش عايز منك حاجة، نادي ياسين أو عطر هما يفهموا الكلام دا انتِ ايه فهمك. =دارسة لانى اختى ممرضة ف اتعلمت منها متخافش انا انا هعقمه بدال ما يفتح اكثر وتبقى في وضع خطير اوي، قوم بطل عناد لو سمحت. امام اصرارها والمه الشديد وافق، ساعدته على خلع قميصه بخجل ثم جلست بجانبه وبدأت في تضميد الجرح مرة اخري وهو يتألم بأشد قسوة ولكن ملامحه باردة خالية من المشاعر.. قالت بهدوء =طلع الامك متخفيهاش.. =انا مش بتألم.
=صح نسيت انك مش بشر اصلا.. =مُهرة! الحال من بعضه.. لوت فمها بإعتراض وتابعت تضميد جرحه، اخذت بعد الوقت حتى انتهت ثم ساعدته على الاستلقاء ووضعت خلفه وسادة فقال لها ببرود =متعمليش فيها خايفة عليا اوي كدا وسيبيني انا هعرف اتصرف. =ميهمنيش اصلا انا اكثر واحدة عايزاك تموت واخلص بس ساعدتك لان الجرح فك بسببى، ومش بحب اشوف الدم ولا حد متعور وبيتألم وميلاقيش حد جنبه..
التفتت ووضعت العلبة مرة اخري مكانها وجلست على الأرضية بصمت وهو الاخر التزم الصمت وحاول ان يسترخي من الالمه المفرطة.. اقترب يونس الصغير من ميرا التي تلعب وتركض بفرحة قال لها =حاسبى هتتعوري. =وانت مين بقا. =انا يونس الصغير. اسمى على اسم جده والحفيد الوحيد في العائلة دي وانتِ بقا اسمك ايه؟ =ميرا. =اسمك حلو. تعالى هعلمك تلعبى ازاي علشان متعوريش نفسك وبعد كدا هنلعب انا وانتِ سوا. نطقت ميرا برفض.
=مش بلعب مع ناس ما اعرفهومش =ما انتِ عرفتينى اهو. تعالى. امسك يديها بحنو ثم علمها كيف تلعب بالكورة بطريقة صحيحة وهي تضحك بخفة طفلة وهو يُراقبها بعينيهِ الثاقبة ك أعيُن رجل كبير حقاً يري مُدللته تلعب يشعر وكأنها جزء منه رغم انها اول مرة يري فيها طفلة. راقبهم ياسين وهو يضحك على الطفل الذي استطاع ان يلعب مع الفتاة بسهولة جاءت عطر الى جانبه تنحنحت بهدوء لينظر لها قائلا =عطر. فيه حاجة؟
=كنت بنادي عليك علشان تاكل وكدا. احم هو مين اللى بيلعب مع ميرا دا؟ =ابن اخويا متخافيش عليها محدش يقدر يأذيها طول ما انا موجود.. رفعت نظرها اليه بخجل ليتقبلها بحنان ونظرة اخرى لم تُفهمَ، نطق بهدوء =روحى هجيبهم واجى. =ماشي جاء حينها الحاج يونس مع عمران وهو يركض عندما سمع بالفاجعة التي تعرض لها ابنه صعد له للاعلى يطمئن عليه مع عمران بقلق، فقال حسن بملل.
=والله يا جماعه انا بخير مفيش حاجة تستدعي القلق ماتقلقوش.. قال يونس بإستسلام =ماشى يا بنى احنا تحت لو احتاجت حاجة. خليكى جنبه يا مهرة يا بنتى. هزت مهرة رأسها بملل شديد ثم غادر الجميع الى الخارج بعدما وضعت والدته الطعام وكادت تساعده على الطعام رفض وطلب منها ان تنزل للاسفل وياكل هو بنفسه، حاول ان يأكل ولكن فشل اكثر من مرة بسبب المه ف ترك الملعقة بغضب..
نهضت مهرة وهي تضع كرسي بجانب فراشه وأخذت الطعام وبدأت تطعمه حاول الاعتراض ف صرخت قائلة =انت كل حاجة تعترض انا بأكلك علشان تعبان كُل يا حسن بقا كُل ومش تعترض..
شعر بغضبها الفظيع ف صمت يتناول من يديها بصمت ليس بعاجز عن الرد ولكن يستمتع بحركاتها الغريبة وهي تطعمه ولا تعلم سبب ان تطعم عدوها ولكن ربما مازال بداخلها ذرة رحمه بقت من طفلة قديمة، انتهت من اطعامه ثم نام هو سريعا من كثر التعب والالم وهي لملمت كُل شيء، وأخذت جرعتها التي اعتادت عليها في الخباء ثم جلست على الكرسي وتدريجيًا غطت في النوم بجانبه.
بينما في الاسفل جلس الجميع على طاولة الطعام يأكلون، وجلس الطفل يونس الصغير بجانب ميرا يطعمها، قالت عطر بإعتراض =تعالى هنا يا ميرا. قال يونس الصغير برفض قاطع =لاء يا طنط سيبيها جنبي انا هأكلها بعد اذنك. ضحك ياسين بإستخفاف قائلا =يبختك يا ست ميرا لاقيه اللى يأكلك انما احنا غلابة بناكل بأيدينا..
نظرت له عطر بإستغراب بيرفع حاجبه للاعلى وهو يضحك شعرت بالحرج وضحكت خفية في نفس الوقت، بينما قالت ثريا لفاروق بعبوس =شايف ابنك اتعلم منه حاجة.. =عيوني. اخذ ملعقة أرز واطعمها بحب في فمها، وكذالك فعل الحاج يونس فهو معتاد ان يطعم زوجته في كل جلسة طعام لهم بينما وضع ياسين يديه على كفه بحزن مصطنع، ضحكت هي خفية بشدة..
مر الليل هاديء على الجميع نام فاروق مع ثريا بعد ليلة مليئة بالحب والاهتمام، ونامت عطر بحضن طفلتها وهي تفكر في ياسين لاول مرة، كذالك هو كان يفكر بها وبدأت مشاعره تتحرك نحوها بقوة، بينما لم تستطيع عهد النوم طويلا ف مازالت خائفة مما كان سيحدث ولكن باسل لم يستيقظ وظل نائم بينما نامت مُهرة على الكرسي لتظل بجانب حسن ان احتاج شيئاً.. فى صباح اليوم التالى،.
تقلب حسن بأرق في أنحاء جسده نظر بجانبه ليري مهرة نائمة جزئها السفلى على الكرسي وتستند على الفراش وشعرها خبأ وجهها، تلقائيًا مد يديه يتلمس خصلات شعرها الخفيفة بإهتمام وهو ينظر لها لأول مرة بتركيز لتفاصيلها الصغيرة.. فتحت عينيها ونهضت ببطيء بينما ازاح هو يديه بسرعه عدلت من وضعية ملابسها بخجل قائلة وهي ترمش بعينيها =صباح الخير. قالتها بطريقة جعلته شارد فقال بضيق.
=يخربيت كدا هو دا وقته. احم صباح النور، مقومتيش ليه تحضري الفطار مع الجماعه؟ انتِ خدتى على الراحة زيادة عن اللزوم.. قطبت جبينها بغضب قائلة =انت مينفعش يتعمل معاك اى خير اساسًا.. =ساامعك. ركضت الى المرحاض تغتسل، بينما استراحَ وهو مازال يُفكِر بها وبأفعالها.. هبطت عطر السلالم مع ميرا وهي تبتسم لتنصدم من جلوس جمال في الصالون مع ابيها عمران يتحدثون، تراجعت ميرا للخلف بخوف قائلة =ايه اللى جاب بابا تانى..
=متخافيش يا ميرا ياحبيبتى، روحي العبي برا في الجنينة وانا جاية ليكم.. دلفت الى الصالون قائلة بغضب =انت ايه اللى جابك تانى هاه؟ ايه اللى جابك احنا مش اطلقنا ولا ايه.. =شايف بنتك يا عمى بتتكلم ازاي. جاي اشوف بنتى وارجعلك ما احنا برضوا بيننا بنت. نطق عمران بحيرة =اهدي يا عطر يا بنتى. =لاء ثواني كدا، متعملش حجتك البنت، انا مش هرجعلك لو السماء اطربقت على الارض.
=لاء هترجعي برضاكى او غصب عنك يا عطر والا هاخد منك البنت.. جاء ياسين في تلك اللحظة الذي استمع لكل حرف قِيل، ف نطق ببرود =انت انت متزعقش في بيتنا بالطريقة دي.. =نعم هو دا عايش معاكى في البيت ولا ايه انا مش فاهم حاجة؟ نطق ياسين ببرود =لاء مش مهم تفهم، اتفضل يا استاذ برا هي قالتلك مش عايزة أرجع. =وانت ماااالك بتدخل ليه بصفتك ايه! نظر لها ياسين مطولاً ثم تابع قائلا =خطيبها، وجوزها مستقبلاً.. نطق الجميع معاً.
=اييه! =زي ما سمعت يلا بقا من هنا.. قال جمال بغضب شديد =بقا هتتجوزي من ورايا يا عطر واحنا معانا بنت، طيب يبقى نتقابل في المحاكم بقا ونشوف ميرا هتبقى مع مين، ويانا يا نتِ.. قالها وخرج الى الخارج ركضت عطر خلفه قائلة =استنى بس يا جمال ارجوك اسمعني. قال عمران بصدمة =ايه اللى انت قولته دا يا ياسين انت مدرك للى قولته يا بنى؟
=بص يا عمى. انا مش من النوع اللى بيعرف يدور ويلف كتير، انا بدأت اعجب ب عطر غصب عنى، وقررت انى هاخد خطوة ايجابية في علاقتنا، وهتقدم ليها لو تسمح ليا. =تعالى معايا طيب نتكلم في أوضة المكتب بتاعت ابوك مش هينفع هنا. خرج باسل من غرفته بألم شديد وهو يلعن نفسه ولا يفهم هل ما رآه في الامس حقيقي ام خيال، تقابل مع عهد التي تهبط شاردة، اوقفها قائلا بصدمة =عهد انتِ كويسة؟! =بتسأل ليه!
=مش عارف حلم ولا حقيقة بس كان وحش. =مش حابة اتكلم في الموضوع دا انسى. =طيب تعالى هوصلك. بالفعل ذهبت معه ودلفوا الى السيارة منطلقين، ظلت تفرك يديها برعشة قائلة =الجو برد جدا متوقعتش كدا. =متحلميش، انا عارف وشاكك وحاسس من بدري انك عينك في الجاكيت بتاعى.. ابتسمت بخفة قائلة =لاء خليهولك.. خلعه معطيه اياها =لاء خديه انا ابو الرجولة برضوا.. =لاء مش هينفع. =لحد منوصل الجامعه بس وبعدها هاتيه. =طيب.
وضعته عليها بهدوء ثم اغلقت عينيها تغفو قليلا ابتسم بخفة قائلا بصوت خفيض =مركب معايا غيبوبة في العربية. امسكت يديه بين يديها بصعوبة ثم ساعدته على النهوض برفق على قدمه قائلة =ايوا ما عليك إلا تتحرك ببطيء على رجليك. ايوا براحة..
التصق بها بشدة ولكن لقصر قامتها كانت انفاسها المتوفرة تلحف صدره، بينما يستمتع هو بتوترها الباديء على ملامحها، تساعده ان يتحرك في الغرفة براحة وحرية أكبر، حتى التصقت فجأة بالدولاب وهو امامها ملتصق بها..
شعرت بالخجل والتوتر لاول مرة وهو في حيرة من امره، هذه ليست ملامح فتاة وإنما ملامح فتاة خجولة وعذراء ليست بأخري، شعر بالحيرة والاستغراب الشديد منها، صمت فجأة والحقيقة الخاصة بها تقع أرضا وينزلق منها ذاك الشيء ابيض اللون.! جثى على ركبتيه بخفة يلتقطه قائلا =ايه دا!
جلس ياسين مع والد عطر عمران وبدأو يتحدثون لفترة طويلة، حتى قال عمران بتنهيدة =انت يا بنى مفكرتش في اهلك هيقولوا ايه؟ انا مش هقبل حد يقول لبنتى كلمه تجرحها مهما يحصل خالص، انت عارف عطر مطلقة ومعاها طفلة وانت عمرك ما اتجوزت اصلا، فاهم دا معناه ايه ولو بتعمل كدا علشان تنقذها مش محتاج كل داا انا هنقذ بنتي بنفسي.. بنتي مهمه وغالية عندي وعايز ليها التجربة التانية تكون احسن وافضل مع شخص يحبها ويفهمها!
=بص يا عمى دي حياتى وانا حر فيها، انا عايزاها واوعدك انى هبذل جهدي معاها واصونها واحميها على اد ما هقدر، ومش شفقة ولا اي حاجة انا فعلاً حاسس بمشاعر تجاهها وجيت اعترف ليك ب دا، ومع الوقت هنفهم بعض مش هنتجوز على طول بس يبقى فيه خطوبة وربط كلام علشان اللى اسمه جمال دا ميتعرضلهاش.. =ماشى يا بنى بس لازم تقول لأهلك الاول وانا هشوف عطر وهشوف الموضوع دا.. =طيب ماشى عن اذنك.
خرج من غرفة المكتب ثم اصطدم بعطر التي ملامحها غاضبة لأقصى درجة، قالت بغضب =انا مجنون! بتدخل في حياتى ليه هاه؟! ازاي تقول الكلام اللى قولته دا قدام جمال؟! عاجبك كداا اهو هيدخل المحاكم بيننا =ممكن تهدي يا عطر =اهدي ايه وزفت ايه. انت بتتصرف من عقلك وخلاص هياخد مني بنتي فاهم يعنى ايه بسبب كلامك الغبى! =عطر قولتلك اهدي مينفعش كدا تعالى علشان نتكلم.
=مفيش بينى وبينك اي كلام يا ياسين مفهوم ابعد عنى وعن حياتى وان كان على الشغل اللى بيننا ف انا بستقيل المهم تبعد عني.. لم يمهلها ياسين الفرصة اكثر من ذالك وسحبها بقوة خلفه وهي غاضبة تتحدث فيه ان يترك ذراعها، نطق بصوت عالى ل يونس الصغير =خلى بالك من ميرا عقبال ما اجي يا يونس.. =حاضر يا عمي. بالفعل جذبها الى السيارة ثم دلف واغلقها الكترونيًا، وهي تضرب السيارة وتصرخ بأنها تود النزول، فقال بنبرة باردة.
=مفيش نزول يا عطر. لازم نتكلم الاول وتسمعيني بالذوق أو بالعافية.. ضغط على مكابح السيارة ثم غادر بها تحت غضبها وكلامها الذي لم يهديء، بينما مسح يونس الصغير بكفه وجنتي ميرا قائلا بحنان =متعيطيش ابوكي مش هياخدك من هنا انا هقوله انك بتاعتي ومعايا ولما نكبر هتجوزك.. قالت بتمرد شديد =لكن انا مش عايزة اتجوزك أبدًا، ولا عايزة اتجوز عايزة واتعلم واسافر..
=لاء معندناش الكلام دا بكرا تشوفى هتتجوزينى وتعيشي في البيت دا مع ستي واهلي، وكلامي قاطع. تمرد طفلة وجبروت رجُل صعيدي انها حكاية لا تنتهي اطلاقا.. اخذت مهرة منه الاشياء قائلة بنبرة متوترة =وانت مالك بيها، دي حاجاتي. =انا سألتك ايه الحاجات دي يا مهرة، جاوبيني بدال ما هكسرك هناا. اوعي تكون م. مخدرات؟ رمشت عدة مرات بعينيها بتوتر ولم تتحدث، صرخ فيها قائلا.
=مخدرات في بيتى. في بيت حسن العسال؟! انتِ اتجننتى، انا مراتى بتتعاطي مخدرات! لاء ومش كفاية انك كمان مخدرات.. انهال عليها ضربًا بقسوة وهي تصرخ مبتعده عنه ولكن لا مفر فهو حقاً فقد السيطرة على نفسه وكاد ان يكسرها بضربه لها المبرح وهي لا تتذكر سوي ايامها الصعبة المرعبة مع والدتها، دلف عمران على أثر صوتها قائلا بصدمة =بنتييي اخذها من بين يدى حسن بصعوبة واوقفه فاروق بصعوبة قائلا =اهدي يا حسن اهدي فوق.
ظلت ترتعش في احضان والدها وتبكى بقهر وحرقة، قال عمران بغضب =انا مجوزتكش بنتي علشان تهينها وتضربها ابدا طيب ما انا كنت عملت كدا، انا جوزتهالك علشان تحميها وتخاف عليها وتحسن منها مش تمرمطها بالشكل دا وانت قبلت بيها وبكٌل عيوبها ازاي تمد ايدك عليها؟! =انت مقولتليش انى بنتك مدمنة ابدا، خفيت عليا الموضوع دا انا مش عارف اتعامل مع واحدة زيها انت جايبلى واحدة من الشوارع اتعامل معاها؟ قالت مهرة بغضب وكبرياء.
=من الشارع واوسخ من كدا، مش عاجبك طلقني ونخلص من القرف اللى انا عايشة فيه معاك دا انا اصلا لا عايزاك ولا انت عايزاني.. ابتعدت عن والدها بغضب قائلة وهي تتنفس بصعوبة.
=وانت انت متعملش نفسك خايف عليا اوعي تعمل نفسك خايف، كنت فين وانا تعبانه ومتبهدلة وتضرب واتهان من مراتك وانا بشوفها كل يوم في اوضاع زي الزفت وزي الخرا وانا طفلة، كنت فين لما هي اجبرتني على الادمان وعلى حاجات وسخه كتير، مش من حقك ولا من حق اي انسان يلومني انا مالقيتش حد حنين كله ضرب وذل واهانه..
ومالقيتش التربية الصح ولا الحاجات الصح كل اللى شوفته واتربيت عليه قدام عيونكم محدش يطلب منى اكثر من كدا. مفهوووم.. قالتها وهي تشعر بالضعف تدريجياً ثم كادت تقع امسكها حسن بقوة بين ذراعيه قائلا =مهرة.. وضعها على الفراش وجذب عليها الغطاء قائلا بنبرة صارمة =كله برا سيبوني مع مراتي شويه واطلب الدكتور يا فاروق.. قال عمران بإعتراض =مش هسيب بنتي و. =اطلع برا وسيبني مع مراتي بقولللك.. جذب فاروق عمران قائلا.
=معلش يا عم عمران تعالى معايا شوية كدا بس نسيبهم مع بعضهم حبه.. بالفعل خرج عمران مع فاروق وبقى حسن جلس بجانب مُهرة الغائبة عن الوعى، ينظر لها وكلامها الذي سمعه لاول مرة يرن في اذنه كالطبول.. وقف باسل مع اصدقائة قائلا بصدمة =ايه دا مالكم مين اللى ضربكوا على راسكم كدا؟ =والله ياعم باسل مش عارف مين، انت ضربتنا على راسنا امبارح لما كنا مع البت عهد! =ع. عهد؟ يعنى دا مكنش حلم! كان حقيقة؟!
=ايوا كان حقيقة، البت جت بنفسها محدش اجبرها على حاجة لولاك انت ضربتنا ومشيت.. =ازاي انا انا مش فاهم حاجة فهموني.! بدأو يشرحون له ماحدث وازداد وجهة غضبًا واحتقاناً، تركهم وذهب الى عهد التي تجلس تقرأ من الكتاب جذبها بقسوة من ذراعها قائلا =قومي. قومي اخلصي.. =ايه داا فيه ايه سيب ايدي ماسكنى كدا ليه؟ خرج بها الى مكان ساكن تماما، قال بغضب شديد.
=انتِ ليه كذبتى عليا، هو مش حلم ولا هبل دا حقيقة، انتِ جيتى بنفسك لاصحابي؟ =اخرس انت ازاي تقول عليا كدا هو انت مفكرنى من الزبالة اللى انت تعرفهم ولا ايه فوق لنفسك، صاحبك الزبالة قال انك عايزاني علشان تروحني وانا روحت وو.. =ششش اخرسي مفكرة كلامك العبيط دا هياكل معايا، انا غلطان انى اتعامل من الاول معاكى بطريقة كويسة كان لازم افضل بطريقتي القذرة ماهو زيك زيهم هتفرقى عنهم ايه يعنى مثلا.
=لاء انا مسمحلكش و. =تسمحي او لاء انا مش عايز اشوفك تانى او نتكلم او اختلط بيكى ولا اعرفك ولا تعرفيني.. تركها والتفت مغادراً قالت بغضب وحنق =فى ستين داهية، انسان وسخ، مفكر انى كل الناس هتبقى زيه.. مسحت دموعها بغضب ثم نهضت وقررت الرحيل والا تجلس اكثر من ذالك، ف في اول ايامها تبعثر كل شيء يجب عليها ان تعود للقاهرة.. اوقف السيارة في مكان هاديء ولطيف قائلا =انزلي.
=مش هنزل يا ياسين وياريت تروحنى دلوقتي حالاً اذا سمحت! =هروحك بس بعد ما نتكلم الاول. انا كلمت ابوكى وطلبت ايدك منه بس لسه هقول لاهلى واطلبك رسمي! =ايه! انت بتقول ايه! لا بجد انت شكلك مجنون او فيه في عقلك حاجة بجد، نتجوز ايه وليه اصلا! =عندى اسبابي الخاصة اللى تخليني عايزاك، واقولها اما يكون فيه حاطة رسمية بيننا. =بس انا مش موافقة ويستحيل اوافق على حاجة زي دي.. =ليه هترجعي ل جمال؟
=لاء بس مش عايزة اخسر بنتي! =مش هتخسريها، المحكمة هتحكم ليكى بحضانتها اوثقي فيا بس وعد ميرا هتبقي معاكي وانا لو اتجوزتك هكون ليها خير الاب وليكى خير الزوج. اديني فرصة.. =لاء انا مش عايزة اجرب تجربة وحشة تاني كفاية الاولى، الحب معمليش حاجة.! نطق ياسين بحنان =الحب ضروري بس فيه الاهم منه الامان والاهتمام وغيره كتير ووعد منى انى هخليكي تحسي بدول، ومش هنتجوز الا لما تكوني راضية ب دا تماماً..
هبطت دمعه خفيفة من عينيها قائلة =انا خايفة جدا يا ياسين. =وانا جنبك متخافيش. بس توعديني تديني فرصة؟ =طيب نمشي ارجوك وبعدين نتكلم في الحوار دا، بعد حوار المحكمة. =ماشي، اضحكي علشان الشمس تطلع بقا.. ابتسمت بخفة من بين دموعها ثم اعطاها هو منديله الخاص لتمسح به دموعها بخفة رقيقة.. دلفت ثريا حاملة اطباق الشوربة والطعام بعد رحيل الطبيب، قالت بهدوء =محتاج حاجة تاني؟ =تسلميلي يا مرات اخويا، كتر خيرك، روحي انتِ.
=ماشي لو عوزت حاجة انده عليا. بالفعل رحلت، وفتحت مهرة عينيها بألم قائلة =انا فين. بيحصل ايه.. =قومي علشان تاكلي. رمشت عدة مرات ثم استندت ووضع هو وسادة خلفها كما فعلت هي بالامس، ساعدها بتناول الطعام بهدوء قائلا =وانا بأكلك هتحكي. =احكي! احكي ايه؟ =تحكي طفولتك واللى مريتي بيه وكل حاجة.. انكمشت ملامح وجهها لا اراديًا قائلة =طفولة ايه وزفت ايه انا. انا معنديش حاجة من الكلام دا اسكت.. =منعتك تتكلمي صح؟
=اسكت اسكت هتضربنى تاني تاني تاني، لاء لاء لاء بدأت تنتحب ك طفلة صغيرة، رمقها لبعض الوقت وفهم انها مريضة نفسيًا عندها عقدة مما حدث وهي صغيرة، كما أنها مدمنة.. نهض من على الكرسي وجلس بجانبها ثم جذبها الى احضانه وهي تضربه بقوة شديدة وهو يسيطر على جسدها الصغير قائلا =ششش اهدي يا مُهرة، اهدي انا جنبك، اهدي..
ملس على ظهرها بحنان حتى بدأت تهديء وتسكتين، وبدأت عينيها في النُعاس والنوم، جعلها تستلقي ثم تركها ونهض بألم شديد جذب حقيبة سوداء اللون ووضع بها بعض الاشياء الخاصة ب مهرة من ملابس ومستلزمات.. رن هاتفه برقم خاص فرد قائلا =جهزت كل حاجة؟ تمام. تمام بالكثير ساعة وهكون عندك. احجز جناح كامل. تمام. ماشي سلام.. اغلق الهاتف وهو يجز على اسنانه ينظر لمُهرة قائلا =آن الاوان تتعالجي يا مُهرة..!