كانت تهم بالخروج من المنزل متجهة الى الحفلة حينما وجدت والدها يدخل المنزل، رمقها بنظراته المزدرءة ثم سألها بجمود: الى اين...؟ اجابته بتوتر جلي: الى الحفلة، الم اخبرك بأنني سأعمل هناك الليلة، وانت وافقت... هز رأسه مؤكدا كلامها وقد تذكر انها بالفعل اخبرته وهو وافق... لا تنسي ان تضعي الأموال في جيب بنطالي حينما تعودي... حاضر...
قالتها باذعان ثم خرجت من المنزل لتجد السائق في انتظارها ركبت السيارة وحيته ليرد لها تحيتها وينطلق بها نحو الحفلة... بعد حوالي نصف ساعة كانت واقفة بجانب مجموعة من الفتيات ترتدي زيها الرسمي المكون من بنطال اسود طويل يصل الى كاحلها يلتصق على جسمها كجلد ثاني مبرزا رشاقة قدها النحيل... ومن الأعلى ترتدي قميص ابيض اللون ذو أزرار فضية لامعة، وشعرها البني الطويل منسدل على ظهرها بحرية...
تقدمت سيدة أنيقة منهن تبدو في الخمسينات من عمرها، تأملتها ازل بانبهار، كانت جميلة للغاية بشعرها الاشقر القصير المميز بقصته الفرنسية الأنيقة وعينيها العسليتين، كانت ترتدي فستان سواريه انيق للغاية اسود اللون عاري الاكتاف، جسدها كان نحيلا للغاية بالنسبة لواحدة في مثل سنها، كانت تتحدث مع احد العاملين في المطبخ وهي تبتسم بغنج ودلال يليق بامرأة عذبة وجميلة مثلها...
استدارت بعدها ناحيتهن وهي تقول بنفس ابتسامتها: كيف حالكن يا فتيات...؟ هل أنتن جاهزات للعمل...؟ اجبنها الفتيات بأنهن بالفعل جاهزات للعمل فاخذت تتعرف على أسمائهن وتملي عليهن بعض التعديلات حينما وصلت لتسألها: وانتِ ماذا اسمك...؟ اجابتها بجدية: اسمي ازل... اخذت تتأملها بتمعن واعجاب واضح حينما همس العامل بجانبها قائلا: انها من ضمن الفتيات اللاتي جلبهن السيد لبيد... دائما ذوقه رفيع ومميز في اختيار الفتيات...
عادت بتركيزها ناحية الفتيات وبدأت توضح لهن طبيعة عملهن وكيف يجب ان يتصرفوا ويتعاملوا مع الضيوف...
طرقت على باب غرفتها ثم دخلت اليها لتجدها متمددة على سريرها تقلب في هاتفها... تقدمت ناحيتها وهي تقول بضيق: هل ما زلت مصرة بان لا تأت الى الحفلة يا صفا؟ اجابتها وهي مستمره في العبث بهاتفها: نعم، ما زلت مصرة... حسنا كما تشائين... قالتها بعصبية واضحة ثم أردفت بجدية: جدك سوف يتضايق كثيرا حينما يعرف انك لن تأتي الى الحفلة... اخبريه باني مريضة اذا سأل عني...
قالتها بلا مبالاة جعلت والدتها تستشاظ غيضا منها ومن برودها... سألتها مرة اخرى: هل تصالحتِ مع نادية ابنة عمك...؟ زفرت نفسها ضيقا من إلحاح والدتها ثم اجابتها بملل: كلا، لم نتصالح بعد... اسمعيني جيدا، انا اعرف ان ثمة شيء ما وراء شجاركن هذا، اتمنى الا يكون شيئا يسبب الضيق لوالدك او أجدك... هزت رأسها دون ان تجيبها حتى مما جعل والدتها تقول بنفاذ صبر:.
أحذرك يا صفا، أحذرك من ان تخطئي بأي تصرف كان، حينها لا احد سوف يرحمك واولهم انا... خرجت من الغرفة ما ان أنهت كلماتها تتبعها نظرات صفا المحتقنة...
بدأت الحفلة التي تقام في قصر الجد مختار التميمي، بدأ الضيوف في الوصول الى الحفل حيث كان يقف كلا من غسان ولبيد وعثمان في استقبالهم، اما الجد فكان يتوسط قاعة الحفل يرحب بالضيوف ويتحدث معهم وبجانبه أولاده الأربعة كلا منهم يقف يتحدث مع مجموعة من الضيوف المهمين...
انتهى الأحفاد الثلاثة من استقبال الضيوف فتوجهوا الى داخل الحفل، كانوا يسيرون بجانب بعض حينما تحدث فجأة غسان قائلا بانبهار شديد بعد ان أطلق صفير عالي: صاروخ... ماذا...؟! قالها كلا من غسان وعثمان بعدم فهم ثم اتجهوا بأنظارهم للجهة الذي يتطلع اليها ليجد فتاة شقراء جميله تقف هناك بجانب مجموعة من الشباب والفتيات ترتدي فستان احمر قصير مثير... يا الهي، الا تمل من النسوان...؟
قالها عثمان بملل وهو يبتعد عنهم متجه الى احد أصدقائه الذي جاء الى الحفل اما غسان فرماه بنظرات حانقة وابتعد عنه دون ان ينبس بكلمة واحدة ليعدل لبيد من ربطة عنقه ثم يغلق أزرار سترته ويتجه الى الفتاة بثقة عالية ناويا إيقاع الفتاة... وصل الى الفتاة التي لاحظت نظراته نحوها من بداية حديثه مع غسان وعثمان ثم اتجاهه اليها، وجدته يقف بجانبها قائلا بإعجاب واضح:.
شقراء بفستان احمر مثير، هذا ما لا يتحمله قلبي إطلاقا... سلامة قلبك، انتبه عليه لكي لا يصاب بالجلطة او ما شابه... قالتها بسخرية جعلته يرمقها بنظرات خبيثة قائلا بلهجة رجل مراوغ ينوي الايقاع بفريسته المثيرة: فداكِ، فداكٍ قلبي وكل أعضائي... ابتسمت بسخرية وهي تبعد أنظارها عنه موجهة إياها الى الجهة الاخرى حينما اقترب هامسا بجانب إذنها: لبيد التميمي، وماذا عنك...؟ من تكونين...؟
عادت ببصرها ناحيته وهي تقول معرفة عن نفسها: جوان الطائي... هل تقربين السيد عدنان الطائي صديق جدي...؟ حفيدته... تطلع اليها بصدمة فهو لم يتوقع ان تكون حفيدة احد أصدقاء جده المقربين، اتسعت ابتسامته تدريجيا وهو يقول: اذا نحن معارف، يا له من شيء رائع... للاسف الشديد... قالتها بضجر ليتنهد بصمت وهو يرمقها بنظراته المعجبة... هل سوف تبقى تتطلع الي بهذا الشكل...؟ اجابها وهو ما زال يتطلع اليها بنفس نظراته السابقة:.
وهل يوجد مانع لديكِ...؟ زفرت انفاسها بضيق وهي تشيح بوجهها عنه ناحية الجهة الاخرى، بينما ظل هو واقفا بجانبها رافضا ان يتركها ويعطيها مساحة حرية خاصه بها...
كان واقفا بجانب مجموعة من رجال الاعمال يتحدث معهم حول بعض أمور العمل، فجأة وجد والدته تقترب منه قابضة على ذراعيه ساحبة اياه من بين مجموعة الرجال بعد ان استآذنتهم، كانت تقوده خلفها وهي تقول بجدية: تعال معي يا غسان، اريد ان أعرفك على شخص مهم... قادته الى احدى الطاولات التي تقف عليها امرأة كبيرة في السن نوعا ما وبجانبها شابة جميلة... تحدثت بابتسامة معرفة الفتاة عليه:.
فرح حبيبتي، أعرفك على ابني غسان... ثم أردفت موجهة حديثها الى غسان: حبيبي غسان، أعرفك فرح الناصري ووالدتها السيدة سليمة...
ابتسم لهم بترحيب مصطنع ومد يده الى الفتاة التي استقبلتها بيديها وهي ترد لها سلامه ثم حيّا والدة الفتاة ايضا، وجد نفسه مضطرا على البقاء معهم والتعرف عليهم بناء على رغبة والدته فاخذ يتحدث معهم ويحاول الاندماج في أحاديثهم حينما تفاجئ بوالدته تأخذ والدة الفتاة وتتجه بها الى طاولة اخرى... ها قد بدأنا من جديد...
قالها بضيق وصوت غير مسموع وهو يعرف خطة والدته جيدا، تطلع الى الفتاة الصامته امامه بجمود ولم ينبس بكلمة واحده حينما وجدها تسأله برقة: انت تدير شركات العائلة ؛ أليس كذلك...؟ اجابها بجدية: نعم، انا المدير العام لجميع شركاتنا...
اخذت تسأله عنه وعن طبيعة عمله وكان هو يجيبها باختصار شديد، فجأة لمحها تمر من امامه امامه، حاول ان يتآكد من صحة ما رأه، فوجدها بالفعل هي، اعتصر قبضة يده بقوة وهو يحاول استيعاب سبب وجودها في هذا المكان، تقدم ناحيتها بخطوات سريعة دون ان يعتذر لفرح حتى او يخبرها بذهابه، كانت تسير وهي تحمل بيدها صينية تحوى على اربع كؤوس من المشروبات المنوعة حينما وجدته يقتحم عليها طريقها واقفا أمامها بملامح جامدة مظلمة وعينين تشعان قسوة وغضبا...
ماذا تفعلين هنا...؟ سألها بحدة ارعبتها للغاية وجعلت الصينية التي بين يديها تهتز من شدة الخوف... انا، انا... عجزت عن تشكيل جملة واحدة تجيبه من خلالها على سؤاله... اما هو فقد شعر بنظرات البعض المصوبة نحوه فأخذ احد الكؤوس الموجودة في الصينية التي تحملها وتناولها دفعة واحدة، ثم وضعه في مكانه مرة اخرى وأخذ كأسا آخراً وتناوله ايضا على دفعة واحده...
وضع الكآس الفارغ عَلى الصينية وأخذت يرمقها بنظرات باردة لا توحي بشيء، امرها بعدها بنبرة صارمة: عودي الى المطبخ ولا تخرجي منه حتى أامرك انا بذلك... هزت رأسها باذعان لا تعرف سواه ثم فرت من امامه متجهه بسرعة الى المطبخ...
عشر دقائق، عشر دقائق لا غير هي المدة التي تحملها غسان فوجد نفسها يتجه اليها بعد انتهائها دون ان يصبر او ينتظر الحفل ان ينتهي، دلف الى المطبخ ليجدها واقفة تغسل الكؤوس الزجاجية بجانبها شاب صغير يساعدها في تجفيفها... ابتسم برضا فهي على الأقل نفذت اوامره ولم تخرج من المطبخ... آنسة ازل... التفتت اليه فورا ما ان سمعت صوته يخترق طبلة اذنيها وقد شعرت بالقشعريرة تمتد على طول جسدها...
كان يراقبها بعينين متوهجتين وهو يراها تقف امامه على بعد مسافة قصيرة رأسها منخفض نحو الأسفل كالعادة، كان منظرها أشبه بتلميذة تقف امام أستاذها... اتبعيني... امرها بجمود فتبعته بسرعة منفذة ما قاله، وجدته يصعد درجات السلم متجها الى الطابق العلوي فاتبعته، كانت تسير خلفه حينما تفاجئت به يقبض على ذراعها اليمنى ويدخلها بسرعة الى احدى غرف القصر...
شهقت بقوة وانتفض قلبها بين أضلعها من شدة الخوف، جاءها صوت الغاضب قائلا: ماذا تفعلين هنا...؟ رفعت بصرها ناحيته ليرى نظراتها المرتعبة خوفا منه، تكونت الدموع داخل مقلتيها فصرخ بها: لماذا تبكين الان...؟ لم يحدث شيء يستدعي البكاء...
فجأة وجدها تنتفض باكية بعنف شديد، كانت تضع يدها على فمها وتبكي بقوة، شهقاتها كانت رقيقة تشبه شهقات طفلة صغيرة، اثاره بكاءها بشدة و شكل داخله مشاعر المته بشدة، لم يتحمل ان يراها تبكي هكذا امام عينيه دون ان يفعل لها شيئا فتقدم ناحيتها وضمها داخل احضانه بقو وهو يقول بنبرة لطيفة: اهدئي يا ازل، اهدئي ارجوك ولا تبكي، انا أسف...
ظلت تبكي بين احضانه وهو يربت على ظهرها بكفي يده، وجدها تبتعد من بين احضانه بعد لحظات وهي تمسح دموعها بظاهر كفها ليظهر وجهها الاحمر من شدة البكاء... انا آسفة، لو كنت اعلم بان مجيئي الى هنا سوف يضايقك لما جئت... كيف وصلت الى هنا...؟ هذا ما أودّ معرفته... اجابته وهي تنظر في عينيه مباشرة: السيد لبيد هو من طلب مني المجيء الى هنا... رفع بصره الى الأعلى وهو يقول بنفاذ صبر:.
قولي هذا اذا، لبيد سبب جميع المصائب... اخفضت رأسها نحو الارض بخجل وتوتر فوجدته يأخذ نفسا عميقا ويزفره على مهل... تعالي معي، سوف اعيدك الى المنزل... لا داعي لهذا، السائق سوف يعيدني... قلت انا من سوف يوصلك... ارجوك سيد غسان والدي ان علم بأنك انت من اوصلتي لن يرحمني إطلاقا... قالتها بتوسل جعله يقول: ماذا سيفعل...؟ هل سيضربك كما فعل في المرة السابقة...
تطلعت اليه بصدمة من معرفته لسبب ضربها، اخفضت رأسها الى الأسفل بخجل وانكسار، لعن نفسه لما قاله، لقد جرحها دون ان يقصد، حاول ان يغير الموضوع فأمرها قائلا: هيا يا ازل لنذهب... رفعت بصرها نحوه وقالت بنبرة مترجية: ولكن... قاطعها بصرامة: قلت هيا بِنَا... ثم سار من أمامها خارجا من الغرفة وهي تتبعه بخطواتها الواهية المتعبة...
أوقف سيارته امام باب منزلها ففتحت الباب و هبطت من السيارة متقدمة الى داخل المنزل، اخرجت المفتاح من حقيبتها ووضعته في مكانه لكي تفتح الباب الا انها تفاجئت بوالدها يأتي من الخارج وهو يصيح باسمها: ازل، متى عدت يا فتاة...؟ ومن هذا الذي أوصلك...؟ ابتلعت ريقها بتوتر ما ان سمعت صوته، أوقعت المفتاح أرضا، استدارت ناحيته مجيبة اياه: لقد انتهيت من عملي، وهذا مديري قرر ان يوصلني...
مديرك هو من أوصلك الى هنا... قالها بملامح متعجبة سرعان ما احتلها الغضب وهو يقبض على شعرها بكفي يده صارخا بها: ماذا كنت تفعلين بالضبط ايتها الحقيرة لكي يوصلك مديرك الى هنا...؟ ماذا كنّت تفعلين معه ايتها السافلة...؟ كانت تبكي بالم وتترجاه ان يتركها حينما تفاجئت بغسّان يحرر شعرها من يد والدها ويقبض على عنقه صارخا به: ايها الأبله المجنون، ماذا تفعل بها...؟
حاول جابر ان يضربه او يحرر عنقه من قبضته الا انه لم يستطع فعل هاذ فصاح به: انت مديرها أليس كذلك...؟ عشيقها السري، الان فهمت من اين وجدت وظيفتك تلك بهذه السرعة، وتقولين انك تعملين عاملة نظافة ايتها العاهرة الرخيصة... وضعت يدها على فمها تبكي بعنف وقوة بينما خرج الجيران من بيوتهم على أصوات صراخه...
لم يتحمل غسان ما سمعه فلكمه بقوة على وجهه، طاح جابر أرضا فانقض غسان عليه يلكمه بعنف مفرغا غضبه المكبوت به، ركضت ازل ناحيته وحاولت ابعاده عن والدها... يكفي يا سيد غسان، لا تفعل هذا ارجوك... ابتعد غسان عنه اخيرا بعد عدة محاولات من قبل ازل اما الجيران فلم يتقرب اي منهم او يتدخل لمساعدة جابر اوإيقاف غسان فالجميع كان يكره جابر ويعرف مدى حقارته وأذيته...
زحف جابر على ارضية الشارع والدماء تخر من وجهه ثم استند على العمود لينهض من مكانه، استطاع ان يقف اخيرا على قدميه ليجد غسان واقفا امامه يلهث بشدة وبجانبه ازل تقبض على ذراعيه بقوة... ايتها العاهرة الرخيصة، انا يحدث لي هذا بسببك... هم غسان بالاتجاه ناحيته وضربه مره اخرى الا قبضة يد ازل على ذراعه منعته من فعل هذا... بابا ارجوك اسمعني... قالتها ازل بتوسل ليصرخ بها جابر:.
اخرسي ايتها السافلة، لا يوجد شيء اسمعه منك، لقد انفضحنا بسببك، اسمعيني جيدا، لا اريد ان ارى وجهك مرة اخرى وهذا البيت لن تدخلينه ابدا بعد الان... انتفضت من مكانها قائلة ببكاء: بابا ؛ ماذا تقول انت...؟ ومن قال باني سآسمح لها ان تعيش في منزل واحد حقير مثلك، هي ستأتي معي...
بدأت الهمهمات تسري بين الجيران متعجبين مما يقوله هذا الشاب الثري بينما صدق البعض ظنونه بان ازل عشيقته بالفعل فالفتاة فقيرة ومن الممكن ان تعمل اي شيء لتنال لقمة عيش لها ولاختها، كان هذا اول ما خطر عَلى بالهم، اما غسان فقد قبض على ذراع ازل قائلا لها بهدوء: هيا تعالي معي... هزت رأسها نفيا وهي تقول: كلا لن أاتِ، انا لن اترك منزلي...
وجدت والدها يدلف الى الداخل ويغلق باب المنزل خلفه بينما كرر غسان ما قاله: هيا يا ازل، يجب ان نذهب حالا... ظل يتوسل بها لوقت طويل وهي مستمرة على رفضها حتى أذعنت اليه في اخر الامر وذهبت معه فهي لم يكن لديها حل اخر سوى هذا...
كان مستمرا في إلقاء الأحاديث المختلفة على مسامعها بينما هي صامته لا تنطق بكلمة واحدة، ظل بجانبها طوال الحفل ولن يتركهها لحظة واحده، وجد جدها يقترب منهم قائلا: هيا يا جوان، لنذهب الان... لما...؟ مازال الوقت مبكرا... ابتسمت جوان بتهكم اما الجد فأجابه بجدية: انا لا احب السهر لوقت متأخر يا بني وجوان كذلك، يجب ان نذهب الان... هز رأسه بتفهم ثم ودعهم وهو يرمي جوان بنظراته محدثا نفسه:.
جوان الطائي، ما أجملك... وقفت ناريمان بجانبه متسائلة: لبيد، هل رأيت غسان...؟ اختفى من الحفل ولم اره... اجابها لبيد نافيا: كلا لم اره... هزت رأسها بتفهم ثم ابتعدت من أمامه وهي تشعر بالضيق الشديد بسبب اختفاء غسان فجأة من الحفل...
في صباح اليوم التالي استيقظت من نومتها لتجد نفسها في غرفة غريبة عنها، عادت ذكريات ليلة البارحة اليها، ما فعله والدها معها وكيف جائت الى هنا، لقد جلبها غسان الى شقته الخاصة وأخبرها انها ستبيت بها، ثم تركها وعاد الى منزله، اما هي فظلت تبكي طوال الليل بسبب ما حدث معها وما سمعته من والدها...
نهضت من فراشها واتجهت الى خارج الغرفة، اخدت تسير داخل الشقة وهي تتطلع اليها بانبهار شديد، طوال سنوات عمرها العشرون لم تَر شيئا كهذا ولم تتخيل بأنها ستنام يوما ما في مكان كهذا، سمعت جرس الباب يرن فسارعت لفتحه لتجد السائق الخاص بغسّان يقف أمامها، طلب منها ان يدلف الى الداخل فسمحت له بهذا، ولج الى داخل الشقة وهو يحمل بيده مجموعة اكياس... وضعها على الطاولة التي تتوسط صالة الجلوس ثم سألها:.
هل تريدين شيئا اخر آنستي...؟ لقد أوصاني السيد غسان بتنفيذ جميع طلباتك... هزت رأسها نفيا وهي تجيبه: كلا ؛ شكرا... خرج من الشقة تاركا إياها لوحده مع الإكياس فتقدمت بفضول ناحيتها وبدأت تفتح كيسا يليه الاخر، الكيس الاول كان يحتوي بيجامة زهرية اللون أنيقة للغاية أعجبتها كثيرا والكيس الثاني كان يحتوي على فستان زهري اللون وحذاء من نفس اللون، اما بقية الأكياس فكانت تحتوي على العديد من الأطعمة الجاهزة...
بعد ان انتهت من البحث داخل الاكياس حملت البيجامة ودلفت بها الى داخل الغرفة ثم خلعت زي العمل الرسمي الذي ترتديه منذ البارحة وارتدت البيجامة بدلا عنه، خرجت بعدها من الغرفة وتقدمت ناحية الاكياس مرة اخرى، فتحت بعض الاكياس وأخرجت منها الأطعمة الموجودة فيها وبدأت تتناولها بشهية مفتوحة فهي لم تتناول شيئا منذ وقت طويل...
سمعت هاتفها يرن فانتفضت من مكانها بسرعة وركضت ناحية حقيبتها وأخرجت الهاتف منه لتجد والدتها يتصل بها، اتسعت عيناها بصدمة وعدم تصديق، لماذا يتصل بها الان...؟ هل يريد منها ان تعود الى المنزل...؟ هل شعر بانه ظلمها وقسا عليها...؟ ضغطت زر الإجابة على الفور ليأتيها صوته الحاد متسائلا: اين انت يا فتاة...؟ ازدردت لعابها بتوتر ثم اجابته كاذبة: انا موجودة لدى السيدة رنا التي كنت اعمل لديها احيانا...
قاطعها دون ان يهتم لسماع حديثها حتى: تعالى الى المنزل فورا... بابا هل سامحتني وستسمح لي بالعودة الى المنزل مرة اخرى...؟ نعم ؛ سامحتك يا ازل، تعالي فورا قبل ان أغير رأيي... نهضت من مكانها وهي تقول بسرعة: سوف أكون عندك في الحال... اغلقت هاتفها ثم سارعت في ارتداء الفستان والحذاء الذي احضرها غسان اليها وخرجت بعدها من الشقة متجهه الى منزلها...
كان عثمان يجلس في مكتب لبيد يتناقشون في بعض الاعمال والصفقات حينما اقتحم غسان المكان عليهم وتوجه ناحية لبيد بملامح تتقد غضبا، ابتلع لبيد ريقه بتوتر من منظر غسان المرعب والذي انقض عليه رافعا إياها من فوق كرسيه قائلا بصوت غاضب كاره: الم أحذرك ان تبتعد عن ازل...؟ الم أحذرك من الاقتراب منها...؟ ماذا يحدث يا غسان...؟ لما انت تتحدث معي هكذا...؟ سأله لبيد بعدم فهم وتوتر ليجيبه غسان:.
كيف تتجرأ وتجلبها الى حفلة البارحة...؟ كيف تفعل شيء كهذا...؟ وما المشكله في هذا...؟ فتاة فقيرة اردتها ان تسترزق بعضا من الأموال... يا الهي كم انت رجل حنون... قالها غسان بسخرية ثم ما لبث ان دفعه على كرسيه مرة اخرى وانقض يخنقه من عنقه وهو يقول بعصبية بالغة: ماذا افعل بك الان اخبرني...؟ ماذا افعل وانت فيك كل العبر...؟ هل أقتلك وأريح البشرية كلها منك...؟ يا غسان اهدأ ارجوك واسمعني...
كان بالكاد يستطيع ان يتحدث من بين انفاسه المختنقة، التفت ناحية عثمان الذي كان يجلس على الكرسي المقابل لهم يقلب في احد الملفات بتركيز شديد: ايها البارد المتخلف، أنقذني منه... بدا وكأنه لم يسمع شيئا مما جعل لبيد يمسك القلم الذي بجانبه ويرميه عليه، رماه عثمان بنظرات مستخفة ثم عاد بتركيزه ناحية الملف الموجود بين يديه... اما غسان فكان مستمرا في خنقة وهو يسأله بكره:.
هل انت معجب بها...؟ اخبرني ولا تخبئ علي، انت معجب بها أليس كذلك...؟ انا، انا أعجب بعاملة نظافة، هل هذا مستواي يا رجل... ماذا تقصد، ما بها عاملة النظافة، انها اشرف منك ومن عِشرة امثالك... معك حق، فقط حرر رقبتي من يديك... نفض غسان يديه عنه تاركا اياه يتنفس بعمق شديد، تطلع اليه غسان بسخرية ثم ما لبث ان قال: اذا سمعت بأنك اقتربت منها او فكرت بهذا حتى فحينها سوف أقتلك بيدي هاتين دون أدنى رحمة او شفقة...
وضع فنجان القهوة خاصته على الطاولة الموضوعة امامه ثم تسائل بجدية: خير يا زوجة عمي، لماذا طلبتِ مقابلتي...؟ اجابته ناريمان بعد ان ارتشفت القليل من قهوتها: أردت عن أسألك عن تلك الفتاة المدعوة بازل، اين اختفت مساء البارحة فجأة دون ان تأخذ اجرتها...؟ تنحنح بارتباك ثم قال بدهشة مصطنعة: اختفت مساء البارحة...؟ لم أكن اعلم... هزت ناريمان رأسها مؤكدة ما قالته مستمرة في حديثها:.
نعم ؛ اختفت، وانا أردت ان أسألك عنها، وأرسل معك اجرتها لتعطيها لها... حسنا، سوف اعطيها لها بالتأكيد حينما أراها... قالها بسرعة وهو ينوي القيام وانهاء هذه الجلسه بسرعة الا ان ناريمان كانت مصرة على أكمال ما نوت قوله: عزيزي لبيد، كنت اريد ان اطلب منك شيء اخر... تفضلي زوجة عمي، ماذ تريدين...؟ تلك المدعوة ازل... قاطعها بسرعة: ما قصتك مع ازل يا زوجة عمي...؟ اجابته بسرعة موضحة:.
فكرت ان اجلبها تعمل لدي خادمة بدلا من سهام التي تركت العمل لدي، انت تعرف انني لا اجلب سوى الفتيات الجميلات والنظيفات ليعملن لدي في المنزل، وهذه الفتاة جميلة ومرتبة للغايه، لهذا فهي تناسبني جدا... زوجة عمي، ماذا تقولين أنتِ...؟ تريدين من ازل ان تعمل خادمة لديك...؟ سألها بعدم استيعاب لما تقوله فاجابته بجدية: نعم ؛ أريدها ان تعمل خادمة لدي، بدل من ان تخدم في الشركة تخدم في المنزل...
هنا لم يتحمل لبيد ما يسمعه على لسان زوجة عمه التي تتحدث بعفوية مطلقة عن ازل دون ان تعلم ما يتعلق بتلك الفتاة من مصائب قادمة فوق رآسها فانفجر لبيد ضاحكا بصخب تحت أنظار زوجة عمه المستغربة... لماذا تضحك هكذا يا لبيد...؟ سألته بانزعاج واضح ليأتيها رد لبيد الذي بالكاد يسيطر على ضحكاته:.
اضحك بسبب ما تقولينه يا زوجة عمي، اذا كان ابنك قد جن جنونه حينما رأها تقدم المشروبات في الحفلة، ماذا سيفعل حينما تعمل لديكم في المنزل اذا...؟ ماذا تقول يا لبيد...؟ غسان جن جنونه بسببها...؟ وما علاقة غسان بها...؟
استعاد لبيد وعيه اخيرا وقد ادرك حجم الكارثه التي اوقعه لسانه بها، لعن نفسه وغبائه الذي جعله يتفوه بتلك الكلمات، اخذ يفكر في طريقة للخلاص من هذه الكارثة بينما زوجة عمه تسترسل في حديثها قائلا: البارحة غسان اختفى فجأة من الحفل ولم يعد الا بعد انتهاؤه، لا تقل لي انه كان معها، ماذا يحدث من وراء ظهري بالضبط، اخبرني...؟ نهضت من مكانها بعصبية واضحة وهي تتسائل بغضب:.
ماذا بين غسان وعاملة النظافة تلك يا لبيد...؟ أجبني حالا... زوجة عمي اهدئي ارجوك... قالها محاولا امتصاص غضبها الا ان غضبها لم يتناقص بل على العكس تماما ازداد وصبرها نفذ ففكرة ان يكون هناك شيء بين عاملة النظافة وابنها اثارت جنونها... توجد علاقة بيني وبين ازل... ماذا...؟ بينك وبينها... قالتها بعدم استيعاب ليكمل لبيد حديثه موضحا:.
انا معجب بها للغاية، وغسان حينما علم بذلك جن جنونه، فهو لا يحب ان يحدث اختلاط بيننا وبين الموظفات، لهذا هو يحاول ان يبعدني عنها خوفا من ان يعلم احد بهذا... تنفس لبيد الصعداء وهو يشاهد غضبها الذي بدأ يخف تدريجيا والراحة التي سيطرت على ملامح وجهها المشدودة فيبدو ان كذبته انطوت عليها... عادت وجلست امامه بعد ان اخذت نفسا عميقا ثم تحدثت بجدية قائلة:.
لبيد يا بني، معقول ما تفعله انت، معجب بعاملة نظافة، كيف تفعل شيء كهذا...؟ مط شفتيه بعبوس وهو يفكر في المصيبة التي أوقع نفسه بها، لكن لا بأس هذا افضل مما سيفعله غسان معه لو علم بمقدار الخطأ الذي قام به... لبيد اسمعني، لا تفكر في هذه الفتاة نهائيا، انها لا تناسبك من جميع النواحي... معك حق زوجة عمي، لن افكر بها من بعد الان...
قالها بإيجاز وهو ينهض من مكانه هاربا منها ثم ودعها بسرعة وخرج متجها الى الشركة مرة اخرى...
فتحت ازل باب منزلها ودلفت الى الداخل لتتفاجئ بوالدها ومعه رجلان كبيران في السن اضافة الى رجل اخر تعرفه جيدا يكون صديقه المقرب يتوسطهم جميعا شيخ الجامع القريب من منزلهم... نهض جابر ما ان رأها متقدما ناحيتها قائلا بترحيب مصطنع: تعالي يا ابنتي، رحبي بالضيوف... مرحبا... قالتها بنبرة خافتة وهي لا تفهم شيء مما يحدث حولها الا حينما تحدث صديق والدها محسن قائلا: هيا يا عروسة اجلسي في مكانك بجانب الشيخ...
عروسة...! ماذا تقول يا عّم محسن...؟ هنا تدخل والدها قائلا: نعم عروسة يا ازل... أشار بعدها ناحية الرجل السبعيني قائلا بجدية: السيد عماد طلب يدك مني وانا وافقت واليوم سوف يتم عقد قرانكما...
اتجهت راكضة الى داخل غرفتها ووالدها يتبعها صارخا باسمها، دلفت الى الغرفة ووالدها خلفها... ما هذا الذي فعلتيه يا فتاة...؟ ماذا يعني ترفضين الزواج...؟ رمت حقيبتها على السرير وهي تقول ببكاء: يعني انني ارفضه يا ابي، انا لن اتزوج هذا العجوز لو مهما كان... قبض على شعرها بعنف قائلا بغضب كاسح: سوف توافقين غضبا عنك، انا لا اخذ برأيك من الاساس... اتركني...
صرخت ببكاء وهي تشعر به يجرها من شعرها متجها بها الى صالة الجلوس، اقتربت ياسمين منه محاولة منعه مما يفعله الا انه دفعها بقوة حتى سقطت ارضا...
نهضت ياسمين من مكانها بسرعة وتقدمت ناحية حقيبة ازل، اخرجت الهاتف من حقيبتها وبدأت تقلب فيه، كان صوت بكاء ازل ونحيبها يصل اليها، حاولت ان تفعل شيء واحد يساعد اختها، ان تقدم المساعدة لها باي طريقة، دخلت على سجل المكالمات لتجد احد الأرقام الغريبة موجود به، توقعت بانه الرقم الخاص بمديرها الذي نست اسمه فضغطت بسرعة على زر الاتصال ليأتيها صوته بعد لحظات قليلة...
ارجوك تعال وأنقذ ازل اختي فوالدي يريد تزويجها بالإجبار...
كان يقود سيارته بسرعة كبيرة، لا يصدق ما سمعه على لسان اختها، ذلك النذل يريد تزويجها، ضغط على فرامل السيارة بقوة اكبر وهو يدعو ربه ان يصل اليها في الوقت المناسب، فكرة ان يحدث لها اي مكروه ترعبه، هو لا يتحمل ان يمسها الهواء حتى فكيف اذا تزوجت باخر غيره كما قالت اختها...
لقد جن جنونه حينما علم من السائق انها تركت شقته، خرج من مكتبه بسرعة متجها الى منزلها الذي بالتأكيد عادت اليه، كل ما فكر به انها ستتعرض الى الاهانه والضرب من والدها المختل مرة اخرى، ليأتيه هذا الخبر الصادم وهو في طريقه اليها... سوف اقتلك يا جابر، هذه المرة لا احد سوف ينقذك من يدي... قالها وهو يشدد من ضغط كفيه على مقود السيارة...
وصل اخيرا الى المنزل، دق الجرس عدة مرات لتفتح له ياسمين الباب وهي تقول ببكاء: تأخرت... دلف راكضا الى الداخل ليجد ازل واقفة بجانب رجل عجوز يحتضنها بشكل مقرف بينما هي تبكي بصمت، جن جنونه مما يراه فكيف يتجرأ ذلك الرجل ويحتضنها هكذا، تقدم ناحيتهم بملامح تنقط غضبا وسوادا لينتبه اليه جابر والذي تقدم ناحيته قائلا بابتسامة خبيثة: اهلًا بك سيد غسان، من الجيد انك اتيت حتى تبارك لازل زواجها...
تطلع الى ازل بنظرات جامدة لا توحي بشيء جعلتها ترتجف بشدة من رآسها الى اخمص قدميها، عاد ببصره ناحية جابر راميا اياه باستامة تهكمية اتبعها بصفعة قوية أسقطته ارضا، هجم عليه وضربه بقوة وهو يصرخ به بجنون: ايها النذل كيف تتجرأ وتفعل بها هذا، الا تعلم انتي لا اسمح لأي كان ان يقترب منها او يلمسها... ظل يضربه بعنف وقوة حتى اغمى عليه من شدة الضرب، نهض من مكانه وتقدم ناحية عماد الذي ابتلع ريقه بتوتر:.
ابتعد عنها... ظل عماد واقفا مدهوشا في مكانه لا يفهم اي شيء مما يحدث حوله حينما صرخ غسان به بقرة اكبر: ابتعد عنها... ابتعد عدنا عنها بخوف واضح من هذا المجنون الغريب الماثل أمامها بينما اهتز جسد ازل بقوة شديدة ما ان سمعت صوت صراخه... طلقها... إمرة بنبرة حازمة لا تقبل جدالا... هل جننت يا رجل...؟ انها زوجتي وانا لن أطلقها... اذا كنت تريد الخروج من هنا سالما فطلقها...
طلقها يا عماد، طلقها قبل ان يحصل بك ما حصل بجابر، انه زواج منحوس يا اخي... انت طالق... بالثلاثة... انت طالق بالثلاثة... والآن خذ معارفك واغرب من هنا في الحال... خرج عماد بسرعة يتبعه اخاه ومحسن صديق جابر ليتفاجئوا بالشرطة تقتحم المنزل... تقدمت احد أفراد الشرطة من غسان قائلة: اين هو جابر العاني...؟ أشار له غسان على جابر وهو يجيبه: -انه ممدد على الارضيه... هيا احملوه... امر الضابط جنوده لتسأله ازل بخوف:.
الى اين تأخذون ابي...؟ اجابها الضابط بإيجاز: انه متهم في قضية نصب واحتيال...
عاد غسان الى منزله مساء ليجد والدته في انتظاره، ما ان رأته حتى نهضت متجهة اليه وهي تقول: غسان أريد الحديث معك... تقدم ناحيتها بوهن وهو يتسائل قائلا: خير يا أمي، ماذا حدث...؟ اجلس اولا... جلس أمامها لتقول بجدية: ما هذا الذي سمعته يا غسان، لبيد معجب بعاملة النظافة تلك... نعم...! صرخ بعدم تصديق ثم سألها بسرعة: من اخبرك بهذا...؟ هو من اخبرني، كما انه اخبرني عما تحاول فعله لابعاد تلك الفتاة عنه...
لبيد هذا مجنون، كيف يعجب بتلك الفتاة...؟ قالتها ناريمان بضيق شديد ثم أردفت بجدية: تخيل حجم الكارثة التي سنقع بها اذا استمر في ملاحقتها... ماذا اذا كان يحبها...؟ سألها بجدية لتجيبه بصوت صارخ: مالذي تقوله يا غسان...؟يحب من...؟ عاملة النظافة تلك... ولما لا...؟ غسان لا تصب عقلي بالجنون، اذا حدث ما تقوله فسوف تكون مصيبة كبيرة تقع فوق رؤوسنا جميعا، انها فضيحة سوف تنهي علينا... أردفت قائلة بجدية:.
غسان بني تحدث معه، انت عاقل وتعرف كيف تتصرف بحكمة وتحل أمور كهذه، أقنعه بان يترك تلك الفتاة وشأنها... حسنا... قالها وهو ينوي النهوض من مكانه الا انها أوقفته متسائلة: صحيح، لم تخبرني عن رأيك بفرح... عن اي فرح تتحدثين...؟ اجابته بعدم تصديق من نسيانه لها بهذه السرعة: فرح الناصري، التي تعرفت عليها في الحفل... نعم تذكرتها، ما بها...؟ انا من يسألك يا غسان، ما رأيك بها...؟ اجابها غسان بلا مبالاة:.
تبدو فتاة جيدة... اكملت والدته عنه: ليس ذلك فقط، انها طبيبة، والدها هاشم الناصري جراح القلب المعروف، ووالدتها السيدة سليمة طبيبة تجميل تملك مركز كبير للغاية في مجال التجميل، انهم عائلة راقية للغاية... قاطعها بملل: الا تملين من تكرار نفس الموضوع في كل مرة وتعديد المميزات المعتادة... ماذا افعل...؟ اريد ان أفرح بك، ان اراك عريسا لفتاة تليق بك وبمركزك... زفر انفاسه بضيق ثم قال بجدية:.
قلتها الف مرة، لن اتزوج بهذه الطريقة، لن اتزوج حسب رغباتك... هل هناك فتاة اخرى، اخبرني... نعم توجد... من هي...؟ سألته بتب ليجيبها كاذبا: مهندسة تعمل لدينا في الشركة... صرخت بعدم تصديق: تقول مهندسة وتعمل في الشركة، هل جننت يا غسان...؟ على اخر الزمن سوف تتزوج من موظفة لديك، وبالتاكيد من عائلة متوسطة الحال وليست غنية، يا الهي هذه مزحة بالتأكيد... ما المشكله اذا كنت انا احبها وأريدها، اخبريني اين المشكله...؟
نهضت من مكانها بعصبية مجيبة اياه بحدة: توجد الف مشكله، اسمعني جيدا انت لن تتزوج الا بفتاة من نفس طبقتنا الاجتماعية، فتاة مثقفة متعلمة تفتخر بها امام أصدقائك وأقاربك، هذا اخر كلام لدي... اندفعت مبتعده عنه تاركا إياها يغلي من شدة الغضب والحيرة...
في يوم التجمع العائلي المعتاد كانت واقفة في احد الأركان البعيدة الموجودة في الحديقة تراقب المكان باكمله منتظرة الوقت المناسب لتنفذ خطتها، مسكت هاتفها الخلوي وبدأت تكتب رسالتها ثم ارسلتها الى رقمه... تعال فورا الى ركن الحديقة القريب من الباب الخارجي ؛ لدي شيء مهم يخصك، وان لم تأت فإنني سأفتعل فضيحة امام العائلة باكملها...
ما ان قرأ رسالتها حتى نهض على الفور من مكانه متجها الى ذلك الركن وهو يلعنها في داخله، لقد خاف بالفعل من ان تقوم بشيء ما يسبب الفضيحة لكليهما فهو يعرف تصرفاتها المجنونة... وصل الى المكان الذي تقف به ليصيح بها بصوت غاضب: ماذا تريدين...؟ كانت تقف امامه على بعد مسافة صغيرة منه تعقد ذراعيها امام صدرها وترميه بنظرات ساخرة مستهينة، ازداد غضبه منها أضعافا وهو يرى السخرية والتهكم في نظراتها...
قلت ماذا تريدين...؟ الا تسمعين...؟ هل تتذكر ماذا قلت لك في اخر مرة رأيتك بها...؟ حاول ان يتذكر متى اخر مرة رأها بها فتذكر بانه رأها الأسبوع الفائت في نفس هذا التجمع وتذكر كلامها وثقتها الزائدة بنفسها، ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها وقد ايقنت بانه تذكر ما قالته لتكرره على مسامعه مرة اخرى: أخبرتك بأنك سوف تكون لي إجبارا عنك... في أحلامك... رد عليها بجمود لتزداد ابتسامتها اتساعا وهي تقول بنظرات واثقة:.
ما رأيك اذا قلت لك انك ستكون لي والآن ايضا...؟ ماذا تعنين...؟ سألها بنظرات حادة لتنقض فجأة على شفتيه مقبلة اياه بقوة، أنصدم بشدة وهو يشعر بشفتيها تلتصق على شفتيه دون إرادة عنه، وقبل ان يحاول ابعادها وجدها تدفعه بقوة وهي تصرخ به ببكاء: ايها النذل الحقير، كيف تتجرأ وتفعل بي شيء كهذا...؟ انا ابنة عمك ايها المختل...
وفِي نفس اللحظة سمع صوت اصطدام شيء ما بالأرض ليتفاجئ بإحدى الخادمات تقف أمامهم تتطلع اليهم بنظرات مصدومة ويبدو انها رأت كل شيء، ركضت صفا بسرعة مبتعدة عنها وهي تصرخ ببكاء حاد: جدي، ابي... استوعب عثمان في تلك اللحظة ما تحاول هي فعله فركض خلفها محاولا ايقافها الا انها كانت أسرع منه كثيرا وهي تصل إليهم في صالة الجلوس، انتفض الجد من مكانه وكذلك والدها والذي سألها بسرعة: صفا ابنتي، ماذا بك...؟
اجابته من بين شهقاتها المفتعلة: عثمان يا ابي... ما به عثمان...؟ سألها الجد هذه المرة بقلق واضح لتجيبه بنبرة جادة: عثمان حاول ان يعتدي علي يا جدي... انتفض الجميع من مكانهم بعدم تصديق وصدمة حقيقية، محاولين استيعاب القنبلة التي ألقتها صفا على مسامعهم، شحب وجه نادية وقد ادركت من ان صفا نفذت خطتها وفعلت ما نوت عليه... كاذبة ابني لا يفعل شيء كهذا...
صرخت بها رجاء والدة عثمان والدي وصل بنفس اللحظة قائلا بصوت عالي نسبيا: كاذبة... ماذا يعني كاذبة...؟ لماذا ابنتي سوف تكذب يا عثمان...؟ قالها ممدوح والد صفا بملامح مكفهرة ونبرة تتقد غضبا ليرد عثمان عليه: نعم يا عمي، ابنتك كاذبة وتتبلى علي... هنا تدخل الجد قائلا بجدية موجها حديثه الى صفا: هل ما يقوله عثمان صحيح يا صفا...؟ انت تتبلين عليه...
تطلعت صفا الى عثمان فوجدته يرميها بنظرات حادة متوعدة لم تبال بها وهي تجيب جدها بثقة: كلا يا جدي، انه يكذب، لقد حاول ان يعتدي علي، قبلني عنوة عني، الخادمة رأته بإمكانك سؤالها... تطلع لبيد وغسان الى بعضهما بعدم تصديق مما يسمعانه على لسانها فهما يعرفان عثمان جيدا ويدركان بانه من سابع المستحيلات ان يفعل شيء كهذا، اما صفا فأكملت بنفس الثقة والاصرار:.
بإمكانك سؤال نادية ايضا، هي تعلم انه يتحرش بي منذ وقت طويل وانا اصده، حتى انها تحدثت معه من قبل وطلبت منه ان يبتعد عني... هل هذا الكلام صحيح يا نادية...؟ اضطربت نادية بشدة من سؤال جدها ولم تعرف بماذا تجبه، اخذت تتطلع الى صفا بنظرات لأئمة الا انها لم تهتم بها بتاتا اما عثمان فصرخ بها: تحدثِ يا نادية، اخبريهم بان ما تقوله ابنة عمك كذب...
بالكاد استطاعت نادية السيطرة على دموعها وهي تجيبهم بصوت خافت متردد: صحيح يا جدي، ما قالته صفا صحيح... تطلع اليها عثمان بصدمة غير مصدق لما تقوله اخته اما ممدوح فحاول الانقضاض على عثمان وهو يصرخ بأعلى صوته: ايها النذل الحقير كيف تجرؤ...؟
الا ان كلا من غسان ولبيد اوقفوه ومنعوه مما ينوي فعله، كانت والدة صفا تتطلع اليها بنظرات مصدومة، كانت تعرف جيدا بان جميع ما يحدث هو لعبة من قبل ابنتها الا انها لم تستطع ان تفعل شيئا، فهي بالتأكيد لن تفضح ابنتها أمامهم جميعا... اين الخادمة اجلبوها...؟ امرهم الجد بصرامة لتركض ناريمان وتنادي على الخادمة والتي أجابت على تساؤل الجد قائلة:.
لقد رأيت السيد عثمان وهو يقبلها، وبعدها الآنسة صفا دفعته وصرخت عليه... هز الجد رأسه بتفهم ثم امرها بالعودة مرة اخرى الى عملها، ذهب ببصره ناحية عثمان الذي يقف امامه بجموده المعتاد قائلا بنبرة جليدية باردة: جميع ما سمعته كذب يا جدي، هذا كله مخطط من قبل الآسنة صفا، فعلت هذا لأنني رفضتها مسبقا حينما حاولت التقرب والتودد مني... ما يقوله عثمان صحيح، صحيح انه لم يخبرني به، لكن انا متاكد من كونه صحيح...
همس لبيد بهذه الكلمات بجانب إذن غسان والذي قال بدوره: للاسف لا يوجد شيء يثبت صحة كلامه، الجميع بات ضده، حتى اخته شهدت ضده... صفا تكذب وأختك ايضا تكذب... قالها الجد ردا على تبرير عثمان ودفاعه عن نفسه ليصمت عثمان وهو لا يجد شيئا اخر يدافع به عنه... عثمان، ممدوح، وليد، اتبعوني الى غرفة المكتب...
توجه الجميع خلف الجد الى غرفة مكتبه تاركين باقي أفراد الاسرة لوحدهم وكلا منه تدور الأفكار داخل رأسه ؛ بعضهم يصدق كلام صفا والآخر متيقن من ان عثمان لا يفعل شيئا كهذا... : ... دلفت الى داخل غرفتها ووالدتها تتبعها بعصبية شديدة، اغلقت الباب خلفها ثم تقدمت من ابنتها التي تخلع سترتها ثم ترميها على الارض باهمال... هل انت سعيدة الان بما فعلتيه...؟ قالتها والدتها بعصبية واضحة لتجيبها ببرود: اكثر مما تتخيلين...
قبضت والدتها على ذراعها ثم اخذت تهزها من خلالها بقسوة وهي تقول بنبرة عالية غاضبة: ماذا تظنين نفسك فاعلة يا هذه...؟ كيف تتجرئين على فعل شيء كهذا...؟ لقد فضحت ابن عمك واتهمتيه بشيء لم يفعله... نفضت ذراعها من كف يدها بقوة وهي تقول بجدية: لم يكن امامي حلا اخر، هذه الطريقة الوحيدة التي كنت سأناله من خلالها... تنالينه...! هل هذا كل ما يهمك...؟ ان تنالي عثمان حتى لو لم يكن يريدك...
هزت رأسها مؤكدة كلامها مجيبه إياها: نعم، هذا اهم شيء لدي الان... انت مريضة، أنتِ ابنتي صحيح لكنك مريضة، مريضة بالتملك والغرور، تصرفات كهذه لل تصدر من انسانة طبيعية ابدا... مطت شفتيها الى الامام بلا مبالاة وهي ترسم ابتسامة ساخرة على ثغرها، اما والدتها فاستمرت في حديثها قائلة:.
ولكن ليكن بعلمك، عثمان لن يمرر ما فعلتيه بسهولة هكذا، هو سوف ينتقم منك أشد انتقام، وسوف يندمك على جميع ما فعلتيه، كوني واثقة من هذا... ليفعل ما يشاء، المهم انه بات لي، وعن قريب سيُصبِح خطيبي وبعدها زوجي... رمقتها والدتها بنظرات نافرة ثم تسائلت بملامح متآسفة: بماذا هددتِ نادية...؟ تطلعت اليها ولم تجبها بينما اكملت والدتها بسخرية: حتى صديقتك المقربة خسرتيها...
خرجت بعدها من الغرفة تاركة إياها لوحدها تفكر في صمت، عادت بذاكرتها الى خطتها وكيف نفذتها، ابتسمت بخبث وهي تحدث نفسها قائلة: كم كان طعم شفتيه مثير وممتع...؟
لن أتزوجها، على جثتي ان أتزوجها... كان صوت صراخ عثمان يعم ارجاء المنزل... اهدأ يا بني، اهدأ ودعنا نتحدث... قالها والده محاولا امتصاص وتخفيف غضبه حينما صرخ عثمان: لم ألمسها ابدا يا ابي، ولم افعل بها اي شيء، انا بالأساس لا أطيقها... اصدقك يا بني، والله اصدقك... قالها الأب بصدق شديد فهو يعلم ابنه وطبيعة تصرفاته ويدرك جيدا ان عثمان لا يفعل شيء كهذا مع أيا كان...
اخذ عثمان نفسا عميقا وزفره ببطأ وقد أراحه كلام والده وثقته به قليلا ثم جلس على الكرسي المقابل لوالده متسائلا بوهن: ماذا سآفعل يا ابي الان...؟ كيف سأخرج من هذه الورطة...؟ تزوجها يا عثمان، جدك لن يرتاح الا اذا تزوجتها... هل تظن انني ساتأثر بكلامه، وتهديداته، هل تظن بأنني سوف اتزوج تلك الحقيرة من اجل الورث...؟ اجابه والده بجدية: ستفعل يا عثمان، لا يوجد أمامك حل اخر وإلا ستخسر كل شيء...
تطلع عثمان اليه بنفاذ صبر ثم نهض من مكانه متجها الى غرفته وشياطين الغضب تلاحقه من كل جهة وصوب...
بعد مرور ثلاث أشهر كان جالسا في احد المطاعم الراقية ينتظر قدومها بفارغ الصبر، وجدها تدلف الى داخل المطعم وتتقدم ناحيته بعد ان بحثت عنه بعينيها ووجدته، جلست على الكرسي المقابل له وخلعت نظارتها الشمسية واضعة إياها على الطاولة المقابلة لها... ماذا تريد مني يا عثمان...؟ لماذا أردت مقابلتي...؟ سألته بنبرة باردة وملامح مكفهرة ليجيبها بتعجب من لهجتها الباردة معه:.
ما هذه اللهجة يا سهى...؟ لماذا تتحدثين معي هكذا...؟ اختفى البرود المسيطر عليها وحل محله الغضب والحنق الواضحين وهي تجيبه بعصبية: وكيف تريد مني ان اتحدث معك وخطبتك في الغد...؟ تأفف بضيق ما ان ذكرت موضوع خطبته امامه، حاول ان يهدأ من أعصابه المثارة قليلا وهو يجيبها: انت تعرفين ان ما يحدث خارج عن ارادتي، فلا داعي لهذا الكلام، لا تتحدثِ وكأن ما يحدث برضاي، انا مجبر يا سهى على كل هذا...
وما ذنبي انا، أحببتك كثيرا وانتظرتك طويلا لتتزوج ابنة عمك في نهاية المطاف... كانت تتحدث بلهجة حزينة ودموع محبوسة فهاهو حبيبها سوف يرتبط باخرى غيرها، بالرغم من معرفتها بدوافع هذا الارتباط وأسبابه الا انها لم تستطع ان تمنع نفسها من الحزن الشديد في وضع كهذا... شعرت به يلامس كف يدها بكف يده وهو يقول بنبرة مترجية:.
حبيبتي، لا تحزني ارجوك، لا شيء يستحق حزنك، صدقيني انها مجرد خطوبة زائفة لا اكثر، وسوف انتهي منها قريبا... وماذا اذا أحببتها وغيرت رأيك...؟وجعلتها خطبة حقيقية...؟ سألته بغيرة واضحة ليجيبها بجدية: مستحيل، انت اكثر من يعرف بأنني لا اطيقها، كما انني احبك انت، أنتِ حبيبتي الوحيدة، افهمي هذا وثقي بي ارجوكِ...
تطلعت اليه بنظرات متردده، هي تعرف جيدا انه يحبها منذ وقت طويل، لكنها خائفة رغما عنها، فكرة ارتباطه باخرى تخيفها بل ترعبها، وجدته يقبض على كفها بقوة بينما يمنحها ابتسامة مطمئنة على شفتيه لتبادله باخرى مصطنعة...
دلفت السيدة ماجدة والدة لبيد الى غرفة نومه لتجده نائما بعمق، اقتربت منه وهزته برفق وهي تقول بنبرة جذلة: لبيد عزيزي استيقظ، هناك ضيفة من اجلك... نهض من نومته على صوتها وهو يسألها بعينين نصف مغلفة ونبرة ناعسة: ضيفة من يا أمي...؟ انها جوان ااطائي، جائت من اجلك... انتفض من مكانه بسرعة وقد اختفى نعاسه فجأة قائلا بعدم تصديق: تقولين من...؟ أقول جوان الطائي...
حسنا فهمت، سوف أغير ملابسي وانزل لها في الحال... سحب بعض الملابس من خزانته ودلف بسرعة الى الحمام ليغير ملابسه و يتجهز لاستقبالها... بعد حوالي ربع ساعة كان لبيد يهبط درجات السلم متجها الى جوان التي تجلس في صالة الجلوس تتناول قهوتها مع والدته... ما ان رأته حتى نهضت من مكانها بملابسها الأنيقة وشعرها الاشقر الطويل ثم تقدمت ناحيته وحيته بحرارة...
استأذنت ماجدة منهم وقررت تركهم لوحدهم، ما ان اختفت من أمامهم حتى همست جوان له قائلة: اشتقت اليكِ... وانا اكثر... الحمد لله على سلامتك، كيف كانت رحلتك...؟ اجابها وهو يبتعد عنها جالسا على الكنبة التي تتوسط صالة الجلوس بينما هي اتجهت الى الكنبة الاخرى: جيدة للغاية، عدت ومعي صفقات مهمة للشركة... أردف قائلا بصدق: استغربت مجيئك الى هنا، لكنها لفتة جميلة منك... ابتسمت له وهي تقول:.
أردت ان أفاجئك، ويبدو ان مفاجئي أعجبتك...
شرد لبيد في تفكيره وهو يتذكر التحول الذي حدث في علاقته مع جوان خلال ثلاثة أشهر، بعدما كانت جوان لا تطيقه وترفضه دائما أصبحت تعشقه، استطاع ان يوقعها في غرامه بسهولة بعد عدة محاولات منه، لا ينكر انها أتعبته الا انها وقعت في المصيدة في نهاية المطاف، وهاهو لأول مرة يستمر في علاقة مع فتاة لأكثر من شهرين، والادهى انها ما زالت علاقة بريئة لم تتعدى اللقائات التقليدية بلا اي تلامس مباشر، وهذا ما يستغربه كثيرا فهو لا يصبر على اي أمرآة لمدة كهذه دون ان ينال منها ما يريد...
على طاولة الطعام كان كلا من حسن وناريمان والدا غسان جالسان يتناولان فطورهم حينما اقترب غسان منهم والقى عليهم تحية الصباح ثم جلس بجانبهم وتحدث قائلا بجدية: أمي ؛ ابي، اريد الحديث معكما في موضوع هام... تطلع الاثنان اليه بتعجب فهو نادرا ما يتحدث معهما باي مواضيع تخصه، تحدث والده بجدية: خير يا بني، موضوع ماذا تريد التحدث به...؟ اخذ غسان نفسا عميقا ثم زفره وقال بهدوء: لقد قررت ان اتزوج...
حقا، هذا اسعد خبر اسمعه في حياته، وأخيرا يا بني... قالها الأب بسعادة حقيقية الا ان زوجته قاطعته: حسن، انتظر قليلا قبل ان تفرح... وجهت حديثها الى غسان متسائلة: من هي العروس...؟ اجابها بجدية: اسمها ازل، تعمل لدي في الشركة... ماذا تعمل...؟ سأله الاب باستغراب ليجيبه غسان وهو ينظر الى والدته التي ترميه بنظرات مترقبة: عاملة نظافة...!
وقفت امام مرأتها تتطلع الى جسدها الرشيق والذي يغطيه فستان ابيض اللون قصير يصل الى منتصف فخذيها مع أكمام طويلة بيضاء اللون ايضا، تأملت ملامح وجهها التي تغيرت كثيرا بعد ان نحفت فقد أصبحت ناعمة رقيقة وجذابة، عيناها بدت جذابة للغاية خصوصا حينما تخلت عن النظارات الطبية، انفها دقيق وشفتيها مكتنزه، اما شعرها فبدا جذابا للغاية هو الاخر خاصة بعدما صبغته باللون البني، كانت تضع القليل من مساحيق التجميل على وجهها التي اضافت لها جاذبية وأنوثة اكثر، اخذت نفسا عميقا ثم زفرته ببطأ، شعور غريب بالراحة احتل كيانها وهي تخطو أولى خطواتها بشكلها الجديد، ابتسمت بسعادة حقيقية قبل ان تحمل حقيبتها وتغادر شقتها متجهه الى الشركة لتباشر وظيفتها من جديد...
تطلع أبويه له بصدمة مما قاله، لم يصدقا ما سمعاه، ابنهم الوحيد يريد ان يتزوج بعاملة نظافة... عاملة نظافة! انت تمزح بالتأكيد... كانت ناريمان هي من بدأت الحديث ليرد عليها غسان بنبرة جادة: كلا انا لا امزح، انا سوف أتزوجها... تحدث الاب بدوره قائلا بنبرة هادئة: لكن يا بني، الا ترى ان قرارك هذا غير منطقي، انها عاملة نظافة يا بني، يعني لا تناسبك نهائيا...
لكني احبها ابي، ولا يهمنى كونها عاملة نظافة او ما شابه، كل ما يهمني اني احبها وأريدها... هنا صرخت ناريمان بصوت عالي وغضب شديد: اي حب هذا الذي تتحدث عنه...؟ حبك لعاملة نظافة...؟ أنت جننت بالتأكيد...؟ ناريمان ليس هكذا، لا داعي لكل هذا الصراخ... نهرها الاب لتصرخ بانفعال شديد: حقا، ماذا تريد مني ان افعل بعد ما سمعته على لسان ولدك... وجهت حديثها بعدها نحو غسان قائلة:.
اذا كنت تكذب علي حينما قلت ان لبيد معجب بها... انا لم اكذب عليك، لبيد هو من كذب... قالها موضحا لتنفجر قائلة بحسرة: وانا التي كنت انصح به واطلب منه ان يتركها لم أكن اعلم بان الماء تجري من تحتي وانا غير واعية لشيء... أردفت بعدها قائلة بحدة: اسمعني، هذا الموضوع انساه تماما، لا ينقصني سوى ان تفكر في بنت كهذه، تترك جميع الفتيات الجميلات المحيطات بك وتتزوج هذه...
لماذا لا تفهمين علي...؟ لماذا...؟ أقول لك انني احبها... لا تثير أعصابي غسان... صاحت به بحده ليصرخ زوجها بدوره: يكفي يا ناريمان... تقول لي يكفي، قل هذا لابنك الذي يريد تدمير حياتنا وسمعتنا بسبب تصرفاته الطائشة... قالتها بازدراء وهي ترمي غسان بنظرات متهمة، نهض غسان من مكانه واغلق أزرار سترته ثم قال بلهجة عملية: انا ذاهب الى الشركة فلدي اعمال مهمه، لقد قلت ما عندي، قراري واضح ولا مجال للرجعة فيه...
وصل اخيرا الى الشركة بعد لقاء ممتع قضاه مع جوان، دلف الى داخل الشركة وهو يدندن بإحدى الأغاني والانتعاش واضح عليه، كان يمر بجانب مكتبها ليصل الى مكتبه حينما وجد فتاة غريبة جالسه على المكتب تكتب شيء ما بتركيز شديد... أنتِ، ماذا تفعلين هنا...؟ بأي حق تجلسين على مكتب سكرتيرتي...؟ رفعت ميار رأسها ناحيته وأخذت تتطلع اليه ببلاهة وعدم استيعاب... اندهش من نعومة وجمال الفتاة الواقفة أمامها فتمتم باعتذار:.
انا أسف يا انسه، لم أكن اقصد ولكنني تفاجئت بوجودك هنا، من تكونين...؟ يا ألهي كم هو غبي، كان عليهم ان يسموه بليد وليس لبيد... تمتمت بخفوت ثم ما لبثت ان قالت بصوت عالي: ما بك يا سيد لبيد، الم تعرفني...؟ تطلع اليها بعدم استيعاب وهو يحاول ان يركز في صوتها... الصوت صوت ميار، لكن الشكل شكل... توقف للحظات ثم صرخ بعدم تصديق: ميار... هزت رأسها مؤكدة كلامه مع ابتسامة على شفتيها الورديتين: بشحمها ولحمها...
اخد يتطلع اليها بصدمة شديدة وانبهار كبير، اقترب منها حتى اصبح واقفا بجانبها، اخذ يتأمل جسدها الرشيق وملابسها الأنيقة، مظهرها كان غريب بالنسبة له فهو لم يرها طوال فترة عمله معه وهي ترتدي شيء انيق او مرتب... يا الهي، كيف فعلتِ هذا...؟ من هو مركز الصيانة الذي قام بكل هذه الإصلاحات... نعم... صرخت به ليتراجع الى الخلف لا إراديا وهو يتمتم: حسنا لم أكن اقصد، انا أسف لكنك بالفعل تبدين مختلفة بشكل جذري...
صمتت ولم تتحدث اما هو فأكمل قائلة بنبرة إعجاب واضحة وهو يتطلع الى عينيها: لكنك فعلا تبدين رائعة... أشاحت وجهها بعيدا عنه وهي تحاول التماسك قدر الإمكان حتى لا تظهر مدى تآثرها بكلماته نحوها، كانت تلك المرة الاولى التي تسمع بها احد ما يبدي اعجابه بشكلها، فكيف اذا كان هذا الرجل هو نفسه حبيبها... افاقت من شرودها على صوته وهو يأمرها ان تجلب له الملفات، تبعته في صمت وهي تحمل الملفات بيدها...
هبطت من سيارة التاكسي وهي تشعر بالإعياء الشديد، لعنت لبيد في داخلها فهو سبب تعبها هذا، طوال اليوم لم يتركها لحظة واحدة دون عمل او طلبات، ظلت منهمكة في عملها طوال آليوم حيث وجدت الكثير من الملفات والأعمال المتراكمة في انتظارها، وهاهي تعود الى المنزل وبيدها كومة ملفات اخرى يجب ان تعمل عليها مساءا...
دلفت الى داخل العمارة وهي تتحدث بكلمات غير مفهومة، ارتقت درجات السلم متجهة الى شقتها التي تقع في الطابق الثاني، كانت تسير وهي بالكاد ترى أمامها بسبب الملفات العديدة التي تحملها حينما اصطدمت بجسد رجولي ضخم للغاية، تراجعت الى الخلف لا إراديا بينما وقعت الملفات من بين يديها بسبب اختلال توازنها...
ركعت على قدميها وبدأت تلملمها حولها الشاب المثل لتلتقي عينيهما في نظرة طويلة اثناء جمعهما للملفات، ارتبكت بدهشة من نظراته التي تحدق بها ونهضت من مكانها وهي تحمل نصف للملفات بيده ونهض هو حاملا النصف الاخر مادا إياها لها، تناولته منه وشكرته بخجل ثم تحركت مبتعده عنه حينما صاح بنبرة بدت متفاجئة: ميار...! معقول...! التفتت ناحيته رامية اياه بنظرات غير مفهومة ليردف بجدية:.
أنت ميار جارتنا في الطابق الثاني، لم أتعرف عليك في بادئ الامر، لقد تغيرت كثيرا... ثم قال بصوت منخفض لا يسمعه احد: وأصبحت جميلة للغاية... تطلعت اليه بارتباك ولم تعرف ماذا يجب ان تقول وقد شعر هو بارتباكها فقال بلهجة مرحبه على العموم اهلًا بك، سعدت برؤيتك كثيرا، انت لا تعرفيني أليس كذلك...؟ اجابته بتردد: كلا... انا وسيم، جارك في الطابق الرابع... اهلًا وسهلا بك، تشرفت بمعرفتك... الشرف لي...
عن إذنك يجب ان اذهب الى شقتي الان... قالتها بجديةثم تركته واتجهت الى شقتها ونظراته تتبعها وسؤال واحد يخطر على ذهنه: كيف لم ينتبه اليها من قبل...
في المساء طرقت على باب ابنها ليأتيها صوته سامحا لها بالدخول، دلفت الى داخل الغرفة مقتربه منه لتجد واقفا امام النافذة يراقب السماء، اقتربت منه واضعة كتفيها عَلى كتفيه متسائلة: ماذا تفعل هنا يا غسان...؟لماذا لم تنزل وتجلس معنا...؟ء متعب قليلا... غمغم بخفوت لتقول بلهجة صادقة: بني انا خائفة عليك، افهمني ارجوك... زفر نفسه بضيق شديد حينما اكملت هي ما قالته:.
هل تظن بان الزواج لعبة...؟ ما خطبك انت...؟ هذا زواج، يعني مستقبلك كله واقف عليه، لهذا يجب ان تختار من تناسبك، من تقف معك وتسنده، فتاة تشبهك في مركزك وقوتك وتعليقك، وليست عاملة النظافة تلك انا... قاطعته بسرعة...
اسمعني جيدا، انها فقاعة الحب المجنونة هي من تتجعلك تفكر هكذا، تتصرف بهذا الجنون، وتتخذ قرارات سريعة كهذه، لكن هذا لن يستمر طويلا، مع مررر الوقت وبارتباطها به سوف تدرك نقاط الاختلاف الواسعة بينكما، سوف تفهم بان بقائهما مع بعض صعب، فلا هي قادرة ان تواكب اُسلوب حياتك ولا انت ستتحمل اُسلوب حياتها، سوف تنفجر تلك الفقاعة وتنتهي حياتك معها بعدها، لاقل لك شيئا، تزوجها عرفي، طالما انت راغب بها الى هذه الدرجة، أطفأ رغبتك بها وشهوتك ناحيتها وبعدها طلقها...
مالذي تقولينه انت...؟ صرخ بها بعدم تصديق مما تقوله وتفكر به لتردف قائلة بجدية: : بما انك تريدها تزوجها ولكن عرفي حيث تتطلق منها متى تشاء وبهذا تطفئ رغبتك بها... قاطعها: أقول لك انني احبها وانت تقولين رغبتي بها، : صمتت ولم تتحدث اما هو فأكمل بجدية: ثانيا ازل ليست من هذا النوع، انها مختلفة للغاية، فتاة محترمة و... قاطعتها بسخرية:.
هل تتوقع بأنك ان عرضت عليها عرض كهذا سوف ترفضه، بالتأكيد لا، فهي تحلم ان يقترب منها رجل مثلك حتى لو بدون ارتباط رسمي... مستحيل، الا ازل... جرب، اعرض عليها الزواج العرفي، وانا أبصم لك بالعشرة بأنها سوف توافق وهي سعيدة انك فكرت بها... قبض على مقدمة شعره بنفاذ صبر ثم قال: أمي اتركيني لوحدي... اومأت برأسها مستفهمه ثم قالت بجديه: سوف أتركك لوحدك عسى ان تلغي هذه الأفكار من رأسك...
ثم خرجت من الغرفة تاركة اياه يفكر بعمق في كلماتها... : ، : ... في صباح اليوم التالي جلس على الكرسي المقابل لها وهو يدمدم بتساؤل: خير يا جوان، لما ا أردت مقابلتي...؟ اعتدلت في جلستها ثم اجابته بجدية: ماذاتريد مني بالضبط يا لبيد...؟ ماذا يعني ماذا تريد...؟ سألها بعدم فهم لتجيبه موضحة: علام تنوي في علاقتك معي...؟ هل سوف تستمر هكذا...؟ صمت ولم يجبها فهو لم يكن يجد الإجابة، اكملت هي بدورها قائلة:.
لبيد انا معجبة بك للغاية، وأريد ان اعرف طبيعة شعورك ناحيتي... وانا معجب بك، معجب بك للغاية... ابتسمت بسعادة بينما اكمل هو بجدية: انا كان لدي العديد من العلاقات مع مختلف الفتيات، لكن لم يحدث ان جذبتني واحدة مثلما فعلت انت، والدليل اني مستمر في علاقتي معك طوال الشهرين الماضيين وهذا لم يحدث معي من قبل... كلامك رائع لبيد وصادق ايضا، لكن وماذا بعد كل هذا...؟انت معجب بي وانا كذلك، ماذا بعد...؟
تحدثي معي بصراحة جوان، الى اين تريدين ان تصلي... اجابته بوضوح وصراحة مطلقة: نحن لن نستمر في علاقتنا هذه هكذا، اما ان نرتبط سويا او يذهب كلا منا في حال سبيله... : ... كانت تهم بالخروج من المنزل متجهة الى عملها حينما وجدت جرس الباب يرن، سارعت لفتحه لتجده أمامها، رحبت به بسرعة وأدخلته الى منزلها... اجلي يا ازل، اريد منك ان نتحدث سويا في موضوع هام...
جلست باذعان امامه وهي تستمع اليه بتركيز شديد، كان يبدو متوتر على غير العادة... شعرت بالارتباك ينتقل اليها، وجدته يبدأ حديثه قائلا: سوف قول ما لدي، بلا لف او دوران، انا اريد ان اتزوجك يا ازل... ماذا...؟ ولكن بشكل سري... ماذا يعني بشكل سري...؟ يعني زواج عرفي لا يعلم به احد... تطلعت اليه بنظرات مصدومة فاخر ما توقعته منه طلب كهذا، نهضت من مكانها وهي تقول بعدم استيعاب: كيف تطلب مني طلب كهذا...؟ ماذا تظنني...؟
نهض من مكانه وتقدم منها قائلا بلطف: اهدئي يا ازل و اسمعيني، انا اريد مساعدتك، الزواج هذا سوف يُؤْمِن مستقبلك و قاطعته بسرعة: لا اريد، انا لن أبيع شرفي مقابل اي مال سيد غسان... قالتها وهي بالكاد تكابح في السيطرة على دموعها الآي بدأت تنهمر على وجنتيها بغزارة: اون ازل أنا أسف، ارجوك لا تبكي، كنت فقط احاول اختبارك، صدقيني هذا كان قصدي... اختباري... نعم؛...
مسحت دموعها بكف يدها وقد ارتاحت لما سمعته فهي لم تكن ان تتحمل منه شيئا كهذا، اما هو فاخذ يتطلع اليها بحب وشفقة في ان واحد ولعن نفسه لانه المها وتسبب في بكائها...
صوت قهقهاته العالية احتل أرجاء المكان وأثار انتباه جميع من حوله مما جعلها ترميه بنظرات متوعده بسبب شعور الحرج الذي سيطر عليها... توقف عن ضحكاته اخيرا بعد لحظات ثم تناول رشفة من كوب الماء الذي امامه، تحدث بصوت مليء بالسخريه: ارتباط بشكل رسمي! كم انت ممتعة عزيزتي...
انتفخت اوداجها غيضا من سخريته العلنية منها، مسكت السكين الموضوع أمامها وضغطت عليها بقوة ثم تحدثت بلهجة بارده اصطنعتها بعد عدة محاولات: اولا لا يحق لك ان تسخر من كلاميي، انا قلت ما قررته بعد تفكير طويل، انا وانت لا يجب أن نبقى سويا هكذا... معك حق، لكن ماذا بوسعنا أن نفعل...؟ تسائل بعدم فهم مصطنع فأجابته وهي تكز على أسنانها من الغيظ: ان نجعل ارتباطنارسمي، بسيطه أليس كذلك... انت تمزحين بالتأكيد...
قالها بجدية هذه المره فصمتت ولم تتحدث لكن بان الضيق على ملامحها، اردف بعدها قائلا بصراحة مطلقه: انا لا أفكر في الزواج نهائيا يا جوان، هذا الموضوع بعيد عن تفكيري حاليا، لذا فالأفضل ألا تفتحيه معي مرة أخرى... وانا ايضا لا أريد إضاعة وقتي في علاقة فاشلة لا معنى لها... كانت تتحدث بنبرة غاضبة ليسألها بضيق جلي: المعنى...؟ اجابته بعد أن نهضت من مكانها: معناه انه من الآن فصاعدا علاقتنا منتهيه...
ثم خرجت بعدها من المطعم، مط شفتيه إلى الأمام الاستهزاء ثم تناول القليل من الماء وأشار بعدها إلى النادل طالبا منه وجبة ضخمة من الأطعمة البحرية ليسد بها جوعه...
تفضل سيد غسان، ماذا كنت تريد أن تقول...؟ اخذ نفسا عميقا ثم اجابها بلهجة جديه: انا لم أكذب حينما قلت بأنني أريد أن أتزوجك، انا اريد الزواج منك يا أزل وبشكل رسمي وعلني... تطلعت إليه بصدده شديده وفاه مفتوح، لا تصدق ما سمعته منه، غسان التميمي يريد الزواج بها، هي دونا عن غيرها، هل هذا حلم وستفيق منه بعد قليل...؟
لم تعرف ماذا تقول وكيف تتصرف، ظلت محتفظه بملامحها المدهوشه تلك ولم تفق من صدمتها إلا على صوته وهو يهمس باسمها.. لماذا...؟ هذا أول ما خطر على بالها أن تقوله.. لماذا تريد الزواج في...؟ صمت للحظات ثم اجابها بنبرة جاده صريحه: لاني احبك... اضطربت نبضات قلبها بشده ما أن سمعت ما قاله، شعرت بالحرارة ترتفع داخل جسدها، اخفضت رأسها نحو الأرض بخجل شديد لتشعر به يقترب منها قائلا بحب:.
احبك، احببتك منذ أول مرة رأيتك بها، لا اعلم كيف حدث هذا ولما...؟ كل ما أدركه انني احبك بشده، واريدك معي اليوم قبل الغد، ماذا قلت...؟ لم تعرف بماذا تجبه، لقد كان الخبر صادم بالنسبة لها، هي لا تنكر انه يعجبها كثيرا، لكنها لم تتخيل يوما أن يجمعهما موقف كهذا، ويطلب منها شيئا كهذا... لا اعلم... اجابته بخفوت وضياع و حيره، وجدته يرفع ذقنها باناملهه قائلا بصوت اجش وعينيه مركزه على عينيها:.