logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 3 من 14 < 1 2 3 4 5 6 7 8 14 > الأخيرة




look/images/icons/i1.gif رواية قلوب مقيدة بالعشق ترنيمة غرام
  20-01-2022 11:14 مساءً   [10]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الحادي عشر

تحركت بتوتر في ارجاء غرفتها، لم يهدأ ذهنها عن التفكير، وخاصة بعدما أمرها عمار بالصعود لشقتها، لم يغيب عنها نظرات والدها لها، ولم تستطيع تفسير الكم الهائل من المشاعر التي انبعثت من عنياه، قضمت شفتيها من فرط قلقها، تقدمت من نافذتها ثم فتحتها ببطء ونظرت للاسفل وجدتهم مازالو يتحدثوا، تمنت في هذه اللحظة ان تستمع الى حديثهم..تمسكت بحافة الشرفة بقوة وكانها تضغط بقوة على قلبها وذلك العقل الذي حتما سيقتلها يوما من كثرة التفكير...

اما بالاسفل فكان يظهر للمارة من امامهم، شخصان يتحدثون بهدوء، اما في الحقيقة فكانت تنبعث النيران من عينيهم وطريقه حديثهم اللاذع لبعضهم حتى كادت تصل الى تلك المسكينة التي تقف فوقهم في شرفتها، وهي تراقبهم بخوف شديد...
عمار: زي ما سمعت وبكررها مالكش دعوة بمراتي.
ضغط على حروف كلمته الأخيرة بقوة متلذذًا بنطقها امام خصمه، اما علي فعقد ذراعيه امامه ببرود قائًلا: هو انت فاكر ان ممكن اخاف من شوية الملاليم اللي كونتها في سفريتك في الامارات دي..

التوى فم عمار بسخرية قائلًا: وانت كمان فاكر ان ممكن اخاف من انك حتة امين شرطة..
رفع والد خديجة " علي " احد حاجبيه قائلًا: طب ما انت خفت زمان يا عمار، وهربت وسبتها فاكر ولا لأ.
اشار عمار بيده نافيًا ثم قال باستفزاز: لا تعال كده نتفكر ونرجع للماضي شوية، ولا يمكن الماضي انت غيرته زي ما بتغير حقايق كتير باوهامك...

( فلاش باك )..
صعد الدرج بسرعة كبيرة وهو يلهث بقوة، متمنيًا بداخله ان يراها ويمعن نظره وقلبه برؤيتها... دق الجرس بعنف كبير كعنفوان قلبه الثائر.. وبعد دقائق فتحت له ليلى الصغيرة..
ليلى بطفولة: ابيه عمار!..
دلف الى الشقة سريعًا وهو يتخطى ليلى مناديًا بصوت مرتفع: خديجة
هتفت ليلى من خلفه: بتجيب فستان الفرح!.

رغم بساطة حديثها العفوي الا انه هزه بقوة، وجعلت من عنفوان قلبه ثورة كبيرة تندلع منها ألسنة اللهيب التي لو كان زوج خالته امامه لاحرقته كاملًا..
جلس مكانه ينتظرها، فلاخر لحظة يعطي نفسه املًا في تغير قراره اللعين، وها هو اتى من سفره وامياله البعيدة املًا بان يتزوج بمن دق قلبه لها لاول مرة في حياته..

مرت ساعة ثم اثنين حتى وجد باب الشقة يفتح، فانتفض من جلسته ينتظر دخولها، رأها تدلف منكسرة ومنكسة الوجه ارضًا، فهمس باسمها بلوعة وعشق: خديجة.
رفعت وجهها الحزين بعدما سمعت همسه باسمها، رأته امامها، فهتفت غير مصدقة: عمار انت جيت ؟
تقدم نحوها وهو يهز رأسه بقوة: اه جيت، جيتلك يا خديجة .
هتفت منى والده خديجة: ايه اللي جابك يا عمار..
حول بصره نحو خالته ليقول: ده الي ربنا قدرك عليه يا خالتي !.

قالت منى بقلة حيلة ورجاء: ارجوك امشي يا عمار، بلاش مشاكل مع علي .
جذب يد خديجة قائلًا بتحدِ وقوة: لا، يا يوافق بجوازي منها زي ماحنا مخطوبين، ياما هاخدها واتجوزها غصب عنه!.
همست خديجة بضعف: امشي يا عمار علشان مستقبلك..
قاطعها عمار بقوة: انا اتخليت عن شغلي ومستقبلي علشان خاطرك يا خديجة، تعالي معايا انا خسرت كل حاجة عشانك انتي..
همست بحزن وخوف: بابا مش هايسبك في حالك.
ابتسم بسخرية ليقول مستنكرًا: ليه ان شاء الله بيشتغل وزير، ده حيالله امين شرطة !.

وقبل ان تتحدث، سبقها والدها بصوته الغليظ: امين شرطة اه بس نابه ازرق يا عمار وده اخر تحذير ليك!.
وقف امامه عمار ورمقه بتحدِ قائلًا بصوت مرتفع: انا مش هاخاف منك مبقاش عندي حاجة اخسرها!..
جذب علي سلاحه الناري قائلًا بتهديد لاذع: والله لو منزلتش حالًا وبعدت عن بيتي وعن بنتي، لافرغه فيك ومش هاخد فيك يوم سجن!.
ارتعشت يديها وهي تضعها لاول مرة على صدره تمنعه عن حديثه وهي تقول: لو سمحت امشي يا عمار، خلاص انا موافقة، روح لشغلك ومستقبلك..
حول بصره نحوها بصدمة قائلًا بتوبيخ: بطلي ضعفك ده وقولي لا باعلى صوتك، وانا معاكي، عيشتي حياتك في قرف، انتي تستاهلي تعيشي حياة احسن وانضف، انتي انضف من انك تكوني بنت راجل زي ده!.

زمجر والدها وخرج من فمه سُباب لاذع وتوبيخ لما قاله ذلك الوقح من وجهة نظره ولم يعرف انه الوقاحة بحد ذاتها...فسارعت وهي تقول: لو سمحت اطلع بره وارجع سافر، وان شاء الله ربنا يعوضك باللي احسن مني.
قالت كلماتها الأخيرة ودلفت لغرفتها تدفن وجهها في اقرب وسادة، وهي تجهش بالبكاء وصدرها يعلو ويهبط بقوة، منعت صوتها من الصراخ لكن سمحت لذلك القلب الضعيف بالصراخ، فخرجت رغما عنها عدة آهات حزينة وهي تقول ببكاء ينفطر له نياط القلوب: ليه يارب، ليه حظي كده، ليييه، حكمتك يارب، حكمتك..
( باااك ).

عاد من ذكرياته وهو يقول: افتكرت، هي اللي بعدتني عنها، بعد ما حاولت مرة واتنين، انا مخفتش منك، ولا عمري هاخاف منك، واه خاف من فلوسي لانها هاتأذيك وفي شغلك، واعتبره تهديد ميهمنيش!.
اسودت ملامح وجه علي من شدة غضبه فقال وهو يقترب منه: مش هاسيبك تاخد بنتي مني، هاطلقها منك يا عمار.

صدرت من عمار ضحكة ساخرة قائلًا: والله انت بقيت مجنون، الماضي أثر عليك جامد، انت متخيل انك بتكلمني عن بنتك اللي من لحمك وصلبك، اللي عاوز ترميها لواحد متجوز غيرها ومخلف كمان وده كله علشان تنتقم من امها، فوق بقى من الوهم اللي انت عايش فيه، اقولك روح لدكتور نفسي وانا هادفعلك حساب الكشف متقلقش..

اغلق علي عيناه محاولًا السيطرة على انفاسه الغاضبة فقال: ماشي يا عمار، انا وانت والزمن طويل، وهاطلقها يعني هاطلقها، من غير سلام..
تركه وغادر متوعدًا لابنته وقبلها ذلك الفظ عمار، اما عمار فكان شعوره مختلف شعور بالانتصار حقا جميل، انتبه لتلك الراحة التي احتلت صدره عندما استطاع اخيرًا تحقيق ولو جزء بسيط من خطته، لمس صدره وهو يقول: ولسسه، ده كله ولسه مكملتش...
رفع بصره لاعلى وجدها تقف تنظر اليه، رسم قناع الجمود فوق وجهه، ثم دلف الى البناية مقررًا اكمال ما بدأ فيه..

اما بشقة مالك...
وقفت امام المرآة للمرة العشرون تقريبا تنظر لتلك المنامة وتدقق النظر بها، زفرت بقوة قائلة: خلاص يا ندى، دي حلوة ومحترمة وبكم ومؤدبة، وبعدين ده جوزك متتكسفيش...
فتح الباب فجأة فصرخت بقوة قبل ان تكمل حوارها مع نفسها بالمرآة، انتفضت برعب عندما وجدته يهتف باسمها:
_ ندى.
وضعت يديها على قلبها وحاولت اخراج الكلمات من ثغرها: ايه، انا... يعني.

همس مالك بكلمات صادقة تعبر عن ذلك الشعاع الذر أنار قلبه فجأة عندما رأها بشعرها الجميل وخصلاته البنية المتمردة بعنفوان على وجهها وجسدها: انتي قمر..
عضت على شفتيها السفلى خجلًا منه، وحاولت لملمة شعرها جنبًا وفي الحقيقة كانت تلك الحركة غير مقصودة وكانت تلقائية، فاقترب هو منها بسرعة مختصرًا تلك المسافة بينهم ومد يديه وفرد خصلات شعرها على وجهها مرة اخرى فعادت كما كانت، اما هي فتشنج وجهها ولم تعد تعرف تضحك ام تبكي من توترها وخجلها منه، شعر بها فقال بنبرة حانية هادئة: تيجي نطلع بره نتكلم شوية ..

هزت رأسها بموافقة، فذهبت خلفه وابتسامة على وجهها، جلست بجانبه عندما أشار اليها على المكان، فقال مستغربًا: هو انتى مبتسمة ليه كده..
ندى بخجل: اصلك اول مرة تقولي نتكلم، انت على طول ساكت يا مالك.
ابتسم قائلًا: لدرجاتي انا رخم معاكي.
هزت رأسها بنفي لتقول: لا مش رخم، بس غامض شوية.

مالك: طيب ايه رايك لو قولتلك ان انا حاسس بيكي وعارف اننا اتجوزنا على طول خبط لزق كده من غير ما نتعرف على بعض كويس، فانا بقول يعني ناخد فترة نتعرف على بعض حلو وانتي تاخدي عليا فيها.
شعرت بالراحة عندما اخبرها بذلك، ابتسمت بسعادة قائلة: يبقى كتر خيرك والله.
ضحك بخفة هاتفًا: بتحبي الضحك انتي يا ندى ملاحظ كده.

هزت رأسها بقوة ثم قالت: جدًا انا شخصية فرفوشة من جوايا، بكره النكد، ها بكره النكد، ها..
أشار على نفسه متعجبًا: ده على أساس ان انا نكدي.
تجاهلت حديثه عن قصد وهي تنظر لسقف الغرفه بتمثيل، فتحدث مالك مستنكرًا: والله!، ماشي انا ممكن اوريك ان انا كمان فرفوش..
مد أصابعه يدغدغ قوامها في مرح، فاتسعت عيناها بصدمة لفعلته ونهضت بسرعة وهي تقول: ايه ده في ايه..
زدات ابتسامته قائلًا بوقاحة: بهزر معاكي، تعالي اوريكي انا نكدي ولا لأ.

ابتعدت عنه بسرعة، تحاول كتم ضحكتها فقالت بجدية زائفة: بس يا مالك عيب.
لا شك انها اعجبته اللعبة، ذلك الشد والجذب بينهم سيختصر عليه مسافات كثيرة في التعرف على تلك الجميلة، ومن أول ليلة اجتمع فيها معها، نسى وعده لرأفت وتلك الخطط التي وضعها قبل زواجه منها ليقع الطلاق في أسرع وقت، نسى كل ذلك في لمح البصر، وتبقى بداخله فقط ان يستمتع معاها بتلك اللحظة العابرة بينهم...

دلفت لغرفتهم واغلقت الباب خلفها هربًا منه هامسة: ده طلع مجنون .
اندفعت للامام واصدمت بحافة السرير بسبب اندفاع الباب فقالت بألم بسيط: اي، حاسب..
اقترب منها بسرعة يتحسس وجهها قائلًا بخوف: ايه اتعورتي .
رفعت وجهها، فقابلت عيناه ذو اللون العسل الصافي، وكانها شعاع شمس فأحرقت مشاعرها الغافية، جعلتها تثور كالبركان فترتفع درجة حرارتها، وتتورد وجنتيها، لاحظ مالك ذلك اللون الوردي الذي احتل وجنتيها، فتحسسهما برقة هامسًا: مالك ؟

لم تجد كلمات مناسبة لرد عليه، او بمعنى أصح لم يقدر ثغرها على التفوه بما تشعر به، فسكتت ولم تستطيع ان تبعد عيناها عن خاصته، اما هو فغرق هائمًا في تفاصيل وجهها المحبب لقلبه، وجذبته ارتعاشة شفتيها، اقترب بوجهه منها وبالاخص من شفتيها مقررًا بداخله ان يتذوقهما ولو لمرة واحدة، ولكن كان للقدر رأي أخر حينما رن هاتفهه، فانتفضت ندى بعيدًا عنه قائلة: التليفون بتاعك فين، فين..

التفت حولها تبحث عنه بتوتر، فقال وهو يشير على الجهة الاخرى: اهو هناك..
فتحت الباب قائلة بتوتر: ماشي رد على اللي بيتصل، تشرب شاي معايا..
قطب ما بين حاجبيه متعجبًا من توترها،وسأل نفسه ماذا سيحدث ان قبلها فكانت اجابته بسيطة حتما ستنهار وتنهار معاها انت ايضًا، تنهد ليقول ويهز رأسه نافيًا: مبحبوش.

ابتسمت قائلة ببراءة: ولا انا، هاعمل عصير..
خرجت من الغرفة، ابتسم على توترها وبرائتها في الهروب منه، تنهد براحة ثم قرر ان يجيب على المتصل وما كان الا والدته..اتجه للباب يغلقه جيدًا ثم اجاب..
_ ايوه يا أمي.
ماجي بضيق: ازاي تمشي من غير ما اودعك، انت عمرك ما عملتها..
مالك: أسف بس كنت مستعجل، وبعدين انتي اتخرتي في مشوارك، الا انتي كنتي فين؟!.

ماجى بتوتر: كنت في شوية مشواير مش واحد وبس، المهم هاترجع امتى.
مالك: يعني معرفش لسه، خلى بالك من نفسك يا ماما، ومن يارا وليله وعمرو كمان ولا هو مش فاضي الا للست مريم .
ماجى بضيق: والله يابني شكله ما يجيبها لبر، والله لو ابوها عرف ليكون وقعتهم سودة ومهببة هما الاتنين، يعني دي اخرة انه يأمنه عليها وكأنه اخوها، يقوم اخوك يحبها، اخرة الكذب وحشة وانا مبحبوش.

وكأنها كانت توجه حديثها الاخير له وتذكره بما يفعله وسيفعله، فشعر بالغضب من نفسه ليقول بجمود: هو حر، عن اذنك بقى يا ماما .
ماجى بحنو: سلام يا حبيبي، وخلي بالك من نفسك .
مالك بتنهيده: سلام يا امي.
اغلق الهاتف مع والدته ثم القاه على الفراش والقى جسده بجانبه هامسًا بضيق: ربنا هايسترها، ان شاء الله.

في شقه خديجة...
وقفت تتحدث بعصبية: انا قولتلك يا عمار اقوله انا، انت اكيد عصبته علشان عاوز تنتقم منه .
التوى فمه ساخرًا: والله انا شايف انك شاطرة في العصبية دي عليا انا بس.
زفرت بحنق قائلة: يوووه يا عمار ده ابويا، ابويا..
وقف امامها وتحدث بنبرة قوية وغليظة: وانا جوزك فاهمة احترميني، جوزك.
ارتدت للخلف بخوف من نبرته وملامح وجهه الغاضبة، هاجمت الدموع عيناها فقالت بنبرة اشبه للبكاء: طيب انا هادخل انام.

فجلس هو مرة ثانية مكانه قائلًا بحدة: وانا مضطر اقعد يا خديجة وابات هنا، وقبل ما تتكلمي وتعارضي، انا اصلا مش حابب لحظة اكون فيها في الشقة دي، واتخيل حاجات انا مش عاوز اوصلها علشان مقمش واقتلك واقتل نفسي بعدها، انا هنا علشان ابوكي اللي لسه تحت وممشيش ومستني لحظة ان انا امشي ويطلع يجيبك من شعرك.

بلعت اعتراضها، فقالت وهي تزيل دموعها بيديها: كنت هاقولك في اوضة ايلين لو عاوز تنام فيها..
هتف باقتضاب: شكرًا، انا مش هاتحرك من مكاني، تصبحي على خير.
هتفت بحزن: وانت من اه‍له..
دلفت للغرفتها واغلقت الباب خلفها ثم تقدمت صوب النافذة تزيح الستائر بهدوء جانبًا وجدت والدها يقف بعيدًا ينظر للبناية، نظرت للباب مرة اخرى وهمست بصدق وكأنه امامها وتوجه له حديثها: شكرًا انك بقيت في حياتي...

رقدت بجانب ايلين وحاولت النوم، ولكن شعور ما يجذبها للتفكير بعمار وخاصة بوجده معها في مكانًا واحد وبالاخص بعدما أصبحت زوجته، اغلقت عيناها وصدرت عنها آه خافتة، كم تتمنى ان تمسح ما حدث في الماضي بممحاة، كم كانت تتمنى ان تسير حياتها بهدوء دون كره وحقد، كم كانت تتمنى ان تصبح زوجته ويتوج عشقهم بحياة سعيدة يسودها الحب، آه على تلك الامنيات التي تهاجم عقلها كل ليلة بلا رحمة وتدور بها في دوامة لا تنتهى ابدًا..لم تشعر بالوقت حولها وهي شاردة في بحر من الامنيات الا على أذان الفجر، نهضت ببطء وتسللت على اطراف اصابعها ثم وضعت اذنها عند الباب تحاول ان تسترق السمع لاي شئ يدل على استيقاظه، عضت على شفتيها بتوتر عندما فشلت في السمع، قررت ان تخرج وتعلل استيقاظها بحاجتها للماء، خرجت بالفعل لم تجده قطبت جبينها، ثم جابت بعيناها تبحث عنه في ارجاء الشقة، لمحت إضاءة المطبخ اقتربت منه فوجدته يتجرع الماء وظهره لها، همست باسمه ولم تعرف لما همست بتلك الطريقة فخرجت منها ناعمة دافئة وكانها تشتاق لاسمه: عمار..

التفت اليها قائلًا: نعم..
خجلت عندما رأته قد حل أزرار قميصه فظهرت عضلات جسده، تحدث بمكر عندما وجدها تتأمله: في حاجة ياخديجة .
قالت بتلعثم: كنت عاوزه أشرب..
واشارت للكوب الذي بيده، فتقدم منها وتلك الابتسامة الماكرة تحتل ثغره، مد الكوب اليها فالتقطته هي وتجرعته مرة واحدة لعله يهدأ من توترها، اقترب برأسه منها وهمس باذنها: ايه احساسك لما شربتي مكاني .
همست ببلاهه: هاا!.

مد اصابعه وداعب وجنيتها قائلًا: متوترة ليه، ده انا حتى بقيت جوزك.
خديجة بتلعثم: عمار، انا، انا..
امعن النظر بعيناها قائلًا: انتي ايه قوليها..قولي بحبك.
كادت ان تنطقها كالمغيبة خلفه، لولا يده التي وضعها على فمها وتلك النبرة القاسية التي ظهرت فجأة بصوته وهو يقول: متنطقيهاش لانها مبقتش تهمني وانا مش هاصدقها زي زمان.
القى بحديثه الجامد والحاد بوجهها ثم غادر المطبخ بل انتفضت عندما سمعت اغلاقه لباب الشقة بقوة خلفه، اطلقت العنان اخيرًا لعيناها ولصوتها ودخلت في نوبة بكاء حادة تشنج جسدها بسببها لفترة ليست بهينة ...

اما عند يارا...
فكانت تجلس على احد كراسي في الشرفه وتتصفح جوالها وبالتحديد صورها مع فارس بهدوء وابتسامة جميلة ترتسم على ثغرها، مدت أناملها تحركها ببطء على ملامح وجهه وعبراتها تسقط على شاشة جوالها، شهقة قوية صدرت عنها القت بسببها الهاتف جانبًا عندما مرت صورة له هو وياسمينا ومالك.. حركت رأسها برفض بقوة وكأنها تمنع نفسها من العوده للماضى واستعادة ذكريات حاولت جاهدة نسيانها ولكن ليس على العقل سلطان، فغرقت بسرعة في بحر من الذكريات الأليمة..

( فلاش باك ).
دلفت الى محل الصاغة مع والدتها، مستمعة الى حديث والدتها بدون روح، وتلك هي حالتها عندما علمت بزواجه من ياسمينا صديقته..
ماجي بنفاذ صبر: بصي بقى احنا ننقي سلسلة لليله و خلاص، انا تعبت من اللف... انتي يابنتي بكلمك، يارا.
لم تكن تستمع لاي شئ قط، بل حواسها كانت تنصب عليه، عندما وجدت فارس بجانب ياسمينا ويختارون معًا خواتم الزواج، آه على ذلك الاحساس المرير الذي داهم قلبها وأحدث شرخًا أخر..

ماجى بضيق: ايه ده،ده فارس وياسمينا، تعالي نسلم عليهم..
جذبتها والدتها بقوة رغما عنها، ارادت الهروب بعيدًا وان تنزوي بركن بعيدًا عن الاناس لتطلق العنان لعيناها، فتبكي فقط، فقط لا غير، ولكن لوالدتها رأي أخر.
ماجى: الف مبروك يا ولاد.
وقفت تلك الشابة الجميلة ذات الشعر الكستنائي الطويل قائلة بسعادة: الله يبارك فيكي يا ماما ماجي، كلمت حضرتك كتير علشان تيجي تساعديني وانا بنقي الشبكة بس انتي مردتيش.

ماجى بأسف: بجد، والله يابنتي مشوفتش، معلش تتعوض في فستان الفرح.
وضعت ياسمينا يديها بيد فارس قائلة بغنج: مش هاتقوليلي مبروك يا يارا..
لم تتفوه بأي حديث بل كانت تتعاتب مع ذلك الحبيب بلغة العيون، تلك اللغة فقط وحدها كفيلة للبوح بما بجوفهم، أستقبلت تلك النظرات منه التي تنم عن أسفه وحزنه وخجله منها، وأرسلت هي له نظرات الخذلان والحزن .. استفاقت على هزات والدتها وعلى حديث ياسمينا فهتفت بنبرة ضعيفة: الف مبروك..

القت بحديثها بسرعة ثم غادرت المحل وهي تضع يديها على عيناها تمنع رؤية المارة لبكائها وضعفها، جذبتها يد والدتها: اقفي يا يارا، اقفي يا حبيبتي.
التفت لوالدتها ثم عانقتها وانهارت بالبكاء: شفتي يا ماما، الوقح بيعمل ايه؟!.
رمقتها والدتها بعتاب: لا يا حبيبتي عيب، ده مهما كان ابني بردوا...

ابتعدت عنها ثم حدجت النظر بوالدتها بغضب، فأسرعت ماجي بالحديث: اه صاحب اخوكي الوحيد، وعنيا شافته وهو بيكبر مع اخوكي، معزته في قلبي زي غلاوة مالك، اي نعم فرحت لما عرفت انه عاوز يخطبك، وكنت طايرة من الفرح علشان خلاص كنت هاطمن عليكي، و وزعلت واتكسرت لما عرفت انه رجع في كلامه وهايتجوز ياسمينا، بس مهما يعمل هو زي ابني، اللي عاوزه اقولهولك، فارس مش هايبعد عننا وهايفضل معانا وجنبنا، انتي في ايدك تتخطي المرحله دي قوي قلبك ده علشان تتعودي على وجوده في حياتنا يابنتي.
( باااك )

استفاقت من ذكرياتها على يد ماجى: يارا حبيبتي بتعيطي ليه.
نهضت فجأة وهي تقول: مفيش، مخنوقة شوية، هادخل اوضتي.
تركت والدتها ودلفت غرفتها كعادتها منذ تلك الواقعة، استمعت والدتها لبكائها وانفطر قلبها على ابنتها، فبرغم تلك الاعوام لم تستطيع النسيان ولا التخلي عن بكائها كل ليلة، وكأن بكاء الأحبة ليس له نهاية ...

صباحًا بشقة مالك...
اعتدل في نومته، بعدما شعر بالالام قوية تغزو جسده بسبب ذلك الوضع الذي اتخذه بنومته، تذكر ليلة أمس، وابتسم حينما رأها تدخل عليه باكواب العصير وتلك الابتسامة الرائعة لم تفارق وجهها، نظر للتلفاز وتذكر قرارها لمشاهدة فيلم معًا، وكان من سوء حظه اختيارها لفيلم حزين، فقضت الليلة كلها تبكي على مشاهد فراق البطلة للبطل، وكان كل مهمته بالامس اعطائها المناديل الورقية واحدًا تلو الاخر، وتفوه بجملة واحدة فقط: معلش يا ندى، ده فيلم يعني .

لم يعرف متى غفى بجانبها، او متى هي غفت أساسًا، زفر بقوة عندما وجد الالام قوية تداهم رقبته، حاول تحركيها بهدوء ففشل، صدر عنه آه، ادت الى استيقاظها وهذه عادة اساسية بها سريعة الاستيقاظ وسريعة النعاس..
ندى بنعاس: في ايه مالك؟!.
مالك بألم: مفيش، اظاهر نمت نومة غلط رقبتي واجعني ..
اعتدلت بنومتها وحاولت تذكر اسم الكريم التي دوما تستخدمته لتلك الالام، نهضت من جلستها وهي تقول: ثواني بس اجيبلك كريم بستخدمه هايريحك، انا فاكرة ان جبته معايا..

بحثت في حقائبها حتى وجدته، فهتفت بفرحة: لقيته اهو.
تقدمت منه وهي تضع جزء بسيط على يديها، فقال هو سريعًا: ثواني بس يا ندى انا بقرف من الحاجات دي.
ابتسمت بهدوء قائلة: انا هاحطهولك.
مالك باستنكار: ده على اساس ان كده مش هاقرف يعني.
ندى: هشش، غمض عينيك، وانا هاحطهولك، هو هايحرقك شوية، بس انت عادي ظابط وهاتتحمل .
ابتسم وهو مغلق عيناه امتثالًا لاوامرها: طريقتك في الاقناع بتهبرني..

ضحكت بخفة ووضعت الكريم على عنقه وبدأت تدليكه باصابعها بلطف، لم يعرف سر تلك الرجفة التي تملكت من جسده بسبب الكريم او من اصابعها الرقيقة التي تحركت بحرية على جلده، فكان ملمسهم رائع للغاية، شعور جميل تمنى الغوص اكثر بداخله، مرت دقائق وابتسامة بلهاء ترتسم على ثغره فقالت هي: بس خلاص خلصت، هاغسل ايدي واجيلك.

وقبل ان تتحرك امسك يديها قائلًا: ليه يا ندى، ليه خلصتي .
ضحكت بقوة: في ايه يا مالك؟!..
مالك: لسه وجعاني، كملي ياالا اللي بتعمليه.
ندى بتعجب: ماهو الالم مبيروحش من مرة واحدة، انا عملتلك مرة هاعملك مرة كمان بليل.
مالك بحنق: وانا هافضل متعذب كده لغاية بليل، لا هانزل لفارس يطقطقها.
اتسعت عيناها بفزع: ايه، يعمل ايه..
مالك مبتسمًا: خايفة عليا..

هتفت سريعًا وبصدق: طبعا، ممكن يجرالك حاجة.
جذب يديها وقبل أصابعها برقة قائلًا: سلمت أناملك، بس هانزل لفارس بردوا يطقطقها...
التقط هاتفهه وتوجه للجهة الاخرى يجري اتصالًا بفارس، وتابع بعيناه صورتها المنعكسة بالمرآة وهي تنظر لاصابعها بخجل، دلفت للمرحاض، فقال: احسن حاجة انزل لفارس احسن ما استحمل موضوع الكريم ده واحبه في الاخر.
انتظر ثواني حتى اتاه صوت فارس: خير يا عريس..

مالك ياقتضاب: انا نازلك، متروحش في حته..
ابدل ثيابه بسرعة مع صدوره آهات بين الفينة والاخرى منه بسبب وجع رقبته، غادر شقته فقابل شخصًا امامه يخرج من المصعد...
مالك: جاي لحد هنا؟!.
هز علي رأسه قائلًا وهو يشير على شقة ابنته: اه جاي لخديجة بنتي.
افسح مالك له المجال قائلًا: اتفضل...

ثم دلف للمصعد قاصدًا شقة صديقه بالاسفل.. وعندما وصل وجد باب شقة فارس مفتوحًا دلف وهو يقول: فارس تعال بسرعة طقطق رقبتي هاموت من الالم...
ظهر فارس امامه مازحًا: ليه مالها، طمني عليها.
عقد مالك جبينه قائلًا بتحذير: وله لم نفسك، انا مش ناقصك، أصل والله ...
قطب فارس ما بين حاجبيه قائلًا: بس اسمع كده في صوت صريخ فوق..
انقبض قلب مالك وهو يقول: صريخ!..
صمت لبرهة ووظهر الصراخ بوضوح، فانتفض ناحية الباب هامسًا برعب: ندى.
ذهب فارس خلف مالك يصعد الدرج بسرعة رهيبة قائلًا: استنى يا مالك.

دلفت للبناية ثم رفعت نظارتها الشمسية وتحدثت للحارس: استاذ فارس موجود فوق.
هتف الحارس: اه يا هانم، مين حضرتك؟!.
ماجى: انا والدة صديقه، باين عليك جديد.
الحارس: اه متعين من تلات شهور،نورتي ياهانم، هاطلب لحضرتك الاسانسير...
دلفت للاسانسير وشكرته، وصلت الطابق الذي يسكن به فارس لاحظت باب شقته مفتوحًا على مصرعيه، دلفت ببطء وهي تناديه: فارس، فارس، سايب باب شقتك مفتوح ليه كده.
جعدت جبينها وهي تبحث بعيناها عليه في ارجاء الشقة: فارس...



look/images/icons/i1.gif رواية قلوب مقيدة بالعشق ترنيمة غرام
  20-01-2022 11:15 مساءً   [11]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الثاني عشر

دلفت للبناية ثم رفعت نظارتها الشمسية وتحدثت للحارس: استاذ فارس موجود فوق؟
هتف الحارس: اه يا هانم، مين حضرتك؟!.
ماجى: انا والدة صديقه، باين عليك جديد.
الحارس: اه متعين من تلات شهور،نورتي ياهانم، هاطلب لحضرتك الاسانسير...
دلفت للاسانسير وشكرته، وصلت الطابق الذي يسكن به فارس لاحظت باب شقته مفتوحًا على مصرعيه، دلفت ببطء وهي تناديه: فارس، فارس، سايب باب شقتك مفتوح ليه كده.

جعدت جبينها وهي تبحث بعيناها عليه في ارجاء الشقة: فارس، باين عليه مش موجود.
جلست فوق اقرب مقعد بجوار باب الشقة، وقررت انتظاره نظرت لارجاء الشقة بتعجب وخاصة باب شقته المفتوح بهذه الطريقة هامسة: في حد يسيب باب شقته مفتوح كده ويمشي!، خليني قاعدة لغاية ما يجي.

بينما في الاعلى استطاع مالك أخيراً فك حصار خديجة من يد والدها الغليظة وهو يقول: ابعد يا راجل انت.
تنفس والدها بغضب قائلاً: بقولك سيبني اخد بنتي وامشي.
تلقاتها ندى باحضانها ف شعرت برجفتها القوية، ربتت على ظهرها بحنان قائلة: متخفيش.
هتف فارس موجهاً حديثه ل علي: بنتك بتصوت وبترتعش ومش عاوزه تيجي معاك، ايه هي بالعافية .
هز علي رأسه بجنون قائلاً: اه بالعافية لما تكون ماشية على حل شعرها يبقى اخدها بالغصب.

زفر مالك بعنف ليقول: اما انت راجل مش محترم بصحيح، اللي بتتكلم عليها دي تبقى بنتك.
وجهه فارس حديثه لخديجة مستفسراً: فين جوزك يا مدام خديجة؟!.
همت بالتحدث ولكن سبقها والدها مصفقاً بيده قائلاً بسخرية: هايكون فين، اكيد اخد غرضه ورماكي يا كلبة .
شهقة قوية صدرت من ندى بعد حديث والد خديجة الوقح، تحول وجهه مالك للون الاحمر من حديث ذلك الرجل، فانقض عليه يمسكه من تلابيب قميصه الازرق قائلاً بغضب: واقسم بالله لو مسكتش لاقتلك وانت واقف، في حد بيتكلم عن بنته كده يا راجل انت، والله اسجنك ودلوقتي.

_ اه يا باشا فيه، حضرته عادي يتهم بنته باوهام لمجرد انها اتجوزت ابن خالتها وتحامت فيه من ظلم ابوها.
وما كان هذا الا صوت عمار الذي كان يقف بشموخ على اعتاب الشقة يرمق بقوة والد خديجة، حاول علي الانقضاض عليه ولكن يد مالك وجسده منعوه من ان يتخطى خطوة واحدة ..
عمار باستهجان: ايه عاوز تضربني ولا تقتلني اتفضل مش هامنعك.
همست خديجة بضعف: عمار لو سمحت.

نهرها عمار بصوته الحاد: عمار ايه وزفت ايه، انا سبتك بس علشان اشتري طلبات، ارجع الاقيه عاوز ياخدك ويتهمك بكلام قذر، انتي اللي مانعني عنه على فكرة.
رفع علي يديه قائلاً بشر: لا وعلى ايه يا عمار، انت جاي تمثل دور البرئ عليها، بس انا بقى هالعب نفس لعبتك وبقولك ياخديجة انتي حرة في قرارك وفي اللي هايعملوه هو فيكي.

اتجه صوب باب الشقة وقبل ان يغادر رمق خديجة وعمار بشر متوعداً لهم ب اشد انواع العذاب..
وفور مغادرته ارتمت بجسدها فوق الاريكة تبكي بانيهار، مسدت ندى على يد خديجة قائلة بنبرة حزينة: معلش، اهدي انتي بس.
انتبهت على يد مالك وهي تحاوطها هامساً لها: يالا جوزها موجود مبقاش له لزمة نقعد هنا.

هزت ندى رأسها بايجاب ثم انحنت بجذعها العلوي وهمست باذنها قبل ان تطبع قبلة اعلى رأسها: هابقى اطمن عليكي بعدين.
اعتدلت في وقفتها ثم غادرت الشقة مع زوجها وفارس، شكرهم عمار وعبر عن امتنانه لما فعلوه مع زوجته وفور اغلاقه للباب، التفت فارس لمالك قائلاً بتعجب: عمري ما شوفت في حياتي أب كده، يا ساتر، دي كانت بترتعش منه من الخوف .
هتف مالك بضيق: والله ثانية كمان وكنت هاخده القسم، ده راجل...

قطع حديثه فارس وهو يشير بعيناه على ندى، فالتفت مالك لها وجدها تمسح بعض القطرات المتعلقة بجفنيها وظهر تورد انفها فقطب جبينه بقلق: مالك ياندى؟!
همست بنبرة حزينة يتخللها شهقات من البكاء: مفيش...
واندفعت صوب باب شقتها تدلف سريعاً وتختبئ باحدى الغرف تبكي بانهيار..
رمقه مالك باستفهام قائلاً: هو انا عملت حاجة يا فارس؟!.
هز رأسه نافياً وهو يقول بتفكير: علمياً انت معملتش اي حاجة، عملياً فانت وقعتك سودة ومهببة علشان الستات دول نكديين.
ضربه مالك بقوة في ذراعه قائلاً: ده وقته هزارك يا بارد.

ضغط فارس على زر المصعد قائلًا بلامبالاة:ياعم سيبك، يالا ننزل واطقطقلك رقبتك.
راقب لوحة الشاشة الإلكترونية التي يظهر عليها ارقام الطوابق باهتمام، انتظر رد مالك ولكن لا فائدة فالتفت قائلاً بتعجب: مالك مسهم على شقتك كده ليه!.
مالك وهو يدلف لشقته: انزل انت، هاشوف ندى الاول وبعدين انزلك.
اغلق الباب في وجهه تزامناً مع وصول المصعد، فاستقله فارس وهو يقول بسخرية مقلدًا صديقه: هاشوف ندى الاول، ابقى خليها تتطقطقلك هي رقبتك، عيل بارد قفل في وشي الباب.

وصل الى شقته ودلف وهو يلعن والد خديجة وخديجة ومالك ايضاً افسدوا عليه اهم طقس من طقوسه الصباحي الا وهو كوب القهوة الساخن..
_ انت كنت فين يا فارس؟!.
انتفض للخلف برعب قائلاً: اوبااا، طنط ماجي !؟.
ماجى بتعجب: اه طنط ماجى اللي جت ولقت باب شقتك مفتوح وحضرتك مش موجود.
أشار الى الاعلى قائلاً بتوتر: اصل يعني، كنت فوق علشان جارتي كان عندها مشكلة فطلعت جري على الصريخ.
ماجي بقلق: وهي كويسة يابني؟!

هز رأسه ليقول بنفس التوتر بصوته: اه الحمد لله، خير يا طنط حضرتك جاية ليه؟!.
عقدت حاجبيها قائلة باستنكار: جايه ليه !، دي مقابلتك ليا.
نهض فارس قائلاً بأسف: معلش بقى اصل اتخضيت لما لقيتك موجودة، ثواني نعمل فنجانين قهوة ونيجي نتكلم.
جلست باريحية ثم قالت: ماشي متتأخرش.
دلف الى مطبخه ثم اخرج هاتفهه بتوتر قائلاً برجاء: يارب متنزلش يا مالك، يارب الحق اتصل بيك!..

بشقة مالك
جلس بجانبها فوق حافة الفراش، قائلا بقلق: هو انا عملت حاجة ضايقتك.
هزت رأسها بنفي وهي تضع وجهها بكلتا يداها، اكتفت بتلك الحركة ولم تتفوه بأي حديث، مد يديه ثم ازاح حجابها بعيداً عن رأسها، فتناثرت خصلات شعرها على وجهها، حاول ابعاده عن وجهها وهو يهمس: ندى في ايه قلقتيني.
لم تصدر عنها اي أجابة، فابعد يديها بقوة عنها ثم مد اطراف اصابعه يرفع وجهها وهو يقول: في ايه، ليه العياط ده كله.
هتفت بضعف وحزن: علشان الدنيا دي مش مريحة حد، انا اهو يتيمة الاب وبتعذب نفسيا بسبب كده، وخديجة دي اهو عندها اب ومينفعش يتقال عليه اب، انا زعلانة عليها وعليا.

زم شفتاه بضيق ليقول بهدوء: ربنا مبيعملش حاجة وحشة في حد، افتكري كده كويس.
هزت رأسها باستسلام وهي تمسح دموعها بكف يديها كالاطفال: صح، بس ربنا يهديه، لان حرام اي بنت بتشوف ابوها سند ليها، وخديجة دي حسيت انها معندهاش سند زي.
اقترب منها بوجهه قائلاً بعتاب: ايه ده يعني انا مش سند.
سكتت ولم تتحدث، فعاد هو حديثه ولم يتخلى عن العتاب به: يعني انا مش سند.

عادت دموعها تأخذ مجراها فوق صفحات وجهها قائلة: مبحبش اتعلق بحد بسرعة، علشان متكسرش بعد كده.
مسح دموعها برقة، ليقول وهو يحتضنها بقوة: كده انتي بتزعليني على فكرة .
استكانت داخل أحضانه وأغلقت عيناها تستمع بذلك الدفئ الذي شعرت به بنبرة صوته، اما هو ف لوهلة نسي اتفاق رأفت وسبب زواجه بها، تجرأت وتحدثت بما تشعر به، فقالت بخجل: يعني انت هاتوعدني ان عمرك ما تسيبني ابداً.
رفعت وجهها ترمقه بأمل، وقبل ان يتحدث كان هاتفهه يصدح بالنغمة المخصصة له وكأنه ينقذه من قطع وعداً أخر مخالف تماماً مع وعده السابق...
_ ايوه يا فارس.

فارس: امك تحت اوعى تنزل..
انتفض من جانبها واقفاً هاتفاً بصدمة: ازاي وايه ج...
بتر حديثه عندما وجدها ترمقه باستفهام، فقال فارس على الجهة الاخرى: معرفش متسألنيش، انا دخلت لقيتها.
مالك بتوتر: طيب روح انت يا فارس وابقى طمني.
أغلق الهاتف وهو يقول: اظاهر ان في مشكلة في شغل فارس، المهم مش هانفطر يا ندوش.
انهى كلامه بقبلة خفيفة على وجنيتها.. لاشك تلك هي المرة الاولى التي غنجها بها، شعرت بحلاوة مذاقها وسينفونية نطقها، لابد انها خرجت من اعماق قلبه لتكون بهذه الروعة، ف عندما يغنج الرجل امراته سواء منتظرا منها شئ ام لا، فتأكدوا انها ستخرج افضل ما لديها لتحصل على ذلك الغنج مرة اخرى وتتجرع حلاوة عشقه بهدوء مستمتعة به بسعادة.

بشقة خديجة..
تحرك بغير هدى قائلاً بعصبية: شوفي حل في الموضوع مش كل مرة اجاي الاقي الجيران متجمعين والفضايح دي .
رفعت وجهها ترمقه بحزن قائلة بصوت مبحوح: ده اللي همك يا عمار، الفضايح، كان هاياخدني يا عمار، كان هاياخدني.
أنهت حديثها وانهارت بالبكاء مجدداً، مرر اصابعه بين خصلات شعره بعصبية ليقول وهو يجثي على ركبتيه امامها: انتي عاوزه تجنيني يا خديجة، حرام عليكي بقى بقيت محتار في عذابك ولا اضمك لحضني وانسى اللى عملتيه فيا زمان.
همست بضعف: والله غصب عني، مكنش بايدي، كنت خايفه عليك.

برزت عروق وجهه من شدة غضبه فقال: من ايه، من ابوكي، ده أمين شرطة، انا جتلك يا خديجة، جتلك وسيبت الدنيا كلها ورايا وشغلي واحلامي، جتلك علشان اخدك وابعدك عنه، وانتي وقتها رفضتي، رفضتيني، متمسكتيش بيا، موقفتيش في وشه، محاربتيش علشاني.
هتفت من بين شهقاتها: والله ما بايدي، كان هايسجن أمي بوصل الأمانة، وكنت خايفة عليك يقتلك او يعملك حاجة يسجنك..
ابتعد عنها ليقول بشراسة: لأ، انتي كذابة، انتي مقولتيش كده زمان، ولا وافقتي تتجوزي واحد اكبر منك ب ١٢ سنه وعنده بنت الا علشان خايفة تعصي ابوكي فاتجبيله العار صح، خايفة عليه مش عليا انا..

ضرب بيده على صدره بقوة قائلاً: انا، انا يا خديجة، حتى البت اللى جوه دي وقفتي قصاده علشانها، وانا فين بعمل ايه معرفش، بقيت عمار المجنون اللي عايش ينتقم من خديجة وابوها، ارتحتي كده، ارتحتي ؟
لفظ كلمته الأخيرة بغضب، فانتفضت بخوف منه، راقبته وهو يدور حوله نفسه بغضب، لاحظت انتفاضة جسده وصوت نفسه المرتفع وكأنه يصارع الموت، قبضت على يديها بخوف من هيئته المريبة تلك، وناجت ربها ان تمر بسلام..لم تعلم لما جاء بذهنها ايلين، لم تظهر حتى الان، أيعقل لم تستقيظ حتى الان في وسط تلك الضجة، وقفت بقلق وهمست: عمار..

وقف فجأة قائلاً بصوتٍ جهور: ايه..
ارتعدت للخلف عدة خطوات بخوف، أشارت له على غرفة ايلين: ايلين لغاية دلوقتي مصحيتيش..
هتف بجمود: وانا مالي ..
تحركت نحو غرفتها قائلة: لا في حاجة غلط، دي نومها خفيف جداً..

دخلت غرفتها وغابت لدقائق، فسمع بعدها صوتها يناديه بلهفة، دخل غرفة الصغيرة يلبي ندائها، وجدها تجلس بجانب الصغيرة وتبكي بانهيار: حرارتها مرتفعة وبتهلوس، مبتردش عليا..
اقترب عمار من الصغيرة ولمس بطرف اصابعه جبينها، فشعر بحرارتها المرتفعة، حول نظره لخديجة: تعالي هانوديها للدكتور.
انتفضت قائلة بلهفة: اه يالا بينا بسرعة.
أشار على ثيابها قائلاً باستنهجان: كده، هاتنزلي كده، مش كفاية وقفتي قدام جيرانك بلبسك ده.
نظرت لمنامتها فشعرت بخجل منه قائلة: فتحت كده علشان بابا يعني..

توجهت نحو الباب: هاغير هدومي بسرعة، وانت اعملها كمدات بسرعة يا عمار..
غادرت الغرفة بعجالة، رفع احد حاجبيه مستنكراً حديثها: كمدات!، على اخر الزمن هاعمل كمدات.
توجه للمطبخ بحنق وبداخله يلعن غبائه وتهوره، وضع خطته ليحرق قلبها ومن الواضح ان الاحتراق من نصيبه هذه المرة أيضاً.

بشقة فارس..
وضع القهوة امام ماجى، ثم جلس امامها وبداخله فضوله سيقتله لمعرفة سبب مجييئها المفاجئ، فقررت بعد ثاني رشفة التكرم والتحدث: طبعا انت هاتموت وتعرف سبب مجيتي ليك صح!.
حمحم بحرج قائلاً: هو بغض النظر انك تيجي في اي وقت، بس حقيقي اه عاوز اعرف في ايه!.
وضعت ساقًا على ساق قائلة بنظرات قوية: عاوز ايه من بنتي يا فارس.
رفع حاجبيه قائلاً بتعجب: ايه الدخلة دي!. في
ماجى بضيق: لازم ادخلك كده، علشان أعرف نيتك ايه من ناحيتها يا فارس!.

فارس بضيق مماثل: طب ما انتي عارفة وكل الناس عارفين اني بحبها..
مطت شفتيها للامام قائلة: كويس أوي، ومبتجيش تخطبها ليه؟!.
قطب ما بين حاجبيه قائلاً: قولت بدل المرة ألف، وهي بترفض، وحضرتك عارفة كده كويس!.
أنزلت ساقها لتقول بجدية: وهي ليه بترفض يا فارس تقدر تقولي!.
نهض من جلسته قائلاً بحنق: علشان اللي حصل زمان، طب اعمل ايه ظروف، كل حاجة كانت غصب عني.

استدار بجسده يحدق بالفراغ، اما هي فنهضت ووقفت خلفه قائلة بضيق: مانت لو تقولنا ايه اللي جبرك وغصبك تتجوز صاحبتك اللي كانت في مقام أختك انت ومالك، هنرتاح والله، بس حضرتك اللي نازل عليك ظروف، ظروف ايه دي يابني اللى تجبر شحط زيك بالجواز من واحدة هو مثلاً مش عاوزاها.
التفت بجسده يقول بعصبية: ايوه مكنتش عا...

بتر جملته سريعاً ثم زفر بقوة، جاذباً سجائره يلتقط واحدة ينفث غضبه بها..عقدت ماجى ذراعيها قائلة: ها يا فارس ايه كان السبب!، تقدر تقول، انا عن نفسي مش عاوزه اعرفه، بس هي من حقها تعرفه على فكرة علشان تقدر تفكر في عرضك للجواز، هي ايه ضمنها انها توافق مثلا وتيجي انت على أخر لحظة تتجوز واحدة تانية ؟!.

قالت حديثها الاخير بنبرة تهكمية، احتدت ملامح وجهه، جذبت حقيبتها واتجهت صوب الباب وقبل ان تغادر وقفت تلقي بحديثها الاخير: بص يابني، انا جيت هنا علشان خاطر بنتي، والوجع والقهر اللي هي بتحسه كل يوم بليل قبل ما تنام مفيش ليلة واحدة عدت عليها معيطتيش فيها بسببك، يارا تعبت يا فارس لو بتحبها بجد روحلها وصارحها بسبب جوازك من ياسمينا، اما بقى لو مكنتش لسه قادر تواجهه، فانا بعتذرلك وبطلب منك تبعد عنها، انا مش هاضيع عمر بنتي في البكى عليك، لا، هاجوزها وهاتعيش حياتها.

التفت لتغادر وقبل ان تخطو خطوة واحدة، كان هو يهتف بتحدِ: يارا مش هاتكون الا ليا أنا وبس يا طنط.
التفت بنصف جسدها قائلة بتحدِ مماثل: مين قالك، زميلها في المدرسة اتقدملها وانا شايفه مناسب، وموافقة، هانتظر تيجى تقعد معاه لغاية ما مالك يجي ويشوفه، سلام.

غادرت الشقة وفور خروجها كان هو يمسك بتحفة ثمينة والقاها ارضاً بعصبية فتهشمت الى قطع صغيرة أسفله، نظر لتلك القطع وأغلق عيناه بقوة، فهي تماثل حال قلبه وهو يعتصر ألماً مما يحدث، التقط هاتفهه ثم أجرى اتصالاً بصديقه، وبعد ثواني اتاه صوت مالك: خير، طمني.
هتف فارس بشراسة: انزلي حالاً.
أغلق الهاتف قبل ان يستمع لرد مالك، القاه على الاريكة ثم كور يديه في قبضة قوية قائلاً والشر يتطاير من عيناه: سراج ده انا هاقتله، هاقتله..

غادر المشفى وهو يحمل الصغيرة بين احضانه، والاخرى مستكينة وتنظر له ببراءة، طبع قبله أعلى جبينها ثم همس: انتي كويسة صح!.
هزت رأسها بايجاب واغلقت عيناها بنعاس من شده مرضها، وضعها في المقعد الخلفي ثم استقل السيارة واستمع لحديثها: الحمد لله كنت هاموت من الخوف عليها.
عمار بعصبية مكتومة خوفا من ايقاظ الصغيرة: مكنش له لزمه عياطك والدكتور بيكشف عليها، اخد باله منك، الموضوع كان بسيط نزلة برد .
حاولت التبرير فاشار لها قائلاً: خلاص يا خديجة علشان انا على أخري اصلاً.

وجهت وجهها للجهة الاخرى وسمحت لعيناها بالبكاء، رأها هو تبكي بصمت فضرب بيده على المقود قائلاً: مش كل ما اكلمك تعيطي انا زهقت.
التفت اليه تهتف بعصبية، بعدما فشلت بالتحكم بنفسها كعادتها: امال انت عاوزني اعمل ايه يا عمار، اتكلم مش عاجب، اعيط مش عاجب عاوزني اعمل ايه!.
هتفت الصغيرة بصوت ضعيف: في ايه يا مامي..
زفرت خديجة بقوة ثم التفت اليها وحاولت اخراج نبرة صوتها طبيعية: مفيش يا حبيبتي انا كويسة، نامي انتي.
استكانت الصغيرة مرة اخرى، فاغلقت عيناها ونامت، اما هو فجز على اسنانه واخفض صوته قائلاً: حسابنا بعدين، علشان تبقي تعلي صوتك عليا تاني .

تحرك بغير هدى وهو يقول: الكلب بيتحداني ورايح يتقدم لامك يا مالك، والله لاقتله.
وضع مالك يده على وجهه بنفاذ صبر، لقد توعد فارس بالقتل لذلك السراج للمرة الالف تقريباً منذ نزوله من شقته..
مالك بنفاذ صبر: طيب اقعد نتكلم..

اندفع فارس نحوه فجأة وانحنى بجذعه العلوي صوب مالك، فتراجع مالك للخلف مراتباً من نظرات صديقه الغريبة، قد تكون جنون، او، لا هو جنون فعلاً، تأكد من ذلك عندما وجده يقول: بتقولي تعال اقعد معاه وتتكلموا، امك عاوزه تموتني يا مالك، والكلب التاني بيتحداني، طب والله لا...
قاطعه مالك وهو يشير بيده ثم أكمل بدلاً عنه: لاقتله، خلاص يا فارس عرفت انك هاتقتله، ايه ده، اقعد يا أخي نتكلم .

جلس بجانبه يلهث من شدة غضبه، فقال مالك وهو يضيع بيده كوب من الماء المثلج: خد اشرب ده وروق، انت وشك قرب يجيب نار.
وضعه فارس بقوة على المنضدة فتناثرت المياه في كل مكان، التفت الى مالك بعصبية: تصدق بالله انك بارد، انت عاوز تجنني يا اخي مية ايه اللي اطفحها، بقولك عاوز يتجوزها وامك موافقة .

زم مالك شفتيه بضيق: رغم انك متستاهلش بسبب طولة لسانك، بس هاقولك ان الموضوع ده في ايدي انا اولا وفي ايد يارا ثانياً، بس في نقطة لو ماما قدرت تقنع يارا بيه، يارا هتوافق عند فيك، وامي ممكن تقنعها بالحتة دي، انا عارف دماغ امي على ايه، وانا لو يارا موافقة وانا مقدرتش اجيب في عيوب ف هاوافق.
صرخ فارس في وجهه قابضاً على مقدمة قميصه: ااااه، انت عاوز تجنني، فين الحل؟!.

أشار له مالك قائلاً: ببساطة فيك انت!.
لانت ملامح فارس لهدوء قائلاً بابتسامة: تصدق يا مالك، انا عرفت هاقتل مين، هاقتلك انت..
قال جملته الأخيرة بغضب، فنهره مالك هاتفاً: بس بقى، سيبني اتزفت واكمل كلامي، يا زكي مفيش حاجة هاتم طول مانا مش موجود، وانا غايب الفترة دي، يبقى استغل انت الموقف، قابله انت، وعلمه الادب بس من تحت لتحت، لغاية ما انا اعمل تحريات عليه واشوف اخرته ايه.
هتف فارس بضيق: هاقابله ازاي وانا قايل قدامه اني خطيبها، منظري هايبقى وحش أوي.
ابتسم مالك باستفزاز: لا هو هايبقى عرة خالص.

لكزه فارس بذراعه قائلا: بس يا بارد.
نهض مالك ليقول بمزاح: والله انك انت اللي بارد، ابقى بقدملك كل الحاجات دي وتقول عليا كده في الاخر، انت المفروض تشكرني.
ضيق عيناه قائلا: انت رايح على فين يا مالك.
اشار لاعلى برأسه: فوق، شقتي، لندى.
هتف فارس بتوعد: يمين الله ما هاتتحرك الا لما تفكر معايا في كل حاجة، هي ندى طلعلتلي في البخت، مش كفاية انك السبب في كل ده.
اشار على نفسه باستنكار: انا!، ليه بقى، انت جيت زمان تاخد رأي، وانا قولتلك رأي بامانة، وقولتلك لو مكانك كنت هاعمل كده.

عقد حاجبيه كالاطفال قائلا بحنق: طب متمشيش بردوا.
جلس مالك مرة اخرى: طيب قوم اعملنا اتنين قهوة .
فارس وقد استعاد جزء من هدوءه: انت صح، وانا اقول مالي مش متظبط ليه، اتاريني عاوز اشرب قهوة، ثواني وهاجيلك.
اتجه للمطبخ فقال مالك: خد وقتك، عاوزاها مظبوطة .
اجابه فارس من الداخل: طيب.

مرت ثانية سمعه مالك بدء في اعدادها فنهض بخفة وهو يتسلل للخارج، واغلق باب الشقة خلفه، زافراً براحة: هربت منه عيل مجنون بصحيح.
صعد لاعلى فوجد باب شقته مفتوحاً على مصرعيه، قطب مابين حاجبيه بقلق ثم دلف وهو ينادي عليها: ندى!، ندى،سايبة باب الشقة مفتوح ليه...
لم يأتيه رد، تقدم بخطوات واسعة يبحث عنها في ارجاء الشقة لم يجدها، التفت حوله هامساً بتفكير والقلق بدء ينهش صدره: ندى .



look/images/icons/i1.gif رواية قلوب مقيدة بالعشق ترنيمة غرام
  20-01-2022 11:15 مساءً   [12]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الثالث عشر

وجد باب شقته مفتوحاً على مصرعيه، قطب مابين حاجبيه بقلق ثم دلف وهو ينادي عليها: ندى!، ندى،سايبة باب الشقة مفتوح ليه...
لم يأتيه رد، تقدم بخطوات واسعة يبحث عنها في ارجاء الشقة لم يجدها، التفت حوله هامساً بتفكير والقلق بدء ينهش صدره: ندى .
التفت بجسده ليغادر الشقة، وجدها تدلف وما ان رأته ابتسمت برقة: مالك انت جيت.
اقترب منها ب لهفة: اه، انتي كنتي فين، قلقتيني عليكي!.

ندى بهدوء وهي تغلق الباب خلفها: سمعت صوت دوشة خفيفة برة كنت بحسبك انت، فتحت الباب لقيتها خديجة وايلين وجوزها شايل البنت وباين عليها تعبانة دخلت معاهم اطمن عليها وكده، ولسه جاية ..
جعد جبينه هاتفاً بغيرة: وانتي بقى دخلتي وجوزها معاها!.
تحركت لداخل وهي تقول بلامبالاة: اه، نتغدى ايه.
جذبها من ذراعها وأوقفها أمامه ليقول بصرامة: ندى لما أكون بتكلم تقفي تكلميني، وياريت متتكرريش اللي انتي عملتيه ده تاني، جوزها موجود متعتبيش باب شقتها.

ندى بتعجب: ليه؟!، مش فاهمة يعني..
قاطعها بنبرة حادة: مفيش ليه، ومش ضروري تفهمي، انا جوزك ومن حقي لما اقولك حاجة تسمعيها..
تجاهلت حديثه ذلك بسبب تلك الكلمة، نطقها بطريقة غريبة، بطريقة جعلها تبتسم بهدوء، حتماً لو ألقى بحديثه ذلك من غيرها لجادلته به، ولكن بسببها جعلها تصمت وتبتسم وينشغل ذهنها بتفسير نبرته بها، اهي تملك، ام حب، ام غيرة، كلمة تحتوي على خليط من المشاعر أثار الفوضى بداخلها حتى انها لم تشعر بيده وهي تمسد بطول ذراعها ووجهه الذي اقترب منها قليلاً، انتبهت على همسه امام عيناها: ممكن أعرف القمر مبتسم ليه؟!.
همست برقة: قمر!.

مد يده وأزاح حجابها فسقط شعرها كالعادة بهيئته الكثيفة على ظهرها وجانبي وجهها، ابتسم عندما رأه: بحب اشوفه.
هتفت بهدوء وهي تنظر بعيناه مباشرة: هو ايه ده؟.
مد يده ومسد على خصلاته وتملك الحنان من صوته: شعرك.
صمتت، بسبب تلك الهالة التي رسمها هو بحديثه وأنفاسه الحارة التي تلطم وجهها بين الفينة والاخرى فتجعلها في حالة لا يرثى لها، وتلجم لسانها وعقلها عن التفكير، وتجعلها تغرق بإرادتها في دوامة عشقه..انتشلها من تلك الحالة رنين جواله، ف همست بخجل: تليفونك.

أجابها بعد ثانية بهمس عندما نجح في اخراج صوته: ماله.
ابتعدت عنه قليلاً وهي تبتسم: بيرن .
استعاد وعيه الذي كاد يفقده من رقتها وجمالها، فقال وهو يضع يده على جيب بنطاله: اه، بيرن فعلاً.
ندى: طيب هادخل الحمام.
نعم هي تريد المرحاض باقصى سرعة لتلقي بالماء البارد فوق وجهها لعله يخفف من درجة حرارته المرتفعة ... بينما دلف مالك لشرفه وهو يجيب على الهاتف
:_ ايوا يا امي.
ماجي: حبيبي عاوزه اتكلم معاك في موضوع فاضي.

التفت بجسده صوب الباب الزجاجي ليتابع بعيناه مجيئ ندى فقال: ايوا في ايه؟!.
ماجى: في عريس كويس ومحترم جاي ليارا، انا لسه معرفتهاش، هاعرفها وهاخلي يجيي يتقدم اقعد معاه ومع اهله وهي كمان تتعرف عليه، فكرت ان انت مش موجود ف أجيب اخوها التاني فارس..
ضغطت على حروف اسمه، ثم اكملت: يبقى مكانك، موافق.

صمت لبرهة يستكشف مغزى والدته من ذلك العريس، ليعود قائلاً: ماشي وماله، قوليله، بس قبل فارس ما يكون موجود، عمرو يكون موجود وحاضر .
ماجى: اكيد طبعًا، مش هانتفق في اي حاجة الا لما انت تيجي.
مالك متعجباً: وايه خلاكي متأكدة كده ان يارا هتوافق.
ماجى بمكر: المرة دي هتوافق، انا حاسة بكده.
مالك بتنهدة: طيب يا امي ابعتيلي معلوماته في مسج، علشان أسال عليه .
اغلق معاها الاتصال ثم قال بضيق: اهو انا مبحبش الامهات تخطط، صعب الواحد يفهم ايه في دماغهم، ربنا يستر يا ماما.

دلفت غرفة ابنتها خديجة بخطوات بطيئة، وجسدها لم تعد تشعر به من كثرة ضربه بها وخاصة عندما علم بزواج خديجة من ابن خالتها عمار، ليلة أمس كانت أصعب ليلة مرت عليها منذ زواجها منه، رقدت بألم بجانب ابنتها الصغيرة " ليلى" ثم وضعت رأسها على الوسادة تكتم شهاقتها من الالم خوفًا ان تستيقظ ابنتها، اغلقت عيناها وجسدها يصرخ من الوجع، لاشك ان هناك شئ بداخلها يخفف عنها ألمها، لقد اطمئن قلبها أخيراً على خديجة، الان هي مع عمار وستبقى معه بأمان بعيداً عن علي، فتحت عيناها تتأمل سقف الغرفة وتذكرت ما حدث منذ ثلاث أعوام، تذكرت عندما القت على ابنتها ذلك الخبر المفزع لاشك انه يسعد اي فتاة الا خديجة لانه ببساطه السعادة ستكون من شخص أخر ليس حبيبها او ما تمنته زوجها..

( فلاش باك )..
اغلقت الباب خلفها وهتفت بصوت خافت: يعني ايه يا علي كتبت كتاب البت!.
خلع قميصه وارتدى سترة قطنية مريحة ثم التفت لها قائلاً بوجه جامد خالي من اي تعابير: زي ما قولتلك الباشا مش فاضي ومستعجل فكتبنا الكتاب في الشغل.
حاولت استيعاب جمودية حديثه، فعادت تقول مستفهمة: طب هو الفرح امتى على كده!؟
هز رأسه بنفي ليقول بغلظة: مفيش فرح، بقولك الباشا مش فاضي، هي بكرة بليل هاتروحله على البيت.

ضربت بكفيها على صدرها لتقول بصرخة مكتومة: يالهوي، ليه هي كانت معيوبة ؟ بنات المنطقة يقولوا ايه عليها، وفستان الفرح، وهي ونفسيتها دي هاتتقهر...
قاطعها بوحشية قائلاً: ده كله ماليش فيه، خليها تلم هدومها وبكرة هاتروح بليل، وفستان الفرح رجعيه هو ايجار اصلاً، ونفسيتها والقهرة اللي بتقولي عليها بكرة هاتتظبط من غنى الراجل ومتعرفيهاش ياختي ده رائد كبير في الجيش وغني هي طايلة، احسن من عمار الف مرة .
اقتربت منه قائلة ببكاء: بس بتحبه يا علي، والحب احلى وقيم من الفلوس.

جذبها من ذراعها سريعاً قابضاً بشدة عليه وهو يقول بغضب اعمى قلبه وعقله: اه وهو هايطلع الكلام ده الا من واحدة زيك خاينة، ايه مش قادرة تنسيه، حتى بعد السنين دي كلها، ايه قلبك لسه محروق اوي عليه!.
هزت رأسها بنفي لتقول بصوت باكي يغلبه الرجاء: سيب ايدي يا علي، انا قلبي محروق علشان انت لغاية دلوقتي فاكرني خاينة !.
قاطعها بصفعة قوية على خدها ليقول بصوت جهوري: خاينة وهاتفضلي خاينة، وبنتك انا هامنعها تكون نسخة منك، وهاتتجوز اللي انا عاوزو وشايفه كويس ليها، يالا انجري من قدامي بلغيها.

هزت رأسها بضعف ثم تقدمت من باب الغرفة وقبل ان تفتحه القت نظرة اخرى عليه ليشير برأسه حتى تغادر، وعيناه ترسل لها شرارات غضب لتقابلها ب نظرات وجع وقهر منها، غادرت الغرفة ثم توجهت الى المرحاض غسلت وجهها جيداً بالماء البارد حتى تزيل اثار صفعته القوية ثم جففته ولكن عيناها كانت لها رأي أخر فلم تمتنع عن البكاء، ف استمرت بالهبوط كشلالات على صفحات وجهها الحزين!...

امسكت المقبض بتردد وهى تلقي ذلك الخبر التعيس الذي من المؤكد سيكسر قلب ابنتها الى اشلاء، قررت ان تلقي بحديثها كدفعة واحدة وتغادر الغرفة، فهي لم تعد لديها القدرة على تحمل حديث اخر موجع يصيب هدفه بقلبها بقوة ... وبالفعل دلفت فوجدت خديجة تجلس بجانب اختها الصغيرة " ليلى" وتتابع رسم اختها بصمت تام، رفعت عيناها تستفهم مجئ والدتها لها في هذه الساعة، فقرأت الألم والضعف بأعين والدتها، تفهمت نصف الحديث تقريباً، والنصف الاخر أصاب قلبها قبل عقلها عندما تفوهت به والدتها، نظرت لوالدتها وهي تهرب بعيداً عنها مغلقة الباب خلفها، وكأنها اغلقت اخر باب للأمل من الهروب من تلك الزيجة!، ابتسمت بسخرية على حظها التعيس.
( بااااك ).

عادت من ذكرياتها لتهمس بضعف: يارب المرادي يكون حظك كويس يا خديجة، انتي طيبة اوي يابنتي ومتستاهليش الا كل خير.

ضحكت ليلة بقوة وهي تقفز على الاريكة بسعادة قائلة: بااااااس مريم هي اللي وقعت.
وقفت مريم بتذمر تنظر بحزن لعمرو، فزفر الاخر قائلاً: انا اللي هانزل مكان مريم .
يارا بحنق: ايه الهبل ده، لا مريم هي اللي مطلعتش على حاجه عاليه يبقى هي اللي عليها الدور.
عمرو بضيق: ياستي وانتي مالك، مش المهم نمشي الدور.
جلست يارا قائلة: لا خلاص مش هالعب بدام اللعب كده.

صفقت ليلة قائلة: بس يا جدعان، احنا نلغي اللعبة دي ونلعب صلح ويكون عمرو اول واحد اهو نتسلى عليه شوية .
نهضت يارا قائلة بحماس: اشطا، يالا يا عمرو..
رمقها عمرو بإستنكار: دلوقتي اشطا يا عمرو.
هتفت مريم برجاء: علشان خاطري يا عمرو يالا اللعبة دي بنضحك فيها.
ضيق عينيه قائلاً بهمس: هونت عليكي، دول بيكرهوني هايفرموني.
همست له بمكر طفولي: انا هاغششك.

هتف عمرو بصوت مرتفع: ماشي يالا.
أخذ وضعه المناسب ووضع يديه مغلقاً عيناه قائلاً بتحذير: اللي هاتضرب بغشامة هاموتها.
فركت ليلة يديها بسرعة وهي تبتسم بمكر، وقبل ان تهبط يديها على يده كانت ماجى تسبقها وصفعت يديه بقوة .
التفت عمرو بحنق: مين الح...، ماما.
ابتسمت باستفزاز: كمل يا عمرو، كمل يا دكتور، كمل يا محترم، واقف بتلعب، وسايب دراستك.
ضحكت ليلة بقوة: شكلك بقى وحش اوي.

لكزتها ماجى بذراعيها قائلة: امشي يابتاعت الثانوي ذاكري، امشي.
دبدت كالاطفال قائلة بحنق وهي تصعد لغرفتها: كل شوية روحي ذاكري، كل شوية زهقت.
نهرتها ماجي: امشي يا قليلة الادب.
التفت لعمرو قائلة: يالا وصل مريم، علشان باباها كلمني ورجع من شغله أجازة .
انتفض عمرو قائلاً بحنق: ايه ده هو لحق ينزل أجازة، ايه النحس ده.
لملمت مريم اشيائها قائلة: يالا بسرعة يا عمرو .

هتف بتذمر من خلفها: ياختي براحة، مستعجلة على ايه.
غادرا المنزل، فهتفت يارا بمكر: ها بقى يا ماما، في ايه خلتيهم يمشوا، اكيد عاوزه حاجة..
جلست ماجى قائلة بجدية: اه عاوزه اقولك حاجة وتستوعبي اللي هاقوله كويس، في عريس متقدملك ويبقى سراج زميلك في المدرسة، انا شايفه انسان كويس ومناسب.

نهضت يارا تقاطعها بغضب: هو سراج ده متخلف ما انا قولتله لا ازاي يتخطاني اصلاً ويجيلك.
مسكت ماجى يديها وجعلتها تجلس مرة اخرى قائلة بهدوء: اسمعي كويس يا يارا، العمر بيجري بيكي وانتي معيشة نفسك في عذاب، رفضتي رجوع فارس وده حقك يابنتي.
بكت يارا قائلة: مش هاقدر يا ماما، والله ما هاقدر.

مسدت ماجى على شعرها قائلة بحنو: حاولي يا حبيبتي، مش هاتخسري حاجة، وان حسيتي فعلا انك مش قادرة مش هاقف في طريقك، بس حاولي علشان خاطري، انا قولتله يجي بعد يومين، وبلغت فارس يجى يحضر معانا مكان اخوكي.
همست بعدم فهم: فارس!.
هزت ماجى رأسها وهتفت بمكر: اه، مش هو في مقام اخوكي.
دق قلبها بعنف قائلة: وهو قال ايه .

نهضت ماجى تنهي الحديث: موافق، هايرفض ليه!.
رفعت يارا وجهها وسألتها بوضوح: انتي عاوزه توصلي لايه يا ماما.
انحنت ماجى نحوها وأشارت لقلب يارا قائلة: انا عاوزه اوصل ان ده من حقه يرجع ويحب تاني ويعيش، وعاوزه أثبت لفارس انه خلاص مبقاش له مكان في ده.
انهت حديثها وطبعت قبلة فوق جبينها وتركتها، اما يارا فانزلت ببصرها نحو قلبها هامسة بوجع: ازاي مالوش مكان فيه، ده مبقاش لحد مكان فيه بسبب انه مسيطر على قلبي.

بشقة مالك...
_ تسلم ايدك يا ندى، الاكل جميل.
ابتسمت ندى قائلة: ماكلتش حاجة على فكرة يا عمو.
ربت رأفت على يديها قائلاً: ازاي بقى ده انا كلت وشبعت.

نهض رأفت واكمل حديثه: اعملينا بقى قهوة لغاية ما نتكلم انا ومالك في شوية أمور.
هزت رأسها بصمت وتابعت بعيناها دخولهم لشرفه، تعجبت عندما وجدت مالك يعدل من وضع الكراسي وجعلهم بوجهها، رمقته باستفهام، فارسل اليها ابتسامة مشيراً لها بالقهوة، تنهدت ثم نهضت تدخل المطبخ وذهنها عالق بعمها ومالك..
بينما عند مالك ورأفت..
مالك: ندى دخلت المطبخ، في حاجة مهمة ؟

أومأ رافت برأسه قائلاً: في شوية حاجات، اولهم انا خلاص هاسافر بكرة الصبح، حط ندى في عنيك يا مالك.
تحدث مالك بهدوء: متقلقش في عنيا.
هتف رأفت برجاء: ياريت يا مالك، متعملهاش بقسوة وان كنت قولتلك كده عاملها بعد الجواز بجمود بلاش، ندى رقيقة ومش هاتستحمل وانا مش هاكون موجود جنبها علشان اواسيها واهديها..

قطب مالك جبينه متعجباً من حديثه، فاكمل رأفت حديثه: يعني عاملها كويس بس متتعداش حدودك معاها، يعني افتكر دايما ان جوازكوا على الورق.
تحدث مالك بجمود: انا مش ناسي كلامك ياباشا.
مد رأفت يده قائلاً: توعدني.
ابتلع مالك ريقه بصعوبة، ونظر ليد رأفت الممدودة امامه، فهتف رأفت مجدداً: توعدني يا مالك.
هتفت ندى باستفهام: يوعدك على ايه.

رفع مالك ورأفت وجهوهم بتوتر، فهمس مالك: ندى .
جلست بجانبه: اه، في ايه بقى، وعد ايه ده.
توتر رأفت ولم يستطيع الرد، فقال مالك بثبات: عمك عاوزني اوعده اخد بالي منك، ومزعلكيش .. علشان هو مسافر بكرة .
مد مالك يده وصافح رأفت قائلاً: اوعدك ياعمي ان مزعلش ندى واحطها في عنيا..
نظر رأفت في عيناه مباشرةً، مستغرباً لحديثه، وكأنه كان قاصداً تخطي وعده الثاني، انقضت الليلة سريعاً، وغادر رأفت غاضباً بداخله لعدم استطاعته استكمال حديثه مع مالك.

اغلقت الكتاب بتذمر قائلة: الله يخربيتك يا ثانوية، الهي تتحرقي، يعني الناس قاعدة بتضحك وبتهزر، الا انا قاعدة بتنيل وبذاكر.
جذبت كتاب أخر وفتحته تزامناً مع اخراجها لتنهيدة قوية من صدرها، صدح هاتفها بالنغمة المخصصة للرسائل، جذبته مبتسمة: اكيد ميزو.
قطبت حاجبيها وهي تقرأ نص الرسالة وقلبها يدق برعب:
قريب اوي اخواتك هايعرفوا علاقتك ب مازن الدوسري، ونقول عليكي يارحمن يا رحيم.

انتفضت برعب من مكانها وضعت يديها على قلبها، الذي زدات دقاته فكادت تكسر قفصها الصدري من شدته، ضغطت على ازرار الهاتف بتوتر، ثم وضعت الهاتف على اذنها منتظرة رد مازن بفارغ الصبر، اتاها صوته الناعس: ايه ده ليلتي بتكلمني مش معقولة .
ليله برعب: مازن.. الحقني.

بشقة مالك...
دلف غرفتهم بعد فترة كبيرة قضاها بالشرفه يفكر بحديث رأفت مستغربا من نفسه عندما وجد نفسه يتخطى أمر زواجهم ذلك، وجد نفسه يغلق هاتفهه خوفاً ان يتصل به رأفت ويحدثه بالامر مجدداً.. قرر بداخله ان يترك نفسه للقدر او بالاحرى لقلبه، حان الموعد ان يعطي عقله أجازة من تفكيره ومخاوفه، ويعطي لقلبه فرصة بأن يتولى زمام اموره مع تلك الجميلة التي مازالت مُصرة تخطفه بكل حركة او فعل يصدر منها.. وقعت عيناه عليها تجلس على الفراش مشغولة باختيار فيلم جديد، ابتسم بسخرية هاتفاً لنفسه: فيلم حزين تاني لأ.
اقترب منها وجلس بجانبها قائلاً بتحذير: اوعي تقولي يا ندى انك هاتشغلي فيلم درامي تاني.

هزت رأسها واتسعت ابتسامتها قائلة: ايه عرفك، في فيلم قصته حلوة بس نهايته حزينة .
التقط منها الريموت قائلاً: لا وربنا مايحصل تاني، امال لو مكنتيش فرفوشة .
ندى باستفهام: قصدك هاتشغل كوميدي.
هز رأسه بنفي قائلاً بلامبالاة: لا رعب.
همست بصدمة: رعب!..
حول بصره نحوها فرمقها بمكر: ايه بتخافي ؟

انكمشت على نفسها بالفراش قائلة بكذب: لا ابداً عادي شغله .
اعتدل في جلسته بحماس قائلاً: اشطا اوي.
تابعت بعيناه ما يحدث بالفيلم بخوف شديد، وخاصة عندما أطفأ الإضاءة، قضمت شفتاها بتوتر من احداث الفيلم المرعبة، حولت بصرها نحو مالك وجدته يتابع باهتمام، فهمست لنفسها: هنام ازاي انا دلوقتي.
التفت مالك نحوها قائلاً: بتقولي ايه يا ندى؟!.
هتفت ببلاهة: ها، لا، مبقولش!.

حول بصره للفيلم مرة اخرى وتابع باهتمام قائلاً: ايه رايك في الفيلم.
همست من بين اسنانها: تحفة أوي.
مرت عشر دقائق اخرى، حبست انفاسها بها وهي تتابع بخوف، حتى ظهر صراخ البطلة، فصرخت ندى بقوة ولم تدرك انها جلست على ساق مالك، الا عندما اشعل مالك الإضاءة، لهثت من فرط خوفها وضعت يديها على قلبها قائلة: يالهوى.
شعرت بانفاسه تلفح جانب وجهها قائلاً بخبث: طلعتي خوافة .

الان أدركت فعلتها الحمقاء، توردت وجنيتها خجلاً، حاولت ان تبتعد ولكن هو منعها من ذلك راسماً على شفتاها ابتسامة ماكرة، خرج صوتها مبحوح: مالك، اوعى.
ضحك بخفة قائلاً: انا حقيقي بشكر الفيلم على اللحظة دي.
وضعت وجهها بين يديها خجلاً تخفيه عن انظاره التي اخترقتها ف أثارت لديها تلك المشاعر التي حاولت اخمادها في حضرته، اما هو فاقترب بوجهه أكثر ودفنه بين خصلات شعرها الكثيفة مستنشقاً عبيره الرائع، مستمتعاً بنعومته، طبع قبلة رقيقة على جيدها هامساً: يالا علشان تنامي .

اعتدلت بصعوبة بعد فعلته وحديثه، حاولت ضبط انفاسها وتهدئة ضربات قلبها من فرط انفاعله، وضعت رأسها فوق الوسادة اعطته ظهرها ف أغلق هو الانوار، تسللت أصابعها لمكان قبلته تتحسسه برقة وابتسامة رائعة ترتسم على محياها، مطمئنة لعتمة الغرفة، وكأنه يراها او يشعر بها فشعرت باصابعه تداعب أصابعها فوق جيدها، أبعدت يدها بسرعة وهي تدفن نصف وجهها بالوسادة، اما هو ف عدل من وضعية يديه وحاوط خصرها بتملك، كما هي تملكت قلبه وجعلته يصدر عنه أفعال لم تكن بحسبانه، همس بين شفتيه لنفسه: الرحمة ندايا، تجعلي من مشاعري ثروة تندلع بانحاء صدري، ف يشعل عشقك نيرانه بقلبي، وأصبح انا في نهاية الامر متيم بكِ..هيا اسقطي قطراتك الرطبة فوق قلبي ليهدأ من عنفوانه وثورانه الذي بات متأصلا به في الآونة الأخيرة..الرحمة ..

كانت أخر كلمة صدرت من بين شفتاه قبل ان يسقط في نعاسه متمنياً رؤيتها باحلامه ليعبر لها عن مدى حبه وعشقه لها.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 3 من 14 < 1 2 3 4 5 6 7 8 14 > الأخيرة





الكلمات الدلالية
رواية ، قلوب ، مقيدة ، بالعشق ، ترنيمة ، غرام ،











الساعة الآن 10:26 PM