رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الخامس
وقفت امام "الماركت" تتجاذب الحديث مع الصغيره، والاخرى كانت تجادلها بضيق طفولي، ولكن هناك كان من يتابعها بعيناه الحادتان، حاول التركيز معاهم ففضوله يثيره لمعرفه سبب تذمر الصغيره، ولكن عندما دقق النظر بهم، لانت ملامحه الجامده وتحولت في لحظه الى أعلى درجه من درجاات الهيام، فتلك هى حالته عندما ينسى أصله وما فعلته به، أغمض عيناه بقوه عندما سرح بخياله وتخيل تلك الصغيره ابنته وهو ينعم بدفئه معاها، لعن تلك الظروف التى فرقتهم وجعلت من رابع المستحيلات ان يجمعهما بيتًا واحد، او حتى تتحقق مخيالاته تلك!.
زفر بقوه محاولًا ارجاع الهدوء لنفسه وذهنه، ونفض تلك الفوضى التى أثارت الكثير والكثير من المشاعر بداخله وجعلته عمار الضعيف مجددًا، لمحها تقف مع والدها وتتحدث بارتجاف!، والصغيره تقف خلفها ترمقه بحده وكره، متى ظهر ذلك الفظ، أيعقل انه سرح لمده كبيره بخياله، هبط من سيارته وذهب بالاتجاه الاخر سريعًا ودلف الى الماركت ثم خرج من الباب الاخر، وقف بالشارع الجانبي يستمع بتركيز لحديثهم العالى..
_ ارجوك يا بابا سيبني دلوقتي أروح، وبعدين نبقى نتكلم بعدين!. هتف والدها بغلظه: بابا ايه بقى وانتي مش عامللي احترام!. هتفت بتلعثم: انا حضرتك محترمه وانت مربيني كويس... بتر حديثها بعنف: محترمه فين، لما بتشتغلى عند ابن خالتك والله اعلم بتعملي ايه معاه، وكمان بتقفي تتكلمي مع جارك في العماره عادي، انا عرفت دلوقتي ليه رافضه تيجي تعيشي معايا، انا مش هاسيبك تبقي زيها!.
أحمر وجهها من حديثه المسئ لها، فقالت بضيق: انا محترمه جدا باماره لما سبت خطيبي والانسان اللى بحبه علشان خاطر حضرتك واتجوزت وشيلتني مسؤوليه أكبر من سني، انا مبشغتلش عند ابن خالتي، انا بشتغل في جريده كبيره وفيها ميه واحد وواحده بيشتغلوه، وابن خالتى جه فاجأه بقى مديري انا مش هاسيب شغلي اللي انا باكل وبشرب منه علشان شويه تفاهات او ذكريات فاتت ودفنتها، وجاري ده بيسال عليا علشان عارف ان انا وحيده، وهو انسان محترم ومشوفتش منه الا كل خير، وايلين متعلقه بيه من ايام ابوها الله يرحمه!.
جذبها من يديها بعنف ليقول بغضب: لا كبرتي وبقيتي تدافعى عن نفسك ومبقتيش تخافي وتكشي زي الاول، اعرفي ان انا صبري بدأ ينفذ، وقولتلك قدامك فرصه اسبوعين تسوي امورك وتسلمي البت دي اي دار ايتام، علشان انا عطيت الراجل كلمه والجواز في آخر الشهر. تركها وغادر مبتعدًا عنها وهى تنظر في اثره وعيناها تفيض بالدموع، جزت على اسنانها بعنف وهى تنهر نفسها بداخلها على ضعفها امامه، استفاقت على يد الصغيره تهزها بضعف وهى تقول ببكاء: انتي هاتوديني دار ايتام ياماما، وتسيبني.
اخرجت تنهيده قويه من صدرها وهى تقول: انا لايمكن اسيبك ابدًا يا قلبي، يالا نروح علشان الدنيا بقت ليل اوي علينا. هزت الصغيره رأسها بضعف ثم تمسكت بيدها بقوه خوفًا من فقدانها. اما هو فسند بظهره على الحائط مغلقًا عيناه مفكرًا بهدوء مستمتعًا بسواد الليل وسكون المكان...
بشقه فارس وضع امام صديقه اطباق فارغه ثم قال ساخرًا وهو يفتح تلك الصناديق المغلقه: من امتى وانت مهتم باعمال الخير، ودار وبنات بتتجوز مالك يابني هو انت قربت تموت!. القى بوجهه الوساده قائلًا: ليه هو انا مبعملش خير، ومش هاعمله الا لما اموت!. ابتسم فارس قائلًا بتعجب وهو يقدم له الصحن: لا اصل انا مستغرب من كلامك، وداخل عليا بجاتوه... وضع الصحن امامه هاتفًا بضيق: تصدق انا غلطان ان جتلك وجبتلك حاجه حلوه تتاكلها، اهو حاجه تبلعك اللي يارا عملته فيك. فارس بضحك: سيبك منها وقولي مالك، عينك فيها كلام.
مالك ساخرًا: عيني فيها كلام، انت عارف لو حد سمعك كده هايشكوا فيك!. فارس بمكر: اهرب، بس مش هاسيبك مالك، عملت ايه!. أطلق تنهيده قويه من صدره: عملت حاجة ضميري معذبني بسببها، حاجة لو حد سمعها يستغرب!.. فارس مستنكرًا: شربت حشيش!.
نظر حوله وجد وساده أخرى فجذبها ثم القاها بوجهه بعنف قائلًا بضيق: بطل ظرافة. أمسك الوساده ثم القاها بعيدًا وهو يقول: امال ايه الالغاز دي، ما تتكلم على طول! رمقه لفتره قليله مفكرًا بما سيتفوه به، فنهض من مكانه وجلس بجانبه، عقد فارس ما بين حاجبيه متعجبًا لما يفعله صديقه،ف زاد تعجبه عندما بدأ يسرد مالك ما بداخله بصوت منخفض وكأنه يوجد شخص ثالث يستمع اليه، وفي الحقيقه انه كان يخفض صوته خوفًا من ضميره الذي يعذبه رويدًا مع نطقه لكل كلمه فعلها او سيفعلها مع تلك البريئه الجميله، اتسعت أعين فارس فقال: انت بتتكلم بجد، انت وافقت على المهزلة دي!، اخرج من اللعبة الحقيرة دي بسرعه!.
مالك بعدم فهم: قصدك انها بتلعب عليا هي وعمها، بس هي عمرها ما شافتني!. هز فارس رأسه بنفي: لا مقصدش هي طبعا، انا اقصد عمها يامالك، ده اكيد عاوز ينتقم منها، مفيش حد عاقل وبيحب حد يطلب الطلب السخيف والمهين ده، الا اذا كان عاوز ينتقم منها!.
صمت لبرهه ثم تحدث: طب وهو عاوز ينتقم منها ليه، ما يمكن خايف عليها فعلا من شغله وتهديدات الي بتجيله، ده هايقدم استقالته بعد العملية دي! فارس بإصرار: لا انا متاكد ان في حاجة كبيرة غير كل الكلام ده، هو اللي خلاه يطلب منك الطلب ده، صدقني. زفر مالك بضيق قائلًا: البنت رقيقة جدا، هشة، ملهاش حد الا هو يا فارس، وانا نظرتي عمرها ما تخيب، زي مانا متاكد زيك انه وراه سر كبير، ممكن يكون عاوز ينتقم منها، ووقتها مش هاقدر اسيبها. فارس بهدوء محاولًا اقناعه: الجواز مش لعبة يا صاحبي !.
مالك: وانا متعودتش اشوف حد في محنة او هايقع في مشكلة ومساعدوش،افرض كان كلامه حقيقي ورفضت اساعده وهي حصلها حاجة، اشيل ذنبها العمر كله، وبعدين انا اديته كلمة، وانا راجل واتربيت ان مرجعش في كلمتي حتى لو كانت عواقبها وخيمه. فارس ساخرًا: اهو ادبك والمبادئ اللي ابوك رباك عليها هاتوديك في داهية، الدنيا بقى يحصل فيها عجايب ومش عاوزة المبادئ السامية بتاعتك دي!. مالك بضيق: مش حكاية مبادئ سامية، قد مانا عارف شغلتنا كويس، وعارف انه فعلا ماسك قضية صعبة وتقيلة، والجهاز كله عاملها الف حساب، نبرة خوفه وهو بيكلمني، هي اللي خلتني اوافق.
فارس بلامبالاه: انت حر وادرى، بس نصحتك من الاول بلاش!. مالك: قوم اعملي قهوة واعتبر كاني محكتش حاجة… من حق امي عزماك بكرة على الغداا متتأخرش. نهض فارس متوجهًا للمطبخ: اه منا عرفت من اختك، المهم متنساش نزور قبر ياسمينا اخر الشهر ده. هز مالك رأسه بايجاب دون ان يتحدث ثم اغلق عيناه محاولًا للمره الالف استعاده صفاء ذهنه من تلك الضوضاء التى بااتت تسيطر بشكل قوي عليه وعلى تفكيره..
اما ندى فكانت ترقد بفراشها وهى تبتسم بنعومه، رغم بساطه اليوم، وحديثه القليل، وصمته اغلب الوقت، الا انها استطاعت التعرف على جزء بسيط من شخصيته، وتأكدت من غيرته الواضحه عليها رغم معرفتها له من يومان فقط ولكن تذكرت حديث عمها الذي اخبرها باعجاب مالك بها، تحسست شفتاها بهدوء وهى تتذكر صوته وهو يأمرها ان تزيل أحمر شفاها...كتمت ضحكه صغيره ثم قالت: طب انا بضحك ليه!. وضعت يديها على وجهها وهى تقول بنعومه: شكلك كده اتجننتى يا ندى..
سمعت طرق الباب اعتدلت في فراشها وأذنت بالدخول، فدخل رأفت قائلًا بهدوء: اخبار يومك انهارده يا ندوش. لملمت خصلات شعرها البني للخلف وهى تقول بخجل: الحمد لله كويس أوي. جلس بجانبها وهو يسألها: مالك ضايقك انهارده؟!. هزت رأسها بنفي هاتفه: لا بالعكس كان لطيف ياعني وطلب مني اننا نخرج بكره. رفع رأفت حاجبيه متفاجئًا: بجد!، هو قالك كده؟!.
قطبت ما بين حاجبيها ثم سألته باهتمام: اه هو في حاجه ياعمو.. تدراك الموقف سريعًا ثم قال: لا عادي ياعني، المهم اتبسطي بقى بفتره الخطوبه وحاولي تتعرفي عليه كويس.
هزت رأسها ثم صمتت اما هو فقبل جبينها ثم غادر الغرفه، جذبت هاتفها وحاولت البحث عن اسمه في مواقع الاتصال الاجتماعي لم تجده قطبت جابينها فقررت ان تأخذ خطوه معه وتحادثه عبر ما يسمى بالواتساب... كتبت العديد من الرسائل ثم عادت وتحذفها مره اخرى، فتوصلت في نهايه الامر ان تسأله ... ( هو انت معندكش فيس او انستجرام؟!). أرسلت الرساله فوجدته يرد عليها سريعًا... ( اممم لأ ). اجابته مختصره ولم يحاول حتى ان يحادثها في امور مختلفه، شعرت بالضجر منه، فقررت اغلاق الهاتف وان تخلد للنوم لعلها تجد منه الرد المناسب في احلامها الورديه!.
اما مالك فوضع الهاتف جانبه... زفرًا بقوه: متعرفش ان انا عاملها بلوك، انا الاحسن اعطل حسباتي دي لغايه ما اشوف اخره الموضوع ده!.. جذب الهاتف مره اخرى وعطل جميع حسباته الشخصيه، ثم قرر ان يخلد للنوم، اغلق عيناه فجاءت في مخيلته صورتها وهى تزيل احمر شفاها برقه واصابعها الصغيره تمسك المنديل وتضغط عليه بقوه، فتوردت شفتاها واصبحت مثيره اكثر للناظرين، وعيناها التى تجمعت الدموع بها فاعطتها منظر طفولي وبرئ مع احمرار انفها الصغير..تمنى لو لحظه ان يمسك ذلك المنديل ويلقيه بعيدًا ويزيل دموعها من على طرف جفنيها، ثم يهبط باصابعه على وجنتيها مستمتعًا بنعومتهما مرورًا بشفاتها الصغرتين فيزيل باصابعه احمر شفاها مستمتعًا لاقصى حد ملمسهم تحت يده، خرجت تنهيده حاره منه قائلًا لنفسه: اطلعي من دماغي بقى ياندى، اخرة التخيلات دي ايه!.
خرجت على أطراف أصابعها تتفقد الشقه، وتطمئن بوجود والدها بغرفته، تحركت بخفه في ارجاء الشقه الى ان وصلت غرفه والدها فتحتها بهدوء ثم ادخلت رأسها الصغير من فتحته الباب وجدته ينام ويغط في سبات عميق، رسمت ابتسامه هادئه على وجهها ثم اغلقت الباب بهدوء كما فتحته وذهبت سريعًا نحو غرفتها، بحثت عن هااتفها حتى وجدته فقامت بالاتصال بحبيها وفي ثواني جاءها رده...
_ مريم، ابوكي نام صح!. هزت رأسها وكانها امامه ثم قالت وهى تبعث بخصلاات شعرها: اه نام، قولت اكلمك. _ وحشتيني أوي، انا بكره الايام اللي هو موجود فيها!. عبست بوجهها قائله بهمس: لا انا مبكرهش للايام دي انا اتمنى يبقى موجود كل يوم. وصل الى مسامعها عتابه: ياعني بُعدك عني عادي؟!.
هتفت بتوضيح: لا ولا بُعدك عني عادي، كل الحكايه انه على قد ماهو شديد وصعب على قد ما قلبه ده في حنيه الدنيا، وبعدين بابا رفض يا عمرو يتجوز علشاني واختار انه يعيش كده علشان انا متعبش مع حد، انتو بتشوفه من بره صعب وشديد بس انا بشوفه حاجه تانيه. صمتت لبرهه تستمع اليه لم تجد رد، فأكملت سريعًا: عمرو متحطش نفسك في مقارنه مع بابا لان انت حاجه وهو حاجه تانيه خالص!.. سمعت طرق الباب ثم دخل والدها فاجاه، فالم تستطيع تخبأه الهاتف... _ انتي بتكلميني مين دلوقتي!..
ارتجفت من حدته في الحديث فقالت بتوتر: كنت بكلم ابيه عمرو. احتدت نظاراته اكثر قائلًا: ليه؟!، وازاي تكلميه في وقت زي ده؟! هاتى تليفون ده.. اعطته الهاتف فوجد ان الاتصال مازال مستمر، وضع الهاتف على اذنه قائلًا: ايوا يا عمرو.. اجابه عمرو بثباات: حمد لله على سلامتك ياعمي. تحدث شريف بهدوء: الله يسلمك، خير مريم كانت بتكلمك في وقت زي ده ليه؟!.
عمرو بهدوء وثقه لا يعلم من اين جائت: مفيش كانت عاوزني اعدي عليها بكره الساعه ٤ علشان عندها كورس. ابتسم شريف قائلًا: انا عارف ان انا بتعبك معايا ومحملك مسؤوليه مريم في غيابي، بس انا عارف انها عندك زي يارا وليله والا مكنتش وثقت فيك. تغاضى عمرو عن حديث شريف وتحديدًا نقطه الاخوه قائلًا: متقلقش مريم دي في عنيا، تصبح على خير. اغلق شريف الهاتف ثم وضعه امامها هاتفًا: انتي ليه قلقتي كده لما دخلت عليكِ.
رفعت عيناها له قائله بهدوء: كنت بحسب حضرتك نايم، فاتخضيت لما لقيتك دخلت فجأه جلس امامها ثم قام بالترتيب على يديها قائلًا بحنو: انا عارف ان بضغط عليكي ياعني في اجازتي و بضغط عليكي بعمرو وانا موجود عارف ان بخنق عليكي اوي بس ده من خوفي عليكي يابنتي والدنيا بقت صعبه، وانا بثق في عمرو زي مانا بثق في نفسي كده...
كانت تستمع لحديثه الذي كان بمثابه سوط يجلدها بقوه، هى خانت وتخون وستخون ثقه ابيها بسبب عشق وُلد في قبلها الصغير ليملؤه دفئ افتقدته لاعوام، عشق أصبحت لا تستطيع التنفس والعيش بدونه، انتبهت لغلق والدها الباب خلفه، فعادت من تفكيرها الى ارض الواقع، ارض ستصدم بها بقوه بمجرد معرفه ابيها بحبها لمن وضع به الثقه وجعله مسؤولًا عنها!.
أنهت عملها بالمنزل سريعًا، ثم دلفت لتأخذ حمام دافئًا قد ينعشها ويجعل حواسها تستيقظ لمقابلته، أنهت حمامها ثم ارتدت ثيابها وكانت مكونه من بنطال جينز وكنزه صيفيه من اللون الاصفر، احكمت حجابها الابيض مع حذاء من نفس لونه، نظرت لنفسها بنظره رضا ثم جلست تنتظره وتعد الدقائق، فذهنها يثير الفضول حول معرفته واكتشاف خبايا شخصيته أكثر...ابتسمت بسخريه عندما وجدت نفسها تردد: سياده الغامض بسلامته!.
اما سياده الغامض فكان يجلس مع عائلته وصديقه يتبادلون اطراف الحديث ناسيًا لقائه مع تلك المسكينه حتى وصله رساله منها ( هو انت أجلت خروجه انهارده !).. ضرب جبينه امامهم بقوم، فجذب انتباه والدته: في ايه يا مالك انت كويس. نهض سريعًا وهو يقول: مفيش انا اكتشفت ان نسيت معاد مهم، فارس البيت بيتك انا مش هتأخر. غادر المنزل قبل ان يسمع ردهم، استقل سيارته ثم ارسل رساله لصديقه يخبره بأمر لقاءه بندى... رفع فارس رأسه فوجدهم يحدقون به باهتمام، صمت لبرهه ثم هتف: ايه رايكوا ننزل نتغدى في اي مكان. رمقته ماجي باستفهام: والغدا ده اللي انا عامله اودي فين؟!.
هتف عمرو مازحًا: نأجله للعشا.. فارس: صح يالا بينا فرصه متجمعين.. زمت يارا شفتيها ثم قالت بلامبالاه: روحوا انتوا .. لكزتها والدتها بيديها قائله بتحذير: مش هانزعل فارس يا يارا وكلنا هانروح يالا اجهزو.. وقفت تدبدب بقدميها بضيق طفولي تحت نظراته المسليه، اما عمرو فاقترب من والدته يتحدث برجاء: ماجي ياقمر اتصلي بعمو شريف خلي يجيب مريم معانا.. هزت رأسها برفض: لأ انا مش هاكون شريكه في لعبتك الوقحه دي يا معفن.
رفع احد حاجبيه قائلًا بتعجب: وقحه ومعفن الاتنين.. هزت رأسها بتأكيد دون ان تتحدث، فعاد هو قائلًا: يا ماما هو احنا بنعمل حاجه غلط. جزت على اسنانها بعنف: اه بتعملوا لما تكون مفهمه ان هى زي اختك وانت تكون بتحبها وداير تقولها كلام حب يبقى دي لعبه وقحه ولا لأ.. كاد ان يتحدث ولكن اشارت له بالصمت لتكمل حديثها: عارفه انك بتحبها بجد، بس انا بتكلم انك بتخون ثقته فانا مش هاكون شريكه في اللعبه دي. قطب حاجبيه قائلًا: طيب اعمل ايه ماهو راجل معقد وخنيق ولو عرف ان في مشاعر ناحيتها هايبعدها عني وهيرفض جوازها مني. وقفت لتنهى حديثها: اللي عندي قولته، انا بس ساكته لان انا عارفه دماغه وعارفه قد ايه هو صعب وعارفه هو ممكن يعمل فيها ايه لو حس بس انك بتحبوا بعض.
وصلا أحد الكافيهات الكبيره ثم جلسا بالقرب من النيل، مرت اكثر من نصف ساعه والصمت سيد الوضع بينهم، حتى هى زفرت بقوه دليلًا من استياءها لذلك اللقاء الذي كان بدايته مبشره، انتبه الى تذمرها فزم شفتيه بضيق، ضميره يخنقه ويلجم لسانه وتفكيره أيضًا.. ندى بتردد: مالك، هو انت زعلان!. هز رأسه نافيًا: لأ!. ندى: اصل من وقت ما خرجنا وانت زعلان او مضايق، معرفش في ايه!. مالك بهدوء: في موضوع بس شاغل دماغي شوية، المهم تعالي نتعرف على بعض.
رمقته مطولًا ولكن التزمت الصمت، اما هو فأكمل حديثه: احكيلي عن حياتك اكتر!. لم تستطيع التخلى عن صمتها ولكن هنا صمتها كان حزن لفقدان عائلتها، اما هو فصمتها الذي أثار الفوضي بداخله، رمقها باستفهام فقالت بنبره حزينه: مفيش حياتي عادية، بابا وماما ماتو وانا صغيرة عندي سنتين، معرفهمش الا من الصور بس، وعمي رأفت هو اللي راباني، هو يبقى اخو بابا من الرضاعة وابن عمه، وانا في اداب علم اجتماع سنة رابعة بس!.
مالك حاول ان يستفهم اكثر عن عائلتها: مالكيش خالات او عمات او حد تاني غيره. ندى: لأ معرفش في حياتي الا عمو رأفت، عمو رأفت كان بيقولي ان كان ليا عمة اخت بابا اتوفت منتحرة، وان بابا مات من حزنه عليها في حادثة هو وماما بعد موتها بخمس شهور... عقد حاجبيه قائلًا: مش فاهم، مات في حادثة وحزنه ازاي!.
ندى بتوضيح: اقصد بعد ما ماتت كان حزين وكده، بيقولي انه على طوول مكنش مركز فيوم كانوا سايبني عند طنط منال مرات عمو رأفت الله يرحمها وعمل حادثة كبيرة هو وماما وماتوا. مالك وهو يسألها باهتمام: وانتي اتربيتي معاهم. هزت رأسها وابتسمت بحزن: اه بس القدر للاسف اخد كمان طنط منال، ماتت بالكانسر وعمو رأفت رفض يتجوز بعدها. صمت للحظات، ففاجاته بسؤالها: وانت بقى مامتك وباباك اتوفوا امتى وازاي؟!.
صدمته بسؤالها لم يكن متوقعًا انه سيكون موضع مثل هذا السؤال، الى هذه الدرجه وصلت به الوقاحه ان يطلق على والدته لقب متوفيه وهى مازالت على قيد الحياة! والدته التى لم يتخيل للحظات ان يعيش بدونها، جعلها متوفيه في كذبه حقيره! لاحظت صمته، مسكت يداه بحركة تلقائية و ربتت عليها برقة: خلاص متحكيش، لما تبقى حابب تحكي عن لحظه وافتهم انا هاسمعك..تعرف انا كان نفسي اتخطب لواحد عائلته موجودة، علشان اعوض الحنان وجو العيلة اللي انا مفتقداه، بس طلع تفكيري غلط، انا ممكن أسس معاك عيلة كبيرة ويبقى فيها جو الدفا اللي انا وانت محتاجينه، وصدقني هاننجح في كده.
نظر ليدها ثم رمقها بحزن ومازالت حالة الصمت تأثر عليه بقوة، أغمض عينيه بحزن وضيق وفي ذهنه يتردد شئ واحد فقط ( متستهلش اللي هايعمله فيها). بعدت يديها عندما لاحظت صمته الطويل، نظرت للمياة وتابعت حركتها الهادئه، فسألها بنبره لم تقوى على تفسيرهاا.. مالك: الصدق ولا الكذب؟!. رمقته بعدم فهم: نعم؟!. مالك: اختاري ما بينهم، الصدق ولا الكذب!.
أجابته بهدوء: مين ممكن يختار الكذب، كل واحد عايش على وش الدنيا دي يختار الصدق، مفيش حد بيحب الكذب. بلع تلك الخصه التى بات متأكدًا انها ستخنقه يوما ما ثم قال بتردد: طب لو اتحطيتي في موقف صعب وكان لازم تكذبي علشان تنقذي شخص معين، وقتها هتختاري الصدق ولا الكذب.
أجابته ببساطه وابتسامه صغيره: الصدق برده، انا هانقذه بالكذب، بس هارسم حواليه هالة كبيرة من الكذب، الهالة دي لو اتشالت واحدة واحدة، هايتصدم بواقع صعب، واقع لا يمكن يتقبله ابدًا، حتى لو كان في مبررات كتيرة، هايتصدم، وصدمته فيا هاتبقى اكبر من الواقع ده، الكذب بيهدم كل حاجة حلوة، الكذب قادر انه يبني حاجز كبير اوي صعب انه يتهدم، لكن الصدق حاجة كده دايما بشوفها من النور، حاجة سامية، يمكن واقعها بيبقى صعب ومش سهل اللي قدامي يتقبله وقتها، بس هايقدر يتقبلها بعدين بسهولة .
جذب كوب الماء ثم تجرعه مره واحده، لعله يهدأ من ضربات قلبه او ضميره الذي مازال يعذب فيه اكثر واكثر... ندى باستفهام: بس ليه سؤالك ده؟!. مالك بلامبالاه متصنعه:عادي بتعرف عليكي اكتر؟!. ندى ابتسمت: طيب بما اننا بنتعرف على بعض، قولي ليك صحاب؟!. هز رأسه: اممم فارس. سألته برقه: ظابط زميلك!. مالك: لا مبرمج ...
وصلوا امام المكان المنشود، فنظرت هى للمكان من الخارج ثم هتفت متأففه: الكافيه ده مش عاجبني يالا نغيره. رمقها فارس بتتعالى: محدش طلب رأيك!. استفزها باسلوبه الذي يتبعه معاها مؤخرًا..فقالت بعصبيه: تصدق انك قليل الذوق.. نظر لوالدتها بحزن مصطتنع قائلًا بهدوء: الله يسامحك. زفرت ماجي من وقاحه ابنتها ثم قالت: يارا لو لو سمحتى اعتذري من فارس..
نظرت له شرزًا: على جثتي وانا بقى هامشي بدام محدش طلب رأي.. جذبها عمرو قائلاً: اهدى يا يارا، مفيش حاجه حصلت وبعدين الكافيه حلو ويجنن ومشهور.. هتفت ليله مؤكده: ايوا يا يارا، يالا ندخل، اصلًا لو مشينا وراكي بعون الله هانروح ومش هاندخل اي مكان.. تابع حديثهم بتسليه، التفت برأسه الى اليمين قليلًا فوقعت عيناه على سياره مالك، اتسعت عيناه فصدمه وحاول عقله ان يسعفه للخروج من ذلك المأذق على خير.
رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل السادس
وقفت على اعتاب غرفة مكتبه بعد يومٍ ملئ بالعمل، نظرت لكوب القهوة الساخن الذي بيدها هامسة: يارب تعجبه علشان امشي بقى. طرقت الباب بخفة ثم انتظرت ان يأذن لها بالدخول، سمعت صوته القوي يأذن لها، فدخلت وهي تثبت نظرها على الكوب دون ان ترفعه منعاً للاصطدام بعيناه التي تقتلها بنظراته الحادة والغامضة أحيانًا..
وضعت الكوب على طرف المكتب ثم التفت لتغادر، فسمعته يقول بصوت أجش: هاتي القهوة قدامي هنا على المكتب.. كتمت غيظها من بروده وتملكه حتى في ابسط الامور، رسمت ابتسامة هادئة ثم التفت ترسلها له، تقدمت بخطوات بطيئة ثم وقفت بجانبه تاركة مسافة بينهم وضعت الكوب امامه فأشار باصبعه بمعنى لا ثم اشار على المكان الذي يريده وهذا يعني انها ستلتصق به همست بصوت خجول: عمار مينفعش اللي انت بتعمله ده!.
همس ايضاً بنبرة حادة: وايه اللي انا بعمله يا استاذة خديجة، انا طلبت قهوة وعاوزك تحطيها في المكان ده، ده في اختصاص شغلك، وللمرة مليون متنسيش اللقب، اللقب مهم جداً يا مدام خديجة .. ضغط على حروف " مدام" فنظرت له مستنكرة ثم قالت بغيظ: أسفة حضرتك القهوة أهي!. كادت ان تتحرك لتغادر، هتف سريعاً: استني لما ادوقها.
زمت بشفتيها وهي تعيد خصلاتها للخلف، لاحظ حركتها تلك، فشعر بالضجر قائلاً: القهوة دي وحشة، اعمليها تاني، ولمي شعرك بعد كده. ثبتت بصرها عليه رافعة احدى حاجبيها، فقال هو بغضب مزيف ليخفي غيرته عليها: انا بقرف افرض جه حاجة من شعرك في القهوة، ده قرار اداري نفذيه علشان مش اخصملك. هتفت بتهكم وهي تجذب الكوب تضعه على الصينية: وعلى ايه المرتب مبقاش ناقص.. غادرت الغرفة ف زفر بقوة، اعتقد انه سيذيقها العذاب بالوانه، ولكن من الواضح ببرائتها وافعالها البسيطة التلقائية ستذيقه هو اشد انوع عذاب العشق والهوى...
جلست بالقرب منه بسيارة الاجرة وتلك المرة الاولى التي تقترب منه الى هذا الحد، وليس القرب فقط ما يدهشها أيضا يده الممسكة بيديها بقوة، ولم يتركها للحظة منذ خروجهم المفاجئ من " الكافيه" تحت تساؤلاتها ونظراتها المتعجبة لتوتره المفاجئ، لاحظت شروده فتركته بعالمه، وسمحت لنفسها ان تستمع بتلك اللحظات التي من المؤكد ستكون نادرة في قصتها معه..،انتبهت لتوقف السيارة فهزته برفق، انتبه اليها،...اعطى الرجل اجرته ثم هبط من السيارة ومازال ممسك بيديها، توقفوا امام احد المولات الشهيرة، نظرت له باستفهام فقابلها باستفهام أكبر..
ندى: هو في حاجة، ليه خلتنا نروح بتاكسي ؟ عربيتك عطلت ولا ايه ؟ مالك: عادي لقيتهم ركنوها بعيد قولت ناخد تاكسي نلف شوية في المول، وبعدها نرجع للكافيه.. ندى بعد فهم: قررت كده فجأة ؟ مالك بضيق مزيف: انا قولت نيجي المول ونشتري حاجات اهو نتعرف على ازواق بعض.. ندى هزت رأسها بموافقه: اممم فكرة بردوا، يالا.. وعندما أردات التحرك فقال: ندى هو انتي لابسة أصفر ليه؟!.
نظرت لنفسها قائلة بتعجب: ماله اللون ده وحش عليا ؟ تقدم خطوتان منها ليقول بهدوء يتخلله ضيق: ملفت للنظر، وكده كله هايبصلك. هزت كتفيها بلامبالاه: ميهمنيش المهم البس حاجه انا بحبها او مرتحالها.. ضغط على يديها بقوه ليقول بتحذير: خلي في بالك ان ده كان زمان، حالياً انتي هاتبقي مراتي وعلى اسمي، ف هتلبسي اللي يعجبني..
رمقته باستنكار: احنا لسه في مرحلة الخطوبة وبعدين انا لاحظت انك متحكم أوي مرة امسحي الروج ومرة متسلميش على حد ودلوقتي متلبسيش اللون ده... قاطعها وهو يختصر المسافة بينهم ويثبت بصره عليها بقوة: واي حاجة هتلفت النظر ليكي، وتخلي اي حد يبصلك وياخد باله منك انا هامنعك عنها، انا مبحبش حد يبص لحاجة تخصني، ببساطة هاخلع عينيه بعدها... رسمت ابتسامة هادئة وهي تصحح له برقة: انا مش حاجة، انا حد ودايماً خلي بالك من الفرق، يالا ندخل علشان وقفتنا كده مش حلوة.
هز رأسه وهو يرمقها باعجاب واضح، نظراته اربكتها وأثارت مشاعر كثيرة بداخلها، فزدات ضربات قلبها بقوة واذداد معه احمرار وجنتيها، زفرت بخفة وهي تحاول تهدئة نفسها لتعود لهدوءها وثباتها مرة اخرى ... من انت ولماذا تستطيع بكل سهوله ان تستحوذ بكل قوه على ذهني ف تثير مشاعره جمه بداخلي وتجعل ضربات قلبى المسكين تثور عليها وينهار ثباته الواهي امامك، هتفت لنفسها بذلك فاجابها قلبها على الفور هو مالك، مالك قلبها وعقلها، الذي ظهر منذ ايام ليستحوذ على كافه حواسها وينتشر بداخلها ويتغلغل في اعماقها، ايام قليلة ستشهد على بداية حب قوي في قلبها البرئ..
وضع النادل امامها عصير المانجا، ضيقت يارا نظرها له وهي تقول مستفهمة: انا مطلبتش عصير!. تحدث النادل وهو يشير على فارس: حضرته طلبه ليكي. انهى حديثه ثم غادر، حولت بصرها لوالدتها وجدتها تهرب بعيناها بعيداً، زمت شفتيها بضيق، فحركت الكوب ووضعته أمامه قائلة بابتسامة باردة وبداخلها كان يغلي ويغلي حتى كاد ينفجر بوجهه: اشرب انت ده يمكن تهدى على نفسك شوية !. همست ليلة لعمرو: وربنا شكل الخروجة هاتبوظ بسبب يارا اختك. عمرو مازحاً: استني بس هتقوم تتقمص اهي..
حرك فارس الكوب ووضعه مرة اخرى امامها: لا بجد لازم تشربيه يابنتي انتي ناقص تولعي فيا، اشربي علشان تعرفي تاكلي.. حركت الكوب من امامها بعنف فتناثر بعض قطرات العصير على الطاولة، بينما والدتها وعمرو وليله يتابعون باهتمام من سيشرب العصير!. يارا: ياريت ملكش دعوة بيا ومتدخلش في حياتي تاني!. وضع يده على الكوب قائلاً بتعجب: هو معنى اني عاوزك تهدي ابقى بتدخل في حياتك، ده انتي طلعتي هاتموتي وادخل بقى.. حركت الكوب بعنف فسقط على الطاولة محدثًا صوتًا قويًا مع انتباه جميع من في المكان لهم..
ماجي بهمس حاد: والله انا معرفتش اربي . تجمعت الدموع بعيناها سريعاً، جذبت حقيبتها ثم غادرت المكان وهي تبكي، كادت ماجي ان تذهب خلفها لولا يد فارس التي منعتها قائلاً: انا زودتها معاها في الهزار، هاروح أصالحها انا خليكي . جلست مكانها وهي تقول: ماشي يابني . ثم وضعت يديها على رأسها بتعب: والله الخروجه معاكو تغم . هتفت ليله بمزاح: الله وانا مالي يا لمبي؟!.
رفعت ماجي رأسها ثم قالت باستنكار: لمبي!، انا يتقلي يا لمبي؟!، حاسبك معايا ياجزمه لما نروح . عبست بضيق طفولي: بهزر يا ماما. نظرت لها ماجي نظرة اخرستها، فارسل لها عمرو قبلة في الهواء ثم همس بهدوء: أحسسسن. اما يارا فكانت تتحرك خارج الكافيه بغضب وهي تحاول ان توقف سيارة أجرة، شعرت بيده وهي تمسك يديها وتجعلها تستدير له: متزعليش، هزاري كان تقيل. نظرت له بغضب ثم وقفت وكانها ستخوض حرباً قوية مع خصم متعنت وعنيد .
فهتف هو ساخراً:هاتضربيني ولا ايه؟!. يارا باستهجان: انت مجنون صح؟!.. فارس بحب: مجنون بيكي . رفعت أصبع السبابة بوجهه قائلة بتحذير قوي: بقولك ايه، بطل كلامك ده احسنلك. فارس بحب: ليه بس ياحبيبتي؟!.
اقتربت منه وضغطت على كل حرف ودموعها تهبط منها بغزارة: مكنتش اتجوزت زمان يا كداب، انا مبكرهش في حياتي قدك، وهفضل اكرهك العمر كله. جذب يديها، فنفضت يديها بعيداً ثم دخلت الكافيه بعدما أخرجت جزء من شحنتها، اما فارس فحاول تهدئة نفسه ووجعه،، ضرب على صدره بخفة: لو تعرفي النار اللي قايدة فيا، هاتعرفي انه كان غصب عني .
دلفت مرة اخرى للمكتب ودون ان يتحدث تقدمت هي، انحنت بجذعها قليلاً للامام ثم وضعت الكوب بتمهل، فلاحظ هو عنقها الطويل وبعض خصلات شعرها الملتصقة به، فركز اكثر وجدها عكصته باهمال، اعطاها ذلك المظهر منظر مغري وخصوصاً مع ظهور عنقها وتفاصيله التى لفتت نظرة بقوة، فهب وقفاً قائلاً: ايه ده يا نهارك اسود . رجعت للوارء بضع خطوات وهي تقول بقلق: في ايه؟!.
مد يده ثم عدل من وضع شعرها وجعله يعود كما في السابق مشيراً بيده على مقدمه السترة: الحتة اللي قدام دي لو متقفلتش انا هاقتلك . نظرت له باستنكار: على فكرة ده اليونيفورم . هتف بغضب: وانا مالي، بقولك متلبسيش البتاع ده تاني، تلبسي طويل ومتقفل كله من فوق. تنهدت بضيق فمن الواضح انها ستعاني كثيرا بوجود عمار في عملها وجدت من الافضل مهاودته ثم قالت وهي تشير للقهوة: طيب اشرب قهوتك. القاها بعنف على سطح المكتب: مش عاوز .
تقلصت ملامحها بغضب فقالت: ايه اللي انت عملته ده، في حد يعمل كده. ضغط على مرفقها بقوة، قائلاً بعنفوان يتخلله جنون: اه انا، وهاتمسحي وتظبطي المكتب ده، عاجبك ولا مش عاجبك . لقد جن بالفعل، الان أصبحت متأكدة من جنونه، تعابيره ونظراته، وملامحه التي تتحول من الشدة الى اللين والعكس في لمح البصر، اللعنة على تلك الظروف التي جعلته انسان أخر لا تعرفه، انسان غريب حتى نظراته بقيت غامضة حادة وكأنه ينذرها بقتله لها قريبًا عن خطأ اقترفته قديمًا بحقه وبشأن قلبه بالاخص!..
تحركت بجانبه وهي تتفقد الماركات الشهيرة بملل بسبب صمته حقًا يستفزها صمته ذلك، لفت انتباهها أحد الفساتين فقررت الدخول، دخل هو خلفها ووقف على اعتاب المدخل يتابعها بعيناه وهي تتحدث مع البائعة، نظر للفساتين وجدها شبيه لبعضها عدا واحد فقط جذب انتباه، دقق النظر به وجده رقيق جميل مثلها تماماً، ترى ما ان وضعته على جسدها ستصبح كقطعة الالماس النادرة حقًا، ابتسم بعذوبه وتمني بدخله ان يراه عليها، هو فقط من يحق له ان يراه عليها، تنهد بحرارة لتلك الافكار الغريبة التي باتت تهاجم ذهنه بقوة في الآونة الأخيرة، عاد بنظره مرة أخرى اليها وجدها تتفقد الفساتين تمنى ان تقف امامه وتأخذه، لفت انتباه أعين خبيثة تتابعها بوقاحة وابتسامة قذرة على محياه، كور قبضته بعنف متمنياً ان يمر ذلك اليوم بسلام..
أشار اليها لكي يخرجا من ذلك المكان، فخرجت وراءه دون ان تتفوه بأي حديث، سارت بجانبه تنظر بملل حولها، فانتبهت انه يقف بين الدقيقة والاخرى وينظر خلفه، فسألته: في حاجة يا مالك ؟!.. رمقها بحدة ثم هتف أمراً: اقفي هنا ومتتحركيش، لغاية ما أشوف ال... ده في ايه ماله.
احمرت وجنيتها من لفظه البذئ، تحرك وهو يستعرض جسده وعضلاته البارزة وكأنه سيخوض حربًا او عراك في حلبة مصارعه، ضغطت بقوه على حقيبتها، وزاد فرط توترها وقلقها عليه وخاصة بعدما رأته يتحدث بلهجة عنيفة مع شابين، تحركت بضع خطوات تقترب منه لعلها تحاول تجذبه بعيدًا عنهم وخاصة بعدما تأكدت انه على وشك صراع معهم، اتسعت عيناه لما سمعته من أحد الشباب.. _ روح شوف القمر شكلها جاية تاخدك علشان خايفة عليك.
التفت اليها يرمقها بغضب بعدما جازفت وتحركت من مكانها ضاربة بأوامره عرض الحائط، فباغته الاخر بضربة قوية بوجهه ترنح بسببها مالك للوراء فكاد ان يفقد اتزانه ويقع ارضًا ولكنه عاد وتحكم بسرعة بنفسه عندما سمع صراخها وهتافها باسمه، جز على أسنانه بعنف وتملك الغضب منه وفقد اعصابه فبدى كالثور الهائج الذي يود ان يقتلع رأس احدهم، وبدأت الحرب بينهم فكانت لصالح مالك لقوة جسمانه وتدربياته الرياضية في مختلف انواع الرياضة القتالية، اما هي فوقفت في أحد الاركان ترتجف بخوف عليه ومنه.. انتهى الامر بوجود الامن واستدعائهم لاحد مراكز الشرطة القريبة من المول..
أقفل الضابط المحضر قائلًا: احنا أسفين ياباشا وأوعدك العيال دي هاتتربى، بس بردوا انت لو كنت عرفتهم من الاول انك ظابط مكنوش فتحوا بوقهم معاك . حرك مالك رأسه يمينًا وشمالًا ناظرًا اليها شرزًا: شوف شغلك ياباشا. ثم استطرد حديثه وهو يجذبها خلفه: أنا مش ضعيف علشان اخوفهم بوظفيتي، متشكر جدًا يا باشا. أنهى حديثه ثم غادر الغرفة وهي تحاول ان تسير بجانبه بسبب خطواته السريعة او الغاضبة، فضلت الصمت حتى تغادر قسم الشرطة ..
اما هو ما ان وطأت قدماه خارج القسم حتى التفت اليها وانفجر بوجهها: انتي ايه اللي هببتيه ده ؟ ارتعدت خطواتها للخلف بخوف قائلة: عملت ايه ؟ انا معملتش حاجة، انا مفتحتش بوقي حتى واتكلمت جوه. مسك مرفقها بعنف قائلًا بحدة: هو انتي كنتي عاوزه تتكلمي كمان جوه، مش كفاية عياطك الهسيتري، وصريخك عليا في المول، ايه شايفني عيل قدامك . نفضت يديها بقوه قائلة: طيب بدام خوفي عليك مزعلك، لو سمحت ابعد بعيد عني، واتفضل خاتمك، انتيهنا.
اعطته الخاتم بيديه وانتظرت حتى يعيده لها مره اخرى فوجدت وجهه قد تحول للون الاحمر من شده غضبه، وسمعت تلك النبرة منه والتي كانت بمثابه أول مرة تسمعها منه منذ معرفتها بيه: أنتي حرة، يالا علشان اوصلك. كادت ان تتحدث وترفض بكبرياء أنثى مجروحة، فقاطعها هو بغضب: يالا قدامي..
أوصلهم المنزل، فوقفووا جميعهم على أعتابه يشكرون فارس... عمرو بامتنان: شكرًا يا معلم على الخروجة الحلوة دي. ليله بسعادة: اه فعلًا يا أبيه شكرًا أوي على الخروجة والهدية الحلوة دي.. رفعت تلك اللعبة وهي تنظر لها بسعادة قائلة: العروسة دي شبهي صح يا ماما. ربتت ماجي على رأسها قائلة بسخرية: ربنا يكملك بعقلك يابنتي.
ضحكت الاخرى بمرح... دلفت ماجي وخلفها عمرو اما ليله فكادت ان تتحرك وتدخل خلفهم لولا يد فارس التي منعتها :_ ليله خدي الهدية حطيها في اوضه يارا.. نظرت بداخل الحقيبة بفضول فمنعها فارس: انتي مش اخدتي هديتك خلاص، المهم حطيها واخرجي من غير ما تشوفك علشان متبقيش انتي الضحية وتتخانق معاكي. تحدثت ببراءة: انت بتصالحها علشان زعلتها انهارده. هز رأسه بخبث والاصح هو قاصدًا استفزازها..
في منزل رأفت. نظر سمير للقهوة التى بيديه مبتسمًا: طول عمرك بتعرف تظبطها كويس. ابتسم رأفت بهدوء وبقى صامتًا، اما سمير فأكمل حديثه: متقلقش ان شاء الله كل حاجة تكون كويسة . رأفت بهدوء: اممم، اتمنى، انهارده بلغوني ان اخر الشهر لازم اسافر قنا. سمير بتفكير: يبقى مالك لازم يتجوز ندى في اسرع وقت.
سأله رأفت بقلق: سمير اللي بنعمله ده صح!، انا حاسس ان بأذيها وبأذي روحي قبلها، دي بنتي اعمل فيها كده، اي نعم مش من صلبي، بس والله انا لو خلفت مكنتش هاحبها زيها. هتف سمير وهو يحاول اقناعه: صدقني مالك اكتر واحد هايقدر يبعدها عن نهلة ومتقدرش توصلها، وبعدين هي مش هاتخسر حاجه ولا هو كمان هايخسر. رأفت باستهجان: ازاي ده جواز، الموضوع مش لعبة . سمير بتحذير: لا خد بالك يا رأفت وانت بتجوزهاله نبه عليه وخليه يوعدك انه جواز على الورق بس، علشان البنت متطلعش من الحكاية دي خسرانة كل حاجة، على الاقل تكون ليها حاجة بتحارب علشانها.
وضع كوبه امامه بعصبية ثم قال بضيق: وانا لما اقوله كده هايسمع كلامي، انا هاكون بيني وبينهم مسافات، ودي هاتبقى مراته وفي شقته. سمير محاولًا اقناعه: متقلقش لو قولت لمالك اللي بقولهولك ده، ميخلفش وعده ابدا،ده تربية عامر الفيومي. رأفت بقلق: ربنا يسترها، واقنعها بالجواز بدري. نظر في ساعته وجدها تعدت الحادية عشر، جلب جواله يجري اتصالًا بها فسبقته ندى وهي تفتح باب الشقة . نهض بعصبية متحدثًا: انتي ايه اخرك كده؟!.
لم يلاحظ وجهها المتعب والحزين، فقالت بهدوء: يعني انا قولت لحضرتك هاقضي اليوم مع مالك. أكمل حديثه بنفس عصبيته: بس مش الساعة ١١ ياهانم، والباشا ميعرفش في الاصول ويجيبك بدري. شعرت بالاحراج وخصوصًا في وجود صديق عمها، اما سمير فرمق رأفت باستغراب... سمير: رأفت اهدى، عادي انتين مخطوبين ..
رأفت بعصبية مفرطة: لا يا سمير الكلام ده مينفعنيش، انا اخدت قرار يعجل من جوازهم، انا ورايا قضية مهمة ومش هاسيبها لوحدها هنا، وهو يقضيها كده خروجات والاسم يتعرفوا على بعض، لا يتعرفوا على بعض في بيتهم، انا هاكلمه لو عاوز ياخد خطوة جد يتفضل في خلال الشهر ده تكون مراته، غير كده يبقى كل واحد في حاله.
كادت ان تتحدث وتخبره انها بالفعل نهت امر خطبتها منه، ولكن سبقها ودلف الى غرفة مكتبه، مغلقاً الباب خلفه بقوة نظرت لسمير بدهشة لتصرف عمها، وفي ثواني كانت تبكي وتتحدث: انا عملت ايه يا عمو،والله ما كنا نقصد حاجة،كنا بس ب... اقترب منها سمير متحدثًا بهدوء: اهدي يا حبيبتي وانا هادخله احاول اهدي فيه، انتي ادخلي اوضتك.
دخلت غرفتها وانفجرت من البكاء لما مرت به اليوم، لم تجد مبررًا لعصبية عمها حتى وان تأخرت يحذرها ببساطة وبهدوء ابتسمت بسخرية من وسط بكائها وكأن سيتكرر تلك المقابلات بينهم وهي قد أنهت خطبتهم، جلبت هاتفها ثم أجرت اتصالًا به،وبعد ثواني اتاه صوته الرجولي... _ نعم يا ندى!. ومن الواضح انه قد هداء الان ولكن لم تهتم او أظهرت ذلك فقالت بضيق: عمو رأفت زعقلي علشان اتأخرت لغاية دلوقتي وبيقول جواز اخر الشهر، ابقى بلغه انك نهيت الموضوع.
مالك مصححًا لها: انتي اللي نهيتي مش انا. ضغطت على اسنانها بغيظ من بروده: وانت متمسكتش، واقولك عادي مش فارقة . وفي لحظات كانت تنفجر بالبكاء، فقال هو بهدوء: طيب اهدي وانا هاتكلم معاه. قالت بضيق منه: تتكلم معاه في ان موضوعنا انتهى، عن اذنك.
اغلقت الهاتف، ثم وقفت امام المرآه تتحدث: أنتي زعلانة ليه دلوقتي، ده أحسن ليكي يا ندى، ده واحد مجنون، اه هو مجنون مينفعش أكمل معاه .. ظلت تقنع نفسها بتلك الجملة، ولم تعي ان ذلك المجنون أصبح متيمًا بها وبدأ حبها يتغلغل داخل قلبه ويحوله من أرضًا خالية جرداء الى ارضًا خصبة يتمنى ان يجني ثمارها قريبًا وينعم بها.
رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل السابع
صباحاً.. دلفت غرفتها بعدما لعبت رياضتها المفضله وهى اليوجاا، جذبت ثيابها ثم دلفت للمرحاض تأخذ حمامًا باردًا لعله يجعلها تنسى اوتتغاضى عن ما حدث الامس من ذلك الفظ، حاولت نفضه من ذهنها والاستمتاع بالماء البارد ...خرجت من المرحاض بعد خمسة عشر دقيقه استغرقتهم في الاستماع بالماء وصفاء ذهنها، خرجت وهى تشعر بأنها شخص جديد على أهب الاستعداد بالاستمتاع بيومه، لمحت تلك العلبه الموضوعه فوق فراشها، اقتربت منها وهى تقطب جبينها، فتحتها فوجدت "باربي" ومعلق بها ورقه قرأتها بصوت عالى: وانا بجيب هديه ليله حسيت ان عينك هاتنط وقلبك بيرفرف علشان اجبلك زيها، عقلك لسه زي الاطفال، مع تحياتي فارس قاهر قلبك وعقلك..
شهقت بصدمه من وقاحته قائله: طفله!، انا طفله، طيب والله لاوريك الطفوله على حق.. غادرت الغرفه وهى تنوى بداخلها احضار روح الشر حتى تنتقم منه ومن هديته، جلبت سكينًا حادًا من المطبخ ثم دلفت غرفتها وهى تنظر لهديته وترسم على محياها ابتسامه شر..مسكتها بغل ثم قامت بتشويهها بالسكين بغل وضيق وكأنه يقف امامها وتغرز ذلك السكين فيه لعله يبعد ويتركها بحالها، فمجرد ذكر اسمه يعيد ذكريات جرحت قلبها وجعلته قلب هش ضعيف.. انتهت مما كانت تفعله وهى تتنفس بغضب شديد القتها فوق فراشها وبجانبها السكين ثم التقطت لهم العديد من الصور وأرسلتها له عبر الجوال ومعاها رساله: خاف مني علشان عندي تخلف طفولي، المرة الجاية السكينة هتبقى في قلبك مش عقلك، ياقاهر زمانك!. القت الجوال بجانبهم وهى تزفر بغضب قائله: الله يخربيتك قدرت تخليني اتحول في ثانيه، ربنا يسامحك..
بمنزل رأفت.. وضعت الفطار على الطاوله ثم جلست بجانبه دون ان تتحدث، لاحظت هدوءه عن ليله أمس، فقررت التحدث معه لمعرفه ما ينوى فعله وما قاله مالك في محادثتهم بالامس.. ندى بهدوء: اتمنى انك تكون هديت يا عمو عن امبارح، ومالك فهمك الوضع امبارح كان أزاي.. هز رأسه متفهمًا: اه هديت، وقالي انكوا الوقت اخدكوا في الكلام، وانا فهمته ان ميصحش بردوا تتأخروا كده. قطبت جبينها فسألته بتوتر: هو ده بس اللي قاله. رأفت بعدم فهم: اه في حاجه تانيه ولا ايه..
لوهله فصلت عن عالمها وشردت بذهنها بما قاله مالك، أيعقل انه لم يخبر عمها بأمر انهاء خطبتهم، او أخبره حتى عن ما حدث بالامس، فمن الواضح انه لم يتحدث بشئ، ماذا عليها ان تفعل، ماذا يريد هذا المالك، أيريد ان يضع الكره بملعبها، وتخبر هى عمها بشأن انهاء علاقتهم، تخبطت الاسئله والافكار ببعضها البعض بذهنها فجعلها تشرد قليلًا عن حديث عمها ولم تستمع لاي كلمه منه الا تلك الجمله التى جعلتها تنتفض من مكانها..
ندى بصدمه: حضرتك بتقول ايه؟!. رمقها رأفت بضيق: بقولك مالك هايعدى عليكي كمان ساعه علشان تنزلوا تنقوا الفرش بتاع الشقه، علشان فرحكوا.. ندى ببلاهه: فرح مين؟!. افزعها رأفت حينما وقف يتحدث بعصبيه: ندى انا على أخرى في كل حاجه مش ناقصه هى، كتب كتابك على مالك أخر الشهر وهاتروحي معاه شقته لان انا هاسافر قنا علشان القضيه الي ماسكها انا مش هابقى فاضيلك.
وقفت امامه تتحدث بنبره حزينه: وعلشان حضرتك مش فاضيلي ترميني في النار.. ألمه حديثها ذلك فقال: أنا هارميكي في النار؟!. هزت رأسها بقوه تأكد على حديثها: اه لما تجوزني واحد لسه عارفاه من كام يوم يبقى بترميني في النار .
اقترب منها محاولًا تهدئتها وشرح وجهه نظره: اخص عليكي انتي تقولي كده، انتي امانه ابوكي، انا عايش ده كله علشان أحاول بس اوفرلك الامان واحميكي، يابنتي انا داخل على قضيه هاتقلب البلد، وكله بيجهز ليها، ومينفعش اخدك معايا لان في خطر كبير عليكي، ومينفعش اسيبك ياندى لوحدك هايبقى خطر أكبر.. عقدت حاجبيها قائله: انا ليه حاسه ان جوازي من مالك أخد منحنى تاني أنا مش فاهمه..
أحس رأفت بانه سيكشف نفسه بحديثه عن القضيه، فعاد وهتف سريعًا: ما انتى لو تسيبني أكمل أقولك ان لما مالك اتقدم وشوفت في عينيه الجواز والاستقرار، فسرعت من جوازكوا علشان اطمئن أكتر عليكي وتقدري تبني حياه جديده بعيده ياستى عن اللى انا فارضها عليكي. ابتسمت بحزن لتعانقه: تأكد ان الحياة اللي انت فارضها عليا أمن عندي من اي حياة تانيه.. انا قلقت عليك بسبب القضيه دي سيبها ياعمو. ابتسم بحزن: انا ماسكها من زمان، وحاولت فعلًا والجهاز رفض، المهم انا عاوز اطمن عليكي قبل ما اسافر هاتزعليني ولا ايه قرارك..
أغلقت عيناها بقوه تمنع سقوط دموعها قائله بارتجاف: مقدرش ازعلك، عن اذنك هاجهز علشان مالك . دلفت غرفتها ولم تعرف سبب بكائها وذلك الخوف الذي ينهش قلبها بسبب زواجها من مالك، ام بسبب بُعد عمها وابيها الثاني عنها لاول مره وأمر تعرضه لشئ خطير ذلك... أما رافت فجلس مكانه بهدوء بعدما نجح في اقناعها، ويتردد في ذهنه جملتها ( مش فضيلي ترميني في النار) وضع يديه على قلبه كاتمًا بصدره ذلك الوجع الذي داهمه بقوه متحدثًا لنفسه: شكلي انا الي برمي نفسي في النار يابنتي.
وقفت امامها تتحدث ببكاء: علشان خاطري يا ماما خديني معاكي مش عاوزه اروح المدرسه انا . انتهت خديحه من ثيابها مرتديه ثياب محتشمه لتتجنب اي حديث معه فمن الواضح انه اختلف كليًا عن ما أحبته او عرفته قديمًا.. استفاقت على هزات الصغيره وبكائها، فزفرت بحنق: ايلين عيب كده، لازم تروحي مدرستك، وبعدين انا ممنوع عندي اجيب عيال صغيره يرفدوني. بكت الصغيره اكثر وهى تتحدث: انا روحت معاكي قبل كده يا مامي والمدير جابلي شوكلت كمان.
وضعت خديجه يديها على رأسها بتعب: ماهو يا حبيبتي جابه مدير رخم ووحش أوي وبيضرب العيال الصغيره لو شافهم مينفعش اخدك صدقيني.. اقتربت الصغيره منها تعانقها متحدثه برجاء: ماهو يا مامي أنا هاقعد مكاني مؤدبه بس هاكون معاكي، والمدير ده ميقدرش يعملي حاجه بدام انتي موجوده هايخاف منك مش صح..
ابتعدت عنها وهى تنظر لها برجاء طفولي، فزفرت خديجه بحنق لضعفها امامها، قبلت وجنتي الصغيره قائله: صح يا قلبي تعالي يالا غيري هدومك بس توعديني تقعدي مؤدبه. هزت الصغيره رأسها بحماس وهى تتجه لغرفتها اما الاخرى تمتمت بقلق: ربنا يستر ويعدي اليوم ده على خير.
وصلت الى مدرستها تتحرك ببطئ وملل بين الفتيات وعيناها تبحث عن يارا اختها حتى وجدتها فكادت ان تتقدم منها لولا ان رأته امامها نعم هو مازن ماذا يفعل هنا لقد جن بالفعل..تقدمت منه بسرعه وهى تختفى وسط الزحام بين الفتيات.. ليله: مازن انت ايه جابك هنا؟!. ابتسم على خوفها الذي ظهر بقوه على وجهها: اهدى يا ليلتى كل الحكايه جيت ازور المدرسه بتاعتي..
عقدت يديها امامها قائله بحزم طفولي: الحقيقه يا استاذ مازن.. رسم ابتسامه واسعه على محياه: جايلك انتي. ابتسمت بخجل حاولت ان تخفيها ولكنها فشلت، فزعت عندما سمعت صوت يارا خلفها: انتي بتعملي ايه هنا يا ليله؟!. التفت بذعر وهى تتحدث بتلعثم: انا انا ياعني .. ابعدها مازن عن طريقه: ازيك يا يارا.
ابتسمت يارا قائله: الحمد لله، انت عامل ايه يا مازن واخبارك ايه في كليتك.. هز رأسه قائلًا: الحمد لله كويس، زي الفل. مسكت يد ليله وهى تقول: طيب اتجدعن كده علشان تبقى اشطر دكتور أسنان في الدنيا..عن اذنك بقى علشان عندى حصه وكمان ليله تروح مع زمايلها.. مازن: اه طبعًا اتفضلي.. تحركت مع يارا وبين الفنيه والاخرى تلتفت تنظر له.. اما هو فكان يقف يتابعها بعيناه التى لا تستطيع ان تبتعد عنها كلما وقعت عليها..
دلفت للجريده وهى تقبض بقوه على يد الصغيرة ودقات قلبها ترتفع حتى كادت ان تكسر قفصها الصدري من شدتها، مشاعر متضاربه بداخلها لم تستطيع تفسيرها ولكن ذلك الخوف ينهش عقلها، دلفت للمكان المخصص لها ثم أجلست ايلين وهى تقول بتوتر جلى: ايلين بصي زي مافهمتك المدير هنا رخم أوي أوي، وعصبي وشرير، ولو شافك هايطردني من الشغل، ومامي محتاجه الشغل ده.
هزت الصغيرة رأسها وهى تقول: حاضر يا مامي... تنفست قليلًا ثم قالت بتحذير: انا هاروح أشوف شغلي وانتي اقعدي هنا.. ايلين ببراءه: طيب مش هاتجبيلي شوكلت. ابتسمت خديجه قائله: من عنيا حاضر أول ما اخد بريك هاجبلك، يالا اقعدي ساكته..
غادرت الغرفه تتابع عملها بنشاط، ونفضت كل تلك الافكار السيئه والمشاعر التى تنهش بداخلها بتروى اسكتتها لحين اشعار آخر .. اما الصغيره مرت عليها خمسه عشر دقيقه في ملل وخاصه بعدما نست جوالها الصغير، نهضت وهى تبحث عن خديجه، أخرجت رأسها الصغيره من الغرفه وبحثت بعيناها الصغيرة بين الموظفون لم تجدها، وقعت عيناها على غرفه ذلك المدير الذي كلما حضرت مع والدتها اعطاها شوكلاته لها مذاق رائع، ابتسمت ببراءه وهى تتخطاهم بسرعه لتصل الى غرفته لتحصل على واحده، طرقت الباب كما علمتها خديجه، ثم فتحته سريعًا ودلفت، وقعت عيناها على شخص أخر، تراجعت للخلف وهى تقول: انا اسفه..
أوقفها بصوته الحاد بعدما علم بهويتها وكيف له ان يستطيع نسيان من كانت السبب في تدمير حياته وابعاد حبيبته عنه: انتي مين جابك هنا.. التفت الصغير بتوتر وهى تقول: مامي جابتني، وهى قالتلي متحركش من الاوضه بتاعتها بس انا كنت بحسب أونكل جلال هنا اخد منه شكولا. ابتسم بسخريه لحظها التعيس، فهو قام بتبديل الغرف مع جلال حتى يستطيع مراقبتها بسهوله، قام بطوله الفارع وجسده القوي ثم انحنى نحوها قائلًا: وماما سايبكي تاخدي عادي كده من الناس.
سألته ببراءه: هى ممكن تزعل؟!. هز رأسه، فقالت بحزن: هاتزعل، وممكن تخاصمني لو عرفت ان انا خرجت من اوضتها علشان المدير الرخم الوحش. كادت ان تتحرك سريعًا لتعود لغرفه والدتها ولكن يديه جذبتها سريعًا وهو يسألها: هى قالت ايه عن المدير ده؟!. جذبته من قميصه ثم انحنت نحو اذنه تهمس وهى تخبره بحديث امها، اما هو فاحتدت ملامحه وغلت النيران بصدره من جديد.
استفاق من نومه على رنين هاتفه، وما كان المتصل الا مالك يخبره بعدم قدرته على الذهاب معه لقبر ياسمينا اليوم، زفر بهدوء يلعن بداخله اليوم الذي لا يأتي معه مالك لقبرها معنى عدم وجوده سيعده لذكريات وأعوام حاول نسيانها وتخطياها بشتى الطرق..وقف كعادته امام المرآه وبداخله صراع نفسي يذهب لزيارتها ام لا..جذب هاتفه وهو يقرر التحدث مع مالك ولكن لفت نظره العديد من رسائل من يارا، ابتسم وهو يتابع الصور ورسالتها الحادة له، جلس على السرير بانهاك الى متى سيصل الوضع بينهم، الى متى سيظل قلبه يتعذب ببعدها وستظل حياته سوداء بلا لون أيعقل تظل حياته بلا حياة... قرر الاتصال بها ومشاكستها..
جاء صوتها هادئًا وكأنها تعلن انتصارها في الحرب: اخبارك يا ابيه فارس. ضحك بقوه قائلًا: الحمد لله يا حبيبتي. تخيل انعقاد حاجبيها وهى تتذمر لتلفظه بذلك اللقب الذي تكرهه منه، فقالت بحده: لو مبطلتش تقولي كده هاقول لمالك، مش خايف يديك بوكس في وشك، انا نبهتك كتير وانت مبتحرمش. هتف بمكر: ولما انتي نبهتي كتير وانا مسمعتش كلامك، مبتقوليش ليه؟!. تحدثت بتلعثم: انا انا..
قاطعها وهو يقول: علشان انتي كل مره بتتمنيها مني، وبتحبي تسمعيها وانا بقى مبحبش احرمك من حاجه، وأخوكي عارف ان انا بحبك، مبعملش حاجه غلط او من وراه. تحدثت بهجوم: لأ غلط انا مبحبش اسمعها منك، لانك ببساطه مش بالنسبالي حاجه، انت ولا حبيبي ولا خطيبي ولا جوزي . ابتسم بعذوبه: طيب ما في ايدك ده كله، بكلمه منك اكون حبيبك وخطيبك وجوزك، انتي الي مش راضيه، ومُصرة تكسري قلبي وقلبك. صمتت لبرهه ثم قالت بنبره يتخللها الحزن: طيب ما انت كسرته زمان ومفكرتش فيا لحظه، كسرته وكملت طريقك ومهمكش انا ولا قلبي. هتف بهمس: كان غصب عني.
جزت على اسنانها وهى تقول بعصبيه: قولي ايه اللي غصبك، ايه غصب راجل انه يتجوز واحده، والمفروض انها صديقته، كانوا تحت مسمى الصداقه، فاجاه اتجوزوا، يبقى من الاول مكنتش صداقه كان حب، وانت كداب واناني، وانا هبله وعبيطه، مشيت وراه اوهام وتخيلات وشويه نظرات ومشاعر تفاهه كسرت قلبي وعقدتني وخوفتني من الرجاله كلهم، انا مش عايشه على ذكراك انا اتعقدت بسببك، سلام يا ... يا أبيه. انهت حديثها ثم نهت الاتصال، اما هو فالقى جسده على الفراش مغلقًا عيناه متذكرًا ما حدث ..
( فلاش بااك).. _ انت بتقول ايه يا مالك، انت موافق على كده، طيب ويارا، انت عارف ان انا بحبها، مالك انت ادرى واحد وعارف.. وقف مالك أمامه قائلًا بهدوء: انا عارف ان الي هايتكسر قلبها أختى، بس ياسمينا... قاطعه فارس بعصبيه: انا كمان قلبي هايتكسر، انا كمان حياتي هاتنتهى، انا جايلك علشان تقولي اقول ايه نفكر مع بعض، تتكلم حتى انت معاها تعقلها عن الجنان ده، متقوليش انك موافق، واه اعمل كده.
صمت مالك ولم يتحدث فهزه فارس بقوه: بقولك اتكلم، متسبنيش كده، انا لو وافقت ياسمينا هاتغرقني، انا هاغرق يا صاحبي.. عاد من شروده وهو يتنفس بغضب قائلًا: واديني أهو غرقت ومش عارف هاطلع امتى للحياة تاني..
وقفت امام غرفته وبداخلها تتمنى ان لا تجدها معه، بحثت عنها في ارجاء الجريده، وبقى غرفته بالتحديد، طرقت الباب بهدوء وبعد ثواني ظهر صوته يسمح لها بالدخول.. دلفت وعيناها تبحث عنها فوجدتها تجلس على مكتبه وبيديها شوكلاته تأكلها ببط وتنظر لها ببراءه، رمقتها خديجه بحده لتخطيها أوامرها، اما هو فكان ينظر لها بتسليه.. اقتربت من الصغيره وهى تجذبها: يالا يا ايلين تعالي معايا.
وضع يديه على الصغيرة أيضًا قائلًا: سيبها قاعدة هنا في أمان ... نظرت له باستفهام، فتحدث موضحًا: اقصد من المدير الوحش الشرير.. عضت على شفتيها السفلى ثم قالت بتوتر: انا أقصد على استاذ جل.. قاطعها هو باستفزاز: لا ماهى قالتلي انها بتحب استاذ جلال. رمقت ايلين بغضب، فتراجعت الصغيره للخلف وهى تخفض بصرها، فربت عمار على رأسها قائلًا: أمورة اوي حكتلي على حاجات كتيرة أوي.
توترت خديجه، فقالت للصغيرة: يالا يا ايلين. منعها عمار هاتفًا: قولتلك سيبها هنا في أمان، انتي سايبها في مكان مفتوح ومش مهتمه بيها.. خديجه بضيق: قصدك ايه ان انا ام مهمله. عمار بسخريه: مشاء الله كبرتي وبقيتي أم!. خديجه بغضب متناسيه وجود ايلين: هى الام هى اللي خلفت بس، لا طبعًا الام هى اللى ربت . تقدم منها حتى وقف امامها قائلًا: ويا ترى بتربيها علشان نبع الحنان اللي بيفض منك، ولا لاغراض أخرى. هتفت بصدمه: قصدك ايه!.
نظر لعيناها مباشرة قائلًا: قصدي انك واخدها مثلًا كوبري.. قال كلمته الاخيره بهمس بجانب اذنها، قبضت يديها بقوه عندما سمعته يهمس مرة اخرى: فاكرها يا خديحه، فاكرة الكلمه دي. نظرت لعيناه وهى تقول ببكاء بعدما تجمعت الدموع بعيناها سريعًا: حرام عليك بقى، انت عاوز ايه منى يا عمار، حرام عليك. قبض على مرفقها قائلًا بشر: عاوز عمري اللي ضاع، حياتي اللي دمرتيهااا. ثم اسطرد حديثه وهو يضرب موضع قلبه بقوه: عاوز ده اللي كسرتية.
نظرت لموضع يديه على قلبه، فحركتها بعيدًا ثم تجرأت ووضعت يديها مكانها قائله: عمري ما كنت اقصد اكسره، ظروف كانت اقوي مني وغصب عني. نفض يديها بعيدًا ثم ابتعد عنها قائلًا بحدة: امسحى دموعك دي يالا واخرجي روحي شغلك، وسيبي البنت هنا قولتلك أمان عن برة، يالا. هزت رأسها ثم اقتربت من الصغيره ولثمت وجنيتها قائله: اقعدي ساكته مع عمو وانا شويه وهاجي اخدك. التفت لتغادر فاوقفها صوته: قولتلك امسحى دموعك الاول. مسحت دموعها بقوه ثم التفت له وهى تقول: كده تمام.. أشار بيدة لكى تخرج بكل عنجهيه، فزفرت هى بضيق ثم غادرت اما هو فالتفت للصغيره قائلًا بابتسامه: ها بقى كملي عن جدو الوحش ده اللي بيجلكو يزعل مامتك .
أوقف سيارته امام أحد المعارض، التفت اليها قائلًا: يالا ننزل نختار الفرش. عقدت ذراعيها امامها وهى تقول: انت متخيل ان الجوازه دي هتم. عقد ذراعيه امامه مثلما فعلت وتحدث: ومتمش ليه يا ندى. اشارت له وهى تقول: انت بتقلدني، ولا بتتريق عليا!. لفت انتباه اصابعها الخالى من خاتم الخطبه فقال: فين الخاتم ملبستهوش ليه؟!. رمقته باستنكار: ده على اساس انك مش اخدته امبارح.. تذكر فقاال: آه، طيب هاجبهولك بعدين.
ندى بضيق: هو انت متخيل يا مالك اننا ممكن نكمل بالطريقه دي، ونوصل للجواز كمان. مالك بتهكم:اه ليه منوصلش لمرحله الجواز، فيا ايه ناقص. زفرت بضيق: ده مش وقت تريقه على فكره. مالك: وده مش وقت كلام واحنا واقفين قدام المكان اللي هانجيب فيه فرش شقتنا على فكره، وخصوصا لو ان الكلام ده مبقاش له لزمه. ندى بتهكم: هى فين شقتنا دي، انت حتى مخدتش رأي فيها، ولا شوفتها، انت بتتكلم كده ازاي. عاد تشغيل السيارة ثم قادها بسرعه قائلًا: من حقك هخدك وافرجك عليها..
ندى بتوتر: مالك انا لسه بتكلم . مالك بغضب: خلاص بقى يا ندى اسكتى، طلبتي تشوفي الشقه هاوريهالك خلاص بقى.. صمتت وعيناها لم تصمت فهبطت الدموع منها بغزاره على صفحه وجهها، التفت براسها للجهه الاخرى وحاولت التحكم بنفسها، اما هو فانب نفسه كثيرًا على عصبيته معاها، فمعاها حق بحديثها الامس انهوا خطبتهم واليوم من المفروض اختيار اساس منزلها.. بعد نصف ساعه من القياده السريعه، توقف امام برج، هبط من سيارته ثم فتح لها الباب واشار لها بالهبوط، امتثلت لامره، ثم وقفت امامه: انا مش عاوزه اشوف حاجه خلاص.
لم يتحدث بل جذب يديها وسار بها الى المصعد، فقالت بضيق: خلاص يا مالك، مينفعش اطلع معاك. دلفت خلفه فوجدت شابه وطفله.. مالك: ازيك يا مدام خديجه؟!. خديجه بابتسامه: الحمد لله، حضرتك جاي لاستاذ فارس اضغط على الدور الخامس. هز رأسه وهو يضغط على الطابق السادس قائلًا: لا جاي شقتي، دي ندى خطيبتي وهانتجوز قريب. ابتسمت خديجه: بجد الف مبروك، اخيرا هايكون ليا جيران.. قطبت ندى جبينها وهى تفكر هذا يعني انها ليست شقته المقيم بها، لم تنتبه ليد خديجه الممدوه امامها الا عندنا هزها مالك، فقالت بأسف: اسفه جدًا مخدتش بالي..
صافحتها خديجه قائلة: ولا يهمك، الف مبروك. ابتسمت ندى قائلة: الله يبارك فيكي. توقف المصعد بالطابق المحدد فقالت ندى: القمر دي بنتك. هزت رأسها وقبل ان تتحدث كانت ايلين تقول: لا مش بنتها. رمقتها خديجه بعدم فهم: انتي بتقولي ايه يا ايلين . ايلين ببراءه: عمار قالي كدة، قالي دي مش مامتك يبقى انا مش بنتك، انا بنت بابي اللي مات بس. صعقت لحديثها فهمست بصدمه من حديثه عمار لها قائله: انتي بتقولي ايه!.
رفعت وجهها فقابلت أعين ندى ومالك ينظرون لها باستفهام فقالت بتوتر: عن اذنكوا، اتفضلوا انتو علشان مش اخركوا، عمار ده يبقى عيل بتلعب معاها، وقليل الادب عن اذنكوا.. وضعت يديها على فم الصغيره ثم جذبتها ودلفت لشقتها.. اما مالك فالتفت يفتح شقته فقالت ندى: هى مش مامتها!. مالك بلامبالاه وهو يدلف لشقته: تبقى مرات باباها، بابا البنت الصغيرة كان ظابط في الجيش وقبل ما يموت بكام سنه اتجوز خديجه دي وبعدها مات فخديجه تبقى مرات ابوها..
همست بحزن: الله يرحمه.. أشعل الاضاءه قائلًا: دي الشقه، ايه رايك فيها.. نظرت لها وجدتها خاليه من اي اساس فقالت: هو انت مش عايش هنا!. هز رأسه بنفي قائلاً: لأ، انت كنت عايش في مكان تاني، بس مينفعش نتجوز فيه..بصي انا عدلت فيها شويه حاجات وفتحت كام اوضه على بعضها، وخليت... أكمل حديثه و تقدم بخطواته للامام وهو يشير لها ويتحدث ويشرح، فقالت هى بعدما انتهى: مالك هو انت بجد عاوز تتجوزني، انت بتحبني، او حتى معجب بيا؟!..