logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 5 من 14 < 1 7 8 9 10 11 12 13 14 > الأخيرة



look/images/icons/i1.gif رواية قلوب مقيدة بالعشق ترنيمة غرام
  20-01-2022 11:31 مساءً   [34]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
نوفيلا ترنيمة غرام للكاتبة زينب محمد كاملة

تنويه: نوفيلا تكميلية لرواية قلوب مقيدة بالعشق.
مقدمة النوفيلا

بعد مرور ثلاث سنوات
وضعت أخر شيء بالفرن ثم زفرت بارتياح أخيرًا انتهت من الطعام، يوم طويل و مرهق بالفعل استغرقته بالمطبخ لإعداد الطعام بمختلف الأنواع، وذلك بعدما قرر مالك تجمع العائلة لديهم اليوم للاحتفال بابنتهم ندى، بعدما أتمت ثلاث سنوات، تقدمت من غرفة الصغيرة وجدتها تلهو بألعابها وابتسامة سعيدة ترتسم فوق ثغرها الصغير لم تظهر تلك الابتسامة إلا عندما تخبرها والدتها بمجيء والدهاا..
_ ندى بتعملي إيه!.

تحدثت وهي تجلس بجانبها تمسك إحدى عرائسها، التفت الصغيرة بجانب وجهها لوالدتها وهي تقول بنبرة طفولية : بلعب.
ابتسمت ندى وربتت على شعر الصغيرة المشابه لشعرها في لونه وكثافته : نلعب مع بعض إيه رأيك، أنا خلصت الأكل والبيت وكل حاجة، وأنتي كنتي مؤدبة وسمعتي كلامي وقعدتي ساكتة..
تجاهلت الصغيرة حديثها وحاوطت رقبة والدتها قائلة بحماس : دادي فين؟!.
رمقتها ندى بغيظ لتقول : يعني بحايلك وبلعب معاكي وتقوليلي دادي فين، أنا نفسي معرفش فين...بنت ابوكى بصحيح..

عبست الصغيرة بوجهها، قلبها البريء، عيناها التي تشبه عيون والدها تشتاق إليه، تشتاق لدلاله وضحكه ومشاركته معها تفاصيلها البسيطة الطفولية، طال غيابه هذه المرة، لم تعلم مدة غيابه ، ولكن والدتها تحسب غيابه باليوم والساعة والثانية تقريبًا، هذه المرة بالفعل طال غيابه لثلاث أسابيع ما يقرب للشهر، اشتاقت له ولكل تفصيلة به، تنهدت باشتياق لسماع صوته وهو يناديها، ورؤية شفتاه وهو يتلفظ بحروف اسمها بتروي، خاصة عندما يلقبها بـ ناديا ذلك اللقب الذي يدغدغ قلبها...رغم ما حدث منه في بداية قصتهم، ولكن بنظرة واحدة فقط من عيناه، همسة واحدة من شفتاه يستطيع إخماد تلك الذكريات بداخلها..

استمعت لرنين هاتفها بالنغمة المخصصة له، انتفضت بسرعة واتجهت للخارج تبحث عنه، وجدته ملقى فوق طاولة المطبخ التقطته بسرعة وهتفت بـلهفة :الو..
_ عاوزه حاجة قبل ما أجاي..
قطبت ما بين حاجبيها لنبرته الرسمية في الحديث، فسألت بقلق : فيك حاجة يا مالك، بتكلمني ليه كده؟!.
_ احم، مفيش .
هتفت بضيق : هو إيه اللي مفيش، دي طريقة تكلمني بيها بعد ما بعدت عني تلات أسابيع...
قطع حديثها قائلًا : يبقى مفيش سلام.
نظرت للهاتف بصدمة عندما أغلق الاتصال دون أن تُكمل حديثها، زفرت بحنق لتقول وهي تضع الهاتف بعصيبة فوق الطاولة : ماشي يا مالك اما تيجي بس.
فصول نوفيلا ترنيمة غرام
نوفيلا ترنيمة غرام للكاتبة زينب محمد الفصل الأول

جلست بقرب ولدها ذو التسع أشهر، رمقته بضيق لتقول: سكت يا أستاذ أنس بطل زن يا زنان..
حول الصغير بصره نحوها وهو يعبث بلعبته التي أخيرًا استحوذت على انتباهه، جذبت هاتفها تقرأ محتوى الرسالة التي بعثها زوجها على أحد وسائل الاتصال الاجتماعي ما يسمى واتس اب رفعت حاجبيها وهي تكتب بسرعة وتقول بهمس: يعني إيه مش هاتعرف تيجي يا فارس!

انتظرت ثوان، تحرك ساقيها بعنف تنتظر أجابته، ظهر أخيرًا رسالته ( معرفتش احجز طيران، تتعوض بقى، صوريلي أنس وحشني).
هتفت بغيظ وهي تنظر للهاتف: وحشك برص..
أغلقت الهاتف ووضعته بجانبها بضيق، شردت بتفكير في تهرب فارس من حضوره، قطع شرودها صراخ الصغير نظرت له بحنق: أنت ليه يا حبيبي زنان زي أبوك.

حملته برفق وبدأت في تحريكه يَمَنِيًّا ويسارًا لعله يصمت عن صراخه، ولكن لا فائدة فقالت بأرهاق: خلاص هاقوم اتنيل واعملك رضعة، يابني اسكت..
وضعته بمقعدة بحرص، ثم ذهبت صوب المطبخ تعد طعامه سريعًا، زفرت بارتياح وهي تحرك بسرعة تلك الزجاجة الصغيرة التي تحتوي على حليبه، خرجت من المطبخ قائلة: سكت ليه يا انس، جبتلك الرضعة أهو..

صرخة خرجت منها، انتفض قلبها برعب عندما وجدت زوجها المجنون يقف ويرفع أنس عاليًا والآخر تتسع عيناه بخوف لتلك الحركات المجنونة..
حرام عليك يا فارس أنت عاوز تموتني..
لم ينتهي من أفعاله المجنونة بالصغير بل زاد من سرعتها قائلًا: إيه رأيك في المفاجأة الجامدة دي.
اقتربت منه قائلة بعبوس: أوعى هات أنس مخضوض منك.

ارتفع صراخ الصغير مجددًا برعب، فقال فارس بغيظ: أبدًا يا كلب لازم تتربى بدام ما أنت فضحنا كده بعياطك ده.
أخذت منه الصغير بقوة قائلة بغضب: حرام عليك الواد هايموت من الخوف..
التوى فمه بتهكم ليقول: مش ده أنس اللي كل يوم مجنناني بيه في التليفون، الحقني يا فارس أنس مبقتش عارفة اعمل منه حاجة، تعال بقى شيل عني شوية..

احتضنت الصغير بقوة قائلة بضيق: مالكش دعوة بيه تاني، أنت أب أنت!، دي طريقة تسلم على ابنك اللي بعدت عنه شهر يا مفتري، المفروض تاخده في حضنك، تقوم ترفعه عشر متر لفوق إيه عاوز تلزقه في السقف..
اقترب منها وهو يقوم برفع خصلاته المتمردة دائمًا فوق جبينه قائلًا بمكر: إيه ده يعني انتي بتكذبي عليا، وأنس ولد شطور وجميل، يعني انتي كنتي هاتموتي وارجع علشان بتحبيني وعاوزني أكون جنبك..

صاحبت جملته الأخيرة غمزة وقحة أرسلها لها، لم يتغير حتى بعدما أصبح أبًاًّ صفاته وحديثه لم يخلو أبدًا من وقاحته، زمت شفتاها بضيق قائلة بحنق: عمرك ما تغيرت، زي ما أنت، بس أنا تغيرت وبقيت هبلة، أوع من وشي أنا وابني..
أوقفها بيده قائلًا بمكر: انتي رايحة فين، يمين الله م انتهى متحركة، ده انتي بقالك شهر بعيدة عني، هاتي أنوس حبيب بابا..

ابتعدت خطوة للخلف متشبثة أكثر بولدها قائلة بِتَحَدٍّ يحمل رفض قاطع: أنس مش هاتطلعه عند ندى فوق يا فارس كفاية فضايح، مالك جاي انهاردة لو شافه هايرميه على باب الشقة.
أرسل إليها ابتسامة سمجة قائلًا: يبقى يقدر يعمل كده، وبعدين ده الخال والد.
أخذ منها الصغير واتجه صوب باب الشقة، ذهبت خلفه تمنعه قائلة: متبعدش ابني عني، وبعدين مفيش حد بيستحمل ابن حد، وابنك زنان.

فتح باب الشقة والتقط منها الزجاجة قَائِلاً: أهو انتي قولتي ابنك زنان، سلام لغاية ما أرجعلك..
أرسل لها ابتسامة وقبلة في الهواء قبل أن يغلق الباب، دبدبت في الأرض بقدماها قائلة بغيظ وَتَحَدٍّ: ماشي يا فارس، على طول فضحني كده قدام مالك وندى طب والله لأضايقك...

اتجهت صوب غرفتهم بسرعة وأغلقت الباب خلفها بالمفتاح، جلست على حافة الفراش وهي تنظر للباب بِتَحَدٍّ، لا تعلم هي تتحدى من، قلبها أم هو، ذلك القلب اللعين الذي يتراقص فرحًا لرؤيته يجعلها في حالة لا توصف بكلمات قط، تلك المشاعر التي تتدفق بداخلها تجعل من خلايا قلبها عنفوان غريب يثور كحمم البركان داخله، فيصدر عنها أفعال هي تتعجب لها!

رغم شعورها بالغضب منه، إلا أنها لم تستطع الا أن تنهدم نفسها، وترتدي ثياب رائعة حتمًا ستخطف أنفاسه عندما تقع عيناه عليها، فكرت للحظات سيشعر بالفرح عندما يعرف بأمر قصها لشعرها أم سيحزن ويعاتبها، كثيرًا ما أخبرها بحبه له حتى هي شعرت بذلك من خلال يديه التي لا تفارق شعرها وحديثه ولمعة عيناه وهو يتغزل بها، ولكن في الآونة الأخيرة شعرت أنها تريد التغير بشيء ما، ووقع اختيارها عليه، حركة مجنونة وقد تكون متهورة بالفعل ولكن منظرة هكذا وكثافته وهو قصير أعطاها منظر جذاب وجميل، نثرت عبقها المفضل له، ثم جذبت أحمر شفاها ترسمه ببراعة فوق شفتيها، صدح قرع جرس الباب جعدت جبينها للحظات وأدركت أنه ليس زوجها، مسحت شفتاها برقة ثم ارتدت إسدالها وتقدمت صوب الباب، وجدت الصغيرة ترفع نفسها وتحاول فتح الباب، اتجهت بسرعة منها قائلة: نودي مش قلنا كده عيب..

هتفت الصغيرة بعبوس: ده دادي.
أبعدتها ندى عن طريقها قائلة وهي تفتح الباب: لا ده مش دادي، شوفتي أنس وانكل فارس..
اعطها فارس الصغير قائلًا: عمال يعيط عاوز ندى الصغيرة، وكمان يارا مصدعة.
احتضنته ندى بحنان قائلة بعتاب: ازيك يا انكل فارس وحشت نودي خالص..
عض على شفتيه السفلى قائلًا بحرج: احم اسف، المعفن ده مخلنيش اسلم عليكوا...
تقدمت الصغيرة منه ورفعت يداها قائلة: وحشتني..

رفعها فارس وعانقها قائلًا: وانتي وحشتيني، ليه ياربي ميكنش عندي بنت قمر وهادية كده زيك، مش زي الاهبل ده..
ضحكت ندى قائلة: حرام عليك، والله أنس عسل اوي، وانا وندى بنحبه ولما بيقعد معانا مبيعيطش خالص...
حولت بصرها نحو الصغير قائلة: مش صح يا أنس..

ابتسم الصغير لها ومد يده نحو وجهها، فحركت ندى وجهها بيده تقبله قبلات صغيرة، انزل فارس الصغيرة قائلاً: بس انا اسيبكوا وهو هادي كده، والحق اطمن على يارا بقى، باي يا أنس يا حبيبي واقعد ساكت.
ودعه فارس، واغلقت ندى الباب قائلة: حبيبي يا أنس نورت..
وضعت الصغير بجانب ابنتها، ثم نزعت اسدالها فظهر شعرها وقصره شهقت الصغيرة برقة، وضعت يدها على شعر والدتها قائلة: شعرك مامي..
ابتسمت ندى بسعادة: ايه حلو، صح..

هزت الصغيرة رأسها بعبوس: لأ.
قابلت ندى عبوس ابنتها بعبوس أكبر قائلة: العبي مع أنس.
صدح رنين هاتفها اجابت على الفور بعدما طالعت اسم المتصل: خالتو ازيك.
ايه يا ندوش خلصتي.
هزت ندى رأسها وكأن خالتها امامها قائلة: آه متتأخروش بليل بقى وتعالوا بدري.
حاضر، مالك كان هنا بيسلم عليا، وزمانه في الطريق جايلكوا..
ابتسمت ندى بسعادة قائلة: تمام، سلميلي على تيتة وليلة وعمرو..
من عنيا، سلام..

اغلقت الاتصال وشردت بذهنها لما حدث منذ عامين في عيد ميلاد ابنتها الاول عندما فاجأهم خالها وقرر الاستقرار نهائيًا في مصر، لم تشعر بالراحة أبدًا في وجوده، ولم يفشل هو أبدًا في تعكير مزاجها وصفوها، دائمًا ما يضايقها بنظراته وحديثة المبطن، تحملت الكثير منه، احيانًا تخبر مالك بما تشعر به واحيانًا تفضل الصمت، ولكن تلك الليلة التي استمعت بدون قصد حديثه مع جدتهااا، كانت بمثابة محور مهم لتتخذ اهم واجرأ قرار في حياتها...

( فلاش باااك).
أنا لغاية دلوقتي مش مصدقة نفسي، أخيرًا أنت هاتستقر معانا هنا، يا زين ما عملت يابني..
ابتسم أحمد ساخرًا: زين ما عملت إيه، أنا هاموت من جوايا بس غصب عني، مش قادر أكمل هناك لوحدي، تعودت على وجودك في حياتي..
هتفت والدته بهدوء: وان شاء الله تتعود على وجود ماجي وعيالها وندى في حياتك، العيلة سند حلو أوي، وأنت محتاجه في حياتك..

هتف بنبرة تحذيرية: بقولك إيه أتعود على ماجي وعيالها ماشي، بس دي أنا أصلا مش طايق نفسي وأنا قاعد هنا معها في مكان واحد، لولا أنك تعبتي وزن ماجي عليا أني اقعد، كنت مشيت من هنا أصلًا..
هتفت والدته بحزن: طب ليه يابني ده البت غلبانة وقلبها أبيض آوي وبتسامح أي حد، طب أنت شوفت بنتها دي البت الصغيرة بتحبك آوي..

حول بصره نحو الاتجاه الآخر خوفًا أن تفضحه عيناه ليقول: وأنا كمان بحب البنت الصغيرة جِدًّا بس بحبها علشان بنت مالك بس...

وضعت يديها على فمها تمنع خروج شهقاتها للعلن، انتقلت بسرعتها نحو غرفتها، دلفت وأطلقت العنان لنفسها، ظلت تبكي وتبكي فقط، إلى متى ستظل هكذا، بعدما كان يشعرها هذا المنزل بالراحة والأمان بدأت جدرانه تخنقها، بدأت تزهق روحها، انتفضت على فتح الباب، مسحت دموعها، ولكن رأها مالك فقال بقلق: إيه ده بتعيطي ليه!
وقفت امامة قائلة بنبرة مرتعشة: مفيش، أجبلك عشا..

احتضن وجهها بيده قائلًا: في إيه، بتعيطي ليه، حد ضايقك، هو مفيش غيره أنا نازل أتكلم معاه..
أوقفته قائلة برجاء: لو سمحت يا مالك مش عاوزه مشاكل، ولا عاوزه يكرهني أكتر من الأول.
هتف بنبرة غاضبة: ما يكرهك يا ندى، اعمله إيه يعني، أنا مش هاستحمل كل ما أدخل بيتي الاقيكي بالمنظر ده...
قاطعته برجاء أخر: لو سمحت اهدا، أنا هاكون كويسة..

زفر بحنق على خاله وما يفعله بحبيبته: طيب، بس توعديني أنك متعيطيش تاني ولا تتعبي نفسك كده.
‏لاحت بذهنها فكرة، ترددت كثيرًا عليها في الآونة الأخيرة، تشجعت وقالت: مالك نفسي اطلب منك طلب.
‏قبل ثغرها بحنان ليقول بنبرة هامسة: قولي اللي نفسك فيه.

‏ عاوزه نروح شقتنا نقعد فيها، أنا وأنت وندى، طول ما هو هنا مش هايبطل يجرحني، عاوزه أبعد علشان أقدر أكمل حياتي، نظراته ليا بترجعني لحاجات أنا بحاول أنساها، عارفة أنك مش حابب تبعد عن مامتك وأخواتك، بس..

صمتت ولم تجد حديث يعبر عن ما بداخلها، عم الصمت المكان فرفعت بصرها ترمقه برجاء، اغلق عينيه بحزن ليس من طلبها ولكن لما وصلت له حبيبته تبدلت كانت كالوردة التي تزدهر في أوانها، ولكن تلك العاصفة المفاجئة اقتلعت روحها وجعلتها تذبل رويدًااا، فتح عيناه وهو يجذبها نحوه قائلًا بحنان: اعملي في حسابك هانروح شقتنا، أنا مش قلقان على أمي معها عمرو وليلة وجدتي وهي هاتفهم موقفي، المهم انتي عندي ترجعي ندى اللي الضحكة مبتفارقش وشك.

( بااااك )..

عادت من شرودها مبتسمة برضا وهي تتأمل ذاتها، منذ أن استقرت هنا بدأت في لملمة شتات نفسها التي بعثرتها أشياء كثيرة، ولكن عشق مالك جعلها عادت كالوردة التي تخطف أنظارك من الوهلة الاولى لجمالها ورونقها، جميل أن تبني كيانًا وحدك، وتضع أساسه فتشعر بالنصر عندما ترى ملامحه بدأت في الظهور، ذلك المنزل هو كيانها وستحافظ علية بكل قوتها، خرجت تنهيدة بسيطة من صدرها تنم عن راحتها وشعورها بالرضا الذي بدأ يملؤها، انتبهت لصوت باب الشقة نهضت بسرعة وهي تبعثر خصلات شعرها حول وجهها لتبدو بمظهر مغري ويدها الأخرى تنهدم ثيابها، استمعت لصوت حذائه الذي كان يطرق بالأرض بخفة، فازدادت ضربات قلبها، وحدها تلك الابتسامة تعرف طريقها ترتسم ببراعة فوق ثغرها، فتعطيها هالة وجمال فوق جمالها البريء، تلك اللمعة احتلت عيناها مجددًا عندما وقع بصرها عليه يقف بهيئته التي مازالت تأسرها وتجعلها في حالة من العشق لا تنتهي، همسة باسمه خرجت من شفتاها كالترنيمة لتعبر عن اشتياقها مع نطقها لكل حرف في اسمه في عشق وحب كبير، اسمه الذي حفر بقلبها واستطاع هو حفره بكل براعة، فأصبح قلبها المسكين ملكًا لمالك واحد فقط، الا وهو مالك الحبيب والزوج والصديق وكل شيء، شعور جميل أن يستطيع الرجل أن يلخص معنى السعادة لدى زوجته فيه هو، هو فقط وليس أحد غيره، كلما التفت تراه، كلما تغمض عيناها تراه، لا يهتم قلبها أو عقلها إلا به هو، هو العائلة والسند، هو الحب والمودة، هو كل شيء...

استفاقت من حالة الحب والهيام التي غرقت بها على لمسة يده لها وصوته الأجش الذي مازال يأسرها وكأنها لأول مرة تسمع: وحشتيني آوي..
خرجت نبرتها ضعيفة وهي تتأمل ملامح وجهه بهدوء: وأنت كمان يا مالك..
مد يده نحو شعرها يمسد عليه كعادته وابتسامته تتسع، ولكن سرعان ما تلاشت ابتسامته قائلًا بصدمة: إيه ده!
تراجع خطوة واحدة للخلف واحتقن وجهه من فعلتها تلك، فازدادت نبرته قوة ليقول: بقول إيه ده!.

قصيت شعري، أنت زعلان كده ليه!
رفع أحد حاجبيه قائلًا بنبرة تهكمية: زعلان كده ليه؟!، أنتي بتستعبطي يا ندى أزاي تعملي كده، أزاي متسألنيش الأول..
قطبت ما بين حاجبيها لتقول باستهجان: أسألك الأول!، ليه بقى ده شعري وأنا حرة فيه، إيه اللي أنت بتقوله ده.

ارتفعت نبرة صوته فقال بعصبية: بقول إيه وزفت إيه، ما أنا بتهبب بقولك أنا بحب شعرك وبحبه طويل كده، ليه تعملي حاجة زي دي، انتي عارفة ده معناه إيه، معناه أنك مش مهتمة بكلامي، ولا مهتمة أصلًا بحب فيكي إيه و إيه اللي مبحبوش، متشكر..
ألقى أشيائه بعصبية على الأريكة فانتفضت الصغيرة والصغير، ارتفع بكاء أنس تدريجِيًّا، فعقد مالك حاجبيه قائلًا وهو يشير على الصغير: مين جاب أنس هنا..

تجاهلت حديثة ومنعت دموعها من الهبوط بأعجوبة، التفت بكبرياء أنثى قد جرحت كرامتها توا، ذهبت بخطوات مسرعة نحو غرفتهم، أغلقت الباب خلفها بقوة، جذبت ثياب أخرى ودلفت للمرحاض تُبدل ثيابها وهي تبكي بصمت، انتهت من ذلك اتجهت صوب الصنبور فتحته وألقت بالماء فوق صفحات وجهها، مسحت زينتها بالكامل، ثم عكصت شعرها وخرجت وكأن شيئا لم يكن وجدته يقف بمنتصف الغرفة يخلع سترته بضيق بالغ، تقابلت أعينهم للحظات، قاطعها مالك عندما ابتعد بنظراته نحو الاتجاه الآخر، خرج صوت ساخرًا منها ورمقته بغضب ثم خرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها بقوة مرة أخرى، ارتفع صوته ليقول بنبرة حادة: ندى متتكررش تاني حركه الباب دي..

ألقى بسترته بعنف ثم اتجه للمرحاض حتى يأخذ حمامًا ساخنًا ويخلد للنوم قليلًا قبل مجيء عائلته مقررًا خصامها حتى تعترف بأخطائها...

حرك المقبض بعصبية قائلًا: يابنتي الله يهديكي افتحي الزفت ده.
هتفت بعند قائلة: لا يا فارس، اطلع جيب ابني من فوق الاول.
زفر بحنق ليقول: انتي هبلة محسساني ان انا راميه في الشارع، ده في بيت خاله.
تحركت خلف الباب قائلة بعتاب: انت قلبك حجر ده المفروض تاخدني انا وابنك في حضنك لما جيت من السفر، ده انت غايب عننا بقالك شهر.

شدد على خصلات شعره القصيرة من غبائها فقال بنفاذ صبر: طيب افتحي واخد امه الاول في حضني، حضني ميسعش الا واحد بس، انتي وبعدين ابن الزنانة ده.
نهرته بضيق قائلة: متشتمنيش انا مش زنانة، انا طول عمري طفلة هادية ومحدش بيسعملي صوت.
هتف ساخرًا: على يدي، انتي هاتقوليلي، افتحي يلا.
هتفت بتحدِ: جيب أنس الاول...
صمت لبرهة ليقول باستسلام: طيب هاطلع ولما اجيبه متكلمنيش خالص.

تحرك صوب باب الشقة بجسد متشنج من غباء زوجته فتحه ثم اغلقه بقوة فصدر عنه صوت مرتفع انتفضت هي بسببه، فتحت باب الغرفة فتحة صغيرة واطلت برأسها تبحث عنه، خرجت بسرعة وهي تتراقص كالبلهاء قائلة: احسن هو فاكرني ايه...
ارتفعت ضحكاتها لانتصارها عليه، ولكن لم تدم سعادتها طويلًا بسبب صوته الذي ظهر في ارجاء المكان، اتسعت عيناها بصدمة والتفت لمصدر الصوت...
فاكرك مراتي اللي وحشتني والبعيدة مبتفهمش.

جزت فوق أسنانها بضيق بعدما استفاقت من صدمتها لتقول: يا كداااب...
ركضت بأقصى سرعتها نحو الغرفة، فسبقها هو وجذبها بكل قوته، اصطدمت بصدره العريض، تلوت كالغزال بين يده، رافضة الخنوع له، ولكن ذلك الصياد الماهر لن يقبل الا بالتهام فريسته، وخاصة ان اشتاق قلبه لها، ومجددًا اندلعت نيران عشقه بصدره، يريد اطفائها بقبلة واحدة من شفتاها، ظلت تتلوى هكذا دون جدوى، حتى اشتد بقبضته عليها فهمس بأذنها: وحشتيني...

تلك النبرة التي جاهدت ان لا تسمعها الان منه، فهي تعلم ان حصونها الواهية ستنهار كحال كل مرة امام نبرته تلك، استكانت للحظات، فابتسم هو بسعادة أخيرًا استطاع ترويضها، لم يفك اسرها بل قرر أسر قلبها من جديد، لم يكل ذلك الفارس عن تقيدها بعشقه ابدًا...
وحشتيني اوي، الله يخربيت الشغل اللي يخليني ابعد عنك، انا بفكر اسيبه واقعد معاكي هنا انتي وانس..

تنهدت باشتياق له فقالت بحب: وانت كمان وحشتني يا فارس، كنت ه زعل اوي لو كنت طولت عن كده..

أدارها نحوه فتقابلت نظراتهم في حديث طويل، حديث لم يعرف مذاقه الا العاشقين، حديث حتمًا ستكون نهايته قبلات عديدة لا مثيل لها، ليس من الضروري ان نعرف مصدر تلك القبلات منه هو او هي، ولكن الاهم ان العاشقين استسلموا لتلك الهالة وغرقوا بها بمحض ارادتهم متناسين اي شيء قد يقطع حلاوة صفوتهم حتى وان كان ذلك أنس الباكي دومًا...

تحرك في الفراش بغضب، حتى تلك الراحة التي يصرخ جسده للحصول عليها، صراخ وبكاء أنس ابن أخته يفسدها عليه، وضع الوسادة فوق رأسه، وسادتين!، لا فائدة انتفض بغضب وخرج من الغرفة باحثًا عنه فقال: ندى...
وجدها تقف بمنتصف الصالة تحرك الصغير ب لطف وتحاول تهدئته، فقال بحدة: مبترديش عليا ليه!
رمقته بضيق وأعطته ظهرها قائلة: مخاصمك.
رفع أحد حاجبيه ليقول بسخرية: والله!

هزت كتفيها بلامبالاة لحديثه، تحرك نحوها ووقف أمامها ثم جذب الصغير منها قائلًا: هاتي أوديه لامه، هو بيعيط عاوزها.
هتفت برفض: لا سيبه هي عندها صداع وتعبانة منه، أنا هاريحها شوية.
هتف بحدة: الواد بيقطع نفسه من العياط عاوز أمه.
زفرت بخفة حتى لا تستمع الصغيرة لحديثهم وجذبته من مرفقه جانبًا تحت نظراته المعترضة فقالت بهمس: فارس جابه وعاوزه يلعب مع ندى شوية، وهو كان مسافر بقاله شهر، سيبه يقعد معانا..

هتف بتهكم: وأنا قلقاسة، يعني أنا اللي مكنتش متنيل وغايب شهر بردوا..
هتفت بتعال: احنا متخاصمين...
ضغط على شفتيه السفلى بغيظ وهو ينظر لها، رمقته بعتاب، تجاهل نظراتها وجذب الصغير منها ليقول باستفزاز: معلش بقى أنا خال جاحد، يالا يا حبيبي على أبوك اللي معندوش ريحة الدم..
اتجه صوب باب الشقة فاعترضته الصغيرة وندى، توقف والتفت نحوهم قائلًا بحدة وصوت قوي: الله، اللي أقوله يتنفذ..

غادر الشقة، فبكت ندى وابنتها من غضبة الغير مبرر..
أما هو فهبط بسرعة الدرج ثم وصل أمام شقة صديقة وطرق الباب بعنف، انتفض فارس ويارا على أثره، جمع ثيابه بقلق وارتدى بسرعة أما هي فابتلعت ريقها بخوف قائلة: دي خبطه بوليس..
هتف بتهكم وهو يرتدي سترته: أكيد بوليس الآداب...
اتجه بسرعة نحو باب الشقة يفتحه بعجالة، وجد مالك يقف وملامح وجهه تحتد أكثر ف أكثر...
إيه ده يا مالك، إيه خبطه المخبرين دي ياعم..

رمقه مالك بسخرية من رأسه إلى أخمص قدميه ليقول: ابنك خده ومطلعوش عندي تاني يا بارد...
التقطه فارس منه وهو يربت على ظهر الصغير قائلًا: معش يا روحي، خالك عملك إيه، خالك المفتري..
انهى حديثة وهو ينظر لصديقة شزرًا عن فعلته تلك، هتف مالك بتهكم: كهربته من رجليه...
ضيق فارس عينيه ليقول: أنت خال أنت، ده حتى بيقولوا الخال والد..
ابتسم مالك بسماجة قائلًا: أكيد مش والد لابن الزنان ده..

إيه ده مالك تعال أتفضل معلش كنت مشغولة في المطبخ مسمعتش صوتك، وحشني آوي.
رفع فارس أحد حاجبيه عندما وجدها تقف بإسدال الصلاة وتمسك بيدها ملاعق المطبخ الكبيرة، هدأت نبرة مالك من حدتها فقال: عادي يا حبيبتي، الله يكون في عونك، شوفي أنس بقي بيعيط كتير..
جذبته من فارس وهي ترمقه بضيق بسبب إحراجها أمام أخيها، ودلفت للداخل، أما فارس فالتفت قائلًا: تدخل تاكل معانا، ولا تتفضل وتطلع فوق.

تحرك مالك نحو المصعد وفتح بابه قَائِلاً: لا هاطلع وأنت أبقى أعدل تيشترك، لابسه بالمقلوب..
نظر فارس لنفسه بصدمة، استفاق على صوت يارا الذي ظهر فور صعود المصعد...
ربنا يسامحك يا فارس فضحتني قدام اخويااا..
التفت لها وهو يغلق باب الشقة: دلوقتي فضحتني ومن دقيقة جوا بحبك يا فارس، ستات نكارة الرومانسية، وبعدين يا أزكي أخواتك طالعة والمعلقة نضيفة وبتبرق، طب حطي عليها أي حاجة..

دبدبت في الأرض بقدامها اعتراضًا على سخريته منها، فقالت بغيظ: متتريقش عليا لو سمحت.
حرك يده بلامبالاة واتجه صوب غرفته بضيق بالغ من صديقه وابنه وزوجته البلهاء..

‏دلف لشقته يبحث عنهم، استمع لصوت بكائهم في غرفة الصغيرة فوقف ليقول بتهكم: الاتنين بيعيطوا والمفروض إن أنا أصالحهم.
‏دلف الغرفة وجدهم يجلسون يعانقون بعضهم، وكأنهم يواسوا بعضهم في عزاء مثلًا، اتجه نحوهم وجذب الصغيرة لأحضانه مقبلًا إياها: زعلانه من دادي ليه..
‏ارتعش صوتها قائلة: أنت زعقتي آوي...
‏ زعقتي!، مش عيب لما أبقى بابا، وراجل وظابط ويتقلي زعقتي دي، يابنتي اسمها زعقت..

‏ظهرت شهقاتها المتتالية، فرق قلبه لها: متزعليش مني، أنا كنت عاوز انزله علشان هو عاوز مامته، والعب معاكي أنا وأنتي براحتنااا.
‏مسحت دموعها برقه قائلة: خلاص أنا حلوة أهو.
‏طبع قبلة فوق جبينها قائلًا: أنتي قمر على طول..

‏نهض من مكانه وهو يحمل الصغيرة وغادر الغرفة تحت نظرات ندى المصدومة لم يعير انتباه حتى لبكائها لهذه الدرجة هانت عليه، انفطر قلبها لمعاملته تلك، لأول مرة يقسى مالك عليها، هل شعرها أغلى منها هي شخصِيًّا لم تجد له أي مبرر على انفعالاته تلك، غادر الحزن ملامحها وزار الغضب قسمات وجهها، قررت معاقبته، نظرت للباب بحقد وهي تردد بداخلها تتجاهلني وكأنك تريد معاقبتي، إذن لم تجرب مرارة عقاب الأنثى وخاصة عندما تتجاهل رفيقهااا...


look/images/icons/i1.gif رواية قلوب مقيدة بالعشق ترنيمة غرام
  20-01-2022 11:32 مساءً   [35]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
نوفيلا ترنيمة غرام للكاتبة زينب محمد الفصل الثاني

مالك يا ندى من وقت ما جينا وأنتي ساكتة ومبتتكلميش!
التفتت نحو خالتها، وضعت الصحون فوق بعضهم قائلة بنبرة مقتضبة: مفيش.
هتفت ماجي بإصرار: لا فيه مالك بجد، هو مالك زعلك!
هزت رأسها بإيجاب وهتفت بحزن قائلة: آه مزعلني، تتخيلي يا خالتو أقص شعري واعمله مفاجأة يزعلني ويرد بكلام وحش، وقال إيه أزاي أتجرأ واتهبب على عيني وأغير حاجة في شكلي، وأنا زي الهبلة بعمل ده كله علشان خاطره...

اقتربت خالتها منها وربتت فوق يدها قائلة بهدوء: لو التغيير ده مكنش يبقى ليكي أنتي يبقى مالوش لزمة، متستنيش كلمة حلوة منه، المهم أنتي شافية نفسك إيه، وهو هايحب التغيير كده لما يلايقكي حباه يا حبيبتي..
مسحت عبرة ساخنة هبطت فوق صفحة وجهها لتقول: ماشي، بس بردوا الواحدة بتفرح أن جوزها يحب فيها أي حاجة حتى لو مش على هواه، فيها إيه لما كان قالي جميل عليكي وبعدين عاتبني براحة، لكن لا أزاي لازم يزعلني..

ابتسمت خالتها قائلة: الرجالة كلهم واحد، لو حاجة مش على هواهم يا الله على بوزهم...
دلف كالإعصار قائلًا بنبرة خشنة: ماما، جدتي عاوزكي بره..
هزت والدته رأسها بإيجاب وغادرت من المطبخ، وفور خروجها اندفع نحو زوجته يقول بغيظ وصرامة: أول مرة وأخر مرة تتكلميي مع حد في مشاكلنا حتى لو كانت أمي، مش بعد السنين دي كلها في الجواز هانخيب..
رمقته بضيق قائلة: مالكش دعوة، وبعدين عيب تصنت...

كادت أن تتخطاه وتغادر المطبخ، فامسكها من مرفقها، التصق ظهرها بصدره العريض، همس من بين أسنانه: براحتك، بس مسيرهم يمشو وبنتك تنام واعرف أخد حقي منك..
كانت تتراقص بداخلها فرحًا لحديثه ولكن أظهرت عكس ذلك لتقول: مين قالك إن أنا قاعدلك أنا هاروح عند خالتي أروق يومين واسيبك هنا لوحدك.

اشتد حصاره عليها ليقول بلهجة صارمة حادة: متتكررش تانى الجملة دي علشان مزعلش بجد، وبعدين عاملة نفسك مقموصة وأنتي اللي مفروض تصالحيني..
هتفت بعند قائلة: أنت المفروض تصالحني..
دلف فارس وابتسامة واسعة فوق محياه ليقول: أنا اللي هاصالحكوا على بعض..

عضت فوق شفتيها خجلًا، ثم فلتت من قبضة مالك القوية لتغادر المطبخ بوجه يحتقن بدماء الخجل من منظرها ذلك مع زوجها، أما مالك فاقترب من صديقه ليقول بتوبيخ: شايفك يعني بتتحرك في البيت من غير أي احترام.
اتسعت ابتسامة فارس ليقول بلهجة باردة: وأنا شايفك مش عامل أي احترام للضيوف اللي عندك..
أمسكه مالك بغيظ من ياقته قائلًا: أنت طالع تتبارد عليا علشان نزلتلك الزنان ابنك الصبح صح.

هز رأسه وابتسامة مستفزة ترتسم فوق ثغره، ابتعد مالك عنه قائلًا: عارف إيه أكبر عقاب ليك، أن أنس يفضل لازق فيك كده.

التقط فارس كوب المياه وتجرع منه القليل ثم قال بضيق: وربنا ما عارف عملت إيه في حياتي علشان ابني يبقى زنان كده، ده مبيفصلش عياط ٢٤ ساعة، أنا لفيت به على دكاترة مصر كلها، وكله يقول عادي بيبي بيعيط، والكلب لما بنروح يبقى هادي وعسل، أول ما نخرج من عند الدكتور يعيط، إيه ده يا أخي ده انا بفضل امشي بيه بليل زي الأهبل كده وألف وألف لما يبقى خلاص هايغمى عليا واقع وده مبيفصلش، الحمد لله خلاني اخد اهم قرار في حياتي..

ابتسم مالك قائلًا: مش هاتخلفوا تاني صح.
هز رأسه مؤكدًا: طبعًا مفيش تاني، الحمد لله كده رضا، بس أنا أعيش واشوفه طفل بريء كده وبيسكت زي بقية الأطفال...
ارتفعت ضحكات مالك ليقول: عارف الواد ده طالع لمين وربنا نسخة منه!
رفع فارس وجهه قائلًا: مين؟!
مالك بضحك: عمرو أخويا كان زيه كده، كان يقعد يعيط بالتلات ساعات وأحنا مش فاهمين ماله أصلاً.

هتف فارس باعتراض: يعني هايطلع نسخة من عمرو قليل الأدب وصايع كده، ربنا يطمنك.
ضغط مالك على شفتيه السفلى قائلًا: لا متقولش كده على أخويا، ده دكتور..
ابتسم فارس قائلًا بتهكم: أهو الدكتور دا عازم واحده اجنبية صاحبته جاية عيد ميلاد بنتك ويا عيني سايب مريم بتجيب بنزين وهاتولع فيه...
هتف مالك بصدمة: إيه ده عازم ريتا دي، لا إذا كان كده يالا نطلع نشوف الفيلم من الأول...
يالا أهو خلينا نشعللها شوية.

بصي بقولك إيه وربنا لو ما بطلتي جنانك ده هاشيلك هيله هوبه وارميكي من فوق هنا...
اتسعت عيناها لوقاحته قائلة: أنت ليك عين تتكلم كمان ياخاين..
فرك وجهه بيده قائلًا بغيظ: أنتي هبله يا مريم، أنا خاين في إيه بالله عليكي قولي كده!

ابتسمت بتهكم وهتفت: وكمان بتسعبط ومتعرفش، حضرتك إيه معنى كل ما أكلمك وأنت في البعثة تقولي أصلي مع ريتا، اتنيل واسكت وأقول معلش يا مريم ده بيحبك ومتجوزك أنتي، وهايرجع وتعملوا فرحكوا لكن ريتا دي صديقته بس، مع أن مفيش صداقة بين الراجل والبنت وأنت قولتلي كده، لكن توصل أنك تنزل من البعثة وتجبها معاك هنا في مصر يبقى لأ يا عمرو بينكوا حاجة..

جذبها من مرفقها بغيظ وأدخلها إلى الشرفة وهو يقول: على أساس إن مبحكلكيش كل حاجة بتحصل وأنا هناك، ده انا يا مؤمنة كنت بنام وأنتي معايا على التليفون، هو أنتي مش عارفة أنها ساعدتني كتير هناك وأنا لوحدي، ووقفت جنبي كتير، ولولاها كنت اتبهدلت وهي طلعت بنت جدعة وقفت جنبي هي و حبيبها، ومعرفك أنها بتحب واحد وهو كمان صديقي، وكان نازل معاها الرحلة دي، بس ظروف شغله اخرته، ونزلت هي، قوم ايه انا لما تنزل بلدي اسيبها ومقفش جنبها ولا اردلها الجميل...

هتفت بتهكم قائلة: وأنت سيد من يرد الجميل..
جز فوق أسنانه وهو يقترب منها، ابتعدت عدة خطوات للخلف قائلة بتحذير: متقربش، هاصوت..
صدح صوت والدها بقوة: تصوتي ليه يا مريم، عاوز يعملك إيه وأنا أسجنه.
التفت عمرو ليقول بغيظ: تسجيني علشان بقرب من مراتي!
صحح له شريف بضيق: لسة مبقتش مراتك، ده انتو حياله مكتوب كتابكوا..

وقفت بجانب والدها قائلة: هاصوت يا بابا علشان مضايق مني أني بعاتبة في ست ريتا صحابته، وقال إيه عزمها على عيد ميلاد ندى.
هتف والدها بابتسامة: مش قولتلك، القصة دي مش صداقة مصدقتنيش..
صفق عمرو ليقول: بس عرفت مين اللي مسخنك عليا، طلع الحج شريف، متشكر والله، بس أحب اقولك، بنتك دي أنا هاكمل وهاتجوزها، ومش هانوالك اللي في بالك..

استكمل حديثه ووجه لمريم: أما أنتي، أوصل لليفيل الوحش واتجوزك وأوعدك هاخونك بعدها..
غادر الشرفة وهو يضرب كفا فوق الآخر بتعجب، أما شريف احتضن مريم وربت فوق كتفيها قائلًا: يبقى يعملها وأنا أسجنه فعلًا، متقلقيش لازم نوريه العين الحمرا..

مشط شعرها بحنان ثم وضع تلك الفراشة الصغيرة ذات اللمعة البراقة بمنتصف شعرها، وفور انتهائه طبع قبله فوق جبينها مبتسمًا بحنان: خلاص خلصت، إيه رأيك..
التفت حول نفسها بحماس: شكرًا يا بابي..
جذبها عمار لأحضانه قائلًا: أحلى بابي بسمعها منك يا لولو..
دلفت خديجة وعلى وجهها علامات الغيظ من زوجها وإيلين لتقول: لو خلصت أنا عاوزه حد يقفلي السوستة بتاعت الدريس علشان البس الطرحة...

نهض عمار وهو يجاهد كتم ابتسامته قائلًا: إيلين اقعدي جنب سيف لغاية ما أساعد مامي..
ذهب خلفها واغلق الباب خلفهم، فقالت بضيق بالغ: اقفلي البتاعة دي لو سمحت..
اقترب منها بخطوات بطيئة ثم رفع يده ولمس بشرتها الناعمة فسرت رجفة بجسدها تجاهلتها بقولها الحاد: عمار..
رفع أحد حاجبيه مستنكرًا نبرتها ليقول: نعم، في إيه، لو مبقتيش كويسة معايا مفيش عيد ميلاد بنت صاحبتك، وارجع في كلمتي في ثواني..

التفتت ترمقه بغضب: وتكسر قلب إيلين وسيف عاوزين يروحوا يفرحوا..
هز كتفيه بلامبالاة قائلًا ببرود: وإيه يعني، عيالي وأنا هاعرف أراضيهم كويس..
اقتربت منه بخطوات بطيئة واختصرت المسافة بينهم، مدت أصابعها نحو أزرار قميصه تعبث بهم وهي تقول بدلال ونبرة ماكرة حاولت إخفائها: طيب يرضيك تكسر بخاطري أنا..
حاوط خصرها وشدد عليه قائلًا بمكر مماثل: لا ازاي خاطرك ده كبير اوي عندي..

جعدت جبينها قائلة بحنق: ولما خاطري كبير ليه تهملني يا عمار، ده كله علشان شركتك دي، انا فين من حياتك، يومك متقسم بين شغلك وبليل تلعب مع إيلين وسيف وتنام...
قاطعها مصححًا: باخد مين قبل ما أنام في حضني علشان أفضل حاسس بوجودها في حياتي، بشوف مين قبل ما أغمض عيوني، أنتي طبعًا، خديجة أنا عارف أن مقصر بس غصب عني، أنا بقيت مسؤول عنك وعن ولادنا وكمان مامتك وأخواتك..

قاطعته بحرج قائلة: قولتلك أنزل اشتغل و اساعد في المصاريف، لو مصاريف أمي وأخواتي أنت مالكش تتحملهم.

تقلصت ملامحه بغضب وهو يقول: مش أنا اللي مراته تنزل تشتغل وتتهان علشان تساعد في مصاريف، أنا لو هانحت في الصخر بأيدي و أسناني ومنزلكيش تشتغلي، وبعدين يا هانم أنا قادر اصرف كويس، أنا بس بعرفك المسؤولية، وان بحارب علشان اعيشكوا في مستوى أحسن، وبموت نفسي في الشغل علشان أخذ صفقات كتير، وآخر حاجة خالتك دي أمي وأخواتك اخواتي الصغيرين، انا ماليش عيله وانتو عيلتي، بلاش كلامك ده يتكرر تاني.

ادراها بضيق ثم اغلق السحاب بعنف والتفت ليغادر الغرفة، وقفت هي أمام الباب تمنعه من الخروج قائلة بأسف: أسفه آوي، متزعلش مني، أنا قولت كده علشان عاوزك معايا أكبر وقت ممكن، أنا بقيت أغير من إيلين وسيف والشغل.
تنهد بضيق ليقول: على طول بتعصبيني بكلامك اللي مالوش لزمه ده..
زمت شفتاها بضيق مماثل لتقول وهي تقترب منه: أنا بصالحك على فكرة...
عانقته بغنج فابتسم بمكر: شكلك مش عاوزانا نحضر أي حفلة لصاحبتك دي..

ابتعدت عنه قائلة برجاء: لا يا عمار وحياتي كده تقول عليا إيه، كل مرة بتحجج بحجج شكل!
ضحك بخفه قائلًا: وماله، الفستان يا ديجا محتاج يتظبط...
قاطعته بنبرة مرتفعه: لا، أبدًا مايحصلش..
جذبها لأحضانه: متأكدة، هايفوتك حاجات كتير..
ابتسمت بدلال يتخلله رجاء: وحياتي يا عمار، خلينا نروح ولما نرجع تشوف حكاية الفستان ايه..

اقترب منها يلثم ثغرها بحنو، يطبع فوقه قبلات ناعمة هادئة لعلها ترجع عن قرارها، ولكن حتى ان تراجعت هي تحت سطوة عشقه، هناك شخصان يرفضان ذلك بشدة، خرج صوتهم الطفولي المعترض من خلف الباب..
إيلين بضيق طفولية: بابا ماما، يالا بقى.
سيف: مماماا..
ابتعد يهمس بحب: يالا لو قولتلهم مفيش مرواح هايجننوني عياط ونكد.

خدي يا تيته ارقيه كده، يمكن ربنا يهديه..
تناولت الجدة أنس ومسدت فوق شعره وظهره بحنان، تمتمت ببعض الآيات القرآنية، استكان الصغير بين يديها فقال فارس بهمس: يارا الواد ده ملبوس..
لكزته في مرفقه: بس بقى، ملبوس إيه، أي طفل صغير يسمع القرآن والآدان يقعد ساكت..
ضحك بخفه قائلًا: بقيتي مامي آوي في نفسك.

ابتسمت بمكر وهمست بطريقة تمثيلية حتى تقوم بإغاظته: عارف أنا قررت أجيب بيبي كمان، الحوار طلع لطيف وظريف..
اتسعت عيناه رعبًا: أبدًا وربنا، أنا كده فلة بأنس حبيب بابا، الواد خلاني أكره الخلفة، بس يا حبيبتي قرار مرفوض أصلًا.
التفتت لتجادله، فقال غامزًا: لينا بيت نتناقش تحت وبعدين يا بيبي النقاش مينفعش قدام حد، أي نقاش بين أي زوجين لازم يكونوا لوحدهم..

هتفت بغيظ: ويا ترى ليه يا فارس، تحب اقولك ليه، علشان بتنفذ أفعالك الدنيئة ومبتخلنيش أكمل..
حرك حاجبيه بسرعة ليقول وهو يقصد أغاظتها أكثر: وأنتي الشهادة لله ما بتصدقي أصلًا.
ودت أن تقتلع رأس ذلك المستفز دومًا بحديثه ذلك وإجابته التي تشعل فتيل الغضب لديها، التفتت على صوت جدتها: يارا خدي أنس نام أهو، اقريله قرأن على طول وربنا يهديه إن شاء الله.

أخذت منها أنس ثم وضعته برفق بين يد والده تحت صدمة فارس وهو يقول: لا بلاش، ده عيل ابن ***، وممكن يعمل عليا بيبي يبهدلني..
آمال أنت بابا ببلاش، وبعدين عادي البيت تحت أبقى أنزل غير، أنا لازم أساعد ندى.
تركته وغادرت أما فارس فكتم غيظه وضيقه، متسمرًا مكانه حتى لا يقلق حضرة النائم، جلس عمرو بجانبه ومسد فوق شعر الصغير الكثيف: يا بختك يا أنس نايم كده ومش شايل هم الدنيا، ودماغك فاضية..

ظهرت ضحكته التهكمية: نق يا أخويا، خلية يصحا يفتح ويعيط وربنا ما نعرف نحتفل منه ولا نقفله...
طب والله انتوا ظالمين أنس حبيب خاله، أنا وهو بنحب بعض آوي.
هتف فارس مؤكدًا وهو يهز رأسه بموافقة: صح يا عمرو هما الزنانين والمفترين يحسوا ببعض كده..
رفع عمرو أصبعه قائلًا برفض قاطع: لا هو زي في الحلاوة، في الفرفشة، لكن النكد هو طالع لمالك أخويا..
ضربه مالك بقوة أسفل رأسه فقال عمرو بصياح: أي، قفايا ورم يا مالك..

قوم ياض ساعدني في ترتيب السفرة، مش أنا نكدي، أنا بقي هاكدرك انهارده..

راقبت ضحك أخواتها بأعين شاردة في اتخاذ أهم قرار في حياتها، منذ أن أتمت مرحلتها الثانوية ونجحت بتقدير عال والتحقت بكلية طب أسنان، كما كانت تتمنى، تغيرت قليلًا منذ أن نضجت ونضج تفكيرها، يومًا بعد الآخر تكتسب خبرة جديدة وحكمة تجعلها أكثر نضوجًا، لم تعرف سبب رفضها لمازن، رغم أنها مازالت تشعر اتجاهه بالحب، ولكن شيء ما يجعلها ترفض تحت بند استكمال دراستها، لم تحاول الحديث معه، تقطع كل الطرق عليه، تعجبت عائلتها من رفضها ولكن مالك دومًا يعطيها حرية القرار وساعدها في ذلك بعض صديقاتها وشجعوها على قرارها ذلك وحثوها استكمال دراستها والعمل بشهادتها فالزواج من وجهة نظرهم يمثل عائقًا كبيرًا أمام أحلامهم اقتنعت بسهولة بحديثهم وقررت التأجيل في أمر خطبتها من مازن، تحت اعتراض والدتها..

استفاقت على لكزات ماجي لها: إيه سرحانة في إيه يا دكتورة..
هزت كتفيها بلامبالاة قائلة: مفيش عادي.
زمت ماجي شفتاها بضيق: مازن كلمني، وقالي اشوف اخرتك ايه، انا شايفة انه ابن اصول وطلع راجل وبيحبك، واستحمل علشانك كتير، واستناكي ايه سبب رفضك ومتقوليلش حكاية الدراسه وابني كيان ومستقبل..
قاطعتها ليله قائلة: اه يا ماما فعلا عاوزة ابني كيان ليا، ايه الغريب في كده!

اقولك انا ايه الغريب، انك مذبذبة وملمومة على شوية بنات معقدة، وتستاهلي بقى لما يطير منك ويتجوز ويستقر، فين هتلاقي حد بيحبك كده، ومستعد يعمل اي حاجة علشانك، انا اتجوزت ابوكي وانا اخر سنة في الكلية وخلفت مالك وربتكوا ونزلت اشتغلت شوية وبعدها قررت اقعد واكمل حياتي معاكوا، قررت ابني كيان بجد، حتى بعد ما ابوكي مات فضلت مكملة واديني اهو بجني البذرة اللي زرعتها فيكوا، وبشوف الاساس اللي عملته بقى كيان واسرة كبيرة وفخورة بيكواا، ابعدي عن البنات دي، سها صاحبتك قالتلي عليهم..

نهضت ليله بضيق: ماما لو سمحتي انا مش صغيرة علشان تسألي من ورايا اصحابي، ولا انا صغيرة علشان متحترميش قراري..
نهضت والدتها وهتفت بنبرة خافتة تحمل التحدِ: ماشي يا ليله براحتك اولعي، وانا هابلغ مازن قرارك، وهو يشوفله واحدة بنت حلال تستاهله..
هزت كتفيها بلامبالاة ظاهرية رغم الغضب الذي بدأ في التوهج بداخلها: براحته حضرته...

وصل عمار وخديجة واجتمعت العائلة بأكملها حول المائدة، فقاطعهم صوت ندى وهي تقول: انكل شريف امال فين طنط سوزان..
رفع شريف رأسه ليقول: والله ما عارف يا ندى المفروض قايللي انها جاية.
مال فارس على مالك ليقول بنبرة خافتة: مين طنط سوزان دي!، دي تبقى بنت خالته صح؟
هز مالك رأسه: اه واخته في الرضاعة علشان انا عارف دماغك بتحدف فين..
مط فارس شفتيه قائلًا: آه ياعني مش هانوفق راسين في الحلال..

ضحك عمار قائلًا: بقى اسمه فارس الخطبة..
ضيق فارس عيناه قائلًا: انت رامي ودانك معانا!
ابتسم عمار باستفزاز: لا حضرتك انا قاعد في النص ما بينكوا، غصب عني لازم اسمع، وبعدين انا جوعت خديجة مجوعاني من الصبح.
اغلق مالك الهاتف ليقول: طيب اصبروا ثواني كدة بس.
زفر فارس بضيق: مين تاني فاضل ما كلنا موجودين..
اقتربت ندى قائلة: مالك ايه ده كله الضيف بتاعك مجاش..

دلفت للمصعد وقبل أن تضغط فوق رقم الطابق، سابقها ودلف رجل في العقد الخامس، رفعت رأسها تسأله بهدوء: حضرتك طالع نفس الدور ولا أغير..
رد بهدوء: لا نفس الدور..
هزت رأسها، انطلق المصعد فور الطابق المنشود، لاحظت تشنج جسد الرجل وملامح وجهه المقتضبة، فكرت للحظات أنه مقبل على جريمة قتل أو شجار مع أحدهم، انتبهت على وصول المصعد خرجت وهو خلفها، قرأت اللوحة المعدنية الموضوعة بجانب الباب ( مالك الفيومي)..

تنهدت بارتياح وتقدمت صوب الشقة لاحظت تقدم الرجل خلفها، التفتت نحوه تستفهم: حضرتك داخل نفس الشقة..
رد بضيق: آه دي تبقى شقة ابن أختي، أنا أبقى خال مالك، وحضرتك..
قابلت ضيقه غير المبرر من وجهه نظرها بابتسامة وهتفت: أنا أخت شريف صديق عائلة مالك، هي لفة طويلة كده..
هز رأسه متفهمًا: آه مدام سوزان، سمعت عنك من ماجي، تفضلي..

لاحظت لين ملامحه، فحركت رأسها بإيماءة وتراجعت خلفة: رن أنت الجرس بقى، أنت أقرب ليهم مني..

شرد للحظات في جملتها، توقف عندها مفكرًا هل هو أقرب إليهم بالفعل، أم انتقامه وغضبه وكره منها جعله يبتعد عنهم، ويبتعد عن دوره الأساسي نحوهم، دقائق معدودة وفتحت ندى الباب وعلى وجهها ابتسامة عريضة تلاشت تدريجِيًّا فور رؤية خالها، رمقها بنظرات غير مفهومة، نظرات وحده هو من يفهمها، توقف العالم حوله لثوان، حاول فيهم جاهدًا نطق ما حاول مالك تدريبه عليه، بعدما أخيرًا قرر التخلي عن عناده والاستماع لأحد، أقنعه مالك من جميع الجهات واستطاع اللعب على أوتاره، أفسحت ندى له المجال فدلف هو للداخل بجسد متشنج هاتفًا بنبرة رغم خفوتها إلا أنها اخترقت أذنها وجعلتها في حالة غير عادية من الاندهاش، ( أزيك)، كلمة ليست الا كلمة ولكن كانت تحمل العديد والعديد من المشاعر، وحدها هي من تستطيع تفسيرها وتفسير مشاعره المضطربة، استفاقت بعدها عندما وجدت سوزان تحتضنها: وحشتيني يا ندوش..

قابلت عناق سوزان بأخر مضطرب، رحبت بها بلهجه مهزوزة وقبل ان تدلف خلفها اوقفها مالك ضاغطًا فوق يدها بحنان: انتي كويسة، زعلتي اني عزمته..
هتفت غير مصدقة: قالي ازيك...
رفع احد حاجبيه مستنكرًا رد فعل خاله البسيط، رغم انه دربه كثيرًا على هذا اللقاء واخبره ان يعانقها و يغدقها بكلماته الحنونة، ولكن خاله خالف توقعاته، استفاق على سؤالها: هو انت عزمته!، وهو وافق على طول..

هز مالك رأسه: اه، يعني قولت اعزمه عادي واهو جه.
ابتسمت بسعادة: مش مصدقة.!.
وفي نفس الثانية تلاشت ابتسامتها: اه بس هو تلاقيه جاي علشان خاطرك، وكمان تلاقيه قالي ازيك علشان طنط سوزان كانت وراه، يالا ندخل ليهم عيب نسيبهم لوحدهم.


look/images/icons/i1.gif رواية قلوب مقيدة بالعشق ترنيمة غرام
  20-01-2022 11:33 مساءً   [36]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
نوفيلا ترنيمة غرام للكاتبة زينب محمد الفصل الثالث

مر يومان على عيد ميلاد الصغيرة، ومازال مالك يبتعد عنها ومعاملته الجافة تزداد شيئًا فشيئًا، تتذمر أحيانًا، وأحيانًا تتجاهله، ولكن في هذه الساعة بدأت تتوتر وتزداد عصبيتها وخاصةً بعدما علمت من خديجة بأمر الرحلة التي يخطط لها زوجها، قضمت أظافرها بغيظ وهي تقول: والله عال وصلت أن آخر واحدة اعرف، لا أنا مش هاعديهاله..

فتحت باب غرفتهم بعصبية وخرجت تبحث عنه، وجدته يجلس بأريحية ويتابع شيئًا ما على جواله وابتسامة عريضة ترتسم فوق ثغرة، تقدمت بخطواتها السريعة ثم وقفت أمامه وهي تميل بنصف جسدها العلوي نحوه تحاول رؤية ما الذي يضحكه لهذه الدرجة، رفع بصره لها باستغراب شديد وخاصه عندما مالت عليه بهذه الطريقة، مدت يديها تشير له بإصبعها قائلة بنبرة تحمل الشك: إيه ده يا مالك، بتضحك لمين، وليه؟!

قرر أغاظتها أكثر فقال بلامبالاة وهو يغلق هاتفه: وأنتي مالك..
اتسعت عيناها قائلة بصدمة: يعني أية وأنا مالي بقى!
زفرت بقوة ثم نطقت أشياء غريبة بصوت خافت بعدما انتهت رفعت رأسها بطريقة غريبة ثم قالت بنبرة تحمل التعالي والكبرياء: مالك لو سمحت صالحني، وأنا هاسامحك.
هتف بتهكم: أصالحك!، أنتي اللي تصالحيني، بقى أنا أجاي يوم عيد ميلاد ندى بليل وأحاول أكلمك، تقوليلي تعبانه وعاوزه تنامي..

هزت رأسها بعصبية وفجأة تحولت نبرتها بحدتها لنبرة باكية: أيوة كان لازم اعمل كده، لأننا لو كنا تكلمنا كنا هنتخانق أكتر فقررت نعدي اليوم..
اعتدل مالك في جلسته وتحدث بعتاب: أنا مكنتش هاكلمك في حكاية شعرك، أنا كنت هاسألك ليه كنتي تايهة وخالي موجود، كنت عاوز اعرف زعلتي لما عزمته؟ كنت عاوز اخرج اللي جواكي، بس أنتي حكمتي قبل ما أتكلم.

شعرت بالحنق من نفسها، فتحول وجهها للون الأحمر من شدة إحراجها، رمشت بعيونها عدة مرات، وحاولت إيجاد كلمات تهرب بها من موقفها ذلك، نظراته تشعرها بالخزي من نفسها، سعلت بخفة وهي تحشر نفسها في تلك المسافة الصغيرة بجانبه لتقول بتلعثم: أنا يعني كنت زعلانه منك، أزاي متقوليش شعرك يجنن عليكي يا ندى، ، أزاي تحبطني!

التفت بوجهه نحوها ثم قال متعجبًا: أحبطك، ندى كل الحكاية إن أنا زعلت كان لازم تشاوريني الأول، لأن الحاجة اللي أنتي قصيتها دي أنا بحبها جِدًّا.
نظرت له باكية وهتفت بنبرة مهزوزة: يعني أنا وحشة كده.
لم يستطع تحمل نبرتها تلك، فجذبها لأحضانه مُرَبتًا فوق ظهرها بحنان: لا أنتي حلوة أصلًا في إي شكل واي تغيير، بس أنا كنت بحبه يا ندى، لو سمحت متعمليهاش تأني..

مسحت دموعها بِمَنْدِيل قائلة بعصبية خفيفة: أزاي ترتب أننا نروح كلنا إسكندرية وأنا معرفش، وأعرف من خديجة.
نظر لها متعجبًا من سرعة أخبار خديجة بمخططه ثم قال: سريعة آوي خديجة دي!
هزت كتفيها بدلال قائلة: على الأقل مبتخبيش زي ناس وحشة.

قطبت ما بين حاجبيها في آخر حديثها دليلًا منها على استيائها لما فعله دون الرجوع إليها، تجاهل انفعالاتها وقرر التحدث فيما يهمه ويشغل عقلة منذ يومين، فسألها مستفهمًا باهتمام: قوليلي في إيه مالك، من وقت ما خالي كان هنا...
قاطعته بحديثها الجاد وملامح وجهها تغيرت بسرعة البرق: طبيعي يا مالك أتوتر، وأبقى مش فاهمة حاجة، بس اللي متأكدة منه أنه عمره ما يأذيني!

رمقها بتعجب أكبر قائلًا: وإيه اللي يخليكي متأكدة من كده، وبعدين واحدة غيرك تخاف خصوصًا معاملته ليكي في عيد ميلاد بنتك مكنتش لطيفة.
ابتسمت بعذوبة قائلة: هو لو كان عاوز يأذيني كان أذاني بس هو معملش كده، هو كل اللي في ايدة يحاول يوصلي أنه يكرهني بكل الطرق بس قلبه ميوصلش أنه يأذيني...
قاطعها مالك بضيق ليقول بنبرة خشنة: وأصلًا مين هايسمحله أنه يأذيكي..

ابتسمت بحنان ثم اقتربت منه وحاوطت وجهه بيديها الصغيرتين مثلما تفعل ابنتها: كانو بيخبوني عنكم، خافيين تأخذوني، ميعرفوش أن الأمان والحنان ملقتهمش إلا منكو، حرموني من أيام وليالي حلوة كنت هاعيشها وسطكوااا..
قاطعها مُتَّهِكم: ليه في واو الجماعة، المفروض الحنان والحب والأمان يبقى فيا أنا بس.

حركت يديها أمام وجهها تحاول إيجاد الهواء الذي انقطع عنها بسبب كلماته العذبة وحلاوتها التي أذابت قلبها وكيانها بالكامل رغم سخريته في الحديث: ياربي هايغمى عليا من كلامه..
ارتفعت ضحكاته عاليًا لحركتها وحديثها، فغمز لها بطرف عيني: طب إيه يالا أغمي عليكي علشان افوقك...

رمشت عدة مرات تحاول إيجاد حديث لمجاراته ولكن كل مرة يسكتها بكلامه غير المقبول من وجهة نظرها لوقاحته، ورغم مرور أعوام على زواجهم، وجدت الحل الأمثل وكالعادة الأفضل للهرب منه، أن تلقي عليه بحديثها الذي يحفظه مالك ظهرًا عن قلب: أنا هاقوم أشوف ندى...

وينتهي الأمر بها بين يديه تنعم بدفئه ودفئ قبلاته الحنونة، وعذوبة كلماته التي تدغدغ قلبها المسكين، فيصبح ذلك القلب مقيدًا وللأبد بعشق أبدي، وكأن ذلك العشق تميمة صعبة الكسر، لا يقدر أحد منهما الهرب منها، وسيظل قلبهما رهن عشق أسطوري لا مثيل له...

نهضت بسعادة تتحرك كالطفلة في أرجاء الغرفة تمتم بكلمات متقطعة سعيدة: أخيرًا، هانسافر، أي مكان..
عاد فارس بظهره واستند بمرفقه فوق الوسادة باستغراب من حالتها تلك: إيه يا يارا هو أنا عمري ما فسحتك قبل كده!

توقفت عما تفعله ثم تقدمت منه، وجلست إمامة قائلة: لا بس حرفيًّا من وقت ما حملت في أنس وبعدين ولدته ولغاية دلوقتي أنا وأنت مروحناش في مكان، أنا كنت قربت أطق وأزهق من اللي أنا فيه، بس الحمد لله الواحد لقي مكان يفرفش فيه..

حول فارس بصره نحو طفله فوجوده مُسْتَلْقٍ على ظهره فاتحًا كلتا ذراعيه ونائمًا كالملائكة، هيئته مريحة للأعصاب وخاصةً أعصاب فارس، طريقته تلك واسترخائه وعلامات البراءة التي تنير وجهه تبعث على الاسترخاء، وجد نفسه يبتسم تِلْقَائِيًّا لظهور ابتسامة صغيرة فوق ثغره فأنارت وجهه أكثر وأكثر، انتبه لحديث يارا الذي أصابه بالدهشة والتهكم معاً: نعم قولي كده تاني!؟

عادت ما تقوله وهي تحاول كتم ضحكاتها: بقول إن هو كده بيحلم أن الديب بياكلك..
لم يقل تعجبه بل ازداد فسأل مستفهمًا أكثر: آه ده اللي هو أزاي.
هزت رأسها مؤكدة لتقول موضحة: والله ماما وتيته قالوا كده إن الطفل لما يضحك يحلم أن الديب أكل أبوه..
ابتسم ساخرًا: ولما بيعيط..

ما لبث أن انتهى من حديثه، حتى تبدلت ملامح الصغير من مبتسمة لأخرى حزينة، اقتربت يارا تربت فوق ساقه قائلة بصوت خافت: كده يحلم أن الديب هاياكلني أنا..
خرج اعتراض قوي من فمه، فرمقته يارا بتحذير: فارس في إيه!..
فارس في إيه، إيه اللي بتقوليه ده، لو كده فعلا هاخلى الديب يأكله هو، مش كفاية قرفنا ب زنه..
اعتدلت في جلستها لتقول بضحك: هو طالع زنان لمين مش ليك..

رفع جانب شفتاه لأعلى قائلًا بسخرية: هو أنا زنان في إيه بقي إن شاء الله!..
حاوطت رقبته لتقول بغنج: تنكر أنك فضلت تزن عليا علشان اتجوزك..
ظهرت ملامح الامتعاض على وجهه قائلًا: يااارووحي!، أنتي بتعكسي بقى!
ابتعدت تهتف وهي تشير على نفسها: أنا اللي زنيت علشان تتجوزني!
هز رأسه نافيًا ليقول: لا الحقيقة لا.

ارتاحت قسمات وجهها بعدما كانت قد أوشكت على الدخول في حرب معه، ولكن سرعان ما نظرت له شزرًا بسبب قوله...
بس قرفتي أمي حرفيًّا بفضولك علشان تعرفي سبب جوازي من كاميليا ده أنتي ورتيني أسود أيام حياتي.
ردت خلفه غير مصدقة ما يقوله: فضول، بقى علشان ادورلك على سبب تكسرني به أبقى فضولية!.
تجمعت الدموع بمقلتيها سريعًا فنهضت تبتعد عنه، أوقفها فارس قائلًا: شوفتي بتستفزيني وبقول كلام يزعلك، معلش حقك عليا..

جذبها لتجلس مرة ثانية وحاوطها هو هذه المرة قائلًا بمزاح: يعني مزعلتيش من أنك ورتيني أسود أيام حياتي..
حولت بصرها نحوه قائلة بحزن: لا مش هازعل لان ده فعلا اللي حصل، وأنا مورتكش ربع اللي كنت ناوية علية، ما هو كسرة قلبي مش بالساهل، وبلاش تفتح في مواضيع أنا قفلتها علشان هاتطلع خسران وغلطان..

لاح بنبرتها تحذير خفيف يصاحبه رفع حاجبها كحركة أصيلة في معظم الفتيات، ابتعد فارس عنها يصطنع الخوف قائلًا: يامي، الحقيني خفت، وبعدين أنتي المفروض تشكرينني بعد ما أنقذتك من اللي اسمه سراج.
انتابها حالة من الضحك المستمر، عندما تذكرت ما فعله فارس، شاركها فارس الضحك وهو يعيد عليها ما فعله وفي كل مرة يخبرها شيء جديد بتلك القصة، فتتسع عيناها تَدرِيجِيًّا لما فعله...
اعترف أنك بتموت فيا ومتقدرش تبعد عني...

قالتها بتعالي وفخر استحوذ على نبرتها، فعاد هو يحاوطها بقوة معتصرًا خصرها بين يديه: وأنا من أمتى أنكرت، ومن أمتى قولت إن أنا أقدر أبعد عنك، أنتي قاعدة هنا ومربعة...
اتسعت ابتسامتها وهي تحول بصرها نحو قلبه قائلة: بحمد ربنا كل يوم أن مبعدتش عنك ومتجوزتش سراج..
اقترب يلثم وجنتها بحب ليقول بتوبيخ: عبيطة فاكرني هابعد عنك بالساهل.

نظرت له بلؤم قائلة: بس هو أنت أصلًا وقعت مع واحد أهبل، افرض كنت وقعت مع واحد بنفس شخصيتك وكرزميتك، مين كان هاينتصر...
ابتعد أنشاً واحدًا عنها ثم قال بمكر: كنا هانتقاتل مع بعض..
ثم استكمل حديثة بغرور: مع أني متأكد أن مفيش حد زي، أنا واحد وبس، فارس الرشيدي واحد وبس..
كادت أن تجادله مثل كل مرة، بتر جملتها برجاء: يارا مرة واحدة متجادلنيش وقولي اللي جواكي.

صمتت برهة، تتأمل ملامحه في مشهد من المؤكد أنه لا يتكرر ثانية بنفس الهدوء سواء كان هدوء المكان حولهم، أو هدوء مشاعرهم، أنفاسهم الساخنة المختلطة كانت تلك الموسيقى التي زينت مشهدهم ووصلت بهم لأرقى أنواع الرومانسية والحب، هتفت بصوت يتملكه بحة غريبة بعدما مررت عيناها فوق ملامحه التي مازالت تثير مشاعر تتدفق بداخلها كشلالات المياه العذبة، فتترك بداخلها صفاء لا يعرف مذاقه إلا العاشقين فقط...

فعلا مفيش إلا أنت بس، وعمري ما ألاقي منك اتنين..
هتف مشاكسًا وهو يقترب أكثر منها: ولا تلاته!
كتمت ضحكاتها وهي تقول بعتاب بسيط: على طول بتبوظ لحظاتنا الرومانسية..

مد يده يحاوط وجهها، مقربًا وجه منها يحاول تقبيلها، حتى تطفئ مذاق شفتيها تلك النيران التي بدأت تتوهج بخلايا صدره، أغمضت عيناها بحب لتستقبل عاصفته بصدر رحب ولكن أنس كان له رأيا آخر حينما استيقظ وارتفاع صوت بكائه، ضغط فارس فوق لحم شفتيه من الداخل بغيظ مُحَرِّكاً يده بعصبية بوجهه، أما هي فكتمت ضحكاتها بصعوبة حتى لا تثير غضبه أكثر...

في اليوم التالي...
دلفت خديجة غرفتهم تخرج ثيابها من دولابها بعجالة، رفعت بصرها ترمق الساعة المعلقة فوق الحائط، اتسعت عيناها بصدمة عندما وجدت نفسها تأخرت على معادها مع ندى ويارا، جلبت ثيابها واتجهت صوب المرحاض بخطوات واسعة، مدت يدها نحو المقبض افتتح الباب فجأة فاصطدمت بجسد عمار، أرسلت له ابتسامة سريعة قائلة: أوع يا عمار تأخرت..
شاكسها بوقفته أمامها ومنعها من دخول المرحاض: اتأخرتي على إيه؟!.

ضيقت عينها تسأله بعجالة: يعني أنت متعرفش!
قلدها وهو يهتف بلؤم: لا...
مدت يدها الفارغة تبعده عن طريقها قائلة: لا بجد بطل هزار أنا ما صدقت سكت إيلين وسيف وأقنعتهم يقعدوا مع ماما...
أخذ ثيابها منها ثم ألقاها فوق الفراش قائلًا: دي فرصة عظيمة على فكرة، إيلين وسيف مش موجودين، حاجة عظيمة جِدًّا نستغلها بقى..

تشبثت بالأرض ورفضت التحرك خلفه قائلة برفض: أبدًا مش كل مرة هاقعد اعتذر، منظري بقي وحش أوي، وبعدين أنا محتاجة حاجات للرحلة، مايو لإيلين وكمان...
قاطعها مستفهمًا: مايو إيه!، لا طبعا مش ها يحصل!.
جعدت جبينها قائلة: ليه دي لسه صغيرة وعادي تلبس مايوو.

هتف بنبرة تحذيرية: خديجة، أنا بنتي مش عرضة، عاوزه تلبس مايو تمام في حاجات متقفلة متجبيش حاجات تبين جسمها وبعدين لو كبرت وتعودت أنها تداري جسمها هاتكبر كده، أما بقى لو كبرت تلبس حاجات تبين جسمها كل حاجة تبقى بالنسبالها عادي..
وقفت تعارضه قائلة: عمار على فكرة كده غلط ومينفعش نقولها كده، هي صغيرة ومن حقها تعيش سنها وبعدين يعني انا أكتر واحدة بهتم بيها وبتربيتهااا..

هز رأسه مؤكدًا ليقول بعصبية: آه وماله تعيشه وأنا أول واحد هاخليها تعيش سنها وتفرح، وأنا مش قولتلك تقولي لها كلامي، لا حضرتك المفروض تختاري حاجة مقفولة متبينش جسمها إيلين بتكبر، جيبي لها حاجة مناسبة ليها وقولي لها بصي جيبالك حاجة تجنن، صدقيني هاتفرح به آوي، وياريت مش عاوز اي نقاش، ولو جبتيه وشوفته ومش عجباني ايلين مش هاتلبسه...

ترك منشفته ثم خرج من الغرفة دون ان يتفوه بأي حديث أخر، تعجبت منه ولكن هي تعلم حاله وتفكيره، ليس من الشخوص التي يمكن مناقشتها ومعارضتها في وقت عصبيته او ضيقه، من الافضل ان تصمت وتختار الوقت المناسب فيما بعد حتى تحصل على مرادها...

تحركت بغير هدى بغرفتها وهي تتحدث في الهاتف بنبرة مرتفعة غير عابئة لأي شيء لقد طفح الكيل بها من تصرفاته وحديثة البارد، استمعت لصوته المرتفع قائلًا بنبرة تحذيرية: مريم صوتك ميعلاش..
هتفت بعصبية مماثلة له: لا هايعلى يا عمرو إيه البرود اللي أنت فيه ده!
ضغط فوق حروف حديثه ليقول بغيظ: متقوليلش كلمة برود دي، إيه قصدك إن أنا بارد..
هزت رأسها وكأنها أمامه لتقول: آه أنت بارد...

عم الصمت في الاتصال حتى هتف عمرو يسألها بغضب: أنتي بتشتميني، بتقوليلي يا بارد، بتشتمي جوزك!
لسة مبقتش جوزي!
تمام كده آخر كلام عندك يا مريم..
هتفت بِتَحَدٍّ: آه أخر كلام، لو جبتها معاك الرحلة يا عمرو اعتبر أن كل شيء انتهى وتطلقني ليك حرية الاختيار سلام..

أغلقت الهاتف دون أن تستمع لرده، قبضت بيدها الصغيرة فوق هاتفها وكأنها تقبض على مخاوفها وهواجسها، تلك الهواجس التي بدأت في السيطرة على عقلها ورسم سيناريوهات ستحرق روحها أن تحققت، هبطت دموعها بغزارة فوق صفحات وجهها، التفت برأسها نحو والدها عندما استمعت لصوته: وبعدين معاكي يا مريم.

مسحت دموعها بباطن يدها قائلة بنبرة مرتعشة: تصور يا بابا عاوز يجبها معانا الرحلة، ويقعد يهتم بيها قدامي ويقضي معها وقته وأنا أتحرق، دي مش صداقة أبدًا يا بابا...
جلس بجانبها وحاول تهدئتها: حبيبتي أي كان اللي بينهم، متتعصبيش آوي كده، أنتي اللي بقيالي، أنتي عاوزه يجرالك حاجة من كتر عياطك..
همست بخوف وهي تنظر أمامها: هو ممكن فعلا يكون بيخوني!

استشعر خوفها وقلقها، فقرر بداخله أن يضع حد لذلك الموضوع: لا عمرو بيحبك، وهو أكيد هايشتري خاطرك أنتي..
همست بتمني قائلة: يارب، علشان لو مشتراش خاطري بجد وقتها كل حاجة هاتتهدم..

زفر بعصبية قائلًا بغيظ: لا أخلص يا فارس أصل والله أرزعه في الحيطة.
التفت فارس حول نفسه يبحث بعينيه في أرجاء المطبخ متمتمًا بكلمات غير مفهومه، حتى صاح بصوت مرتفع ونبرة تحمل الراحة: أخيرًا لقيتها، بتّركب أزاي دي، يارا قالت بتركب أزاي.
تشنج جسد مالك بعصبية من الصغير عندما بدأ يصرخ باكيًا ويتحرك بعصبية بين يد مالك الممسكة به بقوة، رمقه مالك باستغراب: في إيه يابني بتعيط ليه كده؟!.

زفر فارس أخيرًا بارتياح وتقدم من مالك وهو يحرك الزجاجة التي تحتوي على طعام الصغير بسرعة كبيرة قائلًا: أهو يا أنس الرضعة أهي اقعد ساكت..
ابتعد الصغير برأسه للخلف رافضًا حديث والده وكأنه يفهمه، رفع مالك أحد حاجبيه وهتف بضيق: أنت ياله عمال تعيط وقارفنا في الأخر مش عاوز تاخد اللبن آمال عاوز إيه..
وضع فارس الزجاجة بعصبية بالغة فوق الطاولة: أنا زهقت آمال بيعيط ليه..

تعلقت عيون الصغير بندى الجالسة أرضًا تأكل الحلوى، حول مالك بصره نحو النقطة التي ينظر الصغير لها، فصاح متفهمًا: فارس، ده عاوز الشكولاتة والشبيسي اللي مع ندى.
رمقه فارس بغيظ: أنت عيل طفس ياض.
ضحك مالك قائلًا: ندى حبيبتي ممكن تجيب الشبيسي والشوكولاتة دي لانس علشان بيعيط آوي، وأنا هاجبلك تاني..
رفعت الصغيرة عينيها تنظر لوالدها ثم قالت: ماسي ماشي.

ابتسم مالك بفخر، فقال فارس مصطنعًا البكاء: ليه ياربي معنديش بنوته قمر كده، أحسن من الزنان ده.
ارتفعت ضحكات مالك، تقدم صوب الأريكة وضع أنس برفق، ثم جلب جميع الحلوى وأعطاها للصغير، فابتسم أنس بسعادة والتمعت عيونه نحو تلك الأشياء التي تحرمها والدته عليه، جلس فارس بجانبه قائلًا بضيق: يعني لازم ماجي هانم تصر تخرجهم انهارده، ما كنا نجيب احنا الطلبات دي!

لا هو غلط من يارا يا فارس أنها سابت انس، وهي عارفة ابنها على أيه.
ابتسم فارس ساخرًا: لا أزاي مش ندى مراتك سابت بنتك، ليه مكنش آب ايجايبي وزيك وأتولى مسؤولية ابني..
اخرج تنهيدة قوية من صدره ثم أكمل بتهكم: أنا نفسي معرفش أتولى مسؤولية نفسي.
حرك مالك رأسه نافيًا: لا أنا ندى لو مبتقعدش ساكتة مكنتش سبتها..
دادي..

حول مالك بصره نحوها، وجدها تشير نحو الصغير وتحاول اعتداله بلهفة، قطب مالك ما بين حاجبيه وهو يحاول فهم حركتها تلك، ولكن سرعان ما تبدلت ملامحه إلى الذعر صاحبه نبرة خافتة تحمل جميع معاني الخوف صدرت من أب يرى أمامه مشهد لابنه يحاول فيه التقاط أنفاسه، وعيون جاحظة تستنجد بأي شيء...
أنس..

حروف اسم ولده خرجت من شفتاه بصعوبة ثم بعدها ثقل الهواء الذي يخرج من ثغره وارتعشت يداه وهو يحمل ولده يحاول إسعافه، وعقله يحاول ترجمة ما يحدث في هذا الواقع الاليم، اما قلبه ينتفض برعب لرؤية ولده على هذا النحو...

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 5 من 14 < 1 7 8 9 10 11 12 13 14 > الأخيرة





الكلمات الدلالية
رواية ، قلوب ، مقيدة ، بالعشق ، ترنيمة ، غرام ،











الساعة الآن 08:47 PM