رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الثاني والثلاثون
نظرت لعقارب الساعه بضيق، هذا هو حالها معه فقط تنظر لعقارب الساعة بترقب، لعنت عمله الذي يبعده عنها وخصوصًا شركته الصغيرة الذي قرر فتحها مؤخرًا والعمل في مجال دراسته...خرج من الصباح ولم يأتى حتى الان زفرت بهدوء بعدما وجدتها تعدت الثامنه مساءًا، جربت الاتصال عليه ولكن مغلقًا..انتبهت على تذمر الصغيرة..
_ أنا زعلانه منكوا يا مامي، عمار قالي هاوديكي ملاهي انهارده ومنروحش الفرح امبارح، ومشي من الصبح مجاش. ربتت خديجة على رأسها بحنان قائلة: معلش هو عنده شغله كتير أوي، لما يجي هقوله ان ايلين زعلانه منه... هزت الصغيرة رأسها بإيجاب وهى تتابع التلفاز مجددا، احتضنتها خديجة بحنان وتابعت معاها التلفاز عله يشغلها عن التفكير به...صدح رنين هاتفها طالعت المتصل بسرعة وجدته والدها، انقبض قلبها وهى تجيب: الو..
_ انتي فين ده كله بتصل من الصبح عليكي غير زفت متاح ومرة مقفول.. ابتلعت ريقها بخوف وخاصة بعدما وصل الى مسامعها صوته الغاضب والجهور: انا..كنت نايمة و... بتر حديثها قائلًا بنبرة حادة: أمك تعبانه أوي وطالبه تشوفك، تعالي بسرعة.. أغلق الهاتف في وجهها قبل سماع ردها، نهضت بقلق وخوف على والدتها: ماما تعبانه..استر يارب.
اتجهت لغرفتها وأبدلت ثيابها بعجالة، جربت الاتصال به عدة مرات ولكن في كل مرة يعيطيها نفس الرد مغلق، تذكرت حديثه لها وتنبيهه بأن لا تخرج من المنزل الا بأذنه ولكن والدتها خارج تنبهاته سيسامحها عندما يعلم بمرض والدتها..خرجت من الغرفه وجدت أيلين في وجهها ... _ رايحة فين وسايبني يا مامي.. جذبت خديجة حذاء الصغيرة وهى تقول بعجالة: يالا يا ايلين بسرعة البسي الشوز، تيته تعبانه..
ودعت والدتها وهي علي اعتاب شقتها بعدما جلست معاها واقنعتها ان تتحدث مع فارس حتى تنهى ذلك الخلاف لانها أصبحت زوجته واختلف كل شئ ويجب عليها حسم قرارها...التفت بجسدها له وجدته يجلس بهدوء يعبث بجوالة..قررت الاخذ بنصيحة والدتها وتتحدث معه بهدوء لعلها تجد اجابه واضحه وصريحة عن سؤالها.. جلست بجانبة وقالت بلهجه قوية تحمل بين طياتها رجاء: فارس لو سمحت احنا دلوقتي اتجوزنا، الاول انت كنت بترفض تقولي سبب جوازك من ياسمينا وكنت محترمه قرارك..بس انت دلوقتي مسبتش ليا مجال واتجوزتني يبقى أقل حاجه تعرفني السبب، انا هرتاح لما أعرفه.
تنهد فارس ضعفاً وتعباً بسبب الارهاق النفسي والضغط العصبي الذي يمارسه على نفسه: يارا انتي ليه مُصرة تعرفي سبب جوازي من ياسمينا ؟ ياسمينا الله يرحمها خلاص مش موجودة ويكفيكي احلفلك اني عمري ما حبيت حد في حياتي الا انتي ولا حتى ياسمينا، امبارح والنهاردة والعمر كله بحبك انتي وبس . تململت يارا بجلستها وزفرت بأصرار: ايوة يا فارس لازم اعرف السبب، وحكاية حبك دي انا بشك فيها لان مفيش حد بحب يعمل اللي انت عملته ولا يكسر حبيبه بالطريقة اللي كسرتني بيها، مش هقولك على التعب والوجع اللي عشته ايام جوازك من ياسمينا الله يرحمها، لكن من حقي اعرف ليه عملت كدا عشان اقدر اثق بيك مرة تانية لو اقتنعت باسبابك طبعاً، ومتلومنيش لو ما اقتنعتش باسبابك اني اقفل صفحتك من حياتي تماماً .
اكفهر وجه فارس وعلم انه مقدم على امر صعب ومهمة اصعب فحبيبته عنيدة ومكابرة لابعد الحدود: يارا ارجوكي افهمي سبب جوازي ميخصنيش عشان اقدر اتكلم فيه، يا ريت تقدري حرمة انسانة ميتة وتعفيني من الكلام بالاسباب . رفعت يارا حاجبها بأستنكار لما هداها اليه تفكيرها عن سبب تلك الزيجة: تقصد ان انت اتجوزتها عشان ... اقصد يعني انها كانت ... يعني ان ياسمينا كانت...
ذعر فارس من اتجاه تفكيريها وما توصلت اليه عن سبب ارتباطه ب ياسمينا: لا لا لا، لا ابدًا والله يا يارا ياسمينا من اشرف واطهر البنات اللي ممكن يقابلوكي . تنهد بتعب وحاول تهدئة نفسه واستطرد يوضح: استغفر الله العظيم، اسف يمكن كلامي وصلك فكرة مش حقيقية، ياسمينا انسانة نضيفة وعفيفة و اللي في بالك مش حقيقي .
جلست ففضولها يقتلها لمعرفة التفاصيل والسبب الحقيقي ورا هجره لها وذبح قلبها بتلك الصورة، فأكمل بهدوء: مش انا الراجل اللي يتكلم عن ست كانت على ذمته في يوم ويقول اي حاجة تذمها، مش هقدر اقول في حقها اي حاجة، وطبعا سبب الجواز كان عندها لكن اكيد مش اللي وصلك ابدًا، تقدري تحطي اي تخمين وتفترضي اللي انتي عايزاه، مثلاً انها كانت مهددة من طرف معين، او مثلاً مشاكل مالية وديون وقروض، او اي حاجة ممكن تخطر في بالك واعتبريها هي السبب، ارجوكي اعفيني من الكلام، انا وعدتها عمري ما اقول سرها و قطعت عهد على نفسي اصونها في مماتها بالظبط زي ما صنتها في حياتها، صحيح عمرها ما كانت حبيبتي ابدًا لكن طول عمرها صديقتي واختي اللي اتربينا سوا وبحبها الحب الاخوي اللي طول عمري بقولك عنه وعمري ما كدبت يوم عليكي بخصوص علاقتي بيها .
وقفت يارا وكتفت يديها ضامةً اياهم لصدرها ونفخت بتعالي: وانا مش هيرضيني التخمينات اللي بتقول عليها ومش هقبل بإفتراضات من خيالي، يا تقولي الحقيقة كاملة زي ما حصلت .. يا الورقة اللي بينا نقطعها وكل واحد يروح لحاله، مش هرضى بأنصاف الحلول انا . نكس رأسه بهم كان يتوقع قرارها هذا بل كاد يجزم عليه، ولكنه الامل بأن يارا الصغيرة الطيبة ذات القلب البريئ والاحساس المرهف ما زالت موجودة، نظر اليها يبحث عن باقي يارا قديمة لم يجد بملامحها اياً منها، فطال صمته، اما هي بعدما طال الصمت ليصبح مطبقاً نظرت اليه بخيبة امل: واضح ان اجابتك لأ مش هتقول، عن اذنك هروح الم حاجتي واروح بيت اهلي ويا ريت ورقتي توصلي هناك .
كادت ان تركض لتخفي خيبة املها وذبح روحها للمرة الثانية على يديه ما زال يصير على اختيار تلك الياسمينا حتى وهي ميتة، ولكن صوته المبحوح الذي بالكاد يخرج من حلقه اوقفها: حاضر يا يارا هقولك، عشان انا بحبك ومش عايز اخسرك هقولك، عايزك حتى ولو على حساب احترامي لنفسي، بحبك ومستعد لاي تضحية في سبيل انك تنسي الماضي ونفتح صفحة جديدة مع بعض، تعبت في بعدك عني ومن كرهك ليا ومن معاملتك ليا باحتقار، اللي مستحيل اقبلها منك ابدًا لولا اني عارف غلطي وعارف ان كل المشاعر اللي جواكي ليكي حق فيها ومش هالومك عليها .
صدمت لوهلة من فرط مشاعره التي اغدقها بها ومن اعترافاته بحبها وعدم التخلي عنها، ولكن حاولت لململت شتات نفسها وردت بهدوء: اوك، اتكلم انا سامعاك . وقف مقابلاً لها وتحدث برتابة مميتة: مش دلوقتي، بكرة، بكرة زي دلوقتي نقعد زي قعدتنا دي واقولك . وقبل ان ترد اكمل هو بصوت مقتول: لكن بعد ما اقول مش هسامحك على اصرارك انك تربطي بين علاقتنا وبين فضح انسانة ميتة بحاجة مكنتش عايزة تقولها لحد وامنتني انا على سرها وانا وعدتها ماقولش واديني هقول، مش هسامحك على كرهي لنفسي واحتقاري لذاتي ولرجولتي وقتها، واه كمان، بعدها ما تستنيش راجل في حياتك لانك انتي اللي قتلتيه بأصرارك وعنادك .
اعطاها ظهره كي يغادر واكمل: بكرة زي دلوقتي هكون هنا عشان اقولك واجيب معايا كل الورق اللي يأكد كلامي، ومن دلوقتي لغاية معادنا مش عايز اشوف وشك في طريقي لو لقيتني في أي مكان ابعدي عني .
وتركها ورحل إلى غرفته واغلق بابه عليه وتركها مصدومة من تحول مسار الاحداث، ماذا فعل لتوه ؟ هل ألقى بالكرة بملعبها ؟ لتكون هي صاحبة قرار ذبحه ؟ هل تركها للتو وحيدة متخبطة بين قرارين احلاهما كالحنضل ؟! اما ان تعفيه من الكلام وتبقى هي حائرة وضائعة بسبب تركه لها وتفضيله اخرى عليها، وبين ان تجرده من رجولته ويتخلى عن وعد قطعه على نفسه لاخرى ميتة الآن، والأدهى برمي كامل الذنب على عاتقها هي، حتماً لو اصرت عليه بالبوح لن يسامحها كما اخبرها، تباً لك فارس، تباً لك، وتباً لقلبي الاحمق الذي يهيم عشقاً بك، وتباً لأيام قضيتها اتعذب بحبك وهأنت تكمل بعذابك لي، دبدبت بقدميها الارض واتجهت لغرفتها تفكر بما عليها فعله .
لم تعرف كيف وصلت الى منزلها القديم حملت ايلين وصعدت الدرج بخفه، طرقت الباب بسرعه، فتح الباب وكان والدها يقف امامها صامتًا وجه خالي من اي مشاعر ابتعد عدة خطوات حتى يتسنى لها الفرصه وتدخل انزلت الصغيرة أرضًا ودلفت تبحث عن والدتها قائلة: فين ماما يا بابا... لم تُكمل جملتها بسبب قبضه والدها القوية التى قبضت على عنقها بلا رحمه: امك جوه يا روح امك، محبوسه مع اخواتك أخيرًا شرفتي.. حاولت الانفلات من قبضته قائلة بخوف: ايه..يعن..
قاطعها وهى تتحدث وأدارها نحوه ف ابتعدت للخلف بخوف وعيناها تتعلق ب ايلين الخائفة، اختصر علي المسافة بينهم وصفعها عدة صفعات على وجهها ترنحت بسببها للخلف وسقطت _أنا يابت اعرض عليكي تتطلقي منه، تقولي لا هفضل معاه..فاكرة انك هبعد عنك واسيبك تتهني... تراجعت بجسدها بخوف وهى تبكي وعادت أمامها مشاهد ضربه لها، ما أوجعها حقًا نظرات الصغيرة لها..فتح باب الغرفه لوالدتها التى ما ان سمعت صفعاته تهبط على وجهها وهى تطرق على الباب بقوة..اندفعت منى نحوها تحتضنها قائلة برجاء: بالله عليك سيبها يا علي، هى ذنبها ايه بس، خُد حسابك كله مني انا بس طلعها برة حسابتنا..
خلع حذامه الجلدي ولفه عده مرات حول يده قائلًا بغلظه: حسابات مين يا ام حسابات، حسابات اللي ما بينا ماتت وانتهت، بس بنتك بقى في حسابات معاها جديدة وحقي هاخده منها زي ما اخدته منك زمان وبخدة دلوقتي..شعرت خديجة بالذعر عندما وجدته يهبط بحذمه عليهن بلا رحمه، توالت صرخاتهم معًا وهو تجرد قلبه من الرحمه، يشعر بالنشوة وكأن صرخاتهم تجعله متلذذًا أكثر ويتطلب لمزيد، اختبأ الصغار خلف الباب يراقبون بخوف ما يحدث لوالدتهم واختهم كاتمين أنفساهم حتى لا ينتبه لهم والدهم ويضربهم، اما ايلين ف انزوت باحدى الزوايا ترتجف بخوف حتى انها بللت سروالها من شدة ذعرها...
كتمت صوت بكائها بصعوبة بالغة، خوفًا من ذلك الوحش الكاسر ان يلتفت لها ويضربها، لم تشاهد من قبل اي مشاهد عنف، وان رأت في التلفاز كانت تركض تختبئ في حضن خديجة تستمد منها الحنان والامان، اما الان ف خديجة هى من تتلقى الضرب والعنف..استمعت لتنعيف وسُباب والد خديجة لهم ولم تفهم منه شئ.. _ رايحة تتجوزيه انا بقى هطلقك منه وهسجنه ايه رايك...القى في وجهها ورقة قائلًا بقوة: يالا امضى على المحضر ده، وهاتشهدي ضده انه اتجوزك غصب . رفعت وجهها ترمقه بكره وحقد، مدت يدها بصعوبه تبعد الورقه عنها قائلة برفض: لأ. اتسعت عيناه قائلًا بغضب: يعني ايه لأ يابت..
مسحت خديجة دموعها قائلة: اللي سمعته لأ مش هتخلي عن عمار تاني حتى لو موتني.. انهال والدها عليها بالضرب مجددًا بيدة تاره وحذامه تاره وقدمه تاره لم تعرف كيف تحمي جسدها منه ومن ضرباته المتفرقة في انحاء جسدها حاولت الهروب منه في زوايا وأركان المنزل لم يعد جسدها يتحمل هذا الضرب العنيف ولكن شجعت بأن تتحمل حتمًا سيلاحظ عمار غيابها وسينقذها من براثين والدها..ظلت هكذا تتلوى بين يديه حتى وقعت تحت قدم الصغيرة، رفعت عيناها تتطالعها وجدتها ترتجف وتلتصق بالحائط خلفها وسروالها مبلل بالكامل، صرخ قلبها وصرخ كل ذرة بها لرؤيتها هكذا...ضيق على عيناه وهو يلهث بقوة، ابتسم بشر وهو يجذب الصغيرة من شعرها: انا عرفت مين هيخليكي تمضي..
مسكت ايلين يده قائلة برجاء طفولي: لا يا جدو متضربنيش، متضربنيش.. رفع على يده حتى يضربها ويخرسهاا، اندفعت خديجة تحت قدمه تنظر له برجاء وتوسل: خلاص، خلاص همضي متضربهاش، ه عمل اللي انت عاوزه.. دفع على الصغيرة بعيدًا عنه ليقول: امضي يا روح أمك يالا، وهنروح على القسم عندي تشهدي ان اللي عمل فيكي كده هو وانه متجوزك غصب فاهمه، ولا اظبطلك الحلوة .
هزت رأسها بسرعه وهى تبعد ايلين عنه: فاهمه فاهمه.. جذبها والدها من يدها قائلًا بقسوة: يالا يا روح امك اخرتيناااا. سارت معه وهى تبكي لقد خذلت عمار ثانياً لم يستحق أبدًا منها هذا، ولكن ما بيدها لو رفضت، كان أوسع والدها ايلين ضربًا والصغيرة لن تتحمل ولن تتحمل هى صراخها او مشاهدتها وهى تتلقى صفعات والدها القوية...
أبدلت ثيابها بثياب مريحة واتجهت للفراش حتى تنام، دلف مالك الى غرفته وما ان وقعت عيناه عليها هتف متعجبًا: هتنامي بدري كده يا ندى.. هزت رأسها بصمت واعتدلت حتى ترقد، جلس بجانبها قائلًا بضيق: من وقت ما رجعنا امبارح وانتي ساكته ومتجاهلني ومش راضيه حتى تكلميني، في ايه هو انا عملت حاجه ضايقتك. هزت رأسها بنفي قائلة: لأ.. وقبل ان تعطيه ظهرها، كان هو يديرها نحوه ليقول: امال في ايه!.
تلألات الدموع في مقلتيها وهتفت بصوت حزين: مفيش لما روحت امبارح عند شقه فارس افتكرت كل حاجه حصلتلي.. أغلق عيناه بغضب، بعدما قطع شوطًا كبيرًا في علاقتهم رجع معاها لنقطه الصفر مجددًا، زم شفتاه بضيق ليقول بأسف وندم: مهما أحاول أعمل أنا عارف ان مش هقدر اخليكي تنسي اللي حصل، انا مبقتش عارف اعتذرلك ازاي، أو حتى أنسيكي اللي حصل مني..
مسحت دموعها بعدما خانتها وهبطت على صفحات وجهها قائلة بنبرة حنونة دافئة: انا عارفة ومقدرة اللي انت بتعملة ولو كنت ببينلك ان مش شايفة، بس انا واخدة بالي، انا جرحي كبير أوي يا مالك، جرح كان بينزف لايام عشتها، منكرش ان وجودك جنبي... صمتت لبرهه تأخذ أنفاسها، حثها على التحدث حتى تخرج مافي مكنوناتها، عادت وأستكملت حديثها: وجودك جنبي بيخلني في صراع، نفسي أبقي معاك ونفسي أبعد عنك، مبقتش عارفه انا عاوزه ايه، انا تعبت من الحرب اللي فيا، تعبت ونفس عقلي وقلبي يرتاحواا..
سألها في توجس من اجابتها: طيب أبعد. رفعت بصرها ترمقة بعدم فهم، صحح حديثه قائلًا: مقصدش ان اطلقك، لان ده عمره ما يحصل، أقصد بكلامي ابعد ان اسيبك فترة تحاولي تهدى فيها.. هتفت بسرعة: لأ... بترت حديثها عندما ابتسم بمكر، ف قالت مصححة حديثها: اقصد يعني... اقترب منها أكثر، مد يده تحت نظراتها وداعب وجهها برقة قائلًا: اعترفي ان انا وجودي مأثر في حياتك.
منعت ابتسامه حمقاء كادت ان ترتسم على ثغرها وتفضح حبها له...غمز له بطرف عيناه ليقول: حتى لو كنت سبتك تهدى، كان هيبقى ساعه اتنين تلاته بالكتير.. ضحكت بخفة لتقول بمزاح: المفروض تديني مساحة أكتر من كده.. طبع قبله على وجنتها قائلًا بحب: مقدرش. مسكت يده قائلة بهدوء: مالك بجد ممكن اطلب منك طلب، ممكن تديني وقت لغاية ما أحس انه خلاص قدرت اتغلب على اللي جوايا.. _ من غير ما تبعدي عني ماشي..
ابتسمت قائلة: وكأنك مديني فرصتي أبعد. انحنى يطبع قبله فوق بطنها قائلًا: في حد يقدر يبعد عن روحه... صاحت متذكرة بحماس: مالك مش أنا حسيت انهارده صبح بحركته..متهايلي يعني مش متأكدة.. ضحك ليقول: يعني هو ولا مش هو.. _ هو تقريبًا بيتهائلي لانه صغير أوي ان احس وكده.. نظر لبطنها قائلًا بتوبيخ: اتحرك ياله، امك عاوزك تتحرك يبقى تتحرك، اتحرك يابن ال.. نهرته قائلة: انت بتشتمه وهو لسه في بطني، امال لما يجي هتعمل ايه..
اتسعت ابتسامته وهو يقول: هضربه على قفاه. اتسعت عيناها من تصريحة المجنون لتقول بغيظ: ولو بنت هتضربهااا على قفاها.. اقترب أكثر منها ليقول بتمنى: ياريت تكون بنت، انا بتمنى تكون بنت، مش هجوزها أصلًا .. حاوطت عنقه قائلة بدلال: ليه بقى ؟!. لثم ثغرها بحنان قائلًا: ما أكيد هتبقى حلوة زي أمها وانا هغير عليها ومش هجوزها لحد. طرق الباب جعلها تبتعد عنه، زفر بضيق قائلًا: مين؟!. هتفت جدته بهدوء: انا يا مالك، ممكن ادخل..
نهض يفتح الباب لها مفسحًا المجال حتى تدخل، قالت لمالك: ممكن اتكلم مع ندى شوية. هز رأسه متفهمًا وقبل ان يخرج همس لها: ياريت متزعلهاش. غادر مالك واغلق الباب خلفة، اما شهيرة ف تحركت نحوها وجلست بجانبها مبتسمة: ايه عاملة اية مطلعتيش انهارده من اوضتك.. اعتدلت ندى بجلستها متعجبه من اهتمام جدتها فقالت: الحمد لله كويسة. نظرت شهيرة الى بطن ندى البارزة: والنونو؟! حاوطت ندى بطنها بتملك قائلة: الحمد لله.. صمتت شهيرة واكتفت بالنظر اليها، توترت ندى من نظراتها، قطعت شهيرة الصمت بحديثها الذي فاجئ ندى: ممكن أحضنك، أنا مسافرة ويا عالم ه شوفك تاني ولا لأ ممكن أحضنك .
اندفعت ندى نحوها وخاصة بعدما سمعت تلك النبرة المتوسلة لها، احتضنتها ندى والتزمت الصمت ولم تلتزم عيناها من ذرف الدموع، اما شهيرة هبطت عبرتها الساخنة على وجنتها ندمًا على ما فعلت بأجل ابنتها المتوفية...ابتعدت ندى عنها قائلة برجاء: مينفعش تفضلي موجودة..أنا مشبعتش منك. حاوطت شهيرة وجهها قائلة: بتطلبي مني أقعد وانتي المفروض تزعلي مني، نفس طيبتها .. _ اللي فات مات، انا مبقتش قادرة اوجع قلبي اكتر من كده...
مسحت شهيرة دموعها قائلة: سامحيني يا ندى، سامحيني علشان مبقاش فاضل حاجة في العمر، سامحيني يابنتي. مسدت ندى على ظهرها بحنان قائلة: مسامحكي يا تيته... ابتسمت شهيرة بسعادة: الله، يا تيته تصدقي سمعتها كتير من عيال ماجي محستهاش بالحلاوة دي، تعالي في حضني تعالي.. اندفعت ندى تحتضنها قائلة برجاء: علشان خاطري فكري واقعدي معانا، انا اتحرمت منكوا كتير، نفسي أعوض اللي عشته زمان. اغلقت شهيرة قائلة: علشان خاطرك انتي، هفضل..هفضل علشانك، علشان طول ما انتي موجوده في حضني، كأني حاضنه أمك. ابتسمت ندى بسعادة وشددت على عانقهم...
تحركت بجانب والدها بجسد بلا روح تبكي بصمت..أوقفها والدها قائلًا: اياكي تغلطي بحاجة جوه، وربي وما اعبد هقتلك.. هزت رأسها بصمت...خرج زميل والدها قائلًا بحنق: يعني يا علي انا مش منبه عليك امبارح متجيش بليل علشان محمد فاضل رخم وهايرخم عليها بالاسئلة. هتف علي بخفوت: اعمل ايه ما بنت ال...ردت متأخر.. حول الاخر بصره اتسعت عيناه لوجهها المتورم والكدمات تملئ وجهها فقال: نهارك أسود ده انت قاتلها مش مموتهااا. رمقها علي بكره: تستاهل.. اغلقت عيناها ألمًا، استمعت الى حديثهم وتنبياتهم المستمرة لها وعقلها مشغول بالصغيرة وعمار وردة فعلة ..
ابتلعت ريقها وهى تهبط الدرج بسرعه ووصلت الى شقه جارتها، طرقت الباب بلهفة، بعد دقائق فتحت جارتها رمقتها بشفقه علي وجهها وحالها، فقالت منى بتوسل: تليفونك يا ام محمد اعمل اتصال بسرعه والنبي. _ جوزك هيأذين... حركت منى رأسها بسرعة قائلة: لا والله ما هاقوله، بسرعه الله يرضى عنك..
اعطتها الهاتف ف أخذته منى بلهفه وانحنت نحو ايلين التى كانت ترتجف بخوف قائلة: يالا اكتبي رقم عمار، مش قولتي فوق انك حافظه. هزت الصغيرة بإيجاب وجذبت الهاتف تضغط على الارقام باصابع مرتعشة، استمعت لرنين الهاتف حتى أتاها صوت عمار: ألو . اندفعت الصغيرة في البكاء تخبرة: عمار الحقني، جدو الوحش كان هيضربني، وضرب خديجة اوي وخدها ومشي.. ارتجفت أكثر عندما استمعت لحديثه الغاضب وصوته الجهور قائلًا: وحياتك عندي لاندمه على كل لحظه فكر انه يلمسك او يلمس خديجة فيها.. جذبت منى الهاتف قائلة بعجالة: يابني بسرعة اروح على القسم اللي بيشتغل فيه علي روح بسرعه هو خدها على هناك، الحقها يا عمار.. هتف بنبرة مخيفة: لو حصلها حاجه مش هايكفيني فيه روحه.
تقلب بالفراش يمنيًا ويسارًا يحاول االبحث عن النوم للهرب من واقع بات صعبًا للغاية علية، رن هاتفهه طالع المتصل وجدها مليكة تمتم بضيق:استر يارب. أجاب بصوته الرخيم: الو...ازيك يا مليكة. _ الحمد لله يا فارس، وحشتني اوي، عامل ايه!.. اخرج تنهيدة قوية من صدرة قائلًا: كويس... _ لا مش كويس في ايه!. ابتسم وهتف ببرود: مفيش اتجوزنا انا ويارا ومنكده عليا حياتي بس.
_ بجد لأ، ازاي متقوليش، ألف مبروك أوي، أخيرًا اتجوزت حبيبتك. التوى فمه ساخرًا: فرحانه اوي بقولك منكده عليا حياتي. وصل الى مسامعه صوتها الحزين: بسبب ياسمينا صح.. تنهد قائلًا: متشغليش بالك، كنتي عاوزه حاجة.. _ لا كنت عاوزه اشكرك على كل حاجه عملتها وكمان على الفلوس الي في البنك باسمي. _ متشكرنيش لو احتاجتي حاجة كلميني.. اغلق الاتصال معاها، رفع وجه قابل عيون يارا المتسائلة بفضول وخاصه بعدما سمعت صيغة المؤنث في حديثة. _ كنت بتكلم حد.
رجع بظهره على فراش قائلًا: امممم مليكة كانت بتشكرني على اللي عملته معاها.. اقتربت وجلست أمامه على الفراش قائلة: اممم وياترى اللي عملته معاها علشان خاطر انت فارس الشهم الجدع ولا علشان خاطر ياسمينااا. اقترب منها بجسدة قائلًا: سيبك منها ومن سؤالك ده علشان انتي عارفه اجابته كويس، انتي جاية هنا لية!، غريبه المفروض تتقمصي في اوضتك. أرجعت خصلات شعرها خلف اذنها قائلة بتوتر: انا فكرت كتير وعاوزة أقولك..
رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الثالث والثلاثون
_ ها بقى قوليلي هو اتجوزك غصب ازاي؟!. لكزها والدها حتى تجيب على الضابط كما قال لها من قبل ولكن هى كانت في عالم أخر، عالم رأت به وجع عمار منها وانكساره وخذلانه، كورت يديها عندما شعرت بأن انفاسها بدأت بالانسحاب تدريجيًا، ما يجب عليها فعله، حقًا تمنت الموت في هذة اللحظه حتى تتخلي من أي شئ يقهرها، شعرت بالعجز والضابط يحدثها، لسانها اللعين لما لا ينطق بالحق، متى يتخلص عقلها من الخوف ... متى تصرخ بأعلى صوتها وتنفجر بوجهه والدها عديم الرحمه والقلب..تململ الضابط في جلسته ليقول بصوتً أجش بعدما طال صمتها: انتي يابنتي، مبترديش ليه جوزك هو اللي ضربك كده، أبوكي بيقول هو اللي عمل وانتي جيتي تستنجدي به..
انفجرت بالبكاء وتعالت شهقاتها تعجب الضابط لحالها ولكنه رجحه من حاله القهر التى عاشتها مع زوجها أشار اليها قائلًا بنبرة هادئة: اقعدي تعالي، قعد بنتك ياعلي، هاتولها ميه بسرعه.. جذبها علي من مرفقها وغرس يده ب لحمها قائلاً بهمس غليظ: لو متكلمتيش هموتلك الامورة اللي هناك. أجلسها على الكرسي..اعطها الضابط زجاجة المياه قائلًا: اشربي، واهدي، متخافيش من حاجة...لو جوزك عمل كده فعلًا ف أنا مش هاسيبه.
طالع علي زميلة وتحذيراته التى كان يرسلها له، ف تنحنح علي قائلًا بعجالة: ياباشا هو، البت جاية منهارة وبتعيط وبتقولي الحقني يا بابا، انا كنت هقتلة على اللي عملة فيها، بس مرضتش وقولت أمشيها قانوني.. هز الضابط رأسه متفهمًا ليقول: طبعًا اوعي تتهور وتاخد قرار غلط يأذي شغلك، وبعدين احنا رجال أمن ناخد حقنا بالقانون... قطع حديثهم طرق الباب ودخول العسكري ليقول: باشا في واحد اسمه عمار بيقول جوز خديجة..
انقبض قلبها وعلمت انها النهاية، وقفت تنتفض بخوف ليس منه ولكن عليه..أمر الضابط قائلًا: خليه يدخل جه برجليه. زم على شفتاها بضيق بالغ وهو ينظر لخديجة بغضب وبدأت أعصابه في التوتر، دخل عمار يبحث عنها ب لهفه، وقعت عيناه عليها وعلى وجهها المتورم والكدمات تملئه وشعرها المشعث، انتفض قلبه لرؤيتها هكذا، هتف بخوف وقلق: خديجة...
جاء ان يتقدم منها قابله علي بجسدة يمنعه من الوصول اليها قائلًا: ايه عاوز تكمل عليها، مكفكش اللي عملته فيها، جاي تكمل عليهااا.. أبعده عمار عنه بعنف قائلًا: انا عملت ايه، ابعد عني.. تحدث الضابط بحدة: ارجع يا علي، سيبه.. ابتعد علي عنه تنفيذ لامر قائدة، فقال الضابط وهو يمسك الورقه بين يديه: خديجة عامله فيك محضر ان انت غصبتها على الجواز وكمان بتضربها... أشار على نفسه ناظرًا اليها بصدمه: أنا يا خديجة!.
هتف علي مؤكدًا: آه انت... أشار على نفسه غير مصدقًا ما تفعله، ليقول بنبرة صادمة: أنا يا خديجة عملت كده.. هتف الضابط مؤكدًا على حديثة: أيوه انت، متجوزها غصب وبتضربها مش عارف عقوبتك!. لم يعد يعى بأي شي، ولا يبالي لأي حديث، ولا يهتم بمن حوله ولا يري احد من الاساس، فقط هي من تشابكت نظراتهم، فأخرست ألسنتهم و تحدثت عيونهم لتبوح بكل ما يجيش بصدروهم، تشابكت في نظرات طويلة لا يفصلهما سوى ردها القاطع: لأ.
حبست الانفاس عندما تفوهت برفضها لحديث والدها، توجهت الانظار لها، ابتعدت عن نظرات ابيها التى أقسمت كأنها مثل السهام الحارقة التى يطلقونها في الحرب فتخترق هدفها بلا رحمه..نهضت وتقدمت من عمار تمسك يديه بشجاعه وتحدِ: عمار جوزي ومغصبنيش على جوزانا انا موافقه برضيااا. حاول والدها الانقضاض عليها، منعه عمار بيدة قائلًا بصوت غليظ: ابعد عنهااااا... وقف الضابط أمامهم قائلًا بصوتٍ حاد: عاوز اعرف ايه اللي بيحصل هنا بالظبط...انتي حكايتك ايه، مين ضربك جوزك ولا لأ.. هزت رأسها بنفي قائلة: لأ مش هو..
_ امال مين!. أشارت على والدها باصابع مرتجفة: بابا، هو اللي عمل فيا كده.. رمقه الضابط بحدة ليقول: أبوكي اللي عمل كده!، قولي متخافيش، لو كان هددك بحاجة متخافيش انا معاكي.. تمسكت بعمار أكثر لتستمد منه الشجاعه والقوة وقالت بنبرة مهزوزة باكية: آه هو، هو اللي ضربني وعمل فيا كل ده، هو اللي عاوز يطلقني من عمار ويبعدني عنه.. قطب الضابط ما بين حاجبية متعجبًا حديثها: ليه!، يعمل كل ده ليه؟!.
مسحت دموع القهر من على وجنيتها، تحدثت وهى تنظر في عيون أبيها مباشرةً، لاشك ان هناك رجفه هاجمت جسدها خوفًا من نظراته لها، ولكن يد عمار التى كانت تمسد على ذراعها بحب، جعلها تأخذ نفسًا طويلًا وتخرجة ببطئ وتبدأ في سرد حكايتها مع أبيها منذ ان غصبها على الزواج من والدها ل ايلين وصولًا الى زواجها من عمار ولم يخلو سردها من قصه والدتها وكم العجز والقهر والعنف التي تتعرض له على يد والدهااا، كتمت تلك التنهيدة بصعوبة عندما انتهت من سردها، اتسعت عيون الضابط مما تعرضت له هى ووالدتها، التفت ل علي قائلًا وهو يقترب منه: نهارك أسود، أنت عملت ده كله..
تراجع على عده خطوات للخلف قائلاً بتلعثم: ياا..يا باشا دي واحدة هى وأمها أصلًا مش مظبوطين... قطعه عمار صارخًا بغضب: اخرس دول أشرف منك مليون مرة... امسكه الضابط من تلابيبه قائلًا بنبرة لاشك انها ارعبت علي: هتروح دلوقتي مع قوة من القسم وهيجيبوا مراتك وعيالك وتجيب وصل الامانه اللي بنتك بتقول ايه يا علي، يا أما ويمين الله لاوريك شغل محمد فاضل على حق، ولو انت مسمعتش عن اسمي، اسال عني كويس..يا ويلك لو مراتك شهدت عليك هوريك أسود ايام حياتك..
حرك رأسه يمنيًا ويسارًا يحاول استيعاب حديثها، ماذا، يارا تبلغه انها لا تريد سماع أسبابه، لايصدق أذنيه ولا حتى عيناه، عاد وتحدث بنبرة يتخللها لهفه لسماع ردها مرة أخرى: قولي كده تاني، انتي قولتي ايه!. عضت على شفتاها من الداخل قائلة بتوتر: بقولك انا فكرت ومش هستني لبكره علشان أعرف اسبابك انا مش عاوزه اسمعها... اختصر المسافة بينهم في لحظه وحاوط وجهها قائلًا بسعادة: بجد!.
رمقته بعدم فهم قائلة: هو انت فرحان للدرجادي علشان مش هعرف اسبابك لدرجة دي الاسباب صعبة انك تقولها!. حرك رأسه بنفي ليقول بنبرة يتخللها السعادة: لا انا فرحان علشان انتي وثقتي فيا، انتي متعرفيش قد ايه فرحتيني، وبعدين هى مش صعبة هو بس مجرد ان قطعت وعد ومسكت كتاب ربنا ان مقولش لحد..
وضعت يدها على يده قائلة بخفوت: فكرت كتير وحسيت ان كده هبقى بكسرك لو خليتك تقول، وخصوصًا انك قولتيلي متستنيش راجل في حياتك... أغلقت عيناها لثواني تستجمع حديثها، احتضنها ليتولى هو التحدث: انا عاوزك تفهمي حاجة واحدة ان والله قلبي ده ما دق غير ليكي انتي، يارا انا بحبك بجنون لدرجه ان انا بعمل مصايب لو حد كان قالي انت هتعملها مكنتش صدقت، ارجوكي متحطيش سبب جوازي من ياسمينا ما بينا، متخلهوش عائق في حكايتنا، سيبه على جنبك وانا هعوضك عن السنين اللي أذيتك فيها و وجعت قلبك فيها، بس قبل ما كنت بوجعك كنت بتوجعك زيك وأمر منك.
ابتعدت عنه قائلة بهدوء: انا أسفة، بس انا حقيقي كنت عاوزه أعرف علشان أبرد ناري، فارس والله ما في حد كان حاسس بيااا، بس خلاص انا كنت زمان بكابر علشان كنت بعيدة عنك، بس دلوقتي وانا معاك ومراتك هاجرب اتنازل مرة، بس انا بطلب منك حاجة... قبل وجنتها قبلات مطولة قائلاً من بينهم: اؤمريني يا روحي. ابتلعت ريقها قائلة بتوتر خوفًا ان يفهما خطأ: انا عاوزك تديني مساحتي في ان اتعود على القرار اللي انا أخدته ده وأستوعبه كويس، علشان مرجعش اندم تاني او اضايق منك.
رمقها بعدم فهم ليقول: افهم من كده ان حياتنا لسه على المحك.. حركت رأسها بنفي ووضحت وجهه نظرها: انا خلاص اخدت قراري، بس لسه بحاول استوعبه ف بطلب منك ان تديني مساحة اتعود عليك ولما أحس ان انا خلاص من جوايا جروحي قدرت اداويها هيجيلك وأقولك. ردد خلفها قائلًا بضيق: تيجني!، ده يعني هتسيبي البيت.. رفعت عيونها تنظر في عيناه مباشرةً، توترت للحظات بعد ان رأت الرغبة واللهفه في بقائها بجانبه: لأ هفضل هنا، مش هسيبك. ارتفعت ضحكاته عاليًا: ايه ده انتي عقلتي امتي!.
رمقته بغيظ دائمًا وأبدًا يفسد عليها قرارتها المهمه، لكزته بكتفه ودفعته بعيدًا عنها قائلة وهى تنهض: تصدق ان انا غلطانه، ابعد بقى.. جذبها بقوة وأجلسها على ساقة، شهقت بصدمه من جنونه لتقول بحدة يتخللها خجل: فارس عيب...اوعى. قطب حاجبية ليقول بتعجب زائف: عيب ايه، انا حياتي ممسوح فيها كلمه عيب دي، متقوليهاش تاني. زفرت بضيق لتقول وهى تحاول الابتعاد عنه: يووه هو انا مش لسه قايلالك اديني مساحتي.
غمز لها بطرف عيناه قائلًا بوقاحة: ماهى المسافه القريبه اللي بينا دي هى مساحتك، اكتر من كده متحلميش، بصي انا هالغيها أحسن.. اتسعت عيناها من تلميحاته الوقحة، حاولت الابتعاد بوجهها عنه قائلة: يا قليل الادب.. دفعها على الفراش فأصبحت ترقد على ظهرها وهو فوقها، حاولت الزحف للخلف بعيدًا عنه قيدها بجسدة الضخم ليستمر في وقاحته: اعترفي انك هتموتي من جواكي كده واكون قليل الادب واقرب منك..
شهقت بخجل منه واحمر وجهها فقالت بتهديد: وربنا لو مبعدتش لاروح بيت اهلي، وابقى وريني هتقرب من مين. غمز لها بطرف عيناه قائلًا: ومين هيسيبك تمشي، انا يابنتي قافل عليكي وحابسك.. مدت يدها تبعده عنها وتحاول دفعه: لا باب الشقة مفتوح وانا بقى ه هرب.
مسك يدها وارجعها للخلف وقيدهم بيد واحده اقترب منها بجسده اكثر، اقتربه منها أحدث ضجه بداخلها، ظهرت انفاسها المتقطعه و جعلت صدرها يعلو ويهبط بسرعه عجيبه وخاصة عندما سمعته يقول امام شفتاها: انا اقصد على قلبي، قلبي اللي انا حابسك جواه..
زاغت انظارها وهى تقرأ العشق بعيناه، وتشعر به في صوته وانفاسة الساخنة التى تلفح بشرتها وصفحات وجهها عندما مرر شفتاه على بشرتها الناعمه، انهارت حصونها وتقلصت تلك المساحة التى كانت تطلبها بقربه منها بهذا الشكل، ودت الرفض، أردات النهوض، أردات الابتعاد ولكن ذلك القلب اللعين المقيد بعشق فارسها جعلها تستكين لقبلاته الناعمه في بادئ الامر وتحولت فيما بعد لشئ لم تستطيع هى مجاراته، شئ حاولت سلب أنفاسها وعقلها وقلبها، شئ جعلها تتقيد كالاسيرة له ولعشقه المجنون...
اما هو ف كان في حاله لا يرثى لها حربًا بداخله يريد الاستمتاع بحبيته وان يروي عطش قلبة بها ويطفئ نيران عشقها بصدره حتى يهدأ وأخر يحثه على الابتعاد حتى يعطيها تلك المساحة الحمقاء التى تريدها، اي مساحة تلك بربك وانت بين يدي وامام عياني، تبًا لكِ ولمساحتكِ، ول قلبي الذي يُحثني على التهامك كالاسد الجائع الذي ينتظر فريسته بفارغ الصبر، لم يتحكم بنفسه ولا بعاصفته الهوجاء التى هاجمتها بلا رحمه، فجعلتها تتأوة وتتلوى بين يديه بسبب عشقه العاصف، لم يستفيق الا على رنين هاتفهه، فصلهم عن تلك الحالة التى غرقوا بها ولم يستطيع اي منهم ان ينجوا بالاخر..
ابتعد عنها بصعوبة فائقه والقى بجسدة بجانبها وفرك وجهه بيدة ناقمًا على ذلك المتصل، اما هى ف حاولت فتح عيناها لاستيعاب ما يحدث لها ولكن تلك الهالة التى حاوطتها قيدتها وجعلتها مسترخية لا تتحرك ولا حتى ترمش...أجاب على المتصل وما كان هو الا مالك يخبره بمجئيهم..اعتدل بنصف جسده يحدثها بحنو: _ يارا مالك جاي وهو عيلتك يالا قومي أغسلي وشك وظبطي هدومك.
فتحت عيناها وهربت منه بنظراتها الخجولة تبحث عن مأوى تختبئ به.. عدلت من وضعيه شعرها المبعثر واغلقت ازرار قميصها بتوتر.. حولت بصرها نحوه ترمقه ببلاهه توتر عندما وجدته يشير لها على عنقها قائلًا: البسي طرحه او حاجه متقفله أكتر من كده علشان رقبتك.. قالت باندفاع قاطبه الجبين: ليه؟!.. ابتسم بوقاحه وهو يعدل من شعره المبعثر: هنتفضح بس لو حد شافك كده.. لم تفهم في بادئ الامر، ولكن شهقت بخجل عندما وصل اليها قصده، نهضت بخفه تدخل للمرحاض تقف امام المرآه وتتفحص عنقها، اتسعت عيناها بخجل وعضت على شفتاها السفلى وهى تحاول تبريد سخوينه عنقها بالماء البارد...أملاً منها ان تختفي تلك العلامات الحمراء..حتى لا يفتضح امرها امامهم ...
دلف للقسم وهو يضع جواله على أذنه قائلًا بخفوت: حاضر يا ندى،مش هتأخر، أنا اصلًا كلمته وقولتله اننا جايين، قوليلهم بس ان انا عندي مشوار مهم بعمله... _ مشوار ايه؟!. ابتسم بخفه ومازحها: بقيتي فضولية أوي من وقت ما حملتي... استمع لاعتراضها وهو يكتم ضحكاته بصعوبة، وقف امام غرفه زميلة واستعد لدخول وانهى معاها الحديث لمح بطرف عيناه ايلين تحملها سيدة والصغيرة تبكي بإنهيار، اقترب منهم مالك متحدثًا: استنوا..
التفت الجميه له، راقب بعيناه الوجوه جيدًا تعرف على والد خديجة ذلك الرجل الذي بغضه في مرة واحدة، اما السيدة لا يعرفها وهى تلك الصغار الذين يتشبثون بساقها...انتبه لبكاء ايلين ويدها التى تمدها نحوه حتى يأخذها، امتثل لها وجذبها من منى قائلًا بحنو: مالك يا حبيبتي فين خديجة... أشارت على علي بخوف: ضربها وضربني.. تحدث أحد العساكر: انت مين يابيه، عاوزين ندخل ل نائب رئيس المباحث..
توجه مالك للغرفه وهو يحملها الصغيرة ومنى واولادها خلفه وخلفهم العساكر وعلي مقيد الايدي.. دلف مالك الى الغرفة، صرخت خديجة باندفاع نحو ايلين..دقق مالك بها النظر واحتدت عيناه بغضب..نهض الضابط وحياة برأسه: مالك باشا نورتنا في القسم.. صافحة مالك قائلًا: بنورك، هو مين اللي اتعرض كده لمدام خديجة .. وقعت عيناه على عمار وهو يحمل ايلين ويقبل رأسها بحنان: ازيك يا بشمهندس.. صافحة عمار قائلًا: تمام..
التفت مالك لضابط قائلًا: انا عاوز افهم في ايه!.. سرد عليه الضابط ماحدث، تفاقم الغضب بداخل مالك حتى نهض يوجه حديثه القوى والحاد ل علي: هو انا مش قولتلك ابعد عنهم، انت هتتحاسب كويس أوي على اللي انت عملته ده، ومهنتك اللي انت بتتحامي فيها دي انا هسجنك بيها..
هدئه الضابط قائلًا بجدية: هو مش كان جاي عامل فيها بيفهم أوي وفاكر انه هيسجن جوزها بالمحضر، المحضر اتقلب ضدة اهو وهناخد شهادة والدتها واخواتهااا. بلعت والدتها ريقها بارتياح بعد ان جف حلقها عندما رأته يدلف الى المنزل مكبل الايدي من قبل العساكر، دلف الى غرفته معاهم وانقلبت رأسًا على عقب وبعدها خرج الحقد والكره يملؤ عيناه، توترت عندما استمعت لحديثهم بأن تأتي معهم هى واولادها وظل عقلها يدور ببعض المشاهد ماذا حدث لابنتها، لم تفهم شئ طوال الطريق، ولكن الان فهمت وأدركت وخاصة بعدما استمعت لحديث خديجها الذي فاجئها: ماما متخافيش اتكلمي وقولي هو عمل فينا وقوليلهم على وصل الامانه، هما معانا متخافيش..
حولت بصرها نحوه وجدت جسده يتشنج وعروق يدة تنتفض من تحت الحديد الذي يكبل يدة، لاول مرة تراه مذلولاً هكذا، لاول مرة ترى التوسل في عيناه ان لا تنطق ولا تتحدث، استمعت لتهديدهم وتوعدهم له بالسجن، شعرت بنار تبرد قلبها المسكين، هذة هى فرصتها الوحيدة ولن تتكرر مرة ثانية فقالت بنبرة مهزوزة: انا هقول وه حكي بس بعد كده عاوزاه يطلقني، ويبعد عني انا وعيالي ويسيبنا في حالنا مش عاوزة أشوف وشه تاني...
زمجر من بين أسنانه بعد حديثها وجاء بأن يتحدث ليبوخها فوقف مالك امامه قائلًا بصرامة وعيون ترعب من أمامها: وصل الامانه فين!؟. تحرك بعصبيه بين يدى العساكر المحاوطين له، فأشار مالك لاحد العساكر قائلًا: فتشوااا. امتثل العسكري لأمر مالك، اخرج محفظه من الجلد وورقة فوقها التقطها مالك وقال للضابط: عن أذنك يا باشا..
حرك الضابط رأسه بإيجاب، قطع مالك الورقه الى قطع صغيرة ثم القاها نحوه: مش دي اللي كنت بتخوفهم بيها، خلاص بح، مبقوش هيخافوا ولا من ورقه ولا من شغلك ولا من أي حاجة، وان فكرت بس لمجرد التفكير ان تقرب منهم قول على نفسك يالا السلامة.. نهض الضابط أيضًا ووقف بجانب علي قائلًا بصيغة أمر: ارمي عليها يمين الطلاق بالتلاته.. هتف علي بقسوة: محدش هيخليني اطلق...
الصقه مالك بالحائط وضعًا يديه عند عنقة ليقول: هتطلق ورجلك فوق رقبتك.. اختنق علي ليقول وهو ينازع للالتقاط أنفاسة: خلاص هطلق.. ابتعد عنه مالك اما هو فحرك رأسه يمنيًا ويسارًا ليتلقط أنفاسه المحسوبة..حثه مالك على التحدث..رفع بصره ينظر لمني بكره وحقد: انتي طالق..طالق..طالق. تفاجئ الجميع عندما وجدونها تتطلق الصيحات السعيدة او ما يسمى بالمصري " الزغاريد" وعيون السعادة تنهمر على وجهها بسعادة احتضنت اولادها وضمتهم لصدرها لتقول بكلمات متقطعه: غمه وانزاحت..
نظرت خديجة لعمار بسعادة وهى تحتضنه غير عابئة للموجدين، طبع عمار قبلة أعلى جبينها قائلًا بهمس: ثواني.. أبعدها عنه وذهب باتجاة مالك قائلًا وهو ينظر في عيون علي بقوة وكره: انا المفروض اقتلك على اللي عملته فيها والاذى اللي اعترضتله انهارده، بس انا هسكت مش ضعف مني لأ، بس احترام لقانون اللي انت كنت هتتحامي فيه..
صمت لبرهه ووجه حديثه لضابط: انا بطلب انه يمضى على تعهد ميتعرضش لمراتي او بنتي وامها واخواتها..واعمل محضر على اللي عمله فيها.. ربت مالك على كتفه قائلًا: متقلقش انا مش همشي من هنا الا لماا المحضر يخلص وحضرته يتسجن...والباشا محمد فاضل احسن واحد في الداخلية ودايمًا مع الحق وهياخد حق مدام خديجة ووالدتهااا...
حول بصره لزميلة: انا كنت شاهد على واقعة تعدى قبل كده انا وصديق ليا، عاوزني اشهد ويعزز من حبسة انا موافق جدًا.. أشار الضابط للعسكري: خده السجن تحت..يالا.. ثم اسطرد حديثة: يالا يا مدام خديجة تعالوا نعمل المحضر ومعلش هتتحولوا للطب الشرعي علشان يبقى سليم وتاخدوا حقكوا..
للحظات أرادت التراجع، ولكن لم ترى في عيناه لحظه ندم او حب لها، دائمًا ما ترى الكره والحقد، دائمًا ما ترى مشاعر تكسر قلبها لاشلاء، سامحت كثير ولكن لم يعد لديها طاقة بأن تسامح يكفي بأن يبتعد عنهم، يكفي ما يحدث لها، أليس من حقها ان تعيش حياة سعيدة خالية من اي عنف، حسنًا ف لتأخذ جزاتك ليس مني ولكن من والدتي التى عاشت وتحملت الكثير...
دبدبت بقدمها أرضًا بغيظ بعدما تعدت الساعه الثانية بعد متتصف الليل ولم يأتي الى الان حتى ذهابها ليارا الغى هو برسالة قصيرة يعتذر عن حضوره ويتأجل ذهابهم لموعد أخر، تعنته ان يفصح عن مكانه او سبب تأخيره ضايقها كثيرًا، زفرت بحنق على نفسها وحالها وسرعة تغير شخصيتها، رجحت ذلك لهرمونات الحمل وتجاهلت سبب حبها له، جلست على فراشه تبعد خصلات شعرها للخلف، تفكر بجدية كم يطول الوقت الذي تريدة حتى تستطيع لم شتات نفسها..شعرت بالحنين له، رغم عدم ابتعاده عنها ورغم عدم بخله في اغداقها بكلماته الحنونه ونظراته الوقحة لها،توردت وجنتاها بخجل تنهر نفسها على ما تفكر فيه، حقًا تبًا لهرمونات حملها، فالاميرة تشتهي على مالك نفسه وليس طعام مثل بقيه النساء...
انفتح الباب فجعلها تنتفض في مكانها وتعود لعبوسها: ايه ده في حد يدخل كده، مش عيب.. وقف أمامها مستنكرًا حديثها الحاد توبخه وكأنه ابنها وليس زوجها: في ايه يا نودي!. هتف بضيق: متقوليش يا نودي.. ضيق عيناه بمكر: نداياا. عبست أكثر: ولا حتى دي.. اقترب منها يطالعها بخبث: طب ندى..
هزت رأسها برفض ايضًا وهي توجه بصرها نحو الاتجاة الاخر، هى لم تدرك رفضها لألقابه، كانت تريد مضايقته فحسب، انحنى نحو يلثم شفتاها بعدما القى بسترته بعيدًا: طيب في ايه يا حبيبي . نبرته الخافته العاشقة دغدغت كيانها وقلبها، توردت وجنتاها خجلاً فهمست وهى تضع وجهها بين يديها: بس بقى .. جلس بجانبها يقربها منه قائلًا: بس ايه، ما تقولي انك هتموتي وتعرفي أنا كنت فين؟!، اعترفي انك بتحبيني اوي لدرجه انك بتغيري عليا... رفعت وجهها ترمقة بدلال: كنت فين!.
اتسعت ابتسامته قائلًا بمزاح: كنت مع واحدة تانية.. توسعت عيناها لوقاحته وبدأت الدموع تتجمع بمقلتيها، ف تحدث بسرعه: بس بس، اهدي، دي خديجة صاحبتك.. مسحت دموعها بسرعة قائلة بعدم فهم: خديجة ازاي؟!. _ قوليلي الاول شهيرة هانم دايقتك... _ قولي انت الاول كنت مع خديجة بتعمل ايه . اعتدل في جلسته وجذبها لتتوسط صدره وبدأ يسرد ما حدث عليها...
اعطت والدتها المنديل قائلة بحزن: خلاص يا ماما والله بتقطعي في قلبي بعياطك ده!. هتفت والدتها من بين شهقاتها المستمرة: اعمل ايه بس يابنتي، صعبان عليا انه مشي لوحده.. مسدت ماجي على يد والدتها بحنان قائلة: طيب هو انتي قولتيله ايه علشان يمشي ويسافر لوحده... أرجعت والدتها رأسها للخلف وبدأت في سرد ما حدث...
التفت لها برأسه يرمقها بغضب قائلًا بغيظ من بين اسنانه: انا بكره البت دي، بكرهااا، عامله زي أبوها فرقني زمان عن نادية، ودلوقتي بتفرقني هي عنك. نظرت له بصدمه فقالت: وهي ذنبها ايه، وبعدين ياعني له حق محمود بقى يخبيها عننا.. هز رأسه مؤكدًا والشر يتطاير من عيناه: آه له حق انا عمري ما كنت ه احبها، ولا كنت حتى ه تعاطف معاها، بل بالعكس انا كرهي ليها كان هيأذيهااا.
شهقت بصدمه من حديثه العنيف: ايه اللي بتقوله ده، فوق لنفسك، علشان انت غرقتني زمان معاك، غرقتني لما خلتني اخاصم بنتي وابعد عنها، فوق لنفسك قبل ما تلاقي نفسك لوحدك لاني مش هامشي وراك تاني ولا ه خاف تأذي نفسك تاني، لانك بالفعل بتأذي روحك وقلبك، الحق روحك وروح اتعالج علشان انت كده ماشي في سكه صعبة..
أغلق حقائبه وهو يستمع لحديثها مغلقًا عيناه رافض الاستماع لاي شئ قد يعيدة لصوابة، جر حقائبة خلفه قائلًا: انا مسافر ومش هاتشوفي وشي تاني، عارفه انا مش هقعد ليه، علشان الخوف اللي في نبرتك والنظرة اللي في عينيكي كلهم بيضحولي حاجة واحدة بس وهى انك خايفة مني عليها...اشبعي بيهم وسيبني انا لاحزاني وجروحي اللي عمر ما الزمن هيدوايها الا بالموت..ومتخافيش مش موتها هي، موتي أنا.
عادت من شرودها وهي تبكي وتنحب بقوة بعد حديثه قائلة: خايفة ينتحر او يموت نفسه يا ماجي.. ربتت ماجي على يدها قائلة: متخافيش أحمد اجبن من كده، سيبه يمكن يحس بالوحدة والضعف ويتعالح ويرجع زي زمان، اوقات الوحدة والضعف بيفوقوا يا ماما..انتي...وانتي جنبه كنتي بتقويه، دلوقتي سيبه لنفسه واحزانه هايساعدوه يا يوحله أكتر.
مسحت شهيرة دموعها قائلة: البت قطعت في قلبي وهى بتطلب مني اقعد معاها حسيت ان ده واجبي عليها، جمدت قلبي من ناحيته وقررت افضل علشانها.. مازحتها ماجي قائلة بعتاب: كده يا ماما قاعدة علشان خاطر ندى، امال خاطري انا فين، ده حضنك ده وحشني أوي.. جذبتها والدتها لاحضانها قائلة بنبرة حنونه: وحشتيني أوي أوي يا ماجي..تعالي في كلام كتير عاوزين نقوله ونرجع ايام زمان.
أشار عمار لخالته قائلاً: الكنبه دي كويسة بتتفتح سرير خليهم يناموا هنا...وانتي مع خديجة جوا.. قاطعته خالته قائلة: لا يابني سيبني انا مع عيالي هنا، وخليك انت مع خديجة هى محتاجك بعد اللي شافته انهارده.. أشار لليلى قائلاً: طيب تعالي نامي في اوضه ايلين هى هتنام معانا.. ذهبت خلفه ليلى بجسد مجهد تبحث عن اي فراش حتى ترقد في أمان وسلام .
أغلق الانوار ودلف الى غرفته وجد خديجة تخرج من المرحاض تحمل ايلين بعد ان حممتها، أخذها عمار منها ومشط لها شعرها الصغير بحنان تحت نظرات خديجة له، جعل الصغيرة ترجع برأسها للخلف تستند على صدره ناعسة، حملها برفق ووضعها بالفراش طابعًا فوق جبينها قبله دافئة..
التفت للخديجة وجدها تقف بجانب الفراش تنظر له ملتزمه الصمت، أشار له بيدها ف اندفعت نحوه تتعلق بعنقة وتدفن وجهها به تبحث عن أمانها..مسد على ظهرها بحنان قائلًا: خلاص مفيش ابوكي تاني، ومفيش اي حاجة ممكن تقهر قلبك تاني، انا موجود أهو ومعاكي ومش هاسيبك وهحافظ عليكي لغاية اخر نفس فيااا، كل ما تخافي افتكري ان انا جنبك ومعاكي... بحبك.
رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الرابع والثلاثون والأخير
مر أسبوعان على زواجهم وهى تحاول فرض تلك المساحة التى تريدها وهو لا يعطيها فرصة أبدًا، حتي ان ذهبت بمكان في الشقه يكون ليس خلفها بل قبلها، يقف لها بالمرصاد يربكها بنظراته لها، وحديثة المبطن الوقح من وجهه نظرها، لقد أخطأت منذ البداية عندما طلبت منه تلك المساحة هو لا يوجد مساحة بالاساس، لا يتركها الا عند النوم، رغم محاولتها المستميته بأن ينام بجانبها الا انها ترفض بقوة، تلك الساعات التى تقضيها ليلًا بالتفكير وصفاء ذهنها وممارسة رياضيتها الذي دومًا يفشلها بحركاته وحديثة، نهضت اليوم قبله، أخذت حمامها وفتحت النافذة، نظرت لنور الصباح وتلك النسمة الباردة التى داعبت وجهها فجعلتها تبتسم براحة..
ارتدت ثيابها الرياضية بنطال ضيق يلتصق بساقيها، وسترة قصيرة ضيقة عارية الكتفيم لملمت شعرها القصير لاعلى فتحت باب غرفتها تطل برأسها منه تبحث عنه وجدت غرفته مازالت مغلقة، زفرت بارتياح وركضت صوب الصالة تفتح الشرفة تجلس أمامها وتقوم بممارسة رياضيتها المفضلة، استمعت بصفاء الجو وهدوء المكان وهى تغلق عيناها تحاول البحث بداخلها عن صفاء ذهنها والسيطرة علية، صرخت بصدمة عندما وجدت أصابعه تداعب خصرها، اندفعت للامام قائلة: ايه ده يا فارس..
جلس أمامها قائلًا بابتسامة: ايه في ايه!. زفرت في وجهه بحنق قائلة: بجد حرام عليك، هى دي المساحة اللي قولتلك عليها، ده حتى الرياضية بتاعتي مش سايبني اتهنى بيها.. عبس بوجهه ليقول: تتهنى بيها!، لا انا بغير، أنا بحس انك بتحبي اللعبه دي اكتر مني.. ضيقت عيناها قائلة بمكر: هو انا اصلاً بحبك.. كتم لفظ بذئ كاد ان يخرج من فمه لها بصعوبة، فقال وهو يقترب منها: يعني انت مبتحبنيش.. تراجعت للخلف بجسدة قائلة بضحك: اهدا يا فارس انت بتتحول ولا ايه..
هز رأسه عندما وصل اليها وحاوطها بيدة قائلًا: آه وانقض عليكي.. لكزته في كتفه موبخة: عيب، بطل بقى كلامك ده وسيبني بجد العب.. هز رأسة برفض بعند، فقالت بصوتً خافت: ايه رايك تلعبها معايا، بجد هتريحك أوي، شاركني في الحاجات اللي بحبها.. غمز لها بطرف عيناه قائلًا: وماله، اشاركك..
تنهدت براحة ابعدته عنها وجلست مكانها مجددًا تُملي عليه قواعد اللعبة انتهت قائلة: يالا غمض عيونك واعمل ايدك زي وابدأ.. قلدها وامتثل لقواعد اطمئن قلبها أخيرًا ستمارس رياضتها، اعتدلت في جلستها واغلقت عيناها مجددًا..ما لبث ثواني حتى وشعرت به يقبلها في وجنتها: يارااا.. كورت يدها بغضب ولم تجيبة، عاد وقبلها مجددًا هامسًا: يارا انا جعان. همست من بين أسنانها وهى مازالت على وضعها: قوم كُل.. احتضنها بقوة وهو يطبع قبلات على عنقها جعلها تفتح عيناها بغضب: ارحمني بقى.. عبس بوجهه: انا جعان.
أشارت له على المطبخ: ما تقوم تاكل ولا هو انا اللي هأكلك. غمز لها بطرف عيناه ليقول: تصدقي فكرة قومي أكليني، انا عاوز آكل من ايدك.. دفعته عنها بعنف وركضت صوب غرفتها وقبل ان تغلق الباب قالت بعصبيه: يا رخم. أجابها بنبرة مرتفعه: بس بتحبيني..
استندت بظهرها على الباب تغلق عيناها وهى تخرج من صدرها تنهيدة قوية لتقول بعدها: هو انا ورايا غير ان أحبك... القت بجسدها على الفراش ومدت أصابعها تلمس مكان قبلات على جيدها وابتسامه بلهاء ترتسم على وجهها، هذا الفارس حتمًا سيقتلها بعشقة يومًا ما... قطع تفكيرها به رنين هاتفها اعتدلت وجذبته تطالع المتصل وجدتها مليكة زمت شفتاها بضيق وهى تفكر ماذا تريد منها..أجابت بنبرة هادئة عكس تلك النيران التى تأجج بداخلها لمجرد انها أخت ياسميناا..
_ ألو. _ ازيك يا يارا، أخر مرة معرفتش اكلمك واطمن عليك.. التوى فم يارا ساخرًا قائلة: آه كنت متلهفه أوي تعرفي رقم فارس... _ اممم طيب كويس انك دخلتي في الموضوع على طول.. قطبت يارا جبينها قائلة بعدم فهم: موضوع ايه!؟. أجابتها مليكة اجابة مقتضبة جعلت قلب يارا كالعاصفة التى ستهب في وجه أحدهم وتبتلع أي شئ...( فارس )..
أجابتها يارا بشراسة: ماله فارس!، عاوزه منه ايه، مستكترة عليا زي ما أختك عملت، سيبوني بقى معاه أعوض سنين حياتي اللي فاتت وادمرت بسبب اختك.. _ اهدى يا يارا، انتي فهمتيني غلط، أنا كل الحكاية قضيت أسبوع من التفكير والعذاب في أن اقولك او مقولكيش بس خلاص حسمت اموري وقررت اعرفك يمكن علشان ده يبقى قصاد اللي فارس عمله معايااا. انقبض قلبها بخوف من حديثها الغامض قائلة: تقوليلي ايه!، اتكلمي على طول.
_ أقولك على كل حاجه حصلت زمان، اقولك ان اختى كانت مريضة كانسر وكانت بتحب فارس أوي وعمرها ما اعتبرته أخ ولما تعبت فكرت بأنانيه كان نفسها تموت وهى على ذمته، مفكرتش في حد الا نفسها، وضغطت عليه خلته يوافق بحكم الصحوبية والاخوه اللي بينهم...وبعدها هى حلفته وخلته يوعدها مايقولش لحد... تزايد الغضب بداخلها قائلة: وبالذات أنا صح!، وده كله ليه يا مليكة!.
صمتت مليكة لبرهه ثم قالت: علشان مبتحبكيش، طول عمرها بتحبه وبتموت فيه وانتي جيتي بكل سهوله خدتي قلبه، على طول شايفه حبه ليكي في كلامه وافعاله، كانت بتغير منك، بس والله يا يارا، هى كانت ساكته وبعقلها قبل موتها ولما عرفت انها عندها كانسر اتحولت وبقت شايفة انها من حقها تتجوزه، حاولت كتير أقنعها وافهمها ان ده غلط بس هى عنيدة ومبتسمعش كلام حد.. ابتعلت يارا ريقها بصعوبة لتقول بنبرة أشبة للبكاء: طب وليه تكسر قلوبنا استفادت ايه غير انها وجعتنا..
_ كانت فاكرة انها ممكن تخليه يحبها، بس فشلت لما حاولت تقرب منه ورفضها.. وضعت يارا يدها على فمها تبكي بصمت، لم تجد اي كلام يعبر عنها وعن ما فعلته ياسمينا بحقهم، انتبهت يارا الى حديث مليكة: يارا انتي معايا.. _ آه معاكي، طيب انتي بتقوليلي ليه يا مليكة دلوقتي؟!. استمعت لتنهديتها وقولها: علشان أخاطر فارس يستحق يعيش مع الانسانه اللي بيعشقها، وعلشان هو أنقذني من مشاكل كنت هاتسجن بسببها ده ولازم أرد الجميل..
ابتسمت يارا ساخرة: متشكرة جدًا انك فكرتي تقوليلي دلوقتي، بس كنت اتمنى انك تجمعي فارس بالانسانه اللي بيحبها بدون مقابل قبلها،سلام.. أغلقت يارا الاتصال معاها وظلت تدور في الغرفة ذاهبًا وايابًا تفكر فيما فعلته ياسمينا، وبمعاناة فارس، تذكرت حديث مليكة وهى تخبرها برفضه لاتمام زواجه من ياسمينا، لاشك ان تلك الجملة استطاعت ان تدواي جروح عميقة بقلبهااا، في هذة اللحظه تشتاق اليه، تشتاق لعانقة، غادرت الغرفة سريعًا تبحث عنه وجدت يقف في المطبخ يعد الطعام ويدندن بكلمات أغنيه بخفوت، اقتربت منه بسرعه تحتضنه من ظهره قائلة بخفوت: فارس ...
تفاجئ بفعلتها والتفت بنصف جسده لها: في ايه..مالك. اشارت له وهى تفتح ذراعيها قائلة بلهجه خافته يصحبها البكاء: احضني. قطبت ما بين حاجبيه بعدم فهم لحالتهااا تلك، ولكن لم يظل هكذا طويلاً تدراك الامر و مال بجسده نحوها يحملها بين ذراعيه فتعلقت برقبته وارتفعت قدمها عن الارض، دفنت وجهها بعنقة تهمس بوعد: اوعدك ان عمري ما أسيبك، ولا أزعلك مني تاني، ولا أبعد عنك... ابتعدت بوجهها ونظرت في عيونه مباشرةً: أنا بحبك أوي.
قرب وجه منها ولثم شفتاها بحب: وانا كمان بحبك أوي، بس مالك في ايه!.. عضت على شفتاها بخجل لتقول: مليكة قالتلي اللي حصل بينك وبين ياسمينا، بس والله أنا مسألتهاش هى اللي اتصلت علشان تردلك الجميل وحكتلي.. التزم الصمت يحدق بها فقط بنظرات غامضة لم تستطيع تفسيرها، فعادت تُكمل حديثها وهى تخفض بصرها: أنا فعلاً كنت ملتزمه بقراري ان معرفش السبب، وكنت بدأت اتعود عليه، وجودك جنبي كان بيخليني انسى وجعي، بس لما مليكة كلمتني وحكتلي، كل الجروح اللي في قلبي راحت، وعرفت قد ايه انك فعلا عانيت وانت معاها...
تلاشى الغموض من نظراته بعدما حصل على اجابتها التى أراحت قلبه فقال متسائلًا: يعني كده مفيش ما بينا اي حواجز.. هزت رأسها بنفى وبدأ الخجل يتصاعد مجددًا لوجهها فقال وهو يتجة لغرفته: بصي يا يارا انهارده هيكون يوم تاريخي مش في حياتنا بس لا في حياة مصر كلها... انفلتت ضحكه عالية منها، رفع أحد حاجبيه قائلًا: الله اكبر، بدأت تندع ... ادخلها غرفته واغلق الباب خلفهم، لتسكت شهرزاد عن كلام فارس الغير المباح...
تابع يد الطبيبة وهى تحرك الجهاز فوق موضع جنينها، نظر للشاشه الصغيرة حيث تشير الطبيبة وتشرح له بعملية لم يفهم شيئًا ولم يري شيئًا، حول بصره نحو ندى وجدها تنظر للشاشه وتبتسم بسعادة وكأنها تفهم او ترى، عقد حاجبية يحاول ان يرى اي شئ يدل ان طفله يوجد هنا أمامه، تصلب جسدة وتسمر وجهه فاجأه عندما استمع لنبضات قلبة، فابتسم قائلًا: ده قلبه اللي بيدق كده.. هزت الطبيبة رأسها قائلة: آه اسمع تاني كده..
كررت الطبيه ما تفعله واستمع لنبضات قلبه وكأنها سيمفونية جميلة، انتهت الطبيبة عملها وتابعت مع ندى ارشادات الحمل، غادرت المشفى وهى تمسك يده بقوة لم تختفي ابتسامتهم الا عندما تفوهت ندى قائلة شئ لم يخطر بباله أبدًا: مالك ودينا شقتنا القديمة.. عقد حاجبية متسائلًا: ليه انتي مبتحبيش تروحي هناك، وبتتعبي بلاش.. جلست بجانبة بالسيارة قائلة: لا انا محتاجة أروح هناك انهارده، وديني.. _ حاضر..
امتثل لرغبتها ووصل بها عند شقته القديمه زاد استغرابه عندما رفضت ان يذهبا للفارس متحججه بأنه لا يوجد وقت، دلف معاها الى الشقه، فهبت في وجهه ذكرياته معاها ضحكهما ومشاكسته لها، وأيضًا ذكرى يوم مولدها، ذلك اليوم الذي أقسم انه لا ينساه أبدًا، مازالت مُصرة على مفاجئته بقولها وفعلها الذي جعله قاطب الجبين..وخاصة عندما طبعت قبلة صغيرة على وجنته قائلة: خليك هنا ثواني وجاية مش هتأخر.
أغلقت باب غرفتهم خلفها واستغرقت عشر ثوانٍ و فتحت الباب ببطئ، اعتدل في جلسته مترقبًا لخروجها، وبالفعل خرجت ترتدي نفس الفستان التى ارتدته من قبل في ليلتهم الاولى، ليله حفرت في عقولهم كحفر خيوط الذهب في الاقمشه...تقدم منه بخطوات بطيئه يرمقها بحب، وقفت أمامه وهى ترتب خصلات شعرها جانبًا رفعت أمامه سلسالها الذي قد أهداها لها من قبل قائلة: خلعتها يوم ما طلقنا بس فضلت معايا ومقدرتش ابعدها عني، لما رجعنا لبعض، قررت ان هالبسها بس يوم ما أحس ان هقدر أكمل معاك وانسى اللي فات..واديني أهو بقولك لبسهالي..
وضعتها بيدة، اتسعت ابتسامته لها وهو يضعها حول عنقها قائلًا: انا عمري ما ازعلك تاني، ولا عمري ما هكدب عليكي، غلطت غلطه وندمت عليها وهندم عليها عمري كله بس دلوقتي في حياتنا جديدة حياة أنا وانتي هنبدأها من جديد مبنيه على... همست وهى تحاوطه بيدها: مبينه على الحب صح... هز رأسه وهو يقبلها قبلات متفرقة حنونه تحمل بين طياتها العديد والعديد من المشاعر الجميلة: لأ العشق..قلبي وقلبك اتربطوا ببعضهم وده كان كله بسبب حاجة واحدة هو العشق...
أنهى حديثه وهو يقبلها بنهم ينهل من شهد شفتاها ما يريد، يعيد ذكرياته ليله مضت، والان يعيدها وسيعيدها بلا توقف ...وكأن ذلك العشق الذي يستوطن قلوبنا لا يعطينا الفرصة في الابتعاد والهجر يحركنا كيفما يشاء وينتصر في نهاية الامر حتى يجعلنا نقع بإرداتنا بين أيدى من عشقانهم..
اسبوعان وهو يحاول بشتى الطرق مع الصغيرة ان يجعلها تنسى ما عاشته على يد ذلك الخسيس الذي الان يأخذ جزائة في السجن، تجلس هكذا امام التلفاز صامته لا تتحدث أو تنزوي بغرفتها تحت غطائها تبكي بصمت، حتى انها يوميًا تبلل سراولها ليلًا، زفر بخفه وفرك وجهه في يده عندما لم يجد الا حلًا واحدًا ويجب عليه تنفيذه، راقبا دخول خديجة الى الشقة بعدما اطمنت على والدتها واخواتها، بعدما قرر هو ان يجلب لهم الشقة التى تقع أمامهم حتى تطمئن خديجة عليهم ويطمئن هو قلبه على خديجة وايلين...جلست بجانبه وحدثته بخفوت عن حالة ايلين التى لم تتحسن أبدًا، بدأ وجهها يهدأ من كدماته وتورمه وبدأت ملامحها في الظهور...
_ عمار انت معايا... _ اممم معاكي، انا قررت ان اوديها لدكتور تتعالج عنده، ايلين مرت بتجربه وحشه وانا مش عاوزاها تتأثر بيها.. _ عيد ميلادها قرب تيجي نعملها حفلة يمكن تتبسط ونغيرلها الجو اللي هى عايشه فيه. حول بصره للصغيرة مازالت تنظر نحو التلفاز بصمت وشرود فقال مفكرًا: لأ انا بفكر أخدكوا ونسافر أي مكان نغير جو وبعدها نبدأ في علاجها. هتفت بحماس كالاطفال: بجد هانروح فين..
اقترب بجسده منها ليقول بحب: انتي عاوزة تروحي فين.. اقتربت هى أيضًا تختصر المسافة بينهم بعدما ازاحتت الوسادات التى تفصلهم جانبًا: اي مكان تكون انت فيه هكون مرتاحة فيه.. حاوطها بيدة وضغط بيدة على خصرها: كلامك ده هيخلينا نقوم ننام بدري .. انفلت منها ضحكات مرتفعه جعلت الصغيرة تلتفت اليهم، اقتربت منهم وصعدت على ساق عمار تحشر نفسها به وكانت تلك عادتها في الايام الاخيرة قائلة: عاوزه أنام يا عمار..
احتضنها عمار بيدة ومسد على شعرها تارة وظهرها تارة: نامي يا حبيبت قلب عمار، نامي.. مدت الصغيرة يدها تمسك يد خديجة وتقربها الى قلبها واغلقت جفونها بعدما شعرت بالامان وهم بجانبها..رفعت خديجة انظارها لعمار قائلة بخفوت: كانت بتقولي امبارح انها عاوزة تقولك يابابا بس خايفه تضربها... نصف الحديث جعله فرحًا والنصف الاخر أحزنه، فقال: أضربها هو انا عمري زعلتها..
خفضت صوتها أكتر وهى تقترب بوجهها منه قائلة: عمار، ايلين كلامها مش موزون، وبدليل انها بتحبك أوي وعاوزه تقولك تناديك بأيه، ومن ناحية تانيه الي عملة ابويا فيها أثر في نفسيتها، معلش وبعدين انت شايف اهو مبتنمش الا في حضنك..هى بتحبك أوي..عمار ايلين مبقتش تتخيل حياتها من غيرك. احتضنهما عمار قائلًا بحب: ربنا يخليكوا ليا انا اللي مبقتش اتخيل حياتي من غيركوا..
انقضت سته أشهر على أبطالنا وعم السعادة والحب حياتهم، تحملوا الكثير والان هم يستحقون الافضل..حاول عمار بشتى الطرق ان يعلاج ايلين رغم رفضها وبكائها عندما تذهب للطبيبه ولكن تعودت عليها في أخر الامر، بدأت شخصيتها تعود مرة أخرى،وتملئ المنزل بضحكاتها ومرحها، لاشك انها مازالت تعاني من كوابيسها وتبولها اللاارادي ليلًا، ولكن هو وخديجة كانوا يتفهمون حالتها جيدًا..انشغلت خديجة بأيلين ووالدتها واخواتها وأيضًا حملها، كان يشعر عمار دائمًا بالحنق منها وكان يتذمر بغضب منها ليلًا عندما يُقفل عليهم باب غرفتهم، ولكن كانت خديحة تجعله يصمت ويبتلع تذمرة بداخله بقبلاتها ودلالها عليه...
اما فارس ويارا مر سته أشهر عسل على زواجههم وليس شهر عسل واحد، استغل فارس كل دقيقه وكل لحظه حتى يعبر لها عن عشقه لها، ولم تبخل هى عليه بكلامتها التى تجعلها من عشقه ثورة تندلع بها ولا تستطيع هى اخمادها...استغلوا تلك الاشهر في السفر والابتعاد عن اي هواتف قد تزعجهم وتجعلهم ينفصلون عن ذلك الواقع الذين هربوا بمحض ارادتهم...
اما مالك وندى، فكانت الاميرة الجميلة تتذمر دائمًا لغيابة أغلب الوقت في عملة، متحججه بحملها ويجب عليها ومن واجباته ان يظل بجانبها يدللها ويدلل ابنتها التى لم تولد بعد، كما أخبرتكم سابقًا انها تشتهيه هو وليس الطعام، تريده معاها وامام عيناها، كان يتقبل تذمرها وحديثها الغاضب بصدر رحب ولم يمل يوميًا بل بالعكس كان يفرحة ويجعله مبتسمًا دائمًا..ولكن اليوم اختفت ابتسامته بسبب قرار الطبيبه المفاجئ بتولديها...
جلس أمام غرفه العمليات يراقب الساعة بدقات قلب عنيفة، اختفت تمامًا عندما خرجت الممرضه تحمل ابنته وتضعها بين يده قائلة: ألف مبروك بنوته قمر أوي..مامتها هاتخرج ورانا حملها برفق وهو بتفحصها بابتسامه جميلة، اندفع الجميع حوله يلتقطون الصور مع تذمر الجدة وماجي...وضعها مالك بين يد ماجي قائلًا: خدي يا ماما ندى الصغيرة، لغايه ما اطمن على ندى. حملتها ماجي بحب وهى تطبع قبلات بيد الصغيرة المرفوعه أمامها.
التفت بجسدها نحو فارس تضعها بين يده قائلة: خد شيلها كده يمكن تبطلوا جنان وتسيبكوا من قرار تأجيل الحمل ده، ايه مزهقتش منها.. حملها فارس فكانت صغيرة جدًا بين يده، لمعت عيناه بفرح وهو يدقق النظر بهااا قائلًا: مناخيرها صغيرة اوي يا يارا.. داعب يارا وجنتهااا بحب: كل حاجه فيها صغيرة أوي. راقبتهم ماجي باهتمام فقالت لشهيرة: تفتكري يا ماما هيفكروا يلغوا القرار ده. حركت ماحي رأسها بإيجاب قائلة: طبعًا، امال عيونه اللي هتاكل ندى الصغيرة من الفرحة دي ايه، بعد تسع شهور هنقعد نفس القعدة دي مستنين بنتك تخرج من العمليه..
رفعت ماجي يدها قائلة: يارب يسمع منك ياماما، نفسي قلبي يرتاح.. ربتت شهيرة على يد ماجي قائلة: ان شاء الله ادعي انتي بس. تجمع الجميع بغرفة ندى يضحكون وشاركهم لحظتهم تلك عمار وخديجة بعدما أصرت خديجة ان تحضر ولادة ندى..ابتسامتهم خرجت من القلب، ذلك القلب الذي تقيد يومًا ما بعشق أبدي..ولم يستطع ان يفك أسر نفسه رغم ما مر به من قسوة ووجع، يقولون الحب لعنه، فما بالك بعشقً استوطن قلبك وجعله مقيد للابد. تمت الجزء التالي نوفيلا ترنيمة غرام للكاتبة زينب محمد كاملة