logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 10 من 36 < 1 22 23 24 25 26 27 28 36 > الأخيرة



look/images/icons/i1.gif رواية ميراث العشق والدموع موال التوهة والوجع رباب النوح والبوح زاد العمر وزواده
  09-01-2022 05:42 صباحاً   [73]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثالث (رباب النوح والبوح) بقلم رضوى جاويش الفصل الثالث والثلاثون

استيقظ غير واع بما يدور حوله و تنبه فجأة لتلك التى تلقى برأسها على كتفه.. دق قلبه فى سرعة صاروخية و هو يتذكر ما حدث البارحة..
انها هى حلم الطفولة و عذابات الصبا و الشباب تستكين اخيرا بين ذراعيه.. انه لا يحلم.. و بالتأكيد لا يهزى.. فها هو متيقظ بكامل الوعى يدرك تماما ان ما حدث بينهما فى الليلة السابقة لهو حقيقى كما يدرك انه يتنفس الان فى اضطراب محاولا الا يوقظ تلك الجميلة الناعسة بين ذراعيه..

سيطر على انتفاضة باغتته بقوة جبارة عندما جاءه صوت امه تنادى بأسمها من الأسفل.. نهض فى تثاقل و حذّر و اندفع خارجا من باب الشقة بنظر اليها من عليائه هاتفا:- خير ياما..!؟.
هتفت نعمة بتخابث:- هى البت شوشو منزلتش ليه لحد دلوقتى!؟.. و تطلعت اليه تحاول وأد ابتسامة على شفتيها لمظهره المشعث مستطردة فى جزل:- و انت كمان منزلتش ورشتك!؟..

اضطرب محاولا الرد و اخيرا هتف:- معلش اصل شوشو عندها شوية مغص.. و ف الحمام..
همت نعمة بالاندفاع للأعلى فى لهفة هاتفة:- ليه كف الله الشر.!؟... اما اطلع اعمل لها شوية نعناع...
انتفض ناصر مؤكدا:- لااا مفيش داعى.. هى شكلها دخلت نامت تانى.. ترتاح و تنزل لك على طول..
توقفت نعمة فى موضعها و هزت برأسها فى تفهم هاتفة:- طيب.. ابقى طمنى لما تصحى..
و نزلت عدة درجات و دخلت شقتها تغلق بابها و تنفجر فى ضحك هستيرى على حال ولدها البكر
هامسة:- جدعة يا بت يا شوشو.. و اشارت لصدرها فى فخر.. تربيتى..

و عاودت قهقهاتها من جديد.. بينما ذاك الجلف الواقف باضطراب يتنفس الصعداء ان امه لم تصعد لتطمئن على غزاله النائم على فراشه قد عاد لشقته يغلق الباب خلفه و قد شهق عندما ادرك انه خرج لأمه عار الصدر تماما و قد نسى من شدة اضطرابه ان يضع سترة منامته قبل ان يخرج اليها..

ألقى كل ذلك وراء ظهره واندفع فى شوق للغرفة من جديد ليجد ذاك الغزال يتمطع على فراشه فشعر بحرارة شوق تلهب شرايينه لقربها فتقدم ينظر اليها فى عشق حتى تنبهت و رفرفت بأهدابها فى تثاقل أورثه رغبة محمومة فى الاندفاع اليها يعتصرها بين احضانه.
همست فى خجل:- صباح الخير..

لم يرد بل ظل يحدق فى محياها كأنما لا يصدق انها هى بشحمها و لحمها الماثلة امامه و تستكين فى دلال على ذاك الفراش الميمون الذى جمعهما مها لأول مرة..
و فجأة اندفع كمجنون ليلقى بجسده على الفراش جانبها فى تهور جعلها تصرخ فى صدمة و اخيرا انفجرت ضاحكة على افعاله التى ما عادت تطابق المنطق منذ البارحة..

لقد عاد طفلا من جديد كما تذكره منذ جاءت الى هذا الدار يتيمة ليحتضنها الجميع و أولهم هو و يشملها بكل عناية و يخصها بكل دلال و هى الحمقاء التى ما ادركت ذلك الا متأخرا جداا..
ضم خصرها اليه فشهقت تخرج من شرودها و تندفع خواطرها لتختبئ خجلى من افعاله..
همس فى عذوبة:- وحشتينى من امبارح للنهاردة..

تخضب وجهها بالحمرة و لم ترد و هى تعبث فى اضطراب بضفيرتها الكستنائية ليتنبه مادا كفه يلتقطها بين أصابعه هامسا:- مبقاش ليها لازمة..
لم تفهم ما كان يقصد الا عندما انتزع ذاك الشريط الذى يضم جدائل الضفيرة و بدأ فى فكها لتنساب خصلات شعرها فى تناغم جعله يشهق فى انبهار..
همست بدورها تشاكسه:- كان فى واحد قال لى لو شفتك فكاها هقتلك..
انفجر ضاحكا:- و لسه عند قوله.. لو شافك فكاها هيقتلك..

فغرت فاها و تطلعت اليه فى تعجب ليستطرد هامسا:- فكاها لغيرى.. هقتلك.. اما لو فكتيها ليا..
همست تتعجله فى وله:- هاااا..
همس بالقرب من اذنيها:- برضو هقتلك.. بس قتل عن قتل يفرق يا وجع قلب ناصر..
انكمشت بصدره هامسة بعتاب:- انا وجع قلب يا ناصر!؟..

ضمها لصدره فى تملك هامسا:- انتِ !؟.. انتِ وجع قلب ناصر و فرحته يا شوشو.. انت حياة ناصر كلها و مفتكرش انى فاكر اى حاجة من حياتى قبل ما تدخليها.. و لا فاكر أسمى كان ازاى الا لما سمعتك بتنطقيه..ناسر.. و لا عارف كان شكل حياتى هيبقى ازاى دلوقتى و انت مش فيها..
تنهد فى شوق لترفع اليه عيون دامعة لينحن مقبلا عيونها فى وله لتهمس فى سعادة:- ناااصر!؟..
سأل فى هدوء مناف لما يعتمل بداخله من ثورة:-هااا..

همست و هى ترفع رأسها من بين احضانه تقبل ذقنه الغير حليقة اسفل رأسها:- بحبك..
احنى هامته متطلعا اليها و قد تظاهرت المشاعر و اعترضت الحواس و شجبت الانفاس لكتمانه ما يعتمل بداخله دافعه اياه ليخرج للنور و يأبى التخفى من جديد خلف مظهر صلب و قشرة وهمية من ثبات و يعلن عن عشق فاضح و هيام كاسح و هو يضمها لصدره يكاد يخبئها بين طيات روحه و هو يبثها ذاك الوجع اللذيذ الذى ناء بحمله قلبه و ذاك الفرح الذى أضاء جوانبه بعد بوح جاء اخيرا...

وقف حمزة فى هدوء امام سرير بن عمه يبتسم فى سعادة لذاك الذى استعاد وعيه اخيرا و قرر الأطباء نقله لغرفة اخرى هامسا له:- حمد الله بالسلامة يا حازم باشا.. كفارة..
ابتسم حازم فى وهن:- الله يسلمك يا حمزة.. ثم ازدرد ريقه فى صعوبة هامسا:- و الف مبروك.. معلش بقى مقدرتش احضر كتب كتابك..

ابتسم حمزة رابتا على كف حازم الممدودة بمحازاة جسده هاتفا:- مفاتكش حاچة على فكرة.. و اچل مبروك دى لبعدين.. مبروك علينا جومتك بالسلامة..
عبس حازم فى تعجب:- يعنى ايه مفهمتش حاجة !؟.. هو فى ايه !؟..
هتف حمزة فى ثبات:- يعنى الكتاب اتأچل يا واد عمى لما چانا خبر عن الموضوع بتاعك..

لم يكن من المفترض ان يخبره حمزة انه صرف النظر تماما عن الزواج بتسبيح حتى يذهب و يفعل ذلك بشكل رسمى و بمعرفة اهلها اولا..
همس حازم:- انا اسف يا حمزة.. دربكت لكم الدنيا..
قهقه حمزة فى تفهم:- دربكت ايه بس.. و الله دى اتعدلت يا واد عمى..
تطلع حازم الى حمزة فى تعجب لا يدرك معنى تلك الاحاجى التى يتفوه بها و لم يكن فى وضع ذهنى يسمح له بالاستفسار فأثر الصمت.. وابتسم لحمزة المنشرح لنجاته فى سعادة..

لا تصدق حالها فها هي تلك اللحظة التي كانت تحلم بها تتحقق.. ذاك الحلم الذى راودها منذ زواجها به يصير واقع الان.. انه لا تطق صبرا لتخبره و ترى رده فعله المجنونة على ذاك الخبر الرائع الذى انتظرته طويلا و الذى بالتأكيد سيكون الاروع على الإطلاق في محيط العائلة بأسرها فها هو الحفيد الأول لكل من الهوارية و التهامية قادم في الطريق..

هتفت بإسمه في إلحاح:- باثل.. باثل.. انا هبقى ام يا باثل.. انا حامل.. انا حامل..
اخذت تردد كلماتها في ألية ليهتف باسل بجوار اذنها في حزن يحاول مداراته:- اهدى يا سندس.. اهدى..
كانت لاتزل في غيبوبتها تهزى في هوس بحملها.. دمعت عيناه لمرأها بهذا الشكل و زهرة و عاصم على الجانب الاخر من الغرفة يتأكلهما القلق على ابنتهما الوحيدة.. غاب عن محياها لون الحياة و خاصة زهرة التي كانت تشهق باكية في حزن:- ايه اللى حصل يا باسل !؟.. في ايه!؟..

احنا جينا على ملا وشنا اول ما كلمتنا..بنتى مالها يا بنى!؟..
هتف باسل في صوت تحمل نبراته حزن الدنيا و سخطها في آن واحد:- و الله ما عارف يا مرت خالى.. كل اللى اعرفه انها كانت رايحة الچامعة النهاردة و خدت العربية بنفسها و جالت مش عايزة سواج هروح لحالى.. انى لو اعرف كنت منعتها من خوفى عليها لكن انى معرفتش غير لما سألت السواج و جال انها هي اللى طلبت تسوج لحالها للچامعة و بعدها حصل معاها حادثة و اتاريها كانت رايحة تجيب نتيجة تحليل الحمل اللى عملته مش رايحة الچامعة و هي راچعة حصل اللى حصل و اتصلوا بيا يجولوا لى أن مرتك عِملت حادثة و انها..

هتف عاصم يتعجله صارخا:- انها ايه !؟.. انطج..
هتف باسل:- انها سجطت..
تحوقل عاصم ضاربا كفا بكف و شهقت زهرة باكية فهى اكثر شخص كان يعلم مدى رغبة سندس في إنجاب طفل و انها انتظرت هذا الحدث منذ زواجها حتى مرت أشهر و لم يحدث
و أخيرا عندما حدث يكون ذلك هو مصيره..

نكس باسل رأسه في حزن غير قادر على التطلع لتلك المسكينة التي لازالت تهزى بحلمها الضائع و هو الان يدرك ان تحقيقه مرة أخرى على الأقل في القريب العاجل شيء غير وارد فقد اخبره الطبيب ان إمكانية حدوث حمل مرة أخرى ليست بالأمر الهين نتيجة مضاعفات الحادث.. لم يخبر احد بذلك و لن يفعل و امر الطبيب بكتمان الامر تماما..

و تطلع الى ابنة خاله الغالية و اقترب من محياها الناعس الشاحب في شوق يربت على رأسها في حنو و يهمس بالقرب من اذنيها:- بحبك يا بت خالى.. بحبك جووى.. انى مش عايز عيال و لا يحزنون.. انى عايزك انتِ.. فوجى بجى طمنى جلبى عليكِ..

عاودت همسها بأسمه بتلك اللدغة التي تفقده صوابه لينسى كل ماعادها و ينسى حتى ان خاله و زوجه مازالا بحيز الغرفة ليصعد على الفراش جوارها ليتنبه كلاهما لما يفعل و يتسللا خارج الغرفة في صمت.. اما هو فقد تمدد بجوارها يحيط جسدها بذراعه و يضم رأسها لصدره متضرعا في صمت الى الله كى تنجو و تعود لتنير حياته من جديد..

اخيرا ستسير بجواره و هى خطيبته لا ابنه عمته و التى يدعى انه كأخيها الأكبر.. اخيرا تشعر بالسعادة لانها جواره و قد شعر بها و بما يعتمل بقلبها من مشاعر مطمورة بين طياته منذ سنوات.. و ها قد جاء الوقت لتعلن عن نفسها حرة بلا قيد و لا شرط.. تطلعت اليه و هو يجلس امامها على مقعده جوار السائق و تعجبت من احوال الزمان و تقلباته و كيف كانت البارحة على حال تود لو تطيح بهذا الرأس بعيدا عن كتفيه قهرًا و انتقامًا لقلبها المجروح على يديه و اللحظة تود لو تقبل ذاك الرأس الشامخ امامها و تتوق لضمه لصدرها..

شعرت بحرارة الخجل تسرى الى وجهها عندما تخيلت رأسه بين ذراعيها تضمها فى حنان و تسبغ عليه عاطفتها التى تدخرها له وحده منذ امد بعيد..
تنبهت عندها هتف بها ماجد لتترجل من السيارة و علت وجهها حمرة محببة و هى تتطلع اليه و قد تذكرت خيالاتها منذ لحظات و لم يفته ذلك بالطبع فهمس مشاكسا:- احنا لازم نكتب الكتاب بسرعة عشان اقررك.. بتفكرى ف ايه يخلى وشك يحمر كده كل اما تشوفينى!؟..

نكست رأسها خجلا و قد اصبح وجهها بالفعل يضاهى الطماطم الطازجة ليقهقه هو بدوره هامسا:- لا بقى ده كده انا طلع عندى حق و فى ان ف الموضوع.. ده انتِ لازم يتعمل لك استجواب أمن دولة..
هربت من امامه غير قادرة على البقاء بصحبته اكثر من هذا ليهتف خلفها:- يعنى ينفع كده ابقى عريسك و تسيبينى و تمشى لوحدك.. مش خايفة البنات تعاكسنى طيب !؟..

توقفت عندما اصطدم بسمعها تساؤله الاخير فعادت القهقرى تقف جواره فى صمت غير قادرة على التفوه بكلمة غير انه انفجر ضاحكا رغما عنه عند عودتها.. و هتف اخيرا:- بنات تخاف متختشيش.. بس فيهم واحدة مقدرش استغنى عنها..
عبست تسأل بلهجة تحذيرية:- هى مين دى !؟..
نظر اليها يشاكسها مغيظا إياها:- هتكون مين يعنى !؟.. امى طبعا..

و قهقه عندما طالعه ذاك التغير فى ملامح وجهها بشكل يوحى برغبتها فى ارتكاب جريمة ما..وابتسمت هى رغما عنها و ما استطاعت امام قهقهاته التى تتعالى بفرحة الا الابتسام و دقات قلبها تتعالى محدثة صخب لذيذ بقلبها..
سارا معا حتى بلغا المدرج.. تجمع بعض الفتيات و نادت إحداهن ايمان فأستأذنت و انضمت اليهن و انضم هو بالمثل لبعض الزملاء..لكن عيناه لم تحيد عنها و لو للحظة فأخيرا أيقن ان قلبه معلق بتلك الفاتنة هناك و انه عاشق لها حد الثمالة..

بعد خبر حملها ما عادت الامور كما كانت عليها فى السابق.. بل اصبح الامر اسوء.. كانت تشعر بحزن عميق لانها اصبحت مقيدة به بقيد أبدى رغما عنه و عنها.. كما استشعرت احساسه ناحيتها بالابتعاد و النفور و ربما الذنب..

كانت تتلافى مقابلته قدر استطاعتها و نتيجة لظروف حملها الصعبة كانت تقضى معظم وقتها داخل غرفتها ممددة على فراشها حتى ما كانت تعده من طعام له ما عادت تجهزه و تطوعت امه بذلك رغبة فى إعطائها الفرصة لتخلد للراحة فأصبح يتناول وجباته بالأسفل..

كانت فرصة مقابلته لها تعد نادرة فى ظل تلك الظروف.. كان فى بعض الأحيان يطرق باب غرفتها ليطمئن عليها فى عجالة و يرى اذا ما كان ينقصها شئ ما و يخرج بسرعة كأنما يؤدى واجبا ثقيلا على نفسه..
و كم احزنها هذا و أوجع قلبها و أرهق روحها العطشى لإهتمامه و مساندته..

خرجت من غرفتها للحمام فى تثاقل تستند على قطع الاثاث و هى تشعر بالدوار بسبب قلة حركتها.. دخل فى تلك اللحظة قادما من الأسفل يدندن كعادته فوجدها فى منتصف الردهة تحاول الوصول للحمام.. اندفع اليها هاتفا فى قلق:- ايه فى !؟.. انتِ تعبانة و لا حاچة !؟..
اكدت و هى تبعد عنها كفه التى امسك بها ساعدها لمساعدتها هاتفة:- لاااه.. مش تعبانة و لا حاچة.. الحمد لله..

تطلع لحركتها المترنحة و بطء انتقال خطواتها على الارض مما زاد من شعوره بوخزات الذنب من جديد تجاه تلك المسكينة التى ما جنت و ما كان لها من امرها شيئا..

انتظر على احد المقاعد ريثما تنتهى من حمامها و عندما خرجت ظل يتابعها بناظريه دون ان يتدخل لمساعدتها و التى يعلم مسبقا انها سترفضها لكنه لم يستطع الجلوس هكذا فأندفع مقتربا منها و حملها فى يسر فشهقت هى فى صدمة و لم تتفوه بحرف حتى انزلها على فراشها و اقترب يقبل جبينها فى حنو بالغ و تطلع اليها لبرهة و اخيرا اندفع لخارج الغرفة و منها لخارج الشقة غير قادر على البقاء فيها و قد شعر انه يختنق فعليا..

عاد من جديد لعشة ابيه حيث تركه منذ قليل ليجلس من جديد صامتا على غير عادته.. ليبتدره أبوه هاتفا:- خبر ايه يا حامد !؟.. انت مش جولت طالع شجتك ترتاح شوية و تطل على مرتك !؟.. ايه اللى رچعك !؟..
هتف حامد فى ضيق:- مفيش يا حاچ.. عااادى..

ابتسم يونس ابتسامة العارف و هتف فى لهجة ناصحة:- عيشة بت حلال يا حامد و هاتبجى ام عيالك.. استحملها يا ولدى.. دى يتيمة و ملهاش غيرنا..
و كأن ابوه ينكئ جرح حى فهتف حامد فى حدة:- عارف يا حاچ.. عارف.. انى منجصش..
ربت حامد على كتف ولده هامسا:- جلبك مش ميالها.. ليه جبلت بيها طيب!؟.. ليه ظلمتها معاك !؟..

هتف حامد بحسرة:- كان عادى اى واحدة مش هاتفرج بعد ما جلبى انچرح.. كنت غبى لما جلت كِده.. ظلمتها و چرحت جلبها و انى فاكر نفسى بداوى روحى.. انى بموت كل ما أشوفها جدامى و اجول انى ليه عِملت فيها كِده.. ليه !؟..
ربت يونس على كتف ولده المثقل بهم ذنبه هامسا:- تبات نار تصبح رماد و سبحانه مجلب الجلوب.. الذنب الكبير محتاچ توبة اكبر يا حامد يا ولدى.. و ابتسم مستطردا فى هدوء و هو يتطلع للأفق البعيد متذكرًا:- بالك انت يا حامد..

تنبه حامد لهمس ابيه و أنصت صامتا ليستكمل يونس حكايته هاتفا:- امك دى اللى كانت ماسكة السما بيدها لما عرفت انى ممكن اتچوز عليها مكنتش طيجانى لا ف سما و لا ف ارض..
هتف حامد متعجبا:- امى!؟.. معجولة !؟..

ابتسم يونس للذكرى هاتفا:- يوووه.. دى اول ما شافتنى مكنتش طايچة تطلع لى حتى و كانت بتعاملنى من بعيد لبعيد.. و بتزعج لحمزة ولدها لما كان ياچى چارى يجعد و لا يتحدت.. و قهقه مسترسلا.. كان صوت غنايا اللى مش بيسكت بيضايجها..
بدا يونس مستمتعا بسرد الماضى و كان حامد اكثر استمتاعا و هو يهتف متعجلا ابيه:- هااا.. و فضلت على كِده مش طيجاك !؟..

اكد يونس:- اه فضلت كَتير.. لحد ما چه يوم ووجفت ف ضهرها و حميتها و الله لو كنت هموت فداها ما كنت اترددت.. ساعتها بس لجيتها اتغيرت معاى.. و شوية بشوية لجيتنى مش جادر على بعدها و فى يوم و ليلة لجيتنى بجولها عايز اتچوزك..
هتف حامد فى لهفة:- هااا.. و بعدين!؟..
قهقه يونس:- و لا جبلين يا خفيف.. اتچوزنا و شرفت انت يا حلو الملامح..

قهقه حامد و هتف بعدها بلحظات مفكرا:- يعنى ممكن حد كارهك كِده فچأة يحبك.. و يتعلج بيك جوى !؟
هتف يونس فى نبرة هادئة:- مش بجولك.. سبحانه مجلب الجلوب.. أمورها بيده و بيدنا نعدل المايل..ربنا يثبت جلوبنا على طاعته..
همس حامد:- امين..
امره يونس هاتفا:- غنى لنا حاچة كِده بدل ما انت جاعد زى جلتك..
ابتسم حامد هاتفا:- تأمر يا حاچ..

و بدأ يشدو بصوت رخيم سرى كموجات دافئة فى تلك الليلة الربيعية..
رفع رأسه لتتعلق عيناه بنافذة حجرتها التى تطل على هذا الجانب من الخارج و لمح فجأة خيالها خلف خصاصها تتطلع الى حيث يجلس فقرر اهداء أغنيته اليها لعلها تعد اعتذارا و لو بسيط عن ما بدر منه فى حقها يثبت لها ان ما حدث لا ذنب لها فيه و انه خطأه هو..

مش عايز احبك مش عايز
مش داخل سجنك مش جايز
مش عايز اموت فيكي وفيكي
ده انا اموت في عنيكي من غمزه
انا عارف نفسي وتلكيكي
هعشق لياليكي من لمسه
ده انا انسي في شافيفك اسمي
دانا فاهم في كنوز العفة
دانا ممكن اجريلك دمي
انا حاسس دمي هيتصفي
مش عايز احبك مش عايز
مش داخل سجنك مش جايز.

كانت تستمع مشدوهة الى ذلك الذى يترنم بالأسفل بذاك الصوت الشجى الذى يجعل قلبها يرقص طربا بين جنباتها و تذكرت انها نسيت ضوء الغرفة مفتوح قبل توجها للنافذة و ذاك يعنى انه يرى ظلها من خلف الخصاص فأضطربت و ابتعدت مسرعة تغلق نور الحجرة لتغرق فى الظلام و تعود من جديد تتطلع اليه لترى رأسه الشامخ الذى كان يرفعه الى حيث نافذتها قد نكسه و توقف عن الغناء.. لحظات و رأته ينهض مستأذنا ابيه و غادر لداخل الدار من جديد.. عادت تتمدد على فراشها ترهف السمع حتى جاءتها خطواته بالخارج و قد عاد.. لحظات و سمعت صوت باب حجرته يغلق لتشعر ان باب قلبها ذاته قد أغلق بالمثل.. فتلك اللحظات التى تتنسم فيها وجوده بالمنزل تهبها حياة من نوع اخر..

و عادت لتتذكر كلمات أغنيته التى شدى بها متطلعا الى نافذة حجرتها و كإنه يناجيها بكلماتها.. هل يخشى الحب من جديد !؟.. هل يرهب جرح قلبه مرة اخرى !؟.. اسئلة كثيرة و لا اجابة واحدة تشفى غليل قلبها و تريحه من عناءه فالإجابة يمتلكها شخص واحد هو نفس ذات الشخص الذى عانى منه قلبها وجعا لا يغتفر..

فتحت عيونها في تباطئ تتطلع حولها في تيه و أخيرا رأته جوارها يحتضنها اليه كعادته.. تذكرت انها لم تخبره بالخبر السعيد الذى كانت تدخره لأجله لولا..
صمتت تحاول تذكر ما حدث لكن ألم شديد في الرأس اعتراها فتأوهت مما استرعى انتباهه ليتستيقظ دفعة واحدة منتفضا هاتفا بأسمها في لوعة:- سندس.. انتِ بخير!؟..

تنبهت الان فقط انها في مشفى عندما مد كفه و فتح احد الأنوار لتسطع الغرفة التي كانت غارقة في الظلام وقت ان فتحت عيونها و قد ظنت انها على فراشها بجواره في بيتها و انها كانت تحلم.. لكن يبدو ان ذاك الحلم السئ لم يكن حلما بل واقع و انها..

توقفت عن الاسترسال في استنتاجاتها عند هذه النقطة و تطلعت لباسل في ذعر و هي تضع كفها على بطنها في محاولة لعدم تصديق حدسها الذى يخبرها ان ما تشعر به حقيقى.. و انها فقدت جنينها قبل ان يكون لها الفرصة لتسعد به و تُسعد زوجها بدوره.. شهقت في ألم و هي ترفع كفها عن بطنها و تضعها على فمها في محاولة لوأد تلك الشهقات المكتوبة المتتابعة المحملة بحزن و وجع قاتل..

اندفع باسل اليها يجذبها اليه في حنو و يضمها بين ذراعيه محاولا مواساتها و انتزاع الحزن من قلبها هامسا:- قدر الله و ما شاء فعل.. هنعترضوا على حكمه يا بت خالى.. الله چاب.. الله خد.. الله عليه العوض.. و لا ايه!؟..
استمرت نوبة بكاءها الحار بين ذراعيه و هو لم يدخر وسعا في تهدئتها حتى بدأت تستعيد ثباتها قليلا
فرفعت نظراتها اليه هامسة:- كان نفسى افرحك بيه قووى يا باثل.. كان نفسى اا..

همس مقاطعا إياها:- هشش.. انى عارف.. و حاسس بيكِ.. و مش عايزك تزعلى من اللى ربنا أراده..
انى مش عايز الا انتِ.. انت و بس..
و اذا كان يا ستى ع العيال..
و صمت متطلعا اليها في مشاكسة ثم هتف في نبرة حاول تغليفها بالمرح قدر استطاعته:- تاجى العيال.. دِه انى ما هصدج ألاجى حچة اجعد بيها چارك على طول..

اتسعت ابتسامتها لمزاحه و هي تتطلع اليه في عشق و فجأة غامت تلك الابتسامة و هي تسأله في لهفة:- طب هو الدكتور قال ايه !؟.. يعنى اللى حصل ده مش هيأثر عليا.. و ممكن اخلف تانى عادى!؟..
حاول الرد بثبات يحسد عليه و هو يهتف مؤكدا في حماسة:- ايوه طبعا مش هيأثر.. الداكتور بنفسه جالى كِده و اجيبهولك تسأليه لو حابة..
ثم استمر في مشاكساته و هو يقترب منها في عبث هاتفا:- و لا نجيبه ليه!؟.. خلينا نعمل احنا اللى علينا و هتلاجى ولى العهد ف الطريج إليك..

انفجرت ضاحكة و هي تدفعه عنها في دلال اشتاقه كثيرا ليعاود هو الاقتراب في محبة ضاما إياها الى صدره الذى استكانت اليه في وداعة ليهمس بالقرب من اذنيها:- بحبك يا بت خالى.. وولى العهد باسل الثانى هيجى عن جريب بإذن الله..
قهقهت و هي تتعلق به في محبة ليستطرد هو محذراً في مرح:- بس عارفة لو لجيتك ماسكة ملفات اى جضية غير جضية ولى العهد اللى ف علم الغيب دِه.. اهااا.. انت عارفة.. خلونا نركز ف جضيتنا يا بشر..

انفجرت ضاحكة من جديد و هي تهتف:- لا ده انت بتحجج بقى !؟..
اكد في إصرار:- ايوه بتحچج.. عندك مانع !؟..
همست في عشق:- ابدا يا روح سندس.. هو في حجج احسن من كده..
ضمها الى صدره اكثر و اعتصرها بين ذراعيه و ما عاد يلتفت لما اخبره به الطبيب.. فالله عطاياه واسعة و لن يضن عليهما ابدا...

علمت تسبيح بصوله بالأسفل و رغبته فى مقابلتها و الاطمئنان عليها.. تحاملت على نفسها و هبطت حيث ينتظر و دخلت محيية.. لينهض ابيها الذى كان يضايفه بعد برهة مفسحا لهم المجال ليعلم ما الامر بالضبط الذى يحضر له حمزة.. جلست تسبيح فى هدوء يناقض تماما ما تستشعره داخليا من اضطراب.. تنحنح حمزة محاولا جذب انتباهها الذى كان يستشعر انه غائب تماما عن مجلسهما:- ازيك يا تسبيح !؟..
اكدت فى هدوء:- الحمد لله يا حمزة..

قرر الدخول فى الموضوع الذى جاء لأجله مباشرة دون تسويف فهتف مبتسما متطلعا لرد فعلها:- حازم بخير على فكرة..
انتفضت رغما عنها انتفاضة واضحة لاحظها هو عند ذكر اسم حازم رغم محاولتها السيطرة على انفعالاتها لكنه استطرد فى هدوء:- انا زرته ف المستشفى جبل ما اركب الطيارة على هنا و هو بجى تمام الحمد لله.. نجلوه م العناية المركزة لأوضة عادية..

دمعت عيناها رغما عنها و ما عادت قادرة على التطلع اليه.. كانت تحاول ان تحكم زمام امرها و تسيطر على انتقاضة قلبها عند ذكره فى اى حديث لكنها لا تستطيع.. تشعر بشوق رهيب لمرأه و كأنها لن تصدق مهما قالوا انه بخير فعلا الا اذا رأته بعينيها و تأكدت من هذا..
و همست بصوت متحشرج:- انت سمعتنى يا حمزة يوم الكتاب !؟..

اكد حمزة موضحا بصدق:- لاااه.. تاه صوتك و الحمد لله وسط الهوچة اللى حصلت ساعتها.. بس سمعتك بتجولى لتسنيم اللى ف جلبك و انا كنت چاى اوضتك اطمن عليكِ.. و الحمد لله انى سمعت..
ساد الصمت بينهما للحظات حتى
تكلم حمزة هامسا:- بتحبيه يا تسبيح!؟

لم يكن حمزة بحاجة لإجابة يعلمها مسبقا وتلك الانتفاضة القوية و التى جعلتها تنهض رغما عنها واقفة ساكنة فى موضعها تتطلع اليه فى ذعر حقيقى كانت اصدق اجابة يمكنه الحصول عليها..
همس حمزة من جديد مستطردا يحاول ان يبث اليها الطمأنينة:- انا چاى النهاردة عشان احلك من اى ارتباط بينا يا تسبيح..

شهقت مصدومة و لم تنبس بحرف ليستكمل هو:- انا اكتشفت انى كنت غلطان ف حجك جووى.. كنت هظلمك و اظلم نفسى معاكِ..
جلست من جديد متطلعة اليه فى ذهول لا تصدق ما ينطق به لتوه فقد كان اكثر ما يؤرقها فى الليالى الماضية هو..هل تراه قد سمع صرخاتها تلك ام لا !؟..و مدى استقباله للأمر اذا ما ما كانت الإجابة.. نعم..

كان الف سؤال و خاطر يقفز بذهنها و ما كان من بينها ما يحدث الان مطلقا.. استطرد حمزة فى ثبات:- ايوه.. كنت هظلمك لانى كنت فاكر انى هجدر أسعدك و اعوضك عن كل حاچة حصلت لك بسببى لكن طلعت غلطان و اتاكدت ان مش انا الشخص اللى ممكن يسعدك زى ما كنت اتمنى..و كنت هظلم نفسى لأنى هعيش مع واحدة هتشوفنى مچرد واحد اتچوزها تخليص حج.. لكن عمرها ما شافته حبيب..

هتفت تسبيح بصدمة لازالت متملكة منها:- حبيب.!؟.. من امتى يا حمزة بتعترف بالكلام ده !؟..
ابتسم مطأطئًا رأسه فى حرج:- انا نفسى معرفش من امتى.. المهم ان الحمد لله اللى حصل لحازم ده حصل ف وجته عشان يفوجنا.. و انت لسه زى ما كنتِ دايما بالنسبة لى.. تسبيح بت عمتى سهام اللى كانت بتاچى تتحايل عليا و تبكى عشان اعمل لها كل اللى باسل بيرفض يعملهولها..

ابتسمت تسبيح بعيون دامعة و هى تتذكر كيف كان لها اخا بديلا عن باسل فى بعض الأحيان عندما كان يرفض باسل فعل ما كانت تحبه..
نهض مغادرا ينهى الحوار هاتفا:- استأذنك انا..و يا ريت تبلغى عمى حسام و عمتى سهام و باسل انك انتِ اللى عايزة تفسخى الخطوبة عشان انا عايز أعيش ف إسكندرية و مش هاچى أعيش هنا زى ما كنّا متفجين م الاول و انك مش عايزة تبعدى عن اهلك.. يعنى..انى شايف لما تاچى منيكِ هتكون احسن.. اجول لك سلام عليكم يا بت عمتى..مش عايزة حاچة من إسكندرية..!؟.

ابتسمت بدورها هاتفة فى امتنان و بعيون دامعة:- انا مش عارفة اجول لك ايه يا حمزة !؟.. بس ده مش چديد عليك.. طول عمرك راچل يا واد خالى.. ربنا يسعدك..و سلم لى على خالى زكريا و هدير..
اضطرب عند ذكر هدير تلك التى يتهرب منها منذ خرجت من المشفى و عادت للأسكندرية بصحبة امها بعد الاطمئنان على حازم..و التى يعلم انه عائد الى جحيم هواها الذى ما عاد قادرًا على كتمانه.. لكنه تمالك نفسه هاتفا فى مودة:- حاضر.. يوصل بإذن الله..

دخل السراىّ يترنح فى وجع حتى ان كتفيه ما عادت قادرة على حمل رأسه.. يبدو انه يعانى من دور برد شَديد و اهمله.. لتزداد حدته اليوم..
صعد لحجرته بشق الأنفس و دلف اليها و لم يجدها بالداخل او هكذا ظن فأندفع نحو الفراش يلقى رأسه المكدود على وسادته متأوها فى انين..
خرجت من الحمام لتجده على هذه الحالة فأنتفضت مسرعة اليه و انحنت تضع كفها على جبينه الذى كان يستعر.. شهقت فى صدمة و همست به:- يا شيخ..
فتح عينيه فى تثاقل متطلعا اليها فى وهن هامسا:- انا تعبان جووى يا تسنيم.. تعباااان..

مدت كفها تحاول ان تساعده ليعتدل على الفراش لتستطيع ان تقوم باللازم
و اندفعت تحضر بعض الماء و برشامة دواء تسكن بعض ألمه..
جلست جواره على الفراش من الطرف الاخر تمد له كفها بالدواء هامسة بصوت يقطر حزنا على
حاله:- خد دى يا شيخ و هتبجى تمام بعون الله..

مد كفه لحبة الدواء و وضعها جانبا على الطاولة القريبة و كذا فعل بكوب المياه الذى تناوله منها و هى تتطلع اليه فى تعجب لا تعرف لما لم يتناول دوائه.. و اخيرا شهقت فى صدمة ما ان وجدته يهمس فى نبرة واهنة:- انى عارف دوايا فين يا دكتورة..
و دفع برأسه لتسقط بحجرها و تنهد فى راحة هامسا:- هنا وچعى و دوايا..

ظلت ترتجف و هى تتطلع لرأسه الملقاة بحجرها غير قادرة على الحركة او التفوه بحرف.. كان وجهه تكسوه الحمرة دلالة على ارتفاع حرارة جسده و هى غير قادرة على التصرف..
كانت تظن انه راح فى سبات عميق الا انها ادركت انه لايزل واعيا عندما مد كفه متناولا كفها ليضعها على رأسه المشتعل هامسا:- اجريلى قران يا تسنيم... بجالى كَتير مسمعتش صوتك.. و لو نمت صحينى على آذان المغرب..

دمعت عيناها لمرأه بهذا الشكل.. و بدأت فى قراءة القران و بلا وعى منها بدأت فى تحريك كفها ذهابا و ايابا على جبينه و رأسه فأبتسم فى استحسان وأغمض عينيه فى وهن لا يعلم كم مر عليه و هو على هذه الحالة الا انه فتح عينيه فى تثاقل و هو يستمع لآذان المغرب على جواله كانت لاتزل على حالها تقرأ فى همس أيات من الذكر الحكيم عندما رفع رأسه قليلا و مد كفه يتناول كوب الماء مسميا الله.. بضع رشفات تجرعها متما بها إفطاره و عاد من جديد يلقى برأسه لحجرها..

همست له فى نبرة قلقة:- خد الدوا يا شيخ.. اجيب لك تاكل حاچة.. شكلك مكلتش م الصبح..
كان قد اصبح منذ بدأ كفارته يخرج للعمل قبل الافطار الصباحى المجمع لأهل السراىّ و يعود بعد المغرب و قد تناول إفطاره فى المناحل..
هز رأسه نافيا لتهتف هى مؤنبة:- مينفعش كِده..لازم تاكل حاچة عشان الدوا.. شكلك تعبان يا شيخ..
همس بها كأنه لم يسمع اعتراضاتها:-جولى مهران بس يا تسنيم.. انى مش شيخ.. و مستحجش أكون حامل كتاب ربنا..
شهقت تسنيم فى صدمة:- ليه بتجول كِده يا شيخ مهران!؟.. ده انت طول عمرك بتراعى ربنا..و عمرك..

قاطعها هامسا فى شجن و هو يرفع رأسه عن حجرها مستندا على كفه متطلعا لعمق عينيها:- مرعتش ربنا فيكِ..
شهقت و لم تنطق حرفا ليستطرد هو و لايزل يتطلع اليها فى ندم و حسرة:-ايوه.. راعيت ربنا ف الناس كلها الا ف اجرب الناس ليا.. انتِ.. كنى مسمعتش عمرى الآية الكريمة.. ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا.. غلبنى شيطانى و انى اللى كنت فاكر انى غالبه من زمن.. طلعت غشيم و متعافى و جدر عليا و يوم ما جدر.. جدرنى عليكِ انت ِ.. الامتحان كان صعب جوى و كنت انتِ يا بت عمتى السؤال و الچواب.. و انى.. سجطت و بأمتياز..

ترنح رأسه من جديد و غامت الدنيا امام ناظريه فى إعياء..
نهضت هى فى سرعة و احضرت له دواء تحقنه اياه فى قلق على حاله..
دثرته فى عناية و هو يهمهم فى تيه اورث قلبها وجعا و عينيها دمعا..
همت بالتوجه الى مرتبته الموضوعة ارضا لتتمدد عليها تاركة له الفراش الا انها سمعت همسه بإسمها فأستدارت عائدة اليه و انحنت تستمع لأمره هامسا:- خليكِ چارى..

و اشار لموضع جلوسها السابق على الجانب الاخر من الفراش فعادت اليه من جديد و ما ان اصبحت
بقربه حتى ألقى برأسه اليها من جديد و لكن هذه المرة بأحضانها لينام ملأ جفنيه وهنا و شوقا.. و هى تضم رأسه المحمل بالذنب و المكدود بالأفكار الى صدرها لعلها تحمل عنه بعض ما يعان..


look/images/icons/i1.gif رواية ميراث العشق والدموع موال التوهة والوجع رباب النوح والبوح زاد العمر وزواده
  09-01-2022 05:50 صباحاً   [74]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثالث (رباب النوح والبوح) بقلم رضوى جاويش الفصل الرابع والثلاثون

فتح عينيه فى نعاس لازال يسيطر عليه قليلا مع بعض من ألم رأس من جراء مرضه الذى جاء به مترنحا البارحة.. تطلع الى موضع جلوسها ليلة امس و ابتسم عندما تذكر انه بات ليلته بأحضانها و تعجب كيف لم يستشعر رحيلها من جانبه عندما استيقظت و هو كان متشبث بها كطفل متعلق بأمه التى كان يخاف لو غفل عنها قليلا ان تتركه..

توقع انها بالحمام و انتظر قليلا لكن خاب ظنه عندما نهض من موضعه فى تثاقل ليجد باب الحمام مفتوح..
تنهد فى حزن لانها غابت و تركته وحيدا و دخل الحمام يتوضأ و جلس على مصلاه التى مدها بإتجاه القبلة و تناول مصحفه و بدأ فى القراءة لعله يُسكن وجيب قلبه الذى يتسارع كلما تذكرها.. اخذ يقرأ و يقرأ حتى غاب عن الدنيا و دمعت عيناه و هو يتطلع لتلك الآية الكريمة التى تحمل اسمها بسورة المطففين.. و اخذ ينطق ذاك الاسم و تحشرج صوته و هو يتلمس أحرفه بكف مرتجف و أصابع مترددة..

انهى قراءته ونهض من موضعه و اتجه لفراشه يتمدد عليه مغمضا العين ينال قسطا من الراحة و اخيرا سمع حفيف عباءتها تقترب لتفتح الباب حاملة صينية من طعام شهى وتدخل واضعة إياها جانبا ومتوجهة حيث موضعه.. كانت تتوقع انه لايزل مريضا مدت كفها الى جبينه الذى وجدت حرارته طبيعية و رغم ذلك سمعت همسه بأسمها كأنه يهزى.. اعادت وضع كفها من جديد فى تعجب لهزيانه ذاك بلا حمى و اخذ يكرر اسمها فى همس اضناها شوق اليه فهمست بشوق مماثل و بصوت متحشرج تأثرا يخنقه الدمع الحبيس و هى تجلس على طرف الفراش:- نعم يا شيخ.. انا هنا..

كرر همسه:- نوارة..
تجمدت بموضعها و ظلت تحدق به لحظات كتمثال اصم و اخيرا نطقت و عيناها تملؤها الدموع هامسة فى
لهفة و كأنه واع و هى تحدثه فى عتب لذيذ:- جلت نوارة !؟.. لساك فاكر يا مهران !؟..

فتح عينيه و ما عاد قادرًا على التظاهر اكثر من هذا و رفع جزعه مستندا على مرفقه متطلعا الى عينيها التى يعشق هامسا فى شوق فاض حد اللانهاية:- وكيف أنسى !؟.. حد بينسى روحه يا بت عمتى.. محدش يعرف الاسم دِه غيرى و عمر ما حد هيعرفه غيرى.. انى اللى اختارته..فاكرة..!؟
هزت رأسها فى سعادة لانه لايزل يذكر بعض من ذكرياتهما الصغيرة و ازداد دمعها انسكابا لا تقوى على ردعه..

تطلع اليها واقترب بقلب واجف حتى اصبح ما يفصلها عنه مسافة لا تتعدى السنتيمرات حاولت هى التقهقر للخلف فى خجل لكنه اندفع ممسكا بها حتى لا تبتعد عنه من جديد فقد اكتفى بعاد و اكتفى شوقا و اكتفى ألما ووجعا و ما يتمناه اللحظة هو قرب لا نهاية له..

اما هى فقد تذكرت كيف كان يعاملها عندما تطغى احدى نوبات شوقه.. يقترب متلهفا و بالاخير يتركها تعانى مرارات فقده بعد ان ظنت ان الوصل اصبح وشيك و ان غفرانه و عفوه أصبحا قريبا المنال.. لم تعد تقوى على ما يفعله بها و ما عادت كرامتها قادرة على التحمل.. فقررت الابتعاد فورا منتفضة و خاصة عندما ارتفع رنين هاتفه معلنا آذان صلاة الظهر...

جذبها اليه قبل ان تهم بالابتعاد لتجد نفسها مدفوعةعلى جانبها من الفراش و هو يضم خصرها بين ذراعيه هامسا فى مشاكسة متطلعا لشفتيها فى شوق:- اللهم لك صومت و على رزجك أفطرت.
تطلعت اليه فى حياء تحاول التهرب من فخ ذراعاه الذى احكمه حولها:-يا شيخ.. انت هتفطر الضهر !؟...

ابتسم و قد فهم رغبتها فى التخلص منه حياءً ليهتف ممعنا فى مشاكستها:- ما انا مفطرتش من مغرب امبارح...و ادينى بفطر اهو.. و همس فى شوق بالقرب من اذنها.. بفطر على أحلى حاچة.. هعوز ايه تانى!؟..
وتنبهت بكل حواسها و هو يهمس من جديد:- انتِ معرفاش كنتِ بتعملى فيا ايه و انت واخدة راحتك ف الاوضة و انى شوجى ليكى هيموتنى مجهور على حالى!؟..

همست بعتاب و هى ترفع رأسها من احضانه:- ما انت وچعت جلبى جووى يا شيخ.. هونت عليك يا واد خالى !؟..
همس فى نبرة صادقة:- و لا لحظة.. و الله ما هونتِ ابدا.. و انا سامحت يا تسنيم.. سامحت من جبل ما اعرف الحجيجة لانى مجدرتش حتى أفكر انى ممكن ابعد عنيكِ..
هتفت مبهوتة:- عرفت الحجيجة !؟..

اكد بايماءة من رأسه:- ايوه.. من حوالى شهر.. متجوليش كيف و لا ازاى !؟.. لكن حصل.. و كنت ساعتها بنفذ عقاب ربنا و كنت هموت و انى بنفذ عقابى بيدى و انتِ صعبتيه عليا اكتر و اكتر..
همست متعجبة متطلعة لعينيه:- عقاب ايه !؟..

تنهد متطلعا اليها ثم ضمها اليه اكثر هامسا:- لما فجت لحالى و سامحت من جلبى بچد كان لازما أكفر عن مصيبتى اللى عملتها ف حجك.. فصمت شهرين متتابعين.. شهرين يا نوارة جلبى..عشان احرم اعملها تانى.. عشان احرم احرمك على نفسى تانى.. عشان اخد بتارك منى.. و أتعذب فوج العذاب نفسيه مليون عذاب و انى شايفك احلى و اچمل مية مرة من اى مرة اتخيلتك فيها..و كنت هموت و انتِ چنبى و انى مش طايلك و جاعد ادعى ربنا يصبرنى..

همست غير مصدقة و دامعة العينين:- يعنى انت لما كنت بتبعد عنى عشان كنت صايم!؟.. يعنى مش عشان انك كارهنى و لا طايج تجرب منى !؟..
اومأ برأسه ايجابا و تطلع اليها صامتا للحظة و اخيرا همس بأسمها المحبب لقلبه.. اسمها الخاص به وحده:- ايوه نوارة..ف الاول جبل ما أسامح كان لسه عنادى غالبنى لكن بعد كِده.. و الله ما هتجدرى تتخيلى كنت بتعذب كيف و انا بسحب روحى سحب من جصادك..
و تطلع الى عمق عينيها مستطردا فى شجن:- مسمحانى..

تعجبت من نفسها فى سرها و هى تفقد دفاعتها قبالته و تنسى كل حزنها و ألمها و وجعها الذى كان سبب فيه لأيام طويلة..و تتذكر فقط انها بين ذراعيه.. اين ذهبت رغبتها فى الانتقام!؟.. اين ذهب عزمها فى تخليص حقها و حق كرامتها و كبرياءها الجريحة جراء هجره و تجاهله!؟.. كلها ضاعت ادراج الرياح فقط لانها الان بأحضانه حيث تمنت منذ وعت ان لها خافقا بين جنباتها لا يملك زمامه احد سواه..

وهمست اخيرا فى خجل يكسوه عشق لا يمكن مداراته:- ايوه يا مهران..و كيف مسامحش..و انت..
و صمتت حياءً لا تقو على التفوه بحرف.. زاد و جيب قلبه أضعافا و هى تنطق اسمه للمرة الاولى منذ زواجهما و قد حرمها لفظه شاعرا انه يذوب عطشا لسماعه مرار من بين شفتيها فهمس:- انا ايه يا نوارة..

تغلبت على حيائها رافعة ناظريها متطلعة اليه هامسة:- انت.. انت مهران.. روح تسنيم و جلبها..
ابتسم فى سعادة وعينيه تدمع فرحا مقتربا اكثر فى نشوة هامسا من جديد فى عبث:- ومهران چاااااع چوووى.. و شكله مش هايفطر غير على صلاة العشا..
همست تشاكسه فى حياء:- تعچيل الفَطور سُنة يا شيخنا..

انفجر ضاحكا و هو يضمها اكثر فأكثر حتى غابت بين ذراعيه فى شوق طاغ لحنان مهران الذى افتقدته كثيرا حد الوجع و ما عادت قادرة الا على البوح بكل ما يعتمله قلبها من مشاعر ادخرتها له وحده.. و هاهو الان يخبرها ان الدنيا فى بعادها كانت أشبه بِظَلاَّم دامس لا يكسره شعاع ضوء مهما كانت قوته لان نوارته كانت بعيدة عن احضانه و اخيرا عادت موطنها الاصلى.. عادت لتبوح القلوب بما اضناها من عشق..

تطلعت الى شاشة جوالها التى أظهرت عليها رقمه و ترددت هل تتصل به ام لا !؟.. منذ اخر مرة قابلته و تفجرت كل الحقائق دفعة واحدة و هى لم تره و لا سمعت له حسا.. حتى سيدة وجدتها ليست بعشتها كما توقعت.. فقد اخذها بعيدا لا تعلم الى اين !؟.. لكنها كانت على يقين انه سيفعل بعد علمه بانها امه ما كان من المنطقى تركها هنا فى تلك العشة الوضيعة و هى ام سيد الهوارى.. لكن الى اين اخذها !؟.. و اين اختفى !؟..

لا علم لها و هذا ما يؤرقها.. ليتها تعلم على الاقل ستشعر بالراحة عندما تدرك انه ابتعد عن النجع و أهله و تمنت ان يكون ظهور امه فى حياته جعله يتراجع عما كان مقررا له فعله تجاه الهوارية و ثأره المزعوم ذاك..
تطلعت للرقم من جديد و تنهدت فى ضيق و قد قررت الا تتصل.. فقد يكون نسى الامر و نسيها هى ايضا و سيكون هذا افضل للجميع..

دمعت عيناها و انتفضت من موضعها تغلق الهاتف و تلقى به بعيدا عن موضع يدها حتى لا يصبح فى مجال نظرها و تظل تفكر فى ذاك الغائب و الذى يتمنى عقلها ان يغيب بلا رجعة على خلاف رغبة قلبها..

قدماها ما عادت قادرة على حملها و هى تخطو الى داخل المشفى مع باسل اخيها و زوجته فاخيرا استطاعت إقناع باسل بان يصطحبها معه للقاهرة فى رحلته للتسرية عن سندس قليلا بعد حادثها الاخير الذى فقدت فيه جنينها و خاصة بعد ما فجرت خبر رغبتها فى إنهاء خطبتها لحمزة و اشتعال الدار و انقلاب ابيها عليها بسبب تلك الرغبة و الدار بعدها اصبح لا يطاق فكان لابد لها من الأبتعاد و ها قد جاءت الفرصة لكن ما كان لا يمكن تخيله هو أمنيتها التى تمنتها ذات ليلة و دمعها ينساب و همس دعائها لاجله لم ينقطع و التى كانت تظنها دربا مستحيل تراها تتحقق اللحظة و قد قرر باسل اصطحابهما لزيارة حازم..

اصبحت قدماها كالهلام حرفيا فهى غير قادرة على استيعاب انها ستراه خلال دقائق فقط.. شعرت بشوق جارف اليه.. شوق لا تعرف من اين لها به !؟.. و لا كيف اصبح بهذه القوة الجارفة!؟..
انها تحبه.. نعم هى تعترف لنفسها بهذا لكن ماذا عنه !؟.. انه بالفعل مرتبط بإمرأة اخرى و على وشك الزواج بها على حد علمها..

كما انه يعلم انها كذلك خطيبة بن عمه و كانوا على وشك عقد القران لولا حادثته التى عطلت كل شئ لحسن الحظ..
اضطربت و هم بالمصعد على وشك الوصول للطابق الذى يضم غرفته التى انتقل اليها منذ فترة بسيطة..
و اقرت.. هى لا تعلم ما وضعها بالضبط بحياته لكن هى تدرك تماما انها ما احبت يوما الا أياه.. هى.. تسبيح التى كانت تملأ الدنيا صياحا و مرحا و ما كانت تلقى لأمور القلب هما و لا بالا اصبحت عاشقة..

ترددت الكلمة بين جنبات روحها.. عاشقة.. نعم عاشقة..
فتح باسل باب الغرفة بعد عدة طرقات و اذن بالدخول من صوت افتقدته كثيرا و كاد سماعه يوقف خفقان قلبها بين اضلعها.. فكرت فى الهرب قبل ان ينفرج الباب لكن الى اين !؟.. و ما المبرر !؟.. و لما أتت من الاساس اذا لم تدخل للاطمئنان عليه !؟..

تسمرت موضعها و عيناها تقع على محياه عندما دفع باسل الباب اولا و دخلت من خلفه زوجته ملقية التحية و الدعاء بالعافية.. اما هى فما تفوهت حرفا و ما عادت قادرة على رفع نظراتها اليه و الا فقدت وعيها خجلا.. و تساءلت لما لا يوجد منظم ما لضربات القلب فى مواقف كهذه تحمينا التعرض لمثل هذا الاضطراب و التيه!؟..

حتى هو كانت نظراته زائغة يحاول السيطرة عليها و توزيعها على كل ضيوفه بالغرفة دونها لكنه بذل جهدا جبارا ليفعل و لم يستطع.. فقدت فشلت كل محاولاته فى السيطرة علي نظراته المتمردة تلك و هى تحيد عن الجميع عاداها لتسقط على محياها الذى يعشق و الذى اشتاقه بشكل هو نفسه لا يستطيع ادراكه..

حاول مداراة الامر فسألها كنوع من انواع الدردشة:- ازيك يا آنسة تسبيح!؟.. اخبارك ايه!؟..
رفعت رأسها رغما عنها حتى لا يشك من بالغرفة فيما يعتريها و همست:- الحمد لله تمام.. و حمدالله على سلامتك..
هتف بدوره:- الله يسلمك.. أُمال فين حمزة !؟.. مجاش معاكم ليه !؟..

كانت هذه هى القشة التى قسمت ظهر بعير تحملها لتضطرب فى جلستها و خاصة عندما صمت الجميع و لم يعقب احد حتى هتف باسل متنحنحا فى احراج:- حمزة و تسبيح كل واحد راح لحاله.. ربنا يرزج كل واحد فيهم اللى يسعده..
هتف حازم فى عدم تصديق:- راح لحاله ازاى !؟..
اكد باسل:- يعنى مفيش نصيب يا حازم.. فسخوا الخطوبة..

لم ينبس حازم بحرف و على قدر شعوره بالصدمة لما حدث و الذى لا يعلم ملابساته على قدر شعوره بسعادة غامرة أورثته شعورا بالذنب و جعلته يشعر بالدناءة.. شعر بالضيق لهذه المشاعر المضطربة و ظهر هذا جليا على وجهه على غير العادة و لاحظه الجميع مما دفع باسل للنهوض هاتفا فى مودة:- طب احنا جلنا مينفعش نكونوا ف مصر و منطلش عليك..حمد لله بالسلامة يا واد خالى.. و نشوفك جريب ف النچع احنا سمعنا انك خلاص طالع م المستشفى جريب..

ابتسم حازم.. و هتف فى رزانة معتادة:- الله يسلمك يا باسل و سلامى للجميع لحد ما ربنا يأذن و ارجع ان شاء الله عن قريب..بس بقولك ايه و اول حاجة عايز ادوقها ف النجع هى البسبوسة..
و تطلع لتسبيح لتغض الطرف و قد شعرت ان الارض ستنشق حتما و تبتلعها.. ليهتف باسل مهللا:- يا سلاااام.. انت چيت ف چمل يعنى.. جوم بالسلامة بس من رجدتك دى و احنا نفتح لك محل بسبوسة يا سيدى و نوجف فيه البت تسليح تسترزج..

انفجر الجميع ضاحكين حتى هى بعد ان كانت تعترض على مزاح باسل اصبح متقبلا لديها و ما رأت غضاضة فى القيام بما تعهد به اخيها فى سبيل رجوع حازم للنجع سليما معافى..
كانت ضحكاتها منتشية و سعيدة حتى دق الباب و انفرج عن فتاة رقيقة ابتسمت فى وداعة و ألقت التحية
ليهتف حازم فى اعتيادية:- اهلًا يا نهلة.. اتفضلى..

تغير حالها فى لحظة و انقلب الفرح الغامر بداخلها لحزن جارف حتى كادت تبكى و قد ادركت انها خطيبته المزعومة التى سمعت بها دوما و لم ترها يوما و ها قد جاء ذاك اليوم الذى تقابلها فيه وجها لوجه..
تقدمت نهلة من الفراش و همست برقة:- ازيك دلوقتى يا حازم.. يا رب احسن !؟..
اكد فى ألية:- الحمد لله.. استنى اما أعرفك.. دوول اهلى مش اغراب..

ده باسل بن عمتى سهام و مراته الاستاذة سندس..و اخته الدكتورة تسبيح..
اومأت نهلة فى تأدب بإبتسامة على شفتيها:- اهلًا و سهلا.. تشرفنا.. كان نفسى أتعرف عليكم فى ظروف احسن من كده..
اكدت سندس:- الشرف لينا و اكيد هنتعرف على بعض اكتر بعد ما تيجى بقى مع حضرة الظابط و تنورى بلدنا بعد جوازكم ان شاء الله..
صمتت نهلة و لم تعقب و لكنها نظرت لحازم نظرات لها مغزى مفادها:- ألم تخبرهم بعد بإن ما بيننا قد انتهى!؟.. و تأكدت انه لم يفعل فصمتت و لم تنبس بحرف لا بالنفى و لا بالإيجاب..

ليهتف باسل من جديد:- نمشوا احنا بجى عشان منبجاش عازول و اهو حد چه يبجى معاك بدل ما تجعد لحالك.. و الف سلامة عليك يا بطل..
ألقى باسل التحية و خرج تعقبه زوجته و اخيرا جاء دور تسبيح لتخرج و تغلق الباب خلفها لكنها ما استطاعت ان لا تلقى بنظرة اخيرة على سارق القلب ذاك الذى تتركه ينعم بصحبة غيرها و لا حيلة لها سوى ان تغلق باب غرفته و هى بحضرته دونها.. كادت تموت غيرة و قهرا و هى تجذب الباب ليُغلق بعنف رغما عنها.

لتتطلع نهلة للباب المغلق للحظات و تعاود التطلع لحازم من جديد لتجد نظراته معلقة بالباب كأنما افتقد شيئا غاليا خرج منه و لن يعود..
ابتسمت فى شجن رغما عنها و قد ادركت ان تلك الفتاة هى التى حركت ذاك القلب المتحجر الذى فشلت هى فى استمالته اليها..
اتسعت ابتسامتها و هى تتطلع له يحيد بناظريه اخيرا عن الباب و همست مشاكسة اياه:- هى دى !؟..
هتف حازم متعجبا:- هى دى ايه !؟..

هتفت نهلة بابتسامة:- اللى خطفت قلب حضرة الظابط..
اضطرب رغما عنه و هتف متصنعا الضيق:- خطفت ايه و قلب ايه !؟.. انتِ عارفة يا نهلة انى مليش ف الكلام ده..
ابتسمت من جديد و هى تجلس قبالته على احد المقاعد التى كان يحتلها باسل و من معه:- يا حضرة الظابط بطّل مكابرة بقى.. ايوه بتحبها و ده واضح عليك جدا على فكرة..

انتفض حازم هاتفا:- واضح ازاى !؟.
انفجرت نهلة ضاحكة:- زى الناس يا سيادة النقيب.. هو اللى بيحب بيعرفوه ازاى !؟..
اكد حازم فى نفاذ صبر اعتادته:- معرفش و الله.. انا مش خبير ف الامور دى..
ابتسمت رغما عنها و همست:- على فكرة.. هى كمان بتحبك..
تبدل كليا و اندفع هاتفا فى لهفة:- صح !؟.. انتِ بتتكلمى بجد !؟..

قهقهت نهلة لردة فعله:- اه و الله بجد.. و جد قووى كمان..
ساد الصمت للحظات لتقطعه هى بصوت يملؤه الشجن:- مضيعش الفرصة دى من ايدك يا حازم.. مفيش اروع من الارتباط بحد بيحبك قووى كده..
هتف حازم متعجبا:- و انتِ ضيعتيها ليه يا نهلة !؟.. ليه فضلتى السفر على جوازنا..

اكدت بلسان ناضج يفوق عمرها:- عشان كل واحد ف الدنيا دى لازم يرتب أولوياته صح يا حازم عشان ميجيش يندم بعدين..
و تنهدت مؤكدة:- انا مكنش ممكن ألاقى معاك سعادتى لان المشاعر من طرف واحد بس.. يمكن لو كنت لقيتك بتبادلنى نفس المشاعر كان اولوياتى اتغيرت تماما..

تطلع اليها حازم مبهورا بشجاعتها فى الإفصاح عن مشاعرها و ذاك النضج فى قرارتها.. هى رائعة بحق لكن ليس لرجل مثله.. تمنى من صميم قلبه ان تقابل من يقدر تلك العقلية و ذاك التفهم و يكون عونا لها فى حياتها و يهديها الحب الذى تستحق..
تطلعت هى اليه من جديد و نهضت مؤكدة و هى تتطلع لساعة يدها:- انا اتاخرت قووى على ماما.. بتسلم عليك بالمناسبة.. و هتيجى معايا المرة الجاية.. اسيبك بقى..

ابتسم حازم:- سلميلى عليها.. و متشكر ع الزيارة.. تعبتك..
ابتسمت دون ان تنبس بحرف و هى تغلق باب الغرفة خلفها مودعة بايماءة من رأسها لتتركه مع فكره و ظنونه التى اثاره كلامها عن تسبيح..
هل حقا تحبه !؟.. هل يمكن ان تتحقق أمنية قلبه !؟.. و هل هذا يجوز بعد ان كانت يوما خطيبة بن عمه الذى يعتبره اكثر من اخ و صديق غال !؟..

صعدت نعمة لشقتهما بعد ان تأكدت انه غادرها لورشته اخيرا..
اندفعت تحتضن شيماء فى سعادة ما ان فتحت لها الباب هاتفة فى نبرة مازحة:- عفارم عليكِ يا شوشو.. و الله ما طلعتيش هينة يا بت..
طأطأت شيماء رأسها حياء بينما انفجرت نعمة مقهقهة فى سعادة و استطردت مشاكسة بلهجة ماجنة:- احكيلى حصل ايه بقى !؟..
تطلعت اليها شيماء فى حياء:- يعنى.. عملت اللى قولتيلى عليه ياما.. و بس..
قهقهت نعمة:- و بس !؟.. طيب..

همست شيماء فى خجل:- أصل هقولك ايه !؟..
زمجرت نعمة موبخة:- لا هو انتِ كنتِ هتقولى صح و لا ايه يا بت !؟.. متخلنيش أقوم عليكِ و انتِ لسه عروسة.. اوعى يا بت تحكى كلمة م اللى بيحصل بينك و بين جوزك.. الراجل و مراته زى القبر وأحواله فاهمة يعنى ايه يا عين امك.. يعنى مهما يجرى بينكم لا تحكى لحبيب يفرح و لا لعدو يشمت.. اللى بينكم يفضّل بينكم.. و ربنا يهدى سركم يا بنتى..و اشوف عوضكم عن قريب..
همست شيماء فى عشق:- بس ده ناصر طلع حنين و طيب قوى ياما..

هتفت نعمة بفخر:- ناصر.. و الله ما فى حد ف حنيته و طبته.. انت كان بيخيل عليكِ الشوتين بتوعه و الشخط و النطر دوول لكن و الله بيحبك قووى..
همست شوشو فى عشق:- و انا كمان بحبه قووى ياما..

تعالت ضحكات نعمة من جديد هاتفة:-لااا.. انا مليش قاعدة هنا انا انزل شقتى احسن و انتِ قومى اجهزى ياختى للباشا ده ممكن يطب لك ف اى وقت..
ما ان خرجت نعمة تهبط لشقتها حتى كادت تصطدم بناصر فى سبيله للصعود لشقته متسللا.. كتمت ضحكاتها بأعجوبة هاتفة:- تعالى يا ضنايا اطلع.. تلاقيك نسيت حاجة و رجعت تاخدها..

اكد ناصر مضطربا:- ايوه ياما صح.. انا طالع اخد حاجة من فوق..
دخلت نعمة شقتها و اغلقت بابها و ما عادت قادرة على كتمان قهقهاتها على مظهر ولدها.. و دعت له بالسعادة..
وصل ناصر لباب شقته و دفعه تاركا اياه مفتوحا باحثا عنها فى شوق و ما ان وجدها بالمطبخ حتى ضمها اليه فى لهفة هامسا بالقرب من مسامعها:-وحشتينى..

رفعها من خصرها مندفعا بها خارج المطبخ لتشهق ضاحكة على افعاله و هو يحملها كسلة الخضار فى طريقه لغرفتهما..
قبل ان يدلفا للغرفة هتفت شيماء فى صدمة:- ناصر !؟.. باب الشقة مفتوح.. نزلنى اروح اقفله..
هتف فى تعجب:- انزلك ده ايه !؟.. انا اللى هروح اقفله قبل ما امى تعمل علينا كبسة..
قهقهت بدورها و هو يدفع بها على كتفه كجوال طحين و هو يتجه لغلق الباب بإحكام قبل ان يتجه بها لغرفتهما حيث يبثها بعض من حكايا العشق يبوح بها اخيرا بعض ان أخفاها بين طيات روحه لسنوات..

لا تعلم ماذا كان شعورها بالضبط يوم ان علمت بخبر إنهاء خطبته على تسبيح.. كان مزيج عجيب من فرحة و ذنب.. مزيج صعب تخيله و لا كانت تعتقد يوما انها ستخبر هذه المشاعر المعقدة لكن ها هى اليوم تفعل على يديه فمنذ دخل حياتها و ما عادت هدير التى لا تلق للدنيا بالا و لا تضع للأمور وزنا..لكن منذ اللحظة التى تطل فيها من عليائه عندما رأته فى اسطبل الخيول المرة الاولى التى زارت فيها النجع و ما عادت خريطة إدراكها كما كانت ابدا.. ما عاد الشمال شمالا و ما عاد صوابها صوابا..

هبطت فى هدوء غير معتاد حيث ينتظرها للذهاب للشركة بصحبته ككل صباح.. نظرت حولها لكنه لم يكن هناك.. خرجت من باب الفيلا لتراه ينتظرها بالسيارة يبدو عليه نفاذ الصبر.. توجهت مسرعة و ركبت جواره هامسة:- صباح الخير..
رد و هو يدير مفتاح تشغيل السيارة و ما نظر نحوها حتى:- صباح الخير..
حاولت جذب انتباهه فهتفت:- مقلتش ايه رأيك!؟..
هتف بلامبالاة مصطنعة:- ف ايه !؟.

هتفت و قد بدأ تزمرها يظهر للسطح جليا على ملامحها:- بص لى يا حمزة و انت تعرف..
ألقى نظرة سريعة تجاهها و لم يعقب.. كانت قد اختارت ملابس تختلف تماما عن ذوقها المعتاد.. كانت ترتدى قميصا حريريا بأكمام طويلة و تنورة طويلة تميل للاتساع..
هتفت بغيظ عندما لم تنل جوابا:- ايه!؟.. مش حلو !؟..
رد بنبرة باردة:- لاااه.. كويس..

شعرت بالإحباط التام لرد فعله العجيب ذاك.. ألم يكن هو من كان يصر عليها دوما لتغير ذوقها المتحرر فى ملابسها و ها قد فعلت.. لم لم تلق منه الاستحسان الواجب اذن !؟..

امتعضت و عبست و هى تشبك ذراعيها امام صدرها تتطلع من نافذة السيارة محاولة تجاهل ذاك الجليدى الجالس جوارها.. و الذى لم يتجاهلها كما كانت تعتقد بل ظهرت على جانب فمه ابتسامة حاول مداراتها و هو يتطلع اليها فى مظهرها ذاك الذى أظهرها كفتاة صغيرة تحاول لعب دور امها فأرتدت ثيابها..
كان يعلم انه يعاملها ببرود لم تعتده منذ انهى خطبته لتسبيح و كان ذلك متعمد منه.. هو لا يريدها ان تقترب اكثر من هذا و الا احترق..
فلم يأن الأوان بعد على التقدم خطوة نحوها..

الامر يحتاج لبعض الوقت.. و للاسف هذا الترف لا يملكه فبقربها ما عاد قادرًا على السيطرة على مشاعره العجيبة تجاهها فقرر محاولة ابعادها عنه قليلا حتى يستطيع ان يقرر الوقت المناسب لاتخاذ خطوة تجاه ارتباطهما..

وصلا اخيرا فترجلت بسرعة من السيارة و هى لا تزل على عبوسها الطفولى و اندفعت مبتعدة عنه لكنها تعثرت فى تنورتها التى لم تعتد على طولها بعد ليلحق بها هو.. ليجد كفاها بإحضان كفيه.. لعن و اقسم ألف مرة.. لا يعرف على من يلق لعناته او على ماذا يقسم من الاساس !؟... لكن ثورة مشاعره الداخلية كانت كفيلة بإحراقه حيّا.. متى سيقرر ان يبتعد عنها و يظل القرار حيز التنفيذ !؟.. تساءل فى غيظ.. و هو يندفع مبتعدا عن محياها الذى اضحى كظل لروحه..

همس بالقرب من مسامعها و هى تتوسد صدره فى وداعة:- يا سكن.. يا سكن..
رفرفت بأهدابها فى نعاس و تطلعت اليه فى حياء هامسة:- صباح الخير يا مهران..
همس بدوره:- صباح السعادة يا سكنى...
تطلعت اليه مستفسرة:- سكن !؟..

اومأ برأسه مؤكدا:- دِه اسمك الچديد اللى محدش هيعرفه غيرى.. و لا حد هيناديكِ بيه غيرى..
ابتسمت فى حياء و لم تعقب..
فهمس:- عارفة ايه اللى خلانى اختاره.. رؤية..
هتفت متعجبة:- رؤية ايه !؟..

استطرد يحكى:- بعد حادثة ماچد حسّيت الدنيا ضاچت عليا.. و انتِ كنت بعيدة مكنتش جادر أطولك.. رحت سيدى عبدالرحيم الجناوى و م التعب نمت.. شفت كنى تايه و ملاجيش طريج السرايا فين لحد ما لجيت چامع.. جلت ادخل اصلى ركعتين لله يمكن يدلنى ارچع كيف.. فچأة و لجيت لك چدك مهران جصادى..
هتفت تسنيم:- چدى مهران.. ده انت عمرك ما شفته!؟..

اكد مهران:- لكن اول ما وعيت له عرفته طوالى.. بس هو اللى مكنش عايز يبص ف وشى.. و مضايج منى و بيدارى.. كل اما اجرب منيه يزعق و يروح وشه الناحية التانية و يجولى بصوت هزنى.. ضيعت سكنك يا مهران.. ضيعت سكنك يا مهران..
لحد ما صحيت مفزوع.. و لما حكيت للشيخ ف الچامع بعد ما صحيت جالى كلام كَتير و اخر حاچة جالها جبل ما يسبنى و يجوم كانت الأية دى.. بِسْم الله الرحمن الرحيم.." وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون.

ساعتها بس عرفت چدى مهران كان يجصد ايه بضيعت سكنك.. كان چصده عليكِ انتِ يا تسنيم.. انتِ سكنى..
و اقترب منها يلقى برأسه بين ذراعيها هامسا:- انت سكنى و سكينتى يا تسنيم.. أوعاكِ تبعدى تانى.. انى ف بعدك مش مهران..
دمعت عيناها فى سعادة فها هو حلمها بقربه يتحقق بأروع مما تخيلته بمراحل..
طرقات خفيفة على الباب أيقظتهما من دنيا أحلامهما ليجلى مهران صوته هاتفا فى حنق:- مين !؟..

هتفت زهرة من خلف الباب:- الفطار جهز يا مهران.. انت كويس !؟..
لم يجد بدا من النهوض ليفتح الباب لأمه بعد ان اختفت تسنيم فى الحمام حياء هاتفا:- الحمد لله يا ام مهران.. انى زى الفل..
هتفت زهرة:- اصل انت منزلتش من اوضتك من امبارح.. و تسنيم كانت قالت لى انك تعبان شوية.. قلت اطمن يا حبيبى..
و اندفعت مبتعدة و على شفتيها ابتسامة متفهمة هاتفة:- خليك يا حبيبى ف اوضتك مرتاح و انا هبعت لك الفطار لحد عندك..
و نزلت للمطبخ تؤكد على إعداد طعام فاخر لأجل ولدها الذى استشعرت ان حاله اختلف للنقيض تماما منذ البارحة..

عاد مهران لداخل الغرفة باحثا عن تسنيم وجذبها نحو فراشهما هامسا:- جومتى ليه !؟.. انت متتحركيش من هنا الا لما اجولك.. ده انى ما صدجت..
قهقهت تسنيم تتوقف فى منتصف طريقها هاتفة:- طب دلوجت امك تجول ايه !؟ ده احنا داخلين على يومين مخرچناش م الأوضة يا مهران!؟..
هتف مقتربا فى مشاكسة:- ان شا الله سنتين.. محدش ليه عندينا حاچة..

ضمها بين ذراعيه هامسا لها فى عشق:- مهران ما صدج لجى سكنه.. واااه يا بنت عمتى.. بحبك..
تطلعت اليه فى عشق مماثل هامسة بصوت متحشرج و هى تغص بدموعها:- اول مرة اسمعها منك يا مهران..
رفعها بين ذراعيه لتتعلق برقبته فى سعادة و هو يهمس لها فى مرح:- و هتسمعيها كَتير بس انت متخرچيش م الأوضة..
قهقهت فى سعادة و هى تغيب فى خضم حنانه غارقة بمحبة بين ذراعيه..

هتفت سكينة فى حنق:- ايه اللى انتوا عاملينه دِه !؟.. بجى دِه شكل بيت فيه عروسة هنزفوها لبيت عريسها كمان تلت ايّام!؟.. يا دى الحزن.. انا ايه اللى وجعنى مع الناس الكربانة دى!؟...

و عندما لم تجد من اى منهن استجابة لكلامها الا و قد قررت تغيير الواقع بيدها كالمعتاد فجذبت صينية الشاي الموضوعة جانبا على الطاولة المجاورة و بدأت فى الطرق عليها و إطلاق الزغاريد تسعد نفسها بنفسها.. قهقهت كل من بخيتة و عائشة و كسبانة على افعالها بينما ابتسمت هداية فى حياء.. لكن سكينة لم تكن من ذاك النوع الذى ينهزم سريعا بل انها دفعت الصينية لكفى كسبانة أمرة إياها:- خدى دوجى انتِ يا مرت ولدى و انى هرجص..

و انتفضت بالفعل تتمايل فى سعادة ما ان طاوعتها كسبانة و بدأت فى الدق على الصينية لتهتف بخيتة مشاكسة إياها:- يا ولية لساكِ فيكِ حيل !؟.. اتهدى..
هتفت سكينة مشاكسة:- اجعدى ساكتة بدل ما اجومك انت كمان ترجصى..
هتفت بخيتة مقهقهة:- دِه اللى ناجص..

اندفعت سكينة جاذبة إياها بالفعل لوسط حلبة الرقص و بدأت النسوة فى القهقهة و كسبانة زاد حماسها و بدأت فى الدق بنشوة.. و العجيب ان بخيتة لم تتزمر كعادتها بل بدأت تتمايل بالفعل فى سعادة لتتفجر الضحكات هنا و هناك و تهتف عائشة مازحة:- بركاتك يا ستى سكينة..
هتفت سكينة:- امال ايه معلوم.. كلى بركة..

تعالت الضحكات من جديد عندما دخل حامد للدار ليجد النسوة على هذا الحال المنتشى فيندفع فى سعادة لينضم إليهن..وقف وسط دائرة الرقص بعد ان جلست بخيتة و بدأ فى الرقص مع جدته سكينة يهتف فى مرح:- خلفتك ف الملاعب يا ستى..

انفجرت النساء مقهقهات على ما يفعله حامد مازحا مع سكينة حتى عائشة تلك التى دق قلبها فى اضطراب ما ان هل عليها ولمعت عينيها فى سعادة لمرأه اخيرا كما اعتادته قهقهت و مرحت على غير عادتها فى حضرته حتى هو لاحظ ذلك و زاد من جرعات مزاحه فقط لينعم بأكثر وقت ممكن فى حضرتها و هى تشع بهذا القدر من السعادة التى تمنى من صميم قلبه الا تغادر محياها لانها تليق بها كثيرا.. و أمتلأت الدار بالضحكات الا ان هداية نهضت فى هدوء و اتخذت جانبا تفتح تلك الرسالة التى جاءها إشعارها منذ لحظات.. لقد كانت منه.

وجيب قلبها تضاعف ما ان فضتها قارئة فى وله:- " خلاص.. كلها بكرة و بعده..و رنة الفچر اللى بتصحينى بيها كل ليلة هاتبجى حاچة تانى.. هموت من شوجى لحد بعد بكرة.. وااه يا بت العمدة..".

احمرت خجلا و اضطربت حياء و ما عادت تنتمى لعالمنا و ما عادت تلك القهقهات و الضحكات المتتابعة من تلك الدائرة بالقرب منها تدركها.. تنهدت فى عشق.. و ابتسمت فى وداعة تضم جوالها لصدرها فى سعادة لا يمكن ان تصفها احرف الكلام..


look/images/icons/i1.gif رواية ميراث العشق والدموع موال التوهة والوجع رباب النوح والبوح زاد العمر وزواده
  09-01-2022 05:50 صباحاً   [75]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثالث (رباب النوح والبوح) بقلم رضوى جاويش الفصل الخامس والثلاثون

ثلاث ليال فقط.. ثلاث ليال فاصلة هى كل ما بقى لتصبح زوجه امام الله و الناس.. لقد تقرر عقد قرانهما فى نفس الليلة مع فرح ماهر اخيها.. انها لاتصدق انها ستصبح حليلته بعد عدة ساعات.. أغمضت عينيها فى نشوة و طلت ابتسامة ساحرة على شفتيها لم تستطع مداراتها.. كانت مأخوذة تماما بخواطرها و لم تلحظ ذاك الذى كان مأخوذا بدوره بصورتها المنعكسة على مرآة السيارة الجانبية حيث يجلس.. كان قد قرر تركها تهنأ بأحلام يقظتها لكن ذاك الجانب المشاغب فى شخصيته ما استطاع الا ان يهمس بالقرب من اذنيها عندما ترجلت من السيارة و هو يتبعها:- باقى تلت ايّام بس و انول المراد من رب العباد.. قرب البعيد يا رب.

تصنعت الشدة هاتفة محاولة تمالك زمام أعصابها:- جصدك ايه !؟..
همس مشاكسا:- قصدى هعرف اخيرا ألوان الطيف اللى بتنور و تطفى على وشك دى اخرتها ايه يا بت عمتى.. و خدى بالك.. انا غتيت.. هعرف يعنى هعرف..

اضطربت تحاول مداراة خجلها و ما استطاعت الرد بكلمة تردعه الا انها هتفت اخيرا:- المحاضرة جربت تبدأ.. شكلنا اتاخرنا..
رن هاتفه فأنقذها من المزيد من تعليقاته التى ما عادت قادرة على مجاراتها.. توقف للحظة يتطلع لشاشة هاتفه و تغيرت ملامحه بشكل عجيب لكنه هتف فى ثبات:- أسبقينى انت يا ايمان و انا هلحقك..

اومأت برأسها فى تفهم و انضمت لبعض زميلاتها و غابت داخل المدرج معهم.. لكنه غاب عن عادته و ها هى المحاضرة على وشك البدء.. عادت تبحث عنه خارج المدرج و اقتربت عندما لمحت محياه و ما ان همت بالهتاف عاتبة حتى ابتلعت احرف كلماتها فى صدمة و هى تستمع له يقول:- تمام.. خلاص اتفقنا..انا نازل القاهرة.. نتقابل بكرة باذن الله.. مع السلامة يا نرمين..

هل ما سمعته صحيحا!؟.. هل كان يحادث حبيبته السابقة !؟.. تلك الحبيبة التى خزلته و اولت له ظهرها فى اكثر أوقاته احتياجا لها !؟. وقع الاسم على مسامعها وقع الصاعقة و ما عادت قدماها قادرة على حملها و لا تعلم من اين لها بتلك القدرة التى جعلتها تندفع باتجاه المدرج هاربة من نظراته و هو يلتفت بعد إنهاء مكالمته الميمونة ليجدها تقف تنظر اليه فى صدمة..

حاول ان ينادى عليها لتقف لكن لا المكان و لا الوقت مناسب... فتنهد فى ضيق و دخل المدرج بدوره و ما ان انتهت المحاضرة حتى بحث عنها و لم يجد لها أثرا يذكر.. عاد للعربة و قد قرر ان يصارح ايمان بكل ما كان يعتمل بصدره لكن ليس الان.. و لكن بعد عودته من القاهرة حيث هناك موعده مع الماضى..

تقدم حازم فى تؤدة متعكزا على عصا خشبية تساعده على السير نظرا لإصابة قدمه التى فى سبيلها للشفاء بعد حادثه الاخير و توجه حيث يجلس حمزة بن عمه على الأرجوحة فى الحديقة الخلفية حيث مكانه المفضل..
هتف حازم بالتحية:- سلام عليكم يا واد عمى..
ابتسم حمزة و نهض مسرعا يساعد حازم على الجلوس جواره على الأرجوحة هاتفا:- و عليكم السلام يا بطل.. اخبارك ايه النهاردة !؟..

اكد حازم:- الحمد لله.. احسن..
و استطرد بعد لحظات من الصمت المتردد:- انت ليه فسخت خطبتك على تسبيح يا حمزة !؟..
نظر حمزة اليه مبتسما:- عشان مكنش ينفع يا واد عمى..
تعجب حازم:- ايه هو اللى مكنش ينفع !؟.
هتف حمزة:- مكنش ينفع اعرف انها بتحب حد تانى و اكمل..

هتف حازم مبهوتا:- حد تانى !؟.. مين !؟.. و ازاى!؟.. و هى اللى قالت لك كده !؟..
قهقه حمزة:- لاااه هى مجالتليش.. هى جالت للناس كلها..
تعجب حازم:- انت بتهزر يا حمزة صح.!؟.
هز حمزة رأسه نفيا و هو لا يزل مبتسما و هتف فى مشاكسة:-
والأدهى من دِه كله ان المغفل لسه ما يعرفش انها بتحبه.. و هو واجع فيها لشوشته و كان بيهلوس بيها..

هتف حازم بضيق و اضطراب:- ايه يا عم الألغاز دى !؟.. انا مش فاهم حاجة..
هتف حمزة بجدية:- هى صرخت بإسمه يوم كتب الكتاب.. اول ما عرفت انه أتمسك من الإرهابيين ف الچبل..
بهت حازم و نهض مذعورا حتى كاد يسقط من شدة صدمته و ما عاد قادرًا على التفوه بحرف.. ساد الصمت لبرهة و اخيرا هتف حازم:- حمزة.. انا.. انت.. بتقول..

همس حمزة:- انى بجول الصدج يا واد عمى.. و انت كنت بتهلوس باسمها و مكنش فيه غيره على لسانك و انت غايب عن الدنيا..
تلفت حازم فى كل اتجاه و تمنى لو ان الارض تنشق و تبتلعه لكن حمزة هتف مهدئا اياه و مشيرا اليه ليعود لموضع جلوسه من جديد.. جلس حازم لا يستطيع التطلع لوجه بن عمه حرجا و حمزة يستطرد شارحا:- لما اتجدمت لتسبيح يا حازم مكنش ف عجلى الا حاچة واحدة بس..

اخرس احساس الذنب اللى چوايا بسبب حادثة الحصان اللى كانت السبب فى اللى حصل لرچلها.. لا كنت بفكر ف حب و لا حتى أعرف يعنى ايه حب م الاساس و انت اكتر واحد واعى للموضوع دِه.. الحادثة بتاعتك چت ف وجتها.. عرفت ساعتها انى كنت هرتكب غلطة عمرى لو اتچوزتها.. كنت هظلمها و للمرة التانية هظلم حالى و انا اللى كنت فاكر انى بسدد دين عليا ليها.. دلوجتى اتاكدت ان الحاچة الصح الوحيدة اللى هتحسسنى انى اتحررت من عجدة الذنب الجديمة هى انى اجولك انها بتحبك انت و انى متأكد انك هتصونها و تحفظها لانها تستحج حد يحبها بجد و يخاف عليها.

تلجلج حازم هامسا:- بس يا حمزة.. اصل..
هتف حمزة مقاطعا ومذكرا اياه:- فاكر يا واد عمى لما كنّا هنا و ف نفس المكان دِه جلت لك انى لا اعرف يعنى ايه حب و لا عايز اعرف..
و قهقه حمزة فى سخرية :- جال يعنى الواحد بمزاچه يعرفه و لا ميعرفهوش!؟..
و تنهد مكملا:- ساعتها جلنا جلوبنا ف يدنا و كل واحد يبجى سيد نفسه مكنتش اعرف ان دِه لا بمزاچك و لا بكيفك يا واد عمى..
تعجب حازم متطلعا لحمزة فى دهشة و اخيرا همس:- انت وقعت يا حمزة و لا ايه !؟..

ابتسم حمزة متطلعا لابن عمه و همس فى وجع:- وجعت بس !؟.. جول ادهولت يا غالى..
قهقه حازم رغما عنه هاتفا:- معقول حمزة قلب الأسد هو اللى بيقول كده!؟..
هتف حمزة ساخرا:- جلب الأسد مين!؟.. ما راحت عليه خلاص..جصدك جلب الأرنب..
قهقه حازم من جديد هاتفا:- و مين الساحرة اللى عملت المعجزة دى!؟..
هتف حمزة فى تردد:- البت الجصيرة..الشبرواجطع..اللى چوه عنديكم دى..

تطلع حازم اليه فى صدمة للحظة و اخيرا انفجر مقهقها بلا توقف و ما ان هدأت حدة قهقهاته التى أدمعت عيناه حتى هتف فى عدم تصديق:-هدير يا حمزة !؟.. انت بتتكلم جد !؟.. البت هدير اختى !؟..
اكد حمزة ساخرا:- هى الجصيرة دى ام نص لسان.. هى الأخت هدير..
ابتسم حازم رابتا على كتفه مواسيا:- معلش يابنى ربنا يصبرك على ما بلاك..
اكد حمزة مبتسما:- مش كِده برضك.

هتف حازم متعجبا:- طب مطلبتهاش من عمك ليه!؟..
اكد حمزة:- يعنى مكنش ينفع بعد فسخ خطوبتى على تسبيح اروح اطلب هدير بعديها طوالى.. جلت استنى شوية الموضوع يهدى و انت تخرچ بالسلامة.. و بصراحة.. مكسوف و مش عارف ازاى افاتحه..
هتف حازم:- ايه!؟.. مكسوف ده ايه !؟..

و انتفض حازم من موضعه مستطردا فى حماسة:- ده انا اللى هروح اخطبهالك بنفسى دلوقتى.. و خليها متوافقش.. هجوزهالك بالعافية.. هى تطول..
اندفع حازم على قدر وجع قدمه لداخل الفيلا و حمزة يحاول استوقافه و لا فائدة حتى صادف الجميع جالسا فى البهو فهتف حازم متطلعا لزكريا الذى كان يتبادل الحديث مع زينة و ظهرت هدير فى طريقها اليهم قادمة من حجرتها:- بابا.. بقولك ايه !؟.. انت مش ناوى تجوز البت هدير دى و تخلص منها !؟..

هتفت هدير فى غيظ:- و حد قالك انى عايزة اتجوز اصلا !؟.. انا هفضل مع بابا حبيبى طول العمر..
و انحنت تقبل زكريا فى دلال و هى تلقى بنفسها بين ذراعيه و الذى هتف بدوره فى محبة:- ايوه بنتى حبيبتى هتفضل ف حضنى..
ليستطرد حازم فى مشاكسة و حمزة يقف خلفه و قد أوشك على الهرب من شدة الاحراج:- حتى و لو قلت لك يا بابا ان العريس ده يبقى حمزة!؟..

هنا ابتسم زكريا فى سعادة و هو يتطلع الى بن اخيه المحتجب خلفه ولدت والذى ما ان رأه للمرة الاولى حتى تمنى ان يكون من نصيب ابنته زوجا.. بينما انتفضت هدير مشدوهة لا تقو على التفوه بحرف تتطلع لحمزة الذى ذاب توترا و إحراجا و فجأة اندفعت بلا مقدمات صاعدة الدرج بإتجاه غرفتها من جديد فما استطاعت تحمل الفرحة التى اجتاحتها عندما رأت ان حلمها يتحقق اخيرا و ان ذاك المتحجر القلب قد لان اخيرا و اصبح قلبه ملك يدها..و خافت ان تتهور كعادتها معبرة عن مشاعرها فلازت بغرفتها تهدئ من وجيب ذلك القلب الذى كان يرقص فرحا بين جنباتها.

اندفع ذاك الرجل الاخرق بإتجاه دار جاسم هاتفا فى ذعر ما ان طالع محياه:- ألحج يا سى جاسم.. ألحج..
هتف جاسم فى لامبالاة و ذهنه غائب تماما فى نشوة تلك الأدخنة الزرقاء التى تتراقص امام ناظريه من
نرجيلته:- ايه فى يا مخبل !؟.. انطج
هتف الرجل و هو يرتجف خوفا من العقاب الذى شعر انه قادم لامحالة:- كتب كتاب الست هداية النهاردة على اللى اسميه ماهر دِه !؟..

انتفض جاسم فى عنف و ألقى بنرجيلته من يده منقضا على تلابيب الرجل صارخا:- بتجول ايه يا فجرى!؟.. امال انت بتعمل ايه هناك!؟.. انى مش جايل لك بس تعرف الميعاد تاجى تجولى!؟..
هتف الرجل فى ذعر متلجلجا:- ما انى مكنتش موچود و الله يا سى جاسم.. انى كنت ف يد الحكومة و توك ما سيبتنى و لما رچعت عرفت انهم هيكتبوا النهاردة.. ده ان مكنوش كتبوا..

صرخ جاسم بصوت هادر:- كمان!؟
و بتجولها ف وشى عادى كِده !؟..
دفع بالرجل بعيدا عنه فى عنف و حنق بالغ و هتف صارخا لرجاله:- حضروا حالكم جوام..
و ابتسم متشفيا و هو يستطرد فى جزل:- الظاهر الليلة دى چاسم هايبجى عريس.. ما هو العروسة چاهزة و مستنية عريسها..
و أنفجر مقهقها فى نشوة و بصوت جهورى ألقى الرعب فى قلوب رجاله أنفسهم..

كانت تستمع الى الأعيرة النارية التى تنطلق منذ يومين كاملين فرحة من اجل الاستعداد لعقد قرانها و ماجد فى نفس توقيت زفاف ماهر و هداية و الذى كان توقيتهما المتزامن اثر اصرار خالها عاصم على ذلك فقد أراد ان يكون زفاف ماهر اخيها هو يوم عقد قرانها على ولده ماجد.. كان يريد إسعاد امها و ادخال السرور على قلبها بعد كل ما عانت جراء استشهاد اخيها...

كان الجميع على اهبة الاستعداد و بالرغم من مراعاة الجميع لظروف الحزن التى يمرون بها و عدم المغالاة فى مظاهر الفرحة التى كانت على أضيق نطاق على غير عادة الهوارية الا ان الجميع كان فى سعادة فعلية فالعرس هوارى حتى النخاع..

كل هذا الفرح و كل تلك السعادة و لا نصيب لها فيهما بعد ما سمعته منذ ايّام.. لقد عاد اليها.. يبدو انه عاد لحبه القديم و تجددت مشاعره لها بعد ما فعلته به.. و تساءلت فى نفسها لما اذن تقرب اليها.. لما خطب ودها و هتف برغبته فى الارتباط بها امام امه!؟.. تكاد تُجن و تفقد صوابها و عقلها لا يكف عن التساؤل و لا اجابة..

حتى هو لم يفكر و لو للحظة ان يرفع سماعة الهاتف او حتى يأتى لمقابلتها محاولا تبرير ما سمعت.. اى تبرير يريح قلبها و يحفظ كرامتها.. لكنه لم يفعل و الأدهى و الامر انه بالفعل سافر القاهرة منذ يومين.. سافر اليها.. كانت تغلى قهرا و غيرة و حزنا على حالها.. انتفضت تحاول اسكات ذاك الضجيج بعقلها و فتحت المذياع بصوت عال و هى تتجه للنافذة تتطلع منها للغادى و الايب من و الى دارهم من اجل تجهيز الدور العلوى ليكون مخصص لماهر و عروسه..
تنبهت لكلمات الاغنية التى يبثها المذياع لتذرف دمعها بلا وعى منها..

و مقلتليش م الاول ليه
ع اللى انت مش قادر تنساها
شوف السكّات وصلنا لأيه..
بهواك انا و انت بتهواها

كادت ان تغلق المذياع الذى يثير شجونها بكلمات أغانيه الا ان طرقا على الباب جعلها تتوقف فى طريقها للمذياع مغيرة مسارها لتتجه للباب..
فتحته لتجد امها تتوقف امامه
هامسة:- ماچد هنا و عايز يجابلك ضرورى... انا هنادم عليه.. حطى تحجيبتك..
هتفت غير مصدقة:- ماچد !؟..

تطلعت امها هاتفة:- ايوه.. انى استغربت زيك كِده.. ايه اللى چابه دلوجت و كلها كام ساعة و تبجى حلاله و يبجى يجول لك اللى هو عاوزه !؟..
لم تكن ايمان قد أخبرت امها بما بينهما فكان من الطبيعى تعجبها.. لكن تعجبها هى كان نابع من جرأته فى القدوم الى هنا بعد ما حدث منه.. كانت لا تريد ان تعكر أجواء فرح ماهر بما ينغص عليه سعادته فهى للمرة الاولى منذ استشهاد مؤمن ترى ماهر بهذه السعادة..

انه يحب هداية بالفعل.. و هى لن تسمح بأى حدث يمكن ان ينل من فرحة اخيها مهما كان حتى و لو كان هذا على حساب نفسها..
تسمرت فى مكانها و قد وضعت غطاء رأسها و دخل هو متنحنا.. كان لايزل صوت المذياع صادحا بكلماته الموجعة..

دلوقتى ليه جاى تقولى..
و اعمل لك ايه طب ما تقولى
طيب.. طيب يا قلبى طيب
طيب و لا فكرت بعدك هعمل ايه!؟
و جرح قلبى طيب..جرح قلبى طيب
و جرح قلبى ازاى انا هقدر عليه.!؟

نظر ماجد للمذياع و توجه اليه ليغلق وجعه المنساب اليها و تطلع الى وجهها المرسوم بالأسى و تلك الدموع التى ما زال اثرها منحوت على صفحة خديها..تقدم اليها بخطوات وئيدة لازال بها بعض العرج الخفيف.. توقف قبالتها و هى منكسة الرأس لا تقو على رفع ناظريها و التطلع اليه حتى لا تفقد رباطة جأشها التى ادعتها ما ان علمت بقدومه لمرأها ليهتف هو بصوت حازم النبرات امرا:- ارفعى راسك لفوق يا ايمان و بصى ف عينى و قوليها.. قولى انك مش عايزة تكملى معايا.. قولى انك مش عيزانى..

غلبتها روحها الحرة و عنادها فرفعت رأسها تطلع اليه كما امرها لكنها لم تستطع التفوه بكلمة فانفجرت باكية رغما عنها..
ساد الصمت بينهما حتى هدأت قليلا فهمس مصرحا:- انا بقى اللى هقول..
انتفضت و رفعت ناظريها لا إراديا تتطلع اليه فى صدمة.. هل بهذه البساطة يتخلى عنها!؟.. هل اتفق مع حبه القديم على استئناف ما كان دون لحظة تفكير واحدة فى من تركها خلفه !؟..

استطرد هو و هو ينظر لعمق عينيها بعشق:- هقول انى مقدرش استغنى عنكِ.. و ان انتِ ف كفة و ستات العالم ف كفة تانية..
ساد الصمت مع ابتسامة على شفتيه بمنظرها المشدوه و المصدوم من اثر كلماته و فجأة انفجرت فى عاصفة جديدة من البكاء.. لكنه بكاء عجيب.. بكاء بطعم الفرحة الممزوجة بالدهشة و المخلوط بالسعادة و المغلف بالجنون..

هتف مشاكسا إياها:- طب يعنى ده منظر واحدة كتب كتابها بعد ساعتين يا ربى !؟.. تطلعى للناس عينك وارمة م العياط يقولوا ايه بس!؟.. واخدها جبر و لا تخليص حق..
ابتسمت رغما عنها لمشاكساته التى تعشقها و التى استمر فيها هامسا:- خدى بالك.. انتِ مديونة ليا.. لازم اقررك كنتِ بتسرحى ف ايه و اول ما اظبطك وشك يحمر.. ميعاد التحقيق قرب يا جميل..

احمر وجهها حياء رغما عنها ليتطلع اليها فى عشق راغبا فى ضمها الى صدره.. عند هذه النقطة شعر انه تخطى النقاط الحمراء و التى ليس من المسوح له تخطيها الا بعد ساعتين من الان.. تنهد فى حسرة هاتفا و هو يهم بالرحيل:- طب انا لازم أمشى دلوقتى.. و نتقابل قدام المأذون يا..
قاطعته متسائلة حتى ترتاح:- روحت تقابلها ليه يا ماچد !؟..

استدار و ابتسامة على شفتيه و تطلع اليها مؤكدا فى ثقة:- رحت أقابلها عشان أكون متأكد انى هنا و انا عايزك.. انى هنا و انا اتخلصت فعلا من كل رواسب قصتى معاها.. و ان هنا.. و اشار لقلبه.. مش لحد غيرك و لا فيه مكان الا ليكِ انتِ و بس..
تطلعت اليه و تراقصت بقلبها دموع فرحة و لم تعقب بحرف ليهمس هو فى عشق:- سلام يا مراتى..

انتشت فى سعادة للقب الجديد الذى اطرب قلبها و أسكر روحها و توجه حيث الباب الذى كان مفتوحا بالفعل و امسك مقبضه و هتف قبل ان يهم بغلقه خلفه:- هسيبك تجهزى عشان انا عايز اشوف اجمل عروسة النهاردة.. انا مش عارف مكنش فرح ليه بالمرة!؟.. صبرنى يا رب..
انفجرت ضاحكة على هتافه الاخير بالصبر و هو يغلق الباب و قد تبدل حالها من حال الى حال بعد ان علمت بل تيقنت انها الوحيدة التى تعتلى الان عرش قلبه بلا منازع و ما كانت لترضى عن ذلك بديلا..

علت أصوات الأعيرة النارية و ذاك المزمار الصعيدى يصدح خارج بيت يونس و العروس تتزين بالأعلى يجتمع حولها النسوة فى سعادة خاصة عائشة التى كانت تطير فرحة لسعادة ابنة عمها التى تظهر جلية على محياها.. فأخيرا إحداهن على الاقل ستجد السعادة التى كانت تبحث عنها و تمنت ان لا تضل طريقها اليها.. اليوم ستكون عروس لماهر الهوارى و ستنتقل لبيت ابيه..

وقفت و تذكرت حالها يوم زفافها و دمعت عيناها كانت تشعر بنفس الفرحة و تنتشى سعادة و سرور فهى ستكون زوجة لمن دق له قلبها.. و تمنت من صميم قلبها ان لا تجد ابنة عمها اى منغصات تذكر مع زوجها المستقبلي مثلما حدث معها مع زوجها العزيز حامد و الذى تفتقده رغم كل شئ حد المجاعة.. ربتت على بطنها المنتفخ و ابتسمت و هى تربت على كتف هداية بالكف الاخرى مازحة:- عقبال ما تحصلينى.. قبل ما أولد عايزة اسمع بخبر حملك.. طوالى كِده سمعانى !؟..

ابتسمت هداية فى حياء غير قادرة على الرد على مزاح عائشة تكاد تذوب خجلا كلما تذكرت انها ساعات قليلة و ستصبح معه تحت سقف بيت واحد بل حجرة واحدة.. زاد وجيب قلبها عند تلك النقطة فقررت التوقف عن الاسترسال فى خواطرها و خاصة عندما انتفضت و تلك الزغاريد تزداد وتيرتها معلنة عن قرب رحيلها عن دار اخيها متوجهة لدار زوجها فى زفة تليق بها حيث بيت ماهر الذى ينتظرها على احر من الجمر بعد عقد القران..

كانت النساء ترقص و تغنى فى نشوة بالأعلى فى انتظار سماع الاذن بالمغادرة فقد حضر يونس و معه المأذون و بانتظار العريس ليعقد القران فى بيت العروس قبل اصطحاب زوجها لها..

اشتعل الرقص حمية و الغناء قوة الا ان الوقت مر دون اى جديد.. حتى اندفعت كسبانة اليها من بين الزغاريد المتدفقة هنا و هناك مؤكدة على انتهاء عقد القران مطالبة إياها بالنزول للامضاء ليتم زفافها حتى بيت زوجها مؤكدة ان القران قد تم عقده و العريس بانتظار زفتها امام داره لتأتى اليه بصحبة اخيها لانه لم يستطع ترك المدعوين بداره..تحركت فى وجل تهبط الدرج من شقة عائشة حيث يُعقد قرانها وتنل صك سعادتها المرتقبة اخرج لها يونس الدفتر و زينته بإمضائها و عاد للمأذون من جديد و تعالت الزغاريد..

هتف يونس بها لتتبعه لبيت زوجها وما ان وصلت لأعتاب الدار الخارجية تحاوطها النسوة منتشيات حتى تعالت فجأة الصرخات من هنا و هناك وهرولت النساء مبتعدة عن طريق ذاك الملثم و جماعته المسلحة الذى اندفع بإتجاهها و رجاله يهدمون مظاهر الفرح التى تقابلهم بطريقهم و يدهسون بسنابك خيلهم الأخضر و اليابس شاهرين الأسلحة فى تحدى صارخ..

وصل الملثم لموضع هداية و انحنى فى جرأة جاذبا إياها ليضعها امامه على صهوة فرسه مهددا الجميع اذا ما تحرك احدهم فسيكون مصيره المحتوم هو القتل..
و اندفع بها منطلقا على فرسه راحلا و صرخاتها بأسم يونس و ماهر تدوى طالبة النجدة..

لم يستطع يونس الوقوف متفرجا على ذاك العار الذى يلحق به دون ان يحرك ساكنا فأندفع خلفه رغبة فى اللحاق به و تخليص العروس من يديه و تعلق بسرج فرسه رغبة فى عرقلة تقدمه مبتعدا و قد تبعته نساء الدار باكيات على انقلاب الحال..

دفع الملثم بيونس مبعدا اياه عن التعلق به و ما ان ابتعد قليلا حتى أستدار فى غيظ و و صوب بندقيته تجاه يونس و حامد الذى لحق بأبيه و اطلق الرصاص حتى يتأكد ان ما من احد يتبعه و استدار فى لامبالاة و رحل..لتدوى الصرخات و سكينة تسقط بين ذراعى ولدها و قد تيقنت ان جاسم ينوى الشر بيونس فجعلت جسدها درعا يصد الرصاص عنه..

ازدادت صرخات النساء دويا و الجمع يلتف حول سكينة المصرجة بدمائها بين ذراعى ولدها..
بكى يونس فى قهر معاتبا:- ليه كِده ياما.. ليه !؟..
ربتت على خده بكفها المرتعش و الملطخ بدمائها هامسة:- ربنا يخليك لشبابك و لعيالك يا ولدى.. انى خلاص هعوز ايه م الدنيا.. دوجت حلوها و مُرها و استكفيت..

و أدارت وجهها باحثة بين الوجوه عن كسبانة و اشارت اليها فتقدمت و دموعها تغرق وجهها و انحنت بالقرب منها هامسة توصيها:- خلى بالك منيه يا بتى دِه ملهوش غيرك.. سيباهولك أمانة ف رجبتك..
انفجرت كسبانة فى البكاء بحرقة شديدة و لم تستطع ان تتفوه بكلمة واحدة و اخيرا همست سكينة فى وهن:- وينها بخيتة !؟..

تقدم حامد الباكى العينين يساعد بخيتة المذعورة على تلمس الطريق حيث ترقد سكينة مضرجة بدمائها وما ان جلست قبالتها حتى تحسست جسد سكينة فى لهفة غير مصدقة ما سمعت حتى لامست كفها لذوجة الدماء و استشعرت سخونتها فهتفت:- سكينة!؟.. انت زينة.. انت مفيكيش شى.. هتجومى.. ايوه هتجومى و تبجى زى الفل..

ابتسمت سكينة فى وهن و هى تمسك بكف بخيتة تجذبها اليها و همست بالقرب من مسامعها:- انى مخيفاش م الموت يا خية.. خابرة ليه!؟.. و ابتسمت مستطردة.. عشان هروح الچنة جبلك زى ما جلت لك و انت مصدجتنيش..
اكدت بخيتة باكية فى لوعة:- ايوه هتروحى.. هتروحى يا حبة عينى..

استطردت سكينة بنظرات زائغة:- اجولك سر يا بخيتة.. انى كنت بصلى و الله.. كنت بصلى من وراكِ و مفوتش فرض من ساعة ما چيت داركم.. ربنا بعتك ليا و انى مسكت و تبت بالجوى.. هتوحشك يا غالية.. ادعيلى كتيير..و افتكرينى بالخير..
قالت كلمتها الاخيرة فى صوت متحشرج و احرف متقطعة و اخيرا أصدرت شهقة قوية و هى تحاول نطق الشهادة بشكل مهزوز و اسلمت الروح..

لينفجر الجميع فى نوبة بكاء هستيرى و أولهم يونس الذى ضم جسد امه لصدره فى لوعة صارخا و انكفت بخيتة تتحسس الجسد المسجى و تتلمس ريحه الطيب الذى ستفتقده للأبد

اندفع جاسم جاذبا اللثام عن وجهه متطلعا لهداية التى كانت تعافر للقفز عن ظهر الفرس مبتعدة عنه حتى و لو فى ذلك موتها..
همس بالقرب من اذنيها فى تشفى:- فاكرة ان ممكن تبجى لغيرى!؟.. يبجى بتحلمى.. دلوجت اخوكِ اللى كنتِ بتتحامى فيه هو اللى هايچى يچرى يبوس يدى عشان اكتب عليكِ و استرك..

هتفت هداية فى صلابة رغم شهقات بكائها و هى لاتزل تعافر:- اموت و لا تمسنى.. اجتل روحى و لا تطول شعرى منى يا نچس..
انفجر ضاحكا فى تجبر و همس فى غل بنبرة تقتر حقدا:- هنشوفوا يا بت عمى.. هنشوف..
نطق جملته الاخيرة ولم يكن يدرى ان هناك بالفعل من يتبعه و لن يجعله يهنأ بأختطاف عروسه فى ليلة عرسهما و خاصة بعد ان اصبحت زوجته شرعا..

فالجميع لم يدرك ان عقد القران قد تم بالفعل فى دار ماهر و الذى ما كان يطيق صبرا حتى يذهب لبيت العروس و خاصة ان اخيها كان بين الحضور..فتعجل يونس و الذى لم يجد غضاضة فى ذلك و كان عليه ان يحصل على امضاء العروس فقط و تم عقد القران بالفعل و انتهى الامر..

وصله خبر اختطاف عروسه سريعا بطبيعة الحال و ما ان علم حتى حزم امره و قرر عودة ماهر القديم ذاك الشقى الذى يضاهى جاسم جرأة و صفاقة و بدأ فى جمع كل من كان يعرفهم سابقا و اندفع فى اتجاه الجبل حيث يدرك جيدا اين يمكن لجاسم و امثاله الاختباء بفعلة قذرة كهذه و انتظر هو و جماعته قدوم جاسم حيث كان يعلم انه لابد و ان يمر بذاك الطريق للوصول لمكان امن بالجبل يتدارى به.. و لم يخب ظنه فقد لمح من البعد جماعة جاسم و هو يتوسطهم و عروسه تكافح فى بسالة رغبة فى الهروب و النزول عن صهوة الجواد..

شعر بالغيرة و الحمية تتأكله وود لو اندفع مطبقا على انفاس جاسم و انتزاعها من صدره انتزاعا الا انه حكم العقل و انتظر مجبرا حتى اقترب الجمع و بدأ هجوم الطلقات يحصد رجال جاسم الذى حاول الفرار لكن ماهر كان له بالمرصاد و اندفع خلفه بفرسه فى غضب قاهر و اطلق الرصاص خلفه حتى ارداه قتيلا..

كادت هداية تسقط عن الفرس بسقوط جسد جاسم النجس الا ان ماهر كان الأسبق ليتلقفها بين ذراعيه و يعود بها على فرسه مندفعا هابطا الجبل فى اتجاه دار اخيها..
ما ان وصلا حتى كان العويل و البكاء حزنا على سكينة يشق السماء وجعا و قهرا..

دخل ماهر حاملا عروسه المختطفة الى داخل دارها و ما ان رأته النساء حتى اندفعن لأطمئنان على العروس التى فقدت وعيها خوفا و ذعرا لما مرت به..
وضعها برفق على اقرب الأرائك و هتف بصوت متحشرج مهزوز موجها حديثه ليونس الذى نهض فى صدمة ما ان رأى ماهر يدخل بأخته حاملا إياها بين ذراعيه:- شرفنا ف الحفظ و الصون يا نسيبى.. مكنش ينفع اختك تبات الا ف بيت چوزها..

هم يونس بالاندفاع نحوه الا ان جسد ماهر انهار فجأة و بلا اى مقدمات ليدرك الجمع متأخرين بقعة الدماء التى كانت تلطخ كتفه..

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 10 من 36 < 1 22 23 24 25 26 27 28 36 > الأخيرة





الكلمات الدلالية
رواية ، ميراث ، العشق ، والدموع ، موال ، التوهة ، والوجع ، رباب ، النوح ، والبوح ، العمر ، وزواده ،











الساعة الآن 01:53 AM