logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 7 من 36 < 1 13 14 15 16 17 18 19 36 > الأخيرة



look/images/icons/i1.gif رواية ميراث العشق والدموع موال التوهة والوجع رباب النوح والبوح زاد العمر وزواده
  09-01-2022 03:27 صباحاً   [46]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثالث (رباب النوح والبوح) بقلم رضوى جاويش الفصل السادس

اندفع عاصم لداخل حجرته و خلفه زهرة تخلع عنها حجابها هاتفة بعد معرفتها برحيل زكريا و ابنته :- بس يا عاصم .. شفت زكريا كبر ازاى.!؟
السن بان عليه قووى .. و خاصة بسبب موضوع رجله ده ..
تنهد عاصم و هو يجلس على احد المقاعد رافعا قدمه على ركبته الثانية بغية التخلص من حذائه و خلعه هاتفا في تعاطف :- الله يكون ف عونه .. زكريا اللى شافه مش هين برضك ..

اتبهدل واتسچن ظلم و جت حادثة رچليه دى چابت الاخر معاه .. هو لما جعد معاى حكالى كل حاچة بالتفصيل
دِه كان ممكن ميرچعش يمشى تانى لولا ساتر ربك و العلاچ اللى اخد منيه سنين عشان يوصل للى انتِ شيفاه دِه .. بچد لو چبل كان اتهد من كتر اللى شافه..
هزت زهرة رأسها موافقة دون ان تنبس بحرف بينما استطرد عاصم هاتفا :- بس شوفتى بته ..!؟..

هتفت زهرة :- أمورة و رقيقة قووى
هتف عاصم :- ورانى صورهم كلهم
و احنا جاعدين عند سمية .. تشبه أمها كَتير و بيجول ان حازم فيه من امه الله يرحمها برضك ..
صمت قليلا ثم استطرد :- و الله بفكر ناخد بته هدير لماچد .. ايه جولك !؟..
هتفت زهرة :- يا ريت .. بس انت عارف ماجد و دماغه .. مبيعجبوش العجب ..

اكد عاصم هاتفا :- ايوه .. على جولك هو مش ناوى ياخد من البلد برغم ان في بنات كَتير زينة .. انى عارفه زى الجرع يمد لبره .. تلاجيه حاطط ف راسه بت من بنات مصر ..
هتفت زهرة محتجة :- و مالهم يا عاصم بقى بنات مصر ..!؟..
انتبه انها قاهرية فقهقه و هو يقترب منها مشاكسا :- جمر.. بنات مصر جمر.. انى لو اضمن انه يكون حظه كيف حظى.. انى اللى هجوله هات لنا عروسة من هناك..

قهقهت في سعادة هاتفة :- ربنا يرزقه ببنت الحلال اى كانت منين و لا هي مين .. المهم تكون بنت حلال ..
هتف عاصم :- صدجتى .. و عجبال سندس ما ربنا يعدلها لها بعريسها دِه اللى جاى كمان كام يوم..
هتفت زهرة مندهشة :- هو كلمك يا عاصم .. !؟.. مقلتليش ..!؟..
هتف عاصم مبررا :- مجية زكريا لخفنت دماغ الواحد .. بس هو كلمنى من يومين و اتفجنا ياجى لوحده الأول
جبل اى إتفاج نجعد معاه و لو في جبول يبجى يجيب عيلته عشان هم من بحرى مش من الصعيد ..

هتفت زهرة مذعورة :- ايه ده !؟.. يعنى سندس ممكن تبعد عنى و تسافر معاه ..!؟.. لا متفقناش على كده يا عاصم ..
هتف عاصم متعجبا :- يعنى شوفتيها وافجت و خلاص چوزناها..!؟.. لما يبجى ياجى و نجعد و نتفاهموا نبجوا نشوفوا ايه اللى فيها ..
تنهدت زهرة بعدم راحة و همست بهدوء :- عندك حق .. نستنى بس نشوف هي أصلا هتقبله و لا ترفضه زى كل عريس يجلها ..
هز عاصم رأسه موافقا و هو يهم بدخول الحمام استعدادا للنوم ...

هتف ماجد في شقاوة متحدثا على الهاتف :- عيد سعيد .. و لبس جديد.. و عمر مديد يا كحك العيد ..
انفجرت محدثته ضاحكة على الطرف الاخر هاتفة في دلال :- بطل بكش بقى يا ماجد كنت فين الفترة اللى فاتت دى و جاى تكلمنى دلوقتى تعيد عليا بعد العيد ما خلص ..!؟..

هتف صادقا يبرر غيبته :- اعمل ايه بس يا نرمين ..!؟.. معرفتش اخلص من اخوكى اللى لازق لى على طول الا النهاردة .. و ماشى ثلاثة كيلو ف عز الشمس عشان اعرف أوصل لمكان يلقط شبكة ..
هتفت غير مصدقة :- معقول ..عملت ده كله عشان تسمع صوتى ..!؟..

هتف ماجد في عشق :- و اعمل اكتر من كده كمان .. خلصى بقى كليتك يا بنتى انا عايز اجى اخطبك النهاردة قبل بكرة و لولا انى عارف من منير ان باباكِ رافض اى ارتباط الا لما تخلصى كنت جيت من بدرى .. و كمان الصراحة مش حابب أخبى على منير اكتر من كده .. ببقى حاسس انى مش راجل و انا بعمل كده من ورا ضهره ..

تنهدت هي هامسة :- عندك حق يا ماجد بس نعمل ايه ف تحكمات بابا.. هانت .. كلها السنة دى و اخلص يا سيدى .. المهم انك وحشتنى قووى ..
هتف ماجد في لهفة :- صحيح ..!؟
أكدت بدلال :- طبعا و الا مكنتش قلتها لو مش حساها ..
هتف مشاكسا :- طب وحشتك قد ايه!؟.. اعترفى..
قهقهت و لم تجب امعانا في دلالها مما دفعه ليهتف في هيام :- بحبك يا نرمين ..!؟..
همست متسائلة :- قد ايه ..!؟..

رد مغيظاً إياها مازحا :- قد ما بحب الكحك بسكر يا بسكوتة ..
قهقه فهتفت بغيظ :- بقى كده يا ماجد
متكلمنيش تانى ..
هتف بإسمها في وجد :- نرمين ..
همهمت :- هااا ..
همس :- متنسيش الساعة ١٢..
همست بحب :- مش ممكن أنسى ..اول ما الساعة تدق ١٢ بالليل ببعت لك كلمة بحبك ..

همس بعشق :- بتوصلنى بالثانية ..
و تنهد في ضيق و هو يقول :- انا مضطر أقفل و أرجع الوحدة ضرورى .. خلى بالك من نفسك ..
لا اله الا الله ..
هتفت بدورها :- و انت كمان خلى بالك من نفسك و من منير .. لا اله الا الله ..
أغلق كلاهما الهاتف على أمل اللقاء عند دقات الساعة الثانية عشرة مساءً بتوقيت الحب ..

صرخت شيماء فى غل و هى تضع تلك الملابس المتسخة بالشحوم و الزيوت امامها فى طبق بلاستيكى ضخم ملأته بالماء الساخن و الصابون و جلست على ذاك الكرسى الخشبي المنخفض فى قلب الحمام تحاول ازالة تلك الشحوم من ملابس ناصر .. كان قد فاض بها الكيل و فقدت ما تبقى من عافيتها فى محاربة تلك الأوساخ لتهتف فى حنق بصوت عال لأمها فى المطبخ الذى يفصله عن موضعها مسافة ثلاثة اقدام :- هو فى ايه بقى!؟ انا هلكت ..ما حد يقول للباش مهندس ان كده كتير .. ما يلبس العفريتة و هو بيصلح عربياته بدل هدة الحيل فى دعك هدومه بالشكل ده..

هتفت نعمة مؤكدة :- ما انتِ عرفاه .. مش بيحب يلبسها .. يعنى هو ده جديد على ناصر ..!!.. طول عمره كده ..
هتفت شيماء فى امتعاض :- و الله ده ظلم بقى .. يشوف له حد يدعك هدومه اللى طلعت روحى دى..
هتف ناصر بصوته الجهورى و قد وصل له صوت اعتراضاتها منذ دخل من باب الشقة ليقف امام باب الحمام حيث تجلس :- خير !؟.. الكونتيسة مش عاجبها هدومى و الزيت اللى فيها ..!؟.. نجيب مين بقى يدعكهم يا خيبتها ..

ابتلعت ما بقى من اعتراض بحلقها و هى تخرج غليلها فى المزيد من دعك ملابسه التى ودت لو ألقت بها من اقرب نافذة .. و ياحبذا لو تبعتها بصاحبها .. هدأ ذاك الخاطر من حنقها قليلا و ما ان همت بالنهوض من امام ذاك الطشت البلاستيكي و قد أنهت ما كان عليها تنظيفه بعد ان أدمت كفيها .. لتجد فجأة ناصر يقف على اعتاب الحمام حاملا بعض من ملابسه التى يبدو انه خلعها لتوه و ارتدى اخرى نكاية بها و دفع بها فى غيظ تجاه الطبق الذى كان يمتلئ ماء به بعض المنظفات هاتفا :- خدى دوول كمان .. اهو تنشفى شوية .. و استطرد ساخرا يلوح بكفه بجانب جبهته فى تحية عسكرية :- و لما تغسلى هدومى بعد كده تبقى تضربى لها تعظيم سلام ..

ضربت شيماء فى غيظ الماء ذو الرغوة بكفيها ليتناثر على جانبى الطبق و يشملها غير قادرة على الإتيان بحرف رغم انها تكاد تموت غيظا و قهرا...
هتف ناصر و هو يراها تعبر عن غضبها بهذه الطريقة :- ايه ..!؟. شايفك مش مبسوطة برضو .. طب اروح اجيب باقى الهدوم بقى ..
هنا صرخت شيماء فى قهر :- أماااا
هتفت نعمة تساندها :- أعتقها بقى يا ناصر خلاص ..

هتف ناصر :- عشان خاطرك انت بس ياما .. لكن و الله اسمعها تانى مش عاجبها هدومى ما هايحصل طيب ..
و اندفع عائدا لحجرته .. و ما ان تأكدت شيماء انه غادر بالفعل حتى ألقت بملابسه فى اتجاه عتبة باب الحمام حيث كان يقف منذ لحظات مما دفع نعمة لتنفجر ضاحكة ..

اندفع مؤمن لأحضان امه التي استقبلته فاتحة ذراعيها بشوق جارف لفلذة كبدها الغائب منذ فترة ليست بالطويلة لكنها كذلك من وجهة نظرها كأم تفتقد وليدها المقرب لقلبها و الأحن عليها من بين أخواته ..
جذبته في سعادة لطاولة الطعام الموضوع عليها ما لذ و طاب هاتفة:- انى و ايمان من الفچر بنحضر لك كل الأكل اللى عتحبه يا عين امك ..

ابتسم مؤمن و هو يتخذ موضعه على الطاولة هاتفا في محبة مقبلا يدها امتنانا :- تسلم ايديكم يا ست الكل .. و بعدين ايه كل دِه .. كَتير .. و الدنيا مش ناجصة مصاريف ياما عشان دروس الثانوية بتاعت ايمان ..
هتف ماهر الذى ظهر اعلى الدرج هابطا إياه منضما لهم على طاولة الطعام في سخرية :- كل بس و متجلجش .. الخير كَتير .. امك اتفتحت لها طاجة الجدر ..
هتف مؤمن غير مستوعب لما يقصده أخيه :- جصدك ايه ..!؟.. طاجة جدر ايه اللى بتتكلم عنيها ..!؟.. ستى أديتكم حاچة من ورث ابوى ..

انفجر ماهر مقهقها وهو يلوك قطعة لحم بين انيابه :- ستك ام ابوك ..!؟.. ليييه .. لهو الحداية بتحدف كتاكيت..!؟.. دِه خالك زكريا اللى عاود من غيبته يا سيدى ..
هتف مؤمن بسعادة :- عن چد !!.خالى زكريا رچع .. وايه عامل !؟

همت سمية بالحديث الا ان ماهر قاطعها هاتفا :- عامل بيه و لا بتوع الأخبار .. و شكله الدنيا مزهزة معاه ع الاخر .. دِه أدى لأمك مبلغ منتحصولش عليه ف سنة بحالها و جالها هايبعت زييه كل شهر عشان طلباتنا .. تبجى طاجة الجدر اتفتحت و لا لاااه .. و لا الحوچة لورث ابوك و لا لغيره ..

هتفت سمية و هي تنظر لولدها البكر شذرا :- إيوه هو هايبعت فلوس كل شهر عشان مصاريفنا ..بس جال برضك انه لو عايز تكمل علامك تكمله و هو هيساعدك و كمان هيعمل لك مشروع تسترزج منيه و هيساعد مؤمن يتوظف بعد خلصانه الچيش يعنى البعيد يفهم ان اللى بيبعته دلوجت مش على طوول .. لحد ما تشدوا حيلكم و توجفوا على رجليكم و بعدها كل واحد فيكم يشيل حاله ..

امتعض ماهر و لم يعقب بينما هتف مؤمن مؤكدا :- معلوم ياما .. هو دِه الكلام الموزون .. هو احنا هنفضلوا عالة على الراچل طول عمرنا .. كتر خيره انه هيساعد من الأساس ..
هتفت ايمان بدورها :- صدجت يا مؤمن .. دِه انى لو أطول اشتغل و مكلفش حد حج دراستى لأعملها ..
هتف ماهر محتجا :- مبجاش الا انتِ كمان اللى تعملى لنا فيها ام كرامة ..

صمتت ايمان على مضض الا ان مؤمن طيب خاطرها بربتة حنونة على كفها اسفل المائدة ..
انتفض ماهر تاركا الطعام في اتجاه باب الدار ليهتف مؤمن خلفه :- على فين يا ماهر .. مش هتجعد معاى شوية .. انى اجازتى يا دوب مش محصلة يومين..!؟

هتف ماهر و هو يهم بغلق الباب خلفه:- هنجعد .. ارچع بس من مشوارى و نسهر طول الليل سوا ..
أغلق الباب ليعم الصمت للحظات حتى قطعته امه سمية هاتفة في ضيق:- تسهر مع اخوك طول الليل .. كيف و انت طول الليل مع الغوازى و مبتاجيش الا وش الصبح .. !؟..

هتف مؤمن مؤنبا امه بنظراته حتى تنتبه لوجود ايمان و إمساك لسانها عن ذكر ما لايليق في حضرتها:- ياما .. مش وجته ..
تنهدت في حسرة و تناولت قطعة لحم لاكتها بغيظ حتى تخرس نفسها عمدا عن الشكوى من ماهر لأخيه بينما ربت مؤمن على كتف ايمان التي نكست رأسها في حزن على حال اخيها الأكبر و هتف في محبة :-ايه الچميل مبياكلش ليه ..!؟.. لااااه دِه انتِ ثانوية عامة و دى عايزة تركيز و مچهود .. كلى يا منمن ياللاه و الا و الله ما دايج الاكل اللى طلع عينكم ف عمايله دِه ..

ابتسمت في سعادة هاتفة :- حاضر هاكل .. بس خد كل دى من يدى..
تناول من كفها قطعة اللحم و هتف في مرح وهو يندفع للطعام بشهية:- واااه
دِه انى كنت چعان و انى مش واخد بالى ..

بدأ الجميع في تناول الطعام بروح يغلب عليها المرح و السعادة و خاصة مع تلك القصص و النوادر التي يقصها مؤمن عما يحدث بين اقرانه في معسكر التجنيد و كذلك رحيل ماهر الذى يعد وجوده مصدر شقاء و تعاسة ..

استيقطت كالعادة و اول ما طالعته هو جوالها الذى لا يفارق يدها ليل نهار و بدأت في تصوير نفسها بكل الأوضاع الممكنة لتضعها على مواقع التواصل الاجتماعي لصديقاتها .. و لكنها توقفت عندما أتتها رسالة ما مجهولة المصدر فتحتها في تعجب .. اعتقدت انها مرسلة بالخطأ كما هو وارد .. لكنها استمرت في القراءة لتنتفض شاهقة في فزع و هي تتطلع لتلك الرسالة من جديد و تحاول ان تع كل حرف من حروفها ..

فتحت ذاك الرابط المرسل مع الرسالة لتشهق بمزيد من الزعر و تبدأ في الصراخ و النحيب .. فعلى ذلك الرابط وجدت صورها كلها التي كانت تنشرها على بعض التطبيقات و التي تعتقد انها محمية و غير قابلة للنشر منشورة و بأوضاع مخلة جعلتها تكاد تفقد وعيها .. ان من يتطلع لتلك الصور يتأكد انها صور تم تركيبها بتقنية الفوتوشوب لكن كيف يمكنها إقناع من يراها بذلك .. ستُفتضح و تُدمر سمعتها .. و تذكرت كيف سيكون رد فعل باسل اخيها او حمزة خطيبها على تلك الصور التي لو تم نشرها فلن يكفيهما وأدها حية للتخلص من عارها ..

بدأت في النحيب من جديد غير قادرة على التفكير او اتخاذ قرار يمكنه ان ينفذها من ذاك الحقير الذى يبتزها..
و أخيرا دخلت عليها تسنيم الغرفة لتُصدم بأختها المنهارة بهذا الشكل
فتندفع اليها في لوعة هاتفة :- وااه.. ايه في يا تسبيح !؟.. ليه البكا ده كله!؟..ايه اللى حصل .. !؟..طمنينى.

دفعت تسبيح جوالها لكف تسنيم و لازال نحيبها تعلو وتيرته و تزداد ألما و قهرا لتشهق تسنيم بدورها و هي تضع كفها على فمها في صدمة ..
و أخيرا هتفت تسبيح من بين دموعها صارخة :- اعمل ايه دلوجتى .. أتصرف ازاى ..!؟.. البنى آدم ده اللى خد الصور بيبتزنى عشان عايز فلوس و الا هينشر الفيديو ده .. اعمل ايه!؟.. اعمل ايه يا تسنيم جوليلى ..

و بدأت في اللطم على وجهها في انهيار تام.. احتضنتها تسنيم و هي غير مدركة للحل الأمثل لتلك المصيبة التي ما كانت على البال او الخاطر و أخيرا هتفت :- احنا لازم نقول لحد يساعدنا يا تسبيح ..
صرخت تسبيح متشبثة بها :- لاااه .. أوعى تجولى لحد .. انتِ عارفة باسل ممكن يعمل ايه لو عرف حاچة زى دى .. و لا حمزة .. و لا أبوكى..

لااااه .. أوعى يا تسنيم عشان خاطرى متندمنيش انى جولت لك .. اوعدينى انك مش هتبلغى حد بالمصيبة دى .. اوعدينى ..
هزت تسنيم رأسها إيجابا :- أوعدك يا تسبيح بس اهدى .. و الله ما هقول لحد ابدا .. بس هنتصرف ازاى .. و الحقير ده اكيد طالب حاچة عشان مينشرش الفيديوهات دى ..
هزت تسبيح رأسها هاتفة :- ايوه .. طالب فلوس .. عشرين ألف چنية ..

هتفت تسنيم صارخة :- كام ..!؟ .. ده مبلغ كبير يا تسبيح .. ازاى هنتحصل عليه ..!؟..
هتفت تسبيح :- نبيع اى حاچة .. انا هبيع دهبى .. مش عارفة يكفى و لا لاااه .. بس ده اللى جدامى ..
أكدت تسنيم :- و انا كمان هبيع دهبى و نشوف يچيب المبلغ ده و لا ايه ..
انفجرت تسبيح مرة أخرى في البكاء لتعاود تسنيم احتضانها من جديد و محاولة تهدئتها هامسة لها :- اهدى يا تسبيح .. انا معاكِ .. هتعدى على خير ان شاء الله ..

انتفضت كلتاهما عندما وصل إشعار لرسالة أخرى لتفضها تسبيح بيد مرتجفة و تهتف في صوت مهزوز و مرتبك :- ده عايزنى اوديله الفلوس بعد يومين .. ف البيت المهچور اللى على مدخل البلد الساعة خامسة المغرب ..
هتفت تسنيم رافضة :- تروحى فين!؟.. لاااه مفيش مرواح .. أحنا عارفين ده مين و لا ممكن يعمل معاكِ ايه ..!؟...
هتفت تسبيح و قد بدأت في النشيج من جديد :- طب هعمل ايه طيب ..!!..

هدأتها تسنيم هاتفة :- اهدى دلوجت و كل عجدة و ليها حل .. المهم دلوجتى نبيع الدهب و يبجى معانا المبلغ و لما يجى وقت تسليمه يبقى يحلها المولى من عنده ..
هزت تسبيح رأسها و قد بدأت تهدأ قليلا لكن تسنيم لم يهدأ لها بال فقد استشعرت ان هذا الامر لن يمر على خير و ان هناك امر ما سئ يلوح في الأفق و تظلل سحبه سماءها بغمام قاتم يعميها عن رؤية طريقا اخر للنجاة

انطلقت الزغاريد صادحة بسعادة ما ان طوق خاتم خطبة حازم بنصر نهلة التى كانت تسبح فوق غيمة من السعادة غير مصدقة انها اصبحت رسميا خطيبة النقيب حازم الهوارى .. كان ذاك حلم صعب المنال رغم عشرتهما الطويلة و صداقة والدها رحمه الله بوالده الا ان ذاك الأمل كان دوما حلما لا امل فيه نظرا لطبيعة حازم الصارمة و التى لم تترك لها فرصة و لو بسيطة لتتقرب منه و لم تكن على علم برغبة ابيها فى وصيته و التى وافقت رغبتها و قربت ذاك الحلم الذى اعتقدته لفترة طويلة صعب المنال ..

ابتسمت فى سعادة و حمرة الخجل تعلو وجنتيها عندما وضعت بدورها خاتمها فى بنصره الأسمر و نظرت لتلك الكف الرجولية المفرودة امامها فى ثقة و شعرت بالأمان لانها ستضع كل حياتها بين احضان تلك الكف الأمينة ..
ابتسم حازم بدوره للجمع الحاضر للخطبة ابتسامة متحفظة مجاملة و هو يتم وضع الخاتم داخل بنصره بشكل مريح بعد ان تركته نهلة فى اضطراب و خجل متعلقا بمنتصف إصبعه و جذبت كفيها بعيدا فى حياء.

انتصف الليل و خلا منزل اللواء مختار من الضيوف ليبدأ حازم فى التنحنح فى إشارة خفية لأبيه و زوجته و اخته هدير تنم عن رغبته فى الرحيل ليهتف زكريا ناهضا متوجها لنهلة مقبلا جبينها فى محبة :- ألف مبروك يا عروستنا .. ربنا يتمم لكم على خير يارب ..
ابتسمت نهلة فى خجل متمتمة :- ميرسى قووى يا عمو ..

و بالمثل فعلت كل من هدير و زينة فى سعادة ليهتف حازم و هو يتأخر عن الجمع الذى كان فى طريقه للرحيل :- انا مقلتش صحيح .. نشرت التنقلات طلعت و اتنقلت الصعيد بالقرب من بلد بابا ..
نظرت كل من نهلة و أمها سهير لبعضهما البعض نظرات مضطربة و اخيرا هتفت سهير فى ثبات :- الف مبروك يا حازم ..

و ما ان رحل الجمع حتى نظرت نهلة لأمها فى حيرة هاتفة :- و بعدين .. احنا هانعمل ايه ف موضوع الصعيد ده ياماما .. انا مش ممكن ابعد عنك .. و لا يمكن اسيبك لوحدك ..
ربتت سهير على كتفها فى حنو :- متفكريش ف اى حاجة دلوقتى .. سيبى كل حاجة لوقتها و النهاردة متعمليش حاجة غير انك تفرحى و تتبسطى و تحلمى باللى نفسك فيه كله و بإذن الله ربنا يقدرنى و احققهولك .

دمعت عينى نهلة فى محبة و امتنان محتضنة أمها فى سعادة والتى تلقفتها بين ذراعيها فى حب جارف محاولة مداراة ما يعتمل بداخلها من ألم لقرب فراقها عن ابنتها لتظل وحيدة تجتر الذكريات دون ان تجد من يؤنس وحدتها بعد رحيل شريك العمر.. و قرب رحيل وحيدتها بعيدا عنها لتتبع زوجها فى رحلة كفاحه كما فعلت هى يوما ما .

خرج مندفعا من أسفل احدى السيارات التى يقوم بإصلاحها و قد شعر بالجوع ينخر معدته على الرغم من إفطاره الدسم صباحا فقرر ترك ما كان يقوم به و الصعود لشقة ابيه لعله يجد ما يسد به رمقه قبل موعد الغذاء المتأخر عادة ..
اندفع يصعد الدرج حتى وصل لشقة ابيها و طرق الباب عدة مرات حتى تنبهت امه من الداخل و هرولت لتفتح مما استرعى انتباهه لعدم وجود شيماء فهتف متعجبا :- هي البت شيماء فين تفتح الباب !؟.. ده انا بقالى زمن بخبط..

هتفت نعمة و هي تعود ادراجها للمطبخ تنقذ ما تركته على نار الموقد:- تلاقيها ع السطح بتلم الغسيل هتكون فين يعنى ..!؟..
اندفع ناصر خارج الشقة صاعدا للسطح و لم يجدها فأستشعر القلق و تنبه ان حازم لم يعد بعد من اجازته ..
جز على اسنانه غيظا و اقسم ان يمزقها أربا اذا كان ما يعتقده صحيحا.

اندفع فى سرعة لبيت ابيه يقفز الدرجات قفزا و دفع الباب الذى تركه مواربا و تطلع لمكان ما بالحائط حيث يحتفظ الجميع بسلاسل مفاتيحهم
و عرف انها اخدت مفتاح شقة حازم التى تركها فى حوذة امه حتى تشرف على تنظيفها كالمعتاد ..
عاد من جديد قافزا الدرج ليندفع لبيت الحاج وهيب متحفزا ..

صعد الدرج فى هوادة فهو لا يريد ان يثير فضول أولئك الطلبة الذين يحتلون الشقة المقابلة لشقة حازم و هم ايضا سببا من الأسباب التى تدفعه ليرفض مجيئها للبيت لتنظيفه .. وصل قبالة باب شقة حازم و هم بدق الجرس لكنه وجد الباب مواربا بشكل غريب لا يستطع اى من كان ادراكه الا من يدقق و ما اثار قلقه اكثر ان المفتاح لايزل بالخارج .. هل من المنطقى تركها المفتاح بالخارج هكذا ..!؟.. دب الذعر فى نفسه و دفع الباب رغم ذلك فى هدوء متطلعا لأنحاء الشقة ..

وقف بمنتصفها تقريبا و لا صوت يذكر .. تراها صعدت للسطح لجلب بعض الأشياء لذا تركت المفتاح بالباب لتعاود الدخول .. أراحه الخاطر و هم بالخروج ليصعد السطح لكن فجأة تناهى لمسامعه حركة سقوط شئ ما قادم من غرفة النوم المغلقة ..
تقدم ببطئ و فتح الباب لينتفض صارخا فى ثورة و هو يندفع لذاك القذر الذى لم يكن الا احد طلاب الشقة المقابلة و هو يهم بها مغيبة تماما عن الوعى و ملقاة على الفراش مهلهلة الملابس ..

جذب ناصر ذاك الحقير عنها فى قوة و ألقى به أرضا و دفع فوق جسدها الشبه عار غطاء الفراش و عاد مرة اخرى لذاك القذر الذى هم بالنهوض هاربا الا ان ناصر استطاع الوصول اليه قبل مغادرته باب الحجرة ليكيل له السباب و الضربات و اللكمات ثم يعود كالمجنون للفراش يمسك بكتفيها يهزها فى قوة كمن فقد عقله صارخا:- شيماء فوقى .. شيماء قومى قوليلى ايه اللى حصل .. شيماااء ..

لكن لا اجابة فيبدو ان هذا القذر قد استطاع تخديرها بشكل ابو بأخر و هى تهم بدخول الشقة و استطاع الانفراد بها ليفعل ما يحلو له ..
عاد ناصر مرة اخرى لذاك الحقير الذى كان مكوما على الارض لا يستطع حراكا يزحف ببطء حتى ينجو بنفسه من بطش ناصر الذى عاد من جديد يكيل له الركلات فى جنون و فجأة انحنى و امسك بتلابيه يهزه صارخا فيه :- انت عملت فيها ايه !؟. انطق ..لو ..

صرخ الطالب هاتفا فى ذعر :- و الله ما لمستها .. مجتش جنبها .. ملحقتش اقرب لها .. ملمستهاش..ملمستهاش..
هم ناصر بخنقه بيديه العاريتين الا ان عصا غليظة نزلت على رأسه جعلت كفيه يرتدان عن عنق ذاك القذر و يسقط متكوما ارضا ..
نهض الشاب منتفضا لا يصدق انه نجى ينظر لأخيه الأكبر الذى كان يسكن معه الشقة المقابلة و تلك العصا التي ضرب بها ناصر و أخيرا اندفعا خارج الشقة و منها لشقتهما متفقين ضمنيا على الهروب مبتعدين عن هنا قدر امكانهما ..

لم يعرف ناصر كم مر من الوقت حتى استيقظ يتطلع حوله فى تيه يضم رأسه بكفيه فى قلة حيلة محاولا ان يمنع ناظريه من السقوط على جسدها المستباح على الفراش هناك .. نهض في تثاقل مترنحا و هو يضع كفه على موضع الكدمة القوية التي خلفتها تلك الضربة المباغتة على رأسه .. اتجه للفراش وكاد ان يبكى و هو يعاود من جديد هزها لعلها تستفيق مناديا بإسمها فى تضرع لكى تستيقظ ممنيا نفسه انه جاء فى الوقت المناسب و ان ذلك النجس لم يطلها ..

ترك جسدها يفلت من يديه متمددا من جديد على الفراش ليندفع هو خارج الحجرة للمطبخ يحضر كوب من الماء و يقف بالقرب من وجهها ناثرا رزازه على وجهها .. تململت قليلا ليتنهد فى راحة ملتقطا زجاجة العطر التى رأها على طاولة الزينة و اخذ يرش منها زخات على كفه مقربا اياه من وجهها.
اخيرا فتحت ناظريها فى تثاقل تتطلع حولها لا تع ما يحدث لكنها دفعة واحدة تذكرت ما حدث لها على الدرج و هى تهم بفتح باب شقة حازم لينقض عليها احد طلاب الشقة المجاورة واضعا منديل على انفها لتفقد وعيها و تنسى ما حدث بعدها ..

حاولت النهوض لكن ادركت ما هى عليه و نظرات ناصر اليها جعلتها تصرخ و هى تستر جسدها بغطاء الفراش بكف و تكتم صرخاتها بالكف الاخر..
كان ناصر يقف على طرف الفراش يضرب وجهه بكفيه فى جنون .. و اخيرا تقدم لها صارخا فى وجهها متسائلا :- مسك ..لمسك .. انطقى .. ياما قلت لك متطلعيش هنا لوحدك .. ياما قلت لك البيت كله شباب و متجيش هنا لكن عمرك ما سمعتى كلام حد .. شوفى اللى حصلك .. كل ده عشان خاطر عيون الباشا .. هااا.. كل ده عشان يبص لك و يعبرك .. !!. مش هايحصل ..شوفى انت فين و هو فين .. !؟. فضحتينا حرام عليكِ ..ثم عاد من جديد يهزها بجنون صارخا :- انطقى .. قولى اى حاجة .. ريحينى و قوليلى ان النجس ده ملمسكيش .. قووولى ...

كانت تنظر اليه نظرات تائهة لا تعلم بما تجيبه فهى نفسها لا تدرك ذلك و هى التى رأها بنفسه فاقدة الوعى و منعدمة الإدراك لما حدث ..
انفجرت فى بكاء دامى و شهقات مقهورة و هو لا يكف عن ضرب الحائط بكفه حتى أدماها ..

لا يعلم كم مر عليهما من وقت و هما على هذه الحالة الهستيرية لكنه اخيرا هتف فيها :- قومى ظبطى نفسك و اغسلى وشك بسرعة .. و ارجعى البيت و متخليش امى تحس بحاجة .. انا هستناكِ تنزلى .. و انزل وراكِ بشوية بس بعد ما أصفى حسابى مع النجس اللى أتهجم عليكِ ده و هرجع الورشة و لا كأن حاجة حصلت .. انت عارفة لو اللى حصل ده أتعرف هاتبقى مصيبة لخالك ف الحتة كلها .. ابويا اللى طول عمره كبير الحتة و تاج راسها على اخر الزمن تجيبى له العار .. قوومى..

عادت لبيت خالها كما امرها ليعود هو يطرق باب الشقة المقابلة ليخرج له احد طلابها و ما ان سأل عن بغيته حتى اكد له صاحبه انه عاد من الخارج مجروحا فى عراك ما جمع على اثره هو أخيه كل ما يملكا فى الشقة و رحلا بغير رجعة ..
خرج ناصر من بيت الحاج وهيب ينتقض غيظا و قهرا حتى وصل الورشة فهتف به صبيه شكمان :- ايه ده يا أسطى ..!؟.. كفك مجروح و بينزف ..

امره ناصر بإحضار بعض القطن و مطهر من الصيدلية القريبة على اول الحارة و اخذ يفكر متسائلا :- لما كان يريد ذاك النجس و عاد يبحث عنه فى شقته ..!؟.. هل كان ينوى ان يقتله!؟..اقسم فى نفسه ان ما منعه شئ من قتله الا بعض من تعقل حتى لا يفتضح الامر و تصبح كارثة بحق .. و تساءل من جديد هل كان فى نيته تزويجه لها لمدارة الفضيحة ..!؟..

صرخ قلبه داخله ... لا .. كان اهون عليه قتله و لا ان يزوجه إياها و خاصة انه لا يعلم هل نال منها بحق ام انه جاء فى الوقت المناسب لينقذها من بين يديه كما ادعى ذاك الحقير ..!؟.. و اذا كان كاذبا و نال منها بغيته ماذا انت بفاعل ..!؟..شعر انه على حافة الجنون لا يقو على التفكير فى مصيرها المعلق بمصيره و الذى ازداد تعلقا به بعد تلك الحادثة ..
نظر لكفه الدامى و هو يطهره و يطيب جرحه الذى لا يستشعر حتى ألمه فوجع فؤاده اكبر و انين روحه يمزق أعماقه و هو غير قادر حتى على التوجع ..


look/images/icons/i1.gif رواية ميراث العشق والدموع موال التوهة والوجع رباب النوح والبوح زاد العمر وزواده
  09-01-2022 03:27 صباحاً   [47]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثالث (رباب النوح والبوح) بقلم رضوى جاويش الفصل السابع

اعتزلت بغرفتها مدعية المرض ذاك اليوم و كالعادة تركتها نعمة نائمة اشفاقا عليها .. هو وحده من كان يعلم سبب علتها و علته .. هو وحده يعلم ما تعان منه و الذى لا يقل عن معاناته ..
لكنها فى اليوم الثانى مرضت بالفعل .. ارتفعت حرارتها و بدأت فى الهزيان لتخرج نعمة صارخة فى قلق :- البت شوشو نار قايدة و مفيش حاجة نافعة معاها لازم لها دكتور يا خميس ..

انتفض ناصر من على مائدة الافطار هاتفا :- انا هجرى اجيب الدكتور اللى ف المستوصف اللى على اول الشارع...
تعجب خميس من افعال ولده الذى كان يتوقع منه سخرية ما على غرار .. "دلع بنات ..دلوقت تقوم زى الحصان" .. لكنه كان الأسبق ليخرج محضرا الطبيب .. غاب بعض الوقت و جاء به يلتقط انفاسه بتتابع واضح و كأنما احضره من اعالى الجبال .. دخل الطبيب يعاينها و معه نعمة ليخرج مؤكدا انها تعانى من أعراض صدمة عصبية شديدة ..

غادر الطبيب و الكل فى صدمة مما اخبرهم به هتف خميس متعجبا :- صدمة عصبية ايه اللى بيقول عليها الدكتور ده ..!؟.. ما البت كانت زى الفل و مفيهاش حاجة لحد امبارح و لا ايه يا نعمة!؟..

اكدت نعمة فى سرعة باكية في لوعة على حال ابنتها :- ايوه يا خويا .. كانت زى الفل لحد امبارح الضهر دخلت عليها عشان تقوم تساعدنى لقيتها بتقولى تعبانة و عايزة تستريح .. سبتها ترتاح و عديت عليها بالليل لقيتها نايمة برضة مرضتش اصحيها .. و اهو على يدكم دخلت اصحيها تفطر معانا لقيتها ع الحال ده ..

هتف خميس فى قلق :- طب امال ايه اللى حصل!؟.. الصدمة العصبية دى بتبقى سمعت خبر وحش او حصل معاها موقف صعب .. لكن دى لا شافت حد و لا خرجت م البيت امبارح زى ما بتقولى يا نعمة ..
اكدت نعمة بايماءة من رأسها هاتفة :- هى عين و الله .. انا لازم ارقيها و ابخرها .. اللى فيها ده حسد..

اندفع خميس متعجبا للخارج هاتفا :- ابقى طمنينى عليها و لو عوزتوا حاجة قولوا .. و خرج من الشقة هامسا .. لا حول و لا قوة الا بالله ..
اندفعت نعمة بدورها للمطبخ تحضر طعام الغداء و تجهز لشيماء بعض من حساء لتتناوله عندما تستيقظ .. الوحيد الذى ظل واقفا مكانه لم يتفوه بكلمة و لا حرك ساكنا كان ناصر الذى كان يقف فى وسط ردهة المنزل يشعر بالعجز لما اصابها و لا يستطع التفوه بكلمة او حتى الانتقام لها كما يجب..

كان باب الحجرة مواربا فقد تركته امه نعمة كذلك لعل شيماء تستيقظ و تنادى فتسمعها.. احضر مقعدا و وضعه بالقرب من بابها يتسمع همهماتها و تلتقط أذناه هزيانها المتقطع .. هو وحده يميز ما تهزى به .. هو وحده يعرف انها تستنجد به .. كان يسمع حروف اسمه المنطوقة من شفتيها المرتجفتان فيجن جنونه لمرأها على هذا الحال .. لم يستطع البقاء بالقرب من بابها يتعذب بمناجاتها اللاواعية و لا حيلة له ليجيبها ..

همّ بالاندفاع خارجا هربا من عجزه الا انه عاد كالممسوس ملبيا لندائها الصارخ بإسمه ..
اندفع دون وعى دافعا باب حجرتها ليكون بلحظة امام فراشها يتطلع اليها فى إشفاق على حالها الذابل هامسا :- انا هنا يا شيماء مش هسيبك ..
دخلت نعمة خلفه عندما تناهى لمسامعها صراخها لتجد ناصر يقف بالقرب من فراشها فتعجبت متسائلة :- انت لسه هنا يا ناصر .. ده انا كنت فكراك نزلت الورشة ورا ابوك ..!؟.

تلجلج ناصر على غير العادة و تلفت فى اضطراب هاتفا :- انا كنت نازل اهو بس سمعت شيماء بتصرخ .. فجريت عليها و .. انا نازل اهو ..انا نازل ..
و ما ان هم بالخروج من الغرفة حتى صرخت شيماء من جديد بإسمه جعلته يتسمر موضعه ..قلبه يكاد يغادر صدره ساعيا اليها ملبيا ندائها الملهوف ذاك ..

لحظات مرت قبل ان يستجمع شتات ثباته المفقود على عتبات ندائها و هتف فى صوت حاول ان يغلف نبراته بحزمه المعتاد :- انا هقعد بره مش نازل الورشة النهاردة يمكن تحتاجوا حاجة أكون موجود ..
و اندفع للخارج يحاول ان يتهرب من نظرات امه المتعجبة و ايضا ينأى بنفسه عن نداءات تلك العليلة هناك و التى لم تكن يوما الا نوحه المكبوت..

وقف يستند على تلك الشجرة العتيقة التى لطالما جمعتهم تحت ظل أغصانها الوارفة .. انحنى يتحسس موضع احد جذورها النافرة من الارض تعلن تمردها عن الانصياع لقانون الطبيعة و الغوص فى أعماقها بل خرجت على غير عادتها لتظهر على سطحها لتكون مجلسها المفضل منذ ايام الطفولة المبكرة..

كانت لمساته الحانية تلك كفيلة بان تعرض له صورتها ماثلة أمامه و هى لاتزل طفلة بضفائرها السمراء التى تكاد تماثلها طولا و التى كانت تثير دوما اعجابه .. لا يعرف ما صنعت بتلك الضفائر فمنذ سنوات طويلة و قد فضلت وضع الحجاب .. لكنها كانت دوما ما يميزها عندما ينظر لها من بعيد .. كان يستطيع تمييز تسنيم عن باقى الفتيات بتلك الجدائل الطويلة السمراء التى تمرح و تتقافز خلفها ..

سم فى حنين لتلك الايام التى كان يغار عليها لمجرد ان احد الصبية ناداها باسمها او حاول فقط التحدث اليها ..كان ذلك كفيل بان يعلن الحرب على ذاك الفتى ولا يهنأ له بال حتى يلقنه درسا مبرحا لا ينساه ابدا لأى سبب كان ..حتى لو استدعى الامر ان يتحجج حتى يمسك بتلابيب الصبى و يأخد بثأره الخفى منه ..

رفع يده لاشعوريا ليضع كفه على مكان جرح قديم فى أقصى يمين جبهته مخفيا قليلا تحت خصلات شعره ..
كان ذاك الجرح هوالثأر المقابل لما فعله بالفتى ..فقد نادى الفتى اخيه الأكبر ليأتى و يأخذ حقه منه .. و عندما لم يستطع التغلب عليه فى النزال .. ألتقط احدى الأحجار و ألقاها فى تهور و فر هاربا بأخيه ..

وكانت النتيجة ذاك الجرح الذى صاحبه منذ الطفولة و لازال اثره باقيا يتحسسه بإصبعه الان .. لكن ليس هذا هو الأثر الوحيد الباقى من ذكرياته معها .. بل انها تركت مثل ذاك الأثر لكن فى اعماق قلبه ..
تذكر عندما كان يمر بها كل يوم ليتقفدها من البعد تجلس على ذاك الجذع و حولها البنات يلعبن بالدمى .. و فجأة استطاع تمييز مجموعة من الصبيان تأتى لتثير الشغب كعادتهم .. اقترب عندما وجدهم يحيطون بها كحلقة و يعلو صوتهم تهكما على اسمها ..

وقفت هى فى صمت تبكى .. و الاولاد يزيدون فى سخرياتهم وهم يقلبون اسمها من تسنيم .. لتسميم .. ساعتها لم يصارعهم كعادته بل اقترب و امسك بكفها الرقيق و قال لها فى حزم لا يتفق مع سنوات عمره التى لم تتجاوز العاشرة بعد:- بكفياكِ بكى .. و لا يهمك من كلامهم .. ووقف فى صمت مماثل لصمتها .. كان صمته و مؤازرته لها كفيلة بجعل الاولاد يكفون عن سخرياتهم و يبتعدوا راحلين بعد ان أفقدهم تدخله نشوة الاستأساد عليها ..

رحل الاطفال تباعا .. فجذبها برفق حتى اجلسها على ذاك الجذر المحبب لها .. مسحت دموعها بطرف رداءها و هى تهمس بشهقات متقطعة :- انا بكره اسمى .. هو چدى ملچاش اسم تانى يسمينى بيه ..
لم يرد .. لكنه جذبها لتنهض و اندفع بها باتجاه دار ابيها التى تبعد خطوات .. دخلا لغرفة جدهم قدرى الذى كان يرفع المصلى عن الارض بعد ان انهى صلاة الظهر ..وهلّل مرحبا عندما وجد حفيدته الغالية و بن خالها على عتبة الباب ..

اشار اليهما بالدخول و الجلوس بجواره و استبق مهران السؤال
هاتفاً :- يعنى ايه تسنيم يا چدى .. ليه اخترت لتسنيم الاسم دِه ..!!؟؟...العيال بيضايجوها ..
انفجر الحاج قدرى ضاحكاً :- عشان عيال مش فاهمة حاچة.. دِه اسم چميل و من القرآن الكريم .. تسنيم .. دى عين من عيون الچنة .. بيشرب منها المقربين من عباد ربنا ..شفتوا الاسم حلو كيف ..!!

هتف مهران :- حلو جووى يا چدى .. طب دِه يا ريتنى انى اللى اسمى تسنيم
لتنفجر كل من تسنيم و جدها ضاحكين .. و تتبدد تلك الادمع فى عيونها ضحكاتها اسعدته بلا سبب واضح ..
و تذكر و الابتسامة تعلو شفتيه و تتسع لطرافة الذكرى كيف بعد ان هم بالرحيل همست له و هى تصحبه للباب :- انا عچبنى اسمى.. بس برضك نفسى أغيره .. تفتكر اسمى نفسى ايه يا مهران..!؟.. و أخذت تفكر بعمق و هى ترفع نظراتها لأعلى فى شرود .. ليهتف هو فى سعادة :- نوارة ..

قفزت فى سعادة تصفق فى جزل و قد أعجبها الاسم كثيرا لتهتف فى
تقدير :- حلو جووى يا مهران .. خلاص .. انا بجيت نوارة .. بس خليه سر بينى و بينك ..
انفجر مهران ضاحكاً للذكرى فما من احد يعلم سرها الصغير هذا الا هو.. لا احد يعرف نوارة الا هو .. لا احد يعرف و حتى هى .. انه لايزل يذكر سرهما الصغير و يحتفظ به أمناً كما يحتفظ بحبها كامن فى حنايا روحه يكاد يذيب أضلعه شوقاً لصاحبة الجدائل السمراء ..

انتفض يحتمى خلف شجرة الذكريات عندما وجدها على البعد تخرج من باب دار ابيها تلفها هالة من الطهر و البراءة التى تأثر روحه .. تسير بإتجاه الطريق الرئيسى لكنه تساءل في تعجب :- ما الذى يدفع بها للخروج من دارها في تلك الساعة من اخر النهار و هذا ليس من عادتها ..!؟.. كما انها لم تستقل سيارتهم كالمعتاد و ها هو يراها تركب احدى سيارات الأجرة .. شعر ببعض القلق يعتريه و دافع قوى يعربد بصدره يهتف به ان يلحق بها و استجاب له من فوره و اندفع لسيارته التي كانت على الجانب الاخر من الطريق .. استقلها متتبعا تسنيم حتى تهدأ نفسه..

طرقات مهذبة على باب الشقة جعلتها تنهض فى تكاسل لتفتح الباب الا ان نعمة كانت الأقرب لتتمهلها هاتفة :- خليكى يا شوشو انا هفتح ..
بالفعل وصلت للباب و فتحته هاتفة فى سعادة :-اهلًا بابن الغالية ..

انتفضت شيماء مكانها عندما علمت بهوية القادم من قبل ان يطالعها وجهه فذاك اللقب تستخدمه أمها دائما للترحيب بشخص واحد فقط .. حازم
..والذى دخل فى تؤدة منكس الرأس فى أدب ملقيا التحية على شيماء و من بعدها المعلم خميس الذى ظهر الان على اعتاب الردهة قادما من غرفته
و الذى هتف بمحبة :- ازيك يا حازم يا بنى .. اخبار الإجازة ايه ..!؟.. و اخبار إسكندرية و ناسها على حسك .. يا رب يكون زكريا بخير ..

اومأ حازم برأسه ايجابا و هو يشير لذاك الخاتم الفضى بأصبعه الأوسط هاتفا بابتسامة دبلوماسية:- الحمد لله يا معلم كله تمام و بابا بيسلم عليك .. ده حتى انا عندى خبر حلو ليكم .. انا خطبت ..
انتفضت شيماء من جديد و لم تع الا نعمة بتلك الانتفاضة السريعة التى اعترت ابنة قلبها مع ذاك الخبر حتى انها صمتت لحظات قبل ان تستوعب الخبر و تستفيق من شرودها فى رد فعل ابنتها هاتفة بسعادة مضطربة :- الف مليون مبرووك ..

ثم اعقبت ذلك بإطلاق الزغاريد لتأكيد الفرحة بينما ابتسم خميس هاتفا فى سعادة :- زكريا اتصل بيا و بلغنى خبر الخطوبة و قالى انها كانت ها تبقى ع الضيق فمقدرناش نيجى و باذن الله ع الفرح كده نتجمع و ننزل إسكندرية مخصوص يا حازم يا بنى .. الف مبروك و ربنا يتمم لك بخير .
هتف حازم - متشكر يا عمى عقبال ناصر و نادر .. و ابتسم مستطردا :- و طبعا قبلهم الانسة شيماء..

هزت شيماء رأسها بألية شاكرة و حاولت ان ترسم ابتسامة باهتة على شفتيها لكنها لم تستطع و فضلت الصمت..
بينما ربتت نعمة على كتفه بحنو
هاتفة :- ربنا يكمل لك على خير يا رب و تكون جوازة العمر يا بنى ..
ابتسم حازم مجيبا فى امتنان :- تسلمى يا خالتى ربنا يخليكى .. ثم توجه بأنظاره للمعلم خميس هاتفا :- انا كمان جاى أبلغكم بخبر تانى مش عارف بابا قالهولك يا معلم و لا لأ ..

انتبه خميس مؤكدا و هو يجلس بجوار ابنه اخته الصامتة و الشاردة :- لا .. زكريا مبلغنيش غير خبر الخطوبة .. هو فى حاجة تانى ..!؟..
اومأ حازم مؤكدا :- ايوه يا معلم .. انا اتنقلت الصعيد ف النشرة و هنفذ النقل كمان كام يوم ..
هتف خميس ممتعضا :- الصعيد ..!؟. ده انت بعدت قووى كده عن ابوك و خطبتك .. و كمان اسمع ان الخدمة هناك صعبة ..

اكد حازم :- فعلا .. زمايلى اللى سبقونى كلهم قالوا كده بس هعمل
ايه ..!؟.. الحمد لله .. يمكن الحاجة اللى بسطتنى اكتر انى هبقى قريب قووى من نجع الصالح بلد بابا و هتعرف على اهلى هناك ..
هتف خميس :- انت قدها و قدود يا حضرة الظابط و موضوع معرفة اهلك ده ميزة كبيرة و هيساعدك كتير ف شغلك .. ربنا يوفقك دايما يا بنى ..
دعت نعمة هاتفة :- يااارب ..

ليبتسم حازم و يستأذن منصرفا .. و ينهض المعلم خميس من مقعده جوار شيماء هاتفا بها :- اعمليلى كباية شاى يا شوشو عقبال ما اخرج من الحمام..
هتفت نعمة مجيبة بدلا منها محاولة ان تلهيه عن حال ابنة اخته :- حاضر يا معلم هنعمل لك احلى كباية شاى .. احلى من شاى القهوة بتاعتكم كمان.
قهقه خميس مؤكدا :- اكيد احلى من شاى القهوة .. هو شاى الواد فتلة معمول بأيدك الحلوة دى !!

قهقهت نعمة و لم تجيب حتى اختفى داخل الردهة لتنظر لشيماء التى لازالت على حالها تجلس فى هدوء عجيب و شرود غير طبيعى لتتوجه اليها فى حسرة تضم رأسها الى صدرها هاتفة فى نبرة حانية و هى تربت على ظهرها :- ملكيش نصيب فيه يا نن عينى .. مهواش بتاعك و لا ربنا كاتبهولك .. ربنا يرزقك باللى احسن منه و اللى يحبك و يراضيكى يا رب ..

انفجرت شيماء باكية فى لوعة كأنما ذاك الثبات الرهيب الذى ادعته لفترة قد انهار فجأة دون مقدمات معلنا عن وجع بحجم الكون يسكن داخلها.. كانت نعمة تعتقد ان كل هذا بسبب خطبة حازم لكن هى وحدها تعلم انه ليس السبب لما هى فيه فهى تعلم الان علم اليقين انها لا و لن تصلح لأى رجل اى كان .. سواء كان حازم او غيره..

فبعد ما حدث معها فى شقة حازم و تلك الحال التى وجدها ناصرعليها هناك على فراشه ما عادت صالحه له او لغيره ..
كان ناصر يقف خلف الباب الموارب فى تلك اللحظة و قد سمع دعوات امه لها .. لقد علم نبأ خطبة حازم منه عندما قابله منذ لحظات هابطا من شقتهم فهنأه مباركا ..

و الان يصعد ليجدها على تلك الحالة من الانهيار نتيجة لوقع الخبر عليها .. غلى الدم فى عروقه و كاد يدفع الباب ليلقنها درسا لا تنساه و يجعلها تدرك انها له وحده الا ان صوت ابيه تناهى لمسامعه ساعلا و مطالبا بكوب الشاى الذى لم يتم اعداده بعد ..
دفع الباب و دخل فى روية ينظر اليها و هى تكفكف دمعها و شهقات بكائها ترجف جسدها و هى تحاول جاهدة كتمانها ..

رفعت عيونها الدامعة اليه تنظرإليه بتلك النظرات المغلوبة على امرها لينسى كل ما كان يفكر فيه من لحظات من رغبة فى تلقينها درس قاس لتدرك مشاعره تجاهها و يتذكر شئ واحد أمام تلك النظرات الموجوعة .. انه هنا و هى حزينة بهذا الشكل و لا يقوى على مواساتها او حتى يمكنه النطق بتلك الكلمات التى فيها بعض المواساة .. فهو لا يعرف كيف ينطقها .. لم يعتد على ذلك .. و لا يعرف كيف يمكنه ذلك فلسانه امامها هى بالذات لا ينطق بما يليق فجلس قبالتها فى صمت عاجز كاد يقتله قهرا الا ان اندفاع ابيه من غرفته لينزل للقهوة جعله ينهض منتفضا فى اضطراب ..

لم ينتبه أبوه لأضطرابه و هو يتعجل كوب الشاى لتندفع به نعمة من المطبخ واضعة اياه على الطاولة ليجلس خميس يتناوله مرتشفا منها رشفة مستمتعا و مشيرا لولده ناصر ليجلس هاتفا فى تعجب :- اقعد يا بنى واقف كده ليه !؟..

جلس ناصر صامتا و كذلك أتت نعمة لتجلس بجوار زوجها بناءً على طلبه .. نظر الى الجميع حتى شيماء التى لم يع حزنها نظرا لانها كانت تجلس منكسة رأسها فى صمت و رشف من شايه هاتفا فى سعادة :- الظاهر النهاردة مش هاتبقى خطوبة حازم بس اللى هنسمع عنها .. واضح كده ان فى خطوبة تانى عن قريب ..

زم ناصر ما بين حاجبيه فى قلق و مازال صمت شيماء مستمرا بينما هتفت نعمة فى فضول :- خطوبة مين يا معلم ..!؟..
هتف خميس فى سعادة :- خطوبة شيماء ..هيكون مين يعنى ..!؟..
تصلب جسد ناصر و سيطر على غضبه بأعجوبة بينما انتفضت شيماء من جديد و رفعت رأسها لخالها فى اضطراب و هتفت نعمة فى سعادة
متسائلة :- مين العريس يا معلم ..!؟.. مين اللى طلبها ..!؟..

هتف المعلم خميس :- ده عامر بن الحاج سالم صاحب ورشة الخشب اللى ف اول الشارع العمومى..
صرخ ناصر و الغيرة تتأكله :- و ده شافها فين ان شاء الله .. !؟..
اكد خميس :- بيقول شافها مع نعمة مرة و هى ف فرح حد من قرايبه .. و قعد يسأل عليها لحد ما عرف انها بنت اختى و جه كلمنى عنها امبارح ..

صمت ناصر على مضض و هو يكاد يموت قهرا بينما هتفت نعمة فى سعادة ام جاء ابنتها الخطاب يطلبون ودها :- طبعا امال ايه ..!؟.. لازم طبعا يبقى هيتجنن عليها اول ما شافها .. هو فى حد ف جمال و ادب شوشو
امسكت شيماء شهقات بكائها بجهد خرافى حتى لا تنفجر باكية من جديد و همست فى نفسها :- اه لو يعلم ذاك العريس المنتظر ان تلك العروس التى يتمنى لا تصلح لتكون زوجة صالحة تحمل اسمه و تكون اما لأولاده ..

اخرجها خميس من شرودها مؤكدا :- بس هو مستعجل .. عايز يجى يقعد معاكِ و نقرا الفاتحة و يبقى كتب كتاب و دخلة على طوول لانه مسافر الخليج و عايزك معاه ..
هتفت نعمة ضاربة على صدرها بباطن كفها فى لوعة :- ياخدها بعيد عنى ..!؟..
هتف خميس محتجا :- خبر ايه يا نعمة .. اه ياخدها .. جوزها و تبقى معاه مطرح ما هو موجود ..
و نظر خميس لشيماء متسائلا :- هاا .. ايه رأيك يا شوشو .. !؟..

لم تنبس شيماء بحرف واحد بل تطلعت بطرف عينيها لناصر بن خالها مستنجدة و الذى ادرك نظرات استجدائها بكل حواسه لينهض دون تفكير ملبيا صارخا بكل ما يعتمل فى داخله من قهر و غيرة و محبة :- محدش هيتجوز شيماء ..
هتف خميس متعجبا :- ليه يا بنى !؟.. ده عريس لقطة و شاريها .. ليه هتوقف حالها .. !؟..
صرخ ناصر من جديد فى ثورة :- لأن انا حالها يا معلم .. روح قوله شيماء مخطوبة لابن خالها ناصر و كتب الكتاب هايبقى ف نفس الميعاد اللى حدده معاك .. كمان خمستاشر يوم ..

فغر الجميع فاهه ..خميس و نعمة و كذلك شيماء التى نظرت اليه فى اضطراب تام و اخيرا نهضت فى سرعة مندفعة لحجرتها تاركة الجميع خلفها يتسأل عن رأيها .. و من سيكون المختار ليكون عريسها المنتظر.. !؟..

وصل حازم لسراىّ الهوارى ووقف يتطلع لها من خارج بوابتها الحديدية العتيقة و اخيرا اطلق ألة تنبيه سيارته الميرى ليتنبه الخفير سعيد فيتوجه صوبه فى تساؤل :- خير يا بيه ..!؟.. تحت امرك ..
هتف حازم فى نزق معتاد :- افتح البوابة يا عم سعيد .. مش سعيد برضه .. !؟..

أكد سعيد بإيماءة من رأسه هاتفا :- إيوه يا بيه .. انى سعيد غفير السرايا .
هتف حازم :- طب افتح البوابة يا عم سعيد .. انا النقيب حازم زكريا الهوارى ..
انتفض سعيد فى فرحة :- واااه .. حازم بيه بن سى زكريا .. يا مرحب .. يا مرحب ..

و اندفع يدفع البوابة الحديدية على مصرعيها حتى يدخل حازم لداخل السرايّ و يقف امام بابها الداخلى المفتوح كعادته ليترجل خارج السيارة و يقف يتطلع من جديد الى ذاك البناء العريق ..

سار بإتجاه الباب و لازالت هامته بالأعلى نظراته شاخصة لأطراف السراىّ التى بهرته ما ان وقعت عليها عيناه .. شعر بأنفاس والده التى يعبق بها المكان منذ وطأت قدماه السراىّ فى سن الثانية عشرة و شعر بخطواته التى استشعر دبيبها فى كل الأنحاء و..

واصطدام غير متوقع دفعه للخلف خطوات و جعل نظارته الشمسية تندفع ساقطة أرضا .. هم بالسباب و لكن صوت تأوه انثوى أوقفه ليلتفت منتبها لتلك التى تتماسك بالكاد حتى لا تسقط أرضا ..
اعتدلت فى تروى و نظرت اليه فى اعتذار فى نفس اللحظة التى تطلع اليها فى غضب ..

تعلقت نظراته بعيونها التى تنضح شقاوة و تحدى و على الرغم من الموقف السخيف الذى وجدا نفسيهما فيه الا ان عينيها لم تفقدا ذاك البريق المشاكس و كانت اول من قطع الصمت بينهما هاتفة فى لهجة معتذرة :- انا آسفة جووى يا استاذ.. انا..
قاطعها و قد اعتدل هاتفا فى نفاذ صبر تلقائي:- أسفة ايه ..!؟.. فى حاجة اسمها تبصى قدامك مش تدهسى الناس ف طريقك ..

انحنى يلتقط نظارته الشمسية معتدلا يضعها على عينيه و يتطلع اليها من جديد من خلف عدساتها و هى ترحل غير أبهة بغضبه او سخطه او حتى سخريته من اعتذارها الواهن ..

شهقة مكتومة لم تغادر صدره وكادت ان تنطلق من بين شفتيه و هو يتطلع لخطواتها و التى لاحظ فيها بعض العرج الخفيف و الذى ظهر رغما عنها و هى تهبط الدرج مستديرة حول سيارته التى كانت تسد المدخل كليا ..

شعر فجأة برغبة قوية و غير معتادة تدفعه ليندفع خلفها معتذرا عما بدر منه .. و تذكر الموقف برمته ليتأكد له انه يحمل الجزء الأكبر من الخطأ فيما حدث .. وأد تلك الرغبة المتنامية بصعوبة بالغة و لم يستطع ان يحيد بنظراته عنها حتى خرجت من البوابة الحديدية يودعها الخفير سعيد و هى تركب سيارة ما كانت تنتظرها بالخارج ..

تنهد فى ضيق و وقف على باب السراىّ الداخلى هاتفا :- السلام عليكم.
اندفعت ام سعيد لترى القادم :- وعليكم السلام يا سعادة البيه .. خير ..!؟..
اكد حازم :- عاصم بيه موجود ..!؟
اومأت ام سعيد بالإيجاب ليعالجها امرا :- طب يا ريت تبلغيه ان النقيب حازم زكريا الهوارى هنا و عايز يقابله ..

اندفعت ام سعيد تجاهه فى فرحة هاتفة :- الله اكبر .. انت حازم بن سى زكريا .. يا ماشالله .. ياماشالله ..
و اجفلته و هى تطلق زغاريد دوت صادحة فى ارجاء السراىّ جعلت عاصم يظهر من الاعلى متسائلا فى تعجب و هو يهبط الدرج متمهلا :- خبر ايه يا ام سعيد .. هى نتيچة بت ولدك ظهرت ولا ايه ..!؟..

تطلع لذاك الشاب الذى يقف عند الباب الداخلى لتهتف ام سعيد موضحة سبب فرحتها :- دِه حازم يا عاصم بيه .. بن سى زكريا ..
هتف عاصم و هو يندفع فى محبة جاذبا حازم الى احضانه :- واااه .. يا واد الغالى ..
و ربت على ظهر حازم فى قوة تنبئ عن معزة لا يمكن إغفالها ابدا جعلته رغم صلابته المعتادة يتأثر بها بشكل لم يعتده فى نفسه .. و شعر برابط عجيب يربطه بتلك السراىّ و هؤلاء الأشخاص الذين كانوا حديث ابيه دوما و الذين سيقابلهم واحدا تلو الاخر ..

جذبه عاصم من كفه لداخل السراىّ هاتفا فى فخر:- ابوك كلمنى يا حضرة الظابط و جالى انت اللى طلبت نجلك لهنا .. صح الكلام دِه و لا ابوك اللى لعب ف دماغك !؟..
ابتسم حازم ابتسامة واثقة هاتفا :- لا يا عمى انا فعلا اللى طلبت نقلى لهنا .. من كتر كلام بابا عن النجع و ناسه بعد اخر زيارة قلت لازم اجى اشوف بنفسى..

هتف عاصم مشاكسا :- و لجيت ايه يا بطل !؟..
ابتسم حازم :- لقيت كل خير و الله يا عمى .. كفاية مقابلتى لحضرتك .. و الزغاريد اللى استقبلتنى بيها ام سعيد .
قهقه عاصم و هو يربت على اعلى فخد حازم فى قوة و استحسان لرده مؤكدا له انه اليوم معهم و لن يتركوه قبل ان ينال حصته من طعام الصعيد الذى لا يجب ان يفوته تذوقه من يد ام سعيد ..

لا تعرف اذا كان ما تفعله هو الصواب ام لا لكن كل ما تدركه انها ما كانت لتترك تسبيح تأتى بمفردها لهذا المكان من اجل تسليم المال لذاك الحقير لذا شاغلتها و هربت منها مندفعة وحدها تقوم بما يلزم .. انها دوما ما تستشعر مسؤوليتها تجاه تسبيح برغم فارق السن البسيط بينهما الا انها تعتبرها ابنتها و تحس دوما انها في حمايتها و خاصة بعد حادثة قدمها التي جعلتهما تتقاربان اكثر من كونهما اختان بل اصبحتا كأنهما كيان واحد لا يمكن فصله..

انها لا تتخيل مجرد تخيل ان مكروه ما قد يمس تسبيح مرة أخرى فيكفيها ما عانته و لازالت تعانيه جراء حادثة الفرس قديما و التي أودت الى عاهتها التي اثرت على نفسيتها لفترات طويلة و مازالت تؤثر لولا لجوء تسبيح للفكاهة و المرح حتى تغطى على ذاك الجرح الذى لازال ينزف داخلها ..
تنهدت في قلق و هي تتطلع للطريق و تتحسس تحت خمارها ذاك النصل الذى أعدته مختبئا أسفله تحسبًا لأى غدر او خسة متوقعة من ذاك القذر الذى ينتظر اختها ..

ها قد وصلت و ترجلت من السيارة الأجرة التي استقلتها فهى بالتأكيد ما كانت لتأتى الى هنا بسيارة ابيها و بصحبة بكرى سائقها الذى لن تفوته شاردة او واردة مما يحدث ..
وصلت الى تلك الدار المهجورة منذ زمن بعيد على اول طريق النجع و بدأت في تلاوة ما تحفظ من آيات القران الكريم لعله يهدئ من اضطراب تنفسها و ارتجافة قدميها.. سمت باسم الله و دخلت الدار بعد ان شرعت بابها قليلا ..

و انتفضت عندما جاءها صوت أجش من مسافة ليست بالبعيدة امرا إياها بالاقتراب و الدخول ..
توقف مهران عندما توقفت السيارة الأجرة التي استقلتها تسنيم و فاق عجبه الحد عندما وجدها تغادرها و تتجه الى حيث ذاك البيت المهجور الذى لا يقربه احد مهما كانت شجاعته .. فمنذ كانوا أطفالا و هم يسمعون الكثير من القصص و الحكايا عن ذاك البيت المبنى على أطراف النجع و الذى لم يُسكن منذ زمن بعيد و لم يعد مأهولا الا بالجن و العفاريت ..

ترجل مهران بدوره و اندفع خلفها ما ان رأها تخط أولى خطواتها داخل تلك الدار المرعبة شكلا و فعلا ..
ماذا هي فاعلة في مثل هذا المكان و في مثل تلك الساعة ..!؟.. لم يعهد تسنيم بذاك الطيش و لا تلك الجرأة ابدا .. لكنه لا يعلم انها على استعداد لفعل اكثر من هذا من اجل تسبيح و في سبيل راحتها و سعادتها ..

تقدم مهران بوجل من احد النوافذ يتطلع منها للداخل رغم ذاك الظلام الذى عم المكان و لكنه لم يستطع ان يرى اى من معالم الدار الداخلية فتسلل بهدوء حتى استطاع دخول الدار من بابها الخلفى ووصل الى حيث تقف تسنيم في مقابلة ذاك الظل الأسمر الذى يرتدى السواد متشحا به من رأسه حتى اخمص قدميه هاتفا بها في سخرية :- اهلًا بست البنات .. جبتى المعلوم يا حلوة ..

هتفت تسنيم بصوت مرتجف رغم محاولتها تغليقه ببعض ثبات لكنها لم تستطع :- ايوه ..
و فتحت حقيبتها منتزعة من داخلها ظرفا فيه المبلغ المطلوب لكنها لم تقربه اليه الا بعد ان سألت بدورها
هاتفة :- و انت جبت اللى اتفجنا عليه..!؟..

هتف بها :- طبعا جبته ..برغم ان صورك فيه زى القمر و خسارة و الله تروح هدر .. بس ميغلاش على عيونك يا جميل ..
امتعضت في ضيق لأسلوبه الفج لكنها حمدت الله انه للشبه بينها و بين تسبيح رغم امتلاء جسدها قليلا ظن انها اختها و لن يعاند فى تسليمها الفيلم القذر المصورهاتفة:- طب و أتأكد منين ان ده السى دى الاصلى و انك مش عامل نسخ تانى ..

قهقه بصوته الاجش اجفلها هاتفا :-مفيش ضمان معايا .. عاجبك هاتى المعلوم و خدى صورك مش عاجبك انت عارفة ايه البديل ..
لم تستطع ان تتفوه بحرف واحد لذا أومأت برأسها إيجابا و هي تمد كفها له بظروف النقود و لكنه بغتة تقدم منها عدة خطوات دفعة واحدة ليجذبها نحوه هاتفا في سعار حقيقى :- ايه يا حلوة لهو انتِ فاكرة ان دخول الحمام زى خروجه .. اخد حقى فيكى الأول و بعدين اخد الفلوس .. كده العدل يا امورة ..

حاولت ان تتلمص تسنيم من بين ذراعيه لتصل ذراعها للنصل المخبئ لكنه احكم وثاقه حولها ..
ما كان من مهران الذى وصل في تلك اللحظة الا التدخل ليخرج سلاحه صارخا في غضب هادر موجها سلاحه نحوه:- بعد يدك عنها يا نچس.
انتفض ذاك الحقير مبتعدا عن تسنيم في اضطراب و قد تفاجئ بوجود مهران ..

هم مهران بإطلاق النار فأندفعت تسنيم تجاهه صارخة :- لااا .. بلاش دم يا مهران ..
الا انه سبق السيف العزل و انطلقت احدى الرصاصات من سلاح مهران في اتجاه الرجل مصوبة بحرفية الى قلبه الأسود ليسقط الرجل مضرجا بدمائه مصحوبا بصرخات تسنيم و ذعرها ..


look/images/icons/i1.gif رواية ميراث العشق والدموع موال التوهة والوجع رباب النوح والبوح زاد العمر وزواده
  09-01-2022 03:28 صباحاً   [48]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثالث (رباب النوح والبوح) بقلم رضوى جاويش الفصل الثامن

تنحنح حمزة و هو يدخل الى دار التهامية لمقابلة تسبيح ووداعها قبل رحيله للأسكندرية كما كان متفق منذ زيارة زكريا للنجع ..
اندفعت سهام مرحبة و بجوارها باسل الذى هتف فى سعادة :- مرحب يا حمزة .. ادخل يا راچل انت بتستأذن و انت داخل دارك .. تعال ..
و اصطحبه لغرفة الصالون بينما امر امه بجلب تسبيح لوداع خطيبها قبل رحيله المقرر بعد ساعة من الان ..

هتف باسل :- خلاص نويت يا واد عمى .. هتحصل عمك ع إسكندرية !؟
ابتسم حمزة فى هدوء مجيبا :- اه يا باسل بس ده مؤقت .. يعنى عمى عايزنى أتعود على وضع الشغل و طبيعته هناك ف الشركة عشان هو بيفكر يفتح فرع هنا ف الصعيد و عايزنى انا اللى أديره خاصة بعد چوازى بإذن الله ..

هتف باسل :- طب و الله تمام .. دى تسبيح اكيد هتفرح للخبر ده لأنها كانت خايفة تكون هتاخدها بعيد عننا بعد چوازكم ..
دخلت تسبيح هاتفة :- السلام عليكم .. ازيك يا حمزة ..
انتفض حمزة لدخولها هاتفا دون ان يمد كفا لسلامها فهو لم يكن من عاداته مصافحة النساء بوجه عام و هى حتى ولو خطيبته فلن تكون استثناءً .. هتف فى هدوء :- أزيك يا تسبيح .. اخبارك ايه .. !؟..

هتفت فى اضطراب و عيونها على باب الغرفة ربما ترى تسنيم عند عودتها من ذاك اللقاء الذى كان من المفترض منها القيام به و ها قد جاءت زيارة حمزة لتضع لها العراقيل فتقرر تسنيم الذهاب بدلا منها حتى دون ان تخبرها بذلك :- الحمد لله .. كله تمام نهض باسل هاتفا بعد اشارة ممتعضة من امه بالخارج حتى يخرج و يتركهما وحدهما قليلا :- طب اروح استعچل لك الشاى يا حمزة .. دججتين و راچع لك ..

اكد حمزة :- ملوش لزوم يا باسل انا بس چيت اسلم و أمشى عشان مش عارف ممكن أجدر أنزل تانى ميتا .. و كمان الوجت خلاص يا دوب على معاد الجطر ..
و نهض فى سرعة :- اشوفك على خير يا تسبيح .. خلى بالك على حالك .. و طمنينى على نتيچتك لما تطلع ..

أكدت بإضطراب و هى تهز رأسها فى تيه لاحظه هو لكنه لم يعلق و اندفع مغادرا و محييا الجميع و ما ان رحل حتى تفرق باسل و امه عنها و ظلت هى مكانها تتابع بنظراتها المتوترة مدخل باب الدار لحظات و نهضت مذعورة خلف اختها التى دخلت الدار فى حالة يرسى لها من الاضطراب و التيه مدفوعة للأعلى حيث حجرتهما فى سرعة رهيبة حتى لا يلمحها احدهم ..

الا ان تسبيح كانت فى عقبها حتى وصلت للغرفة و اندفعت خلفها حتى انها استطاعت الوصول لباب الغرفة قبل ان تغلقه تسنيم عليها بالمفتاح و تندفع لفراشها تلقى نفسها عليه فى تيه ..
اكملت تسبيح غلق الباب بالمفتاح و اندفعت جوار اختها على طرف الفراش هاتفة بها فى ذعر:- فى ايه يا تسنيم .. ايه اللى حصل .. !؟..

لم تنطق تسنيم بحرف واحد .. بل ظلت على شرودها و ذاك التيه الذى يشمل نظراتها و كأنها تعرضت لصدمة رهيبة اثرت على مستوى إدراكها مما دفع تسبيح لتمسك بكتفيها فى ذعر تهزها فى قلق صارخة :- تسنيم .. فى ايه .. انطجى حرام عليكى جولى فى ايه ..!؟.. السافل اللى روحتى تجابليه عمل لك حاچة .. انطجى انا بموت و انا شيفاكى كده ..

لم تنبس تسنيم بكلمة عن ما حدث بل همست فى شرود وهى تخلع عنها حجابها ملقية به ارضا و تكورت على نفسها بوضع جنينى تخبئ رأسها فى وسادتها:- انا عايزة انام ..

عرفت تسبيح انها لن تنل من اختها حرف واحد عما حدث مع ذاك الحقير و رغم انها تموت حرفيا لتعرف ما جرى هناك الا انها نهضت فى هدوء و جذبت الغطاء على جسد اختها الذى انتفض ما ان استندت عليه تسبيح تنحنى تقبل جبينها مما اثار تعجبها الا انها لم تعقب و اغلقت الإضاءة و انزوت فى طرف بعيد من الغرفة بعد ان أوهمت تسنيم انها رحلت خارج الغرفة بعد ان فتحت الباب و أغلقته و هى لاتزل بالداخل .. فكيف لها ان تتركها و هى بهذه الحالة التى لا تشى بالخير ابدا .. لابد ان ما حدث هناك ينذر بكارثة .. لكن ما الذى حدث بالضبط ..!؟.. هذا ما كان يتأكلها الفضول و القلق معا لمعرفته ..

نام البيت كله بعد فشل الجميع فى الدخول اليها لمعرفة رأيها فيما عرضه ناصر و الذى كان مفاجأة للجميع على حق .. ناصر بعد كل ما يفعله معها يطلب يدها للزواج .. !؟.. من يصدق ..
هى وحدها تعلم لما يفعل ذلك .. هى وحدها تدرك سبب تقدمه للزواج منها .. مجرد شهامة منه تجاه ابنه خاله و ربيبته بسبب ما حدث فى شقة حازم من ذاك الحقير .. انه يضحى بهناءه و سعادته و تقدم للزواج منها لإنقاذهم من عار محقق سيلحق بأبيه .. خالها الذى قام بتربيتها ..

اغلقت باب غرفتها خلفها بالمفتاح بعد ان أعلن ناصر عن مفاجأته التى اذهلتها هى شخصيا فمهما كان ما توقعته حتى ينقذها من عرض الزواج ذاك الا ان يتقدم لطلبها هى للزواج .. فذاك كان ابعد ما يكون عن أقصى تخيلاتها ..

تنبهت ان لا صوت يصدر بالخارج و فتحت بابها فى حذّر ليتأكد لها من ذاك الظلام الدامس الذى واجهها بالردهة ان الجميع خلد للنوم بالفعل و مع ذلك قررت القيام بما انتوت عليه فتسللت فى هدوء تسير بحرص على أطراف اقدامها حتى وصلت لباب غرفته طرقته فى وجل و انتظرت و دقات قلبها تكاد تخترق صدرها توترا .. همت بالنقر من جديد على الباب الا انه فتح الباب فى قوة اجفلتها لتتراجع خطوة للخلف منتفضة بينما وقف هو متعجبا من وجودها امامه فى مثل تلك الساعة .. تطلع اليها هامسا :- خير يا شيماء .. فى حا..

قاطعته بإشارة من كفها مشيرة ليخرج خلفها للردهة التى بالفعل توجهت لها و تبعها و هو يكمل احكام غلق أزرار سترة منامته التى كان ينام دونها لشدة حرارة الغرفة ..
وقفت بالقرب من النافذة المشرعة قليلا و صمتت للحظات حتى انه همس :- خير ..!؟.. فى حاجة يا شيماء ..!؟..

استفزها هدوءه و كأن من طلب يدها للزواج منذ ساعات لم يكن هو بل كان شخصا اخر تماما ليحدثها بمثل ذاك الهدوء الذى اثار حنقها لتهتف فى غيظ :- فى حاجة ..!؟.. حاجة واحدة بس !؟.. قول حاجات .. أولهم ايه اللى انت عملته ده ..!؟
همس متعجبا :- عملت ايه ..!؟..
كادت تصرخ لولا حرصها على عدم سماع خالها و زوجته لصوتها لذا تمالكت أعصابها هامسة بتساؤل :- انت طلبت ليه ايدى من خالى ..!؟.

اضطرب للمرة الاولى منذ حديثهما و كأنما تذكر ذلك فجأة فتحنح بعد ان سيطر على اضطرابه هامسا :- كنتِ عيزانى اعمل ايه يعنى ..!؟..كنت بحاول انقذك من عريس الغفلة اللى جاى يخطبك ده ..
هتفت بحنق :- تقوم تورط نفسك !؟..

كاد ان يمد كفيه يخنق تلك الحمقاء البلهاء التى لا تع شيئا .. تقول يورط نفسه ..!؟.. هو من الاساس متورط فيها .. متورط فى عشقها منذ اللحظة التى وضعتها امه نعمة بين ذراعيه و هى لاتزل طفلة لم تكمل الثلاثة أعوام توصيه بها خيرا ... منذ تلك اللحظة الفارقة و هو متورط فيها رغما عنه .. ليت الامر بيده لكان ابتعد و ابتعد حد اللانهاية ... لكن و ما يجدى البعاد و هى اصبحت تسكن متغلغة فى أعمق أعماق الروح ..ذكرها يغدو و يروح مع كل شهيق و زفير يمنحه الحياة و صورتها سكنت احداقه حتى انه ما عاد ينظر لإمراة غيرها الا ليبحث عن صورة منها فلا يجد.. فقد اصبحت بكليتها موشومة على جدار القلب و لا امل ف الفكاك منها .

تنهد فى ضيق كعادته هاتفا :- يعنى أعملك ايه .. كان لازم حل نهائى يخلصنا من الليلة دى و مكنش فى حل تانى .. حتى و لو خلصنا من العريس ده دلوقت .. اكيد هيكون فى غيره بعدين .. فقلت اخلص بقى و اتجوزك انا و امرى لله ..
نظرت اليه و قد جرحتها كلماته الاخيرة التى ألقاها ساخرا مستهزئا و دمعت عيناها و هى تتطلع اليه هامسة بصوت متحشرج من اثر دمعها الحبيس الذى تحاول السيطرة عليه :- كتر خيرك يا بن خالى .. عمرى ما هنسالك الجميل ده ابدا .. عارفة انى حمل تقيل عليك حملته لنفسك .. بس.. انا ..

لم تستطع ان تكمل ما كانت تريد قوله و اندفعت تشهق باكية تدخل حجرتها و تغلقها خلفها فى حرص و لكن بسرعة حتى لا يراها على حالها تلك .. اما هو فلم يستطع ان يسيطر على غضبه من نفسه و عدم استطاعته السيطرة على لسانه ذاك الذى يجلدها دوما .. اندفع للنافذة المشرعة ليدفع ضلفتيها فى عنف لتنفرجا بقوة محاولا بذلك الحصول على اكبر قدر من الهواء لرئتيه لعله يخفف بعض من تلك النيران المستعرة بداخله اشفاقا و رحمة على تلك الحمقاء التى يعشق و هى لا تدرى ان زواجه منها كان أعظم أمانيه و ها هى الظروف واتت اخيرا ليحقق مبتغاه الذى تمناه دوما بل انه يكاد يكون أمنية حياته الوحيدة..

اندفع عاصم و معه سندس خلف ذاك العسكرى الذى يسحب مهران متخاذلا فى تيه خلفه و قد توقفا اخيرا امام باب طرقه العسكرى و دفع مهران للداخل و دخل خلفه ملقيا التحية العسكرية فى قوة هاتفا :- المتهم مهران عاصم الهوارى يا فندم..
امره الضابط فى نزق :- سيبه و اخرج و مدخلش حد علينا ..

ألقى العسكرى التحية من جديد و خرج مسرعا مغلقا الباب خلفه ليتطلع الضابط لمهران مشيرا للمقعد قبالة مكتبه :- اقعد يا مهران .. باين عليك بن ناس .. ايه اللى حصل بالظبط .. احكيلى و ان شاء الله خير ..
جلس مهران و على الرغم من ذلك ظل صامتا و لم ينطق بحرف واحد .
هتف الضابط من جديد :- ضربت المدعو مسعد عبدالمولى بالنار ليه يا مهران .. !؟..

لم ينطق مهران بحرف و ظل على صمته و تيهه بعد ان كرر الضابط سؤاله مرارا ليتنهد الضابط بحنق ضاغطا على ذر ما جواره ليندفع العسكرى من الباب هاتفا :- امرك يا فندم..
اشار الضابط لمهران :- خده يا عسكرى ع الحبس و يتعرض ع النيابة ف الفترة الصباحية ..

خرج مهران برفقة العسكرى ليهتف عاصم و سندس ما ان طالعاه :- مهران .. عِملت كِده ليه يا ولدى ..!؟. و مين مسعد دِه اللى ضربته بالنار !؟.
تعرفه منين دِه .. !؟.. طب جول اى حاچة و ريح ابوك يا مهران ..
اختفى مهران مع العسكرى داخل احدى المنحنيات التى تصله لزنزانته لتبكى سندس فى جزع على اخيها و حالته الغير مطمئنة بينما يضرب عاصم كفا بكف هاتفا فى قلة حيلة :- لا حول و لا قوة الا بالله .. لله الامر من جبل و من بعد .. سترك و رحمتك يا رب ..

واستدار الى سندس الباكية هاتفا :- كلمتى الاستاذ موافى المحامى ياجى يشوف المصيبة اللى احنا فيها دى !؟
هتف سندس من بين دموعها التى تحاول السيطرة عليها :- ايوه يا بابا .. هو قالى انه هيتحول للنيابة و هيكون معاه الصبح هناك من بدرى .. ربنا يسترها ..
هتف عاصم بوجل متضرعا :- يا رب يابتى .. يا رب.. و الله ما عارف هرچع لأمك كيف .. واجولها ايه ..!؟. دى جاتلة حالها من البكا من ساعة ما جالنا الخبر ع السرايا .. الرحمة من عِندك يا رب ..

ربتت سندس على كتف ابيها محاولة تحسين الصورة القاتمة كذبا :- بإذن الله خير يا بابا .. انا كلمت الاستاذ موافى و استفسرت منه على بعض النقط و الثغرات و بإذن الله يخرج منها على خير .. و كويس انه متكلمش خالص لحد ما يقعد الاستاذ موافى معاه و يعرف منه ايه اللى حصل و يفهمه يقول ايه بالظبط قدام النيابة .. اهم حاجة بس ان المجنى عليه يعيش ..

هتف عاصم شاعرا ببصيص امل :- يعنى الاستاذ موافى جالك كِده ..!؟.. اومأت سندس مؤكدة ليستطرد و هما يتوجها للسيارة :- يااارب يا سندس يا بتى .. ياارب يكون صح الكلام دِه ..
همست سندس :- باذن الله خير يا بابا .. بإذن الله..

كانت تعلم ان الامر ليس سهلا ابدا لكن حالة ابيها التى لم تره عليها من قبل و كذا حالة أمها التى تركوها تكاد تموت قلقا على فلذة كبدها جعلتها تحاول ان تجمل الامر قليلا رغم إدراكها كمحامية ان الامر ليس هينا بالمرة ..

تململت تسبيح فى موضعها السرى بأقصى الغرفة حيث جلست فى غفلة من اختها التى راحت فى سبات عميق و ادركت انها غفت رغما عنها لانها لم تذق للنوم طعما منذ تلك الرسالة المشؤومة من ذاك الحقير الذى قابلته تسنيم و عادت من لقاءه بوجه غير الوجه ..

انتفضت متيقظة تماما عندما تذكرت كل تلك الاحداث و اندفعت باتجاه فراش اختها تتفقدها و ما ان اقتربت منه حتى تناهى لمسامعها صوت انين تسنيم اقتربت على عجل و قلق تضع كفها على جبين تسنيم الذى كان يحترق من شدة حرارتها و همسها المحموم باسم مهران ..

انتفضت تسبيح لا تدرى ما عليها فعله تتطلع حولها فى اضطراب و لا تدرى ما دخل مهران فيما يحدث .. اتهزى باسمه ربما شوقا اليه ..!؟.. ربما .. فهى تدرك كم تحب اختها بن خالهما حتى و لو لم تفصح يوما عن ذاك العشق الذى تخبئه بين طيات روحها له وحده منذ كانا صغارا ..

اندفعت تسبيح بإتجاه الباب ربما تكون أمها قد عادت من بيت خالها فترى ما يجب فعله لأجل تسنيم و ما ان همت بالخروج من الباب حتى كادت ان تصطدم بأمها مندفعة للداخل بدورها تسأل عن تسنيم بلهفة عجيبة لتعالجها تسبيح هاتفة فى ذعر :- تسنيم تعبانة قووى و بتخترف.. ده انا كنت جاية أناديلك تشوفيها ..

اندفعت سهام للداخل فى جزع هاتفة :- يا بتى .. اكيد سمعت باللى حصل لمهران ..
تنبهت تسبيح و أمها تتفقد تسنيم فى ذعر لحالها هاتفة :- ايه اللى حصل لمهران ..!؟..
هتفت سهام :- واد خالك مسكاه الحكومة لانه ضرب نار على واحد من بره البلد عند الدار المهچورة ..

صرخت تسبيح منتفضة و هى تحاول كتم شهقات بكائها و لوعتها فى حين استطردت أمها أمرة إياها فى
خوف :- اچرى جولى لأبوكِ يجيب داكتور لأختك .. البت حالتها متطمنش ..استرها يا رب ..
توقفت تسبيح تتطلع لأختها التى كانت تهزى باسم خطيبها و حبيبها مهران و قد ادركت ما حدث دفعة واحدة .. انها السبب .. هى السبب فى كل ما يحدث.
بدأت تشهق باكية فى ندم حقيقى يتأكلها و هى لاتدرك ما عليها فعله و لا كيف يمكنها إصلاح ما ترتب على رعونتها ..

صرخت سهام فيها مؤنبة :-انتِ لساتك واجفة .. و انتفضت من جوار تسنيم هاتفة :- تعالى اجعدى جار اختك لحد ما انى انزل اجول لأخوكى و لا أبوكى يجيب داكتور بسرعة ..
تقدمت فى وجل من فراش اختها التى لازال اسم مهران يتردد على شفتيها جلست جوارها و انحنت تقبل جبينها المتقد هامسة بالقرب من اذنها معتذرة باكية:- سامحينى يا تسنيم .. انا السبب.. سامحينى ..
و انفجرت باكية من جديد و هى تحتضن جسد اختها الذى ترتع فيه الحمى .. حمى عشق كان يوما جنتها و اليوم اصبح نارها ..

جلس مهران وحيدا بزنزانته و كأن الدنيا خلت من المتشاحنين إلاه ليقذف فيها بمفرده .. تطلع حوله للجدران الشاحبة الباردة و تنهد فى وجع تنهيدة اخرج فيها من جوفه انفاس بحرارة نيران صدره الذى يغلى كبركان ..
من كان يصدق ان تسنيم تفعل ذلك!؟..من كان يتخيل انها على علاقة آثمة بذاك الحقير و انه يملك صورها و محادثات بينهما ..!؟..

ألهذا كانت تؤجل خطبتهما التى كان يتعجلها دوما بحجة دراستها ..!؟.. و هو المغفل الذى كان يظن فيها الطهر و العفة و انها اكمل النساء ..
-مغفل .. صرخ بصوت عال ليتردد داخل الزنزانة صداه .. ضرب رأسه بكلتا يديه يحاول ان يمسح ذاك المشهد الذى يعيده عقله عليه مرارا و تكرارا بلا توقف يكاد يدفعه للجنون .. مشهد ظهورها امام الرجل الذى عرفها فورا و كان فى انتظارها داخل ذاك البيت المهجور و كيف تحدثت معه بثقة من يعرفه جيدا و هى تناوله المال و تأخذ ذاك القرص الذى يحوى قذاراتها معه .. او ربما مع غيره فهو لم يعد متيقنا كم من الرجال تعرف و هو الذى لم يرى من النساء سواها ..

تأوه فى ألم متضرعا و عينيه تدمع :- يااارب ..
انه لا يظلمها .. اكيد لا يظلمها .. فهو يتذكر كل حرف نطق به ذاك السافل بعد ان جعلها تخرج راكضة لسيارته عقب إطلاقه النار ليخرج هو للسيارة و يوصلها فى صمت لأقرب نقطة عامرة و يتركها و يعود للرجل فى عجالة منحنيا عليه ممسكا بتلابيه صارخا به :- ايه اللى بينك و بينها .. انطج ..و لا رصاصة تانية و نخلصوا منيك و لا ليك دية !؟.. جوول ..

هتف الرجل فى ذعر :- اعرفها من ع النت .. كان بينا كلام و حوارات .. و بعديها هى قالت لى عايزة صورى و كل اللى بينا عشان اتخطبت .. ساومتها و طلبت نتقابل هنا .. جابت لى الفلوس اللى طلبتها منها و انا أديتها السى دى اللى عليه كل صورها عندى و انت شفتنا بنفسك ..

ألتقط الرجل انفاسه فى صعوبة و بدأ وجهه يزداد شحوبا ما ان انهى أعترافه نظر اليه مهران و حمد الله ان الإصابة لم تطل قلبه مباشرة كما كان يتمنى بل ان رصاصته طاشت لتبتعد قليلا بسبب اندفاع تسنيم اليه مانعة اياه من إطلاق النار .. أخرج هاتفه و طلب الشرطة و الإسعاف ثم عاد للرجل ينحنى عليه من جديد هاتفا فى غل :- اقسم بالله لو ما كان جتلك حرام و هى كمان مشتركة معاك ف الاثم ما كنت اترددت لحظة و جتلتك لكن لو ربنا نچاك و اتسألت اياك تچيب سيرتها من جريب و لا بعيد و الا اللى مكملش هنا هكمله و هجيبك و لو كنت فين و اجتلك بيدى و لا بيد غيرى .. ساااااامع ..

انتفض الرجل مع صرخة مهران بتحذيره الاخير هاتفا بذعر :- سامع .. سامع ..
ما ان انهى الرجل كلماته المذعورة حتى دوى صوت سرينة الإسعاف و كذا الشرطة و قد وصلا لمكان الحادث .. ذاك البيت المهجور لينتشر الحدث بالنجع كله ..

مسح مهران على وجهه بكفيه فى إرهاق حقيقى يود لو يملك عقار ما يتناوله ليوقف نشاط دماغه التى لم تتوقف للحظة عن العمل منذ ما حدث
و تعجب انها كانت ستصبح زوجته فى غضون أسابيع قليلة .. و كيف كان كالأحمق يقف على رأس العمال مشددا حتى ينتهوا من تجهيز جناحهما قبل الموعد المحدد فهو لم يعد يطق صبرا على اجتماعهما تحت سقف واحد .. كم كان مغفلا بحق ليأمن امرأة على قلبه مهما كانت تلك المرأة .. فهن صنف غدار لا أمن له و كم سمع من أقاصيص عن غدرهن لكنه لم يكن يصدق انه سيتعرض لمثل هذا الامر يوما ..

لم يكن يتوقع ان تلك التى كان يضعها دوما فى مصاف الملائكة تتدنى بهذا الشكل لتصبح فى لحظة شيطان رجيم.. بل ألعن و أضل .. فالشيطان ندرك انه شيطان فهو لا يتجمل او يتظاهر .. لكن هى .. ادعت ما ليس فيها .. و تظاهرت بالطهر و ارتدت قناع البراءة و هى ابعد ما يكون عنهما و هو ذاك المغفل الذى ظل يتمناها منذ ان وعى ان له قلبا ينبض ..هو لا يظلمها بالتأكيد ..

نعم لا يفعل فأحترافات ذاك الرجل القذر لا يمكن ان تكون محض افتراء فالرجل كان على شفا الموت و لا يوجد شخص يمكن ان يكذب فى لحظة كهذه كما انه بدأ له ان الرجل عرفها ما ان دخلت عليه الدار و وعى لها .. كان حديثه معها ينبئ بمعرفة قديمة ليست محلا للشك .. لا .. انه لا يظلمها .. بل هى من ظلمته و دمرته.

وقف كالذبيح فى قلب زنزانته الباردة يترنح وجعا بروح عليلة و اخيرا هتف من جديد :- يااارب ..
و سقط ارضا متكوما على نفسه يحاول ان يرأب صدع تلك الروح المجروحة لكن لا فائدة ترجى من جسد فارقته روحه و هو لايزل حيّا يُرزق ..

اندفع الجميع لسراىّ النيابة عاصم و سندس و باسل و حسام و تسبيح بصحبة الاستاذ موافى المحامى الذى هتف يطمئنهم :- متجلجوش يا چماعة .. ان شاء الله خير .. هو بس يلتزم الصمت لحد ما نشوف أجوال المچنى عليه اللى النيابة هتاخدها لما يفوج .. و انا متأكد انه هيخرچ منها بإذن الله .

هتف الجميع مؤمنا و اندفعوا جميعا عندما ظهر مهران بصحبة العسكرى المصاحب له عند مدخل سراىّ النيابة .. كل منهما يهتف مشجعا بكلمة أو داعما بربتة على كتف و هو لايزل على حاله الساكنة حتى غاب بصحبة مرافقه داخل مكتب وكيل النيابة مع الاستاذ موافى المحامى عندما تم النداء على اسمه بعد ان لقنه موافى ما يجب عليه فعله او قوله ..

هتف صوت بالسلام للجميع ليهتف عاصم فى ترحيب :- حضرة الظابط .. و الله و فيك الخير ..
ليهتف حازم متسائلا :- انا اول ما عرفت جيت على طول يا عمى .. ايه الاخبار ..!؟..
هتف عاصم فى ثبات رغم ما يعانيه :- الحمد لله يا ولدى كله خير .. اهو چوه عند وكيل النيابة ومعاه المحامى.
هتف حازم فى ثقة :- متقلقش يا عمى .. مهران ميعملهاش .. اكيد فى لبس ف الموضوع ..

كان حازم قد تعرف عندما جاء للسراىّ للمرة الاولى على كل من سندس و مهران .. و اصطحبه مهران فى جولة حول النجع و قام بتعريفه على كل من يمت له بصلة قرابة .. و توطدت بينهما صداقة هادئة لذا فإن حازم على يقين ان شاب مثل مهران لا يمكن ان يرتكب جرما كهذا ابدا ..
تطلع حازم لسندس هاتفا :- متقلقيش يا آنسة سندس .. هيخرج منها على خير ..المفروض انت محامية شاطرة و عارفة ده كويس .. يعنى المفروض تطمنى عمى .. و لا ايه ..!؟..

هتف باسل محاولا دفن غيرته المفضوحة بأعماقه:- ايوه .. ما هى طمنتنا كلنا الحمد لله .. و كلنا متأكدين ان مهران خارچ منها بعون الله ..
تطلع حازم لباسل غير مدرك لماهيته ليهتف عاصم معتذرا :- معلش يا حازم نسيت من اللى بيحصل أعرفك .. دِه باسل واد عمتك سهام .. اختى الصغيرة .. و دى بتها تسبيح و خطيبة حمزة واد عمك ..

تطلع حازم لباسل فى ترحيب رسمى هاتفا :- تشرفنا يا باسل .. كان نفسى نتعرف فى ظروف احسن ..
و ادار رأسه حتى يلقى التحية على تلك المنزوية خلف اخيها و كأنما تتحاشى لقاءه:- تشرفنا يا آنسة تسبيح
و ما ان اخرجت رأسها تومئ ترد التحية حتى ادرك انها تلك المندفعة التى اصطدم بها فى يومه الاول لزيارة السراىّ .. انها تلك التى اعتذرت و رحلت فى سرعة ليدرك مدى عجز قدمها و لم تعر اعتراضاته اى أهمية تذكر .. و على ما يبدو انها ايضا تذكرته و الا لما كانت تختبئ خلف كتف اخيها متحاشية لقائه ..

انه يذكرها فهو لا ينسى وجه قابله قط .. ربما هذه ميزة تساعده كثيرا فى عمله لكن الامر مختلف معها .. ان الامر لا يتعدى مجرد وجه تذكره لكنه تخطى ذلك لتلك العيون الشقية المتحدية التى رمقته بها لحظتها عيون لا تُنسى ابدا على الرغم ان نظراتها فى تلك اللحظة تمور بالحزن و الالم الى انها لم تفقد بريقها المتحدى المميز لها ..

تنحنح فى تأدب كعادته و هو يحاول ان يجذب نظراته عنها متعجبا من حاله مع تلك الفتاة و نظراتها التى اصبح خبيرا فى تفسرها و ادراك ما تحمله كل نظرة .. منذ متى كانت نظرات الفتيات تخصصه ..!؟.. و منذ متى يعير اى فتاة مهما كانت اهتماما يذكر ..!؟..

انه حتى لا يذكر انه يحتفظ فى مخيلته بذكرى لنظرة ما لخطيبته نهلة او حتى يدرك من الاساس ما لون عينيها .. هاله ما اكتشفه لتوه ليندفع هاتفا لعمه عاصم ليوقف سيل تلك الافكار المتدفقة لعقله :- انا هدخل لوكيل النيابة بعد ما يخرج مهران اشوف ايه الاخبار و ايه اللى ممكن يتعمل ..
هتف عاصم :- تسلم يا حازم يا ولدى .. شوف الاخبار و بلغنا و يا رب خير ..

خرج مهران ليندفع الجميع خلفه بينما اندفع حازم لمقابلة وكيل النيابة ليستشف منه مجرى سير القضية و الذى اكد ان مهران يلتزم الصمت تماما و لم يتفوه بحرف و ان الأمل كله فى أقوال المجنى عليه فهى التى يمكنها ان تدفع به داخل أسوار السجن او خارجه .. و انتظر الجميع على امل واحد .. البراءة ..

كانت زهرة لاتزل تبكى و بجوارها سهام تهدئ من روعها عندما وصل عاصم و سندس و حسام .. اندفعت زهرة ملهوفة لعلها ترى بينهم ولدها مهران و قد انتهى الامر على خير فما منهم من احد رد على اتصالاتها المتعددة حتى كادت تجن من شدة خوفها و قلقها ..
اندفع عاصم للأعلى غير قادر على النطق بحرف و اندفعت هى خلفه لعلها تستشف منه ما يشفى غليلها و يطمئنها على ولدها ..

تنهدت سهام فى حزن هامسة
لحسام :- ياللاه بينا احنا نشوفوا حالنا يابو باسل .. و نشوف تسنيم عاملة ايه دلوجت ده انى سبتها نايمة بسبب علاجها اللى بتخده بعد اللى حصل و چيت!؟.
اومأ حسام بالإيجاب مستأذنا سندس التى جلست على احد المقاعد و لم تحرك ساكنا منذ وصلت تشعر بالعجز تجاه اخيها التوأم و الذى تتمنى لو تفتديه بروحها ..

هتفت بها سهام :- احنا ماشيين يا سندس و لو چدت اى حاچة بلغونا .. و ربنا يجيبها جمايل يا بتى .. بالأذن...
رحل كل من سهام و حسام .. و لم تبرح هى مكانها لا تعلم ما عليها فعله بالضبط..
اندفع باسل لداخل السراىّ و قد ظهر أخيرا بعد ان اختفى بشكل غريب بعد عرض مهران على النيابة صباحا .. رأها تجلس بهذا الشكل المضطرب الشارد حتى انها لم تدرك بعد بوجوده انتفض قلبه لمرأها بهذا الضعف الغير معتاد عليها فدائما هى تلك المتنمرة فى حضرته و التى تتحكم فى أعصابها و ردود افعالها بشكل يخرجه عن طوره ..

تقدم متنحنا فى هدوء و جلس على احد المقاعد القريبة منها هامسا :- .. هاتعملى ايه يا استاذة ..!؟..
رفعت رأسها و تأكدت من نبرة صوته المتسائلة بصدق انه لا يهزأ منها كالمعتاد فهمست بقلة حيلة :- مش عارفة .. حاسة انى عاجزة و مهران مش راضى يتكلم و لا ينطق بحرف عن اللى حصل و المجنى عليه راقد اهو بين الحيا و الموت .. حاسة انى عاجزة بجد ..

هتف هامسا :- بعد الشر عليكِ من العچز .. انتِ اهدى بس و فكرى و هتلاجى لها الف حل .. انى متأكد انك هتلاجيه بس عشان دِه اخوكِ فجلجك عليه مخليكى مش عارفة تفكرى مظبوط ..
نظرت اليه بتعجب .. هل هذا باسل الذى لا يترك موقفا الا و تناولها بالسخرية و الاستهزاء حتى انها كرهت اجتماعها معه بمكان ..الان تستشعر صدق كلماته التى تقطر ثقة فى قدرتها و امكانياتها القانونية ..

تنهدت و تطلعت للبعيد جاذبة ناظريها بعيدا عن محياه الذى يزيدها التطلع اليه اضطرابا خاصة و هو بهذا الحنان و التفهم العجيب من قبله و الذى يربكها بشدة ..و هتفت تفكر معه بصوت عال :- مهران مش راضى يتكلم .. و مهما عملنا مش هيتكلم برضة ده اخويا و انا عرفاه ..
هتف مؤكدا :- تمام .. عندك حج ..

استطردت فى ثقة :- يبقى مفيش حل الا ف المجنى عليه ده اللى اسمه مسعد لو فاق نلحقه قبل ما النيابة توصله و تاخد اقواله و نتصرف معاه احنا ..
هتف باسل فى ثقة بدوره :- اعتبريها انحلت خلاص ..
هتفت و هى تنظر اليه فى دهشة :- ازاى ..!؟..

نظر اليها فى فخر هاتفا :- انى رحت المستشفى جبل ما اچى على هنا و عرفت مين الممرضة اللى هتشرف على حاله المحروج دِه اللى ضربه مهران و أديتها اللى فيه النصيب عشان تبلغنا اول ما يفوج جبل ما تبلغ الدكاترة ..
فغرت سندس فاها فى دهشة و هتفت بعد لحظات من الصمت :- انت عملت كده بجد !؟..
اكد فى تواضع :- ايوه .. حتى أديت الممرضة نمرتى عشان تبلغنى عليها و ليها اللى فيه النصيب لو حصل المراد ..

هتفت تسأل و هى لازالت تتعجب من افعال بن عمتها الذى تراه الان بعين مختلفة :- طب و الحراسة اللى قدام الباب .. اكيد حاطين عليه حراسة !؟..
اكد باسل فى هدوء :- متجلجيش .. زى ما ظبطت الممرضة .. هظبط العسكرى .. انت ليكى تدخليله الفجرى دِه و نشوفوا ممكن يخدمنا ازاى ف الجضية ..
ابتسمت فى سعادة هاتفة :- ده كده تمام جدااا .. انا بس ادخل اشوفه و أتكلم معاه و انا متاكدة انى هقدر أخليه يشهد لصالح مهران ..

هتف باسل مشاكسا :-دى انى متأكد منيها .. الله يكون ف عونه .. بس يستاهل المحروج هو اللى چابه لروحه ..
امتعضت سندس و هتفت فى حنق :- قصدك ايه!؟..
هتف باسل و هو يستعد للرحيل هاربا :- مجصديش يا بت خالى .. اروح انى و اول ما هيچد حاچة .. هبلغك ..
و اندفع باسل من باب السراىّ راحلا متجنبا نوبة غضبها لتنفجر ضاحكة رغما عنها لمرأى افعاله ..

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 7 من 36 < 1 13 14 15 16 17 18 19 36 > الأخيرة





الكلمات الدلالية
رواية ، ميراث ، العشق ، والدموع ، موال ، التوهة ، والوجع ، رباب ، النوح ، والبوح ، العمر ، وزواده ،











الساعة الآن 01:37 AM