logo



أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





31-05-2021 04:11 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 31-05-2021
رقم العضوية : 5
المشاركات : 540
الجنس :
قوة السمعة : 16

%25D8%25A8%25D9%258A%25D9%2586%2B%25D8%25B4%25D8%25A8%25D8%25A7%25D9%2583%25D9%2587%25D8%25A7

توقفت حدقتي اروى على شهد الواقفة بجوار يونس امام العقار التي تسكن فيه، ماذا تفعل هنا؟، بينما أكملت خديجة تقدمها من ابنها بلهفة، ضربت على صدرها بذعر وهي تنظر لذراعه المُضمدة
- ياعيني يابني! اتخيطت؟
عانقت وجنتيه وهي تسأله ببكاء

<a name=\'more\'></a>
- انت كويس طيب؟
ابتسم لها وهو يُطمئنها
- اهدي بس، مش حاجة كبيرة الحمدالله
ثم قبّل يدها ومسح دموعها وهو يهمس لها برجاء
- متعيطيش بقى.

تنحنحت شهد من جواره وقالت مُعتذرة بحرج شديد
- اسفة، انا السبب في اللي حصل فـ..
عاتبها وهو يرمقها بنفاذ صبر
- تاني!
عادت لتتقدم اروى منهم بينما سألتهم خديجة
- هو حصل اية؟
- ولاد حرام سرقوا شنطتها وانا جريت وراهم، كان معاه مطوة فعورني وهرب بالشنطة
ضم قبضته بغيظ مع قوله الاخير، فسألتهم
- عملتوا بلاغ طيب؟
ردت شهد
- ايوة، بس الحمدالله موبايلي كان في ايدي، والشنطة مفهاش حاجات مهمة وفلوس مش كتير.

دُهِش يونس حين ظهرت اروى امامه، اندفعت موبخة اياه بغضب، لماذا يُعرِض نفسه للخطر من اجلها؟
- وانت لية تساعدها؟ لية تعرض نفسك للخطر؟
ارتفعا حاجبي يونس وقبل ان يفرق شفتيه ليرد كانت قد نقلت نظراتها المُشتعلة لـ شهد وهي تسألها بفظاظة
- وانتِ بتعملي اية هنا تحت بيته؟ مش كفاية المصيبة اللي جيبتهاله!
امسكت خديجة ذراع اروى ودفعتها بخفة للأمام بينما رمقت يونس بنظرة يفهمها جيداً اثناء قولها.

- اطلعي مع يونس يلا وانا جيالكم
امسك يونس بكفها وجرها خلفه، نظرت هي ليدها المطوقة بكفه، انه يعرف كيف يسيطر عليها، سارت معه بصمت، لن تفرق يديهما من اجل شهد الان.
- تعالي اوصلك للمحطة يا شهد
قالتها خديجة بلطف، فجذبت انتباه شهد، اومأت الاخيرة برأسها وسارت معها.

ترك يونس يدها فور ولوجهما للمصعد الكهربائي، فتراجعت لتستند على الحائط لتصبح مُقابلة له، حدقتيها تُقابل حدقتيه بتصدي، سألته
- كام غرزة؟
- تلاتة
رفعت رأسها قليلاً وهي تقول بشماتة وغيظ خفي
- احسن
رفع زاوية فمه بسخرية ثم قطع اتصال اعينهما المُشتحن لينظر اتجاه الباب بعدم إكتراث.

خرجا من المصعد، توقف لينظر لها بإستنكار حين وجدها تمد أصابعها لتأخذ المفاتيح الظاهرة من جيبه وتسبقه لشقته وتفتحها، علّق بضيق
- ايدي مش مكسورة على فكرة
لم تسمعه، توقفت بجوار الباب حتى دلف ثم لحقت به، جفل بعد جلوسه حين وجدها تقترب منه وتفك أزرار قميصه، دفع يدها هاتِفاً
- بتعملي اية؟
- مش شايف الدم اللي على قميصك؟ فبساعدك عشان..
قاطعها بثبات
- اقدر اقلعه لوحدي، وفي الاوضة مش هنا.

هتفت اروى بسخرية وعدم تصديق
- انت مكسوف مني!
رمقها باستنكار وابتسم دون مرح وهو يقول
- انتِ مش مضمونة
ارتفعا حاجبيها بذهول ثم اخذت تضحك، قالت بتعجب
- المفروض العكس! انت لية واخد دوري وانا واخدة دورك؟
اردفت ببراءة
- متقلقش مني انا آمان، مش هتحرش بيك مثلاً! مش تربيتي
طرقات خديجة على باب الشقة بعد قول اروى منعه من الرد، كتم ضحكته ونهض ليتجه لغرفته، سألته خديجة فور دخولها
- رايح فين؟

- هغيّر لبسي واجي
عرضت عليه والدته
- اجي اساعدك!
رمقهم بنفاذ صبر قبل ان يُغلِق الباب.

صباح اليوم التالي
أصبحت الساعة التاسعة ولم تظهر اروى، لم تطرُق على بابه!؛ فتح باب شقته فوجد بابها يُفتح أيضاً، وضعت كفها على خصرها وهي ترفع حاجبها، قائلة بخفوت مُتداركة الامر
- دة انت طلعت كنت بتتجاهلني فعلاً
فهم ما تقصده، انتبه لحقيبة السفر التي تُمسك بها فنسى الرد على قولها السابق وسألها
- رايحة فين؟
- هسافر
عقد حاجبيه مُتسائلاً
- لية؟
- فرح ماما، التالت.

صاحبت نهاية قولها ضحكة ساخرة؛ خرج من شقته وقد تبدلت نظرته لتصبح جدية ومُنزعجة!
- ومقولتليش لية؟ كنت سافرت معاكِ بدل ما تروحي لوحدِك
ابتسمت، قوله ذكرها بأيامهما الماضية، صداقتهما التي أفسدتها هي بإعترافها بحبها له، رغم عدم ندمها على مشاعرها اتجاهه إلا انها حزينة لبُعدهما؛ قالت وهي تلويه ظهرها لتُغلق باب شقتها بالمفتاح
- رهف هناك، هبقى معاها
قال مؤكِداً
- قولتي لـ بابا اكيد
- امبارح.

غمغم وعاد ليسألها
- طلبتي أوبر؟
- ايوة
تقدم وأخذ حقيبتها ليحملها فهتفت بلهفة
- هتوصلني؟، ألغي...
قاطعها بنبرة قوية وهو ينظر لها
- لا طبعاً
اكمل وهو يتجه للمصعد
- هركبِك أوبر وامشي
تهكمت وهي تلحق به بسخط
- لا كتر خيرك تعبت
ولجا للمصعد، نظرت له بطرف عينيها وهي تنبهه، بل تُحذره
- متاخدش راحتك اوي في غيابي
نظر لها في سخرية، فأضافت
- متجيبهمش الشقة عندك
اتسعت مقلتيه وهو يهتف في إستنكار.

- اية اللي بتقوليه دة! عارفة لو حد سمع كلمتك هيفتكر اية؟
حكت جبينها وهي تُصحح قولها بحماقة اكثر
- متعملش السهرة عندك في البيت، متجبش بنات
ضرب كفيه ببعضهما بنفاذ صبر
- يخربيت كدة، هتجيبلنا بلوس الآداب
خرج من المصعد وهي خلفه، توقف مُستديراً لها، سألها بضيق
- وتعالي هنا، من امتى بجيب بنات عندي في الشقة؟
- نسيت بتاعة اخر مرة!
- ودي كانت اول مرة وانتِ متعرفيش سبب مجيّها
ابتسمت بإستفزاز وهي ترد.

- انت مش مضمون، ممكن تجيبها تاني في غيابي
ارتفعا حاجبيه بذهول، سخر وهو يضحك دون مرح
- في غيابِك!، كنتِ مراتي وانا معرفش!
لمعت حدقتيها بخبث وهي تهمس له بحماس
- قول يارب
ثم تخطته، انخفضا كتفيه وهو يتنهد بنفاذ صبر، ثم لحق بها.
وصلت السيارة التي طلبتها، بعد ان صعدت طلب منها
- خلي بالِك من نفسِك وطمنيني لما توصلي
- قلقان عليا للدرجاتي؟

ادار حدقتيه بضجر قبل ان يُغلِق الباب بوجهها ويبتعد، فابتسمت بإستمتاع وعينيها مُعلقة معه اثناء تحرك السيارة.

في الشركة
نهضت شهد فور رؤيتها لإقتراب يونس منها، تفحصته بإهتمام.
- صباح الخير
القى نظرة سريعة عليها وهو يرد
- صباح النور
قالت سريعاً قبل ان يُدلف لغرفة مكتبه
- القهوة هتبقى جاهزة خلال دقايق
منحها ابتسامة بجانب إماءة رأسه.
وخلال دقائق، دلفت له، توقفت امامه بعد ان وضعت فنجان القهوة على المكتب، سألته بقلق بدى على صوتها
- الجرح عامل اية؟ واجعك؟
رفع رأسها ناظراً لها بتعاطف، قال بود وهو يبتسم.

- انا كويس والجرح كويس، فمتفكريش كتير
ضمت كفيها لبعضهما وهي تعتذر
- اسف بجد علـ..
قاطعها بحزم مزيف
- لو اتأسفتي تاني هطردِك
اتسعت مقلتيها وهي تكتم فمها بكفها، فضحك وقال برجاء
- ياريت توقفي اعتذاراتك الكتير دي، عشان تعبت
- حاضر
قالتها بخفوت وهي تُبعِد كفها، استأذنت لتغادر، قبل ان تصل للباب سمعته وهو يُعلِق، بدى وكأنه يُحدِث نفسه
- بريئة اوي
توقفت للحظة ناظرة له دون ان يلاحظ، ابتسمت وخرجت.

رفع رأسه لينظر للباب اثر مُغادرتها، تنهد وقد شرد فِكرُه.

مساءً
ترجلت شهد من الحافلة، توقفت امام المقهى التي اتفقت ان تُقابل يونس فيه، فقد طلبت ان تعزمه لتعبر عن إمتنانها لِم فعله معها، رفض في البداية لكنها اصرت فوافق.
همت للدخول بعد ان رأته جالس في الداخل مُنتظرها، توقفت امامه وهي تقول بقلق
- أتأخرت عليك!
- لسة واصل
تمتمت براحة وهي تجلس في المقعد المُقابل له
- طب كويس.

حثته بأن يختار مايُريده، اتى النادل وأخذ طلباتهم ثم ظلت صامتة، ليست بارعة في التطرق لأحاديث مع الآخرين، لذا بادر هو في الحديث
- قوليلي بقى، تعرفي بابا منين! ازاي اختارِك؟
- بابا الله يرحمه كان شغال في الشركة دي قبل تلت سنين، عم إسماعيل كتر خيره كان بيسأل عليا انا وماما من فترة للتانية لمدة التلت سنين، وكان عارف اني بدور على شغل الفترة دي فقدملي العرض دة
غمغم يونس بتفهم وعلّق بخفوت.

- بيحب يعمل خير كتير وكله على راسي
عقدت شهد حاجبيها بعدم فهم
- مش فاهمة!
تطرق لموضوع اخر..
- انتِ لسة متخرجة من سنة، صح؟
- ايوة
وضع النادل طلباتهم على الطاولة وغادر، عاد يونس ليسألها بفضول
- كنتِ سمعتي عني قبل ما تيجي الشغل؟
اجابته بصراحة
- لا، اصلاً اتصدمت لما لقيتك، افتكرت ان عم إسماعيل هو الماسك الشركة، بس..
توقفت عن إكمال ما ارادت قوله بتردد، عقد حاجبيه بحيرة
- بس اية؟
قالت بخفوت مُتردد.

- سمعت جوة الشركة
- سمعتي اية؟
هربت عينيها، هل كان يجب ان تقول ذلك؟، ابتسم، انه يعرف ما يتداول عنه، اعاد ظهره للخلف بأريحية وواجهها بِم يُقال عنه بكل سلاسة
- اني صايع ومفيش سكرتيرة مبمشيش معاها؟
اتسعت مقلتيها بصدمة، لقد سمعت الجزء الاول اما الثاني فهو من اعلمها به الان، ضحك وعاد ليقترب بجسده من الطاولة ليشرح لها.

- بصي، لما النعمة تيجي لعندك مترفصهاش، انا ماشي على المبدأ دة، واحدة مُعجبة بيا وهي مُزة اقولها لا! ميصحش
انه صريح اكثر من اللازم معها، احمر وجهها بحرج وخجل، انهما ليسا صديقين حتى يتحدث معها براحة وصراحة هكذا، التقطت مشروبها لتحتسي منه القليل بتوتر ودون تركيز، جذب عينيها له من جديد حين قال مُطمأناً اياها
- متخافيش مني، ومتقلقيش على نفسك، انتِ غير.

انتِ غير!، لماذا يتلاعب بكلماته ويختار تلك التي تحمل اكثر من معنى يشوشها، ازدردت لُعابها باضطراب كإبتسامتها ثم اشاحت بوجهها بعيداً.
مر بقية الوقت في احاديث جانبية، طريقة حديثه أشعرتها وكأنهما مُقربين فهو يتحدث براحة ودون تكلُف، انه ماهر في الحديث مع النساء، يستطع ان يصادقهم في دقيقتين.
رفض ان تدفع هي وأصر على ذلك، خرجا من المقهى وهي تعترض
- بس انا اللي عزماك
هز كتفيه بلامبالاة
- ولو.

اضاف بنزاهة وهو يفتح لها باب المقهى لتخرج قبلُه
- مينفعش اخلي بنت تدفع وهي معايا
ابتسمت وقد تنظر له بإعجاب اثناء سيره بجوارها، تعترف ان شخصيته رائعة، لقد جعل قلبها ينبض له بمهارة.
- خلاص اعزمك على حاجة تانية
قالتها وهي تتوقف فتوقف هو أيضاً ونظر لها، إبتسم قائلاً
- اعزميني وانا اللي هدفع برضه
ضحكت وقالت وهي تنظر للطريق
- خلاص نروّح احسن
- ماشي يلـ...

تلاشت بقية حروفه حين رأى شهد تهم بعبور الشارع بإهمال، دون ان تلاحظ اقتراب سيارة منها، اسرع ليقبض على ذراعها ويجذبها للخلف، وبخها بخشونة
- فتحي عينيكِ شوية
صُدِمت من رد فعله، وتسارعت دقات قلبها حين انزل كفه المُمسِك بذراعها ليصل لكفها ويضمه، عبر الطريق وهي معه، ترك كفها حين وصل لسيارته.

ظلت واقفة كالبلهاء للحظات اثر إمساكه ليدها، تحاول استيعاب تلك اللحظة والمشاعر التي غمرتها، مشاعر جديدة وممتعة، شعرت بأن قلبها سيتوقف من مجرد إمساكه ليدها، ماذا يحدث لها؟، نظرت له من بعيد، تعتقد انها أصبحت مُعجبة به بحق، انه مُختلف عن الاخرين التي أُعجِبت بهم في جميع مراحل حياتها، تعتقد ان قلبها اصبح جاد في هذا الامر!

بعد اسبوع، في شقة إسماعيل الأنصاري
وضعت خديجة طبق البسبوسة على الطاولة وهي تتذمر
- انا مش عارفة لية اروى قاعدة كل دة هناك؟ مش الفرح كان من يومين؟ مرجعتش لية!
علّق يونس
- قاعدة مع رهف
أكملت خديجة بضيق
- دة حتى لما كلمتها قبل الفرح كانت بترد بإختصار، ومقالتش حاجة عن فرح امها
قال إسماعيل بصبر
- لما ترجع هتقول، اصبري بس عليها
تنهدت خديجة بتثاقل وهي تفكر بقلق.

- خايفة لتكون خرّبت الدنيا هناك وامها مسكتتش
تساءل إسماعيل
- مش هي كلمتِك وطمنتِك؟
- مكلمتنيش من يومين، من بعد الفرح للان
هتف يونس بذهول
- بجد!
ردت خديجة بتثاقل
- اومال انا مضايقة وقلقانة لية؟
اعلن هاتفه عن وصول رسالة، اخرج هاتفه لينظر للرسالة التي كانت مُرسلة من رهف بالإنجليزية
- يونس، هل اروى بخير؟
عقد حاجبيه وشرد، هل عادت ولم تُخبِر احد!، نهض قائلاً
- انا همشي
سأله إسماعيل
- رايح فين؟

سألته خديجة بشيء من الاعتراض
- مش هتبات هنا؟
- مش كفاية الاسبوع اللي قضيته معاكم!
قالها بضجر وهو يتجه للباب، علّقت خديجة
- اروى لسة مرجعتش
- قصدِك المراقبة بتاعتي مرجعتش
رمقته بعتاب وكأنه مُخطيء!، قال إسماعيل
- لو عرفت حاجة عن اروى طمن أُمك
- حاضر
فور خروجه من العقار اتصل بـ رهف التي رحبت به اولاً
- عامل اية يا عم يونس
- هي اروى رجعت؟
سألها بتعجل دون ان يسمع قولها السابق، فضحكت وكررت ما قالته.

- طب بقولك عامل اية
مازال مُستعجل..
- الحمدالله، ها؟
- اروى رجعت النهاردة الصبح، تقريباً وصلت مصر على العصر كدة، هي مقالتلكمش؟
- لا
غمغمت رهف بتعاطف وهي ترُد
- تلاقيها مضايقة من الحصل
- اية الحصل؟
صمتت رهف بتردد، قررت ان تهرب من الإجابة
- هي تبقى تحكي وتقول، بس تبقى تطمن عليها..
تراجعت سريعاً عن قولها الاخير
- ولا لا، اعمل كأنك متعرفش انها رجعت.

لم يُصِر على اخذ الكلام منها، فهو يعرف ان رهف مُخلِصة لـ اروى اكثر منه حتى إن كانا اصدقاء طفولة.
- ماشي، سلام
انهى المكالمة واتجه لسيارته لينطلق بها لمنزله؛ وصل للطابق المطلوب وتوقف امام شقته لكن وجهه مُقابِل لشقة اروى، أيفعل ما قالته رهف ام يتخطاه ويطرق على بابها! أم يتصل بوالدته؟، ظل واقفاً لمدة قاربت العشر دقائق يفكر بحيرة، قرر في النهاية ان يتركها ولا يقتحم خصوصيتها.

في منزل شهد
- بقينا صحاب، شبه صُحاب
قالتها شهد لوالدتها بسعادة انعكست على حدقتيها، نظرت لها والدتها بقلق، فأسرعت شهد لتمدح به
- يونس طلع كويس اوي، على الاقل معايا، مبيعملش حركات صايعة ومبيحاولش يتطاول عليا وبيعاملني بحدود وبيحترمني، ببقى مرتاحة وانا بتكلم معاه، فهو شخصية حلوة اوي فأرمي كل الوحش اللي قولتك عليه عنه قبل كدة
تنهدت والدتها بعدم راحة، شاركتها مخاوفها.

- خايفة ليأذيكِ، ليكون دة اسلوبه اصلا مع كل البنات وانتِ فاكراه بيعاملك بطريقة مميزة
- مبقولش بيعاملني بطريقة مميزة، بس ممكن المختلف بيني وبين البنات التانين انه بيعاملني حسب ما احب انا وبحدودي انا، واعتقد اني مختلفة بالنسباله عن التانين، بس كصحاب قصدي
اضاقت والدتها حدقتيها وهي تداهمها بشكوكها
- وانتِ؟
ارتفعا حاجبي شهد بعدم فهم
- وانا!
- انتِ مُعجبة بيه.

صارحتها والدتها بالحقيقة التي تشعر بها، لم تُنكِر شهد لكنها طمئنت والدتها
- متقلقيش من الناحية دي انا اقدر اتحكم بمشاعري
اندفعت والدتها مُستنكرة
- دة كلام في الهوا، محدش يقدر يتحكم في قلبه انه يحب دة ولا ميحبهوش
وضعت كفها على خصرها مُتسائلة بعدم اقتناع
- واية الصحوبية اللي اتعملت في اسبوع ونص دي!
زفرت شهد بضيق وهي تتنهد، قالت قبل ان تتجه لغرفتها
- عادي يا ماما عادي.

صباح يوم جديد
ولج يونس للمصعد وضغط على الزر الذي يحمل رقم الطابق الأرضي، قبل ان يُغلق الباب تماماً وضعت اروى ذراعها ليُفتح من جديد، نظر لها بدهشة وهي تقول بنبرة مليئة بالحيوية
- جووود مورنينج يونس باشا
والابتسامة تكاد تصل لاذنيها، دلفت للداخل وقالت بثقة
- وحشتك اكيد الاسبوع دة
لم يُعير قولها اهتمام، سألها بهدوء
- رجعتي امتى؟
- امبارح بليل
انها تكذب!، لم يُعلِق بينما اخبرته اروى.

- اتصلت بطنط خديجة النهاردة الصبح
رد بإقتضاب
- كويس، كانت قلقانة
هزت رأسها وردت
- هروح لها النهاردة بعد الشُغل اديها الأخبار
ثم ضحكت بسخرية دون سبب واضح له، عادت لتقول
- تعرف ان العريس اصغر منها بعشر سنين! خمسة وتلاتين
ضحكت مرة اخرى بقوة واضافت بتفكير وهي تذهب بحدقتيها بعيداً
- كان ممكن اغويه
جفلت حين زمجر بأسمها بخشونة وكأنه يُحذرها
- اروى
نظرت له بحذر ثم ابتسمت وهي تُتمتم
- بهزر.

استدار ناظراً لها بجدية، قال بصرامة
- متهزريش بالكلام دة لان لو حد سمعه هياخد عنك فكرة مش تمام
حركت كتفيها بلامُبالاة وهي ترُد
- ما هُما ماخدينها فمش مشكلة
اتسعت مقلتيه قليلاً وهو يسألها بنبرة لامست أعتاب الحدة
- هو انتِ بتظهريها لحد غيري؟!
لمعت حدقتيها وهي تتأكد بلهفة
- مش عايزني ابينها لغيرك! حاضر
اسرع ليوضح قصده بصبر.

- متفهمنيش غلط، قصدي ان انا عارفك وعارف معدنِك بس غيري لا، او اي حد يسمع عن تصرفاتك هيفكر فيكِ ازاي؟
قاطعته بعدم اكتراث حقيقي بينما أظهرت عكسه مع نهاية قولها
- مش مهم هيفكروا فيا اية، انت المهم عندي
حدق بها مُتنهداً، تركها وخرج من المصعد وهو يهز رأسه بإستياء، فلا فائدة من الحديث معها.

في الشركة
سرَّعت شهد من خطواتها لتلحق المصعد قبل ان يُغلق بابه، ذُهِلت حين رأت اروى داخل المصعد بجوار يونس لكنها تخطت ذلك ووقفت بجانبهم.
- صباح الخير يا يونس
عقدت اروى حاجبيها بإستنكار بسبب ذِكرها لأسمه دون لقب؛ رد يونس بسلاسة
- صباح النور، عاملة اية النهاردة
- الحمدالله كويسة، وانت؟
قبل ان يرُد يونس قالت اروى بدلع ساخر، انها تسخر من شهد
- ومفيش صباح الخير يا اروى!

استدارت لها شهد وقالت بلطف مُزيف
- صباح الخير يا اروى
تجهم وجه اروى وهي ترُد دون نفس
- صباح الزفت
وسبقتهم لخارج المصعد ببرود، فألقت شهد نظرة سريعة على يونس قبل ان يخرُجا من المصعد ويذهب كل شخص لعمله، كبتت شهد غيظها من اروى بصعوبة.

مرت ساعات
رفعت اروى عينيها بتلقائية للأمام فوجدت إسماعيل يقترب منها، متى وصل؟، تهللت أساريرها وهي تُرحب به اثناء نهوضها
- يا اهلا يا اهلا بحبيب قلبي
ابتسم بدوره وعانقها قائلاً
- وحشتيني الاسبوع دة
رحب به من حوله فرد عليهم، تساءلت اروى بحذر
- بتعمل اية هنا؟ في حاجة؟
ابتسم وهو يُمازحها
- تفتيش مُفاجيء
ابتسمت وسألته بلهفة
- صحيح شربت حاجة؟ اطلبلك!
- شربت متتعبيش نفسك.

اومأت برأسها، بينما قال إسماعيل
- همشي بقى، قولت اطمن عليكِ واشوفك





ربتت على كفه وهي تشكره
- تسلم
نبهها وهو يهم للمغادرة
- متتأخريش على العشا النهاردة
- عنيا
رافقته للأسفل، ثم عادت لتأخذ ملفات من مكتبها وتتجه بها لمكتب يونس.
فور رؤية شهد لـ اروى من بعيد التقطت الهاتف لتُخبر يونس عن حضورها؛ تقابلت عينيهما معاً، ابتسمت اروى بهزء وهي تسير امام شهد التي قالت بإنتصار
- قولت لـ أستاذ يونس ومستنيكِ.

ردت اروى برضا
- حلو عملالي حساب قبل ما اوصل
توقفت قبل ان تبرم مقبض الباب لتلتفت وتنظر لـ شهد بسخرية وهي تُعلِّق
- بقى دلوقتي أستاذ يونس!
لم تنتظر رد، فعيني شهد التي اشتعلت كان افضل رد وانتصار.
- حقيرة
همست بها شهد بكره شديد وهي تمسك بكوب الماء بحدة.
- هتيجي تتعشا عند اهلك النهاردة؟
قالتها اروى وهي تضع الملف امام يونس على المكتب، رد عليها مؤكداً
- ايوة، عشان في ضيفة جاية
- بجد! مين؟

فتح الملف ونظر فيه بصمت، هز رأسه قائلاً بجدية
- بعد كدة تسيبي الملفات المهمة زي دي مع شهد لما تاخدي اجازة
- هبقى اجيبه ليك بنفسي
ثم التفتت مُتجهة للباب، اخبرها قبل ان تصل للاخير
- هنروح سوا
توقفت تنظر اه وهي تلويه ظهرها، قالت بتهكم
- تعليمات عمو اسماعيل.

مساءً
اخذت اروى من يونس مُفتاح السيارة لتنتظره بداخلها، بعد دقائق اتى لكن شهد معه!، هل سيوصلها؟ لا وقت لهذا، اخرجت رأسها من النافذة لتهتف بإستنكار
- بتعمل معاك اية دي! متقولش انك هتوصلها في طريقنا!
رد وهو يلتف حول السيارة بينما شهد جلست في المقعد الخلفي
- هتيجي معانا
اتسعت مقلتي اروى بصدمة وهي تتساءل بعدم تصديق
- معانا! فين! بيتك! مستحيل.

صاحبت قولها الاخير ضحكة قصيرة ساخرة، اخذ مقعده خلف المقود وهو يؤكد ما قاله
- بابا عزمها
- نعم!، لية ان شاء الله؟
استدارت بانفعال لتنظر لـ شهد تسألها بفظاظة
- وانتِ بتروحي بيت اي حد كدة؟
رمقها يونس بحدة، ثم شرح لها علاقة والد شهد ووالده، رفعت رأسها بعدم اقتناع وقالت بصوت مُرتفع
- ولو.

انتهى الحديث هنا، لم يرد يونس حتى لا يفتح لها مجال النقاش، اما شهد كانت تحترق من الغيظ بداخلها كالعادة لكنها لم ترد، لا تُريد ان يراها يونس تتحدث كالأفاعي مثلما ترى هي اروى، انها شخصية هادئة بطبعها وتُفضل ان تُصبح بعيدة عن المشاكل قدر المُستطاع لكن اروى تُصِر على جرها لذلك الطريق المُناقض لشخصيتها.

صعدا معاً، فتحت لهم خديجة ورحبت بهم، اخذت اروى بين أحضانها تُعانقها بإشتياق، تابعت شهد ذلك بذهول لم تُظهره، كيف علاقتهم جيدة لهذه الدرجة؟ هل هي حقاً جارتهم!
- أهلاً بيكِ يا شهد
قالتها خديجة مع إبتسامة سمحة بعد ان تركت اروى، ابتسمت شهد وهي ترد بتهذيب
- ازاي حضرتك عاملة اية؟
- الحمدالله يا حبيبتي، اتفضلي متتكسفيش، عمك اسماعيل جوة مستنينا
سخرت اروى بخفوت
- وش كسوف اوي.

رمقتها خديجة بعتاب بينما لم تهتم اروى ودلفت للداخل، نهض اسماعيل مُرحباً بـ شهد
- أهلاً يا حبيبتي نورتي، اتفضلي
صافحته شهد بحرارة
- ملحقتش الصبح اشكرك على وقفتك جنبنا، شكراً بجد لحضرتك مش هنسى..
قاطعها وهو يُربت على كفها بحنان مُعاتباً
- الشكر لله، بس متقوليش كدة دة انتِ زي بنتي..
ابتسمت بإمتنان، قاطعت اروى هذه اللحظة المؤثرة
- انا جعانة مش هناكل بقى!
نظر لها اسماعيل وضحك قائلاً
- همك بطنك وبس.

- طبعا اهم منها
نظرت لها شهد، انها تقصدها، دعتهم خديجة للسفرة، صفّر يونس بإعجاب قبل ان يُعلِّق
- دة مش عشا دة غدا
ضحكت خديجة ؛ كادت اروى ان تصل للكرسي المجاور لـ يونس لكن حين وجدته يدعو شهد للجلوس فيه ولم تُمانع غضبت.
- تعالي اقعدي جمبي يا رورو
قالتها خديجة حين لاحظت وقوفها في الخلف، اومأت اروى برأسها وتقدمت لتجلس بجوارها، فأصبحت مُقابلة لهما، يبدوان كثنائي من مكانهما.
- مدي ايديك متتكسفيش.

قالها اسماعيل لـ شهد التي اومأت برأسها بخجل، اخذ يونس طبقها ليملأه لها بمُختلف الأصناف لكن في حين كان يأخذ من شيء كان يجد اروى تُعيقه بأخذ ما في مغرفته، نظر لها يونس بنفاذ صبر، فرَّقصت حاجبيها بإستفزاز، عاد للخلف وكاد ان يقول شيء لكنها سبقته بقولها الموجه لـ شهد.
- اية ايدك انكسرت؟ ما تغرفي لنفسك وبلاش تمثيل
نكزتها خديجة وهي تُعاتبها بنظراتها، فأضافت اروى بضيق
- مبحبش الدلع دة.

رفعت شهد نظراتها الغاضبة لـ اروى، هل يجب ان ترد ام تصمت وتحترم وجود الاكبر حولها!، رمقها اسماعيل بحدة مُزمجراً بأسمها
- اروى!
نظرت له اروى وقالت بانفعال
- مش معايا حق!
جذبتها خديجة بخفة لها وهمست في اذنها
- عيب يا اروى، ومش قدام عمَّك اسماعيل
ردت اروى بصون مرتفع
- هو انا بقول حاجة غلط!
ضمت شهد قبضتها بغضب وحرج من هذا الموقف، نهضت مُستأذنة
- بستأذنكم..

اسرع يونس لينهض ناظراً لوالده، بينما قالت اروى بوقاحة
- ايوة امشي مش عايزينك
جفل الجميع حين ضرب اسماعيل على الطاولة بكفه، حركّت اروى حدقتيها ببطء لتنظر للأخير، انه غاضب، استيقظت من الهراء التي كانت تفعله، غيظها من رؤية يونس و شهد بجوار بعضهما سيطر عليها رغماً عنها مما جعلها تتجاهل وجود عمها اسماعيل واحترامه، قال بصرامة
- أجري على اوضتك حالاً
- انا اسفة.

اعتذرت بحرج صادق، كادت ان تُبرر فعلتها لكنه لم يسمح لها، فقد قال مُنهياً الحديث
- مش هعيد كلامي يا اروى
ثم نظر لـ شهد وطلب منها
- اقعدي يا بنتي اقعدي
لم ترُّده شهد وفعلت ما طلبه احتراماً له، بينما ظل يونس واقفاً ينظر لـ اروى التي بدى عليها التخبط والتردد، حتى ان انفها أصحبت حمراء، هل ستبكي!، بادر ليقول لها
- اروى، تعالي معايا
مع نهاية قولة كانت قد نهضت اروى وقالت بكبرياء.

- شكل وجودي مش مرغوب فيه، فأنا هرّوح بيتي
انهت جملتها وابتعدت مُتجهة للباب، لم تكترث لنداء خديجة، توقفت للحظة عند الباب حين سمعت قول اسماعيل لـ خديجة
- سيبيها
سالت دموعها لسماعها لقوله، فتحت الباب وغادرت سريعاً، نظرت له خديجة بعتاب كقولها
- انت عارف ان مش قصدها يا اسماعيل
نظر لزوجته بحدة قائلاً
- دلعتها لدرجة انها مبقتش تحترم وجودي
تنهد وقال بحزم
- يلا اقعدوا نكمل اكل.

نظرت شهد لطبقها وبداخلها تشعر بالشماتة، انها تستحق، هكذا عاد لها حقها، بينما حك يونس جبينه وهو يشعر بالضيق، استدار مُتجهاً للباب فأوقفه والده
- رايح فين؟
رد دون ان يلتفت
- هلحقها..
توقف امام العقار ينظر حوله باحثاً عنها، اضاق عينيه ليتأكد إذ كانت هي تلك التي تسير على مسافة كبيرة منه، هل اخذت هذه المسافة ركضاً ام ماذا؟، اسرع ليركض ويلحق بها، توقف امامها مُعيق طريقها وهو يلهث، همس براحة وهو يميل قليلاً
- لحقتِك
اعتدل حين لمح عينيها الحمراوتين ودموعها الغزيرة بللت وجنتيها.
اسرعت اروى لتمسح دموعها بقوة وهي تُقابل نظراته القلقة بنظراتها الغاضبة، هتفت بإنفعال
- نعم! عايز اية؟

مد كفه ليربت على كتفها وهو يقول بتعاطف
- متعيطيش ومتزعليش من بابا
- لا هزعل، طردني عشان شهد الحرباية
صحح لها بحسن نية ونبرة هادئة ودية
- هو مطردكيش انتِ اللي مشيتي، وغير كدة انتِ غلطانة..
قاطعته بعنف قبل ان يُكمِل
- طبعاً انا الغلطانة، اروى هي الغلطانة دايماً
انفجر بها هو الاخر صارخاً.

- ايوة انتِ الغلطانة، شهد معملتلكيش حاجة عشان تتصرفي معاها بطريقة قليلة الذوق وغير كدة ازاي تتصرفي بالطريقة دي قدام بابا!
دفعت يده وقد اتسعت حدقتيها بجنون
- بتدافع عنها!
حك جبينه موضحاً
- مش بدافع عنها، بس..
قاطعته
- لا بدّافع
علّق بإنزعاج
- يعني سمعتي الجزء بتاعها بس!
لم تترُك حدقتيها خاصته اثناء تخطيها له، تريد الفكاك به إن أمكن، امسك بذراعها موقِفاً اياها، تنهد قبل ان يتحدث بهدوء.

- تصرفِك اللي عملتيه مع شهد كله في وش بابا وفي بيته، ازاي مستنية يقبل تصرف زي دة؟ مش شايفة ان عصبيته شيء طبيعي على موقفِك!
- وانا اتأسفت
- وانتِ تعرفي عن بابا انه بيقبل الأسف من غير عقاب يعرفِك غلطِك منه!
ردت بحزن
- بس مكنش بيتعامل معايا انا كدة
حرك كتفيه قائلاً
- عشان مكنتيش بتغلطي قدامه زيي
تنهدت بعمق، انه مُحِق، اخفضت رأسها قليلاً واخذت تلعب بأصابعها بقلق وهي تسأله بخوف ونبرة خافتة بعض الشيء.

- قال سيبيها، يعني مبقاش يحبني؟ مش عايزني تاني؟
ارتفعا حاجبيه بذهول من تفكيرها، سرعان ما أصبحت عينيه دافئتين اثناء تركه لذراعها ليقف مُقابلاً اياها، وضع كفيه على كتفيها ومال قليلاً لينظر لوجهها عن قُرب، قال بنبرة تحمِل العتاب والحنان
- مش معقول اللي بتقوليه دة!، ازاي مش عايزِك! انتِ مننا، فعشان كدة اتصرف معاكِ زي ما بيتعامل معايا.

رفعت حدقتيها له وقد كانت الدموع تتلألأ بهما، تأملها للحظة قبل ان يبتسم، حذرها بلطف
- متفكريش كدة تاني، احنا عيلة، سامعة!
اومأت برأسها بخضوع، وفي لحظة تحولت نظراتها للشراسة وهي تتهمه
- كل دة بسببك اصلاً
ابتعد وهو يهتف بإستنكار
- طلع الغلط عليا دلوقتي!
ثم ضحك وأقر بالحقيقة لينهي الحديث
- انا سبب كل تصرفاتك، خلصنا!





اضاف وهو يسبقها ببضع خطوات
- يلا عشان اوصلك
اسرعت وواكبت خطواته وهي تسأله ببطء.

- هترجعلها بعد ما توصلني؟
سألها بهدوء
- انتِ عايزة اية؟
- متروحلهاش
هز رأسه موافقاً
- حاضر
اتسعت ابتسامتها وكادت ان تصل لأذنيها، نظر لها وقد رأى السعادة تلمع في حدقتيها، طوقت ذراعه بذراعيها بتملك، لكنه لم يعترض، ظهر طيف ابتسامة على شفتيه واختفى سريعاً حين نظرت له.

في شقة إسماعيل الأنصاري
- متزعليش من اللي عملته اروى، هي مش قصدها..
قالتها خديجة لـ شهد التي تستعد للمغادرة، ردت الاخيرة بسماحة.

- مش زعلانة منها يا طنط، بس بجد مش عارفة هي لية مبتحبنيش؟
ربتت خديجة على كتف شهد دون ان تُعلق، فماذا تقول لها!، قالت شهد مع ابتسامة وهي تقف عند الباب
- وصلي سلامي لعمو
- يوصل يا حبيبتي، لولا انه تِعب كان جه سلم عليكِ
- مش مشكلة، سلامته
- الله يسلمك
ثم غادرت، تنهدت خديجة واتجهت لغرفة النوم، جلست بجوار اسماعيل على الفراش، ابتسمت بحنان وهي تقول برضا.

- كنت عارفة ان دة اللي هيحصل، مبتهونش عليك اروى مهما عملِت
لم ينظُر لها، سألها بإقتضاب يحاول ان يخفي خلفه اهتمامه
- كلمتيها؟ شوفتيها وصلت!
- يونس معاها
طمئنته بقولها، لم يرد، فأضافت
- بس كويس انك ممنعتش يونس من انه يلحقها
تنهد قائلاً بضعف
- كنت خايف ليحصلها حاجة زي المرة اللي فاتت.

انخفضا كتفيها وهي تتذكر تلك الحادثة، فقد غضب عليها اسماعيل وقتها فغادرت ولم يصلوا لها إلا اليوم التالي وقد كانت في المستشفى، تمتمت برعب
- متفكرنيش
تنفست بقوة وهي تنهض، اخبرته بحزم
- هجيبلك طبق تاكل، دة انت مكلتش ولازم تاخد الدوا لوجع قلبك دة، وبلاش عِناد
اومأ برأسه بتعب وإستسلام.
.

صعدت شهد درجات السلم بشرود، تفكر بكل احداث الليلة، هناك تساؤلات تُشعرها بالحيرة والفضول الشديد، اولها، ما العلاقة القوية التي تجمع بين اروى وعائلة يونس؟، اعتقدت انها بعلاقة مع يونس فقط!، حتى انها تعتقد ان هناك لُغز في علاقتهم، فمنذ البداية لم تفهم طريقة تعامل اروى الغريبة لها بسبب يونس، اعتقدت للحظة انهم أحباء لكن من طريقة الاخير معها جعلتها تتراجع عن ذلك التوقع؛ توقفت امام باب شقتها وقد افترقت شفتيها بصدمة حين تذكرت كلمة اسماعيل حين امرها ان تذهب لغرفتها!، هل تعيش معهم؟ كيف؟

- على كدة يعتبروا اخوات!
حدَّثت نفسها بتفكير وعدم تصديق، ثم حكت جبينها وهي تستنكر ذلك
- بس اسلوبها مش اسلوب اخوات خالص!
جفلت حين وجدت والدتها تفتح باب الشقة لتنظر لها بقلق ممزوج بالحدة، سألتها بخشونة وهي تسحبها للداخل
- اتأخرتي كدة لية؟
- كنت معزومة
عقدت والدتها حاجبيها مُتسائلة
- فين؟
- عمو اسماعيل عزمني
اتسعت مقلتيها بغضب بدأ يظهر بوضوح في حدقتي والدتها
- نعم! ومقولتليش؟
بررت شهد فعلتها سريعاً.

- انشغلت ونسيت اقولك والله، بس قولت اكيد مش هترفضي
ارتفع صوت والدتها وهي تُعارِض
- لا طبعاً كنت هرفض، ازاي تروحي بيتهم؟ ومن غير ما تقوليلي كمان! ازاي؟
انتفضت شهد اثر صريخ والدتها المُفاجئ، اسرعت لتبرر موقفها مرة اخرى لكن بخوف قد تملكها بعض الشيء
- مقدرتش ارفض يا ماما
- لية؟ مكنش هيمسك فيكِ اوي اكيد.

صمتت شهد، لم تجد رد مُناسب، وإذ قالت الرد الذي بداخلها فلن يُعجِب والدتها وقد يصل الامر لشجار كبير بينهما وهذا اخر ما تريده؛ امسكت بيد والدتها واعتذرت
- انا اسفة يا ماما، حقك عليا مش هكررها تاني، اسفة والله.

رمقتها والدتها بضيق وتركتها لتتجه لغرفتها، لقد خاصمتها، تنهدت بإستياء، هذا ما ينقصها الان، ألا يكفيها ما فعلته اروى معها!، تذكرت رد فعل اسماعيل، لولاه لكانت الان تحترق بداخلها بسبب صمتها الغبي، يجب ان تضع لها حد لتتوقف من مُضايقتها، تنتظر الفرصة فقط.
تركت حقيبتها ولحقت بوالدتها لتصالحها.

بعد منتصف الليل..

فتحت اروى عينيها بإرهاق، تعلقت حدقتيها بضوء القمر المُنعكِس على سقف غرفتها، بدت عينيها مُظلِمة كداخلها الذي يتسلط عليها وعاد ليصعد لها وينتشر في روحها من جديد، ضجيج مُرهق لا تستطيع تحملُه، انها المرة الثالثة وقد زاد اليوم عن اليومين الماضيَّن، لا تستطيع السيطرة عليه.
اعتدلت جالسة وهي تضرب بشيء من العنف رأسها بكفيها، لماذا لا يصمت؟ لماذا يعذبون روحها!

التفتت والتقطت هاتفها من فوق الكمود بتعجل، فتحت الهاتف وبحثت عن رقمه، ضغطت على زر الاتصال بإصرار ثم وضعت الهاتف على اذنها، كادت ان تُغلق الخط حين طال الرنين لكن في اخر لحظة كان الطرف الاخر قد رد، اخبرته دون اي مقدمات
- انا محتاجاك، لازم اتكلم معاك
صمتت تستمع لرد الاخر، ثم سألته برجاء
- مينفعش دلوقتي؟ ها؟
ظهر الإحباط جلياً على ملامحها بعد رده، هزت رأسها بقلة حيلة وهي تقول
- ماشي، بكرة.

اغلقت الخط دون توديعه حتى، القت بالهاتف بجوارها واستلقت على السرير لتعود وتستقر حدقتيها على نفس البقعة بتعب، مدت يدها واخذت علبة أقراص المنوم من فوق الكمود لتبتلع قرص منه.

اشرقت شمس يوم جديد
أنتفضت اروى من فوق السرير بعد ان ادركت انها الساعة العاشرة، تباً لقد تأخرت عن عملها، اسرعت لتغتسل وتنهي ارتداء ملابسها خلال خمسة عشر دقيقة.

وصلت للشركة على تمام الساعة الحادية عشر، ما كادت ان تجلس خلف مكتبها حتى اتت شهد لتخبرها برسيمة
- أستاذ يونس عايزِك
رمقتها بإنزعاج وهي تنهض
- قولتيله اني متأخرة، صح!
لم ترد شهد عليها وعادت لمكتبها، فسارت اروى خلفها لتذهب لمكتب يونس، تابعها الاخير وهي تتقدم منه، هدر بنبرة مُنزعجة فور وقوفها امامه
- بدأنا نستهتر بالشغل؟
ردت يتلقائية
- راحت عليا نومة
واضافت سريعاً
- مش هتتكرر تاني.

اضاق عينيه وسألها بشك
- انتِ تعبانة؟!
- لا
اجابته دون تفكير، ثم طلبت منه
- ممكن استئذن النهاردة بدري؟
- مش كفاية جاية متأخر!
تخطت قوله وأخبرته
- ورايا موعد
- مع مين؟
سألها بتلقائية، فأرتفعا حاجبيها بدهشة، فأسرع وقال
- ماشي، بس مش هديكِ إذن تاني
ابتسمت بخبث وهي ترد على سؤاله الذي تخطاه قصداً
- متقلقش مش بخونك.

رمقها بإستنكار؛ فأبتسمت واستدارت مُبتعدة لتغادر، رفعت رأسها بشموخ وهي تُبادل شهد بنظرات مُشتحنة مُتحدية.

الساعة السادسة مساءً
- اخيراً نورتيني بعد غياب تلت شهور يا اروى!
قالها الطبيب النفسي نادر بشيء من العتاب بعد دخول اروى، ابتسمت الاخيرة وقالت بصراحة
- كان نفسي مجيش تاني
فسألها بسلاسة
- طب جيتي لية؟
ردت بثُّقل
- عشان تعبانة
- لية؟
جلست ورفعت قدميها لتصبح مستلقية على الكُرسي، أجابته بصوت مُعذب.

- أنا تعبانة، تعبانة جدا، مخي دة مبيسكتش، كله بيتكلم فيه، مش قادرة أسيطر على تفكيري، تفكيري هيموتني، الأصوات دي بتخنقني، بتواجهني بكل مخاوفي
وضع المسجل على المنضدة وسألها
- من امتى بدأت معاكِ الحالة دي!
- من اول ما رجعت من السفر، من تلت ايام، ماما السبب، انا بكرهها
انهت قولها بنبرة مُنفعلة كارهة بصدق، ثم هدأت واردفت بشرود.

- بس امبارح كنت خايفة، دخلت شقتي ولأول مرة اخاف، بصيت حواليا كدة لقيتني لوحدي، خوفت لأكون كدة في يوم من الأيام بس مش في الشقة، اكون لوحدي في الدنيا دي
هز رأسه مُتفهماً، طرح سؤالاً اخر
- طب حصل اية عشان تحسي بكدة؟
سردت عليه ما حدث في منزل اسماعيل، واضافت
- رغم ان يونس طمني، وعارفة ان كلامه صح وأنهم مش هيتخلوا عني بس، بس
صمتت لوهلة، تنفست بعمق قبل ان تخبره بهواجسها بريبة.

- خايفة ليتخلوا عني بسبب تصرفاتي، خايفة اخسر يونس بسبب طريقتي معاه، بس مش بأيدي، شهد السبب
رفع بصره لها وعرض عليها
- اية رأيك نتكلم عن شخصية شخصية منهم، وتقوليلي كل حاجة جواكِ عنهم!
وافقت واختارت شهد لتتحدث عنها.

- شهد السكرتيرة الجديدة ليونس، شهد مضايقاني، مش عارفة لية حاسة كدة ناحيتها، مكُنتش بالعدوانية دي مع اي واحدة كان يونس ماشي معاها، رغم اني كنت بتضايق من البنات اللي بيمشي معاهم بس كان جوايا شعور الاطمئنان من ناحية ان عُمره ما هيختارهم انه يكمِل حياته مع اي واحدة منهم، بس شهد، شهد مختلفة
- مختلفة ازاي؟

- هي مِثالية في عين أهل يونس، شايفنها طيبة ومحترمة وهادية وفي حالها، تنفع تفتح معاه بيت وتصونه، حتى يونس شايفها كدة وعجباه
سألها بحيرة
- وعرفتي منين انها عجباه؟
- طريقته مختلفة معاها، مشفتهوش بيتعامل مع اي واحدة من البنات اللي مشي معاهم بالطريقة دي، دة حتى صاحِبها، بقوا صحاب!، مرتبطش بيها علطول
شاركها احتمال وارد
- طب مش ممكن بتتوهمي؟
صمتت تفكر للحظة، ثم تذكرت واخبرته.

- قال قبل كدة انها ممكن تكون نهاية اللعب، وغير كدة هي مُعجبة بيه، وقبل ما تسألني عرفت منين باين من نظراتها له، وهي وافقت على العزومة عشانه، انا متأكدة
هز رأسه بتفهم، وسألها مع ابتسامة صغيرة
- واية تاني مضايقك غير شهد؟
لم تُجيب على سؤاله وانتقلت لنقطة أُخرى، لِما جال في عقلها
- فكرت للحظة وانا مروَّحة مع يونس امبارح اننا نرجع صحاب، ترجع علاقتنا زي الاول واسيب حبي له لنفسي
شجعها على ذلك.

- طب اعمليها
اخفضت رأسها بإستياء وهي ترد بخفوت
- حتى لو رجعنا صحاب، مش هقدر اشوفه مع واحدة غيري
- بس هتكوني كسبتيه كصديق، ورَجعتي علاقتك بيه
- بس واحدة تانية هتشاركه معايا
شعرت بالضيق لمجرد تخيل ذلك.
تنهد نادر وهو يهز رأسه، نظر لها وهدر بعملية.

- قولتلك الكلام دة في كل جلسة كنتِ بتجيها وهقوله لك تاني، مخاوفك لما تتخلي عنها وتبقي شجاعة قدامها مش هتخصك بعد كدة، احنا اللي بندي مخاوفنا حجم اكبر من حجمها فبنتخيل ان عمرنا ما هنقدر نتغلب عليها؛ اللي مريتي بيه مش سهل، وانك تلاقي اللي يعوضك هتمسكي فيه بأيدك واسنانك عشان متحسيش انك مُهمشة تاني، بس مش ملاحظة انك مُهمشة في حياة يونس؟

تغيرت ملامح وجه اروى لتصبح جامدة، انه سؤال قاسي عليها، بينما اكمل نادر بإصرار
- هتقبلي الحال دة لغاية ما يجي حد يشدك من الضياع اللي انتِ فيه! وهتحبي اللي هيساعدك تاني وتعيدي نفس الاحداث والنهاية تكون مأساوية ليكِ لوحدك
اسند كفيه على فخذيه وهو يقترب بجسده قليلاً، طارحاً سؤاله الذي اثار أعصابها
- البنت اللي ابوها وامها اتخلوا عنها قدرت تعيش بعدهم، مش هتقدر تعيش بعد ما تتخلى عن يونس؟

انعقد حاجبيها برفض قاطع، هتفت بثورة
- مفيش مقارنة، مشافتش من ابوها وامها ربع اللي بيعمله يونس معاها
ابتسم نادر وقال بهدوء
- طب اهدي، احنا بنتناقش بس يا اروى
ادركت نفسها، ضمت كفيها بحرج واعتذرت بخفوت
- اسفة، مش قصدي اني اعلي صوتي بس
وصمتت بإحباط، انها هكذا، هذا طبعها، لا تستطيع كبح انفعالتها والتحكم بها، اضاق عينيه وسألها بشك
- جربتي تعملي اللي قولتلك عليه؟
لم تفكر حتى اجابته
- الصراحة لا.

ابتسم بهدوء وقال
- طب جربي، لما تتعصبي او تضايقي، قبل ما تتصرفي بتهور عدي من واحد لعشرة، لحظة الغضب هتروح وهتفكري وقتها احسن، يعني مثلا بدل ما كنتِ هتقلتي شهد في لحظة غضبِك هتضربيها بس
ضحكا معاً بقوة، هدأت ضحكاتها وهي تهم بالنهوض وتُخبره
- هروّح بقى
سألها وهو يدور بكرسيه
- هتيجي تاني؟
- للأسف
ضحك بقوة وقال
- متقوليهاش في وشي طيب!
هزت كتفيها قائلة بأسف
- مبعرفش اتصنع او أجامل، ودة اكبر عيب فيا.

صحح لها بايجابية
- قصدك ميزة
ابتسمت بسخرية من قوله، اشارت له بكفها مودعة اياه ثم غادرت.

في الشركة، في مكتب يونس
- هتوصلني النهاردة؟
سألته شهد عن قصد وهي تكتم ضحكتها، فرد بغيظ غير حقيقي
- شكلك مخداني سواق!
ضحكت وقالت ببراءة مُصطنعة
- متقولش كدة بس
ضحك بخفة وقال
- خمس دقايق ونتحرك
- ماشي
خرجت من مكتبه واتجهت للمرحاض لتتجهز قبل مغادرتها معه.

جذب انتباه يونس صوت قطرات ماء تصطدم بالسطح المعدني للنافذة، ادار رأسه قليلاً لينظر للخارج، همس بسعادة
- الشتا خلاص على الأبواب
عاد ليختم الملف الذي امامه، توقف مُتذكِراً، انها تُمطِر و اروى بمفردها؟، اخرج هاتفه سريعاً ليتصل بالأخيرة، نهض مع اتصاله الثاني بها وقد تملكه القلق، لكن لحُسن حظه انها ردت، سألها بإهتمام
- انتِ فين؟
قابلت سؤاله بسؤال اخر، كانت نبرتها خافتة
- انت جي امتى؟
- انتِ عند ماما؟

- لا في البيت، كنت ناوية اروحلها بس بتمّطر
اخبرها وهو يلتقط مفاتيحه ويتجه للخارج
- انا جي دلوقتي
شعر بالراحة في صوتها بعد قوله
- ياريت، متتأخرش عليا
- حاضر
ابعد الهاتف عن اذنه واسرع للاسفل؛ بعد لحظات كانت قد خرجت شهد من المرحاض واتجهت لمكتبها لتأخذ حقيبتها ثم تذهب لمكتبه لكنها لم تجده!
- راح فين؟

اخرجت هاتفها لتتصل به وهي تتجه للاسفل، توقفت عند منتصف السلم حين رد على اتصالها، قبل ان تقول شيء كان قد اتى بقوله المُعتذِر
- اسف طلعلي مشوار مهم، تقدري تروحي لوحدِك!
- طبعاً، متقلقش عليا
انهت المكالمة، ظلت تنظر للشاشة للحظات، لا تعلم لماذا شعرت ان الامر مُتعلق بـ اروى.
.

كانت اروى تقف امام النافذة تنظر لهذه الاجواء المُمطرة التي لا تحبها، فهذه الاجواء تُشعرها بالوحدة، اكبر مخاوفها، حتى انها تُذكرها بذكرى رحيل والدتها، فكم تخاف من هطول الأمطار، فهو موسم الرحيل بالنسبة لها، فلم تكن والدتها فقط، حتى والدها و رهف اعز صديقاتها، سافرت وتركتها في مثل هذه الاجواء.

وصل يونس بعد زحام طريق خانق، اتى ان يطرق على باب شقتها لكنه وجد باب شقته من خلفه يُفتح، ذُهِل، كيف دخلت شقته؟
- اتأخرت، وصلت الهانم ولا اية؟
قالتها اروى بكبت، تقدم منها بحاجبين معقودين
- دخلتي شقتي ازاي؟
اتاحت له الطريق وهي ترد
- نسيت انك مديني مفتاح!
تذكر، لكنه صحح لها بسخرية
- مش انا، قصدك ماما.

منحته ابتسامة صفراء وهي تتجه للصالون، جلست امام التلفاز بينما اتجه هو لغرفته لتبديل ملابسه، وقد أوصد الباب، فهتفت اروى بإستنكار
- مش للدرجة يعني!
بعد دقائق خرج وجلس بجانبها، اخبرته وهي تقلب القنوات
- كنت ناوية اروح لعمو اسماعيل النهادة، بس المطرة خرَّبت كل خُطتي
- مش مشكلة
اخذت رأيه لتقرر
- رأيك أكلمه ولا استنى لبكرة اروح له؟
نصحها بهدوء
- كلميه، عشان ميقولش انك مش مهتمة.

اومأت برأسها والتقطت هاتفها لتتصل به، لكنها تراجعت في اخر لحظة
- ولا اروحله بكرة احسن واصالحه بالمكسرات اللي بيحبها
ليست فكرة سيئة، فأتاح لها هذا الخيار أيضاً.
استقر على فيلمهما المُفضل وأخذا يُشاهدانه، اخرجت المقرمشات من حقيبة بلاستيكية كانت تضعها خلفها، ابتسمت بحماس وهي تسأله
- المرة الكام اللي نتفرج عليه؟
فكر وقال بحيرة
- الخامسة؟
- لا، السابعة تقريباً
هز رأسه وقال
- ورهف كانت معانا.

تنهدت وقالت بحنين
- لو ترجع الايام دي
ابتسم بحنين هو أيضاً، ساد الصمت لثواني قبل ان تقطعه اروى بقولها الشارد الذي لامس نبرة الحزن
- كل حاجة اتغيرت، انت اول الحاجات دي، لية اتغيرت!

تلاشت ابتسامته وتهجم وجهه، لم يُعلق ولم تقُل هي شيء، لقد خرجت كلماتها منها دون اي نية لفتح حديث ودون انتظار رد، فهي تخاف من رده ومن خوض هذا الحديث، تخاف ان تواجهه وتسأله بجدية عن سبب رفضه فإذ فعلت لن يكون لها فرصة التمسُك، حتى انها تتحدث معه في هذه النقاط بمرح وطريقة سريعة غير جارحة لها.

بينما فكر هو، لماذا تُخرب لحظاتهم بذكر هذه الأمور؟، كلما يجد نفسه يعاملها بإهتمام وكأيام الخوالي تنزعها هي بذكر سبب تغيره، وكأنها تسأله عن سبب رفضه لها حتى إن كانت تستخدم سؤال غير مُباشر.
شعر بالإحباط بداخله، نقل نظراته للنافذة، رأى ان السماء انهت بكاءها، التقط جهاز التحكم واغلق التلفاز فأستدارت له بشراسة، فواجهها بقوله المُقتضب
- المطرة خلصت
اعترضت قائلة بلطف
- طب نخلص الفيلم!

ترك لها الجهاز ونهض قائلاً
- شوفيه في بيتك
ثم خرج من الصالون، فنهضت بدورها وهي توبخ نفسها، ضربت فمها بكفها عدة مرات، انه السبب، سمعته يقول قبل ان يصفع باب غرفته
- اقفلي باب الشقة كويس وراكِ

في منزل شهد
فتحت لها والدتها وقابلتها بوجه جامد، لم ترد على تحية شهد التي ألقتها عليها وتركتها لتجلس على الاريكة، اغلقت الاخيرة الباب بعد دخولها، قالت بحزن وهي تتنهد
- لسة زعلانة مني!

لم ترد عليها والدتها، فجلست شهد بجوارها، وضعت يدها في حقيبتها وهي تقول بحماس
- تعرفي جبتلِك اية؟
ردت والدتها بجفاء
- الشوكولاتة اللي بت




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية بين شباكها الفصل الاول dody
0 302 dody
رواية بين شباكها الفصل الرابع والاخير dody
0 273 dody
رواية بين شباكها الفصل الثالث dody
0 237 dody

الكلمات الدلالية
رواية ، بين ، شباكها ، الفصل ، الثانى ،












الساعة الآن 04:12 PM