إن الذكاء يضعك في خطر كبير بسبب هذا التحيز النفسي. هل يمكن اعتبار الاستنتاج الخاطئ ميزة إضافية يتمتع بها الأشخاص الأذكياء للغاية، على التوازي مع قدرتهم الكبيرة على الاستدلال أو الاستنتاج أو التخمين الصحيح؟
و هل يمكن إرجاع ذلك إلى تعمقهم الزائد، غير الضروري في كثير من الأحيان؟
إذا كنت على معرفة بالأنماط و النماذج الجسدية ، فربما ستكون على دراية بمصطلحات مثل:
إندومورث Endomorph ( الشخص الباطني البنية وهو ذو هيكل دائري ناعم و نسبة عالية من الأنسجة الدهنية ) ،
و مصطلح مازومورث Mesomorph (وهو الشخص الذي يمتلك بنية جسدية قوية وعضلات مفتولة )
وكذلك مصطلح أكتومورث Ectomorph (و هو الشخص الظاهري البنية و تعني شخص ذو بنية جسدية ضعيفة هزيلة و حساسة) أيضاً .
وعلى الرغم من أن كل شخص يقع في مكان ما ضمن نطاق طيف هذه المصطلحات (بمعنى أن كل شخص لديه درجات متفاوتة من كل منها) ، فإن السمات التي تفترضها هي نمط جسمك الأساسي.
وإذا كنت قد درست هذه الأنواع ، فستعرف أن الأجسام باطنية البنية غالباً ما ترتبط بزيادة احتباس الدهون.
و يكمن الافتراض هنا هو أن هؤلاء الأشخاص لديهم أسوأ عملية استقلاب غذائية أو الأيض الأسوأ metabolisms ، ولكن هذا غير صحيح. إذ أن الأجسام ذات البنية الباطنية Endomorphs تمتلك في الواقع أفضل عملية استقلاب غذائية (أيض) أكثر من أي شخص آخر .
كما أنهم على قيد الحياة اليوم لأن أسلافهم تكيفوا بشكل كاف للبقاء على قيد الحياة.
و نستطيع القول أن الأجسام ذات البنية الباطنية تمتلك بشكل أكثر دقة في الواقع أفضل عمليات استقلابية على وجه التحديد و ذلك للقيام بما قدر لها أن تقوم به ألا و هو : تخزينالدهونلاستخدامها لاحقاً.
و يحدث شيء مماثل مع الأشخاص الأذكياء للغاية الذين يعانون من مستويات عالية من القلق.
حيث أنك تفترض بأنه نظراً لما يتمتع به هؤلاء الأشخاص من ذكاء ، فسيكونون قادرين على استخدام المنطق لتعطيل المخاوف غير المنطقية. (الهفوات أو الزلات المنطقية ، أو عدم القدرة على التفكير الكافي ، وفي كثير من الأحيان توليد القلق.)
ومع ذلك ، فإن أدمغتهم تفعل بالضبط ما كان من المفترض أن تفعله ، وهو تجميع المنبهات غير ذات الصلة وتحديد التهديدات المحتملة.
ويتمتع الأشخاص الأذكياء للغاية بوظيفة نفسية لا يتمتع بها الآخرون ، وهي القدرة على الاستدلال أو الاستنتاج أو التخمين .
فهم يستطيعون استخلاص المعنى والفهم من الأشياء التي يأخذها الآخرون ببساطة في القيمة الظاهرية أي من الأشياء التي يعتبرها باقي الأشخاص أشياء بديهية أو مسلم بها .
وهذا هو السبب في أن الأشخاص الذين لديهم معدل حاصل ذكاء IQ مرتفع للغاية غالباً ما يتصارعون مع الأشياء الأساسية ، مثل المهارات الاجتماعية أو قيادة السيارة.
و بينما يرى الآخرون العالم على أنه بُعد واحد ، فإن الأذكياء للغاية يرونه عالماً ثلاثي الأبعاد.
حيث يفكرون بعمق أكثر مما هو ضروري في كثير من الأحيان. وهذا ما يعطيهم قدرتهم على الإبداع والفهم والاستراتيجية والابتكار.
و بنفس الطريقة التي يمكن أن يعمل بها الأيض الممتاز أو عملية الاستقلاب الغذائي للأجسام ذات البنية الباطنية ضدها ، يمكن أن يعمل دماغ الشخص الذكي للغاية أيضاً .
هذا لأنه في بعض الأحيان ، يصنعون شيئاً يُطلق عليه "الاستنتاجات الخاطئة" faulty inferences ، وهي عندما يتم صنع المغالطات والتحيزات والافتراضات غير الصحيحة من أدلة صحيحة.
إن ما يحدث في عقلك عندما تكون قلقاً للغاية هو أنك تأخذ محفزات غير ضارة في كثير من الأحيان و تستخلص منها نوعاً من المعنى أو التنبؤ بها.
أما عندما تكون خائفاً ، فإن عقلك يعمل بشكل مفرط لتحديد الشيء الذي يمكن أن يؤذيك ، ثم يبتكر طرقاً لتجنب تلك التجربة تماماً. كلما كنت أكثر ذكاء ، كلما أصبحت أفضل في التعامل معه.
كلما كنت أكثر ذكاء ، كلما أصبحت أفضل في التعامل معه.
ومع ذلك ، كلما تجنبت الخوف ، كلما زادت شدته.
يعرَّف الاستنتاج الخاطئ على أنه، الحالة التي تتوصل فيها إلى نتيجة خاطئة تستند إلى أدلة صحيحة.
وهذا يعني أن ما تراه أو تختبره أو تفهمه قد يكون حقيقياً ، إلا أن الافتراضات التي تقوم بتجميعها معاً منها إما غير موجودة أو غير محتملة إلى حد كبير.
و يعتبر التعميم المتسرع hasty generalization أحد الأمثلة على ذلك ، وهو عندما تقدم شكوى حول مجموعة كاملة من الأشخاص استناداً إلى تجربة أو تجربتين كنت قد مررت بهما.
وهذا هو التحيز الذي يعتمد عليه كثير من الناس فيما يخص موضوعي العنصرية والتحامل.
و هناك مثال آخر على الاستنتاج الخاطئ و هو ما يطلق عليه post hoc ergo propter hoc ، وهو ما يحدث عندما تفترض أن شيئين قد حدثا في نفس الوقت ، و أنه يجب أن يكونا مرتبطين ، حتى لو لم يكونا كذلك.
ويحدث الانقسام الخاطئ أو التفرع الثنائي الخاطئ false dichotomy عندما تفترض أن هناك احتمالين فقط يمكن أن يكونا صحيحين أو شرعيين ، بينما يكون هناك الكثير في الواقع لا تدركه ببساطة.
ومثال على ذلك هو عندما يقوم رئيسك بالاتصال بك لحضور اجتماع خاص ، وتفترض أنك إما يجب أن تحصل على ترقية معينة ، أو أن تطرد.
و يعتبر ما سبق كمنحدر زلقslipperyslope، و من أجل التخلص من هذا المثال ، عليك أن تقوم باستنتاج خاطئ آخر تفترض فيه أن حدثاً ما سيؤدي إلى سلسلة من الأحداث الأخرى ، حتى لو لم يفعلوا ذلك بالتأكيد.
و لابد من التنويه هنا أن ما سبق طرحه من أمثلة ليس سوى القليل من عدد لا يحصى من الطرق التي يمكن لدماغك أن يخونك بها.
و ذلك على الرغم من أنه يعتزم إبقائك متيقظاً وواعياً ، إلا أن التهديد في بعض الأحيان يصبح مبالغاً فيه و قد تم تضخيمه ، ويصبح دماغك بالتالي غير قادر على حل شيفرة الفرق أو معرفة الاختلاف ، إلا أن جسدك يستجيب لذلك الأمر مهما يكن .
يبدأ تصحيح الاستنتاج الخاطئ في البدء مع إدراك أنك تقوم بذلك. وفي معظم الحالات ، و بمجرد أن تدرك أنك تفكر في انقسام زائف أو خاطئ false dichotomy ، أو بأنك تقوم بتعميم متسرع hasty generalization ، فستتوقف عن فعل ذلك. فقد أصبحت تدرك حقيقته و ما هو عليه ، و ستدعه يرحل.
كما أن القيام بتدريب عقلك على التوقف عن القيام بذلك تلقائياً يستغرق وقتاً طويلاً . لذلك فكر في دماغك و كأنه محرك بحث يقوم بملء مصطلحاتك و تعابيرك تلقائياً.
و في حال كان هذا شيء قمت ببرمجة دماغك عدة مرات عليه على مر السنين ، فسوف يستمر ظهوره لفترة من الوقت. من أجل ذلك يتوجب عليك أن تعمل باستمرار على إضافة أفكار وخيارات ومحفزات جديدة من أجل تغيير ما تطرحه بشكل طبيعي.
و لا يعد هذا ممكناً فقط ، بل إنه أمر حتمي لا مفر منه. فما كنت تفعله باستمرار هو ما تتكيف معه. و من ثم سيبدأ عقلك في إعادة توجيه منطقة الراحة الخاصة بك
وفي النهاية ، سيكون من الطبيعي أن تفكر بطريقة منطقية كما فعلت ذات مرة عندما كنت قد فكرت كثيراً ، وستشعر أنه من الطبيعي أن تحس بالهدوء كما تفعل الآن عند شعورك بالقلق .و كل ما يحتاجه الأمر هو الوعي ، كما أنه سيستغرق وقتاً طويلاً . إلا أن هذا ممكن الحدوث دائماً .