في الحقيقة إننا بحاجة إلى أن نكون مدركين أكثر لخياراتنا الغذائية ، و لتأثير هذه الخيارات على الميكروبيوم لدينا. لقد أظهرت دراسة جديدة أجريت على قرود حديقة الحيوان التأثير الخاص بالجهاز الهضمي...
لدي بعض الأخبار السيئة لك: هناك الكثير في مظهرك و صحتك و بيولوجيتك خارج عن إرادتك الواعية ...
من المعروف أنه لا يمكنك تغيير جيناتك ، لذلك فإنه لا توجد طريقة لإزالة مخاطر الأمراض الموجودة في حمضك النووي .
فلا يمكنك تغيير لون شعرك بشكل دائم. فبعد أن يزول التلوين الذي قمت به، سيعود شعرك مرة أخرى في كل مرة إلى لونه الأصلي .
و بافتراض أنك تجاوزت سن البلوغ و لا تعاني من مشاكل سوء التغذية ، فلن تصبح أطول. نعم ، إنني أستطيع أن أراك تتراخى الآن و أنت تقرأ هذا، و لكن عليك أن تستعد لمتابعة القراءة معي عزيزي القارئ !
في العقد الماضي ، حققنا تقدماً هائلاً في دراسة الميكروبيوم Microbiome - تريليونات البكتيريا التي تعيش في أمعائنا - و ذلك بفضل الاختراقات الجديدة في تسلسل الحمض النووي التي سمحت لنا بمتابعة العديد من البكتيريا المختلفة في وقت واحد ، وبتكلفة رخيصة وفعالة.
لقد أظهرنا أن هذه البكتيريا تتفاعل معنا، ولها تأثيرات مباشرة على صحتنا وعافيتنا.
و يمكن أن يعني الميكروبيوم الخطأ الفرق ، على الأقل في الدراسات المختبرية على الحيوانات ، بين اللياقة البدنية أو السمنة ، أو وجود حركات أمعاء منتظمة أو مشاكل معوية مستمرة ، ويمكن أن يرتبط أيضاً بوظائف المخ ومستويات الهرمونات في الجسم.
و في الواقع ، إذا طُلب مني إجراء بعض التغييرات البيولوجية لإحداث أكبر تأثير على حياتك اليومية ، فربما سأختار شيئين:
و لكن هل يمكننا فعلاً إحداث تغيير في ميكروبيوم الأمعاء؟
لقد كتبت سابقاً عن كيف أن معظم البروبيوتيك probiotics (حصلت على درجة الدكتوراه في هذا الشأن) ، في رأيي لا تستحق الوقت المستغرق لابتلاعها. فهل ميكروبيوم أمعائنا شيء آخر نشأ عند الولادة ، أو هل هو خارج عن إرادتنا؟
<blockquote class="blockquote">لحسن الحظ بالنسبة لنا ، فإن هناك بحث جديد يشير إلى أنه قد يكون لدينا تأثير على أمعائنا أكثر مما كنا نتوقعه سابقاً.</blockquote>في دراسة من جامعة واشنطن في سانت لويس Washington University ، قام باحثون بقيادة غوتام دانتاس Gautam Dantas أستاذ علم الأمراض وعلم المناعة والهندسة الطبية الحيوية في كلية الطب بجامعة واشنطن ، بفحص ميكروبات أمعاء الشمبانزي والغوريلا.
وقاموا بفحص ملف ميكروبيوم الأمعاء لهذه القردة في عدة أماكن:
و قارن الباحثون هذه الميكروبيوم مع تلك الموجودة في البشر من الولايات المتحدة أو البيرو أو تنزانيا أو فنزويلا أو دول أخرى ، كما نظروا في الميكروبيوم البشري التي تعيش إما في المناطق الحضرية أو الريفية أوالأشخاص الذين اعتادوا على أنماط الحياة التي تعتمد على الصيد.
أولاً ، دعونا نلقي نظرة على البشر. حيث اتضح أن ميكروبيوم الأمعاء يميل إلى الظهور كواحد من نمطين مختلفين.
إذ يتم تحديد أكبر درجة من الاختلاف من خلال نظامنا الغذائي ، عندما نستهلك إما النظام الغذائي الغربي ، و الذي يكون غنياً باللحوم وخفيفاً من حيث الألياف ، أو نظام الصيد و جمع الثمار ، وهو نظام غني بالنباتات والألياف ، بينما يكون خفيفاً من حيث اللحوم والدهون .
و عند مقارنة عينات من الغوريلا والشمبانزي بهاتين المجموعتين البشريتين ، وجد الفريق أن العينات المأخوذة من القردة البرية كانت في مجموعة ثالثة ، وكلها منفصلة عن بعضها ولا تشبه أياً من المجموعتين البشريتين.
و لكن : ماذا عن العينات من القردة الآخرين؟ إن هؤلاء لا يشبهون الميكروبيوم في نظرائهم البرية. كما بدوا أكثر تشابهاً مع البشر الصيادين.
و من خلال وضع القردة في حدائق الحيوان ، قمنا بتغيير ميكروبات الأمعاء لجعلها أكثر شبهاً بالميكروبيومات عند البشر القدامى (وتلك التي لا تزال تعيش وتأكل بطريقة مماثلة).
فهناك العديد من الدراسات التي تربط النظام الغذائي الغربي الغني (بالأطعمة الغنية بالدهون والبروتين والأطعمة المصنعة بشكل كبير) بالسمنة وأمراض القلب والسكتة الدماغية وارتفاع نسبة الكوليسترول وأمراض القولون العصبي ، والتي من المحتمل أن تتأثر بشدة بتركيب ميكروبيوم الأمعاء.
و إذا أردنا تجنب أمراض الأمعاء هذه ، فإن تغيير الميكروبيوم هو الحل المحتمل لذلك. إلا أنه لا يمكننا تغيير الميكروبيوم لدينا عن طريق تناول حبة مليئة بالبكتيريا الأخرى، ثم توقع بقائها في بيئة غير مناسبة (وهو ما يحدث عندما نستهلك حبوب البروبيوتيك).
و بدلاً من ذلك، فإننا بحاجة إلى تغيير البيئة نفسها.
فإذا زرعت مجموعة من بذور الحشائش على حشيش مغطى بالرمل والحصى ، فلن ينمو العشب مطلقاً.
إذ لا توجد مغذيات يمكن تناولها لتنمو، و لذلك لا يمكنها البقاء على قيد الحياة أو النمو.
فهي تحتاج إلى توفير البيئة المناسبة (العشب و تربة مفتوحة وصحية وغنية بالمغذيات) و ذلك فيما لو أردت أن ينمو العشب الخاص بك.
و بالمثل ، فإن تناول النظام الغذائي الصحيح ضروري لنمو الميكروبيوم المناسب. و قد كانت الغوريلا تستهلك الوجبات الغذائية التي يختارها حراس الحديقة، والتي تتكون في الغالب من الخضروات والأعشاب والفواكه (يمكنك أن تفكر في الكرنب والخس والفاصوليا الخضراء والجزر والكرفس والتفاح والبرتقال).
و قد تأكل الغوريلا البرية الحشرات، لكن غوريلا حديقة الحيوان تتبع نظاماً غذائياً نباتياً.
و هذا النظام الغذائي ليس مفاجئاً، فهو يشبه إلى حد بعيد نظام الصيد البشري! نعم ، يأكل الصيادون بعض اللحوم ، لكن غالبية نظامهم الغذائي يتكون من الخضار والنباتات، مع وضع بعض الفواكه في الإعتبار.
لذلك و في نهاية المطاف ، فإنه غالباً ما تكون النصيحة البسيطة هي الأفضل ، ويجب التكرار هنا:
حتى في الحيوانات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالبشر، مثل الغوريلا و الشمبانزي ، يلعب النظام الغذائي دوراً هاماً وليس الجينات .
حيث يبدو ذلك الدور جلياً في تكوين و تركيب الميكروبيوم في أمعائهم.
و تقدم هذه الحيوانات موضوعات دراسية رائعة ، لأننا قادرون على تغيير بيئات معيشتهم بشكل جذري والتحكم الصارم في النظام الغذائي الذي يستهلكونه.
مرة أخرى ، يتلخص العلم الجديد في استنتاجات مألوفة لنا، لتحويل الميكروبيوم الخاص بنا من نمط النظام الغذائي الغربي إلى نمط آخر ،
(و مع الرغبة القوية في انخفاض مخاطر الإصابة بأمراض القولون العصبي والسمنة والنوبات القلبية والسكتة الدماغية) و يجب أن نهدف إلى تقليل استهلاكنا للأطعمة المصنعة والتركيز في الغالب على أخذ بعض النباتات والفاكهة في عين الإعتبار.