أظهر بحث جديد من دراسة كبيرة أن انخفاض اللياقة القلبية التنفسية و قوة العضلات (الياقة البدنية) لهما علاقة كبيرة بـ الصحة العقلية السيئة.
حيث أفاد الباحثون بوجود صلة واضحة بين تدني اللياقة البدنية و خطر المعاناة من أعراض الاكتئاب أو القلق أو كليهما.
و وجدت الدراسة ، التي شملت أكثر من 150 ألف مشارك ، أن اللياقة القلبية التنفسية cardiorespiratory fitness و قوة العضلات تساهم بشكل مستقل في زيادة مخاطر تدهور الصحة العقلية.
مع ذلك ، رأى الباحثون الارتباط الأكثر أهمية عندما نظروا إلى لياقة القلب و الجهاز التنفسي و قوة العضلات معاً.
و للعلم قد يساعد البحث ، الذي يظهر في مجلة BMC Medicine ، في توفير الإرشادات السريرية حول الصحة العقلية و اللياقة البدنية.
وفقاً لجمعية القلق و الاكتئاب الأمريكية Anxiety and Depression Association of America، فقد عانى 18.1٪ من البالغين في الولايات المتحدة من اضطراب القلق العام الماضي. بالإضافة إلى ذلك ، لاحظ المعهد الوطني للصحة العقلية National Institute of Mental Health أن 7.1٪ من البالغين في الولايات المتحدة يعانون من نوبة اكتئاب شديدة.
كذلك هناك أدلة متزايدة على أن النشاط البدني قد يساعد في منع أو علاج حالات الصحة العقلية.
و مع ذلك ، لا تزال العديد من الأسئلة بحاجة إلى إجابة. على سبيل المثال:
من المهم أن يكون لديك دليل تفصيلي على العلاقة بين النشاط البدني و الصحة العقلية ، بالإضافة إلى الآليات التي قد تكمن وراءه. حيث أنه باستخدام هذه المعلومات ، يمكن للأطباء تقديم المزيد من الإرشادات الموجهة للأشخاص الذين يعانون من حالات الصحة العقلية.
للبدء في الإجابة على بعض هذه الأسئلة ، قام فريق من الباحثين بتحليل مجموعة بيانات كبيرة موجودة والتي سمحت لهم بالبناء على فهمهم للارتباط بين اللياقة البدنية والصحة العقلية.
بين أغسطس 2009 وديسمبر 2010 ، خضعت مجموعة فرعية من المشاركين في البنك الحيوي في المملكة المتحدة - يبلغ عددهم 152،978 مشاركاً - لاختبارات لقياس لياقتهم البدنية.
و قام المحققون بتقييم اللياقة القلبية التنفسية للمشاركين من خلال مراقبة معدل ضربات القلب قبل وأثناء وبعد اختبار التمرين دون الحد الأقصى لمدة 6 دقائق على دراجة ثابتة.
كذلك قاموا بقياس قوة قبضة المتطوعين ، و التي استخدمها الباحثون في هذه الدراسة كبديل لقوة العضلات.
إلى جانب اختبارات اللياقة البدنية هذه ، أكمل المشاركون استبيانين سريريين قياسيين يتعلقان بالقلق والاكتئاب لإعطاء الباحثين لمحة عامة عن صحتهم العقلية.
و بعد 7 سنوات ، قام الباحثون بتقييم قلق كل شخص واكتئابه مرة أخرى باستخدام نفس الاستبيانين السريريين.
في تحليلهم ، أخذ الباحثون في الحسبان العوامل المربكة المحتملة ، مثل:
إذ أن المشاركين الذين تم تصنيفهم على أنهم يعانون من ضعف اللياقة القلبية التنفسية و قوة العضلات لديهم احتمالات أعلى بنسبة 98٪ للإصابة بالاكتئاب و 60٪ احتمالات أعلى للتوتر.
كما نظر الباحثون في العلاقات المنفصلة بين الصحة العقلية و اللياقة القلبية التنفسية ، و الصحة العقلية وقوة العضلات.
و وجدوا أن كل مقياس من مقاييس اللياقة كان مرتبطاً بشكل فردي بتغير في المخاطر و لكن أقل أهمية من مجموعة التدابير.
وفقاً لآرون كاندولا Aaron Kandola، المؤلف الرئيسي للدراسة و مرشح الدكتوراه في قسم الطب النفسي في يونيفرسيتي كوليدج لندن ، المملكة المتحدة:
"في دراستنا ، قدمنا دليلاً إضافياً على وجود علاقة بين الصحة البدنية والعقلية، و أن التمرين المنظم الذي يهدف إلى تحسين أنواع مختلفة من اللياقة البدنية ليس مفيداً لصحتك البدنية فحسب ، بل قد يكون له أيضاً فوائد للصحة العقلية."
إن الدراسة هي عبارة عن دراسة مستقبلية قوية مع فترة متابعة طويلة مدتها 7 سنوات، مع مقاييس موضوعية لكل من عامل الخطر (لياقة القلب والأوعية الدموية وقوة العضلات) و النتيجة (الاكتئاب أو القلق أو كليهما).
و على الرغم من أنه يوضح وجود علاقة بين اللياقة البدنية و نتائج أفضل للصحة العقلية ، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة وجود علاقة سببية بين الاثنين. على سبيل المثال ، قد يكون الأشخاص الذين يتمتعون بصحة عقلية أفضل هم أكثر عرضة للبقاء في حالة نشاط بدني.
ومع ذلك ، نشر الباحثون تقنيات إحصائية مختلفة يقولون إنها تشير إلى أنه من المحتمل أن تكون هناك علاقة سببية بين اللياقة البدنية و الصحة العقلية الأفضل.
بالإضافة إلى التكيف مع العوامل المربكة المحتملة المرتبطة بمستويات اللياقة المنخفضة والاكتئاب والقلق - مثل التدخين - أجرى المؤلفون أيضاً عدداً من تحليلات الحساسية.
إذ أنهم قاموا بفحص السببية العكسية (عندما تكون النتيجة هي السبب في الواقع) عن طريق استبعاد الأشخاص الذين كانوا مكتئبين أو قلقين في بداية الدراسة. كما قاموا بتغيير القيم الفاصلة التي تحدد ما إذا كان الناس يعانون من الاكتئاب. لم يغير أي من هذه التحليلات النتائج التي توصلوا إليها.
و ما تبقى هو الحاجة إلى إظهار الآليات التي قد تفسر هذه العلاقة.
على الرغم من ذلك ، لا تزال النتائج مهمة. بالإضافة إلى تقديم المزيد من الأدلة على الآثار المفيدة للنشاط البدني على الصحة العقلية ، تعد الدراسة أيضاً واحدة من أولى الدراسات التي تستخدم مقاييس موضوعية للياقة البدنية للقيام بذلك.
و بالنسبة للباحثين ، قد يعني هذا أن مقاييس اللياقة البدنية الكمية ، و على وجه الخصوص ، مقاييس كل من لياقة القلب والجهاز التنفسي وقوة العضلات - بدلاً من التقارير الذاتية للنشاط البدني - يمكن أن تكون بمثابة مؤشرات على مخاطر الصحة العقلية للأطباء.
<blockquote class="blockquote">بشكل مشجع ، لاحظ الباحثون أن الشخص يمكنه تحسين لياقته البدنية بشكل مفيد في أقل من 3 أسابيع.</blockquote>استناداً إلى أرقامهم ، قد يقلل هذا من خطر إصابة الشخص بحالة صحية عقلية شائعة بنسبة تصل إلى 32.5٪.
بالنسبة إلى كاندولا Kandola ، فإن النتائج وثيقة الصلة بشكل خاص بالنظر إلى آثار جائحة COVID-19 الحالي.
و يضيف كاندولا: "إن التقارير التي تفيد بأن الناس ليسوا نشيطين كما اعتادوا، أن تكون مقلقة ، وأكثر من ذلك الآن بعد أن أغلقتْ عمليات الإغلاق العالمية الصالات الرياضية،
و تم تقييد الوقت الذي يقضيه الناس خارج المنزل، فالنشاط البدني جزء مهم من حياتنا و يمكن أن يلعب دوراً رئيسياً في الوقاية من اضطرابات الصحة العقلية."