حسن الخلق مع الناس ، لا يختلف مجتمع أو أمة مهما كانت ثقافتها على أهمية وضرورة الأخلاق، والحاجة الماسة لتحلي الافراد بها، وما يترتب على التخلي عنها وعدم الالتزام بها من عواقب وخيمة، فهناك شواهد دينية وتاريخية كثيرة تؤكد أن تدني الأخلاق وانحدار مستواها وتخلي الأفراد عنها يؤدي لزوال الحضارات والأمم وتردي أحوالها، ومن هذه الشواهد ما جاء في القرآن الكريم من قول الله تعالى وهو يصف قوم ثمود وفرعون وما كان منهم من فساد كبير، حيث يقول: “وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ*وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ*الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ*فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ*فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ”.
<a name=\'more\'></a>[/p]
الأخلاق في اللغة تعود إلى الجذر اللغوي خلق، وهو راجع لأصلين الأول يفيد بملامسة الشّيء، وأمّا الثاني فيفيد تقدير الشيء؛ وهو الأصل الذي ترجع إليه لفظة الأخلاق؛ لأنّ صاحبه يُقدَّر عليه، ومفرد الأخلاق الخُلُق، وهو كما قال ابن منظور في لسان العرب: الدّين، والطّبع، والسجيّة.
أما الأخلاق في الاصطلاح: فالعلماء ذكروا لها عدة تعريفات، فمنهم من عرّفها بأنّها هيئة راسخة في النّفس؛ تصدر عنها أفعال الإنسان بيسر وتلقائية دون حاجةٍ لتفكير، وعلى هذا المعنى فإن مفهوم الأخلاق بشكل عام يشمل الهيئات الحَسنة والسيّئة؛ أي أن النفس إذا صدر عنها فعل حسن سميت خلقًا حسنًا، وإذا صدر منها فعل سيء سميت فعلاً سيئًا.
وتعريف الأخلاق الحَسنة على وجه الخصوص، فهو كما عرّفها بعض المُحدّثين هي تصور وتقييم ما ينبغي أن يكون عليه السلوك متماشيًا في ذلك مع مثل أعلى، أو مبدأ أساسي تخضع له التصرفات الإنسانيّة، ويكون مؤازرًا للجانب الخير في الطبيعة البشرية.
الأخلاق سلوك وصفة ترسخ في النفس وتصدر بتلقائية، لذا فأنها ليست أمرًا يلزم الإنسان به أو يجبر عليه، ولكي يكون الإنسان حسن الخلق مع الآخرين يجب عليه أن يقوم ببعض الافعال والتصرفات التي تمكنه منها ونرصد منها في النقاط التالية:
للأخلاق الحسنة فوائد وثمرات عديدة يحصل عليها من يتحلى بها ويمثلها في تصرفاته وأفعاله وسلوكياته، وهذه الفوائد والثمرات منها ما هو ثواب يناله الفرد في الآخرة، ومنها ما هو ثواب في الحياة الدنيا، فالثواب في الآخرة يتمثل في الحصول على محبّة الله -تعالى- ومحبّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، والفوز برضا الله -تعالى- وجنّته، فقد قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه جابر بن عبد الله رضي الله عنه، حيث قال: “إنَّ من أحبِّكم إليَّ، وأقربِكم مني مجلساً يومَ القيامةِ أحاسِنكم أخلاقاً، وإنَّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني مجلساً يومَ القيامةِ الثَّرثارونَ، والمُتشدِّقونَ، والمُتفيهقونَ، قالوا: قد علِمْنا الثرثارونَ والمتشدِّقونَ، فما المتفيهقونَ؟ قال: المُتكبِّرونَ”.
وممّا روي عن الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أيضاً، أنّه تعهّد ببيتٍ في أعلى الجنّة لمن كان حَسَن الخُلُق، فقال: (أنا زعيمٌ ببيتٍ في رَبَضِ الجنةِ لمَن تَرَكَ المِراءَ وإن كان مُحِقّاً، وببيتٍ في وسطِ الجنّةِ لمَن تركَ الكذبَ وإن كان مازحاً، وببيتٍ في أعلى الجنةِ لمَن حُسُنَ خلقُه).
ومن ثواب حسن الخلق في الحياة الدنيا، يعود على صاحبه بتكريمه ممن حوله من الناس، وينال محبتهم ورفعة مكانته ومنزلته بينهم بحسن خلقه واستقامة سلوكه، وفي إحسان الإنسانلخلقه تكريم لنفسه، وتجنب الإساءة والإهانة من قبل الآخرين.