قد تكون هدية التلقي، هي أصعب درس على الإطلاق.
بالتأكيد هناك الكثير و الكثير ممن يعتقدون بأن العطاء هو أنبل من الأخذ و التلقي.
حيث أن هذه الفكرة (الافتراضية) تحمينا من أن نتمركز حول ذواتنا. و لكن بالطبع فإن إدراك احتياجات الآخرين و الشعور بمشاعرهم (و تقدير هذه المشاعر)، و كذلك الاستجابة لمن هم أقل حظاً، يحمينا من النرجسية الجامحة التي تنتشر اليوم.
<a name=\'more\'></a>[/p]<blockquote class="blockquote">بالتأكيد لـ العطاء سرٌ لا يفهمه إلا من اختبر تلك المشاعر النبيلة التي تتولد داخل النفس. و لكن لابد لنا من الانتباه إلى أن العطاء دون التلقي سيولد مشكلة ربما أكبر مما نتصور، مع الأخذ بعين الاعتبار صعوبة التلقي (الأخذ) عند البعض.</blockquote>[p]هناك قوة مقدسة في منح الهبة (الهدية)، و تلقيها ، بما في ذلك الهدية نفسها. فهي و عندما تكون غير مرهونة أو غير مشوبة بمشاعر المصالح ، فإنها توفر الكثير من الفرح الذي يغذي القلب أكثر من أي تجربة أخرى.
و يتم التعبير عن هذه الطاقة الثلاثية مراراً وتكراراً في ديانات متعددة و في الاحتفالات الروحية - ربما لأنها ، في جوهرها ، تمثل الحب عملياً .
إنني أتذكر توفير كل الأموال التي كسبتها من خلال الأعمال المنزلية و الوظائف عندما كنت طفلة و السير لأميال إلى بائع الزهور للحصول على باقة زهور لأمي لأنني سمعتها تقول ذات مرة بأنها لم تتلق الزهور من قبل، و أنها لطالما رغبت بها دائماً.
لقد كانت الفرحة التي ملأتني بالعمل الجاد و الادخار لهذه المفاجأة هائلة.
كما أن الأزهار كانت جميلة و رائعة لدرجة أن عينيّ امتلأتا بالدموع و كان القلب متحمساً لتقديمها لها.
و لدى تقديمها لوالدتي ، انفجرت أمي بالبكاء عند رؤيتها . و عانقتني مراراً و تكراراً، و هي تصرخ من الإثارة و الامتنان.
لقد شعرت بسعادة أكبر في امتنانها ، و استمتعنا معاً بهذه الزهور إلى أن سقطت بتلاتها النهائية. لقد كانت تجربة رائعة لا تزال ذكرى سحرية عزيزة حتى يومنا هذا.
و لكن ماذا يحدث عندما نمنع التدفق الثلاثي للحب؟
و ماذا يحدث عندما نرفض تقديم هدية و / أو نرفض تلقيها و / أو نتجاهلها؟
إنني أظن أن حجب أي جانب من جوانب التدفق الثلاثي للحب هو السبب الجذري للعديد من المشاكل في العالم - و في علاقاتنا الشخصية.
إذ أن هناك البعض من الناس - ربما غالبية الناس - أفضل في العطاء مما هم عليه في التلقي.
و هم سيقولون أنك ما كان يجبأن تمنحهم هدية.
و الأسوأ من ذلك ، يمكنهم أن يطلبوا منك إعادتها حتى تتمكن من توفير المال.
بل أسوأ من ذلك ، فإنهم يرمونها جانباً دون أي تقدير و يتجاهلونها تماماً.
أذكر ذات مرة أنني قمت بعمل كروشيه للصلاة لشريكي المصاب بالسرطان. لقد حملها في كل مكان معه و كان يعتز بها.
و قد كانت هذه محاولتي الأولى في تجربة عمل الكروشيه ، و كانت فوضى بائسة لأنها لم تكن حتى بطانية أو وشاح أو قبعة.
و مع ذلك ، فقد جعلني أشعر بأنني مميز و ذو قيمة أكبر بمدى تقديره لها، و كيف احتفظ بها معه (حتى أثناء وفاته).
إنني لا أقول أنه يجب تبجيل كل هدية بهذه الطريقة ، و لكني أطلب منك التفكير في كيفية تلقي الهدايا.
إنني أتذكر قصة الرجل الذي غمرت المياه منزله بسبب عاصفة. لقد كان يصلي لله و يطلب العون منه .
ثم أتى الجيران إلى الباب حيث بدأ الماء في التراكم على الأرض.
و هنا قال لهم أن يمضوا قدماً لأن الله سينقذه.
و عندما تتحول البوصات بسرعة إلى عدة أقدام من الماء ، يمر قارب الإنقاذ بصفارات الإنذار و ينادي على جهاز اتصال داخلي للأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة في الإخلاء.
إلا أن الرجل يتجاهل القارب معتقداً أن الله سيفعل شيئاً .
و بمجرد أن تغمر المياه المنزل بالكامل و يصعد الرجل على السطح ، تقترب مروحية، و حتى هذه اللحظة لا يزال الرجل، يرفض المساعدة و يصرخ أن الله لديه خطة.
و هكذا ، تنتهي القصة بدخول الرجل الجنة و سؤاله الملاك عند البوابة:
لماذا لم يساعده الله ؟؟
فيجيبه الملاك : " لقد أرسل الله لك الجيران ، و أرسل قارب إنقاذ ، و أرسل بعد ذلك طائرة مروحية و رفضت كل ذلك".
إننا من هذه القصة نعي أنه يجب عليك عزيزي القارئ أن تتحقق مع نفسك و أن تقيّم الكيفية التي تتلقى من خلالها الحب و الهدايا من الأشخاص من حولك.
إذ من السهولة بمكان أن تقسو تلك القلوب التي تأذت و كسرت و ذلك كوسيلة لحماية النفس.
و مثل الرجل في المنزل المغمور بمياه الفيضان ، يمكن للقلب المتصلب أن يحكم على الهدايا و الحب من الآخرين على أنها ليست ذات قيمة أو هامة بما يكفي.
و لاشك أنه من الممكن للمودة أو الألفة الحقيقية أن تجعلنا نشعر بالمخاطرة ، كما أن محاولات إبقاء الحب على مسافة ذراع أو الحفاظ على قلب المرء محمياً من خلال العطاء فقط، و عدم التلقي يمثل مشكلة لأنها جميعاً تمنع التدفق الثلاثي للحب.
و أي انسداد في أي منطقة من التدفق سيمنع المرء من تجربة هدية الحب بشكل كامل.
تذكر عزيزي القارئ أن قلبك ما هو في حقيقة الأمر إلا عطية و هبة، تعطي و تتلقى. و كلاهما (التلقي و العطاء ) أمران حيويان .
لذا ، قم بتنظيف هذه الأقنية و اسمح بتدفق الحب لتشفى، و تكتشف سحر العطاء و الاستلام : هذا السر الإلهي العظيم ، و العلاقة الحميمة الحقيقية مع الآخرين .