إن تجنب الأنشطة الممتعة لإعادة ضبط " كيمياء المكافأة reward chemical" في الدماغتبدو رائعة .
إلا أن الأمر السيء للغاية يكمن في أن طريقة عمل الدوبامين ليست كذلك.
إن ممارسة أي شيء أو التدريب هو في الظاهر تجنب أي محفزات ممتعة أو مثيرة من أجل إعادة معايرة مادة "المكافأة reward " الكيميائية في الدماغ .
وبمعنى آخر ، أنت تتخلى بشكل مؤقت عن الطعام وال**والمخدرات والموسيقى والتمرينات والمحادثات والبريد الإلكتروني والإنترنت - أي شيء يمكن أن يؤدي إلى إطلاق الناقل العصبي neurotransmitter .
(فلا يوجد نظام صيام الدوبامين المتفق عليه ، على الرغم من أن معظم الناس يميلون إلى اتباع القيود لمدة تصل إلى 24 ساعة.)
ينبع صيام الدوبامين من فكرة أن الوابل المستمر من الوجبات السريعة junk food ، والمواد الإباحية porn ، ووسائل التواصل الاجتماعي .
والعقاقير أو المخدرات الترفيهية recreational drugs ، والتسوق عبر الإنترنت ، وحتى النجاح المهني قد أخفى تقدير الناس للمتع الصغيرة في الحياة و ساهم في تبلد أحاسيس الإمتنان تجاهها .
إلا أن الأمل يكمن في أن تؤدي نوبات الزهد المتقطعة إلى مسح المستقبلات الكيميائية chemical receptors وإعادة ضبط مستويات الدوبامين في الدماغ .
مما يسمح للناس بتجربة والتمتع بالإندفاعات الصغيرة من الدوبامين التي تأتي من خلال الحياة اليومية بدلاً من الاستجابة فقط للطفرات و الأعاصير الكبيرة الملفقة.
إلا أن هناك مشكلة واحدة فقط وهي : هذه ليست الطريقة التي يعمل بها الدوبامين.
يقول جيف دالي Jeff Dalley ، أستاذ علم النفس والطب النفسي في جامعة كامبريدج University of Cambridge والذي قام بدراسة المادة الكيميائية لأكثر من 20 عام : "هذه الفكرة هي أن الدوبامين هو ذلك الضجيج والاندفاع و مؤشر السعادة السرور وكل ذلك ...
إلا أنه لا يوجد هناك دليل على أن [هذه المشاعر] مرتبطة بالدوبامين على الإطلاق!".
وبدلاً من ذلك ، كما يقول ، فإن الدوبامين هو "الأشياء التي تحدث مسبقاَ ، كدافع الشهية و الإعجاب الفعلي وجميع التأثيرات الهادونية أو تأثيرات المتعة أو اللذة التي نعتقد أنها على الأرجح هي نظام الأفيونيات opioid system. ".
<blockquote class="blockquote">" يلعب الدوبامين دور الوسيط حيث أن الصيام عن السلوك الاندفاعي أو التلقائي، لا يؤدي إلى انتفاخ اللسان ، أليس كذلك؟"
</blockquote>يشارك الدوبامين ، مثل كل المواد الكيميائية العصبية neurochemicals ، في العديد من العمليات في جميع أنحاء الدماغ والجسم. و يعد ذو سمعة سيئة بسبب تورطه في مسألة إدمان المخدرات، مما دفع الناس إلى الاعتقاد بأن الدوبامين كان مادة كيميائية مسؤولة عن المتعة و النشوة pleasure chemical.
ولكن العلماء في الواقع ، يعتقدون أن أكبر اندفاع في الدوبامين يحصل عند توقع الحصول على مكافاة ما ، و ليس كرد فعل أو استجابة للحصول عليها بشكل فعلي .
أما الآن فيعتقد الباحثون أن الدوبامين هو عبارة عن إشارة بارزة أو مؤشرملحوظ وظيفته أن يقوم بإخبارالدماغ بما يجب الانتباه إليه .
و هذا يتناسب مع أحد الأدوار المهمة الأخرى للكيمياء العصبية: تسهيل التعلم facilitating learning . حيث يقوم الدوبامين بتعليم الدماغ تكرار السلوك أو التجربة التي كانت ممتعة أو مفيدة ، لكنها لا تسهم في الشعور بالمتعة نفسها.
وفي حين أن مصطلح "صيام الدوبامين dopamine fasting " يعد تسمية خاطئة ، فإن الممارسة لا تخلو تماماً من أي دعم علمي.
ويقول بيتر ستيرلينغ Peter Sterling ، أستاذ علم الأعصاب بجامعة بنسلفانيا University of Pennsylvania : "إن هذا الأمر لا يتسم بالغباء تماماً ".
و يتابع قائلاً : "إن هذه الأفكار التي تدور حول إعادة الضبط عن طريق الحد من الإفراط في التحفيز تساهم في خلق نوع معين من الشعور او الإحساس البيولوجي ؛ إنها تسمح للنظام بإعادة ضبط مسألة الحساسية sensitivity. "
صحيح أنه عندما يكون الدماغ أو الجسم مثقلان بمادة كيميائية ، يمكن أن تصبح مستقبلات المادة الكيميائية أكثر من اللازم .
ونتيجة لذلك ، تصبح المستقبِلات إما ذات حساسية أضعف للمادة الكيميائية ، أو يتم امتصاصها في الخلية ولم يعد بالإمكان الحصول عليها مجدداً بعد الآن أي أنها لم تعد متاحة.
و هناك مثال تقليدي على ذلك وهو مقاومة الأنسولين insulin resistance ، حيث تتوقف الخلايا عن الاستجابة للهرمون بعد سنوات من غمرها به و إغداقها به . إلا أن هذا يحدث فقط في حالات التعرض الشديد والمطول.
يقول دالي Dalley : "إذا كان لديك بالفعل تحفيز أو تنبيه مكثف بفعل عقاقير التنشيط النفسي(الأدوية النفسية المنشطة) psycho-stimulant drugs – مثل الكوكايين cocaine ، و الأمفيتامين amphetamine - وكنت تتناول هذه الأدوية باستمرار لفترة طويلة من الزمن ، فإن الأنظمة [الناقل العصبي amphetamine] تصبح منهكة".
و يضيف دالي : " إلا أنني كنت سأتساءل عما إذا كانت الأحاسيس اليومية فقط ستكون كافية فيما يتعلق بمقدارها أو كميتها لإحداث أي تأثير دائم على أي نظام.
و أنا أعني ، أن [الناقلات العصبية neurotransmitters] قد تأقلمت من أجل تضمين الأحاسيس في حياتنا. "
إن هذه الحالات هي الحالات القصوى أو المتطرفة التي يقول فيها كاميرون سيباه Cameron Sepah ، أستاذ علم النفس المساعد في الطب النفسي بجامعة كاليفورنيا University of California ، سان فرانسيسكو San Francisco ، أنه كان يستهدفها عندما ادعى أنه أشاع عبارة "صيام الدوبامين dopamine fasting" في أغسطس من هذا العام .
(تعزو مقالة فوكس Vox الفكرة الأصلية إلى جريغ كامفوس Greg Kamphuis ، الذي نشر مقالة بعنوان أربعون يوماً من صيام الدوبامين A 40 Day Dopamine Fast في فبراير 2017 ؛ و هناك مقالة بديلة تنسب صيام الدوبامين لإحدى القنوات" Improvement Pill " في اليوتيوب ، و التي كانت قد نشرت لأول مرة عن صيام الدوبامين في نوفمبر 2018.) .
و قد أبلغ العديد من عملاء سيباه Sepah عن وجود إدمان سلوكيعلى أشياء مثل الإنترنت أو هواتفهم الذكية.
و لكن الامتناع الكامل - البروتوكول القياسي لاضطرابات تعاطي المخدرات the standard protocol for substance use disorder - من هذه التقنيات غير عملي بالنظر إلى المطالب المهنية أو الشخصية.
لذلك فقد بدأ كاميرون سيباه Cameron Sepah التوصية بـ "بروتوكول يركز على الاعتدال ويستند إلى الوقت" في محاولة منه لتقليل الوقت الذي يقضيه الناس في السلوك الإشكالي (السلوك الذي يسب المشكلة problematic behavior)
لقد كان المقصود من هذه الممارسة أن تكون تمريناً في ضبط النفس لكسر العادات السيئةالتي يمكن أن يساعد الدوبامين في غرسها ، وليس أن يكون تمريناً رهبانياً في الحرمان.
وفي مدونة تدور حول هذا الموضوع ، كتب سيباه Sepah قائلاً: " لكي نكون واضحين ، نحن لسنا صائمين من الدوبامين نفسه ، ولكن عن السلوكيات المتهورة التي تدفع إلى تعزيزه و تقويته ".
مواضيع ذات صلة :
عندما سئل عن سبب وصفه لممارسة "صيام الدوبامين" ، أجاب سيبه Sepah عبر البريد الإلكتروني قائلاً : " إن الصيام عن السلوك المتهور و المندفع الذي يسببه الوسيط الدوباميني Dopamine-Mediated Impulsive Behavior Fasting لا يؤدي إلى انتفاخ اللسان ، أليس كذلك؟"[/b]
[b]ولو كنت أعرف أن وسائل الإعلام قد تتسبب في حدوث مثل هذا الالتباس ، فربما كنت سأطلق عليه [شيء آخر]. إلا أن الأمور خرجت عن سيطرتي ".
و في النهاية ، ربما سيكون من المفيد لنا جميعاً لو أننا نقوم بقضاء وقت أقل على عيوبنا (و أجهزتنا) ، وهولن يقوم بالتسبب بأي ضرر.
لذا ، دع عنك هاتفك الذكي ، وانطلق إلى الخارج ، واقرأ كتاباً – و لكن لا تطلق عليه صائم الدوبامين.
[h4][/h4]