رواية ندوب من الماضي الجزء الثاني للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الرابع عشر
في مقر شركات اورليوس بنيويورك وقف باتريك يتأمل البنايات الشاهقة لجادة منهاتن، في هذه البناية الزجاجية الضخمة وسط العاصمة الامريكية، اصبح انسان مختلفا بعيدا عن حقيقته، قبل 7 سنوات: تريد ان تكون واحدا منا بيتروس.
تامل بيتروس عمه بنظرات جليدية كان يتفرس الرجل ذي العينين الضيقيتين اللتان تشعان بخبث بنظرات ممزوجة بالألم والحقد، عمه كان السبب الرئيسي الذي دفع والده لتركهم، والان بعد كل تلك السنوات وبعد وفاة والده دون حتى السؤال عنهم يأتي هذا العم الحاقد ليعرض عليه لقب عائلته الكريم، مستحيل قال باتريك وهو يلوي شفتيه بسخرية، العجوز يريد حتما شيئا في المقابل.
لم يكن ذنبه انه ولد لام أمريكية لا ينكر ان هذه الام التي نبذها والده لم تتوانى ولو للحظة في بدل الغالي والرخيص لكي يدخل ارقى الجامعات ويحصل على شهادة عليا، ارهقت نفسها في العمل من اجل ان يحظى هو بالراحة، وهو بدوره كان وفيا للوعد الذي قطعه لها، تخرج الاول على دفعته بجامعة ييل محاميا فذا وعقلية قوية ليدرس بعدها ادارة الاعمال في هارفرد ويصبح اهم مستشار قانوني لمجموعة اورليوس باميركا.
للاسف لم يمهلها القدر لرؤيته ناجحا، سلبها الموت منه حتى قبل ان ترى ثمار مجهودها، جز على اسنانه بعنف وخرجة اهة قوية من صدره دون شعور. ماهو المقابل قال باتريك بعجرفة مجموعة اورليوس رد العجوز ببرود.
شخر باتريك باستهزاء جعلت العجوز يبتسم. قبل ان ينهض الاخير من وراء مكتبه ويقترب من حيث وقف العجوز ليقول: هل تظن انني ساخون العائلة التي جعلت مني ما انا عليه اليوم فقط لان عمي العزيز والذي لم يهتم بوجودي منذ سنوات قد اتى إلى و طلب ذلك بكل تواضع، اظن انك اصبحت عجوزا واصبت اخيرا بالخرف،.
ربما قال العجوز بهدوء، مقتربا من الكرسي الجلدي الفاخر المقابل لمكتب لباتريك وجلس دون انتظار دعوة وهو يقول بحرقة طغت على كبرايئه اليوناني وقسوته الشديدة: انت تعلم انني لم ارزق سوى بابنة وحيدة. وللاسف هي فارقت الحياة منذ وقت قصير، ولهذا انا سأجعل منك وريثي. فتح باتريك عينيه غير مصدق، اتقول وريثك.
اقترب العجوز منه ووضع يده على كتفه بحزم وهو يقول، كل شيء بيتروس فكر بالامر، كل ثروتي وثروة والدك ستعود اليك، انت من ستحمل اسم العائلة بعدي انت من ستنتقم لموتها. انتقم لموتها؟ سأل باتريك بحدة ما الذي تقصد، رغم كل الاحقاد الى ان دمه كان يغلي ليعرف قاتل ابنة عمه والسبب الذي جعله يدفن وردة بعمرها لم تدق طعم الحياة بعد. نيويورك في الوقت الحالي.
جالسا وراء مكتبه الفخم يتامل السماء الغائمة بعينين قاسيتين، سرح بافكاره بعيدا وتغضن جبينه رغم انه لم يبلغ الرابعة و الثلاثين بعد لكنه يحس وكانه اصبح كهلا في ظرف سنوات قليلة، اتراه قادرا على اكمال ما بداه اهو بتلك الحقارة فعلا لكي يدخل الابرياء في لعبته المدنسة بالكثير من الدناءة والاثام. زفر بالم وهو يحس بان قلبه يذوب من البراكين التي تتاجج بداخله، لقد وقف على شاهد قبرها سكب دمعتين يتمتين على الزهرة التي لم تتفتح والتي داسها سليل المجد دون شفقة ولارحمة، هو لايريد ان يكون نذلا مثله، لطالما قالت والدته ان المراة كالبلور أي شيء قد يكسرها أي كلمة قد تجرح مشاعرها، كيف وهو يفكر بكسر قلبها وبعثرة مشاعرها كالرماد، فقط لان حظه وحظها العاثر جمعهما في لعبة دخلها بكامل ارادته.
تنفس بعمق قبل ان ياخذ هاتفه ويزم عل شفتيه وهو يطلب الرقم، رن الهاتف مرة ومرتين قبل ان يأتي صوتها الرقيق من الجهة الأخرى محملا بالكثير من الشجن والعذاب جعل قلبه يدوي دون شعور. صوفية ما بك. سأل باتريك متصنعا عدم المعرفة انه ابي، ابي باتريك مابه والدك رد باتريك وهو ينتظر التفاصيل التي هو على علم بها منذ مدة.
حالته حرجة قالت صوفية بصوت يقطر حزنا. لقد عانى من مضاعفات للجراحة التي اجراها، انه بالعناية الفائقة الان ونحن في انتظار زراعة القلب التي سيخضع لها انا اسف لكل ما تمرين به صوفية، اتمنى لو كنت بجانبك الان وانا اتمنى ذلك باتريك ردت صوفية وهي تنتحب بالم. زفر بقوة قبل ان يقول: صوفية انا ساكون في اليونان اليوم، ساتصل بك فور وصولي.
وضع باتريك الهاتف بيد باردة فوق سطح مكتبه، قبل ان يقترب من الزجاج الذي يغطي النافذة السميكة وهو ينظر الى البعيد. انتهت المرحلة الاولى من الانتقام، الان ستمرون بكل ما مرت به ضحيتكم، اتمنى ان تكونوا مستعدين في فيلا ديمتريوس.
فتح ديم عينيه بتكاسل بعد ليلة طويلة من السهاد، لم ينم خلالها سوى نوم مظطرب مليء بالكوابيس المزعجة، ضغظ بقوة على صدغه محاولا ان يوقف الصداع الذي يشعل راسه دون رحمة، اخد حبتين من علبه الدواء الموضوعة بجانبه وابتلعهما دون رشفة ماء، قبل ان ينهض ويدلف الى الحمام، فتح رشاش المياه وتركها تتدفق على راسه وجدعه القوي. كان غارقا في التفكير كوابيسه عادت لتضرب راسه منذ عودته الى اليونان، نفس الكابوس الغريب يتكرر انجلينا واقفة على قمة التل الصخري تنظر بيأس الى الافق قبل ان ترمي بنفسها لتبتلعها الامواج المتلاطمة.
يعلم ان الكابوس لم يكن يخص انجي، لكن لما دائما صورة انجي هي المطبوعة في خياله ولما الان. المه يزيد، وصداع راسه اصبح مستحيلا، اقفل ديم المياه المتدفقة ولف خصره بفوطة وخرج ليصدم برؤيتها. ما الذي تفعلينه هنا قال ديم بغضب الم اطلب منك المغادرة امس جف حلقها وهي تنظر الى ديم الذي كان واقفا بجسده البرونزي الرائع التقاسيم وطوله الفارع الذي جعلها تقترب منه دون شعور.
حبيبي لا يمكن ان تكون جادا، انا لا استطيع العيش بدونك قالت بصوت حزين لكنني استطيع رد ديم ببرود والان من فضلك غادري قبل ان أصبح فجا في تعاملي معك. فتحت بريانا عينيها بذهول لما كل هذه القسوة ديمتريوس اشاح بوجهه عنها متاملا بحر ايجة بزرقته الرائعة، بالتاكيد لم يكن يوما قاسيا، لكنها اخرجت الوحش الكامن بعمق روحه، وحشا مستعدا لاحراق كل شيء فقط لتكون له، اه انجلينا لما عدت لما الان.
كان غارقا في افكاره، احس برجفة لملمس اصابع بريانا على رقبته وكتفيه، ضمته بقوة وهو تقول لا تتركني اتوسل اليك، لا يعرف أي شعور جعله ينظر اليها وهو يرى حبيبته وسيدة احلامه ماثلة امامه، يا الهي انت هنا قال ديم بوله حقيقي واخيرا اتيت لا تعلمين كم انتظرتك، امسك بشعرها الناعم يتحسسه قبل ان يقترب لياخد خصلة يتنفسها بعمق، اخيرا عدت لي ملاكي. في كافتيريا المستشفى باثينا.
جلست انجلينا والى جانبها جلس لوشياس والذي كان يتاملها باهتمام كبير، كان يريد ان يسبر اغوار روحها، ان يعرف سبب كدرها هل فعلا عاد المرض يا الهي لا تسمح بذلك، تكفيه التجربة الاولى والتي خرج منه بندوب غائرة، الم الهجران والبرود وبعدها الحادث الذي جعل منها ضحية لبطش اخيه. زفر بالم وهو ينفث دخان سجائره الممزوجة بحرقة قلبه.
كانت انجلينا تصارع الرغبة القوية في الاغماء وهي تستنشق رائحة السجائر التي جعلتها تشعر بالغثيان هل انت بخير قال لوك باهتمام ارجوك اطفئها قالت انجلينا بصوت خافت لم اعد استطيع تحمل الرائحة علا حاجب لوك باستفسار منذ متى اصبحت حساسة لرائحة السجائر لا اعلم قالت انجلينا محاولة تفادي نظراته التي من المؤكد ستنفذ الى روحها اذا ما اعطته فرصة لتأملها.
لطالما كانت كتابا مفتوحا للوك لا يحتاج الى ان تتكلم ليعلم كل ما تريد قوله، لكنها تريد الاحتفاظ بسرها لبعض الوقت كم هو غبي اخي همس لوك بضحكة مريرة بالتاكيد لم يلاحظ انك حامل، كل ما جادت به عليه قريحته ان المرض قد عاد، لكن نظرة واحده الى وجهك واستطيع معرفة الفرق. منذ متى تخفين الامر انجلينا، قال لوك بنبرة اتهام لقد عرفت للتو لوشياس.
ارتعش فكه بقوة، رغم انه كان شبه متاكد من الامر، لكن الحقيقة من فمها جعلته يصاب بصدمة، يشعر وكانه تلقى لكمة قوية على وجهه. اذا انت حامل بالفعل انجي اظطربت انجلينا وعلت صفرة الاموات وجهها، لم يكن يعلم كان يتكهن وهي بغبائها اخبرته. لوك انا متى كنت تنوين اخباري ليست بالاخبار السارة التي ارغب بمشاركتها الان و خصوصا مع ليون لكنني ارى انكما تشاركتما اكثر من مجرد اخبار رد لوك بسخرية مريرة. لوك انا،.
لم يعد مهما انجي قال مقاطعا، انت تنوين اخباره على الاقل لا ليس الان تبا انجي اليس لديك ذرة من العقلانية، كيف تنوين تربية ثلات اطفال بمفردك.
ثارت مشاعر الغضب الدفينة والتي كانت تحاول اخفائها وهي تصرخ في وجه لوك، لقد ابتزني مجددا هو السبب في كل معاناتي انا اكرهه افضل ان احترق في الجحيم على ان اعود اليه، على كل حال لديه خطيبة فعلى الاقل دعني اخرج من هذه التجربة بالقليل من الكرامة المتبقية لدي. قبل ان اخسر كل شيئ.
رق قلب لوشياس وهو ينظر الى هشاشتها وضعفها الواضح، امسك يديها المرتعشتين وهو يقول: دعيني اساعدك ولو لمرة انجي، لمرة واحدة ثقي بأنني قادر على حمايتك، اعلم أنني لم أحمك في الماضي، لكن على الاقل دعيني احاول الان، لكن كيف قالت انجلينا وهي تنظر الى عينيه القاتمتين والتي اصبحت غير قادرة على اختراق جمودهما. تزوجيني انجلينا، دعيني أكون والد طفلك المنتظر. بالمستشفى بنيويورك.
انهى مارك حصد القلب اخيرا، تخلص من قفازيه بطريقة عصبية قبل ان يرمي بهما في سلة المهملات ويخرج من غرفة العمليات صوب مكتب ريتشارد، طرق الباب مرتين قبل ان ياتي صوت ريتشارد الهادئ يطلب منه الدخول اذا حصلت على مبتغاك اخيرا قال ريتشارد بنبرة تهكمية.
من فضلك لا تبدأ صرخ مارك بعصبية انت من اوقع بي منذ البداية انت من جعلني اوافق على شروطه اللعينة، انت لا تعلم ما الذي كنت مستعدا للقيام به للحصول على هذا القلب والعودة لاستكمال ما بدأته انت. زفر ريتشارد بضيق وهو يقترب منه، اعلم انني ضغطت عليك بشدة للموافقة لكنك كنت امله الوحيد اذا انت تعترف بانك قمت باستغلالي لا قال ريتشارد بتعال.
انا لم اقم باستغلالك، كل ما فعلته هو انني ضغطت عليك لانني اعرف انك الافضل وقف مارك والذي لم يكن مستعدا لهذر المزيد من الوقت في حوارات لا معنى لها، كان كل تفكيره معها وبالطريقة التي سيجعلها تجتاز المرض وتحاربه مرة اخرى. يجب ان ارحل الان قال وهو ينظر الى ساعته الن ترتاح قبل السفر رد ريتشارد وهو ينظر الى حالته المزرية.
انت من تحتاج الى الراحة ايها العجوز اجاب بابتسامة ساخرة قبل ان ينهض و يرحل بمشيته الواثقة. في مطار اثينا وصلت طيارة باتريك الى المطار، افتر ثغره عن ابتسامة جذابة وهو يتامل السمراء الجميلة التي كانت في استقباله، انظروا من اتى لاستقبالي اولمبيا بنفسها لمن ادين بهذا الشرف الى عمك ايها الغبي، كيف حالك بيتروس، قفزت تعانقه وهي تبتسم بسعادة، لقد مر وقت طويل الم تشتق لي.
بالطبع قال باتريك بهدوء وهو يعيد وضع نظارته القاتمة ويسحب اولمبيا خارج صالة الاستقبال. في المستشفى باثينا.
كان ليون جالسا الى جانب والده يتامل حالته بعجز مطلق، لا يستطيع تخيل ان والده القوي مسجى على السرير الابيض بهذا الضعف، كان غارقا في افكاره حول انجلينا والورطة التي تورطها مع اولمبيا، ايعقل ان يوافق على الطلاق من انجي خصوصا بعد عودة المرض¸ لم يكن يوما الى جانبها لطالما عانت الامرين بسببه، لم يكن يوما حاضرا في الوقت التي كانت هي بامس الحاجة اليه، لكن من تخدع ليون.
انت تعرف ان هناك لوك مارك حتى اخوك الحقير، كلهم مستعدون للموت في سبيلها، اثارت الفكرة غيرة شديدة ظهرت على كل ملامح وجهه المشدود، كان يضغط على فكه بعصبية، لماذا دائما الامور معقدة الى جانبك انجلينا زفر بمرارة وهو يعود لينظر الى والده النائم بهدوء بينما صدره يعلو وينخفض ليعود لافكاره القاتمة من جديد. دخل اندرياس ليفاجئ بوجود ليون جالسا في الغرفة بعقل شارد، ليون قال اندرياس بدهشة.
اقترب منه يهز كتفه، رفع ليون راسه ينظر الى الشخص الذي ايقظه من شروده. هل انت بخير انا على مايرام رد بصوته البارد، قبل ان يهم بالخروج، لكن صوت اندرياس استوقفه انها حامل ليون من تقصد رد ليون وقد ارتسم على وجهه تعبير غريب انجلينا حامل، انها تنتظر طفلا، اعلم انه ليس علي اطلاعك على الامر لكنني اعرفها جيدا هي عنيدة وانت جرحتها كثيرا من المستحيل ان تخبرك بنفسها.
شلت الصدمة عضلات ليون، كان واقفا ينظر الى اندرياس بذهول انا من قمت بالتحليل بنفسي، كانت تظن ان المرض قد عاد لكنها فوجئت بخبر الحمل. على العموم لا اعتقد ان هذا سيغير شيئا¸لكنني ظننت انك يجب ان تعلم.
بالتاكيد اشكرك قال ليون بصوت جاف، يشعر بغصة تتكون في حلقه وتكاد تطبق على انفاسه، انجلينا تنتظر طفلا منه. يا الهي مشاعره متضاربة بشكل غريب لا يعرف هل عليه ان يفرح ام ينزعج. لكن بالتاكيد لن ينزعج انجلينا حبيبته تنتظر طفلا منه، انه اجمل خبر يمكن ان يسمعه الان، والاروع انها ليست مريضة انها ستعيش وهو بالتاكيد لن يتركها ترحل، ابتسم رغم عنه للخبر وخرج ليبحث عنها.
في كفتيريا المستشفى: امسك لوك بيد انجلينا يضمها بين يديه وهو يهمس، فكري بالامر انجي، انا اريد ان اكون والد طفلك المنتظر كانت عينا انجلينا متسعتان تنظر الى لوك بغير تصديق، هل عرض عليها الزواج مرة اخرى بعد كل هذه السنوات.
ارتعشت شفتاها وشعرت بانها استنزفت كليا من هذا التصريح الغير معقول، كيف يمكنها ان تخبره بانها لن تستطيع ان تبادله حبا بحب، ان زواجها منه لن يكون سوى ضرب من الجنون ولن تتسبب له سوى بالمزيد من الألم لوك انا... لا تقولي شيئا رد لوك وهو ينظر اليها بحنان كبير. فكري في الامر بروية، واخبريني حين تكونين مستعدة في فيلا ديمتريوس.
استيقظ ديم، وابتسامة طفولية تعلو وجه، كان يستعيد الحلم الجميل الذي جمعه بحبيبته ومالكة قلبه، حرك ذراعيه المتصلبتين ليفاجئ بالجسد العاري و المستلقي الى جانبه شخصت نظراته وهو يتامل بريانا والتي كانت تغط في النوم اللعنة عليك ديم شتم من بين اسنانه.
اذا لم يكن حلما يا الهي انه كابوس، غرس اصابعه في شعره بعنف حتى شعر بانه سيقتلعه من جذوره، قفز سريعا من السرير وكانه يشعر بالقرف مما قام به للتو دخل الحمام واغلق بابه بعنف. في قصر عائلة بيتروس وقف العجوز في اخر الدرج للحظات ينظر الى حيث وقف باتريك يتبادل الاخبار واولمبيا باهتمام قبل ان يقترب منهما بابتسامة واخيرا وصلت قال بكبريائه المعهود.
اسف لتاخري، لكنه كان علي البقاء خصوصا بعد ان عرفوا بالاختلاس او كانت الشكوك لتحوم حولي رفع العجوز حاجبه بخبث وهو يقول، لا اظنك غبيا لتقوم بذلك لا لست غبيا اجاب باتريك بعجرفة، ذكي بما يكفي لاجعلهم يدفعون الثمن جميعا. وضع العجوز يده على كتف باتريك، كانت قامته اطول بكثير من عمه مما جعله ينحني لينظر الى العجوز الذي كان يبتسم بمرارة.
لا اريدهم ان يدفعوا الثمن، اريدك ان تمحي الابتسامة من على وجهوهم، اريدهم ان يعرفوا معنى المعاناة حتى انجلينا، سأل باتريك بشك هي بالخصوص رد العجوز بمرارة.
رواية ندوب من الماضي الجزء الثاني للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الخامس عشر
وصلت طائرة مارك اخيرا الى مطار اثينا، تمطى بقوة محاولا اعادة الحياة لعضلاته المتيبسة، فرك عينيه للمرة العاشرة وهو يرمش بقوة قبل ان يحمل الحافضة التي يعلق عليها ال اورليوس الكثير، وينزل الدرج متجها نحو السيارة التي كان سائقها بانتظاره تحركت السيارة سريعا نحو المستشفى بينما اغمض مارك عينيه محاولا اعادة التوازن الى جسده المتعب، عملية سيزار معقدة وهو يجب ان يكون مستعدا.
في تلك اللحظة رن هاتفه الخليوي، تافف بصوت مسموع وهو يرى هوية المتصل الذي لم يكن سوى اندرياس هيا اخبرني بالمستجدات قال مارك بتحفز لا شيء جديد كنت اريد ان اسال عن موعد وصولك عاد مارك ليتكئ بتعب وهو يقول، لقد الوصلت بالفعل، اريد منك ان تجمع الطاقم وتحضر غرفة العمليات لانني ساصل بعد بضع دقائق انت تمزح قال اندرياس غير مصدق وهو يضع يده على جبينه.
قم بالفحوصات سريعا اندي، بعد ساعة من الان اتوقع رؤية سيزار على طاولة الجراحة. اه قبل ان انسى حاول ان تجد انجلينا، هاتفها مقفل ولم استطع الوصول اليها اخبرها ان عليها الحضور بالطبع قال اندرياس وهو يعود ادراجه نحو غرفة سيزار للقيام بتحاليل مخبرية جديدة. في كافتيريا المستشفى.
ظلت انجلينا واجمة، تفكر بعمق، هل هي فعلا تحمل طفل ليون وفي مثل هذه الظروف تعلم جيدا ما الذي ينتظرها، بدات المخاوف تضرب عقلها بقوة كيف لها ان تربي ثلاث اطفال بمفردها، هل ستترك الجراحة هل ستعود لتكون تحت رحمته ليتحكم بحياتها وليجعل منها عشيقة رخيصة. امسكت براسها الذي يكاد ينفجر من الالم، تجاهلت الرد على جهاز استدعائها، وتوجهت نحو العيادة النسائية للمستشفى.
ترجل مارك من السيارة سريعا، اتجه راسا نحو غرفة المناوبة حيث كان اندرياس ينتظره بقللق جال مارك ببصره في الغرفة قبل ان يسال اندرياس وهو ينظر الى اشعة وتحاليل سيزار المخبرية ودون ان يرفع عينيه عنها سال بصوت بارد أين هي انجلينا اظطرب اندرياس قليلا وهو يقول، هاتفها مقفل وجهاز استدعائها لا يجيب تبا قال مارك وهو يضع الاشعة على الطاولة، ليس لدينا متسع من الوقت للبحث عنها، هل غرفة العمليات جاهزة.
بالتاكيد اوما اندرياس براسه، اذا ما الذي ننتظره لنذهب ونستعد. في العيادة النسائية: فحصت الطبيبة انجلينا، هذه الاخيرة تحاشت النظر الى الشاشة وتجاهلت بقوة الضربات الصغيرة لقلب جنينها، اعادت وضع ملابسها قبل ان تواجه الطبيبة بصوت جامد اريد موعدا لانهاء الحمل.
ازالت الطبيبة قفازيها وهي تنظر الى انجلينا بنظرات مشككة، هل انت متاكدة هناك طرق عديدة يمكن اللجوء اليها غير انهاء الحمل، هل فكرت بوضعه للتبني هنالك العديد من الاسر التي قد ترغب في تبنيه لا قالت انجلينا بتوتر، اريد ان انهي الحمل باسرع وقت تنهدت الطبيبة بضيق قبل ان تقول، انت لك مطلق الحرية في اتخاد القرار الذي يناسبك على العموم اذا كنت مصرة، لن تحتاجي الى حجز موعد على الاطلاق.
فتحت الطبيبة درج مكتبها واخرجت علبة اعطتها لانجلينا وهي تقول هل انت متاكدة مما تفعلينه، اعطي لنفسك مهلة قبل اتخاذ أي قرار اخدت انجلينا العلبة بيد مترددة، كان ماستقدم عليه امرا بالغ الصعوبة. لكنها مجبرة، الظروف غير مواتية بالمرة خصوصا وان ليون قد اعاد ترتيب حياته من دونها، وعرض لوك كان ضربا من الجنون، سيقتلان بعضهما وستكون الملامة الوحيدة على ذلك. اجل ردت انجلينا بصوت ملئه الاسى.
حين تعودين الى المنزل، تاخدين قرصين ستشعرين بتقلصات قوية وبعدها ستصابين بالنزيف ترقرقت الدموع من عيني انجلينا دون شعور اقتربت منها الطبيبة الشابة وقالت بهدوء: لا تبكي، لديك الحق في الاختيار لا احد يلومك هنا بالطبع انا الملامة، همست انجلينا بحزن قبل ان تفتح الباب وتخرج من العيادة بقلب مفطور، كانت غائبة في احزانها لم تنتبه الى الشخص الذي كان يراقبها من بعيد...
قصر اورليوس: توقفت انجلينا امام المغسلة تطرق بيدها بتوتر، سحبت العلبة من حقيبتها وفتحتها، اخدت قرصا من الدواء في راحة يدها حاولت ان تتجرعه لكن الشجاعة خانتها يا الهي لا استطيع كانت تنتحب بحرقة والم عيناها محمرتان من الدموع الكثيرة التي ذرفتها طوال الطريق الى القصر، وضعت راسها على المغسلة الرخامية و انتحبت بصوت مسموع لا استطيع. لا استطيع.
وضعت يدها تتلمس بطنها المسطح والذي لم تظهر عليه أي بوادر للحمل بعد انا اسفة. لكني على ان اقوم بذلك شعرت بانقباض قوي في بطنها سحبت نفسا عميقا قبل ان تاخد الكاس من امامها قربت القرص الى فمها مرة اخرى سينتهي كل شيء بعد قليل قالت انجلينا من بين شهقاتها لكنها لم تستطع، لم تقوى على ان تقوم بعمل متهور كقتل جنين بداخلها.
رمت الكاس الذي كانت تحمله ووضعت راسها مجددا على حافة المغسلة محاولة ان تطفئ النار التي تحرق قلبها يا الهي ساعدني لا استطيع كانت تصرخ من الالم والدموع تنزل من عينييها امسكت باسفل بطنها وزاد التشنج الذي تشعر به من توترها، مسدت بطنها بحنان وكانها تعتذر للحياة التي بداخلها انا اسفة. فجاة احست بالم حاد يمزقها من الداخل صرخت بقوة، وانحنت لتجلس على ركبتيها محاولة التخفيف من الالم المتزايد في تلك اللحظة.
فتح الباب بعنف وظهر ليون والشرر يتطاير من عينيه نظر الى الكاس ثم الى العلبة الموضوعة باهمال على المغسلة قبل ان يرمقها بكره ماذا كنت ستفعلين، سال ليون وهو يجز على اسنانه نهضت انجلينا من على الارضية الرخامية محاولة الابتعاد، كانت فرائصها ترتعش من الخوف وهي تنظر الى ملامحه والتي استحالت شيطانية من الغضب لا انت لا تعرف لا مستحيل.
قلص المسافة بينهما مقتربا منها وهو يتاملها بنظرات جمدتها وجعلتها عاجزة عن الوقوف ما الذي كنت تنوين فعله، صرخ بعنف وهو يمسك بمعصمها ليجعلها تقف امامه، عصر معصمها بين اصابعه بقسوة جعلت القرص يسقط من يدها على الارض نظرا ليون الى القرص قبل ان يرفع راسه بهدوء جعل فرائص انجلينا ترتعش ليون، انا لم يترك لها مجالا للشرح.
انهال على وجهها بصفعة قوية اقرب منها للكمة سقطت على اثرها وارتطم راسها بالارضية الرخامية القاسية. زحفت انجلينا برعب نحو غرفة النوم محاولة الهرب من الجنون الذي تملك ليون كان يتبعها بخطوات ثابتة، نهضت على ركبتيها محاولة الهرب، لكنه كان الاسرع اقفل عليها الباب بجسده الفارع غير تارك لها أي فرصة للفرار شهقت بخوف وهي تنظر الى ملامح وجهه الشيطانية.
وضع ليون يده في شعره بعنف قبل ان يزفر بقوة محاولا امتصاص الغضب الشديد الذي يسيطر عليه، تاملها للحظات كانت علامة الصفعة ظاهرة على وجهها، حاول الاقتراب منها لكنها كانت تحاول الهرب منه نظرت الى الباب المفتوح لغرفة تبديل الملابس وكانه فهم ما الذي تنوي عليه قال بصوت هادئ ومتحفز الى اين انجلينا، لن تفري من امامي اليوم بهذه السهولة اعدك.
احست انجلينا انها تستطيع في هذه اللحظة سماع دقات قلبها تطرق بجنون، تحول الوخز في بطنها الى الم يصعب احتماله وضعت يديها على بطنها قبل ان تسقط على ركبتيها وتفقد الشعور بما حولها في المستشفى تحديدا غرفة العمليات انتهى مارك من تقطيب صدر سيزار قبل ان يخلع قفازيه ويلقي بهما وهو يزفر بقوة واخيرا، اخيرا انتهينا.
ابتسم اندرياس وهو يقول، اعترف انك جراح مبدع مارك، لم ارى في حياتي شخصا دقيقا مثلك، طريقتك لاعادة القلب الى حياة كانت مذهلة. ابتسم مارك بغرور، انها تقنية طورتها بنفسي على مدى سنوات، مارايك لو تعود للعمل تحت امرتي اندرياس، ربما تتعلم شيئا جديدا. رغم ان عرضك كريم للغاية لكنني ساتجاوزه، لقد اسست حياة هنا باليونان، ولا اظنني قادرا على التضحية بها رد اندرياس بعجرفته اليونانية المعهودة،.
امر مؤسف قال مارك وهو يحرك كتفه المتصلب، قبل ان يدفع الباب ويخرج لمقابلة العائلة المتحلقة في انتظاره. قبل ساعات: وضع ليون زوجته الفاقدة للوعي، في طائرته المروحية واتجه بها راسا نحو المستشفى، كانت فاقدة للوعي لا تشعر بما يجري حولها. فور وصوله تحلق العديد من الاطباء لاسعافها، كان ليون فاقدا لاتزانه هاله منظرها المفجع والذي لم ينتبه له بادئ الامر، كانت تنزف بغزارة وكدمات وجهها اصبحت مخيفة.
يا الهي، ليس مجددا، يشعر ان الزمن يابى الا ان يعيد نفسه ويعاقبه من جديد لماذا انجلينا صرخ ليون وهو يطرق راسه بالزجاج الفاصل لغرفة العمليات حيث ادخلت على وجه السرعة. يا الهي ارحمني فيلا ديمتريوس خرج ديم من الحمام بعد ان كال لنفسه كل انواع الشتائم واللعنات، ود لو باستطاعته ان يمحي الليلة السابقة من الوجود، لكنه كان امرا مستحيلا.
نظر الى الغرفة، ملابسها مبعثرة على السجاد باهمال، انتبه الى انها لزالت تغط في نوم عميق، ارتدى ملابسه سريعا، قبل ان ياخد مفاتيح سيارته وهاتفه ويخرج تاركا بريانا في حلمها الوردي. اتجه ديم راسا صوب المستشفى حيث كانت صوفية ولوك ووالدتهما مجتمعين ينتظرون خروج سيزار من غرفة العمليات بصبر نافذ.
لم يقترب منهم بل انزوى في ابعد ركن في الرواق وهو ينظر الى الباب المقفل بعقل شارد. كان غائبا بذهنه يفكر في كل مجريات حياته في كل الخطط التي ذهبت ادراج الرياح في كل العلاج النفسي الذي لم ياتي باي نتيجة، ها هو الان وبعد مئات الساعات من الجلسات النفسية والاف الدولارات يعود لنقطة البداية. انجلينا تسيطر على كل خلية بداخله يدفعه حبها لان يرمي بنفسه الى الجحيم اذا اقتضى الامر.
تبا لك ديمتريوس شتم من بين اسنانه وهو ينظر الى الباب الذي فتح وخرج منه مارك. فور خروج مارك الى الرواق، التف حوله كل من لوك وصوفية وكانديس، امسكت كانديس بيده برجاء، اخبرني انه حي ارجوك ابتسم مارك بهدوء وهو يقول، لقد كللت عملية سيزار بالنجاح. يا الهي اشكرك قالت كانديس وهي تعانق صوفية والتي كانت الدموع تنهمر بغزارة من عينيها. صافح لوك مارك بابتسامة معبرا عن عرفانه.
اما ديم فحالما تاكد من وضع عمه، انسحب بهدوء. شخصان كانا غائبين، انجلينا وليون، كان الكل يجيل النظر بحثا عنهما. سالت صوفية بعفوية الم تشارك انجلينا في عملية والدي اخشى انها لم تكن موجودة رد مارك بقلق، هاتفها مغلق حاول اندرياس ان يتصل بها دون جدوى، على العموم لا داعي للقلق انا متاكد انها ستعود للمناوبة الليلة فعملية والدك لم تكن مقررة اليوم، ربما عادت الى باروس للحصول على بعض الراحة.
ربما قالت صوفية بعدم تصديق، على العموم ساتصل بالقصر لاعرف ان عادت. أشكرك مجددا مارك ليس هنالك من داعي رد مارك بابتسامة مجاملة قبل ان ينسحب ويترك لهم فرصة السعادة بخبر عودة سيزار للحياة. مرت ساعات قضاها ليون يجول كنمر حبيس في الرواق وهو ينتظر خروج الطبيب ليخبره بحالتها. فجاة فتح الباب وخرج الطبيب اقترب ليون منه بسرعة وهو يقول كيف حالها:.
لقد نزفت الكثير من الدماء شرح الطبيب وهو ينظر اليه بشك، لقد تمكنا بمعجزة ان نسيطر على النزيف حالتها مستقرة الان لكنها ستحتاج الى وقت لتتعافى حمدا لله قال ليون وهو يزفر بقوة حمدا لله، كان خائفا ان يسال عن مصير الطفل بادره الجراح بقوله، انهما بخير لقد تمكنا من انقادهما. فتح ليون عينيه غير مصدق، اتقصد انهما طفلان، توءمان؟ لاحظ الطبيب الدهشة على وجه ليون، اظن انك لم تعلم بالامر.
اومئ ليون والذي كان في حالة صدمة براسه علامة النفي، هل يمكنني رؤيتها للاسف ليس من الممكن ان تراها الان، زوجتك سيتم نقلها الى العناية المركزة. وعلى كل حال هي غائبة عن الوعي وقد يستمر هذا لبعض الوقت، انصحك ان تذهب لاخد قسط من الراحة وتعود غذا مستحيل قال ليون وهو ينظر الى السرير الذي نقل انجلينا الشاحبة شحوب الموتى، سابقى الى جانبها الى ان تستيقظ.
وهو كذلك قال الطبيب وهو يربث على كتف ليون قبل ان يرحل تاركا هذا الاخير في صدمة كبيرة، ايعقل انه كان سيرتكب جريمة في احب انسانة الى قلبه. يا الهي في أي جحيم انا زفر ليون وهو يغرس اصابعه في شعره بعنف. رن هاتفه والذي تجاهله لساعات هذه المرة كانت والدته المتصلة، اجاب بصوت فاقد للاتزان ما االامر امي اين انت ليون، لقد تمت عملية والدك ماذا قال ليون بصدمة، لما لم تخبروني.
حاولنا الوصول اليك دون جدوى، هاتفك لا يجيب وحراسك لم يكونوا قادرين على ايجادك حسنا ساتي حالا قال ليون وهو يقطع الرواق سريعا نحو الطابق حيث يرقد والده في غرفة انجلينا: فتحت انجي عينيها، تاملت المكان بخوف، بالتاكيد هذه ليست غرفتها، تفكيرها متوقف وجسدها متعب بشكل كبير، حاولت النهوض بسرعة مما جعلها تشعر بالدوار لتعود للاتكاء من جديد.
فتح الباب ودخل الطبيب ابتسم لانجلينا وهو يقترب من سريرها، امسك بيدها ليقيس ضغطها قبل ان يعللق: اخيرا قررت الاستيقاظ سيدة اورليوس، كيف تشعرين الان ما الذي حصل لي سالت انجلينا بحلق جاف لقد تعرضت لحادث، زوجك احضرك امس كنت في حالة صحية سيئة لابد ان السقطة من على الدرج كانت قوية. عن أي سقطة تتحدث سالت انجلينا وهي تضع يدها على فكها وتحركه باستغراب.
تحولت النظرة في عيني الطبيب الى الريبة ليسال باهتمام: اليس هذا ما حصل معك سيدة اورليوس اوه اظن ذلك قالت انجلينا وهي تعيد خصلات شعرها المبعثرة الى الوراء بيد مضطربة، اعذرني فلازلت مشوشة قليلا فجاة احست انجيلينا بطعنة في قلبها، وضعت يدها لا اراديا تتحسس بطنها، احس الطبيب بمدى توثرها بادر الى القول سريعا انهما بخير لا داعي للقلق سيدة اورليوس.
حمدا لله قالت انجلينا، لم تكن في حالة من الوعي التام لتستوعب ما الذي قصده الطبيب بهما بخير، المهم هو انها لم تفقد جنينها. ، بعد ان عاينها وتاكد من عدم وجود أي ارتجاج، نصحها بالعودة للنوم، استسلمت انجلينا لقرار الطبيب وعادت لاغماض عينيها كانت مرهقة بشكل كبير.
حين استيقظت هذه المرة كان الليل قد خيم على المستشفى، فتحت عينيها بهدوء، ضوء خافت الى جانب سريرها احست بحركة فجاة الى جانبها انتفضت بعنف وهي ترى ليون واقفا الى جانب النافذة يتامل الشارع بشرود. انتبه الى حركتها، التفت سريعا وابتسم بغموض وهو يقترب منها بلعت انجلينا ريقها بخوف محاولة ايجاد صوتها وهي تقول ليون ششش، قال ليون وهو يضع اصبعه على شفتيها برقة ويهمس بجانب اذنها.
لا اريد سماع أي كلمة منك انجلينا، وضع يده على بطنها يتحسسه باصابعه ليعود ويهمس المهم ان ولداي بخير، مازالا بامان حيث يجب ان يكونا. نهض من جانبها واعطاها ظهره وهو ينظر من النافذة نحو البعيد. قبل ان يقول بصوت بارد: اخبريني انجلينا، مع ماضيك النفسي، ما الذي يمكن للطبيب ان يفعله لو اخبرته انك كنت تحاولين قتل طفلي ليون. انت اخبريني سال بصوت قاسي افزعها سيجزون بي في القسم النفسي مجددا.
ها، لم اسمع قال ليون وهو ينظر اليها بنظرات مرعبة سيزجون بي في القسم النفسي تماما، هذا ما سيفعلونه بك قال ليون وهو يقترب منها، حدق بوجهها قبل ان يضع يده على فكها الذي لازال يحمل اثار صفعته ويعصره بقوة جعلتها تصرخ من الالم ويكمل: سيزجون بك في القسم النفسي ويربطونك كاي حيوان قذر حتى لا تؤذي طفلي مجددا.
نزلت دموع صامتة من عينيها وهي تنظر الى وجه ليون الذي استحال اسودا من الغضب والهالات التي كانت تحيط بعينيه كان خارجا عن السيطرة. خرج صوتها مرتعشا وهي تقول، ساخبرهم انك من ضربتني قالت انجلينا بخوف احقا قال ليون وهي يبتسم بسخرية وماذا عن الطبيبة التي كنت في زيارة لها واعربت لها بكامل ارادتك انك تريدين التخلص من الحمل، مستحيل قالت انجلينا، كيف علمت.
استقيظي صغيرتي هذه ليست اميركا انت في اليونان لكل شيء ثمنه كانت عينا انجلينا مثبتتين على ليون وهو يقول باستهزاء هنا انا يمكنني ان ازج بك في القسم النفسي بكل بساطة، يكفي فقط ان يرووا ملفك ليتاكدوا من صحة قراري، انا من اخرجتك من المصح قبل 5 سنوات وانا قادر بكل سهولة ان اعيدك اليه في أي وقت اريد مفهوم صرخ ليون بقوة جعلت انجلينا ترتعش من الخوف.
لست ندا لي انجي فلا تحاولي ان تستفزيني اقسم لك هذه المرة ان العواقب ستكون وخيمة اعطاها ظهره فجاة وعصر على فكه بعنف وهو يقول، من الان فصاعدا ستفعلين ما امرك به فقط افهمت. حين لم يسمع ردا صرخ بقسوة مفهوم مفهوم قالت انجلينا، كانت تعلم انها لن تربح شيئا الان وهي ترى الجنون الذي يسيطر عليه، على الاقل ستصبر الى ان تجد طريقة للعودة الى الولايات المتحدة.
رواية ندوب من الماضي الجزء الثاني للكاتبة عفاف مغنوي الفصل السادس عشر
الاسبوع الذي تلا عودة سيزار الى القصر كان حافل الكل كان سعيدا بتحسنه السريع والمفاجئ، انجلينا كانت متعبة من تصرفات ليون معها، فمنذ عودتها من المستشفى وليون يحيطها باهتمام مبالغ فيه، يشعرها بالاختناق. لن اشرب الحليب قلت ولن ترغمني ليون، توقف عن معاملتي وكاني طفلة. ابتسم ليون بتسلية وهو يتامل انجلينا المنفعلة، كانت تتصرف بطفولية وكان سعيدا باغاظتها.
سأتوقف عن معاملتك كطفلة حين تتوقفين عن التصرف كالاطفال، هيا انجلينا قال وهو يقرب الكوب منها، اشربيه واعدك اني ستاوقف عن ازعاجك. تنهدت انجلينا ووضعت يدها في شعرها علامة على عصبيتها قبل ان تاخد الكاس من يده بازدراء، حسنا اذا كان هو ثمن التخلص منك سافعل، هيا اذا قال وهو يطرق على الطاولة بانامله، بسرعة لدي الكثير من الاعمال العالقة وانت تاخرينني فتحت انجلينا عينيها غير مصدقة، انا؟
لما لا ترحل اذا وتتركني بسلام ردت انجلينا بنفاذ صبر لن اتحرك من مكاني قبل ان تشربي الكاس كاملا، رد على ثورتها بهدوء شربت انجلينا محتوى كوبها وظهرت تكشيرتها علامة على الانزعاج، كان مستمتعا بتصرفه، لطالما عشق ثوراتها الصغيرة ضده.
نهض اخيرا واخد حقيبته من على الطاولة قبل ان يقترب منها، ويضع اصبعه على انفها المنمش نفضته عنها بتحدي، ابتسم مجددا وهو يقول فتاة عاقلة بيتي مو، اتمنى لو تظلين عاقلة الى ان اعود واتمنى ان لا تجهدي نفسك كثيرا. وفر نصائحك الثمينة لخطيبتك، انا لا اريد اهتمامك، ولا احتاجه، ربما انت لا تحتاجينه، قال وهو يزيد من اقترابه لكن ولداي عللق وهو يضع يدهه على بطنها بطريقة متملكة ولداي يحتاجان اهتمامي.
تبا لك ايها المنافق قالت انجلينا وهي تدفع يده بعنف. هرموناتها كانت تجعلها ثائرة، تكاد تجزم انه يعرف ثاتير ذلك ويستمتع بجعلها تصاب بالجنون. اخيرا كف ليون تعذيبه الصباحي، اخد سترته من على الكرسي المجاور لها، قربها منه بطريقة خطرة قبل ان يرفع راسها ليتامل ملامحها الجملية والمعذبة، انزل راسه بهدوء لمستوى شفتيها المنفرجتين من الصدمة واخدها في عناق هادئ، وبنفس الهدوء ابتعد تاركا انجلينا في صدمة مهولة.
غبي، غبي ومنافق وحقير ليون انا اكرهك قالت انجلينا وهي تمسح اثر قبلته لكنه كان قد اغلق الباب ورحل. مكاتب اورليوس باثينا طرق ليون على مكتبه بعصبية وهو ينظر الى كمية كبيرة من الملفات، مجموعة من الاغبياء قال وهو يصرخ في مدبرة مكتبه التي عادت غريزيا الى الوراء. ارتبكت وخرج صوتها همسا وهي تقول.
سيد اورليوس، هذه المعاملات كانت بمنتهى الاهمية واي تاخير فيها كان سيعرضنا للمسائلة، كان يجب على احدهم الاهتمام بها، وانت لم تكن متوفرا منذ فترة. ووجدتي ان افضل طريقة لاتمامها هي بجعل ديمتريوس يوقع عليها. سال ليون بازدراء. لكن هذا كان امرا روتينيا في الماضي، لطالما وقع السيد اورليوس على اوراق تخص المجموعة في غيابك. برقت عينا ليون بغضب مكبوت وهو يقول.
انت قلتها كان هذا في الماضي، ديمتريوس الان ليس سوى ضيف غير مرغوب فيه وسيرحل عما قريب، امنعك ان تحولي أي اوراق تخصني اليه في المستقبل، والان انصرفي من امامي قبل ان اقوم بفعل قد اندم عليه. لململت مارتا الاوراق التي بعترها ليون على المكتب بيد مرتعشة قبل ان ترحل مبتعدة عن مزاجه الكريه والذي لم يظهر منذ اعوام.
اعاد ليون راسه الى الوراء وهو يزفر بقوة، يحتاج الى الراحة لم ينم بشكل مريح منذ عودتها الى حياته، يا الهي انجلينا لما كل شيء يجب ان يكون معقدا الى جانبك لماذا. سمع صوت مجيبه الالي، اخد الهاتف من على المكتب وعاد الى الاتكاء وهو يزيح ربطة عنقه بضيق. ماذا الان مارتا. فوجئ بصوتها وهي تقول هذه انا حبيبي، هيا قل لمدبرة مكتبك السقيمة ان لا تمنعني من الدخول مجددا، فهذا يزعجني.
وضع ليون يده في شعره بعصبية قبل ان يقول، ادخلي اولمبيا. دخلت اولمبيا مكتب ليون وهي تتمايل محاولة لفت انتباهه، فمنذ عودة انجلينا الى الواجهة وهي تشعر انها مهملة، ابتسمت له بحب وهي تلتف حول المكتب محاولة طبع قبلة على شفتيه، تجنبها ليون بذكاء وهو يعيدها وراء المكتب ويجلسها على احد الكراسي المجاورة ليقول. ما سر الزيارة المفاجئة اولمبيا.
استغربت اولمبيا للتغيرالمفاجئ الذي طرا على ليون فهذه لم تكن اول زيارة لها لمكتبه، وضعت يديها بعصبية على ركبتيها وهي تقول: ماالذي يجري ليون، يبدو وكانك غير سعيد بزيارتي. زفر ليون بقوة قبل ان يجلس على الكرسي المقابل لها، امسك بيديها محاولا تهيئتها للموضوع الذي كان يجب ان يتطرق اليه. اسمعيني اولمبيا هنالك اشياء قد استجدت وكانها شعرت بان الموضوع يخص انجلينا.
قفزت من مكانها وهي تقول: أي مستجدات هذه التي تجعلك تعاملني بهذا البرود لا ليون انا لن اتنازل عن حبي لك بهذه السهولة، انجلينا رحلت هي التي قررت ان تتركك بكامل رغبتها والان قررت فجاة انها تريد استعادتك، مستحيل ليون مستحيل بدات تبكي بطريقة هستيرية، جعلت ليون يضغط على فكه بعصبية. امسك بيدها واقترب ليرفع وجهها اليه، كان منظرها مخيفا من الدموع التي خربت تبرجها وجعلت الكحل الاسود ينزل سيولا على وجهها.
اعترف انني اخطائت في حقك اولمبيا قال ليون بنبرة طغى عليها الالم، لكنني مستعد لان اعوضك باي طريقة ممكنة، ساهتم بالطفل وسيجدني دائما الى جانبه، لن يحتاج الى شيء صدقيني. تحول بكاء اولمبيا الى نشيج، فتحت عينيها بصدمة وهي تقول: تعوضني عن ماذا ليون، عن تركك لي، عن جعل ابني دون والد؟ سالت وعلامة الصدمة ظاهرة على وجهها. انجلينا حامل اولمبيا.
واذا قالت اولمبيا وهي تنظر اليه بذهول، ماذا عني انا ليون انا ايضا احمل طفلك الم تفكر بي، انا وانت سنرزق بطفل، هي يمكنها العيش بدونك لكن انا مستحيل، اتفهم انا لن استطيع افضل الموت على ان احيي بدونك ليون،.
ازاحت يده التي كانت تمسك بها بعنف وخرجت من مكتبه ركضا، حاول اللحاق بها، لكن الموضوع كان لا يحتمل المزيد من الشرح، لاول مرة يجد ان الكلمات ليس لها أي معنى، ممزقا بين الواجب وحبه لانجلينا اتخد قرارا متهورا وهو يطلب من مارتا الاتصال بمحاميه. في المساء عاد ليون الى القصر.
كانت انجلينا جالسة على الشرفة تشاهد الولدين يلعبان الى جانب جديهما، فور رؤيته نهضت وانسحبت الى الداخل، اسرع ليون في اثرها اوقفها صوته وهي ترتقي الدرج. انجلينا علينا الحديث، التفتت الى مخاطبها وتاملته كان هنالك شيء مختلف لكنها لم تستطع تبين ماهيته. تنفست بعمق قبل ان تقول، الا يمكن للحديث ان يؤجل انا متعبة واريد ان استريح. لا انجلينا يجب ان نتحدث اليوم.
هزت كتفيها بياس وهي تقول، اذا كان هذا سيعجلك تبتعد عن طريقي لبقية النهار فليكن اذا. لم يعللق ليون بشيء. اوما لها بيده الى جهة المكتب وتبعته دون تعليق. في مكتب سيزار جلس ليون على كرسي والده قبل ان يشير اليها بالجلوس، الرسمية التي كان يعاملها بها، جعلتها تتذكر اول لقاء لهما في هذه الغرفة وكيف انتهى بها المطاف تحمل اسمه. ايقظها صوته وهو يقول انجلينا هل انت بخير،.
في احسن احوالي، كانت تنظر مباشرة الى عينيه، مما جعل مهمته اكثر حدة والما، هل سيتمكن ان يخبرها بما قرره وجها لوجه. ارتعش فكه بعنف وهو ينظر الى هشاشتها بدت له مرهقة و شاحبة بشكل كبير، فتح المغلف الذي احضره ووضعه على المكتب قبل ان ينهض ويقترب من النافذة معطيها ظهره. ماهذا قالت انجلينا وهي تخرج محتوى المغلف وتنظر اليها بدهشة. اوراق الطلاق.
توقف قلب انجلينا عن العمل لوهلة كانت واجمة تنظر الى الاوراق دون تصديق، خانتها الكلمات فلم تستطع التعبير والتجات الى الصمت لعله يحفظ لها ما تبقى من كرامة. ظل ليون معطيها ظهره مما سمح لها بالتعبير للحظة عن المها قبل ان تضع قناع البرود مجددا، وتقول حسنا سأقراها ثم أوقعها لاحقا. التفت اليها مجددا، ظل واجما لحظة يتاملها بعينين غائمتين قبل ان يقول انجلينا يجب عليك ان تفهمي.
قاطعته بيدها وهي تقول لا اريد ان افهم شيئا، والان فل تعذرني ساذهب لاخد قسطا من الراحة قبل االعشاء. نهضت من على الكرسي حيث كانت تجلس، واخدت المغلف من على المكتب قبل ان تتامله مجددا وتقول: اشكرك على وفاء بالعهد الذي قطعته. ظهرت الدهشة على وجه ليون قبل ان تتحول الى نظرة قاسية، اشار براسه لها وعاد لتامل ولديه ليقول بعدها، هنالك شروط لطلاقنا انجلينا، راجعي العقد قبل ان توقعيه.
سافعل كن واثقا، ردت ببرود قبل ان ترحل وتترك ليون عاجزا عن تصديق ماقام به للتو. هل فعلا طلب الطلاق، اسيضحي بحبه لانجلينا. اسيتركها مرة اخرى بداعي الواجب. تبا لي صرخ ليون وهي يرمي بكل ما على المكتب في ثورة غضب، تبا لك ليون.
في جناح انجلينا: انهارت على سريرها، واجشهت بالبكاء، كانت تبكي حياتها المها مستقبلها وحبها الذي لم يكن له وجود في قلبه، بكت لساعات الى ان شعرت انها استنزفت كليا، وانه ماعاد هنالك دموع لتدرفها، حين افرغت كل تلك الطاقة السلبية، توجهت راسا الى الحمام وفتحت رشاش المياه وتركته ينساب على جسدها المنهك، لعلها تغسل كل الهموم التي تجمعت بقلبها الى ان فاض به الكيل.
بعد ساعة قضتها انجلينا تائهة وبائسة، خرجت من الحمام تفكر في ما الت اليه حياتها، كانت تعيش بامان الى جانب ولديها، ظنت لوهلة انها قد نسيته تماما وانها لاتريد أي ارتباط به، لكن ماذا عن الان، هي تحمل ولديه، كيف لها ان تبعده عنها مجددا، كيف عليها ان تتقبل رؤيته الى جانب امراة اخرى، تنهدت بعمق قبل ان تاخد هاتفها وتتصل بلوك.
رن الهاتف للحظات قبل ان ياتيها صوته الهادئ، اخيرا الملاك الصغير قرر مكالمتي، لم تستطع انجلينا التحمل اجهشت بالبكاء مجددا. على الجهة الاخرى من الخط قفز قلب لوشياس بعنف وهو يسالها مابك انجلينا هل انت بخير. ما الذي حدث.
لوك اريد منك المجيئ قالت من بين شهقاتها قبل ان تقفل الخط وتنهار مجددا على السرير، كان الضغط كثيرا عليها، كانت تعلم جيدا انه كان شرطها للعودة معه الى اليونان، انه اليوم لم ينفذ سوى ما وعدها به. ما الذي كنت تعتقدينه ايتها الغبية، اكنت تظنين انه سيركع عند قدميك ويطلب منك الصفح غبية انت انجلينا، بلهاء معتوهة، ظلت تكيل الشتائم لنفسها وهي تعصر وسادتها بحرقة الى ان غلبها النوم.
طرق لوك الباب مرتين، قبل ان ياتيه صوتها يطلب منه الدخول، دخل لوك واللهفة تسيطر على كل حواسه، اقترب منها وهو ينظر الى وجهها المتعب، وضع يده على جبينها ولمسه بحنان مزيحا خصلة شقراء منسدلة. ما الأمر ملاكي، هل انت بخير. اشاحت بوجهها محاولة عدم النظر الى عينيه، اخدت نفسا عميقا وهي تشير الى الصوفا امامها قبل ان تاخد مكانا الى جانبه وتسلمه المغلف الكبير بيد مرتعشة.
اخد المغلف وفتحه، كان يقلب اوراق الدعوى باهتمام قبل ان يعللق ببرود، اهذا ما يجعلك حزينة الى هذه الدرجة انجلينا زفر لوك بالم. قررت الصمت لدقائق، فكانت تحرك اصابعها بعصبية ظاهرة قبل ان تقول: لوك اريدك ان تعالج الموضوع سريعا، لا اثق باي شخص سواك، انت الوحيد القادر على حمايتي من ليون.
امسك لوك الاوراق واعادها الى المغلف بهدوء، قبل ان يقول سأهتم بالامر لا داعي للقلق، رمى به على الطاولة المنخفضة دون اكثرات قبل ان يمسك يديها محاولا تهدئتها، سحبتهما انجلينا سريعا الى حضنها قبل ان تقول لوك انت يجب ان.
قاطعها بنبرة دافئة: اعلم انه ليس الوقت المناسب لما اريد قوله انجلينا، لكنني لست مستعدا لاضيع المزيد من الوقت اسمعيني انجي، انا هنا و الان اتعهد اليك انني ساحميك، اعدك انني ساهتم بك وبالولدين وبالطفل القادم ايضا، فقط لو تمنحينني الفرصة لذلك فقط لو.
وضعت انجلينا اصابعها على شفتيه مقاطعة حديثه وهي تقول متوسلة، ارجوك لوك ليس الان لست قادرة على التفكير في أي شيء، حاول فقط ان تهتم بموضوع الطلاق ولا تجعله يبتزني كالسابق. ابتسم لوك بسخرية مريرة وهو يقول سأفعل انجلينا لاداعي للقلق. نهض من على الصوفا وقبل ان يهم بالخروج، التفت الى حيث كانت تجلس: لقد انتظرت عودتك لسنوات، وانا مازلت مستعدا للانتظار، فقط فكري في عرضي خرج بعدها واقفل الباب. فور خروجه.
اخدت انجلينا نفسا عميقا وخرجت الى الشرفة تتامل البحر بضياع. حل الصباح فتحت انجلينا عينيها احساس مريع من الالم يضرب راسها بعنف، يا الهي تاففت وهي تضغط على صدغها بالم، ما كل هذا لا بد انها بوادر زكام، لامت نفسها لبقائها على الشرفة لوقت متاخر.
شعرت فجاة بالغثيان، ازاحت الاغطية بسرعة وركضت نحو الحمام لترمي بنفسها على المغسلة بألم، بعد وقت طويل قضته محاولة السيطرة على غثيانها خرجت انجلينا تجر قدميها بتعب شديد لتفاجئ به واقفا امامها. قفزت انجلينا من الرعب وهي تنظر اليه بملابسه الرسمية يتاملها باهتمام، اغلقت انجلينا روبها بيد ووضعت اصابعها في شعرها بعصبية قبل ان تصرخ: ما الذي تفعله هنا ليون، هل فقدت عقلك لتقتحم غرفتي دون اذن.
لم يبدي ليون أي اهتمام بغضبها، كان يتأمل وجهها المتعب والشاحب وعينيها الغائمتين بقلق، اقترب منها ليلمس وجهها بينما عادت هي خطوتين الى الوراء لتتفادى لمسته، هل انت بخير انجلينا، تبدين بحالة سيئة، هل اتصل بالطبيب انا بخير ردت ببرود، واذا احتجت الى طبيب كن واثقا انني استطيع الاتصال به بنفسي، والان اذا لم يكن هنالك شيء ملح تريد اخباري به اتمنى لو تغادر، فانا ارغب العودة الى السرير.
زفر ليون بضيق وهو يمسد رقبته قبل ان يقول: هل راجعت الاوراق التي اعطيتك امس. ارتجفت شفتها السفلى بعصبية قبل ان تبتسم بسخرية وهي تتجه نحو السرير. اتصلت بلوك وهو سيهتم بالموضوع، ساعيدها لك حين يفرغ منها ماذا قال ليون بعدم تصديق، اعطيت الاوراق لمن |، ومن سمح لك بذلك.
انا سمحت لنفسي ردت بثقة والان من فضلك قالت وهي تشير الى الباب، اريد العودة الى النوم. حين احست انه لن يتزحزح من مكانه قريبا، اندست في سريرها واغمضت عينيها وهي تقول حين تقرر المغادرة، لا تنسى ان تقفل الباب وقف ليون غير مصدق، لما فعلته انجلينا للتو، بكل بساطة تجاهلته وكانه غير موجود. تصلب فكه بعصبية وهو يقول باستفزاز: لم تخلق بعد امراة تتجاهلني.
هذه مشكلتك ليون، فانت تعطي لنفسك اهمية اكثر مما تستحق، عادت الى اغلاق عينيها وخرج ليون من الغرفة يغلي من الغضب. طوال الايام التي تلت شجارهما، كان الجو غريبا، والكل لاحظ الطريقة الباردة التي كانا يتعاملان بها في غياب الولدين، لكن لا احد كان قادرا على التدخل، فمشاكلهما كانت متشابكة بدرجة يصعب معها ايجاد حل.
في الاخير قرر ليون الرحيل عن المنزل والاستقرار باثينا رغم معارضة والديه، لكنه كان قد اتخد قراره ولم يكن قابلا لاي نقاش.