logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 2 من 10 < 1 2 3 4 5 6 7 8 10 > الأخيرة



look/images/icons/i1.gif رواية على الرقاب قدر نافذ
  03-03-2022 03:37 مساءً   [7]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية على الرقاب قدر نافذ للكاتبة شاهندة الفصل الثامن

قال (عسران)بصدمة:
-عتجولى إيه ياولية؟إنتى إتجنيتى إياك، موافجة تجوزى بتك لإبنهم بسهولة إكده؟
قالت(ثريا)بعيون تلمع:
-وليه لع ياحاج؟!انت مش جلتلى بنفسك إن محمد ولد عويس داكتور كد الدنيا وسيرته زينة بين الخلج، ومن عيلة كبيرة زي عيلة الجبالى، يبجى أرفض ليه عاد؟وأنى فى ديك اليوم اللى أجوز فيه حدا من بناتى وأفك سحرها.
ضرب(عسران)كفا بكف قائلا:.

-شوفوا الولية عتخرف وتجول إيه، سحر إيه ياثريا دلوكيت؟!أنى بيتلوى دراعى وبتى بتتاخد منى غصب، وابنى كمانى، بتحرم من إنى أختارله عروسته وأفرح بيه.
ليردف بمرارة:
-كنى مكتوب علية ادفع تمن غلطة مش غلطتى، سنين عدت من غير ماحدا يدفع حساب غلطته وجه حظى آنى عشان اوجف بحر الدم اللى فضل اتنين وعشرين سنة مستنى يفيض دلوك، وعشان اوجفه لازم أضحى بعيالى، فين العدل ياخلج؟فين العدل؟

إقتربت منه (ثريا)تربت على صدره قائلة:.

-إهدى بس ياحاج وإسمعنى، انت نفسك جلتها، عتوجف بحر من الدم وهتنجد الخلج، بس مين جاب سيرة تضحية دلوك، وأنى لو كنت هختار لإبنى عروسة كنت هلاجى زي بدارة فين عاد؟ جمال وأصل وأخلاج، دى هي اللى نجدت ولدك لمن تعب، ولولاها كان فاته راح منينا بعيد الشر عنيه، أما بتنا فعتجوز داكتور كد الدنيا سمعته زينة مش عفشة لا سمح الله، إيه اللى عيزعلك عاد؟والله الجدر كنه رايد يصالحنا بعد ما جعد سنين عاطينا ضهره، إعجلها ياحاج هتلاجى إن اللى حوصل أكيد خير وربك كابير ماعيضرناش واصل.

طالعها بحيرة للحظات قبل أن يتنهد قائلا:
-لله الأمر من قبل ومن بعد ياثريا، لله الأمر من قبل ومن بعد.

القدر قد يكون غريبا..
لا يمنحنا الزهور إلا ومعه بعض الأشواك..
مالنا بالقدر إختيار ولكننا نحن القدر والمقدور..
قدرنا هو بصماتنا، فعلى قدر المشقة تكون مغانم الرحلة، وعلى قدر حلمك تتسع الأرض..
ولكن فى النهاية يظل القدر هو القدر...
لا يعلم المزاح...
ان كان حتمي أو كان إختيارا...
يصبح بالنهاية على الرقاب نافذ...
ولا يؤمن عبد حتى يؤمن به...
يؤمن بالقدر، خيره وشره.

طرق (عسران)الباب ثم دلف إلى الحجرة ماإن إستمع لولده يسمح له بالدخول، انفرجت أسارير (مهران)ماإن رأى والده قائلا:
-اتفضل ياأبوي.
إقترب (عسران)من سرير ولده متأملا وجهه الذى عادت إليه الدماء بعد أن ظل شاحبا لأيام، ليقول بحنان:
-كيفك دلوكيت ياولدى؟!
قال(مهران):
-أنى زين ياابوي، بجيت منيح جوى وملهاش عازة رجدة السرير دى، أنى عاوز أعاود لشغلنا وأرضنا.
جلس (عسران)على كرسي بجوار سريره قائلا:.

-هتعاود ياولدى، يامين كدة بس نطمنوا عليك فيهم وتعاود، احنا رايدين تكون بخير دايما يامهران ومش عاوزين حاجة عفشة تجرالك ياولدى.
هز (مهران)رأسه متفهما، وهو ينظر لوالده الذى زاغت عيناه قليلا، ليدرك ان هناك شيئا يخفيه عنه، لذا قال على الفور:
-فيه حاجة ياأبوي، ولاد الجبالية عملوا حاجة وأنى راجد فى المستشفى؟طمنى الله يرضى عنيك.
تطلع والده إليه قائلا بسرعة:
-لع ياولدى معاملوش حاجة واصل بس...

وصمت (عسران)ليقول(مهران)بقلق:
-بس إيه؟أنطج علطول ومتخافش علية، انا كدها وكدود.
قال (عسران) بقلة حيلة:
-عويس جابلنى وعرض علية إتفاج عشان نوجفوا بحر الدم.
عقد (مهران)حاجبيه قائلا:
-إتفاج إيه ده ياأبوي؟ومن ميتة بنعجدوا إتفاج مع الجبالية، اللى أعرفوا ان بينا وبينهم عداوة عمرها سنين.
أشاح (عسران)بيده قائلا:.

-اهو ده اللى حوصل ياولدى، عداوة جديمة اتجددت دلوكيت وبجى لازم نضحى فيها بالغالى عشان ميروحش فيها رجاب ناس ملهاش ذنب.
إزداد إنعقاد حاجبى (مهران)وهو يقول:
-مش فاهم أيوتها حاجة، هنضحى بمين عاد؟
قال(عسران):
-بيك وبخيتك ياولدى.
نهض(مهران) من سريره قائلا بحدة:
-عتجول إيه ياأبوي، كيف بس هتضحوا بينا؟!انى مش فاهم حاجة.
قال(عسران)وهو يجذبه من يده يجلسه مجددا على السرير:.

-أجعد بس وأنا أفهمك، متتزرزرش إكده، عويس عاوزك تتجوز بته وعايز واحدة من خواتك لإبنه.
إتسعت عينا(مهران)فى صدمة قائلا:
-انت عتجول إيه بس؟جواز إيه اللى عايزنا نتجاوزه؟جواز بالغصب، لا ممكن نجبلوا بالإتفاج ده، يعمل اللى يعملوا، إن شاالله تنجلب ساحة معركة، بس الله فى سماه ماينول اللى رايده عويس الجبالى طول ماانا عايش.
قال (عسران):.

-لع، هينوله ياولد عسران، تعرف ليه؟لإن ده جدر والجدر مكتوب على الجبين وممنوش هروب يإبن ثريا، من أكتر من عشرين سنة هرب ولد عمى حافظ مع حسنة أخت عويس الجبالى وجامت الدنيا ماجعدت والجبالية بيطالبوا بالتار، ملجوش غير اخوه ومرته وولده، وكانوا رايدين ياخدوا تارهم منيهم ولما هرب أخوه توفيج هو كمانى، كانوا عاوزين ياخدوا بتارهم منى، جدك كان عاوز يهربنى انى كمان بس ملحجش، عزام الجبالى الكبير وجف الجبالية وجتها، وجالهم مبناخدش التار غير من أصحابه، إنكتبلى عمر جديد وانكتبلى كمانى إنى مفارجش عيلتي و ارضي، بس فضلت النار جايدة فى جلوب الجبالية طول السنين اللى فاتت دى، لحد ماجاتلهم الفرصة ياخدوا بتارهم من جديد، والمرة دى واعرة ياولدى، بتهم عندينا من مدة، وسمعتهم بين الخلج متهددة، ولازمن ولابد هيغسلوا عارهم بالدم عشان يجدروا يرفعوا راسهم كدام الكل، الدم ياولدى هيبجى للركب، ذنبها إيه بس الناس الغلابة اللى عتروح فى الرجلين دى؟

قال(مهران)بمرارة:
-وذنبي إيه انى وخيتي ندفع تمن حاجة ملناش صالح بيها؟
قال(عسران):
-القائد الحكيم هو اللى يجدر يضحى بالجليل عشان الكل يعيش ياولدى، وعموما جوازك من بدارة مش حاجة شينة لاسمح الله، بدارة ست البنات، أصل وحسب وجمال، دى هي اللى نجدتك لمن كنت تعبان.
أطرق(مهران)براسه قائلا:
-جالولى ياأبوي، انى مبجولش إنها فيها حاجة عفشة لا سمح الله بس أنا جلبى مش رايدها.
ليرفع رأسه ويطالع أباه قائلا:.

-انى عشجان وحرام أظلمها معايا لإنى عمرى ماعحبها.
عقد (عسران)حاجبيه قائلا:
-عشجان؟!عشجان من ميتة ومين اللى عشجتها ياولدى؟نوار؟!
قال(مهران)بسرعة:
-لع ياابوي، اللى عشجتها عشجتها فى روما...
قاطعه(عسران)على الفور قائلا:
-يبجى تنساها ياولدى، أدامها من بلد غريبة ومش من دمك يبجى تنساها، الجلب ياما عشج بس وجت الجواز بيختار اللى أهله يختاروهاله و يرضوا عنيها كمانى.
قال (مهران)بحزن:.

-مجادرش أنساها ياابوى، وحتى لو جدرت وجبلت أتجاوز بدارة، خيتى ذنبها إيه تتجاوز بالغصب؟
نهض (عسران)قائلا:
-الداكتور محمد عريس زين وخيتك زهرة وافجت تتجوزه، الجدر جال كلمته خلاص والفرح السبوع اللى جاي، ربنا يكتبلكم الخير ويسعدكم ويراضيكم بجدركم ياولاد هوارة.
طالعه (مهران)صامتا لايقوى على الإعتراض، بينما إستدار (عسران )مغادرا وهو يتكئ على عصاه، يردد بهمس:
-لله الأمر من قبل ومن بعد.

دلفت (زبيدة)بغضب إلى حجرة (عوالى)قائلة:
-بجى إكده ياعوالى؟إتضحكتى علية وعلى بتى؟!
نهضت (عوالى)هادرة بغضب:
-كيف تدلى علية إكده من غير إستئذان، وكيف بتتحدتى معايا إكده من غير ادب ولا خشا؟إتجنيتى إياك؟!
أمسكت(زبيدة)طرحتها تهزها يمنة ويسارا وهي تنوح قائلة:
-إيوة جنيت، ومجنش ليه؟يامرك يازبيدة، ياخيبتك بين الخلج ياحزينة، وجال جات الحزينة تفرح ملجتلهاش موطرح.
قالت (عوالى)بغضب:.

-بطلى نواح ياولية لأخلى إسيادنا يجتلوكى ويدفنوكى موطرح ماإنتى واجفة أو يسخطوكى جرد ومتلاجيش حدا يناولك وكل يامجذوبة.
صمتت(زبيدة)على الفور وهي تتطلع إلى (عوالى)بخوف، لتردف (عوالى)قائلة:
-أجعدى وإحكيلى إيه اللى حوصل بالراحة إكده أحسن عفاريت الدنيا الحين بتتناطط أدام خلجتى.
جلست(زبيدة)تقول بمرارة:.

-(مهران) ولد أخوي اللى إتمنيته لبتى عيتجوز واحدة غيرها وبنات ثريا اللى معكرهش حد كدها عيجوزوا واحدة منيهم لداكتور كد الدنيا وكل اللى خططتله راح كيف الليل مع اول ضو للسمس.
قالت(عوالى)بهدوء:
-وميتة حوصل الكلام ده؟
قالت(زبيدة) بحسرة:
-كله من المزغودة بتى اللى جابت البومة بدارة لحد دار أخوي، أبوها جام الدنيا ومجعدهاش غير بجواز ولد اخوي وبته لبت عويس وولده، بعد يامين.
قالت(عوالى):.

-الجدر إتدخل وجال كلمته، بس عوالى مش جليلة وفى يدها تتحدى الجدر ياحزينة.
قالت (زبيدة)بلهفة:
-يعنى هتفضى الجوازة الغبرة دى ياكابيرة؟
قالت(عوالى):.

-مش هينفع ياولية، ملحجش، الجواز هيتم بس مش هيلحجوا يفرحوا، هغفلجها على الكل وهخلى حياتهم مر كيف العلجم، سبوعين بالكاتير وهترجع بت عسران لدوار ابوها متطلجة وحزينة ومهران كمانى هيطلج بتهم ويرجعها دوار أبوها ووجتها عيجرى أخوكى عليكى ويجولك غتينى يازبيدة، جوزى بتك لإبنى اللى ملوش غير لحمه ودمه يحفظه ويآمنه.
لمعت عينا (زبيدة)قائلة:
-إحلفى ياستنا، هتعملى إكده صوح؟
أشارت (عوالى)لها قائلة:.

-جومى من كدامى ياولية جبل ماتطلعيها فى دماغى وأسخطك جرد، جال أحلف جال، جومى ومشى طوالى ومترجعيش إهنه غير بعد جوازهم، ومتنسيش تتجلى جيوبك عشان اللعب هيبجى على تجيل جوى، جووومى يلا وغورى من وشى.

أسرعت (زبيدة)بالهروب من امامها بينما تابعتها (عوالى)بعينيها قبل ان ترمى بعض البخور فى مبخرتها، تفكر فيما اخبرتها به (زبيدة)، وتخطط لتقلب الأمور لصالحها فى النهاية، بينما إبتعدت أذنان عن نافذة الغرفة الخارجية، يفكر صاحبهما بغضب، والدته تتآمر مع حماته من أجل تزويج حبيبته لغريمه، لذا وقبل فوات الاوان، عليه أن يجعل حبيبته ملكا له، وحده.

توقف (مهران)عند تلك الشجرة الكبيرة بكفر الجبالية، يستند عليها بيده ويطالع هذا النهر الجارى أمامه بهدوء، تشبه كثيرا شجرته التى يألفها فى بلدته، يدرك أن الأماكن تتآلف ويصبح لها نفس السحر تقريبا، تبقى بذات السحر أو يزول سحرها..
ليس لها ذنب فى إختلافها فهي لا تتغير وإنما من يتغير، هم البشر.
تناهى إلى مسامعه صوت رجل قوي النبرات يقول بدهشة:
-مهران الهوارى.

إستدار (مهران)إليه يطالعه بعين متفحصة لكل شاردة وواردة منه وهو يقول:
-صوح ياداكتور، انى مهران الهوارى وإنت محمد الجبالي، بينا سنين من النزاع والتار وبينا حديت لازمن يتجال عشان نحط النجط على الحروف.
عدل (محمد)من وضع نظارته وهو يقول بهدوء:
-وانى تحت أمرك، تعالى دارنا وخلينا نتحدت.
هز (مهران)رأسه قائلا:
-لع، مش عاوز حدا يعرف بمجابلتنا دى، أنى بعتلك صبيحة ينادم عليك فى السر عشان أعرف حاجة واحدة بس.

عقد (محمد)حاجبيه قائلا:
-إيه هي؟
إقترب منه (مهران)يتطلع إلى عينيه مباشرة وهو يقول:
-إنت إيه رأيك فى الإتفاج اللى تم بين أبوي وأبوك؟
قال(محمد)بهدوء:.

-بصراحة، انى كنت رافض الموضوع فى اللول، طول عمرى مبحبش جوازة الغصبانية وشايف إن الجواز لازمن يكون برضا التنين، جصدى العريس والعروسة طبعا، وأنى حسيت إن اللى أبويا عمله ده مش صوح حتى لو كان هيوجف الدم بس هيدمر حياة ناس كتير لو حوصل وأولهم حياتى أنا وخيتى، بس بعد ماعاودت خيتي من عنديكم، وإتحدت معاها، لجيتها طايرة طير بالجوازة دى وملهاش سيرة غير مهران الهوارى وخواته التنين، حتى الحاج عسران ومرته طايرة بيهم طير، جلت يبجى خلاص ده جدر ونصيب، ومحدش عيختار جدره وأنى مؤمن طول عمرى إن اللى يرضى ربه مش هيضره، وأنى إستخرت ربى اللى طول عمرى بخاف أغضبه ولجيتنى مرتاح يامهران، فتوكلت على الله وجلت أرضى بجدرى وربنا بإذن الله هيراضينى.

تأمله (مهران)بقلب هدأت دقاته بعد قلق كان يعصف بكيانه، أراحته كلمات(محمد)كثيرا وجعلته يطمأن على أخته، فشخص مثل (محمد)لايمكن ان يؤذى أخته أبدا، لذا فقد هز راسه وهو ويمد يده مصافحا (محمد)قائلا:
-كدة نتوكل على الله ونتمموا الجواز بنفس راضية.
لم يصافحه (محمد)وإنما طالعه قائلا:
-بس إنت مجلتليش يا(مهران)، إيه رأيك فى اللى حوصل؟
إبتسم (مهران)قائلا:.

-أنى كمان توكلت على الله ورضيت بجدرى زييك ياولد عمى وبإذن الله ربنا يراضينا كلياتنا.
ليبتسم (محمد)بدوره وهو يمد يده ويصافح(مهران)، يظهر كليهما سعيدا بإتمام تلك الزيجة بينما أحدهما لا يحمل هذا الشعور بقلبه، حقا.

أهل الصعيد، أناس طيبون، يشبهون النيل فى أصالته كرمه، تملأ نفوسهم الخير وتعتريها دائما البهجة، مشاعرهم واضحة جلية، حين يحزنون وحين يفرحون تمتد أحزانهم وافراحهم بلا نهاية...
وفى دار عمدة هوارة ودار عمدة الجبالية، كانت مراسم الفرح فى كل مكان، السعادة تغمر القلوب ماعدا قلب واحد تحرك بآلية ليحقق قدره.

قدمت الهدايا الذهبية، وخصصت الغرف للعرسان وجهزت كما يجب ان تكون، واشترت الأمهات مايعرف ب(الشيلة) لأولادها ليقدمها كل عريس لعروسه وهي عبارة عن حقيبة كبيرة تضم ملابس للعروس، بينما أعد اهل البلدتين الكعك والبسكويت إحتفالا بتلك المناسبة السعيدة، حتى جاء عقد القران ليتم العقد فى حضور الرجال من العائلتين فى مسجد كفر هوارة الكبير، فيما تبقى النساء فى المنازل يحتفلون ويقومون بغناء أحلى الأغانى التراثية الشعبية فى إحتفال كبير...

جاء صباح يوم الحنة...

فذبحت الذبائح فى كلتا البلدتين، وقامت (الحنانة)بوضع الحنة على انف العرسان كي تبقى رائحتها الطيبة بأنفهما ولا تزول أبدا، ثم تحنت العروستان وقريباتها وصديقاتها وأهل القرية الحاضرات، كانت (زبيدة)تتابع مايحدث بحسرة كتمتها فى نفسها على وعد بتحقيق مرادها لاحقا والتشفى فى تلك الثريا التى تمقتها من كل قلبها، حانت منها نظرة إلى (ثريا)فوجدتها تطالعها بعينين كالصقر، لترسم على شفتيها إبتسامة باهتة مرغمة وهي تصفق وتغنى مع الحضور، تبدو سعيدة مثلها ولكن وحدها(ثريا)تعرف مايكنه قلبها من حسرة ولكم تسعدها حسرة تلك العقربة (زبيدة)وتشفى غليلها.

جاء يوم الفرح فتجمع مئات البشر فى شارع طويل مزين بالأضواء الملونة، شرفات المنازل إمتلأت بالسكان لمشاهدة هذا الحدث الرائع، زواج أبناء هوارة بأبناء الجبالية، بينما تتردد الأغانى الشعبية فى كل مكان...
إلتف الحضور حول منصة كبيرة خصصت لجلوس كل عريس وعروسه...

وصلت السيارة الأولى تحمل العرسان ليهبط منها (مهران)و(محمد)فبديا كأميران فى زيهما الصعيدي الرائع وعمامتهما التى أضفت نورا على وجهيهما، ليقفا فى إنتظار زوجاتهما، وصلت السيارة الثانية وهبطت منها عروستان بديتا كملكتان متوجتان بتاج يتلألأ على رأسيهما وفساتين بيضاء رائعة، امسك كل عريس بيد عروسه وإتجه بها إلى المكان المخصص لهما ثم بدات الإحتفالات وتوالت الفرق فى تقديم عروضها...

كان يقف هناك بجانب والده، يتلقى التهاني من اهل البلدة، شعر بالإختناق من هذا الزيف الذى يدعيه الجميع، عن اي فرح يتحدثون وتلك الزيجة قد تمت بالإجبار، ربما هو يرى أن أخيه اكثر من راض عن زيجته سعيد بها، بينما ملامح (مهران) لا توحى بسعادته مطلقا، يشعر من ينظر إليه بأنه مجبر حق وعلى رقبته قدر قد نفذ، اراد الحصول على بعض الماء ليبتلع تلك الغصة فى حلقه، أسرع إلى الخلف حيث تقام وليمة العشاء، رأى احد النساء تمنحه ظهرها وتقوم بتزويد الطاولة ببعض علب المياه، قال لها بسرعة:.

-جزازة مي من فضلك؟
إستدارت إليه فتوقف الزمن، وجه فى رقة النسيم وصفاء السماء وعيون قاتلة نظراتها، أسدلت أهدابها وحمرة جميلة ظللت وجنتيها تمنحه زجاجة المياه بصمت قبل ان تجذب طرحتها على وجهها وتغادر المكان بسرعة، تتجه إلى حيث تجلس النسوة، توقفت سيدة كبيرة بجواره تضيف للطاولة بعض ادوات المائدة فتحمحم قائلا:
-إلا جوليلى ياخالة، مين البنتة اللى كانت واجفة إهنه من شوي، جريبة العمدة ولا ضيفته؟

قالت(حورية)بإستنكار:
-جصدك زينة البنات (راوية)، دى بت العمدة واميرة الدار ياجدع إنت، بتسأل عنيها ليه عاد؟
قال (ناجى)بإضطراب:
-أنى بس كنت عاوز أتشكرلها عشان ناولاتنى جزازة المي.
تأملته (حورية)قائلة:
-وتبجى مين إنت ياواكل ناسك؟كنك غريب مشفتاكش فى البلد جبل إكده.
قال(ناجى)بتوتر:
-مبجتش غريب ولا حاجة ياخالة، انى ناجى ولد عويس الجبالى، بالإذن.

مشي بخطوات سريعة بينما تابعته (حورية)بعينيها قبل أن تبتسم بهدوء، تدرك ان هناك عرس آخر فى الطريق، أو هكذا تامل حتى تنال تلك الفتاة التى تحبها قدرها من السعادة كما تمنت لها دوما.

وبينما كانت (نوار)تسير عائدة إلى الحفل بعد أن شربت دواء يخفف عنا هذا الألم برأسها، وجدت من يجذبها من يدها ويكمم فمها كي لا تصرخ، تطلعت إلى من فعل ذلك بعينين مرتعبتين مالبثتا ان هدئتا ولانت نظراتهما حين طالعها وجه(راجى)لينزع يده عن فمها وهو يتطلع إلى وجهها قائلا:
-وجك كيف الجمر فى ليلة تمامه وعيونك شرارهم كيف السمس بيدفى جلبى وينور طريجى يانوارة جلبى.

إبتلعت(نوار)ريقها بصعوبة ونظرات (راجى)الولهة تذيب كيانها، ونبراته تزلزل وجدانها، تطلعت حولها للحظة قبل ان تقول:
-مينفعش نجف إكدة لحالنا ياراجى لو حدا شافنا...
قاطعها قائلا:
-اللى عيشوفنا يشوفنا، أنى ميهمنيش حدا واصل، أنا كدها وكدود يامهجة الجلب ولا معندكيش ثجة فيا.
قالت(نوار):
-الكترة تغلب الشجاعة ياراجى وانى خايفة عليك كيف مابخاف على روحى تمام.
قال (راجى):.

-واه ياأبوي، والله اتفتحتلك طاجة الجدر ياراجى ولجيت اللى عتحبك وتخاف عليك كمانى.
قالت(نوار):
-احب على يدك ياراجى، مش وجته الحديت ده عاد، بعد دلوكيت أنى منجصاش.
قال( راجى):
-مش جبل ما توعدينى إنك تجابلينى، وبكرة طوالى كومان.
هزت رأسها قائلة:
-هجابلك بكرة، امى عتكون مشغولة مع الخالة ثريا وهعرف أتسلل واجابلك ياراجى بس إمشى الحين الله يرضى عنيك.
إبتسم قائلا:.

-همشى ياحبة الجلب، وعلى وعدنا مع الجدر، وجدرنا نتلاجى، اللجا بكرة والهنا بييجى مع اللجا، يعنى هنانا بكرة يانوار.
ألقى عليها نظرة محبة تتشرب من ملامحها قبل ان يبتعد، تتابعه بعينيها بحب بدورها قبل أن تتجه إلى مكان النسوة بخطوات تكاد تطير من على الأرض.

إحتضنت (فيفيان)صديقتها(فدوى)بحب قائلة:
-سأفتقدك كثيرا صديقتى.
خرجت (فدوى)من حضن صديقتها تقول:
-وانا كذلك سأفتقدك بشدة، ماإن أستقر فى بلدتى وأثق بحمايتهم لى حتى أبعث لكى بعنوانى، لا تقلقى علي سأكون بخير، صدقينى.
قالت(فيفيان):
-آمل ذلك حبيبتى.
لترفع أصابعها التى عقصتها امامها قائلة:
-وأتمنى ذلك من كل قلبى.
أغروقت عيون (فدوى)بالدموع قائلة:
-أحبك فيفيان، أحبك كثيرا.

مسحت (فيفيان)دمعة سقطت على وجنتها وهي تربت على وجنة (فدوى)قائلة:
-وأنا كذلك حبيبتى، ولكن هيا، كفى دموعا، إذهبى وأحصلى على قدرك من السعادة، حاربى من أجل عودتك لتحظى بما فقدتيه من عشق.
هزت (فدوى)رأسها وهي تمسح دموعها بدورها قائلة:
-سأفعل.
تراجعت بإتجاه البوابة الخاصة بطائرتها بينما تصيح (فيفيان):
-إلى لقاء قريب.

لوحت لها (فدوى)قبل أن تبتعد، تسمح لدموعها بالسقوط مجددا، كم يصعب عليها تحمل لحظات الوداع وكم ودعت من أحباب، وكأن القدر قد كتب عليها أن تودع كل من تحب، فى البداية والدها ثم والدتها، (مهران) وبالأخير صديقتها الوحيدة، ترى من ستودع فى مستقبلها، ربما حياتها، إنها حقا لا تدرى، فقط تنتظر القدر ليقول كلمته، تدرك أن القدر لا مفر منه مهما حاولت، تدرك أن على رقبتها قدر نافذ مهما ادعت، العكس.


look/images/icons/i1.gif رواية على الرقاب قدر نافذ
  03-03-2022 03:37 مساءً   [8]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية على الرقاب قدر نافذ للكاتبة شاهندة الفصل التاسع

الشتاء فصل الحب، فصل الدفء الذي تتدفق فيه العواطف كأمطاره التي تحملها العواصف فتتشابك الأيادي كما تتشابك القلوب وتتآلف الأرواح، غير أن هذا الشتاء غاضب ويحمل قسوة كبرودته تفتت بسببها القلوب الحالمة.

كان هذا مايراود (مهران )وهو يجلس بجانب بقية عمد القرى المجاورة لتناول الطعام، جميعهم يتناولون الطعام بنهم وسط ضحكات وأحاديث مختلفة أما هو فكان يقلب في صحنه بإسهاب وقلبه ينزف وهو يشعر أنه خان حبه ل(شذا )ولا يستطيع التفكير فيها خجلا من طيفها إن راوده.

بعد العشاء وقفت (زهرة) و (بدارة )بثوبيّهما الأبيضيّن متلألئتيّن كنجمتيّن فاقتربت النسوة يقدمن لهما الهديا حتى ثقلت يداهما من الأسوار والخواتم كما أعناقهما من القلائد الذهبيّة بالإضافة إلى (النقطة)، المبالغ المالية التي حصلتا عليها، ثم اقتربت (ثريا)، و نزعت عنهما ذهبهم، ووضعت خاصة كل واحد في صندوق لها أمنت عليه (راوية )و (فضيلة )زوجة( عزام)..

بدأت حفلة الرقص، القرع على الطبول والنفخ على المزمار والرقص بالخيل والعصي أشعل الحماسة في قلب الشباب والفتيات اللواتي يسترقن النظر، جر (مهران) إلى الرقص هو و(محمد) بالعصي فكان منظرهما مهيبا محببا، أما (بدارة) فكانت في منتهى السعادة كأنها تحلق في السماء السابعة أمسكت بيد (زهرة )وهمست في أذنها:
يابت ده حلم و بصوح، اجرصيني والنبي أنى طايرة كيف الحمامة، العشج دا حلو جوي جوي.

أنا مش مصدجة إن هيتجفل علينا باب، هيييه لو مت بعديها أبجى راضية.
قرصتها (زهرة )من ذراعها فتأوهت وقالت لها:
اتحشمي يابت، الخلج بتبحلج فينا، اتجلي على رزجك ياختي اهو بجى حلالك، هبابة وعتروحي يدك فى يده وابجي طيري انتي وهو ياحزينة..
وضعت يدها على وجهها تكتم ضحكاتها فأردفت (زهرة):
خيّك زين جوي يابدارة أما أني خايفة وهيغمى عليا من الخوف حاسة بركبي بتنمل خايفة ماجدرش أصلب طولي..
ابتسمت (بدارة) وقالت:.

-لازمن تخافي، أخوي حنين بس سبع وعياكلك.
وقامت بدغدغتها فانتفضت( زهرة )من مكانها وانفجرت (بدارة )ضاحكة فاقتربت منهما (ثريا) ورمقتهما بغضب وقالت:
اتحشمي يابت منك ليها، أباي عليهم بنته لاحيا ولا تجدير كنهم مش داخلين على ليلة مطينة.
وعادت إلى مكانها بينما غمزت (بدارة )(زهرة) التي قرصتها على يدها مرة اخرى.
وقتذاك كانت( زبيدة) تطالعهم بغل قبل أن تسحبها يد إلى الوراء وهمست:.

أمانتك أهيه أمي بتسلم عليكي خدي التلافون اتحدتي وياها.
دفعته إلى مكان مظلم قليلا وقالت:
-ينيلك، كنت اتصلت، جاي اهنه رايد تفضحنا اياك،
هات المخروب ده..
معاكي ياستنا، أيوه خدتها من راجي، لازمن دلوك؟ حاضر حاضر، على خير، لو خربت معروفك داه مش عنساه برجبتي لحدن ماموت.
اقفلت الخط وحشرت الهاتف في يد( راجي) وقالت:
غور من اهناه ياغبي ماريداشي ألمح طيفك بالموكان.
غادر (راجي) وهو يتمتم بينه وبين نفسه:.

-عتحبي على رجلي عشان استر على بتك وساعتها برجلي دي عارفسك بنص خلجتك ياعجربة ياأم اربعة واربعين.

اخذت (زبيدة )تقلب في الكيس الذي اتاها به( راجي) فوجدت فيه صندق خشبي صغير بداخله علبه معدنية بها جمرات صغيرة لاتزال مشتعلة فاقتربت من كرسي العروستين ووضعتهما تحته ثم وضعت فوقهم من الماء الذي وجدته معهم حتى تخبت حمرتهم فتصاعد البخار ليلامس قاع الكرسي ثم وقفت خلفهما ووضعت قليلا من مسحوق يبدو كأنه رماد ونفخت فيه فتناثر عليهما دون أن يشعر بها أحد ثم ابتعدت عنهما وعادت تراقبهما بعيون تلمع شرا وحقدا..

طلقات نارية تنبؤ بانتهاء الإحتفال ليدخل كل عريس ليأخذ عروسته فأمسك (مهران )يد( بدارة) التي تغطي راسها طرحة طويلة تخفي ملامحها وكذلك (زهرة) ويد (محمد) تشد على يدها، واستقلّ كل واحد منهما سيارته متوجها إلى بيته وخلفه موكبا من السيارات التي تطلق البارود وهي تلحق به.

وصل (مهران) إلى القصر وصعد مع زوجته إلى غرفتهما الجديدة وجد والدته قد حضرت من أجلهما بعض المأكولات الخفيفة باعتبارهما تناولا عشائهما بالحفل فلا حاجة لهما به، كانت (بدارة )متوترة حتى أنها شعرت كما لو أنها ستختنق فقالت:
شيل الطرحة جوام جوام هختنج!

اقترب منها (مهران )مجبرا ورفع عنها الطرحة كان وجهها مشتعل بحمرة شديدة غلبت زينتها التي أنزلها العرق فدفعته ودخلت الحمام ووقفت تحت الدش والمياه الباردة تنزل على جسدها الذي بدأت الأبخرة تتصاعد منه، استغرب (مهران) حالتها فناداها:
انتي زينة! كنك عيانة...
فقالت بصوت عال وهي تحارب لنزع فستانها:
الحجني عموت..
دخل مهرولا إلى الحمام فوجدها تتخبط تحاول تمزيق فستانها عنها فقالت بصوت متقطع:.

شيلوا عني احب على يدك، انجدني!
فقال محاولا تهدئتها:
اهدي وطلعي من عنديك وانا هساعدك، عتمرضي واجفة تحت المي الساجعة اكده..
وضعت كلتا يديها على الحائط تستند عليه وقد خرت جالسة تواليه ظهرها انفاسها مضطربة وصدرها يصدر نشيجا غريبا..
اقترب منها وفتح أزرار الفستان ووالاها ظهره فنزعته عنها وقالت:
ن، نا، نا وا لني ال فوط...
شعر أن هناك خطب بها حتما، ناولها المنشفة قبل أن تكمل جملتها وقال:.

أنده أمي تاجي تشوفك ولا أعمل إيه دلوك؟
فقالت بصوت منطفيء:
ساعدني أجوم مش جادرة أصلب طولي..
استدار نحوها فوجد جسمها محمر كأن مياه ساخنة قد لسعتها، مقشعر من تيارات الهواء الباردة حين تتصادم مع سطحه الملتهب، فقال:
إنتي بعافية يابدارة، جتتك مولعة.
حملها بين يديه فبدأت بالتحرك بعنف كأنها تحترق ودموعها تغطي وجهها فبدأ( مهران) بالمناداة بصوت عال على والدته فأتت راكضة تلحق بها (راوية) وقالت قبل أن تصل إليه:.

خير ياولدي! خير..
فقال وهو يشير إليها أن تستعجل:
بدارة، ماخبرش مالها عجلي!
استدارت نحو( بدارة) فوجد المنشفة التي كانت تستر بها جسدها قد انفكت عنها فأسرع يسحب عليها الغطاء فدخلت والدته واقتربت منها بينما وقف هو جانبا ثم بدأت تتحسس جبينها والتفتت نحوه:
دي جايدة نار ياكبدي، حوصل ايه؟
فقال( مهران )وهو يفرك وجهه:
-عيحصول إيه؟ احنا يادوب واصلين واهه أنا لسه ماجلعتش الجزمة حتى.
فقالت:.

لازمن نشيل الغطا عنيها دي غرجانة بالعرج.
وقبل أن يعترض كانت قد رفعته ثم أعادته بسرعة وحدقت فيه بتهكم:
الجزمة جولتلي!
ضرب يدا على يد وقال:.

-ياحول الله يارب، البت دخلت من اهنا لجيتها بتجول الحجني عختنج شيلت الطرحة من على وشها، لجيتها هووب جريت على الحمام ولجيتها بتصرخ تاني الحجني عموت دخلت اجري لجيتها واجفة تحت المية الساجعة وبتجطع في الفستان وجعت على الأرض وبتجولي ساعدني اشيله وجلعته بالحمام روحي شوفي، جومتها على اهنا حتى الكلام ماكنتشي جادرة تنطج، هاا حاجة تاني في الليلة المطينة ديه ياأماي.
فقالت (ثريا) تخاطب( راوية):.

ملي الحوض مية ساجعة جوام البت عتروح منينا وانت اجري على الداكتور يوصفلك دوا، جوله لأمي بلاش فضايح.
خرج (مهران) وهو يلعن عودته من روما بينما قامت (راوية )ووالدتها وضع( بدارة) في الحوض وسط المياة الباردة فكانت ترتجف وتشهق بعيون شاهقة في السقف لاتدري بشيء.

وقتذاك كان الجبايلة قد وصلوا إلى قصرهم هم الآخرون، جمع( عويس) عائلته بما فيهم( زهرة )التي تقف بفستانها الأبيض بعد فأخذ يقول:
ربنا مارزجنيش ببنته بس أخدت عهد من ربنا أعامل كنايني كيف بناتي وانتي بجيتي بتي، من إهنا وجاي كيفك كيف خيتك فضيلة اي حاجة تريديها أنا اهنا كيف عسران بالضبط..
اقتربت منه وقبلت يده فنزعها منها بسرعة وقال:
استني اكده..

تحسس يدها فوجدها ساخنة جدا ثم تحسس وجهها من فوق طرحتها المبتلة من العرق فوجده ملتهب كذلك فأردف:
إنتي سخنة كيف النار، شوفها يامحمد..
وقبل أن ينهي كلمته وقعت مغشيا عليها..
حملها( محمد) لأقرب اريكة وكشف عن وجهها الذي تلوث بالكحل المحمر كأنه شعلة من نار، فحملها مجددا إلى غرفته وهو يقول:
تعالي يافضيلة لازمن نخفض حرارتها..
وضعها في الحوض واردف:.

إجلعي عنها كل حاجة لازم يوصل المي الساجع لجسمها وأنا هجيب حقنة من الصيدلية وأرجع.
ما أن لامسها الماء البارد حتى بدأت تنتفض وترتعش فارتبكت (فضيلة )ولم تدري ما العمل فخرجت إليهم وبدأت تنادي على الخالة( أم هاني) التي تعمل في منزلهم فلبتها على عجلة فأردفت:
الحجيني ياخالة البت ماخبراشي جرالها ايه عتموت ولا إيه؟

دخلت الخالة (ام هاني) فوجدت (زهرة )قد انزلقت داخل الحوض لو تأخرت قليلا كانت لربما تجدها قد اختنقت فسحبتها بسرعة وضربتها على ظهرها بقوة لتخرج المياه من أنفها وفمها وهي تشهق بقوة فالتفت نحو( فضيلة )وقالت:
اجري على المطبخ وهاتي جزازة الخل على ماغير المي عليها بجت دافية..
لم يلبث (محمد )طويلا حتى عاد وبيده محلول وبعض الحقن فنادى على فضيلة:
طلعوها يامرات اخوي لازم اعلجلها المحلول داه..

تساعدتا( أم هاني) و(فضيلة )وألبسوها عباءة واسعة فدخل (محمد )وحملها إلى السرير وعلق بذراعها المحلول الذي افرغ فيه محتوى حقنتين، استمرت في الارتجاف والأنين لبعض الوقت حتى استكانت ونامت.
لازمتها( أم هاني) طوال الليل برفقة( محمد) يغيرون لها كمادات محلول الماء المثلج بالخل فتنتفض كلما استعوذت (أم هاني) من شر ماحسد أو شر ماخلق فكانت تقول ل(محمد ):
اكيد اتحسدتوا ياولدي، ربنا يجومها بالسلامة يارب!

استقام( محمد) وتوضأ وفرش سجادته فصلى ركعتين قيام وجلس بجانبها يتلو القرآن بصوته العذب ااذي يجبر مستمعه على الخشوع والتدبر في آيات الله فزادت إرتعاشة (زهرة )وزاد أنينها كلما رفع صوته بالتلاوة حتى أصبح نشيجها زمجرة مخيفة، ابتعدت عنها (أم هاني) مذعورة وهي تبسمل وتتعوذ فزاد صراخها مما جعل الجميع يركضون نحو غرفتهم وبرغم ذلك لم يقطع (محمد)تلاوته بل واصلها بكل خشوع والدموع تغرق وجهه فقالت( أم هاني) للحاج (عويس):.

البت ملبوسة ياحاج قل أعوذ برب الفلق..
فقال الحاج (عويس) ل(ناجي):
جوام ياناجي على بيت الشيخ وهدان تجيبو فى يدك بسرعة البت هتروح منينا ياخلج، حسبي الله ونعم الوكيل.
وماهي إلا لحظات حتى دخل الشيخ (وهدان) بوقاره فاستقبله (عويس) عند الباب وقد أمر سابقا ( أم هاني) أن تستر( زهرة )لكنها خافت الإقتراب منها فزجرها بعنف فوضعت خمارا على رأسها..

دخل الشيخ (وهدان) فقطع (محمد) تلاوته فألقى السلام عليه فهدأ جسد ( زهرة) فاقترب منها( محمد) وغطاها جيدا فاقترب منها الشيخ ووضع يده على رأسها بينما أخذ يقرأ الفاتحة وتلاها بآخر آيتين من سورة البقرة ثم الكرسي ووصلها بآيات من سورة البقرة، فانتفضت( زهرة) ودفعت( محمد) الذي كان يمسك يدها بقوة فاوقعته أرضا فقال الشيخ:
شدها بسرعة ياولدي، ماتهملهاشي.

وواصل القراءة بينما أمسكها (محمد) بقوة فتغلبت عليه فأخذ ينادي على( ناجي) الذي لباه سريعا فأمسكاها والشيخ برفقتهما وماهي لحظات من الدعاء والتلاوة حتى بدأ النمل يخرج من شعرها الذي انزاح عنه الخمار بسبب مقاومتها وتحركها وبدأ يسير على كتفيها وهي تنتفض عاليا أرهقهم الإمساك بها فانضم إليهم (عزام) حتى يحدوا من قوتها التي لم يستطع ثلاثة رجال مجابهتها..

بدأ الشيخ يرشقها بالماء المرقي وهو يواصل التلاوة فكان يتصاعد البخار منها كما يتصاعد من الحطب المشتعل ويصدر وشوشة (ششش).
بدأ الجميع في التعوذ من الشيطان الرجيم
كان النمل يخرج من شعرها ليملأ جسدها ثم يختفي قبل أن يصل للأرض..
ازرقت شفتاها وبدأت رغوة تخرج من فمها لكن حمرة جسدها خبت وبدأت بالشحوب فقطع الشيخ تلاوته فاستمرت في زمجرتها قليلا ثم فقدت وعيها فابتعد عنها (محمد )وأخوته..
فقال الشيخ بحسرة:.

سحر إسود والعياذ بالله.
ضرب( محمد )جبينه بينما راح إخوته ووالده يحوقلون ويحسبنون ثم قال (عويس):
والعمل ياحضرة الشيخ؟
فقال الشيخ:
المسكينة فيها سحر جديم بس زال بأمر الله من أول التلاوة أما اللي هي فيه دلوك فلازمن نلاجي العمل عشان نبطله ماجدرتش أكمل تلاوة ممكن يوجف جلبها وتموت.
ضرب (محمد) بيده على الحائط وهو يقول:
حسبي الله ونعم الوكيل، البت صغيرة عايزين منها إيه!
ربت والده على ظهره وقال:.

-وحد الله ياولدي، هطيب إن شاء الله.
فأردف الشيخ:
ياولدي ربنا قال لايفلح الساحر حيث أتى وقال لايصيبنا إلا ماكتب الله لنا خلي عندك حسن ظن بربنا هو بيختبر صبركم بالابتلاء العظيم ده، وربنا عند حسن ظن عبده هتفرج مهما ضاجت..

السحر معمولها في حاجة من نار لو فضلت السخونية عليها ممكن تتشل لاسمح الله لازمن تراجبوها لحدن مايفرجها ربك، ماتشغلوش القرآن أو تجروه عليها عتأذوها مش عتنفعوها لأنه النوع ده من السحر بيكون عليه خادم لمن يحضرها بس عتعيا ولمن يروح عترجع كيف لول ماعتصدجوشي إنها فيها حاجة، وهو والعياذ بالله مش عيبجى ملازمها طول الوجت أكيد عنده مشاغل ماهما أجوام زيينا لازمن يدورو أكل عيشهم..

دور ياولدي بجهازها كلاته ورشوا عليه المية المرجية دية ودوروا كومان بالموكان اللي عملتوا فيه الفرح زين جوي.
حسبي الله في الناس اللي ماعتخافشي ربنا.
أهم حاجة لما تفوج ماتحسيسوهاش بحاجة وماتغضبوهاش هتبجى واعرة من غير ماتحس ممكن تاذي، بس عموما هتبجى طبيعية تشتغل وتضحك وطيبة غير لما يحضرها عتتعب.
ربنا يسهل ونلاجي المصيبة ديه فين عشان نبطلها وترجع البنية للدنيا.

خرج الشيخ( وهدان )رفقة( عويس) بينما جلس (محمد) يحدق في( زهرة) التي انطفأ جمالها وبراءتها
وهي لاتزال في الثانية وعشرين من عمرها ثم تذكر ماقاله الشيخ وخرج ينادي:
-ياخالة أم هاني، يامرات اخوي وينكم عاد..
أتت كل منهما مهرولة فاردف:
-الاوضة دي عنجلبها شبر على شبر نفضوها، ودورو زين على اي حاجة غريبة ممكن تلاجوها ورشوا اي حاجة تلمسوها بالمي اللي اهناك أهيه.
نظرت كل منهما الأخرى فاردف:.

ماهياش غول ماتخفوش هي نايمة ومش عتصحى بس لازمن ماتجروش قرآن أو تشغلوه في البيت لحدن مانرجع.
فقالت (فضيلة) وهي تضرب على صدرها:
ياليلة طين عتهملونا لوحدنا معاها.
فقال:
لاه أبوي إهنا، هيجعد معاكم.
ثم اقترب من أخويه وقال:
لازمن نروح لموكان الفرح وندور احنا التلاته بس ماجدرشي أوثج في حدا بعد اللي شفته ده ويارب يسهلنا ونلاجي حاجة.
فقال( عزام):
هنعاود كفر الهوارة بالوجت ده، الصباح رباح ياخوي.
فقال محمد بغضب:.

-لاه دلوك، لوماريدينش، عروح لحالي.

وخرج فلحقا به واستقلا سيارته التي كان يقودها بسرعة جنونية إلا أن وصل إلى المكان حيث كانت الخيمة الكبيرة المجزئة إلى قسمين لاتزال منتصبة والعمال ينقلون الكراسي والطاولات وينزعون الزينة والأضواء فتفرقوا وشرعوا في سؤال العمال إذا ماكانوا قد رأوا شيئا غريبا، ثم بدأوا في البحث بكل مكان حتى وصل مسامعهم صوت شجار بين كبير العمال وعاملين آخرين فاقتربوا منه وقد كان يقلب الكرسي المزدوج الذي كانت تجلس عليه العروستيّن وقد احترق قاعه فقال يلوم عماله:.

-مش جلتلكم نظفوا المكان زين وخدوا بالكم من الحاجات دى، كيف حجر الشيشة يوصل اهنا افرضوا ولع فيهم.
فقال (فزاع):
حجر شيشة ايه حضرتك؟ ماجبناش شيش على الفرح واحنا إصحابه، هيجي الحجر منين لاه وبمكان العروس ان...
أمسكه( محمد )من ذراعه وقال:
-حجر، نار، وحرج كرسي العروس.
فقال( ناجي )بصوت عال:
يعني ده إلي احنا بندور عليه ياخوي..
أعطاه (محمد )مفتاح السيارة وقال:
اجري على الشيخ وهدان الله يكرمك.

ثم أردف وهو يوجه كلامه للمجتمعين:
ابعدوا ماتلمسوشي حاجة دا مش حجر شيش دا سحر اسود والعياذ بالله، احنا عشنا ليلة مايعلم بيها إلا ربنا..
ترك كبير العمال الكرسي من يده وابتعد عنه بخوف كما فعل العاملان وهما يتعوذان من الشيطان الرجيم.
بينما تذكر أخته فضرب على جبينه قائلا:
بدارة ياعزام!، لازمن اتصل على مهران.

كانت (بدارة) نائمة والعرق يتصبب منها بغزارة ووجهها تعتصره حمرة غريبة مع أن (مهران) حقنها مرتين بخافض حرارة ومضاد حيوي وبالرغم الكمادات الماء البارد والمريمية التي سهرت (نفيسة) و(ثريا) و(راوية) على وضعها لها غير أنها لم تفدها كثيرا حتى قرر( مهران )أخذها إلى المشفى الكبير خوفا عليها من أي مضاعفات فطلب من والدته أن تغير لها ملابسها ووقف في الشرفة يدخن سيجارة وحال لسانه يقول دا ذنب شذا اللي فى رقبتك يامهران، دوق تمن الخيانة، بالشفا.

فقطع أفكاره رنين هاتفه فوجده (محمد) فاستغرب لاتصاله فرد عليه:
السلام عليكم، خير يامحمد في حاجة، لا ماجدرشي آجي دلوك بدارة بعافية شوية، عارف كيف؟، في إيه خرعتني؟، أهملها كيف دلوك بجولك عيانة، عرفت كيف؟، زهرة كومان، في إيه؟، خلاص جاي اجفل جاي بجولك!
رمى عقب سجارته ثم خرج مستعجلا وقال ل(راوية) التي اعترضت طريقه وهي تحمل بعض قوالب الجليد:
هعاود بسرعة انتوا لبسوها لحدن مااعاود.
قالت بحيرة:.

-رايح فين ياخوي بالوجت داه؟
قال بسرعة:
جلت هعاود جوام!
استقل سيارته إلى مكان العرس فتزامن وصوله مع وصول الشيخ (وهدان) فألقى السلام عليهما وتوجهوا جميعا نحو( محمد )فاقترب الشيخ من الجمرات ورش عليها بعض من الماء المرقي فاشتعلت فتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وقال:
عفارم عليكم ياولاد أهو هو ده.
ثم أردف موجها حديثه إلى كبير العمال:.

-خد ياولدي العمال من إهنه والصبح بإذن الله عاودو لموا حاجاتكم أكون رجيتها، روحو من إهنا دلوك.
أومأ الرجل متفهما واتجه إلى عماله ليخبرهم، بينما وقف (مهران) مشدوها لا يفهم شيء ثم قال:
حد يفهمني في إيه عاد!
فقال الشيخ:
مش عارف اجولك إيه ياولدي لكن لازمن تعرف، في حد عمل سحر اسود للعرايس، والعمل في الجمرات ديه شوف هي طفيانة ولمن ارش عليها مية مرجية تولع كيف.

فأشتعلت مرة أخرى فتعوذ (مهران) من الشيطان الرجيم وهو يقول:
حسبي الله ونعم الوكيل، سحر اسود ليه هو احنا عملنالهم ايه عشان يعملو فينا اكده، المرة عندي هتولع من السخونية بالدار، كنت هاخدها مستشفى دلوك جبل مايتصل محمد.
فقال (محمد ):
زهرة حالتها بالويل ياأخوي.
فقال الشيخ:.

-الحاجات دي مانجدرشي نلمسها أو ننجلها من إهنا إنتوا عتروحوا وتجيبوا نسوانكم إهنا، لاكن ماخبرش إذا كنا هنجدر عليهم ولا لاء اكمنهم أجوى منينا.
فقال( محمد):
إنت جلت ممكن جلبها يوجف ياشيخنا.
فقال الشيخ مطمئنا:
-لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا ياولدي خلي إيمانك بربنا كبير..
قال (مهران)بهلع:
جلب مين اللي يوجف أنا مخي عيتحرج دلوك!
فاردف الشيخ:
مش هيحصل إلا كل خير ماتغلبونيش ياولاد اعملوا اللي جلتلكم عليه.

غادر (مهران )وكذلك( محمد) أما الشيخ فجلس مكانه يسبح ويستغفر ويحوقل ويوحد ويصلي على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
دخل (مهران) بيته ونادى على والده الذي كان يصلي قياما، فانتظره حتى سلم وقال:
البس يابوي وتعالى وياي وعفهمك ع الطريج.
ثم توجه نحو غرفته فوجد( بدارة )جاهزة فحملها بين يديه فقالت والدته:
هاجي وياكم.
فقال:.

لاه ياأماي مالهاش عازة، هنرجع الصبح روحي نامي الفجر هيدن وانتي مانمتيش طول اليوم، ابوي هياجي وياي.

وتركها قبل أن تصمم وتجادل على الذهاب فاستقل سيارته وقد وضع (بدارة) في المقعد الخلفي ليجلس والده بجانبه وانطلقوا إلى وجهتهم وقد حكى (مهران) لوالده كل ماحدث فظهر الأسى على وجه (عسران )وقد تذكر كلام زوجته عن أن بناتها مسحورات بينما كان يجادلها ويتهمها بالتخريف فتمنى لو صدقها وقتها لما وضع الآن في هذا الموقف.
كان (عزام وناجي) قد وضعا أريكتين أمام مجلس الشيخ من أجل( بدارة وزهرة ).

وصل (مهران) قبل (محمد )ببعض دقائق كان قد بدأ الشيخ يتلوا ويدعي فأصاب( بدارة) ما أصاب( زهرة) سابقا غير أن شعرها لم يخرج منه نمل بل تحول لونه إلى اللون الأبيض وقد أرهقت إخوتها وزوجها من فرط مقاومتها ثم استكانت وهدأت وقد بدأت تخبت حمرتها.
وماهي لحظات حتى وقع (مهران) مغشيا عليه وأنفه ينزف.
فقال الشيخ:
لا حول ولا قوة الا بالله.

فبدأ الشيخ يقذفه بالماء المرقي ويقرأ عليه حتى استفاق فاسنده (ناجي) ليجلس على أحد الكراسي، وبينما هم كذلك وصل (محمد) برفقة والده و(زهرة).

فاقترب بها من الشيخ وكان قد جلب بعض الحبال معه كما اوصاه الشيخ حين اتصل عليه، مددها على تلك الأريكة وربط يديها ورجليهما كما فعل ب(بدارة) أيضا وعاد الشيخ يقرأ ويرش الماء على الجمرات وهي تلتهب وتعلو ألسنتها ودخان أسود كريه الرائحة ينتشر في المكان فيرفع الشيخ صوته ويسترسل في القراءة فاشتعلت النيران بالكرسي أما (محمد) فكان يرش أخته وزوجته بالماء كما يفعل الشيخ فتتصاعد الابخرة منهما وهما في صراخ يصم الآذان.

أذن الفجر فانفجرت الجمرات محدثة دوي وتناثر رمادها على الأرض وهدأت الفتاتان فقال الشيخ:
-التراب ياعزام!
وضع (عزام )التراب فوق ذلك الرماد المتناثر من الكرسي والجمرات فسقاه الشيخ بالماء حتى ابتل واستدار على صوت (محمد) وهو يقول:
الحجني ياشيخ زهرة دخلت فى غيبوبة!
ركض( مهران )نحوها وبدأ في فك حبالها فقال الشيخ:
ع المستشفى ياولدي عجل عجل! وأنت كمان يامهران!

فتوجه( محمد) مع والده وزوجته و(مهران) مع والده وزوجته لعل القدر ينقذ ما افسدته النفوس الحاقدة.


look/images/icons/i1.gif رواية على الرقاب قدر نافذ
  03-03-2022 03:38 مساءً   [9]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية على الرقاب قدر نافذ للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

السحرة أبناء الشياطين وندمائهم، يتحالفون معهم لممارسة ألاعيبهم وسحرهم، لايهمهم سوى تسخير هذا السحر لخدمة مآربهم، لا يهتمون بمن يصيبونه بأعمالهم أو ذلك الضرر البالغ الذى يحدثه سحرهم...
لا يدركون أن مايفعلونه يغضب الله ويلعن فاعله...
ولا يدركون أن من يتحالفوا مع الشيطان تكون نهايتهم سوداء مرعبة كأفعالهم...
فمنهم من يلقى نفسه من مكان مرتفع أو فى نهر عميق..
ومنهم من يجدونه مشنوقا او محروقا..

ومنهم من يختفى بلا أثر...
النهاية فى كل الاحوال واحدة...
موت، وجحيم.

جلس كل من (عويس) و (عسران) على مقعد عريض يتكأ كل منهما على عصاه بملامح حزينة، بينما فى الجهة الأخرى وقف كل من (مهران) و(محمد) فى ذلك الرواق الذى يوجد به حجرتين تحتويان جسدا زوجتيهما الراقدتين، إحداهما فاقدة للوعى والأخرى فى غيبوبة، ومابدأ كليلة زفاف باهرة إنتهى إلى مأساة فوق رأس الجميع، قد يقول أهل البلدة إن علموا بما حدث أن هناك عين أصابت كل عروسين ولكن هؤلاء الجمع الذين يجلسون فى هذا الرواق يدركون جيدا أن ماحدث كان بفعل بعض البشر.

لا ليسوا بشرا، بل إنهم أفاعي، وربما قد نظلم الأفاعي أيضا إن شبهناهم بهم، فالأفعى تلدغ دون تخطيط بينما يلدغ هؤلاء البشر بعد تدبير.
زفر (محمد)قائلا:
-أنى هدخل أتطمن على مرتى وخيتي، مش جادر أجعد إكده من غير ماأسوي حاجة ترجعهم لينا بالسلامة.
قال (عويس)بحزم:
-خيتك منيحة، شوية وهتجوم بالسلامة ادخل لمرتك وإتطمن عليها، ومهران يدخل لمرته هو كمانى.

تبادل(محمد)و(مهران)النظرات قبل أن يهز (محمد)رأسه ويدلف إلى حجرة زوجته بينما إتجه (مهران)إلى الحجرة الأخرى بصمت.
ماإن دلفا إلى الحجرتين حتى إستدار(عسران)بجسده تجاه (عويس)قائلا:
-عتوزعهم ليه ياعويس؟!
طالعه (عويس)بصمت للحظة قبل أن يقول بحزم:
-لازمن اللى عمل العملة دى نكشفه وياخد جزاته ياعسران.
قال(عسران)بعينين تشعان بالغضب:
-واه لازمن طبعا، بس نلاجيه وعتشوف، ورحمة أبويا فى تربته لأجطعه بسناني جطيع.

قال(عويس)بإستنكار:
-وأنى روحت فين ياعسران؟ده إتجرأ علي وعلى ولادى كمانى وإذانى فيهم واللى يفكر بس يإذى حدا من ولاد الجبالى يبقى يجرا الفاتحة على روحه قبل ماأمد يدى وأخلع جلبه وهو حي وآكل كبده كدام عنيه، بس...
صمت وظهر عليه القلق فقال (عسران)بتوتر:
-بس إيه ياعويس؟!ماتنطج.
قال (عويس):
-اللى عمل العملة دى حدا جريب منينا ياعسران، ماهو ماحدش جرب من مكان العرسان غير أجرب الأجربين لينا ياولد عمى.

إتسعت عينا(عسران)قائلا:
-جصدك إيه ياعويس؟محدش جريب منينا هيريدلنا الأذى، الكلام اللى بتجوله ده واعر جوى، إنت هتمخولنى ليه عاد؟
قال(عويس)بحيرة مريرة:
-مخابرش، مبجاش فيه أمان للبشر، أنى بجولك اللى فى جلبى وعجلى ياأخوي عشان تاخد بالك منيح، واهو المثل بيجول حرص ولا تخون.
هز (عسران)رأسه وهو يقول:
-معاك حج يااخوي، معاك حج.
ظهر التردد على وجه (عويس)فقال(عسران)بقلق:
-فيه حاجة عتخبيها عنى كمانى ياعويس، صوح؟

قال(عويس)بحزن:
-الحجيجة فيه.
قال(عسران):
-إيه هي عاد؟ماتنطج وتريحنى.
قال(عويس):
-الشيخ وهدان حدتنى وجالى إنه لمن كان بيفك السحر لجاه طايلكم انتوا كمانى.
اتسعت عينا(عسران)بدهشة قائلا:
-طايلنا؟جصدك مين ياعويس؟
قال(عويس):
-انت ومهران ياأخوي.
ظهرت الصدمة على وجه(عسران)بينما ربت(عويس)على كتفه قائلا:.

-متنخرعش ياعسران إكده، الشيخ وهدان كدها وكدود وزي مافك سحر بناتنا هيفك سحركم، هو جالى إنه هياجيلنا بس نطمنوا اللول على البنتة.
هز (عسران) رأسه بينما شرد بعينيه للأمام وكلمات (ثريا) تتردد فى ذهنه، تراوده الشكوك وتصيبه الظنون بالجنون، فلو صح كلام(عويس)وربطه بكلمات زوجته (ثريا) لكان هذا معناه بلا شك أن هذا الخائن...
ذلك الذى يستأهل القتل...
قريبا منه هو...
هواري القلب واللقب...

قريب منه كقرب زوجته و أولاده، تماما.

إقترب (مهران) من سرير زوجته النائمة بعمق، من يراها الآن و تحكى له عن ماعانته فى بداية تلك الليلة سيقسم أنك كاذب، فهي تبدو مسالمة للغاية، عادت بشرتها إلى طبيعتها ولكن ظل لون شعرها يؤكد كل ماحدث، شعرها الذى صار أبيضا كجليد شتاء بارد فى روما...
لماذا يتذكر روما الآن؟!
يتذكرها فيتذكر شذاه على الفور...
وكأنها جزء لا يتجزأ من ذكرياته فى تلك البلد الذى عاش بها سنوات...

رغم تلك المدة الصغيرة التى عرفها فيها لكنها تركت فى قلبه عشقا لاينسى...
عشق يجعل قلبه يإن للذكرى..
يصرخ بكل قوته...
إشتقت إليك...
أتعبنى غيابك..
ومزقنى الحنين إلى رؤياك..
ونفسى التى شاطرتها تتوق إلى سماع صوتك..
بالله عليك أطلقى سراحى...
فهناك إمرأة أخرى هي أحق منك بقلبى...
هناك إمرأة أخرى هي أحق منك بمشاعرى...
هناك إمرأة أخرى لم تملك منى، سوى إسمي.

جلس جوارها بحزن، يتطلع إليها، بات يشك ان عودته من روما تلك المرة حملت شؤما على بلده وأحبابه..
مد يده يمسح حبات العرق عن جبينها، مازالت شاحبة بعض الشيئ كشحوب مشاعره تجاهها، تحبه كثيرا، يدرك ذلك ولكنه مع الأسف لا يستطيع أن يبادلها ذلك الحب الكبير ولكنه سيمنحها إهتماما وإحتراما، مودة ورحمة ويرجوا أن يكفيها ذلك.

كان يمسك بيدها وهو يتطلع إلى ملامحها بحنان، نظر إلى تلك الأجهزة المحيطة بها وتوقف بنظراته عند هذا الجهاز الذى يقيس نبضات قلبها بحزن قبل أن يعود بناظريه إليها، رفع يدها إلى ثغره يقبل كفها بحنان ثم قال هامسا:.

-يمكن مهعرفكيش من زمان بس حاسك كيف ماتكونى خيتى، صاحبتي، رفيجتي، بتي مش مرتى وبس، جلبى كان هينخرع عليكى يازهرة لمن شوفتك بتتنفضى كيف الزهرة فى وج العاصفة، بالله عليكى جومى بالسلامة ورديلى روحى، وأوعدك إنى عحميكى وعخاف عليكى ومهخليش حدا يإذيكى واصل.

صوت دقات قلبها التى تسارعت ونقلها إليه الجهاز جعله ينهض بسرعة ينقل بصره بين الجهاز وبينها فى أمل، يفحصها بإهتمام ولكن عيونها المغلقة بثبات وقياساتها الحيوية التى وجدها ثابتة لم تتغير بدورها، خبتت ذلك الأمل لتغيم عينيه بسحابة من الدموع سقطت على إثرها دمعة على وجنته فأسرع يمسحها وهو يتمالك نفسه بقوة، يجلس مجددا بجوارها، يمسك يدها ويحدثها عن تلك المرة التى رآها فيها لأول مرة وكيف خطفت أنفاسه برقتها وطيب محياها وكلامها الخجول، يخبرها عن أحلامه التى رسمها معها ويطالبها بعدم الضحك عليه، يخبرها عن طموحه ومشاريعه التى ستشاركه إياها حين تستيقظ، شرد فى تلك الأحلام وغفل عن إرتعاشة فى أهدابها، تخبره أنه نجح فى الوصول إليها، تخبره بكل تأكيد أنها فى سبيلها للوصول إليه بدورها قريبا، قريبا جدا.

تململت فى مكانها وتمطت قليلا قبل أن تعود إليها أحداث الليلة الماضية لتفتح عيناها على الفور برعب، تنظر إلى محيطها، إزداد رعبها وهي تجد نفسها وحيدة فى هذا المكان المقفر، تأملت جسدها الذى لايستره سوى ملاءة مهترئة لتضرب رأسها ثم صدرها بيدها ضربات متتالية بينما قالت بنشيج باك:.

-مشيتى ورا جلبك ولغيتى عجلك وآدى النتيجة ياحزينة، عاجبك إكده؟سلمتيله جلبك وجسمك ياشينة، بجيتى خاطية وجبتى لأهلك العار، صرتى كيف أبوكى تستاهلى الجتل يابت عباس، عتروحى فين وتاجى منين دلوك؟عتهربى؟عتروحى على فين؟هيجيبوكى لو إتخبيتى تحت سابع أرض؟كنك كنتى عارفة إن العشج عيجتلك، عجلك ياما حذرك بس انتى مردتيش عليه، حتى ليلة إمبارحة وإنتى جاية لمصيرك، وشفتى البومة بتزعج، سديتى ودانك عنيها وغميتي عنيكى وآدى النتيجة يابت عباس، جيتى تجابلى جدرك وفكرتيه عيجيبلك السعد معاه، مجاش منيه غير الويل وآخرته الدم.

لتنسال دموعها وتتدفق ومع تدفقها عادت إليها أحداث ليلة البارحة بكل تفاصيلها...

كانت تمشى فى تلك الطرقات بخوف، الظلام يحيط بها، ويرسل الرعب فى اوصالها، لعنت غبائها الذى جعلها تخضع لرؤيته اليوم كما أصر عليها، رغم ماحدث مع أبناء خالها وحالة الطوارئ التى أقامها (عسران الهوارى) فى البلدة كلها، ورغم حالة الإضطراب التى إعترت والدتها اليوم حتى أنها إضطرت للجوء إلى منوم كي تستطيع النوم ولولا هذا ماإستطاعت (نوار)ان تغادر منزلها قط، لذا حين حضر إلى البيت ليرى سبب تأخرها تسللت معه بدون تردد، وهاهي تتبعه بخطوات متعثرة، فالمكان موحش حقا وسكونه يبعثر الطمأنينة، خشخشة أوراق الشجر تحت قدميها يقشعر له بدنها، ولولا وجود (راجى)امامها لعادت أدراجها على الفور، لاح لها من بعيد كوخ صغير قديم تكسوه النباتات، إحدى نوافذه مشرعة، دلف (راجى)إلى الكوخ يلقى نظرة سريعة عليه يتأكد من عدم وجود والدته فهي تبيت ليلتين كل شهر فى مكان لا يعلمه هو شخصيا تتواصل فيه مع شياطينها كما أخبرته يوما، تأملت(نوار) تلك الردهة التى لم تحتوى على شيئ سوى بعض الكراسي المتهالكة، لتقترب منه وتمسك كمه قائلة برهبة:.

-إنت جايبنى فين ياراجى؟بتاع مين الكوخ ده؟
إستدار يمسك بيديها بين يديه يرفعها إلى ثغره لاثما إياها بعشق قائلا:
-الكوخ ده بتاعى يامهجة الجلب، ملكى أنى وراح يصير ملكنا احنا التنين عن جريب.
تأملت الكوخ بعينين مستنكرتين قائلة:
-انت جصدك ان الكوخ ده هيبجى دارنا؟!
إبتسم قائلا:
-دارنا كيف إياك، بجى البرنسيسة نوار عتجوز فى حتة كوخ صغير معتسكنش فيه خدامتها؟
عادت إليه بعينيها تقول بعتاب:
-انت عتتمسخر علية ياراجى؟

قال على الفور:
-لاعشت ولا كنت لو عتمسخر ع حبة عينى من جوة، أنى فعلا معينفش أعيشك فى الكوخ ده، لا أهلك ولا أمك عيرضوا.
طالعته بحب قائلة:
-لو علية ياراجى أنا ععيش معاك لو حتى فى جمجم، هكون راضية، يكفينى إنى ععيش وياك إنت.
خلع عمامته وألقاها بعيدا قائلا:
-واه ياأبوي، كلامك زين جوى يانوار، كيف الشهد، وكيف البلسم بيتحط ع جرحى يطيب.
إبتسمت بخجل قائلة:
-سلامتك من الجرح ياحبيبي.
تطلع إلى عينيها قائلا بحب:.

-حبيبك صوح يانوار، عتحبينى من جلبك؟
طالعته بعشق قائلة:
-من جواة جلبى عحبك ياراجى.
وضع يديه على خصرها يضمها إليه وهو يقترب من ثغرها فشعرت بكيانها يذوب بين يديه هاتين، لتضع يدها على ثغره قائلة:
-واه ياراجى، عتعمل إيه عاد؟
مد يده يرفع يدها عن ثغره متأملا ثغرها قائلا بهمس عاشق:
-عدوج الشهد اللى بتنجطه شفايفك يانن عين راجى.

أضعفتها كلماتها فتركته يعبث بثغرها ومشاعرها كيف يشاء، تجول يداه الخبيرة على جسدها فيثير كيانها بالكامل ويذيب مقاومتها رويدا رويدا، يخرس صوت عقلها الذى أرسل إليها كل الإنذارات الحمراء ليوقفها ولكنها لم تسمع أي من نداءاته ولم تشعر ب(راجى)وهو يسحبها إلى تلك الحجرة ليكمل مهمته ويقضى نهائيا على، برائتها.
عادت من ذكرياتها لتضرب رأسها مجددا ضربات متتالية، تنوح وتبكى وقت لن يفيدها أي بكاء أو نواح.

بعد مرور أسبوع...
عادت الأمور إلى طبيعتها بعض الشيئ مع عودة العرائس لوعيهما وعودة كل منهما إلى دارها مع عريسها، تعجب الجميع من لون شعر (بدارة)الذى تحول إلى الأبيض ولكنهم لم يعلقوا.

عامل كل من (مهران)عروسه (بدارة)بلطف تاركا لها غرفته لتستريح وتتعافى تماما من مرضها وفعل (محمد)مثله مع عروسه (زهرة)مع إختلاف بسيط، فبينما سادت علاقة (مهران)بزوجته المودة وشابها بعض الفتور، ساد الحنان والحب علاقة (محمد)بزوجته.

بدأ الزوار فى الوفود إلى بيت (عسران)و(عويس)لتقديم التهاني للعروسين، حاولت (زبيدة)إقناع إبنتها فى إصطحابها لبيت خالها ولكنها رفضت رفضا قاطعا فلم تصر عليها وقد أضحت شاحبة، قليلة الحديث، منزوية منذ ليلة زفاف أبناء خالها، ظنت(زبيدة) أن إبنتها حزينة على ضياع ابن خالها منها لتعدها فى نفسها بعودته إليها راكعا، قبلت رأسها ثم تركتها وذهبت فإنقلبت (نوار)على جانبها تدع دموعها الحبيسة تتساقط، تنعى حبا وارته بقلبها بعد فعلة حبيبها وتركها هكذا دون سؤال طوال تلك الأيام المنصرمة، والتى مرت عليها كمرور نيران مستعرة بكيانها قطعة قطعة، تذوب بألم وانين ومع ذوبانها تفنى ببطئ وتذوى، ربما إلى الأبد.

تأملت (ثريا)إبنتها بفخر، كانت عروسا جميلة تتوسط الجميع والذين يقدمون لها الهدايا الذهبية و(النقطة)كما إعتادت النسوة أن تفعل فى تلك البلدة بينما تقرأ فى سرها المعوذتين، تحصن بها إبنتها من العين، فقد أعادت ماحدث لإبنتها وزوجة إبنها بعد حفل الزفاف إلى الحسد وحيث ان (عسران)وولده لم يخبرانها الحقيقة خشية ان يتسرب الكلام إلى هؤلاء المسئولين عن ذلك السحر الاسود فيتخذون حذرهم، لذا فقد حاولت قدر الإمكان أن تحيط إبنتها بكل ماتعرف من آيات الحفظ.

حانت لحظة الوداع فكانت الأقسى على (رواية)وهي تودع شقيقتها بالدموع، تحمد الله على زواجها و نجاتها من الموت وسعادتها البادية على ملامحها، ولكنها ستفتقدها بالتأكيد، كان (ناجى)يمر بالقرب منهم متجها إلى والدته حين رآها مجددا، رق قلبه لحالها وتعلقت نبضاته بها وقد ازدادت خفقاته مع نظرة ألقتها سريعا عليه قبل أن تنتبه مجددا لحديث والدتها، ليغير إتجاهه إلى حيث والده، يطلب منه أن يتقدم لخطبة (راوية)الأخت الصغرى ل(زهرة)، وقد وعده والده بالتحدث مع والدها فى زيارتهما القادمة ل(بدارة)والمباركة إليها.

رحل آخر المهنئين، ليسرع (محمد)إلى غرفته، وماإن دلف إليها حتى وقف يتأمل تلك الجميلة زوجته والتى وقفت ترتدى قميصا أبيضا رائعا، ومما زادها فتنة هو خجلها الواضح فى كفيها اللذان يضمان دثارها إليها وكأنه سيحجبها عن ناظريه وعيناها التى ترنوا إليه بخجل.
عيون المرأة تسكب سحرا على هذا الناظر إليها...
تجعله مفتون بها، متعبد فى محرابها...

وقد اصبح هو راهبا فى محراب عينيها، لقد صارت حتما بخير كما يبدو عليها وكما تاكد بنفسه حين فحصها، كم كانت خجولة تمنعه فى كل لحظة عن إتمام مهمته، ترسل إليه بنظراتها رسائل تلهب كيانه وتجعله يرغبها فى التو واللحظة ولكن وفود المهنئين منعه، ليؤجل رغبته العميقة بها حتى حلول الليل ومع حلول الليل يحلو كلام العيون ويطلق سراح المشاعر..
إقترب منها يمسك يديها بين يديه، قائلا بحنان:
-كيفك دلوك يازهرتي؟

ذاب كيانها مع ياء الملكية التى أضافها لإسمها وإزدادت خفقاتها وهي تقول بخجل:
-انى بخير طول ماإنت بخير.
قال(محمد)بحب:
-أوعدك تكونى دايما بخير طول ماأنى جنبك، مش عسمح لحدا يإذيكى واصل، بس إنتى لازمن توعدينى إنك معتخبيش حاجة عنى أبدا، إتفجنا؟
قالت (زهرة):
-عوعدك مخبيش عنك حاجة واصل.
إبتسم ثم قال بجدية:.

-إوعاكى تكونى فاكرة إن ده تحكم منى فيكى يازهرتى لا سمح الله، ده خوف عليكى، أنى معجدرش احميكى وانى مش عارف إيه بيحوصل معاكى.
قالت (زهرة)على الفور:
-فاهمة ياأخوي، وبعدين حتى لو عاوز تتحكم فية، انت جوزى بردك وده حجك.
إبتسم قائلا:
-الراجل الصوح ميتحكمش فى مرته يازهرة، لع، عيديها حريتها وهو واثق إنها عتلتزم بحدودها ومش عتزعله واصل.
تأملته بإعجاب قائلة:
-كلامك زين جوى يامحمد، عيدخل ع الجلب طوالى.
قال فى لهفة:.

-جلتى إيه دلوك؟
قالت فى حيرة:
-جلت كلامك زين وعيدخل...
قاطعها قائلا:
-لع انتى جلتى إسمى، جوليه تانى.
اطرقت رأسها بخجل قائلة:
-بكفاياك عاد، أنى عتكثف.
رفع(محمد)ذقنها بيده قائلا:
-أحب على يدك ياشيخة لتجوليه تانى.
احمر وجهها خجلا وهي تقول:
-محمد.
خلع (محمد)عمامته وهو يلقيها بعيدا قائلا:
-واه ياأبوي، دى أحلى مرة عسمع فيها إسمى.
نفضت يدها من يده قائلة بخجل:
-جلتلك بكفاياك عاد، أنى، أنى رايحة أنام، بالإذن.

أمسك يدها يمنعها من الرحيل قائلا بلهفة:
-أصبرى هبابة، أنى رايد أتحدت وياكى ولا نعسانة،
إضطربت خفقاتها وهي تقول متلعثمة:
-لع مش نعسانة واصل.
إبتسم قائلا بلهجة موحية:
-زين، أصل الليل طويل ومع طوله عيحلو الكلام، رايدة تتحدتى وياي يازهرتي؟

كان يطالعها بعينيه العاشقتين، يطالبها بأن تكون ملكه وان تصير زوجته فاجابت عيناها بقبول خجول ليبتسم بحنان، يتقدم بإتجاه شرفة حجرته، يسدل ستائرها ليختفى ضوء البدر الذى كان ينير حجرته وفى هذا الضوء الخافت المتسلل من فتحات صغيرة بتلك الستائر، عاد إليها وامسك بيديها متجها بها إلى سريره، ليصمت حديث العيون وتختفى الكلمات ويشتعل حديث من نوع آخر قد يختلف فى طريقة التعبير ولكنه بالتأكيد يحمل بدوره بصمات، العشق.

كانت تقف فى شرفة هذا الفندق الرائع كروعة مدينتها الساحرة، تتأمل هذا النيل الأصيل كأصالة أبناءه، تفكر فى حياتها التى قضت سنواتها العشرون فى مدينة غير مدينتها ومع أناس ظنتهم يكنون لها الحب فإذا بهم فى النهاية يظهرون على حقيقتهم، أفاعى يلدغون دون إنذار ويحملون للقريبين منهم الموت، بلا رحمة.

تنهدت بصمت، يومان منذ وصولها لمدينتها الجميلة أسوان، ولم تبحث بعد عن عائلتها أو تتصل بهم، ما الذى يمنعها؟أو على الاحرى، مم تخشى؟
هل تخشاهم بقدر ماتتمنى أن يكونوا لها عونا وسندا؟
هل تخشى ان يضحوا هم من يجب أن تحذر؟
أم تخشى جفاؤهم وإدراكها أنهم لم يبالوا قط بإبنتهم وبالتالى لن يبالوا بحفيدتهم؟
لا تدرى حقا ولكن ينتابها خوف غريب من المجهول يكبلها بقيوده..

دلفت إلى حجرتها وتمددت على سريرها بهدوء، تبغى ان تنام ففى الغد ستذهب إلى قرية والدتها وهناك ستجد الإجابات على كل أسئلتها..
حاولت أن تتشبث بآخر خيوط النعاس كي لا تواجه قدرها بالصباح ولكنها فى النهاية إستسلمت وهي تدرك أن قدرها نافذ و حتما سيصيبها ولو كانت فى جوف ذلك الرحم لتلك الأرض الحنونة.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 2 من 10 < 1 2 3 4 5 6 7 8 10 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
لمالكي هيونداي النترا تحذير من هيئة الرقابة علي الصادرات Moha
0 336 Moha

الكلمات الدلالية
رواية ، الرقاب ، نافذ ،











الساعة الآن 01:34 PM