رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي للكاتبة شاهندة و جود علي الفصل الحادي عشر
وما قيمة الحياة بعد فراق الأحبة وما أصعب الأنين حين يخترق القلب بحسرة الوداع، تغصّ الحناجر وتغشى العيون الدموع ونختنق حتى تُزهق الأنفاس وكأن الفراق هو موت صغير يحملنا في النهاية إلى لحدٍ أبديّ.
وصل (عز)بسيارته إلى منزلها فوجد العم(عبد الحميد )يمسك بيد العمة(تهانى)المنهارة لتصعد إلى سيارة الإسعاف ثم صعد خلفها فإنطلقت بسرعة، سقط قلبه بين قدميه وهو يقود سيارته خلف سيارة الإسعاف، يبتهل إلى الله أن تكون حبيبته بخير بينما يده على هاتفه يتصل ب(هبة)مرارا وتكرارا ولكن، لا مجيب.
رأيت في عينيك سحر الهوى مندفعاً كالنّور من نجمتين فبتّ لا أقوى على دفعه من ردّ عنه عارضاً باليدين يا جنّة الحب ودنيا المنى ما خلّتني ألقاك في مقلتين. تراءت عيناها امامه تناظره من بين الصفحات، فأغلق الكتاب وهو يغمض عيناه متعجبا، يتساءل بحيرة عجز عن إيجاد مبرر لها..
كيف إستطاعت أن تنفذ إلى قلبه بتلك السهولة والسرعة، لقد بعثرت ثوابته بوجودها، لطالما اعتقد ان العشق يحتاج وقتا ليكون، ولكنها أثبتت له ان المرء يستطيع إدراك نصفه الآخر ماان يرى عينيه ليشعر وكانهما خُلقا من أجله هو، فكأنها روح سكنت روحه منذ الازل، وكأنه عصفور مجروح طيبت هي جروح جناحيه وجبرت كسرهما فجعلته يحلق مجددا في السماء، يجذبه الشوق إليها وكانها هي وهي فقط من خُلقت من ضلعه فصارت جزءا منه، كتب لهما القدر أن يجتمعا معا ليواجها العالم سويا ويصبح كل منهما وطنا للآخر إلى الأبد.
تبا، تبا، تبا رسم احلامه معها ولم يضع في حسبانه ان تكون مشاعرها تجاهه مُظللة بالشفقة، ووضع امانيه ولم يدرك أنها قد تكون عالقة في الماضى او لديها حاضرا يحيطها بالمشاعر كهذا المحامى الذي ظهر مع والديه عند زيارتهما له، ماذا كان إسمه، نعم، (عز)، ترى هل تحبه؟ وهل يهواها؟ وكيف لا يهواها؟وهي جميلة رقيقة، طيبة القلب إبتسامتها وعيونها الجميلة تسرق القلوب على الفور.
شعور بالغيرة يراوده ويجعله حانقا، فتح عيونه على صوت(عزيز)الذي قال بحيرة: -بتقرا لإيليا ابو ماضى ووشك يبقى مكشر بالشكل ده!طب إزاي ياجدع؟ لانت ملامح (حمزة)قائلا: -انا لا مكشر ولا حاجة، إزاى صحتك دلوقتى ياعم عزيز؟ جلس (عزيز)جواره قائلا: -بخير ياابنى، خدت الدوا وبقيت كويس الحمد لله. ربت(حمزة)على يده قائلا: -لازم تاخد بالك من نفسك، النوبات بتزيد وكدة هبقى قلقان عليك لو خرجت براءة.
وضع(عزيز)يده على يد(حمزة)قائلا بحنان: -متقلقش علية، المهم تاخد براءة وتخرج من قضبان الزنزانة اللى اتحبست فيها سنين ظلم، انا بقى مش مهم، كبرت ومبقاش في العمر كتير والله اعلم هخرج ولا مش هشوف اللى برة تانى... قاطعه(حمزة)قائلا: -متقولش كدة ياعم عزيز، هتعيش وهتشوفهم اكيد، انا لما هخرج من هنا هرفع قضية... قاطعه (عزيز)قائلا:.
-ولو رفعت ميت قضية مش هيخرجونى غير في حالة واحدة بس، ان النظام يتغير وييجى حاكم عادل ينظر في شئون رعيته بجد ويعرف قد إيه فيه فساد حواليه، يدور على الظالم ويجازيه والمظلوم يرفع عنه الظلم و يجيبله حقه وده ياإبنى حلم الله أعلم هيتحقق وأنا عايش ولا وانا ميت وجايز ميتحققش خالص، ماهو احنا في الزمن اللى الرسول عليه الصلاة والسلام قال عليه، الزمن اللى فسد فيه الشعب فسلط عليه الغلاء وفساد الحكام والأوبئة بس الامل في ربنا كبير يرحمنا ويرفع عنا البلاء والظلم.
قال(حمزة): -ونعم بالله. قال(عزيز): -اهم حاجة ياحمزة انك لما تخرج تروح لاهلى وتطمنهم علية، قولهم ان لُقانا الجنة وان ربنا بيبشر الصابرين وانى فاكرهم في كل لحظة لحد ماييجى ميعادى. قال (حمزة): -بعيد الشر عنك، ربنا يديك الصحة ويخليك لينا ويباركلنا فيك ياعم عزيز. قال(عزيز): -محدش مُخلّد ياابنى، كلنا هنموت ولن يبقى سوى وجه الله الواحد الأحد. لينهض مرددا وهو يسير بإتجاه سريره:.
-لِمن الملك اليوم؟لله الواحد القهار، لِمن الملك اليوم؟لله الواحد القهار. نزلت دمعة من عيون (حمزة)وقد إنتابه شعور موحش وكأن العم(عزيز)يودعه، ليستغفر ربه وهو يقول: -أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحى القيوم وأتوب إليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الخوف من الفراق يمزق المشاعر، يحترق القلب خوفا وقلقا، تغص الحناجر ويمتنع الكلام عن الخروج وقد عجز عن التعبير، نطالع أحبتنا بوجل وكاننا نرجوهم الا يرحلوا، نُقسم عليهم ألا يكسروا ظهورنا بوداعهم، نتوسل إليهم.. ظلوا حدنا... ونعدكم ان لا نكون سببا في دموعكم مجددا.. نعدكم ان نبعد عنكم الحزن دوما ولكن فقط، لا ترحلوا.
هكذا كان شعور العم(عبد الحميد)وهو يطالع ابنته من النافذة الزجاجية والطبيب مع طاقم التمريض يحاولون إنقاذ حياتها، بينما تقف بجواره زوجته تطالعها بدورها وهو تبكى بحرقة، و يقف (عز)بعيدا عنهم قليلا وإلى جواره وقفت (هبة)وملامحهما يظللها القلق والالم، ليقول (عز)بغضب: -تعرفى لو جرالها حاجة انا مش ممكن هسامحك ياهبة، أبدا. قالت(هبة)دامعة:.
-وانا كنت اعرف منين بس ياعز إنها هتمنع الأكل بجد وتنهار كمان؟انا قلتلها تمثل، مكنتش اتصور ابدا انها تعمل كدة. إلتفت إليها (عز)قائلا بحنق: -كان لازم تعرفى... ليطالع (نور)من بعيد قائلا بنبرات حزينة: -نور شفافة اوى ومستحيل تعرف تمثل، هيبان عليها فكان لازم تنفذ الخطة حرفيا عشان تقدر تحبكها، غبية بس بحبها ومش هقدر اعيش من غيرها صدقينى. خرج الطبيب في تلك اللحظة ليقول بهدوء:.
-آنسة نور بخير دلوقتى وبعد المحاليل ماتخلص وتفوق هتقدروا تشوفوها، حالة المريضة متتحملش اي ضغط عصبى فياريت تريحوها قدر الإمكان.
زفر الجميع بإرتياح وظهر البشر على وجوههم، خاصة العم (عبد الحميد)الذي شكر الله بصوت مسموع، قبل ان تتجهم ملامحه قليلا وهو يرى ابن اخيه (هشام)مقبلا عليه ليطالع (عز)وكأنه يطالبه بالإنصراف، كاد(عز) ان يغادر المبنى مؤقتا حتى انصراف ابن عمها فلا داعى لإثارة اي جدال الآن وقد اطمأن على محبوبته ولكن كلمات (هشام)استوقفته وهو يقول: -خليك مفيش داعى تمشى. عقد (عبد الحميد)حاجبيه بينما اردف (هشام)موجها حديثه لعمه:.
-إزيها دلوقتى؟ قال(عبد الحميد): -بخير ياابنى لسة الدكتور خارج من عندها ومطمنا. قال (هشام): -الحمد لله، فاضل نطمن عليها علطول وده مش هيحصل غير لما احلك من وعدك ياعمى. كاد (عبد الحميد)ان يقول شيئا ولكن (هشام)قاطعه قائلا:.
-احنا الاتنين عارفين ان سبب دخولها المستشفى هو رفضها الارتباط بية وانت عارف كويس انى مش ممكن هتجوزها غصب عنها ياعمى، لا رجولتى ولا اخلاقى ولا حتى دينى هيسمحوا بكدة، وان كان على كلمتك اللى اديتها لوالدى فانا هفهمه انى انا اللى رافض الجواز من نور لاننا مش متفقين، وهخليه يرجعلك ارضك كمان. قال(عبد الحميد)بعيون غشيتها الدموع: -مش مهم ياابنى الأرض خلاص مبقتش تهمنى، اللى يهمنى هو بنتي وبس.
قال (هشام)بإبتسامة باهتة وهو يمسك يد عمه: -وبنتك رجعتلك ياعمى، حافظ عليها وجوزها اللى بتحبه وبيحبها ومتغلطش غلطة جدودنا تانى، البنات مش بيعة وشروة دول أرواح في رقابتنا ليوم الدين. ربت عمه على يده بامتنان، فطالع (هشام)(نور)من النافذة الزجاجية بنظرة طويلة مودعة قبل ان يستدير وهو يرسل ل(عز)و(هبة)إيماءة من رأسه بادلاه إياها قبل ان ينصرف بهدوء تاركا خلفه عيون تابعته بنظرات امتزج فيها الإعجاب بالعرفان.
اشتقت إلى همساتك فقد كانت تجعل من قلبى يخفق ووجهى يُشرق وجسدى يرتعش توقا.. اشتقت لوجودك.. فهلا عدتِ لى؟
كان يمسك بيدها يهمس لها بكلمات عشقه يطالبها بان تفتح عينيها وتعيد إليه روحه التي غادرته بمرضها، يعلم انها الآن بخير، فقط يعوض جسدها ما افتقدته بقلة الطعام والشراب، يجلس حدها ويقسم ان يكون اول من تقع عليه عيناها ليخبرها بأنه يعشقها وأن وقت العذاب انتهى وقد وافق والدها على خطبتهما، يخبرها انه برّ بوعده لها وانها صارت له ولن تصير لغيره أبدا كما وجب ان يكون منذ ان خُلقت، فلقد خُلقت من ضلعه لتصبح جزءا منه للأبد.
طالع (حمزة)نفسه في تلك المرآة الصغيرة ليعدّل من رباط عنقه قبل ان يستدير على صوت سُعال العم(عزيز)، اقترب منه بسرعة يحمل له كوبا من الماء منحه إياه فتجرع منه رشفة قبل ان يتركه، ليقول (حمزة)بقلق: -انادى العسكرى عشان ياخدك للدكتور ياعم عزيز؟ قال (عزيز): -لا ياابنى مش مستاهلة، خلاص هتمشى وهتسيبنا؟ قال(حمزة)بحزن: -مش يمكن أرجع تانى؟ قال(عزيز):.
-خلى ثقتك في الله كبيرة ياحمزة، ربنا هيفك كربك النهاردة، انا شفت رؤيا في المنام، كنت واقف قدامى زي ماانت كدة بالظبط وكان حواليك سور كبير فاصل مابينى وبينك، وقعت فجاة ففضلت أناديك عشان تنجدنى بس انت مكنتش قادر تعمل حاجة، حاولت تكسر السور معرفتش فجاة السما انفتحت بطاقة نور ونزل منها شعاع على مكانك فهدم السور وادالك جناحين، ونفس الشعاع نزل علية وقفنى على رجلى وادالى جناحين، احنا الاتنين طرنا ولفينا في السما الواسعة وبعدين طرنا ناحية طاقة النور، وده اكيد فرج لينا احنا الاتنين، انت النهاردة هتتفتحلك طاقة نور وتاخد براءة باذن الله وانا اكيد هفرح لفرحك، ماانت ابنى ولا إيه ياحمزة؟
قبل(حمزة)جبين العم(عزيز)ثم قال: -يشرفنى طبعا انى اكون ابنك ياراجل ياعجوز، خد بالك من نفسك لحد ماأشوفك تانى عن قريب باذن الله. هز العم (عزيز)رأسه، فجاء الحارس ليأخذ (حمزة)، الذي ودعه(عزيز) بإبتسامة وعلامة النصر ليغادر (حمزة)بينما يردد العم (عزيز): -اللهم انى اشهدك انى احبه في الله فاجمعنى به في الجنة ياارحم الراحمين.
قبل أن أبدأ مرافعتي في هذه القضية، أقول أن الاتهام الذي وجه إلى المتهم جاء على نحو جائر وغير مدعم بالأدلة و هذا لا يكفي لإدانته. يقولون الحكم القائم على الظلم لا يدوم، أعترض حضرة القاضي فمازال قائما ووجود العديد من المظلومين بين غياهب السجون كحمزة خير دليل. يقولون المصيبة في ظُلم الأشرار، أعترض حضرة القاضي فالمصيبة الأكبر في صمت الأخيار وإدراكهم الظلم ثم غضّ الطرف عنه.
يقولون أننا نُندد بالظلم لإننا نخشى ارتكابه، أعترض حضرة القاضي ولكننا نُندد به لإننا نخشى ان نعانى منه وقد عانى العديد منه على مر الزمان حتى طفح الكيل. يقولون ان الظلم يجعل من الظالم بطلا، اعترض حضرة القاضي فما يجعله سوى مُجرما جار على بريئ فلُعن في الدنيا والآخرة وجزاؤه جهنم وبئس المصير وقد آن لعدالتكم ان تنصروا المظلوم وتقتصّوا من الظالم الذي اودعهم السجون دون ذنب.
يقولون برفقة الظُلم تجتاز العالم، اعترض حضرة القاضي فبرفقته لا تعبر حتى عتبة بيتك ووجب على عدالتكم ان تجعلوا الناس تدرك ذلك بعدلكم. يقولون أن الظُلم لا يقتل، أعترض حضرة القاضي فهو يقتل كرامة الإنسان ويودى بخفقاته كمدا، فاوصيكم بالعدل والقصاص حتى لا تجدوا انفسكم وقد ارتكبتم جرائم قتل دون أن تشعرون.
إن العدالة بوجهين، الإدانة وهي ما تراه النيابة العامة والبراءة التي نراها واضحة مشرقة ربما القانون أعمى ولكنكم حضرة القاضى والسادة المستشارون بصيرته، أثقل حِملا من أمانة الدفاع عن المتهمين في هذه القضية هي أمانة الحكم فيها.
فنحن المحامون نجتهد ونتمنى أن نوفق في اجتهادنا بينما على الجانب الآخر ثلاثة قضاة أجلاء، يتداولون ويقررون معا ويعين بعضهم بعضا مجتهدين أن يكون بالحق نطقهم وبجوهر العدل حكمهم، يراقبهم في خلوتهم رقيب لا يغفل ولا ينام، يستحضرون في كل لحظة قول الله لنبيه (فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين).
خُلق المواطن بريئا حتى تتم إدانته، ولكن في قضيتنا خُلق في زمن اعدوه فيه مجرما ولا براءة له حتى جاء اليوم الذي استطعنا فيه ان نقول كفى ظلما، ننتظر من سيادتكم أن تنطق ألسنتكم بالحكم فتبرئوا نفسا أصابها جورا فلجأت بعد الله لكم تطالبكم بقصاص عادل. لقد أسندت النيابة العامة إلى المتهم حمزة مصطفى بتاريخ ٢٠١٠/٣/١٥ تهمة قلب نظام الحكم.
رغم ان الشاهد وهو رائد في أمن الدولة أكد في ذلك الوقت على خلو ملف موكلى من اى نشاط سياسى، ولكن حذفت شهادته وأقصى من التحقيق دون ادنى حق، فهل من الممكن أن يُساق الشخص إلى الاتهام دونما دليل جازم على ثبوت ارتكابه جريمة ما؟ إذن بأي جُرم تم إحالة المتهم إلى المحاكمة في الدعوى الماثلة أمامكم؟
لقد إستند المحققون في دعواهم إلى حقيبة تعج بمنشورات تدعو إلى قلب نظام الحكم وجدوها مع موكلى، ولكنهم لم يتسائلوا ابدا عن مالكها، بل أكدوا أنها تخصه دون الرجوع لشهادة أحد او تقصى التحريات، وقد ثبت بالدليل القاطع ان تلك الحقيبة تخص المدعو عماد الأسيوطى هذا الى جانب شهادة الشهود الذين دعموا الحقيقة وأثبتوا بما لايدع مجالا للشك ان موكلى بريئ كلية من التهم المنسوبة إليه ولذلك اطالب عدالتكم بإطلاق سراحه ودفع التعويض اللازم عن سنوات قضاها في السجن جُورا وظلما والتحقيق مع المسئولين عن تلك الواقعة وتوقيع اقصى العقوبة عليهم جزاء لافعالهم، ولكم منى كل التقدير والاحترام.
قدمت (هبة)بعض الأوراق إلى القاضى الذي نظر بأمرها وبعد مرور بعض الوقت والسماع إلى شهادة الشهود حكمت المحكمة ببراءة (حمزة) من التهم المنسوبة إليه، ومنحه الحق في رفع دعوة يطالب فيها بالتعويض عن هذا الظلم الجائر الذي تعرض له.
سعادة اهتزت لها القاعة والبشر يطغى على الوجوه، يتلقى (حمزة)التهانى من الجميع، انتظرت (هبة)حتى انفضوا من حوله ثم هنأته وهي تمد له يد مترددة إستقبلها بإمتنان وتمسك بها وكأنه لا يود أن يفارقها أبدا، اخبرته بقلب مضطرب من نظراته التي تشملها وخفقات قلب تنتفض من كف يحتضن كفها بحنو، انها فقط بعض الاجراءات التي لن تستغرق سوى ساعات قبل ان يطلق سراحه كلية، فشكرها على معروفها وكاد ان يخبرها بإمتنانه لوجودها في حياته ولكن صوت هاتفها قاطعه، لتستأذنه في الإجابة وما إن اجابت الهاتف حتى علا صوتها فزعا فتقدم منها على الفور حين وقع الهاتف من يدها وظهرت تائهة زائغة الأعين تتساقط دموعها على وجهها دون وعى منها ليقول بجزع:.
-فيه إيه ياهبة، سيف جراله حاجة؟ التفتت تواجهه بوجه شاحب قائلة: -خطفوا ابنى، سيف راح منى ياحمزة. لتتسع عينا (حمزة)في جزع.
كانت تبكى بحرقة، بينما تجلس بجوارها أمها تشاركها البكاء، ينتظرون تفريغ الشرطة للكاميرات ورفع البصمات، رغم انها تعلم علم اليقين ان الخاطف هو طليقها، انتحل شخصية عامل النظافة وخدر والدتها حين فتحت له الباب ثم اختطف الطفل بكل سهولة، قالت (مها)بحسرة: -أنا آسفة ياهبة، معرفتش احافظ على سيف، سامحينى يابنتي. قالت (هبة)من خلال دموعها:.
-انا اللى غلطانة ياماما، كنت عارفة انه عايز يخطفه وبرده سيبته ونزلت، انا اللى أستاهل كان لازم أخده في حضنى ومسيبوش أبدا، ياحبيبى ياابنى ياترى عامل ايه دلوقتى؟ اقترب منها الضابط في تلك اللحظة قائلا: -مدام هبة ممكن تيجى معانا عشان تتعرفى على المجرم من الكاميرات.
نهضت بجسد يرتعش وهي تتقدم من الضابط الذي أسندها بذراعه وقد رآها على وشك الوقوع ارضا، حتى توقفت امام الشاشة وهناك رأته يدلف إلى المنزل يرتدى قبعة تغطى نصف وجهه ولكنها تعرفت عليه بكل سهولة وكيف لا تتعرف عليه وقد كانت زوجته يوما؟وكيف لا تتعرف عليه وقد أخبرها انه آت من أجله؟!تبا له، ألم يكفه مافعله بها بالماضى ليعذبها من جديد، انتفضت على صوت الضابط وهو يقول: -هو ده طليقك؟
هزت رأسها بعيون تلتمع بالدموع مالبثت أن سقطت بغزارة وهي تراه يغادر بطفلها ويركب سيارة زرقاء اللون ينطلق بها بأقصى سرعته، ليربت الضابط على يدها متعاطفا، وهو يعيدها إلى أمها التي كانت مازالت تبكى بحرقة وما إن رأتها حتى وقفت على الفور واخذتها في حضنها لتقول (هبة)بصوت مرتعش: -هو ياماما، هو، منه لله، حرق قلبى بعملته السودة دى، منه لله.
خرجت من حضن والدتها على صوت العم (مصطفى)الذي جاء في تلك اللحظة قائلا: -هيرجعلك يابنتي، ربنا مش ممكن يضر واحدة زيك. اقتربت منها (ناهد)تربت على كتفها بعطف قائلة: -قومى يابنتي صلى ركعتين لله واطلبى منه المدد، خلى ثقتك فيه كبيرة وهو مش هيخذلك ابدا.
انصرف الضابط في تلك اللحظة بينما نقلت( هبة )بصرها بينهم للحظة قبل ان تهز راسها وتتجه إلى الحمام لتتوضأ، ربتت (ناهد)على يد(مها)فإرتمت الأخيرة في حضنها تبكى بضعف. لساعة كاملة كانت(هبة)تصلى تضرعا إلى الله، كى يحمى طفلها ويعيده إليها سالما، أنهت صلاتها وهي تبكى وترفع يديها إلى السماء قائلة:.
-لا إله إلا انت سبحانك انى كنت من الظالمين، يارب رُدلى ابنى وقِرّ عينى بيه، يارب متخسرنيش فيه، مليش غيرك ملجأ فلا ترُدنى خائبة وانت ارحم الراحمين. مسحت وجهها بيديها قبل ان تعقد حاجبيها وهي تسمع جلبة بالخارج، نهضت تتجه إليهم بقلب وجل وما إن خرجت من الحجرة حتى وجدت والدتها قد ظهر البشر على وجهها قائلة: -عمل حادثة ياهبة، يوسف عمل حادثة. اتسعت عينا (هبة)قائلة بجزع: -وسيف، سيف جراله حاجة؟
قالت بسرعة وهي تمسك يدها: -سيف بخير، ربك حفظه بحفظه، دى معجزة يابنتي، يوسف هو اللى في حالة خطر ونقلوه المستشفى. قالت(هبة)وهي تنقل عيونها بين الجميع بدموع اغرقت وجهها: -سيف بخير، الحمد لله الحمد لله. قالت(ناهد)بلهفة: -واحنا مستنيين إيه؟يلا بينا على المستشفى. اسرعوا جميعا إلى المشفى وقلوبهم شاكرة حامدة لله على رحمته، تلك التي وسعت كل شيئ.
رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي للكاتبة شاهندة و جود علي الفصل الثاني عشر والأخير
أقل شيء يمكنني أن أمارسه من فرط ما أشعر به من مشاعر متضاربة متسابقة على أولوية التحرر ، أن أبكي، وصرت أبكي! كنت أحتاج ليد تلمسني لأشعر أنني مرئي، موجود! أتوق لسماع صوت حر، وهل للصوت ميزة؟ أسأل أذني عن الأصوات، فتنكرها وكيف لا وقد آلفت حسيس الأموات.. حال (حمزة) وهو جالس أمام باب السجن يستند إليه وهو راكع على ركبة واحدة يسند عليها يده التي يدس فيها وجهه وهو يبكي، يشهق، ينتحب، ويتأوه بصوت عال.
ركضت والدته إليه بمجرد أن وقفت سيارة الأجرة هوت على ركبتيها وأخذت برأسه إلى صدرها وضمته إليها بقوة كأنما أعادت إليه الحياة، كأنما تمخضت به من جديد، آمن أنه حي، أنه إنسان حقيقي، تنفس الهواء، وتنفس رائحة والدته. لم يستطع والده النزول من السيارة فكان يطالعهما وقد غسلت الدموع لحيته الفضية وهو يمد يده خارج النافذة وهو يردد: -الحمد لله، الحمد لله.
لقاء كهذا يشبه لقاء (يوسف) بوالده، شهي، يروي التوق و يتخم الحرمان، ملحمة من مشاعر طاهرة بها عرفان و صدق دفعت بغصة الظلم بعيدا، تحررت الروح من الشك والخوف، والألم. أمسكت (ناهد) (حمزة )من يده وجرته وراءها هرولة تبتعد به من هذا المكان أجلسته قرب والده الذي ضمه وهو يرتعد فامتزجت الدموع بالدموع وتلامست الأجساد فهدأ الروع!
الحرية رائعة حقا والأروع ان تضم عبق الاحبة في صدرك حين تضمهم فتستنشق ريح الجنة في الأرض. ربت (مصطفى)على ظهر إبنه قائلا: -وأخيرا ضميتك بين ايدية ياابني ده انا كنت خايف أموت قبل ماأنولها. خرج (حمزة)من بين يديه وهو يقبل كفه قائلا: -بعيد الشر عنك يابابا، ربنا يباركلى فيك وميحرمنيش منك. تبسم والده بحنان وهو يربت على وجنته قائلا: -تسلم من كل شر ياحبيبي. ليوجه حديثه إلى السائق قائلا:.
-يلا بينا ياأسطى، ابعدنا عن المكان ده بأسرع وقت. قال السائق بنبرات متعاطفة مع هذا المشهد الذي رآه: -هنروح على فين ياحاج؟ قال(مصطفى )بينما جلس (حمزة)بين والديه تتكئ والدته على صدره وكأنها وجدت ملجاها: -ودينا مطرح ماجبتنا ياراجل ياطيب. قاد السائق سيارته، بينما عقد(حمزة)حاجبيه قائلا: -أمال هبة فين؟مجتش معاكم ليه؟انتوا مش قلتلولى ان سيف رجعلها. ظهر الحزن على وجه(ناهد)وهي تقول:.
-من ساعة ماخدته من المستشفى امبارح ياحبيبتى وهي قافلة عليها وعليه الباب مش راضية تسيبه ولا لحظة واحدة، مها غلبت فيها بس مفيش فايدة وكأنها خايفة لو بعدت عنه يروح منها تانى. قال(مصطفى): -معذورة ياناهد إبنها كان هيروح منها، سواء بخطف طليقها ليه الله يسامحه بقى او حادثة العربية اللى نجاه ربنا منها بمعجزة من عنده لأجل الغلبانة دى قلبها مينحرقش عليه.
نقل (حمزة)بصره بينهما قبل أن يشرد فيها، يدرك انها الآن تعانى من هاجس الفقد، يسيطر على تفكيرها تماما كما سيطر وهم الحب على تفكيره، ووجب عليه ان يحررها من وهمها كما حررته من وهمه، يامل ان ينجح في ذلك ويرد لها بعض جميلها الذي يغمره.
استقبلته (مها)بترحاب شديد قائلة: -وأخيرا شفناك ياحمزة، حمد الله على السلامة ياابني. ابتسم (حمزة)قائلا: -الله يسلمك ياطنط. قالت(ناهد): -أخبار هبة إيه يامها؟ ظهر الحزن على ملامح (مها)على الفور وهي تقول: -لسة زي ماهى ياناهد، قافلة على نفسها الباب مع سيف ومش راضية تفتح الباب ولا راضية تاكل ولا تشرب، أنا فكرت أطلع عم ناجى البواب يكسر باب الأوضة، قلقانة عليها أوى ومش عاجبنى وضعها. قال (حمزة)بثبات:.
-تسمحيلى أحاول معاها ياطنط. قالت (مها): -وانت هتعمل ايه أكتر من اللى عملته ياابنى؟ده أنا اترجيتها ياما. قال (حمزة): -هخرجها من الاوضة، هبة في وضعها ده محتاجة صدمة في البداية تفوقها وتبعد كل الافكار من دماغها عشان نقدر نتكلم معاها، خلى عندك ثقة فية وأوعدك إنها ترجعلك هبة اللى عرفناها قبل نهاية اليوم.
طالعته للحظات بتردد قبل ان تشير له بالتقدم تجاه غرفة ابنتها، فاخذ نفسا عميقا قبل ان يقترب من الباب ويقف أمامه للحظة ثم يطرقه بقوة قائلا: -هبة، إلحقى مامتك ياهبة وقعت من طولها ومبتردش علينا.
لحظات مرت كالدهر وعيون الجميع تتعلق بالباب قبل أن يُفتح وتظهر على عتبته هي بوجه شاحب، تمسك طفلها بقوة، تطالع (حمزة)لجزء من الثانية قبل أن تنظر إلى والدتها التي تقف بالخارج وتطالعها بعيون أغرقتها الدموع، توقف الزمن وعيون (هبة) تغشاها الدموع بدورها، قبل أن تنظر إلى (حمزة)قائلة بنبرة لائمة: -اتعلمت الكدب ياحمزة. قال بحزم:.
-كان لازم أعمل كدة، كان لازم تخرجى وتشوفى حالة مامتك من حزنها عليكى، انا محتاج أتكلم معاكى وهتسمعينى زى ماسمعتك. ألقت نظرة أخرى تجاه والدتها قبل ان تهز رأسها وتعود للداخل يتبعها (حمزة)بصمت، بينما ربتت (ناهد)على كتف(مها)قائلة: -تعالى نحضر الغدا، أنا واثقة ان حمزة هيقدر يخرجها من حالتها دى زي ما هي عملت معاه، تعالى يامها ربك مفيش اكرم منه. هزت(مها)رأسها وهي تتجه مع(ناهد)إلى المطبخ ليُعدّا الطعام.
الخوف هو آفة تلاحق الإنسان فتجعله يركن إلى الإنعزال خِشية الأذى، يحرم نفسه نعمة الرفقة التي تكون غالبا يد تربت بحنان على جُرحك فتجعله يطيب، يصبح الخوف قاتلا حين يسيطر على الكيان فيدفعه لأن يلجأ للظلام بدلا من ان يتبع طاقة النور، فيضيق صدره ويختنق وقد يؤدى خوفه إلى الشيئ الوحيد الذي يخشاه بقوة، إن لم يتمسك بإيمانه القوي بالله ويرجو عفوه ورحمته لآل به خوفه، للردى.
تطلع(حمزة) إلى (هبة)يدرك من جسدها الذي يرتعش ويدها التي تقبض على طفلها بقوة أنه لابد وأن يتحدث معها بحذر حتى يستطيع الوصول إليها، لذا فقد قال بهدوء: -الحذر واجب والخوف على حبايبنا طبيعى، ماهو أي أذى ليهم هو أذى لينا، بس في نفس الوقت مينفعش خوفنا يسيطر علينا لحد مانإذيهم بنفسنا ونضرهم واحنا مش حاسين. طالعته بعيون زائغة فأردف وهو يطالع عيونها قائلا:.
-مش دى هبة اللى عرفتها، هبة الواثقة في رحمة ربنا واللى اديتنى أمل في ان الدنيا لسة بخير، مش دى هبة اللى كانت بتقولى ان ربنا ليه حكمة في كل حاجة بتحصل وان رحمته وسعت كل شيئ، فاكرة لما حكيتيلى حكاية الراجل اللى كل ماتصيبه مصيبة يقول خير ان شاء الله، لما جه الديب وأكل الديك الوحيد اللى عنده قال خير إن شاء الله ولما قتل الكلب اللى بيحرسه برده قال خير ان شاء الله وفي نفس الليلة مات حماره من المرض فقال خير ان شاء الله، مراته اتضايقت وقالتله خير ازاي بس وكل اللى بنملكه راح، لكن هو تمسك بان كل شيئ بيحصل بيكون فيه خير من عند ربنا، وفي اليوم التانى جه قريتهم مجموعة من اللصوص ونهبوا كل البيوت وقتلوا أصحابها ماعدا بيتهم لانهم استدلوا على البيوت من صياح الديكة ونهيق الحمير ونباح الكلاب لكن بيت الراجل الطيب كان ضلمة ومطلعش منه صوت فنجا هو ومراته فكانت كل حاجة حصلتله لحكمة وخير من عند ربنا زي ماآمن بالظبط.
قلتيلى وقتها كمان ان سجنى كان فيه خير لية وانه نجانى من وهم كبير وكمان فتح عينية على حاجات كتير وعرفنى بناس طيبة ومعرفة الناس الطيبة كنوز. انتى كمان كانت محنتك خير، قالك بيها ربنا انه جنبك وقربك وقت ماتلجايله بدعوتك هيجيبها وانتى وحبايبك في معيّته واللى في معيّة ربنا عمره مايخاف.
كان كلما إستطرد في كلماته إستقرت نظراتها وهدأت وخفّت قبضتها على طفلها الذي بدأ يداعب وجنتها بيده الصغيرة فادرك أنه إستطاع الوصول إليها ليقول مردفا:.
-متخافيش على سيف ياهبة، محدش هيقدر ياخده منك، سيف ربنا حماه بمعجزة ولو كان رايد ياخده منك كان خده، تخافى من بنى آدمين برده وربنا معاكى؟طب إزاي؟اوعى تخلى خوفك يعميكى، الخوف شبح بيطارد البنى آدم لغاية مايجننه، بيسيطر على الإنسان ويرهبه ويدمر عقله وصحته، الإيمان بإن ربنا معانا مع كل نفس بنتنفسه بيخلينا نطرد الخوف من قلوبنا ويفتحلنا طاقة قدر بتعوضنا عن كل حاجة حصلتلنا في حياتنا، لما آمنت ان ربنا معايا اتفتحلى طاقة قدر على إيديكى وشفت النور من تانى، انتى كمان ربنا معاكى وفتحلك طاقة قدر على إيد طفلك سيف، حافظى عليه ياهبة وازرعى جواه إيمانك متخوفيهوش من اللى جاى بالعكس خليه يآمن ان اللى جاى كله فضل من عند ربنا وانه بإيمانه يقدر يعدى من كل محنة، خليه يكون زيك.
طالعته بحيرة قائلة: -زيي انا؟! فقال بثقة: -أيوة زيك، انتى متعرفيش حجم قوتك اللى قدرت تتحدى بيها كل شيئ وتخرجينى من قضبان سجني، وفيه غيرى كتير محتاجين قوتك دى عشان تخرجيهم من الضلمة للنور، زى عم عزيز. خرج صوتها مهتزا ضعيفا نتيجة لقلة أكلها وهي تقول: -عم عزيز! شعر (حمزة)بقرب الفوز وهو يقول: -أيوة عم عزيز، راجل طيب بريئ من ذنبه ومحتاجك جنبه تخرجيه من محنته عشان يقضى اللى باقى من عمره جنب مراته وولاده.
قالت بتردد: -تفتكر هقدر؟! تسللت ابتسامة حانية إلى ثغره قائلا بثبات: -هتقدرى. مد يده إليها قائلا: -هاتى سيف عشان نأكله ونغيرله وانتى كمان اغسلى وشك وفوقى، من ريحة التقلية دلوقتى أقدر أقولك ان ماما بتعمل ملوخية وأنا وحشنى اوى الأكل من ايديها. قالت(هبة)بضعف: -بس انا مليش نفس. طالعها قائلا بحنان: -لو مش هتاكلى عشان خاطرى يبقى هتاكلى عشان خاطر سيف، عشان تكونى قوية وتفضلى جنبه وفي ضهره.
طالعت صغيرها للحظة فإبتسم لها لتجد نفسها تبكى فجاة دون انذار وبقوة حتى انها اهتزت وكادت ان تقع فأسرع (حمزة)يسندها آخذا منها الطفل وهو يقول: -ابكى ياهبة وخرجى الضعف اللى في قلبك عشان تخرجى من ازمتك أقوى من اي وقت.
استندت إلى صدره بضعف تشهق من البكاء فضمها يربت على ظهرها برفق بينما كان طفلها يلعب في لحيته ليدرك (حمزة)في تلك اللحظة أنه وقع في الحب مجددا ولكن تلك المرة كان حبها رزقا من السماء ولم يكن ابتلاءا حين شعر الآن والآن فقط أنه وجد، وطنه.
إعشقنى أكثر... أُمدد يدك إلى قلبى وأربت عليه بكل طيب.. ثم أيقظ أحلامي من سُباتها العميق واجعلها جامحة كجموح عشقك الحبيب. وداعب روحى برقة إحساسك، اغمرني حتى أطيب.. دع شمس العشق تدفئني دوما وتبعد كل شيئ صعيب.. امحوا الخوف من قسماتي، لا رحيل، لا فراق، لا مشيب. كن حدي دوما، بالله عليك، أبدا لا تغيب. انتفضت على يده التي أمسكت يدها فأحاط بأصابعه كفها قائلا:.
-ايه اللى واخدك بعيد عنى ومخليكي قصادي بس مش معايا. طالعته بعيون تشربت من ملامحه ولكنها أبدا لا ترتوي، حتى توقفت عند عيونه التي تطالعها بحنو كما لو كانت فيضا لا ينضب أبدا قائلة:.
-المثل الانجليزى بيقول Too good to be true، ومن كل حاجة عشتها في حياتي وشفتها حوالية واللى حصل كمان الفترة اللى فاتت دى لقيت العبارة دى بتتكرر قوى في عقلى بقالها يومين، وكأنه هاتف بيقولى متفرحيش بزيادة الفرحة مبتدومش، اتولد الخوف جوايا ياعز ومع الأسف الخوف زى الوباء بينتشر في الكيان بسرعة وبيعشش فيه، انا مش قادرة أصدق ان احنا خلاص مع بعض وبرضا أهلى، مش قادرة أصدق ان دبلتك في ايدي وان بابا وافق تلبسهالى وأنا في المستشفى وكانه ماصدق تطلبنى من تانى، مش قادرة أصدق أنه وافق نتجوز في خلال شهرين من غير ما يعترض او يقدم قايمة بأسباب اعتراضه، مش قادرة اصدق ان احنا خلاص بقينا لبعض.
ابتسم بحنان قائلا: -لأ صدقى، الحياة ملحمة مليانة معارك ودايما بيكون في كل معركة فيهم فايز وخسران، مرة تكسبي مرة تخسرى، لكن في معركة الحب الخير والحب هم اللى بينتصروا دايما ولو انتى في جانب الحب أكيد هتكسبي واحنا كسبنا وحققنا حلمنا وبقينا لبعض مش فاضل بس غير شهرين وهتتحولى من أميرة في قلبي لملكة على عرشه. قالت(نور): -وهتفضل تحبنى طول العمر ياعز؟يعنى حبك لية مش هيقل في قلبك بعد الجواز؟
سرح في عينيها الساحرتان المظللتان الآن بظلال هواجس خلقها الخوف في قلبها ليقول بنبرات ثابتة حملت يقينه: -لو الخير اختفى من قلوب البشر ولو السما بطلت تنزل مطر ولو قلوب الأمهات كلها بقت حجر ولو العصافير بطلت تعشش ع الشجر، برده قلبي مش هيبطل يحبك يانوارة قلبي يااحلى قمر. تسلل يقينه إلى عيونها فقالت بغنج: -وبقيت بتقول شعر كمان، طب إعمل حسابك بقى انه عجبني وهستنى كل يوم مع الفطار قصيدة.
رفع حاجبيه قائلا بمزاح: -وهي الهانم هتخليني احضرلها الفطار ولا إيه؟ رفعت حاجبيها قائلة بمزاح بدورها: -الباشا عنده مانع؟! قال بإبتسامة رائعة: -الباشا تحت أمرك ياقمر. لتطالعه بحب بينما ضم كفها بأصابعه قائلا: -بحبك يانور.
رفع فنجال القهوة إلى شفتيه، أغمض عيناه رغما عنه وهو يستلذ بعبقها الذي تغلغل إلى أوصاله فروى روحه التي اشتاقت لقهوة أدمنها فتخلى عنها مرغما وها هي تعود إليه وكأنها لم تفارقه يوما، ارتشف رشفة طويلة وتركها تذيب سنوات من القحط رحلت ماان ضمه حضن والديه و تذوق من طعام والدته ثم اختتمها برشفة من عشقه، فتح عيناه لتطالعه عيناها المترقبتين، ابتسم رغما عنه حين قالت هامسة: -عجبتك؟! ابتسم يهمس بدوره قائلا:.
-قهوة بن تقيل سكر زيادة، زي مابحبها تمام، عرفتى من الجوابات صح؟ اومأت برأسها في خجل فقال مردفا: -فكرة انك بقيتي عارفة عنى حاجات أكتر من اللى أعرفها عنك لازم تقلقنى مش كدة؟ هزت رأسها نفيا وهي تقول بابتسامة هادئة: -بالعكس المفروض تحفزك عشان تعرف عنى أكتر. رفع أحد حاجبيه قائلا: -هتسمحيلي؟ قالت: -وليه لأ؟انا اصلا كتاب مفتوح واللى في قلبى بيبان علية. تراجع في مقعده قائلا بإبتسامة:.
-تبانى أبسط من اللى جواكى بس اللى يعرفك كويس هيكتشف ان اللى ظاهر منك هو اللى انتى حابة يوصل للى قدامك، وطبيعتك بجد مبتكشفيهاش غير للى يهموكى بجد. قالت بدهشة: -معقولة لحقت تعرف المعلومة دى عنى في المدة القصيرة دى. اتسعت إبتسامته وهو يرتشف رشفة أخرى من فنجاله: -عندى معلومات أكتر لو حابة تسمعى. كادت أن تقول شيئا ولكن صوت العم(مصطفى)وصل إليها وهو يخاطب (حمزة)قائلا:.
-مش آن الأوان ياابنى نرجع دمياط ونشوف أحوالنا. يرحل؟بتلك السرعة؟ كيف لم تفكر في أنه سيرحل يوما.. فما الذي سيبقيه في مدينة تذكره بعشقه القديم؟ وما الذي سيجبره على البقاء في مكان يذكره بجحيم السجن الذي زُجّ فيه؟ ماالذى سيربطه بمكان بالتأكيد صار أبغض الأماكن لقلبه؟ هي؟! ولماذا هي؟! أتراها تأمل في قصة عشق تجمعه بها وتجبره على البقاء؟! أتراها تحلم في زمن لا أحلام فيه تتحقق؟ إذا فلتستيقظ.
أفاقت بالفعل على صوت والدتها وهي تقول: -هتوحشونا والله، انتوا بقيتوا العيلة اللى عوضتنا الغربة و فراق الأهل والحبايب. قالت (ناهد)بطيبة: -وانتوا كمان يامها، احنا ملناش حد وفي وسطكم حسينا بالعزوة والعيلة. وجدت نفسها تقول باندفاع: -مينفعش تمشوا. طالعها الجميع بدهشة فقالت بإرتباك: -قصدى يعنى عشان عم عزيز. لتنظر إلى (حمزة)قائلة بتوتر:.
-انت مش قلت انك عايزنى ادافع عنه، ماانا اكيد هحتاجلك عشان أعرف تفاصيل اكتر عن قضيته ولا إيه؟هتسيبني وتمشى ياحمزة؟! طالعها بصمت وعيون نفذت إلى روحها وكأن عيونه تبحث عن شيئ ما قبل أن تبتسم عيونه وهو يقول: -أنا هنا جنبك مش هتنقل ولا همشى، وقت ماتحتاجيلي هتلاقيني.
هل هذا وعد منه بالبقاء حتى تبرئ العم (عزيز)أم وعد بالبقاء للأبد؟طالعته تبحث عن اجابتها بداخل عينيه بدورها وحين وجدتها ابتسمت بدورها، ليتبادل كل من (مها)و(ناهد)و(مصطفى )النظرات برضا قبل أن تقول( مها): -يبقى ترجعوا دمياط تبيعوا اللى ليكوا هناك وأهى الشقة موجودة هنا ومستنياكم، ووظيفة حمزة موجودة عند ابن خالى راجى والد عز و يقدر يستلمها في أى وقت. قالت(ناهد)بحماس:.
-وفلوس البيت ممكن نعمل بيها مشروع هنا وواحدة واحدة نكبره، إيه رأيك يامصطفى؟ قال(مصطفى): -الرأى رأي حمزة، إيه رايك في الكلام ياابني؟ قال(حمزة): -موافق طبعا يابابا. ليبتسم الجميع بسعادة خاصة تلك التي تقافزت خفقاتها فرحة بما آلت إليه الأحداث.
خرجت من قاعة المحكمة لتجده يقف متأهبا قبل ان يسير بإتجاهها وعلى ملامحه ارتسمت اللهفة فإبتسمت وهي تقترب منه بدورها حتى تلاقيا ليقول بسرعة: -عملتي إيه؟هيطلقوا سراحه؟! قالت: -مش من اول جلسة ياحمزة، قضية عم عزيز أصعب شوية من قضيتك بس اوعدك هما جلستين تلاتة وهيطلقوا سراحه باذن الله واللى هيساعدنا حالته الصحية وسنه الكبير. ظهر القلق على وجه (حمزة) فأسرعت تردف:.
-متقلقش أنا طلبت يتنقل تحت الحراسة على مستشفى كويسة جدا هيلاقى فيها الرعاية الصحية الكاملة وهيفضل فيها لحد ما يخرج باذن الله. أمسك يدها قائلا بامتنان: -أنا مش عارف من غيرك كنا هنعمل إيه ياهبة. وجدت نفسها عاجزة عن الكلام وقد تسارعت خفقاتها واحمر وجهها خجلا، تطالعه بصمت ويطالعها حتى تنحنحت وهي تحرر يدها من يده قائلة: -احمم، طيب مش يلا بينا نمشى عشان...
صمتت وصوته يصلها بثبات يحمل مشاعره التي اطلقها في كلمات أطارت صوابها: -بحبك ياهبة. لتتطلع إليه بدهشة فأردف قائلا: -كنت أتمنى أقولهالك في مكان تانى وفي جو تانى خالص بس غصب عنى لقيتنى بقولها لانى مش قادر اكتمها جوايا اكتر من كدة. طالعته بحيرة قائلة: -انت متأكد من مشاعرك قصدى، ان يعنى.. قال بابتسامة وهو يلاحظ ارتباكها:.
-الحب مبيتقاسش بالوقت اللى عرفنا فيه حبايبنا، اوقات بنعرف ناس لمدة طويلة ونتوهم ان احنا بنحبهم بس مع اول صدمة بنتأكد ان مشاعرنا كانت وهم لانها مكنتش متبادلة واللى يهدر مشاعره على حد ميستهلش يبقى مغفل كبير، واوقات بنعرف ناس ومن اول لحظة بنحس ان هم دول اللى ملكوا قلوبنا برقتهم وحنيتهم، هم دول اللى يستاهلوا مشاعرنا وثقتنا وقلبنا وانتى ياهبة من اول مرة قريتلك فيها جواب وثقت فيكى ولما شفتك سيبتى في قلبى أثر فضل يكبر لغاية ماعرفت ان الأثر ده كان جذوة مشاعر حب بتكبر في كل لحظة مش بس دقيقة لغاية مابقى عشق والعشق بتفضحه العيون وعيونى قالتلك انك انتى وانتى بس اللى في قلبي، أما لسانى فإتأخر قوى في انه يعترفلك بحبي زى مالسانك اتأخر قوى في انه يقول وأنا كمان ياحمزة بحبك من اول كلمة قريتهالك، ها، هفضل مستنى كتير؟!
وجدت نفسها تقول باندفاع عاشقة ماتمنت سوى سماع كلمة حب من معشوقها: -انا كمان بحبك ياحمزة، بحبك قوى. ليبتسم بسعادة بادلته إياها (هبة)وهي تشعر بفرحة لا مثيل لها.
-اعترض حضرة القاضي قالها (سيف)بلهجة درامية فتوقف (حمزة)عن قراءة الجريدة واعتدل يطالع الصغير قائلا بجدية زائفة: -علام تعترض حضرة المحامي؟ قال(سيف): -لقد حكمت سيدي على موكلتي بغسل الأواني عقابا لها عن تكسيرها لأكواب أمي الوردية دون مراعاة لظروفها الحرجة وهي تقديم واجب مس صفاء والتي ستتعرض لعقابها الرادع ان لم تسلمه بالموعد المحدد لذا ألتمس من عدالتكم العفو عنها وترك تلك المهمة لى ولكم جزيل الشكر.
ابتسم(حمزة)قائلا: -بعد النظر في أبعاد القضية قررت المحكمة العفو عن المتهمة ريناد حمزة العدوي وإلزام المحامى بمهمتها، رُفعت الجلسة. صفقت (ريناد)بسعادة وهي تقبل أخاها ثم انطلقت لحجرتها لمتابعة واجباتها ليقول (حمزة)بدهشة: -شوف البنت باست أخوها وسابتنى وجريت، طب مفيش بوسة لبابي. وجد(هبة) تأتي من خلفه وتقبله في وجنته قائلة: -أحلى بوسة لاحلى بابي. ابتسم بحنان مطالعا إياها وهي تتقدم جالسة إلى جواره قائلا:.
-وحشتينى. ابتسمت وكادت أن تقول شيئا ولكن (سيف) قاطعها قائلا: -انتى لسة هتقعدى يامامي؟احنا جعانين. قالت(هبة)بدهشة: -شفت الولد ياحمزة، لا حمد الله ع السلامة يامامي ولا وحشتيني، احنا جعانين يامامي، حاضر ياقلب مامي هقوم أحضرلكم الأكل. أمسك(حمزة)يدها قائلا: -خليكى، النهاردة مش هتطبخى شكلك تعبان. ثم أردف موجها حديثه ل(سيف): -إيه رأيك نطلب بيتزا؟ هلل (سيف)موافقا وهو يسرع بإتجاه اخته ليخبرها بينما قالت(هبة)بحب:.
-هو أنا قلتلك النهاردة انى بحبك؟ ابتسم وهو يرفع كفها إلى ثغره يقبله قائلا: -بصراحة لأ ووحشتنى قوى منك. قالت بحب: -أنا بحبك قوى ياحمزة. قال بحب: -وأنا بحبك ياقلب حمزة. ابتسمت فابتسم قائلا: -بالمناسبة قابلت عم عزيز النهاردة وعزمنا على الغدا يوم الجمعة، وراكى حاجة؟ هزت رأسها قائلة: -لأ ولو ورايا لعيون العم عزيز ومراته الست تحية تتلغى اي حاجة. ابتسم بحنان، ثم أردف قائلا بجدية: -صحيح، أخبار نور إيه؟
زفرت وهي تنحنى لتدلك قدمها المتعبة قائلة: -الحمل التانى ده تاعبها قوى ومدت الأجازة بتاعتها وطبعا الشغل كله على دماغى. وجدته يرفع قدمها على ركبتيه ويقوم هو بتدليكها قائلا: -طيب ماانا عندى اقتراح يريحك. قالت بحيرة: -إيه هو ده؟ ابتسم بخبث قائلا: -آخد اجازة من شغلي وانتى كمان تاخدى أجازة وننفذ المشروع اللى أجلناه كتير ده. عقدت حاجبيها قائلة بحيرة: -مشروع ايه ده ياحمزة؟ قال وهو يرفع حاجبيه صعودا وهبوطا:.
-نخاوى سيف وريناد ياقلب حمزة. اتسعت عيناها بدهشة قبل أن تنهض وهي تتخصر قائلة: -هو ده المشروع اللى هيريحنى ياسى حمزة؟المشروع ده سعادتك هيقضى على البرج اللى فاضل من دماغى، شكرا، مش عايزة. لتسرع مغادرة إلى حجرتهما لينهض وهو يتبعها قائلا: -طب استنى بس، هقنعك، أنا مقنع أوى على فكرة. وبالفعل استطاع (حمزة)اقناعها لينجبا طفلا رائعا يشبهه كثيرا أسموه( مصطفى) على اسم والد( حمزة) الراحل..
فحين يكون العاشق سيدا في عشقه تمتثل معشوقته لرغباته فتصير أسيرته، وملكته.
رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي للكاتبة شاهندة و جود علي فصل خاص
كلمات سرقت القلب الخيانة هي أحقر الجرائم الإنسانية، فهي طعنة في الظهر وقتل بسكين بارد للروح والوجدان، مؤلمة بقسوة خاصة إن كانت تلك الطعنة من أُناس كنا نثق بهم، تهزمنا دون قتال وتُردى أرواحنا دون نزاع، نتمنى وقتها أننا لم نولد كي لا نعيش قسوة الخذلان.
أسرع( حمزة)بسيارته متحاشيا الإصطدام بتلك السيارة التي أمامه، يتجاوزها بصعوبة وعيونه على تلك السيارة الأخرى تلك الجيب الرباعية التي تتقدمه إقترب من تلك السيارة بسرعة ومهارة ليميل برأسه فجأة حين إنطلقت بعض الأعيرة النارية من السيارة التي يطاردها بإتجاه سيارته لتخترق الزجاج الأمامى وتحطمه، أمسك المقود بيده اليمنى يحافظ على ثبات سرعة السيارة بينما مد رأسه يحاول أن يرى من اي إتجاه انحرفت تلك الجيب التي اختفت فجأة حتى رآها من بعيد يحاول سائقها الإنطلاق بسرعته القصوى، عقد(حمزة) حاجبيه قائلا بغضب:.
-بتحاول تهرب، مش هتقدر، أنا حياتي كلها معاك.
ضغط دواسة البنزين ليقود بسرعة سيارته القصوى بدوره يتبعه بإصرار حتى إقتربا من مصنع قديم، توقفت الجيب أمامه وهبط منها السائق يؤمّن زميله بالسلاح بينما كان الآخر يسحب إمرأة من السيارة كانت تصرخ بقوة مستنجدة وهي تدفعه عنها، قبض(حمزة)على مقود السيارة بعنف حتى ابيضت سلامياته حين رأى كيف يجرّها هذا الرجل بينما هي تقاومه بكل قوة ليدلفوا إلى المصنع، كاد ان يصطدم بشجرة من فرط إنفعاله الذي لم يجعله ينتبه للطريق فتفاداها وهو يضغط المكابح بقوة فدارت السيارة حول نفسها عدة مرات محدثة صريرا عاليا قبل أن تتوقف تماما، هبط منها (حمزة) وهو يتبعهم بإصرار وبقلب وجل، ما إن اقترب منهم حتى شعروا به فتوقفوا فجأة يواجهونه بعيون تقدح بالشر، تطلعت إليه (هبة)بصدمة هاتفة بإسمه فحدقها بنظرة شملتها بالكامل يتاكد من ان أي من هؤلاء المجرمين لم يمسها بسوء وعند تأكده عاد لعينيها قائلا كلمة واحدة:.
-متخافيش. قالها بنبرة بثت فيها من الطمأنينة ماجعلها توقن بكل ذرة في كيانها بأن كل شيئ سيكون على مايرام مادام هو إلى جوارها، عاد بعينيه إلى هؤلاء المجرمين بعد ان قال احدهم بسخرية: -انت مجنون ياجدع انت؟جاي لوحدك وواقف أعزل من غير سلاح وقدام اتنين معاهم سلاح وبتقولها متخافيش، لأ خاف انت بقى عشان الرصاصة اللى هتطلع من مسدسي دلوقتي هتيجى في قلبك ياخفيف.
طالعه (حمزة)بنظرة أرسلت الرعب إلى اوصال هذا المجرم رغما عنه وهو يقول: -مين قالك إنى لوحدي؟ عقد الرجلان حاجبيهما وهما يتطلعان إلى بعضهما البعض بتوتر قبل ان يقول هذا الرجل الذي يمسك ب(هبة): -مين اللى معاك أنا مش شايف حد يعني؟ أشار (حمزة)إلى السماء قائلا: -معايا ربنا.
ليتحرك على الفور مستغلا تشتت انتباه الرجلين اللذان نظرا إلى السماء ليركل سلاح اقرب رجل إليه قبل ان يتخذه دِرعا، مُحكما ذراعه على رقبته وهو يقول مردفاً: -واللى معاه ربنا ميخافش ابدا. قال الرجل بتوتر وهو يتراجع ساحبا معه (هبة): -سيب حامد وإلا هفرغ المسدس ده في دماغ الأمورة دى. قال(حمزة): -مش هسيبه غير لما تسيبها، سيبها والا هكسرله رقابته دلوقتي حالا. قال الرجل لزميله بحنق:.
-ماتسيبها ياناجى، الراجل هيموتنى. رفع(ناجى)سلاحه عن (هبة)، لا ليطلق سراحها وانما ليطلقه بإتجاه زميله فأرداه قتيلا على الفور وسط صرخات (هبة)وصدمة (حمزة)قبل ان يعاود الرجل توجيه سلاحه ل(حمزة)قائلا: - كدة الدور عليك يا شهم ورينى بقى...
قاطعه صوت عدة أعيرة نارية إنطلقت فأصابته في مقتل ليخر صريعا على الفور بينما علت صرخات (هبة)ليسرع (حمزة)إليها، يضمها إلى صدره بقوة فتشبثت به وكانها لا تصدق أنه مازال حيا، ربت على ظهرها قائلا بحنان: -هش، أنا كويس وانتى كويسة، ربنا نجانا ياحبييتي. صدح صوت أنثوي ساخر تقول صاحبته بتؤدة: -انا اللى نجيتك ياحمزة.
إستدارا سويا بإتجاه هذا الصوت فإتسعت احداقهم بصدمة وهم يرون (نسمة)تقف هناك مرتدية بذلة سوداء وتمسك سلاحا تربت به على كفها بإبتسامة اعتلت ثغرها بينما يقف خلفها العديد من الرجال الملتحين والمدججين بالسلاح يطالعونهما بشر.
قال (حمزة)وهو ينكر ماتراه عيناه: -نسمة! إنتى اللى ورا كل ده؟ إتسعت إبتسامتها الساخرة قائلة: -أيوة أنا، إيه رأيك بقى؟ عقد حاجبيه وهو يقول بحيرة: -طب ليه عملتي كدة؟ إقتربت منه ببطئ قائلة: -والله كانت الخطة الأساسية ان الحمير دول.. وأشارت إلى القتلى مردفة:.
- يخطفوها ويجيبوهالى بس مع الأسف الظاهر انك كنت معاها في السوبر ماركت وسيبتها تطلع برة تستناك عند العربية ولسوء الحظ خرجت وشفتهم وهم بيخطفوها فجيت وراهم وكدة الخطة باظت خالص واضطريت أكشف الورق كله قدامك. ازداد انعقاد حاجبيه وهو يقول: -وعايزة تخطفيها ليه؟ قالت (هبة)بصوت ثابت: -وده سؤال برده ياحمزة؟أكيد كانت عايزة تخلص منى عشان السكة تفضالها. أطلقت (نسمة)ضحكة ساخرة وهي تقول: -والله طلعتي اذكى منه يامتر.
قالت(هبة)بتحدي: -بس انتى طلعتي غبية عارفة ليه؟عشان حمزة عمره ماهيرجعلك ولا يآمنلك تانى بعد ماخنتيه. قالت(نسمة)بغضب: -لو مكنتيش في حياته كان هيرجعلي، حمزة عمره ماحبك، هو بيحبني انا، وانتى مش اكتر من بديل عنى. لتخرج الخطابات من حقيبتها وهي ترفعهم قائلة بمرارة: -والجوابات دى كلها تشهد على حبه لية.. قبل ان تعيدهم إلى حقيبتها مردفة بتردد: -صح ياحمزة؟ تمسك (حمزة)بكف(هبة)قائلا بحزم:.
-لأ مش صح، حمزة اللى كتبلك الجوابات دى اتخان بقسوة و كان عايش وهم كبير فوقته منه ملاك بعتهوله ربنا عشان ينقذه من اللى كان فيه. قالت بتوسل: -متقولش كدة ياحمزة، انا مخنتكش، بابا هو اللى غصب علية... قاطعها (حمزة)قائلا بثبات:.
-كل خاين بيختلق لنفسه ألف عذر عشان يحس انه بيعمل الصح وانه اتغلب على أمره، أما الإنسان الوفى بيوفى للنهاية ولآخر نفس فيه بيقف جنب اللى بيحبه ويدافع عنه ومبيتخلاش عنه أبدا في أزمته زي ماعملتي، انا قلتلك الكلام ده أما جيتينى بعد ماجوزك طلقك لما عرف بفضيحة عمك وباباكى ورميتهم في السجن عشان اللى عملوه فية، فاكرة ولا نسيتي؟
كانت (هبة)تعرف لأول مرة بزيارة (نسمة)لزوجها، إنتابتها غيرة حادة أثارت في كيانها براكين مشتعلة مالبثت ان خمدت ما إن إستمعت إلى صوت (نسمة)الغاضب وهي تقول: -فاكرة، وكأنه امبارح لما جيتلك أترجاك تسيبها وترجعلي وساعتها قلتلي إنك مستحيل ترفس النعمة اللى ربنا ادهالك وتبدل الألماس بحجر مزيف ملوش قيمة، انا مش عارفة هي سحرتلك ولا عملتلك إيه خلاك تنسانى وتفضلها علية؟ - حبيته...
نظرا لها سويا أحدهما بعيون غمرها العشق فأطل بوضوح من مقلتيه والأخرى بحقد يزداد كلما إستطردت بالكلام بينما تعلقت مقلتي(هبة) بخاصته وهي تقول: -بس حبيته، حبيته بجد من كل قلبي ولما الإنسان بيحب بجد بيتحب بجد، أصل الحب بيتحس وبيقوى مع الأيام لو كان حب حقيقي مش مزيف. تأملت ملامحه بعشق فابتسمت عيناه عشقا وأصابعه تضم أصابعها فتنتفض الخفقات ولهاً وهي تردف:.
-لما بتحب بجد بتتأكد من مشاعرك لما ماتقدرش تتخيل وجودك من غير وجود شريكك في حياتك، الحب احساس بيتولد لما الإنسان بيحس انه لاقى نفسه في قلب شريكه، بيسنده ويدعمه ويخلق قدامه الأمل في بكرة أحلى وهو وياه، هو حالة من العطاء من غير حدود ولا انتظار المقابل بس يكفيك تشوف شريكك سعيد ده في حد ذاته بيسعدك وكأن سعادته هي سعادتك، اللى بيحب بجد وقت مايهمس بكلمة الحب بيسمعها شريكه بقلبه مش بودنه وبيلاقى صداها راجعله وكانهم روح واحدة في جسدين.
انتفضت ويد تسحبها بعنف لتفض أيديهم المتشابكة وصوت (نسمة)يصدح بغضب: -خلاص فهمنا انكوا بتحبوا بعض. ظهر الغضب على ملامح(حمزة) وتحفزت كل ذرة في كيانه وهو يراها تتمسك ب(هبة)وتوجه السلاح لرأسها قائلة: -نيجى بقى للمهم، خطتي كانت انى أخطفك وأقتلك وأرجع من تانى لحياته وأخليه يغير أقواله ويخرج بابا من السجن، وبما ان الخطة فشلت فننتقل للخطة التانية وهي انك تغير أقوالك ياحمزة او هقتلها وأحسر قلبك عليها.
خفق قلبه بقوة وفكرة فقدانها تطل براسه فتقوده للجنون بينما قالت (هبة)بشجاعة:.
-انتى فاكراها سهلة كدة، يغير اقواله يقوم باباكي يخرج وكأن حمزة معاه مصباح علاء الدين، حتى لو غير اقواله فده مش هينفع باباكي ولا عمك بحاجة لان التهمة ثبتت عليهم باقوال الشهود كلهم وعلى راسهم عماد ولا هتخليهم كلهم يغيروا شهادتهم؟ ولو حتى قدرتى تعملى كدة، حمزة مش هيبيع ذمته ولو كان التمن حياتي هضحى بيها وانا مبسوطة انى قدرت أحط المجرمين دول في السجن عشان ياخدوا جزائهم.
جذبتها من شعرها بقوة فكتمت(هبة) صرخة الألم التي استقرت بحلقها بينما تقول (نسمة)بغل: -إخرسي بقى، كلمة زيادة وهفجر راسك برصاص مسدسي. قال (حمزة)بغضب: -انتى ازاي بقيتي كدة؟ازاي وصلتي للمستوى ده من الندالة والانحطاط، وازاي كنت مغشوش فيكى؟ قالت(نسمة) صارخة:.
-انت اللى خليتنى كدة، أنا جيتلك لما خسرت كل حاجة، جوزي والفلوس، أبويا وعزوتي وسندي، اترجيتك تكون لية كل دول بس انت رفضت واتمسكت بيها، خليتنى اضطريت الجأ لبابا وازوره في السجن عشان يقوللى اعمل إيه وهو اللى دلنى على عيلتي الجديدة دى و اللى هتنقذه وتنقذني وعشان المستقبل لازم نضحى وانا ضحيت بحبة حاجات ملهاش لازمة في نظري، وجودها في حياتنا عبء مش أكتر، ضمير ايه اللى يمنعني اعيش مبسوطة ومرتاحة؟بناقص الضمير لو هرضيه على حساب سعادتي، ولا إيه؟
قال (حمزة)بأسف: -ياخسارة يانسمة، انا شايف نهاية حكايتك قدامى واضحة زي الشمس، خسارة في الدنيا والآخرة. قالت(نسمة)بغضب: -مش طالبة مواعظ ياحمزة، بسمعها ليل ونهار من الحاجة وفاء في البيت، قلت إيه؟هتغير اقوالك ولا اقتلها؟ زاغت عينا (حمزة)وهو يطالع عيون حبيبته التي قالت بكل ثبات: -متخافش ياحمزة. قال(حمزة)بنبرات مرتعشة: -لازم أخاف ياهبة، مش هقدر اعيش من غيرك.
قالت بعيون تألقت بالقوة رغم ارتعاشة خافقها رعبا من تلك الافكار التي تراودها:.
-هتعيش ياحمزة وهتقوى بإيمانك بربنا عشان خاطر ولادنا، اوعى تضعف بعد ماعرفت ان ربنا معاك، فاكر لما قلتلي ان الحذر واجب والخوف على حبايبنا طبيعى بس ماينفعش خوفنا يسيطر علينا لحد ما نإذيهم بنفسنا وان ربنا ليه حكمة في كل حاجة بتحصل لنا وان رحمته وسعت كل شيئ و اللى في معيّة ربنا عمره مايخاف، يبقى توكل على الله وواجه الظلم ومتستسلمش ليه، ربنا مش هيمد إيده ويساعد حد رضى بالظلم ومدافعش عن نفسه بكل قوته ياحمزة.
-الله عليكي يابنتى. صدح ذلك الصوت الأنثوي فتوتر الجميع خاصة (نسمة)التي ارتعشت يداها للحظة قبل ان تتمالك نفسها ووالدتها تظهر فجأة وهي تعاتب إبنتها بعينيها قبل أن تقف جوار(حمزة)وتقول بنبرة شابتها المرارة: -ياريت بنتي كانت بتفكر زيك مكنش ده بقى حالها. قالت (نسمة)بحنق: -ماله حالي ياماما؟ قالت(وفاء)بحزن:.
قالت (وفاء)بحزم: -مش همشى من هنا غير لما آخد معايا حمزة ومراته. قالت(نسمة)بغضب: -امشى ياماما وإلا... قاطعتها قائلة بغضب: -وإلا إيه يابنت سامى، هتقتليني انا كمان؟ لم تجبها (نسمة)، لتردف (وفاء)بخيبة أمل:.
-لما سمعتك وانتى بتتكلمى في التليفون عن هبة مصدقتش وداني وقلت مستحيل نسمة بنتي تعمل كدة، مستحيل تخطف وتقتل وتمشى في طريق أبوها اللى نهايته موت وخراب ونار في الدنيا والآخرة، بس وانا شايفاكى دلوقتى مقدرش أقول غير، وأفوض امري لله هو حسبي ونعم الوكيل. قالت(نسمة)بملل: -يوووه بقى، خلّصنا ياحمزة هتغير أقوالك ولا أموتها واخلص منها ومنك.
طالع (حمزة)عيون (هبة)بنظرة حملت كل مشاعره إليها فبادلته إياها قبل ان يقول بثبات: -لُقانا الجنة. ابتسمت بثبات بدورها بينما يردف وهو يقول ل(نسمة)بقوة: -مش هغير اقوالي ولا هتنازل. قالت(نسمة)بغضب: -يبقى انت اللى اخترت.
كادت ان تطلق النار على (هبة)عندما ارتفعت ابواق سيارات الشرطة وانهمرت النيران في كل مكان فساد الهرج والمرج ووقع بعض الرجال صرعى بينما احتمى البعض وبدأوا يطلقون النيران بدورهم لتسحب (نسمة)(هبة)إلى صندوق كبير يختفيان خلفه بينما سحب (حمزة)(وفاء)التي اصيبت بعيار ناري إلى صندوق آخر فقالت بإعياء:.
-أنا كويسة ياحمزة، روح وانقذ مراتك ياابني، أنا عملت اللى علية وبلغت البوليس قبل ماآجى، وانتوا عليكوا الباقي، ربنا يحميكم وينصركم ويقويكم على الظالمين ياولادي.
قالت كلماتها واسلمت الروح لبارئها فأغمض (حمزة)عيونها بألم وهو يترحم عليها قبل أن ينهض متجها إلى هذا الصندوق الذي تختفى خلفه زوجته وتلك الأفعى متفاديا بعض الأعيرة النارية، تقدم منه أحد الرجال الاشرار يود لكمه فتفاداه بمهارة موجها إليه ضربة قوية بحافة يده على عنقه فأسقطه ارضا فاقدا للوعي ثم قفز يركل آخر في بطنه فإنحنى متأوها قبل ان يركله مرة أخرى فخر فاقدا للوعي، ثم وصل إلى الصندوق ففوجئت (نسمة)به لتقول مهددة:.
-متقربش ياحمزة وإلا هقتلها. قال (حمزة): -قبل ماتمسى شعرة منها هوصلك واقتلك بإيدية يانسمة. قالت بخوف ظهر على قسماتها وعكس دواخلها المهترئة والتي تدعى عكسها: -طب هرجعهالك بس خرجنى من هنا. قالت(هبة): -مستحيل نسمحلك تفلتي من العقاب يانسمة. ضربتها (نسمة)في راسها بكعب سلاحها قائلة بغضب: -اخرسي بقى...
قاطعها (حمزة )بركل سلاحها في تلك اللحظة قبل ان ينزع منها (هبة) التى سال الدم من جانب رأسها وبدت واهنة بعض الشيئ بيد، وباليد الأخرى صفع (نسمة)بقوة فتراجعت للخلف من قوة الصفعة لتصيبها بعض الاعيرة النارية الطائشة فخرت صريعة على الفور، بينما احتمى(حمزة)و(هبة)بالصندوق وهو يلمس جُرح رأسها متفحصا إياه بجزع قائلا: -انتى بخير ياهبة؟ أمسكت أصابعه التي تمس جُرحها وضمتهم بأصابعها قائلة بضعف:.
-هكون بخير، ده جرح بسيط ياحبيبي. قال وهو يتفحص ملامحها الشاحبة: -مش باين، وشك اصفر وصوتك ضعيف... قاطعته قائلة: -ده من الحمل مش من الجرح ياحمزة. اتسعت عيون (حمزة)قائلا: -انتى حامل؟! هزت رأسها إيجابا، قائلة: -جايلك طفل رابع في السكة ياحبيبي. نظر إلى بطنها المسطحة ثم عاود النظر إليها قائلا: -وجاية تقوليلي دلوقتي وهنا؟! قالت بتذمر:.
-كنت عاملالك مفاجاة النهاردة وهقولك بس اهى جت كدة ياحمزة وهو يعنى لما قلتلى بحبك في المحكمة انا كنت اعترضت. قال بسرعة: -مش قصدي ياحبيبتى، هو التوتر بس اللى مخليني مش عارف بقول ايه. أمسكت يده قائلة: -قولى كلام حلو ياحمزة. قال(حمزة): -هنا؟! طالعته بنظرة أعجزته عن الحديث للحظة وقد بدت هشة ضعيفة تحتاج لبعض الحنان ليجد نفسه يقول بعيون عاشقة:.
-ذات يوم أطلت حروف سرقت النوم من أعيني ومنحتني جسرا من الأمل عبرت عليه حتى نِلت حريتي، منحتني صاحبة الأحرف ثقة فغمرتني بحنين أطاح بقلب صارت هي خفقاته، جعلتني عاشقا يغار بقوة حتى من لحظات صمت قد تأخذ معشوقته بعيدا عنه بأفكارها.. تأملته بعشق فأردف قائلا:.
-وكيف لا أغار؟ وحبيبتي سيدة النساء تحمل وجها أبدعه الخالق وقلب راهبة لا تخشى إلا الله وروح تخطف الأبصار وتتعلق بها القلوب، وكيف لا أغار؟وقد صارت روحي التي أخشى أن تفارقني فتفارق جسدي الحياة، قد كنت قبلها أعيش في جحيم مستعر فصارت هي جنتي في الأرض و السماء. صوت حمحمة متحرجة قاطعهما وصاحب الصوت يقول:.
-بعتذر لو قاطعتكم بس انا بقول كفاية النهاردة كدة، الفيلم ابتدى أكشن وقلب رومانسي، احنا خلاص قبضنا على المجرمين وانتوا نازلين حب في بعض، لو تحبوا بقى أوصلكم المستشفى في طريقي عشان نطمن على مدام هبة فانا معنديش مانع خالص.
شعرت (هبة)بالإحراج الشديد وهي تنهض يساعدها (حمزة)الذي لاحظ بالفعل الهدوء الذي عم المكان، ناظرا إلى الضابط (علي) هذا الضابط الذي كان شاهدا في قضية (حمزة)وقت إعتقاله وأُقصي عن التحقيق لان شهادته كانت في صالح الأخير وقد صار صديقا لهما منذ استدعته (هبة) للشهادة مجددا في قضية (حمزة) قائلا: -ياريت ياحضرة الظابط، انا ماليش في الآكشن خالص و خلاص مبقاش فية ركب أمشى.
ابتسموا ثم ساروا سويا حتى السيارة، تستند (هبة)إلى(حمزة) فمال الضابط(علي)على اذن(حمزة)قائلا: -احنا نعمل اتفاقية مع بعض، أعلمك أنا شوية آكشن وانت تعلمني الرومانسية وأهو ينوبك ثواب في الغلبان اللى مراته قربت تخلعه، ومتخلعوش ليه وهو آخر مرة قالها بحبك كان في عيد الشرطة عشان جابتله مسدس هدية. ضحك(حمزة)رغما عنه فطالعته (هبة)بدهشة، بينما رمقه (علي)بحنق، ليقول (حمزة)بمرح: -هي شنطة نسمة معاها ياحضرة الظابط؟
هز (علي)رأسه بحيرة، قائلا: -أعتقد، اشمعنى؟ قال (حمزة): -هتلاقى فيهم جوابات اقراهم. قال(علي)بحيرة: -جوابات إيه وأقراهم ليه؟انا مش فاهم حاجة خالص. قالت(هبة)وقد ادركت كل شيئ: -الجوابات دى سحر ياأستاذ علي، من يوم ماقريتها وانا اتعلقت بصاحبها وحبيته، لو كل واحد قراها هيفهم معنى الحب وهيخلى حبيبته تتعلق بيه وكأن الدنيا دى كلها مفيهاش غيره.. لتطالع (حمزة)مردفة بحب:.
-هيبقى عندها يقين ان هو وبس الراجل اللى حلمت يكون ليها وتكون ليه واللى القدر جمعهم صدفة من خلال الجوابات دى، اللى كانت البداية لقصة حب ابتدت بأعترض حضرة القاضي وانتهت ب وعاشا في سعادة للأبد.
هز(علي)كتفيه وقد بدا عاجزا عن الاستيعاب ينوى ان يقرا تلك الجوابات ليفهم مايقصدانه هذان العاشقان، بينما طالع (حمزة)(هبة)بحب يدرك ان هناك جمال يعجز المرء عن وصفه وجمال محبوبته يُعجزه عن الحديث في كثير من الأحيان فيكتفي بأن يشكر الله في كل لحظة على نعمته التي تمثلت في خلقها من ضلعه هو لتكمّله وتمنحه وحدها دون غيرها السعادة، العشق، والحياة. تمت نهاية الرواية أرجوا أن تكون نالت إعجابكم