logo



أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 3 من 17 < 1 3 4 5 6 7 8 9 17 > الأخيرة



look/images/icons/i1.gif رواية زواج مع سبق الإصرار
  28-02-2022 02:49 مساءً   [16]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية زواج مع سبق الإصرار للكاتبة سلمى المصري

الفصل السابع عشر

إلتفت غمر إلى مصدر الصوت ونظر إليه في دهشه وذهول

غمر بإرتباك: ليلة إنتي هنا من أمتي

شعرت بالضيق والإختناق بعد لقاءها بغمر وأحست وكأن الدنيا ضاقت عليها بما رحبت وأن حجرا ثقيلا قد أطبق على صدرها؛ سارت فى الطريق على غير هدى تغشى عينيها غلالة من الدموع ترى الناس أمامها وكأنهم أشباح لاملامح لهم فخطر لها أن تتصل بصديقتها الوحيدة شعرت منار بوقوع كارثه من صوت لبنى المنهار بعد أن هاتفتها فوصلت إليها وما أن رأتها لبنى حتى ألقت بنفسها فى أحضانها وإنسابت دموعها غزيرة على وجنتيها أخذت منار تربت على كتفها لتهدئتها وتتلفت يمينا ويسارا خوفا من أن يراهما أحد الجيران أو المعارف ولبنى فى هذه الحالة وما إن هدأت حتى أخذتها منار إلى بيتها ودخلا إلى حجرتها لتهدأ من روعها.



وبدأت لبنى تروى لها ماحدث عند لقائها بغمر فى المحل

طلب جدته من هاتفه

عمرو بمرح: ألو أيوه ياستي عامله إيه

نور بصوت ملأه الحزن: الحمدلله ياحبيبي بخير وإنت وهنا وبنوتك

عمرو: كلنا بخير ياستي طول ماإنتى بخير مال صوتك

نور بحزن: مافيش ياحبيبي

عمرو: غمر مزعلك صح

نور بحزن: ما إنت عارف دا العادي بتاعه مبيعديش يومين من غير مايزعلني

عمرو بأسف: حقك عليا ياستي بس هو مخنوق شويه الأيام دي وبكره يرجع أحسن من الأول

نور بحيره: بس لو أعرف إيه اللى مشقلب كيانه كدا شكلك ياواد إنت عارف حاجه

عمرو بسرعة مرتبكا: أعرف إيه ياستى دا غمر من البيت للمحل ومن المحل للبيت

نور بتنهيده: ربنا يهدي يابني

نجلاء معاتبه بلطف: كدا ياغمر متتصلش تطمن عليا خالص كدا نسيت أمك خلاص

ياسين معاتبا داخلا فجاة على أمه: على أساس إنك كنتي بتفتكريه قبل كدا؛ ولا علشان مره روحتيله وهو

تعبان يبقى المفروض بقه ينسي تسعة وعشرون سنه عذاب وينسى معاملتك ليه وبعدين إيه اللي هايحصل

يعنى لو إتصلتي إنتي بيه؛ على الأقل يحس إنك بتقلقي عليه وفاكراه إشمعنا يعنى أبيه محمد لما بيتأخر

شويه في المحل بتتصلي بيه وبتبقى هاين عليكى تروحيله المحل ولا هو مش إبنك زينا

نجلاء بغضب: مافيش فايده فى لسانك دا إنت ماحرمتش تكلم فى الموضوع دا يللا إمشى من قدامى

نظر لها ياسين وتركها وغادر مغاضبا على أسلوبها مع أخيه


ليلة: أنا هنا من قبل ماتيجي كنت عند جدو وقلت أزور عمي رأفت وعمي نصر وتفاجأت بوجودك

أومأ غمر برأسه وقال لها بجديه ومحذرا: مش عايز حد يعرف أى كلمة من اللي سمعتيها

ليلة: أكيد طبعا... بس عارف إنت طلعت قاسي أوي

غمر بحزن شاردا: ليه بقى

ليلة بهدوء: من خلال الكلام اللي سمعته دلوقت فهمت إنها بتحبك أوي طب إزاي واحدة هاتخون حبيبها

وهيه بتحبه الحب دا؛ طب ليه متقولش إنها كانت تحت تهديد الشخص دا لها وبالطبع ماكانتش هاتقدر تدافع

عن نفسها طب سمعت كلامها؛ إتكلمت معاها يعنى علشان تعرف حقيقة اللى حصل؛ مش يمكن الحقيقه

مش زي ماإنت شفتها؛ يعنى لو أنا واقفه دلوقتى هنا لوحدى ودخل عليا أى شخص يضايقنى وإنت جيت

لقيتنى فى الموقف دا هاتفتكر إيه يا غمر؛ كل بنت معرضة للمضايقات والمعاكسات وفيه بنى آدمين عاملين

زى الديابه ممكن ينهشوا أى فريسه

رفع غمر رأسه بسرعة ونظر إليها مكررا الكلمة وكأنه يكلم نفسه: ديابه ... ديابه؛ متذكرا حلمه

وإستطردت ليله: وإنت عارف البنات لاحول لهم ولا قوة فكان لازم تسمع منها قبل ماتحكم عليها؛ أنا مش

هقولك روح كلمها علشان عارفه إنك لسه شاكك؛ بس أقعد مع نفسك الأول، وفكر يمكن ربنا يلهمك الحقيقه،

بس إلحق قبل فوات الأوان وإبتمست له إبتسامة عذبه؛ رد عليها بإبتسامه صغيرة ونهضا ليرحلا وسارا

حتى وصلا لسيارته

غمر وقد هدأ قليلا: تعالى يللا أوصلك البيت

ليلة بمرح: يللا أهو ترحمنى من ركوب التاكسى

غمر بمرح: لأ ماتخافيش ما أنا هاخد منك أجرة التاكسى

ساد بينهما جو من المرح بعد أن شعر بأن تلميذته قد كبرت وأصبحت صاحبة عقل مستنير وفكر جدير

بالإحترام وإستقلا السيارة وغادرا



لبنى وقد هدأت تماما بعد أن روت ماحدث لمنار: وإنتى إيه رأيك يامنار أنا حاسه إن خلاص دا كان آخر

أمل علشان يسمعنى؛ طب ليه بيحكم عليا من غير ما يسمعنى الأول؛ أنا حاسه إنه خلاص مبقاش طايقنى

وإستطردت ببراءة: وشكله كده بيحب واحدة تانيه و..

منار مقاطعة بجدية: حبيبتى إحنا لسه بنقول أنه ظلمك وحكم عليكى ظلم بدون بينه تقومى إنتى كمان تحكمى

عليه أنه بيحب واحدة تانية بدون بينه لمجرد إنه زعلان شويه منك؛ مش علشان سوء تفاهم يبقى إنتى كمان

هاتعذبى نفسك زى ما هو بيعذب نفسه

لبنى بلهفة بريئة: صحيح يا منار يعنى هايعرف الحقيقة ويرجعلى تانى

منار بمرح: طبعا يابنتى وبكرة تقولى منار قالتلى

ألقت لبنى بنفسها فى حضن منار وضمتها وقد أشرق وجهها الملائكى رغم شحوبه: بحبك أوى يامنار يا

أعز أخت وصديقة

ونهضت مستعدة لتغادر بعد أن هدأت نفسها: طب يا منار هامش بقه أصلى إتأخرت قلت لماما هاصور

ورق دروس من منار ومش هاغيب يلا سلام يا قمر.

غادرت لبنى وقد ملأها الأمل بعودة غمر حبيب عمرها ليحتويها بقلبه وكيانه وأن ما حدث ما هو إلا سحابة

صيف وستمر بسلام



غمر ضاحكا: إتفضلى ياست ليله وصلنا ومش هاقولك هاتى أجرة خليها عليا المرة دى

ضحكت ليله ضحكة مجلجلة: ماشى هانضيفها على الحساب

ضحك هو الآخر ضحكته الآسرة: آه والحساب يجمع

كانت تمشي مطرقة رأسها لأسفل كعادتها حتى سمعت صوت ضحكة تعلم صاحبها جيدا ولكن هناك أيضا

ضحكة أنثوية

" هو إيه اللى بيحصل " سألت نفسها وهى تنظر تجاه الأصوات

رأته يقف مستندا إلى سيارته وتقف معه فتاة جميلة؛ يتضاحكان وكأنهما حبيبان أو خطيبان عائدان سويا من موعد أو رحلة.

توقف عن الضحك حين إلتقت أعينهما؛ وجدها تنظر إليه وقد إكتسى وجهها بالحزن وخيبة أمل

لم تستطع يدها حمل الأوراق التى سقطت من يدها فتناثرت على الأرض وكأنه قلبها الصغير وقد تبعثر

أشلاءا غير متحملا هذه الصدمه العنيفة وكانت قريبة منهما وتأكدت فى هذه اللحظة أنه لم يعد لها

لبنى وبدون وعى أو ترتيب للكلمات وكأنها تخرج من شخص آخر: ربنا يسعدكم ويهنيكم

وإنسحبت مسرعة من أمامهم تنهمر من عينيها الدموع

لم يقوى على الحركة وكأنه قد تسمر مكانه من أثر

صدمته من رؤيتها على هذا الحاله وكأنه إكتشف لتوه كم البراءة الكامن فى قلب هذه الطفلة وحدث نفسه

" أيخون هذا القلب البرئ أيغدر هذا الوجه الملائكى أين كان عقلى يالك من عقل غبى ويالك من قلب قاسى

كيف لم أتخيل حياتى بدون حبيبة عمرى ومليكة قلبى لقد تذكرت الأن أنها كانت حمرة خجلها وحياءها من

قرب هذا الشخص منها وإبتسامتها لتتخلص منه وهو الذى كان قابضا على يدها لم يدعها خجلها من

الصياح فى الشارع لتستنجد به يالها من ملاك ظلمتها بالفعل ظلمتها وهي الأن التى رأتني مع ليلة ولكنى

كنت فعلا أضحك معها ولم يمنعها هذا من أن تتمنى لى الخير أى ملاك هذا؛ لن أدعها تضيع منى مرة

أخرى وسأكون أسير قلبها وحبها للأبد "

وجدته ليلة وقد شرد بعيدا وتغير لون وجهه وكأنه تحول لتمثال فسألته: هي دي البنت اللي كنا بنحكى عنها

غمر بحزن: ايوه

ونزل راكعا على الأرض وأخذ يلملم أوراقها المتناثرة فى المكان

ليلة: غمر شفت الدنيا صغيرة إزاي الموقف بيعيد نفسه هي كمان إفتكرت نفس اللي إنت إفتكرته عليها

بجد لازم تتكلموا مع بعض

أوما برأسه بحسرة على ما فاته من وقت بعيدا عنها



أثناء عبورها الطريق وقد غشت عينيها غلالة من الدموع كانت مترددة خائفة وقد إنقبض قلبها مما ينتظرها

ومن ضياع أحلامها التى أصبحت هباءا تذروه الرياح وفجأة كانت فرملة السيارة شديدة جدا لدرجة أفزعت

المارة فى الشارع


دخل المحل وكأنه شخصا آخر لايعى ما حوله؛ يشعر وكأنه قد ضرب على رأسه ضربة أفقدته توازنه

وذهبت بعقله

دخل عليه عمرو المكتب بعد أن رآه على هذه الحالة من نافذة مكتبه

عمرو منزعجا: مالك ياغمر فى حاجة حصلت

غمر شاردا: ...




حملتها سيارة الإسعاف ونقلتها لأقرب مشفي ووجد أحدهم هاتفها فطلب آخر رقم فكانت منار التى أبلغت

وردة ووصلا جميعا للمشفى لحظة دخولها غرفة العمليات وهى غائبة عن الوعى لينهار والديها ومنار التى

تماسكت لتساند وردة فى هذه المحنة وكان نحيب ورده ودعاء عادل ليحفظ لهم إبنتهما يتقطع له نياط القلب

وردة ببكاء: بنتي بتضيع مني ياعادل إحتضنها عادل وإختلطت دموعهما ببعضها حزنا على فلذة كبدهما



عمرو بصدمه: يانهار ملحوس دي هي منهارة خلقه لوحدها تقوم إنت تيجى تكمل عليها

غمر بحزن: قلبي واجعني عليها أوي

عمرو: طيب إتصلت بيها

غمر بحزن ومازال على شروده وذهوله: آه بس للأسف موبايلها مقفول

عمرو بأسف: بصراحة أنا قلبي مش مطمن

غمر بحزن: والله ولا أنا

فوجئ الإثنين بطرقات متلاحقة على باب المكتب...



وصلت شقتهم وطرقت على الباب وهى فى حالة نفسية سيئة وما إن فتحت أمها الباب حتى دخلت غرفتها

وأغلقتها على نفسها وبدأت دموعها الحبيسة تنساب على وجنتيها الورديتين رأت رقم صديقتها تقى على

شاشة الهاتف

تقي: لي أخبارك إيه

ليلة بصوت مختنق: الحمد لله

تقي: مالك ياليلة صوتك فيه حاجة

ليلة وقد أطلقت لدموعها العنان: غمر يا تقى غمر

تقي: ماله حصل له حاجه

ليلة بصوت باكى: طلع بيحب ومرتبط

ودخلت فى موجة من البكاء الشديد

وأخذت تقى تهدأ من روعها

تقي بهدوء وحنو: أنا قلتك من الأول متعلقيش نفسك بيه ياليلة ربنا اكيد كاتبلك الأحسن وأصبري

ليلة وقد زاد إختناق صوتها من البكاء: مخنوقه أوي ياتقي ومش عارفة أعمل إيه

تقي: الحمدلله إنك إكتشفتى الحكاية دى بدرى وإنتى لسه على البر

ليلة: بدري إيه ياتقي أنا بقالي تلات سنين وأنا متعلقه بحبه؛ معقوله ماحسش بيا الفترة دى كلها

تقي: الحمدلله إنه ماعرفش وإلا كان جرحك هيبقى أكبر


فتحت خزانتها وأخرجت من بين ملابسها ألبوم صور أولادها فى سن الطفولة وجلست على حافة سريرها

وأخذت تقلب فيه وتتأمل صور غمر طفلا كم كان جميلا بوجهه الملائكى وشقاوته الخفيفة وتتذكر كلام

ياسين الذى كان قاسيا ولكنه نطق الحقيقه للأسف كم كنت ظالمه له قاسية عليه أهملته صغيرا وكبيرا ولولا

والده الذى أفاض عليه من حنانه بدلا عنى؛ ماذنب هذا المسكين حتى أبخل عليه بأمومتى ليبحث عنها عند

جدته التى لم أرى أقسى منها ماذا ننتظر منه بعد ذلك يتم من الأب وفقدان حنان من الأم وقسوة من الجدة

لابد ان تكون النتيجة قلب تملؤه القسوة التى عاشها فى كنف جدته لماذا ألوم عليه فى جفاءه لى وهو لم

يرى منى إلا الجفاء فى الوقت الذى كان فيه أحوج مايكون لحنانى وعطفى لقد تعذب بسبي كثيرا كم مرة

مرضت يابنى ولم تجد أمك بجانبك وأخذت تلمس آخر صورة له في عمر الخامسه والعشرين وكأنها تلمس

وجهه فى الوقت التى هربت فيه من عينها عبرة لتسكن على وجهه فى الصورة وكأنها تريد ان تغسل هموم

السنين من قلبه وتزيل عن وجهه قساوته الشديدة ودعت الله أن يملأ قلبه بالحب وينسيه كل عذاب رآه من

طفولته

في بيت نور

رؤى: إنتي عارفه ياستي هو دايما بييجي عليه وقت كل شويه كدا وتلاقي مزاجه بقى عامل زى مزاج

الأطفال يزعل من أى حاجة ومن أقل حاجة

نور وقد بدأ تشتعل غضبا: يعنى إيه مزاج عيال وهو كبر وبقى زى الشحط

رؤى مهدئه نور: والله ياستي بقاله يومين ثلاثه مش بيتصل بيا حتى ولما إتصلت بيه لقيته بيختصر فى

الكلام

نور وقد إشتعلت غضبا أكثر: دا أنا لما يقع تحت إيدى هابهدله هو فاكر نفسه فين عايش فى فندق داخل

خارج ولا على باله حتى إنى فى حد موجود فى البيت

رؤى بعد تفكير: مش يمكن ماما زعلته

نور مازالت غاضبة: لا كلمتها وقالتلي بقاله يومين مش بيتصل هو بس يرجعلي وشوفى هاعمل فيه إيه

نور وقد تذكرت شيئا زاد من غضبها: عندك إمبارح مثلا لقيت حاجه فرقعت دخلت جرى وأنا مرعوبه

لقيت البيه كاسر المرايا بموبايله ولما دخلت سألته إيه اللى حصل يرد عليا بمنتهى البرود أصل إتعصبت

فرميت الموبايل فاتخبط فى المرايا والله كان هاين عليا أكسر بقيتها فوق دماغه

رؤى محاولة تهدئة نور: والله يانونو أول مايرجع وتشوفى إبتسامته منوره وشه هاتخديه في حضنك ولا

كأن حصل حاچه

نظرت إليها نور وأومات متنهده



وقف غمر وعمرو لاينطقان ببنت شفه من أثر صدمتهم عندما رأوها تدخل عليهم مهرولة


look/images/icons/i1.gif رواية زواج مع سبق الإصرار
  28-02-2022 02:52 مساءً   [17]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية زواج مع سبق الإصرار للكاتبة سلمى المصري

الفصل الثامن عشر

وقف غمر وعمرو مشدوهان لرؤيتهما لينا وهى تدخل عليهما باكية

غمر فزعا: لينا في إيه وبتعيطى كده ليه

لينا ببكاء: لبنى يا غمر لبنى

بهت غمر وإتسعت عيناه ونظر إليها متسائلا بدون أن ينطق كلمة ولسانه قد عجز عن النطق وأحس وكأن قلبه قد توقف عن نبضه

عمرو بلهفه: مالها

لينا ببكاء ونحيب: عربيه صدمتها وهي دلوقتى في المستشفى ودخلوها العمليات

كان غمر يقف حين سمع الخبر فلم تحمله قدميه وجلس متهالكا على أقرب كرسى

غمر شاردا مصدوما: أنا السبب ياعمرو أنا السبب

عمرو بأسي: مافيش وقت للكلام دا إنت لازم تكون جنبها دلوقتى

غمر بحزن: آه طبعا هى فى مستشفى إيه يا لينا

ثم إستطرد وقد تذكر شيئا موجها كلامه لعمرو: طب هاروح إزاي وبصفتى إيه وهاقول أنا جاى ليه

لينا بعد برهة من التفكير: حد من أقاريبي وكنت معايا لما عرفت الخبر

عمرو: أهي لينا حلتهالك يللا ياغمر ماتضيعش وقت ولو إحتجتنى فى حاجة كلمنى

أسرع غمر مغادرا المكتب و فى أثره ولينا

لينا: إنت رايح فين

غمر: خليكي هنا هاجيب العربيه

لينا: تمام

ذهب إلى الجراج وأحضر سيارته فوجدها تركب بجواره

فتذكر لبنى حين رفضت ركوب سيارته وقال فى نفسه بمرارة:

" كل اللى قاله عمرو عنى صحيح طلعت غبى وأعمى القلب والبصيرة إزاى فكرت فى وقت من الأوقات

إن لبنى تخونى؛ لبنى الملاك تخون ! يارب أسترها معايا يارب وأروح ألاقى لبنى بخير ومش هاسيبك

تبعدى عنى تانى أبدا "



هرع غمر ولينا إلى المستشفى ووجدا أمام غرفة العمليات أمها وأبيها وأخيها ومنار

فوجئت منار بدخولهما معا وأحست بأن الأمر غير طبيعى ووراءه شئ غير مطمئن

أسرعت إلى لينا تجذبها من يدها بعيدا موجهه كلامها لها بغضب: إيه اللى عملتيه دا وإزاى تجبيه هنا

لينا بلامبالاة: كان لازم يكون جنبها

منار بحزم: طب هنقول لمامتها وباباها إيه لو سألوا مين دا

ردت لينا بسرعة: قريبي

ظلت بغرفة العمليات أكثر من ثلاث ساعات والجميع فى حاله من الإنهيار وكانت أكثرهم إنهيارا وردة التى

لم تتوقف عن البكاء والنحيب و دموعها تسيل أنهارا؛ أما عادل فكان مابين مسجد المشفى وباب

غرفة العمليات لا يتوقف لسانه عن قراءة القرآن والدعاء لها ولم تتوقف دموع أخيها عن الإنهمار أما منار

فلم تتوقف عن قراءة القرآن من مصحفها الصغير ولم تتوقف دموع عينيها عن التوقف وجلست لينا بجوار

غمر الذى تمكن بصعوبه من حبس دموعه ومن وقت لآخر كان يخرج إلى السلم فارجا عنها لتنساب ساخنه

على وجنتيه مذكرة إياه بأنه هو السبب الأول والوحيد فى عذاباتها وتألماتها التى تعانيها الآن هو السبب

الأول والوحيد الذى جلب لها التعاسه وكم تحملت آلام ظلمه لها وكم عانت من غروره وكبره وجفاءه

وسخافاته التى لم يكن لها أى مبرر غير أوهام كانت مننسج خياله ووساوس شيطانه وكم كانت هى السبب
الأول والوحيد الذى أضاء له حياته وملأت قلبه بالأمل والحب الذى لم يعرفه قبلها وكانت أيضا السبب

الأول والوحيد الذى جلب له سعادة قلبه وشفاء روحه التى عانت الحرمان من كلمه حنونه أو طبطبة قلب

كما كان هوالسبب الوحيد الذى جلب لها التعاسة وأخيرا ماحدث لها ...ز

خرج الطبيب أخيرا من غرفة العمليات

هرول الجميع إليه وإلتفوا حوله وتكلمت وردة باكية: طمني يادكتور بنتى عاملة إيه

الطبيب بأسي وحيرة: للأسف الحاله مش مستقرة صدمة العربية كانت قوية وأدت لتكوين تجمعات دموية

فى كل مكان بالجسم ودا بيسبب لها هبوط فى ضغط الدم وإرتفاع فى درجة الحرارة وفيه كسر فى ذراعها

الشمال وشرخ فى قدمة رجلها الشمال والكسور أمرها سهل جبسناها وهايتفك الجبس بعد شهر وفيه شوية

رضوض فى الوجه وهى دلوقتى هاتدخل العناية المركزة لمدة تمانية وأربعين ساعة لغاية مالحالة تستقر

إحنا عملنا كل اللى فى ايدينا ودلوقتى هى بين ايدين ربنا إدعولها

عادل بوجوم: طب نقدر نشوفها

الطبيب: نص ساعة وهتكون فى العناية المركزة لكن الزيارة ممنوعة إلا لشخص واحد ومن غير كلام

تركهم الطبيب وقد زاد كلام الطبيب من حالة الحزن السائدة

لم يجرؤ على البوح بما يجيش به قلبه من حزن وألم على حبيبته؛ وندمه على ما بدر منه فى حقها من ظلم وجور وعدم سماعه لدفاعها عن نفسها تكبرا وتجبرا منه وحبس كل هذا فى قلبه وإنزوى فى ركن منفردا بنفسه يجتر المرارة والألم مما إقترف من ظلم فى حق هذا الملاك البرئ النائم لاحول ولا قوة لها

أذن المؤذن لصلاة المغربأحس برغبة عارمة فى الوقوف بين يدى الله ليؤدى فرضه ويتذلل إليه راجيا متوسلا طالبا التوبه

والغفران وداعيا لمن ملكت قلبه وكيانه أن تعود إليه تنير قلبه وطريقه فى الحياة

دخل المسجد وتوضأ ووقف بين يدي الله وقد أطلق لدموعه العنان ودخل فى صلاته خاشعا مناجيا ربه

أن يقبل قيامه وسجوده ويستجيب لدعائه لها؛ ظل جالسا بالمسجد لا يبرحه بعد أن أنهى صلاة المغرب يقرأ فى

فى كتاب الله مستسلما لدموع عينيه حتى أذنت العشاء فأقام فرضه وأطال فى دعاءه ثم صعد إلى طابق

العناية المركزة وجد وردة فى حالة إنهيار تام تكاد لاترى أمامها وعادل لايقل عنها حزنا وكمدا وحسرة

ولكنه كان أكثر تماسكا ومناشدا زوجته أن تتماسك: ياوردة حرام عليكى نفسك إنت عندك السكر وبنتنا اللى

جوه دى محتجالك أكتر من أى وقت

وردة باكية بأسى ومرارة: عايزني أشوفها راقدة كدا قدامى ومش قادرة أعملها حاجة ..يا حبيبتى يابنتى يا

حسرة قلبى عليكى يا ست البنات

وإنهارت بكاءا مريرا يقطع نياط القلوب

عادل بأسي مختنقا: كدا برضه ياوردة هو دا اللى أنا عمال أوصيكى عليه إنتى الأفضل تروحى ياريت

وجودنا كان يفيدها يللا يا حبيبتي وأخذ بيدها لتنهض وهو يربت علي ظهرها فى حنان وذهب الجميع ولم

يتبقى غيره دون أن يشعر به الجميع كان ينظر إليها من خلف زجاج غرفة العناية

غمر بقلب موجوع محدثا نفسه:

" قلبى موجوع عليكى أوى وحتى وإنتي نايمة كدا برضه ملاك ...يارررررب"

إقتربت منه الممرضة متسائلة: هو حضرتك بتعمل إيه هنا كلهم روحوا وقفتك دى مافيش منها فايده

غمر بصوت مختنق: ممكن أطلب منك طلب إعتبريه رجاء

الممرضة: إتفضل يافندم

غمر مترجيا: أنا عايز أدخل لها عشر دقايق بس وهاخرج على طول

الممرضة: بس حضرتك عارف إن دا ممنوع

غمر متوسلا: عشر دقايق بالله عليكي هاتحيينى العمر كله

الممرضة وقد أشفقت على حاله: طب تعالى معايا

دخلت به إلى غرفة العناية وقد إرتدي ملابس معقمه رأها مستلقية مغمضة العنين فهذه أول مرة

يرها دون أن يرى عينيها البندقيتين وكأنها ضنت عليه بنظرة منهما

وقف ينظر إليها يقول لنفسه بهمس حزين:

لا تغضب منى ياقلب حبيبتى "

لا تحرمانى من نظرة ياعينى حبيبتى

لا تضنا على بكلمة تريح قلبى يا شفتاى حبيبتى

لا تعذبوا قلبى بذنب من قسا

فلم يكن هو من قسا

ولكن شيطان قلبى هو الذى قد طغى "

مازال غمر بحزن هامسا: سامحيني يالبني والله غصب عني غيرتى عليكى وحبى ليكى وجنونى بيكى

عموا بصيرتى وخلونى مافكرش أنا ضايع من غيرك

وأخذ يتحدث إليها بهمس ويروى لها تفاصيل عن حياته عن معاناته قبل أن يعرفها وكم تغيرت حياته

من الأسوء للأفضل وكأنها تسمعه

وبصوت مختنق هامسا: أنا حياتى خلاص يالبنى بقت مرتبطة بيكى إنتى بقيتى نصيبى روحى حياتى حبى

وأملى فى الحياة؛ من غيرك ماليش كيان ولا وجود ولا حياة عيشى علشانى؛ علشان تحيينى

وإنخرط فى بكاء ونحيب مكتوم

هرولت إليه الممرضة وأشارت إليه بالخروج

فتأملها وهى نائمة وكأنه لأول مرة يراها في وتذكر إبتسامتها البريئه الآسرة

خرج من العناية وقد ساءت حالته عن ذى قبل



دخل بيته في الثانيه صباحا لم تكن جدته قد نامت حتى سمعت صوت غلق الباب ودخوله فإطمأنت عليه

وأغمضت عينيها ونامت

وفي الصباح الباكر وفي ميعاد الفطور

نور بحزم: صباح صباح

صباح: نعم ياحاجه

نور: إطلعي أوضة غمر خبطي عليه ليكون نايم ويتأخر على المحل

صباح بتعلثم: أستاذ غمر نزل من بدري ياحاجه

نور متعجبه بغضب: إمتى

صباح: الساعة سابعة كدا

نور وقد إستشاطت غضبا: ماشي ياصباح روحى إنتي

طلبت عمرو على هاتفها

عمرو بإرتباك محدثا نفسه: " ستي طيب هقولها إيه "

وبعد تفكير رد على الهاتف

عمرو: صباح الخير يا ستي

نور بحزم: ايوه ياعمرو نص ساعة وتكون عندي مفهوم

عمرو: أمرك ياستي

أغلقت الهاتف

عمرو: ربنا يستر



في شقة محمد العمري

ملك بقلق: مالك يامحمد

محمد وهو يشعل السيجارة: غمر ياملك

ملك: هو تعب تاني

محمد: لا بس حاله ميطمنش مبقاش مهتم بشغله زي الأول وساعات بيسيب المحل في الوردية بتاعته

بس كل ده مش مهم هو ياما شال المحل في غيابي اللي قلقني إنه ساعات يبقى كويس وفرحان وفجأة يقلب

ويقعد لوحده ويبقى متعصب من غير سبب

ملك بتفكير: يمكن بيحب

محمد: ما هو ده اللي مخوفني

ملك بإستفهام: ليه

محمد: إنتي عارفه النظام عندنا إزاى وعاداتنا وإنه مش مسموح ليه إنه يتجوز من بره

ملك بقلق: يمكن بيحب حد من العيله

محمد بقلق: معتقدش غمر لو بيحب يبقى بيحب من برا وهيفتح النار اللي مقفول عليها بقالها سنين ياملك غمر

بيعيد اللى عمله نصر العمري من تاني


وصل لبيت جدته والقلق ينهش عقله

رن الجرس فتحت له صباح وأدخلته

صباح: الحاجه مستنيه حضرتك في أوضة المكتب

عمرو بإبتسامة: شكرا ياصباح

دخل عمرو إلى جدته يتمنى ألا يظهر كذبه أمامها ويفتضح أمر غمر فقد كان يعرف لماذا تطلبه

إستأذن عمرو وأذنت له نور بالدخول

عمرو بإبتسامه: صباح الفل والياسمين على أحلى نونو

نور بحزم: بلاش أونطه ياواد إنت وتعالى هنا جنبى؛وأشارت له بيدها بالجلوس

صمت عمرو على الفور وجلس بجانبها مستسلما مسلما امره لله فكان يجلس بين يديها كالمتهم الذي يتم

التحقيق معه أمام وكيل النيابة ولكن نور لم تكن وكيل نيابه فقط ولكن كانت النائب العام نفسه

عمرو: أمرك ياستي

نور وقد سلطت سهام الغضب على عينى عمرو: من غير لف ولا دوران إيه اللي بيحصل من ورايا

وعايزاك تقوللى من الآخر ومن غير كدب علشان قسما برب الكعبة لو خبيت عليا حاجه وعرفتها من بره

هاخلي أيامكم سوده إنتم الإثنين وأنا أصلا لا طايقه أشوفك ولا أشوفه

عمرو وقد شعر بأنه آن أوان هبوب العاصفه ولكنه رد بتوتر متمالكا أعصابه: ليه بس ياستي إحنا عملنا إيه

نور وقد إزدادت غضبا: البيه راجع الساعه إتنين باليل ونزل سبعة الصبح والأيام اللي فاتت عايش ولا كأنه

لوحده فى البيت داخل خارج أكنه عايش فى فندق؛ عايز تفهمني إن كل ده طبيعي

قامت من مكانها وجذبته من يده ودفعته أمامها وصعدا لغرفة غمر

وفتحت الباب: شايف المنظر وأشارت للمرآة المكسورة

وإستطردت نور بحزم: عايز تفهمني إن كل ده طبيعي

عمرو: إهدي بس ياستي هو بس كان متخانق مع واحد صاحبه

نور بحزم: إنت شايفني عبيطه ياواد إنت هو علشان واحد صاحبه هايعملى فيها سعد اليتيم

عمرو وقد تصنع الحزن والأسي: إسمعيني بس للآخر بعد الخناقه اللي حصلت بينهم صاحبه عمل حادثه

وهو من ساعتها محمل نفسه مسئولية اللى حصله وإنه هو السبب فهمتي هو دا اللى حصل

نور بنظرة شك: عارف لو بتكدب هاعمل فيك إيه

عمرو وقد زاد توتره: علقيني على باب البيت ياستي



كان يقف بجوار الحاجز الزجاجى لغرفة العناية يختلس النظر إليها كل برهة حزينا وهو يراها مازالت

غائبة عن الوعى مستلقية كالملاك الحزين تغطيها أسلاك وخراطيم أجهزة العناية والمحاليل الموصولة

بأوردتها لتغذيتها

لاحظ دخول أبويها مقبلين على الطرقة المؤدية لغرفة العناية فإنزوى على كرسى بعيدا عن الغرفة

غمر محدثا لبنى فى نفسه حزينا:

" هارجع تاني مع لينا لما تيجي هاتوحشيني ياقلبى "

نزل لحديقة المشفى منتظرا لينا ومنار وطال الانتظار وظل يتنقل من مكان لآخر كالمجنون

وبعد تلات ساعات وجدهما مقبلتين من البوابة فهرول إليهما

غمر بقلق: إنتم إتأخرتم كدا ليه

منار بإستغراب: يهمك في إيه إتأخرنا ولا لأ

غمر بحنق: علشان مستنيكم هنا من تلات ساعات وعايز اطلع أشوفها ومش عارف؛ والدها موجود عندها

منار وقد أشفقت على حالته: معلش كان عندنا درس

لينا: يللا بينا نطلع نطمن عليها



مرت التمانية والأربعون ساعة كأنهم دهر على أبويها وغمر الذى لم يمنعه عن التواجد بجانبها طيلة الوقت

غير تواجد أبويها الدائم معها ولعدم لفت نظرهما كان لايتواجد إلا فى وجود لينا التى أفهمت والدى لبنى أنه

أحد أقربائها يأتى معها لإيصالها المشفى وينتظرها ليعيدها لمنزلها

كان يجلس في مكتبه ومعه عمرو متوقعا فى أى لحظة إتصالا من لينا ليبشره بعودتها لوعيها

غمر بقلق ملحوظ: هاتجنن مش عارف ليه لينا لغاية دلوقتى ماتصلتش قالتلى ماجيش الصبح علشان هى

مش هاتروح المستشفى بس هاتتصل بوالدتها تعرف الأخبار وتكلمنى

عمرو بمكر: أكيد هاتتصل كمان شويه بس فيه حاجه كدا أنا ملاحظها

غمر بلامبالاة: حاجه إيه

عمرو وهو ينظر لعينى غمر: أنا شايف إن علاقتك إنت ولينا دي إتطورت أوي وبتتصل تتطمن عليها لما

تروح وهي تتصل بيك الصبح صحيح بغرض إنها تطمنك على لبنى وإنت بتتصل بهدف إنك تطمن على

لبنى وساعات بتروح من عندها متأخر ودا يعتبر تصرف شهم من أي راجل بس في نقطتين إنت ناسيهم

غمر وقد إعتدل فى جلسته مستفهما: نقطتين إيه

عمرو بجدية: لينا مراهقة وممكن تفتكر إهتمامك بيها دا غلط وساعتها هاتبقى مصيبة

النقطة التانيه لبنى بإذن الله لما تفوق أكيد هاتطلع عينك لو فكرت حتى تعترف ليها إنك كنت بتتصل بلينا

علشان تطمن عليها وكنتم عاملين فيها قرايب والفيلم دا

غمر مشيحا بوجهه حزينا: هي تفوق بس وترجعلى ويحصل اللى يحصل بعد كدا إن شاء الله حتى تخنقني

قطع كلامهما رنات هاتف غمر التى ظهر على شاشته إسم لينا

غمر بلهفه: دي لينا يارب تكون فى أخبار كويسه

رد غمر على الهاتف وقد إنفرجت أساريره وهو يقول: بجد طيب الحمد لله... آه.. آه... تمام

عمرو متسائلا مبتسما: شكلك بيقول إن فى أخبار كويسه

غمر هاتفا بفرحة لاتوصف: الحمد لله الحمد لله لبنى فاقت لبنى فاقت

عمرو بفرح: الحمدلله

غمر بعدم رضا: قالتلي ساعة كدا وتعالى باباها ومامتها هايمشوا يجيبوا ليها لبس وكدا وهييجوا آخر النهار

كان نفسى أكون جنبها وأكون أول حد تشوفه



في المشفى دخل بخطوات ثابته إلى الغرفة التى إنتقلت إليها وجذب مقعدا بالقرب من سريرها وكانت نائمه

وبعد نصف ساعة أفاقت من نومها لتجده يجلس بقربها...

لبنى بغضب: أخرج برا مش عايزه أشوفك...


look/images/icons/i1.gif رواية زواج مع سبق الإصرار
  28-02-2022 03:01 مساءً   [18]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية زواج مع سبق الإصرار للكاتبة سلمى المصري

الفصل التاسع عشر

بدأت تفيق من نومها وكأنها تحلم بوجوده حولها؛ لم يستوعب عقلها ماحدث بعد، كل ماتشعر به الأن هو عبق عطره المحبب إليها يغزو أنفها ويدغدغ حواسها آسرا لقلبها مسيطرا على مشاعرها؛ ظهرت على شفتيها إبتسامه حائره سرعان ماإختفت وحل محلها آهات آلامها وأوجاع عظامها كان ينظر إليها وأسارير وجهه أسيرة إنفعالاتها؛ مبتسما حين تبتسم متألما حين تتألم كمن فقد السيطره على إنفعالاته مستسلما لإنفعلاتها هى.

بدأت تفتح عينيها وهى تأن تارة وتهدأ تارة أخرى؛ تتلفت رأسها يمينا ويسارا حتى إلتقطت عيناها من يجلس على مقعد قريبا منها فتسمرت عينيها فجأة عليه وإتسعت وفغرت فاها الذى خرجت منه شهقة كتمتها بيدها بصعوبة بالغة غير مصدقة أنه هو من يجلس أمامها محدثة نفسها:

" لم يكن حلما بل حقيقة لكن كيف ومتى ولماذا وماذا حدث لى "

" لايعنينى من كل هذا غير وجوده بجانبى "

كل هذه التساؤلات تداخلت فى عقلها لحظة رؤيته

وكادت تنم شفتيها عن إبتسامه ...ولكن فجأة تذكرت ما ألم بها من أحداث بل كوارث بسبب هذا المخلوق العنيد المملوء كبرا وغرورا؛ تحول الوجه الملائكى فجأة وأصبح كأنه جمرة مشتعلة تكاد تحرق من يقترب منها ثم أشاحت بوجهها عنه وفرت من مقلتيها دمعة شاردة وإختنق صوتها وظلت تقاوم آلامها

فى محاولة منها لإخراج حروف كلماتها التى كانت وكأنها أشواك تمزقها وهى تخرج من فمها وبصوت مختنق وكأنه يخرج بصعوبة من بئر أحزان عميق: إنت إااايه اللى جايبك هنا أخرج ... أخرج ... ماعنتش عايزه ... أشوفك ... تانى

كان غمر ينظر إليها متألما شاعرا بكل ما تعانيه من آلام عاجزا؛ لايستطيع القرب منها أو البعد عنها فهى قدره وسبب سعادته وآلامه

نظر إليها بأسى وعينين لامعتين بعبرات الندم هامسا: طيب إهدي يا حبيبتى؛ متتعبيش نفسك بالكلام وأنا هاعملك اللى إنتى عايزاه

لبنى التى غلبتها دموعها اللؤلؤيه ومع شعورها بآلامها المبرحة بعد زوال مفعول المسكن: مش عايزاك ... تعملى حاجة ... كفاية اللى عملته فيا

غمر وقد إمتلأ عن آخره حزنا ألما وندما هامسا: طب لما تقومى بالسلامة إن شاء الله إبقى إعملى فيا اللى إنتى عايزاه وأنا اللى هاجيبلك حقك من نفسى ومن الدنيا كلها بس بلاش دموعك الغاليه

لبنى ببكاء وشهقات طفوليه: خلاص ماعنتش عايزاك وماعتش فى كلام بينا خالص؛ إنسى إنك كنت تعرفنى ولازم تعرف إن اللي كان بينا خلاص إنتهى

زاد بكاءها وهى تقول له بعتاب مؤلم: أنا يا غمر ...أنا ... أجيلك لغاية عندك وتسيبنى وتمشى وكأنى ولا

أسوى حاجة عندك وبعد كده ألاقيك واقف تضحك وتهزر مع واحدة تانيه؛ أنا يا غمر تعمل فيا كدا ماكنتش

أعرف إن القسوة دى كلها فى قلبك.

نظر غمر إليها بدموعه المتحجره فى عينيه يعترى وجهه الندم وقلة الحيله لايجد مايقوله: ...

هدأت لبنى قليلا وتماسكت وإستدعت كل قوتها هاتفه: روح ياغمر ... أنا دلوقت اللى بأكرهك وبأكره

قسوتك وبأكره ظلمك ليا وبأكره خيانتك وعمرى ماهاأنسى إنك فى يوم من الأيام سبتنى ومشيت وأنا واقفة

بين إيدين ديب عايز ينهشنى ومن خوفى عليك منه حاولت أخلص منه مع إنى كنت محتجالك وبدل ماتيجى

إنت تخلصنى منه تقوم تسيبني وتجرى

إنهمرت دموعها كالشلال وهى تتذكر ماحدث وأخفت وجهها بوسادتها

إنهمرت دموع غمر وهو يتلقى كلماتها وكأنها سهام ناريه موجهه لقلبه لينال نصيبا من آلامها وأوجاعها

ناظرا إليها لايملك لها أى وسيلة يواسيها بها أو حتى يطبطب على قلبها بكلمة تسكن آلامه؛ فقد كانت محقه

كل الحق فيما قالته

نظرت إليه نظرات لائمه لم يقدر على تحملها فأطرق رأسه لأسفل

وقالت بهدوء برئ معاتبه: ليه ياغمر كدا هو دا أمانك اللى وعدتنى بيه، هى دى ثقتك فيا، للدرجه دي

شايفني خاينه للدرجه دي شايفني رخيصه هانت عليك لبنى

وإشتدت شهقاتها حين تذكرت كلاماته الجارحه لها: هان عليك تقولي ياواطيه.

وإشتد نحيبها وبكائها حتى هدأت قليلا وإستطردت: هو ده الحب في نظرك أنا كان ممكن أغفرلك كل اللى

عملته فيا؛ إنما تخوني لأ.. لأ يا غمر؛ بتعتبرنى أنا الخاينة وإنت اللى بتخون؛ بتموتنى كل يوم ألف مرة

بإتهاماتك ليا، وإنت عايش حياتك بالطول والعرض؛ أنا بأنهار وإنت بتضحك وتهزر مع حبيبة قلبك إمشي

ياغمر كفاية اللى شفته منك ومش عايزه أشوفك تاني

وبصراخ عنيف وبكاء هستيرى: إمشي ياغمر ... إمشي

دخلت لينا ومنار على صراخها وخروج غمر بسرعة تملأ عينيه دموع ساخنه صامته

أخذت تبكي وتشهق فى حضن منار كطفله فقدت أعز مالديها

ظل غمر جالسا فى حديقة المشفى يلملم أشلاء نفسه المبعثره فى أرض ضائعة تاهت فيها سعادته وأحلامه

محاولا تمالك أعصابه المهتزه

هدأ قليلا ونهض وصعد مرة أخرى إلى طابق غرفتها ولكنه ظل خارجها حتى لمح منار وهى تخرج من

الحجرة لتكلم والدة لبنى فى الهاتف وتطلب منها بعض الأغراض من المنزل والتى تخص لبنى

وبعد أن أنهت حديثها أشار إليها غمر ليتكلم معها

ردت منار بإستياء: نعم إنتى عايز إيه منها تانى البنت منهاره جوه وحالتها صعبه وبصراحة إنت السبب فى

كل اللى بيحصلها دا

غمر بأسى وحزن وصوت مختنق: ياأنسة منار أنا عارف إنك أقرب صديقه للبنى وهى بتثق فيكى جدا

فعلشان خاطرى قوليلها إن اللي كنت واقف معاها دى تبقى ليلة بنت عمي اللي كلمتني مرة وكنت عندهم

بأعطيها الدرس لبنى عارفاها بس ماشفتهاش قبل كده؛ وإني بعد ماسيبتها فى المحل كنت متضايق جدا فقلت

أزور والدي في المقابر لأنى بأرتاح لما أزوره وهناك قابلتها صدفة كانت بتزور هى كمان ووصلتها معايا

وقولي ليها متظلمنيش زي ماأنا ظلمتها علشان الملايكة مبتظلمش وإني عمري ماهاأحب غيرها ولا هايكون

حد في قلبى وحياتي غيرها لغاية آخر يوم فى عمرى

وإستأذن ودون إنتظار ردها ذهب يمشى بخطوات ثقيلة وكأنه يحمل على كتفيه جبال الأرض كلها

دخلت منار الغرفة

منار بحنو: ممكن تهدي بقى يا قمر قبل ماعمو عادل وطنط ورده ييجوا ماينفعش يشوفوكى كدا

لبنى وقد هدأت ومسحت دموعها: مشي يامنار

منار بنظرة حانية: مشي زي التايه لاهو عارف جاى منين ولا رايح فين والله صعب عليا

لبنى بإستنكار: يا سلام صعب عليكى إنتى اللى بتقولى كدا

منار وهي تجلس بجوارها وتمسد لها شعرها: ماهو حكالى اللى حصل كله

ثم توجهت بكلامها إلى لينا بمرح: لي لي ممكن تروحي الكافتيريا وتجبيلنا شاي وتجيبى للولو عصير

لينا بإبتسامه: حاضر يامينو

خرجت لينا من الغرفه

منار بجدية: إحكيلى الأول إيه اللي حصل وإزاي حصلت الحادثة دي

لبنى بحزن: بعد مانزلت من عندك...

وروت ماحدث بداية من نزولها من عند منار حتى حدوث الحادثة مرورا بما حدث مع غمر

وإستطردت لبنى بصوت مختنق: محستش بنفسي غير وأنا هنا

ثم إلتفتت إليها فجأة مستفهمه: على فكرة هو كان بيقولك إيه بره

منار: كان بيحكيلى اللى حصل وروت لها منار الحوار الذى دار بالخارج مع غمر

وبيقولك متظلمهوش زي ماهو ظلمك علشان الملايكة مبتظلمش وإنه عمره ماكان ولا هايكون في حد في

حياته غيرك وسابنى ومشى وعنيه كلها دموع

لبنى ببكاء: خلاص مبقاش ليه مكان في قلبي يامنار

منار بحنو: مافيش كلام من دا ولا إنتى هاتفرحي لما تلاقيه مع واحده غيرك؛ ثانيا ده بيجيلك كل يوم من

الصبح لغاية بعد نص الليل دا ماكنش بيمشي حتى بعد ما الكل بيمشي ولو تشوفي وهو متذنب تحت فى

الجنينة تحت لغاية مانخلص الدرس علشان يدخل معانا

لبنى بإستفهام وبفزع: طب ماما وبابا عرفوا حاجه لما شافوه وهو عرف إزاى إنى عملت حادثة

منار بجدية: عرف من لينا وكان بييجي يستنى فى الجنينة لغاية مانيجى ويدخل معانا على أنه قريبها

لبنى بحزن وتنهيدة ألم: أنا تعبانة أوي هما قالوا هاخرج من هنا إمتى

منار بحنو: مش قبل أسبوعين علشان تكون حالتك إستقرت

لبنى بغضب وخوف: أسبوعين طب والدروس والمذاكره

منار بحنو: كل شئ له حل ماتحمليش هم إنتى بس

لبنى: ربنا مايحرمنى منك والحمد لله على كل حال

منار بجدية وفجأة: سؤال و مالوش إجابتين عايزه تسيبي غمر

أطرقت برأسها لأسفل في حزن وأشارت برأسها بالنفي

منار بخبث: يبقى تأدبيه مش تسيبيه فاهمه

أومأت لبنى برأسها موافقة

مر إسبوع لم ينقطع عن زيارتها فيه يوميا يذهب إليها وهي نائمه ويغادر قبل إستيقاظها

إحساسه بالندم على ظلمه لها وإيلام قلبها الصغير بقسوته وجبروته جعله يشعر بالذنب تجاهها وبمسئوليته

عما حدث لها وفوق كل ذلك فها هى محبوبته ومعشوقته تتألم أمامه ولايملك لها من الأمر حيله مما أدى إلى

تحطم نفسيته وأحس بزهده عن الحياة وكان أشد ما يؤلمه ويعتصر قلبه نفورها منه فى آخر لقاء لهما لذلك

آل على نفسه أن يتحمل هذه الآلام حتى تسترد صحتها وعافيتها ثم يعيد الكرة مرة أخرى

ليسترد مكانه فى قلبها متربعا فيه ولم يكن هذا الهدف بالأمر الذى يمكنه التنازل عنه حتى لو كان لآخر

عمره؛ فهى ملكه وحبيبته وملاكه ومليكته وعمره كله وكأن هذا الأمل كان دافعه الأول لتحمل هذه الحياة

كان يجلس بجانبها وهى نائمه ينظر إليها يناجيها يتكلم معها هامسا: وحشتيني ووحشني صوتك وشقاوتك

وضحكتك وكلامك وغيرتك وحنيتك وعصبيتك وحشتني كل حاجه فيكي ...

ظل هكذا يوميا طيلة الأسبوع يكلمها ويشكى لها مايعانيه فى حياته حتى يحين ميعاد حضور والديها ينهض

وينصرف

حتى جاء يوم كعادته

غمر بحزن: هامشي دلوقت وهاجي تاني بكرا ياحبيبة عمري هاتوحشيني لحد بكرا

خرج من الغرفه وقد علا وجهه الحزن على ماآلت إليه حالتها من كسور وعدم قدره على الحركة

لمحته منار عن خروجه دون أن يراها وهو يركب سيارته منطلقا بها إلى عمله

دخلت منار على لبنى فوجدتها وقد ظهر على وجهها الدهشة

منار باسمه: صباح الفل على القمر مالك مستغربه ليه كدا

لبنى بحيرة: صباح الورد ياقلبى مش عارفه بقالي دلوقت إسبوع أصحى على برفيوم غمر مالى الأوضة

منار وقد كتمت ضحكتها وبخبث: وإيه المشكلة يمكن بتحلمى بيه

لبنى بحزن: المشكله إنه من ساعة ما قولتله إمشي وكأنه ماصدق وماعدش بييجى حتى فى الحلم

منار بحنو وهى تبتسم: غمر كان هنا من شويه وريحة البرفيوم بقالك أسبوع بتصحي عليها علشان هو

بيجيلك من يوم مامشى وإنتى نايمة وقبل ماتصحى بيمشي

لبنى بصدمة: بتقولى إيه...



دخل المنزل ووجهه يعتريه الحزن والألم

نور هاتفه بحزم: غمر

غمر متفاجأ وبسرعة: أمرك ياماما

نور بحزم: كنت فين

غمر متلعثما: عند...عند صاحبي اللي في المستشفى

نور بحزم وغضب: بقالك قد إيه متصلتش على أمك

أطرق رأسه إلى الأرض في خجل وبتوتر: أسبوع بس هي كلمتني النهارده إطمنت عليا

نور بحزم: وبقالك قد إيه متصلتش على رقيه ورؤى ولا بتروح عندهم

غمر مطرقا رأسه لأسفل لايجد مايقوله:...

نور هاتفه بغضب: إنطق

غمر بخجل دون أن يرفع رأسه: كتير ياماما

نور آمره بحزم وهى تمد يدها إليه: هات مفاتيح المحل

غمر بإستفهام: ليه

نور صارخة: هات بقولك ومن غير ليه

غمر مستسلما: حاضر

وأخرج المفاتيح من جيبه ومد يده بها إليها: إتفضلى

نور ساخرة: خليك بقى قاعد فى البيت زي الستات لا شغله ولا مشغله لغاية ماتحترم نفسك وتعرف إن الله

حق

ثم صرخت فى وجهه: ياللا إتفضل من قدامي مش عايزه أشوفك

غمر بعصبيه وقد علا صوته: إنتي بتعملي معايا كدا ليه أنا عملتلك إيه علشان تعملى فيا كدا

نور بغضب: عامللى البيت فندق للنوم بس لابتروح المحل ولابتسأل على أخواتك ...

قاطعها غمر صارخا بشده: أنا حر أعمل اللى أنا عايزه إنتى إشترتينى ولا يمكن بقيت عبد ليكى ...

لم تدعه يكمل كلامه وهوت عى وجهه بصفعه قوية

نور بصرامة وعيون غاضبه ترميه بسهامها الناريه: علشان تبقى تعلى صوتك عليا مرة تانيه أنا هاربيك

من أول وجديد وهاعلمك الأدب وأعرفك تتكلم معايا إزاى ولا إنت فاكر إنك كبرت على الضرب يابن نصر

كان يقف مذهولا لايدرى مايدور حوله ولماذا؛ ماهذا الذى يحدث معه ولما كل هذه القسوة التى يلقاها من

من أقرب الناس إليه

لماذا تضيع منه لبنى بعد أن أحيت قلبه بحبها وأنارت حياته البائسة المظلمة ولماذا تعامله جدته هذه المعاملة

القاسية لتصل الأمور إلى ضربه وإهانته ومن قبلها أمه التى تركته يختار مصيره وعمره لم يتجاوز العشر

سنوات ليجد نفسه يتيم الأب والأم أهكذا ستصير حياته من ألم لبؤس ليأس لم تكن لتتحمله قدماه فتمالك نفسه

ومسح عبرة فرت من عينه وكان لايزال واضعا كفه على وجهه مكان الصفعة مذهولا غير مصدقا فتحامل

على نفسه وصعد لغرفته وإستلقى على سريره لايدرى ماذا يفعل ووضع يده مرة أخرى مكان الصفعة ليتأكد

أن ماحدث كان حقيقيا وليس كابوسا كانت هى من تخفف عنه عندما تتراكم على قلبه الهموم ولكنها أصبحت

أبعد من نجوم السماء فهو الأن لايريد سواها تطبطب على قلبه الكسير المجروح من كل من أحب

متى ستعرفى كم أهواكى يالبنى

أبيع من أجلك الدنيا وما فيها

لو تطلبى البحر فى عينيكى أسكبه

لو تطلبى الشمس فى كفيك أرميها

أنا أحبك فوق الغيم أكتبها

وللعصافير والأشجار أحكيها

أنا أحبك فوق الماء أنقشها

وضع ظهر يده فوق جبهته ولم يجد للنوم طريقا ومرت أمام عينيه أحداث حياته من أول يوم وعى فيه للدنيا حتى صفعة جدته ولم يجد فى حياته للسعادة وجود إلا ومضات قليله؛ كانت لبنى هى القاسم المشترك فيها فكانت المواسية له وقت حزنه؛ وكانت إبتسامتها تنسيه مايؤلمه وقال لنفسه:

" يالك من غبى أبله؛ لم تحافظ على كنز حياتك ومستقبلك كانت بين يديك جوهرة مضيئه وكسرتها وأضعتها وأطفأت نورها بيديك فهى "

نور حياتى ونعيمها وسعادتها

لم تبتسم شفتاى إلا لمحياكِ

لم تقر عيناى إلا برؤياكِ

لم يطمأن قلبى إلا بفيض حنانكِ

لم تهنأ روحى إلا بوجودك فى حياتى

لم يعد أمامى إلا إسترداد قلبى وعقلى؛ ونهض فجأة وقام بفتح اللاب الخاص به فهو الوسيلة الوحيدة

للإطمئنان على لبنى؛ رغم مايعتريه من ألم نفسى إلا أنه أيقن أن راحته فى القرب منها فكان يريد أن يرى

ماذا كتبت اليوم كان يعرف أن كلامها المكتوب سيزيد حزنه ولكن كله يهون فهي الطريقة الوحيدة ليعرف

أحوالها ففتح صفحتها وحمد الله أنها لم تفعل مثله بحظر صفحته الشخصية صحيح أنه لم يصبح صديقا

مضافا عندها وذلك بسب تسرعه ولكن حمد الله مرة أخرى أنه مازال يستطيع أن يرى منشوراتها وكانت

آخر مشاركة لها منذ ساعه؛ وجدها قد كتبت فيها

"من يفارقك لأتفه الأسباب فهو لم يحبك من الأساس"

نظر إلى المشاركة التي قبلها وفيها

" لا تقل لما أصبحتي قاسية لكل فعل ردة فعل وماأصعب الظلم "

تنهد في حزن وقرر أن يغلق اللاب ولكن قرر أن يكتب

" خسرت كل شيء"

ثم كتب بوست آخر

"سألتزم الصمت الفترة القادمة وسأكتفى بهدوئي وسأتظاهر بأني بخير حتى وإن أصبحت روحي تحترق"

أغلق اللاب في حزن وأستلقى على سريره مرة أخرى مستسلما لأحزانه حتى ذهب فى نوم عميق

دخلت الغرفة وجدته وقد راح فى سبات عميق ولكن مازال بملابسه ويبدو على ملامحه الحزن حتى وهو

نائم خرجت وأغلقت الباب بهدوء



منار وهي تكلم لبنى بالهاتف: مالك يالبني

لبنى بضيق: من شويا جبت صفحة غمر

منار بجدية مستنكرة: ليه بقى إحنا مش قولنا نأدبه

لبنى بحزن: أيوه أنا إتفقت معاكى أدبه مش أسيبه يامنار

منار بحنو: طيب إنتى إتضايقتى ليه لما شفتي صفحته

لبنى بحزن: كاتب كلام حزين أوي منهم واحد بيقول أنه خسر كل حاجه وده معناه إنه في مشكلة تانيه

منار بحنو: يمكن يقصد إنه بخسارتك خسر كل حاجه

لبنى بحزن: مش عارفه حسيت إن قلبى مقبوض فتحت صفحته لقيته كاتب بوست تانى إنه هايسكت الفترة

اللي جايه حتى لو روحه بتتحرق حتى عمرو كان سايب كومنت بيقوله مالك وكاتب كومنت تاني رد على

موبايلك وده معناه إن في مشكلة تانيه مع غمر حتى عمرو مايعرفهاش

منار بنفاذ صبر: لبنى إنتي عايزه توصلي لإيه

لبنى بحزن: حاسه إنه محتاجنى

منار بغضب: على جثتي؛ ويرجع يبهدلك تاني سيبيه زى ماإتفقنا لما يتربى الأول ولا نسيتي اللى عمله

ونسيتي إنك كنتي هتروحي فيها

متذكره ماحدث وبعبرة فرت على وجنتها: عندك حق يامنار لازم يعرف إنه غلط فى حقى

منار بحنو: عايزاكي بقى تخفي بسرعة علشان فاتك حصص فى الدروس كتيرة لازم تراجعيها قبل ماتبدأى

تحضرى الدروس تانى والوقت بيجرى ولازم نستعد لإمتحانات آخر السنة مافضلش غير 5 شهور ونخلص

لبنى: حاضر يامينو متتأخريش عليا بكرا وإبقى هاتيلى كل ورق الدروس اللى فاتتنى

منار بمرح: أيوه كده يالولو تعجبينى هو دا الكلام هانخلص الدرس ونيجيلك على طول

لبنى بحب: تسلميلي ياقلبي

أغلقت الهاتف معاها



قام قبل الفجر بساعة توضأ ووقف مستقبلا القبلة على سجادته حاملا مصحفه متوجها لأحن من فى

الوجود ليناجيه ويشكو إليه قسوة الدنيا ويتوب عن ظلمه لأعز من له فى حياته وكان يطيل فى

سجوده حتى أن عينيه غفت وهو ساجدا على سجادته التى إبتلت بدموع خشوعه وندمه مختلطة بدموع

آلامه ولم ينتبه إلا على صوت المؤذن يرفع آذان الفجر فقام ونزل إلى المسجد ليؤدى به فرض الله

عاد بعد صلاة الفجر ونام ملئ جفونه

فتح عينه على أشعة الجوناء الذهبيه ونهض من سريره وتوضأ وصلي الضحى وإرتدى قميص من اللون

الزهري على بنطلون جينز بلون أزرق فاتح وهبط الدرج كانت نور تجلس على أريكتها تحتسى

قهوتها

نور بحزم: رايح فين

نظر إليها ولم ينطق: ...

نور بحزم وهى تمد يدها إليه: هات مفتاح العربية

غمر مذهولا: ...

نور هاتفه بحسم وقد علا صوتها: إخلص هات المفتاح

وضع المفتاح فى يدها

نور بحزم: هات الفلوس اللي معاك كلها

غمر وقد إختنق صوته وجف ريقه: ليه

نور آمره بحزم: مش عايزه أسمع ولا كلمة

غمر بحنق: يعني هامشي من غير فلوس

نور بلامبالاة: وأنا مالي

ضاق صدره وأخرج النقود من حافطته

نور بحزم: على الله تسحب فلوس من البنك يلا بقى شوف رايح فين

خرج مغاضبا صافقا الباب خلفه بعصبية وعنف مما أحدث صوتا فزعت له جدته

إلتقطت هاتفها

نور بحزم: صباح الخير

عمرو: صباح الخير ياستي

نور بحزم: قسما بربي ياعمرو لو عرفت إنك أعطيت غمر فلوس لأكون مكلمه حسين يطردك من البيت

ومن البلد كلها

عمرو مستفهما: في إيه ياستي وغمر هايطلب مني فلوس ليه

نور بسخرية: هو يبقى يحكي ليك

وأغلقت الهاتف في وجهه

ثم اتصلت بمحمد وقالت له نفس الكلام وأغلقت معه

نجلاء مستفهمه: في إيه يا محمد ستك مالها

محمد: مش عارف بس شكلها قلبت على غمر جامد وقالتلي إني أشوف حد يمسك الشغل الفترة دي بداله

وممنوع ياخد فلوس الأيام دي خالص

نجلاء بفزع: إتصل بأخوك وشوف فيه إيه

محمد: حاضر ياحبيبتي إهدي إنتى بس

أضاءت شاشة هاتفه برقم محمد

غمر: السلام عليكم

محمد بجدية: وعليكم السلام أخبارك إيه

غمر محاولا أن يكون طبيعيا: الحمدلله بخير وإنتم

محمد: بخير إنت فين كدا

غمر: رايح مشوار لواحد صاحبي

محمد: بس شكلك مش سايق

غمر: لا مش سايق هاركب مواصلات

محمد بحزن: طيب تعالي ياغمر أمك عايزاك وبعدين روح المشوار اللي إنت عايزه

غمر: مش هاينفع لازم أخلص المشوار دا بدري بدري وهاعدي عليك وأنا مروح

محمد: طيب معاك فلوس ياحبيبي

غمر وقد فهم مايرمي له محمد

غمر بحزن دفين: آه الحمدلله يامحمد

أغلق الهاتف مع أخيه ليرن عليه عمرو

عمرو: فينك ياغمر

غمر: رايح عند لبنى عايز أوصل قبل ماتصحي

عمرو بأسي: طيب إنت وصلت لفين كدا علشان أجي أوصلك

غمر: مافيش داعي ياعمرو

عمرو بأسي: إسمع الكلام بس يابنى وقولى إنت فين

وصف له غمر مكانه وفي أقل من عشر دقائق كان أمامه بالعربية ركب غمر بجانبه وأسند رأسه للخلف

وأغمض عينيه زاهدا فى أى كلام

عمرو آسفا: كنت رايح مشي ياغمر

غمر بهدوء: أيوه

عمرو بحزن: إيه اللي حصل بس

روي له ماحدث بينه وبين جدته

غمر مكملا: وقالتلي بعد كدا هاتبقى دي طريقة التعامل معاك

عمرو متألما لما حدث لصديقه: طيب وهاتعمل إيه دلوقت

غمر بضيق: لولا إني مش ناسى كل هي عملته معايا كنت سيبت البيت ومشيت

عمرو بجديه: لا ياغمر إوعي تعمل كدا دي تموت فيها

غمر بحزن: نفسيتى تعبت أوي ومحتاج أبعد لأى مكان يومين أراجع نفسى

عمرو بألم: البعد مش حل بالعكس دا هايعقد الأمور أكتر

صمت غمر وأسند رأسه مغمضا عينيه وكأنه يتذكر شريط حياته بأكمله وصل المشفى كان يعلم

أن أبويها يأتيان إليها في الظهر؛ نظر إلى ساعته وجدها الثامنة صباحا

عمرو بحنو: وصلنا ياعم

غمر: تسلم يا صاحبى

عمرو: هاستناك يامعلم لما تخرج

غمر: متعطلش نفسك إنت

عمرو بجديه: توكل على الله إنت بس

فظهرت إبتسامة صغيرة على ثغره

عمرو بحزن لنفسه:

" ليه الدنيا كلها بتقسى عليك كده ياصاحبي حتى إنتي ياستي مرحمتهوش من قسوتك "



قبل أن يدخل غمر المشفى ويتوجه لغرفة لبنى التى كانت قد إستيقظت من نومها باكرا وهى تعلم بحضوره

اليومى وتهيأت لقدومه ولتبدأ معه دروس تأديبه

إستلقت على سريرها متدثرة بغطاءها مرتديه حجابها

وعندما أحست بحركته خارج الغرفة أغمضت عينيها وكأنها نائمه

دلف إلى الغرفة ليجد أميرته نائمه بوجهها الملائكى جلس على المقعد المجاور لسريرها

ونظر إليها متأملا ملامح وجهها وقد أغمضت عينيها يريد أن يشكو إليها حاله

غمر بحنوهامسا: مش هاتسامحيني بقه أنا تعبان أوي فى بعدك عني ومحتاجلك جنبى الحياة بقت صعبه أوى

من غيرك يالبنى أنا مش عارف أعمل إيه علشان ترجعيلى تانى أنا حاسس إنى ماعدش ليا مكان فى دنيتى

وإنتى مش فيها ياريتنى أنا اللى إتكسرت ولا كنت مت حتى ...

فتحت عينيها فجأة ونظرت إليه فزعة وقاطعته: إنت بتقول إيه ياغمر بعد الشر عليك ليه بتقول كدا

نظر إليها غمر وقد إنفرجت أساريره فرحا: لبنى حبيبتى ...

أشاحت بوجهها وقاطعته بغضب مصطنع وخوف من أن يلين قلبها: إيه اللي جابك ياغمر

غمر بهدوء وهو مطرقا رأسه لأسفل: إنتي يالبني أنا باجي كل يوم وإنتي نايمه وبأمشي وإنتي نايمة

لو عايزانى أمشى هامشى بس سيبينى قاعد شويه معاكى مش هاتكلم والله وكأنى مش موجود بس سبينى

أتنفس من الهوا اللى بتتنفسى منه أنا ماعنتش عايز حاجة من الدنيا إلا إنك تكونى معايا وقدامى عنيه

متطردنيش من جنتك يالبنى أنا عارف إنى غلط فى حقك كتير وقسيت عليكى لكن خلاص قربى منك

غيرنى يالبنى وهابعد عن كل طباعى اللى بتزعلك منى وهاتغير علشانك

صمتت لبنى لثواني

ثم نظرت إليه بغضب حقيقى: ليه صاحبتك ولا بنت عمك دي اللي كانت معاك مش مكفياك

غمر بإبتسامه حانيه: ليلة دى زي أختي الصغيره وعمرها ماهتكون غير كدا

لبنى بسخرية: أختك ... آه ماهو كان واضح أوي فعلا إنها أختك

غمر: يالبنى..

قاطعته بجديه وحزم مصطنع: اللي بينا إنتهى ياغمر حتي لو إتعذبت في بعدك العمر كله

وإستطردت لتذكره بكلماته القاسية: دي مش قسوة مني على فكرة لأ دا شغل ناس واطيين

وإنسابت دموعها رغما عنها وإستطردت: مش واحده واطية بقه وكانت بتتسلي بيك شويه؛ وخلاص وقتك

خلص في حياتها

غمر بحزن: والله الكلمة دى طلعت منى فى ساعة غضب وماعرفش أنا قلت الكلمة دى إزاى؛ عاقبيني

يالبنى وأنا مستعد لأى عقاب لكن متكررهاش تاني أرجوكى ما تعذبنيش أنا بأتعذب كل ثانية وإنتى بعيده

عنى أنا عارف إني أستاهل أكتر من اللى أنا فيه وهاستحمله إلا بعدك عني

لبنى بغضب: وأنا ياغمر ماصعبتش عليك وأنا بجري وراك علشان تسمعني ماصعبتش عليك وإنت بتهيني

ماصعبتش عليك لما وقفت قدام المحل وقولتلك إسمعني والدموع في عيني وسبتنى ومشيت مصعبتش عليك

وإنت بتهد كل حاجه حلوه كانت بينا إنت اللي ماسبتش أي فرصه تخلينى أغفرلك ياغمر حبي ليك أكبر

غلطة بأندم عليها

غمر وقد لمعت دموع الندم فى عينيه عاصية عن النزول: أنا بحبك يالبنى ...

لبنى مقاطعة بحزن: حبك مات فى قلبي

غمر بألم وإستعطاف: بتقسى عليا ليه وأنا في أكتر وقت محتاجلك فيه جنبي

لبنى بحزن دفين عاى ما آل له حالهما: أنا برضة كنت محتاجالك جنبي وإنت بعتني رخيص

غمر بحزن: طيب إسمعيني يالبني ووعد مني إنى هاتغير بس محتاجلك جنبى تساعدينى إنى أتغير حتى لو

هتخاصميني ماتبعدنيش عنك وإعملي فيا اللي يشفى غليلك منى أنا قابل منك أى عقاب إلا بعدك عنى يالبني

والله يالبني ماعنت عايز حاجه فى الدنيا غيرك

لبنى بجبروت مصطنع وفى داخل قلبها تتمزق من داخلها خوفا عليه: بره ياغمر مش من الأوضه بس من

حياتي كلها أنا مش لعبة بزرار تشغلها وقت ماإنت عايز وتكسرها وترميها وقت ماتزهق منها وعلى فكرة

دي مش قسوة مني لا ده جزء بسيط من اللي إتعلمته منك ومن قسوتك

غمر برجاء: ولو قولتلك علشان خاطري يالبني فرصة واحدة

لبنى بإبتسامه ساخرة: مبقاش ليك خاطر عندي أنا وقفت مذلوله بقولك إسمعني وكنت المجني عليها ودلوقت

إنت الجاني أسفه ياغمر وقت الفرص خلص

وأشاحت بوجهها منهيه هذا اللقاء بأقسى درس يتلقاه غمر

خرج من الغرفة بعد أن نظر إليها طويلا يستعطفها بنظراته الحزينة المليئة ندما وخجلا مما إقترف فى حقها

من ظلم وإهانه وقسوة متناهية لا تتحملها قلبها الصغير وبما يحمله من براءة

ظلت مشيحه بوجهها عنه ودموعها تنساب بدون صوت ألما وحزنا على قسوتها معه

وبمجرد خروجه إنفجرت باكية غير مصدقة أنها قد أوتيت كل هذه القسوة وكالت له من الكلمات المؤلمة

فهو مازال غمر حبيب عمرها وأول من تربع على عرش قلبها

نظر عمرو وجده آتيا يمشى على غير هدى فعلم أنه لا فائده

طرق الباب بطرقات خفيفه

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 3 من 17 < 1 3 4 5 6 7 8 9 17 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية ورقة زواج عرفي زهرة الصبار
14 833 زهرة الصبار
نصائح الآباء قبل الزواج.. كوني واثقة في نفسك لهلوبة
0 252 لهلوبة
كيف تتجنبين زيادة الوزن بعد الزواج؟ لهلوبة
0 248 لهلوبة
حصاد ارتباط وزواج الفنانين .. قصص الحب تنتصر في النهاية لهلوبة
0 369 لهلوبة
اسباب اختفاء الحب بعد الزواج.. الحياة ليست كما نتوقع دائمًا لهلوبة
0 288 لهلوبة

الكلمات الدلالية
رواية ، زواج ، الإصرار ،












الساعة الآن 10:34 AM