هرع غمر ولينا إلى المستشفى ووجدا أمام غرفة العمليات أمها وأبيها وأخيها ومنار
فوجئت منار بدخولهما معا وأحست بأن الأمر غير طبيعى ووراءه شئ غير مطمئن
أسرعت إلى لينا تجذبها من يدها بعيدا موجهه كلامها لها بغضب: إيه اللى عملتيه دا وإزاى تجبيه هنا
لينا بلامبالاة: كان لازم يكون جنبها
منار بحزم: طب هنقول لمامتها وباباها إيه لو سألوا مين دا
ردت لينا بسرعة: قريبي
ظلت بغرفة العمليات أكثر من ثلاث ساعات والجميع فى حاله من الإنهيار وكانت أكثرهم إنهيارا وردة التى
لم تتوقف عن البكاء والنحيب و دموعها تسيل أنهارا؛ أما عادل فكان مابين مسجد المشفى وباب
غرفة العمليات لا يتوقف لسانه عن قراءة القرآن والدعاء لها ولم تتوقف دموع أخيها عن الإنهمار أما منار
فلم تتوقف عن قراءة القرآن من مصحفها الصغير ولم تتوقف دموع عينيها عن التوقف وجلست لينا بجوار
غمر الذى تمكن بصعوبه من حبس دموعه ومن وقت لآخر كان يخرج إلى السلم فارجا عنها لتنساب ساخنه
على وجنتيه مذكرة إياه بأنه هو السبب الأول والوحيد فى عذاباتها وتألماتها التى تعانيها الآن هو السبب
الأول والوحيد الذى جلب لها التعاسه وكم تحملت آلام ظلمه لها وكم عانت من غروره وكبره وجفاءه
وسخافاته التى لم يكن لها أى مبرر غير أوهام كانت مننسج خياله ووساوس شيطانه وكم كانت هى السبب الأول والوحيد الذى أضاء له حياته وملأت قلبه بالأمل والحب الذى لم يعرفه قبلها وكانت أيضا السبب
الأول والوحيد الذى جلب له سعادة قلبه وشفاء روحه التى عانت الحرمان من كلمه حنونه أو طبطبة قلب
كما كان هوالسبب الوحيد الذى جلب لها التعاسة وأخيرا ماحدث لها ...ز
خرج الطبيب أخيرا من غرفة العمليات
هرول الجميع إليه وإلتفوا حوله وتكلمت وردة باكية: طمني يادكتور بنتى عاملة إيه
الطبيب بأسي وحيرة: للأسف الحاله مش مستقرة صدمة العربية كانت قوية وأدت لتكوين تجمعات دموية
فى كل مكان بالجسم ودا بيسبب لها هبوط فى ضغط الدم وإرتفاع فى درجة الحرارة وفيه كسر فى ذراعها
الشمال وشرخ فى قدمة رجلها الشمال والكسور أمرها سهل جبسناها وهايتفك الجبس بعد شهر وفيه شوية
رضوض فى الوجه وهى دلوقتى هاتدخل العناية المركزة لمدة تمانية وأربعين ساعة لغاية مالحالة تستقر
إحنا عملنا كل اللى فى ايدينا ودلوقتى هى بين ايدين ربنا إدعولها
عادل بوجوم: طب نقدر نشوفها
الطبيب: نص ساعة وهتكون فى العناية المركزة لكن الزيارة ممنوعة إلا لشخص واحد ومن غير كلام
تركهم الطبيب وقد زاد كلام الطبيب من حالة الحزن السائدة
لم يجرؤ على البوح بما يجيش به قلبه من حزن وألم على حبيبته؛ وندمه على ما بدر منه فى حقها من ظلم وجور وعدم سماعه لدفاعها عن نفسها تكبرا وتجبرا منه وحبس كل هذا فى قلبه وإنزوى فى ركن منفردا بنفسه يجتر المرارة والألم مما إقترف من ظلم فى حق هذا الملاك البرئ النائم لاحول ولا قوة لها
أذن المؤذن لصلاة المغربأحس برغبة عارمة فى الوقوف بين يدى الله ليؤدى فرضه ويتذلل إليه راجيا متوسلا طالبا التوبه
والغفران وداعيا لمن ملكت قلبه وكيانه أن تعود إليه تنير قلبه وطريقه فى الحياة
دخل المسجد وتوضأ ووقف بين يدي الله وقد أطلق لدموعه العنان ودخل فى صلاته خاشعا مناجيا ربه
أن يقبل قيامه وسجوده ويستجيب لدعائه لها؛ ظل جالسا بالمسجد لا يبرحه بعد أن أنهى صلاة المغرب يقرأ فى
فى كتاب الله مستسلما لدموع عينيه حتى أذنت العشاء فأقام فرضه وأطال فى دعاءه ثم صعد إلى طابق
العناية المركزة وجد وردة فى حالة إنهيار تام تكاد لاترى أمامها وعادل لايقل عنها حزنا وكمدا وحسرة
ولكنه كان أكثر تماسكا ومناشدا زوجته أن تتماسك: ياوردة حرام عليكى نفسك إنت عندك السكر وبنتنا اللى
جوه دى محتجالك أكتر من أى وقت
وردة باكية بأسى ومرارة: عايزني أشوفها راقدة كدا قدامى ومش قادرة أعملها حاجة ..يا حبيبتى يابنتى يا
حسرة قلبى عليكى يا ست البنات
وإنهارت بكاءا مريرا يقطع نياط القلوب
عادل بأسي مختنقا: كدا برضه ياوردة هو دا اللى أنا عمال أوصيكى عليه إنتى الأفضل تروحى ياريت
وجودنا كان يفيدها يللا يا حبيبتي وأخذ بيدها لتنهض وهو يربت علي ظهرها فى حنان وذهب الجميع ولم
يتبقى غيره دون أن يشعر به الجميع كان ينظر إليها من خلف زجاج غرفة العناية