logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .







look/images/icons/i1.gif رواية إلى تلك الرائعة أحبك
  09-01-2022 11:49 مساءً   [10]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية إلى تلك الرائعة أحبك للكاتبة رضوى جاويش الفصل الحادي عشر

وقفت بالمطبخ كعادتها تتحاشى النظر اليه في ذهابه و إيابه و استشعرت انه يشاركها نفس الرغبة فى عدم التواصل مما اراحها لبعض الوقت، تطلعت لساعة الحائط التى اشارت لما بعد الواحدة ظهرا بقليل، انه ميعاد حضور ذاك الشاب رامى الذى امسك به البارحة و لم يعلم احدهم بمحاولة سرقته للمقهى، لحظات وهل بالفعل دالفاً للمطبخ و خلفه رامى و تطلع للجميع ليتنبه كل من منير و هناء و كذا غفران ليهتف مستفسرًا: - هل لديكم عمل لفتى طيب و من أسرة كريمة و اضمن امانته و اخلاقه!؟.

تطلع الجميع لبعضهما البعض و اخيرا هتف منير فى لهجة عملية: - وجوده بيننا يسعدنا لكن چو من اين لنا بدفع راتبه!؟، و ما هى الوظيفة التى قد تلائمه هنا!؟، هل يجيد الطهو مثلا، او..
قاطعه يوسف هاتفا: - رامى سيكون فتى التوصيل لطلبات المقهى..
هتف الجميع فى دهشة: - فتى التوصيل!؟
هتفت هناء: - اى توصيل!؟، نحن لا نصنع مأكولات للتوصيل و لم يخطر ببالنا ان نفعل..

هتف يوسف فى لهجة واثقة: - اذن عليكم التفكير الان لان الانتشار ضرورى و المكسب مضاعف بالتأكيد..
هتفت غفران فى محاولة لمساندة يوسف رغبة فى توظيف رامى نظرا لما تعرفه من خلفيات: - سيكون ذلك رائعا، يمكننا طباعة منشورات لبعض الوجبات و قوالب الحلوى التى يمكننا صنعها و توزيعها هنا داخل المقهى او خارجه مع وضع رقم لهاتف احدنا كمسؤول عن تلقى الطلبات، كم سيكون هذا رائعا..

هتف منير متسائلا: - و ماذا عن وسيلة التوصيل!؟.
هتف يوسف مؤكدا: - دراجتى البخارية ستفى بالغرض لفترة حتى يمكننا شراء واحدة اخرى تصبح ملكا للمقهى..
نظر منير و هناء و غفران لبعضهم البعض فى محاولة لاستطلاع ارائهم فهتفت غفران فى تأكيد: - انا موافقة على تعيينه و راتبه سيكون..

قاطعها يوسف فى حزم: - سأقتسم معه راتبى حتى تحقق فكرة التوصيل للمنازل هذه بعض الربح عندها نستقطع راتبه منه، ما رأيك منير، و انتِ هناء!؟.
ابتسم كلاهما فى سعادة و هتفت هناء: - و لما لا!؟.
و تطلعت الى رامى الذى انتشى اخيرا عندما ادرك انه قد تم تعيينه فى وظيفة فتى التوصيل تلك هاتفة: - مرحبا بك بيننا رامى..
ابتسم رامى فى سعادة: - اشكرك سيدتى، و سأكون باذن الله عند حسن ظنكم..

هتف منير مازحا: - بالتأكيد، فلديك داعم قوى هنا..
و اشار ليوسف متصنعا الخوف مستطردا فى مزاح: - من يستطع مخالفة مطالبه!؟، لم أر من يفعل..
هتفت هناء مازحة: - بل هناك من يعارضه دوما، السيدة غفران، لكن العجيب هذه المرة انها ايدت دون معارضة، بل انها اول المؤيدين..

قهقهت هناء و شاركها منير ضحكاتها اما يوسف فاتسعت ابتسامته فى هدوء و هو يتطلع الى تلك القصيرة المنزوية فى خجل غير معتاد على شخصيتها المندفعة، كان يتجنب النظر اليها منذ الصباح لكنه ما عاد قادرًا على ان يحيد بنظراته عنها و هى تبدو بمثل هذا الحياء البكر و تذكر كيف كانت بين ذراعيه عند السقوط الكبير لكلاهما فتمنى لو طالت هذه اللحظات دهرا و توقف الزمن عند تلك الثوان قبل ان تنهض مندفعة تنأى عنه نهار بطوله حتى لا تتلاق عيونهما من جديد و تتصافح لمرة اخرى تردد سلام من نوع اخر، سلام بنكهة الطمأنينة التى يفتقدها بشدة حد اللامعقول..

تنبه لتيهه فى خواطره فانتفض متيقظا يضرب بمرح على كتف رامى هاتفا: - مرحبا بك بيننا أيها الفتى، أرجو ان تهنأ بصحبة الجميع و لكن احذر، اياك و اغضاب تلك المرأة هناك، و اشار برأسه نحو غفران التى لاتزل تتسربل فى حيائها مستطردا: - و الا ستجد أدوات المطبخ تلك كلها مندفعة فى أعقابك..

انفجر الجميع مقهقهين الا غفران التى تصنعت العضب و عقدت ما بين حاجبيها فى ضيق و هى تتخصر فى تحدى لكنها لم تستطع مجاراة تصنعها فانفجرت ضاحكة بدورها هاتفة فى لهجة معاتبة: - لا تعط الفتى فكرة خاطئة عنى، انا لست الساحرة الشريرة، فقط انت من يخرجنى عن طورى..

اندفع منير وهناء لتلبية احد الطلبات و خرج رامى للذقاق يتفحص الدراجة البخارية بينما وقف يوسف فى تيه متطلعا اليها و اخيرا همس بنبرة جعلت كفها تتوقف عما كانت تنجزه متنبهة بكل حواسها: - أرجو الا أكون تجاوزت فى مزاحى..
همست بدورها دون ان تستدير لتواجهه: - لا عليك..
هم بالانصراف فى اتجاه الذقاق فى اثر رامى الا انه توقف هامسا: - شكرًا لدعمى فى توظيف رامى، ذلك كان يعنى لى الكثير..

اكدت فى هدوء: - لا شكر على واجب، انه يبدو فتا لطيفا و يحتاج للعمل و الا ما كنت نصحت بتوظيفه على ضمانتك الشخصية و اقتسمت معه راتبك..
كان ذلك رائعا..
و استطردت مازحة تحاول كسر ذاك الشعور المتنامى بأعماقها و الذى يغلفها بأمان خطر لقربه: - هناك جانب انسانى خفى يكمن داخل ذاك الجسد الضخم!؟، لقد ابهرتنى، فاجأتنى بالفعل..
قهقه فى سعادة هاتفا: - و لايزل هناك الكثير من المفاجأت لأجلك، يا اميرة البهار.

تطلع الى صدمتها للقبها الجديد و التى تمثلت فى تطلعها اليه فى نظرات تائهة تماما و اخيرا ابتسم فى سعادة و غادر خلف رامى ليتركها تتطلع فى اضطراب حولها لا تدرك ما عليها فعله و اخيرا استعادت ثباتها لكن ذاك اللقب الجديد الذى لازال صداه يتردد على أسماعها قد أوصلها لمستوى عجيب من السعادة التى دفعتها لتردده فى فخر وعلى شفتيها ابتسامة بلهاء لم تستطع التخلص منها النهار بطوله..

كانت تتهادى الى مسامعها تلك الأنشودة الرقيقة التى يبثها تلفاز المقهى عن الام دمعت عيناها عندما لاح طيف امها امام ناظريها فاستشعرت شوقا جارفا اليها و الى زيارة قبرها كما اعتادت يوم عيد الام كانت تذهب لتحكى لها ما مر بها من احداث بالساعات، لو كانت لاتزل بالمزرعة لكانت هناك اليوم تجلس بالقرب من قبر والديها تبثهما وحشتها دونهما و اشتياقها لوجودهما بحياتها..

مسحت عبرة سالت على خدها دون ان تتنبه لهناء التى كانت تراقبها عن كثب و قد ادركت تغير حالها من الصباح الباكر، اقتربت هناء هامسة: - ماذا هناك غفران!؟، هل هناك ما يزعجك!؟.
هزت غفران رأسها نافية وهمست بدورها فى شجن: - لا، لكنى اشتقت لأمى رحمها الله..
تنهدت هناء فى شجن هامسة: - و من منا لا يفعل!؟، كان سيفرق كثيرا وجودها جانبى و قد حدد طبيبى موعد الحقن المجهرى..

تطلعت اليها غفران فى سعادة هاتفة: - حقا، ذاك خبر راااائع، اتمنى ان يتم الامر على خير و يتحقق لك ما تتمنين..
هتفت هناء فى تضرع: - يااارب..
استفسرت غفران: - متى الموعد باْذن الله!؟.
أجابت هناء بلهجة قلقة: - بعد حوالى اسبوع من الان، اشعر برهبة شديدة..
احتضنتها غفران فى محاولة لتهدئة قلقها هاتفة: - لا عليكِ، سيمر الامر على خير.

هزت هناء رأسها فى محاولة للتماسك، بينما ظلت غفران على نفس شجنها و إحساسها بافتقاد امها و قررت فى لحظة تهور ان تزورها او على الاقل تزور امها البديلة التى اشتاقت لسماع صوتها و استشعار حنانها و تفهمها..

اندفعت غفران تصعد درجات السلم المتهالك فى لهفة لرؤية مربيتها و امها الثانية و التى لم ترها منذ شهور، تشتاقها كثيرا فهذه المرة الاولى التى تفارقها فيها منذ رحيل امها الغالية و هى كانت دوما جانبها فى أفراحها و اتراحها..
وقفت امام باب منزلها تلتقط انفاسها و تطرق الباب فى سعادة، لحظات وهلت نوال عندما انفرج الباب وهتفت فى فرحة غامرة: - غفراااان!.

ألتقطتها بين ذراعيها فى شوق و احتضنتها فى محبة و حنو و هى تدلف بها لداخل الشقة المتواضعة، وحمدت الله ان اليوم الجمعة و الا ما كانت وجدتها بالمنزل، هتفت غفران مؤكدة: - كيف أنسى ان الجمعة هو يوم إجازتك الأسبوعية!، لقد أجلت زيارتى حتى اليوم لأجدك هنا، تفضلى، و كل عيد ام و انت بخير..
ألتقطت نوال الهدية فى سعادة هاتفة و دموع الامتنان تترقرق فى مآقيها: - لم تنس ابدا!؟، حبيبتى جزاك الله خيرا..

كانت غفران تعلم ان نوال لم يرزقها الله بأطفال من زوجها الذى توفاه الله منذ فترة طويلة فكرست عمرها كله لتربيتها و مساعدة امها فى اعمال المزرعة بعد وفاة ابيها..
هتفت غفران فى عتاب رقيق: - و هل يمكن ان تنسى البنت امها فى يوم كهذا!؟ لقد افتقدتك كثيرا جدااا، و استوحشت ايامى دونك و بعيدا عن المزرعة و ما كانت تحمله من ذكريات عزيزة لأبوىّ، سامحه الله عمى..

هتفت نوال فى تعجب: - و ما ذنب عمك فيما فعلتِ غفران!؟، لقد هربت ليلة زفافك من عريس رائع تتمناه اى فتاة، و لا اعلم ما الذى دفعك لذلك، قلت ربما الرهبة من تحمل مسؤولية الزواج نفسها او ربما ذاك الحلم الذى كان دوما يراودك و قررتى تحقيقه فى ان يكون لك مقهى خاص بك، أليس كذلك بنيتى!؟.

هزت غفران رأسها نافية و قد بدأت تلك الذكرى يوم زفافها تلح عليها مما جعلها تنفجر باكية مندفعة لاحضان نوال لتفرغ كل وجعها بين أحضانها ثم تهتف اخيرا من بين دموعها: - لقد باعنى عمى يا دادة، باعنى و قبض الثمن من ذاك الذى كنت اظنه حبيبا فإذا به مشترً لجسدى لا اكثر..

هتفت نوال و هى تتطلع لوجهها لثوان فى صدمة: - ماذا تقصدين!؟، انا لا استوعب ما تقولين، من باع!؟، ومن اشترى!؟، لابد ان فى الامرسوء فهم يا صغيرتى..
انتفضت غفران صارخة: - لا، ليس سوء فهم صدقينى، انها الحقيقة التى أدركتها مسامعى جيدا..
ازدردت ريقها فى ألم مسترسلة فى اخبار نوال بكل التفاصيل: - بعدان انهيت صنع كعكة الزفاف كما تعلمين اندفعت خارج
المطبخ باحثة عن عمى راغبة فى ان يأتى.

لمشاهدتها ليدرك كم انا صانعة حلوى ماهرة و يكف عن السخرية منى و
التندر على ما اصنع كعادته، غصت
بدمعاتها والتى ابتلعتها فى وجع
مستطردة: - هممت بفتح باب غرفة
المكتب ليتناهى لمسامعى اتفاقا ما يدور
بالداخل بين نادرزوجى المزعوم و عمى
الحبيب، كان يخبره ان الصفقة رابحة..
فهوسينال العروس التى هى انا مقابل
بعض الأموال التى يدين بها عمى لنادر ووالده..

شهقت نوال في صدمة و اخيرا هتفت غير مصدقة: - هل فعل عمك ذلك!؟، انا اعلم انه قاس القلب و لا يعيرك اهتماما بقدر اهتمامه بما تملكين، لكن ايصل الامر لهذه الدرجة من الدناءة!؟.
شهقت غفران هاتفة فى وجع: - نعم يا دادة لقد وصل فأنا مجردسلعة تباع و تُشترى..
لا قيمة لمشاعرى و احاسيسى، و لا قدرلكرامتى و لا ثمن يذكر لكبريائى، مجرد شيك لحامله يدفع عن عمى بعض من
ديونه التى لا تنتهى و التى اضاع فيها.

الكثير من أرثى الذى وضعته كالحمقاء
بين كفيه ولم ألغ توكيلى له فى ادارة
اعمالى رغم بلوغى الواحد و العشرين
عاما منذ ما يزيد عن سبع سنوات كانت كفيلة زيادة ليقضى على كل ما تركه لى
ابى رحمه الله والحمد لله انه لم يدرك ما وضعته امى بحساب سرى لى، و الا كنت اليوم اشحذ حرفيا..

هزت نوال رأسها مؤكدة على كل حرف تنطق به غفران و ربتت على كتفها فى حنو هامسة: - لك الله يا صغيرتى هو احن عليك من الجميع، سامحه الله، ألم يكفيه ارثك الذى ضيعه حتى يضيعك انتِ!؟، لا حول ولا قوة الا بالله..
ساد الصمت للحظات و اخيرا هتفت نوال متسائلة: - لكن اخبرينى، الى اين ذهبتى بعد خروجك من هنا اخر مرة تقابلنا فيها!؟.
ابتسمت غفران و هى تسمح دموعها.

هاتفة: - لا تقلقى يا دادة، لقد وفقنى الله و عثرت على شركاء طيبين فى مقهى احلامى، و ها انا ذا أمامك بخير، و سعيدة جدا فى عملى..
هتفت نوال فى قلق: - و لكن عمك لايزال يبحث عنك كالمجنون رغم مرور كل تلك الأشهر، اخاف ان يعلم اين انتِ، ساعتها سيرجعك للمزرعة رغما عنك و خاصة انه..
ساد صمت مقلق دفع غفران لتهتف متعجلة نوال لتستكمل جملتها: - انه ماذا!؟، ما الذى حدث و لا اعلم عنه شيئا!؟.

هتفت نوال و هى تبعد نظراتها حتى لا تلتقى بأعين غفران: - لقد زوجك عمك بالفعل لنادر، انت الان رسميا زوجته و له الحق في..
انتفضت غفران تقاطعها صارخة: - انا ماذا..؟، لقد هربت قبل ان تتم إجراءات عقد القران، هذا كذب، انه تزوير و افتراء..
نهضت نوال تحتضنها محاولة ان تهدئ من روعها و تخفف عنها صدمة ذاك الخبر..

بكت غفران فى لوعة و اخيرا هتفت فى ضياع: - ماذا علىّ ان افعل!؟، لو عدت لكشف كذبه لن يستمع الى احد و ربما سلمنى بنفسه لقمة سائغة لزوجى المزعوم واذا لم اعد فانا الان فى نظر القانون زوجة، ماذا افعل يا ربى!؟.
بكت من جديد و شعرت انها تائهة و وحيدة و لا حول و لا قوة لها، استأذنت نوال راحلة لتستبقيها نوال قليلا الا انها اصرت على الرحيل مع وعد بلقاء اخر عندما تسمح الظروف..

خرجت غفران من بيت نوال و اقدامها لا تحملها حتى انها شعرت بتشوش رهيب فى رؤية معالم الطريق للمقهى من اثر الدموع التى كانت تملأ مأقيها والتى كانت تحاول ان تتماسك ولا تزرفها على الملأ..

وصلت المقهى اخيرا و اندفعت من بابه الخلفى الى المطبخ و منه الى الاعلى حيث غرفتها كانت تندفع كسهم اطلق لتوه من قوسه حتى انها لم تنتبه الى ذاك الذى كان يقف فى المطبخ يصنع بعض من الاطباق فى محاولة لمساعدة منير لمجابهة ضغط العمل لغيابها بالخارج..

ألتفت لمنير فى تعجب لحالها لكنه استدار متصنعا اللامبالاة و بداخله يشعر برغبة قوية فى التوجه اليها و معرفة ما او من سبب ذاك الضيق، و اين ذهبت من الاساس و غابت كل هذا الوقت!؟، كان يعلم ان ليس له الحق فى ذلك، لكنه يستشعر رغبة قوية فى ادراك كل ما يخصها، تنبه ان ذاك المذياع الصغير الحجم الذى تديره دوما فى غرفتها على آيات القران الكريم موجود هنا بالقرب منه على الطاولة، يبدو انها جلبته لتستمع اليه عندما كانت تعمل وحيدة هنا بالطبخ فى الصباح الباكر قبل خروجها لوجهتها المجهولة فى محاولة لأنجاز بعض الطلبات للتوصيل قبل ان تغادر..

اكمل عمله و انجز الطبق الاخير واضعا اياه على الصينية التى كان يحملها منير و كذا هناء التى جاءت من صالة المقهى لتجهيز طلب جديد و مساعدة منير فى التقديم..

تأكد يوسف ان كلاهما غابا خارج المطبخ فتناول المذياع و اندفع للأعلى و توقف امام حجرتها ليصل لمسامعه شهقات بكاء أدمت قلبه، كاد يحطم الباب فى لحظة طيش ليندفع متسائلا عن سبب حزنها الموجع ذاك الا انه تعقل و انحنى واضعا المذياع امام عتبة بابها و لكنه قبل ان يرحل ادار مؤشره ليصدح بالقران الكريم، تنهد عندما استشعر انها توقفت عن البكاء و نهض فى هدوء مغادرا فى اتجاه الأسفل لمواصلة عمله..

تنبهت هى و تطلعت فى اضطراب باحثة عن مذياعها و تذكرت انها نسيته بالأسفل نهضت فى حذّر و استندت على الباب تحاول التأكد ان لا احد بالخارج، فتحت الباب بانفراجة بسيطة عندما تأكد لها ان لا احد هناك و اخيرا مدت كفها و ألتقطت المذياع فى سرعة و اعادت إغلاق بابها من جديد، نظرت للمذياع فى سعادة فهى تدرك بفطرتها انه هو من احضره لها، لا تعلم لما، ربما شاهدها و هى تدخل بذاك الشكل الغاضب و هى التى لم تنتبه لوجوده فحب ان يعيده اليها لعلمه بحاجتها اليه، ابتسمت رغم دموعها المنسابة على خديها واحتضنت المذياع فى امتنان ليوسف و لكنها تذكرت ان لا يحق لها تلك المشاعر التى بدأت فى النمو تجاهه، انها امرأة متزوجة امام القانون و الناس.

بكت من جديد فى لوعة لكن صوت ما داخلها صرخ بأعماقها ربما هى كذلك فى نظر الجميع و لن يصدقها احد اذا ما أنكرت لكنه الله وحده يعلم انها ليست كذلك وهذا يكفيها، يكفيها و زيادة..



look/images/icons/i1.gif رواية إلى تلك الرائعة أحبك
  09-01-2022 11:50 مساءً   [11]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية إلى تلك الرائعة أحبك للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثاني عشر

قضت اليوم بطوله داخل حجرتها و لم تخرج منها و لم يشأ احدهم ازعاجها فقد كان من الواضح انها لا تريد صحبة فى تلك اللحظات الخاصة من اجترار أحزانها..
لكنه لم يستطع تخيل وحدتها و دموعها دون مواساة و لم يكن من الطبيعى ان تبقى اليوم بطوله حبيسة الغرفة دون طعام، حاولت هناء الدخول اليها عندما اخبرها منير بعودتها بهذا الشكل الحزين لكنها لم تفلح فى جعلها تخرج من عزلتها..

انتظر حتى صعد منير و هناء لغرفتهما و دخل الى المطبخ و اعد طعاما شهيا يعلم انها تحبه و حمله لأعلى..
توقف لحظة امام باب غرفتها محاولا رؤيتها بعين الخيال خلف ذاك الباب، و تساءل ماذا تفعل يا ترى!؟

لكنه تنبه لخواطره و هو يسمع صوتها الرقيق المتحشرج داعيا: - اللهم اقسم لى من خشيتك ما تحول به بينى و بين معصيتك و من طاعتك ما تبلغنى به جنتك و من اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا باسماعنا و أبصارنا و قوتنا و اجعلها الورث منا و اجعل ثأرنا على من ظلمنا و انصرنا على من عدانا ولا تجعل مصيبتنا فى ديننا و لا تجعل الدنيا اكبر همنا و لا مبلغ علمنا و لا تسلط علينا ما لا يرحمنا ياااارب ..

اهتز داخليا من دعائها و شعر انها تعانى صراعا رهيبا لا يدرى عنه شيئا فتنهد و انحنى واضعا صينية الطعام امام الباب و طرقه عدة طرقات متتابعة و اندفع مهرولا لداخل حجرته، لحظات و انفرج الباب فى هدوء، فقد كانت قد استسلمت لدموعها و شردت فى خواطرها و أيقظتها تلك الطرقات ففتحت مشوشة، وجدت صينية الطعام قبالة بابها فابتسمت فى امتنان فقد كانت جائعة لحد كبير، رفعت الصينية بين كفيها و دلفت لحجرتها و اغلقت الباب خلفها فى هدوء..

تنهد يوسف فى راحة عندما تأكد انها ستتناول بعض الطعام قبل ان تذهب للنوم بينما هى وضعت الصينية امامها على فخذيها و اخذت تتناول الطعام بشهية و استمتاع كبيرين و كل ما جال بخاطرها ان هناء هى من صنعت ذلك الطعام لإسعادها، لكن قصاصة الورق تلك كان لها رأى اخر، فقد تنبهت لوجودها تحت تلك المنشفة الصغيرة على طرف الصينية فتوقفت كفها بتلك الملعقة و هى فى طريقها لفمها و أنزلتها فى بطء متعجبة و تناولت القصاصة لتفتحها و تقرأ تلك الكلمات الموجزة فيها بهمس متلجلج: - مهما يكن كم الحزن، انتِ الاقوى، يا اميرة البهار .

تطلعت للكلمات فى ذهول لا تع ما تقول او تفعل، انه يُؤْمِن بقوتها و صلابتها اكثر من ايمانها بنفسها، ياله من رجل!؟، ضمت القصاصة لصدرها و همست فى نبرة تحمل الكثير من الشجن و الدمع المكتوم: - نعم انا الاقوى يا يوسف و اشكرك لانى احتجت كلماتك تلك لكننى ايضا احتاج احيانا لشخص يبثنى تلك الكلمات و يجعلنى أصدقها، احتاج لداعم يدرك انى بشر مهما كنت قوية و يسندنى عندما تتعثر قدماى و تأبى المسير بطريقى، احتاج لصدر يحتوينى و ذراعان تضمانى و قلب يساعنى بكل مساوئى و عيوبى و يغفر كل زلاتى و اخطائى، يااارب، اشعر بالخزلان من اقرب الناس اليّ فأرسلت لى شخصا ابعد ما يكون عنك ليسندنى!؟، انا لا اعلم ما حكمتك فى ذلك لكن لابد من وجود حكمة لك فى كل هذا، انا اعلم، و سأنتظر يا رب، ياارب اعنى و لا تكلنى لنفسى او لغيرك يا كريم.

مدت كفها لمذياعها الصغير تفتحه ليبثها مهدئها اليومى و تستشف منه رسالة من رسائل الله التى تنتظرها دوما، صدح المذياع فى عذوبة: - لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ .

سالت دموعها هامسة: - صدق الله العظيم
بينما كان هو ممددا على فراشه يرهف السمع الى اى حركة قادمة من غرفتها عبر الحائط المشترك بينهما لعله يطمئن عليها، انتفض داخليا عندما أتاه صوت مذياعها يتهادى لمسامعه فاقترب من الجدار يتحسسه فى لهفة و أرهف السمع للأية الكريمة فأخذ لا إراديا يرددها فى وجل مع القارئ و ما ان انتهى حتى فاضت عيناه.

هبط الدرج صباحا قبل موعد مناوبته بقليل كان يظن انها لاتزل بغرفتها معتكفة مسربلة بأحزانها كما كانت بالأمس الا انه فوجئ بوجودها تعمل فى هدوء بأحد أطراف المطبخ كانت تترنم فى تيه بأنشودة رقيقة غير مدركة بعد بوجوده، وقف متسمرا ينصت الى كلماتها المنغمة بصوت عذب كان يعتقد ان عذوبته مصدرها آيات القران الكريم التى دوما ما تقرأها خاشعة تلين قلب مستمعها، لكنه كان مخطئ فنفس الرقة تنبعث الان من همسها بتلك الكلمات التى تصف وجع قلب يتوق للامان و لدفء الحبيب..

رغم تأثره بما يسمع الا انه اقترب فى هدوء محاولا مشاكستها كالمعتاد فوجدها تذيل احد الاوراق البيضاء باسمها كاملا فى شرود، غفران سالم الناجى..
فهمس بدوره ساخرا: - كنت اعتقد ان قديستنا تكره الغناء حد التحريم و لا تستمع الا لقرءانها!؟.
انتفضت ليسقط القلم من بين أصابعها عندما أدركته يقف خلفها و هتفت معاتبة: - و انا كنت اعتقد انك تدرك معايير الذوق اكثر من هذا و لا تتسلل خلف الناس هكذا كهر جائع!؟.

انفجر ضاحكا على تشبيهها و لم يلتفت لنقدها اللاذع لتصرفه فاستطردت: - كما ان الغناء لا ضرر فيه شرط ان لا يزاحم القرآن الكريم بقلبى، انا اروح عن نفسى قليلا، و بالمناسبة لست قديسة و لم ادع ذاك يوما، أيها السيد المتحذلق..
تجاهل محاضرتها العصماء و تناول الورقة التى زيلتها باسمها هاتفا فى مزيد من السخرية و بنبرة عالم ببواطن الامور مهمها: - امممم، تكتبين اسمك بهذا الشكل!؟، لذلك دلالة نفسية خطيرة..

و استطرد و هو يعقد حاجبيه فى تأمل: -امرأة عاشقة لنفسها حد الهوس، تعتد بكرامتها و تصون كبريائها و تحفظ انفها شامخا يحاكى قمة الجبل ارتفاعا، باختصار امرأة مغرورة، متكبرة، محبة للظهور وعاشقة للسلطة..
شهقت فى ذعر هاتفة: - انا لست كل هذا..
حاول كتم ضحكاته: - فلنقل اذن نصف هذا!؟.

لم يستطع الان كتم ضحكاته فانفجر مقهقها عندما رأى تعبير وجهها الذى ظهرعلى قسماته ما ان ادركت انه كان يلهو و ان تحليله ذاك كان مجرد سخرية و لا يمت للحقائق العلمية بصلة..

و ابتعد فى سرعة مندفعا فى اتجاه صالة المقهى خارجا من المطبخ و لم يدرك انه يحمل تلك الورقة التى تحمل اسمها الى بعد ان وقف متسمرا فى مكانه المعتاد داخل المقهى ليتطلع اليها و على شفتيه ابتسامة لم يكن من السهل ظهورها على محياه من قبل ان يلتقيها، ثنى الورقة فى حرص ووضعها بجيب سترته بالقرب من قلبه..

انتصف النهار و كان العمل على اشده و المقهى فى ساعة الذروة مكتظا عن اخره
لكنها رغم ذلك لم تنس اطعام جروها الأعرج الذى ينتظرها يئن رغبة فى لفت أنظارها اليه حيث يقف خارج باب المطبخ الخلفى المطل على الذقاق..
اندفعت تجمع له ما استطاعت من بقايا عظام و لحم لتخرج من الباب تربت على ظهره فى حنو و تضع امامه الطبق ليبدأ إلتهامه فى شره و لهفة جلبت الابتسامة الى شفتيها اشفاقا..

انتفضت فى ذعر عندما اقتربت احدى السيارات من مدخل الذقاق و وقفت فى سرعة ليرتفع صوت مكابحها و قبل ان تدرك ما يحدث كان كلبها المسكين يئن وجعا راقدا بجوار الباب مدرجا بدمائه
يبكى تلك التى كانت هنا منذ لحظات و اختفت فجأة..

خف الضغط قليلا و بدأ المقهى فى العودة لهدوءه النسبى بعد فترة الظهيرة مما حثه على الاندفاع لداخل المطبخ طلبا للراحة متعللاً برغبته فى تناول كوب من الشاي.
تطلع حوله باحثا عنها فى شوق فلم يكن هناك الا منير الذى كان جالسا بأحد الأركان يتناول فنجانا من القهوة بينما كانت هناء تقلب شئ ما يغلى فى إناء على نار الموقد فى حرص..

لم يشأ ان يسأل عن مكان تواجدها و توقع انها بالأعلى تؤدى صلاة العصر، الا انه تنبه ان العصر قد مضى وقته منذ مدة و هى تحافظ على مواعيد صلواتها بدقة..
جلس يحتسى كوب شايه و السؤال عنها يكاد يخنقه و اخيرا غلب فضوله حرصه
على عدم إظهار اهتمامه بها فهتف متسائلا: - اين غفران يا ترى!؟، لم ارها منذ الصباح..
هتفت هناء: - ربما هى بالأعلى كالعادة وقت الصلاة!؟.
اكد يوسف: - لقد انتهى وقت صلاة العصر منذ مدة..

هتف منير مؤكدا: - انت على حق، لقد أنهت صلاتها بالفعل و عادت لتضع بعض الطعام لكلبها خارج المطبخ، ربما لاتزل بالخارج..
انتفض يوسف فى اتجاه باب المطبخ و دفعه خارجا باحثا عنها بكل اتجاه حتى وقعت عيناه على جروها الذى يئن بالقرب متكوما خلف احد الأحجار و مثخنا بجراحه.

اتسعت عينا يوسف ذعرا عندما طالعه سوء حال الجرو الصغير و حمله فى إشفاق متجها الى داخل المطبخ و عيونه لاتزل تتطلع الى كافة الأنحاء املا فى رؤيتها قادمة لكن ذاك الشعور المقلق الذى يعتريه فى تلك اللحظة ينبئه ان شئ ما سئ قد حدث لغفران و ان اختفائها ذاك ليس اختفاءً طبيعيا ابدا..

ترك الجرو بين كفى منير و اخرج هاتفه النقال يحاول محادثتها الا ان الهاتف كان مغلقا فأكدت هناء فى اضطراب: - لابد انها نسيت ان تشحن هاتفها كما اخبرينى صباحا..
زفر يوسف فى ضيق و مرر أصابعه بين خصلات شعره فى ضيق و اخيرا اندفع لدراجته البخارية عندما سمع صوت وصولها والتى كان رامى قد حضر بها لتوه بعد توصيله لاحد الطلبات..

اعتلاها فى عجلة و راح يجوب بها طرقات المدينة كالمجنون لعله يراها تسير على احد الأرصفة او تتطلع لأحد نوافذ العرض امام احد المحال، لكنه كان يدرى بقرارة نفسه ان ذاك عبث لا جدوى منه و ان غفران رحلت على غير ارادتها، رحلت و لا يدرى الى اين و ذاك اكثر ما كان يثير غضبه، فلو كان يعلم لها موضعا لذهب ليستعيدها و ليحاول احدهم منعه، لكنه لا يعلم، كاد يصرخ باسمها.

و هو يطير كالمغيب بدراجته فى سرعة جنونية لعلها تستمع لندائه و تخبره اين تكون، لكن لا فائدة..
انتصف الليل تقريبا و ادرك ان لا جدوى من ذاك الجنون فعاد ادراجه لعل منير او هناء ادرك خبرا عنها..

ترك دراجته البخارية بموضعها المعتاد داخل الذقاق و ما ان هم بدخول المطبخ حتى ألتمع شئ ما امام ناظريه ارضا، انحنى يلتقطه فإذا به عقدها الذى كان يزين جيدها دوما و لا تخلعه ابدا، كان على هيئة مصحفا تفتح ضلفتاه ليطالعه صورة رجل و امرأة، ادرك بفطرته انهما والديها، و ادرك لحظتها بحدسه ان غفران قد اُختطفت، لكن لما!؟، و من قام بذلك!؟، فلا علم له..

اندفع داخل المطبخ ضاما قلادتها بكفه و قد اقسم ان يستعيدها و لو كلفه الامر حياته..

تسلل الى حجرتها مدفوعا بشكل لا ارادى يتمنى ان يكون قريبا من اى شئ يذكره بها، اى شئ خاصتها يوهمه انها لازالت هنا و لم تختف..
تقدم بخطوات وئيدة لداخل الحجرة يشعر برهبة عجيبة كأنما يقتحم عزلة مقدسة و عتبة طاهرة ما كان عليه ان يتخطاها و هو المسربل بخطايا العالم و آثامه..

توقف لحظة عندما اصبح بالفعل داخل الحجرة و تنسم هوائها المحمل بعبق عبيرها الخفى بين طياته، تقدم فى تؤدة و وقف فى منتصف الحجرة تماما و جال ببصره فى جميع ارجائها يتشرب كل تفاصيلها التى تمنى لليال ان يراها كمن حرم عليه دخول محراب ناسك مطهر..

تقدم مرة اخرى و جلس فى بطء على طرف فراشها يتلمس غطائه فى وله، لا يعرف ماذا دهاه!؟، و لا يدرك ما ذاك الشعور العجيب الذى يكتنفه اللحظة!؟، انه يتعجب من حاله فما كان يوما بهذا اللين ولا تلك الهشاشة، حتى عندما اعتقد انه يحب زوجته السابقة ما شعر يوما بمثل ذاك الاحساس الذى يعبث به الان كورقة جافة فى مهب ريح عاصف..

تململ مما يشعر به فوضع يده على طرف الفراش و هم بالنهوض ليستشعر ملمس مخملى اسفل باطن كفه فنظر يستطلع الامر لينتفض كفه مبتعدا فى سرعة عن ذاك الشئ الذى لامسه، تنهد لثوان فى قلة حيلة وامتدت كفه من جديد لتلك السجادة المخملية المطوية بعناية على طرف الفراش و حملها فى تردد و قربها اليه فى رهبة، انها مصلاها، تلك السجادة المخلية الملمس التى تفردها ارضا للصلاة عليها، ضمها لصدره فى شوق و كأنما يضم صاحبتها الغائبة، دمعت عيناه، و أشاح بوجهه قليلا يخبئ نفسه عن نفسه، يدارى ضعفا تملكه لا يعرف من اى ركن فى اركان نفسه تسلل الى أعماقه، وقع ناظره على مصحفها المطهر على طاولة الزينة هناك..

و تذكر كلماتها الباسمة له، اول ما افعله صباحا بعد الصلاة هو استطلاع حظى ، تعجب لحظتها لإيمانها باشياء غيبية و هو يعلم تماما انها ليست من شيمها و لكن ذهب تعجبه عندما استطردت افتح مصحفى بشكل عشوائى لأرى رسائل الله الىّ ..

مد كفه غير واع و قرر ان يقلدها لعله يجد رسالة ما تهديه الى سبيل ينهى معاناته التى يتخبط فيها كمركب ورقى فى خضم بحر هائج، ارتعشت كفه قليلا عندما لامس غلاف مصحفها المذهب، و لكنه قرر الا يتراجع و فتحه فجأة ليتطلع لتلك الآية التى سقط عليها نظره و كانت اول ما طالعه، أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ...

اهتزت اركان نفسه و شعر بزلزال من احاسيس جعل روحه تترنح حاملة ثوابت كانت هناك و ظن انها لن تتزحزح و لكن ها هى تنهار فى لحظة واحدة..
سقط ارضا على ركبتيه و كانما زلزاله الداخلى الذى يشق روحه قد امتد مؤثرا على جميع بدنه و انفجر بلا مقدمات شاهقا فى لوعة يبكى و هو يضم مصلاها لصدره يدعم بها أعمدة اركان نفسه المتزعزعة و صرخ فى قوة رادا على تلك الرسالة الربانية: - قد آن يا رب..

و ضم المصلى اكثر و اكثر و شهقات بكائه تشق العنان فى لوعة..



look/images/icons/i1.gif رواية إلى تلك الرائعة أحبك
  09-01-2022 11:51 مساءً   [12]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية إلى تلك الرائعة أحبك للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث عشر

دخل الى الحمام يسحب قدما خائرة القوى فقد شعر ان روحه تلك التى تنهار دعائمها فى بعادها هى التى تنوء الان بحمل ذاك الجسد، لكنه بث فى نفسه القوة فقط لاجلها، وقف امام المرآة يتطلع الى وجهه الذى ظن انه قد نسى ملامحه منذ امد بعيد، مد كفا مرتجفة الى شاربه و لحيته الغير مهذبة و امتد كفه ليزيح عن خصلات شعره ذاك الشريط المطاطى الذى كان يضمها لتنفلت على كتفيه، اطال النظر من جديد و اخيرا، بدأ فى خلع ملابسه قطعة بعد قطعة و ألقاها جانبا و فتح خزينة الحمام فوق الحوض و اخرج مقصا و بدأ فى تهذيب لحيته و شاربه و امتدت يده ليتخلص من خصلات شعره فى ضربة مقص واحدة، ثم بدأ بعدها فى تهذيبه ليقف بعدها تحت شلال قوى من المياه تمنى لو يصل ذاك الماء الطهور لجذور روحه ليزيل ما علق بها من أدران و يمحو ما ترسب بين حناياها من سوء و ظلمة..

انتهى و خرج فى اتجاه غرفته ارتدى ملابس جديدة طاهرة وتطلع الى مصلاها التى تركها جانبا قبل ان يتوجه للحمام، مد كفه اليها و ضمها من جديد و هو يعود ادراجه الى حجرتها التى اصبحت ملاذه الان من كل ماضيه الذى يتعقبه و الذى يحاول جذبه الى مستنقعه المعتم من جديد لكنه يأبى و يتمسك بالمكوث بغرفتها مستشعرا أمانا عجيبا كانما حجرتها محصنة بغلالة مطهرة تجعل كل خواطره و أوجاعه تتراجع متقهقرة و تقف على أعتابها غير قادرة على الولوج اليه..

مد المصلى امام موضع وقوفه وتطلع لموضع القبلة التى أدركها يوم ان فتحت له الباب فوجد مصلاها مفرودا بهذا الاتجاه و ارتجفت أوصاله فى خشوع لا يعلم من اين أتاه و بدأت الدموع فى الظهور بأحداقه و اهتزت جوارحه و ما ان رفع كفيه مكبرا تكبيرة الإحرام للدخول فى الصلاة حتى شهق فى قوة وما عاد باستطاعته المكوث منتصبا على قدميه فسقط على ركبتيه داعيا فى وجل: - أعدها يا آلهى، أعدها ارجوك، اعلم ان دعاءى قد لا يكون مستجابا فقد عصيتك كثيرا و ابتعدت عن طريقك كثيرا، لكن ارجوك ان كنت تعاقبها لقربها منى، فأرحمها فلا ذنب لها و سأبتعد عنها، سأفعل صدقنى لكن دعها تعود و لتكن بخير اى كانت، احفظها كما حفظتك هى دوما بقلبها، احفظها يا رب و ليكن ما يكون بعدها..

شهق من جديد و رفع رأسه يحاول التطلع للسماء متضرعا غير قادر على التفوه بحرف واحد فقد اصبحت حروف الأبجدية جميعها غير كافية للتعبير عما يجيش بصدره و ما ان هم بالنهوض حتى سقط ناظره على شئ ما يتوارى خلف احد ارجل فراشها..

اندفع فى سرعة يستطلع ما يكون فإذا به جوالها، كاد يطير فرحا فقد كان يعتقد ان هاتفها بحوزتها رغم انه غير مشحون كما أخبرته هناء فهى لم تكن تفارقه ابدا لانه يذكرها بمواقيت صلاتها لكن يبدو انها نسيته هنا، نهض على عجل باحثا عن شاحنه وما ان وضعه به لعدة دقائق مرت عليه كدهر حتى أعلن الهاتف اخيرا قدرته على العمل فبدأ يبحث على صفحته بكف مرتعش عن اخر الأرقام التى اتصلت بها، فلم تكن الا أرقامهم جميعا، بحث فى الاسماء المحفوظة ليجد اسماءهم ايضا، كاد يفقد الأمل الا ان ذاك الرقم المحفوظ ببضع احرف لا اسما كاملا قد استرعى انتباهه، داس ذر الاتصال و وجيب قلبه وصل ذروته..

رد الجانب الاخر فإذا به صوت امرأة، هتف فى تعجل متهورا: - ارجوكِ، لو لديك علم بمكان غفران، دلينى عليه، ارجوكِ..
هتفت المرأة فى اضطراب: - لا اعلم احد بهذا الآسم..
و اغلقت الهاتف فورا...
تعجب من امر المرأة كيف لا تعلم عنها شيئا و رقمها محفوظ على هاتف غفران بتلك الأحرف العجيبة.!؟، ان فى الامر سرا و لابد ان يعرفه حتى يستطيع الوصول لمكانها مهما كلفه الامر..

زرع الغرفة ذهابا و ايابا يفكر ما عليه فعله و قرر ان يتصل بتلك المرأة من جديد فهو على يقين ان مفتاح لغز اختفاء غفران الغامض ذاك مع تلك المرأة لامحالة..
اندفع باتجاه الهاتف يهم بالاتصال بها الا ان الهاتف اهتز مظهرا رقمها على شاشته ضغط ذر الإجابة فى لهفة هاتفا: - ارجوك، انا..
قاطعه صوت المرأة هامسا يوحى.

بالذعر: - انا آسفة لإغلاق الهاتف بهذا الشكل، كان بجوارى احد لا أريده ان يعرف علاقتى بك، ألست يوسف!؟.
هتف يوسف فى تعجل: - بلا انا هو، اين غفران!؟.
هتفت نوال هامسة متطلعة حولها فى اضطراب: - انها هنا، بالمزرعة، لقد ابتعدت بقدر كاف حتى أستطيع التحدث معك بحرية و اخبارك كل شئ..
هتف يوسف متعجبا: - اى مزرعة!؟.

هتفت نوال على عجالة: - مزرعة ابيها، سالم الناجى، ارجوك لا مجال لسرد تفاصيل الان، الامر خطير، ان عمها سيتم الليلة زفافها على خطيبها المزعوم..
نهض يوسف صارخا: - زفاف!؟.
اكدت نوال: - نعم زفاف، بعقد زواج باطل من الاساس، لقد هربت غفران قبل عقد القران و قد جعل احدى الخادمات تحل محلها و تزيل العقد باسم غفران، انه يتاجر بها كسلعة من اجل دين له عند نادر ذاك و ابيه، بئس العم..
هتف يوسف صارخا: - الحقير..

ارجوك تحرك فورا وتعال لانقاذها من بين ايديهم، لقد حكت لى عنك الكثير، و انا اتوسم بك خيرا، انها وحيدة و ليس لديها احدا، ارجوك..
انتفض يوسف مؤكدا: - كيف يمكننى الوصول اليها!؟، أرسلى عنوان تلك المزرعة و سأكون هناك و اقسم لك بأن لا ادع مكروها يمسها و لو كان الثمن حياتى..
شهقت نوال باكية و أنهت المكالمة على عجل بعد ان أرسلت له عنوان المزرعة.

اندفع يوسف يخبر هناء و منير بتغيبه و ما كان من امر نوال، و اخيرا اعتلى دراجته البخارية و اندفع بها فى محاولة مستميتة ليصل فى الوقت المناسب قبل ان تصبح ملكا لغيره و هذا ما لن يسمح به ابداااا..

وصل عند حدود المزرعة ليجدها مدججة بالرجال يحاوطونها من كل جانب، قرر التعامل و ليكن ما يكون الا ان صوتا رفيعا همس بالقرب من موضعه: - هل انت يوسف!؟.

اومأ مؤكدا ليشير اليه الطفل ليتبعه داخل حقل من الذرة التى استطالت حتى اختفى الطفل تماما بين عيدانها فما كان من يوسف الا الانحناء مجتازا ذاك الحقل
خلف الطفل حتى يختفى عن الأعين بدوره
همس الطفل فى نبرة واثقة تعطيه سنا يجاوز سنوات عمره التسع: - لقد ارسلتنى الخالة نوال لاصطحابك فكن متيقظا خلفى حتى لا تتعثر او تضل..
ابتسم يوسف مؤكدا: - لا تخف، انا متيقظا تماما، لكن الى اين تأخذنى!؟.

اكد الفتى فى نزق: - الى حيث غرفة الانسة غفران، سأشير لك على موضع شرفتها وارحل قبل ان يكتشف وجودى احدهم، فرجال عمها لا يرحمون..
تنهد الفتى زافرا و قد توقف اخيرا وهو يهمس مشيرا لموضع ما: - ها هى شرفة غرفتها، سأذهب انا الان، بالتوفيق..
غاب الطفل و تبخر فى لحظات و كأنه لم يكن موجودا من الاساس..
تطلع يوسف لشرفة الغرفة التى كانت تعلو عن الارض مسافة لا بأس بها..
همس فى نفسه: - يا رب يسر..

وبدأ فى تسلق الشجرة بحذر حتى بلغ ارتفاعا موازيا لسور الشرفة فتعلق به فى استماتة وجاهد لثقل وزنه حتى دفع جسده بكامله داخل حدود الشرفة، زفر فى راحة و توجه فى حرص منحن الرأس باتجاه باب الشرفة يحاول دفعه ليفتحه حتى لا يدرك وجوده احد الحراس المنتشرين هنا و هناك و الذى ان حاول احدهم رفع ناظريه قليلا باتجاه شرفتها لاستطاع اكتشاف وجوده..

تنهد حامدا الله عندما ادرك ان زجاج نافذة الشرفة مشرع فبدأ فى دفعه ببطء متطلعا الى داخل الحجرة باحثا عن محياها فى لهفة و شوق يكاد يقتله، كاد يهمس باسمها مناديا من فرط افتقاده لرؤيتها بهذا الشكل الموجع الا انه تنبه لخيالها الذى كان يغيب فى سجود مطول خلف أعمدة فراشها على الجانب الاخر من الغرفة..

دخل لقلب الغرفة متسللا فى حذّر، ليسمعها تشهق فى حزن باكية متضرعة بنبرات هزها الوجع: - يا الهى الى من تكلنى، الى غريب يتجهمنى ام لقريب ملكته امرى، يا رب، وكلتك حالى و فوضته اليك، لا سند إلاك و لا نجاة الا بعونك و لا ملجأ الا لركنك، اغثنى يا الهى، و احفظنى بحفظ يليق بعظمتك..

فاضت عيناه لوجعها رغما عنه و كاد ان يظهر لها نفسه و يكشف عن وجوده لولا تلك الطرقة المتعجلة على الباب والتى جعلته ينتفض مسرعا بدوره مختبئا خلف احدى الخزائن..
اندفع نادر داخل الغرفة و اغلق الباب خلفه فى صفاقة لتنتفض هى فى مواجهته هاتفة فى نبرة أودعتها كل حنقها و
ضيقها: - ما الذى دفع بك لدخول حجرتى بهذا الشكل الصفيق!؟.
هتف نادر ساخرا: - انت زوجتى غفران، اونسيتِ ذلك!؟.

و اقترب فى هوادة يتطلع اليها فى مجون هامسا: - يبدو ان على تذكيرك..
ما ان هم بوضع كفه عليها حتى كانت كف يوسف هى الأسرع لتسقط على مؤخرة رأسه بقوة جعلته يترنح ليسقط بعدها غائبا عن الوعى ليدفعه يوسف بعيدا عن طريقه اليها..

تطلعت غفران الى يوسف فى صدمة و اخيرا شهقت فى سعادة باكية و على شفتيها ابتسامة متناقضة تماما مع ذاك النحيب الموجع، اقتربت مسرعة منه و توقفت امامه مباشرة متطلعة اليه تتشرب ملامحه و قسماته كلها و لازالت على بكائها الحار غير مصدقة انه هنا و انه أنقذها من ذاك الاحمق، شعرت برغبة رهيبة فى الارتماء بين احضانه و ان تلوذ به ليخفيها عن كل العالم، ان ذاك الأمان الذى تعلم انها ستجده هناك بين ذراعيه يناديها لتلبى ذاك النداء الذى هى احوج ما يكون اليه، لكنها وقفت كالمسمار ما استطاعت الا احتضانه بنظراتها التى كانت تجرى بلهفة على كل تفصيلة و لو صغيرة من ملامح وجهه التى اشتاقتها حد التهلكة..

اما هو فقد كان يحذو حذوها يتشرب ملامحها بنظرات عطشى لمحياها، يتمنى لو يجذبها بين ذراعيه ليستشعر ذاك الفيض من النورانية و الطهر الذى يغمره فى حضرتها..

ما عادت قادرة على الوقوف على اقدامها التى أضحت كالهلام لصدمتها فسقطت على ركبتيها تئن كانما اقدامها، انحنى بدوره قبالتها حتى أضحت هامتها المنكسة تلك فى محازاة صدره، ياالله، لكم يقاوم رغبة مهلكة الان فى ان يخبئها بين أضلعه حتى لا يكن لها موضع اخر الا هناك..
همس محاولا التغلب على تلك الحشرجة المتأثرة التى كست نبرة صوته الاجش: - غفران..

رفعت رأسها اليه فهى المرأة الاولى التى ينطق اسمها بهذا الشكل، اطلق سبابا فى نفسه و أشاح بناظريه عنها و هى تتطلع اليه بتلك النظرات التى تفقده صوابه و همس من جديد: - علينا الرحيل من هنا..
اكدت و هى تشير لجسد نادر المتكوم بالقرب: - لكنى لازلت زوجته، اقسم انى لست كذلك، انا لم اتزوجه، فقد هربت قبل اتمام مراسم عقد القران و ذاك الإمضاء ليس إمضائى..

اكد فى ثقة: - اعلم ذلك، و انت لست زوجته مهما حاول إثبات ذلك، لانك، زوجتى انا..
هتفت غفران فى صدمة: - زوجتك!؟، انااا..
هتف يوسف يشاكسها ليقلل من صدمة الموقف: - اعلم انك فى قمة سعادتك لانك اصبحت زوجة رجل مثلى، ذاك كان حلم صعب المنال، بالمناسبة، عليك ان تكونى شاكرة و ممتنة..
هتفت فى غيظ رغم انها لاتزل تنتحب: - شاكرة و ممتنة لمن!؟، لك..!؟.

هتف فى نبرة صادقة و نظراته تحتضنها فى عشق: - بل لله، فلقد ارسلنى اليك فى الوقت المناسب لانقذك من ذاك الاحمق، لأكون استجابة دعاءك الحار و تضرعك الخاشع، لأعلم بعد ان غالبت قلبى كثيرا انك انتِ تلك الإشارة التى ارسلها الله الي حتى اعود الى دربه من جديد..
هتفت مبهورة: - انااا...
هتف: - نعم انت..

غاب فى محياها الذى يعشق للحظات و اخيرا انتفض هاتفا متعجلا: - اسرعى الان و لتأتى خلفى لانه حان وقت المواجهة..
نهضت تتبعه و هو يندفع فى اتجاه باب الحجرة ليفتحه على مصرعيه و يهبط الدرج ليصبح فى قلب بهو الفيلا وهى خلفه تحتمى به تنظر الى موضع جلوس عمها من خلف ذراعه و الذى نهض مذعورا ما ان رأى يوسف يقف بهذا الشكل المتحدى بقلب فيلته والتى دخلها دون ان يأذن له احدهم..

انتفض عمها هاتفا: - من انت!؟، و ماذا تفعل بقلب منزلى!؟، سأبلغ الشرطة فورا..
هتف يوسف ساخرا: - نعم، و بسرعة رجاءً، فهناك شخص نريد الابلاغ عنه فورا، شخص خان الامانة التى وضعها اخوه بين يديه و قرر الاتجار بها كسلعة بسبب أطماعه و نزواته..
توقف العم مبهوتا و هتف فى غضب: - عماذا تتحدث أيها الاحمق!؟.

هتف يوسف فى حنق: - عن ابنة أخيك التى بعتها لذاك المغفل بالأعلى كصفقة رابحة مقابل دين لك عند والده، أليس كذلك!؟.
هتف العم: - و ما شأنك انت بكل هذا!؟، انت..
قاطعه يوسف هاتفا فى ثورة: - انا زوجها، زوجها قبل ان تعقد قرانها المزيف ذاك على زوجها المزعوم، لقد هربت غفران يوم عقد القران لتأتى الي مستجيرة من ظلمك وهذا يعنى ان ذاك العقد باطل، و انت و شريكك السجن موضعكما الطبيعى..

هتف العم مبهوتا: - هذا كذب و محض افتراء، ما الذى يثبت ما تقوله..!؟.
كان يوسف يعلم ان ذاك السؤال ات لا محالة فدفع بكفه الى داخل سترته و اخرج ورقة مطوية دفع بها الى كف عمها مؤكدا فى ثبات: - ها هو عقد زواجنا العرفى، مكتمل الأركان، و بتاريخ سابق كثيرا عن تاريخ عقد القران..

هتف عمها فى ثورة: - سأزج بها الى السجن بجريمة الجمع بين زوجين، و سأكون انا العم المسكين الذى احسن الى ابنة اخيه دهرا و هى لم ترد له الجميل الا بخسة و ندالة..

ابتسم يوسف ساخرا: - ليس بهذه السهولة، و خاصة لو لدينا شاهد يثبت ان من وقع عقد القران هو تلك الخادمة التى أجبرتها على ارتداء ثوب زفاف غفران و انتحال شخصيتها امام المأذون و المدعوين و بعدها اكملت التمثيلية البلهاء بسقوط الخادمة مغشيا عليها لينفض السامر بأعتذار عن إكمال الحفل لمرض العروس المفاجئ..
هتف عم غفران صارخا: - اى شاهد!؟، من تقصد!؟.

اندفعت نوال من على اعتاب البهو صارخة: - انا يا سميح بيه!؟، لقد نسيت وجودى فى غمرة اشغالك، نسيت انى كنت هنا يومها و رأيت كل ما حدث و انا الوحيدة التى كانت تعلم ليلتها ان غفران قد اختفت و رأيت كل تفاصيل تلك الليلة المشؤمة و لن اصمت بعد الان و سأخبر الجميع بما فعلته يومها و الذى كنت اظنه انا مدارة لفضيحة العائلة و التستر على ما جنته غفران بعد هروبها الغير مبرر ذاك، لكن بعد كل ما عرفته فلن اقف مكتوفة الايدى و سأفعل كل ما فيه صالح غفران و لو كلفنى روحى..

وقف سميح مصدوما لا يستطع التفوه بحرف جراء ذاك السيل المتدفق من الحقائق و المفاجآت التى لم تكن بحسبانه لقد اعتقد ان اخر مشاكله ستنتهى برجوع غفران و اتمام زواجها على نادر، لكنه كان واهما، فذلك كان بداية المعاناة كما يرى الان..

اندفع نادر من اعلى الدرج بعد استفاقته باتجاه غفران صارخا: - لن اتركك، لن أدعك لغيرى مهما حدث، هذا الاحمق، واشار لعمها مستطردا فى نبرة هستيرية توحى بانه على وشك فقدان عقله: - لم يكن يدرك ان ذاك المأذون حتى لم يكن مأذون حقيقى..

وأنفجر ضاحكا مصاحبا بشهقات الجميع فى صدمة ليكمل نادر مترنحا: - كل ما اردته هو الحصول عليك بأى ثمن، لكن ليس لدرجة الزواج بكِ، و لما على الزواج من امرأة ذاك الحقير عمها و الذى كان على استعداد تام لتقديمها كوليمة لمن يدفع اكثر..
اندفع نادر فى اتجاهها محاولا التهجم عليها هاتفا فى صوت كالرعد: - انتِ لى، و ستصبحين لى، فأنا لا اترك شيئا اشتهيه و لا احصل عليه مهما كان الثمن.

وقف يوسف مسرعا فى المسافة الفاصلة بين ذاك الاحمق وبين غفران وبدأ فى تسديد اللكمات لوجه نادر فى غضب ثمنا لكل تلك الكلمات القذرة التى نطقها فى حقها حتى سقط نادر ارضا مدرجا فى دمائه التى انفجرت من مواضع مختلفة بوجهه..

كاد الامر ينتهى على ذلك و يوسف يجذب غفران خلفه راحلين لولا ان اخرج نادر سلاحه النارى من جيب سترته الداخلية و وجهه فى اتجاه غفران هاتفا فى غل: - اذا لم تكونى لى فلن تكونى لغيرى ابدا، وداعا...
واطلق النارعدة طلقات فى اتجاهها و التى استرعت انتباه الحرس بالخارج ليدخل للفيلا ليسود الهرج و تعلو الصرخات الملتاعة..

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 3 من 5 < 1 2 3 4 5 >





الكلمات الدلالية
رواية ، الرائعة ، أحبك ،











الساعة الآن 08:27 AM