رواية عاشق المجهول الجزء الأول للكاتبة أمنية الريحاني الفصل التاسع والعشرون
( حب لا تراه الشمس )
فى شركة البدر: يجلس فى غرفة مكتبه شارداً يتذكر كلمات حنين معه " حنين: الله، مشهد رومانسى مؤثر جدا خالد: حنين ! إيه اللي جابك هنا؟ حنين: من حظى يا بشمهندس، عشان أتفرج على الفيلم الرومانسى ده، فعلا ولا أفلام الأبيض واسود، البطل يسيب البطلة ويتجوز، ويا عينى البطلة تطلق، فترجع لحبيبها الأولانى تانى، إيه رأيك فيلم رائع مش كده خالد: إنتى أتجننتى يا حنين، إنتى فهمتى إيه، دى غادة...
حنين: أنا فهمت صح يا بشمهندس، فهمت أنت ليه كنت بعيد عنى طول الفترة اللي فاتت، فهمت مين اللي شاغل تفكيرك وعقلك عنى، بس للاسف فهمت متأخر أوى وتهمّ حنين أن تغادر، ولكن يوقفها صوت خالد قائلاً: رايحة فين؟ حنين: رايحة لبيتى، ياريت ورقة طلاقى توصلنى ".
وهنا يضع خالد يده على وجهه فى حزن وىسي، تدخل عليه فاطمة فتنظر له فى شفقة على حاله قائلة: وبعدهالك يا أبيه، هتفضل كده لحد إمتى ؟ ينظر لها خالد فى حزن قائلاً: مش قادر أنساها يا فاطمة، مش متخيل إنها راحت وسابتنى، ماتت وهى فاكرانى بخونها، ماتت وهى زعلانة منى يا فاطمة فاطمة: لا يا أبيه، أكيد هى حاسة بينا دلوقتى، وعرفت أنت بتحبها قد إيه، وإنك عمرك ما فكرت تخونها خالد: صورتها مش عايزة تفارق خيالى يا فاطمة، إحساسي إن أنا السبب فى اللي حصلها مموتنى، مخلينى مش قادر أكمل الحياة.
تقترب منه فاطمة فى حنان قائلة: لو كل واحد مات له حد عزيز عليه وقف الحياة بعده، حياتنا كلها هتوقف يا أبيه، أنا كمان حسيت نفس إحساسك لما ماتت أمى وسابتنى لوحدى، بس كملت حياتى، مش معنى كده إنى نسيتها، فى أشخاص فى حياتنا مينفعش يتنسوا مهما كان مش موجودين، بس الحياة لازم تمشى زى ما ربنا كاتبلها تمشى ناس ماتت وناس لسه هتموت، نزعل على فراقهم، بس يفضل جوانا الأمل إن ربنا هيجمعنا بيهم على خير، هى دى سنة الحياة، وحنين كان مكتوبلها عمرها ينتهى فى الوقت ده، حتى لو مكنش كل ده حصل، كانت برضه هتموت، حتى لو كانت فى بيتها على سريرها، وكفاية إنها جبتلك اجمل هدية قبل ما تموت، بنتك فاطمة.
ينظر لها خالد فى رضا قائلاً: طول عمرك الوحيدة اللي برتاح لما بتكلم معاها فاطمة: عشان دايما فهماك وحاسة بيك وتضحك فى مرح قائلة: من عاشر القوم أربعين يوم، ودى عشرة سنين يا أبيه مش أيام خالد: ربنا ما يحرمنى من وجودك جنبى يا فاطمة تنظر له فاطمة فى حب، وتخرج من مكتبه متجهة إلى مكتبها، وبعد خروجها يرن هاتف خالد فيجيب ليجدها غادة غادة: إزيك يا خالد، عامل إيه دلوقتى؟ خالد: كويس يا غادة الحمد لله غادة: وحشتنى.
أما فى الخارج: تقف وردة مع شخص ما تتشاجر معه قائلة: وبعدهالك يا أستاذ كريم، ما قولت لحضرتك قبل كده مبحبش الطريقة دى كريم: طريقة إيه بس، أنا كل اللي قولته غنى عايز أعزمك على الغدا، فيها إيه دى؟ وردة: وأنا قولت لحضرتك قبل كده مبخرجش مع حد غريب كريم: ما أنا مش غريب، أنا مديرك فى الشركة وردة: لا حضرتك أنا مديرى خالد بيه لو كنت ناسي، ومش معنى إن مركز حضرتك فى الشركة أعلى منى دا يديك الحق تضايقنى، وعلفكرة أنا ممكن أنسي إنك مدير فى الشركة وأقولك كلام يوجعك.
ينظر لها كريم فى غضب قائلاً: إنتى أتجننتى، إنتى مش عارفة انا مين، إنتى تقوليلى أنا كلام يوجعنى وردة: عندك حق، الكلام دا موضة قديمة، سمعت أخر صيحة فى التهزيق وتخلع وردة حذاءها رافعة إياه فى وجهه قائلة: ياريت بقى تمشى من أدامى لاخلى الشركة كلها تتفرج على مدير العلاقات العامة وهو بيضرب بالجزمة، وعلفكرة أنا أصلا مستبيعة، يعنى ممكن أسيبهالك وأمشى عادى، ما أنا مجنونة بقى.
ينظر لها كريم فى غضب ويتركها ويخرج، بينما ترتدى هى حذءاها قائلة: أشكال ضالة، معرفش بيجبوهم من أنهى داهية لم تنتبه وردة لذلك الشخص الذى كان يتابعها فى إعجاب واضح وإبتسامته ترتسم على وجهه من موقفها مع كريم تجلس فاطمة فى مكتبها، فيدخل عليها عادل قائلاً: إزيك يا بشمهندسة تقف له فاطمة فى ترحيب قائلة: أبيه عادل، جيت إمتى من السفر؟
عادل: لسه واصل النهاردة الصبح، وقلت آجى أطمن على خالد، عامل إيه دلوقتى؟ فاطمة: زى ما هو والله يا أبيه، زى ما تكون ماتت إمبارح، عنده إحساس دايما إن هو السبب فى اللي جرالها، ودا معذبه أوى عادل: معلش دا طبيعى، الوقت كفيل يخليه ينسى فاطمة: إمتى بس، فات ست شهور دلوقتى وهو على نفس الحال، مش قادر ينسي عادل: أنا واثق طول ما إنتى جنبه هيقدر ينسى بسرعة تنظر له فاطمة نظرة هو وحده يفهمها فيكمل حديثه متساءلاً: عاملة إيه مع شادى؟ فاطمة فى تردد: شادى ؟!
عادل: آه شادى خطيبك ولا نستيه ؟ فاطمة: لا منستوش طبعا، بس يعنى أنت عارف من ساعة اللي حصل وأنا مشغولة مع خالد وفاطمة الصغيرة، ويعىن أنا وشادى مبنتقابلش كتير زى الأول عادل: خدى بالك يا فاطمة، عشان شادى ميضايقش من إهتمامك بخالد، مهما كان شادى خطيبك وهو الوحيد اللي ليه حق بإهتمامك تنظر له فاطمة فى ضيق، بينما هو ينظر إلى الفراغ شارداً فاطمة: مالك يا أبيه ؟ بتفكر فى إيه؟
عادل: لا مفيش، بقولك يا فاطمة، هى وردة صاحبتك دى مرتبطة، يعنى مخطوبة، مصاحبة فاطمة: وردة؟! لا، بس بتسأل ليه؟ عادل فى تردد: لا عادل يعنى، سؤال فضولى مش أكتر، اصلك شكلك هتعنسي إنتى وكل صحابك فاطمة: أممم، متأكد إنه سؤال فضولى؟
ينظر لها عادل دون إجابة، لتكمل قائلة فى مرح: أووووبا، دا شكل كيوبيد رمى السهم يا أبيه وأنا معرفش عادل: بس يا بت إنتى هتحفلى عليا فاطمة: على العموم مش عيب يا أبيه، البت واقعة فيك أصلا، دا مش بعيد لو رحت كلمتها يغمى عليها منك يحاول عادل الهروب من فاطمة قائلاً: لا أنا همشى بدل ما إنتى مستلمانى كده، وبطلى أبيه دى، بقيتى شحتة وعلى وش جواز ولسه بتقوليلى أبيه، هتوقفى سوقى أكتر ما هو واقف.
تضحك فاطمة عليه قائلة فى مرح: ماشى يا أبيه يقطع حديثهم دخول شادى الذى يدخل ويبدو عليه الضيق عادل: شادى، إزيك، لسه كنت بسأل فاطمة عليك شادى: وهى فاطمة تعرف عنى حاجة اصلا.
ينظر عادل لفاطمة ثم يعيد النظر لشادى قائلاً: من الواضح إنكم عايزين تقعدوا لوحدكم تتكلموا شوية، أنا ماشى دلوقتى، هبقى اكلمك يا شادى يوميء له شادى رأسه بالموافقة، فيخرج عادل من المكتب تاركاً شادى وفاطمة بمفردهما، تنظر فاطمة لشادى قائلة: مالك يا شادى، شكلك مضايق ليه؟ شادى: يا سلام، أخيراً خدتى بالك إنى مضايق، ولا إن فى حد فى حياتك مرتبطة بيه أسمه شادى فاطمة: فى إيه يا شادى، ليه بتكلمنى بالأسلوب ده؟
شادى: أنا عايز أتكلم معاكى يا فاطمة برة الشركة، تعالى معايا دلوقتى نروح أى مكان نتكلم فيه فاطمة: دلوقتى صعب يا شادى، خالد مكلفنى بحاجات أعملها و... يضرب شادى بقوة على مكتب فاطمة قائلاً بغضب: أنا مليش دعوة بخالد ولا بغيره، أنا خطيبك وبقولك عايز أتكلم معاكى دلوقتى حالاً، يبقى تسيبى كل اللي فى إيدك وتيجى معايا تنظر له فاطمة فى دهشة وخوف من طريقته، فهى لأول مرة تراه بهذا الغضب.
فاطمة: حاضر يا شادى، أنا جاية معاك تخرج فاطمة مع شادى، ويتجهوا لأحد المطاعم القريبة من الشركة، تجلس فاطمة وأمامه شادى الذى تستشعر غضبه فاطمة: ممكن أعرف إيه اللي معصبك اوى كده ؟ شادى: فاطمة، إنتى فعلا مش عارفة غيه اللي معصبنى كده، مش عارفة إن من ساعة ما مرات خالد أتوفت وإنتى معرفش عنك حاجة، علطول مشغولة يا إما مع خالد فى الشغل يا إما مع بنته، وأنا مش فى حسباتك خالص.
فاطمة: هو دا اللي معصبك يا شادى، إنى واقفة مع خالد فى موقف إنسانى زى ده شادى: وإنتى كده واقفة معاه لمجرد موقف إنسانى، طول الوقت ملزماه يإما مشغولة فى الشركة وفى الشغل لمجرد موقف إنسانى، خدتى بنته تعيش معاكى لمجرد موقف إنسانى، آجلتى جوازنا للمرة المليون لمجرد موقف إنسانى.
فاطمة: أكيد طبعا موقف إنسانى، خالد وقف جنبى كتير من ساعة ما رجعت مصر، وأنت عارف كده كويس، وطبيعى لما يحصل موقف زى ده أكون أول واحدة تقف جنبه، وبعدين بنته مجتش تقعد معايا، بنته قعدت مع ماما مريم جدتها، ولا نسيت إنها والدة خالد، وأنا جوازنا فأنا آجلته عشان الظروف اللي أنت شايفاها بنفسك، مش معقولة يبقى خالد حزين على مراته وأنا أقوله أنا هتجوز.
وهنا أنفجر بركان شادى المحبوس بداخله قائلاً فى صياح: خالد خالد خالد، أنا زهقت من اسم خالد اللي بقى فى كل حاجة فى حياتى، نفسي أعرف من خالد ده اللي عامله حساب فى كل حاجة بنعملها، منتكلمش فى الشغل عشان خالد ميضايقش، نأجل جوازنا عشان مرات خالد، أرفض عقد عمل فى السعودية بألوفات عشان الهانم متقدرش تسيب الشغل مع خالد بيه، كل حاجة فى حياتى بقت مرتبطة بخالد، ومفيش راجل يقبل على كرامته كده فاطمة: إيه اللي حصل لكل ده، وبعدين أنت متعرفش إن خالد ده يبقى...
يقاطعها شادى قائلاً فى غضب: يبقى إيه، أخوكى ؟! قريبك؟! دا حيالة أبن مرات باباكى، يعنى ملوش أى صفة فى حياتك، اللي أعرفه إنك ملزومة من والدك عاصم بيه، اللي جيت طلبتك منه، أما خالد ده ملوش أى صفة عليكى فاطمة: طب ممكن أعرف أنت مضايق ليه من خالد؟
شادى: إنتى بتهزرى، مش عارفة أنا مضايق ليه، عشان مفيش أى راجل يقبل اللي أنا بقبله، أنا خطيبته تتعامل مع واحد تانى بحجة إنه زى أخوها، لأن خالد مش أخوكى، أخوكى صحى من الغيبوبة ينده بأسمك، أخوكى اللي بتقولى عليه من ساعة ما أتخطبنا وهو حاططنى فى دماغه، بيتعمد يتقل عليا فى الشغل عشان معملوش كويس ويطلعنى فاشل، أخوكى الي كذا مرة أهانى أدام الموظفين بحجة إنه رئيسى فى الشغل، وإنه مش عايز يدخل القرابة فى الشغل، أخوكى اللي كنت بشوف فى عينيه فى كل نظرة ليا كره وحقد، دا بقى اخوكى بتتكلمى عليه، وفى المقابل أنا طبعا مقدرش أدى أى رد فعل، ما أنا ممسوك من إيدى اللي بتوجعنى، خطيبتى المصون بتعتبره قال زى أخوها، يعنى أشوفها بتكلمه وأسكت، يغمى عليها عشان هو بيعمل عملية واسكت، يسمى أسم بنته على اسمها واسكت، تلازمه ليل نهار عشان مراته ماتت وبرضه لازم اسكت، بس لا يا فاطمة أنا المرة دى مش ناوى أسكت، كفاية لحد كده.
تنظر له فاطمة فى صدمة، فهى لأول مرة تعلم سبب ما يشعر به شادى من ضيق تجاه خالد فاطمة: ليه يا شادى مقولتليش الكلام ده قبل كده؟ شادى فى سخرية: إيه عايزانى آجى أشتكيلك إن مديرى فى الشغل بيضايقنى، على أساس إنى عيل صغير، ولا أقولك ليه يا حبيبتى مبتهتميش بيا زى ما بتهتمى بغيرى فاطمة: لا مش قصدى شادى: ولا قصدك، معدتش فارقة فاطمة: يعنى إيه ؟
شادى: يعنى أنا جاى النهاردة أبلغك إنى هروح لعمى عاصم وأحدد معاه ميعاد فرحنا، وبعدها هنسيب إحنا الأتنين الشغل عند خالد فاطمة: أنت بتقول إيه ؟َ! لا طبعا صعب ناخد كل القرارت دى مرة واحدة شادى: فاطمة، هو إنتى بتحبينى ؟ تنظر له فاطمة فى صدمة من سؤاله، ليكمل قائلاً: إيه السؤال صعب أوى كده فاطمة: أنا أكيد ب...
يقاطعها شادى قائلاً: ارجوكى مش عايز إجابة دلوقتى، أصل أنا اللي عجبنى فيكى من أول يوم هو الصراحة، ومش عايزك تضطرى تكدبى عشان ترضينى فاطمة: شادى، أنت إنسان رائع ومحترم وأى واحدة تتمنى الإرتباط بيك شادى: أنا ميهمنيش غير واحدة بس، وكنت أتمنى إنها هى كمان تتمنى ترتبط بيا، بس الواضح إن دا مش حاصل فاطمة: ليه يا شادى بتقولى كده؟
شادى: اللي بيحب حد بيبقى عايز يشوفه بإستمرار، مفيش حاجة ممكن تشغله عنه، اللي بيحب حد بيتمنى يكمل معاه باقى حياته، مش بيختلق الأعذار عشان يبعد عنه، اللي بيحب حد مبيترددش يقوله أنا بحبك، تعرفى يا فاطمة إنى من ساعة ما خطبتك مقولتهاليش ولا مرة تنظر له فاطمة فى صدمة، فهى لأول مرة تلاحظ أنها لم تبادله الحب كما قال نظر لها شادى مكملاً حديثه قائلاً: عرفتى بقى غنى فاهمك وعارفك، أنا هسيبك يومين تفكرى فى كلامى كويس، ومستنى ردك، يا نحدد ميعاد لجوازنا وتسيبى الشركة عند خالد زى ما قولتلك، يا إما كل واحد يروح لحاله.
يتركها شادى ويغادر، وكأن كلامته كانت بمثابة الصعقات التى تضربها على رأسها، شعرت وكأنها توقف عقلها عن التفكير، فأصبحت فى حيرة، فالإختيار صعب، أتختار أن تكمل حياتها مع زوج يحبها بل يعشقها، وتبدأ فى تكوين أسرة، أم تختار أن تكمل مع خالد الذى لا يعلم حتى بحبها له تحبس فاطمة نفسها فى منزلها طوال اليومين التى أمهلها إياهم شادى لإتخاذ القرار، وظلت تفكر فى حيرة، أتختار شادى ووتكمل حياتها معه، وتترك لنفسها الفرصة لتحبه، أم تختار خالد وحبه الذى يزيد فى قلبها مع مرور الأيام، وظلت كلماته تترد فى أذنيها " ربنا ما يحرمنى من وجودك جنبى يا فاطمة "، أبعد أعترافه لها أن وجودها بجانبه مهم بالنسبة لها تتركه، تضيه بيدها أخر فرصة لأن يشعر بحبها، وهل من المعقول أن يكون حبيبها فى حاجة لها وهى تتركه بهذه السهولة وترحل، ففى هذه الحالة قلبها هو من يأمرها بما تفعل، وعليه فقد أتخدت قرارها.
فى منزل عاصم: يجلس شادى بجوار عاصم الذى يرحب به قائلاً: منورانا يا شادى، عاش مين شافك يا ابنى شادى: متشكر أوى يا عمى عاصم: إيه بقى مش ناويين تتجوزوا وتحلوا عن سمانا، بقالكم سنتين أهو مبلطين فيها شادى: والله يا عمى القرار فى الموضوع ده مش فى إيدى ينظر له عاصم فى إستفهام قائلاً: أمال فى إيد مين، آه قصدك فاطمة، طب متشغلش بالك أنا هتكلم معاها.
ينظر له شادى فى قلق، فيفهم عاصم نظرته وينتقل إليه ما يحويه قلب شادى من قلق يقطع حديثهم دخول فامة، ينظر إليها عاصم قائلاً: وأدى العروسة بتاعتى جت أهى، كنت لسه بقول لشادى إننا عايزين نفرح بيكم فاطمة: تفرحوا بينا؟! عاصم: أيوا عايزين نحدد ميعاد لفرحكم، بقالكم كتير مخطوبين تنظر له فاطمة فى تردد، فينظرإليها عاصم ثم ينظر غلى شادى قائلاً: طب أنا هسيبكم تتكلموا مع بعض، واللي هتتفقوا عليه أنا موافق عليه يخرج عاصم تاركاً فاطمة وشادى، ينظر شادى إلى فاطمة قائلاً: ها يا فاطمة فكرتى فى اللي قولتهولك؟
تنظر له فاطمة فى تردد قائلة: آه يا شادى فكرت شادى: وإيه قرارك؟ فاطمة فى تردد: شادى، أنا ...بصراحة أنا مش هقدر اسيب الشركة عند خالد ينظر لها شادى ويبتسم على عكس ما توقعت، فتكمل حديثها فى تعجب قائلة: غريبة، إيه اللي قولته فى كلامى ضحكك، المفروض تبقى مضايق شادى: بالعكس اللي حصل دلوقتى أكدلى إنى فاهمك كويس، أنا توقعت إن ده هيكون ردك عليا، ولو قولتى اى حاجة غير اللي قولتيها دلوقتى يمكن كنت أضايقت، لأنى كنت أعرف إنك بتضحكى عليا، وإنتى مش كده يا فاطمة، طول عمرى بحترم فيكى صراحتك فاطمة: وعارف نتيجة قرارى ده إيه؟
شادى: عارف كويس، معناه إننا مش هنكمل مع بعض فاطمة: ودا مش مضايقك؟ شادى: بالعكس أنا حاسس إنى هموت مجرد فكرة إنى هبعد عنك، بس صدقنى أهون عليا بكتير إنى أعيش متعذب وإنتى بعيد عنى، ولا إنك تبقى معايا وأشوف قلبك ومشاعرك مع حد غيرى فاطمة: شادى، أنا بجد أسفة، وبجد إنت إنسان تشرف أى واحدة غنها تبقى مراتك.
شادى: عارف يا فاطمة، بس فى حاجة أخيرة عايزة أقولهالك، إنتى مشاعرك غالية أوى يا فاطمة، وفى ناس كانت تتمنى تتقالها بعمرها، مترميش مشاعرك تحت رجلين حد ميستاهلش، صدقينى إنتى أكبر وأغلى من كده،فهمانى توميء له فاطمة رأسها بالموافقة وقد نزلت دموعها رغماً عنها، ليكمل شادى حديثه قائلاً: علفكرة، مش معنى إننا هنسيب بعض إننا هنتقاطع، أنا هفضل أسأل عليكى من وقت للتانى، دا لو ميضايقكيش، وياريت تعتبرينى أخ أو صديق، وأى وقت تحتاجينى متتردديش تكلمينى فاطمة: أكيد يا شادى، أكيد.
وتنتهى إلى هنا قصة شادى مع فاطمة، لتكمل طريقها الذى أخترته بدون وجود شادى معها، فإلى أين سيؤدى بها هذا الطريق، هل سيشعر خالد بحبها له، أم ستكمل بقية الطريق بمفردها كما قال لها عادل من قبل.
فى اليوم التالى: توجهت فاطمة إلى شركة خالد لتخبره بخبر إنهاء خطوبتها من شادى، وبداخلها أمل كبير أن تكون هذه الخطوة هى بداية حياة جديدة بينها وبين خالد، وأن يشعر بحبها ويبادلها هذا الحب، تدخل فاطمة على خالد المكتب وعلى وجهها إبتسامة مشرقة، ليقابلها بسعادة وإبتسامة وهو الآخر قائلاً: طمطم، وحشتينى اليومين اللي فاتوا فينك؟ فاطمة: معلش يا أبيه، كنت قاعدة مع نفسى شوية بفكر فى قرار مهم يخص مستقبلى خالد: ها وخدتى القرار؟ فاطمة: طبعا، وعندى ليك خبر هيفرحك كمان خالد: أنا كمان عندى ليكى خبر هيفرحك أوى فاطمة: خير إيه يا أبيه؟
يمسك خالد يدها ويجلسها قائلاً: فاكرة لما قولتيلى إننا مش لازم نوقف حياتنا عشان حد غالي علينا أتوفى، وغننا لازم نكمل حياتنا، أنا أكتشفت إن عندك حق، أنا عمرى ما هنسى حنين، وهتفضل فى قلبى وجوايا، بس كمان مش هينفع أوقف حياتى، مش بس عشان خاطرى، عشان خاطر فاطمة الصغيرة محتاجة وجود أم جنبها عشان تربيها، وأنا لقيت الإنسانة دى يا فاطمة، لقيت فيها الحنية والحنان اللي أنا وبنتى محتاجينهم، وأكتشفت رغم إنها كانت موجودة أدامى من زمان، إن قلبى كان أعمى عن حبها، أيوا يا فاطمة أنا بعترف إنى بحب ويمكن يكون حبها جوايا من قبل حب حنين كمان، دا أنا يمكن أكون كنت بدور عليها فى حنين وأنا مش حاسس.
تنظر له فاطمة بعيون دامعة غير مصدقة لما تسمع قائلة فى حب: أخيراً يا أبيه، أخيرا ً عرفت من هى اللي بتحبك بجد، واللي أتعذبت طول السنين اللي فاتت فى بعدك عنها، أخيراً حسيت بيها وبحبها خالد: يااااااااه يا فاطمة، عندك حق، أنا عارف إنى عذبتها معايا بعندى وغباءى، اللي لولاهم كان زمانا متجوزين من زمان وعندنا ولاد كتير، بس تفتكرى ممكن تسامحينى على كل اللي عملته فيها فاطمة: هتسامحك، هى طالما بتحبك هتسامحك، وكفاية إنك حسيت بحبها ليك وهتكون معاها.
خالد: مش بقولك دايما برتاح وأنا بتكلم معاكى، عندك حق، عشان كده أنا هروح النهاردة لخالى وأطلبها منه نظرت له فاطمة فى إستفهام قائلة: خالك؟! وإيه علاقة عمى يحيي بالموضوع ده؟ خالد: أمال تفتكرى هطلبها من مين غير أبوها فاطمة فى صدمة: أنت تقصد ... أنت كنت بتتكلم عن ... خالد: جرالك إيه يا طمطم، مالك النهاردة، بكلمك عن غادة، أمال عمال أقولك عندى وغباءى زمان ضيعها ليه، لو كنت سامحتها من أول يوم مكنش كل ده حصل ولا كانت هى أتعذبت، وأنا كمان أكتشفت بعد كل السنين دى إنى لسه بحبها، وإنى كنت بوهم نفسي بحب حنين، لكن فى الحقيقة أنا كنت بدور على حب غادة فى حنين.
وقعت كلمات خالد كالصاعقة على فاطمة للمرة الثانية، فاليوم الذى قررت فيه أن تضحى بإرتباطها من شادى لتكمل معه، هو نفسه اليوم الذى يعلنها فيه إرتباطه من أخرى يكمل خالد حديثه قائلاً: متتصوريش وقفة غادة جنبى اليومين اللي فاتوا فرقوا معايا إزاى، كانت محوطانى دايما بإهتماها وسؤالها عنى وعن فاطمة، عوضتنى حرمان كبير أفتقدته من ساعة موت حنين الله يرحمها ضحكت فاطمة فى سخرية قائلة فى نفسها: وقفتها جنبك؟!
يظل خالد يتحدث ويروى أمام فاطمة مواقف غادة النبيلة معه ومساندتها له، أما فاطمة فكانت لا تسمع منه شيئاً، كأنها ذهبت إلى عالم آخر، عالم يغطيه الندم واللوم والحسرة، فهى ولأول مرة تشعر بداخلها بالندم من حبها لخالد، بعد أن ينتهى خالد من حديثه، ينظر لفاطمة الشاردة أمامه قائلاً: إيه يا بنتى، رحتى فين، بقالى ساعة بكلمك مبترديش فاطمة فى ضيق: مفيش يا ابيه، ربنا يسعدك، معلش أنا مضطرة أمشى عشان ورايا مشوار مهم خالد: طب أستنى، مقولتليش إيه الخبر اللي كنتى جاية تفرحينى بيه؟
نظرت له فاطمة بلامبالة قائلة: لا خلاص، معدش يهمك، عن إذنك وتخرج فاطمة من مكتب خالد فى حالة يرسي لها، لتقابل عادل فى طريقها، ينظر لها عادل فى حزن قائلاً:فاطمة، إنتى كنتى عند خالد ؟ توميء له فاطمة برأسها بالموافقة، ليكمل قائلة: قالك على موضوع خطوبته من غادة؟ توميء له فاطمة مرة أخرى برأسها بالموافقة عادل: فاطمة، أنا المرة دى مش هسكت، ومش هسمحله يجرحك تانى، خصوصا إنى عرفت إنك فسختى خطوبتك من شادى، خالى كلمنى وقالى، أنا هتكلم مع خالد وأفه...
تقاطعه فاطمة قائلة: هتقوله إيه يا أبيه، هتقوله فاطمة بتحبك يا حرام أشفق عليها ومتتجوزش، ولا هتتحايل عليه يحس بيا وبحبى ليه، خالد مش شايفنى أصلاً يا ابيه، وأنا كرامتى مبقتش تستحمل أكتر من كده، المرة دى غير كل مرة عادل: قصدك إيه يا فاطمة؟ فاطمة: هتعرف أدام يا أبيه تهمّ فاطمة بالمغادرة ليكمل عادل منادياً عليها: فاطمة تلتفت له فاطمة، ليكمل قائلاً: إنتى كويسة؟
توميء له فاطمة برأسها بالموافقة مع إبتسامة باهتة وتتركه وتغادر فى حزن منه على أبنة خاله تركب فاطمة سيارتها وتسير، وهنا أنفجر بركان الدموع بداخلها، ظلت تبكى قائلة: ليييييييييييه، ليه يا خالد بتعمل فيا كده، أنا عملتلك إيه، دا أنا حياتى كلها مكرساها ليك أنت وبنتك، نسيت نفسي ومنستكش، بقى غادة وقفت جنبك، وأنا خلاص مش شايفنى، ليه مش قادر تشوف أى حاجة بعملها عشانك، ليه بتقدر أى حاجة بيعملها غير وأنا لا، أنا إيه شيء نكرة ملوش أى وجود بالنسبة، بس لا يا خالد شادى كان عنده حق، أنا مشاعرى أغلى من إنى أرميها تحت رجلين واحد هو أصلاً مش شايفنى، المرة دى لا يا خالد.
وهنا أدرت فاطمة الراديو الخاص بالسيارة، لتجده يذيع نفس الأغنية مرة أخرى التى بمثابة الخنجر الذى يطعن فى جرح مفتوح " قال جانى بعد يومين يبكينى بدمع العين، يشكى من حب جديد، يبكى وأنا نارى تزيد، وسمعته وفكرى شريد، وسكت وقلبى شهيد" وهنا تغلق فاطمة الراديو فى غضب قائلة: كفاية، كفاية بقى، أنا تعبت، لحد إمتى هتفضلى ملزمانى...
تعود فاطمة للواقع لتكمل تذكر ما حدث قائلة: من اليوم ده وأنا قررت أبعد نهائلى عن خالد، قرار جواز خالد من غادة كان بالنسبة لى الضربة اللي نزلت على دماغى فوقتنى، واللي وجعنى أكتر إن اليوم اللي قررت أنهى إرتباطى فيه من شادى، فاجئنى هو بإرتباطه من غادة، سيبت الشركة عند خالد، طبعا بعد ما قعد كتير يحاول يقنعنى أكمل ويسالنى عن سبب قرارى ده، أتحججت إن بابا هو اللي طلب منى أروح اشتغل معاه فى شركته، وبصراحة بابا كان واقف معايا جدا الفترة دى، ولولا وجوده جنبى مكنتش هعرف أعدى الفترة دى إزاى، وبعدت عن خالد، وبرغم بعدى عنه إلَّا إنه كان حريص دايما يكلمنى الصبح قبل ما يبدأ يومه، ويكلمنى بليل قبل ما ينام، عمره ما غير العادة دى، وكأنه متعمد يزود عذابى حتى وهو بعيد عنى، لكن كل ما كان قلبى يحن ليه وأفكر أرجع تانى، كنت بفتكر اللحظة اللي كسرنى فيها يوم ما أتجوز غادة، واللحظة اللي قالى فيها إنها وقفتها جنبه هى اللي فرقت معاه، كنت بقسي بقلبى على خالد، لكن فى الحقيقة أنا كنت بقسي على نفسي، لحد ما جه اليوم اللي غير علاقتى بخالد 180 درجة !
رواية عاشق المجهول الجزء الأول للكاتبة أمنية الريحاني الفصل الثلاثون
( حب لا تراه الشمس )
بعد مرور عدة أسابيع على جواز خالد من غادة: تقود فاطمة سيارتها وهى تستمتع لأغنيتها المعهودة والتى أصبحت جزء من حياتها " قال جانى بعد يومين "، تستمع لها لتكون كل كلمة بمثابة الخنجر الذى يضرب على جرح مفتوح، وفجأة أستوقفها صوت قوى هز كيانها، جعلها لاتستمع لما حولها سواء الأغنية أو صوت ضوضاء الشارع التى تحيطها، لقد غلف الصوت القوى على أذنيها قائلاً " الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلَّا الله، أشهد أن لا إله إلَّا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حى على الصلاة، حى على الصلاة، حى على الفلاح، حى على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلَّا الله".
نعم إنه صوت الآذان الذى استوقفها، وكأنها تسمعه لأول مرة، وكأن صوته يناديها، شعرت وكأن شيئا بداخلها يحركها دون إرادتها، تغلق فاطمة الأغنية وتنزل من سيارتها متجهة للجامع النابع منه صوت الآذان، وهناك تجد النساء يشرعن فى صلاة العصر، ظلت تنظر إليهم وكأنها ترى أحداً يصلى لأول مرة، ووجدت صراخاً بداخلها حين أكتشفت أنها لم تؤدى فريضتها منذ سنوات طويلة، وأنها نسيت اللجوء إلى الله ونسيت تعاليم دينها التى حرصت أمها على تعليمها لها منذ صغرها ترددت بداخلها كلمة سارة لها عند لحظة موتها.
" سارة: فاطمة حبيبتى فاكرة كلام ماما ليكى فاطمة: أيوا يا ماما، لازم اصلى لربنا عشان يحمينى" مسحت فاطمة دموعها بأطراف أناملها، فوجدت من يربت على كتفها فى حنان، ألتفتت لتجد فتاة فى منتصف العشرينات يبدو عليها الطيبة والإيمان، ترتدى حجاباً يزين رأسها وحول وجهها بحيث ينبعث منه النور،نظرت الفتاة لفاطمة قائلة فى حنان: إنتى كويسة؟
توميء لها فاطمة رأسها بالموافقة فى حزن، لتكمل الفتاة قائلة: طب يالا عشان الصلاة متفوتناش تذهب فاطمة معها وتتوضى وتدخل فى صفوف المصليات لأداء صلاة العصر كانت كل كلمة تقرأها فاطمة فى الصلاة تبكيها، فكان بكاء قلبها أكثر بكثير مما يظهر على وجهها، وفى أخر سجدة لم تستطع فاطمة أن ترفع وجهها، ظلت تبكى وتبكى فى الأرض وكأنها وجدت الملجأ التى تحتمى فيه من آلالامها التى عانتها طوال الفترة السابقة تنتهى فاطمة من الصلاة وتمسح وجهها بيدها أثر البكاء، لتجد بجانبها الفتاة الجميلة التى خافت عليها حين وجدت بكاءها، فقررت أن تظل بجانبها للإطمئنان عليها، تنظر فاطمة حولها لتجد أغلب النساء خرجن من المسجد، فتنظر للفتاة قائلة: هما الناس راحوا فين؟
الفتاة: خلصوا صلاة ومشيوا فاطمة: إيه ده هو أنا بقالى كتير أوى ساجدة، أنا شكلى محستش بالوقت، طب ليه منبهتنيش؟ الفتاة: حسيت إنها لحظة خاصة بيكى، مينفعش أخرجك منها، لحظة بينك وبين ربك وهنا نزلت دموع فاطمة مرة أخرى رغماً عنها، ربتت الفتاة على كتفها قائلة: أنا صحيح أول مرة أشوفك، بس ربن عالم أنا ارتحتلك إزاى، لو عايزة تتكلمى وتخرجى كل اللي جواكى أنا مستعدة أسمعك، وخليكى واثقة إن كلامك كله هنساه بمجرد خروجنا من هنا، أنا مش بفرض عليكى نفسى، بس أنا حاسة إنك موجوعة أوى ونفسى أساعدك.
فاطمة: أنا فعلا محتاجة أتكلم مع حد، حاسة إنى مخنوقة ومحتاجة حد يسمعنى الفتاة: وأنا سمعاكى يا أختى،قولى اللي إنتى عايزاه تشعر فاطمة بالإرتياح لتلك الفتاة وتقص عليها قصتها من يوم رجوعها مصر وحياتها مع خالد، بعد أن تنتهى فاطمة من حديثها تنظر للفتاة لتجدها تضحك، تنظر لها فاطمة فى دهشة قائلة: إنتى بتضحكى، كل اللي قولتهولك ده فى حاجة تضحك الفتاة: سامحينى يا حبيبتى، غصب عنى، يعنى إنتى ربطى نفسك بحتة أغنية،وخلتيها هى محور حياتك، وأعتبرتى كل حاجة فى حياتك مرتبطة بأغنية وزعلانة إنك بيحصلك كده.
تنظر لها فاطمة دون أن تجيب، لتكمل الفتاة قائلة: أسمعينى يا فاطمة، إنتى فتحتى باب للشيطان فى قلبك، لما فكرتى فى إن حتة أغنية هتبقى ليها دور فى حياتك، ربنا سبحانه وتعالى قال عند ظن عبدى بى إن كان خيراً فخير وإن كان شراً فشر، إنتى بقى كان ظنك إيه، إن حياتك هتبقى كلمات أغنية، طب إزاى، الحاجة التانية هو الشخص اللي إنتى بتحبيه، ودى أكبر غلطة عملتيها، الشخص ده مهما كان هو غريب عنك لا أخوكى ولا قريبك زى ما خطيبك السابق قالك، ودا تانى باب فتحتيه للشيطان، للأسف بنات كتير بتتعامل مع رجالة غريبة عنها بنية صديق أو أخ، ودى أكبر غلطة ممكن تقع فيها البنت، الراجل الغريب عنك مينفعش تتعاملى معاه كأخ وهو مش أخوكى فعلا، ودا بيفتح باب للتجاوزات إحنا فى غنى عنه.
فاطمة: تجاوزات ؟! الفتاة: طبعا يا فاطمة، هزارك معاه تجاوزات، لمسه ليكى حتى لو بيسلم عليكى تجاوزات، نظرتك ليه من غير غض البصر تجاوزات، اللي تاعبك يا فاطمة مش إن حبيبك بعد عنك أو مش حاسس بحبك ليه، اللي تاعبك إنك مش شايفة طريقك صح، تايهة، ناسية نفسك، وربنا قال نسوا الله فأنساهم الله أنفسهم، قربى من ربنا يا فاطمة، خليه هو دليلك، أدعيله ينور طريقك، متعديش إنه يجمعك باللي بتحبيه لا، أدعيله ييسرلك الخير ليكى، مش كل حاجة بنحبها بتبقى هى الخير فاطمة: يااااااااااااه، متتصوريش أنا كنت محتاجة كلامك ده قد إيه، أنا فعلا كان بقالى كتير بعيد عن ربنا، ويمكن يكون دا هو سبب توهانى وتعبى الفتاة: وأقولك على حاجة تانية، أدعى، لو عايزة حاجة أدعى ربنا بيها، متمليش من الدعى، ربنا بيحب العبد اللحوح، صلى كتير وأدعى كتير، وبعدها هتلاقى ربنا هيبعتلك علامة فاطمة: علامة إيه؟
الفتاة: لو اللي إنتى عايزاه هيبقى خير ليكى ربنا هيبعتلك علامة تقربه منك أكتر، ولو إنتى عايزاه شر ليكى برضه هيبعتلك علامة إنه يبعدك عنه تبتسم لها فاطمة فى رضا قائلة: أنا مش عارفة أشكرك إزاى يا... أنا نسيت أسألك، إنتى أسمك إيه؟ الفتاة: أسمى هداية فاطمة: اسمك حلو أوى يا هداية، إنتى فعلا هداية، بجد أرتحت فى الكلام معاكى أوى هداية: أهم حاجة زى ما أدعى ربنا و...
تقاطعها فاطمة قائلة: وأستنى العلامة تعود فاطمة إلى منزلها وهى تفكر فى كلام هداية، وفهذا اليوم جعلها تعيد كل حسباتها ليس فقط فى علاقتها بخالد بل فى حياتها كلها، فكان يوم فاطمة كالتالى، تذهب فاطمة كل يوم لعملها فى شركة والدها ثم تعود إلى منزلها وتنفرد بنفسها، وتظل تصلى وتدعو الله أن يصلح حالها ويريح قلبها، وييسر لها الخير، ظلت تدعى وتدعى ولم تمل يوماً من الدعاء، فى إنتظارالعلامة المرجوة، إلَّا أن جاء هذا اليوم الذى تبدلت فيه حياة فاطمة.
فى منزل عاصم: يقف عاصم مع فاطمة وبجانبه مريم وأمامهم حقائب سفر، تنظر مريم لفاطمة قائلة: برضه يا فاطمة مش ناوية تسافرى معانا، مش هاين عليا نسيبك لوحدك يا بنتى تنظر لهما فاطمة فى مرح قائلة: طب بذمتك يا مريومة عايزانى أسافر معاكم، لا يا ستى أنا حاسة إنى هبقى عزول، وبعدين شكل عصوم عايز يستفرد بيكى ويعمل شهر عسل من تانى يضربها عاصم على رأسها فى خفة قائلاً: هو أنا كنت عملت الأولانى يا لمضة عشان أعمل التانى، وبعدين تعالى وملكيش دعوة، مش هتبقى عزول ولا حاجة فاطمة: لا يا حبيبى، سافر أنت وماما وأتفسحوا، وأنا هقعد هنا أخد بالى من الشغل فى الشركة مع عمو يحيي، أنت عارف صحته تعبانة ومبيقدرش على الشغل لوحده، وبعدين أنت وماما من حقكم تتفسحوا وتغيروا جو.
عاصم: ملكيش دعوة بعمك يحيي، أنا هتابع معاه الشغل وبعدين دا هما يومين فاطمة: معلش يا بابا، أنا كده هبقى مرتاحة عاصم: زى ما تحبى يا حبيبتى يحتضنها عاصم بقوة قائلاً: هتوحشينى أوى يا فاطمة، خدى بالك من نفسك يا بنتى، وخليكى قوية متسمحيش لأى حد يكسرك، سمعانى يا فاطمة
تشعر فاطمة بالقلق فى قلبها، ولكنها لا تريدأن تظهره لهم حتى لا تعكر عليهم صفو رحلتهم، فتخرج من حضن عاصم قائلة: حاضر يا بابا، بس إيه كل ده، دا هما يومين مفيش غيرهم، أنتوا مسافرين ولا مهاجرين لم يجبها عاصم بل ظل ينظر لها وكأن عينيه لا تريد أن تفارقها، يقبّلها عاصم فى رأسها وتحتضنها مريم ويهمّا بالمغادرة، فيوقفه صوت فاطمة قائلة: بابا ! يلتفت لها عاصم، فتركض إلى حضنه قائلة: خد بالك من نفسك يوميء لها عاصم رأسه بالموافقة، ويتركها ويغادر.
فى اليوم التالى على أحد شواطيء الغردقة: يسير عاصم وبجواره مريم يحتضن كتفيها بزراعه قائلاً: تعرفى يا مريم، لما أفترقنا زمان، كنت متخيل إنى قلبى مش هيعرف يفرح من تانى أبداً، وإنه خلاص أتكتب عليه يعيش من غير ما يحب، بس النهاردة وأنا ماشى جنبك بعترف إن سعادة الدنيا كلها متكفيش السعادة اللي فى قلبى مريم فى مرح: ياسلام، ليه عايز تقولى إنك محبتش حد غيرى عاصم: دى الحقيقة مريم: كداب، أمال الحب الكبير دى إيه؟
عاصم: ما إنتى عارفة ظؤوف جوازى من سارة مريم: مش قصدى سارة، أنا قصدى فاطمة حبيبتك يضحك عاصم قائلاً: لا فى دى عندك حق، فاطمة دى الحب الكبير فعلا ً، وهى الوحيدة اللي مشركاكى فى قلبى، لو مكنش ليها النصيب الكبير، بس أوعى تزعلى مريم: عمرى ما أزعل منك يا عاصم، عشان أنا كمان بحبها كأنها بنتى، لا هى فعلا بنتى، عاصم، عايزة أسألك سؤال، يمكن ساعتها مجتش فرصة اسألك، بس أنا عايزة دلوقتى أعرف، أنت أتبرعت بخالد بكليتك ليه ؟ عشان بتعتبره ابنك بس؟ عاصم: لا يا مريم، فى سبب أهم خلانى أتبرعت لخالد بكليتى، هو فاطمة مريم: فاطمة؟!
عاصم: أنا أديت من حياتى لخالد عشان يفضل جنب فاطمة، أنا عمرى قصيرولو عشتلها النهاردة مش هعيشلها بكرة، لكن خالد ربنا يديله طولة العمر هو هيبقى ضهرها، هو اللي هيفضل جنبها يحميها ويحاوط عليها، فاطمة محتجاله أكتر ما محتجالى مريم: بس يا عاصم، ربنا يديك طول العمر وتفضل جنب فاطمة وتحميها دايما يبتسم لها عاصم إبتسامة باهتة.
يذهبا الأثنان إلى غرفتهما فى الفندق وبعد عدة ساعات يطرق أحد الأشخاص الباب، تهمّ مريم أن تفتح الباب ولكن يوقفها عاصم قائلاً: استنى إنتى يا مريم،أنا هفتح يفتح عاصم الباب ليجد شخص غريب يرتدى زى الفندق ويجر فى يده عربة طعام، ينظر له عاصم فى تعجب قائلاً: إيه ده إحنا مطلبناش أكل الشخص: دا هدية من الفندق حضرتك عاصم: ماشى، أتفضل يدخل الشخص وبعدها ينظر لعاصم قائلاً: وفى هدية كمان مبعوتة لحضرتك عاصم: هدية إيه؟
يخرج الشخص مسدس كاتماً للصوت من جيبه، ويوجهه فى إتجاه عاصم قائلاً: هدية من مازن باشا الشامى ويضرب عاصم بالنار عدة رصاصات فى صدره فى صراخ من مريم الذى يضربها الشخص على رأسها فتفقد الوعى، ويقع عاصم غارقاً فى دماءه
فى شركة عاصم: تجلس فاطمة تراجع بعد الملفات، فيرن هاتفها لتجده خالد، تجيب فاطمة فى تردد قائلة: أيوا يا أبيه خالد ثم تهب من مكانها مفزوعة قائلة فى صراخ: إيه، بابا فى المستشفى، طب ليه ؟ ... طب أنا جاية حالاً.
فى المستشفى: يقف الجميع أمام غرفة العمليات، فاطمة وبجوارها خالد، وعادل ويحيي، أما مريم فكانت تنام فى إحدى غرف المستشفى إثر تناولها مهديء بعد أن أنهارت من رؤيتها ما حدث تقف فاطمة تبكى وتدعى ربها فى خوف وقلق أن يشفى والدها، ويقف بجانبها خالد وعادل يشفقون على حالتها، يخرج الطبيب من الغرفة، فيركض إليه الجميع فاطمة: بابا عامل إيه يا دكتور؟ الطبيب: أنا أسف البقاء لله ينظر الجميع لبعضهما فى صدمة، ثم ينظروا إلى فاطمة التى لم تبدى أى رد فعل، بل ظلت تنظر إلى الفراغ شاردة تعيد كلمة الدكتور قائللة: البقاء لله، يعنى إيه مش فاهمة، يعنى مات مش كده، بابا مات، أبويا مات ؟!
وفى حركة غير متوقعة منها ظلت تضحك فى هيتسرية قائلة:أبويا مات، يعنى خلاص بقيت وحيدة، خلاص مبقاش ليا أى حد، أبويا مات زى ما أمى ماتت، أنا بقيت يتيمة وتنظر لخالد قائلة وهى ما زالت تضحك قائلة: شفت يا خالد، الدكتور بيهزر معايا إزاى، بيقولى قال إيه بابا مات، ميعرفش إن بابا ميعملش كده، بابا ميسبنيش لوحدى ويمشى، بابا قالى هيفضل جنبى هيفضل حمايتى، قوله يبطل يكدب يا خالد يربت خالد على كتفها فى حزن قائلاً: دا أمر الله يا حبيبتى، شدى حيلك وهنا تحول الضحك إلى صمت قطعه كلمة واحدة: أشد حيلى.
وهنا أندفعت فاطمة تجاه غرفة والدها القابع على السرير مغطاة بالملاءة، فتزيح فاطمة الملاءة عن وجهه قائلة فى إنهيار: بابا، بيقولولى شدى حيلك، أشده إزاى وأنت مش معايا، ميعرفوش إنك أنت ضهرى وسندى، شوفت يا بابا، بيضحكوا عليا ويقولولى إنك مت، قولهم إنك متعملش كده، قولهم إنك وعدتنى إنك هتفضل جنبى وفى ضهرى، إنك طول ما أنت موجود مش هخاف يقترب منها خالد وعادل ويحاولا إبعادها خالد: كفاية يا فاطمة، إنتى كده بتعذبيه فاطمة: بعذبه ليه، هو اللي قالى، هو قالى هيفضل معايا.
وتنظر لعاصم قائلة: صح يا بابا، قولهم إنى صح، قولهم إنك ممتش، انت مبتردش ليه وهنا إزداد إنهيار فاطمة قائلة: مبتردش عليا ليه يا بابا، متسبييش يا بابا، خلاص مبقاش ليا حد غيرك، بقيت وحيدة بعدك يا بااااااابا وهنا يمسكها خالد وعادل ويبعدونها عن عاصم فتقع فاقدة للوعى بين أيديهم.
فى فيلا الصفدى: تنهار غالية بعد أن يخبرها يحيي بخبر وفاة عاصم، فتدور فى الفيلا وهى تبكى قائلة: أخويا مات يا يحيي، يا حبيبى يا أخويا، ياريتنى كنت مكانك يا حبيبى، يالى كنت طول عمرك حنين عليا، مهما كنت أعمل فيك مكنتش بهون عليك ينظر لها يحيي وقد غلبته دموعه، ولما لا وأخوه وصديق عمره يفارقه، ينظر يحيي إلى غالية قائلاً: أنا كمان أخويا مات النهاردة يا غالية، أناكمان موت عاصم زلزلنى وعرفنى غن الحياة رخيصة أوى بتضيع فى لحظة وهنا يحتضن يحيي غالية التى تبكى فى إنهيار: أخويا مات يا يحيي، أخويا مات.
بعد مرور عدة أيام على وفاة عاصم: يخرج عادل من غرفة فاطمة فى منزل عاصم، فيقابله خالد قائلاً: لسه برضه بتعيط عادل: مش عايزة تبطل عياط، ومن ساعة اللي حصل لا كلت ولا شربت، ومفيش على لسانى ابويا مات، مبقاش ليا حد خالد: وبعدين يا عادل، هنسيبها كده عادل: مش سهلة عليها يا خالد، موت الأب بيكسر، وأنت عارف خالى كان بالنسبة لفاطمة إيه وهناغلبت الدموع عادل، فنزلت رغماً عنه، فأحتضنه خالد قائلاً: بس يا عادل، أجمد شوية عشان فاطمة.
عادل: مش قادر يا خالد، دا خالى برضه، وبعدين ما تقول لنفسك، وأنت حابس دموعك فى عينيك كده خالد: أنا كمان موت عمى عاصم هزنى، دا كان أكتر من أبويا يا عادل، كفاية إن حتة منه هى اللي حيتنى بأمر الله، ولو فى يوم نسيته كليته جوايا هتفكرنى بيه، المهم لازم كلنا نقوى عشان خاطر فاطمة، قولى عملوا إيه مع الواد اللي عمل كده ؟ عادل: دا واد مسجل خطر وبايع القضية قبضوا عليه، وأعترف على مازن الشامى اللي خطف فاطمة قبل كده، وكده كده الأتنين واخدين إعدام فى قضايا تانية فمش فارق معاهم.
خالد: ربنا المنتقم الجبار، أنا هدخل لفاطمة أطمن عليها يدخل خالد لفاطمة ليجدها ما زالت تبكى فى حضن وردة صديقتها، يشير خالد لوردة بيده أن تخرج ويجلس بجانب فاطمة التى ما إن تره تزداد فى البكاء قائلة: شوفت يا خالد، مبقاش ليا حد خلاص يربت خالد على رأسها قائلاً: هششششش، بس يا فاطمة، كلنا جنبك يا حبيبتى،فاكرة زمان لما قولتيلى إنك بتستمدى أمانك وقوتك منى، وإنى طول ما أنا جنبك مش هتخافى من حاجة أبدا.
تنظر له فاطمة وقد بدأ بكاءها يهدأ، فيكمل خالد حديثه قائلاً: أنا هفضل جنبك يا فاطمة، ضهرك وحمايتك، وعمرى ما هتخلى عنك مهما حصل، فاطمة مش عايزك تخافى من أى حاجة طول ما أنا معاكى، فاهمة تبث كلمات خالد الطمأنينة فى قلب فاطمة، فهو ما زال الشخص الوحيد الذى يستطيع أن يبثها الأمان بوجوده بجانبها، يظل خالد يردد بجانبها كلمات تشعرها بالأمان إلى أن غفت عينيها فى هدوء،ينظر لها خالد فى حزن ويخرج متجهاً إلى غرفة مريم للإطمئنان عليها.
فى فيلا خالد: يدخل خالد الفيلا ليجد غادة فى إنتظاره قائلة فى إمتعاض: كل ده تأخير يا خالد؟ خالد: فى إيه يا غادة، وإنتى مش عارفة الظروف اللي ماما وفاطمة فيها، دا بدل ما تروحى تقعدى معاهم وتقفى جنبهم غادة: ما أنا رحت، ولا هى سيرة خالد: رحتى عزيتى زيك زى أى حد غريب، ومن ساعتها ما حد شاف وشك.
تشعر غادة بغضب خالد منها فتقترب منه قائلة: غصب عنى يا خالد، متنساش إن اللي مات ده يبقى خالى أنا كمان، مش قادرة أشوف عمتى وفاطمة كده، ساعتها مش هقدر أمسك نفسى وممكن أعيط أدامهم وأزود حزنهم، مش كفاية ماما والأزمة اللي جتلها ساعة وفاة خالى، وعدت منها بمعجزة ينظر لها خالد فى عدم إقتناع قائلاً: لا فيكى الخير، تصبحى على خير بعد مرور عدة أيام كان خالد مداوماً فيهم على البقاء بجانب فاطمة ومريم للإطمئنان عليهم، مما هون كثيراً من الأمر على فاطمة.
فى منزل عاصم: تخرج فاطمة من غرفتها ترتدى فستاناً أسود، وتتجه إلى غرفة مريم للإطمئنان عليها، تجد مريم جالسة على سريرها تحتضن صورة عاصم، فتسمح فاطمة دموعها بأطراف أناملها، وتقترب من مريم مريم: تعالى يا فاطمة فاطمة: عاملة إيه يا ماما دلوقتى؟
مريم: كويسة يا حبيبتى، متخافيش عليا انا عارفة إن كلكم خايفين عليا عشان صدمة موت عاصم، وعشان شوفته بيموت أدامى، بس متخافيش أنا ست مؤمنة وراضية بقضاء ربنا، ومستنية اللحظة اللي ربنا هيجمعنى فيها بعاصم على خير فاطمة: بعد الشر عليكى يا ماما، متقوليش كده مريم: دا عمر يا بنتى، هو فى حد بيخلد فاطمة: طب ممكن تخرجى من الأوضة دى، وتعالى ناكل سوا أنا وإنتى، أنا مليش نفس أكل لوحدى تهمّ مريم بالوقوف قائلة: حاضر يا فاطمة ولكنها تقع فاقدة للوعى فى صراخ من فاطمة تتصل فاطمة بخالد الذى يأتى مسرعاً وبرفقته الطبيب، يقف خالد خارج الغرفة مع فاطمة وفى الداخل كريمة مع الطبيب خالد: هو إيه اللي حصل ؟
فاطمة: معرفش، كانت بتكلمنى ومرة واحدة أغمى عليها يخرج الطبيب من الغرفة، فينظر له خالد فى قلق قائلاً: فى إيه يا دكتور، طمنى على ماما ؟ الطبيب: بص أنا عارف إنها حالة غريبة، ومبتحصلش كتير،خصوصا فى سن مدام مريم، لأنها معدية الأربعين، بس هى مش مستحيلة، وكل حاجة بإيد ربنا خالد: أنا مش فاهم حاجة، فى إيه؟ الطبيب: مدام مريم حامل خالد وفاطمة: حاااااااامل؟!
الطبيب: أيوا حامل، فى شهرين تقريبا، وطبعا مش محتاج أوضحلكم إن حملها فى السن ده حاجة مش سهلة خالد: يعنى فى خطورة عليها، ولا قصد حضرتك البيبى ممكن ميكملش الطبيب: هو طبعا فى خطورة عليها، ووارد جدا إن البيبى ميكملش، بس ربنا سبحانه وتعالى ليه حكمته وقادر زى ما خلاها تحمل، يكمل الحمل على خير، مفيش غير إننا ندعى ربنا، وتهتموا بيها الفترة الجاية، لحد لما نشوف إيه اللي هيحصل ينظر خالد لفاطمة فى قلق.
تمر الأيام، وتبقى فاطمة بجانب مريم تراعها وتهتم بصحتها وبكل شئونها، كما أخبرها الطبيب، وبعد مرور خمس شهور، أصبحت مريم فى الشهر السابع، يتلقى خالد هاتفاً من فاطمة تخبره فيه بأن مريم مريضة وتتألم ويبدو عليها آلالام الولادة، فيسرع خالد إليهما، ويأخد مريم وفاطمة إلى المستشفى.
وفى السيارة: تجلس مريم فى الخلف تتألم وبجانبها فاطمة تسندها، وفى الأمام خالد يقود السيارة فاطمة: متخافيش يا ماما، قربنا نوصل المستشفى مريم: أنا مش خايفة يا فاطمة، بالعكس أنا حاسة إنى قربت أرتاح، خدى بالك من أخوكى يا فاطمة تنظر فاطمة لخالد قائلة: بسرعة يا خالد، التعب بيزيد عليها يصل الجميع إلى المستشفى، ويقف الجميع فى إنتظار مريم أمام غرفة الولادة، وبعد فترة يخرج الطبيب موجهاً حديثه لخالد وفاطمة قائلاً: أنا أسف، أنا قولتلكم إن الحمل فى السن دا حاجة خطر يحيي: يعنى إيه يا ابنى، حصل إيه؟
خالد: الطفل أتوفى الطبيب: الطفل سليم ومش محتاج حتى حضانة ونازل صحته كويسة خالد: أمال قصد حضرتك إيه؟ الطبيب: البقاء لله، شدوا حيلكم ينظر خالد وفاطمة فى صدمة خالد فى بكاء: لا، أمى لا، أمى ماتت يحتضن يحيي خالد قائلاً: أمى ماتت يا خالى،أمى خلاص ماتت يحيي: دا قضاء ربنا يا ابنى، وملناش حكم فيه يخرج خالد من حضن خاله وينظر لفاطمة المنهارة فى البكاء قائلاً: خلاص يا فاطمة ماما ماتت فاطمة: كانت أمى أنا كمان يا خالد، الله يرحمك يا ماما.
يقطع صوت بكاءهم صوت صغير يقتحم حزنهم، صوت طفل صغير وليد تحمله الممرضة وتخرج به إليهم، ينظر إليه الأثنين تعظى الممرضة الطفل لخالد قائلة: أتفضل البيبى، شدوا حيلكم ينظر يحيي للطفل قائلاً: سبحان الله، خد من ملامح عاصم ومريم وكأنه عوضهم فى الدنيا وينظر لخالد وفاطمة قائلاً: الطفل ده من النهاردة هيبقى مسؤليتكم أنتوا الأتنين، إنتى يا فاطمة هتبقى أمه، وأنت يا خالد هتبقى أبوه ينظر خالد لفاطمة ثم ينظرا الأثنان إلى الطفل المولود نظرة أمل وكأنه ميلاد لحياة جديدة.
تعود فاطمة إلى الواقع بعد أن تذكرت ما حدث لتجد الصبح قد أشرق وهى ما زالت على جلستها أمام التورتة، تقوم فاطمة من مكانها وتتجه إلى غرفة جاسر أخوها الصغير، وتجلس أمام سريره الصغير،وهى تتذكر كلمة هداية لها " استنى العلامة " تحدث فاطمة جاسر قائلة: العلامة اللي بعتهالى ربنا هى أنت يا جاسر، ومن غير ما أحس بقي فى ابن بيربطنى بخالد، أنا بقيت أمه وأخته، وخالد أبوه وأخوه، وكأن مكتوبلى إن اللي يربطنى بخالد يكون أقوى من مجرد حب !
رواية عاشق المجهول الجزء الأول للكاتبة أمنية الريحاني الفصل الحادي والثلاثون
( حب لا تراه الشمس )
فى شركة البدر: تدخل غادة إلى مكتب وردة، فتنظر إليها فى غرور قائلة: خالد جوا ؟ وردة: أيوا يا مدام غادة تهمّ غادة بالدخول، فتوقفها وردة قالة: ثوانى يا مدام غادة، بشمهندس خالد مشغول فى إجتماع مع بشمهندش حسام، ومحرج حد يدخل عليهم تنظر لها غادة فى غضب قائلة: إنتى إتجننتى، مش عارفة أنا مين وردة: لا عارفة طبعا، حضرتك المدام بتاعته، بس دى أوامره غادة: أوامره دى على اى حد غير عليا أنا، فاهمة وتتركها غادة وتدخل فى غضب، تنظر وردة لأثرها قائلة: الله يسامحك يا فاطمة، قولتلك خلينى أشتغل معاكى، قولتيلى خليكى جنب خالد، لما أشوف أخرتها.
أما فى الداخل: يجلس خالد بجانب حسام يتناقشان فى أمر مناقصة هامة، فتدخل غادة فى غضب قائلة: البنت اللي برة دى لازم تطرد ينظر إليها كلاً من خالد وحسام على دخولها دون إستئذان، ثم ينظر حسام إلى خالد قائلاً: طب يا خالد نكمل بعدين يوميء له خالد رأسه بالموافقة، فيتركهما ويخرج، أما خالد فينظر لغادة فى غضب قائلاً: فى حد يدخل كده من غير إستئذان غادة: يا سلام، وأنا المفروض أستاذن قبل ما أدخل على جوزى؟!
خالد: آه يا غادة، لما يكون جوزك فى الشغل، يبقى لازم تستأذنى، خصوصاً لما تعرفى من السكرتيرة إنه عند إجتماع مهم غادة: بس اللي أعرفه إن الهانم فاطمة كان مسموح لها تدخل على جنابك فى أى وقت خالد: فاطمة؟! وإيه اللي دخل فاطمة فى كلامنا، فاطمة كانت مهندسة فى الشركة، يعنى كانت بتشتغل مش بتلعب غادة: وأنا كمان يا خالد بشتغل مش بلعب، ولا لازم أكون مهندسة عشان أعجبك خالد: أفتكرى من الأول يا غادة إنى مكونتش موافق على شغلك فى الشركة،عشان إهتمامك يبقى للولاد عادل وفاطمة ورضوى، ومتنسيش إن رضوى مكملتش السنة ومحتجاكى جنبها.
غادة: وأنا قولتلك مية مرة إنتى متجوزتنيش عشان أبقى أمينة اللي تستنى سي السيد يجيلها أخر الليل، وإذا كان على الولاد فى بدل المربية أتنين بياخدوا بالهم منهم خالد: أنا زهقت من الكلام فى الموضوع ده، لا إنتى هتقتنعى بكلامى، ولا بقيتى تسمعى نصيحة حد، عن إذنك هروح لحسام أكمل كلامى معاهى يتركها خالد ويغادر، فتنظر للملف الموضوع على مكتبه والمكتوب عليه مناقصة وزارة الإتصالات، وبعدها تضعه مرة أخرى على المكتب وتبتسم.
فى شركة الحديدى: تجلس فاطمة على مكتبها تراجع بعض الملفات، تدخل عليها منى السكرتيرة قائلة: بشمهندس خالد برة بيسأل على حضرتك فاطمة: خالد؟! معقولة إيه اللي جابه، طب دخليه يا منى تخرج منى، ويدخل بعدها خالد، تنظر له فاطمة بإشتياق وحب ولكنها تنتبه لنفسها وتنظر إلى الاسفل قائلة: أبيه خالد، خير يا أبيه فى حاجة؟
خالد: يا سلام على الذوق، بذمتك أنا ربيتك على كده فاطمة: مش قصدى، أنا بس قلقت حضرتك اول مرة تزورنى فى الشركة خالد: كنت عايز أشوفك وأطمن عليكى، وكنت محتاج أتكلم معاكى شوية يجلس خالد أمامها، وبعد فترة من الصمت كان ينظر لها، قطعها قائلاً: عاملة إيه يا طمطم ؟
فاطمة: كويسة يا أبيه، الحمد لله، زى ما أنت شايف من ساعة ما بابا أتوفى وأنا اللي شايلة الشركة، خصوصا بعد تعب عمي يحيي، فمبقاش يقدر يجى زى الأول، وعادل أنت عارف علطول مسافر، وملوش فى الشغل خالد: إنتى هتقوليلى، وجاسر عامل إيه، وحشنى الواد ده بقالى أسبوع مشوفتوش فاطمة: كويس الحمد لله، بقى شقى خالص، وكل شوية يقولى خايد خايد يضحك خالد على حديثها قائلاً: تصدقى أحلى خالد بسمعها بتبقى منه، المهم إنتى بتقدرى على كل ده يا فاطمة فاطمة: ربنا معايا يا أبيه.
خالد: ونعمة بالله، ما إنتى لو تسمعى كلامى وتيجى إنتى وجاسر تقعدى عندى فى الفيلا، بس عارفك مخك صعيدى، مخ حديدى فاطمة: معلش يا أبيه، سيبنى على راحتى ينظر خالد إلى الفراغ ويبدو عليه الضيق، تنظر له فاطمة قائلة: مالك يا أبيه، شكلك مضايق؟ خالد: مخنوق يا فاطمة، حاسس إنى مخنوق أوى فاطمة: ليه بس، بعد الشر عليك.
خالد: حاسس إنى غلطت بجوازى من غادة يا فاطمة، أقولك على سر، أناأكتشفت إنى أنا وغادة مكناش ننفع بعض من زمان، وإننا مختلفين فى كل حاجة، وإن ربنا لما بعدنا عن بعض زمان كان ليه حكمة فى كده فاطمة: وأنت جاى تكتشف إنك غلطان دلوقتى؟ خالد: قصدك إيه يا فاطمة؟
فاطمة: قصدى إنك أخترت ترجع لغادة بإرادتك، وأعتقد غن غادة مكنتش غربية عليك، دى بنت خالك، وطالما أتجوزتها يبقى لازم تكمل معاها، خصوصاً وإنكم ما بينكم طفل مشترك وهى رضوى، مش كل الغلطات يا أبيه ينفع نرجع فيها، فى غلطات كتير الرجوع فيها فى حد ذاته غلط خالد: رغم قسوة كلامك لكن عندك حق، هفضل أقولك مبرتحش فى الكلام مع حد غير معاكى، رغم إن كلامك متغير معايا بقالك فترة، بس برضه بيفضل هو الوحيد اللي بيريحنى.
تبتسم له فاطمة إبتسامة باهتة، ليكمل حديثه قائلاً: أقولك على سر، انا مفتقد وجودك جنبى جدا فى الشركة، ونفسي ترجعى تشتغلى معايا تانى، نفسى أرجع أشوفك تدخلى عليها المكتب، كنت بحس بكمية تفاؤل وطاقة تكفينى أكمل يومى كله فاطمة: ما أنت شايف يا ابيه،مبقاش ينفع خلاص أشتغل معاك تانى.
خالد: عارف يا فاطمة، بس أنا أتعودت أقولك على كل اللي حاسه
نظرت له فاطمة دون أن تجيبه، فهى تعودت منذ جوازه من غادة أن تتجاهل أى حديث منه يجعل قلبها يحن له مرة أخرى، ولكنها لم تمل يوماً من دعاء ربها أن ييسر لها الخير سواء بقربه أو بعده عنها وفى يوم من الأيام كانت فاطمة تجلس فى منزلها تلاعب جاسر الصغير، فإذا بجرس الباب يرن فتتوجه فاطمة لتفتح الباب، لتجده شخص غريب تراه لأول مرة، تنظر له فاطمة فى إستفهام قائلة: مين حضرتك؟ الشخص: يا الله شو هالجمال، ما حدا خبرنى إنك جميلة لها القد فاطمة: أفندم، مين حضرتك؟
الشخص: أنا يوسف عمران، خالك يا بنتى، وخى إمك سارة فاطمة: خالى أنا ؟! يخرج يوسف وثيقة السفر الخاصة به قائلاً: دا الجواز تبعى، فيكى تشوفيه وتتأكدى بنفسك تنظر فاطمة للوثيقة، فتتأكد من أن الشخص الذى أمامها هو خالها حقاً تنظر له فاطمة دون أن تصدق أن حقاً تراه، فهو يشبه والدتها لحد كبير، يكمل يوسف حديثه قائلاً: أنا شايف أكلمك مصرى أحسن عشان نعرف نتفاهم، بس ممكن أدخل يا بنت أختى فاطمة: آه طبعا أتفضل.
بعد أن يدخل يوسف ويجلس، يظل ينظر لفاطمة فى حب تراه هى فى عينيه، ليكمل حديثه قائلاً: طبعا يا بنتى أنا عارف إنتى مستغربة إزاى إنك جيتلك بعد كل السنين دى، وعارف كويس أبوكى كان بيقولك إيه عنى، بس أنا مش وحش يا فاطمة زى ما أتقالك عنى، أنا عمرى ما حاولت آذيكى، بدليل لما أمك ماتت وكنت عايز أخدك من أبوكى وهو رفض، محاولتش أخدك منه بالعافية.
فاطمة: أمال حضرتك كنت رافض جواز أمى ليه من أبويا، وليه كنت كل شوية بنبقى مطاردين من بلد لبلد، مش عشان بابا كان خايف تخطفنى منهم يوسف: اسمعينى يا فاطمة، يمكن يكون دا الوقت المناسب اللي تعرفى فى الحقيقة، أنا لما رفضت أنا وجدك جواز أبوكى من أمك كان لأسباب كتير أقلها إن ديانته كانت مختلفة عننا، لكن أهمها إن أبوكى كان متورط مع تجار سلاح.
فاطمة: أبويا أنا كان شغال مع تجار سلاح، لا مستحيل يوسف: دى الحقيقة يا بنتى، لما أبوكى عرف أمك كان بيشتغل مع تجار سلاح وأنا ساعتها وقفت فى جوازهم، لأن كنت عارف دا كويس، لكن أمك كانت عنيدة، وصممت تتجوزه بحجة إنها هتخليه يسيب شغله مع الناس دى ويبتدى من جديد، بس يا فاطمة اللي بيشتغل مع الناس دول كأنه غرس فى الوحل زى ما بتقولوا عندكم، الناس دى مبترحمش والقتل أسهل حاجة عندها فاطمة: عشان كده قتلوه بعد كل السنين دى.
يوسف:للأسف يا بنتى، انا ساعتها كنت خايف على أختى، خصوصا وهى مريضة وأنا عارف إن أيامها معدودة، وحاولت كتير أرجعها، لكن هى رفضت، ولما خلفتك،وبعدها بكام سنة عرفت إنها كاتت، رحت لأبوكى واتخانقت معاه، كنت عايز أخدك منه لأنى كنت خايف عليكى، بس هو رفض وقالى إنه هيقدر يحميكى، خفت أخدك منه بالعافية لتكرهينى، وانا مكنتش عايزك تكرهينى، وبعدها جابك هنا على مصر وأنقطعت أخبارك عنى فاطمة: وحضرتك ليه جاى بعد كل السنين دى ؟
يوسف: لأنك لحمى يا فاطمة، لحمى اللي لازم أسأل عليه مهما حصل، ولأن يا بنتى الدنيا مش مضمونة وممكن الواحد يموت فى أى لحظة، إنتى ليكى حق عنى، ورث أمك وحقها فى شركة جدك عمران يخرج يوسف ظرف من حقيبته وأعطاه لفاطمة قائلاً: دا تحويل بإسمك فى البنك بكل فلوسك، 10 مليون دولار، لأنى طبعا عارف إنك مش هتعرفى تيجى تشتغلى فى لبنان.
فاطمة: يااااه كل الفلوس دى ليا أنا يوسف: مش بقولك حقك يا بنتى، والأهم من كده أنا هسيبلك عنوانى ورقم تليفونى فى لبنان، أى وقت يا بنتى تحتاجينى متترديش إنك تكلمينى يهمّ يوسف بالمغادرة، ولكنه يعود مرة أخرى قائلاً: فى حاجة كان نفسى أعملها من أول ما شوفتك، ممكن تسمحيلى أعملها تنظر له فاطمة بالإستفهام، ليحتضنها بشدة قائلاً: نفسي أخدك بحضنى، وأحس بحضن أختى اللي أفتقدته بموتها تنزل دموع فاطمة رغماً عنها فى حضنه، فهى أفتقدت هذا الحضن منذ وفاة عاصم.
فى فيلا خالد: يدخل خالد الفيلا، وعندنا يرى غادة فى إنتظاره يذفر فى ضيق، فتقترب منه غادة قائلة: عارفة إنك زعلان منى، بس أنت عارف إنى بحبك ومقدرش على زعلك خالد فى سخرية: لا ما هو باين غادة: خلاص بقى يا خالد، ميبقاش قلبك أسود، أنت عارف النهاردة بالذات مينفعش نبقى زعلانين من بعض خالد: أشمعنى النهاردة؟ غادة: عشان النهاردة عيد جوازنا، كل سنة وأنت طيب يا حبيبى خالد: وإنتى طيب، أنا كنت نسيت خالص.
غادة: شوفت بقى من اللي ليه حق يزعل، بالرغم من كده أنا مش زعلانة، ممكن بقى تاخدنى النهاردة تخرجنى وتجيبلى هدية بالمناسبة دى خالد: ممكن طبعا، أطلعى البسي وقبل أن تهمّ غادة بالذهاب، يرن هاتف خالد، فيجيب خالد ليجدها كريمة مربية فاطمة خالد: خير يا مدام كريمة، فاطمة وجاسر كويسين ؟ كريمة: جاسر كويس يا ابنى،لكن فاطمة مش عارفة مالها، من حوالى ساعة جالها شخص غريب قعد يتكلم معاها، ومن ساعتها وهى حابسة نفسها فى أوضتها ونازلة عياط.
خالد: شخص مين ده، طب أنا جاى حالاً يغلق خالد الخط مع كريمة، فتنظر له غادة قائلة: فى إيه ؟ خالد: فاطمة تعبانة شوية ولازم أروح أطمن عليها غادة: طب وإحنا مش كنا خارجين ؟ خالد: مش وقته يا غادة، بقولك فاطمة محتجانى، ودى فاطمة يا غادة، فاطمة ويتركها ويغادر فى غضب منها قائلة: يا دى فاطمة اللي ما هخلص منها أبداً.
فى منزل فاطمة: يسرع خالد إلى منز فاطمة، ويدق الباب فتفتح له كريمة، ينظر إلى كريمة قائلاً: هى فين ؟ كريمة: حابسة نفسها فى أوضتها من ساعتها يدق خالد باب غرفة فاطمة قائلاً: أفتحى يا فاطمة أنا خالد تفتح فاطمة الباب، فيجد عينيها متورمتان من كثرة البكاء، ينظر لها فى قلق قائلاً: فى إيه يا فاطمة، مالك، ومين الشخص اللي جالك وقالك إيه؟ فاطمة: أبيه خالد، أنا عايزة أعرف الحقيقة، بابا صحيح كان بيتاجر فى السلاح، يعنى كل فلوسنا حرام ؟
ينظر لها خالد فى صدمة قائلاً: إنتى عرفتى منين الكلام ده؟ فاطمة: خالى يوسف جالى النهاردة، وقالى إن بابا كان شغال مع تجار سلاح، وهما كمان اللي قتلوه خالد: طب أهدى يا فاطمة، واسمعينى، أنا معرفش حاجة عن الموضوع ده، لكن أنا هوديكى للي يعرف الحقيقة كلها، البسى وتعالى معايا وإنتى تعرفى كل حاجة يتوجه خالد بعدها لفيلا الصفدى لمقابلة يحيي، الذى أصبح مريضاً يتحرك ببطيء شديد، أستقبلهم يحيي فى ترحاب قائلاً: إزيك يا فاطمة يا بنتى فاطمة: أنا كويسة يا عمى خالد: خالى،فاطمة جاية تعرف الحقيقة كلها منك النهاردة فاطمة: صحيح يا عمى بابا كان بيتاجر فى السلاح.
يحيي: اسمعى يا فاطمة، يمكن يكون دا الوقت المناسب عشان تعرفى الحقيقة، أبوكى يا بنتى بعد اللي حصل بينه وبين مريم زمان لما أتجوزت، والظروف اللي إنتى عارفاها سافر وهو مضايق جدا، كانت شايف الدنيا أدامه خرم إبرة، وهناك كان ليه واحد صاحبه ابن حرام، عرفه على الناس دى وفهمه إنه هيبقى غنى فى وقت قصير، لكن أبوكى عشان ابن ناس ومعدنه أصيل أول ما عرف هما بيعلوا إيه، رجع بسرعة وكش، وكان ناوى ميرجعش لبنان تانى أبداً، لحد ما فى يوم جاله ظابط من المخابرات العامة وطلب منه أنه يكمل معاهم، وإنه يقنعهم إنه شغال معاهم، لكن فى الحقيقة هو كان شغال مع البوليس، كان بينقلهم أخبارهم وصفقاتهم أول بأول، عشان يمنع اى حاجة تدخل البلد، لحد ما قدروا بمساعدة ابوكى يقبضوا على العصابة كلها، لكن مازن الشامى بعد ما أتقبض عليه منسيش تاره مع أبوكى، عشان كده بعت اللي قتله.
تغطى دموع فاطمة وجهها قائلة: يعنى أبويا راجل شريف يا عمى وفلوسه حلال يحيي: طبعا يا بنتى، كل قرش فى فلوس أبوكى حلال، أصله من مال جدك، دا غير إن أبوكى كان بيتعب ويشقى، أبوكى كان بطل يا فاطمة، واللي قولك غير كده يبقى غلطان خالد: صدقينى بقى يا ستى يحيي: علفكرة يا خالد، عادل حجزلى فى مركز طبى فى إنجلترا، وهسافر خلال أيام، أبقى أطمن على مرات خالك خالد: حاضر يا خالى، وياريت لو ترضى تقعد عندى فى الفيلا مع غادة يحيي: مش هترضى ما أنت عارفها.
تهمّ فاطمة بالمغادرة مع خالد، فيوقفها يحيي قائلاً: فاطمة يا بنتى، مش ناوية تنسى اللي عملته غالية معاكى، وتطلعى تطمنى عليها، دى مهما كانت عمتك فاطمة: معلش يا عمى، مش هقدر دلوقتى تتركه فاطمة وتغادر مع خالد، وفى سيارة خالد، تنظر فاطمة لخالد قائلة: هو أنت رايح على فين يا خالد؟
خالد: اسمعى بقى، أنا طول الأيام اللي فاتت بسمع كلامك، المرة دى إنتى اللي هتسمعى كلامى،أنا كلمت مدام كريمة وقولتلها تلم حاجتك إنتى وجاسر، هتيجوا كلكم تقعدوا معايا فى الفيلا، أنا مش هبقى مطمن عليكى وإنتى لوحدك يا فاطمة، ولا مش من حقى أطمن عليكى فاطمة: أيوا يا أبيه، بس... خالد: بس إيه، أنا مش لوحدى عشان يبقى ليكى حجة، أنا متجوز ومخلف كمان، ولا مش عايزة تشوفى رضوى بنتى، وفاطمة الصغيرة موحشتكيش فاطمة: فاطمة ؟! وحشتنى أوى، خلاص يا أبيه اللي تشوفه
فى فيلا خالد: تسير غادة ذهاباً وإيابا فى غضب قائلة: والله عال، وكمان جايبها تقعد معايا فى نفس البيت يا خالد، هستنى إيه لما تتجوزها، لكن لا، إما خليتك أنت بنفسك تطردها مبقاش غادة الصفدى يدخل خالد ومعه فاطمة، فتنظر لها غادة فى مكر قائلة: أهلا أهلا، نورتى الفيلا يا فاطمة فاطمة: متشكرة يا أبلة غادة غادة: إنتى ليه عايشة فى جو المدرسة ده، أبلة وأبيه، خلاص بقى يا فاطمة كبرتى على ابلة دى خالد: غادة، فاطمة هتقعد معانا هى وجاسر غادة: دا بيتها يا خالد.
تنادى غادة على فادية قائلة: فادية، حضرى أوضة الضيوف، عشان فى عندنا ضيوف هيقعدوا معانا فادية: ضيوف مين يا هانم، دى بشمهندسة فاطمة وتنظر لفاطمة قائلة: إزى حضرتك يا بشمهندسة، بقالنا كتير مش بنشوفك فاطمة: كويسة يا فادية معلش ظروف يزداد غضب غادة، فتصرخ فى فادية قائلة: فادية، مش هنقضيها كلام وأعملى اللي قولتلك عليه.
تنظر غادة لفاطمة وهى تربط زراعها بزراع خالد قائلة: معلش يا فاطمة، هاخد جوزى منك، اصل النهاردة عيد جوازنا وكنا المفروض نحتفل بيه، عن إذنك ينظر خالد لطريقتها فى ضيق، وينظر لفاطمة قائلاً: لو أحتجتى أى حاجة قوليلى يا فاطمة توميء له فاطمة رأسها بالموافقة، فتأخذه غادة وترحل.
كانت فاطمة تعلم أن وجودها فى فيلا خالد لن يكون امراً سهلاً عليها، ولكنها كانت تتذكر كلمات هداية لها دائماً، فكانت طوال وجودها فى فيلا خالد، تذهب لعملها فى لاصباح، وعند عودتها تجلس مع جميع الأطفال تلاعيهم فتعلقوا جميعا بها كما لو كانت أمهم، أما فى الليل فكانت تصلى وتدعى الله أن يريح قلبها وييسر لها الخير، كانت تتجنب رؤية خالد تماما، أما غادة فكانت حريصة أن تضايق فاطمة فى عدم وجود خالد بحديثها، فلم تكن تجد أى رد فعل من فاطمة سوى الإبتسامة.
فى شركة البدر: يجلس خالد ويبدو عليه الغضب وأمامه حسام يحاول تهدئته خالد: أنا هتجنن يا حسام، المناقصة كانت تقريبا مضمونة، إزاى تروح لشركة الفهد حسام: خلاص يا خالد ملناش نصيب فيها، اهدى شوية خالد: أنا مش مشكلتى إننا خسرنا المناقصة، بس دا معناه إن فى حد خاين خرج معلومات العطى بتاعنا لشركة الفهد، عشان كده غيروا العطى بتاعهم وقدموا عطى أقل.
حسام: حد خاين، مين اللي هيكون عمل كده، محدش كان يعرف بالعطى اللي قدمناه غيرى أنا وأنت خالد: يبقى المعلومات دى خرجت من هنا، من مكتبى حسام: وبعدين يا خالد، إحنا كده داخلين على هزة جامدة، ممكن تأثر على وضعنا فى السوق، المناقصة دى كنا حاطين أمل كبير عليها، هنعمل إيه يضع خالد يده على رأسه قائلاً: مش عارف يا حسام مش عارف، أنا مش عارف إيه اللي بيحصلنا ده، كنا ماشيين كويس، بقالنا حوالى سنة الدنيا ماشية معانا عكس ليه، مش عارف لم يكن الأثنان يعلما أن هناك من يسمعهما فى الخارج وهى وردة.
فى فيلا خالد: تجلس فاطمة فى غرفتها تقرأ فى المصحف، فيقطع قراءتها صوت هاتفها، فتجيب لتجدها وردة فاطمة: أيوا يا وردة... كويسة الحمد لله ... إيه للدرجة دى ... ماشى يا وردة أقفلى إنتى دلوقتى تغلق فاطمة الهاتف مع وردة وتنظر شاردة إلى الفراغ أما فى غرفة غادة، تمسك غادة هاتفها وتحدث شخص ما قائلة: يا باشا دا أقل واجب ... أهم حاجة المبلغ أتحط فى الحساب اللي قولتلك عليه ... تمام إحنا كده تمام.
فى شركة البدر: يجلس خالد فى مكتبه ويضع رأسه بين كفيه، فتدخل عليه فاطمة التى تشفق على حاله قائلة: أبيه خالد يرفع خالد رأسه لها قائلاً: فاطمة، بقالك كتير ما دخليت عليا المكتب كده، تعالى يا فاطمة فاطمة: كل حاجة فى وقتها يا أبيه، المهم أنا كنت عايزاك فى موضوع مهم خالد: خير يا حبيبتى، غادة ضايقتك فى حاجة ؟
تبتسم له فاطمة إبتسامة باهتة قائلة: لا يا أبيه، غادة عمرها ما ضايقتنى تمد فاطمة يدها إليه بورقة قائلة: أتفضل يا أبيه ينظر خالد للورقة فى إستفهام قائلاً: إيه ده يا فاطمة؟ فاطمة: دا تحويل من حسابى لحسابك بخمسة مليون دولار ينظر لها خالد فى صدمة قائلاً: إيه اللي إنتى بتقوليه ده يا فاطمة، ليه عملتى كده؟
فاطمة: دا حقك عليا يا أبيه، حقك عليا تلاقينى جنبك فى وقت أزمتك خالد: ومين قال إنى فى أزمة أصلاً، وبعدين أنا مش محتاج شفقة ولا مساعدة من حد يا فاطمة فاطمة: أبيه خالد، لما البنت الصغيرة اللي مكملتش 13 سنة جاتلك وهى ملهاش حد، وأنت صممت ترعاها فى بيتك أنت ومامتك الله يرحمها، وتبقى فى يوم وليلة أمانها وحمايتها، دا كان مساعدة وشفقة منك خالد: لا طبعا يا فاطمة، إنتى عارفة إنتى بالنسبة لى إيه، إنىت أكتر من أختى الصغيرة، أختى إيه إنتى بنتى حتة منى فاطمة: وأختك الصغيرة دى من حقك عليها لما تحتاجلها تلاقيها جنبك، ولو مخدش الفلوس دى هعتبر إن كل اللي كنت بتعمله معايا مكنش أكتر من شفقة منك عليا.
ينظر لها خالد فى حب غير مصدق لما تفعله معه، ليكمل حديثه قائلاً: أنا هاخدهم منك يا فاطمة، عشان أثبتلك بس إنتى كنتى ومازلتى بالنسبة لى إيه، بس يشرط، هدخلك معانا شريكة بالفلوس دى، يعنى إنتى من النهاردة شريكتى فى الشركة فاطمة: أعمل اللي يريحك يا أبيه، المهم تنقذ الشركة وخلاص تتركه فاطمة وتغادر، أما خالد فيمسك بورقة التحويل ويظل ينظر إلى الفراغ شارداً يفكر فى فاطمة.
بعد مرور عدة أسابيع: تجلس فاطمة فى الفيلا ومعها أولاد خالد وجاسر، يرن هاتف الفيلا فتجيب فاطمة قائلة: ألو فوزية: مساء الخير، لو سمحت أكلم مدام غادة فاطمة: مدام غادة مش موجودة، فى النادى فوزية: أنا بحاول أتصل بيها فى أمر ضرورى جدا من بدرى، لكن هى مش بترد، انا فوزية اللي بشتغل عند مدام غالية فاطمة: طب خير أقدر أبلغها حاجة.
فوزية: مدام غالية تعبانة جدا وجتلها الأزمة، وأنا مش عارفة أعمل إيه، وعادل بيه ويحيي بيه مسافرين تنظر فاطمة إلى الفراغ تفكر فى شيء ما، لتنتبه على صوت فوزية قائلة: حضرتك معايا؟ فاطمة: آه آه معاكى فوزية: متعرفيش توصليلها لأحسن الأزمة شديدة المرة دى فاطمة: أنا جاية حالاً فوزية: حضرتك مين ؟ فاطمة: أنا فاطمة، فاطمة الحديدى، بنت أخوها.
تجلس غادة فى النادى وامامها منى سكرتيرة فاطمة فى شركة الحديدى غادة: عملتى اللي قولتلك عليه ؟ منى: تمام يا افندم، حطيت نسخة من الملف اللي حضرتك أدتهولى على جهازها غادة: عال أوى منى: بس ملف زى ده هيكون وصلها إزاى.؟ غادة: لا دى بتاعتى أنا، انا هتصرف وأحط نسخة من نفس الملف على جهاز وردة صاحبتها، وكده تبقى مقنعة، المهم إنتى متقابلنيش اليومين دول خالص منى: تمام تنظر غادة غلى الفراغ محدثة نفسها: كده يبقى الضربة القاضية لعلاقة فاطمة وخالد.