رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثالث والعشرون
بكت، صرخت، هوت أرضاً، فعلت ما بوسعها لتخفف ألم قلبها اللعين ولكن هيهات أشتد الوجع وأصبح يغمرها بالآنين، أحتضنت جسدها بذراعيها لتبكى بشهقات مكبوتة ووجهها تحتضنه باليد الأخرى.. راوية..
لا يعقل أن يكون هو!، هل جرأ على تتبعها بعدما فعل!، رفعت عيناها ببطئ لتجده يجلس لجوارها على الرمال بعين تشع بألم غريب قرأته جيداً ولكن لم تصفح عنه فمازالت كلماته تتردد بعقلها حتى أنها أقنعت ذاتها بأنه يفعل ذلك لينتقم منها على ما تفوهت به، رفع يديه ليقربها إليها ولكنها تباعدت لتخرج كلماتها بصراخ وبكاء: جاي ليه؟
وضع عيناه أرضاً ثم حاول التقرب منها قائلاٍ بهدوء: غصب عني يا راوية أنا قتلت جوزها وهو ملوش ذنب رمقته بنظرة طويلة ثم إبتسمت بسخرية: وأنا ذنبي أيه؟. ثم صاحت بصوت مذبوح كمن تناجي لتعيش تلك الحقيقة الصادمة: أنا كنت فاكرة أنه مقلب!، مش مصدقة بجد الا سمعته دا!. رفع يديه على وجهها بقوة فشلت هى بأبعاده عنها فصرخت بقوة: أبعد عني.
جذبها بقوة قائلاٍ بهمس: أنتِ عارفة أني عمري ما حبيت ولا هحب غيرك، أنا بعشقك يا راوية... هوت الدمعات بلا توقف وهى تتأمل عيناه القابضة لنبض قلبها اللعين فمازالت تعشقه!، وكيف لها سوى العشق؟!. بقيت ساكنة بين ذراعيه تجاهد ما تود الكلمات بقوله لتقطعها قائلة ببكاء يمزق القلوب: وأنا مش هستحمل أشوفك مع واحدة تانية.. وأخذت وهلة بالدمعات تارة وتأمل عيناه تارة أخرى لتجاهد بالحديث: ط...
قطع كلماتها بوضع يديه على فمها قائلاٍ بحذم مازال يلحق بشخصيته القوية: الكلمة دي لو طلعت منك يا راوية قسمن بربي لأندمك على كل لحظة حلوة عشتيها معايا... ثم سحب يديه ونهض ليقف أمامها بغضب لم تعلم كيف يتسنح له ذلك فهى من عليها الغضب وأن تثور أن لازم الأمر، تحلى بقوته المعهودة قائلاٍ بسخرية: كنت فاكرك قوية عن كدا لكن مع أول مشكلة طلبتي الطلاق!..
نهضت هى الأخري لتقف أمام عيناه قائلة بصراخ وبكاء: أنت أيه الا حصلك؟!، ليه أتغيرت كداا؟ إبتسم بسخرية: الا هعمله بيأكدلك أني زي مأنا بكره الظلم وعمري ما هكون حليفه.. أزاحت دمعاتها قائلة بتحدى: وأنا مش مضطرة أعيش معاك.. وتركته وتقدمت للعودة ولكنها تخشبت محلها لسماع ما قال: لو خرجتي من هنا هيكون لوحدك يا راوية... صعقت للغاية فأستدارت له بصدمة لتردد بدموع تكسو وجهها وصوتها المتحشرج بالآم: يعني أيه؟
أقترب منها ليقف أمام عيناها بصمت قطعه بلهجة حازمة: يعني هتخرجي من غير أولادي ومستحيل هترجعي هنا... صعقت للغاية فأكمل بنبرة غامضة: وأنتِ أكتر واحدة عارفة كويس أن محدش هيقدر يوقفني لا أخوكِ ولا الكبير في عيلتك هيقدر لكبير الدهاشنة..
وقبل أن تستوعب ما قاله تركها ورحل للمندارة لتتصنم محلها بصدمة لا مثيل لها لتبكي تارة وتصرخ تارة أخري لا تصدق أن من تحدث لها لتو هو معشوقها!، أما هو فخطى بخطوات سريعة ويديه تعتصر الأخري بغضبٍ جامح يكبت تلك الدمعة الحارقة من الهبوط فكيف له بتلك القسوة عليها؟، ولكن عليه ذلك ليمتص تمردها ويجبرها على البقاء لا يعلم بأنه على وشك الدخول لصراع بين كبريائه وسلطته وعشقه!..
كان المنزل له كالمجهور بدونهم، يرى حزن زوجات أبنائه بأعيناه فيتحسر على ما فعله، حتى أن المدة المحددة للزواج قد أوشكت على الأنتهاء لذا عليهم العودة للأستعداد لها... أخرج هاتفه ثم طلب فزاع ليخبره بما يشعر؟ فرأف به وأخبره بأن المصير محدد من الله سبحانه وتعالى ولا ينبغي له أن يشعر بالخوف فرجاله يحيطون بذاك اللعين حتى يقتصوا منه، وأخبره بأنه بالغد سيخبر أحفاده بقراره...
بقصر حازم السيوفي، وبالأخص بغرفة حمزة... لم يتمكن من النوم فبقى مستيقظ يتذكر عيناها المغمورة بحزن يكفى عالم بأكمله، رفع يديه على موضع القلب بغضب ليحدث ذاته بعنف، الا قلبٍ لم يتعلم من دروس العشق المحرق!، فنبض مجدداً ولا يعقل التصرف!، أهناك آلآم مجدداً ستجد محل بذاك القلب المترنمي! أم هناك أوجاع ستلاحقه؟.
بقى يتأمل حدائق القصر بشرود وأستغراب لما يحدث له ليشعر به نصفه الأخر فوقف خلفه يتأمله بحزن ؛ فقطع المسافة بينهم ليقف خلفه قائلاٍ بهدوء: مفيش حاجة تستاهل زعلك يا حمزة.. أستدار بوجهه ليجد أخيه أمامه فأبتسم قائلاٍ بستغراب: مين قالك أني زعلان عليها؟! ضيق حازم عيناه بزهول ثم أقترب ليقف جواره بالشرفة قائلاٍ بستغراب: أمال بتفكر في أيه؟ تطلع له قليلاٍ ثم قال بأرتباك: أنا نفسي مش عارف.
كبت حازم ضحكاته ليسرع الأخر بالحديث: بص هى الحكاية ملخبطة حبتين يعني من كام يوم كدا شوفت بنت بالشركة.. وصمت ليكمل حازم بسخرية: وأيه الا يلخبط بالموضوع؟!. رمقه بضيق ثم قال بحزن: البنت دي حصل معاها مشكلة النهاردة لقيت نفسي مخنوق جداً وبفكر فيها ليل نهار.. تطلع له بخبث ثم رفع ذراعيه يطوف كتفيه قائلاٍ بمكر: أممم ليل نهار!. رمقه بنظرة توتر فأبتسم حازم: ها كمل وأيه تاني؟
دفشه بعيداً عنه قائلاٍ بغضب: تصدق أني غلطان أني بتكلم معاك من الأساس.. وتركه وولج لغرفته ليجلس على الفراش ؛ فتعالت ضحكات حازم ولحق به ليجلس جواره قائلاٍ بثبات مخادع: أديني أهو بطلت ضحك كمل بقى.. رمقه بنظرة محتقنة ثم أبتسم وتمدد على الفراش محتضن لوسادته: بنت منتقبة مش شايف غير عيونها وبس تسألني ليه بحس بكدا مش هلاقي جواب، جايز أكون أتعلقت بيها لأنها غامضة ومختلفة عن الكل!.
تمدد حازم لجواره قائلاٍ بأبتسامة مشاكسة: كمل، كمل... أغلق عيناه كأنه يراها أمامه قائلاٍ بنبرة ترسم ما بمخيلاته: عيونها فيها كمية شجن وحزن تكفى عالم بأكمله، سمعتها وهى بتحكيلي حسيت بكل حرف أد أيه هى بتعاني، حسيت بكسرتها بالكلام ودا وجعني أوي لدرجة أنى ندمت أسالها مالك؟. تخلت عنه ملامح المرح لتحتل الجدية ملامحه قائلاٍ بأبتسامة هادئة: أنت حبيتها يا حمزة.. تطلع له بزهول: من مرتين شوفتها فيهم؟!
حازم بسخرية: هو الحب بعدد المرات!. ضيق عيناه بعدم أقتناع: وراتيل؟ أستدار بوجهه له: دي أكبر غلطة فى حياتك جايز يكون أعجاب لكن الحقيقة أنك فوقت على وقعها... شعر بالغضب يتسلل له بعدما تذكر ما فعلته فقضي الليل بأكمله بحديث مع شقيقه حتى غفلوا سوياً على نفس الفراش...
أضأت الشمس النهار بأطيافها المضيئة لتزيل ظلام الليل... بمنزل فزاع الدهشان... كان يجلس الشباب جميعاً لتناول الأفطار مع فزاع ليتأمل حزن فهد الغريب له بعض الشيء بنظراتٍ ساكنة... قطع الصمت بينهم قائلاٍ بهدوء وعيناه مركزة على النمر: جدك كلمني إمبارح.. تطلع له أدهم والجميع بأهتمام ليكمل حديثه قائلاٍ بثبات: طلب مني ترجعوا البلد النهاردة. أحمد بفرحة: بجد؟
تطلع له فزاع قليلاٍ ثم قال بستغراب: معجبكاش عشيتنا أياك! أسرع بالحديث: العفو طبعاً بالعكس أنا سعيد هنا جداً بس فرحت أنه طلب رجوعنا فدا معنى أنه مسامحنا.. إبتسم فزاع بسخرية: ومين جالك أنه زعلان منيكم عشان يسامحكم! تطلع له عبد الرحمن بستغراب: أكيد مدام عاقبنا زعلان!. تطلع فزاع للنمر المكتفى ببسمة صغيرة تزين وجهه ثم إبتسم هو الأخر... وزع أحمد نظراته بينهم قائلاٍ بشك: هو فى أيه؟
نهض فزاع عن الطاولة ثم جذب عصاه قائلاٍ بهيبته الطاغية وهو يترك القاعة: واد عمك هيبجا يحكيلك... وتركهم وغادر بصمت فتطلع الجميع لأدهم بأنتظار ما سيقول، تناول طعامه ببرود ليختصر الجمل بكلمات بسيطة: جدكم كان على علم من البداية. وصمت النمر لتحل معالم الدهشة وجوه الجميع على عكس فهد الشارد بعالم مخيف.
فتحت عيناها بتكاسل بعد نومٍ عميق قضته منذ الأمس كأنها لم تذقه منذ سنوات، جلست على الفراش تفتح عيناها بتمهل لتطلع بستغراب للمكان الذي هى به!.. نهضت عن الفراش سريعا تحرك عيناها بالغرفة الغريبة بصدمة أزدادت أضعاف حينما رأت ما ترتديه من بيجامة قطنية باللون الأبيض وشعرها المفرود بحرية على خصرها!.
أرتعبت همس وتراجعت للخلف بزعر من كونها مازالت تحت سيطرة ذاك اللعين ؛ فنبض قلبها بقوة من كونه حلمٍ وهى لم تلتقى بزينها بعد!.. تسللت رائحة الفطائر المفضلة لديها من الأسفل ؛ ففتحت باب الغرفة لتجد درج ضخم للغاية ولكن تخشبت قدماها من هول المنظر، فكان المنزل محاط بالزجاج الشفاف للمنظر الخارجي المثير ؛ فكانت المياه تغمر ذلك المنزل من جميع الأتجاهات والرمال والأشجار المزينة بثمار الفاكهة الطبيعية...
خطت الدرج بأرتباك وهي تتأمله بخوف يسري بجسدها فأتبعت رائحة الطعام لتجد ذاتها أمام مطبخ ليس بكبير ولكنه من الطراز الحديث، أخفضت نظرها سريعاً حينما رأته عاري الصدر، رفعت عيناها بعد وهلة لتجده منسجم بتقطيع الخضروات بسرعة مريبة كأنه شيف عالمي، إبتسم حينما شعر بها فقال دون النظر إليها: صباح الخير.. أشاحت عيناها عنه بخجل وأرتباك ليكمل ما يصنعه وهى تراقبه بصمت قطعته حينما قالت بستغراب: أنا فين؟
رفع عيناه عليها قائلاٍ بعشق: معايا رمقته بنظرة غاضبة فأقترب منها لتتباعد بخجل، جذب يدها لتولج للداخل بدلا من وقفتها على الباب قائلاٍ ونظراته عليها: مرينا بكتير فحسيت أننا بحاجة للبعد عن كل دا فى مكان ميكنش فيه غيرنا... سحبت يدها بتوتر وهى تجاهد لرفع عيناها: بس بابا أ.. قطعها بنبرة غاضبة بعض الشيء: أنتِ مراتي علي فكرة ولو على العلن فالكل كان حاضر فرحنا..
أوشكت على البكاء لنبرته الجافة وخوفها من غضب والدها ليتفهم الأمر سريعاً فجذبها برفق لتجلس على أحد المقاعد المقابلة للمطبخ لينحني لها قائلاٍ بعشق وهو يزيح تلك الخصلات خلف أذنيها: عايزك تتأكدي من حاجة واحدة يا همس أني عمري ما هعمل حاجة تقل منك أبداً أنا كلمت عمي وأستأذنت منه وهو الا سمحلي أجبلك الفون تتأكدي؟ رفعت عيناها له بسعادة فأبتسم قائلاٍ بهيام: بقالي كتير محروم من جمال البسمة دي و...
كاد الحديث ولكن ركض مسرعاً ليجذب ما بداخل الفرن الكهربي قائلاٍ بضيق: أوبس... تعالت ضحكاتها فرمقها بضيق لتصمت سريعاً من نظراته الغاضبة ليلقى بالوعاء قائلاٍ بتفكير وهو يعيد خصلات شعره للخلف: هنعمل غيرها أجباري.. أجابته بغرور: أكيد لأني بموت فيها... رمقها بنظرة محتقنة قائلاٍ بسخرية: بس مش لوحدي يا هانم هتساعديني..
رفعت قدميها المصابة له بدلال فضيق عيناه الزرقاء بمكر: ودا هيمنع فى أيه أحنا محتاجين أصابع أيدك العسل دي.. نهضت عن الطاولة وأقتربت منه بغضب: أنت جايبني هنا تزلني ولا نغير جو... أقترب منها بأبتسامة هائمة: لسه هحدد... أستدارت بوجهها بضيق: أوك موافقة أساعدك بس بشرط تتحشم. تطلع لها بصدمة: نعم؟ أجابته ويدها على خصرها: أيوا مهو مش معقول تقف أدام خطيبتك كدا عيب يا حضرت...
كبت ضحكاته وبدت بسمة سخرية على وجهه ليقترب منها وتتراجع للخلف بتوتر قائلة بنبرة مرتجفة: أيه يا زين؟ لو كلامي ضايقك ممكن تأخد راحتك عادي جداً... كبت ضحكاته ليحاصرها بين ذراعيه قائلاٍ بخبث: وأنتِ يهمك أيه لابس ولا قالع ما تركزي فى نفسك ولا أنتِ معندكيش ثقة فى نفسك؟. جحظت عيناها بشدة لتشهق بصدمة: نهار أسود هو مين الا المفروض يخاف على نفسه..
غمز بعيناها الساحرة وهو يهم بالخروج: والله أسالي نفسك بس أنا الا خفت للأسف.. بقيت محلها تراقبه يغادر ببسمة نصر وهى تحاول الصراخ او لكمه بقوة فهو سيد بالأستفزاز، كبتت غضبها وجذبت السكين ثم شرعت بأعداد الطعام... أرتدى زين قميصه بأهمال وهبط ليجدها محلها فأقترب منها قائلاٍ بتفحص: ها عملتي أيه؟
أستدارت له بغضب طفولي بعدما رفعت أصبعها المجروح أمامه فتعالت ضحكاته لترمقه بضيق، جذبها للمقعد ثم عالج جرحها ليعود مجدداً لصناعة الفطائر وهى تراقبه بنظرات عاشقة له... أقتربت منه تحاول مساعدته ولكن سرعان ما أنتبهت ليديه فقالت بغضب: فكيت الشاش ليه؟ تطلع لها بزهول ثم قال بهدوء: حسيت أنى بقيت أفضل فشيلته رمقته بنظرات نارية ثم صاحت بعصبية: أنت مفيش فايدة فيك أبداً؟
وضع السكين من يديه ثم أستدار لها قائلاٍ بثبات: أنتِ شايفاني أدامك أهو بحرك أيدي كويس لو تعبان مكنتش هشيله يعنى من الأخر كدا أنا أدرى بنفسي.. رمقته بنظرة خبث: متأكد أنك كويس؟ تطلع لها بسخرية فجذبت المقعد قائلة بمكر: أوك خالينا نشوف..
تابعها بتعجب فصعدت على المقعد وأشارت له بالأقتراب ؛ فأقترب بستغراب، أشارت بأصابعها بأن يستدير وبالفعل فعل لتصعد خلف ظهره قائلة بغرور من فشله: وريني بقا هتطبخ وتتحرك أزاي؟. تعالت ضحكاته قائلاٍ بخبث: دا أحلى فطار فى الدنيا لو أعرف أنك هتقربي كدا كنت فكيته من زمان..
لكمته بقوة فأبتسم بسعادة وشرع بأعداد الطعام وهى غافلة على ظهره بدلال، شعر بسعادة العالم بأكمله وهى بين ذراعيه فجذب الأطباق ووضعها على الطاولة، جذبت الفاكهة بأستغلال قربه من الطاولة ليتطلع لها بغضب مصطنع: أنتِ أستغلالية على فكرة.. إبتسمت وهى تطوف رقبته: عارفة.. تأملها عن قرب بعشق طال بالنظرات ليتركها لتسقط أرضاً وتصرخ ألماً بينما هرول هو للفرن سريعاً وأخرج الفطائر قائلاٍ بسعادة: الحمد لله.
رمقته بضيق وهى تنهض بألم ولكن سرعان ما هرولت اليه، تنظر للفطائر بسعادة فجذبت أحداهما لتتناولها ولكن سرعان ما وضعتها وصرخت ألماً من فرط حرارتها فتعالت ضحكات زين بسخرية لترمقه بغضب طفولي... أقترب ليحمل أحداهما فعليه تحمل حرارتها لأجلها ثم شرع بأطعامها لتتناول بسعادة وهو يتأملها بعشق...
وقفت السيارات أمام منزل فزاع بأنتظار النمر لينضم لهم فكان يقف على مقربة منهم يلقى كلماته الأخيرة للفهد: فكر كويس يا فهد حياتك الا هتتدمر بالقرار دا وأنا جانبك وقت ما تحتاجني أحتضنه فهد قائلاٍ ببسمة بسيطة: سبها على الله يا صاحبي.. بادله البسمة وتوجه للسيارة فرفع فهد يديه يودعه قائلاٍ بأبتسامته العذابة: ، وصل سلامي لزين وحازم.. أستدار له ببسمة هادئة: أعتبره وصل...
وصعد للسيارة التى غادرت على الفور متجهة للقاهرة للعودة لحياة سيستكملها الأنتقام!.. بسيارة الفتيات، كانت كلا منهم صافنة بمن تراه بمخيلاتها، فمنهم من تتذكر كلمات العاشق فيتلون وجهها بألوان حمراء ومنهم من تشدو شوقاً لرؤيته وهناك من تصارع ألمها بمنزل فزاع الدهشان...
بمنزل طلعت المنياوي .. لم تسعهم الفرحة لمعرفة عودة أبنائهم فأعدت كلا منهم الطعام الشهي لأستقبالهم، فاقتهم سعادة الأباء وطلعت الخفى خلف وجهه الثابت، أما هناك فكان له من السعادة حلف لعودة النمر حتى تسنح له فرصة الأنتقام...
بشركات حازم السيوفي بحث عنها بعيناه بين المؤظفين بلهفة للقاء بها، صاحبة الوشاح الأسود التى خطفت قلبه بلا رجعة ولكن زاب القلب بيأس حينما لم يتمكن من إيجادها ليعلم بأنها الآن لن تعد مجدداً بعدما كشفت ما تخفيه... جلس على مكتبه بضيق حتى صار كالمجنون يتشاجر مع الجميع لأتفه الأسباب فبداخله صراعات عتيقة للغاية ليكسرها حينما جذب جاكيته وتوجه لعنوانها بعدما أتى به من الحرس...
قاد سيارته ببطئ كأنه يعيد تفكيره مجدداً بتلك الخطوة المجهولة ولكن حسم قراره ووصل أمام منزلها فصعد للأعلى وطرق باب المنزل ؛ففتحت فتاة صغيرة لحد ما يبدو عليها البكاء الحارق ولكنها تقف أمامه بملامح ثابتة: حضرتك مين؟ تنحنح بحرج: أحم مش دا بيت الأنسة حنين؟ أشارت له بنعم فأكمل قائلاٍ بخجل: ممكن أشوفها.. قالت بهدوء: ثواني..
أشار لها بتفهم فتوجهت للداخل لتخبر شقيقتها التى أرتدت نقابها وأتت لترى من؟ ؛ فكانت الصدمة حليفتها. وقفت أمامه بأرتباك لا تعلم ما عليها فعله، الحرج سيد الموقف على كلياهم ليقطعه قائلاٍ بهدوء: أسف لو جيت كدا بس محتاج أتكلم معاكِ.. أشارت له بخجل: أتفضل.. وبالفعل ولج للداخا لتترك باب المنزل مفتوح بعض الشيء وتجلس أمامه على الأريكة المتهالكة، بقى صامتٍ للحظات ثم قال بهدوء: ممكن اقابل والدك؟.
طعن قلبها فتباعدت عنه بالنظرات والدموع تغزو وجهها، بكت شقيقتها الصغيرة قائلة بدموع: البوليس أخد بابا من شوية.. أستدارت لها حنين بنظرة مميتة جعلتها تهرول للداخل فأسرع بالحديث: ليه؟. تطلعت له حنين قائلة بهدوء: أستاذ حمزة حضرتك قولت محتاج تتكلم وأنا سمحت لك بالدخول رغم عدم وجود والدي فياريت تحترم دا..
إبتسم بأعجاب ليتطلع لها قليلاٍ فتلك الفتاة الهزيلة تبدو بقوة لا مثيل لها، خرجت الكلمات أخيراً بلا تزين ولا أقنعة قائلاٍ بتلقائية: عايز أتجوزك يا حنين رفعت عيناها له بغضب وصدمة ولكن فاق الغضب ما بها لتنهض عن الأريكة قائلة بثبات: أنا عارفة ليه طلبت الطلب دا بس للأسف يا أستاذ حمزة أنا مش من النوع الا بيقبل الشفقة.. وقف هو الأخر ليقترب منها بضع خطوات: شفقة!، هو الجواز بقى شفقة؟.
أغلقت عيناه بألم فلم تعد تحتمل ما يحدث معها لتقول بصوتٍ مازال يلتمس الثبات والقوة: من فضلك تخرج من هنا، أرجوك وتركته وهرولت للداخل لتسمح لذاتها بالضعف بعد ما مرت به من مأساة متلاحقة، أما هو فبقى محله يتطلع للفراغ قائلاٍ بهمس: أنتِ ليا مهما حصل..
وغادر صافقاً الباب خلفه ليستفسر عما حدث ليعلم من أحداهم أن هذا الرجل الوضيع قدم الشيكات للشرطة التى أعتقلت والدها على الفور ؛فصعد لسيارته وتوجه لقسم الشرطة ليخرج ذلك الرجل من المعتقل بعد أن دفع حق الشيك البخس فأصبح هذا الرجل فى حيرة من أمره فود شكره كثيراً ولكن رفض حمزة البوح بأسمه وأمر الحرس بأيصاله لباب المنزل لتعم الفرحة منزل حنين بعد تحطم قلبها هى وشقيقتها فكانت ترتب لحياة بائسة وعقل يشرد بمسؤلياتها الكثيرة، ولكن ما فعله هل سيكون بحسبان المعروف والشكر أما خندق حفره لذاته مع ذات الوشاح الأسود؟!
وصلت السيارات أمام منزل طلعت بعد قضاء ساعات طويلة لتصعد الفتيات للأعلى بسعادة ولحقوا بهم الشباب ما عدا عبد الرحمن والنمر فذهب كلاٍ منهم لأيصال صابرين ورهف... رفضت الصعود لسيارة وفضلت الذهاب سيراً لتحظى ببعض الوقت معه..
تطلعت صابرين لتلك المرأة التى تجلس لتصنع الذرة فأبتسمت لتذكرها كم كانت تعشقه بالصغر، تركها عبد الرحمن وأقترب من المرأة ليجلب لها ما كانت تتمناه وقدمه لها فأبتسمت بزهول: عرفت أزاي أني عايزاه؟!. إبتسم بعشق: مش ضروري تعرفي..
خجلت للغاية من نظراته ورفعت يدها تلتقطه منه لتتلامس الأيدى كملمسة الطوفان المحلق بسماء تاجها العشق، رفعت عيناها له لتصفن قليلاٍ فلا بأس بذلك، بقى أمامها بأبتسامته الوسيمة ليقطعها حينما أشار بخفة: يالا.. خطت معه بأشارة رأسها وتناولته بفرحة...
وصل أدهم ورهف للقصر فولجت للداخل سريعاً تعلو بصيحاتها المرتفعة: حازم، حازم.. عيناها تنبش لرؤياه حتى أستقرت عليه وهو يهبط الدرج بستغراب حل بالسعادة، هرولت لأحضانه بفرحة فأحتضنتها بجنون قائلاٍ بدهشة: رجعتي أمته وأزاي؟. وضع النمر قدماً فوق الأخرى بسخرية: واضح أني مش عاجبك!. أسرع إليه بستغراب وفرحة لوجوده: النمر بنفسه هنا؟ إبتسم بسخرية: وأنت هتاخد بالك مني أزاي وأنت منغمس بالأحضان؟!.
تعالت ضحكاته الرجولية لينضم له قائلاٍ بستغراب: الحصار أتفك؟ رمقه بنظرة مميتة فأبتلع ريقه قائلاٍ بلهفة: مقصدش أنا يعني بقول لو خلعت من الصعيد بيت أخوك أولى بيك.. نهض عن مقعده ليقترب منه فتراجع حازم بخوف مصطنع: صلى على النبي يا نمر الكلام أخد وعطى.. جذبه ليقف أمامه قائلاٍ بنبرة ساخرة: وأنا يوم ما أهرب مش هلاقي غيرك أنت يا خفيف!.
تعالت ضحكات رهف قائلة بصعوبة بالحديث: طب يا جماعة أطلع أريح فوق شوية لما تخلصوا نقاش.. حازم بخوف مصطنع: لا يا رورو متسبناش الله يكرمك.. أشارت له بخفة وهى تصعد الدرج: تشاو يا بيبي.. تطلع لها حتى تخفت من أمام عيناه فقال بصدمة: واطية.. رمقه أدهم بنظرة مميتة ثم تركه ليسقط على المقعد ليجلس هو الأخر بجدية: زين فين؟ سعل قليلا وهو يحاول التنفس: أخد همس وأختفى للعشق المبجل..
صاح بغضب: كل واحد فيكم عايشلي الدور وفاكر نفسه روميو وسايبن الحيوان دا يستغل غياب حضراتكم... جلس بأستقامة وقال بجدية: ليه أيه الا حصل؟ قص عليه أدهم ما حاول فعله ليقضي على الأسهم التابعة إليهم ولكن كان نصيبه ضربة النمر القاضية... حازم بصدمة وزهول: عملت كل دا وأنت مكانك؟ رمقه بنظرة ثابتة ثم قال بهدوء: قولتلك ورقته الأخيرة بأيدى وكدا خلاص أعتبره أنتهى بعد ما خسر كل أملاكه..
إبتسم بأعجاب: طول عمرك ذكي وبتعرف تلعبها صح.. أكتفى ببسمة بسيطة ونهض قائلاٍ بسخرية: طب براحة لأتغر.. وتوجه للخروج فأتبعه قائلاٍ بغضب: أنت لحقت؟ رفع يديه على كتفيه: معلش لسه راجع حالا حتى مدخلتش البيت قولت أوصل رهف الأول دي كانت هتموت وترجع... حازم بخجل: مش عارف أشكرك أزاي يا أدهم؟ ضيق عيناه بغضب: قولتلك مفيش بينا الكلام دا، وأشار إليه بذراعيه: أشوفك بكرا، سلام..
أشار الأخر له فغادر أدهم عائداً للمنزل...
بمنزل طلعت المنياوي .. تمددت مكة وغادة على الأريكة بعناء السفر طويلاٍ فولج يوسف وضياء ليجلس كلا منهم لتناول الطعام فتطلع ضياء لغادة بسخرية: أنتِ كنتِ بأمريكا!. تعالت الضحكات بينهم فرمقته بضيق: كدا ماشي يا ضياء دا بدل ما تقولي حمدلله على السلامة يا حبيبتي وأ... قطعت باقي كلماتها حينما جذبها أخيها من ملابسها كالمتهم قائلاٍ بغضب مكبوت: أنا الا هقولك يا حبيبتي ويا قلبي ويا كل الدلعات الا بالكون..
إبتلعت ريقها برعب قائلة بأبتسامة واسعة: أسمع بس يا حودة دانا كنت بهزر معاه أه والنعمة.. تعالت ضحكات ياسمين وجيانا ليلكمها بخفة: وتهزري ليه من الأساس هو كان من عيلتك!. وقف ضياء لجواره قائلاٍ بسخرية: لا أبن الجيران ياخويا ثم أنك تجرأ على أنك تكلم خطيبتي كدا أزاي؟! رمقه أحمد بنظرة طويلة ثم جذبه قائلاٍ بتسلية: تصدق بقالي كتير مدخلتش فى خناقات من إياهم وأنت طلعتلي فى البخت..
تعالت ضحكات يوسف ليصرخ به ضياء بغضب: بتضحك على أيه الله يخربيتك ألحقني... أكمل تناول طعامه غير عابئ به ليصرخ به بغضب: من واجبك كظباط شرطة محترم تحمي الشعب وأنا فرد من الشعب دا.. ياسمين بصعوبة بالحديث من الضحك: تصدق أقتنعت.. جيانا: ساعده يا جو بدل ما تتقلب جنازة هنا.. أسرع إليه بملل: أحنا لسه راجعين من سفر ساعات يعني المفروض نرتاح مش نتشاكل!.
تطلع له أحمد بتفكير ثم تركه قائلاٍ بتأييد: تصدق أنك أول مرة تقول حاجة صح أنا فعلا حاسس أنى همدان كدا.. ضياء بسخرية: هو أنت كنت ناسي وهو أعدلك الذاكرة ولا حاجة؟!. رمقه بضيق وكاد أن يلكمه ليدلف عبد الرحمن بضيق: أنا عندي صداع رهيب ولو سمعت نفس حد فيكم محدش هيلوم غير نفسه..
جلس كلا منهم بأحترام فصعدت الفتيات للأعلى لتبادل ملابسهم بينما تمدد بالأسفل الشباب لينضم لهم النمر فى عودة لجو العائلة الهادئ، ساد الصمت بينهم فكلا منهم يتمدد على الأريكة، صافن الذهن بمقابلة الجد، أستمع أدهم والجميع لصوت بالحارة يعلو بالصراخ فخرج الجميع حتى الفتيات وأمهاتهم بالأعلى خرجن للشرفة لرؤية ماذا هناك؟..
حلت الدماء بعروق أحمد وعبد الرحمن والنمر حينما رأى أحد من أفراد الحارة الأثرياء يأمر رجاله بأخلاء منزل لأحد الأسر الفقيرة بالقوة فحينما وقف أبنائه لهم صاروا ضحية لكثرة العدد المهول...
أطبق أدهم على معصمه بقوة كادت بتحطيم عروقه فلم ينتظر كثيراً ليتوجه للخروج غير عابئ بما سيتلاقاه من طلعت المنياوي لحق به أحمد وعبد الرحمن بعد أن تذكر كلا منهم قسمه الحائل على حماية الضعيف ولكن تخشبت أقدامهم على الدرج حينما رأوا طلعت المنياوي يقف أمامهم بطالته الطاغية وعصاه التى تزيده وقاراً، عيناه تتوزع بين أحفاده الثلاث ليقرأ تمرد كلا منهم بنظراته الغامضة التى طالت بين مجهولا ما وواقع أخر!..
ربما حان الوقت لأشعال فتيل القنبلة المؤقتة لحرب المافيا.
رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الرابع والعشرون
هبط الدرج غير عابئ بالعواقب فلحقه أحمد وعبد الرحمن لتتصنم أقدامهم حينما رأى من يقف أمامهم بعيناه الغامضة... بقى النمر ساكناً، عيناه تراقب طلعت المنياوي بتحدى بدى بعيناه، أقترب منهم بعصاه الأنبوسية ليوزع نظراته بين عين أدهم وما بأيدهم، أخفى أحمد ذاك القناع خلف ظهره ولكن بات الأمر متأخراً بعدما رأه طلعت، بقت الأمور ساكنة إلى أن قطعها صوت الجد بعدما أقترب ليقف أمامهم: المرادي من غير الأقنعة..
تطلع له عبد الرحمن بصدمة فجاهد بالحديث: أيه! إبتسم طلعت قائلاٍ بثبات يضاهي بالخبث: كيف ما سمعت.. وزع أحمد نظراته بين أدهم وجده بصدمة تخطاها حينما تعالت الصراخات بالخارج ليهرولوا سريعاً...
بالأعلى.. صاحت بهم ريهام بخوف: ألطف بينا يارب، أدخلي يا بت منك ليها جوا جيانا ببكاء: حرام عليهم هما بيتفرجوا على أيه؟! ياسمين بحقد: هما طول عمرهم كدا بيحبوا يتفرجوا ومحدش يساعد.. سلوى بصراخ: أدخلوا جوا أعملوا معروف.
كادت أن تجيبها غادة ولكن صعقت مما رأته، جذب أدهم ذاك الرجل الحامل للعصا الغليظة ثم شرع بتسديد الضربات إليه بقوة وغضب ليشاركه عبد الرحمن وأحمد بما يفعله فينهوا تلك الملحمة بصراخات من قام بضرباته لهؤلاء، إبتسمت جيانا بسعادة وهى تراه أمامها يحمى الضعيف فشعرت من يقفن لجوارها بفخر بما قدمن لهم من تربية وأيضاً تسربت إليهم صورة ما كان يفعله كلاٍ منهم فأصبح مفهوم المافيا واضحاً إليهم جميعاً، إبتسم طلعت المنياوي بخفوت وهو يردد بصوتٍ منخفض: ربنا ينصركم على الحق دايماً...
أقتربت تلك العجوز بعد أن وشكت على الموت وهى ترى أبنائها يصارعون للحياة لتمسك بيد عبد الرحمن بعد أن مارس مهنته بجدارة وعالج جروحهم قائلة بدموع: روح يابني ربنا يسعدك أنت وولاد عمك يارب وميوقعكمش فى ضيقة قادر يا كريم...
لمعت عين أحمد بالدمع فكم تلك الدعوات تحول لألماسات هو بحاجة لها، شعر من يقف على مسافة ليست بكبيرة منهم بالخزي لما فعله بأبنه فهو الآن يعلم بأن ما فعلوه لم يكن ليشعرهم بالخزي والعار!.. ولجوا جميعاً للداخل فأعدت ريهام ونجلاء الطعام ليجلس الجميع على المائدة بأمر من طلعت المنياوي، جلسوا جميعاً يتطلعون لطلعت بأندهاش على عدم ردة فعله لما فعله أحفاده...
رفع عيناه لأبراهيم الحزين قائلاٍ بهدوء: عرفت دلوقت أن إبنك معملش حاجة غلط رفع عيناه لأحمد قائلاٍ بندم: سامحني يا أحمد. ترك المقعد وتقدم سريعاً من إبيه ليقبل يديه بفرحة: العفو يا حاج أنت تعمل ما بدالك.. وجلس جواره ليقطع عنهم تلك اللحظة النمر الثابت: لما حصرتك كنت تعرف من البداية لزمته أيه الا حصل دا؟
تطلعوا جميعاً له بصدمة فكيف لطلعت أن يعلم بذاك الأمر!، تناول طعامه ببسمة هادئة ثم قال بهدوء: وأنت فكرك أني نايم على وداني أياك!. محمد بصدمة: يعني حضرتك يا بابا كنت عارف الا بيعملوه من البداية؟ رفع عيناه لأبنه الأكبر قائلاٍ بتأكيد: أيوا يا ولدي وكنت دايماً عيني عليهم بس الا حوصل مع إسلام الكلب خلاني أخاف عليهم عشان إكده خاليتهم يدلوا على الصعيد..
ضياء بصدمة وصوتٍ سمعه البعض: نهار أسوح محدش يستقل بيك برضو.. ضحك الجد بصوت فكانت الدهشة تاج للوجوه ليقول بمكر: أيوا يا لمض لازمن تأخد بالك.. إبتلع ريقه بخوف فأسرع بالحديث: لا وقسمن بالله الخناقة الا حصلت مع الواد شبانة دا كانت قدر ونصيب هو الا أتطول عليا.. كبت عبد الرحمن ضحكاته فتطلع له طلعت بمكر والبسمة محال للجميع... يوسف بمجاهدة بالحديث: وأنا مقصدتش أعمل للواد سلامة تمزق بالأيد كان غرضي شريف..
إسماعيل بصدمة: أحنا مربين تشكيل عصابي ولا ايه؟ ريهام بأبتسامة مرتفعة: واضح أن الحاج خالهم يعترفوا على نفسهم... شاركتها الفتيات الضحك فأبتسم طلعت وهو يرى الفرحة العارمة على عائلته لينهض عن المقعد قائلاٍ بهدوء وعيناه على الرجال: الشقق خلصت وكل واحد منيكم أبوه شطبله شقته وهدية جدكم فزاع كانت العفش مفضلش غير الستاير لازمن تكون خلصانة جبل الجمعة عشان العزال...
وتركهم وكاد الرحيل ثم أستدار قائلاٍ للفتيات: كل واحدة تنزل بكرا مع أمها تنجي فستان الفرح الا يعجبها دي هديتي ليكم.. وغادر طلعت تاركاً الشباب بزهول من تقبل الأمر... خرج أحمد عن صمته بعدم تصديق: يعني بعد بكرا العزال! الفرح كدا قررب يا بشر. ضياء بغضب: أه ياخويا ليك حق تفرح خطوبتك مكملتش شهرين وأديك هتتجوز لكن أنا لسه بعد الجامعة زي ما قال جدك.. يوسف بأبتسامة خبث وعيناه على مكة: خاليك معايا يا ضيو..
رمقه بنظرة محتقنة أما لجواره فكانت النظرات تتراقص بعشق خفى بين لقاء الأحبة فكلا منهم تغمره سعادة اللقاء بها...
جلست على الرمال ليفترش فستانها الزهري المكان، تتأمل المياه بفضول كبير قطعته بمداعبة أصابعها للموجات بسعادة، كتبت على الجزء المغمور بالمياه أسمه لتجده لجوارها كأنها طالبت بوجوده.. زين بأبتسامة هادئة: جيت بالوقت المناسب؟ رفعت عيناها له بعشق: أنت دايماً بتجي كدا.. جلس جوارها قائلاٍ بغرور مصطنع: أعتراف من المجنونة؟
أكتفت ببسمة صغيرة ثم قالت بألم: لما شوفت بعيوني القبر الا فحرهولي أتمنيت من ربنا أني أعيش لدقايق أشوفك فيهم بس... رفع يديه يزيح تلك الدمعة الحارقة قائلاٍ بعتاب: مش قولنا بلاش كلام بالموضوع دا! إبتسمت بسخرية: هو دا موضوع يتنسى.
ثم أستند بخصرها على يديه قائلة بهيام: تعرف لما وقعت على الأرض ورفعت عيني وشوفتك حسيت وقتها أد أيه أنك حماية وأمان ليا أتمنيت أنك تكون موجود فى حياتي الا فاتت لأنى كنت ضعيفة ومحتاجالك... جذبها لأحضانه بقوة قائلاٍ بهمس: أنا جانبك وهفضل طول عمري جانبك يا همس.. ثم أخرجها لترى عيناه الزرقاء كأنها بتحدى مع لون المياه: خلاص هانت فرحنا بعد أربع أيام الحاج طلعت كلمني وحجز الفرقة وظبط الدنيا..
هتفت بحماس: فرقة!، الله بجد.. أكتفى ببسمته الفتاكة: فرحانه؟ أجابته بغضب: ودي محتاجة سؤال، الجو الشعبي دا بيكون تحفة أحسن ألف مرة من الحفلات.. إبتسم وهو يرى سعادتها قائلاٍ بعشق: الأهم عندي أشوفك مبسوطة.. أختبأت بين أحضانه بسعادة وعيناها تتراقب تمرد الموجات...
لم يذق كلا منهم مذاق النوم فأخيراً سيجتمع القلب بما هواه، جذب النمر هاتفه ليطلبها فأجابته على الفور ليبتسم بخفة: لسه صاحية؟ تلون وجهها لسماع صوته الذي ينجح بسحب روح القلب: مش جايلي نوم.. ضيق عيناه بمكر: أتمنى مكنش السبب تعالت ضحكاتها قائلة بخجل: على فكرة أنت مغ.. قطع كلماتها بصوته الرجولي: مغرور.. أخفت وجهها بتوتر: بالظبط.. أستند برأسه على الوسادة: عشان بحبك لأزم أتغر..
صمتت وودت لو أغلقت الهاتف حتى تهرب منه ولكن أسترسل حديثه بعشق: خلاص يا جيانا هتكوني جانبي وملكِ، مش عايزك تفكري أو تخافي من حاجة خليكِ فاكرة أني بحبك أكتر من روحي يعني أنتِ عندي أهم من نفسي متسمعيش لكلام حد خاليكِ واثقة فيا... كلماته المبسطة كانت حاملة لرسالة وجهها لها بلغزاً خفى ليبث لها الآمان عن بعض المعتقدات الشعبية التى تنجح بعض النساء ببثها لأى عروس واشكة على الزفاف...
وصل الخجل لقمته فجاهدت للحديث بتوسل: ممكن أقفل؟ إبتسم النمر ورفض أن يخجلها أكثر فقال بثبات: تصبحي على خير يا قلبي.. أغلقت سريعاً دون أن تجيبه والبسمة والأرتباك سيد الموقف...
بغرفة عبد الرحمن... دق هاتفه بنغمة مبسطة ثم تراجع سريعاً فنهض عن فراشه بنوم ثم جذب الهاتف ليجدها فعلم بأنها تشعر بالخوف من شيئاً ما فتود الحديث معه ولكن تشعر بالخجل لتأخر الوقت... رفع الهاتف يطلبها فأتاه صوتها بتوتر: أسفة لو صحيتك أكتفى ببسمة بسيطة وهو يجاهد لفتح عيناه: أنتِ تعملي الا تحبيه وأنا علي التنفيذ ما بالك بقا النوم!
تعالت ضحكاتها قائلة بحماس للحديث: مش جايلي نوم وكان نفسي أتكلم معاك اوي.. عبد الرحمن بمكر: أمم لو هتقوليلي بحبك أو كلام من دا فأنا سامع جداً.. صاحت بغضب: عبد الرحمن تعالت ضحكاته قائلاٍ بعشق: عيونه.. إبتسمت بخجل: أني بحبك دا شيء أكيد.. أجابها بأبتسامة ماكرة: وأيه كمان.. زفرت بضيق: ممكن تسمعني أنا محتاجة مساعدتك.. أستقام بجلسته بجدية: أنتِ عارفة أني جانبك على طول بس مساعدة أيه؟
خرج صوتها الشبه باكي: أنا كنت السبب فى أن والدة زين تسبله البيت وتمشي ولحد الآن بيدور عليها ومش عارف يوصلها عايزة أرجعها له.. أجابها بتفهم: بس يا صابرين هى مدتش فرصة لزين هتسمعك أنتِ!. هنا خرجت بالبكاء المرير: هحاول يا عبد الرحمن هقولها أنى خلاص هتجوز وهيكون ليا بيت لازم ترجع.. إبتسم قائلاٍ بعشق: بيت وعاشق وحياة مختلفة أوعدك أنها هتكون جنتك.. أزاحت دموعها قائلة بأرتباك: أن لقيتها من أول ما شوفتك.
عبد الرحمن بمكر: أممم بس على ما أعتقد كنت الطبيب اللعين.. تعالت ضحكاتها قائلة بصعوبة بالحديث: المسامح كريم إبتسم بخبث: أكيد لازم أسامحك أحنا داخلين على أيام مفترجة كلها أربع أيام تلون وجهها بالخجل لتهرب بالحديث هتساعدني ألقيها؟ أجابها بجدية: أنا جانبك على طول وأن شاء الله هنلاقيها... سعدت للغاية وتبادلت معه الحديث حتى الصباح..
بغرفة أحمد.. صاح بصدمة: وليه فكرتي كدا؟ أجابته بخجل: أكيد بعد دخولك الجامعة هتشوف بنات مختلفة عن هنا فكنت متوقعة أنك مش هتشوفني صمت قليلاٍ ثم قال بعشق: ياريت عيوني يكون فيها مكان أنها تشوف غيرك يا ياسمين أغمضت عيناها بسعادة ليكمل هو بهمس: أنا شايفك ملكِ من وأنتِ صغيرة، عمري ما ربطت أسمي بغيرك وكنت متأكد أن اليوم الا هتكوني ليا فيه جاي بس أمته دي كانت مسألة وقت مش أكتر..
خرجت عن خجلها قائلة بتوتر: أنا بحبك يا أحمد.. أكتفى ببسمة صغيرة: مش أكتر مني يا قلب أحمد...
تأمل تخفي القمر خلف ستاره المظلم لتسطع الشمس بنوراً ساطع يعكس ما بقلبه، عيناه تجوب حديقة القصر بحزن لتذكر ملامحها الحاملة للأنين، ظل حمزة هكذا حتى شُل من التفكير بها فراى أن ما فعله كان الصواب لرؤية البسمة والسعادة تتسلل لها حتى وأن كان سيفهم بشكل خاطئ... بغرفة حازم...
تململ من نومه ففرد ذراعيه حتى يحتضنها ولكنه تفاجئ بالفراش فارغ، فتح عيناه بلهفة لعدم وجودها لجواره فجذب قميصه ثم أرتداه بأهمال وشرع بالبحث عنها لتقع عيناه على من تجلس بالخارج وأثر البكاء على عيناها... أسرع إليها ليجذبها أمامه بقلق: فى أيه يا حبيبتي؟ أيه الا مصحيكي بدري كدا!.
رفعت عيناها المغمورة بالدموع: معرفتش أنام من التفكير يا حازم مش قادرة أصدق أن راتيل تعمل فيا كدا، وتعال صوت بكائها الممزق لقلبه العاشق: أنا معملتش ليها غير الطيب والخير لكن هى قتلت إبني وكانت عايزة تدمرني!. جذبها لتجلس على الأريكة الخارجية للشرفة لينحني لمستواها: متستهلش أنك تفكري فيها من الأساس الا حصل دا يخلينا نطلع بحاجات كتير وأولهم أن ربنا بيحبنا عشان كدا كشفنها بالوقت المناسب...
رفع يديه على وجهها بحنان: تعرفي لو كانت نجحت أنها تأذيكِ كان ممكن يجرالي أيه؟ تطلعت له ببسمة عشق ليحتضنها بقوة وهى تشدد من أحتضانه فهو كان لها الحمى من تلك الأفعى القاتلة...
بمنزل طلعت المنياوي .. أنهمك الجميع بالترتيبات لمناسبة الغد فخرجت الفتيات لشراء أخر الأغراض الخاصة بالمطبخ مع أباءهم وأمهاتهم... أما طلعت فوكل ضياء ويوسف بدعوة رجال الحارة والأقارب للغد، وترك أدهم وعبد الرحمن وأحمد ينهون ما تبقى لجعل المنازل على أهبة الأستعداد بالزفاف المطلوب...
صعد أدهم وعبد الرحمن للطابق الأول ففتح الباب ليبتسم عبد الرحمن وهو يتأمل الشقة بأعجاب قائلاٍ بسعادة: ربنا يجعلها خير المسكن ليك يا نمر.. رفع يديه على كتفيه بأبتسامة لا تليق سوى به: أنا وأنت يارب.. ثم وقف بالخارج قائلاٍ بسخرية وعيناه على الشقة المجاورة: مش لقين الا الحيوان دا يكون هو الا أدامي!. تطلع عبد الرحمن على ما يتطلع له ثم تعالت ضحكاته قائلاٍ بمرح: معلش يا نمر نستحمل بعضينا كدا عشان تعدى..
رمقه بنظرة سخرية: طبعاً مش لوحدك فوق.. سخر بوجهه: مش على طول ياخويا شهور وهلاقي أخوك والحيوان يوسف مشرفين فى وشي.. تعالت ضحكات النمر قائلاٍ بسخرية: لا أذ كان كدا معلش أستريح اليومين دول وربنا يعينك، ثم أغلق باب الشقة مشيراً بيديه: يالا نجيب الستاير عما سي أحمد ينجز بالنجف.. وجذب الباب ثم توجه للأسفل ببسمة سخرية فلحق به عبد الرحمن ليذهبوا معاً لأحضار بعض الأغراض حتى يكون المنزل بأستعداد...
ألقى بهاتفه على الفراش والضيق يكتسح وجهه فمازالت تأبي أن تجيبه حتى رؤيتها منعته من ذلك... أستند برأسه على المقعد والحزن يتمكن منه ليفق على هزات بسيطة من يدها، أستدار زين بوجهه ليجدها أمامه تطلع له بحزن: لسه برضو مش حابه تسمعك؟ إبتسم بألم: وعمرها ما هتديلي فرصة لأنها ببساطة فاكرة أني كنت على علم بجوازة بابا من البداية ومش كدا وبس لا كمان شايفني منحاذ له ولقراره لما جبت صافي البيت عندنا..
جلست جواره ويدها تحتضن يديه لتجاهد بالحديث المرتبك: معلش يا زين هى معاها حق ولازم تعذرها.. تطلع لها بصدمة: ربنا سبحانه وتعالى أمرنا بطاعة الوالدين بس مش عند الا يغضبه ولا وهى كانت عايزاني أحرم صابرين من ميراثها وحقها الشرعي فى البيت فكان لازم أوقفها عند حدها فين الحق فى كدا؟!. رفعت همس عيناها له بتفهم: عارفة كل الكلام دا يا زين بس فى النهاية هي ست واللي حصل لها مكتش سهل...
ضيق عيناها بعدم فهم لتنهض عن المقعد وتتجه للشرفة بهيام بأحزانها: يعني أنها تعرف أن جوزها كان متجوز عليها من سنين دي أبشع حاجة فى الدنيا أنا لو مكانها كان ممكن يجرالي حاجة تخيلها أنه كان فى حضن واحدة تانية وهى كانت مطمنة ومأمنة أنه بيشتغل عشانهم دي كافيلة أنها تكسرها.. وأستدارت له بدمع يلمع بعيناها: مش لازم تستسلم حاول معها كتير..
أقترب منها زين وقبل يدها بعشقٍ جارف: هحاول يا همس، ثم قربها إليه: تأكدي أنك عمرك ما هتعيشي التجربة دي أبداً.. أكتفت ببسمة هادئة لتغمض فتركها وتوجه للخزانة يرتب حقيبته قائلاٍ بثبات: يالا جهزي شنطتك لازم ننزل مصر عشان صابرين وكمان فرحنا بعد 3أيام.. آبتسمت بفرحة وأسرعت لغرفتها تعد الحقيبة بقلب يرقص لقرب زفافها ولكن ما أن تذكرت ما حدث من قبل حتى غمغم القلب بالخوف...
ولج ضياء ويوسف للمنزل بتعبٍ شديد فأرتمى كلا منهم على الأريكة بأهمال ليتمتم بألم: أنا مالي بأم الجوازة دي، مش حاسس برجلي زي ما تكون أتقطعت من اللف... شاركه ضياء بهمس: لو جدك سمعك هيعلقك.. رمقه بنظرة محتقنة: أكتر من كدا!، من الصبح بنلف عشان نعزم الناس على العزال وكمان يوم وهيرميلك بطاقات الدعوة ويقولك المهمة التانية، أنا بكره نفسي أني الصغير لو كنت زي ولاد عمك كان زمنا مترفين..
: بتقول حاجة يا يوسف؟ صوت النمر القاطع الذي كان كافيل بجعله يسقط أرضاً من الصدمة لينهض سريعاً قائلاٍ ببسمة واسعة: ولا حاجة يا نمر دانا بقول لو مش هنتعب ليكم هنتعب لمين!. ضيق عيناه بمكر بينما كبت ضياء ضحكاته، ولج أحمد للداخل قائلاٍ بغرور: كله تمام يا نمر جبت راجل ركب النجف فى الشقق وعبد الرحمن هناك مع بتاع الستاير بس أنا كنت حابب نعملها مش بحب الجاهز..
ضياء بسخرية: ياعم بعد الفرح أبقى أعمل ما بدالك غيرك مش طايل لا نجفة ولا ستارة!.. تعالت ضحكات أحمد ليجذبه أدهم بنفس لهجته: أه وأنت بقا مستعجل على الجواز من دلوقتي؟!. إبتلع ريقه بخوف شديد: لا والله أنا مستعد أتجوز في سن ال40 معنديش أيه مشكلة.. تركه قائلاٍ بمكر: كدا تعجبني.. تعالت ضحكات الجميع ليقترب يوسف من أدهم بمرح: بمناسبة العزال وأننا هنشيل لما يتهد حيلنا.
قاطعه أحمد بسخرية: متدخل فى الموضوع على طول من غير شرح.. رمقه بنظرة محتقنة ليكمل: مفيش أزازة برفان ولا أيه حاجة من الخاصين بالنمر.. ضياء بغضب: نعم ياخويا الحاجات دي بتكون ورث لاخو العريس يوسف بسخرية ؛ وأنا إبن خاله مثلا مأنا أخوه... تعالت ضحكات أحمد فأبتسم النمر قائلاٍ بثبات: أبقوا قسموا مش هنفترق.. أحمد بصدمة: أنا مشترتش حاجة جديدة للفرح أدهم بسخرية: وأنا يعني الا جبت ما الحال من بعضه..
ولج عبد الرحمن بغضب: وهنجيب أزاي ما أحنا أتفاجئنا بالا حصل.. ضياء بضحكة مرتفعه: البنات الا ما شاء الله كل يوم يرحلوا الشنط كأنهم معدوش هيشتروا حاجة بعد الجواز أنا حاسس أن أعمامي قربوا يأعلنوا أفلسهم... تعالت الضحكات بينهم ليرفع النمى يديه على كتفي عبد الرحمن: مش مستهلة العصبية دي هى حاجة العريس أيه دا هما كام طقم والبرفنيوم..
أسترسل أحمد الحديث بسخرية: وأبقى قابلني لو لقيت مكان تحط فيهم حاجتك، لأن فى الأخر الشقة والدولاب والتسريحة وجيب الزوج وجميع ما سبق من حق الزوجة يعني سيادتك كنت عايش فى بيت أهلك ملك فى عش الزوجية بقا بتشيل هدومك وما يخصك على درعك ما تلقيش مكان ولو صغير تحط فيه ولو لقيت فأعرف أنه مش هيدوم الله أعلم بقا هتخده الزوجة ولا أطفال المستقبل.. يوسف بصدمة: كل دا!. عبد الرحمن بزهول: أشيل هدومي!..
ضياء بصدمة: عقدتنا فى الجواز لا أنا كدا بيس.. رمقهم النمر ببسمة ساحرة ثم صعد للأعلي قائلاٍ دون النظر إليه: جاهزوا نفسكم هنخرج نجيب اللبس.. عبد الرحمن بغضب: لا أنا منسحب من الحوار دا.. أحمد بضحكة سخرية: أنشف ياض أحنا فى الأخر أحفاد طلعت المنياوي يعني هنأخد دلفة دولاب ونص التسريحة بعون الله... ضياء بمرح: والله مأنا خايف الا عليك...
جذبه أحمد بغضب فشاركه يوسف السخرية: كلام فى الفاضي وأول ما بيشوف الموزة بيسرح فى ملكوت الله.. جذبه أحمد بغصب: تصدق أنك حيوان طب أنا واحد وبسرح أنت حاشر نفسك ليه؟ ضياء: وتسرح قدامنا ليه يا عم أحنا لسه المشوار ورانا طويل لما نوصل لمرحلة النجف والستاير هنكون نص أبيض ونص أسود دا أذا كان جدك لسه على قيد الحياة أصلا..
تصنم أحمد ويوسف محلهم بينما أنسحب عبد الرحمن للأعلى بصمت، بينما تيقن ضياء بنظرات صدمة أحمد ويوسف من يقف خلفه!.. أستدار ضياء ببطئ لتنكمش ملامح وجهه حينما وجد طلعت المنياوي بملامح لا تنذر بالخير فجاهد بالحديث: ربنا يديك طولة العمر ياررب.. لم تتبدل ملامح وجهه ليشير له يوسف بأنه على وشك الهلاك، خرج عن صمته بعدما صفع الأرض بعصاه كدليل على غضبه: عملت الا جولتلك عليه ولا واجف تتمرع بحديثك الماسخ ده..
إبتلع ريقه برعب ليسرع بالحديث: عملت كل الا قولتيلي عليه يا جدو عزمت عم إبراهيم البقال وروحت للأستاذ فتحى وأ... قطعه حينما أشار له بيديه قائلاٍ بعين تتوعد له: هنشوف.. وتركه وتوجه للمسجد للصلاة العصر فأرتمى على الأريكة بعدم تصديق: أنا لسه عايش يابني أدمين!.. تعالت ضحكات أحمد بسخرية: أمسكي نفسك يا سوسو دا الا جاي عسل بأذن الله..
وتركه وصعد للأعلى فجلس يوسف لجواره بمزح: يابني لما تتكلم على حد لازم تلف شمال ولمين الأول متعلمش قدرك فين؟ تطلع له بسخرية: زي الا حصل لحضرتك من شوية.. زفر بضيق: أنا حاسس أن البيت دا مسكون كل ما تجيب سيرة حد تلقيه فى وشك.. تعالت ضحكات ضياء ليقطعها هبوط غادة ومكة للأسفل... ضياء بأبتسامة واسعة: جهزي الغدا يا مكة هموت من الجوع..
رمقته بنظرة محتقنة وهى ترتدي حذائها: قوم أعمل لنفسك أنا نازلة أنا وغادة نشتري طقم للفرح ومش هتلاقي حد هنا كلهم بره.. نهض عن مقعده بغضب: وأنا هعرف أحط لنفسي!. أشارت له بسخرية: أتعلم يا قلبي.. وغادرت للخارج فلحقت بها غادة مبتسمة عما هو به لتقف على صوته الصادح بأسمها... ضياء ببعض الغضب: مقولتيش يعني أنك خارجة؟ رفعت عيناها له ببعض الخوف: أنا عارفة أنك بره من الصبح كمان دي مناسبة والكل مشغول..
أخرج من جيبه المال قائلاٍ بأبتسامة هادئة: بهزر معاكِ على فكرة، خدي دول هاتيلك طقم للحنة والا عمي عطوهولك طقم للفرح.. تطلعت له بخجل وكادت الحديث ولكن قطعتهم مكة بغضب: بقى تعطي لها وأنا لا!. وضع ضياء المال بحقيبة غادة ثم قال بعناد: مفيش ليكِ حاجة خلي أسلوبك الحدق دا ينفعك.. تعالت ضحكات غادة لترمقها مكة بغيظ: أسكتي أنتِ، ثم أستدارت له بعناد يضاهيه: مش هخرج من هنا غير لما تعطيني..
تركها وصعد للأعلى بعدم إكتثار بها فصعدت خلفه بتذمر طفولي، ولج للمنزل فلحقت به قائلة بغضب: أنت بتميزها عني!. رفع قدماً فوق الأخرى قائلاٍ بتسلية: طبعاً ودي محتاجة كلام.. ثارت بالدموع قائلة ببكاء: كتر خيرك أنا أصلا مش عايزة منك حاجة.. وتركته وكادت بالرحيل فلحق بها بلهفة قائلاٍ بجدية: مكة أنا بهزر والله.. وأخرج المال سريعاً فألقته قائلة بحزن: مش عايزة منك حاجة..
أغلق الباب قائلاٍ بغضب: يا عبيطة أنتِ عارفة أني بحب أهزر معاكِ.. لم تكف عن البكاء فخرج النمر بعد أن أرتدى سروال أسود اللون وقميص أسود ضيق يبرز جسده الرياضي مصففاً شعره الغزير بحرافية ليقترب منهم بتعجب: فى أيه؟. قص عليه ضياء ما حدث فتفهم أدهم الأمر وأقترب من شقيقته بأبتسامة لا تليق سوى به: وأتا روحت فين عشان تطلبي من الأهبل دا!.
أزاحت دموعها بحزن وعيناه أرضاً بشعور طاردها من كلمات ضياء، أخرج أدهم المال قائلاٍ بمزح: خدي يا ستي هاتي طقم للحنة وخدي من الحيوان دا وهاتي طقم للعزال هو أحنا عندنا كام أخت دي هى موكا واحدة بس.. رفعت عيناها بأبتسامة ينجح النمر برسمها بدهائه فأحتضنها قائلاٍ بجدية: أنتِ عارفة معزتك عندنا كويس وضياء بيحب يهزر معاكِ لا أكتر ولا أقل..
أقترب منه مسرعاً: أه والله كنت بهزر لقيتها قلبت مرة واحدة على أحمد عرابي!. تعالت ضحكاتها لتفرد يدها بغرور: طب أيدك على الفلوس يا حبيبي.. أخرج المال بمرح: قولت دي نسيت رمقته بسخرية: كله يتنسى الا المصاري ياخويا..
وهبطت للأسفل بسعادة عارمة فتوجه أدهم للخزانة يخرج حذائه قائلاٍ دون النظر إليه: متعدش الغلط دا تاني دايماً أختك وعيلتك ليهم الأغلبية فيك ممكن تتجوز مرة وأتنين وتلاته لكن الأهل عمرك ما تقدر تعوض دافرهم... جلس ضياء على المقعد بضيق: بس أنا مقصدتش قاطعه أدهم بهدوء: عارف بس كان لازم أقولك كدا متحاولش بالهزار تدخل أفكار مش كويسة لحد... وتركه وتوجه بالخروج..
هبطت للأسفل فوجدته يتوجه بالصعود، لا تعلم لما ثقلت قدماها حينما بدأ بالصعود ليصبح على مسافة منها.. يوسف بأبتسامة مرح: كنت عارف أنك مش هتنزلي غير لما تنجزي مهمتك.. كبتت ضحكاتها قائلة بمكر: دا عمل خيري ولازم أقوم بيه.. خرج يوسف عن ثباته قائلاٍ بعشق: طب ما تعتبريني عمل خيري وتجاوبيني على سؤالي.. تلون وجهها بالخجل فتوجهت للهبوط ليوقفها يوسف قائلاٍ بضيق: لحد أمته هتهربي مني يا مكة؟
وضعت عيناها أرضاً بخجل وهى لا تعلم عن الكلمات مسمع لتقول بأرتباك: لما تربطني بيك الدبلة هجاوبك..
وهربت من أمامه بخطوات أشبه للركص ليبتسم بسعادة لا مثيل لها بعدما لجئت للخبث بأجابتها حينما شرعت له برغبتها به بكلماتها المختصرة وبذات الوقت لم تنساب للحرمنية ولا أفتقدت لأخلاقها، أخبرته بأنها موافقة على الأرتباط به بجملة مبسطة جعلته يحلق عالياً، توجه لشقة عمه فوجد أدهم أمامه ليزفر براحة: كويس أني لحقتك.. تطلع له بستغراب: خير؟ يوسف بأرتباك: عايز أتجوز.. ضيق عيناه بغموض ليخرج صوته الخبيث: طب كويس.
صاح يوسف بغضب: مسألتش هى مين؟ رفع عيناه بسخرية: وتفتكر أني مغفل للدرجادي!. تلون وجهه بالأرتباك ليبتسم النمر بمكر: عموماً أنا معنديش مشكلة بأرتباطك بمكة توكل على الله وفاتح جدك تعالت فرحة يوسف ليرتمي بأحضانه بسعادة: ربنا يخليك لينا يا نمر كدا نخدمك بضمير.. إبتسم أدهم قائلاٍ بسخرية: أما نشوف..
وتركه وهبط للأسفل ليجدها أمامه بفستانها الذهبي الجذاب، تحمل بين يدها بعض الأكياس فوضعتهم على الأريكة ثم جلست قائلة بتعب دون رؤيته: معتقدش هقدر أخرج مع ماما عشان الفستان.. نجلاء بأبتسامة واسعة: لا يا قلبي أطلعي كدا خدي شاور وفوقي عشان هننزل تاني.. ياسمين بتعب: أحنا عندنا ثقة فى زوقكم مش كدا ولا أيه يا جيانا.. تمددت على الأريكة قائلة بمجاهدة للحديث: والله زوقكم عسسسل أنا بعد اللفة دي توبت إلى الله...
: أتمنى التوبة تطول وخاصة بعد الجواز... نهضت عن الأريكة مسرعة حينما رأته يقف أمامها بطالته الثابتة لتبتسم نجلاء بنظرات رضا لأبنها: ربنا يحميك يا حبيبي... ريهام بمرح: لا بقولك أيه يا حماة بنتي هتقفي مع إبنك كدا من أولها هنزعل من بعض.. تعالت ضحكاتهم فقالت وهى تحتضن جيانا: جيانا بنتي وأنتِ عارفة، عمر ما هيكون بينا شكل الحموات دا... أدهم بخبث: أه شكلي كدا هبتدي أغير منها..
وغمز لها بعيناه الساحرة فأشاحت عنه عيناها بخجل، هبط عبد الرحمن فأقتربت منه ياسمين بغضب: أنت لسه مجبتش صابرين! رمقها بنظرة محتقنة: كنت فاضي يعني ومجبتهاش!. سلوي بأبتسامة هادئة: طب بسرعه يا عبد الرحمن هنتأخر كدا.. أكتفى بأشارة لها ثم غادر ليحضرها بينما جلس النمر بأنتظاره، جلس يتراقب حوريته التى تتعمد الهرب من نظراته على الدوام...
بشركات السيوفي وبالأخص بمكتب حمزة.. كان يعمل على عدد من الملفات حينما قطعته السكرتيرة بأن هناك من يريد مقابلته فسمح لها بالدلوف... وقفت أمامه ولم يتنبه لها من العمل المهلك أمامه فأقتربت لتقف أمام المكتب قائلة بصوتٍ محتقن: شكراً لعطفك علينا.. كانت كلماتها موسع لجذب إنتباهه، رفع عيناه ليجدها أمامه ؛ فنهض عن مقعده قائلاٍ بهمس: حنين!.
عيناها المغمورة بالدمع والخذلان جعلته يتطلع لها كالمسحور ولكن بسحر حزين يلتف حول جسده فيخترق أضلاعه لرؤية دمعاتها الثمينة أما هى فأستكملت حديثها: الا عملته عطف كبير منك علينا وللأسف مش هقدر أرده.. وتركته وهبت للرحيل ليركض خلفها بلهفة: حنين أنا معملتش كدا عطف مني زي مأنتِ مفكرة!. أستدارت له بأبتسامة ساخرة: وأيه هيكون غير كدا؟!
وضع حمزة عيناه أرضاً قليلا ثم قال بثبات: عارف أنك مش هتصدقيني بس دي الحقيقة أنا عملت كدا عشان محبتش أشوف دموعك تطلعت له بزهول فحتى جسدها تخشب كأنها بحلم تريد التمسك به لمعرفة مكنونه!. أسترسل حمزة حديثه بعينٍ تشع بمجهول: محبتش أشوفك حزينة لأي سبب من الأسباب أنا نفسي معرفش أيه الا بيربطني بيكِ عشان أحس بكدا!.. ثم أقترب منها قائلاٍ وعيناه تتأملها: كل الا عايزه تكوني جانبي.
تطلعت له ببعض الغضب ليسرع بالحديث حتى لا تثور بالشك لبعيد: عايزك زوجة ليا يا حنين.. صدمت من طلبه الغريب فوقفت محلها بصمت تجاهد أن تتحرك من أمامه وبالفعل فعلتها، تحركت بضع خطوات للخروج فأسرع بالحديث: هنتظر رأيك.. أكتفت بالأشارة له ثم هرولت من أمامه سريعاً...
وقفت سيارة زين أمام منزل همس فهبطت وتوجهت للأعلى بينما غادر هو للفيلا... عاد عبد الرحمن للمنزل وهى معه لتنضم للفتيات ليخرجن لتختار كلا منهم الفستان الذي سترتديه أما الشباب فتوجه كلا منهم لينقي ما يناسبه...
مر اليوم سريعاً وعادت كلا منهم لتحتضن أمل الغد بشوق فحل الصباح بصدح العزف بأرجاء المنزل فقام إسماعيل بتزين المنزل من الخارج أستعداد لهذا اليوم... أنضم إليهم زين وحازم فجلسوا جميعاً بشقة محمد المنياوي لتتعال بينهم الضحكات الرجولية... أحمد بمرح: الا مش هيشيل بما يرضي الله هزعله.. ضياء بسخرية: يبقى شيل انت ياخويا.. زين بمرح؛ بس كدا عيوووني أنا هشيل الشنط بس وحازم ويوسف الأدوات الكهربائية..
يوسف بغضب: نعمين وحتة.. رفع حازم يديه قائلا بمكر: بس يا جو نشيل من عيونا بس العرسان عليهم المساعدة بقا... أحمد بغرور: لا العرسان هيوقفوا وهيتفرجوا... عبد الرحمن بغضب: أنت بالأخص الا هتشيل.. أحمد بسخرية: أيوا مأنت لازم تتمرع ما نسيبك نقل وفرش الشقة معندوش الكلام دا.. زين بأبتسامة هادئة: لو أعرف أنكم هتعملوا عزال مكنتش نقلت الحاجة.. أدهم بهدوء: لو خلصتم حواركم يالا عشان نتغدا...
ضياء بسخرية: أكلهم من باب يشيلوا كويس... لم يتمالك حمزة ذاته فخار ضاحكاً قائلاٍ بصعوبة بالحديث: ما تجمد يا ضياء ضياء بسخرية: هنشوف دلوقتي مين الا جامد، ثم أستدار لحازم بغضب: أخوك الا هيشيل التلاجة عشان يتربى شوية.. تعالت ضحكاتهم بمرح ليجلسوا جميعاً على مائدة الطعام، أما بالأسفل فقدمت ريهام وسلوى الطعام للرجال بقاعة طلعت المنياوي...
تناولن طعامهم ثم توجهوا جميعاً لصلاة العصر وأعلان القران للجميع، جلست الفتيات بالشرفة تستمع كلا منهم لصوت معشوقها وهو يردد بالمكبر تقبله بالزواج منها وعهده بالحفاظ عليها وأصوات أبائهن يتممن الزفاف لينتهى بتبرعات طلعت المنياوي وأولاده للمسجد فترتفع الزغريد بالحي بأكمله فرحة بهم...
عاد الرجال من المسجد للمنزل فأرتفع العزف والألحان ليحمل كلا منهم متعلقات العروس لمنزلهم الجديد الذي يبعد عن منزل طلعت بمسافة ليست بعيدة حتى أنهم لم يستخدموا السيارات... وقف أدهم وعبد الرحمن وأحمد بجانب منعزل عن الجميع ليخطف كلا منهم نظراته لحوريته التى تعتلي الشرفة بتخفى فأبتسمن بخجل وقلبٍ يرفرف عالياً للقاء بالمعشوق...
حمل ضياء ويوسف الأجهزة بأمر من طلعت المنياوي الذي منع زين وحازم من حمل أيا منهم معنفاً زين بقوة أنه عريس مثل أحفاده حتى وأن كان أنهى أجراءاته، زمجر ضياء فكان مخطف للشباب وأضحوكة لهم...
تطلعت صابرين لمعشوقها بسعادة لرؤيته بثيابٍ جعلته وسيماً للغاية، كذلك همس التى حضرت لأجل صابرين والفتيات كان هو شعلة عيناها ولهيب العشق بطالته الثابتة أما رهف فكانت تبتسم حينما تتذكر زفافها المميز، توقفت النظرات بين النمر وجيانا فكانت كترنيمة ساحرة تجذب العينان وتربط القلوب برباط يخفق بين العشق والجنون كأنها تزف أقتراب موعد لختام مسحور..
بعد أن أنتهى الرجال من حمل المتعلقات جلسوا جميعاً بالخارج ليحمل حمزة إليهم المشروبات أحتفالا بالزفاف، أما أدهم والشباب فصعدوا للأعلى ليشرع كلا منهم بعمله فالوقت المحدد للزفاف قليل للغاية ومهامهم كبيرة... ولجوا لشقة النمر أولا فخر زين وحازم ضاحكين حينما رأى ضياء ملقى أرضاً جوار البراد ويوسف يحتضن المغسلة وملقى جوارها... حازم بصعوبة بالحديث: يا عيني على الشباب راح...
زين بسخرية: داحنا مش أقوياء بقا يا جدع داحنا جبابرة... رفع ضياء عيناه له بغضب: ورحمة أبوك لأخليك أنت وهو الا تشيلوا فى عزالي وساعتها هنشوف مين فيكم الا جبابرة.. حازم بأبتسامة مرحة: أنوي انت بس وأنا عهد عليا هشيلك التلاجة والفريزر.. زين بسخرية: وأنا هشيل الغسالات مرضي يا عم.. سعل يوسف بقوة: منكم لله ناس تتجوز وناس تتعجز ربنا ينتقم من الا كان السبب.. دفشه ضياء بغضب: وأنا كنت أعرف أنه ورانا!.
يوسف بضيق: طول عمرك لسانك طويل ثم أنك الا غلطت فى جدك يعني تشيل وتتعاقب ذنب أهلي أيه!.. أحمد: طب يالا يا عم منك ليه ورانا شغل كتير هنا.. نهض ضياء وتوجه للخروج قائلاٍ بغضب: مع نفسكم ياخويا أنا كدا تمام وعديني العيب.. وتوجه للخروج ليجد النمر أمامه فتراجع قائلاٍ ببسمة مصطنعه: بس ممكن أفتحلكم الكرتين... عبد الرحمن بسخرية: ميضرش برضو...
وبالفعل شرع الشباب بخلع الكارتين عن الأجهزة ووضعها بمكانها المناسب حتى رهف وهمس أنضمت للفتيات بترتيب الملابس والمتعلقات الشخصية تاركين المطبخ لريهام ونجلاء وسلوي، فكان الجميع منقسمون بين العمل بشقة أحمد والنمر على عكس عبد الرحمن فقد أنهى زين ما يخصه بمعاونة رجاله...
كانت صابرين ترتب مع ياسمين ومكة بشقة أحمد فأنسحبت حينما أخبرها بأن عبد الرحمن يريدها بالخارج، خرجت لتجده يقف أمام الدرج قائلاٍ ببسمة هادئة: مش عايزة تشوفي الشقة بعد ما أتفرشت؟. تاهت عيناها به مشيرة بهدوء فصعد لتلحق به، ولجت بعد أن فتح الباب لها لتقف بدهشة من جمالها نعم فقد أعتادت على الحياة بالقصور وغيرها ولكن تلك الشقة المبسطة مميزة للغاية، ببساطة تنفيذها ورونقها الخاص...
ولجت للغرف وأخذت تتفحص ما يخصها بسعادة لتقع عيناه عليه يستند بجسده على الحائط ويتأملها بنظرات عشق، أخفضت عيناها أرضاً سريعاً ليقترب منها قائلاٍ بهدوء: مش عايزك تزعلي أن زين رتب الشقة من غيرك هو ميعرفش تقاليدنا هنا.. إبتسمت قائلة برضا: بالعكس أنا فرحت جداً أني كنت من أهتماماته.. تطلع لها بفرحة: تفكيرك من نحيته أتغير.
رفعت عيناها له ببعض الندم: لأني عرفت زين صح يا عبد الرحمن وبتمنى أقدر أفرحه لو رجعت مامته له فى يوم فرحه.. رفع يديه على يدها قائلاٍ ببسمة ثقة: هتقدري بأذن الله.. أردفت بحزن: مش لما ألقيها الأول!. إبتسم بمكر: بس أنا لقيتها.. تطلعت له بصدمة وسعادة قائلة بفرحة: بجد يا عبد الرحمن! أشار لها بأبتسامته الساحرة لتحتضنه بسعادة قائلة بفرحة تسبقها بالحديث: أنا بموت فيك بجد..
أغلق عيناه بسعادة هامساً بعشق: وأنا بعشقك..
بالأسفل.. غادة بغضب: كل دي هدوم أيه مغادرة العالم!. تعالت ضحكات رهف قائلة بمرح: بكرا لما نستف حاجتك هنشوف... همس بأبتسامة هادئة: ربنا يسعدك وتتهني بيهم يارب.. جيانا بفرحة لوجود همس ورهف: ربنا يخليكي يا قلبي.. رهف بمشاكسة: أنا الا هرتب التسريحة... غادة بسعادة: ربنا يعزك دينا وأخرة يا شيخه أدخلي أنتِ..
ودفشتها برفق لتفتح الباب وتهرول للخارج، تركت الحمقاء الباب لترفع عيناها فتجد معشوقها يثبت التلفاز بالحائط فوقعت عيناها عليه لتقلب بألوان الطيف المرئي، أغلق الباب ومازالت عيناها متعلقة بالفراغ كأنها تتذكر تلك العينان الساحرة فيرقص قلبها بأرتباك للقادم أما النمر فأكتفى ببسمته الجانبية الساحرة وأكمل ما يفعله، لجواره كان يعاونه حازم وضياء بنقل الأغراض الثقيلة للمطبخ وترتيب البراد والأجهزة بأماكنهم الصائبة...
أما بالشقة المجاورة لهم فكان يرتب أحمد بمساعدة زين وحمزة ويوسف... خرجت ياسمين من الغرفة تبحث عن الحقيبة الخاصة بالمكيب لتقع عيناها عليها، حاولت حملها بين يديها فلم تستطع لتجد أخيها لجوارها يرفعها عنها بمرح: عنك يا عروسة.. إبتسمت ياسمين بستغراب: من أمته يا جو؟ رمقها بغرور: أخر يومين ليكِ بقا لازم ندلعك على الأخر..
وقعت الكلمات على قلبها بالحزن فبكت لتذكرها الرحيل عن منزل والدها الحبيب لمنزل زوجها فأحتضنها يوسف بحزن فهى شقيقته الوحيدة ليبعدها عن أحضانه بمرح: بتعيطي على أيه يابت دا الباب قصاد الباب ياختي يعني ليل نهار هلاقيكي فى وشي!. إبتسمت ومازالت الدموع متعلقة بعيناها فهبط عبد الرحمن ليسرع إليها قائلا بغضب: فى أيه يا ياسمين الزفت دا زعلك فى حاجة؟.
أحتضنته ياسمين بفرحة قائلة ببسمة حتى لا تفسد الفرحة: طول ما ديدو معايا فى نفس البيت هحس أنى لسه فى بيتي.. إبتسم عبد الرحمن وهو يشدد من أحتضانها: ربنا يباركلك يا حبيبتي أحنا هنروح من بعض قين سواء هنا ولا هناك كلها عدت باب... تعالت ضحكات صابرين قائلة بمرح: أنتِ حزينة عشان هتسيبي بيتك الا قصادنا أما أنا أعمل أيه؟!. ثم أستدارت تبحث عنه قائلة بحيرة: هو فين؟ يوسف بستغراب: هو مين؟
لم تجيبه وأسرعت إلي أحضان زين الذي ينقل البراد لمكانه الصحيح مع أحمد فتفاجئ كلا منهم بصابرين الملقاة بأحضان أخيها الذي أخرجها من أحضانه على الفور بقلق: فى أيه؟ أجابته ببسمة واسعة وهى تشير على ياسمين: لقيت الجماعة بيودعوا بعض عشان هتتجوز فى نفس البيت فحسيت أد أيه أني مقصرة وبشدة تعالت ضحكات زين وحمزة والجميع بينما أسرع أحمد لعبد الرحمن بغضب: أنت يا حضرت أبعد عنها دي مراتي..
عبد الرحمن بسخرية: عارفين ياخويا أنها بقت مراتك ثم أنى أبن الجيران يعني؟!. جذبها أحمد بضيق: والله تكون ابن الجيران أبوهم ميخصنيش المهم تكون بعيدة عنها محدش يحضنها غيري.. تلون وجهها بحمرة الخجل فأقترب عبد الرحمن من زين بمرح ليلقي بذراعيه بعيداً عنها: سمعت قال أيه؟، تسمح بقا.. وقربها إليه لتنغمر بينهم الضحكات والمرح...
صعد طلعت المنياوي للأعلى ليجبرهم على الهبوط لتناول العشاء وأن عليهم أستكمال العمل بالغد فهبط الشباب ليتناول الطعام بالقاعة الخاصة بالرجال والفتيات بداخل المنزل فى جو من الألفة والتعارف حتى أنهم وضعوا الخطط ليومي الحنة والزفاف... ليشهد العالم بأكمله نوابع العشاق بحافلة خاصة بالقلوب والأوراح حتى تمكنهم من ترك بصمة بتاريخ العشق ولكن هل سيستطيع كلا منهم الصمود أمام مجهول سطر خصيصاً له؟!
رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الخامس والعشرون
أنقضي الليل كهفوات سريعة وحل نهار يوماً قضاه الجميع بأنهاك فى أعداد الترتيبات الأخيرة حتى يكون المنزل على أهبة أستعداده بالزفاف... وقفت جيانا أمام الشقة تتطلع له بأبتسامة حالمة بعد أن قضت اليوم بأكمله ترتب ما تبقى من ليلة الأمس بمساعدة الفتيات، وقفت تتأمله بنظرة مطولة فها هو اليوم أنقضي ليصبح الغد تزينها بالحنة ليكون أخر يوم لها بحياة العزوبية...
شعرت بداخلها بحماس للقادم ولكن كانت هناك لمحة تحمل الحزن والخوف فلا تعلم لما هذا الشعور ربما هناك يقين بأن القادم لن يكون على ما يرام... بالمقابل لها.. خرجت ياسمين وغادة من الداخل فأغلقت الشقة قائلة بأجهاد: الحمد لله خلصنا... أجابتها ياسمين بأبتسامة رقيقة: عقبال ما نتعبلك يا قلبي... إبتسمت غادة قائلة بمرح: يارررب بس أمته؟!.. تعالت ضحكاتها بينما لكمتها مكة بخفة: مستعجلة أوي ياختي بكرا تتنيلي...
بمنزل طلعت المنياوي لم يعبئ الجد بحلول الليل سريعاً فمازال يعمل على ليلة الغد ليزفر يوسف بغضب: الرحمة ياررب، كل دول معازيم أنا حاسس أنه عزم الحارة الا جانبينا كمان!.. حمل ضياء البطاقات ثم تمدد على الأريكة قائلاٍ بغضب هو الأخر: هما على رجليهم نقش الحنة كل واحد ينزل يوزع باقي البطاقات أنا أتشحورت.
ولج عبد الرحمن من الخارج بأبتسامة مكر لرؤية يوسف وضياء فأقترب منهم بثبات مخادع: ها يا شباب خلصتوا البطاقات.. نهض يوسف بجسده قليلاٍ يرمقه بنظرة نارية ليتخل عن سكونه قائلاٍ بصوتٍ كالرعد: لا مخلصناش وأتفضل كمل أنت.. وألقى ما بيديه لتستقر أرضاً تحت أقدام النمر... تجمدت نظرات يوسف فأبتلع ريقه بخوف بدا على وجهه ليسرع ضياء بالحديث: مش أنا الا أرميت أنا وزعت نص البطاقات ومش فاضل غير دول...
وخرج سريعاً ليكمل عمله بينما خطى يوسف خطاه البطيئة لينحنى أرضاً وعيناه متعلقة بنظرات النمر الساكنة، جمع البطاقات سريعاً ثم هرول للخارج كمن فر من هلاك محتوم.. تعالت ضحكات عبد الرحمن قائلاٍ بصعوبة: مش عارف أنت بتعمل أيه للعيال دي؟!.. جلس النمر على المقعد قائلاٍ بثبات فشل دوماً بالتخلي عنه: أبقى أسالهم...
كاد عبد الرحمن الحديث ولكن قطعه ولوج أحمد هو الأخر قائلاٍ بتعب بدى على وجهه: كله تمام أتفقت مع المصور وتممت على الفرقة والراجل الا هيفرش بكرا بره البيت ومفضلش حاجة... رفع عبد الرحمن يديه على كتفيه: برافو يا أبو حميد.. أستقام أدهم بجلسته موجهاً حديثه لعبد الرحمن: لسه برضو زين رافض يعمل حنة؟ إبتسم بخفة: مصمم وبشدة قال هيشارك بالفرح فقط.. تعالت ضحكات أحمد ساخراً: تفكيره قديم أوى الجدع دا..
عبد الرحمن بأبتسامة مكر: أظن أنت يا أحمد ما صدقت.. إبتسم بغرور: مبحبش أتكلم عن نفسي كتير... تعالت ضحكات عبد الرحمن بعدم تصديق لما يستمع إليه، بينما طافت نظراته من تقف أمامه بخجل بعدما ولجت من الخارج مع الفتيات... جلست مكة وغادة على الأريكة بينما تبقت جيانا وياسمين محلهما بخجل... أدهم بثبات وعيناه على حوريته: خلصتوا؟ مكة بتأكيد: كله كدا تمام.
تطلعت له غادة بمرح: المفروض تجيبولنا حلويات أحنا موتنا حرفياً بالفرش والذي منه... عبد الرحمن بمكر: أخوكِ هيجبلك.. وتركهم وصعد للأعلى، أقتربت غادة من أحمد قائلة بأبتسامة واسعة: عايزاها بالمكسرات يا أبو حميد.. رمقها بنظرة نارية قائلاٍ بحدة: أطلعي يا غادة فوق بدل ما أطلع الا فيا فيكِ... ضيقت عيناها بخبث: بقى كدا!..
نظراته كانت كافيلة برسالته لها فأقتربت من النمر بحزن مصطنع: شايف يا أدهم بيكلمني أزاي؟!.. أخفى إبتسامته لعلمه بما تود تلك المشاكسة فعله ولكن ربما أراد أن يلهو قليلاٍ ؛ فرفع عيناه الخضراء يتأمل أحمد بتفحص ثم قال بهدوء: روح هات الا طلبته يا أحمد.. نقل نظراته لتقابل عين النمر بصدمة: نعم!. نهض عن الأريكة واضعاً يديه بجيب سرواله: زي ما سمعت..
ظل أحمد صامتٍ قليلا فلم يجد سوى الأنصاع له حتى يسنح له القدر حضور الغد بأفضل الحال فأكتفى بنظرة نارية لها وغادر بهدوء... فتعالت ضحكاتها قائلة بأنتصار: يحيا النمر... ضيق عيناه الساحرة بمكر فأبتلعت باقى كلماتها قائلة بأبتسامة مصطنعة: عايزين نأكل حلويات الله... تعالت ضحكات ياسمين بينما تعلقت نظرات جيانا به لا تعلم لما يطوف فكرها وهو أمام عيناها!.
تعالت المشاكسة بين الفتيات وحديثهم عن الغد فيما سترتدي كلا منهم لتنهض كلا منهم بفزع حينما خرجت ريهام حاملة لعصا غليظة قائلة بغضب: بقى سايبنا ملبوخين فى تحضير الأكل لبكرا وعملين تحضروا للبس بكرا من دلوقتي.. مكة بصراخ: ااااه حقك علينا يا مرات عم أنا هحشى والبت غادة هتعمل المكرونة بالبشمل بس متزعليش.. غادة بألم: مش عاملة حاجة مدام حصلت للضرب بالمأشة!. جذبتها ريهام بخبث: نجرب الفتالة يمكن تعجب..
رفعت يديها سريعاً: هى وصلت لكدا، دانا هعملك أحلى مكرونة مع التتش بتاعي الزيتون الأسود والجبنة الشيدر والم... قطعتها بتحذير: لا يا قلبي الناس جاية بكرا مش ناقصين أرتباك معوي وفضايخ هتعملي زي ما بنعمل.. كشفت عن ساعديها بمرح: عيوني يا مامتي أستعنا على الشقة بالله... تقدمت منهم ياسمين قائلة بأبتسامة بسيطة: أنا كمان هساعدكم..
رفعت ريهام يدها على كتفيها بحنان: لا يا حبيبتي أنتِ العروسة، أطلعي أستريحي عشان بكرا تكوني فايقة كدا... غادة بغضب: أه ياختي أتدلعي براحتك هتلاقي فين حما زي دي!.. فزعت حينما طاوفتها نجلاء بذراعيها قائلة بحزن مصطنع: كدا وأنا يعني كنت علقتلك المشنقة طب بكرا تشوفي فى فرحك هعملك أيه؟. أحتضنتها غادة قائلة بسعادة: أنا لو لفيت الدنيا دي كلها ألفين مرة عشان ألقي حد زيك مستحيل هلاقي يا نونا...
تطلعت لها مكة بنظرة مختقنة قائلة بسخرية: خشت عليا يابت... رفع يديه على رأسه يقاوم ما يحدث أمامه ؛ فجذبتهم ريهام بمكر: ندخل على الطبيخ ونشوف موضوعنا...
وتوجهت كلا منهم لمعاونة سلوى وريهام بالمطبخ، أما جيانا فلم ترى ما حدث فقط تقف على مقربة منه وعيناها مركزة عليه تتأمله بهيام وشرود، أستدار أدهم بعد مغادرة الفتيات ليجدها تقف أمامه بصمت وسكون، ضيق عيناه بستغراب فأقترب منها بخطاه الثابت ونظراته تتفحصها حتى وقف أمامها..
إرتسمت على وجهها بسمة تلقائية وهى تتأمل تلك العينان، شرود مطول ببحور عشقه كأنها تزف أقصوصة حفرت بقلبها منذ أعوام وقد حان الوقت ليعلمها!، غامت عيناه بسعادة وبسمة ثابتة تكتسخ وجهه الرجولي تاركها بعالم الشرود...
، ثواني، دقائق، لحظات، لم يعلم كم ظل يتأملها وهى تتأمله كأنه يرأها لأول مرة وترأه هى بشتياق كأنه غاب لآلآف السنوات، رفع أطراف أنامله على وجهها فأغمضت عيناها لوهلة ثم فتحتها ببطئ لتجده أمام عيناها ربما كانت حركة لعودتها لأرض الواقع، تلون وجهها بشدة فهمت بالتحرك ولكن أشارات الجسد لم تصنت لها فبقيت كالصنم أمامه تحاول جاهدة بجذب نظراتها عنه.. إبتسم قائلاٍ بمكر: سرحانة فى أيه؟
صدمت من كلماته فظنت بأنها فقدت الذاكرة لعدم فهم ما يقول حينها تأكدت بأن للنمر سحراً خاص به وحتى تظل بمأمن عليها الأبتعاد قدر ما أستطعت، تراجعت للخلف وعيناها تفترش الأرض بخجل فبقى أمامها يتأملها ببسمته الساحرة ليقترب قليلاٍ منها فيزداد خفقان قلبها بصوتٍ مضطرب، يدها تفرك على الأخرى بتوتر وأرتباك، عيناها تتأمل القاعة برعب وخجل، أقترب ليحاصرها بين يديه ونظراته تدرس ملامح وجهها بلهفة لمعرفة تفاصيل العين والقسمات بعد أن أصبحت زوجته فتحل له نظراته، أراد أن يفعل ما كان يود فعله منذ أن أعلن عشقه لها فرأف بتوترها الملحوظ وجذبها برفق لتتابعه للأعلى حتى ولج للشقة الخاصة بهم فأغلق بابها ليجذبها لأحضانه بقوة فكم كان يود أحتضانها كثيراً ولكن خوفه من ربه ونفسه الأمارة بالسوء كانت مانعه الأكبر وهي الآن زوجة له...
أغلقت عيناها بقوة لتجاهد هذا الشعور المفاجئ فأخفت وجهها بصدره تحاول التماسك مع قلب ينبع بعشقٍ لها، تستمع لما يهمس لها من ترنيمات حفلت بالحب والوعد..
إبتسم أدهم وهو يراها ساكنة بين أحضانه فجذبها لتجلس جواره على الأريكة ثم أنحنى ليكون مقابل لها، رفعت يدها تعدل من حجابها كمحاولة للتهرب منه ومن عيناه ولكن فشلت تلك المرة حينما رفع وجهها لتقابل عيناه، طالت نظرته لها ليقطعها صوته المنخفض بعض الشيء: لو تعرفي أد أيه أنا بحبك كنتِ رأفتي بقلبي ومفكرتيش تحرميني من نظراتك دي أبداً..
أزدادت حمرة وجهها فرفعت يدها تزيح يديه عنها لتسرع كعادتها بالفرار، أسرعت لتخرج قبل أن يفتضح أمرها فتوقفت عن الحركة حينما جُذبت بالقوة لتستقر أمام عيناه، همس بمكر وهو يرى كم أصبح وجهها كحبات الكرز: قولتلك قبل كدا معتش فيه مجال للهرب.. إبتلعت ريقها بأرتباك لتخرج الكلمات بصعوبة: سبني ضيق عيناه وهو يرفع يديه بخبث: وأنا مسكتك!.
غام بها الخجل لتسرع بالفرار فوجدته أمام عيناها لتخفض نظراتها سريعاً وتستكين لجواره بأرتباك فرفع وجهها له قائلاٍ بعشق: هسيبك تطلعي بس كلامنا لسه مخلصش.. أشارت له كثيراً كأنها لاذت بكأس الحياة لتعلو بسمته وجهه فأسرعت بخطاها ليجذبها مجدداً فتطلعت له بغضب وحزن فكيف يخدعها هكذا... أشار لها بثبات: أستنى هنا راجع..
أكتفت بأشارة له فتوجه لغرفته ثم عاد بعد قليل حاملاٍ لحقيبة متوسطة الحجم، تطلعت له جيانا بستغراب: دا أيه؟ أخرج ما بداخاها قائلا ونظراته عليها: شبكتك... وفتح العلبة الحمراء لترى أمامها سلسال صغير بعض الشيء وأسورة مذهبة بمحبسها الرقيق جعلت أنظارها تتعلق به بسعادة، خرج عن ثباته قائلاٍ بلهفة: عجبوكِ؟
أشارت له بفرحة ؛ وضع العلبة لجوره ثم جذب الأسورة و الخاتم وشرع بتلبسها ليقترب منها أكثر حتى يربط تلك القلادة حول عنقها، أنشغلت بعيناه وهو بما يفعله لتشعر بأن هناك مرحلة لم ترد أجتيازها قط وها هى على تلك الحافة لتركض سريعاً للأعلى تحت نظراته وبسمته الجانبية الخبيثة...
تمدد عبد الرحمن على الفراش بتعبٍ بعد قضاء يوماً شاق لتجهيزات الغد، جذب هاتفه ليتحدث معها بأبتسامة ظاهرة على وجهه حينما سمع صوتها... : لسه صاحية!. إبتسمت بعشق: مش بيجيلي نوم غير بعد مكالمتك ليا.. =بعد بكرا مش هيكون صوت وبس هكون جانبك بنفسي.. تلون وجهها بخجل: أنت جانبي على طول وموجود بقلبي ربنا يخليك ليا.. =أنا الا محتاج أدعى الدعاء دا لأنك دلوقتي حياتي ومقدرش أتخيلها من غيرك..
إبتسمت بسعادة لتسرع بالحديث: هشوفك بكرا؟ تعالت ضحكاته ليخرج صوته بصعوبة: لا بعد أسبوع يابنتي حرام عليكِ من أمبارح وأنا بفهمك!. قاطعته بحدة: مأنا مش فاهمه كلامك زفر بضيق: يا قلبي بكرا أن شاء الله هجي أخدك من بدري عشان تروحي البيوتي مع البنات وبليل هخدك للحنة.. قالت بستغراب: يعني هتلبسني فستانين! وتعملي فرحين!
أنفجر عبد الرحمن ضاحكاً قائلا بسخرية: بالظبط كدا لكن طلوع الشقة والأستقرار هيكون باليوم الأخير ورزقنا على الله... إستمعت لضحكاته بصمت وإبتسامة هائمة تشكل على وجهها لتخرجه عن ما به حينما قالت بدمع لمع بعيناها وبدا بصوتها: أنت أقرب شخص ليا، عمري ما أديت الثقة دي لحد ولا حتى أمي!، أوعى تكسر ثقتي فيك يا عبد الرحمن.. تخل عن ضحكاته قائلاٍ بجدية: غبية حد بيكسر نفسه!.
أكتفت ببسمة صغيرة وظلت تتبادل معه الحديث بسعادة عن ما تمكنت من فعله لزين بمعاونته...
عاد أحمد للمنزل يبحث عن شقيقته بغضب ومكر رسم على وجهه حينما لم يجد أدهم بالأسفل، ولج للمطبخ ليجده فارغ فأستدار ليغادر ولكنه توقف حينما أستمع لصوت شقيقته تجلس على الطاولة ولجوارها فاتنة قلبه... غادة بضيق: ما تلفي الورق حلو يا هانم دا منظر؟ جذبت ياسمين ما بيدها قائلة بستغراب: ودا وحش يابت والله أحسن من الا بتعمليه... رمقتها بنظرة سخرية: مين دا لو قاعدتي ميت سنة متعرفيش تطبخي زيي..
كبتت ياسمين ضحكاتها وهى ترى من يقف خلفها فأستدارت بوجهها بأستغراب لتجد من يجذبها بالقوة قائلاٍ بمكر: من الناحية دي أطمني أنا مش هخليكِ تعمري للسنة الجاية.. إبتلعت ريقها برعب: ليه كدا يا أبو حميد مكنش عيش ومحشي دا.. ضقت عيناه بالغضب: بقى أنا يتعمل فيا كدا؟!، ومن مين من حيوانة زيك!.
حاولت تحرير ذاتها ولكن لم تستطيع فأبتسمت قائلة بمكر: طب والله أنت ظالمني البت ياسمين يا عيني الا نفسها تأكل حلويات عشان كدا أتبرعت بحياتي هباءاً وطلبت مكانها... تطلعت لها بغضب لتشير لها برجاء لمروضة هذا الوحش، تركها أحمد وأقترب منها بنظرات عاشقة ليحمل الحلوي لها قائلاٍ بعشق وعيناه تقابل عيناها: أطلبي عيوني وقلبي وكل الا تحبيه... غادة بسخرية: الوقتي قلبت على غسان مطر ومن شوية كنت عامل فيها هوجن..
جذب الوعاء الفارغ ودفشها به لتصرخ ألماً وتهرول للخارج سريعاً، أما هو فتبقى أمامها يتأملها بعشق وبيديه الحلوي، حمل أحد القطع وقربها إليها قائلاٍ بأبتسامة رقيقة: لو معندكيش مانع مستعد أكلك بنفسي..
تلون وجهها بشدة فجذبت ما بيديه سريعاً قبل أن يفعلها، تناولتها بأرتباك من نظراته فلم تعلم كيف مذاقها ونظراته تتوغل لها، جذبت الحجاب الذي كاد بالسقوط فكانت تضعه على شعرها بأهمال لجلوسها بالداخل وهى الآن أمام عيناه لا مخرج من طوفان العشق الحائر بين عيناه.. أقترب أحمد منها ليخرج عن صمته بقليل من الغضب لرؤية حجابها المهمل: أزاي تقعدي كدا مش ممكن حد يدخل هنا غيري؟!.
رفعت عيناها له بأرتباك: محدش بيدخل هنا، أخرج وأنا هعدلها... همس بعشق وصوته على مقربة منها: على فكرة أنا بقيت جوزك يعني عادي أشوف شعرك...
أبتلعت ريقها بأرتباك فشددت من يدها على حجابها وكادت بالرحيل ولكن يديه كانت الأسرع لها ليجذبها إليه برفق حتى صارت محاصرة بين ذراعيه، تاهت النظرات قليلا بين الهوس والجنون، لعنة العشق وعهد الطفولة، إشارات طال عهدها لكثيراً من الأعوام وها قد حطمت ليصبح زوجها وبالغد القريب سيعلن للجميع...
تجمدت قدماها وعيناها منغمسة ببحور العشق المتصل بعيناه السمراء ليستغل سكونها ويرفع يديه بخفة ليحرير حجابها فينسدل شعرها الأسود المموج على عيناها، رفع يديه يزيح تلك الخصلة خلف أذنيها لتغلق عيناها بقوة فدفشته بعيداً عنها ثم أطبقت على حجابها لتفر سريعاً من أمام عيناه لتصطدم بمن يدلف من الخارج.. يوسف بغضب: مش تفتحي؟ لم تجيبه، تخشبت محلها وعيناها تطوف المكان بتوتر وأرتباك ليزداد حينما خرج أحمد خلفها..
رفع يوسف حاجبيه قائلاٍ بخبث: أه كدا فهمت، ثم أقترب من أحمد قائلاٍ بغضب يجاهد بالتحلى به: بقى بتوزعونا عشان الجو يخلي ليكم.. رفع أحمد عيناها من عليها لتقابل يوسف بنظرات نارية فسترسل حديثه: لا فوقوا مش كل الطير الا يتأكل لح... إبتلع باقي كلماته حينما جذبه أحمد من قميصه بقوة جعلته يسرع بالحديث: أنا لحمي عسل وأسمح أنه يتأكل عادي.. تركه أحمد قائلا بتحذير: خاليك فى الا يخصك وبس..
بادله بسخرية: وهى أخت الجيران لمؤاخذة!. رمقه بحدة ليرفع يديه بترحاب: الا تعوزه أعمله يا معلم مراتك وبيتك.. وتركه وأسرع للأعلى بخطوات أشبه للركض، أما هى فأسرعت لتلحق به ولكنها توقفت على صوته: ياسمين.. ظلت محلها وعيناها تفترش الأرض فأقترب منها قائلاٍ بأبتسامة ساحرة: نسيتي دي رفعت عيناها لترى ما يقصد فتلون وجهها بالخجل لتجذب الرابطة الخاصة بشعرها وتهرول للأعلي من أمام نظراته...
جلس أحمد على الأريكة واضعاً يديه خلف رأسه بهيام فبقي القليل لتصبح زوجة له ليتفاجئ بمن يدلف للداخل غير عابئاً به ويتوجه للأعلى مباشرة.. أحمد بستغراب: ضياء!. أستدار له بجدية: خلصت كل الدعوات وعملت الا جدك طلبه لسه فى حاجة حابين تعملوها؟. ضيق أحمد عيناه بستغراب ليسرع إليه قائلاٍ بزهول: مالك؟ أجابه بثبات: مفيش راجع تعبان من اللف... وتوجه للصعود قائلاٍ بأبتسامة مصطنعه: تصبح على خير يا عريس..
أقترب أحمد بخطاه من الدرج قائلا بأمتنان: مشكور على الا عملته يا ديدو وأن شاء الله نردهالك بفرحك قريب... تخشب ضياء محله وعيناه تحمل الكثير من الغموض، قلبه يعافر للصراخ وروحه تزهقه بالصمت ليكتفى ببسمة صغيرة ويكمل دربه للأعلى وكلمات تلك الأفعى تدور بعقله كالسم المتحرك، فبنهاية الأمر هى من دعت له الوصول لتلك المرحلة حينما فعلت ما فعلته منذ البداية...
ظلت جالسة على تلك الأريكة المتهالكة غافلة بكلماته المترددة على مسماعها، لا تعلم أن كان يريد الزواج بها شفقة أم كما ذكر حبٍ لها!.. جذبها تفكيرها لحبيبها المداوى لجرح قلبها فجذبت سجادة الصلاة ثم شرعت بتحيته لتلقي ما بقلبها إليه ثم دعت أن يريها الصواب حتى تسلكه..
بقصر حازم السيوفي... دفشها بقوة بعيداً عنه ليبتعد عنها الكثير من الخطوات ليحتضن تلك الفتاة الغريبة ملامحها لها فأسرعت إليه تتوسل له أن يتركها لأجلها فهى حبيبته، هى معشوقته، كيف يفعل بها ذلك!.. نهضت عن فراشها بصراخ قوي بأسمه ليترك حازم مكتبه بنهاية الغرفة ويهرول إليها بلهفة: مالك يا حبيبتي؟
رجفة جسدها القوية جعلته يعلم بأنه كعادتها رأت كابوس مروع فحمل المياه وجذبها لصدره قائلاٍ بهدوء: أشربي مفيش حاجة دا مجرد حلم.. تناولت منه المياه ونظراتها معلقة به ؛ فوضعه لجوارها ثم عاونها على التمدد مداثرها جيداً، كاد النهوض ليكمل عمله ولكنه تمسكت به برعب فأبتسم وتمدد لجوارها لتغفو بين أحضانه بأمان لا تعلم أن ما رأته هو ما سيكتب له وليس لها!..
غاب ليل القمر وسطع ضوء النهار ليبدأ العمل بتزين الحارة لحنة اليوم فوقف الجيران بالأسفل مع والد أدهم وطلعت المنياوي يقضون واجب محتم بالود حتى نسائهم ذهبنا إلي منزل طلعت المنياوي منذ الصباح لمعاونة ريهام ونجلاء بعمل المنزل الشاق بهذا اليوم فأصبح المنزل معبئ بالأهل والجيران والفرحة المتبادلة بينهم... أرتدت كل عروس ملابسها المبسطة أستعداداً للذهاب وجلسن بأنتظار أزواجهم للرحيل...
ذهب عبد الرحمن بسيارة والده ليحضر صابرين فتوقف أمام منزل زين ليتفاجئ به يتقدم منه معها.. زين بأبتسامة تزين وجهه: فى معادك يا عريس.. إبتسم عبد الرحمن بمشاكسة: الدكاترة دايماً مواعدهم مظبوطة.. تعالت ضحكة زين ليجلس جواره والعروس بالخلف جوار همس... تحرك بسيارته ليخطف نظرات لها بالمرآة فأبتسمت بخجل، أما همس فكانت تجاهد لأخفاء وجهها من نظرات الزين حتى لا تفشى أمرها بعشقه...
وصلت السيارة أسفل منزل طلعت المنياوي فهبط ليتبادل مع الرجال السلام الحار ومن ثم أنضم إليه النمر وأحمد بعدما تألق كلا منهم بملابس مبسطة للغاية... طلعت بوقاره المعتاد: منور يا عريسنا.. زين بأبتسامة هادئة: بنورك يا حاج.. أحمد بمكر: شايفك مبتسم وفرحان كأن النهاردة حنتك!. تعالت ضحكات عبد الرحمن قائلا بسخرية: سوري يا زين بس الصراحة تفكيرك قديم شويتين..
رمقهم زين بغضب ليبتعدوا عنه سريعاً قبل أن يقتلع أعنقهم، زفر قائلا للنمر بغضب: شايف ولاد عمك! بقى ساكناً كما هو بطالته الثابتة لتخرج الكلمات دون النظر إليه: أنت الغلط يا زين مش هما.. صاح بغضب: حتى أنت كمان يا أدهم!.
رفع عيناه له قائلاٍ بهدوء: بلاش تفكر بغباء يا زين عيون أيه الا أنت خايف منها دي فرحة وأنت عارف كويس أن مراتك من منطقة شعبية زينا يعني الليلة الا مش فارقة معاك دي تفرق معاها، حاول تستغل كل لحظة تقدر تفرحها فيها.. ثم أكمل بخبث: شغل دماغك شوية حتى لو أنت غيور فالنهاردة أنت موجود يعني مش هتفارقها زي ما كنت خايف.. زفر زين قائلاٍ بستسلام: مش هقدر أعمل حاجة مفيش وقت.. ضيق عيناه بخبث: الحل عند القرود...
لم يفهم ما يود قوله فأشار له أن يتابعه وبالفعل أنصاع له ليجد أمامه مكة وغادة فأخذ يستمع لما يلقنهم أدهم به وبالفعل كان حسن الأختيار فذهبت أحداهما لأحد المحلات لتنقى فستان يناسب همس وشرعت الأخرى بأقناعها للذهاب معهم للبيوتي حتى يكونوا جميعاً معاً.
هبطت الفتيات للأسفل للذهاب معهم فحمل أحمد عنها الثياب وكذلك فعل علد الرحمن ليصعد الجميع بالسيارة التى قادها عبد الرحمن والأخري السائق ولجواره أحمد أما أدهم فتوجه لأستقبال رفيقه المقرب...
هبط من القطار ليجده أمامه فأبتسم قائلاٍ بسخرية: العريس بحد ذاته جاي يستقبلنا! أحتضنه أدهم بأبتسامة هادئة: نورت مصر يا فهد.. إبتسم قائلا بجدية: منورة ييك يا نمر.. زفر سليم بغضب: ما تخلصوا عاد هتفضلوا إكده وسايبني بالشنط!. تعالت ضحكات أدهم الرجولية ليحمل عنه الحقائب قائلا بستغراب: ليه جابتوا بالقطر!. ضيق سليم وجهه بغضب: كيف ما قال الأستاذ فهد..
وتركهم وتوجه للخارج فأقترب أدهم من فهد بزهول: مش غريبة دي؟. حمل الحقيبة وتوجه للخروج هو الأخر قائلا بغموض وبلهجته الصعيدية: ما غريب الا الشيطان يا واد عمي.. لحق به النمر قائلا بشك: ربنا يستر..
بالبيوتي... كانت سعادة همس تفوق الجميع بعد أن علمت بتلك المفاجأة السريعة، فكنت العشق له بعد أن حولها لعروس فى دقائق غير محسوبة، أنتهت الفتاة من تزين جيانا فكان ينظر لها الجميع بأنبهار على الرغم من بساطة المكيب وفستانها الهادئ ولكن صنع لها هالة خاصة بها، أرتدت ياسمين فستانها فشرعت الأخرى بتزينها وكذلك صابرين أنتهت منها تلك الفتاة فكانت جميلة للغاية...
أرتدت مكة وغادة ثيابهم ثم أرتدوا الحجاب بأنتظار قدوم الموكب، تذكرت غادة معاملته الجافة لها بصباح هذا اليوم فساورها طائفة من الحزن لا تعلم ما به فكيف لها بذلك...
علت الأضواء بالحارة وأصوات النغمات الشعبية ليجتمع الرجال بعد صلاة المغرب بالحارة ليتناول كلا منهم طعام أعد لمعاونه الجميع بينما بشقة نجلاء كانت بؤرة تجمع الشباب فالجميع يجتمع بالأعلى يعدون ذاتهم لليوم...
أرتدى أحمد سروال أسود اللون وقميص باللون البني مصففاً شعره بحرافية فكان وسيم للغاية، كذلك أرتدى عبد الرحمن سروال رصاصي اللون وقميص أخر بدرجة أفتح، ترك زين بذلته السوداء وأرتدى كجوال مثلهم فكانوا مثال للأناقة حقاً... أما سليم فأرتدى جلباب أسود اللون وعمامته البيضاء، أرتدى فهد سروال أسود اللون وتيشرت أبيض ضيق بعض الشيء أما النمر فأرتدى سروال أسود وقميص أسود ضيق للغاية يبرز جسده بوضوح..
هبطوا جميعاً للأسفل لينضم إليهم حازم وحمزة ويصعدوا جميعاً لسيارتهم فى تأهب للتوجه للفتيات... ظل سليم وفهد لجوار طلعت المنياوي ليخبره بأن عمر وفزاع سيلحقون بهم بالغد... زُفت السيارات بحركات نارية من السائق فكان يتوالى (حازم وزين وعبد الرحمن ) القيادة لتصف أمام المكان فهبط كلا منهم ليجذب حوريته بعدما فتكت جزء من قلبه...
توجهت مكة وغادة للسيارة المتواجد بها ضياء ويوسف فصعقت حينما تجاهلها عن عمد بينما فاض يوسف بنظراته لمكة بسعادة، جلست همس جوار زين بالسيارة قائلة بفرحة: مش عارفة أشكرك أزاي؟ زين بخبث: لو مصممة ممكن أقولك.. لكمته بغضب فأحتضنها بضحكة جذابة..
بالمقعد الأمامي لسيارة زين كان يجلس عبد الرحمن وصابرين البادي على وجهها الخوف شديد فطلعت له برجاء ليرفع يديه لها قائلاٍ بهمس: هتيجي..
أشارت له بتفهم لتتحرك السيارات بأنتظام للحارة، عالت أصوات الزغريد ليهبط كلا منهم بعروسه لتلك المنصة الكبيرة المشتعلة بالأعمدة المرتفعة المزينة بالحنة السوداء والشموع فكان لكل عروس طاولة وأمامها عمود بالحنة مزين بالشموع والورد، عاون كلا منهم عروسه على الجلوس ثم هبطن لينضم للشباب فكانت جالستهم تبعد عن الفتيات قليلا ولكن كانت لهم وضوح تام لعلو منصة الفتيات عنهم فكانوا يجلسون على أريكة عادية على نفس مستوى المعازيم..
علت النغمات الشعبي لتجذب مكة وغادة العروس بسعادة لتتميل بأستخدام ذراعيهم فقط حتى لا ترى كلا منهم أسوء كوابيسها على أيدى النمر وشباب عائلة المنياوي، شاركتهم رهف الفرحة فجذبت همس وجيانا فعلت الفرحة بين السيدات حينما شاركتهم أمهاتهم الفرحة... بالأسفل.. همس النمر بسخرية لزين وحازم: ليكم بالرقص الشعبي؟ زين بغضب: أنت مستقل بينا أوى على فكرة.. حازم بنفس الغضب: قوم يا زين نوريه نفسينا..
وبالفعل وقف زين وحازم مشيراً لمسؤال الأيقاع بتغير النغمات النسائية لمهرجنات شعبية ليشرع فجلست الفتيات بلهفة وترقب لمعشوقها ليبدأ زين وحازم التميل بحركاتهم الرجولية فشاركهم ضياء وحمزة ويوسف وطالت النيران بأنضمام أحمد وعبد الرحمن ليجذبن الحفل بطالة كلا منهم الخاصة... تطلع لهم النمر ببسمة هادئة ونظرات غامضة فأنحني إليه فهد قائلا بمكر: أممم تولعها وأنت قاعد مكانك عموما اللعبة هتتقلب عليك يا نمر..
لم يفهم أدهم مقصده فأشار فهد لسليم ليتجه للرجل ويطلب منه أن يسود المزمار الصعيدي الحفل وبالفعل علت النغمات الصعيدية فتوقف الشباب عن التميل وتطلع الجميع لبعضهم البعض بزهول..
ألقى سليم العصا الصعدية للفهد فرفعها عاليا وأخذ يتميل بها بكبرياء ليصفق الجميع بتشجيع حارق أزداد حينما رفع فهد عصاه على كتفي النمر الذي نهض عن مقعده كموافقته على التحدى، رفع إليه سليم العصا الأخري ليلتقطها منه دون النظر إليه فتعالت صيحات الشباب ونظرات الفتيات بتحمس لما سيحدث ليبدأ الرقص المحترف الغير متوقع من النمر ليبهر الجميع فتعالت تصقفات والدته قائلة بلمعة من الدموع: ربنا يحميك يا حبيبي...
مكة بصدمة: أدهم كان مخبي المواهب دي فين!. غادة بزهول: ولا باقي الفريق الواد أحمد عليه حركات أيد!. هامت عين العروس بمعشوقها فأخذت كلا منهم تراقبهم بسعادة... إبتسم طلعت المنياوي وهو يرى رقص أدهم الصعيدي فلا ينكر أعجابه به، مزجت الطبول بالمهرجنات ليشارك جميع الشباب بالرقص ليترك البعض منهم المكان ويصعدوا للمنصة ليجذب كلا منهم عروسه لتشاركه الرقص...
جذب أدهم جيانا ووضع العصا خلفها ليتميل أمامها بحرافية ويدها بيديه فأبتسمت بخجل وخوف من نظرات الفتيات له... أما أحمد فشارك ياسمين وغادة وعيناه تطوف بمعشوقته التى تنظر له بأنبهار لحركاته المميزة.. جلس عبد الرحمن جوار صابرين يتودد بالحديث المنخفض لها فتبتسم بخجل لقربه المهلك..
أما زين فجذب همس وأخذ يتحرك معها بسعادة ويطوف بها غير عابئ بالمنطقة المبسطة له تحت نظرات سعادة والدها الذي يرى الفرحة بعين إبنته، بينما بالأسفل أستمر الرقص الصعيدي بين حمزة وحازم وفهد وسليم وضياء ويوسف بسعادة فكانت فرحة عارمة ومميزة للجميع...
عاون زين معشوقته على الجلوس وكذلك فعل أدهم وأحمد ليجذب زين أدهم ويتميل معه على المنصة بسعادة فكانت حركاتهم رجولية لا تقل من شأنهم بل تزيدهم وسامة على وسامتهم.. كف زين عن الحركة حينما شعر بيد ممدودة على كتفيه فأستدار ليتصنم محله والدمع كاد أن يسيل من عيناه ليردد بخفوت: ماما!.
أحتضنته أمه ببكاء وسعادة بآنٍ واحد فأقتربت منها صابرين بفستانها والدمع يتلألأ بعيناها لتلبية طلبها فأحتضنتها لأول مرة قائلة بدموع: كنتِ صح يا حبيبتي.. أرتمت بأحضانها بسعادة وزين يتطلع لهم بستغراب فأبتسم عبد الرحمن قائلاٍ بغمزة: في حاجات كتير فاتتك يا زيزو.. أحتضنه زين بأبتسامة لعلمه بأنه من قام بذلك...
تعجب الجميع حينما صعد طلعت المنياوي المنصة ليفاجئ الجميع بتقديم سلسال مذهب لكل عروس حتى همس وصابرين فسعدت كلا منهم وقبلن يديه، جذب ضياء والده للمنصة ثم شرع بالتميل معه والأخر نظراته على والده ليشير له بهدوء ففرح محمد وتميل مع أولاده وأشقائه ليغمر الحفل بالسعادة لينتهي بتجمع حافل بمنزل طلعت المنياوي للحديث عن الغد والأعداد له فجلس كلا منهم مع عروسه لتناول الطعام فذلك من شعائر الحارة المبسطة، مكان لا يغني بالمال ولكن بمكارم الأخلاق والحب والوقار المتبادل بينهم، ولكن هل تلك السمات كافيلة للتصدى لمجهول كلا منهم...