[/p]
كانت تبكي يوم مولدها. . .
وأوضحت لها الأيام أنها كانت على حق. . . . . أحست بالبرد يوم فراق الأهل . . .
يأكل الحزن فؤادها كما يأكل الصدأ الحديد. . . أصبح الوجع عصي الفهم حتى على أقرب الأصدقاء . . . . . فأغلقت عليه في داخلها كغصة في حلقها تتجرعها كل لحظة . . <a name=\'more\'></a>
جلست نور وحيدة شاردة لا ملجأ لها غير هذا الجهاز الملعون وكانت تتصفح إحدى المواقع التي تتابعها وفي هذا الوقت تعرفت علي شخص له من الوحدة حظ وفير مثلها تماما ولكنه لم يعاني مثل ما عانت هي
وبدأ كل منهم يتعرف علي الآخر
نور فتاة في أوائل العشرينات من عمرها تتسم بالجمال والرقة، أنوثة طاغية..
كان يسألها على حياتها وهي بدأت تقص له حكايتها وهو في حاله ذهول
يحدث نفسه ويقول...
ما هذه المرأة وكيف تحملت كل هذه الآلام؟
فارس شاب في منتصف العشرينات ولكنه تزوج في سن صغير وتوفيت زوجته وتركت له ابنة جميلة تشبة أباها فقد كان يتسم بالوسامة..
نور تتذكر عندما كانت في الثامنه من عمرها
كانت في الدوام (مدرستها)وعندما رجعت كانت صدمتها كبيرة، ما رأته كان يفوق تحملها
عندما دخل الرجال ويحملون الجثث ما هذا؟
أخذتها خالتها بين ذراعيهاوهي تبكي قائلة:
_تعالي يانور، تعالي في حضن خالتك ياحبيبتي تعالي
أجابتها نور ببراءة:
_فين ماما ياخالتي؟
بكت أكثر وقالت:
_أبوك وأمك وأخوكي راحو كلهم عند ربنا بس متخافيش يا نور انتي معايا وعمري مهسيبك أبدا
أجابتها نور و عبراتها تحرق قلبها قبل أن تنزل على وجنتيها:
_لا أناعاوزه ماما..
بكاء نور كان صعبا، فإنه اليتم واللطم معا من دون أن تجد شخصا ما يساندها في هذه الحياة لقد كانت مجرد طفلة في العاشرة من عمرها.
بدأت خالتها في تهدئتها ولكن ما بداخلها كان أقوى من هذه التهدئة..
ورجعت لما هي عليه الآن وتذكرت المدعو زوجها هل هي ستلاحقها من الماضي أم من الحاضر
لماذا أنا؟ ألم وحزن في الماضي والآن نفس الألم، هل ستظل حياتي علي هذا المنوال؟ ام سيأتي بصيص نور يزهر لي دنياي؟
وهنا طرق عليها الباب وما كانت سوى والدة زوجها
نور:
_اتفضلي يا ماما ادخلي
أجابتها قائلة:_لا ياختي مش عاوزه أدخل هما كلمتين أقولهم وخلاص
قالة نور بابتسامة و صدر رحب: _اتفضلي قولي اللي انتي عاوزاه.
أجابتها حماتها بنظرات غاضبة و نبرة غريبة:
_ابني المفروض يكون عنده عيل وانتي مش هتقدري تجيبي يبقا بلاها الجوازه ديه ويروح يتجوز وشوفي بقا رأيك ايه يتجوز عليكي ولا تطلقي من سكات
وما أن خرجت حتي بكت نور علي حظها وارتمت علي السرير ياله من الم يدب في فؤادي انه حظي العاثر ظلت تبكي حتي اخذها عقلها وتذكرت يوم ولادتها...
إيهاب:
_ نور حبيبتي حمدلله علي سلامتك
إيهاب رجل في الثلاثينات ذو وجه خمري مفتول العضلات
قالت نور وهي ضعيفه منهكه من ألم الولادة:
_ ولادي عاملين ايه ياايهاب
وكان إيهاب خائفا من هذا السؤال و لايعرف كيف يجيبها عنه..
فقال بتوتر و تلعثم:
_الحمد لله مش عاوزك تقلقي ولا تشغلي بالك
إن شاء الله يكونوا كويسين
حان موعد ولادة نور وكانت تتألم كثيرا ليس فقط بسبب مخاض الولادة إنما روحها الأخرى هي التي تتألم لوحدتها وفقدانها نبع الحنان و الأمان في تلك اللحظات العصبية لم يكن معها من يرشدها ويهدئها مثل ما تفعله معظم الأمهات في مثل هذه المواقف و كان ألم روحها أشد ألما من الولادة..
تزايد الألم لتصرخ نور و هي تقول لزوجها:
_ مش قادره ياايهاب أنا شكلي بولد
مش كنا رجعنا بلدنا احسن أولد فيها علي الأقل مامتك تكون معايا.
أجابها ايهاب:
_مش هتفرق ياحببتي وبعدين انتي لسه بدري عليكي انتي في اول السابع.
أجابته هذه المرة بصراخ و ألم أقوى:
_بس أنا تعبانه اوي ااااااااه الحقني بسرعه ااااه
ذهب بها مسرعا إلى المستشفى وهناك الصاعقة الكبرى..
قال الطبيب لزوجها:
_ المدام حالتها خطيرة وحياة التوائم في خطر نسبة الحياة ليهم منعدمة وكله بإيد ربنا بس للأسف لسه أهم الأعضاء عندهم مكتملتش وضعاف جداا.
هربت الدماء من وجه إيهاب خوفا على زوجته وألما لفقدان أبنائه فلو علمت نور بهذا الكلام ستنصدم و ستزداد جروحها فيكفي ما مرت به من أحزان، لكن ليس بيده شيئا، كانت الحيرة مسيطرة على إيهاب، و مشاعر الخوف والقلق ينهشان فؤاده كان يمشي ذهابا وإيابا أمام غرفة العمليات وهو يمسد جبينه و يتأفف من شدة توتره.
خرج الطبيب والأسى باد على وجهه:
_أنا آسف يا أستاذ إيهاب بس الأطفال حالتهم خطيرة جدا والمدام ساعة وهتخرج و ننقلها لغرفة عادية.
انتظر ايهاب خروجها وهو حزين، حلمه باليوم الذي يحمل بين ذراعيه ابنيه تحطم و ترك ألما بليغا في قلبه و مايؤلمه أكثر ذلك الكلام الجارح الذي تقوله والدته لزوجته و إن كررته سيكون كالملح الحارق الذي يوضع فوق الجرح العميق في قلب زوجته المنكسر..
خرجت نور والتعب ظاهر عليها
فسألت إيهاب بنبرة متعبة قلقة:
_ فين ولادي
أجابها وهو مطأطأ الرأس موجها نظره نحو الأرض:
_ في الحاضنه ياحببتي
طرق الباب وهمست الممرضة لإيهاب فخرج مسرعا.
فتألم قلب نور وأحست بغصة مريرة في قلبها
رجع إيهاب وعلامات الخيبة على وجهه، عاد إليها وتعلو وجهه علامات الحزن والأسى مخبرا إياها بصوت يشوبه الألم:
_احتسبيهم عند ربنا يا نور، ربنا استرد أمانته.
شعرت بغصة فى قلبها، كلمات وقعت عليها كزلزال هز كيانها، شعرت بوجع شديد ولكنه ليس وجع جسدي أو حتى نفسى ولكنه وجع القلب، ظلت طوال الفترة الماضية تحلم باليوم الذى تضمهم فيه بين أحضانها ليأتي هذا اليوم بحلم السراب، الألم يعتصر قلبها، دموعها تنهمر كالشلالات، تشعر باختناق وضيق نفس، سحبت انفاسها وتوقف نبض قلبها عند وفاتهم، فهما قطعة من روحها، لم تحتمل كل تلك الاحاسيس بداخلها فانهارت باكية وتعالت صرخاتها، صرخات قلبها، فجزء من قلبها قد سحب منها، حاول إيهاب تهدئتها ولكنه لم يستطع، وهي لم تتوقف عن البكاء، وكل ما كانت تطلبه رؤيتهم.
نور ببكاء شديد:
_عايزة اشوفهم، عايزةأاضمهم في حضني لأول وآخر مرة.
تعالت صرخاتها من الألم الذى زاد عليه الألم الجسدي هذه المرة فأسرع إيهاب لإحضار الطبيب الذي أجرى لها العملية وأمر بسرعة إدخالها إلى غرفة العمليات مرة أخرى.
فقال الطبيب:
_ايه ده مش ممكن المدام عندها نزيف جامد لازم تدخل أوضة العمليات الظاهر مستحملتش الزعل وبعد وقت طويل قد مر على إيهاب بصعوبة بالغة
خرج الطبيب من غرفه العمليات وقال بنبرة حزينة:
_أستاذ إيهاب أنا آسف بس لازم حضرتك تمضي على إقرار لأن النزيف مش راضي يقف وهنتضر أن احنا نشيل المبيض المتسبب في النزيف فوافق إيهاب فالأهم عنده هو حياة زوجته وبعد وقت من الزمن.
خرجت نور وبدأت تستفيق وحالتها تتحسن ولكن لم
يطب قلبها بعد..
خرج الطبيب من غرفه نور بعد الكشف عليها فخرج وراءه زوجها إيهاب كي يطمئن عليها..
إيهاب:
_لو سمحت يا دكتور عاوز أعرف أخبار حالتها إيه؟
أجابه الطبيب وهو ي بت على كتفه:
_عاوز اقولك مع الأسف نسبة الحمل هتكون ضعيفة عندها ونفسيا هي مش مساعدة تعرف خبر زي ده فممكن حضرتك تمهد لها.
فذهب الطبيب في طريقه ودخل إيهاب إلى زوجته
قالت نور وهةعيناها معلقتان على زوجها:
_ قولي الدكتور قالك ايه متخبيش عليا أنا حاسه إن في حاجة جامدة.
قال إيهاب:
_متقلقيش ياحببتي كله خير ارتاحي دلوقت وبعدين نشوف كلام الدكتور.
فهي تحس بأن هذه العملية قد تكون سببا في إعاقة الحمل لمرة ثانية ولكنها تذكرت قدرة الخالق فهو بيده كل شئ وهو القادر الذي إذا قال للشيئ كن سيكون
فقالت:
_إيهاب أنا عاوزة ارجع بلدي علشان خاطري رجعني أنا مش حابة أعيش هنا.
ايهاب:
_ بس احنا كدة نبعد عن بعض انتي عارفة اني وقعت عقد بعشر سنين مينفعش ارجع.
نور:
_خليك انتا وسبني أنا أرجع علشان خاطري.
وبعد تجادل بين نور و إيهاب كان الحوار لصالح نور و استسلم إيهاب لطلبها فقررت العودة لبلدها
وهنا كانت الأزمة الثالثة التي ستمر بها نور.
وصلت نور لبلدها ورحب بها والد زوجها ووالدته وأخيه وبدأت السلامات
عبد الرحمن والد ايهاب:
_إزيك يا بنتي حمدالله علي سلامتك في بلدك نورتينا
ولكن كانت ليلى والدة إيهاب لها رأي آخر
أما اخوه أحمد فرحب بها بشكل غير طبيعي مبالغ فيه.
ليلى:
_ أهلا بيكي بس كان نفسي ترجعي بعيل حتى واحد بس أمر ربنا وكان هذا الكلام يؤلمها كثيرا فستأذنت منهم قائلة:
_طيب أنا هقوم أرتاح لأني تعبانه شوية
أجابها والد زوجها:
روحي يا بنتي ارتاحي انتي برضه قايمة من ولادة. ذهبت نور من أمامهم وصعدت إلى شقتها فأطلقت لدموعها العنان حتى ذهبت في سبات عميق ومر يومين عليها وهيا في غرفتها لم تري أو تتحدث مع أي أحد وفي ليلة شديدة البرودة..
نور في نفسها:
_ ايه ده مين بيخبط عليا دلوقت؟ غريبه الساعه 3الفجر!
ارتدت حجابها وقالت:
_مين علي الباب؟
_أنا أحمد يا نور افتحي
فتحت نور وعلامات التعجب على وجهها
نور:
_ في حاجه يا احمد بتخبط دلوقت عليا ليه حد حصله حاجة
أخمد:
_آسف بس كنت حابب أطمن عليكي وأقولك إنك وحشتينا قوي والدنيا كانت وحشه من غيرك.
خرج صوت من جوار شقتها:
_بتعمل إيه يا أحمد عند نور في وقت زي ده
أحمد:
_ أبدا ياحببتي لقتها فاتحة الباب فكنت بشوفها لو محتاجةحاجة اجبهالها
بدأت تنظر إليه بصدمة و استغراب من كلامه.
لازالت الصدمة على وجه نور ولازالت علامات الاستفهام تشكل هالة حول عقلها.
أحمد:
_ ادخلي إنتي شقتك يالا يا نور ومتفتحيش بالليل كده تاني!
دخلت نور وهي تحدث نفسها:
_إيه ده؟هو في إيه؟ لتحرك كتفيها بقلة حيلة.
بعد أن أغلقت باب شقتها وقفت ريهام زوجة أحمد و هي ترمقه بنظرات غاضبة فصرخت به قائلة:
_ أحمد إيه دا يا أحمد هيا وقفالك على الباب ليه؟ ولا أنت هتحن للحب القديم.
أجابها أحمد بعصبية ممزوجة بتوتر:
_إنتي بتقولي إيه أكيد جرا لعقلك حاجه أما أدخل أنام أحسن تصبحي علي خير.
لوت ريهام فمها وقالت:
_ ماشي أما نشوف آخرتها معاك إيه.
دخل أحمد غرفته وهو يتذكر نور وهي تفتح له الباب ليقول في نفسه:
_ جميله يا نور من يومك قلبي مش قادر ينساكي آه ياني من حبك يانوري.
أغلق عينيه وهو يتخيل نور لتعود به الذاكرة إلى يوم أليم قد ترك جرحا عميقا في قلبه، عندما جاء في يوم التخرج فرحا سعيدا ودخل منزله وقال:
_أنا اتخرجت يا بشر جوزوني بقا عاوز أتجوز.
قالت ليلى:
_ مش تستنى أما أخوك الكبير الأول يتجوز.
أحمد:
_ لا يا ماما إيهاب شكله مش ناوي أنا بقا مستعجل.
ضحكت والدته وضربته على جبينه وهي تقول:
_ اسكت يا واد أخوك هيسمعك، على العموم هو خلاص إختار ورايح يتقدم يوم الخميس لوحده كان مستنيها تتخرج أصلها قدك ومعاك في الكلية.
قال احمد:
-مين بقا ديه يا ست الكل إلا تكون بت كده ولا كده.
أجابته قائلة:
_لا يا حبيبي صاحبتها أخت صاحب إيهاب شافها كذا
مره وهو عنده.
ضحك احمد وقال:
_ والله ابنك ده طلع لئيم وساكت كل ده خليه يخلص بقا أحسن هتجوز على نفسي ياأمي.
ضحكت ليلى وقالت:
_كلها بكره وخلاص.
وظل يتذكر يوم الخطبة، ذهب رفقة أخيه ووالديه وكان سعيدا لسعادة أخيه فكان يبتسم إلى أن رفع عينيه لتختفي تلك البسمة وتحل محلها صدمة، ألم، جرح، كاد قلبه أن يقتلع من صدره، هي التي دق لها قلبه ولكن تمالك نفسه ورسم ابتسامة صفراء على وجهه و السكاكين تغرس في قلبه وهو يتألم بصمت، لم يحدثها في هذا من قبل كانت صدمه له ولكن لم يتكلم لم يقوى على النطق بحرف، ترغرغت عيناه بالدمع حتى ذهب في سبات عميق.
أشرقت الشمس معلنة عن بداية يوم جديد، فتحت نور عينيها على رنات هاتفها، ذهبت متلهفة لكي تسمع صوت زوجها.
إيهاب:
_وحشتيني يا نور.
نور:
_إزيك إنت كمان وحشتني مش ناوي تيجي إجازة.
إيهاب:
_معلش ياحببتي استحملي شويه لأني مش هعرف أنزل الفترة ديه.
قالت نور وهيا تكاد تحدثه عن ما حدث ليلا ولكن فضلت الصمت:
_ماشي يا حبيبي ربنا معاك.
إيهاب:
_في اأقرب فرصة تلاقيني بقولك إني جاي.
أغلقت نور الهاتف وظلت صامتة لبعض الوقت ثم أحضرت إحدى الروايات و بدأت بقراءتها.
استفاق أحمد من نومه ولم يجد زوجته بالمنزل، تناول هاتفه وحدثها قائلا:
_إنتي رحتي فين على الصبح كده؟
ريهام:
_أبدا رحت أشتري طلبات البيت ومحبتش أصحيك علشان عارفة إنك إجازة.
فرح احمد كثيرا وتذكر نور في هذا الوقت، فقال لزوجته:
_ إيه وهتروحي تبصي على والدتك كالعادة
قالت ريهام:
_ أيوة شوية بس مش هغيب.
أحمد:
_لا ياحببتي خليكي وأنا هجيلك ونكمل اليوم معاها.
ريهام:
_ بجد يا أحمد.
ولكن بدأ الشك يدخل قلبها لأنه لم يفعل ذلك منذ فترة _ماشي مع السلامة.
ظل احمد يفكر كيف يعتذر من نور عن ما حدث بالأمس
ذهب يدق عليها بابها وما أن فتحت حتى دخل بسرعة.
نور باستغراب وغضب:
_ في إيه يا أحمد إنت إزاي تدخل كده عليا؟
نور:
_كنت عاوز أتكلم معاكي.
نور:
_اتفضل بس كده ميصحش.
لا أنا لازم أتكلم معاكي.، ظل الشيطان يوسوس لأحمد حتى قال لها إنتي مش حاسه بالي في قلبي يا نور؟
نور بصدمة و عصبية:
_ إنت إزاي بتقول كدة يا أحمد إنت ناسي إني مرات أخوك.
أحمد:
_بس أنا بحبك أكتر منه.
صدمات متتالية تلقاها نور من طفولتها.
نور بصراخ:
_اطلع بره لو سمحت مش عاوزه أشوف وشك
وياريت متخبطش على بابي تاني،وأوعدك إني هعتبر نفسي مسمعتش حاجة ومش هقول لحد.
ولكن كان للقدر رأي آخر دق باب نور وأحمد بالداخل..
ظل أحمد يتحاور مع نور وكانت الصدمة تكسو وجهها
من ما يتفوه به أحمد.
إنها خيانة! هل يوجد أخ يحاول أن يخون أخيه مع زوجته؟ ما هذا؟ إن الله ابتلانا من كثرة ذنوبنا إنها ليس مجرد ذنوب بل هي من الكبائر.
دق الجرس اشتعلت نور غضبا من هذا الذي دخل عليها وسيسبب لها من المشاكل مالا تقوى عليه فهي دائما تحس بالضعف و الانهزام أمام العراقيل.
ذهبت نور لكي تفتح الباب وكان أحمد يحاول اقناعها بعدم فتحه ولكنها خافت وفتحته، لتجد أمامها الشخص الوحيد الذي لا تريد رؤيته في هذا الوقت وياليته كان لوحده، لقد كانت زوجة أحمد رفقة والدته.
حلت الصدمة على وجوههم وما إن رأت زوجها حتى هتفت بغضب على نور:
_احمد بيعمل ايه عندك يا نور.
أجابتها نور و هي تحاول كبت غضبها:
_ اتفضلي اسألي جوزك المحترم دخل عندي ليه وعاوز إيه كانت تزعم الهدوء والاطمئنان رغم ما بداخلها من خوف من ما سيحدث الآن.
لتوجه سؤالها لزوجها بنظرات شك وخيبة:
_احمد إنت عند نور ليه؟
أجابها أحمد محاولا إخفاء توتره:
_أبدا كانت عاوزاني أغيرلها لمبة محروقة.
نور بصدمة وصراخ:
_نعم إنت بتقول إيه؟
ظلت زوجه أحمد تتفوه بأبشع الألفاظ لنور ونور صامتة..
ما هذا؟ يصدقون الكاذب ويكذبون الصادق!
قالت والدته بنبرة خيبة ممزوجة بغضب:
_ إيه يا نور إنتي خلاص عارفة إنك مش هتعرفي تخلفي عاوزة تكسبي في صفك ولادي الاتنين يا نور حرام عليكي!
نور بنبرة منكسرة:
_إيه اللي أنتم بتقولوه ده إتكلم يا أستاذ وقول أنت دخلت هنا وقلت إيه وكنت عاوز إيه حرام عليكم
انهارت نور وبدأت الدموع تنساب من عينيها كشلال متدفق.
ظل أحمد صامتا وترك والدته تؤنب في نور وتعنفها بأبشع الألفاظ ولكن الغريب هنا وهو صمت زوجته
خرجت ولم تتكلم وخرج وراءها الجميع.
جلست نور تبكي وكانت تتحدث مع من فارس مؤخرا وتقص له ما حدث كان فارس حزين على ما تمر به نور ويحاول إخفاء غضبه وقال لها:
_ هتحكي لجوزك اللي حصل؟
نور قالت:
_ أظن أنه المفروض يعرف؟بس حاسة إني أضعف من أني احكيله حاجة زي دي.
قال فارس:
_ متتكلميش إن الله ستار حليم إلا إذا حد اتكلم عليكي بكلمة فمن الواجب أنك تتكلمي وتدافعي عن نفسك. فوافقت نور وقررت أن تنفذ كلام فارس،وأثناء محادتثهما في منتصف الليل، دق بابها فقالت لصديقها المدعو فارس:
_فارس الباب بيخبط وأنا قلقانة.
فارس:
_روحي افتحي يا نور وخليكي شجاعة ولو لقتيه أخو زوجك نادي علي البيت كله وسمعيهم بيه.
فوافقت وفتحت الباب بخوف وما أن رأت من أمامها حتى دبت الطمأنينة في قلبها.
_بابا اتفضل!
أجابها بقلق قائلا:
_لا يابنتي جوزك اتصل عليا وقالي يكلمني وأنا عندك مش عارف في إيه أنتم هنا في البيت بينكم مشاكل وأنا معرفش؟
صمتت نور ولا تعرف ما الذي ستقوله بدأت تدير عينيها في المكان لتوتر إلا أن هاتف عبد الرحمن قد أنقذها، ذلك الرجل الطيب الذي يحمل لها من الحب ما يكفيها..
قال:
_ردي عليه يابنتي ونشوف في إيه؟
أومأت نور له برأسها كعلامة على موافقتها، فردت على زوجها قائلة:
_ألوو أيوه ياإيهاب!
إيهاب:
_إزيك يا نور؟
نور:
_أنا الحمد لله أنت عامل ايه؟
أجابها إيهاب وهو في شدة الغضب:
_مش مهم أنا المهم مراتي اللي مش بتحكيلي حاجة بتحصلها أنا هقول كلمتين بابك يتقفل عليكي ومافيش مخلوق حتى لو أبويا أو أمي يدخل شقتك لغاية مجيلك!
أخذ والده الهاتف لكي يحادثه فقال له:
_إيهاب إنت بتقول...
قطع كلامه إيهاب قائلا:
_هي ديه الأمانة يابويا اللي سايبهلكم أنا عرفت اللي إنت في البيت ماعرفتوش وعرف أمي أن نور يتيمة صحيح ملهاش حد بس أنا زوجها وعمري متخلا عنها وابعد أحمد عن سكة مراتي لغاية منزل، أنا قدامي ساعات وأكون أقدامكم.
كانت الصدمه تعلو وجه نور ووجه عبد الرحمن و بدآ ينظران إلى بعضهما باستغراب وعدم فهم ثم أغلق إيهاب الهاتف.
جلس عبد الرحمن وقال:
_ عرفيني يابنتي كل اللي حصل.
حدثته نور بما حدث، وقد كان يربت على يداها ويقول بطيبة وحنان أبوي:
_ متخافيش يابنتي ربنا هيفرحك وهيعوضك إن الله مع الصابرين.
وخرج من شقتها وهي تبكي وهو الآخر أيضا يبكي وقد
كان الغضب يملأ وجهه فدخل شقته ونادى على زوجته:
-تعالي يا أم إيهاب يا طيبة احكيلك اللي حصل من ابنك ومنك يا بنت الأصول.
جلس عبد الله مع زوجته ممسكا وجهه بين يديه و الغضب مهيمن على ملامحه، سأل نفسه:
_كيف سأقف بين يدي الله وأنا تركتكم تفعلون هذا معها؟
لينطق بها علنا أمام زوجته بعصبية:
_ إزاي تعملو كده إزاي ولا علشان هيا يتيمة ملهاش حد ياويلنا من ربنا ولسه لما ابنك يرجع هيعمل إيه معانا.
كانت تحاول أن تدافع عن نفسها وعن ولدها ولكن ماذا تقول وكل شئ واضح أةلقد استضعفوا هذه الفتاة، ففي هذه الدنيا يأكل القوي الضعيف.
تركهز ودخل غرفته يبكي بسبب تأنيب ضميره فهو يحس بأنه قد ظلم هذه الفتاة معهم.
كانت تحاول نور الاتصال بزوجها ولكن هاتفه مغلق ظلت تحاول وتحاول حتى جلست وبقلبها ألم شديد،تفكر في حياتها وأسئلة تعصف بعقلها لتجعلها في دوامة حيرة:
_ هل يوجد لها مكان وسط هذه الأسرة أم يكفي إلى الآن ما حدث ؟ لا يمكن أن تكون سببا في تفرقة الأخوين عن بعضهما و إن ابتعدت وتركتهم، كيف ستعيش وسط هذه الغابة من دون أهل، ماذا تفعل؟ كيف ستتصرف؟ يا لها من حيرة كل ما أمامها الآن هو أن تحدث صديقها فارس.
نور:
_أعمل إيه يا فارس؟
وقصت له ما حدث مؤخرا.
قال لها فارس بحزن على حالها:
_ استحملي شوية يا نور لغاية ما زوجك يوصل و نشوف هنعمل إيه.
فارس شاب يحمل من الرجولة ما يكفي، طويل ذو بشرة خمرية اللون وعينين عسلية ولكنها جذابة!
في منتصف الثلاثينات ولديه ابنة، كان متزوجا و لكن زوجته قد توفيت بعد ولادة طفلتهما، حزن كثيرا على فراقها لدرجة أنه لم يتزوج مرة أخرى ولم يسمح لأي امرأة باختراق حصون قلبه بعد زوجته.
جلس فارس على الكرسي الذي أمامه وبدأ يحدث نفسه،
حاول أن ينام ولكن لم يجافيه النوم.
ليحدث حوار بينهم وبين نفسه:
_مالك يا فارس أنت مهتم قوي بنور لي؟
_عادي يا عم صعبانه عليا بس٠
_لا شكلك وقعت أنت نور مش بتفارق خيالك أساسا.
_يا عم إيه اللي إنت بتقوله ده بالعكس دا أنا بحاول أخليها تفضل مع زوجها ومتخربش بيتها.
_تنكر إنك بتتمنى أنها تسيبه؟
_يووووو أنا مشفتش شكلها حتى أنا كل اللي اعرفه عنها اللي بتحكيهولي و بس، بس منكرش إني بستنا مكلمتها طول الوقت مش عارف بقى؟
بدأت أسئلة كثيرة تدور بينه وبين نفسه إلى أن ذهب في سبات عميق وهي لا تفارق أحلامه.