
- من المؤسف أن أعشق الأولى وأرغب في الثانية وأتزوج من الثالثة -.
كانت جالسة على الأريكة بجانب والدتها تنتقي الذهب بسعادة من فوق الطاولة التي وضع عليها خواتم وقلادات ودُبل وخلاخيل وأقراط ذهبية بمختلف الأشكال والنقشات الجميلة منها القديم ومنها الحديث..
<a name=\'more\'></a>
كانت نادين ترتدي ملابسها المعتادة وفوقها عباءة لأنها أحبت الك الملابس تاركة شعرها منسدلا بنعومة حول وجهها، بينما ليلى كانت ترتدي ملابسها المعتادة المكونة من بنطال قصير ضيق وكنزه ومن المفترض أن المنزل دافئ كالمعتاد لكن اليوم لم يكن دافئ، تتلحف بوشاح ثقيل بسبب البرودة التي أدخلها الباب المفتوح على مصراعيه مع إدخاله للضوء و نسمات الهواء التي داعبت خصلات شعرهم بنعومة..
هي بالفعل أخذت الملابس من حُسنة كما أخبرتها لكنها تركتهم على الفراش رافضة أن ترتديهم، جمعت خصلتين خصلتين من شعرها من كل جانب وقامت بـ لويهم وجمعتهم داخل مشبك الشعر الصغير كي لا تتمرد بقية خصلاتها وتضايقها وخصوصاً أنها لا تطيق النظر إلى وجهها وهي هكذا..
بينما حُسنة ودهب كانا يجلسان جوار بعضهما البعض يتحدثان بهدوء مع كل قلادة تضعها حُسنة على صدر دهب كي ترى الأجمل والأنسب لها..
إلتقطت قلادة أخرى وهي تزفر بسبب مزاجيه إبنتها ورفضها كل ما تقترحه عليها..
صرخت بها بحدة افزعتهم: في إيه يا بتي مفيش حاجة عاجباكِ واصل!
زفرت دهب بضيق وقالت بتذمر: أعمل ايه يعني ياما مش عجباني اللِبة ديّ!
نظرت لها حُسنة باستياء ثم قالت بقلة حيله: براحتك مليش صالح عشان تعبتيني وياكِ يابت بطني..
ابتسمت ليلى ثم وقفت من مكانها وجلست بجانب دهب واقترحت عليها بهدوء: ينفع أساعدك؟
اومأت لها بوجه عابس فابتسمت ليلى وبدأت يدها تتجول بين القلادات حتى إلتقطت واحدة ووضعتها حول رقبتها برقة وسألتها: ايه رأيك في دي؟
إبتسمت دهب وهي تتحسسها بأناملها ثم قالت بابتسامة: تسلم يدك حلوه جوي..
نظرت لها حُسنة بسخط ثم سألتها بتهكم: أباي عليكِ يا بت الجزمِة إنتِ أنا حطيتها على رجبتك ياجي خمسين مرة وجولتي عفشِه بجِت زينه دلوك؟
ابتسمت ليلى وحاوطت كتف دهب وقالت برقة: لأ هي مردتش تكسفني بس، عشان هس برده مش عجباها يا أم عمّار صح يا دهب..
ابتسمت دهب ببلاهة ثم خلعتها عن رقبتها وقالت باستسلام: أني عاوزه حِجل، وتركتهم وجلست بجانب نادين تنتقي معها بهدوء دون تأثير من أحدٍ عليها تحت نظرات والدتها التي تهز رأسها بيأس..
ربتت ليلى علي كتفها بحنو وقالت بهدوء: تلاقي هرمونات الحمل مقصرة عليها شوية..
هزت رأسها وقالت بتعجب و استياء: ديّ لسه عالبر يا بتي للحديت دِيه إحنا محبِلناش ولِّيه!
ضحكت ليلى بخفه ثم قالت وهي تضيق عينيها: كل حاجة اتغيرت دلوقتي تلاقيها بتتجلع عليكِ يا أم عمّار..
ضحكت حُسنة ثم هزت رأسها وكادت تذهب لكنها لاحظت نظرات ليلى تجاه إحدى الخلاخل الذهبية..
حملته بابتسامة ورفق كأنها تخشى عليه ثم رفعت قدمها ووضعتها على طرف الطاولة وارتدته حول كاحلها وهي تبتسم فكان سوار رقيق يتدلى منه فراشات صغيرة رقيقة تتراقص مع كل حركة تصدر منها، خلعته عن قدمها وهي تبتسم بحزن فهي ترى أنها كبرت على تلك الأشياء، وضعته على الطاولة لكن يدها توقفت بمنتصف الطريق عندما أمسكتها حُسنة وهتفت باعتراض: والله ما يرجع عاد..
حركت ليلى أهدابها بتعجب وسألتها بعدم فهم: مايرجع ايه؟ مش هاخده!
اختطفته حُسنة من بين يديها وهتفت بحدة ولغة أمره: أرفعي رجلك ديّ علي المخروبة دلوك..
نظرت لها بتعجب دون ان تصدر عنها حركة، شهقت عندما رفعت حُسنة قدمها بنفسها على الطاولة وأعادت وضعه حول كاحلها من جديد وهي تقول: الحاجة اللي تعجبك تاخديها من غير حديت ورطرطة كَتير..
هزت رأسها بنفي وردت متعجبة وهي تنظر إلي قدمها: مش معني إنه عاجبني اخده مش هتستخدمه دي فلوس علي الفاضي!
ربتت حُسنة على كتفها وقالت بابتسامة: مش فلوس على الفاضي عاد! ديّ أجل من جيمتك يا حبيبتي من حبنا حبيناه وصار متاعنا متاعه اعتبريها هديتي ليكِ يا غاليِة..
ابتسمت ليلى بنعومة و سألتها باستفهام رقيق: إنتِ ليه بتقوليلي يا غالية؟
إبتسمت حُسنة وقالت بحنان: عشان إنتِ غاليِة يا غاليِة، عانقتها ليلى بحنان وهي تبتسم بِحب مع قولها: إنتِ طيبة أوي يا حاجة أم عمّار..
ابتسمت حُسنة وربتت على شعرها وهي تقول بابتسامة: والله إنتِ اللي طيبة وأميرة يا أميرة، أنا هجوم بجي عشان البنتِه اللي في المطبخ دول ما هيعملوش حاجة زينه غير لما أجعد فوج دماغتهم..
عشان نلحق جبل الليل وجبل مايوصلوا الضيوف..
سألتها ليلى باستفهام: مين اللي جاي؟
وضعت حُسنة يدها اسفل ذقنها وسألتها باستنكار: إنتِ ما تعرِفيش ولِّيه؟ النهاردِه جراية الفاتحة بتاعة عمّار!
هزت ليلى رأسها بجهل وهتفت بتعجب: عمّار وندي؟
ضربت حُسنة كفيها معاً وهي تهز رأسها وتكاد تجن من تلك الاسئلة جعلت ليلى تبعد وجهها إلى الخلف وهي تحرك أهدابها بتعجب تستمع إلى بقية قولها: خبر ايه يا بتى تفي من خشمك ندى ايه ديّ ديّ فاتحة عمّار ونادين يا حبيبتي!
هزت رأسها باستنكار ثم سألتها بغضب طفيف إحتراماً لها: يعني ايه فاتحة؟ مين اللي قال كده؟
تنهدت حُسنة وقالت بهدوء كي تفهم ما يحدث هُنا: أنا جولتلك جبل سابج يا حبيبتي إنك طالما جيتي إهنِه يبجي إنتِ موافجة ومش ناجص غير موافجة الحج وبينُه إكدِه وافج وأمر ومحدش هيردِله طلب واصل..
ردت بعصبية وهي تضرب الطاولة براحة يدها: يعني ايه محدش يردِله طلب يعني؟ ليه احنا هنا تحت رحمته لحد ما يوافق ويؤمر ولا ايه؟، وقفت بغضب وتابعت بحدة ولغة آمرة إلى نادين التي وقفت بقلق: إتفضلي اطلعي جهزي حاجتك عشان نمشي مش هنقعد هنا دقيقة واحدة..
زفر بضجر وهو يمر من أمامها تلك الثرثارة التي لا تتوقف شفتيها المثيرة عن الحديث، دفعها من كتفها أسقطها على الأريكة وهو يقول بسخط: عاملة دوشة ليه يا حماتي؟.
ركلت حُسنة ساقهِ وهو يمر من أمامها وهي توبخه بحدة: من ديج المكان جي تزنج نفسك إهنِه يا جاموسية إنتِه!
قهقهة وهو يجلس بجانبها ثم قبل جبهتها بحنان وبرر بهدوء: أنا جاي أجعد جارك يا ست الكل..
ربتت على صدره بحنان لـ يبتعد قليلاً إلى الخلف شاعراً بالألم، سألته بتعجب ويدها أستقرت على صدره: مال صدرك دافي إكدِه ليه مرضان ولِّيه؟
أمسك يديها بين يديه وقبلها بحنان وقال بسخرية: أصلي كُنت برضع دلوك، ضربت كتفه بسخط و وبخته وهي تضيق عينيها: ترضع مين يا ناجص إنتِه..
قهقهة وهو يعانقها ثم سألهم باستفهام: انتوا جاعدين إهنِه ليه؟ في رجاله جايين عشان في مشكلة إيكش يتعاركوا في نص الطريق ويجتلوا في بعض ونخلص من الفُجّر اللي بيتاجروا في المساخيط دول..
ربتت حُسنة على رأسه بحنو وهتفت مواسية: ربنا يجويك يا ولدي أني واعية إنك ما هتحبش المشي البطال..
ضحك بتسلية وهو يستمع لها، حسناً معها حق هو لا يحب هذا، لكن أي واحداً تقصد لأن هناك ما يحبه..
سألهم وهو يبحث عن الصائغ بناظريه: هو فين المحروج التاني مهملكم دهباتُه إكدِه كيف؟
لويت حُسنة شدقيها وهي ترفع حاجبيها وقالت بتهكم: إحنا هنِسرجه ولِّيه العِفش دِيه! همله جاعد مع الرجالة في الطله بيشرب شاي..
أومأ وهو ينظر إلى الذهب الموضوع أمامه على الطاولة ليقع نظره على ساق ليلى الناعمة التي تمدها على طرف الطاولة تعقد يديها أمام صدرها بوجوم وهي تفكر، ليهتف عمّار بسخرية وهو يلمح ذلك السوار الرقيق الملفوف حول كاحلها: حماتي جامت بالواجب وسرجت أهي..
ضحكت بسخرية ولم ترد عليه متصنعة البرود وهي تنفخ أنفها مع وجنتيها بغضب وكم تتمنى بشدّة أن تقتلع ذلك اللسان اللعين..
وبخته حُسنة بخفوت وهي تقرص ذراعه: إخرس ديّ هديه مني..
رفع حاجبيه وسألها متصنعاً الحزن: بجي بتهادي حماتي وسايبة خطيبتي؟
رفعت قدميها عن الأرض وربعتها ثم سألته وهي تهتز: بجولك ايه يا واد يا مخبول إنتِه ماترازيش فيِه أنا مش فيجالك والدهبات كلها أهي تحت أمرها ولا لازم أجولها؟
ضحك وهو يراقبها بتسلية ثم هتف بأسف: معلاهش بعـ، قطع قوله دلوف أحد حُراس المنزل حاملاً معه بعض الحقائب مستمراً في السير دون توقف أو النظر لهم..
أستوقفه قول عمّار باستفهام: رامح على فين كيف البهيمة إكدِه..
توقف الحارس ثم أستدار وذهب اتجاهه، وقف أمام الطاولة وهتف باحترام: كنت بجيب طلبات للمطبخ جنابك..
أومأ لها عمّار ثم سأله وهو يحدق بالحقيبة البلاستيكية التي يحملها من: وجايب ايه؟
قال بهدوء وهو يناوله الحقيبة: طماطم..
أخذها عمّار وتفحصها وهو يسأله: بكام دلوك؟
رد بهدوء: عشه جنيه..
سأله بامتعاض وهو يتفحصها: ليه من كارفور؟، قضمها كي يتذوقها ثم قال بتقزز: دي ماصخة! وطريه جاك خابط في مجايبك اجلب من وشي..
قهقهت نادين ثم قالت وهي تغمزه: إنت باد بوي اوي على فكرة..
قهقهة ثم قال إلى والدته بتسلية: تبجي فرجي شربات على البلد يا أم عمّار..
سألته بتعجب وهي تضع يديها أسفل ذقنها: ليه يا ولدي..
قال بهدوء وهو يربت علي صدره: بمناسبة إني بجيت باد بوي..
دفعته وهتفت بسخط: بعِد عني يا بجف وجوم من إهنِه جوم، ضحكت نادين بتقطع وهي تراقبه بابتسامة، قلبت ليلى عينيها بسخط وهي ترفع طرف شفتيها بسخرية فكم تبغضه ذلك السيء، هو سيء حقاً فلما يضحك بفرح وسرور وفخر هكذا؟، هزت رأسها لتقع عينيها على تلك القلادة التي تلمع بشكل ملحوظ، نظرت لها بتركيز وأنزلت قدميها عندما وجدت القلادة عبارة عن إسم ندى..
حركت يدها وقربتها من الطاولة كي تأخذها، وضعت يدها فوقها لتجد يدها تهبط فوقها بقوة بسبب يده الصلبة التي وضعت فوق يدها، لا بل كانت صفعة قاسية تلقتها كأنهما يلعبان معاً..
تأوهت بألم ونظرت له بسخط ثم أمرته بحدة وصوت مكتوم: شيل المرزبة دي من علي ايدي!
رد ببرود وهو يدحجها بنظرات نارية: شيلي ايدك انتِ انتِ مالك بالأسم المقرف ده؟
لاح على ثغرها ابتسامة ساخرة ممزوجة بإزدراء عقبه قولها: وطالما مقرف عايزة ليه؟
ابتسم بهدوء وقال مبرراً وهو يرفع حاجبيه: هحط ألف ونون عشان يبقي نادين، ضحكت بسخرية وهي تنظر له بسخط، قاطعهما قول نادين العابس ترفع يدها يديها أمام وجهها تباعد بين أناملها بخفه وهي تتأمل تلك الخواتم الرقيقة بابتسامة: بقي كده يا عموري ماتقوليش إن النهاردة الخطوبة بتاعتي ينفع كده؟
نظر لها وهو يبتسم بهدوء ثم قال مواسياً: عمورك لسه عارف دلوقتى وحياتك، بس وعد هتعرفي معاد الفرح قبله متقلقيش..
أومأت وهي تبتسم بنعومة لتقضم ليلى شفتيها بغيظ وهي تنظر لها بغضب تلك الحمقاء الساذجة البلهاء التي تغرق نفسها في الوحل..
هتفت بانفعال وهي تبتسم ابتسامة لا تليق بثورانها بتاتاً: وياتري بقي عمورك قالك انه هيتجوز عليكِ عشان يرضي السلطان سليمان؟
أسودت عينيه بغضب ثم إبتسم بعصبية وهو يضغط على يدها بقوة أكبر جعل آلامها تتضاعف وتحدث من بين أسنانه بتحذير بصوت خافت وصل لها: أنا حذرتك قبل كدة من قبل ماتيجي تخلى بالك من كلامك هنا صح ولا لأ؟ أنا سايبك بمزاجي تتجاهلي وجوده وتتجنبيه ومش بتكلم لكن لو سمعتك تقولي عليه نص كلمة متعجبنيش مش الحزام اللى هيتكلم، ايدي اللي هتتكلم المرادي و متلوميش غير نفسك..
هزت رأسها بتفهم وقالت باحتقار ونفور: مستبعدهاش علي واحد ايده طويلة ومعندوش اخلاق زيك، ثم دفعت يده عن يدها بعنف وتركت له القلادة وصعدت إلى الأعلى..
زفر بضيق وهو يشعر بالغليان بسبب تلك الملعونة تفقدة عقله، التفت ليجد نادين تنظر له بحزن فتنهد وقال بهدوء: ساعتين وتعاليلي ورا البيت و هفهمك كل حاجة، ودلوقتي بجي انجلوا في المندرة الثانية عشان المجاطيع وصلوا يلا..
في منزل خليل الطحاوي..
كانت تجلس على المقعد الدائري الناعم الذي يبتلعها، تثني ساقيها، تضع الهرة علي قدميها تداعب فرائها بنعومة وشرود وهي تنظر عبر الفراغات الضيقة في النافذة الصغيرة بيد والأخرى تضعها حول معدتها بقلق، هي خائفة من أن تخسره ماذا ستفعل؟.
قطع شرودها سماع صوت سعاله بقوة وهو يتقدم منها يرتدي عباءته البيضاء الخاصة بالنوم..
جلس على المقعد المقابل إلى مقعدها، أخرج علبة من جيبه ثم أشعل لِفافة التبغ، وضعها بين أسنانه الصفراء يستنشقها بهدوء، سعل بحدة وهو ينتفض من على المقعد بسبب انتفاضة صدره من ذلك السم الذي لا يتوقف عن استنشاقه هو والنارجيلة ذات القاعدة الزجاجية (الشيشة) دون توقف..
سألها خليل بخشونة بأنفاسه الثقيلة وهو ينفث الدخان من فمه: نِعست بدري عشيِه امبارح ونسيت أسألك عملتي إيه امبارح! شوفتي عمّار؟
أومأت بهدوء وهي تخفض وجهها تنظر إلى هرتها، ليتابع: وحُصول ايه عاد؟
هزت كتفيها وقالت بهدوء: ولا حاجة إشتريت جزمِة وجيت..
أومأ بهدوء ثم سألها من جديد: و فين الجزمِة ديّ؟
أشرت على الطاولة الموضوعة في المنتصف الموضوع عليها الكيس البلاستيكي منذ أمس، اعتدل بجلسته ثم أخرج الحذاء وقلبه بين يديه بعدم إهتمام وهو ينظر لها بسخط ثم سألها بتهكم وهو يلوح به بين يديه: وايه دِيه ان شاء الله؟ هتتزفتي وتلبسي المحروجة ديّ كيف وإنتِ حِبله؟ ولو مش حِبله من ميته بتلبسي عالي إكدِه؟ عايزه تتجسر رجبتك ولِّيه؟ ولا فلوس بتترمي عالأرض عالفاضي!
أبعدت الهرة عن قدمها ثم ضمت ركبتيها الى صدرها واسندت وجنتها إليها وهي تضم نفسها ثم قالت بإحباط: كان في هناك مرة حلوة جوي، كانت لابسة جزمِة كيف الجزمة ديّ وكانت ماسكة ديّ في يدها كومان غيرت لما شوفتها! اشمعنا هيِه يعني وأنا لاه عشان إكدِه جبتها..
قذفها عليها بغضب وهو يسبها لكنها تحركت وتفادتها.
لـ يصرخ بها بجنون: وإنتِ مالك إنتِ إنت مالك؟ تغيري وتخسِريني أني؟ مالكيش صالح بيها تلبس ولا تتجندل هي بتلبسهم لكن إنتِ لاه يا جموسية يلعن أبو اللي جابك..
عبست بضيق ثم شهقت وهبت واقفة عن المقعد عندما وجدت الحذاء الآخر يقذف عليها، اختبأت خلف المقعد وهي تسمع سبه لها وصوت الأحذية التي تصطدم بمقعدها العزيز تجعله يهتز: يا وجعتك المربرة يا حزينة كلهم بـ كعوب أكسرهم على دماغك دلوك ولا وأخرم بيهم ودانك أعمل إيه؟
وقفت وهي تزفر ثم رفعت رأسها و أسندت مرفقها على رأس الكرسي وقالت بنبرة مهمومة قلقة وهي تقضم أظافرها: فكِر في اللي عاوز تعمله أنا خايفِة أروح عِنديهم هيسجِطوني!
ضرب كفيه معاه ووبخها بحدة وهو يقبض على عباءته بقوة: أنا مش إتحددت وياكِ كَتير وجولت إن محدش هيجرب منيكي عشان حِبله؟ مهما كانوا عفشين بس بيعرفوا ربنا ومحدش هيجرب منك، والمطلوب إنك تتمحلسي لكل واحد شويِه لحد ما يحبوكي على الأجل لغاية ما تولدي وبعدين يحلها حلال..
تابعت قضم شفتيها بتوتر ثم سألته بإحباط: وهتمحلس كيف يعني هعمل ايه؟
إبتسم باصفرار وهتف بسخرية: يعني حُكي ما تِعرِفيش الحك؟
جلست على المقعد وربعت قدميها ومازالت تهزها بتوتر ثم سألته من جديد: ما تخليني إهنِه لحد ما اولد؟
حمل المطفأة التي يطفأ بها أعقب السجائر ورفعها أمام وجهها مهدداً: يا حزينة روحي دلوك عشان بعد الولادِه يكونوا باجيين عليكِ!
هزت رأسها بنفي لهذا وهتفت باعتراض: ولو محصلش حاجة من كُل دِيه عاد عيحصل فِيا إيه؟
هز كتفيه بعدم إهتمام وقال بنبرة ذات مغزى: ولا حاجة تولدي وترجعي ونفضوها سيرة ولا عيجبي في جواز ولا يحزنون وأصلاً مفيش جواز نسيتي ولِّيه؟ و معانا وجت كَتير تكوني عرفتي اللي عايزين نعرفهُ، عشان المرة الجاية لما ناجي نجتله محدش يفاديه عاد واعية للحديت؟
أومأت وهي تبتسم بعصبية وقالت بانفعال ظهر جلياً على ملامحها الناعمة: مفكِر إن كل دِيه عيبجي بالساهل؟
ابتسم وقال بنبرة تحذيرية هادئه: لاه مش بالساهل بس طول ما إنتِ هاديِه ونسمة ومش بتنبشي على المشاكل وتزني على خراب عشك محدش هيجرب منيكي واصل! متبجيش مِحراك شر عشان هيودِروكي..
لدي عمّار في المنزل..
همهم عمّار للمرة الألف وهو يجلس على مقعد والده في منتصف الغرفة بملامح جامدة قاسية صلبة لا تحمل المزاح بتاتاً يمسك بين يديه ذلك التمثال الذهبي العتيق الذي أخرجوه من أحد المقابر الكثيرة هُنا وسبب المشكلة الرئيسية، العراك على من سوف يملكه..
أسند ذقنه عليه وهو يسألهم ببرود: عيد إكدِه وسمعني الجانون بتاعكم ايه؟
ازدرد الرجل ريقه وهو ينظر مقابلة إلي ذلك الرجل الذي يجلس بملامح متجهمة يفترسه بنظراتٍ قاتلة جعلته يشحب، ثم انتقل بنظره إلى جانبه لذلك الذي الرجل الثاني الذي يرى موته بعينيه لامحالة ليرتجف قلبه ذعراً خوفاً منهما..
تحدث ذلك الذي يُدعى طلعت بهدوء لكن نبرته خانته وخرجت مرتجفة رغماً عنه وهو يتصبب عرقاً: الجانون عندينا إن اللي ينضر حاجة لوْوَل تبجي بتاعته وملكه..
أومأ عمّار بتفهم ثم نظر إلى يساره وسأل ذلك الذي يُدعى مُنذر: ومشجلتك ايه عاد؟
هتف بعصبية وهو يأشر على لطفي الذي يجلس مقابله على يمين عمّار: المشجلة إني أني اللي نضرتها لوْوَل ومن حقي وهو عمال يرطرط في الحديت ويجول هو اللي نضرها لوْوَل ومعرفش ايه وابصر ايه ومدري كيف؟!، أومأ له عمّار ثم نظر يمينه وسأل لطفي بنفاذ صبر وهو يبتسم على مضض كي لا يقتل هذان اللعينان المتبجحين هل يبلغ عنهم؟: رأيك ايه يا حج لطفي؟
نظر له لطفي وقال بكل هدوء بأعصاب باردة: أنا اللي نضرتها لوْوَل ومهجولش غير إكدِه؟
أومأ عمّار ثم أعاد سؤال طلعت: رأيك ايه يا حج طلعت مش إنت صاحب الليلة ديّ مين اللي نضرها لوْوَل؟
تحمحم وهو يجفف جبهته براحة يده ثم قال بارد: الصراحة ومن غير كذب أنا بعد ما خرجتها من المجبرة إتصلت علي التِنين واستنيت اللي هياجي لوْوَل لجيت التِنين جِدامي فجأة وجبل ما أتحددت لقيتهم جامو على بعض كيف الكلاب، صمت ونظر إلى كليهما باعتذار ثم هتف بتذبذب: لمؤاخذة، وتابع وهو ينظر إلى عمّار: دِيه يجول من حقي والتاني يجول من حقي! جولتلهم يجسموها بيناتهم لكن الطمع بعيد عنك مهيخليش..
أومأ عمّار وهو يمسد جبهته ثم رفع رأسة وقال بهدوء وهو يأشر عليهم بذلك التمثال: انتوا جولتوا ان اللي ينضر حاجة لوْوَل ياخدها صُوح؟
قال مُنذر بانفعال وخشونة: صوح!
فأعاد عمّار وهو يرفع حاجبيه: انتوا عارفين ان محدش بيخرج من إهنِه مظلوم وأنا مش بظلم حد عاد! وانتوا مش موافجين تجسموها بيناتكم وأنا شايف إن دِيه صوح عشان ديّ مش من حج حد فيكم انتوا التِنين عاد! طلعت اللي نضرها وهو اللي خرجها وهو اللي عياخدها، وقذفها إليه مع نهاية حديثه ليرفع طلعت يده المرتجفة والتقطها بوجه شاحب بهت أكثر فأكثر وهو يتبادل النظرات معهما بخوف..
إبتسم لطفي بانتصار وسعادة ولا مُبالاة بهذا، فهو يكره مُنذر ولا يفعل كل هذا سوى عناداً كي يُضايقه ويقهره وخصوصاً أنه يعلم أن لديه هوس بالآثار وجمعها وكون طلعت أخذها لا يزعجه بتاتاً، فأي شيء يسبب الإزعاج له يحبه، ربت على كتفه وهو يهنئه برضى: مبروك عليك يا طلعت صبُرت ونولت، أومأ له وهو يبتسم ببهوت ابتسامة بالكاد خرجت، ثم نظر إلى مُنذر الذي امتقع وجهه واحتقن بحمرة الغضب ليسأله لطفي باستفزاز: صوح يا مُنذر يستحجها!
هب مُنذر واقفاً وصاح بصوت مرتفع غاضب: أنا ما هجبلش دِيه شغل طلعت وبياخد فلوس على إكدِه هو يطلع واحنا ناخد الجانون مش بيطبج عليه!
أومأ عمّار مؤكداً وهو يبتسم بخفه ثم هتف ببساطة: من النهاردِه الجانون اطبج عليه ولا تزعل نفسك عاد عشان صحتك!
هتف بحدة تضاعفت وجسده أخذ يشتعل من الغضب: أنا مش موافج..
تأفف عمّار وهو يمسد جبهته ثم قال ببطء وتحذير وهو ينظر بنقطة معينة أمامه: حِسك علا وفي داري ودِه ومش كويس عشانك يا مُنذر هدِي و روِج مش هتموت من الجوع يعني! إنت طالع واكل نازل واكل كفياك عاد! لكن طلعت معاه خمس روس محتاجين كل جِرش مش عتحس ولِّيه! تكونش حاطت على جلبك مراوح؟.
زفر بخشونة كانت كصرخة مكتومة ثم جلس على المقعد بغضب وهتف بتهكم: ويرضي يطفِح عياله من مال حرام؟
ضحك عمّار بخفة وسأله بسخرية: جول لحالك يا وِلد آيوب فلوسك ديّ جايبها منين عاد شغال دلال ولِّيه؟
نظر له منذر بغضب وكُره بيّن ظاهر أمام الجميع حتى له وهو يضم قبضتيه بقوة ووعيد ليرفع عمّار حاجبيه وسأله وهو يبتسم بتسلية استفزته فوق استفزازه: مالك بتبحلجلي إكدِه ليه؟ حديتي مش لاددْ عليك؟ من ميتة وهو بيلِد عليك بلا وجع دماغ، خلاص خلصنا ومش عايز رطرطة وحديت ماصخ وعراك كيف النسوان عشان مساخيط اتجوا الله..
هتف مُنذر بعصبية وهو يقف شاعرا بالإهانة: واااه شايفنا كفرنا ولِّيه حديـ، قاطعه عمّار وهو يقف مع قولة باستخفاف ولا مُبالاه: بس بس ليطجلك عرج وروِج عندنا فرح النهاردِه، هستناكم يا رجاله، وترك الغرفة وهو يلعنهم جميعاً وغادر..
بعد بعض الوقت خلف المنزل..
نفخ داخل أذنها جعلها تنتفض بهلع، أدخلت خنصرها داخل أذنها باقتضاب ثم هتفت بعبوس مصطنع: إخص عليك يا عموري..
قهقهة عليها ثم قال بازدراء: والله عيب عليكِ عموري ايه؟
ضحكت وهي تلملم شعرها ترفعه بين يديها لـ تختفي ابتسامته عندما رأى القلادة تزين عنقها! هذا؟ لما أعطتها لها تلك الشيطانة، ألا تعجبها؟ هل تريدها من الياقوت تلك المتسلطة؟ أمسكها بأنامله ببطء كأنه يتفحصها ثم سألها باستفهام: منين السلسلة دي؟
ابتسمت وقالت برقة: دي بتاعـ، شهقت بتفاجئ عندما شدها بعنف من حول رقبتها قطعها بملامح متجهمة وهو يقول بغلظة: مش حلوه..
صرخت به بغضب: ايه يا عمّار دي بتاعة مامى هعمل ايه دلوقتي بقي؟
قذفها وسط النباتات بحنق وقال بعدم اهتمام: وحشة برده واسمعي بقي المهم وسيبك من التفاهة دي!.
كانت تدثر نفسها تحت الغطاء وهي تسند ظهرها على جزع الفراش الحديدي تمسك بين يديها إحدى الروايات الأجنبية تزفر كل برهة وأخرى بعدم تركيز وهي تتنفس بعصبية بسبب شعرها الذي لا يتوقف عن مضايقتها ووخزها..
دلفت نادين دون طرق، أغلقت الباب خلفها ببطء كي لا يزعجها وتخيفها، سارت اتجاهها تقدم قدم وتأخر الأخرى بإحباط، جلست على طرف الفراش وظلت صامته منتظرة أن تنتبه لها ليلى لكنها كانت منغمسة في القراءة وهي تبتسم بنعومة..
تحدثت نادين بخفوت: عمّار حكالي كل حاجة..
قطبت ليلى ما بين حاجبيها ثم أغلقتها الرواية و نظرت إلى نادين بتركيز لتدرك تشوشها من ملامحها بسبب ما قصهُ عليها في الأسفل..
سألتها باستفهام بنبرة هادئه وهي تتركه من يدها: وقررتي ايه؟
قالت بخفوت وهي تعبث بأصابعها بتوتر: موافقة..
صرخت بها بعصبية واستنكار وهي تكاد تشد شعرها وتقطعة بين يديها: نعم! موافقة علي ايه؟ انتِ اتجننتي ولا ايه؟
أدمعت عيناها بحزن ونظرت لها بلوم، تأوهت ليلى وهي تهز رأسها بأسف ثم إقتربت وكوبت وجهها بين يديها وسألتها بأسي: مالك يا حبيبتي؟ إنتِ شايفة نفسك وحشة اوي كده عشان ترمي نفسك الرمية دي؟ مفيش حاجة تجبرك انك توافقي علي كده!
سقطت عبراتها بألم وهتفت من بين شفتيها بارتجاف: أنا عايزه كده، أسمعيني، عمّار قالي إن ده وضع مؤقت مش هيستمر، ولسه معانا شهور قبل الجواز لما تكون ولدت اللي اسمها ندي دي وبعدين هيشوف هيعمل ايه؟
ازدردت ليلى ريقها بصعوبة وحلق جاف ثم سألتها باستفهام: مين حامل؟
ردت بضيق وهي تمحي عبراتها بظهر يدها: ندي دي حامل و جاية النهاردة..
هزت ليلى رأسها بسخرية وهي تضحك ببرود ثم سألتها من جديد: ندى حامل؟
أومأت نادين بتعجب وهي تنظر لها بريبة بسبب ضحكتها ثم سألتها باستفهام: مامي بتضحكي علي ايه؟
تابعت ضحكها وهي ترفع ركبتيها الى صدرها ثم قالت وهي تحك حاجبها بأناملها: مفيش، مفيش، وبراحتك، بس متجيش تعيطي في الأخر وخليكِ فاكرة إني مأجبرتكيش على حاجة واي حاجة هتحصل هتبقي نتيجة إختيارك الغلط، ودلوقتي بقي لو سمحتي سبيني عشان أكمل الرواية، وحملت الكتاب عن الفراش، وضعته أمام وجهها أخفته وتابعت قراءته بهدوء، وهي تشتعل غضباً داخلها ومقتِها وكرهها إتجاه ذلك الغبي تتضاعف أكثر فأكثر كل يوم دون وضع حد أو قدر إلى هذا الكره..
تنهدت نادين بحزن ثم قالت بلؤم وهي تقف: ماشي، أنا أصلاً كنت ماشية عشان عملت اوردر وزمان الأستشوار وصل دلوقتي..
أنزلت ليلي الرواية من أمام وجهها وسألتها وهي تحرك أهدابها بسرعة وتفكير: استني عندك، هتعملي ايه؟ وجبتيه ليه؟
أبتسمت نادين وهتفت بمشاكسة: عشان اعمل شعري كيرلي زيك اصل شكلك حلو..
قذفتها بالكتاب بحدة وهتفت بغيظ: اخرجي برا يا كذابه مين ده اللي هيجيلك هنا عشان استشوار، قهقهت نادين وهي تنحني وحملت الكتاب عن الأرض ثم وضعته على الفراش وقالت بابتسامة: هجيلك تاني عشان تجهزي نفسك يا أم العروسة..
ضمت قبضتها بغضب شاعرة بارتفاع ضغط دمها وهي تنظر لها بسخط ثم هتفت من بين أسنانها: أخرجي براا يا مستفزة براااا، أومأت وهي تضحك ثم قبلت وجنتيها بسرعة خاطفة وركضت الى الخارج..
=: اتفضلي يا ماما، هذا ما أردفت به جـنّـة وهي تقدم العصير إلى والدتها..
ابتسمت روحية بحنان وهي تأخذه من بين يديها شاكرة: تسلم إيدك يا حبيبتي، هزت رأسها بـ إمائه بسيطة وهي تبتسم، تحركت وكادت تذهب لكن والدتها أمسكت يدها جعلتها تتوقف ثم أجلستها بجانبها وتحدثت بتشوش: إستني يا جـنّـة عاوزة اسألك على حاجه؟
أومأت لها بهدوء لكن القلق بدأ يساورها وقلبها بدأ بالرنين عالياً وهي تسألها: خير يا ماما في حاجه؟!
تحدثت روحية بهدوء: لا بس جاسم كان متعصب إمبارح من غير سبب تعرفي ليه؟!
هزت رأسها بنفي وهي تقطب حاجبيها ثم قالت وهي تتذكر أحداث أمس: لا يا ماما هو إمبارح وصلني ورجع يصلح عربيته وبعدها دخلت ونمت حتى مشفتهوش فى حاجة حصلت ولا إيه؟!
أومأت روحية بِـ همٍ وقالت بإيجاز: إمبارح لما رجع دخل وهو بيزعق وقال إنك سبتي الهدوم في الجنينة وراح وسيبهم هنا على الطربيزه حتى مطلعمش فوق حصل إيه؟!
هزت جـنّـة رأسها بجهل وقالت بتعجب وهي تفكر: مش عارفه والله يا ماما محصلش حاجة تضايقه بس أكيد متضايقش عشان سبت الشُنط بره جاسم أعقل من كده؟
مسدت روحية جبهتها بتعب وقالت يجهل مماثل هي الأخري: مش عارفه يا جّـنـة مش عارفه..
أومأت لها بتفهم ثم هبت واقفة وقالت وهي تتحرك على عجل: أنا هطلع أشوفه يا ماما عن اذنك..
أومأت لها بهدوء وقالت باستسلام: إتفضلي يا حبيبتي..
بينما في غرفته في الأعلى كان يستلقي على الفراش يتوسد مرفقية يحدق بالسقف بعمق شارد الذهن مشغول البال مُشتت الأفكار ولا يعلم لما ولايستطيع إيجاد سبب معين لحالته! ولم يستطع أمس أن يذهب إلى غرفتها أيضاً كي لا يتشاجر معها بلا سبب فظل في غرفته حتي غفي كطفلٍ تائه، هو يعلم أنها تغيرت كثيراً لكن لما بهذا القدر؟ ولما لم تتذكر إلى الآن وهي معهم؟ فهي طوال الوقت سابقاً كانت معهم ومن المفترض أن يكون كل شيءٍ مألوفاً بالنسبةِ لها لكن هي لا تبدر عنها أي ردة فعل مهما فعل؟ حتى تلك القُبلات البريئة منها لها مذاقاً آخر مختلفاً من شفتيها عن سابقاً!.
أخرجه من شروده صوت طرقات رقيقة على الباب، إبتسم عندما علم لمن تابعة تلك الطرقات الرقيقه..
فلم يرد منتظراً أن يعرف كيف ستكون ردة فعلها ثم تصنع النوم...
تعالي صوت الطرقات من جديد لكن لم يرد عليها، زفرت وهي تهز قدمها بتوتر وتلف أعصاب ثم دلفت عندما نفذ صبرها، أغلقت الباب خلفها بخفه كي لا يستفيق عندما أبصرته نائماً، تقدمت من فراشة ببطء بخطوات حثيثة تسير على أطرافها برشاقة، استلقت بجانبه بهدوء، وضعت يديها أسفل وجنتيها واراحتها على الوسادة وظلت تتأمله مطولاً بفيروزتيها اللامعة وابتسامه رقيقه تعتلي ثغرها، رفعت يدها وداعب وجنته برقه وهي تبتسم بحُب لبعض الوقت حتى تحدث بتثاقل جعلها تشهق و تبعد يدها سريعاً: مش كفايه لعب؟!
تدرج وجهها بالحمرة وهتفت بارتباك وخجل وهي تخفض وجهها: إنت صاحي؟!
فتح عينه النصف مغلقة وتحدث بنعاس مصطنع: لا إنتِ صحتيني سبيني أكمل نومي بقي!
أومأت بخفه وهي تزم شفتيها بإحباط ونهضت للذهاب لكنه جذبها من يدها أسقطها بجانبه من جديد، تحدث بخفوت وهو يحاوط خصرها دافناً رأسه في حنايا رقبتها يستنشقها بانتشاء أصابها بقشعريرة: هتمشي بسهوله كده؟!
عبست بحزن وتحدثت وهي تغلغل أناملها داخل شعرة تداعبه بحنان: أنت اللي قولتلي أخرج..
شدد قبضته حول خصرها بقوة وتحدث وهو يهز رأسه دافناً أنفه داخل شعرها: يعني لو قولتلك سبيني هتسبيني؟!
هزت رأسها بنفي وهي تزم شفتيها فتابع بخفوت: خليكِ عارفه إني لما أقولك سبيني فأي وقت ده بيكون رجاء إنك تفضلي معايا دايماً، أومأت وهي تبتسم برقه ثم سألته: كنت متضايق امبارح ليه بقي وسبت هدومي تحت كمان ينفع كده؟!
شهقت عندما وجدت نفسها أسفله وهو يترأسها ناظراً له بثقب ومكر وهو يسألها باستفهام: جه دورك بقى سبتي الشنط في الجنينه ليه؟!
ازدردت ريقها ثم عبثت بأصابعها بتوتر و قالت بتلعثم: الصراحة، الصراحة، كلب جري ورايا خوفت ودخلت بسرعه ونسيت..
قطب ما بين حاجبيه وتساءل بتقطيبه حاجبيه هذه: كلب هنا؟! إزاي يعني؟!
تحدثت بتوتر وهي تنظر في جميع أنحاء الغرفة عدى عينيه خوفاً من أن يكشف كذبها: عادي تلاقيه هرب من صاحبه الحمدلله عدت على خير ومحصليش حاجه؟
أومأ مبتسماً بحنان وهو يبعثر شعرها ثم عانقها برقة وتساءل: جهزتي نفسك الحفلة النهارده؟
تصنعت التفاجئ بعبث رغم أنه أخبرها أمس: بجد أقوم أنا بقى عشان الحق أجهز نفسي من دلوقتي، وتركت الفراش وتركت الغرفه وهي تهرول سريعاً إلى الخارج وغادرت قبل أن يخبرها أنه أخبرها أمس، إبتسم بهيام وهو ينظر في أثرها ثم ترك الفراش وتوجه إلى الخزانة كي يرى ماذا سيرتدي هو الآخر..
لدي سامي..
كان يقف في المطبخ عاري الصدر وهو يميل برأسه إلى الجانب واضعاً الهاتف بين أذنه وكتفه لكي يدعمه في إسناده وهو يقلب كوب الشاي: شاهى يا قلبي إزيك فاضية النهاردة؟! طيب هعدي عليكِ تكوني جاهزه على تسعة تمام باي، ورفع رأسه تاركاً الهاتف ينزلق من على كتفه وسقط أرضاً، نظر له بلا مبالاة ثم رفع الكوب يرتشف منه بهدوء وهو يبتسم بخبث فيجب أن يعود كل شيء لسابق عهده اليوم، يجب أن يحدث هذا..
في منزل قُصيّ..
أبعد المنشفة البيضاء جبهتها وهو يتنفس باختناق وصدره يعلو ويهبط بتثاقل شاعراً بهموم العالم أجمع تطبق على صدره، وضعها داخل إناء المياة البارد عندما وجدها تضاهي جبهتها حرارة، ثم قام بعصرها بقبضته بخفه وأعاد وضعها على جبهتها من جديد كي تنخفض حرارتها وهو يراقب شحوبها بحزن، رفع يده ونظر داخل ساعة معصمه، زفر وهو يرى الوقت يمر ولن تكون بخير حتى المساء ولن يذهب إلى الحفل، لا يهم لا يريد الذهاب، الأهم هي..
استفاق من شروده ونظر لها عندما سمع صوتها الواهن وهي تقول بتثاقل وحلق جاف: عارفه إنك عاوز تروح الحفله..
نظر لها بحنو ثم إبتسم وهتف بمشاكسه: حتي وإنتِ تعبانة مش عاتقة! أه عاوز أروح الحفله هتعملي إيه؟!
رفعت جسدها وهي تبعد المنشفة عن جبهتها ثم اعتدلت جالسة في الفراش بتعب وهتفت بوهن وهي تفتح عينيها بصعوبة من الحِمي التي لا ترى بسببها: هروح معاك يلا، صمت قليلاً وهو ينظر لها بتفحص ثم إنفجر ضاحكاً وهو يهز رأسه بسخرية وهتف باستخفاف: انتِ مش شايفه نفسك ولا إيه؟ اتغطي ونامي يا حبيبتي يلا..
تنهدت بتعب وهي تبعد شعرها إلى الخلف بحركة بطيئة ثم قالت بوهن بنبرة أقرب إلى البُكاء: قُصيّ متتعبنيش وخلص..
ضحك وهو يضرب كفيه معاً: انتِ عبيطه ولا إيه؟ انتِ خلصانه خِلقه نامي نامي..
أبعدت الغطاء عنها ونهضت تاركة الفراش بقدم مرتجفه لكنها لم تستطع الصمود كثيراً فسقطت على قدمه بضعف، زفر بنفاذ صبر ثم حاوط خصرها وحملها بين يديه، سطحها على الفراش و دثرها أسفل الغطاء وهتف بحزم: أقعدي بقي وإهدي مفيش خروج..
هزت رأسها بنفي رافضة وهي تعود إلى الجلوس من جديد، تحرك بعصبية في الغرفة ثم التقط مرآة وعاد أدراجه لها، رفعها أمام وجهها وتحدث بنبرة تهكمية: شايفه شكلك عامل ازاي ارتاحي انتِ تعبانه بدل ما تفضحينا هناك..
رفعت رأسها ونظرت له بلوم وعتاب، أدمعت عينيها و حركت شفتيها المرتجفة تسأله بنبرة مرتجفة متعبه: هو ده كل إللي همك هفضحك هناك..
مرر يده بشعره بعصبيه وهتف بحدة: عشق متخرجنيش عن شعوري عشان انا لحد دلوقتي محسبتكيش متزودهاش على نفسك واسمعي الكلام..
صرخت به بعنف من أعماقها شعرت من خلاله برأسها تنفجر من الألم أثر تلك المطارق التي تضرب رأسها: هتحاسبني على إيه؟! عشان متجوزة وعملت علاقه مع واحد حبيته هو ده اللي هتحاسبني عليه؟ أومال إنت مين إللي يحاسبك ما انت متجوز إنت كمان وعملت نفس العلاقة ولا عشان إنت الراجل؟! إحنا زي بعض على فكرة ومحدش أحسن من حد وملكش إنك تتكلم معايا فاهم؟ عشان إنت ولا حبيبي ولا خطيبي ولا جوزي بلاش تلعب الدور ده عشان بتخليني أكره نفسي أكتر إرحمنــ، قاطعها سؤاله ببرود: كل ده بسبب إنك عاوزه تروحي الحفلة؟.
ضحكت بهستيريا بصوت مبحوح إنتهى ببكائها بحرقة ثم سألته باستنكار: إنت ليه بارد أوي كده ومش بتحس؟! شايف إن كل ده عشان حفلة حفلة!
تنهد وهو يمسد جبهته ببطء ثم جلس بجانبها وقال بهدوء: خلاص هنروح الحفلة، يا إلهي على هذا الذي لا يملك قلباً!.
دفعته من جانبها بضعف وقالت له بنبرة مرتجفة وأعين دامعة: إبعد عني يا قُصيّ مش عاوزه أشوفك، هز رأسه بيأس وعانقها بحنان فدفعته عنها وهي تبكِ مع ضربها لصدره بقوة، فقيد خصرها بقوة تحت تململها بين يديه ومقاومتها لكنها استكانت على صدره في نهاية الأمر عندما همس باذنها ببحة رجولية: بحبك..
علا صوت بكائها بحرقة وهي تدفعه بهستيريا مع قولها: كذاب أنت كذاب..
شدد قبضته حولها أكثر ثم أسند ذقنه على رأسها وقال ببحة رجولية بحتة: أنا فعلاً كذاب عشان أنا بموت فيكِ..
هزت رأسها بنفي وازداد نحيبها وهي تحاول إبعاده براحة يدها قائلة بقلب منفطر: متكذبش انت مش بتحبني وأنا عارفه ومش محتاجه منك حاجه ولا حتى حُبك سبني بس مش طالبه منك أكتر من كده ده مش صعب للدرجادى!
هتف بنبرة حزينة وهو يهز رأسه مشدداً علي عناقها أكثر: صعب بالنسبالي قولتلك انا مش جاهز دلوقتي مش عاوز كده!، ثم تابع بترجي: خليكِ معايا شوية كمان شوية بس وهثبتلك ساعتها ان انا بحبك بجد وهتصدقيني، أبعدها عنه قليلاً ثم كوب وجهها بين يداه وتحدث بحنان وهو يبعد شعرها خلف أذنها بنعومة: ودلوقتي ارتاحي شويه عشان نروح الحفلة بليل مع بعض ها؟، أومأت له بطاعة وأعين دامعة، ثم ارتشفت بعض المياه وأخذت الدواء ودثرت نفسها تحت الغطاء بمساعدته، وقد وقعت بفخ حُبه من جديد واستمعت له ونفذت بكل طاعة فهي لا تتعظ..
مر الوقت سريعاً وحل المساء..
كانت قد بدأت تستفيق ببطء بينما هو كان يجلس مقابل الفراش على المقعد يتأملها طوال النهار دون ملل يفكر ويفكر ويفكر فهو علم أن جاسم سيكون هُناك فماذا سيحدث إن رأها هل يُجب أن يتركها؟!
أخرجه من شروده بها تحركها وهمهمتها بانزعاج، عقد يديه أمام صدره وحدق بها منتظراً أن تستفيق كُلياً..
انتصبت جالسه على الفراش ثم مررت يدها على وجهها بنعاس ومطت ذراعيها وهي تتثاءب، فهي تشعر بالتحسن الآن، تثاءبت من جديد بصوتٍ مرتفع غافلة عن وجوده..
تحدث بسخرية وهو يبتسم بجانبية: أكيد فاكرة نفسك لوحدك!
شهقت بخضه ووضعت يدها على فمها ثم تحدثت بضيق بوجه حار متورد: إنت كُنت هنا؟!
إبتسم بإشراق وهتف بعبث: مش قولتلك هثبتلك إني بحبك أديني كنت بتأملك كل الوقت ده أهو أي خدمة..
قلبت عينيها بضجر وهتفت وكأنها لم تكن مريضة: إنت فاكر إني صدقتك يا قُصيّ ده إنت موسوعه ستات ويلا بقي هاتلي فستان عشان الحفلة..
رفع حاجبيه وهو يقوم وقام بخلع قميصة وألقاه أرضاً، ازدردت ريقها وناظرت الاتجاه الآخر بعين زائغة وهي تلعنه بخفوت، ابتسم بخبث وهو يقف، تقدم وقام بفتح الخزانة، أخذ قميصاً غير هذا و ارتداه بهدوء ثم تحدث باستفهام وهو يغلق أزراره: اجيبلك فستان منين دلوقتي الحفلة هتبدأ؟!
مطت جسدها بكسل تحت نظراته الماكرة التي كان يرمقها بها وهو يراقبها عبر المرآة..
نظرت إليه عبر المرأة وتحدثت بابتسامة وهي تسند ذقنها على راحة يدها: لسه بقولك إنت موسوعه ستات مش هلاقي عندك حِته فستان لا راح ولا جه!
إبتسم بجانبية ورفع إبهامه متفقاً مع حديثها وقال بتفكير: عندك حق ثواني ويكون فستانك عندك اجهزي إنتِ بس..
أومأت بهدوء وتركت الفراش وهي تبعد شعرها خلف أذنها ثم ذهب تجاه دورة المياه بينما هو ذهب يبحث لها عن ثوب مُناسب للحفل..
عاد بعد بعض الوقت حاملاً بين يديه فستاناً لها من اللون الأسود، بينما هي كانت تأخذ حماماً دافئ داخل دورة المياه، وضعه على الفراش بهدوء وهو يمرر يده عليه بابتسامة ثم ترك الغرفة وذهب يرتدي ملابسه بغرفة أخري..
انتهت بعد الوقت، وقفت تصفف شعرها أمام المرأة، تركته منسدلاً خلف ظهرها ثم وضعت قليلاً من مساحيق التجميل كي تخفي ارهاقها، بحثت عن أي أقراط او قلادة لكنها لم تجد، زفرت وتقدمت من الفراش، حدقت بالفستان قليلاً تقيمه بنظراتها المعجبة، لقد راقها قُصيّ يملك زوقاً راقي دائماً، لهذا اختارها هذا اللعوب، حملته بين يديها وقامت بارتدائه بهدوء..
ابتسمت بعد انتهائها عندما رأت نفسها بالمرآه فهو صنع خصيصاً من أجلها، فكان لونه أسود لامع طويل يبرز قوامها المنحوت بأكمام منسدل من على الكتفين خامته ثقيله..
التفتت عندما سمعت صوت إدارة مقبض الباب، دلف قُصيّ بحلته السوداء الأنيقة المرتبة، تقدم منها وهو يبتسم بجاذبية بملامحه الرجولية الصارخة، تأملته من أعلاه لأخمص قدميه حتى ذلك الحذاء الذي يلمع من نظافته! ثم رفعت نظرها إلى صدره لتقع فيروزتيها على ذلك المنديل الحريري الأسود الذي يضعه بجيب القميص فوق قلبه، ثم انتقلت بنظراتها إلى أزرار قميصه الأمامية المفتوحة التي أبرزت صدره الصلب و خصلات شعره الناعمة السوداء القاتمة المصففه إلى الخلف بعناية، ثم حاجبيه الكثيفين الذي يقطبهم دائماً عندما يفكر بشيءٍ ما، وشفتيه التي يرفعها دائماً بسخريه المحوطة بذقنه المشذبة التي تروقها وغزتها الخشنة لها دائماً، ياإلهي، هو فقط قابل للأكل لما ليست زوجتهُ؟ هي تحبهُ أكثر ومتأكده أنه مهما حيي لن يجد من تحبهُ أكثر منها قط، لكن هذا هو حظها البائس..
أستفاقت من شرودها عندما وصلت رائحة عطرة النفاذ إليها عقب وقوفه أمامها مباشرةً، تراجعت إلى الخلف خطوتين كردة فعل وهي تحرك أهدابها بسرعة تزامناً مع سرعة خفقات قلبها العاشقة، حاوط خصرها بتملك وقربها منه وهمس أمام شفتيها بعبث: حلو الفستان عليكِ..
أومأت بهدوء دون أن تبدي أي ردة فعل وهي تعود إلى الخلف بخطواتها لكنه أعاد سحبها من خصرها بخشونة بين قبضته ثم همس بتهدج وهو ينظر إلى شفتيها بحلق جاف: ما تجيبي بوسه؟!
أبعدت رأسها إلى الخلف وهي تهزها بنفي رافضة هذا فقربها منه بإصرار وهمس أمام وجهها بأنفاس لاهثة: بقولك عاوز بوسه، هزت رأسها بنفي وهتفت بهمس خافت أمام شفتيه وهي تبتسم بنعومة و أناملها تمر علي وجنته ببطء وإغراء: أنا قولتلك مرة إنك مش هتلمسنى تاني صح؟ وبرده مش هتلمسنى، عايزني طلق جـنّـة..
إبتسم وهو يضغط على أسنانه من الداخل وعلى خصرها من الخارج بقوة وهو يقول: ولو طلقتها هتطلقي إنتِ كمان..
توقفت أناملها عن التحرك على وجنته وهي تنظر له مطولاً بتفكير ثم أومأت موافقة وقالت: لو طلقتها هطلق القرار ليك..
أنزلت يدها وأمسكت يده التي علي خصرها وأبعدتها عنه، حدق بيده المعلقة في الهواء مطولاً بذهول فهي تعلمه الأدب يعلم هذا، رفع حاجبيه ثم سألها بنبرة ماكرة: متأكد إنك مش هتدينى بوسه؟!
زفرت وتجاهلته فهو لا يصمت عندما يريد شيءٍ ما، استدارت ونظرت في المرآة وانشغلت بتلك الوحمة التي تظهر بوضوح على كتفها، تأففت بضيق وهي تحرق كتفيها بنظراتها الباغضة تحت متابعة قُصيّ لها فتساءل باستفهام وهو يضع يده داخل جيب بنطاله: ايه اللي مضايقك أوي كده؟! ده حتي شكلها حلو شبه التاتو!.
لاحت على شفتيها ابتسامة ساخرة ثم هتفت بغيظ وغلظة عبر المرآة: بس يابو تاتو بس، وظلت تحدق بها بغيظ ثم وضعت فوقها بعض مساحيق التجميل في محاولة لإخفائها لكنها أظهرت فرق اللون بين جسدها وبين تلك العلامة، رفعت أناملها إلي فمها وقضمت أظافرها بتفكير، انحني قُصيّ وبحث عن شيءٍ ما في أحد الأدراج ثم رفع رأسه ونظر لها بابتسامة عابثة وهو يلوح بيده أمام وجهها ممسكاً بإحدي العبوات..
هتفت بتعجب وهي تقطب حاجبيها: حِنة؟!
أومأ وهو يبتسم ثم أمرها بهدوء وهو يفتح العبوة: لفي لفي هرسملك رسمه دلوقتي هتخليكِ تبوسيني لوحدك..
هزت رأسها بسخرية وهي ترفع زاوية شفتيها وهتفت بإصرار: بعينك يا قُصيّ..
ضحك لتضرب أنفاسه الدافئة عنقها وهتف بنبرة ماكرة خبيثة وهو يرسم فوق تلك الوحمة بتركيز: مش بعيني ولا حاجه عشان أنا عملت إللي أكتر من البوسه..
قضمت شفتها بوجه محتقن وهي تخفض وجهها بصمت دون التحدث بحرف بسبب ذلك الوقح الذي إن ردت عليه لن يصمت وسوف يتابع الحديث في هذا دون التطرق لغيره دون خجل، اتسعت ابتسامته الماكرة وهو ينظر لها وقد رأتها في المرأة وكم تمنت لو تصفع ذلك الوقح أو تركله كي لا يستطيع السير..
توقفت يده عن التحرك وهو يبتسم بفخر لذلك الإنجاز الذي فعله، قذف العبوة من يده ثم أدارها وجعل من ظهرها يقابل المرأة كي تراها، تذمرت وهي تدير رأسها إلى الجانب ناظرة فوق كتفها حتى شعرت بألم رقبتها وزاغت عيناها وترنحت قليلاً بدوار: مش شايفه كده!، تركها والتقط مرآة صغيرة ووضعها أمام وجهها لترى الرسمه بوضوح في المرآة خلفها التي انعكست صورتها في المرآة الصغيرة، ابتسمت بنعومة عندما وجدت العلامة إختفت ثم هتفت بامتنان وهي تتأمل ذلك الغصن الرقيق الذي رسمهُ عرضاً فوق كتفها: حلوة أوى..
إبتسم بغرور وهتف بثقة وهو يضم جانب سترته معاً: عارف..
قلبت عينيها ثم نظرت له بسخط، فمال عليها وهتف باستفهام وهو يبتسم بمكر: مش هتديني البوسه بقي؟!
زفرت بتأفف وهتفت بإصرار: لا
ابتسم بهدوء وهو يومئ لها ثم لفت انتباهها بقوله: طيب ركزي في الرسمه كده!
نظرت له بريبة وهي ترى إبتسامته ثم قطبت حاجبيها ورفعت المرآة أمام وجهها من جديد وحدقت داخلها بتركيز، شهقت بتفاجي و التمعت عيناها ببريق سعادة وهتفت برقة ليس مُخطط لها: عشق، ده إسمي؟!
هز رأسه بيأس و سخر منها: عارف إن ده إسمك
أومال إسمي انا!، تركت المرآة من يدها ثم ضربت صدره بقوة من الغيظ جعلته يضحك وهي تقول بغضب: ده إنت سِم سِم، ثم ابتسمت بنعومة وتابعت: بس حلو أوي رسمك حلو..
تحمحم وهو ينظف الغبار الوهمي عن كتفه وقال بثقة: الرسم ده لعبتي وعلي فكره مش أي حد يعرف يقرأ رسمي وعارفه ده معناه إيه؟!
ابتسمت وسألته بخفوت بعين ناعسة: إيه؟!
ربت على شعرها برقة وأعاد سؤالها بعبث: يعني إيه؟!
حركت أهدابها بتعجب وتساءلت بنفاذ صبر: إيه؟!
ابتسم وضرب أرنبه أنفها بسبابته وأردف غامزاً: يعني تجيبي بوسة عشان وحشتيني..
ضحكت وهي تبتعد إلى الخلف فضحك معها وهو يفتح يديه على مصراعيه كي يعانقها لكنها هتفت بسخط بعد إن توقفت عن الضحك: قُصيً ريح نفسك ويلا نمشي فرصك خلصت ومفيش حاجه تستاهل إني أديك بوسة..
أومأ وهو يضع يده بخصره وهتف باستياء: لا لسه معايا فرصه بس متجيش بقى تتحايلي عليا عشان تاخدي إنتِ البوسه..
قلبت عينيها بضجر ثم انحنت وارتدت حذائها المرتفع عندما تركها وسار تجاه الخزانة بابتسامة ماكرة، فتحها وأخرج علبة زرقاء مخملية كبيرة مربعة، استدار وعاد أمامها من جديد، وقف أمامها باعتدال كأنه سيتقدم لزواجها تحت نظراتها المتعجبة و المستفهمة عن تلك العلبة فهي مألوفة بالنسبةِ لها! أخفض وجهه ونظر إلى الأسفل عندما وجدها أصبحت طويلة فجأة فقال بابتسامة راضية: كويس عشان لما أبوسك ظهري ميوجعنيش وإنتي عارفه إني كبرت بقي وكده، ضحكت بسخريه وهي تهز رأسها بسبب تلك الاحلام الوردية خاصته ثم وقفت باستقامة وكادت تتحدث لكن الصدمه الجمتها وعقد لسانها عندما وجدته رفع العلبة أمام وجهها وهو يبتسم ثم فتحها أمام عينيها، أدمعت عينيها بتأثر حتى لم تعد تراه بوضوح، ارتج