logo



أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





31-05-2021 04:11 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 31-05-2021
رقم العضوية : 5
المشاركات : 540
الجنس :
قوة السمعة : 16

%25D8%25AD%25D8%25A8%2B%25D8%25AE%25D8%25A7%25D8%25B7%25D8%25A6

- الجميع يحصل على النهاية التي يستحقها دومًا، أحيانا لا تكون سعيده، ولا عادلة ولا حتى حزينة، يُمكنها أن تكون مُبهمه، أو مُحيرة، فمن الذكاء أن تخطط بإتقان كي تدمر حياة أحدهم، ومن الدنائه أن تتفانى في تنفيذ هذا متواريا عن الأنظار، فإن السعي للإنتقام بمثابة قطع تذكرة للموت فلا تلوم سوى نفسك -. <a name=\'more\'></a>

ضربت الفرس خاصته بحافرها أرضًا وعلا صوت صهيلها المُهتاج وهي تتحرك في كشكها الخاص بقوة دافعا الجدار الخشبي بجسدها وهي تطوح برأسها يمينا ويسارا، ثائرة تريد الخروج بأي طريقةٍ.
تحركت ليلى في نومتها بعدم راحة بسبب القش المفترش الأرضيه والذي التصق على جسدها علاوة لصوت ندي المُرتفع المزعج خلافا لصهيل كل يوم الهادئ المحبب سماعة.

تثاءبت بكسل وهي تفتح عينيها ببطء وابتسامة ناعمة تعلو ثغرها الرقيق، مدت ذراعها بجانبها تتحسس جسد عمّار بكفها ولم يقابلها سوى القش.
عقدت جبينها وانتصبت وجلست بتبعثر وهي تبحث عنهُ بعينيها النصف مغلقة بتعجب، فليست من عادته تركها وحدها قبل أن تستيقظ، إنه يظل بجانبها ولا يتحرك قبل أن يخبرها بوجهته. أين ذهب الآن؟

وجدت نفسها ترتدي قميصه فأغلقت أزراره ووقفت وأبعدت الباب الخشبي وخرجت تبحث عنهُ في الاسطبل وهي تهتف بإسمه بخفوت وعينيها تجيل في المكان: عمّار، إنت فين؟ عمّار، عمّار!
تنهدت بحزن بسبب خلو المكان منهُ وتقدمت من ندي بعبوس، أمسكت برأسها وأخذت تمسح على وجهها بحنان محاولة تهدئتها وهي تسألها بإحباط بسبب عدم وجوده: بتدوري على عمّار زيي؟

حركت رأسها بقوة وعادت للصهيل وهي تتحرك فابتعدت ليلي قليلا إلى الخلف وراقبتها بقلق بسبب حالتها الغير مسبوقة، فظنت أنها تتألم أو بها خطبا ما لأنها حامل.
عادت للإقتراب وأسندت جبينها فوق وجهها وأخذت تمسح على شعرها الذهبي برفق هامسة بمواساة: هدور عليه وهبعتهولك.

تركتها وهرولت تجاه الباب حافية القدمين تفتحه من الداخل لأن عمّار أغلقه أمس عليهما، وعادت وهي تنظف شعرها من القش العالق به وهي تقهقه ولا تعرف ما السر في كونه يُحب أن يختلى بها في غير غرفة النوم!





ذهبت إلى الأسفل تبحث عنهُ بلهفة فلم تجده بأي غرفة، فتحت غرفة الرياضة على أمل ايجاده وهي تقول بسعادة: عمّار كُنت عارف أنـ، عمّار! كمان هنا لأ!

أنهت قولها الأخير بحزن وهي تنظر في أرجاء الغرفة الفارغة منهُ ثم صعدت تبحث عنه في حجرتهما والقلق بدأ يساورها، أنهت بحثها في الأعلى بأعين دامعة والخوف يستوطن قلبها، فأين ذهب و تركها وحيده؟

أخذت حمامًا دافئا تهدئ من روعها قليلا، فرُبما يكون في الأسفل مع والده أو يفعل أي شيء أخر، هذا ما كانت تواسي قلبها به لكن في قرارة نفسها تعرف أنه ليس في المنزل، لقد اتفقا معًا ووضعا كُلًا منهما الكثير من القواعد والعادات التي لا يمكن مخالفتها أو التغافل عنها وما يحدث الآن ليس من ضمن القائمة، هو لا يتركها قط، بل يظل بجانبها طوال الوقت كـ طفلٍ مُتعلق بوالدته لا يُريد الإفلات.

انتهت سريعًا وجففت شعرها وارتدت ملابسها وانحنت تنتعل حذاءها فوجدت هاتفه ملقى فوق الأريكة بإهمال، تفاقم قلقها وهرولت إلى الأسفل تبحث عنهُ وهي تدعو أن يكون في الأسفل، فلن تستطيع أن تصل إليه إن كان في الخارج ولا يملك هاتفًا.

دخلت المطبخ وهي بالكاد ترى رؤية ضبابية بسبب تجمع العبرات فى عينيها تبحث عن منقذتها الوحيده، أمسكت بيد حُسنه عِندما أبصرتها وسألتها بشفتين مرتعشتين وهي تضغط فوق يدها: فين عمّار؟ انا مش لاقياه في البيت خالص راح فين؟
ربتت فوق كفها برفق وأجابتها متعجبة: معرِفش يا حبيبتي مجلش حاجة واصل ولا شفته! تلاجي أبوه شيعه يعمل حاجِة إكدِه ولا إكدِه متخافيش عاد!

هزت رأسها بنفي بقلبٍ مُنقبض مُلتاع ومن ثم اجهشت في البكاء من الخوف وهي تقول بحرقة: انا عايزة عمّار هاتولي عمّار.
ربتت حُسنه على ظهرها وبدأ القلق يساورها هي الأخرى لتقول بخوف: بتجلجيني عليه ليه عاد يا حبيبتي!
كادت ترد لكن صباح مرت من جانبها بقدح قهوه يخص متولي، ومن دون تفكير اختطفت الصينية من يدها بقوة دون أن تعبأ بسقوط نصف القهوة وخرجت هي بها كي تقدمها إليه وتسأله عن عمّار.

سارت مهرولة بها وهي تستنشق ما بأنفها، كاتمه أنينها بقوة، تعض على شفتها العلويه بعنفٍ ساحق.
ومالت تضعها فوق المنضدة فسقطت من يدها وصدرت عنها صرخة مدوية عِندما دخل الغفير مهرولا يصيح بوجه شاحب: الحج يا جناب البيه عمّار انضرب بالنار.
سقط قلبها من محله وصرخت بذعر وركضت إلى الخارج خلفه عِندما ركض، وذهب خلفهما متولي بأعين جاحظة من صدمته.

توقفت أمام سيارته ذات الزجاج المتهشم، تأبي الأقتراب ورؤيته، فهو وعدها بعدم الفراق ماذا حدث لعهده! لمن تركها؟!
تحركت خطوتين وسقطت في الثالثة بانهيار وهي تبصر ذراعه الساقط من خلف باب السيارة والدماء تُقطر منه كي لا يترك مجالٍ للشك لديها أنهُ بخير أو بكونها تتوهم.
صرخت بقهر وهي تهتف بإسمه بحرقة: عمّااااااااااار.

انتفضت صارخة وهي تتصبب عرقًا بغزارة وصدرها يعلو ويهبط بعنفٍ مؤلم، بوجه شاحب وعبراتها تنهمر كالأمطار فوق وجنتيها.
شعرت بذراعيه يلتفان حولها بنعومة، يضمها إلى صدره باحتواء كي تطمئن، فهي تعاني من الكوابيس، وكل يوم تستيقظ على كابوسٍ جديد من فرط القلق، بسبب والدها الذي يفسد عليها حياتها.

لفت ذراعيها حول خصره بقوة وهي تبك وترتجف بخوف، دافعه بنفسها لأحضانه أكثر هامسة بعذاب وهي تحرك رأسها فوق صدره: أنا هموت لو حصلك حاجة، مش هتحمل فراقك مش هقدر.
همس بهيام وهو يمسح على ظهرها بحنان: بعد الشر متقوليش كده تاني!

ابتعد قليلا ورفع رأسها ومسح عبراتها بإبهامه برقة، ثم أمسك بذقنها لترفع نظرها إليه بأعينها الباكيه، فهمس بنبرة مطمئنة وهو يتأملها: ندى يا حبيبتي مش هموت ناقص عُمر، مفيش داعي للقلق ولا للخوف.
هزت رأسها بنفي وتساقطت المزيد من العبرات المعبرة عن انهيارها الداخلي وهي تمسك قبضته بقوة هامسة بشفتين مرتعشتين: انا خايفة عليك وعمري ما هبطل أخاف.

مسد ذراعيها الناعمين بيديه بحنان ومازحها بابتسامة وهو يقرص وجنتها الممتلئة بخفة: معني كده انك هتفضلي تموتيني كل يوم موته جديدة؟ أنا بدأت أخاف!
تبسمت برقة وهتفت بحزن وهي تدفن رأسها في رقبته وكفها ترتكز به فوق صدره العاري: بعد الشرعليك مش هيحصل حاجة إن شاء الله دي مجرد كوابيس أنا عارفة.
أردف بهدوء وهو يسند ذقنه على قمه رأسها: أصلا طالما بتحلمي اني بموت يبقي عمري طويل معروفة يعني هدي أعصابك ومتخافيش.

تنهدت من اعماقها وظلت صامتة هادئة ظاهريا والخراب يسود داخلها.
شعر باهتزاز جسدها المستمر، فامتدت يديه المحررة والتف برقبته وأفرغ إليها كوبًا من المياه من على الكومود و أسقاها برفق و أنامله تبعد شعرها خلف أذنها حتى إكتفت.
استعادة رباطة جأشها وعينيها أخذت تجول في أنحاء الغرفة، محركة رأسها فوق صدره بنعومة وبرأسها آلاف من الأسئلة؟ فمها لم ينامان هُنا أمس!

رفعت رأسها إليه تسأل بنبرة ناعمة مستفسرة: إحنا جينا هنا إمتى؟
ابتسم وهو يحملها بين يديه وسار بها إلى المرحاض وهو يقول: كُنتِ هتلجي مني في الاسطبل ومش عارف ليه! فا جبتك وجيت هُنا.
أومأت بتفهم وهي تريح رأسها فوق كتفه سائلة بخفوت وهي تغلق عينيها راغبة في النوم: رايح فين؟!
أردف باستياء هو يدخل بها: حضرتلك الحمام من بدري وكُنت قاعد مستنيكِ تحني عليا وتصحي عادي لكن لازم توقعي قلبي معاكِ الأول.

عقدت كلا حاجبيها وزمت شفتيها بعبوس وكادت تحتج لكنها شهقت وهي تشعر بنفسها توضع داخل حوض الاستحمام في المياه الدافئة وسط الورود.
أردفت متذمرة بنعاس وهي تضرب المياه بيدها: انا لسه عايزه انام!
قرص وجنتها ونفي وهو يضيق عينيه: لأ مفيش نوم أنتِ بتنامى كتير و بتسبيني أكلم نفسى!
إبتسمت بحنان وأمسكت يده وهمست بدفء مفعم بالحُب: عشان ببقي مطمنة وانا في حضنك.

قبّل كفها بنعومة وهمس بشغف: الحضن وصاحب الحضن رهن إشارتك بس عبرنا.
ضحكت بنعومة وهي تميل فوق كفه تقبلته بمشاعر جياشة ليستطرد وهو يمسح على مقدمة رأسها كقطة هامسا برفق: لازم تفطري عشان أكلك قل ومش عاجبني الوضع.
أومأت بخنوع والابتسامة لا تفارق وجهها ليتابع وهو يداعب وجنتها: خدي حمام عقبال ما اعمل الفطار بقي.
ضحكت بنعومة وسألته بسرور: تاني؟

أردف بقلة حيله وهو يقف: المفروض في الحالات دي أقولك خلي حضني هو اللي يأكلك بس بعشقك للأسف ومقدرش.
همست بدلال فطري وهي تطلب منهُ بجوع: طيب متنساش تحط لمون بقي عشان بيفتح نفسي على الأكل هو وصاحبه.
استدار وهتف بعبث وهو يكتف يديه أمام صدره: صاحب اللمون كده هينهار ومش هيخرج!
خلعت منامتها سريعا وقذفتها ثم انخفضت بجسدها بتمهل داخل الحوض وهي تكتم أنفاسها تختبئ منهُ.

قهقهة عليها ثم استدار على عقيبه وذهب كي يحضر الفطور.
انتهي من تحضيره بعد وقتٍ جيّد، وحمله وذهب إلى الغرفة، وضعه فوق السرير ثم أخذ مئزر الإستحمام الخاص بها وذهب إليها، كانت مسترخية براحة شارده تسند رأسها إلى حوض الأستحمام والمياه المعطرة تتساقط من شعرها فوق وجهها بخطٍ مستقيم.

وقف يتأملها بإبتسامة بلهاء، ممعنا النظر إليها وقلبه يخفق بجنون، ومازال جزءا بداخله لا يصدق أنها سعيدة كل هذه السعادة فقط لأنها معهُ، سعادتها هذه تعني له الكثير.
أردف مشاكسا وهو يتقدم منها أثناء فرد المبذل بين يديه: هفضل شاغل عقلك كده كتير؟

ضحكت بنعومة وهي ترفع رأسها إليه ثم وقفت وتقدمت منهُ بابتسامة ناعمة، أولته ظهرها وأدخلت ذراعيها في المبذل ليضمه حول جسدها وربطة جيدا ثم حملها وسار بها إلى غرفتهما وهو يداعب أنفه بأنفها.
وضعها فوق السرير أمام الطعام وأخذ منشفة وجلس خلفها يجفف شعرها بخفة ونعومه وهو يحثها على تناول الطعام: يلا كُلي.
أومأت وبدأت تتناول الطعام بشهية وهي تبتسم بعذوبة، ثم سألته بعبوس عِندما طال عبثه بشعرها: مش هتاكل معايا؟

نفى وهو يسند ذقنه فوق كتفها هامسًا بخفوت ويديه تلتفان حول خصرها: مش چعان واصل يا غزالي
عبست وهي وتغمز اللقمة في طبق الجبن ثم رفعتها ووضعها في فمه وهي تبسط كفها أسفل ذقنه: أنت بتفتح نفسي على الأكل كُل معايا.
همس وهو يقبل وجنتها بدفء: أكليني أنتِ.
همست بدلال وهي تضع لقمة أخري في فمه: عيوني ليكِ ياسيدي.
ارتفع حاجبه وهتف متعجبا: سيدك؟
أومأت بإبتسامة ساحرة وأكدت وهي تضرب صدره بكتفها: سيدي وتاج راسي كمان.

ضحك بصوتٍ رنان وهو يتأمل وجهها الذي أشرق وهى تراقب ضحكه هاتفًا بسعادة: يا عالم يا خلج جلبي هيوجف.
ضحكت بنعومة وتابعت إطعامه برقة بالغة وهي تطبع قبلات متفرقة فوق ذقنه بين كُل لقمة وأخرى.
تنهدت بحزن وهي تفكر في حاله ثم تحدثت بخفوت وهي تستدير إليه: عمّار ياحبيبي إنت عارف إني بثق فيك صح؟

همهم وهو يدس لقمة مغموزة بالعسل بين شفتيها لتتابع وهي تمسك بكفه بين يديها أثناء مضغها: انا مش هضغط عليك ولا هفضل أزن وأسألك كل شويه بس إديني كلمة وأوعدني إنك ترجع الشغل تاني وتفكر في نفسك أكتر من كده وصدقني مش هكلمك في الموضوع ده تاني خالص.
تنهد من أعماقه وهو يعيد غمز اللقمة في العسل باقتضاب تجلى على ملامحه فهمست بحزن وهي تراقبه: عمّـ..
دس اللقمة داخل فمها أصمتها وهتف بهدوء: هرجع.

مضغتها بلطافة وهي تعدل جلستها سائلة بفرحة: بجد يا عمّار؟
أومأ وهو يضمها بقوة: بجد يا روح عمّار.
ضحكت بسعادة وقبلت وجنته ولم يكد يتحدث حتى عبست وزفرت بـ هم فتنهد وسألها بإزدراء: ايه تاني؟
أباحت بما يقلقها وهي تتحسس وشمه بأناملها: أنت بقالك أسبوع مش بتخرج ولا بتروح في حته وانا مش عايزاهم يتضايقوا مني و يقولوا إني اخدتك منهم.

تنهد ووضع كفه فوق يدها وهتف بتعجب: طب وايه يعني! ما انا بقالي تلاتين سنة معاهم حصل ايه؟ لما نقعد مع بعض تلاتين سنه زيهم يبقوا يشتكوا.
ابتسمت وسألته بتفاجئ: ايه ده إحنا هنفضل مع بعض تلاتين سنة؟
ضرب كفيه معًا وهتف بازدراء وهو يبتعد عنها: يادى الفقر وليه منبقاش يعني!
وقفت على ركبتيها وكوبت وجهه بين يديها بلطافة أوقفته عن الابتعاد وهي تضحك قائلة: هنبقي والله، بس استني هسألك سؤال كمان عشان خاطري.

نظر إليها بطرف عينيه ثم جلس بطاعة وجذبها من خصرها أجلسها فوق قدمه وانتظرها أن تسأل لتلتف يديها حول رقبته وهي تحمحم ثم سألته بشك وهي تضيق عينيها: من كام سنة كده وأنت شاب صاحبت كام بنت؟ كلِّمت كام بنت كده يعني؟
نظر إليها بامتعاض راغبا في لكم وجهها الجميل هذا، فهو من شهور يخبرها أنه يحبها ولم يحب غيرها قط وهي تسأله عن النساء! ما الخطب مع عقلها؟
هدر بغلظة وهو يقرص وجنتها من الغيظ: ولا واحده مفيش.

مسدت وجنتها بعبوس وهي تقرصه برقة سائلة بشك وهي تضع جبينها فوق جبهته مرتكزه بعينيها داخل عينيه كي لا يستطيع أن يكذب عليها: ولا عمرك عكست بنت معقولة!
نفي ضاحكًا وقبّل شفتيها بنعومة لكن ابتعد فجأة جعلها تعبس وهتف وهو يتذكر: لأ استني، استني، عشان مكذبش، عكست واحده وضربت واحدة!
امتقع وجهها وسألته بانفعال: ضربتها ازاي يعني؟
قهقهة وهو يدلك رقبته فأبعدت يده عن رقبته بانزعاج شديد وهتفت بعصبية: قول عملت ايه؟

تنهد وهو يداعب طرف شفتها العلوية بإبهامه وبدأ يحكي إليها: اليوم اللي جيت فيه عشان أتقدم لـ نادين كُنت جي بالجلابيه، مش عارف كان مالي ساعتها تحسيني كُنت مهيبر أو شارب حاجة! فا دخلت محل اشترى بدله عادي واتخانقت مع بنت وهددتها بالمسدس كمان وسرحت في المكان لوحدي بتفرج على اللبس هوب لقيت بيكيني فوشيا واقف قدامي! أسكت؟ أسكت؟
صرت على أسنانها بغضب وسألته: وقولتلها ايه بقي طالما مسكتش؟

مسد جبينه وهو يحاول تذكر ما قال بالتفصيل ليقول ببعض التشوش: متهيألي قُلت الجاموس الأبيض جِه هنا امتي!
اتسعت عيناها حتى كادت تخرج من محجريها وانفلتت شهقة قوية من بين شفتيها كمن أخبرها بخبرٍ مُفجع لتصيح بجنون من علو وهي تهب وتقف فوق السرير: لأ قُلت ايه يا ملبِّن هو الجاموس الأبيض وصل هنا إمتي؟

رمش بتعجب وهو ينظر إلى ساقيها العاريتين يستوعب قولها جيّدا لتقفز محلها تتابع وصله صياحها بجنون: وكمان ضربت واحدة ها ضربتـ، جحظت عينيها وهي تتذكر تلك الصفعة القاسية التي أخذتها ذلك اليوم لتصرخ به: نهارك أسود يا عمار نهارك إسود..
هتف ببراءة مستمرًا في الرمش بتفكير وهو يستذكر ذلك اليوم بتفاصيله: ايه هي جت فيكِ ولا ايه؟

صرخت بتذمر وهي تضرب قدميها فوق السرير الهلامي الذي أخذ يهتز بهما: أيوه أنا يا أبو إيد تقيلة يا قليل الأدب، أنا ماليش عيشة معاك تاني واصل طلِجني.
ضحك وأبعد الطعام عن الفراش كي لايسقط ثم أمسك بكاحلها وسحبها منهُ أسقطها فوق السرير وجثم فوقها وثبت كفيها فوق رأسها بيد، وسأل بمكر وهو يتأمل ملامحها الحانقه: يعني كُنتِ أنتِ!

عبست ونظرت بالإتجاه الآخر بانزعاج شديد فأمسك بذقنها بكفه الأخر جعلها تنظر إليه والشرار يتطاير من عسليتيها الصافية إلى خضراويه الداكنه، فعقد جبينه ورفع حاجبه وأردف بعبث: وايه يعني؟ عاكست مراتي ايه المشكلة؟
ضيقت عينيها وهتفت بتهكم: مكنتش تعرفني؟!
ابتسم بجانبيه وهمس بمكر: قلبي بقي سبحان الله.
غمغمت بكلمات غير مفهومة مقتضبة ليبتسم باتساع وهو يراقبها بتسلية.

ثم هتف بخبثٍ وهو يحرر ساعديها ويده بدأت بالعبث: وانا بردو بقول الملبن ده مش غريب عليا.
ثقلت أنفاسها وتبعثرت مشاعرها كما يفعل دائما عِندما تبدأ في التشاجر معهُ فتملصت منهُ بعدم رضى وهي تتمتم بصعوبة: أنت بتضحك عليا عشان أعدي الموضوع صح؟
ضحك وتمدد بجانبها وأخذ يمسح على شعرها بحنو بينما يقول مبررًا وهو يتأملها: تعدي ايه بس! مفيش حاجة حصلت، عاكست اتنين وطلعوا أنتِ خلاص المفروض تتبسطي محدش جه جنبك غيري.

شدت شعيرات ذقنه بقوة جعلته يتأوة وهي تقول بغيظ: وأنت تعاكس ليه من الأول مش عيب!
أكد على قولها بثقة وهو يرفع كلا حاجبيه: عيب طبعًا بس هي كانت ساعة شقاوة من الكبت وراحت لحالها وحياتك عندي.
ابتسمت بنعومة وهي تضيق عينيها ثم جذبته لأحضانها ليضع رأسه فوق صدرها بأريحية مستمعا إلى قولها اللطيف وهى تداعب شعره: خلاص سامحتك.
قهقهة وهمس وهو يداعب خصرها: تعرفي أني ظبت الكوخ، خليته كوخ حُبنا.

قالت بحماس وهي تمشط شعره بأصابعها: وعملت فيه إيه؟
رفع رأسهُ وقال مفتخرًا بنفسه: جبت فيه سرير.
نظرت إليه بدون تعبير وتقلبت وأولته ظهرها وهي تغمغم باستياء: هو ده اللي أنت فالح فيه.
قهقهة وأدارها إليه وهو يبتسم قائلا ببراءة: هيعجبك صدقيني.
ردت بتذمر وهي تلوح بيدها: يا عمّار ما ده سرير وده سرير الله! بتحب الشحططه ليه؟!

أمسك كفها وساقها خلفه وهو يقنعها بتبريراتة الواهية التي لا تدخل الرأس لكنها تحب الانسياق خلفه: لأ في اختلاف طبعاً وانا بحب التغيير تعالى بس هيعجبك.
قهقهت برقة وسارت خلفه ثم طلبت بدلال: طيب شيلني بقي.
راقص كلا حاجبيه بعبث وقال وهو يحملها: بس كده دي أقصى طموحاتك! تعالي.





ضحكت وهي تلف كفيها حول رقبته واستكانت على صدره، منتظرة وصوله لكوخ الحُب خاصتهم.

ضغط بنزين وأسرع أكثر أثناء قيادته إلى القاهرة، كي ينقذ ما يستطيع إنقاذه في تلك العلاقة المكلومة، كي يعتذر عما حدث معها بسبب والدته، وأي إعتذار هذا الذي سيكون كفيلا لإصلاح ما حدث؟!
يشفق عليها ولا يستطيع تخيل ما قد يحدث لها عِندما تعرف حقيقة والدته.
لقد كانت الخدعة الأكبر التي حصل عليها في حياته كاملةً ومن الشخص الغير متوقع.

تصبب عرقا من فرط الإنفعال وقبضته تشتد فوق المقود وهو يستذكر حديث والدتة عن الماضي.
تمتم بصوتٍ لم يخرج متماسكا وهو يهز رأسهُ بذهول: إنتِ بتقولي إيه؟
هزت رأسها بأسى وهي تشهق وعادت بذاكرتها المعطبة التي لم تنسى تفاصيل تلك السنوات من حياتها قط. ، سنوات شبابها وهي فتاة جامعية يافعة مع أصدقائها، أجمل سنوات عمرها التي تحولت إلى جحيم في نهايتها.

استسلمت للحظاتها هذه وبدأت تقص عليه كُل شيء بالتفصيل، فالحقيقة مهما ظلت مخبئة ستظهر في يومٍ ما، لهذا بادرت هي أفضل كي لا يكتشف حقيقتها البشعة من شخصٍ آخر.

أجهشت في البكاء وبدأت تقص عليه بصوتٍ مُرتجف مُتأسي: حبيب ده انسان مريض، إبن غير شرعي، اتربى مع أمه الرقاصة فترة لأن ابوه مكنش عايز يعترف بيه والفترة دي يمكن كانت أسوأ فترة في حياته، أمه كانت عاهره بالمعني الحرفي. كان بيشوفها كل يوم مع راجل شكل ولما يتكلم كانت بتضربه، لحد ما سليم رشدان إعترف بيه أخيرا بس بعد ما أتدمر نفسيا، بس ياريته اكتفي بكده ورحمه لأ، كان بيعامله معاملة الخدامين بالظبط وأقل منهم كمان.

و بيفرق بينه وبين ابنه التانى طبعا، يوسف الإبن الشرعي اللى بيفتخر بيه غير حبيب الغلطة، الفرق بينهم كان سنه واحده بس قُدام الناس، لكن مع بعض الفرق بينهم عامل زي الفرق بين السما والارض، ذُل وإهانه وضرب وكل شويه يفكره بأمه وأصله المنحدر والدنيء، أما أخوه مكنتش بيتعامل معاه خالص مش من باب أنه أقل منه ولا حاجة لأ مكنش حبه خالص ولا كان قابل إن يكون عنده أخ يشاركه أبوه أو حتى حياته.

سليم ظلمه ومحدش يقدر ينكر، دخل يوسف مدرسة انترناشونال وحبيب مدرسه عاديه، وسابه يتعامل مع التنمر والضرب اللي كان بيتعرضله لوحده من غير ما يسأل ولا يطمن عليه، تخيل إنك تكون عايش في قصر من حقك وتبقي خدام فيه، إنك تقدم العصير لأخوك وصاحبه وهمه بيذاكروا مع بعض وتبقى في نظرهم خدام لحد ما يتكرم أخوك ويشرح سوق الفهم ويقولهم إنك أخوه وأن أمك رقاصة.

حبيب استحمل كتير وقبل اي وضع على أمل إنهم يحبوه ويعتبروه منهم زي ما كان بيتمني بس عِرف متأخر إنه بيحلم وكان لازم يتصرف ويعيش، وكل ما كان بيكبر همومه كانت بتكتر والحقد كان بيتغلغل ويتمكن أكتر من قلبه، كان عارف إن أبوه مش هيدخله الجامعة مع أخوه وهيفضل يفرق بينهم لحد ما يموت فا مكنش قُدامه حل غير إنه يذاكر، وفضل يذاكر طول الوقت مكنش بيعمل حاجة غير المذاكرة عشان ياخد المنحة ويدخل معاه نفس الجامعة، ومن هنا بقي حبيب تاني خالص، بقي مثال للشر والحقد.

في الوقت ده تميم كان صاحب يوسف الروح بالروح فا دخل حبيب في وسطهم فرقهم ومحدش يعرف عمل ايه عشان يوصلهم لدرجة النفور دي من بعض، حتى ان يوسف ساب الجامعة كُلها وسافر بره، وبقي تميم وحبيب أصحاب أوي ومن هنا بدأ مرحلة جديده في حياته يمكن كان في أمل إنه يتغير بس كل اللي كان بيحصل كان ضده.

محت عبراتها وأخذت تتعمق أكثر في ذكرياتها بأعين زائغة وهي تطرق برأسها: اتعرفنا على بعض كُنت أنا وحبيب وتميم وحورية وحنان، حنان كانت الكبيرة هي وتميم ويوسف بس سقطوا أول سنة مع بعض وده خلانا نبقي صحاب وخصوصا لأن حورية أُخت حنان الصغيرة ودايما كانت بتقعد معاها.

توقفت وابتسامة حزينة مضنية ترتسم أعلى شفتاها: انا حبيت تميم أوي، وحورية كانت بتعشقه وكُلنا كنا عارفين بسبب وضوحها وتصرفاتها، أما تميم فا كان شايفنا إخواته، وحبيب كان بيحب حورية حُب جنوني ولما عرف زينا إنها بتحبه اتجنن أكتر واتحول تميم لعدو، حبيب كان شايف إنه مش عدل ان دي كمان تروح منهُ حس في الوقت ده إن تميم شبه يوسف أخوه بياخد كل حاجة هو بيتمناها من غير ما يطلبها بالرغم إن تميم مكنش بيحبها ولا حبني.

تجعدت ملامحها واستطردت بأسف وهي تفرك يديها معًا بقوة وقلبها بدأ في التألم: فجأة في يوم لقوا حورية مرمية في طريق مقطوع وهدومها مقطعة نتيجة تعرضها للإغتصاب، محدش عِرف مين عمل كده بس لقوا في قبضتها سلسلة كانت مسكاها جامد، شدتها من رقبة اللي عمل فيها كده وللأسف كانت السلسلة بتاعة تميم، محدش صدق كُلنا انصدمنا لما عرفنا اللي حصل بس مع كده مقدرتش أكرهه، أهلها بهدلوا الدُنيا لما عرفوا وكانوا هيموتوه وعشان أهله يتفادوا الفضيحة لموا الموضوع و جوزوهم، وأخدها واختفوا سنة أو أقل ومحدش عرف عنهم حاجة ولا حتى حياتهم كان شكلها عامل ازاى، بس عرفنا بعدين لما حورية ظهرت تاني وقالت إنهم اتطلقوا ومفيش كام شهر خلصت العده واتجوزت حبيب على طول.

تبسمت وهي تفكر به واستطردت بصوتٍ حاني: تميم خد وقت لحد ما قدر يتأقلم على الوضع، كان لسه مصدوم ومش مصدق اللي حصل ولا نظره الناس ليه على انه مُغتصب ومجرم، حاولت أساعده واقرب منه بس كان قافل على نفسه والأهم كان قافل على قلبه، حورية قالت إن طول الوقت كان بيساعدها و بيجيبلها دكاتره عشان تتخطى اللي حصل ومكنش بيقرب منها ولا حاول حتى يتناقش معاها ويبرأ نفسه لأن كل حاجة كانت ضده حتى أهله نفهسم فا استسلم وعاش على انه مغتصب، بس حورية من زعلها عليه وإحساسها بالذنب طلبت الطلاق، لأنها كانت متأكده إن مش هو اللي اغتصبها، بدأت مع الوقت تفتكر مقتطفات بسيطة زي صوته ريحته، شكله مكنش واضح بس كانت متأكدة إنه مش تميم.

عاشت مع حبيب فتره بسيطة وبعدها بدأت المشاكل والخناقات وسابته وعاشت في بيت ابوها ورفضت ترجعله، كانت بتتنفض لو حد جبلها سيرته، كان مرعوبه من حاجة اسمها حبيب، رفضت ترجع بس خدها غصب وحملت منهُ.

يمكن هدي شويه عليها بعد ماعرف إنها حامل بس هي كانت كارهاه ونافرة منه بشكل مش طبيعي، وطول الوقت كانت تستفزه وتقلل منهُ وبتقارن بينه وبين تميم وده مكنش بيزيده إلا كُره وحقد، حملها كان مُتعب وخطر عليها بس هي مهتمتش ولا حياتها كانت فارقة، وولادتها كانت متعسرة جدا وماتت، ماتت صغيرة وهو أخد جـنّـة و اختفي بيها.

ضحكت بسخرية وهي تستذكر ذلك الفعل الغبي الذي أودي بها إلى هُنا بينما هو كان جالسا أرضًا منهزما تكاد الدموع تنهمر من عينيه وهو يستمع إليها بشحوب وقلبٍ منكسر: في مرة كُنت رايحة اقابل تميم و أخدت نادية معايا ويارتني ما اخدتها، كانت بتهزر طول الوقت وبتضحك سحرت تميم لما شافها، كان قاعد وعينه عليها هي وبس، بعدها طلب انه يقابل بابا فرحت وافتكرت انه هيتجوزني انا وعشان كده أقنعت بابا لأنه كان رافض تماما وقلي مغتصب ومش مغتصب بس أقنعته وبرأته، حتى اني خليت حوريه نفسها تقوله إنه مظلوم وصدقها ووافق لما قابله واتكلم معاه وعرِف شخصيته، بس الصدمه كانت لما طلب ناديه مش انا، اتقهرت ومعرفتش اعمل ايه، انا ومن سنين بتمنى بس بصه منه ونادية في قاعده واحده اخدته كله!، واللي دمرني إنه حبها بجد، حُب عُمري ما شُفت زيه، خدت كُل حاجة حلِمت بيها واتمنتها، كل حاجة كان نفسي أعيشها معاه عاشتها هي، هي كانت سبب تعاستي وبسببها اتجوزت حد مبحبهوش عشـ..

توقفت وفاضت عيناها من الدمع عِندما أبصرت دمعات جاسم تتساقط بخذلان،
إنها لم تحب والده قط وتخبره بسهولة، بشكلٍ غير مباشر أنه لم يكن مرغوب.

شهقت باختناق وتابعت وهي تتحاشى عينيه التي تناظرها بلوم وإنكسار: طول ما انا بعيده عنها ببقي مبسوطة، بس بعدين سيبنا القاهره وجينا نعيش هنا قامت نادية جت جنبي عشان تبقي قريبة مني، وحياتي رجعت جحيم تاني وكل يوم قلبي كان بيتحرق وأنا شيفاهم مع بعض مبسوطين، وهمي زاد أكتر لما أبوك مات، يمكن محبتهوش وظلمته معايا، بس هو كان بيحبني وبيخفف عني وبيواسيني دايما وبقيت لوحدي من بعده، وهمه الإثنين كانوا مبسوطين قدامي طول الوقت، مقدرتش استحمل فكره إنها مبسوطة وانا لأ!، انا ارمله وهي لأ!، مقدرتش النار كانت قايده جوايا، كرهتها اوي واتمنيت إنها تموت كل لحظة وكُنت بدعي عليها ربنا ياخدها ويريحني منها، كان نفسي تموت وهي بتولد و أربى أنا البيبي واتجوز تميم، بس فِضلت عايشة ومكرهانى حياتي، لحد ما حبيب ظهر بعد سنين.

ابتسمت بسخرية واستطرد: كان حاجة تانية خالص ومختلف ميه وتمانين درجة، اللي يشوفه ميصدقش إنه بالإجرام ده ؛ اتفاجئنا كُلنا لما عرفنا إنه بقي دكتور تجميل، ومش أي حد لأ ده بقي من أهم دكاترة التجميل في الشرق الأوسط، اتقابلنا واتكلمنا كتير ورجعنا صحاب انا وهو، كانت جـنّـة صغيرة بس غريبة مكنتش زي الاطفال لا بتلعب ولا بتتكلم كتير حتى نظراتها عدائية، كُنت بحس انها مريضة وسألت حبيب مالها وفيها ايه قالي انها سلاحه هياخد حقه بيها، هيدمر حياتهم همه وكل اللي بيحبوهم، فهمها إن تميم هو السبب في موت أمها، قالها إن حياتها وتعاستها بسببه، إن عشق مبسوطه وسعيده على حسابها هي والمفروض تكون مكانها، وواحده واحده بدأت تكبر وهو يفهمها بتوسع أكتر ويقولها إن تميم اغتصبها وقتلها لما سبته واتجوزت غيره تميم هو الشرير والوحش، كبرها عالحقد والكره لأ وكمان بياخدها يفرجها عليهم من بعيد عشان يحسرها، مكنش بيعاملها زى الأطفال أبدا، لدرجة إني شكيت ان جـنّـة ممكن تكون مش بنته وبنت تميم وهو بيدمرها انتقاما لنفسه عشان مفيش أب يعمل كده بس هي فعلا طلعت بنته وهو مريض وخلاها زيه. ، اتكلمنا مع بعض كتير ومن يأسي شكِتله وقولتله اني بحب تميم وتعبت عارف قلي ايه؟

ابتسم ببهوت وهز رأسه بإيماءة بالكاد ظهرت وهو يقضم شفتيه المرتعشتين كابحا عبراته، مبتلعا غصة بطعم العلقم يستمع لبقية حديثها وصدي كلماتها الأولى تتردد في أذنه وعقله منشغلا بعشق: قال انه شغال على نفسه جامد لأنه عاوز يوصل لمرحلة التطابق، بمعني إنه يخليني شبه ناديه أو العكس، وعرض عليا وقلي ممكن أخليكِ نسخة منها لو حابة، بس انا ضحكت وخدتها هزار وهو ضحك ومتكلمناش تاني في الموضوع ده، في الوقت ده يوسف كان مُستقر في روسيا ومتجوز واحده مصرية اصولها روسيه ومخلف منها قُصيّ وريمة، حصلت مشاكل كتير وصحه أبوه إتدهورت فا رجع مصر وخد قُصيّ بس وساب ريمة مع مامتها هناك فترة، بس الدنيا اتقلبت ومات سليم ويوسف فضل قاعد في مصر عشان يدير شُغل أبوه لأن حبيب تقريبا كان قاطع علاقته بيهم من سنين ومحدش سأل عنهُ، وقُصيّ كمل تعليمه في مصر عشان رفض يرجع روسيا من غير أبوه وفضل معاه، بعدها اكتشف يوسف إن عنده سرطان، عافر معاه كتير ومستسلمش وكان بيسافر يعمل عمليات بره مصر ويرجع ووسط كُل ده مراته ماتت، كان قُصيّ اتخرج ساعتها. ، حياتهم وقفت لوقت معين لحد ما استوعبوا موتها، وبعدين يوسف رجع مصر تاني عشان يتواصل مع حبيب ويديله حقه في الميراث وقُصيّ فضل مع ريمة عشان متبقاش لوحدها هناك، حبيب قابلة وقسموا الأملاك وعرف إن عند أخوه إبن وبنت، ومن هنا بدأ ينفذ خطته أول ما عرف إن عنده سرطان، اتفق مع السكرتيرة بتاعته تغير الدوا اللي بياخده وبدله بـ دوا تاني ينشط الخلايا السرطانية عنده، يوسف كان تعب ساعتها ومقاومته قلِّت واستسلم ومات، قُصيّ رجع بعدها مصر تاني بعد ما خد ريمة وقعدها في بيت تاني بعيد وغريب عنها من الخوف عليها والمفروض يكمل شُغل أبوه، كان شخصية باردة وراجل عملي ومكشر دايما مبيضحكش، وفاة أمه وأبوه كانت تقيلة عليه، حبيب زق عليه بنات كتير وحاول يفسده بأي شكل لكن معرفش، وبالصدفة قُصيّ سمع السكرتيره بتتكلم مع حبيب في التليفون عن الخطه اللي نجحت ومن هنا عرف عمه وبدأ يخطط عشان ينتقم قام حبيب وقع جـنّـة في طريقه وفهمها تعمل ايه كويس ومن هنا بدأت الحكاية.

هزت رأسها بأسي وتابعت بنشيج: انا قاومت سنين يا جاسم بس مقدرتش اتحمل فا طلبت مساعدته قولتله يبعدها عني بس بأي طريقة بس انصدمت لما عرفت إنهم ماتوا والاثنين مع بعض، صدقني ندمت ومصدقتش إني عملت كده وكرهت نفسي لاني وصلت لمرحلة اني أتمني الموت لأختي وقررت إني هعوض عشق ومش هخليها تحس بالفرق بس مقدرتش، نظراتها ليا كانت بتعكس حقيقتي، بتفكرني باللي عملته، هي محبتنيش وكانت بتكرهنى وانا اتخنقت منها ومن تصرفاتها وشخصيتها المطابقة لنادية فا كلمته تاني، استنيتها تموت بس حبيب قالى اللي هتعيشه أبشع من الموت ومسألتش هيعمل ايه.

رفعت رأسها تناظره بحنان وهتفت بغزي: جاسم أنا عارفة اني مش كويسه واللي عملته ذنب ميتغفرش بس والله انا محبتش في الدنيا حد قدك، أنت اغلى حاجة في حياتي.
ضحك وجلجل كما لم يفعل من قبل وهو يجلس أسفل قدميها هاتفا باستنكار: بجد! حبتيني؟ ومراتي؟ عشق!
شد شعره بقوه وهو يتلفت حوله كالمجانين صائحا باستهجان: ضاعت! عشق ضاعت بسببك! وحياتها باظت بسببك؟ واتحطمت بسببك؟ ليه كل الحقد والغِل ده ليه؟

ظلت تبكِ بنشيج ليسألها بقلبٍ مفتور لائم بشفتين مرتعشتين تاركا العنان لعبراته تنطلق: السنين دي كلها مغيرتكيش ونضفت قلبك؟ مهنش عليكِ أختك الصغيرة تكون مبسوطة؟ حتى بنتها! وهي مرات ابنك! للدرجادي انا ولا حاجة بالنسبالك؟ محاولتيش تنسي عشاني حتى؟ أنتِ دمرتيني انا مش عشق! على الأقل هي كانت مع حد بتحبه! لكن أنا؟ أنا هموت من القهر اللي حاسس بيه؟

نزلت عن الكرسي وجلست أمامه على ركبتيها بتعب وهمست بندم: انا غلطت بس عُمري ما حبيت غيرك أنت حته مني.
مسح عبراته بعنف وهتف بكره وليد اللحظة: وانا بقيت اكرهك ويأسفني إني أقولك ميشرفنيش إني اكون ابنك.
اتسعت عيناها برفض وأمسكت كفه بقوه وتوسلته بانكسار وهي تهز رأسها: جاسم أنا مليش غيرك في الدنيا.

أطلق ضحكة مبحوحة وهو يبتسم بألم ثم همس بخفوت وهو يطرق برأسه: وأنا للأسف مليش غير عشق، عشق الرخيصه اللي ميشرفكيش إنها تكون بنتك!، إنتِ هتقابلى ربنا إزاي؟ هتقوليله معلش كُنت بكرهها! طب إزاي قادرة تعيشي مبسوطة وأنتِ أذيه حد؟ بتنامي ازاي؟
ضرب جبهته براحة يده بخفة واستطرد بسخرية وهو يهز رأسه: صح نسيت أنتِ عديتي مرحلة الأذي قلبك مات وبقيتي تطلبي القتل عادي!

بررت تبريرها العقيم الذي لا يجدي: كان خارج عن إرادتي مكنتش في وعيي وانا بطلب حاجة زي دي جاسم أنت أغلى حاجة في حياتي أرجوك.
تجاهل توسلاتها كأنه لم يسمعها قط وسألها بنبرةٍ باردة وهو يقف: ألاقي
حبيب ده فين؟
انقبض قلبها وسألته بخوف: ليه؟
أجابها بغلظة وهو يتجنب النظر إليها: ولا حاجة هشكره على اللى عمله بس!

وقفت قبالته بخوف وأمسكت بكفيه تضغط فوقهما بقوة محفزة وترجته بذعرٍ وهيستيريا: لأ مش هتروحله ولا هسيبك تضيع نفسك بسببه، كده كده هيتسجن، حنان أُخت حورية جمعت حاجات كتير ضده واتجوزته عشان تنتقم وتاخد حق أختها وقريب هتنفذ هي مستخبيه دلوقتي بس هتظهر وهيتسجن مفيش داعي للتهور يا جاسم.

نفض يديها عنهُ بعنف وابتسم وهتف بنزق: ملكيش دعوة بيا واعتبريني مُت مع اللي ماتوا، انا رايح لعشق ومش راجع تاني، وعقب قوله بذهابه ومغادرة الغرفة بل المنزل بكامله لتصرخ بإسمه بحرقة وهي تضرب فخذيها براحتي يديها: جاسم تعالي هنا أنا أمك متسبنيش.
انسلت عبراته وهو يوقف السيارة في منتصف الطريق بسبب الإشارة، أسند مرفقة فوق المقود وأخذ يُحدق في الخارج عبر النافذة بضياع، دون أن يعى ما يفعل، كيف يواجهها كيف؟

إنهُ لم يتأذي سوي من أقرب الأشخاص إلى قلبه، إنهم يحطمونه ببطء ولايفهم لمَ يفعلون به هذا!، ما الذنب الذي اقترفه ولايغتفر كي تنقلب حياته رأسا على عقب بتلك الطريقة؟، هل أصبح الحُب مُبررا للقتل في هذا الزمان؟

إن قلبه مدمي متمزق لأشلاء ولا يشعر به أحد، النيران تتأجج في صدره حتى أصبح رمادًا تذروه الرياح، الحُب أضناه وأثقل كاهلة ولم يعد يستطيع التحمل أكثر، اكتفي من الجميع، يحتاج لمن يربط على قلبه المسكين، يُريد أن يصرخ بملء فمه، أن يهرب لآخر العالم ولا يجد طريق العودة.

أخذت جـنّـة شهيقًا طويلًا وهي تجلس أمام الشاطئ في الإسكندرية، تحدق في الأمواج المتلاطمة بثبات وشعرها يرفرف حول وجهها بقوة يشوش عليها الرؤية، تنتظر مكالمه والدها التى تأخرت.
عضت على أناملها وهي تفكر بعمق وساقيها تهتزان بقوة وتوتر حتى صدح صوت هاتفها.
ردت سريعاً بتلهف ليأتيها الأمر: أتحركِ دلوقتي وزي ما اتفقنا تديها أربعة وتخلصي وتخرجي على طول مفهوم؟

أجابت بنبرة مهزوزة وهي تقف وبدأت في السير بتباطؤ: مفهوم، بس يا بابا البرشام ده بيعمل إيه؟
زجرها بحدة شديدة: مالكيش دعوة ونفذي وبسرعة قبل ما حبيب القلب يسافر.
لم تحتاج أن يعيد قوله مره ثانيه فأذعنت وذهبت بهدوء، وهي تفكر في الوقت لأنها تريد العودة إلي القاهرة بأسرع وقت.

توقفت أمام البنايه التي يقطن بها جاسم، ورفعت رأسها للأعلى تناظرها وهي تزدرد ريقها بصعوبه وتوتر متذبذبة، تراجع نفسها بسبب ماهي مقدمة على فعله.
وضعت قدمها في المدخل العمارة وصعدت بهدوء وقلبها يتقافز داخل قفصها الصدري بعنف.
توقفت أمام باب الشقة في تردد بين أن تطرق الباب وتدخل وأن تلتفت وتعود أدراجها كما جاءت فهي لاتعرف نية والدها تجاه روحية بعد.
ـ عشق رجعتي؟

انتفضت بخضه عِندما سمعت صوت المرأة من الشقه المقابلة وهي تخرج كيس القمامة تضعه أمام الباب كي يأخذه الرجل عِندما يمر.
استدارت جـنّـة على عقبيها بتوتر وابتسمت ابتسامة مبتسرة هاتفه بصوتٍ مُرتفع نسبيا بسبب إنفعالها: أه رجعت.
واستدارت وقامت بالضغط على الجرس طويلا دون أن ترفع إصبعها.

فتحت روحية الباب بانزعاج مُزِج بتعجب وعيناها تبصران عشق، تهللت أساريرها وضحكت في وجهها وللمره الأولى تشعر بهذا القدر من السعادة والسرور عند رؤيتها، لكن للأسف كانت اللهفة للشخص الخطأ ولم يكن حُبا كذلك! فوجود عشق هنا يعني وجود جاسم وهذا ما تصبو إليه.
ضمتها إلى صدرها بقوة ورحبت بها بحفاوة وهي تغلق الباب: حمدالله على السلامة ياحبيبتي نورتي بيتك تاني.

ابتسمت جـنّـة في وجهها بعذوبة وسارت معها إلى الداخل بتوتر وارتباك دون أن تعرف أن عشق لا تبتسم بهذا القدر كما أنها لا ترتبك هكذا أيضًا.
لكن روحيه لم تلاحظ هذا بل كان عقلها مع جاسم وتفكر في طريقة لمهاتفته الآن كي تخبره أن عشق عادت كي يعود.
جلست روحيه فوق الأريكة وهي تسحب جـنّـة خلفها لكنها تمنعت ونزعت يدها من يد روحية برفق وقالت بتوتر وعينيها تجيل في المكان: هعمل حاجة نشربها.

أومأت روحية بإبتسامة وتركتها تذهب وهي تأشر بتلقائية على المطبخ كأنها لا تعرف مكانه واتجهت ناحيته مباشرةً دون أسئلة.
تحركت روحية وأخذت هاتفها بقلبٍ منقبض وبدأت بالرنين على جاسم كي تعيده ويطمئن قلبها.
لم يرد عليها وظل يغلق في وجهها حتى هاتفته من الرقم الأرضي، لكنه كان مُسجل لديه فلم يرد وظل يتجاهلها مجددًا فهو لن يسامحها.

أذابت جـنّـة الحبوب داخل العصير وأخذت تقلبه بقوة وانفعال ويديها ترتجف شعورا بارتكابها لجريمةٍ عُظمي، وهمسات ريمة أمس تعلو داخل أذنيها مع رنين الملعقة داخل الكوب أنا اللى حطتلك برشام في عصير المشمش عشان تسقطي يا جـنّـة، مفيش قُصيّ تاني خلاص بح.

أدمعت عينيها وشهقت باكية بقلبٍ منشطر، فهي تمنت هذا الطفل من كل قلبها، حالها مع قُصيّ لم يكن ليؤول إلى ما آل إليه إن لم تتدخل، لقد شكَّت بوالدها وبـ قُصيّ حتى عدي ريمة لم تخطر لها قط بسبب كونها مسالمة أكثر من اللازم، هذا كان غير متوقع بتاتا كـ قنبلة موقوته، والأكثر إيلاما كذلك.
هي إن لم تتحدث من البداية وتهددها لم تكن لتمسها بسوء قط هذا خطأها هي وتستحق.
أبشع شعور قد يجتاح الإنسان هو شعور الخيانة.

مسحت عبراتها وهي تستنشق ما بأنفها بندم جاء متأخرا، ثم أمعنت النظر للعصير تري إن تغير لونه أم لا وحقا لا تعرف ما استخدام تلك الحبوب، وكالعاده تسير خلفه بخنوع دون أسئلة أو معلوماتٍ كافيه.
وضعت العصير على الصينية وتقدمت به بابتسامة هادئة وهي تهدأ من روعها وثوران صدرها الذي لا يتوقف عن التضخم.
جلست بجانبها وناولتها كوب العصير برفق وهي تبتسم وسألتها عن حالها: عاملة ايه؟

ارتشفت روحيه القليل ثم ردت بابتسامة وهي تمسك الكوب بين قبضتها: الحمدالله كويسة، أنتِ عاملة ايه وكنتِ عايشة فبـ..
سعلت فجأة باختناق فُ ربتت جـنّـة على ظهرها برفق وحثتها على تكملة العصير ففعلت، وارتشفته كاملا حتى توقف السُعال ونظرت إليها بأعين حمراء دامعة وهي تتنفس الصعداء هامسة بصوتٍ مكتوم: الحمد الله مش عارفة مين بيجيب في سِرتي.

ابتسمت جـنّـة بلطف وجارتها في حديثها وهي تمسك بيدها برفق: ولاد الحلال كتير يا ماما.

تلاشت ابتسامة روحية و أفلتت يدها وأخذت تناظرها من أعلاها لأخمص قدميها بشكٍ خالص وهي تفكر في حبيب، فعشق من المستحيل أن تناديها بـ أمي قط، هذه ليست عشق تصرفاتها المثيرة للريبة وابتسامتها البلهاء ودخولها وصنعها للعصير! كل هذه الأفعال لا تصدر عن عشق! عشق لا تسألها عن حالها ولا تربت على ظهرها! متناقضة تماما مثلما كان يحدث هنا عِندما صدقوا أنها فاقده للذاكره.

سألتها وبنبرةٍ محتده وهي تشعر بألمٍ قويّ في قلبها: إنتِ مين؟
تلاشت ابتسامتها وحل محلها الإقتضاب وهي تقلب عينيها قائلة بعدم تهذيب: كويس إنك عرفتي لأني زهقت من التمثيل، ها يا روحية فين حنان؟ بابا باعتني مخصوص عشان أعرف مكانها منك لأنك الوحيده اللي تعرفى هي فين ومخبيه الأوراق الخاصة بـ بابا فين؟
شحب وجه روحية وتعالت دقات قلبها فجأه لتهمس بألمٍ وتقتير مخفضة الرأس.

وهي تعتصر قلبها بقبضتها: لأ، معرفش، فين خالص!
ابتسمت جـنّـة بعصبية وأعادت صارخة وهي تجلس على ركبتيها أمامها: يعني ايه متعرفيش؟ هي فاكره إنها هتفضل هربانه كده؟ لا ده هيجيبها وهيندمها على اللي حصل واللي كان هيحصل لو حد شاف الورق ولا مسك عليه حاجة.

هزت روحية رأسها بوجه مُحتقن وعينا متسعة لاهثة وألمها يتضاعف جعلها تتلوي فوق الأريكة وجسدها ينتفض حتى توقف قلبها ولفظت أخر أنفاسها وهي تحدق بـ جـنّـة بأعين جاحظة.
تيبست جـنّـة محلها كمن تم لصقها بغراءٍ جيّد، تناظرها بشحوب بأعين غائرة وجسدها بدأ في الإرتجاف وجبينها يتفصد عرقا حتى جف حلقها منتظرة أن تصدر منها حركة واحدة تطمئنها.

اتسعت عيناها بصدمة وانسلت عبراتها وهمست بصوتٍ مُرتعش ويدها تمتد من إلى رثغ روحيه تتحسس نبضها بتذبذب وجسدها يرتعد من الخوف: رو، رو، روحيه! قومي! حصلك ايه قومى..
صرخت بعويل وهي تصفع وجنتيها بقوة: فوقي، فوقي، يانهار أسود فوقي.
لطمت وجنتيها بقوة وراحت تمسكها من عضدها تهزها بعنف صارخة بثوران: فوقي، فوقي، يلهوى لأ..

أخرجت الهاتف من جيب بنطالها وهاتفت والدها وعيناها تفيض من الدمع صارخة بحدّة: البرشام ده بيعمل ايه روحيه ماتت يا بابا ماتت.
وكأنها طلبت السماح منهُ ورضيّ عنها في النهاية ليرد عليها ذلك الرد البارد
: طيب ارجعي خلاص.
صرخت بهيستيريا وهي تشد على شعرها بجنون وعيناها تكاد تخرج من محجريها: بقولك ماتت تقولي ارجعي ارجع إزاي؟ دول شافوني وانا داخله ولما يبلغوا عني هيجيبونى.

زجرها بعنفٍ شديد: شافوا عشق ياغبيه مش أنتِ اتفضلي إرجعي وشيلي بصماتك عن أي حاجة لمستيها وافتحي أنبوبة الغاز قبل ما تمشي، واعملي حسابك هتعملي العملية مبقاش ليه لازمه شكلك دلوقتي.
وقبل أن ترد أغلق في وجهها الخط لتجهش في البكاء، وسقطت على ركبتيها بانهيار تشهق وتبكِ باختناق وهي تحدق فى جثتها بعينا زائغة.
أعادت رفع الهاتف بأعصابٍ تالفة وحاولت الإتصال بـ قُصيّ لكن هاتفه كان خارج التغطية.

لطمت وجهها وظلت جالسة محلها تهتز بقوة، تبكِ بنشيج غير قادرة على التحرك وهي تحملق في جثتها بعدم استيعاب، لقد باتت قاتلة الآن بفضل والدها، قاتلة.
تمالكت نفسها ووقفت بترنح، وهرعت إلى المنضدة وأخذت الصينيه بالأكواب.

وركضت بها إلى المطبخ، قامت بتنظيف الأكواب بكفيها المرتعشين وهي تشهق بقوة وعبراتها تنهمر بغزارة، أعادتهم مكانهم في المطبخ ثم أمسكت ببعض المناديل الورقية الخاصة بالمطبخ وقامت بفتح الغاز دون أن تلمس شيء بيدها.
بعد ثوانٍ قليلة جالت بنظراتها في المطبخ، تنظر حولها بهيستيريا وهي تجفف عبراتها تتأكد من نظافة المكان وخلوه من أي شيء يثير الريبة ثم خرجت.

أدارت مقبض الباب كي تذهب واستدارت تنظر إليها مرة أخيرة وهي تهز رأسها بأسي ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها.
توقفت أمام الباب تلهث بوجه شاحب مصفر وصدرها يعلو ويهبط باضطراب ليسقط نظرها على كيس القمامة الموضوع أمام الشقة المقابلة.
نظرت حولها بريبة وتفحص ثم خلعت عدساتها اللاصقة ووضعتهما داخل المنديل، وساقتها خطواتها إلى القمامة بتباطؤ، ثم انحنت ودست المنديل وسط القمامة وذهبت.

بعد مرور عدة ساعات..
وضع قُصيّ الحقائب في صندوق السيارة وهو يتنهد بهدوء تاركًا غرام تلعب في الحديقة حتى ينتهي.
اختض قلبه وركض إلى الداخل بفزع عِندما تناهى إلى مسامعه صوت صرخات غرام: بابي، بابي، إلحقني.
توقف في الحديقة مشدوها وتنفس الصعداء براحة عِندما أبصرها تقف تتشبث في قدم شاب يبدو فى أوائل العشرينات وهو من يبدو عليه الهلع كـ لص تم ضبطه يسرق.

حملها بقلق وهو يناظره باستفهام وقلبه يخفق بخوف لتصيح بإشراق وهي تضع راحة يدها الصغيره فوق وجنته كي ينظر إليها: بابي شفته وهو بيحط الورده هو ده اللي بيجيب الورد.
تنفس الصعداء وضمها إلى قلبه بقوة مقبلا رأسها بتلهف وعينيه معلقه على الشاب الذي أخذ يدلك عنقه بتوتر.
تمتم بخجل بعد صمت دام لدقائق: أسف لو سببت أي ازعاج، انا كل يوم بأجي احطها وأمشي ومش بيكون في حد.

أومأ قُصيّ بتفهم وأخبره بأسف: كويس إنك جيت، إحنا مسافرين والبيت هيكون فاضي مفيش داعي للورد ده.
تمتم بتعجب: بس اهـ..
قاطعه قُصيّ بسؤاله: أنت بتحب؟
رمش بتفاجئ ونظر إليه بريبة ليعيد قُصيّ سؤاله بصيغة أخري: عندك مُزة يعني؟
ضحك ببلاهة وهو يعبث بمؤخرة رأسهُ بإحراج جعل قُصيّ يبتسم بخبث واستطرد برفق: تبقي ابعتلها هي الورد البنات بتحب الورد.
أومأ وشكره بامتنان: متشكر.

ربت قُصيّ على كتفه وهتف مشجعًا: شد حيلك البنات محتاجة مجهود.
قهقهة وأومأ وهو يقلب عينيه بضجر قبل أن يغادر، عبر من خلاله عن معاناته مع الفتيات وتقلباتهم المزاجية.
ضحك ثم سار بـ غرام إلى السيارة كي يغادر لتطلب منهُ بلطافة وهي تبسط كفيها أمامها تحدق بهما بتدقيق كأنها سترصد الجرثومة بأنظارها: بابي عايزة Wipes.
تنهد قُصيّ وغمغم بحنق: wipes إيه بس يا غرام إمسحي فيا إحنا خلاص قفلنا البيت وهنسافر.

ابتسمت بسعادة وصفقت بيدها بحماس: هنرجع روسيا؟
همهم وهو ينحني، أجلسها فوق الكرسي ووضع حولها حزام الأمان تزامنا مع صياحها بفرحة عارمة: هشوف بيدرو تاني.
توقفت يده وهتف بتهكم: تشوفي مين وحي



اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
5 أفعال خاطئة من الأهل تتسبب في فشل أبنائهم لهلوبة
0 261 لهلوبة
4 مفاهيم خاطئة عن الإفطار الصحي.. اكتشفي الخدعة لهلوبة
0 246 لهلوبة
5 فوائد للوقوف على الرأس.. تخلصي من معتقداتك الخاطئة لهلوبة
0 257 لهلوبة
5 عادات خاطئة توقفي عنها خلال ممارسة رياضة الجري لهلوبة
0 312 لهلوبة
5 عادات خاطئة قبل النوم تزيد الوزن لهلوبة
0 576 لهلوبة

الكلمات الدلالية
رواية ، خاطئ ، الفصل ، الخامس ، عشر ،












الساعة الآن 08:10 PM