<br class="entry-title" />
لن يكتمل الحديث عن تاريخ السينما المصرية دون التطرق إلى المواهب النادرة التي تمتّع بها الفنان الراحل نجيب الريحاني ، الذي عشق المسرح كما لم يعشقه أحد فأحبّته السينما بقوة وعشقت الكاميرا ملامحه الشرقية الأصيلة، والتي كانت تخفي بدورها حزنًا مستترًا وراء “أفشاته” الكوميدية.
ولد نجيب إلياس ريحانة في 21 كانون الثاني/يناير العام 1889 في أحد أحياء القاهرة الشعبية وتعود أصول عائلته إلى العراق، وتلقى تعليمه في مدارس الفرير الابتدائية ثم اكتفى بالحصول على البكالوريا إثر تدهور الأحوال المادية لأسرته، وعمل كاتب حسابات في شركة السكر في بلدة نجع حمادي وسريعًا ما قدم استقالته وعاد إلى القاهرة.
الريحاني كان مولعًا بالفن فانضم بعد عودته إلى فرقة الشيخ أحمد الشامي وتجول معه في الأقاليم المصرية، ثم التحق بفرقة جورج أبيض العام 1914، ولكن الدراما المأساوية التي برع فيها الأخير لم تلق إعجابه فغادرها على الفور وأسَّس مع صديقه محمد سعيد فرقة مسرحية لتقديم الاسكتشات الكوميدية.
ولكن النقلة الحقيقة في مشواره كانت بعد تعرُفه على المؤلف الموهوب بديع خيري، الذي كتب له أروع أعماله المسرحية التي سطرت بحروف من نور مسيرة الريحاني الفنية وكانت بداية موفقة لفرقته الخاصة.
اشتهر “الضاحك الباكي” على خشبة المسرح بشخصية “كشكش بيه” ثم نقلها إلى السينما، ولكنها لم تلق النجاح ذاته فاعتزل العمل المسرحي العام 1946 بعد أن قدم نحو 33 عملًا منها “الدنيا لما تضحك” و”الستات ما يعرفوش يكدبوا” و”إلا خمسة” و”حسن ومرقص وكوهين”، أما في السينما فحصد بطولة “سلامة في خير” و”أبوحلموس” و”لعبة الست” و”سي عمر” وأطلّ على الشاشة لآخر مرة في “غزل البنات”.
التقى الفنان الكوميدي الراقصة الشهيرة بديعة مصابني ، التي كانت تمتلك كازينو بديعة في ميدان الأوبرا، وبعد لقاءات فنية وعاطفية اتفقا على الزواج ثم سافرا إلى أميركا الجنوبية لارتباطهما بعروض مسرحية هناك، وبسبب عدم قدرتهما على الإنجاب تبنّت بديعة طفلة تُدعى “جولييت” وأعطاها الريحاني اسمه بشكل رسمي، ولكن الخلافات عرفت طريقها إليهما سريعًا وطلبا من الكنيسة السماح لهما بالطلاق ولأن المذهب الكاثوليكيّ لا يسمح بذلك فقد رُفِض طلبهما.
وفي النهاية اتفق الزوجان على استمرار حياتهما ولكن اشترطت بديعة الانفصال الجسدي واضطر الريحاني لقبول شرطها، ولكنه ارتبط مرة أخرى بسيدة ألمانية تُدعى لوسي دي فرناي العام 1919 وأنجب منها ابنة غير شرعية هي جينا.
نجيب الريحاني
أصيب “زعيم المسرح الفكاهي” في آخر أيامه بمرض التيفود إثر حصوله على جرعة زائدة من عقار الاكرومايسين، وقد رحل عن عالمنا في 7 حزيران/يونيو العام 1949، وقبل ذلك التاريخ بأسبوعين تقريبًا كتب الريحاني يرثي نفسه قائلًا:
<blockquote>
مات نجيب..
مات الرجل الذي اشتكى منه طوب الأرض وطوب السماء..
إذا كان للسماء طوب..
مات نجيب الذي لا يعجبه العجب..
ولا الصيام في رجب..
مات الرجل الذي لا يعرف إلا الصراحة في زمن النفاق..
ولم يعرف إلا البحبوحة في زمن البخل والشح..
مات الريحاني..
في 60 ألف سلامة
</blockquote>