-
السندباد البحري , هو واحداً من أكثر الأبطال شهرة في أدب الشرق الأوسط .. فبحكاياته ورحلاته السبع في طرق التجارة الأسطورية بالمحيط الهندي , وبقتاله مع الوحوش الأسطورية .. وبزيارته للجزر الغريبة المذهلة ,, ومواجهته للقوى الخارقة للطبيعة .. إستطاع سندباد أن يحفر بإسمه مكاناً خاصاً في أدب الرواية والأسطورة العربية .. <a name=\'more\'></a>
فأساطير السندباد البحري مازالت نقطة جذب للكثيرين في مختلف أنحاء الشرق الأوسط والعالم , ويعتبر رمزاً لتاريخ الملاحة البحرية . - وقد تم ذكر حكايات السندباد في
قصص ألف ليلة وليلةالمترجمة للغات الغربية , والتي كانت تقصها "
شهر زاد " على الملك "
شهريار" .. ويبدو أن أحداث قصص السندباد البحري كانت تجري في بغداد في عهد الخليفة العباسي "
هارون الرشيد " 786-809 م .. ولكن في الترجمات العربية لقصص ألف ليلة وليلة او ما يطلق عليها "
الليالي العربية " غابت حكايات السندباد , وكذلك حكايات علاء الدين وعلي بابا . - والسؤال الذي طالما أثاره المؤرخون هنا ..
هل كان السندباد البحري شخصية خيالية إستندت إلى شخصية تاريخية كانت موجودة حقاً ؟ أم إنه شخصية مشتقة من مختلف البحارة المغامرين الشجعان الذين جابوا البحار في ذلك الوقت ؟ وإن كان سندباد شخصاً حقيقياً .. فمن كان هو ؟ - إسم سندباد يبدو أنه يأتي من اللغة الفارسية والتي تعني "
زعيم نهر السند " Lord of the Sindh River .. حيث Sindh تعني "
نهر السند " في اللغة الفارسية ..ويعتبر نهر السند هو أطول وأهم نهر في باكستان وشبه القارة الهندية, مما يشير إلى أن سندباد كان بحاراً في ساحل ما.. يقع الآن في باكستان . ومع ذلك فمن الممكن أن يكون سندباد شخصية تاريخية حقيقية كان لديه رغبة غير مشبعة للسفر والترحال والمغامرة .. وقص الناس والبحاره مغامراته الطويلة بعد وفاته وتناقلتها الأجيال ... <ins data-ad-client="ca-pub-2142794729636306" data-ad-format="link" data-ad-slot="4222186120"></ins> - وربما يشير هذا التحليل اللغوي السابق إلى أن قصص سندباد ربما كانت فارسية الأصل , على الرغم من أن كل إصدارتها كانت باللغة العربية . فمن الممكن ان تكون شخصية السندباد البحري إستنتدت في جزء منها على حياة مغامر فارسي وتاجر يدعى "
سليمان سيراف " , الذي غير وجه التجارة البحرية على طريق الحرير . وكان يسافر من بلاد فارس على طول الطريق إلى جنوب الصين , حيث كان يبحر حول ساحل مالابار وعبر خليج البنغال إلى بورما وتايلاند وفي نهاية المطاف يصل إلى جنوب الصين عبر مضيق Mallaca وذلك في العام 775م , وكان من المعروف على مر القرون أن التجار والبحارة يسافرون للتجارة في المحيط الهندي في رحلات طويلة للتجارة والتداول , وينسب لسليمان سيراف كونه أول شخص من غرب آسيا قام بإستكمال تلك الرحلة بأكملها بنفسه , حيث فتح الطريق إلى الصين للتجارة الغربية , ولذا من المرجح أنه إكتسب شهرة كبيرة في عصره , لاسيما بعد عودته لموطنه محملاً بالتوابل والمجوهرات والخزف .. وربما كانت تلك بعض الحقائق التي بنيت عليها قصص السندباد . -
أما في عمانفيعتقد كثير من الناس أن شخصية السندباد البحري تقوم على بحار من مدينة "صحار" , والذي أبحر من ميناء البصرة في العراق , ويزعم البعض أن تلك المدينة هي بالفعل مسقط رأس السندباد البحري , حيث كانت صحار عاصمة قديمة لعمان , وكان لها ميناء بحري مهم , وكان البحارة والتجار يبحرون منها إلى شبه القارة الهندية والصين , فكانت مدينة صحار تسمى " بوابة الصين " .. وساعدت في نمو الإقتصاد العماني. - من ناحية أخرى .. هناك الكثير من أوجه الشبه بين مغامرات السندباد في بعض رحلاته وبين مغامرات أوديسيوس في كلاسيكية هوميروس الأشهر " الأوديسة " , وغيرها من القصص في الأدب اليوناني الكلاسيكي , فعلى سبيل المثال .. الوحش آكل لحوم البشر في رحلة السندباد الثالثة , مشابهة جداً لبوليفيموس من ملحمة الأوديسة , حتى أنه تلقى نفس المصير كما في قصة السندباد . وخلال رحلة السندباد الرابعة دُفن السندباد تحت الأرض في مغارة الموتى وهو على قيد الحياه , ولكنه تمكن من الفرار من إحدى الأنفاق الصغيرة التي حفرتها بعض الحيوانات التي تتغذى على الجثث في المغارة .. وهذا مشابه لما حدث في قصص الملك الإغريقي أريستومنسيس ملك ميسينيا وصراعه مع أسبرطة . فأوجه الشبه تلك تدل على أن سندباد شخصية من التراث الشعبي لكل ثقافة .
- وسواء كان السندباد البحري من بغداد , أو عمان , أو كان من بلاد فارس .. أو بعيداً عن هذا وذاك .. إذا كان شخصية خيالية قلباً وقالباً .. فستبقى رحلاته السبع من أمتع القصص والمغامرات التي أحببناها صغاراً وكباراً . . https://archive.janatna.com/