الإختيـــار ...تزوجت في سن الخامسة عشر رجلاً يكبرني بنحو 20 عاماً ، تحت ضغط أب عنيد و أم جاهلة ، كل همهما الثراء و المركز و المكانة التي تليق بإسم العائلة . <a name=\'more\'></a> حاربت هذا الزواج بكل ما أوتيت من قوة و صراخ و بكاء ..و لكني لم أفلح .و باعوني كلهم .و دخلت و أنا أرتجف بيت رَجُل لا أحبه .. رجل قبيح الخلقة و الخُلُق .. بخيل .. شاذ الطباع .. شديد المعاملة .. كل كلماته أوامر ..كان لا يعود بيته قبل الثانية صباحاً تفوح منه رائحة الخمر .. يترنح .. و يتكلم بفم معوج .و تمضي لحظات الفراش ثقيلة .. هو من ناحيه .. جِلف غليظ في مغازلته .. أناني لا يهمه إلا أن يحصل على متعته .. ثم يدير ظهره و يتركني . و أنا من ناحيتي أعاني الخجل و الإشمئزاز و الإحساس بالهوان .و كنت أشكو لأمي كرهي له و عزمي على النوم وحدي .. و كانت تنهرني و تقول لي : كُرهِك و حبك لنفسك ضعيه في قلبك .. أما جسدك فهو ملك له .و سمعت كلامها .. و بدأت أترك له جسدي كخرقة بالية لا حِراك فيه و لا روح .. و أنجبت أربعة أولاد .. و أنا أتعذب و أكتم في نفسي .. حتى انهارت أعصابي .. و أصابني ضغط الدم و القلب .. و بدأت تتناوبني الأمراض .و بدأت أبتعد عنه جسمانياً .كان هذا منذ اثنى عشر عاماً .أصبحت لا أحتمل مجرد سماع صوته أو رؤيته ، و كنت حينما أراه يدق قلبي بشدة و يكاد يتوقف و تنتابني حالات عصبية .و منذ أربع سنوات إنقطعت عن الكلام معه .. و أصبح لي جناح وحدي في البيت .. و له جناح وحده .و إلى الآن لم يطلقني .. و هو يقول .. إنه لن يتركني حتى أصبح غير صالحة له أو لغيره .لكني لم أعد صالحة له و لا لغيره .. منذ الآن .لقد أصبحت بعد عذاب 25 سنة امرأة محطمة .. أولادي كبروا و أصبحوا شباناً .. و أنا ذبلت و أصبحت مريضة .و الآن أريد أن أستريح .أريد الخلاص منه بأي طريقة .. إنه لا يريد أن يطلقني .. و أنا لا أستطيع أن أطلب الطلاق من المحكمة لأن مركزي و مركز أولادي و مركز العائلة لا يسمح .. لا أريد فضائح .أفكر في تغيير ديني لأصبح محرمة عليه .. و لكني أخاف الله .كيف يكون خلاصي .. إني تعيســـة .****************************رد الدكتور على القارئة صاحبة الرسالة :إن العجيب في خطابك هو صبرك العمر الطويل .. هذه السنوات الخمس و العشرين حتى انتهيت إلى هذه الحالة من ضغط الدم و القلب و الإنهيارات العصبية و المقاطعة الجسدية .. ثم في النهاية إلى عدم تبادل الكلام .و أخيراً و بعد خمس و عشرين سنة ، و بعد دفع كل هذه الضرائب الباهظة .. أحسستِ أن الحياة أصبحت لا تُحتَمل .. و أنه لابد من الخلاص .و أي خلاص .. ؟ !خلاص يتم بمعجزة .. بدون أن يطلقك .. أو تطلقيه بالمحكمة ..حتى بعد الخمس و العشرين سنة مازلت تخافين .. و تقولين .. أولادي .. عائلتي .. مركز العائلة لا يسمح .و لكن أمك حينما زوجتك بالإكراه كانت تقول هذا أيضاً .. مركز العائلة لا يسمح .. إسم العائلة يستدعي .. إلخ .. إلخ .كانت أمك أسيرة المظهر المحترم و السمعة ، فاختارت لك زوجاً ذا لقب و أطيان .و تعذبتِ العمر كله لأنك عجزت عن البت في مصيرك .. كان البت يحتاج إلى إسقاط هذه الإعتبارات .. و أنتِ مثل أمك ، تخافين على هذه الإعتبارات !و اتخاذ أي قرار في الدنيا يحتاج إلى التضحية بشيء ..نحن نقامر بحريتنا و اختيارنا في كل لحظة . و أنت تطلبين الأمان .. و هذه نتيجة الأمان .أنا أعرف الشيء الذي يرهقك .. إنه ليس كره زوجك .. و لا ضغط أمك .. إنه ضعفك .. ضعفك أمام اللحظة الفاصلة .. لحظة اختيار المصير .و لكنك تنسين أنك اخترت و انتهى الأمر .. و أن هذه ثورة بعد فوات الأوان .و إن الأكرم لكِ الآن الصبر و التضحية بهدف الحفاظ على كيان الأسرة أفضل من الطلاق بلا هدف .الدكتور:مصطفى محمود من كتــاب / إعـتـرافـــات عشــاق