logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .






look/images/icons/i1.gif رواية مملكة الأسد
  02-04-2022 04:53 مساءً  
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية مملكة الأسد للكاتبة فاطمة حمدي الفصل التاسع عشر

سيدي، والدتك تريدني!
راحت فنار تخبره بتوترٍ وهي تنظر إلى وجهه مليًا، ليرد عليها بثباتٍ قائلًا:
اذهبي إليها فنار..
ولكن...
قاطعها بصرامة:
ولكن ماذا فنار؟، أنتِ تخافين؟
همست في سرعة:
لا، لا أخاف، حسناً سأذهب، ولكن هي ماذا تريد منّي؟
ستعرفين ما إن تذهبي..
أومأت برأسها إيجابًا وهي تغتصب ابتسامة هادئة على شفتيها، بينما نظر لها مطولًا وكأنه يحتضنها بنظراته الشغوفة فيما يهمس مبتسما:.

ماذا حبيبتي؟، لا تخافي لن يؤذيكِ أحد أبدًا ثقي في هذا أنا جوارك.
نهضت وهي ترفع وجهها بمرح قائلة:
زوجة الملك تيم لا تخاف سيدي!
نظر لها غاضبًا، فتراجعت في قولها:
تيم.
ضحك غامزًا وقد أخبرها بحب:
هيا فنارتي اذهبي وأتني في سرعة، لأني اشتاق.

تخضبت وجنتاها وهي تلتفت مغادرة الغرفة وعلى وجهها ابتسامة خجولة، تمهلت في خطواتها وهي تسير بالرواق الطويل ذاهبة إلى غُرفة الملكة قسمت، أخذت شهيقًا عميقًا قبيل أن تلج إلى الحجرة، أقفلت الباب خلفها ووقفت تنظر إليها في هدوء وهي نائمة على فراشها، لتسمعها تهمس بإعياء:
اقتربي...
انصاعت لها واقتربت بخطواتٍ بطيئة إلى أن وصلت للفراش، حينها انحنت عليها قائلة بجدية:
علمت أنكِ تريدني، ماذا هناك؟
فقالت قسمت بخفوت:.

نعم، كان لابد أن أتحدث معك..
أنا أسمعك
همست فنار وهي تجلس على طرف الفراش برفقٍ، ثم تابعت قسمت وهي تبتلع غُصة مريرة بحلقها:
في يومٍ من الأيام، أحببت زوجي أكثر من إبني، وكنت أحاول إتعاس إبني، في سبيل سعادة زوجي، والآن أخذت جزائي، لقد مرضت وأصبحت لا حول لي ولا قوة، وقد تركني زوجي ولم يرعاني، بعد أن كنت أظن أنه لن يتخلى عني كما لم أتخل عنه يوماً.

هزت فنار رأسها بأسى، وتنهدت بحزن قائلة بنبرةٍ محملة بالعتاب:
كيف لأي أحد أن يكره الملك تيم؟ هذا الملك حنون وطيب القلب، هو يبدو صلبا قاسيا لكنه ليس كذلك، هذا الملك يُكرم الفقير ويحمي الضعيف ويطعم المسكين، وأنتِ تعلمين كل هذه الصفات النبيلة لأنك أمه فكيف تتخلين عنه بهذه البساطة؟
كنت غبية، مغيبة، أنا استيقظت من غفلتي مؤخرًا وأطمع أن يسامحني إبني..
قالت فنار بجمود:
ولمَ لم تخبرينه هو بذلك واستدعيتني أنا؟

لأنه مؤكداً لا يريد أن يسمع صوتي، وأنا لا أريد أن أراه وهو عاجزاً، لقد تمزق قلبي حسرةً عليه، كما أعلم أنه يحبك بقوة وما إن تخبريه أنا يسامحني سيفعل
ابتسمت فنار مع قولها المتزن:
الملك تيم يحبك رغم كل محاولاتك في إتعاسه، كما قلت لك هذا الملك حنون للغاية..
دمعت عينا قسمت بحزن وهي تقول بغضبٍ:.

أخبريه أيضًا أن يدخل تيجان وبشار السجن مرةً أخرى، هما لا يستحقان ما فعلته لأجلهما، هذان خائنان ويا ليتني ما صدقت كذبهما، أخبريه من فضلك
أومأت برأسها موافقة ونهضت ببطء من جوارها، فتابعت قسمت بنظراتٍ نادمة:
وأنتِ سامحيني، لقد ظلمتك
فتابعت فنار وهي تفتح باب الحجرة:
لا بأس، أنا سامحتك.

خرجت من غرفتها وهي تبتسم وتشعر براحةٍ، قلبها يُخبرها أن الأمور ستتحسن إلى الأفضل وسيسود الحب في هذا القصر ولكن ما إن ينتهي كابوس تيجان وابنه، لكنها الآن تشعر بالوهن يجتاحها وكأنها مريضة...
تشعر بعدم الاتزان لكنها تحاول الصمود حتى لا يقلق عليها حبيبها الملك...
جاء أحد أفراد الحِراسة ووقف أمامها وقد انحنى تحيةً لها، وقال في أدب:.

سيدتي، أمرني السيد سليمان، أن أخبرك أن تحضرين الآن إلى الزنزانة المتواجدة بها الملكة روكسانا لأنها تصرخ وتنادي بإسمك وتريد أن تخبرك شيئا!
تعجبت فنار وهي تعقد حاجباها باستغرابٍ، فيما تردد بخفوت:
وماذا تريد منّي الآن؟
تنهدت بعمقٍ وسارت خلف الحارس متجهة إلى حيث توجد، وجدتها بالفعل كما وصف الحارس، تصرخ باهتياج وشعرها مشعث كأنها فقدت عقلها وباتت مجنونة حقاً!

شهقت فنار ما إن رأتها واقتربت تتابعها بعينيها في صمت، وأما روكسانا فقد توقفت عن الصراخ حينما رأتها وابتسمت ساخرة وهي ترمقها بحدة من عينيها الشرستين، ثم قالت بعنف وهي تشير بسبابتها:
يا له من زمن عجيب، الملكة تُسجن وتُذل، والفقيرة الحمقاء تُصبح ملكة! إنه لزمن رخيص!
كشرت فنار عن جبينها وراحت تهتف بنبرة محتدمة:
الزمن ليس رخيصا بل أنتِ!
ضحكة هازئة أطلقتها روكسانا وهي تقول قاصدة إغضابها:.

لا تأملين في دوام حالك، أنتِ لا تعرفين شيئا عن هذه الثعالب الذين حولك، وأولهم زوجك الملك
ماذا؟، أنا لن أسمح لكِ، لا تذكرينه على لسانك
ابتسمت بشراسة وأخبرتها:
اسمعي أيتها الحمقاء، ألم تأتِ جلنار يوميا لكِ وهي تحمل كوبا من العصير الطازج الشهي؟
تغضن جبينها وهي تقترب منها أكثر قائلة:
كيف عرفتِ؟
ضحكت مجددًا وقالت:.

هذا كان بالاتفاق عزيزتي، تعلمين أن هذا العصير يحتوي على أشياء مؤذية تجعلك واهنة دائمة والأصح تقتلك ولكن بتمهل، ألم تشعرين بذلك؟!
لوهلة شعرت فنار أن الدنيا تدور بها وأنها بالفعل وقعت بين ثعالب وذئاب، ازدادت وتيرة تنفسها وتعرق جبينها، كم كوبا احتسته إلى الآن؟
ضاعت، لقد ضاعت، جلنار قضت عليها، بالاتفاق مع هذه..!
لا تحزني، لأن الملك تيم زوجك يعلم ذلك وهو اتفق معنا..

قالتها روكسانا وهي تضحك بشدة وعيناها تلمعان بوميض خبيث، حينها صرخت فنار بها وراحت تدفعها للخلف قائلة:
كاذبة، أنتِ كاذبة!
استدارت فنار لترحل وهي تسير بالكاد، وسمعت صوتها الساخر مرة أخرى:
لا صادقة فنار، ستتأكدين بذاتك!
وصلت فنار إلى الحجرة وهي في حالة صدمة عارمة، لا تصدق أن زوجها الحبيب يفعل ذلك، ولكن جلنار؟.

ولجت إلى الحجرة وأغلقت باب خلفها ثم راحت تستند عليه بإعياء وقد شحب وجهها وبات لونه أصفر، رأها تيم وهو يجلس على كرسيه فانقلع قلبه قلقاً عليها ونهض راكضًا نحوها وراح يضم وجهها بين كفيه وهو يسألها بفؤادٍ قلق:
فنار، ماذا حبيبتي، ما بكِ؟
ارتعشت شفتيها وهطلت الدموع من عينيها الحزينتين وهي تتمسك بيديه الدافئتين، ومن بين بكاؤها واصلت:
لا شيء
ثم سقطت بين ذراعيه القويتين مغيبةً عن الوعي..

توقع الملك أوار أن تصرخ، تستغيث بأحدٍ، تجهش بالبكاءِ وتتوسله، إلا أنه لم يجد كل ما سبق، ووجد القوة في عينيها، ووجدها تدفعه بكل ما أوتيت من قوة حتى هبط على الأريكة من خلفه، حاول النهوض مرةً أخرى إلا أنه لم يستطع، ووجد حركته تتيبس وكأنه أصيب بالشلل..
ثم سمع صوت ضحكاتها المُقهقهة وهي تُشير له مُستهزءة:
هذا أنت! الملك أوار الضعيف، وليس هذا فحسب، أنت غبيّ أيها الملك!

اختلجت عضلة فكه بغضبٍ ناري وهو يرمقها بشراسة، بينما لا يستطيع الحراك وهو يقول:
ماذا تقولين؟، وما الذي فعلتيه بي الآن، أنا لا أستطيع الحِراك!
تابعت وقد لمعت عيناها بحماس:
نعم أعلم، وهذا لو تعلم أفضل بكثير من خطتك الدنيئة أوار، أعلم أنك مصدوم للغاية أليس كذلك؟، دعني أشرح لك أيها الغبيّ الذي ظن ذات يوم أنه من الأذكياء..
صمتت جلنار قليلًا وهي تقترب منه وتنظر إلى عينيه متابعة بجمود:.

أيها الملك أنت خاطئ، حين ظننت أني خائنة لأخي وهل تتخيل أنكَ أغلى على قلبي من أخي تيم! لا أنت حشرة وأخي هو الغالي، أنا أحببتك قبل أن أعرف أنك تريد إيذاء أخي وإفساد حياته، ولكن بعدما علمت حقيقتك القذرة، كرهتك
تابع أوار بعدم تصديق:
هذا يعني أنني...
غبي!
صاحت به بحدة وهي تستطرد هازئة:
أنت وشقيقتك روكسانا..
كز أوار على أسنانه بقوة وهو يسألها بحسرة:
وكيف فعلتي بي هذا، أنا كيف لا أستطيع الحراك؟

قالت بوضوح وهي تبتسم:
تلك خادمتك الخاصة، أخبرتني أنك تدبر لي هذه المكيدة، مقابل أن أخلصها من جحيمك وتنضم إلى مملكتنا نحن، وكان لابد أن أدافع عن شرفي وشرف أخي الغالي يا، يا أوار!
تابعت حديثها بغضب:.

والآن أنا سأرحل، وأنت ستتعذب، جراء كوب العصير الذي احتسيته قبل أن تحتسي الخمر، هذا الكوب كان يحتوي على حبوبٍ مفعولها رائع كما ترى تَشل حركة الإنسان، ولكن لا تقلق عزيزي، ستتعافى ربما بعد عدة شهور أو عام أو عدة أعوام، الله معك عزيزي الملك، سأنصرف أنا ومرةً ثانية لا تلعب مع أسيادك هل فهمت؟!
انصرفت جلنار على ذلك، تاركة إياه يصرخ بصوتٍ يكاد يهز الجدران، وعيناه ذرفتا العبرات الساخنة وقد أدرك مصيره!

خرج الطبيب من حجرة الملك بعدما قام بفحص فنار وطمأنه على حالتها، استيقظت فنار ومن حينها وهي تبكي منهارة بلا توقف، أدخلها في أحضانه وربت على ظهرها كطفلة وديعة، لا يعلم ما سبب بكاؤها لكنه يعلم أن هناك شيء ما قهرها وبشدة..
تنهد وهي ينظر إلى وجهها مبتسما وقد مسح دموعها قائلًا برفقٍ:
لمَ تبكين حبيبتي، فقط أخبريني؟
أغمضت عيناها بقوة ولا تعرف بم تخبره؟ وكيف ستقول أن شقيقته أذتها بهذه الطريقة البشعة؟.

صمتت طويلاً ومازالت تغمض عيناها، فهمس لها بحزمٍ رفيق:
افتحي عينيكِ فنار
فتحت عينيها وأطلقت زفيرًا قويًا، ثم سألته بقلق:
ماذا قال الطبيب؟!
منحها ابتسامة حانية وقال:
قال أنكِ بخير حبيبتي
كيف؟
مجرد إرهاق، تحتاجين إلى الراحة
نظرت له باستغراب ثم أردفت بعفوية:
هل تكذب؟
فتح عيناه قليلًا وهو يرفع حاجب مع قوله:
أكذب؟!
زمت شفتيها قبيل أن تستطرد:
أشعر بالإعياء وأنت مؤكداً تخبئ حقيقة مرضي.

ضحك وهو يقترب من وجهها أكثر مع همسه الحنون:
أنتِ لست مريضة يا قهوتي، لمَ تقولين ذلك؟
طُرق الباب قبل أن تتحدث ثانيةً، فأمر الطارق بالدخول وهو لم يحرك ساكنا وظل معانقا إياها، ولجت جلنار وهي تبتسم بعذوبةٍ وتتجه إليهما قائلة:
كيف حالك فنار؟
لم تستطع فنار كبح غضبها أكثر من ذلك وراحت تنظر إلى تيم قائلة بحدة:
لا أريد رؤيتها، أنا أريد أن أذهب من هنا، دعني أذهب إلى أمي، هناك لا أحد سيؤذني..

استقام تيم جالساً على الفراش وهو يقول بحنوٍ:
اهدئي حبيبتي، لا أحد يستطيع إيذائك لطالما كنت حيا
ثم تابع وهو ينظر إلى شقيقته:
وهل أذاكِ أحد يا قهوتي؟
نظرت جلنار إليه وابتسمت، ثم اتجهت نحوه وجلست جواره، فصاحت فنار بضيقٍ:
دعني أذهب من هنا
اهدئي فنار
هكذا همست جلنار ومن ثم قالت بجدية:
علمت من الحراسة أن قابلتي روكسانا وأخبرتك بالحقيقة أليس كذلك؟
أغرورقت عيناها بالعبرات وقالت بنبرة مختنقة:.

أنا ماذا فعلت بكِ كي تؤذني؟

لم أؤذيكِ أقسم لكِ، اسمعيني جيداً فنار، في يوم أتت روكسانا واتفقت معي أن أضرك وقالت لي فكرة العصير هذه أن أعطيكِ يوميا كوبا يحتوي على حبوبٍ غريبة الشكل ستضرك جداً، حينها علمت أنها انسانة لا تملك من الانسانية ذرة واحدة، وألهمني الله فكرة أخرى وهي أن أضع لكِ بالعصير أعشاب تمنحك الغذاء والقوة، ولتتأكدي من صحة كلامي عليكِ أن تسألي تيم هو كان على علم من حينها، حتى حينما صفعني أما روكسانا ذات مرة كان تمثيل فقط لتتأكد روكسانا أنني معها...

نظرت فنار إلى الملك بصدمة وقد فغرت فاها بدهشةٍ، فأومأ لها مؤكداً كلام جلنار وهو يقول:
نعم، جلنار صادقة ولم تخبئ عني شيء من البداية صارحتني وصارت تخدعهم كما خدعوها واتفقنا أن لا نخبرك بشيء مما حدث أو ما يحدث
حاولت فنار النهوض، فساعدها تيم ووضع لها وسادة خلف ظهرها لتستريح، ثم قالت بإرهاق:
ولكن أنا لمَ أشعر بأنني مريضة وأشعر بالدوار دائماً؟

صمتا يتبادلان النظرات مما أثار دهشتها، ابتسم تيم واقترب من أذنها هامسًا:
الطبيب قال أنكِ حامل قهوتي ولهذا أنتِ تشعرين بهذه الأعراض
شهقت وابتسمت بفرحة عارمة فيما تقول:
ماذا؟
ضحكت جلنار وقالت بمرح:
هذا اليوم هو يوم الصدمات
أغمضت فنار عيناها ورددت بخفوت:
حمدا لله، حمدا لله
ثم فتحت عينيها مجددًا ونظرت إلى جلنار بخجل وقالت:
عذرًا جلنار، سامحيني لقد ظننت بكِ السوء، أتمنى أنكِ تعفو عنّي
نهضت جلنار وقالت بسعادة:.

لا عليكِ فنار، لو كنت بوضعك بالتأكيد كنت سأظن مثلك، اليوم لابد أن نفرح فقط، سأذهب إلى حجرتي هل تريد شيء أخي؟
لا حبيبتي، ارتاحي
انصرفت جلنار من الحجرة، ورددت فنار بعفوية:
لقد ظلمتها
ماذا!؟ هي فقط، أنتِ ظننتي بي أنا أيضاً!
قال تيم بمراوغة، فقالت هي في سرعة:
لا سيدي لم أظن بك..!
إذن لماذا قلتِ دعني أذهب إلى أمي؟
نظرت إلى الأرض وتنحنحت بحرج مُكملة:
كانت لحظة غضب
وماذا بعد؟
ماذا؟
ما المقابل..؟

ابتسمت بخجل وقالت هامسة:
بعتذر..
ثم واصلت بمودة:
هل تريد قهوة؟
فانحنى لها قائلًا وهو يستنشق رائحة الورد:
ما أجملك!





الساعة الآن 05:05 PM